مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة) المجلد 9

اشارة

نام کتاب: مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلاّمة( ط- القدیمة) موضوع: فقه استدلالی نویسنده: عاملی، سید جواد بن محمد حسینی تاریخ وفات مؤلف: 1226 ه ق زبان: عربی قطع: وزیری تعداد جلد: 11 ناشر: دار إحیاء التراث العربی تاریخ نشر: ه ق نوبت چاپ: اول مکان چاپ: بیروت- لبنان محقق/ مصحح:( جلد 9) محمد باقر حسینی شهیدی ملاحظات: کتاب" مبلغ النظر فی حکم قاصد الأربعة من مسائل السفر" تألیف: علامه سید مهدی بحر العلوم در جلد 3 این کتاب از ص 501 إلی ص 543 چاپ شده است و ما آن را در برنامه به صورت کتابی مستقل آورده‌ایم

اشارة

(بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیمِ)

[کتاب الوقوف و العطایا و فیه مقاصد]

اشارة

(کتاب الوقوف و العطایا) و فیه مقاصد

[المقصد الأول الوقف و فیه فصول]

اشارة

المقصد الأول الوقف و فیه فصول

[الفصل الأول فی أرکانه و هی ثلاثة مطالب]

اشارة

الأول فی أرکانه و هی ثلاثة مطالب

[المطلب الأول الصیغة]

المطلب الأول الصیغة الوقف عقد یفید تحبیس الأصل و إطلاق المنفعة (1)
______________________________
(بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیمِ هو اللّٰه سبحانه و تعالی)
الحمد للّه کما هو أهله رب العالمین و الصلاة و السلام علی خیر خلقه أجمعین محمد و آله الطاهرین و رضی اللّٰه سبحانه و تعالی عن علمائنا أجمعین و عن رواتنا الصالحین و أدرجنا بمنه و فضله و إحسانه و برکة محمد و آله إدراجهم و سلک بنا سبیلهم و بعد فهذا ما برز من کتاب مفتاح الکرامة علی قواعد الإمام العلامة أجزل اللّٰه سبحانه إکرامه علی ید مصنفه العبد الأقل الأذل محمد الجواد الحسینی الحسنی الموسوی العاملی عامله اللّٰه سبحانه بإحسانه
(قوله) (کتاب الوقوف و العطایا و فیه مقاصد المقصد الأول الوقف و فیه فصول الأول فی أرکانه و هی ثلاثة مطالب المطلب الأول الصیغة الوقف عقد یفید تحبیس الأصل و إطلاق المنفعة)
تعریفه بالعقد المفید ذلک أو الدال علی ذلک کما (فی التنقیح) و (إیضاح النافع) و الکفایة کما ستسمع أحسن من (تعریفه) بأنه تحبیس الأصل و إطلاق المنفعة کما فی (الشرائع و (النافع) و (اللمعة) و من (تعریفه) بأنه تحبیس الأصل و تسبیل المنفعة کما فی (المبسوط) و (فقه القرآن) للراوندی و (الوسیلة) و (السرائر) و (الجامع) و (المهذب البارع) و (مجمع البرهان) و (نقل عدول المتأخرین عن التسبیل إلی الإطلاق لکونه أظهر فی المراد من التسبیل و هو إباحتها للجهة الموقوف علیها فی مقابلة التحبیس إذا المراد به المنع من التصرف فیه تصرفا ناقلا و (تعریف المبسوط) و ما ذکر بعده (و الرائع) و ما ذکر بعدها لیس بتعریف حقیقی و إنما هو تعریف له بالغایة کما (فی التنقیح) و (إیضاح النافع) قالا و هو فی الحقیقة الإیجاب و القبول الدالین علی الحبس و الإطلاق المذکورین (و فی الروضة) و کذا (المسالک) أنه تعریف له بذکر شی‌ء من خصائصه أو تعریف لفظی موافقة للخیر و إلا فهو منقوض بالسکنی و أختیها و الحبس إلا أن یراد بالحبس التأبید لکن اللفظ لا یدل علیه (قلت) و لأنه خلاف اصطلاحهم فی العقود و فی (المقنعة) أن الوقوف فی الأصل صدقات و (فی النهایة) و (المراسم) أن الوقف و الصدقة شی‌ء واحد و کذا (المهذب) لأنه عرفه بالصدقة و عرفه فی (الدروس) بأنه الصدقة الجاریة و هو صادق علی نذر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 3
و لفظة الصریح وقفت و حبست و سبلت علی رأی (1) و غیره حرمت و تصدقت و أبدت (2)
______________________________
الصدقة و الوصیة بها لکنه اقتفی بذلک الأخبار المستفیضة و (فی التذکرة) و (المهذب البارع) (و التنقیح) و (المسالک) أنه قال العلماء إن المراد بالصدقة الجاریة الوقف و فی الأولین سمی الوقف وقفا لاشتماله علی وقف المال علی الجهة المعینة و قطع سائر الجهات و التصرفات عنه (و الأصل فیه الکتاب و السنة) و (إجماع الأمة) کما (فی المهذب البارع) و إجماع الصحابة کما فی الخلاف و خالف شریح و قال أحمد إن قول شریح مذهب أهل الکوفة و هو خلاف الإجماع من الصحابة (و قال فی التذکرة) أنه اشتهر اتفاق الصحابة علی الوقف قولا و فعلا و فی الفقه الراوندی لما نزلت (لَنْ تَنٰالُوا الْبِرَّ حَتّٰی تُنْفِقُوا مِمّٰا تُحِبُّونَ) عمد کثیر من الصحابة إلی نفائس أموالهم فتصدقوا بها و (استدل) علیه بقوله عز و جل وَ افْعَلُوا الْخَیْرَ و قال لما وقف بعض الأنصار نخیلا نزلت (وَ أَقْرِضُوا اللّٰهَ قَرْضاً حَسَناً) و فی آیات المقداد و المولی الأردبیلی أنه لیس فی القرآن ما یدل علیه بالخصوص و ما رواه شریح أنه جاء محمد بإطلاق الحبس فقد فسره مولانا الباقر (ع) بما إذا جعل لأحد منفعة داره أو دابته أو نحو ذلک ثم مات المالک فإنه یفک و یعود إلی ورثته و ما روی من أنه ص قال لا حبس بعد سورة النساء فقد أراد به أوقاف الجاهلیة الأربعة و هی السائبة و البحیرة و الوصیلة و الحام و الوقف فی اللغة الحبس و جمعه وقوف و أوقاف و لا یقال أوقفت إلا شاذا نادرا کما فی المبسوط) و فقه (الراوندی) و (السرائر) و (التذکرة) و (التحریر) و (المهذب البارع) و الظاهر وفاقا (للمسالک) أن الصیغة بها صحیحة و إن کانت شاذة کما تقدم لنا تحقیقه فی صیغ البیع فیما إذا قال المشتری بعت و فی بعض هذه (کالسرائر) و (التحریر) و غیرهما أنه یقال حبست و أحبست
(قوله) (و لفظة الصریح وقفت و حبست و سبلت علی رأی)
هو خیرة الخلاف فی موضعین فی إحداهما زیادة تصدقت و (الغنیة) و (الجامع) و (التذکرة) و (السرائر) و (التحریر) فی أول کلامیهما و هو المنقول عن (الکیدری) و فی الخلاف الإجماع علیه و قوی فی المبسوط أن لفظة الصریح وقفت و ما عداه یفتقر إلی القرینة الدالة علی التأبید و هو خیرة (فقه) الراوندی و (السرائر) فی آخر کلامه و (الشرائع) و (النافع و (التحریر) و (الإرشاد) و (المختلف) و (التبصرة) و (الإیضاح) و (الدروس) و (اللمعة) و (المهذب البارع) و (التنقیح) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) اعتبار أصل الوضع و الأصل عدم النقل و الأصل بقاء الملک علی مالکه حتی یحصل الناقل الشرعی و ما وقع من استعمالها فی الوقف فی کلام الشارع لا دلالة فیه علی المراد لوجود القرائن المعینة للمطلوب و مع وجود القرینة لا دلالة له علی کون الاستعمال حقیقیا و قد نقل الإجماع علی أن وقفت لفظ صریح فی (السرائر) و (التحریر) و (التنقیح) و (إیضاح النافع) و (المسالک) و فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (المسالک (أیضا نفی (الخلاف) فی ذلک و حکی فی (التذکرة) عن بعض أقوال الشافعی أن وقفت کنایة عن الوقف و قال إنه من أغرب الأشیاء و قد یقال لا غرابة عندنا فإنهم قد صرحوا باستعمال لفظ الوقف فی مجرد الحبس و السکنی و العمری و الرقبی کما یأتی فی صحیحتی ابن مهزیار و الصفار فکیف یکون صریحا فی التأبید مع استعماله نصا و فتوی فیما قلناه فلیلحظ ذلک فیما یأتی لنا عند قوله فلو قرنه بمدة لم یقع إلی آخر کلامه هناک
(قوله) (و غیره حرمت و تصدقت و أبدت)
أی غیر الصریح هو هذه الألفاظ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 4
..........
______________________________
الثلاثة کما صرح بذلک فی الخلاف و غیره و فی الریاض لا خلاف فی ذلک و فی التنقیح الإجماع علی أن حرمت و تصدقت کنایة و لیستا صریحتین و فی المسالک لا خلاف فی عدم صراحة حرمت و تصدقت و مثلهما أبدت و إنما هی کنایة عنه فتفتقر فی الدلالة علیه إلی قصده أو انضمام لفظ آخر إلیها یدل علیه صریحا کقوله صدقة موقوفة أو محبسة أو دائمة أو مؤبدة أو لا یباع و لا یوهب انتهی و قال فیها أیضا إن واحدة من الصیغ لا تتوقف علی الضمیمة إجماعا و هی وقفت و اثنتان یتوقفان إجماعا و هما حرمت و تصدقت و اثنتان یتوقفان علی خلاف و هما حبست و سبلت و فی إیضاح النافع أنهما لیستا صریحتین جزما و هو یجری مجری الإجماع و الوجه فی کونها غیر صریحة بدون الضمیمة أنها مشترکة فی الاستعمال بینه و بین غیره کالتملیک المحض و إخراج الزکوات و الصدقات المطلقة و الهبات و نحوها و هذا بالنظر إلی دلالة ظاهر اللفظ بحیث یحکم علیه لو سمع منه ظاهرا و أما فیما بینه و بین اللّٰه تعالی فإن نوی به الوقف تعین و إلا فلا إذ فی الخلاف و المبسوط و الغنیة و السرائر و الشرائع و التذکرة و التحریر و التنقیح و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و الکفایة و غیرها ما حاصله أنه لو نوی الوقف فیما یفتقر إلی القرینة وقع باطنا و دین بنیته لو ادعاه أو ادعی غیره و لا أجد فی ذلک خلافا قالوا و یقبل قوله فی نیة الوقف و عدمها نعم قد قال فی التذکرة أیضا إذا أتی بالکنایة فالمقترن الزائد علیه إما لفظ أو نیة فاللفظ أن یقرن إلیه صدقة موقوفة أو محبسة إلی أن قال و أما النیة فینظر إن أضاف اللفظ إلی جهة عامة کأن قال تصدقت بهذا علی المساکین بنیة الوقف فالأقرب إلحاقه بالصریح و إن أضافه إلی معین فقال تصدقت علیک أو علیکم لم یکن وقفا علی الأقوی و فی جامع المقاصد و المسالک أن الفرق غیر واضح (قلت) الفرق لا یخلو من ظهور و إن کان الحکم لا یخلو عن قصور و ما أنصفاه لأن المأتی به فی الصورة الأولی لا یحتمل إلا الوقف إذ لا یمکن صرفه إلی جماعة معینین لأنه لا یجوز الوقف المنقطع فکان کقوله تصدقت به صدقة مؤبدة أو موقوفة و لا کذلک الصورة الثانیة کما هو واضح و قال فی الدروس إن ظاهرهم أن تصدقت و حرمت صیغة واحدة فلا تغنی الثانیة عن الأولی مع القرینة و لو قال جعلته وقفا أو صدقة مؤبدة محرمة کفی انتهی و حکی عنه فی جامع المقاصد و المسالک أنه قال لا تغنی الثانیة و تغنی الأولی مع القرینة و هو أوفق و قال فی المسالک إن هذا الظاهر غیر ظاهر (قلت) لا ریب فی ظهور الأول من کلامهم لأن التحریم لا یستعمل فی کلام الفقهاء و لا فی العرف و لا العادة و لا فی عرف الشرع مستقلا أصلا و إنما یؤکد به شی‌ء من الألفاظ المتقدمة و فی الغنیة و السرائر أن حرمت و أبدت لم یرد بهما العرف الشرعی فلا یحمل علی الوقف إلا بدلیل و نحوهما ما فی الخلاف و المبسوط و قضیة کلام (الدروس) علی النسختین أن الثانیة لا تغنی عن الأولی و لو کانت مع القرینة و قد قال فی المبسوط و غیره من العامة و الخاصة کما ستعرف أن القرینة تصدقت صدقة موقوفة أو محبسة أو مسبلة أو محرمة أو مؤبدة أو قال صدقة لا تباع و لا توهب و لا تورث قالوا فإن هذه کلها تصرفه إلی الوقف و لعله لا یصح أن یقال عنده حرمت هذه البقعة مع إحدی هذه القرائن لکن قال فی التذکرة و أما حرمت هذه البقعة للمساکین أو أبدتها أو داری محرمة أو مؤبدة فالأقرب أنها کنایة فإن انضم إلیها قرینة تدل علی الوقف صارت کالصریح و إلا فلا و نحوه ما یأتی فی الکتاب و غیره کما ستسمع و هو یخالف ما فی الدروس لکنه حکی فی التذکرة أن أظهر وجهی الشافعیة فی المثال المنع لأن حرمت و أبدت لا یستعملان مستقلین و إنما یؤکد بهما الألفاظ المتقدمة و یأتی تحریر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 5
فإن قرن أحد هذه الثلاثة بإحدی الثلاثة السابقة أو بما یدل علی المعنی مثل أن لا یباع و لا یوهب و لا یورث أو صدقة مؤبدة أو محرمة أو بالنیة صار کالصریح (1)
______________________________
ذلک و أما الثانی من حکمی الدروس فصریح التذکرة موافقته علیه و الاکتفاء بذلک و قضیة إطلاقهما أن قوله جعلته صدقة محرمة مؤبدة کجعلته وقفا یکفی بدون دعوی النیة و هو کذلک لأن قوله جعلته صدقة بمنزلة قوله تصدقت به صدقة محرمة مؤبدة و صریح جماعة و ظاهر آخرین أن قوله تصدقت إلی آخره یلحق بالصریح کما ستسمع فنسبته إلی ظاهرهم فی محلها بل هو احتیاط منه إلا أن تقول إن فیه خروجا عن صیغ الوقف المنقولة و فیه أن ظاهر التذکرة أنه لا خلاف فی أن ذلک من صریح الوقف حیث لم ینقل فیه خلافا و لا إشکالا عن أحد أصلا لو قال جعلت أرضی موقوفة أو محبسة أو مسبلة أو قال هذه أرض موقوفة أو محبسة أو مسبلة فهو صریح فی الوقف انتهی و لم یتعقبه شی‌ء أصلا ثم إنا لا نجد فرقا بین قول أمیر المؤمنین (ع) هی صدقة بتة بتلا فی حجیج بیت اللّٰه و بین قول القائل جعلتها صدقة ثم إنه صرح فی التذکرة أیضا بأنه لو قال جعلتها مسجد اللّٰه صارت مسجدا علی الأقوی لأنه یقوم مقام ألفاظ الوقف و قد حکینا ذلک فی باب المسجد فی باب الصلاة عن جماعة کما یأتی بیان ذلک کله قریبا و إن جعلته غیر داخل فی معقد الظاهر کنت فی راحة و فرق بینه و بین قوله حرمت هذه البقعة أو داری محرمة مؤبدة حیث قال إن انضم إلیه قرینة تدل علی الوقف صار کالصریح و أنت إذا لحظت کلام جامع المقاصد عند حکایة کلام الدروس و التذکرة رأیته غیر محرر عند إمعان النظر.
(قوله) (فإن قرن أحد هذه الثلاثة بإحدی الثلاثة السابقة أو بما یدل علی المعنی مثل أن لا یباع و لا یوهب و لا یورث أو صدقة مؤبدة أو محرمة أو بالنیة صار کالصریح)
أی قرنت حرمت و تصدقت و أبدت بإحدی الثلاث السابقة أعنی وقفت و حبست و سبلت علی القول بأن التحبیس صریح أو بمثل صدقة لا تباع و لا توهب و لا تورت کانت کالصریح و حاصله أنه إن ضم إلیه ما یخصصها بالوقف و یجعلها دلیلا علیه کالصریح بمعنی أنها تنصرف إلی الوقف و یزول عنها الإجمال و یحکم بأنه وقف کما هو صریح (التذکرة) و (التحریر) و (الإیضاح) و (التنقیح) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و ظاهر (الشرائع) و (الإرشاد) و (اللمعة) و (المهذب البارع) و کذا (الغنیة) و (السرائر) علی تأمّل و قد سمعت عبارتهما آنفا و نحوهما ما فی (الخلاف) و (المبسوط) لکنه فی (المبسوط) فی أول کلامه اقتصر علی أن هذه القرائن فی لفظ تصدقت تصرفه إلی الوقف و تزیل عنه الاحتمال و قضیّته إن حرمت و أبدت لیستا کذلک و مثله و من دون تفاوت ما فی (فقه الراوندی) و ما فی (جامع الشرائع) و قد سمعت ما فی (الدروس) و نظره إلی عرف الشرع و العادة کما سمعت و إلی کلام (المبسوط) إذ أخره حکایة عن العامة و لعل الشهید یقول إن کلام (الخلاف) و (الغنیة) و (السرائر) راجع إلی أول کلام (المبسوط) و هو لا یأبی عن ذلک لأنه یقول إن المراد بالدلیل فی الکتب الأربعة حیث قیل فیها لا یحمل علی الوقف إلا بدلیل هو ما کان متقدما فی مثل حرمت و أبدت و کذلک المراد بالقرینة ما کانت متقدمة فی هاتین الصیغتین فی کلام (الشرائع) و (الإرشاد) بل فی کلام (التذکرة) و (التحریر) و أما من تأخر عنه إلی المحقق الثانی فإنهم لم یتفطنوا و لم یحرروا کلام القوم و إن شئت فانظر إلی التنقیح فإن کلامه غیر منقح حیث نقل کلام الشهید مستندا إلیه ساکتا علیه و لم یتفطن إلی أنه ینافی ما تقدم له ثم إنی تتبعت (الوسائل)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 6
و إلا لم یحمل علی الوقف و یدین بنیته لو ادعاه أو ادعی ضده و یحکم علیه بظاهر إقراره بقصده (1) أما الموقوف علیه فیشترط قبضه فی صحة الوقف (2)
______________________________
فلم أجد هذه القرائن إلا مع صیغ التصدق و لم أقف فی شی‌ء من الأخبار علی غیر لفظی الوقف و الصدقة و فی النبوی حبس الأصل و سبل المنفعة بل لیس فی وقوف الأئمّة إلا ما قل إلا لفظ الصدقة و یظهر من ذلک أن الصدقة حقیقة مشترکة بین الوقف و الصدقة الخاصة و القرینة معینة لا صارفة و لک أن تقول إن التفریع فی (کلام) الشهید لیس داخلا فی معقد الظاهر فتسلم من ذلک کله و قد (قال) المصنف إن هذه الثلاث إذا اقترنت بالنیة صارت کالصریح و المراد الاقتران بدعوی النیة و الاعتراف بها بالنسبة إلی الحکم علیه عند الحاکم و الاقتران بها حیث تکلم بالصیغة فیما بینه و بین اللّٰه سبحانه و قد حکینا نحو ذلک فیما تقدم عن اثنی عشر کتابا و قد سمعت ما فی (التذکرة) و (الدروس) و قد خلت بقیة الکتب عن ذلک و قد توهم عبارة (الشرائع) فی المقام خلاف المراد قال و لو نوی بذلک الوقف من دون القرینة دین بنیته نعم لو أقر أنه قصد ذلک حکم علیه بظاهر الإقرار و قال فی (المسالک) إن ظاهره أن إقراره بقصده لیس من الإدانة بنیته و قال إن فیها حزازة قلت هذا عند التحقیق راجع إلی ما حکینا عن الجماعة فلا حزازة فنظره فی (الشرائع) إلی ما فی (المبسوط) حیث أوضح ذلک قال إذا نوی الوقف انصرف إلی الوقف بینه و بین اللّٰه و لا یصیر وقفا فی الحکم فإذا أقر بأنه نوی الوقف صار وقفا فی الحکم حینئذ و بذلک صرح فی (التذکرة) فی مثله حرفا فحرفا و إلیه فیما نحن فیه أشار فی (التحریر) بقوله لو نوی الوقف حکم بما نواه باطنا دون الظاهر إلا أن یعترف بما نواه و نظره فی (المسالک) إلی ما فی الکتاب علی الظاهر و غیره کما ستسمع من دون إمعان النظر فتدبر و یجی‌ء الکلام فی النیة مع حرمت مستقلا و کذا أبدت و ینبغی (للشهید) أنه لا یحکم علیه به ظاهرا و لا باطنا و أن فی عبارة الکتاب وهما من القلم حیث قال الثلاثة و صوابه الثلاث.
(قوله) (و إلا لم یحمل علی الوقف و یدین بنیته لو ادعاه أو ادعی ضده و یحکم علیه بظاهر إقراره بقصده)
أی إن لم یقرن غیر الصریح بإحدی الصیغ الثلاث و لا بما یدل علی المعنی و لا بالنیة لم یحمل علی الوقف عند الواقف فیما بینه و بین اللّٰه و لا عند الحاکم فیطابق حینئذ ما سمعته آنفا عن المبسوط و الشرائع و التحریر و موضع من التذکرة و یصح الاشتراط فی العبارة و إلا فلا وجه لاشتراط عدم النیة فی عدم الحمل علی الوقف عند الحاکم لأنه إنما یحکم بالظاهر و النیة أمر قلبی لا یطلع علیه إلا اللّٰه سبحانه و تعالی فإذا قلنا إن المراد لا یحمل علی الوقف عند الواقف و لا الحاکم اتجه الاشتراط و کیف کان فإذا جرد اللفظ عن القرینة فإن کان قد نوی الوقف أو عدمه دین به بینه و بین اللّٰه سبحانه و تعالی إذا لم یعترف بأحدهما فإذا اعترف بأنه نواه حکم علیه بدعواه و إقراره ظاهرا و یتضح بذلک سقوط اعتراض المسالک علی الشرائع و کذا لو ادعی عدم نیة الوقف و یقبل قوله فی نیة الوقف و عدمها کما عرفت آنفا و یجب علیه فیما بینه و بین ربه مراعاة الواقع فإن لم یکن نوی الوقف و کان علیه دین قد عجز عن أدائه إلا من هذا المال وجب علیه وفاؤه منه و کذلک یجب علیه إیصال حق الورثة إلیهم منه و ینعکس الحکم لو ادعی عدم نیة الوقف و الحال أنه قد نواه و قوله یدین مبنی للمفعول بتشدید الیاء الثانیة و فتحها
(قوله) (أما الموقوف علیه فیشترط قبضه فی صحة الوقف)
لما تقدم له أن لفظ الوقف الصریح کذا و الکنایة کذا زظ کأنه قال هذا ما یعتبر من قبل الواقف من نطقه بالصیغة صریحا أو
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 7
..........
______________________________
کنایة و حینئذ فیصح له أن یقول أما الموقوف علیه إلی آخره و مما صرح فیه بأن قبضه مع الإذن أو إقباضه للموقوف علیه شرط فی صحة الوقف و أنه لا یکون إلا به (الکافی) و (النهایة) و (المهذب) و (فقه الراوندی) و (الوسیلة) و (جامع الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (التنقیح) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و کذا (النافع و موضع من (الشرائع) فی أثناء کلام له فی الباب و فی (التنقیح) و (المسالک) الإجماع علی ذلک و فی (جامع المقاصد) و (المسالک) أیضا فی موضعین منه و (المفاتیح) أنه لا خلاف فیه و قد فرع فی جملة من هذه علی ذلک أنه لو مات قبل القبض عاد میراثا و قد یظهر من موضع من (المسالک) الإجماع علی ذلک و صرح فی (الخلاف) أنه أی القبض شرط فی اللزوم و هو الظاهر من (الغنیة) و الشرائع) و (التذکرة) و اللمعة أو هو صریحها حیث عبر فیها باللزوم و قد یظهر ذلک من (المبسوط) و (السرائر) و هو ظاهرها و قد یفهم من کلام (المقنعة) اشتراطه فی اللزوم و فی (الخلاف) و (الغنیة) و (السرائر) فی آخر کلامها و (التذکرة) و ظاهر (إیضاح النافع) الإجماع علی ذلک قلت لا ریب أنه شرط اللزوم لکن هل هو شرط فی الصحة أیضا بمعنی أن الانتقال مشروط بالقبض فالعقد قبله یکون صحیحا فی نفسه لکنه لیس بناقل أم لا بل العقد صحیح قبله و ینتقل الملک انتقالا متزلزلا یلزم و یتم بالقبض و تظهر الفائدة فی النماء المتخلل بینه و بین العقد و قد قال فی الروضة یمکن أن یکون المراد باللزوم فی عبارة (اللمعة) الصحة بقرینة حکمه بالبطلان لو مات قبله فإن ذلک من مقتضی عدم الصحة کما صرح به فی هبة (الدروس) و احتمل إرادته من کلام بعض الأصحاب و نحو ذلک ما فی موضع من (المسالک) حیث قال لعله حاول بقوله فی (الشرائع) و لا یلزم إلا بالإقباض الرد علی بعض العامة حیث جعله لازما بمجرد الصیغة و إن لم یقبض انتهی فتأمّل و لکنک قد سمعت أنه صرح بعد ذلک بأنه شرط فی الصحة و قال فی موضع آخر من (المسالک) إن الجماعة الذین عبروا بأنه شرط فی اللزوم لا یریدون به غیر أنه شرط فی الصحة اتفاقا انتهی و لعل النافین للخلاف لم یظفروا بما فی الوسیلة فإنه جعل التسلیم شرطا فی الصحة إلا إذا جعل ولایة الوقف لنفسه مدة حیاته و لا بقوله فی الکافی إذا تصدق علی أحد الوجوه المذکورة و أشهد علی نفسه بذلک و مات قبل التسلیم و کانت الصدقة علی مسجد أو مصلحة فهی ماضیة و إن کانت علی من یصح قبضه أو ولیه فهی وصیة یحکم فیها بأحکام الوصایا و لقد حکاه عنه فی (الریاض) علی خلاف الواقع و قد یظهر من (المراسم) عدم اشتراطه مطلقا حیث لم یلم به و قد صرح بکفایة قبض الولی فی (النهایة) و (المبسوط) و (المهذب) و (فقه القرآن) و (الوسیلة) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و غیرها کما یأتی تمام الکلام فی کلام المصنف و صرح باشتراط قبض الناظر فی المصالح فی الکتاب و (النافع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (التنقیح) و ظاهر (المقنعة) و (النهایة) و (الخلاف) و (المبسوط) و (المهذب) و (فقه الراوندی) و (الغنیة) و (السرائر) أنه لا فرق فی اشتراطه بین أن یکون الوقف علی مصلحة أو غیرها فلتلحظ فإنها مختلفة فی الظهور و ظاهر (الکافی) أنه لا یشترط القبض فی الوقف علی «1» المصلحة و القبض هنا کالقبض فی المبیع من التخلیة أو النقل أو القبض بالید کما صرح به الجماعة و یأتی کلامهم فی خصوص القبض فی وقف المسجد و المقبرة من الاکتفاء بصلاة صحیحة فی الأول و دفن مسلم فی الثانی کما یأتی الکلام فی کون القبض بإذن الواقف و أنه هل یکتفی بالقبض
______________________________
(1)- الوقف علی ظ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 8
..........
______________________________
السابق و إن لم یکن مشروعا أم لا إلی غیر ذلک من فروع المسألة هذا کلام الأصحاب و (أما الأخبار) فقد روی فی الجوامع العظام الثلاثة فی الصحیح عن صفوان عن أبی الحسن (ع) قال سألته عن الرجل یوقف الضیعة ثم یبدو له أن یحدث فی ذلک شیئا فقال إن کان وقفها لولده و لغیرهم ثم جعل لها قیما لم یکن له أن یرجع و إن کانوا صغارا و قد شرط ولایتها لهم حتی یبلغوا فیجوزها لهم لم یکن له أن یرجع فیها و إن کانوا کبارا لم یسلمها إلیهم و لم یخاصموا حتی یجوزوها عنه فله أن یرجع فیها لأنهم لا یجوزنها عنه و قد بلغوا و (فی) إکمال الدین عن محمد بن أحمد الشیبانی و علی بن أحمد الدقاق و الحسین بن إبراهیم بن هشام المؤدب و علی بن عبد اللّٰه الوراق کلهم عن أبی الحسین محمد بن جعفر الأسدی فیما ورد علیه من جواب مسائله عن محمد بن عثمان العمری عن صاحب الزمان علیه السلام جعلنی اللّٰه فداه و أما ما سألت عنه من الوقف علی ناحیتنا و ما یجعل لنا ثم یحتاج إلیه صاحبه ما لم یسلم فصاحبه فیه بالخیار و کل ما سلم فلا خیار فیه لصاحبه احتاج إلیه أو لم یحتج افتقر إلیه أو استغنی عنه إلی أن قال و أما ما سألت عنه من أمر الرجل الذی یجعل لناحیتنا ضیعة و یسلمها من قیم فیها و یعمرها و یؤدی من دخلها و خراجها و مئونتها و یجعل ما بقی من الدخل لناحیتنا فإن ذلک جائز لمن جعله صاحب الضیعة قیما علیها إنما لا یجوز ذلک لغیره و (رواه) الطبرسی فی الإحتجاج عن أبی الحسین محمد بن جعفر و روی الشیخ فی الصحیح عن عبید بن زرارة عن أبی عبد اللّٰه (ع) أنه قال فی رجل تصدق علی ولد له قد أدرکوا قال إذا لم یقبضوا حتی یموت فهو میراث فإن تصدق علی من لم یدرک من ولده فهو جائز لأن الوالد هو یلی أمره و قال لا یرجع فی الصدقة إذا تصدق بها ابتغاء وجه اللّٰه تعالی و (قد روی) الصدوق بإسناده عن الحسین بن سعید مثله و قد استدلوا به علی أن موت الواقف قبل الإقباض مبطل للوقف و موجب لرجوعه میراثا حیث إنهم فهموا من الصدقة الوقف و هذا الخبر نص أو کالنص فی أن القبض شرط فی الصحة و لیعلم أنه قد اختلف عباراتهم فی اعتبار القبض فقد جعل فی الکتاب أولا قبض الموقوف علیه شرطا فی صحة الوقف کما فی (الوسیلة) و نحوه ما فی (المهذب) من أن شرط صحة الوقف أن یقبضه و یخرجه عن یده و مثله ما فی (النهایة) إلا أنه قال من شرط الوقف و لم یقل من شرط صحته تارة و نحو ذلک قوله فی (المبسوط) إذا قبض الموقوف علیه زال ملکه و إن لم یقبض و نحوه ما فی (الجامع) و قد قال فی (الشرائع) لا یلزم إلا بالإقباض و أخری من شرائط الوقف الإقباض و قال القبض شرط فی صحته و قال فی (النافع) یعتبر فی الوقف القبض و قال یشترط فی الموقوف الإقباض و جعل فی (التحریر) الإقباض شرطا فی صحة الوقف و قال بعد ذلک من شرائط الوقف الإقباض و جعل فی (الإرشاد) من شروط الوقف الإقباض و صحة الإقباض و مثله ما فی (التذکرة) و جعل فی (الدروس) شروط الوقف عشرة (منها) الإقباض و قد سمعت ما فی (الغنیة) و (السرائر) و قال (المصنف) فیما یأتی یشترط تنجیزه و إقباضه و قال بعده القبض شرط فی صحته و حاصل کلامهم أنه یشترط القبض و أن یکون بإذن الواقف فالقبض لا یعتد به بدون إقباض الواقف أو إذنه و تسلیطه علیه أو التخلیة و هو فی کل شی‌ء بحسبه و (الفرق) بینهما ظاهر و نحن سقنا کلامهم علی القبض الذی بإذن الواقف کما بنینا علیه فی العنوان و علی هذا لا فرق بینهما و ذلک هو المراد من کلامهم فی القبض حیث أطلقوا و کان (صاحب الکفایة) متأملا فی ذلک و یأتی الکلام فی ذلک عند ذکر الإقباض
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 9
و لو رده بطل (1) و لو سکت ففی اشتراط قبوله إشکال أقربه ذلک (2)
______________________________
(قوله) (و لو رده بطل)
أی رد الوقف و لم یرض به کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و ظاهر (الإیضاح) و ظاهر (جامع المقاصد) أنه لا خلاف فیه سواء قلنا باشتراط القبول أم لا و أن (المخالف) إنما هو بعض (الشافعیة) محتجا بأنه دخل فی ملکه بمجرد الإیقاع و قد شبهه فی (التذکرة) بالوصیة و الوکالة لأنه یبعد دخول عین أو منفعة فی ملکه من غیر رضاه و هو یتم علی القول بأنه ینتقل عن ملک الواقف و أنه یدخل فی ملک الموقوف علیه إذا کان معینا و فی المسألتین خلاف (فلیتأمّل) فی نفی الخلاف مع خلو بقیة العبارات عن ذلک و یبقی الکلام فیما إذا رد ثم رجع و ظاهر (التذکرة) کما قد یظهر من الکتاب فیما یأتی أنه لا ینفعه رجوعه لبطلان حقه أولا و قد یظهر ذلک أیضا من الإیضاح لنقله و سکوته علیه و حکی فی (التذکرة) عن بعض (الشافعیة) أنه إن رجع قبل حکم الحاکم برده إلی غیره کان له و إن حکم الحاکم به لغیره بطل حقه و سکت عنه و لعله لا بأس به فیلحظ ذلک.
(قوله) (و لو سکت ففی اشتراط قبوله إشکال أقربه ذلک)
اشتراط القبول إذا کان الوقف علی من یمکن فی حقه القبول خیرة (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (صیغ العقود) و (تعلیق الإرشاد) و (الروضة) و کذلک (المسالک) و التنقیح و علیه نبه فی الکتاب بقوله و لو سکت فالأقرب اشتراطه و هو خیرة (الإیضاح) أیضا و قد یظهر من موضع آخر من (الشرائع) و فی (التذکرة) و ما ذکر بعدها إلی (الروضة) أنه إذا کان علی جهة عامة کالفقراء و المسجد فلا یشترط و بذلک أفصحت عبارة الکتاب فیما یأتی قریبا و قد مال فی (التذکرة) إلی اشتراطه فی هذه أیضا و فی (جامع المقاصد) أنه أولی و لعله ظاهر (إیضاح النافع) فیقبضه الناظر فی المصلحة کالحاکم و الناظر الشرعی و فی (الإرشاد) أنه لا یفتقر إلی القبول و ظاهره الإطلاق و عدم اشتراطه مطلقا ظاهر (المقنعة) و (الکافی) و (المراسم) و (النهایة) و (الخلاف) و (المبسوط) و (المهذب) و (فقه الراوندی) و (الوسیلة) و (الغنیة) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (اللمعة) حیث لم یذکر فیها جمیعها اعتبار القبول مع أنه قد تعرض فیها لباقی الشرائط حتی القربة من جماعة کثیرین مضافا إلی أنه قد تعرض فی أکثرها لاعتبار الإیجاب و قال فخر الإسلام فی شرح الإرشاد ما نصه (لا شک) فی لزوم الوقف بعد الإتمام لکن بما ذا یتم فعندنا بالإیجاب إجماعا و بالقبول علی الأقوی عند شیخنا إلا فی المصالح العامة و أراد بشیخه والده علی الظاهر و یشهد له قوله فی (الإیضاح) أن الأصحاب لم یشترطوه و مثله ما فی (جامع المقاصد) و ما فی (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) من أنه ظاهر الأکثر و یشهد لهم جمیعا التتبع التام کما سمعت فکانت الأقوال فی أصحابنا ثلاثة لکن القول باشتراطه مطلقا لا قائل به و لا مقرب له و أقصی ما فی (التذکرة) أن بعض الشافعیة قال لو صار إلیه فی الجهة العامة لکان وجها و فی (جامع المقاصد) أنه أولی و نحن قلنا لعله ظاهر (إیضاح النافع) و أما الأقوال المحکیة فی (الإیضاح) و غیره فلیست لنا و إنما حکاها فی (التذکرة) عن الشافعیة و هی إن کان الملک ینتقل عن الواقف اشترط القبول فإن کان یبقی علی ملک الواقف لا یشترط مع احتمال اشتراطه و إن لم ینتقل لأنه یملک منافعه کالإجارة و کذلک إذا قلنا بأنه ینتقل إلی اللّٰه سبحانه و تعالی فلا یشترط أیضا و کیف کان فالوجه فی اعتباره مطلقا إطباق الأصحاب علی أنه من جملة العقود کما فی (جامع المقاصد) و (المسالک) فیعتبر فیه الإیجاب و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 10
و کذا الولی (1) أما البطن الثانی فلا یشترط قبوله (2)
______________________________
القبول کسائر العقود و إن إدخال شی‌ء فی ملک الغیر بإیقاع لفظی ابتداء بغیر رضاه بغیر ولایة شرعیة بعید جدا و صریح الرضا القبول و احترزنا بقولنا ابتداء عن عتق الشریک فإنه یدخل العوض فی ملک شریکه بإیقاع العتق لکن بواسطة إتلاف ملکه و نقله إلی نفسه فلم یکن ابتداء فتأمّل هذا کله مضافا إلی مخالفة الوقف للأصل فیقتصر فی لزومه علی القدر المجمع علیه و هو ما اشتمل علی قبول و وجه عدم اشتراطه مطلقا بعد إجماع فخر الإسلام المقرون بما سمعت أن الأصل عدمه و لا دلیل علی الاشتراط و أنه إزالة ملک فیکفی فیه الإیجاب کالعتق و فیه أن عدم الدلیل علی الاشتراط غیر قادح بعد الأصل الدال علی الفساد و أصل عدم الاشتراط لا یعارضه و لا ینهض إلا بعد فرض قیام المقتضی للصحة بعنوان العموم و هو مفقود إلا أن تقول هو موجود کتوقیع أبی محمد الحسن بن علی (ع) الوقوف تکون علی حسب ما یقفها «1» أهلها و الوقوف علی حسب ما وقفها «2» أهلها و حینئذ فلک أن تقول فیه أولا أن المتبادر منه غیر ما تعلق بالصیغة من عموم و خصوص و ترتیب و تشریک و نحو ذلک و ثانیا أن الدلیل علی الاشتراط موجود و هو إجماعهم علی أنه من جملة العقود إلا أن توهن هذا الإجماع بإجماع الفخر و بعدم المصرح بذلک فی الباب و إنما یذکر ذلک بعض المتأخرین فی تقسیم أبواب الفقه و قد بنی الخلاف فخر الإسلام علی أنه من العقود أو من الإیقاعات و بما سمعته عن (الإیضاح) و (جامع المقاصد) من ظهور دعوی الإجماع علی عدم الاشتراط حیث نسبا إلی الأصحاب عدم الاشتراط و وجه التفصیل یعرف مما تقدم لأنه إن کان علی جهة خاصة کشخص معین أو جماعة کذلک فوجهه ما ذکر و إمکان القبول حینئذ و إن کان علی جهة عامة فلأنه فک ملک و لأن الملک ینتقل فیه إلی اللّٰه تعالی بخلاف الأول فلأنه ینتقل إلی الموقوف علیه و فیه أن عدم تصور القبول منه جل اسمه لا یوجب عدم اشتراطه من أصله فیمکن أن یکون القابل الناظر أو الحاکم و منصوبه کما صرح به من قال به أو مال إلیه و کیف کان فالمسألة محل توقف و القول بالعدم مطلقا أظهر من فتاوی الأصحاب و من الأخبار الحاکیة لأحکام الوقوف و صفتها إذ لیس الغرض من حکایتها إلا بیان ما یشترط فیها فلا مناص عنه و إن کان القول بالاشتراط أشبه بالأصول و لعله لذلک لم یرجح فی الکفایة و حیث یعتبر القبول فیعتبر فیه و فی الإیجاب ما یعتبر فی سائر العقود اللازمة من وقوعها بالعربیة و فوریة القبول و غیر ذلک ثم عد إلی العبارة فقد فرع فیها اشتراط قبوله و عدمه علی سکوته و فیه أن اشتراط قبوله و عدمه لا یختلف بسکوته و عدمه.
(قوله) (و کذا الولی)
إلی القول فی اشتراط قبضه و قبوله بالولایة لو کان الوقف علی مولی علیه کالقول فی الموقوف علیه سواء و قد عرفت ما صرح فیه بکفایة قبض الولی فیما تقدم و قد دلت علی ذلک الأخبار فی الأب و لا فارق و لا وجه لتردد بعضهم فی الوصی کما یأتی إن شاء اللّٰه بیانه و بیان أنه هل یحتاج إلی تجدید النیة أم لا.
(قوله) (أما البطن الثانی فلا یشترط قبوله)
هذا مما لا خلاف فیه عند أصحابنا کما فی الریاض و ظاهر (المسالک) الإجماع علیه حیث قال و علی القولین لا یعتبر قبول البطن الثانی لو کان متعددا و لا رضاه و وجهه أن الوقف تم قبله فلا ینقطع و أن قبوله لا یتصل بالإیجاب فلو اعتبر لم یقع له کغیره
______________________________
(1) یوقفها کما فی الوسائل
(2) یقفها کما فی الوسائل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 11
و لا یرتد الوقف عنه برده بل برد الأول (1) و لو کان الوقف علی المصالح لم یشترط القبول نعم یشترط القبض (2) و یشترط أهلیة الواقف للتصرف (3) و لا یحصل الوقف بالفعل کبناء مسجد و إن أذن فی الصلاة فیه أو صلی فیه ما لم یقل جعلته مسجدا (4)
______________________________
من العقود اللازمة ثم إنک قد عرفت حال اعتباره فی البطن الأول و أنه لا مصرح به من القدماء بل و لا یعتبر قبضه بلا خلاف أیضا کما فی (الریاض) أیضا و یستعرض له المصنف و قد عرفت أن الفتاوی و الأخبار التی قد سمعتها آنفا إنما هی فی من وقف علیه أولا دون غیره ممن تأخر من البطون فیسقط اعتبار ذلک فیها حتی یقوم الدلیل علی ذلک و الأصل العدم بعد ما عرفت ثم إن اشتراط قبضه یقضی بانقلاب اللازم جائزا لأنه إذا قبض البطن الأول لزم إجماعا فلو شرط قبض الثانی انقلب جائزا و ظاهر جامع المقاصد فیما یأتی أنه مما لا ریب فیه
(قوله) (و لا یرتد الوقف عنه برده بل برد الأول)
و ظاهر (التذکرة) و (جامع المقاصد أنه لا خلاف فیه إلا من الشافعیة فی أحد الوجهین و قد عرفت الحال فی رد الأول و أن المتعرض له قلیل جدا کما قد عرفت أن قبول البطن الثانی غیر معتبر إجماعا علی الظاهر
(قوله) (و لو کان الوقف علی المصالح لم یشترط القبول نعم یشترط القبض)
قد تقدم الکلام فیهما معا و یأتی الکلام فی القابض عند تعرض المصنف له
(قوله) (و یشترط أهلیة الواقف للتصرف)
هذا مما لا ریب فیه و لذلک ترکه الأکثر و معناه أن یکون بالغا عاقلا مختارا قاصدا حرا غیر محجور علیه لسفه أو فلس و (فی الغنیة) و (السرائر) الإجماع علی کونه مختارا مالکا للتبرع و یأتی الکلام فیمن بلغ عشرا إن شاء اللّٰه و فی غیره
(قوله) (و لا یحصل الوقف بالفعل کبناء مسجد و إن أذن فی الصلاة فیه أو صلی فیه ما لم یقل جعلته مسجدا)
أی ما لم یتلفظ بصیغة الوقف و یقفه لفظا کما صرح بذلک کله فی (الخلاف) و (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) للأصل بمعانیه و فی (جامع المقاصد) و لا یحصل الوقف بالفعل عندنا و هو یؤذن بالإجماع و بذلک کله صرح جماعة کثیرون فی باب مکان المصلی فی باب المسجد و حکینا هناک عن صلاة (المبسوط) أنه قال فیه إذا بنی مسجدا خارج داره فی ملکه (فإن نوی) به أن یکون مسجدا یصلی فیه کل من أراده زال ملکه و إن لم ینو ذلک فملکه باق علیه سواء صلی فیه أو لم یصل و قال فی (الذکری) ظاهره الاکتفاء بالنیة و لیس فی کلامه دلالة علی التلفظ و لعله الأقرب و نحوه ما فی (الدروس) و (مجمع البرهان) مستندین إلی أن معظم المساجد فی الإسلام علی هذه الصورة و فی (جامع المقاصد) أن فی النفس من ذلک شیئا لأن الحال فیه کالحال فی غیره من العقود مثل النکاح و غیره قلت قد تقدم عند ذکر الصیغ أنه لا بد من أن یکون قد تلفظ بصریحه أو بالکنایة مع القرینة أو النیة من دون خلاف و (تمام الکلام) فی المسألة و أطرافها مسبغا محررا فی باب المسجد و قد حکی الخلاف هنا عن (أبی حنیفة و (أحمد) و قد فرق الأصحاب بینه و بین تقدیم الطعام للضیف و وضع ماء فی حب علی قارعة الطریق و بناء شی‌ء للناس و نحو ذلک بأن هذه إنما یستفاد منها الإباحة بخلاف الوقف فإنه یقتضی نقل الملک (ثم عد) إلی العبارة فقوله ما لم یقل جعلته مسجدا لیس المراد منه أنه بهذا یتحقق مسجدیته بل الغرض أن له دخلا فی حصولها و إلا فقد اختار فی (التذکرة) عدم الاکتفاء بها ما لم ینضم إلیها قوله للّه سبحانه و تعالی لأنه بدون قوله للّه عز و جل یکون قد وصفه بما هو موصوف به فقد (قال) (ص) جعلت لی الأرض مسجدا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 12
و إذا تم الوقف بالإقباض کان لازما و لا تقبل الفسخ و إن تراضیا (1)
______________________________
و لعل الوجه فی العدم عنده فی (التذکرة) عدم القربة أو لأنه لا إنشاء فیه و إنما هو إخباره و هما کما تری و فی (جامع المقاصد) أنه متجه لکنه لم یحکه علی وجهه أو أن فی النسخة سقطا لکنا قد حکینا فی باب المسجد عن (الشهید) و (الصیمری و (الکرکی) و فی (الذکری) و (کشف الالتباس) و (جامع المقاصد) أن البقعة إنما تصیر مسجدا بالوقف إما بصیغة وقفت و شبهها و إما بقوله جعلته مسجدا أو یأذن فی الصلاة فیه فإذا صلی فیه واحد تم الوقف
(قوله) (فإذا تم الوقف بالإقباض کان لازما لا یقبل الفسخ و إن تراضیا)
کما طفحت (بهذا المعنی) عباراتهم إلی المفاتیح ممن تعرض له و انعقدت علیه إجماعاتهم ففی (المبسوط) إذا قبض فلا یجوز الرجوع فیه بعد ذلک و لا التصرف ببیع و لا هبة و لا غیر ذلک و لا یجوز لأحد من ورثته الرجوع و لیس من شرطه حکم الحاکم و نحوها ما فی (النهایة) و غیرها مما هو کعبارة الکتاب أو نحوها و أما الإجماعات (ففی الخلاف) أنه إذا قال وقفت و قبض الموقوف علیه أو من یتولی عنه لزم الوقف ثم حکی علیه إجماع الفرقة تارة و عدم الخلاف فیه منهم أخری و (إجماع) الصحابة مرة أخری و حکی (فی الغنیة) أیضا الإجماع علیه تارة و نفی (الخلاف) أخری و (فی التذکرة) أنه إجماع منا و من الصحابة و أن قول أبی حنیفة مخالف للسنة الثابتة عن رسول اللّٰه (ص) و فی (نهج الحق) أنه مذهب الإمامیة و أن علیه إجماع الصحابة و عملهم و أن أبا حنیفة مخالفهم و فی (المسالک) لا خلاف فی لزوم الوقف حیث یتم عند علمائنا أجمع و فی (المفاتیح) الإجماع علیه و قال (فخر الإسلام) لا شک فیه و قد یظهر الإجماع من (التحریر) حیث قصر الخلاف علی المفید و قال إن کلامه مؤول و فی (السرائر) أنه الذی یقتضیه مذهبنا و (الأخبار) الصحیحة صریحة فی ذلک و قد أسمعناکها و قال أبو حنیفة لا یتمّ الوقف إلا بحکم الحاکم فله الرجوع و لورثته الرجوع إلا أن یرضوا به أو یحکم بلزومه الحاکم و روی عیسی بن أبان أن أبا یوسف لما قدم بغداد کان علی قول أبی حنیفة (فحدثه) إسماعیل بن إبراهیم بن علیة عن ابن عوف النافع عن ابن عمر خلافه فقال هذا لا یسع أحدا خلافه و لو تناهی إلی أبی حنیفة لقال به و قد تناقض کلام أبی حنیفة فقال إن أوصی بالوقف لزم فی الثلث و لم یجعله لازما فی حال مرضه و إن أنجزه و لم یؤخره و لم یجعله لازما فی جمیع ماله فی حال صحته هذا و (للمفید رض) خلاف هنا قد أشیر إلیه (فی التحریر) و غیره کما سمعت قال الوقوف فی الأصل صدقات لا یجوز الرجوع فیها إلا أن یحدث الموقوف علیهم ما یمنع الشرع من معونتهم و القرب إلی اللّٰه سبحانه بصلتهم أو یکون تغیر الشرط فی الوقف إلی غیره أرد علیهم «1» و أنفع لهم من ترکه علی حاله و قد أطال (فی السرائر) فی رده و قد انتهض فی (المختلف) لتأویله بأنه قد شرط شرطا یمتنع بدونه إجراء الوقف علی حاله کأن یکون الواقف قصد معرفة الموقوف علیهم لصلاحهم و دینهم فیخرج أربابه عن هذا الوصف إلی حد الکفر و الذی یظهر لنا أن (المفید) بناء علی أنه یشترط فی صحة الوقف القربة إلی اللّٰه تعالی فلو خلی عنها ابتداء أو استدامة بطل کما إذا خرج الموقوف علیهم إلی حد الکفر و بذلک صرح (ابن إدریس) فقال لا یجوز الوقف علی الکافر إلا أن یکون أحد الأبوین فلیتأمّل (و لعل) المفروض فی کلام المفید أنه وقفه علی من ینقرض لأنه ممن یذهب إلی صحته وقفا فلیلحظ و (یأتی تمام) الکلام فی ذلک و فی (تمام کلامه) بعون اللّٰه سبحانه و إحسانه و إنعامه (ثم عد إلی العبارة) فقوله و إن تراضیا و إن قل من صرح به لکنه مستفاد من إطلاقهم جزما لأنه منصب
______________________________
(1)- أدر ظ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 13
و یشترط تنجیزه (1) و دوامه (2)
______________________________
علیه و متوجه إلیه مع ظهور وجهه لأن الوقف عبادة و قربة للّه سبحانه و تعالی و لهذا اشترطها الأکثر فی صحته کما ستعرف ففیه حق اللّٰه عز و جل و إن قلنا بانتقاله للموقوف علیه فلا یملکان إبطال حق اللّٰه سبحانه و إن تراضیا علیه
(قوله) (و یشترط تنجیزه)
کما فی (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الإیضاح) فیما یأتی فی أثناء کلام له و (الدروس) و (اللمعة) و (المهذب البارع) فی أثناء کلام له و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (الروضة) و (الریاض) و کذا (المسالک) و علیه نبه فی (الوسیلة) قال و لا یجوز أن یقول إذا جاء رأس الشهر وقفت علی فلان و فی (التحریر) إذا علق الوقف علی شرط أو صفة لم ینعقد و کان باطلا و لا نعلم فیه خلافا و فی (المسالک) أن اشتراط تنجیزه مطلقا موضع وفاق و فی (الکفایة) و (المفاتیح) أنه لا خلاف فی اشتراط التنجیز إلا إذا علق بما وقع و هو عالم بوقوعه بل قد یظهر من (التذکرة) فی آخر کلامه أنه محل وفاق لا خلاف فیه و قد أخذ فی (الإیضاح) و (للمهذب البارع) فی أثناء احتجاجهم مسلما مفروغا منه و قد یشهد علیه بقوله فی (المبسوط) أنه الذی یقتضیه مذهبنا کما ستعرف لعدم الجزم به کما سبق بیانه فی الوکالة و لأن العقود و الإیقاعات توقیفیة متلقاة من الشارع و تکفی الشک فی کون هذا منها لمکان الأصل و أما (قول) أبی محمد (ع) الوقوف علی ما یقفها أهلها فالمتبادر منه کما أشرنا إلیه آنفا غیر ما تعلق بالصیغة من (عموم) و (خصوص) و (ترتیب) و (تشریک) و (انفراد) و (تساو) و تفضیل و (تأبید) و (تحبیس) فلم یکن هناک مقتض للصحة بعنوان العموم فقد قام الدلیل و اتضح السبیل و لا یصغ إلی ما قبل فی (المسالک) و (الکفایة) من أنه لم یقم علی ذلک دلیل و فی الإجماع المعلوم و المنقول بلاغ إذ لم نجد متأملا و لا مخالفا إلا ما یلزم للشیخ فی (الخلاف) و (المبسوط) لزوما من کلامه حیث قال لو وقف علی ولده ثم علی الفقراء و لا ولد له فالأقوی بطلانه فی حق الولد و صحته فی الفقراء فإنه یلزمه أما صحة الوقف مع انتفاء موقوف علیه أو وقوع الوقف المعلق علی شرط أو صفة أو عدم جریان الوقف علی حسب ما اشترط و بیانه أنه حالة الوقف أما قد وقف علی من لا یصح الوقف علیه أو علی من یصح الوقف علیه و هم الفقراء و علی الثانی فإما أن یحکم بصحة الوقف علی الفقراء من حین العقد و ذلک مخالف للشرط لأنه إنما جعله علی الفقراء بعد موت ولده و هو قول بصحة الوقف المعلق علی شرط أو صفة علی أنه فی أول کلامه فی (المبسوط) صدع بالحق قال الذی یقتضیه مذهبنا أنه لا یصح الوقف لأنه لا دلیل علیه و خلو کلام أکثر القدماء عنه لا یضره إذ قد خلی کلامهم عن ذلک فی البیع الذی هو محل وفاق و قال فی (الدروس) لو علق بشرط أو صفة بطل إلا أن یکون واقعا و الواقف عالما بوقوعه کقوله وقفت إن کان الیوم الجمعة و قد وافقه علیه الجماعة ممن تأخر عنه و قد أسبقنا الکلام فی ذلک فی باب الوکالة فی موضعین
(قوله) (و دوامه)
بإجماع الفرقة و أخبارهم کما فی (الخلاف) و إجماعا کما فی (الغنیة) و (السرائر) فی آخر کلامهما عند انتهاء ذکر الشروط و قد یظهر ذلک من (المهذب البارع) و (إیضاح النافع) حیث أخذه مسلما فی أثناء کلام لهما و به صرح فی (الکافی للتقی) و (النهایة) و (المبسوط) و (التهذیب) و (الإستبصار) و (الوسیلة) و (جامع الشرائع) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (المختلف) و (الدروس) و (اللمعة) و (المهذب البارع) فی موضعین و (جامع المقاصد)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 14
(و إقباضه (1) و إخراجه عن نفسه (2)
______________________________
و (إیضاح النافع) فی أثناء کلام له (و الروض) و (الروضة) و (الریاض) و هو المستفاد من کلامهم جمیعا عند ذکر الصیغ و غیرها و مع ذلک کله قال فی (المفاتیح) أنه المشهور و هو أهون من نسبته فی (الکفایة) إلی جماعة و ظاهرهما التردد فی ذلک (کالإیضاح) و (المسالک) و موضع من (التذکرة) و ستسمع الشبهة التی دعتهم إلی ذلک (و الحجة) علی ذلک بعد الإجماعات المعتضدة بالفتاوی الأصل السالم عما یصلح للمعارضة إذ الأخبار بین متبادر منها الوقوف المؤبدة و بین صریحة فی ذلک کالأخبار الواردة فی وقوف الأئمّة (ع) (بل الشیخ) فی (کتابی الأخبار) جعل هذه الأخبار من أدلة اشتراط الدوام مخصصة لعموم الآیة إن قلنا إنه عقد أو بشمول العقود للإیقاعات و إن کان لنا فی کلام (الشیخ) تأمّل و یمکن حمله علی إرادة أن ذلک یظهر منها بملاحظتها جمیعا لا أن کلا منها حجة مستقلة فلیلحظ و لا ینافی ذلک فتوی الأکثر بالصحة فیما لیس بمؤبد لأنه أعمّ من صحته وقفا و حبسا و الجمع بین کلمتهم یوجب تعیین الأخیر کما صرح به جم غفیر کما ستسمعه مفصلا لکنه یشکل بالنسبة إلی من صرح بکون المنقطع یصح وقفا کالغنیة و غیرها کما یأتی و إلا فاشتراطه و الصحة فیما لیس بمؤبد مما لا یجتمعان کما قاله جماعة (و یأتی) بلطف اللّٰه سبحانه و تعالی و برکة خیر خلقه محمد و آله (ص) تمام الکلام عند تعرض المصنف له و بذلک یرتفع الإشکال عن (فخر الإسلام) و من وافقه
(قوله) (و إقباضه)
کما فی (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (الروضة) و (غیرها) و قد تقدم الکلام فیه بما لا مزید علیه و الفرق بینه و بین القبض و المشهور المعروف بینهم اشتراط کون القبض بإذن الواقف و هو الموافق للاعتبار و قد دل علیه صحیح الأخبار ففی (صحیح صفوان) و إن کانوا صغارا لم یسلمها إلیهم فله أن یرجع و کذا قوله (ع) فی التوقیع فکل ما لم یسلم فصاحبه بالخیار و کلما سلمه فلا خیار فیه فإن ظاهرهما أن القبض إنما یتحقق بتسلیم الواقف و دفعه بالفعل و الإذن و (علی) ذلک تحمل (روایة) عبید بن زرارة و غیرها و (أما الاعتبار) فلامتناع التصرف فی ملک الغیر بغیر إذنه (و الحال) إن لم ینتقل إلی الموقوف علیه إلا بإذنه و قال فی (الکفایة) و صرح غیر واحد منهم بأنه یعتبر فی الوقف (القبض ظ) أن یکون بإذن الواقف و سکت علی ذلک فکأنه متأمّل (و لعله) لأنه قد تقدم له و (للمصنف) فی رهن الکتاب و لولده و (الشهید) و (المحقق الثانی) و (الشهید الثانی) أنه لو سلم المشاع فی الرهن بدون إذن الشریک أن الأقرب الاکتفاء به مستندین إلی أن النهی إنما هو لحق الشریک لمکان الإذن من الراهن الذی هو المعتبر شرعا و قد استوفینا الکلام فی ذلک فی باب الهبة
(قوله) (و إخراجه عن نفسه)
قد حکی فی (السرائر) الإجماع علی عدم صحة الوقف علی نفسه و نسبه فی (التذکرة) إلی علمائنا و قد یظهر ذلک أی الإجماع من (التنقیح) و هو صریحه ذکره فی محل آخر و قد حکی فی (التذکرة) فی أواخر الباب إجماع (السرائر) و أقره علیه و ظاهره ارتضاؤه و إن (خالفه) فی أمر آخر و فی (المسالک) و (المفاتیح) لا خلاف بین أصحابنا فی بطلان وقف الإنسان علی نفسه و به صرح فی (الوسیلة) و (الغنیة) و (الشرائع) و (النافع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروض) و (الروضة) و (الکفایة) بل هو المستفاد من تتبع کلماتهم جمیعا و قد (یظهر) ذلک من جواب (أبی الحسن ع) لعلی بن (سلیمان)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 15
و نیة التقرب (1)
______________________________
کتابة فهمت کتابک فی أمر ضیاعک لیس لک أن تأکل منها و لا من الصدقة فإن أنت أکلت منها لم ینفذ و قد (رواه) المشایخ الثلاثة بأسانیدهم و فیها ما (هو صحیح) أو (کالصحیح) و تقریبه أن عدم جواز الأکل منه مستلزم لبطلان الوقف علی نفسه لأن مقتضی الوقف علی نفسه جواز الأکل منه مع أنه لیس له ذلک و فی (خبر طلحة) رجل تصدق بدار له و هو ساکن فیها (فقال) الحین اخرج منها و هناک أخبار أخر ظاهره أو صریحه فی أنه یجب إخراجه عن نفسه فیما وقفه علی غیره من جمیع الجهات (کصحیح) إسماعیل (الهاشمی) و غیره و هی و إن لم تدل علی خصوص البطلان فی وقفه علی نفسه إلا أنک قد عرفت التقریب المتقدم و قد صرح فی (الخلاف) و (المبسوط) و سائر ما تأخر عنهما إلا ما قل کما ستسمع أنه لو وقف علی نفسه ثم علی الجهة المتأبدة أنه یبطل بالنسبة إلی نفسه و اختلفوا فی الصحة و البطلان بالنسبة إلی الجهة و قد (استدل) الأصحاب علی ذلک بأنه لا یعقل تملیک الإنسان نفسه مال نفسه و (الأصل) فیه (الأخبار) و (الإجماع) و إلا فقد صححه بعض العامة بناء علی أن استحقاق الشی‌ء وقفا غیر استحقاقه ملکا و قد یقصد منع نفسه من التصرف المزیل للملک و لعله إلیه أشار فی (الغنیة) بقوله فلو وقف علی نفسه لم یصح و فی ذلک خلاف لأنه لم نجد من أصحابنا مخالفا و لا حاکیا للخلاف غیره
(قوله) (و نیة التقرب)
کما فی (المقنعة) و (الکافی) و (النهایة) و (المهذب) و (الوسیلة) و (الغنیة) و (السرائر) و (جامع الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (التنقیح) و قد یلوح ذلک عن (المراسم) و یظهر عنه ذلک فی مسألة الوقف علی الکافر کما سیأتی و فی (الغنیة) و (السرائر) الإجماع علیه ذکر فیهما عند تمام الکلام علی الشروط و فی (الریاض) لا ریب فی اشتراط القربة و لا شبهة و فی (جامع المقاصد) لعل الشرط کون الوقف قربة فی نفسه لا اشتراط نیة التقرب لصحة الوقف لانتفاء دلیل الاشتراط و نحوه ما فی تعلیق (الإرشاد) و کذا (الروض) و فی (الروضة) أن عدم الاشتراط أصح الوجهین و فی (المسالک) أنه الوجه و هو الظاهر من کلام (الشرائع) فی الوقف علی الذمی و فی (الدروس) فی اشتراط نیة التقرب وجه فیترتب «1» وقف الکافر و الأقرب صحته و قضیة صحة وقفه عدم اشتراطها و عدم الاشتراط هو الظاهر من کل من ترکه و هو من لم نذکره و الأوفق بالأصل إن قلنا باعتبار القبول إذ بعد حصوله یکون عقدا یجب الوفاء به و (ینفی) اعتباره و (اشتراطه) بالأصل إلا أن تقول إن المشهور أنها شرط بل قد (حکی) علیها الإجماع فیکون الشهرة قرینة علی أن القربة کانت مأخوذة فی عقده فلا یمکن نفیها بالأصل و (استدل) علیه فی (جامع المقاصد) بما سمعته من عدم قیام دلیل صالح علی الاشتراط و فیه أنه إذا کان الوقف خلاف الأصل و قلنا إنه لا یحتاج إلی القبول کفی فی عدم صحته مع عدم القربة عدم قیام دلیل صالح علیها بدونها فعدم دلیل علی الاشتراط غیر قادح بعد الأصل الدال علی الفساد و (أصالة) عدم الاشتراط لا تعارضه إلا بعد فرض قیام مقتض للصحة بعنوان العموم و هو مفقود کما تقدم مثله فی اعتبار القبول و (قد عرفت) الحال فیه و فی (حسنة حماد) بن إبراهیم عن أبی عبد اللّٰه (ع) و هی صحیحة علی الصحیح فی إبراهیم و حسنته الأخری بإبراهیم التی رواها هو و ابن (أذینة) و ابن (بکیر) و غیرهم کلهم عن أبی عبد اللّٰه (ع) لا صدقة و لا عتق إلا ما أرید به وجه اللّٰه عز و جل و (قد روی) ذلک بطرق آخر و قد سمعت فیما مر أن فی صحیح عبید بن زرارة لا یرجع فی الصدقة إذا ابتغی بها وجه اللّٰه عز و جل
______________________________
(1)- علیه ظ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 16
فلو علقه بصفة أو شرط (1) أو قرنه بمدة لم یقع (2)
______________________________
و قد عرفت أن المستفاد من الأخبار الکثیرة و من (کلام) الأصحاب خصوصا القدماء إطلاق الصدقة علی الوقف أکثر من أن یحصی بل لیس فی کلام أبی الصلاح (کذا فی النسخة) للوقف ذکر أصلا و أن وقوف الأئمّة (ع) لم یذکر فیها لفظ الوقف فإن کان إطلاق الصدقة علی الوقف حقیقة و القرینة معینة «1» کما تقدم کانت هذه الأخبار دالة علی اشتراطها لظهور أقربیة نفی (الصحة) من نفی الکمال بالنسبة إلی نفی الماهیة و إن کان مجازا من باب التشبیه البلیغ أو الاستعارة فإن (قلنا) إنهما یدلان علی المشارکة فی کل الأحکام فذاک و إن (قلنا) إنما هو فی الشائع الظاهر المتبادر فکذلک لأن اشتراطها فی صحته من أظهر أحکامه بل قد سمعت ما فی (جامع المقاصد) و (قد اتبع) الأئمّة (ص) وقوفاتهم المأثورة بابتغاء وجه اللّٰه عز و جل و لعله لم یبق بعد الیوم فی المسألة إشکال لما سمعت مع عدم المخالف صریحا
(قوله) (فلو علقه بصفة أو شرط)
أی لم یقع و هو تفریع علی اشتراط التنجیز و قد سمعت ما فی (التحریر) و (المسالک) و (الکفایة) و (المفاتیح) و غیرها و کذا لو جعل له الخیار فی فسخه متی أراد بلا خلاف أجده.
(قوله) (أو قرنه بمدة لم یقع)
کما فی (الغنیة) و (السرائر) و (الشرائع) و کذا (الإستبصار) و هو معنی إجماع (الخلاف) و (الغنیة) و (السرائر) و غیرها إذ هو تفریع علی اشتراط الدوام و فی (النهایة) و (السرائر) أیضا لا یصح إلا أن یجعله سکنی دار فی السرائر أو عمری أو رقبی و هو معنی قوله و فی (الجامع) یصح أعمارا و فی (النافع) و (التحریر) و (الدروس) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و (المفاتیح) أنه یصح حبسا و هو معنی قوله فی (التبصرة) أنه یرجع إلی ورثة الواقف و فی (جامع المقاصد) أن فی صحته حبسا قوة و قال فی (التذکرة) لو قال وقفت هذا سنة احتمل البطلان و هل یبطل أصلا فلا یعتد به أو یکون حبسا إشکال و یحتمل الصحة و یکون حبسا انتهی أما البطلان فوجه ظاهر و لعله یرجع فی غیر کلام (التذکرة) إلی القول الآخر کما یرشد إلیه کلام (السرائر) و قد سمعته و تعلیلهم له بأن شرط الوقف الدوام فیبطل لعدم حصول الشرط إذ لو کانوا قائلین ببطلان الحبس لاحتاجوا فی بطلانه إلی شی‌ء آخر زائد علی ما ذکروه مع أنه غیر مذکور إذ من المعلوم أن بطلانه وقفا لا یستلزم بطلانه حبسا و أما (الصحة) حبسا فلوجود المقتضی و هو الصیغة الصالحة للحبس لاشتراک الوقف و الحبس فی المعنی فیمکن إقامة کل واحد مقام الآخر فإذا قرن الوقف بعدم التأبید کان قرینة علی الحبس و هذا المجاز شائع کما ستسمع فی المسائل الآتیة کما لو اقترن الحبس بالتأبید کان قرینة علی الوقف و قد استدل علیه فی الکفایة بصحیحة علی بن (مهزیار) و صحیحة محمد بن الحسن الصفار قلت فی الأول قال قلت له روی (بعض) موالیک عن آبائک (ع) أن کل وقف إلی وقت معلوم فهو واجب علی الورثة و کل وقف إلی غیر وقت جهل مجهول فهو باطل مردود علی الورثة و أنت أعلم بقول آبائک (ع) (فکتب ع) هو عندی کذا و (لعل) مراد علی بن (مهزیار) السؤال عن صحة الخبر فالجواب فی محله و إن کان مراده بیان التفسیر فترکه (ع) لذلک لمصلحة علم بها لمکان المکاتبة و علی (کل) حال فهو یقتضی بصحته حبسا إذ معنی الخبر أن ظاهر الوقف إذا کان مقیدا لوقت معلوم فهو صحیح یجب علی الورثة إنفاذه فی ذلک المدة و لیس ذلک إلا أن یکون حبسا و إن لم یذکر له وقتا کأن قال إلی وقت ما فإنه یکون باطلا و هو و إن دل ظاهرا علی الصحة
______________________________
(1)- أو علیه قرینة معینة (نسخة)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 17
و لو وقفه علی من ینقرض غالبا و لم یذکر المصرف کما لو وقف علی أولاده و اقتصر أو ساقه إلی بطون تنقرض غالبا فالأقرب أنه حبس یرجع إلیه أو إلی ورثته بعد انقراضهم (1)
______________________________
وقفا إلا أنه لم یقل به أحد فکان حمله علی الصحة حبسا متعینا جمعا بینه و بین ما دل علی اشتراط التأبید و رجوع ما کان مثل هذا حبسا فإنه من لوازم الحبس کما ستسمع (و قال فی الإستبصار) بعد ذکر هذا الخبر الوقف متی لم یکن مؤبدا لم یکن صحیحا و المعنی فی هذا الخبر أن الموقت إذا کان الموقوف علیه مذکورا لأنه إذا لم یذکر فی الوقف موقوف علیه بطل الوقف و لم یرد بالوقت الأجل و الذی یدل علی ذلک ما رواه (محمد بن الحسن) الصفار قال کتبت إلی (أبی محمد ع) أسأله عن الوقف الذی یصح کیف هو فقد روی أن الوقف إذا کان غیر موقت فهو باطل مردود علی الورثة و إذا کان موقتا فهو صحیح ممضی و قال قوم إن الموقت هو الذی یذکر فیه أنه وقف علی فلان و عقبه فإذا انقرضوا فهو للفقراء و (المساکین) إلی أن یرث اللّٰه الأرض و من (علیها) قال و قال آخرون هو موقت إذا ذکر أنه لفلان و عقبه ما بقوا و لم یذکر فی آخره للفقراء و المساکین إلی أن یرث اللّٰه الأرض و من علیها و الذی هو غیر موقت أن یقول (هذا) وقف و لم یذکر أحدا فما (الذی یصح) من ذلک و ما (الذی) یبطل فوقع (ع) (الوقف) بحسب (ما یوقفها) أهلها (إن شاء اللّٰه) و نحوها فی (التهذیب) و (قضیة) کلامه (البطلان) فیما نحن فیه و (أنت) خبیر بأن (المتبادر) من لفظ الوقت إنما هو (الأجل) و (الزمان) و تفسیر (هؤلاء) بالموقوف علیه مجاز (جزما) لا یقتضی تقیید خبر ابن (مهزیار) (بهذا الخبر) بل یحمل کل (منهما) علی ما دل علیه (سلمنا) لکنا (نقول) یکفی فی (الاستدلال) علی صحة (الموقت) حبسا (إطلاق) قوله (ع) فی آخره (الوقوف) بحسب ما یوقفها (أهلها) فیدخل (الموقت) بمدة معینة و یخرج من هذا (الإطلاق) ما قام الدلیل علی (بطلانه کالوقف) بغیر (مدة) و لا ذکر (الموقوف) علیه و غیرها مما قام الدلیل علی (بطلانها) هذا (کله) مضافا إلی ما (ستسمعه) فی (المسألة) الآتیة لأنهما من سنخ (واحد) لمکان اشتراکهما فی (عدم التأبید) المشترط فی (الصحة) و إن کان (فقده) فیما (نحن فیه) (أوضح) و أظهر و فی (جامع المقاصد) و (المسالک) ینبغی (الجزم) بالبطلان لو قصد (بالوقف) هنا معناه (لامتناعه) (قلت) (لا ینبغی) لهما الجزم (بالبطلان) لأنه فی (المسالک) لم یجزم (باشتراط) (التأبید) و فی (جامع المقاصد) لم یجزم بصحته (حبسا) و ظاهر (الخبرین) و کلام (الأصحاب) هنا و فی (المسألة) الآتیة أن لفظ (الوقف) لیس (صریحا) فی (المؤبد) کما أشرنا إلیه (فیما سبق) (فلیتأمّل) جیدا
(قوله) (و لو وقفه علی من ینقرض غالبا و لم یذکر المصرف کما لو وقف علی أولاده و اقتصر أو ساقه إلی بطون تنقرض غالبا فالأقرب أنه حبس یرجع إلیه أو إلی ورثته بعد انقراضهم)
قد قرب کونه (حبسا) کما هو صریح (الوسیلة) و (جامع الشرائع) و (الإرشاد) و (المختلف) و (التنقیح) و (المقتصر) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و کذا (الروض) و هو ظاهر (المراسم) و (النهایة) و (الخلاف) و (المبسوط) و (المهذب) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التبصرة) و (الإیضاح) و (شرح الإرشاد) (للفخر) و (غایة المراد) و (المهذب البارع) و (الکفایة) و (أبی علی) فیما حکی عنه لأنهم قالوا جمیعا بأنه یرجع عند (انقراض) الموقوف علیه إلی (الواقف) أو (ورثته) کما ستسمع فإنه من (لوازم الحبس) و (ظاهر المقنعة) و (السرائر) أنه یصح وقفا (لأنهما) قالا بأنه یرجع إلی ورثة الموقوف علیه و لا یرجع (إلی) الواقف و لا إلی (ورثته) و إلیه مال أو قال
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 18
..........
______________________________
به فی (التحریر) و کذا الغنیة لأنه قال (الأحوط) أنه یصرف فی (وجوه البر) و نفی عنه (البأس) فی (المختلف) و قد نسب (کاشف الرموز) إلی (سلار) موافقة (المفید) و هو (غلط) و فی (المسالک) مما یحتمل موافقته (للمفید) کلام (الشرائع) فإنه قال یجب (إجراؤه) حتی ینقرض المسمّون لکن (الظاهر) منها ما (نسبناه) إلیها لأنه استظهر رجوعه إلی ورثة الواقف و لا ترجیح فی (کشف الرموز) و لا فی (الدروس) أصلا و قد فهم من (الدروس) صاحب (جامع المقاصد) أنه یکون حبسا و (عبارته) مجملة کذلک «1» و أما ما نسب (إلی القدماء) من (هؤلاء) فلم (یصادف) نحوه «2» ففی (المختلف) و (الإیضاح) أنه قال (الشیخان) و ابن (الجنید) یصح الوقف و به قال (سلار) و ابن (البراج) و ابن (إدریس) و قال ابن (حمزة) یکون (حبسا) بلفظ (الوقف) (انتهی) کلامهما و فیه (خطاء) من وجوه إن أراد (بالوقف) معناه أو (الحبس) لأن هؤلاء لیسوا علی (کلمة واحدة) کما عرفت و قد اقتفاهما المتأخرون فی ذلک ففی (المهذب البارع) مثل ما فی (الإیضاح) و نسب صحة (الوقف) فی (التنقیح) إلی (النافع) و (الشیخ) و ابن (حمزة) و ابن (إدریس) و (العلامة) و فی (جامع المقاصد) أن القول بالصحة مختار (الشیخ) و أکثر (الأصحاب) و المصنف فی (المختلف) و التذکرة و قال فی (المقتصر) إنه یکون (سکنی) أو (عمری) أو (حبسا) بلفظ (الوقف) و نسبه إلی (الشیخین) و تلمیذهما و (أبی علی) و ابن (إدریس) و (المحقق) و فی (النافع) و (الکل) فیما یظهر خلاف (الصواب) لأنک قد عرفت من نسبنا (وقوعه) (حبسا) أو (وقفا) إلی ظاهره و (صریحه) نعم حکی عن (الصیمری) أنه قال إن (الأکثر) من القدماء و عامة من (تأخر) علی (الصحة) حبسا و هو جید فی الجملة و قال فی (المفاتیح) إنهم قالوا صح و لو حمل علی (الحبس) زال (الإشکال) (انتهی) و فیه أنه لا یتم بالنسبة إلی (المفید) و من (وافقه) و أما القول (بالبطلان) فقد حکاه فی (الخلاف) و (المبسوط) عن بعض أصحابنا و لم نجده و یظهر من (التذکرة) أنه لم یظفر به أیضا و لیعلم أن (جماعة) قالوا إن فی المسألة (قولین) (الصحة) و (البطلان) و جماعة قالوا ثلاثة أقوال و أما (القول) بأنه یرجع إلی (الواقف) أو ورثته عند انقراض (الموقوف) علیه فهو (خیرة) ما یزید علی (عشرین) کتابا «3» ما صرح فیه بأنه (حبس) و ما ظهر منه ذلک کما عرفت و فی (المبسوط) أنه الذی تشهد به (روایات) أصحابنا و لهذا نسبنا إلیه القول بأنه یکون (حبسا) و قد نسب إلیه فی (کشف) الرموز و التنقیح التردد فی ذلک و فی (المسالک) و (الکفایة) أنه مذهب الأکثر و به صرح ابن حمزة فما فی (المختلف) و (المهذب البارع) و (المقتصر) من أنه لازم له لم (یصادف) محله و (اختلف) (هؤلاء) فمنهم من قال أنه یرجع إلی ورثته حین (انقراض) الموقوف علیه (کالولاء) و هو خیرة (المسالک) و (الروضة) و قد یلوح من (عبارة) (الدروس) و منهم قال إلی (ورثته) عند موته و یسترسل فیه إلی أن یصادف (الانقراض) و هو خیرة (إیضاح النافع) و قال (المقداد) إنه قوی (قلت) بل هو الأقوی لعدم الانتقال «4» و فرق بینه و بین (الولاء) لأن (المصنف) فی باب (العتق) من الکتاب ادعی (الإجماع) علی أنه یورث به فلو مات (الواقف) عن ولدین ثم مات (أحدهما) عن ولد قبل الانقراض ثم (انقرضوا) فعلی (الأول) المال للعم
______________________________
(1) محتملة لذلک ظ
(2) محله ظ
(3) بین ظ
(4) هکذا فی النسخة الأصلیة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 19
..........
______________________________
و علی (الثانی) یکون مشترکا بینه و بین ابن أخیه و قد (عرفت) القائل بانتقاله إلی ورثة (الموقوف علیه) و فی (التحریر) أن فیه قوة کما (عرفت) من احتاط بصرفه فی (وجوه البر) و أما حجج (الأقوال) فلم یحتج (أحد) من القدماء علی ما اختار (بحجة) أصلا و إنما (یظهر) من مجموع کلام (السرائر) و رده علی (الشیخ) و المکیل له بصاعه «1» الاحتجاج (للصحة) بأنه وقف و نوع (تملیک) فیتبع اختیار المالک فی (التخصیص) فیخرج عنه و (لا یعود) إلی ورثته ثم إن (المصنف) فی (التذکرة) و (المختلف) و ولده و (المحقق الثانی) و (الشهید الثانی) و کذا (أبو العباس) و (المقداد) احتجوا للقول (بالصحة) من دون تمییز بین کونه (صحیحا) وقفا أو حبسا لکن الظاهر إرادة (الأول) بل هو صریح (بعض) هؤلاء (بالأصل) و أن تملیک (الأخیر) لیس شرطا فی تملیک الأول و إلا لتقدم (المشروط) علی الشرط و بخبر أبی بصیر عن أبی (جعفر ع) بوصیة (فاطمة ع) بحوائطها إلی علی بن أبی طالب (ع) فإن قضی علی (ع) فإلی الحسن (ع) فإن قضی فإلی الحسین (ع) فإن قضی الحسین (ع) فإلی الأکبر من ولدی و (الأصل) معارض بأصالة (الفساد) إن أرید به (أصالة) الصحة کما هو ظاهر (جامع المقاصد) و (المسالک) حیث أردف فیهما (بعموم) أَوْفُوا بِالْعُقُودِ لأن (أصالة) الصحة (متوقفة) علی اجتماع (شرائطها) و هو عین (المتنازع) لأن التأبید شرط (عند الخصم) و الظاهر من (المصنف) فی (کتابیه) و ولده فی (الإیضاح) أنهما أرادا (بالأصل) العموم حیث لم (یتعرضا) لذکر العموم و هو (متجه) إن قلنا باشتراط الرضا فیه و القبول کما هو خیرة (التذکرة) و (الإیضاح) کما تقدم (فلیتأمل) أو (قلنا بأن) (العقود) تتناول (الإیقاعات) أو (قلنا بأن) (عمومات) الباب تتناوله کما هو (کذلک) و رد (الدلیل) الثانی بأنا لا ندعی (الشرطیة) و إنما (نقول) الشرط بیان (المصرف) الأخیر (لیتحقق) معنی (الوقف) و هو هنا غیر (حاصل) فلا تتم صحة (الوقف) و أما (الثالث) فاعترض علیه (بضعف السند) و (الدلالة) من عدة (وجوه) ذکرت فی (المسالک) و (غیره) و (لما لم یقف شیخنا) فی (الریاض) علی (المقنعة) و (السرائر) و ما وافقهما و لا علی (الخلاف) و (المبسوط) و غیرهما قال إن (الجماعة) الذین جعلوا الأقوال ثلاثة لم یذکروا إلا (حجتین) (إحداهما) علی البطلان (مطلقا) و (الأخری) علی الصحة و لم یذکروا (حجة) ثالثة (تدل) علی تمیز أحد (القولین) (الأولین) عن (الآخر) و هو أوضح (شاهد) علی أن فی (المسألتین) «2» (قولین) لا ثلاثة و أن (فتوی) من حکم بصحة (الوقف) أراد بها (إثبات) الصحة فی مقابلة من یدعی (البطلان) (بالمرة) لا أن المراد (إثباتها) من حیث (الوقفیة) دون (الحبسیة) و أما (تعبیرهم) بصحة (الوقف) (ففیه) نوع (مسامحة) و لعلها لندرة (الثمرة) فی الفرق بین (الصحة) و (وقفا) أو حبسا و عدم (ظهورها) إلا فی نحو (النذر) و (النیة المصححة) لمثل هذا الوقف إن کان متعلقها (الحبس) و (المفسدة) له إن کان الوقف (انتهی) کلامه دامه ظله و (فیه نظر) من وجوه لأنک قد (عرفت) أن أول من احتج (بالحجتین) المصنف و (ولده) فی الکتب (الثلاثة) و إنما ذکرا فیها (قولین) لا غیر کما فی (المبسوط) و (الخلاف) و (التحریر) و (المهذب البارع) و (التنقیح) و (غیرها) و إن ظاهرهم (جمیعا) إرادة (الصحة) وقفا کما هو (ظاهر) (أدلتهم) (و إنما جعلت (ثلاثة) فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و (غیرهما مما تأخر) علی أن ظاهرهما أیضا أن ذلک
______________________________
(1) إشارة إلی عبارة السرائر حیث قال و نحن نکیله بصاعه
(2) فی المسألة ظ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 20
..........
______________________________
(لصحته) وقفا بل هو (صریحهما) و قد (عرفت) أن ظاهر (المقنعة) و (السرائر) و (غیرهما) إثبات (الصحة) وقفا ثم إن (هناک) ثمرات (أخر) و هو أن (الحبس) یصح (نقله) (بالصلح) و (البیع) و نحوهما و أنه إن کان (وقفا) لا یرجع إلی ورثة (الواقف) مضافا إلی ما فی (کلامه) من (التدافع) فی بیان (الثمرة) إذ حاصله أن (الفرق) هنا بین (الوقف) الصحیح و (الحبس) أنه إذا نوی (الوقف) الصحیح (فسد) فیرجع إلی أنه (یفسد) (وقفا) إذا صح وقفا و الأقعد «1» (الاستدلال) علی (صحته) (حبسا) بصحیح ابن (مهزیار) و صحیح (الصفار) و (قد سمعتهما) آنفا (فلیلحظ) ذلک و احتج له فی (التنقیح) بأنه إذا لم یصح (التملیک) إلی أحد لم یصح (الإجارة) و السکنی فیصح حبسا و فیه أنه لا تملیک (للرقبة) فی (الحبس) کما هو (واضح) فکل من صرح بأنه (حبس) أو ظهر منه من (القدماء) یکون قد یستند إلی (الصحیحین) و إلی (الأصل) بمعنی العموم و (أما القائل) بالبطلان قال فی (المبسوط) بأنه احتج بأن من (شرط) صحته أن (یتأبد) و إذا (علقه) بما ینقرض فلم یوجد (شرطه) فلم یصح (انتهی) و زاد فی (المسالک) بأن (الشیخ) احتج له أیضا بأنه یکون منقطعا فیصیر الوقف علی (المجهول) و قد تبع بذلک (جامع المقاصد) و لیس لذلک أثر فی کلام (المبسوط) و (الخلاف) و إنما جعل ذلک فی (المختلف) فذلکة عدم (التأبید) لا دلیلا (مستقلا) (قال احتج) المانعون بأن (مقتضاه) (التأبید) فإذا کان (منقطعا) سار وقفا علی مجهول فلم یصح کما لو وقفه علی (مجهول) ابتداء و هذا أیضا لم یذکره (الشیخ) فی حجة (القائل) بالبطلان و إنما (قال) إن لم یوجد (شرطه) لم یصح و (جوابه) أن هذا (شرط) الوقف و التملیک لا شرط (الحبس) و لیعلم أن ما (نحن فیه) من (سنخ) ما (إذا) وقف علی من (یجوز) الوقف علیه ثم (علی) من لا یجوز الوقف علیه فإنهم (یسمون) الجمیع (منقطع) الانتهاء منقطع (الآخر) غیر (مؤبد) و لهذا قال (المحقق) الثانی و (الشهید الثانی) ما سمعت و قد سمعت ما استدل به (المصنف) و (ولده) و الجماعة (علی) الصحة بأن (تملیک) الأخیر لیس (شرطا) فی تملیک (الأول) و هذا (ینطبق) علی ما إذا وقف علی من (یجوز) علیه ثم علی من (لا یجوز) علیه و (سیتعرض) المصنف لذلک فی أواخر (الباب) و أما (حجة) القول بأنه یرجع إلی (الواقف) أو (ورثته) مطلقا فقد سمعت أنه قال فی (المبسوط) أنه تشهد به (روایات) أصحابنا و فی (خمس) نسخ من (النافع) أنه مروی و بذلک اعترف فی الغنیة و (کشف الرموز) و التنقیح و (إیضاح النافع) فهذة (الروایات) المرسلة فی (المبسوط) (و الغنیة) و (النافع) و (إیضاحه) صریحة الدلالة کما اعترف به (هؤلاء) المشایخ (الأربعة) و الإرسال منجبر (بالشهرة) (المعلومة) و (المنقولة) کما عرفت و (إن أراد) (بالروایات) ما یظهر من قول (العسکری ع) (الوقف) علی حسب ما یقفها أهلها (بمعنی) أنه لم یخرجه عن (ملکه) و إنما (وقفه) علی أناس (مخصوصین) فلا یتعدی إلی غیرهم من (ورثتهم) و یبقی أصل الملک لهم فیکون (ذلک) حبسا أو (کالحبس) (فالشهرة) عندنا تجبر (الدلالة) إن کان فیها (قصور) فتأمّل و (لعلهم) أرادوا ما رواه (المشایخ) الثلاثة عن جعفر بن حیان قال سألت (أبا عبد اللّٰه ع) عن رجل وقف غلة له علی (قرابة) من (أبیه) و قرابة من (أمه) و أوصی (لرجل) و عقبه من تلک الغلة لیس (بینه) و بینه (قرابة) (بثلاثمائة) درهم کل (سنة) و یقسم الباقی علی (قرابته) من (أبیه) و (أمه) قال جائز (للذی) أوصی له بذلک (قلت) أ رأیت إن مات (الذی) أوصی (له) قال إن مات (کان) الثلاثمائة درهم لورثته یتوارثونها ما بقی (أحد) منهم فإذا انقطع ورثته
______________________________
(1) یعنی الأولی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 21
و لو أبد علی أحد تقدیرین دون الآخر مثل أن یقف علی أولاده و عقبهم ما تعاقبوا فإذا انقرض العقب و لا عقب له فعلی الفقراء و لو انقرض الأولاد و لا عقب لهم فعلی إخوته و اقتصر کان حبسا علی التقدیر الثانی و فی الأول إشکال (1)
______________________________
و لم یبق منهم (أحد) کانت (الثلاثمائة) درهم (بقرابة) المیّت ترد إلی ما یخرج من (الوقف) (الخبر) و (الظاهر أن) الوصیة بالوقف و إلا لم یکن لورثة الموصی له (شی‌ء) و (الضعف) منجبر (بالشهرة) و (یبعد) عدم دلالته مع کثرة المستدلین به و المرسلین إن أرادوه و إن (کان) فیهما (قصور) فهو مجبور بشهرتهم و بمجموع ذلک أو (بعضه) یتعین المصیر إلی هذا (القول) و (شیخنا) فی (الریاض) نسب إلی (الخلاف) أنه استدل (بالروایات) و لعله (عول) علی صاحب (الحدائق) و کلاهما (غلط) من القلم إذ لیس (للروایات) ذکر فی (الخلاف) و أعظم من ذلک فی (الریاض) کأنه ظفر بنسخة من (النافع) فیها أن (الثانی) مروی و (الأول) أحوط و قد عرفت (ما وجدناه) و ما شرحه (الشارحون) کالآبی و (أبی العباس) و (المقداد) و (القطیفی) و لم یذکروا أیضا أن (الأول) أحوط و ما وجدنا فی (انتقاله) إلی ورثة (الموقوف) علیهم (روایة) و لا ادعاه (أحد) فلاحظ نسخة (أخری) و کان فی کلام (الأصحاب) (اضطرابا) لأنه قد قیل فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الریاض) إن هذا (الخلاف) یعنی انتقاله إلی ورثة (الواقف) أو (الموقوف) علیه متفرع علی (القول) بصحة (الوقف) و إلا فعلی (القول) بکونه (حبسا) یرجع إلی (ورثة) الواقف (بلا شبهة) و (لا إشکال) و قد نبه علی (ذلک) فی (غایة المراد) و (فیه أنه) إذا کان کذلک و کان (هناک) أخبار دالة علی ذلک کما فی (المبسوط) و غیره لم یکن فی (المسألة) (إشکال) و لا معنی (للاختلاف) لأن (المفروض) أن الأخبار المرسلة مصرحة (بصحته) وقفا و أنه یرجع إلی الواقف أو ورثته بعد انقراض الموقوف علیهم و الظاهر من (کشف الرموز) و کذا (المختلف) و (الإیضاح) و (المهذب البارع) و (إیضاح النافع) أن هذا الاختلاف بین (الشیخین) مبنی علی ما ذهب إلیه کل ما ذهب إلیه کل منهما فیما أراده بصحة الوقف فمن قال إن المراد بصحته وقفا صحته حبسا قال إنه یرجع إلی الواقف أو ورثته لأنه لم ینتقل عنه و (من قال) إن المراد صحته وقفا حقیقیا قال یرجع إلی ورثة الموقوف علیه أو فی وجوه البر لأنه انتقل عنه و (کلام التنقیح) غیر منقح لأنه فرع الخلاف علی کونه حبسا ثم ذکر فی دلیل المفید أنه قد انتقل عن الواقف و قال إنه المفروض ثم أجاب بمنع الانتقال المذکور و (لعل هذا) الاختلاف لأن (کلام المتقدمین) محل اشتباه و لذلک اختلفوا فی فهمه کما عرفت و (مما ذکر) یعرف الوجه فی عوده إلی ورثة الموقوف علیهم أو إلی وجوه البر و قد طفحت عبارة المصرحین بکونه حبسا و غیرهم ممن قال بعوده إلی ورثة الواقف بالرجوع و العود و هو مسامحة مستحسنة إذ هما أوجز عبارة تفرض فی المقام مع وضوح المراد و وجود القرینة لأنه لم یخرج عن ملکه
(قوله) (و لو أبد علی أحد تقدیرین دون الآخر مثل أن یقف علی أولاده و عقبهم ما تعاقبوا فإذا انقرض العقب و لا عقب له فعلی الفقراء و لو انقرض الأولاد و لا عقب لهم فعلی إخوته و اقتصر کان حبسا علی التقدیر الثانی و فی الأول إشکال)
لم یتعرض لهذا الفرع غیر (المصنف) قبله و لا هو فی غیر هذا الکتاب و نعم ما عبر عنه فی (الدروس) قال لو قال وقفت علی أولادی و نسل لهم فإن مات الأولاد و لا نسل لهم فعلی إخوتی و إن انقرض النسل فعلی الفقراء (فالأقرب) إجراؤه علی شرطه لعموم (قول العسکری ع)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 22
و لو وقف علی من سیولد ثم علی المساکین أو علی عبده ثم علی المساکین فهو منقطع الأول فیحتمل الصحة کمنقطع الأخیر و البطلان إذ لا مقر له فی الحال (1)
______________________________
الوقوف علی حسب ما یقفها أهلها و هو اختیار منه للصحة علی التقدیرین و فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) أن الأصح الصحة وقفا کما یفهم من کلامهما علی التقدیر الأول و حکاها فی (الإیضاح) عن أفضل (المحققین) (نصیر الدین) قال لاشتراک الوقف و الحبس و إنما یتمیزان بالتأبید و عدمه (و لهذا) صح الوقف المنقطع الأخیر و حمل علی الحبس و جعل (منشأ) الإشکال (من) أنه وقف معلق علی شرط فلو لم یوجد العقب لم یکن وقفا و لا نعنی بالشرط إلا ذلک و کل (وقف) معلق علی شرط باطل و (من) أنه یصح فی الابتداء إذا قل مراتبه أن یکون حبسا و قد حصل (شرط) الاستمرار فیدوم و لأنه شرط بما هو مشروط فی نفس الأمر یعنی الدوام و (فیه أنه) إن کان المانع من الصحة علی التقدیر الأول تعلیقه علی شرط فهو متحرک بینه و بین الثانی و کان من فروع اشتراط التنجیز لا من فروع اشتراط التأبید ثم إنه لیس من التعلیق فی شی‌ء لأن التعلیق ما لا یتنجز معه و لم یعلقه هنا و إنما صرفه إلی جهة مؤبدة و إن لم تکن معلومة الوقوع و لهذا لو بقی النسل أبدا صح الوقف علیهم فکان حکما منجزا علی تقدیر فبطل بذلک أیضا احتمال بطلانه علی تقدیر انقراض الأولاد من دون أن یعقبوا فلا ینتقل إلی الفقراء لأنه لا یعلم تأبیده حال العقد إذ فیه أن هناک أقساما (ثلاثة) لأنه إما أن (یموت) الأولاد و لم یعقبوا فهو (حبس) لأن التأبید الذی استند فی البطلان إلی نفیه إنما هو علی تقدیر کونه وقفا خاصة أو یعقبوا و یموت العقب أو یدوم ففی (هاتین) یکون وقفا و حصول التأبید إنما هو علی تقدیر هاتین الصورتین و إن لم تکونا معلومتی الوقوع نعم یلزم من ذلک استعمال اللفظ فی حقیقته و مجازه و لم أجد من تنبه له إلا أن یقولوا إنه مشترک کما أشار إلیه فی (الإیضاح) و هو یخالف کلامهم عند الصیغ کما تقدم (التنبیه) علیه فلیتأمّل و (لعل) إشکال (المصنف) من هذا الوجه و قضیة کلام (الإیضاح) أن إشکاله فی الصحة و الفساد کما تقدم و لعل الظاهر من سیاق العبارة أنه فی کونه حبسا أو وقفا لیس صرفا بل فی معنی الحبس لأنا إن لحظنا انقراض الأولاد من دون عقب کان حبسا و إن لحظنا وجود عقب لهم دام أو انقرض کان وقفا و قال فی (جامع المقاصد) و من لحظ کلام (الشارح) الفاضل لم یجد له کثیر محصل و أنت إذا لحظت کلامه فی (جامع المقاصد) تجده کذلک کما أن فی کلام (الدروس) نوع حزازة قال و ربما احتمل بطلانه علی تقدیر انقراض النسل لأنه لم یعلم تأبیده حال العقد و هو بعید إذ احتمال البطلان إنما هو علی تقدیر عدم النسل لا انقراضه فتأمّل جیدا
(قوله) (و لو وقف علی من سیولد ثم علی المساکین أو علی عبده ثم علی المساکین فهو منقطع الأول فیحتمل الصحة کمنقطع الأخیر و البطلان إذ لا مقر «1» له فی الحال)
الأصل فی ذلک کلام (الشیخ) فی (الخلاف) و (المبسوط) قال فی (الخلاف) إذا وقف علی من لا یصح الوقف علیه مثل العبد أو حمل لم یوجد أو رجل مملوک و ما أشبه ذلک ثم بعد ذلک علی أولاده الموجودین فی الحال و بعد ذلک علی الفقراء بطل الوقف فیما بدئ بذکره لأنه لا یصح الوقف علیهم و صح فی حق الباقین لأنه لا دلیل علی إبطاله و لا مانع یمنع منه و قال فی (المبسوط) الذی یقتضیه مذهبنا أنه لا یصح الوقف لأنه لا دلیل علیه و فی الناس من قال یصح بناء علی تفریق الصفقة فإذا قال لا یصح تفریق الصفقة بطل الوقف فی الجمیع و بقی الوقف علی ملک الواقف و من (قال) یصح تفریق الصفقة أبطل فی حق من لا یصح الوقف علیه و
______________________________
(1)- مصرف خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 23
..........
______________________________
(صححه) فی حق الباقی و هذا قوی یجوز الاعتماد علیه لأنا نقول بتفریق الصفقة (فإذا) قال بهذا فهل تصرف منفعة الوقف إلی من صح فی حقهم فی الحال أم لا ینظر فإن (کان) الذی بطل الوقف فی حقه لا یمکن الوقف علی بقائه و اعتبار انقراضه مثل أن یقف علی مجهول أو معدوم لأنه لا یدری کم بقاء ذلک المجهول أو المعدوم فإن منفعة الوقف تصرف إلی من صح فی حقهم فی الحال و یکون أولئک بمنزلة المعدوم الذی لم یذکر فی الوقف فإما إذا کان الموقوف علیه أو لا یمکن اعتبار انقراضه مثل العبد قبل تصرف منفعة الوقف إلی من صح فی حقهم فی الحال (منهم) من (قال) یصرف إلیهم فی الحال لأنه لا یستحق غیر هم و (منهم) من قال لا یصرف إلیهم فی الحال لأنه إنما جعل منفعة الوقف له بشرط انقراض من قبلهم و (الشرط لم) یوجد فلم یجب صرفه إلیهم قبل وجود الشرط (فیصرف) إلی الفقراء و المساکین مدة بقاء الموقوف علیه أولا ثم إذا انقرض رجع إلیهم و یبدأ بفقراء أقاربه لأنهم أولی بصدقته (انتهی) و فی (جامع الشرائع) أن الصحة فی حق الباقین أولی و لم یوافقه غیره فیما أجد (بل الناس) بعده بین مخالف أو متردد إذ فی (الشرائع) و (الکفایة) أن البطلان أشبه و فی (التذکرة) و (المسالک) و (الروض) أنه أقوی و فی (المختلف) أنه أقرب و فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) أنه أصح و فی (المفاتیح) أنه أظهر و فی (الدروس) أنه قوی و به جزم فی (الروضة) و فی (المسالک) نسبته إلی (المحقق) و (المحققین) و فی (الکفایة) نسبته إلی الأکثر (قلت) بل کلام (المبسوط) یؤذن بالإجماع علیه کما ستعرف و لا ترجیح فی (التحریر) و (الإرشاد) و شرحه لولده و (غایة المراد) (کالکتاب) نعم قد یلوح من الأخیر المیل إلی (قول الشیخ) کما ستعرف و (المصنف) فی الکتاب فی آخر الباب نقل (خلاصة) ما فی (المبسوط) من دون ترجیح (احتج القائلون) بالبطلان بما ملخصه أن اللازم من الصحة أحد (أمور) ثلاثة إما صحة الوقف مع انتفاء الموقوف علیه أو (وقوع) الوقف المشروط أو عدم (جریان) الوقف علی حسب ما شرطه (الواقف) و اللوازم کلها باطلة لأنه حالة الوقف إن لم یکن موقوف علیه فهو الأول و إن کان فلیس هو الذی لا یصح الوقف علیه إجماعا فیکون البطن الثانی فإما أن یحکم بالوقف من حین العقد و هو مخالف للشرط أو بعد انقراض الأول فهو وقف معلق علی شرط و یدل علی بطلان الثانی أیضا (قول) مولانا الإمام (العسکری ع) الوقوف علی حسب ما یوقفها أهلها و من المعلوم أن الواقف لم یقصد الموجود ابتداء فلا ینصرف إلیه بل هو کالمعلق علی شرط و هو باطل و قال فی (غایة المراد) و أجیب بأنا نلتزم أن هناک موقوفا علیه ثم إن أمکن انقراض الأول اعتبر انقراضه و یکون انقراضه شرطا فی تجویز الانتفاع لا فی نفوذ الوقف و النماء للواقف أو ورثته کمنقطع الوسط مع احتمال مساواته لمن لا یمکن انقراضه أو یقال لما کان المصدر به محالا کان شرط الواقف کلا شرط فلا یلزم بمخالفته محال و اتباع شرط الواقف إنما یلزم لو کان سائغا و (بطلان) الوقف إنما یلزم لو لم یکن هناک موقوف علیه لکنه موجود قطعا و الواسطة غیر صالحة للمانعیة (انتهی) و یرد علی (الأول) أنه یقضی بعدم إخراج الوقف عن نفسه حیث جعل النماء للواقف زمانه و قد قطع الأصحاب بأنه لو نجز الوقف و شرط لنفسه فیه شرطا من الغلة أو وفاء دین و نحوه و إن کان معلوما لم یصح مع أنه شرط مضبوط (غیر مناف) لتنجز الوقف بخلاف (المتنازع) فتأمّل فیه إذ له أن یقول إنه لم یشترط هنا لنفسه (ثم) إن ذلک لا یرد علی الشیخ لأنه یقول یصرف إلی الفقراء (حینئذ) و بناءه علی منقطع الوسط رد إلی المتنازع فإنه بمثابة منقطع الأول فیما بعد الانقطاع و علی (الثانی) أن مرجعه إلی أن الشرط الفاسد لا یفسد العقد ثم إن ذلک خلاف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 24
و القبض شرط فی صحة الوقف (1)
______________________________
المقصود الذی لا یتم العقد بدونه و علی (الثالث) إلی أن مرجعه إلی أن الموقوف علیه موجود بعد حین و هو غیر نافع فصلحت الواسطة للمانعیة (نعم لک) أن تقول إن إلزامهم الشیخ بأن ما قاله (خلاف) مقتضی قول مولانا الإمام العسکری ع غیر موجه لأن الخبر علی إطلاقه غیر معمول به فلا بد من تخصیصه بما لم یدل دلیل علی بطلانه و (الشیخ) یدعی أن قضیة الخبر صحة کل وقف إلا ما دل الدلیل علی بطلانه من إجماع و نحوه و لا إجماع علی البطلان هنا و لا دلیل آخر غیره بل الخبر یدل علی الصحة و لعله إلی ذلک أشار (الشهید) بقوله و لما کان المصدر به محالا إلی آخره فلیلحظ و لیتأمّل فیه و (الأقعد) فی الاستدلال أن یقال إن أخبار الباب المشتملة علی الفعل و القول و التقریر إنما اشتملت علی الوقف أولا علی من یصح الوقف علیه فلو صدرت بمن لا یصح الوقف علیه من نفسه أو غیره من الأفراد المشار إلیها فالحکم بالصحة یحتاج إلی دلیل و قد أسمعناک فیما سلف کتابة أبی الحسن ع لعلی بن سلیمان و صحیح إسماعیل بن الفضل و غیره کروایة (طلحة) بن زید مما تضمن بطلان الوقف علی نفسه خاصة و علیها و علی غیرها بالتقریب الذی بیناه و لا قائل بالفصل أصلا قطعا ممن قال بالصحة أو البطلان و لا أقل من أن تخرج شاهدة و إن کان موردها أخص مع ندرة المخالف إذ هو عند التحقیق إنما هو الشیخ فی (الخلاف) و قد یتأمّل فی جعل هذه الأخبار شاهدة لما نحن فیه و (أما کلام) المبسوط فلیس نصا فی ذلک بل ظاهر قوله و فی الناس إلی آخره أن المراد بالناس العامة فیکون مراده أنه قوی علی مذاقهم کما أن قوله الذی یقتضیه مذهبنا یؤذن بالاتفاق عندنا کما عرفت ثم إن «1» المصنف علی تقدیر الصحة مشکل جدا و قد لحظت التذکرة و التحریر و المختلف و (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) و غیرها فلم أجد أحدا رجح شیئا مما فصله فی (المبسوط) بل وجدتهم بین ناقل له ساکت أو مستشکل و قد سمعت ما فی (غایة المراد) من صرفه إلی الواقف هذا و (قد استدل) علی البطلان فی الریاض بأن العقد لا یکون مبعضا و (فیه) علی تقدیر التسلیم و إلا فذلک فی محل المنع أن ذلک فی عقود المعاوضات کما یأتی بیانه محررا و أنه یلزم من ذلک أنه لو وقف علی نفسه و غیره بالواو أن لا یصح علی الغیر و لا یختص بالنصف مع أن أکثر من تعرض له علی الصحة کما یأتی و (یبقی) الکلام فیما إذا وقف علی نفسه ثم علی المساکین لأنه یدخل تحت قوله فی المبسوط و ما أشبه ذلک فالمشهور البطلان کما عرفت فی مثله و قد نص علیه فیه جماعة کثیرون و علی تقدیر الصحة فهل یصرف إلی المساکین فی الحال أو بعد موت الواقف وجهان تقدما فی (کلام الشیخ) و قضیة أحد الاحتمالین فی کلامه أنه یصرف مدة حیاته إلی الفقراء فتأمّل و (لو کان) قال علی نفسی و أولاد زید رجع إلیه بعد موت أولاد زید (ثم عد إلی) عبارة الکتاب فقوله إذ لا مقر له فی الحال أو لا مصرف له علی اختلاف النسخ أراد به التنبیه علی دلیل البطلان و معناه أنه لو صح لکان الوقف بغیر موقوف علیه و قد عرفت الحال فی منقطع الأخیر و لیعلم أن مثل ما نحن فیه و هو منقطع الأول صحیح الطرفین منقطع الوسط و عکسه کما هو ظاهر و علیه فعل المصنف فی الکتاب فی أواخر الباب و غیره.
(قوله) (و القبض شرط فی صحة الوقف)
قد تقدم الکلام فیه مسبغا مشبعا کما تقدم الکلام فی الإقباض کل فی محله
______________________________
(1)- قول ظ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 25
فلو وقف و لم یسلم الوقف ثم مات کان میراثا (1)
______________________________
(قوله) (فلو وقف و لم یسلم الوقف ثم مات کان میراثا)
قد تقدم عند اشتراط القبض أن المعظم فرعوا علیه عوده میراثا إذا مات و لم یسلم (کالمحقق) فی (الشرائع) و (المصنف) فی (التحریر) و (الإرشاد) و (المختلف) و (ولده) و (الشهید) فی (کتابیه) و (المقداد) و (المحقق) الثانی و المولی القطیفی و (الشهید) الثانی فی کتابیه و غیرهم (کالخراسانی) و (الکاشانی) و قد نسبه فی (الریاض) إلی الأصحاب و یظهر ذلک من (المسالک) کما ستسمع و قد استند أکثرهم إلی (صحیح) عبید بن زرارة عن أبی عبد اللّٰه ع أنه قال فی رجل تصدق علی ولد له قد أدرکوا فقال إذا لم یقبضوا حتی یموت فهو میراث فإن تصدق علی من لم یدرک من ولده فهو جائز لأن الوالد هو الذی یلی أمره و فی (جامع المقاصد) أنه صریح فی ذلک و فی (المسالک) قد فهم الأصحاب من الحدیث أن المراد بالصدقة الوقف و استدلوا به علی ما ذکرناه و المستدل به قبله (المصنف) فی (المختلف) و (فخر الإسلام) و (المقداد) و (المحقق الثانی) و (المولی) القطیفی (ثم قال) فی (المسالک) یحتمل أن یرید بالصدقة معناها الخاص فلا یکون دلیلا و یؤیده فی آخر الحدیث لا یرجع فی الصدقة إذا تصدق بها ابتغاء وجه اللّٰه (تعالی) فإن هذا الحکم من خواص الصدقة لا الوقف انتهی و (فیه) أن الصدقة فی الصدر الأول إنما تطلق بمعنی الوقف و أما الصدقة بالمعنی المعروف الآن فمحدثة کما صرحت به الأخبار و فهمه الأصحاب أما فهم الأصحاب فقد اعترف هو و غیره به و قال فی (الروضة) إن روایة عبید صریحة فیه و أما (الأخبار) ففی (الصحیح) عن زرارة عن أبی عبد اللّٰه ع قال إن الصدقة محدثة و إنما کان الناس علی عهد رسول اللّٰه (ص) ینحلون و یهبون و (لا ینبغی) لمن أعطی للّه شیئا أن یرجع فیه و ما لم یعط للّه و فی اللّٰه فإنه یرجع نحلة کانت أو هبة الحدیث و فی (موثقة) عبید بن زرارة عن أبی عبد اللّٰه ع أنه قال إن الصدقة محدثة و إنما کان النحل و الهبة (الخبر) و هو کالأول فإن الخبرین ظاهران فی الصدقة بالمعنی المعروف الآن و أنها محدثة و أن ما أعطی للّه سبحانه هو الوقف و أن هذه اللفظة کانت مستعملة فی الوقف کما فی صدقات أمیر المؤمنین ع و سیدة نساء العالمین و الکاظم ع سلمنا و فی فهم الأصحاب بلاغ سلمنا لکن الشهرة بل و الإجماع یعضدان دلالة الخبر بل فیهما مع الأصل بلاغ (ثم إن) صحیح صفوان و خبر إکمال الدین عن (صاحب الزمان ع) یشهد أن لخبر عبید فلیلحظ و لیتأمّل هذا و فی معنی موت الواقف إغماؤه و جنونه کما فی (التحریر) و (المسالک) و (أما موت) الموقوف علیه فلم أجد أحدا تعرض له قبل التحریر قال أما لو مات الموقوف علیه فقبض البطن الثانی ففی صحته نظر و فی (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) الظاهر أن موت الموقوف علیه کموت الواقف قال فی (المسالک) لکنهم اقتصروا علی المروی (قلت) الظاهر أن هذا مروی أیضا إذ قوله ع فی صحیحة (صفوان) و إن کان لم یسلمها إلیهم فله أن یرجع و قول (صاحب الزمان ع) فکل ما لم یسلم فصاحبه بالخیار ظاهران فی القبض الموجب للزوم إنما هو بالنسبة إلی الموقوف علیه أولا و أنه متی لم یقبض فصاحبه بالخیار سواء تسلم البطن الثانی أم لم یتسلم و هو کنایة عن بطلانه و إلا فلو کان قد تم الوقف لم یکن فیه خیار أصلا (ثم إن) قبض البطن الثانی لا یؤثر إلا فی صحته بالنسبة إلیه و هی غیر متصورة بالنسبة إلیه لأن معنی صحة الوقف صحة ما جرت علیه صیغة العقد و هو لیس إلا الوقف علیهما دون الثانی فقط فصحته بالنسبة إلیه خاصة دون الأول غیر ما جری علیه العقد (ثم إن) الصحة بالنسبة إلیه معناها بطلانه بالنسبة إلی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 26
و فی اشتراط فوریته إشکال (1) و لو وقف علی أولاده الأصاغر کان قبضه قبضا عنهم (2)
______________________________
الأول فوجوده حینئذ کعدمه فیکون وقفا علی معدوم غیر تابع لموجود فتأمّل جیدا و الأصل فی ذلک الأخبار و لیس فی ذلک ما یخدشه إلا عدم ذکر الأصحاب له بالکلیة مع تبادره من الأخبار و أما الفرق بأن موت الواقف ینقل ماله إلی وارثه و ذلک یقضی ببطلان الوقف و لا کذلک موت الموقوف علیه فإن المال بحاله و لم ینتقل إلی غیره فلیس بشی‌ء
(قوله) (و فی اشتراط فوریته إشکال)
أصحه عدم الاشتراط کما هو خیرة (الإیضاح) و (الدروس) و (التنقیح) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و (صیغ العقود) و (المسالک) و (الروضة) و ظاهر (أبی الصلاح) و فی (الریاض) أنه صرح به الأصحاب مؤذنا بدعوی الإجماع علیه مع عدم اطلاعه یقینا علی بعض ما ذکرنا و هو أربعة کتب و خلو أکثر کتبهم عنه و استشکل المصنف و قد استشکل أیضا فی اشتراطها المصنف فی باب الهبة و جزم بعدمه فی (جامع المقاصد) هناک و (الوجه) فی العدم بعد الأصل مع عدم الدلیل قوله ع فی خبری (عبید) و (محمد) إذا لم یقبض حتی یموت فهو میراث حیث علق البطلان علی عدم القبض حتی یموت فإنه یقضی بعدم البطلان متی تحقق القبض و إن تراخی عن العقد و وجه الاشتراط أنه رکن من أرکان العقد تجری مجری القبول خصوصا علی القول بعدم اشتراط القبول و بهذا یفارق قبض المبیع فإن (الملک) و العقد یتم بدونه فلا یشترط فی تحقق حکمه فوریته و هو کما تری لأنا نمنع جریانه مجری القبول فی باقی العقود إذ ثبوتها فیه بالإجماع لا یقتضی مساواة القبض له إذ هو محل الدعوی و إن کان رکنا إذ الرکنیة و الجزئیة لا تقضی بالفوریة و (اعتبار) الفوریة فی القبول إنما هو لأنه جواب للإیجاب فیعتبر فیه ما یعد معه جوابا
(قوله) (و لو وقف علی أولاده الأصاغر کان قبضه قبضا عنهم)
کما فی (النهایة) و (المهذب) و (الوسیلة) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الکفایة) و (المفاتیح) و فی (الریاض) أنه لا خلاف فیه لقول (الباقر ع) فی صحیح محمد فإن تصدق علی من لم یدرک من ولده فهو جائز لأن والده هو الذی یلی أمره و قول الصادق ع فی صحیح (عبید) لأن الوالد هو الذی یلی أمره و قول (أبی الحسن ع) فی صحیح صفوان فیحوزها لهم لم یکن له أن یرجع فیها و إطلاقها کإطلاق العبارات یقضی بأنه یکفی قبضه عنهم و إن تجرد عن نیة القبض عنهم و (قد استظهره) فی (المسالک) و قربه فی (الکفایة) و استشکله فی (جامع المقاصد) (قلت) فی صحیح صفوان ما یظهر منه اعتبار قصده القبض عنهم حیث قال (ع) و إن کانوا صغارا و قد شرط ولایتها لهم حتی یبلغوا فیحوزها لهم لأن الظاهر من سیاق الخبر ظهور ألا یکاد ینکر أن المراد قصد ولایتها لهم إلی أن یبلغوا و فی خبر علی بن جعفر فی کتابه إذا کان أب تصدق علی ولد صغیر فإنها جائزة لأنه یقبض لولده إذا کان صغیرا و هو کصحیح صفوان و لعلهم لو ظفروا به ما أطلق و لا اختلف اثنان لأنه لیس فی الجوامع العظام و إنما هو فی قرب الإسناد فلیتأمّل و (کیف کان) فلا بد حینئذ من تجدید النیة و فی (المفاتیح) أنه أولی (و به) جزم فی موضع آخر من (المسالک) و کذا (جامع المقاصد) کما یأتی و هو الذی یفهم من (الکتاب) و (الإرشاد) و (کلام جماعة) عند الکلام علی بیان قبض المسجد و المقبرة کما یأتی و (لعل) ترک الأصحاب له لأنه أمر جلی لا یکاد ینفک الإنسان عنه کما هو واضح نعم لک أن تقول إن هذا الاعتذار لا یتم فی صورة عدم العلم أو الذهول فتأمّل (ثم) إن أحدا فی باب الهبة لم یذکر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 27
و إنما یشترط القبض فی البطن الأول (1)
______________________________
ذلک و لا اشترطه و إنما قالوا إنه یلزم المصنف هناک و (مثل الأب) الجد له کما فی (الشرائع) و (التحریر) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) و (اختیر) فیما عدا التحریر إلحاق الوصی بهما و تردد فی (التحریر) فیه و کذا (الشرائع) لکنه بعد ذلک استظهر ذلک و (قد یلوح) من (النافع) التأمّل فی الوصی حیث ذکره فی وقف الأجنبی و سکت عنه هنا من دون فاصلة و (زید) فی (جامع المقاصد) و (المسالک) القاضی و هو کذلک لأن المعتبر کونه تحت ید الواقف مضافا إلی ولایته علی الموقوف علیه و تکون یده کیده فلا یحتاج إلی قبض جدید بنصب وکیل یقبض عنه و لا إلی مضی زمان یمکن فیه الإقباض و کون ولایة الوصی أضعف لا أثر لها فی ذلک و (قد حکینا) عند الکلام علی القبض فی أول الباب عن جم غفیر إطلاق الولی فیلحظ و (قد أطلق) (أکثر المتأخرین) فی الهبة کفایة قبض الولی و قد حکیناه هناک عن (أحد عشر کتابا) و حکینا الاقتصار علی قبض الأب و الجد عن (أربعة عشر کتابا) و قد سها قلم شیخنا فی (الریاض) سهوا فاحشا فقال إن (المحقق) فی (الشرائع) و (غیره) ترددا فی صحة قبض الوصی إذا وقف الأجنبی علی الطفل لضعف یده و ولایته و (أنت) قد عرفت أن (المصنف) فی (التحریر) و (المحقق) فی أول کلامه إنما ترددا فیما إذا وقف الوصی ماله علی الیتیم الذی هو وصی علیه فی أنه هل یحتاج فی صحة هذا الوقف إلی نصب وکیل و مضی زمان لا فیما إذا وقف الغیر علی الطفل فإنه لا شک لأحد فی صحة قبضه و عدم احتیاجه إلی نصب وکیل کما هو ظاهر (و به) صرح فی (التحریر) و قد طفحت عبارات الأصحاب بأن المعتبر قبض الموقوف علیه أو ولیه و قد حکیناه فیما تقدم عن المعظم من غیر تأمّل لأحد و لا خلاف و لم یختلف فیه اثنان فی باب الهبة و (قد عول) شیخنا فی (الریاض) فی ذلک علی (الحدائق) و هو لا یزال یتسامح و (فی معنی) الأولاد الصغار الجنون کما هو صریح جماعة و ظاهر إطلاق آخرین و (عن أبی علی) أنه ألحق البنت الأیم بالطفل و الأیم التی لا زوج لها و فی (معنی) ما ذکر ما لو کان الموقوف تحت ید الموقوف علیه قبل الوقف بودیعة أو عاریة أو إجارة کما فی (التذکرة) و (المسالک) و (الکفایة) لوجود المقتضی لصحته و هو القبض بل لعل الاستدامة أقوی من الابتداء و (فی بعض) الأخبار إیماء إلی الاکتفاء بسبق قبض الولی الواقف له و کونه فی یده فتأمّل (بل) زاد فی (التذکرة) ما إذا کان فی یده بغصب و لعله کذلک لصدق القبض و عدم قدح النهی هنا لأنه قد رضی بقبضه بعد الوقف فصار شرعیا کما هو ظاهر و استظهر العدم فی (الریاض) و لا ترجیح فی (الکفایة) و (مثل الغصب) البیع الفاسد و (المشهور) فی الهبة أنه یکفی القبض السابق و لا یفتقر إلی تجدیده و مضی زمان یمکن القبض و قد حکیناه هناک عن (سبعة عشر کتابا) (و یبقی) الکلام فیما إذا وقف الولی ماله علی الطفل و کان مغصوبا أو مستأجرا فإنه یفتقر إلی القبض الجدید و أما إذا کان مستعارا ففیه إشکال أقربه أنه کالذی فی ید وکیله لأنه لیس بحق لازم کما بیناه فی باب الهبة و تحریر ذلک کله بما لا مزید علیه فی باب الرهن
(قوله) (و إنما یشترط القبض فی البطن الأول)
قد تقدم الکلام علیه و أنه لا خلاف فیه و أن مورد الفتاوی و الأخبار إنما هو فیمن وقف علیه أولا و أنه لو اشترط قبض البطن الثانی للزم انقلاب اللازم جائزا و قد طفحت به عباراتهم إلی (المفاتیح) ممن تعرض له
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 28
و لو کان الوقف علی الفقراء فلا بد من نصب قیم لقبض الوقف (1) و لو کان علی مصلحة تولی القبض الناظر فیها (2) و لو وقف مسجدا أو مقبرة لزم إذا صلی فیه واحد و دفن صلاة صحیحة للإقباض (3)
______________________________
(قوله) (و لو کان الوقف علی الفقراء فلا بد من نصب قیم یقبض الوقف)
کما فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و الإرشاد و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروض) و (الکفایة) لأن القبض شرط فی صحة الوقف و (الوقف) علی مثل الفقهاء و الفقراء وقف علی الجهة و لیس وقفا علی الأشخاص فی الحقیقة لأن الواقف ینظر إلی جهة الفقر و المسکنة أو جهة الفقاهة و العلم و یقصد سد خلة موصوفة بهذه الصفة و لا یقصد شخصا بعینه فلا یکفی قبض بعضهم و لا بد من قابض للوقف و لما کان الحاکم هو الذی یرجع إلیه حکم هذه المصالح کان المصحح لهذا الوقف قبضه بنفسه أو قبض منصوبه فلا بد من قبضه أو نصبه للقیم (فمراد المحقق) و (المصنف) و (الشهید) فی (الکتب الأربعة) بقولهم إنه لا بد من نصب قیم أن الناصب له هو الحاکم کما صرح به جماعة و فهمه آخرون من إطلاقهم لأنه هو الذی قضی به الدلیل و ترکوا قبضه بنفسه لتعسره أو لوضوحه (بل) ظاهر (جامع المقاصد) الإجماع علی الاکتفاء بقبضه بنفسه قال و لو قبض الحاکم جاز قطعا و به صرح فی (الروضة) و فی (الدروس) و (المسالک) و (الکفایة) و (المفاتیح) أن الأقرب جواز النصب للواقف و به جزم فی (الروضة) (قلت) و یدل علیه قوله (ع) فی صحیح صفوان إن کان أوقفها لولده و لغیرهم ثم جعل لها قیما لم یکن له أن یرجع فیها فإن کانوا صغارا الخبر إذ الظاهر أن المراد أنه أوقفها علی أولاده البالغین مع غیرهم ثم جعل لها قیما فلم یکن له أن یرجع لحصول القبض من القیم و حکم الأولاد الصغار مذکور بعد ذلک فی الخبر و فی ما ورد عن مولانا صاحب الزمان ع فإن ذلک جائز لمن جعله صاحب الضیعة قیما علیها و (الظاهر أن) نصب الحاکم أو الواقف للقیم یکون بعد الصیغة و قبلها نعم علی القول بفوریة القبض ینبغی أن یکون قبلها و لعله إذا کان فقیها لا یحتاج إلی نصب قیم کما یعطیه (ظاهر) خبر صدقة أمیر المؤمنین ع بالعین التی فی ینبع إذ لیس فیه أزید من قوله ذلک اللفظ المحکی فی الخبر
(قوله) (و لو کان علی مصلحة تولی القبض الناظر فیها)
کما فی (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و (المفاتیح) لأنه لا ریب فی اعتبار القبض مطلقا کما فی (المسالک) فإن کان لتلک المصلحة العامة کالقناطر و المساجد ناظر شرعی من قبل الواقف فإنه یقبض بدون إذن الحاکم لأنه مقدم علیه کما فی (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (یدل علیه) صحیحة صفوان کما سمعت فإن لم یکن لها ناظر خاص فالقبض إلی الحاکم و (لعل ظاهر) الریاض التأمّل فی ذلک حیث قال قالوا و (لا تغفل) عما أسلفنا حکایته عن أبی الصلاح
(قوله) (و لو وقف مسجدا أو مقبرة لزم إذا صلی فیه واحد أو دفن صلاة صحیحة للإقباض)
«1» هذا بیان ما یتحقق به القبض فی المسجد و المقبرة و قد أطلق فی (الشرائع) فی أول کلامه و (التحریر) و (التنقیح) بأنه یتحقق بصلاة واحد فیه صلاة صحیحة بعد الوقف و دفن واحد فیها و هو قضیة کلام (المبسوط) و لعل دلیله الإجماع المستفاد من (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و فی (الدروس) و (جامع المقاصد) و (صیغ العقود) و (المسالک) و (الکفایة) و (المفاتیح) أنه لا بد من تقییده بوقوع ذلک بإذن الواقف
______________________________
(1)- إذا صلی فیه واحد صلاة صحیحة أو دفن فیها واحد للإقباض ظ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 29
و الأقرب أن قبض الحاکم کذلک (1)
______________________________
لیتحقق الإقباض الذی هو شرط صحة القبض و (زید) فی (جامع المقاصد) و (صیغ العقود) و (المسالک) و (المفاتیح) تقییده بإیقاع الصلاة و الدفن بنیة القبض (و به صرح) فی (إیضاح النافع) و (الروض) فلو أوقعا ذلک لا بنیته کما لو وقع قبل العلم بالوقف أو بعده قبل الإذن فی الصلاة أو بعده لا قصدا للإقباض إما لذهوله أو لغیر ذلک لم یلزم و کذلک الحال فی الدفن و (إلی ذلک) أشار (المصنف) بقوله للإقباض لأنه قد تنازعه صلی و دفن و مثله قوله فی (الإرشاد) لا یصیر وقفا من دون الإقباض و نحوه ما فی (الشرائع) فی آخر کلامه و عساک تقول إن المدعی أنه لا بد من وقوع الصلاة و الدفن بنیة القبض و الإقباض فعل الواقف لا المصلی فأین الإشارة إلی ذلک (قلت) مراده أنه إذا صلی واحد لإقباض الواقف إیاه بمعنی أنه أوقع الصلاة لأن الواقف إذن له فی القبض فإن إقباضه هو إذنه فیه و حمله علیه کانت الصلاة مقصودا بها تحصیل القبض و مأذونا فیها لأجله من الواقف فیتحقق ما به اللزوم لأنه لا بد من القبض بعد الإقباض فلا یعتد به من دونه و قال فی (جامع المقاصد) فإن قیل یلزم من ذلک اشتراط النیة فی القبض قلنا لا یلزم ذلک فی مطلق القبض و إنما یشترط هنا لأن مطلق قبض المصلی غیر کاف لأنه إذا تجرد عن قصد القبض لجهة الوقف لم ینصرف إلیها لأن القبض مع عدم القصد الصارف تجب إضافته للقابض لا لغیره و المطلوب هنا صرفه إلی الجهة فاحتیج إلی القصد و (لا کذلک) لو وقف واقف علی زید و العین مقبوضة له أو وهبها له کذلک أو رهن عنده کذلک لأن القبض محسوب له فلا حاجة إلی قصد تعینه (نعم لو کان) القابض وکیلا من قبل الواقف أو الراهن أو الهبة مثلا فلا بد من قصد القبض عن الغیر و (حاصله) أنه إنما اختص هذا الوقف بنیة القبض دون غیره لأنه وقف علی الجهة و المقصود صرفه إلیها و قبض بعض المستحقین کقبض الأجنبی بالنسبة إلی قبض الموقوف علیه فلا بد من نیة صارفة له إلی الواقف بخلاف الوقف علی معین فإن المطلوب قبضه لنفسه و صرفه إلیه و هو حاصل فلا حاجة إلی قصد تعینه و (قضیة) (کلام المصنف) هنا علی ما عرفت و (کلام) من وافقه أن المقبوض بید الولی إذا وقفه مالکه علی الطفل و لم یعلم الولی أو علم و ذهل عن قصد کون القبض للطفل لا یعتد به و کذا لو وقف الولی ما بیده و ذهل عن القبض للطفل لأن القبض محسوب للواقف فما لم یحصل قصد یقتضی صرفه إلی الطفل لم ینصرف و هذا هو الذی أشرنا إلیه عند قوله و لو وقف علی أولاده الأصاغر و (قضیة) إطلاق (المبسوط) و (الشرائع) و (الإرشاد) و (الروض) أنه لا فرق فی الصلاة بین الصحیحة و الفاسدة لعدم تقییدهم لها بالصحیحة إلا أن تقول أنها اسم للصحیحة أو لا یحمل الإطلاق إلا علیها و (لذلک) قیدت فی (الکتاب) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) بالصحیحة کما أن قضیة إطلاقهم جمیعا أن لا فرق بین الواجبة و المندوبة و لا بین الواقعة من الواقف و غیره و أن لا فرق فی المدفون بین الصغیر و الکبیر و المجنون و الصغیر المسبی و أن لا فرق بین کونه واقعا علی وجهه الشرعی جامعا لشرائطه أو لا إلا أن تقول إن المتبادر إنما هو الشرعی
(قوله) (و الأقرب أن قبض الحاکم کذلک)
کما هو خیرة (الإیضاح) و (الدروس) و (التنقیح) و (إیضاح النافع) و (المسالک) و (الکفایة) و (المفاتیح) إذا وقع بإذن الواقف کما قید بذلک فی بعض هذه إذ هو مما لا ریب فیه لأنه نائب المسلمین لأنه فی الحقیقة وقف علی المسلمین و هو ولیهم و لأنه هو الولی للمصالح العامة بل ربما کان قبضه أقوی من قبض المصلی و الدافن لأن الصلاة و الدفن تصرف فی الوقف و هو فرع صحة الوقف التی هی فرع تحقق القبض بخلاف قبض الحاکم فتأمّل و (وجه) غیر الأقرب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 30
و لو وقف علی نفسه بطل و لو وقف علی نفسه ثم علی غیره فهو منقطع الأول (1) و لو عطف بالواو فالأقرب اختصاص الغیر بالنصف و بطلان النصف فی حقه (2)
______________________________
أن الأصحاب لم یذکروا إلا الصلاة و الدفن کما فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و فی (جامع المقاصد) أن ضعفه ظاهر (قلت) لکنه لم یجزم به أحد أصلا و إنما أتوا بالأقرب و الأجود و الأقوی و الأصح بل فی إیضاح النافع أن الاقتصار علی الصلاة و الدفن أحوط
(قوله) (و لو وقف علی نفسه بطل و لوقف علی نفسه ثم علی غیره فهو منقطع الأول)
قد تقدم الکلام فی الأولی عند الکلام فی الإخراج عن نفسه و فی الثانیة عند قوله و لو وقف علی من سیولد له ثم علی المساکین مسبغا محررا
(قوله) (و لو عطف بالواو فالأقرب اختصاص الغیر بالنصف و بطلان النصف فی حقه)
و هو الأصح کما فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و الأقوی کما فی (المسالک) و (الروضة) و فی الریاض أن البطلان فیهما أقوی و فی (الکفایة) فی صحة الوقف علی الغیر فی نصفه أو کله و بطلانه أوجه و (قضیة) کلام (الدروس) فیما یأتی التوقف فی ذلک أیضا کما ستسمع (حجة القول) بصحة الوقف علی الغیر فی نصفه أنه لا مانع من نفوذه فیه لبقاء موقوف علیه ابتداء فلم یکن منقطعا بالنسبة إلی الکل و إنما هو بالنسبة إلی البعض لأن فی الطبقة الأولی من یصح الوقف علیه و الانقطاع أن لا یکون فیها من یصح علیه الوقف و الموقوف علیه لیس هو المجموع من نفسه و من الغیر من حیث هو مجموع حتی یبطل فتأمّل بل کل واحد منهما و إن کان وقف المجموع علی کل منهما مع وجود المقتضی للصحة و هو الصیغة مع ما یعتبر معها فیشمله عموم الوفاء بالعقود فتأمّل و (وجه) احتمال الصحة فی الکل علی الغیر أن الموقوف بالنسبة إلیهما هو المجموع من حیث هو مجموع لأن الموقوف علیه یراد به بیان مصرف المنافع و الحکم بالتنصیف إنما جاء من امتناع کون المجموع وقفا علی کل منهما فإذا امتنع الوقف علی أحدهما انصرف وقف المجموع إلی الآخر و (ضعف) بأنه إنما وقف علیهما بحیث یکون لکل منهما فلا مجموعیة فی الموقوف و لا الموقوف علیه و إنما وقف الجمیع علی الجمیع ثم إن المجموعیة لا تقضی بعدم صحة التبعیض کما فی البیع نعم لا یلزم منها التبعیض فإذا بطل فی أحدهما لم ینصرف الموقوف کله إلی الآخر لأن ذلک خلاف مدلول الصیغة و خلاف مراد الواقف و العقد تابع للقصد و هذا الوجه لم یحتمله فی (الدروس) و مثله کما ستسمع و هو یؤذن بشدة ضعفه و (وجه البطلان) من رأس أن ما وقع علیه العقد لا یجب الوفاء به إجماعا و العقد لا یکون مبعضا و (هو فی محل المنع) لأن الوقف تنجیز و تبرع و لیس معاوضة (فإذا أخرج) الواقف عن نفسه أمرین فبطل أحدهما فإنه لا یوجب بطلان الآخر بل یجب أن یصح بطریق أولی فإن من رضی بإخراج قدر من ماله بغیر عوض فهو راض بإخراج ما دونه بطریق أولی و لا کذلک المعاوضات فإن الأغراض تتعلق بمقابلة المجموع بالمجموع لأنها مبنیة علی ذلک فلا یلزم من الرضا بالمعاوضة علی المجموع الرضا بالمعاوضة علی البعض و (مثله) ما لو أقر بدین لشخصین فبطل فی أحدهما أو أعتق عبدین فبطل فی أحدهما فإنه نافذ فی الآخر و (منه یعلم) الحال فیما لو وقف علی نفسه و الفقراء بالواو (و قال) فی (الدروس) احتمل صحة النصف و ثلاثة الأرباع و البطلان رأسا و لم یرجح و قضیة کلامه هذا أن لا ترجیح له فیما کنا فیه و لم یحتمل الصحة فی الکل للفقراء کما نبهنا علیها آنفا و (قال) فی (التذکرة) فیما إذا وقف علی زید و علی الفقراء أنا إن جعلناه کأحدهم صح الوقف و لا یحرم زید و إن جعلنا النصف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 31
و لو شرط قضاء دیونه أو إدرار مئونته أو الانتفاع به بطل الوقف (1) بخلاف ما لو وقف علی الفقهاء و هو منهم أو علی الفقراء فصار فقیرا فإنه یشارک (2)
______________________________
له صح الوقف فی نصف الفقراء و کان وقف زید منقطع الآخر و إن لم یصح صح فی نصیب الفقراء انتهی و هو و إن کان لیس فیما نحن فیه لکنه نافع فیه
(قوله) (و لو شرط قضاء دیونه أو إدرار مئونته أو الانتفاع به بطل الوقف)
کما فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) و (ظاهر) (المسالک) أو صریحها نسبته إلی (مذهب الأصحاب) قال لما کان قاعدة مذهب الأصحاب اشتراط إخراج الوقف عن نفسه بحیث لا یبقی له استحقاق فیه من حیث إن الوقف یقتضی نقل الملک و المنافع عن نفسه فإن أشرط الواقف قضاء دیونه أو إدرار مئونته أو نحو ذلک فقد شرط ما ینافی مقتضاه فبطل الشرط و الوقف معا إلی أن قال و من جوز الوقف علی نفسه جوز اشتراط هذه الأشیاء مطلقا مع أنه قد تقدم له فی المسألة التی قبله من دون فاصلة أنه لا خلاف بین أصحابنا فی بطلان وقف الإنسان علی نفسه و (قضیة) إطلاقهم کما هو صریح بعضهم أنه لا فرق بین أن یشترط قضاء دین معین و عدمه و لا بین اشتراط إدرار مئونته مدة معینة أو مدة عمره و (مثله) شرط الانتفاع مدة حیاته أو مدة معلومة سواء عین ما یأخذ منه أو أطلقه لوجود المقتضی فی الجمیع هذا و فی (النهایة) إذا وقف إنسان مسکنا جاز له أن یقعد فیه مع من وقف علیه و لیس له أن یسکن غیره فیه و فیه أنه إن کان عاما للمسلمین جاز أن یسکن غیره و إن کان خاصا لم یجز له أن یسکن بنفسه و (لعله عول) علی خبر أبی الجارود قال قال (أبو جعفر ع) و أن تصدق بمسکن علی ذی قرابته فإن شاء سکن معهم و الخبر ضعیف و قد حمل علی الصدقة بالإسکان المطلق.
(قوله) (بخلاف ما لو وقف علی الفقهاء و هو منهم أو علی الفقراء فصار فقیرا فإنه یشارک)
کما فی (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) حیث صرحوا بعدم الفرق فی ذلک بین أن یکون منهم ابتداء أو یصیر منهم و علی (الأول) نبه المصنف بقوله و هو منهم و علی (الثانی) بقوله فصار فقیرا و قال فی (الدروس) و لو تجددت الصفة کان أولی بالحکم إلی المشارکة و اقتصر فی (المهذب) و (الشرائع) و (التحریر) و (المفاتیح) و موضع من (التذکرة) علی ما لو تجددت الصفة حیث مثلوه بما إذا وقف علی الفقراء فصار فقیرا و (لعله) یوافق ما حکاه فی (المختلف) عن (أبی علی) حیث قال و إن کان ما تصدق به غیر مخصوص بل عام کالمسجد جاز له أن یصلی فیه و أن یأکل عند الحاجة منه و کره له الأکل مع الغنی انتهی و (حکی) فی (التذکرة) عن (الشیخ) الإجماع علی دخوله فی ما إذا تجددت الصفة أو وقف قنطرة أو مسجدا و أشباه ذلک و (الموجود) فی (المبسوط) فأما إذا وقف وقفا عاما مثل أن یقفه علی المسلمین جاز له الانتفاع بلا خلاف لأنه یعود إلی أصل الإباحة فیکون هو و غیره سواء انتهی و (مثله) ما فی (الغنیة) من دون تفاوت أصلا فی الحکم و نفی الخلاف و (هو معنی) قوله فی جامع الشرائع إذا وقف وقفا عاما جاز له أن ینتفع به کغیره فقد فهم من (المبسوط) فی (التذکرة) أنه یدخل فی الوقف العام الوقف علی الفقراء ثم یصیر فقیرا و (قد جعل) فی (المهذب) الوقف العام علی أقسام وقف المسجد و القنطرة و وقف الدور و المنازل التی ینزلها الحاج و الخانات و وقف الدور و المنازل التی لیست کذلک و الوقف علی المسلمین فحکم فی الأول و الأخیر بجواز انتفاعه بهما و فصل فی الدور
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 32
و لو شرط عوده إلیه عند الحاجة صح الشرط و صار حبسا و بطل وقفا بل یرجع إلیه مع الحاجة و یورث (1)
______________________________
و المنازل بین ما ینزلها الحاج و الخانات و بین غیرها فجوز فی الأول دون الثانی و (قال) فی (السرائر) بعد أن نقل کلام (المبسوط) و تفصیل (المهذب) فی الدور و المنازل و اختاره أی التفصیل بما نصه و الذی یقوی عندی أن الواقف لا یجوز له الانتفاع لما وقفه علی حال لما بیناه و أجمعنا علیه من أنه لا یصح وقفه علی نفسه و أنه بالوقف خرج عن ملکه فلا یجوز عوده إلیه بحال انتهی و (هو خلاف) تفصیل (التذکرة) و (المختلف) (قال) فی (المختلف) الوجه عندی أن الوقف أن انتقل إلی اللّٰه تعالی کالمساجد فإن للواقف الانتفاع به کغیره من الصلاة فیه و غیرها و أن انتقل إلی الخلق لم یدخل سواء کان مندرجا فیهم وقت الوقف کما لو وقف علی المسلمین أو علی الفقهاء و هو منهم أو لم یکن کما لو لم یکن فقیها وقت العقد ثم صار منهم و (مثله) ما فی (التذکرة) و قد اختار (المصنف) أن الملک فی الوقف علی الجهة العامة للّه سبحانه و تعالی کالمسجد إلا أنه لا خلاف فی المسجد و أما الجهة ففیها خلاف ضعیف نادر و لهذا فرق بینهما فی الکتاب کما یأتی (لکن) قضیة کلامه هنا و استدلاله فی الکتابین أن الوقف فی الجهة العامة ینتقل إلی الخلق بل هو صریح (المختلف) فیکون موافقا (لابن إدریس) لأنه لا ریب فی أنه یقول إن من وقف مسجدا جازت له الصلاة فیه فلیلحظ فی ذلک و (عن بعض) فتاوی الشهید أنه یشارک ما لم یقصد منع نفسه أو إدخالها و فی (جامع المقاصد) و (المسالک) أنه حسن لأنه إن قصد إدخال نفسه فقد وقف علی نفسه و لم یقصد الجهة و إذا قصد منع نفسه فقد خصص العام بالنیة و هو جائز فیجب اتباع شرطه للخبر السابق و إنما الکلام عند الإطلاق (قلت) فی کلام (التذکرة) و (المختلف) ما لعله یلوح أو یظهر منه ذلک و (حجة الأصحاب) بعد نفی الخلاف فی (المبسوط) و (الغنیة) الذی هو أبلغ من الإجماع لأن ظاهرهما نفیه بین المسلمین أن ذلک لیس وقفا علی نفسه و لا علی جماعة هو منهم لأنه لیس وقفا علی الأشخاص المتصفین بهذا الوصف بل علی الجهة المخصوصة و لهذا لا یشترط قبولهم و لا قبول بعضهم و لا قبضهم و إن أمکن و لا ینتقل الملک إلیهم إنما ینتقل إلی اللّٰه سبحانه و تعالی و یصرف فیهم لدخلتهم و لا یجب صرف النماء فی جمیعهم لأن الواقف نظر إلی جهة الفقر و المسکنة مثلا و قصد نفع من اتصف بها و هذا یقضی بعدم الفرق بین الصفة القدیمة و المتجددة و (قال) فی (الکفایة) إن احتجاجهم بأن ذلک لیس وقفا علی نفسه و لا علی جماعة هو منهم بل علی الجهة المخصوصة صحیح غیر نافع و إنما ینفع لو کان النص المانع ورد بلفظ الوقف علی نفسه أو ثبت إجماع علی المشارکة فی محل البحث و لیس کذلک إذ الأخبار المذکورة لیست علی هذا الوجه کما لا یخفی و لا إجماع علی المشارکة أیضا (قلت) الأخبار کما قال لم ترد بذلک و إنما وردت بأنه لیس له إلا کل منه لکن الإجماع کما تقدم حکایته عن (السرائر) و (التذکرة) و (التنقیح) و غیرها انعقد علی عدم صحة الوقف علی نفسه و هو فی معنی الخبر (ثم) إن إجماع (المبسوط) و (الغنیة) محکی علی المشارکة کما عرفت (ثم إن) الخلاف منحصر فی ابن (إدریس) و (المصنف) فی (المختلف) و موضع من (التذکرة) مع اضطراب کلامه (علی) أن کلام ابن (إدریس) مخالف للسیرة المستمرة إذ الطریقة مستقیمة علی أن من بنی خانا أو وقف نهرا أو قنطرة ینزل مع النازلین و یشرب من النهر و یعبر علی القنطرة بلا تحرج و لا یأثم و لا تأمّل من أحد
(قوله) (و لو شرط عوده إلیه عند الحاجة صح الشرط و صار حبسا و بطل وقفا بل یرجع إلیه مع الحاجة و یورث)
کما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 33
..........
______________________________
صرح بذلک کله فی (الشرائع) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (الدروس) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و الروض و (الروضة) و کذا (المسالک) و (المختلف) فی أول کلامه و هو معنی قوله فی (النهایة) کان الشرط صحیحا و کان له أن یفعل ما شرط إلا أنه إذا مات و الحال ما ذکرناه رجع میراثا و لم یمض الوقف و (نحوه) ما فی (المهذب) و هو المستفاد من قوله فی (التبصرة) صار حبسا لأن معناه صحة الشرط و بطلان الوقف و عوده میراثا و قد یلوح ذلک أو یظهر من التحریر و هو أحد الأقوال فی المسألة و حاصله أنه یبطل وقفا و یصح حبسا فإن احتاج و رجع قبل الموت أو لم یحتج إلیه حتی مات صار طلقا (فمعنی) قولهم بطل الوقف أن العقد الواقع بصیغة الوقف یقع حبسا لا وقفا و (معنی) قولهم یورث أنه یورث بموته و إن لم یرجع فیه قبل الموت لأنه باق علی ملکه و (القول الثانی) أنه یصح وقفا إن لم یرجع أو لم یحتج إلیه حتی مات و إن احتاج و رجع صار حبسا أو فی حکمه و (هو) صریح کلام الإنتصار فی الاحتجاج غیر أنه لم یصرح بصیرورته حبسا و صریح (المختلف) و (إیضاح النافع) و ظاهر (المقنعة) و (المراسم) و (قد نسبه) فی (کشف الرموز) إلی (السید) و (المفید) و (سلار) و (أتباعهم) و لیس فی محله لأن ابن حمزة من الأتباع و ستسمع کلامه و (حکی) فی (التنقیح) عن المختلف ما لم یصرح به مع أنه غیر صحیح فی نفسه (و قال) فی (المسالک) تارة إن صحة الشرط خیرة (السید) و (المعظم) و قال أخری إن العمل بخبر إسماعیل بن الفضل اتفاق من الأصحاب أو من أکثرهم و ستعلم أن العامل به إنما هم أصحاب القول الأول أو الثالث و قال أخری إن (المفید) و (الشیخ) فی (النهایة) و (ابن البراج) و (سلار) و غیرهم ممن سبق ابن إدریس وافقوا المرتضی و هذا و الأول یمکن تأویله دون الثانی (و قال) فی (المفاتیح) لو شرط عوده إلیه عند الحاجة صح الشرط و صار حبسا علی المشهور (بل) ادعی (السید) علیه الإجماع و (قد) عرفت أن (السید) و من وافقه إنما یقولون بصیرورته حبسا إذا احتاج و رجع لا غیر و (قال) فی (المختلف) بعد أن اختار (مذهب الشیخ) فی (النهایة) إن ما صرنا إلیه قول أکثر علمائنا حتی إن السید المرتضی ادعی الإجماع علیه و احتجاج ابن إدریس بالإجماع خطاء و (أغرب منه) ما فی الریاض قال القول بالصحة (للمفید) و (النهایة) و (القاضی) و (الدیلمی) و (المحقق) فی (الشرائع) و (الفاضل) فی (المختلف) و (الشهید الثانی) فی (المسالک) و غیره و أراد بالصحة صحته وقفا ثم قال فلا ریب فی الرجوع مع الحاجة و لو مات و لم یحتج فهل یرجع إلی ورثة الواقف فیکون حبسا کما عن (النهایة) و (القاضی) أم لا یرجع و یکون وقفا کما عن الباقین انتهی و (فیه) مع مخالفة المفید للنهایة أن من الباقین (الشرائع) و ما ذکر بعدها و هی أحد عشر کتابا کما عرفت و هم یقولون إنه إذا مات عاد طلقا لا وقفا و (لعل) قوله فی (النافع) فی المسألة قولان لیس فی محله لأن الأقوال ثلاثة متمایزة کما قاله جماعة منهم المحقق الثانی هذا کلام الأصحاب فیما یتعلق بهذین القولین و أما القول الثالث و هو بطلان الوقف إلی العقد من أصله بالکلیة فلا یصح حبسا و لا وقفا خیرة السرائر کما هو المستفاد من کلامه حیث لم یرض بکلام (المرتضی) و حکاه (عن الشیخ) و (خیرة النافع) و (کشف الرموز) و (فی الکفایة) لعله أقرب و قد حکاه (المختلف) (عن الشیخ) فی وقف (المبسوط) و ابن (حمزة) و عن (أبی علی) و قد عول علیه الجماعة فی هذا النقل حتی (صاحب الریاض) و (الموجود) فی وقف (المبسوط) أنه إذا وقف وقفا و شرط فیه أن یبیعه أی وقت شاء کان الوقف باطلا لأن الوقف لا یباع انتهی و هذا الذی حکاه عنه فی (المختلف) و کأنه لیس مما نحن فیه علی الظاهر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 34
..........
______________________________
لأن هذا لا خلاف فیه علی الظاهر لمکان اشتراط التنجیز و التأبید فلیتأمّل جیدا و (قد یکون) هذا من باب اشتراط الخیار فی الرجوع عنه کما یأتی کلام (المصنف) لأنه لم یجعل له أمدا بخلاف ما نحن فیه فإن له أمدا و هو الحاجة نعم (قوله) فی بیع المبسوط لعل فیه دلالة ضعیفة (قال) و أما الوقف فلا یدخله الخیاران لأنه متی شرط فیه لم یصح الوقف و بطل لکن ظاهر بیع الخلاف صحة ذلک و لیس فی (الوسیلة) إلا قوله و لا یجوز بیعه إلا بأحد شیئین الخوف من خرابه أو حاجة الموقوف علیه شدیدة و (کأنه) أیضا لیس مما نحن فیه و (قد تقدم) له قبل ذلک قوله و إن شرط شرطا لم یسع أحدا خلافه و لعله یشمل ما نحن فیه و إن کان (فیما ذکرناه) عنه أولا دلالة فلیست (و نسبت ظ) إلی فقه (الراوندی) و (الغنیة) و غیرهما بل عبارة فقه القرآن أظهر من عبارة (الوسیلة) و (بل خ د) نسبوه إلی (جامع الشرائع) و عبارته کعبارة وقف المبسوط من دون تفاوت أصلا (حجة القول) الأول علی الصحة فی الجملة و لو حبسا و عدم البطلان (إجماع) الإنتصار الذی تکرر ذکره فیه و (ستعرف) ما فیه و (عمومات) الأمر بالوفاء بالعقود و الشروط و (عموم) قول مولانا العسکری (ع) و (علی صحته) حبسا و رجوعه میراثا ما رواه الکلینی فی الصحیح عن أبان و ما رواه فی الصحیح عن یونس بن عبد الرحمن عن محمد بن سنان جمیعا عن إسماعیل بن الفضل قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام «1» عن الرجل یتصدق ببعض ماله فی حیاته فی کل وجه من وجوه الخیر قال إن احتجت إلی شی‌ء من المال فأنا أحق به یری (تری خ) ذلک له و قد جعله للّه یکون له فی حیاته فإذا هلک الرجل یرجع میراثا أو یمضی صدقة قال یرجع میراثا علی أهله و فی (جامع المقاصد) أن الروایة نص فی ذلک (قلت) لأن المراد بالصدقة الوقف کما مر غیر مرة و المتبادر من رجوعه میراثا أنه صحیح حبسا لأن البطلان لیس فیه رجوع أصلا بل الشی‌ء الموقوف حینئذ باق علی الملک رقبة و منفعة و لا کذلک الحبس فلأن المنفعة تخرج عن ملکه مدة الحبس فیصح الرجوع بالنسبة إلیها حقیقة ثم إنه لا بد فی الوقف من التأبید فلا یکون ذلک إلا حبسا فلا یخرج عن ملکه بل یورث عنه و إذا مات قبل حصول الحاجة و رجوعه لا یجب أن یبقی الحبس علی ما کان لأنه جعل أمده الحاجة و لا ریب أن حاجة المیّت یتحقق بموته کفقره و هو حی لأن المیّت فقیر و أیضا لا بد للحبس من نهایة و حیث لا نهایة له فی هذه الصورة جعل موته النهایة لأنه محل انتقال المال إلی الوارث و لا دلیل علی بقاء الحبس بعد الموت و (الخبر) صحیح علی الصحیح فی محمد بن سنان (سلمنا) لکن إجماع العدة منقول علی العمل بروایة أبان (سلمنا) فلا أقل من أن یکون موثقا و (قد قال) مولانا المقدس الأردبیلی إنه وجد فی نسخة جش أنه من القادسیة إلی غیر ذلک مما حرر فی محله (سلمنا) لکنه مجبور بما عرفت من الشهرة معلومة و منقولة و قد سمعت ما فی (المسالک) و (قد استدل) بالخبر جماعة علی البطلان لأن إطلاق الرجوع میراثا و إرادة حقیقته غیر ممکن جزما فإن الرجوع إلی المیراث کونه میراثا قبل حقیقة و ذلک لم یکن فی حیاة الواقف إلا مجازا فإذا لم تمکن إرادة الحقیقة تعین المجاز فیحمل الرجوع علی ما یجتمع مع البطلان بقرینة السؤال الأول حیث سئل عن صحة هذا الوقف مع ما هو علیه من کونه صدقة فلو لم یحمل الجواب علی هذا لما طابق السؤال بل یکون قد سکت عن الجواب عن الأول من غیر وجه یدعو إلیه فیکون حکمه (ع) برجوعه میراثا جوابا عنهما صریحا و ضمنا بمعنی أنه لم یخرج عن ملکه أصلا (قلت) قد تقدم أن الرجوع
______________________________
(1) قال سألت أبا عبد اللّٰه عن الرجل یتصدق ببعض ماله فی حیاته فی کل وجه من وجوه الخیر و قال إن احتجت إلی شی‌ء من مالی أو من غلته فإنی أحق به أ له ذلک و قد جعله للّه و کیف یکون حکمه إذا هلک الرجل أ یرجع میراثا أم تمضی صدقة قال یرجع میراثا علی أهله (هکذا نقل الخبر فی الحدائق عن المسالک)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 35
و لو شرط الخیار فی الرجوع عنه بطل الشرط و الوقف (1)
______________________________
بمعناه علی قول المشهور بالنسبة إلی المنفعة و التجوز إنما هو فی المیراث و وجهه ظاهر و المجاز علی ذلک القول فی الکلمتین معا و لا ریب فی بعده ثم إن رجع تأتی بمعنی صار کقوله تعالی جل شأنه و عظم إحسانه إِنّٰا لِلّٰهِ وَ إِنّٰا إِلَیْهِ رٰاجِعُونَ و قد نقول لیس هناک إلا سؤال واحد (و یری) بیاء الغائب لا بتاء المخاطب و أن الضمیر فی له فإنه عائد إلی اللّٰه عز و جل و قوله فی حیاته قد تنازعه جعله و یکون کما یرشد إلیه قوله تصدق ببعض ماله فی حیاته فیکون مراده أنه قال هذا وقف للّه فی حیاتی فإذا احتجت فأنا أحق و هو یعلم أو یعتقد أن له ذلک فالسائل غیر مستشکل فی کونه وقفا للّه فی حیاته و إنما یسأل عن حکمه بعد موته فیکون فیه دلالة أخری من جهة أخری فتأمّل و (یشهد) علی ذلک فهم الأصحاب (کالشیخ) فی (النهایة) و (من تأخر عنه) ممن وافقه کما عرفت و أنما استدل به للبطلان بعض متأخری المتأخرین (ثم) إن فی خبر آخر من وقف أرضا ثم قال إن احتجت إلیها فأنا أحق بها ثم مات الرجل فإنها ترجع إلی المیراث و هو موثق و (حجة القول الثانی) بعد العمومات کما تقدم إجماع الإنتصار و إن هذا الشرط لا ینافی عقد الوقف و العمومات مخصصة بالخبرین الخاصین المنجبرین المستفاد منهما کونه حبسا و الإجماع موهون بعدم التصریح بمعقده الذی ادعاه من أحد غیره ممن تقدمه أو عاصره و إنما هناک ظواهر قلیلة ضعیفة و بإجماع السرائر (ثم إن الدوام) مشترط فی الوقف إجماعا و هذا الشرط ینافیه و (هو حجة القول) الثالث مع إجماع (السرائر) و یوهنه أن لا مصرح به قبله إلا ما یحکی عن أبی علی مع إطباق أهل القولین علی خلافه و الشرط ینافی الوقف لا الحبس و الخبران حجة علیه هذا و (هل یعود) بالاحتیاج أو یتوقف علی اختیاره و ظاهر الشرط و العقد الأول لکنه غیر معهود شرعا و إن کان ذلک ظاهر تعبیر الأکثر فالأولی توقفه علی اختیاره فتأمّل و لا ریب أنه لو بین الحاجة اتبع بیانه و إلا فالمرجع العرف و (احتمل) فی (الدروس) تفسیرها بقصور ماله عن سنة و عن یومه و سؤال غیره و فی (جامع المقاصد) و (المسالک) أن مستحق الزکاة محتاج شرعا و عرفا
(قوله) (و لو شرط الخیار فی الرجوع عنه بطل الشرط و الوقف)
کما فی السرائر و (جامع الشرائع) و (التذکرة) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و فی (السرائر) الإجماع علیه و قد سمعت رده علی (المرتضی) کما سمعت کلام (المبسوط) فی الوقف و البیع و قد یستفاد ذلک من کل من قال إنه لو علقه علی شرط بطل و سیجی‌ء للمصنف و غیره (کالشیخ) و ابن (حمزة) و (صاحب الجامع) و (الشهید) و (غیرهم) أنه لو شرط بیعه متی شاء أو الرجوع فیه بطل و قال فی (جامع المقاصد) هناک أن لا فرق بینه و بین اشتراط الخیار فیکون تکرارا و (کیف کان) فالوجه فیه أن ثبوت الخیار مناف لمقتضی الوقف المبنی علی اللزوم التام الذی لا یقبل الفسخ بحال و للحبس اللازم إلی أمد و لا کذلک اشتراط عوده عند الحاجة لأن ذلک مناف للوقف لا للحبس کما عرفت و لذلک حکموا بصحته حبسا و هذا لا یصح حبسا لأن الحبس لازم إلی أمد و مشروط الخیار لیس کذلک فلا یکون حبسا و لا وقفا و (قضیة) إطلاقهم أنه لا فرق فی ذلک بین أن یشترط أن له الخیار فی نقضه متی شاء أو فی مدة معینة و به صرح فی (الدروس) و (یبقی) الکلام فیما إذا قال و لی الخیار بعد عشر سنین و حکی فی (التحریر) أن (الشیخ) قال لو شرط بیعه و التصرف فیه عند الحاجة صح الشرط و یرجع میراثا عند الموت و لو شرط الخیار لنفسه فکذلک انتهی فإن کان هذا الأخیر من کلام (الشیخ) ففیه أنا لم نجد ذلک فی کتبه و لعله استنبطه مما سلف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 36
و یجب اتباع کل شرط لا ینافی مقتضی العقد (1) و لو شرط إخراج من یرید بطل (2) و لو شرط إدخال من یولد (3)
______________________________
من کلام (النهایة) لکنه لیس فیه علی ذلک دلالة و إن کان من کلام (التحریر) کان مخالفا فی المسألة و کلاهما بعیدان جدا و قد وجدنا ذلک فی نسختین عندنا
(قوله) (و یجب اتباع کل شرط لا ینافی مقتضی العقد)
کما هو صریح جماعة و قضیة کلام آخرین إذا کان ذلک فی متن العقد لا بعد نفوذه و تمامه و فی (السرائر) و (الغنیة) و یتبع فی الوقف ما یشترطه الواقف من تقدیم الأعلی و التفضیل و المساواة و غیر ذلک بلا خلاف و هو کذلک إذ لا أجده و لا أجد فی ذلک خلافا إلا من (الشافعیة) فی بعض الوجوه فیما إذا شرط الواقف أن لا یؤجره حیث منعوه من ذلک فی وجه لأنه یتضمن الحجر علی مستحق المنفعة و منعوه فی وجه آخر دائما و جوزوه علی سنة لعمومات الوفاء بالعقود و الشروط کما هو الشأن فی سائر الشروط لأن المصلحة قد تقضی بذلک و قول العسکری ع الوقوف علی حسب ما یقفها أهله
(قوله) (و لو شرط إخراج من یرید بطل)
کما فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (المفاتیح) و هو قضیة کلام (السرائر) و (الجامع) بل و (التنقیح) و فی (المبسوط) أنه لا خلاف فیه فظاهره نفیه بین المسلمین و فی (المسالک) و (المفاتیح) الإجماع علیه و هو ظاهر (الکفایة) حیث نسبه إلی الأصحاب و فی (السرائر) الإجماع علی ما اقتضاه کلامه لأنه شرط مناف لمقتضی الوقف لأن بناءه علی اللزوم إذ هو بمنزلة اشتراط الخیار و (مع ذلک) کله قال فی (الکفایة) فیه إشکال نظرا إلی الدلیل و لعله أراد عمومات الباب و غیره
(قوله) (و لو شرط إدخال من یولد)
أی جاز کما فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (الإرشاد) و (الروض) و (المسالک) و هو معنی ما فی (النافع) و (التبصرة) و (الریاض) حیث قیل فیها و لو شرط إدخال من یوجد صح و فی (الغنیة) و (السرائر) و یتبع فی الوقف شرط الواقف من ترتیب الأعلی علی الأدنی و اشتراکهما أو تفضیل فی المنافع أو مساواة فیها إلی غیر ذلک بلا خلاف انتهی و قولهما و غیر ذلک یتناول ما نحن فیه و فی الأربعة الأول أنه لا فرق بین کون الوقف علی أولاده أو غیرهم و (هو الظاهر) من (المسالک) و فی (الریاض) أنه أی اشتراط إدخال من یوجد لا خلاف فیه یظهر و به صرح بعض و فی (المسالک) الاتفاق علیه انتهی و (لعله) أراد بالبعض صاحب المفاتیح و قد توهمه من قوله و کذا لو شرط إدخال من یرید جاز و کیف کان فلیس من التصریح و علی تقدیر التسلیم فکلاهما وهم حصل لهما من کلام (صاحب) (المسالک) (قال) فی شرح قوله فی (الشرائع) و لو شرط إدخال من یرید جاز ما نصه لأن هذا الشرط لا ینافی مقتضی الوقف فإن بناءه علی جواز إدخال من سیوجد و سیولد مع الموجود و اشتراط إدخال من یرید إدخاله فی معناه بل أضعف لأنه قد یرید فیکون فی معنی اشتراط دخوله و قد لا یرید فیبقی الوقف علی أصله فإذا جاز الأول اتفاقا جاز الآخر کذلک بطریق أولی و (صریح) (جامع المقاصد) الفرق بین اشتراط الإدخال و اشتراط الدخول و هو کذلک لأن معنی اشتراط الإدخال أن یکون له الاختیار و لا کذلک اشتراط الدخول و (مثاله) أن یقول وقفت علی هؤلاء بشرط أن یدخل معهم من سیولد کما هو واضح و یرشد إلیه جعل اشتراط إدخال
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 37
أو من یرید مع الموقوف علیهم جاز سواء کان الوقف علی أولاده أو غیرهم (1) و لو شرط نقله عن الموقوف علیهم إلی من سیوجد بطل علی إشکال (2)
______________________________
من یولد و من یرید من سنخ واحد فی کلام (المصنف) و (المحقق) و جماعة کما ستسمع قال فی (جامع المقاصد) لا ریب أنه لو وقف و شرط دخول من سیولد من أولاده و غیرهم صح تبعا للموجودین أما إذا شرط إدخال من یولد و من یرید مع الموقوف علیهم فإنه یصح عند المصنف ثم حکی عن ظاهر (الدروس) أن اشتراط ذلک یقتضی البطلان (قلت) البطلان ظاهر (الدروس) کما قال و صریح (المبسوط) قال فی (المبسوط) و إن شرط أن یخرج من شاء منهم و یدخل فی ذلک من شاء و أن یفضل بعضهم علی بعض إن شاء أو یسوی بینهم إن شاء کان ذلک کله باطلا لأنه شرط التصرف فیما هو ملک لغیره هذا بلا خلاف و قد روی أصحابنا أنه یجوز أن یدخل فیهم غیرهم و أما الإخراج و النقل بلا خلاف عندنا أیضا انتهی کلامه برمته لأنه ینفع فیما یأتی و (قال) فی (الدروس) لیس له إدخال غیرهم معهم و إن کانوا أطفاله علی الأصح و لا إخراج من یرید و لو شرطه فی العقد بطل انتهی فالخلاف موجود قطعا بل ظاهر (المبسوط) أنه إجماع بین المسلمین و قد یؤول کلام (المسالک) بأن المراد بالأول الذی نقل الاتفاق علیه ما إذا اشترط دخوله لکن ما قبله و ما بعده صریحان فی خلاف ذلک و (کیف کان) فحجتهم علی الصحة عمومات الباب و غیره مع سلامتها عن المعارض معتضدة (بالأخبار) المرسلة فی (المبسوط) و ظاهره أنها صریحة فی ذلک و ما یحکیه کالذی یرویه و (بالأخبار) الواردة فی جواز إدخال من یرید فی الوقف علی أولاده الأصاغر مع عدم الشرط أصلا و قد عمل بها جماعة کما یأتی إن شاء اللّٰه و قد سمعت ما استدل به (فی المسالک) و (لعل الشهید) یستند إلی أن هذا مناف للوقف من حیث إن إدخال من سیوجد یقتضی نقصان حصة الموقوف علیهم فیکون إبطالا للوقف فی ذلک البعض و هو فی معنی النقل و إخراج من یرید و فیه أن العقد لما تضمن الشرط لم یکن للموقوف علیهم حق إلا معه و أن الوقف یجب لزومه فی حق الموقوف علیهم فی الجملة أما فی قدر النصیب فلا لأنه لو وقف علیهم و علی عقبهم کان نصیب الموقوف علیهم بعد حصول العقب أنقص قطعا و قد سمعت ما احتج به فی المبسوط
(قوله) (أو من یرید مع الموقوف علیهم جاز سواء کان الوقف علی أولاده أو غیرهم)
کما صرح بذلک کله فی الشرائع و (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و کذا (الجامع) و (الکفایة) و (المفاتیح) و قد سمعت ما فی (الغنیة) و (السرائر) و ما فی (المبسوط) و (الدروس) کما سمعت حجتهما و حجة الجماعة إذا المسألتان عندهم من سنخ واحد
(قوله) (و لو شرط نقله عن الموقوف علیهم إلی من سیوجد بطل علی إشکال)
البطلان خیرة جامع (الشرائع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و (المفاتیح) و کذا (المسالک) و (الوسیلة) و هو ظاهر (المبسوط) أو صریحه و قد سمعت کلامه برمته و (نفیه) فیه الخلاف مرتین و فی (المسالک) و (الکفایة) و (المفاتیح) أنه المشهور و فی هذه الثلاثة و (جامع المقاصد) أن الشیخ ادعی الإجماع علیه و (الظاهر) أنهم فهموا ذلک منه من نفیه الخلاف إذ ظاهره أن الأول منفی بین المسلمین و صریحه أن الثانی عندنا و فی (التنقیح) اتفق الکل علی أنه لا یجوز النقل عن الأصاغر و غیرهم و هو بإطلاقه یتناول ما إذا اشترط أو لم یشترط کعبارة (النهایة) و (قال) فی (الدروس) إن الأقرب جوازه و فی (الکفایة) لعله الأقرب و قد سمعت ما فی (الغنیة) و (السرائر)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 38
و کذا الإشکال لو قال علی أولادی سنة ثم علی الفقراء (1)
______________________________
نفی الخلاف و (حکی) فی (المفاتیح) و (الریاض) و (الحدائق) عن (التذکرة) القول بالصحة و أنه ادعی علیها الإجماع و (هو غلط) محض قد توهموه من توجیهه فی (المسالک) القول بالصحة بعموم المؤمنون عند شروطهم و قول العسکری ع و أنه یجوز الوقف علی أولاده سنة ثم علی المساکین و (قد) ادعی فی (التذکرة) علی صحته الإجماع انتهی (فتوهموا) من هذا الإجماع أنه یحکی علی ما نحن فیه مع أن کلام المسالک فی آخره نص صریح فی أنه علی غیر ما نحن فیه و هو کذلک إذ هذا الإجماع موجود فی (التذکرة) قال لو قال هذا وقف علی ولدی سنة ثم علی المساکین صح إجماعا و لیس فیها إجماع علی الصحة فیما نحن فیه کما تتبعنا ذلک مرارا و إنما فیها التصریح بالبطلان کما حکیناه عنها ثم إنه کان الواجب نقل حکایته لا حکایته و (قد احتجوا) للصحة أیضا زیادة علی ما حکیناه آنفا عن (المسالک) بأنه یصح الوقف باعتبار صفة للموقوف علیه کالفقر فإذا زالت انتقل عنه إلی غیره و هو فی معنی النقل بالشرط و قد ذکر هذا الدلیل فی نسختین من الریاض أنه أی شرط النقل فی معنی النقل بالشرط کما لو اعتبر صفة للموقوف علیه و هو کلام مقلوب و (حجة القول) بالبطلان إن شرط نقله عنهم شرط مخالف لمقتضی العقد لأن بناء العقد علی اللزوم مضافا إلی إجماع (المبسوط) و (من الحجتین) یعلم الإشکال فی کلام (المصنف) و قد فرق بین ما هنا و بین الوقف باعتبار الصفة بأنه لیس علی الموقوف علیه بل علی الجهة فإذا زالت کان فی معنی عدم الموقوف علیه بموت و نحوه فلا نقل هنا عن الموقوف علیه بخلاف ما نحن فیه فإنه یصیر ملکا لهم و نقله عنه بالاختیار مناف لتملیکه بالوقف و فرق بین ما نحن فیه و الوقف علی أولاده سنة ثم علی المساکین بأنه إنما وقف علیهم مدة معینة فینتقل إلی أرباب المسکنة من دون أن ینقله هو و لیس لک أن تقول إن اشتراط النقل فی حکم تعیین المدة لشدة بعده علی أنه لا بد له من اختیار
(قوله) (و کذا الإشکال لو قال علی أصاغر أولادی سنة ثم علی الفقراء)
الأصح الصحة کما فی (التحریر) و (الإیضاح) و به جزم فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) و هو ظاهر (المفاتیح) و قد عرفت أنه حکی علیه الإجماع فی (التذکرة) و قال فی (جامع المقاصد) لا سبیل إلی البطلان لأن الإجماع المنقول بخبر الواحد حجة (قلت) لکنا لم نجد أحدا قبله أفتی به أصلا بل قد یلوح من کلام (المبسوط) الذی سمعته آنفا أنه لا خلاف فی بطلانه و کأنه استنباطی من الإجماع علی صحة اشتراط الدخول لأنه من أفراده و من نفی الخلاف فیما سلف فی (الغنیة) و (قال) فی (جامع المقاصد) إن (المصنف) أفتی به فی کتبه و لم نجده تعرض له إلا فی (الکتب) الثلاثة کما أنا لم نجد قائلا مصرحا بالبطلان بعده و (قال) فی (الإیضاح) وجه الإشکال أن الموقوف علیه هل یملک أم لا فإن قلنا یملکه لم یصح هذا لأنه إذا ملک لا یخرج إلا بمخرج و لم یرد الملک الموقت فی الشرع بخلاف مدة حیاته فإن الحیاة شرط فی الملک و إن قلنا یملکه اللّٰه سبحانه و تعالی صح لأنه بیان مصرف المنافع ثم لما سألنا المصنف عن هذا الإشکال قرر ما ذکرناه انتهی (قلت) إن المصنف یذهب فی کتبه إلی أنه یملک فهو المشهور المعروف فینبغی تقریر الإشکال علی هذا القول بأن یقال وجه الحصة ینشأ من جمیع ما ذکر فی الذی قبله و أنه وقف مؤبد متصل الابتداء و الانتهاء و الوسط کما قاله فی (التذکرة) و وجه العدم ینشأ مما ذکره فی (الإیضاح) من أن ثبوت الملک لهم بالوقف یقتضی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 39
و لو وقف علی أصاغر ولده لم یجز أن یشارک غیرهم مع الإطلاق علی رأی (1)
______________________________
أن لا ینتقل عنهم إلا بسبب ناقل شرعا و (قال) فی (التذکرة) لو قال هذا وقف علی ولدی مدة حیاتی ثم بعد مماتی للمساکین صح إجماعا و هذا حاله کحال الإجماع الذی کنا فیه.
(قوله) (و لو وقف علی أصاغر ولده لم یجز أن یشارک غیرهم مع الإطلاق علی رأی)
هو صریح (التبصرة) و (المختلف) و (الإیضاح) و (المقتصر) و (إیضاح النافع) و کذا (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (التنقیح) و فی (الکفایة) أنه غیر بعید و فی (المفاتیح) أنه أحوط و فی (المسالک) و (المفاتیح) أنه المشهور و (ظاهر المختلف) و (المهذب البارع) و (المقتصر) و (التنقیح) و جامع (المقاصد) الإجماع علیه ممن عدا الشیخ فی (النهایة) و (القاضی) حیث قیل فیها أطلق باقی الأصحاب أطلق الباقون و الأصحاب علی المنع و إطلاق الأصحاب و (لعل) الحکم المذکور قضیة کل من قال لا یجوز الرجوع فیه و لا نقله عن وجهه و سبله أو نحو ذلک (کالمقنعة) و غیرها فتأمّل و (لعله) لذلک ترک ذکره فیما لم یذکره و (لیعلم) أنه قد قیل فی بعض هذه (کالتبصرة) بما إذا قبض و هو مراد الباقین جزما و (قال فی النهایة) فإن رزق بعد ذلک أولادا صغارا جاز أن یدخلهم و (مثله) فی (المهذب) إلا أنه قال ألا یکون قد خص الموجود بذلک و قصره أنه له دون غیره (حجة المشهور) بعد الإجماع المعلوم و المنقول فی ظاهر کلام جماعة کما عرفت (عمومات) الأدلة و حسنة جمیل و صحیحة صفوان و روایة الحکم و (غیرها) من الروایات الدالة علی عدم جواز الرجوع فی الصدقة و (الظاهر أن) الرجوع أعمّ من أن یکون فی الکل أو فی البعض أو فی بعض الشروط و (بالجملة) الإدخال نوع رجوع و فی (المسالک) أن الظاهر إرادة الوقف من الصدقة فی أکثر الأخبار فی هذا الباب بالقرائن (قلت) إیراد الأصحاب هذه الأخبار فی هذا المقام دلیل علی إرادة الوقف من إطلاق الصدقة کما تقدم بیانه و (أقعد) ما یستدل لهم به من طرق الأخبار (صحیحة) علی بن یقطین قال سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل یتصدق علی بعض ولده بطرف من ماله ثم یبدو له بعد ذلک أن یدخل معه غیره من ولده قال لا بأس بذلک و عن الرجل یتصدق بماله علی بعض ولده و یبینه لهم أ له أن یدخل معهم من ولده بعد أن أبانهم بصدقة قال لیس له ذلک إلا أن یشترط أن من ولد له فهو مثل من تصدق علیه فذلک له بأن یراد بالإبانة الإقباض و یقال إنه ع لما سأله أولا من دون قید الإبانة أجابه بالجواز کما فی الروایات الآتیة فی دلیل (النهایة) و لما قید بالإبانة قال لیس له ذلک و (احتج الشیخ) فی (النهایة) بصحیحة عبد الرحمن بن الحجاج علی الصحیح فی محمد بن إسماعیل فإنه النیسابوری تلمیذ الفضل فاعتراض صاحب الکفایة علی المسالک فی عده صحیحا لیس فی محله عن الصادق (ع) فی الرجل یجعل لولده شیئا و هم صغار ثم یبدو له یجعل معهم غیرهم من ولده قال لا بأس و بصدر خبر علی بن یقطین و قد سمعته و بخبر محمد بن سهل عن أبیه عن الرضا (ع) عن الرجل یتصدق علی بعض ولده بطرف من ماله ثم یبدو له أن یدخل معه غیره من ولده قال لا بأس و بما رواه الحمیری بإسناده عن علی بن جعفر عن أخیه موسی (ع) قال سألته عن رجل تصدق علی ولده بصدقة ثم بدا له أن یدخل غیره فیه مع ولده أ یصلح ذلک قال نعم یصنع الوالد بمال ولده ما أحب و الهبة من الوالد بمنزلة الصدقة من غیره و قد رواه علی بن جعفر فی کتابه علی ما حکی و (أنت خبیر) بأن صحیحة عبد الرحمن غیر صریحة و لا ظاهرة فیما نحن فیه لأن جعله لولده أعمّ من من أن یکون بطریق لازم أو غیر لازم کالوصیة و الصدقة مع عدم الإقباض و أما خبر محمد بن سهل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 40
و یجوز أن یشترط النظر لنفسه (1)
______________________________
و خبر قرب الإسناد و صدر صحیحة علی بن یقطین فتحمل علی عدم الإقباض مع الغض عن السند و عن عجز خبر قرب الإسناد کما حمل الشیخ و غیره علی ذلک خبر ابن سهل و (بذلک) یحصل الجمع بین الأخبار بحمل المطلق علی المقید و یشهد له صدر صحیحة علی بن یقطین و عجزها کما بیناه آنفا و (قد طعن) فی (الریاض) فی خبر قرب الإسناد بأنه دال علی جواز إدخال الغیر و لو لم یکن ولدا قال و هو مما لم یقل به أحد فإن عبارات القائلین به مختصة بجواز إدخال الولد (قلت) عبارة (النافع) کادت تکون صریحة باعتبار سیاقها بأن القائلین به قائلون بالجواز مطلقا و (یرشد) إلی ذلک أن عبارات المانعین کلها إلا (المختلف) ظاهرة فی أنهم فهموا من المجوزین الإطلاق و هو کذلک إذ لا نجد فرقا بین الولد و ولد الولد و الأخ و غیرهما کما هو ظاهر و (قد جمع) بینها فی (المسالک) بحمل النفی فی صحیحة علی بن یقطین علی الکراهة تارة و أخری علی ما إذا قصر الوقف علی الأولین کما ذکره (القاضی) فتکون الإبانة بمعنی القصر و علی الموقوف علیهم و (فیه) أنه یصیر حاصل معنی الخبر أنه متی قصر الوقف علی الأولین فلیس له أن یدخل غیرهم معهم إلا أن یشترط الإدخال یعنی بأن لا یقصره علیهم فیکون الاستثناء منقطعا و الأصل عدمه و لا یکون فیه دلالة علی حکم ما نحن فیه إذ المستفاد منه حکمان حکم ما إذا قصره علیهم و حکم ما إذا اشترط و أما حکم ما نحن فیه و هو ما إذا لم یقصر و لم یشترط فلا تعرض له فی الخبر و یبقی صدر هذا الخبر و ما کان نحوه خالیا عن المعارض فیبقی القول المشهور لا دلیل علیه من الأخبار إلا العمومات و أما (خبر) جمیل و ما ذکر معه فلیس فیه دلالة یعتد بها إذ المتبادر من الرجوع فی الصدقة أنما هو إخراجها عنهم بالکلیة و ردها إلیه ملکا کما کانت فلیس مما نحن فیه.
(قوله) (و یجوز أن یشترط النظر لنفسه)
کما فی (المبسوط) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (المختلف) و (الدروس) و (اللمعة) و (المقتصر) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروض) و (الروضة) و (الکفایة) و (المفاتیح) و (الریاض) و فی الأخیر أن علیه عامة من تأخر و فی (المختلف) و (إیضاح النافع) و (المسالک) أنه لا خلاف فیه و فی (الثانی) أنه قطعی و هو فی معنی الإجماع و فی (التنقیح) لم نسمع فیه خلافا إلا من ابن (إدریس) و فی (جامع المقاصد) أنه لا شبهة فی أن اشتراط النظر لنفسه لا ینافی الوقف بل ربما کان أدخل فی جریانه و (یدل) علیه أیضا الأصل بمعنی العمومات کتابا و سنة و قد نسب فی (المختلف) الخلاف لابن (إدریس) و تبعه المتأخرون و لم ینقل تمام عبارته و کأنهم لم یلحظوا آخرها أو عولوا علی المختلف إذ الموجود فی السرائر فی عد الشروط قوله و منها أنه لا یدخله شرط خیار- الوقف فی الرجوع فیه و لا أن یتولاه هو بنفسه أو بغیره متی شاء هو و (لعل) معناه أنه لا یصح له أن یشترط فی متن العقد أن یجعلها متی شاء لنفسه و متی شاء لغیره بمعنی أنه متی شاء عزل نفسه و متی شاء عزل غیره و (قد قال) جماعة إنه لا یجوز له عزل الناظر المشروط فی العقد إلا أن تقول مرادهم إلا أن یشترط ذلک فلیتأمل جیدا و هلا عده مخالفا فیما إذا شرط النظر لغیره و العبارة واحدة بل عدوه موافقا فیه فلیلحظ ذلک و ما کان لیخالف فی هذین مع عدم المنافاة و وضوح الدلیل مع استفاضة الأخبار فی الدلالة علی الثانی و هذه المستفیضة بعدها متواترة علی أصله بل یحتمل أن یکون الضمیر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 41
و للموقوف علیه و لأجنبی (1)
______________________________
البارز فی یتولاه راجعا إلی الخیار و لا بأس به و إن بعد إخراجا له من الخلاف و إن أشعر بالتکرار ثم إنه لم یتقدم النظر فی کلامه لیرجع الضمیر إلیه فتأمّل إلا أن تقرأ یغیره بالفعل المضارع کما هو موجود فی نسختین أخریین صحیحتین و فیهما أو یغیره هو متی شاء بتقدیم الضمیر المنفصل و علی هذا فلا بحث و لا کلام و (قضیة إطلاقهم) أنه لا فرق فیه بین أن یکون عدلا أم لا لأنه إنما نقل ملکه عن نفسه بهذا الشرط فیتبع و لأن النظر و الملک له فإذا زال أحدهما بقی الآخر و به جزم فی (التذکرة) و قد یکون ذلک صریح (الدروس) و فی (الکفایة) و (الریاض) فیه قولان (قلت) لم نجد الخلاف لأحد و لعلهما نظرا إلی ما فی (المسالک) من احتمال اشتراطها فیه لخروجه بالوقف عن ملکه فلا بد من اعتبارها فیه کما فی غیره
(قوله) (و للموقوف علیه و لأجنبی)
لا خلاف فی أنه یجوز أن یشترط فی عقد الوقف النظر لغیره کما فی (المسالک) و یجوز أن یجعله لغیره عندنا و لم یجز لأحد مخالفته عند علمائنا (کما) فی (التذکرة) و فی (الکفایة) أنه المعروف من مذهب الأصحاب ذکره فی مقام آخر و فی (الریاض) أنه یجوز ذلک قولا واحدا لما مر من الأدلة و الأخبار به مستفیضة فعلا و تقریرا (ففی التوقیع) و أما ما سألت عن أمر الرجل الذی یجعل لناحیتنا ضیعة فیسلمها من یقوم بها و یعمرها و یؤدی من دخلها خراجها و مئونتها و یجعل ما بقی من الدخل لناحیتنا فإن ذلک لمن جعله صاحب الضیعة لا یجوز ذلک لغیره و (نحوه) أخبار أخر (منها) الصحیح المتضمن لصدقة مولاتنا سیدة النساء بحوائطها السبعة و إنما جعلت النظر فیه لعلی (ع) ثم للحسن (ع) ثم للحسین ثم للأکبر من ولدها و (منها) الخبر المتضمن لصدقة علی أمیر المؤمنین (ع) و (منها) الخبر المتضمن لصدقة مولانا الکاظم (ع) و فی (الریاض) أنهم اتفقوا علی اعتبارها أی العدالة فی الغیر إذا اشترط النظر له و أن هذا الاتفاق حکاه جماعة و (لم نجد) أحدا حکاه سوی ما لعله یلوح من قوله فی (الکفایة) أنه المعروف من مذهب الأصحاب بل قل من تعرض لاعتبارها فی غیره و (إنما ذکر) فی (التذکرة) (و الدروس) و (المسالک) و (الروضة) و (المفاتیح) و فی (الوسیلة) و (الجامع) اعتبار کونه ثقة و لعله بمعنی العدالة (بل) قد خالف فی (التحریر) حیث فصل فلم یشترطها فی الموقوف علیه (قال) لو جعل النظر للأرشد عمل بذلک و لو کان الأرشد فاسقا فالأقرب عدم ضم عدل إلیه و (قال) لو جعل النظر لأجنبی عدل ثم فسق ضم إلیه الحاکم أمینا و یحتمل انعزاله بفسقه فتراه علی التفصیل لم یجزم فی الأجنبی و (کیف کان) ففی وقف أمیر المؤمنین (ع) ما یرشد إلی اعتبار العدالة فی الغیر و لکنه لا یصح دلیلا بل یخرج شاهدا و (زید) فی الجامع أن یکون جلدا (کذا) و فی (التذکرة) و (المسالک) و (الروضة) و (المفاتیح) الاهتداء إلی التصرف و فی (الوسیلة) و (التذکرة) و (الدروس) و (المسالک) و (الروضة) أنه لو عرض له الفسق انعزل و فی (بعضها) (کالمسالک) و (الروضة) أنها إن عادت عادت و فی (التذکرة) و (المسالک) و (الروضة) أنه لا یجوز له عزل الناظر و فی (هذه الثلاثة) (و الدروس) و (المفاتیح) أنه لا یجب علیه القبول و لا الاستمراری إذا قبل و فی (التذکرة) و (المسالک) و (الروضة) و (المفاتیح) أنه إن عین له شیئا جاز و إن کان أقل من أجرة المثل و إن أطلق کان له أجرة مثل عمله مع زیادة قصده الأجرة به فی (الروضة) و فی (التذکرة) و (المسالک) أنه إذا تعدد الناظر اشترکوا و فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 42
فإن لم یعین کان إلی الموقوف علیه إن قلنا بالانتقال إلیه (1)
______________________________
(الروضة) أنه لو جعلها لاثنین و أطلق لم یستقل أحدهما بالتصرف فیها و فی (التذکرة) و (المسالک) أن وظیفة الناظر مع الإطلاق العمارة و الإجارة و تحصیل الغلة و قسمتها علی مستحقها و حفظ الأصل و نحو ذلک من مصالحه (و لا ریب) أنه حیث یتحقق الناظر لا یجوز التصرف فی شی‌ء من الأعمال المذکورة و لا فی شی‌ء من الغلة إلا بإذنه و (من الغریب) ما فی (المسالک) من أن فی ذلک إشکالا فی وجهین (أحدهما) ما لو کان الموقوف علیه متحدا ابتداء و فی بعض الطبقات فإنه یختص بالغلة فتوقف تصرفه فیها علی إذن الناظر بعید و (ثانیها) الأوقاف العامة علی المسلمین و نحوهم التی یرید الواقف انتفاع کل من الموقوف علیه بالثمرة إذا مر بها کأشجار الثمار فإن مقتضی القاعدة عدم جواز تصرف أحد منهم فی شی‌ء منها إلا بإذن الحاکم و ربما دلت القرینة هنا علی عدم إرادة الواقف النظر علی هذا الوجه بل تفویض الانتفاع إلی کل أحد من أفراد تلک الجهة فکأنه فی قوة جعل النظر إلیه لکن (هذا) کله لا یدفع الإشکال لما تقدم من أنه بعد الوقف حیث لا یشترط النظر لأحد یصیر کالأجنبی و ینتقل الحکم إلی الحاکم فلا عبرة بقصده خلاف ذلک حیث لا یوافق القواعد الشرعیة إلی آخر ما قاله و أطال فیه و (أنت) خبیر بأنه لا فرق فی وظیفة الناظر بین الواحد و المتعدد فإن العمارة و نحوها لا یفرق فیها بینها (سلمنا) لکن نصب الناظر إنما هو فیما یحتاج إلی النظر کما هو واضح فلا إشکال فی الأول و (الجواب عن الثانی) أن المعلوم من أخبار الباب و القواعد الشرعیة أنه یجب الوقوف علی ما علم من قصد الواقف صریحا أو مع القرینة فلا یدخل تحت القاعدة المذکورة و صیرورته أجنبیا بعد العقد لا یخرج الوقف عما علم من قصده حین العقد إذ المراد من کونه أجنبیا أنه لیس له أن یغیر و أن یبدل بعد استقرار العقد (و النظر الذی) صار للحاکم إنما هو علی حسب ما وقف الواقف فیجب علی الحاکم أن یأذن إذنا ما و قد اعترف هو بأن القرینة ربما دلت علی عدم إرادة النظر علی هذا الوجه یعنی عدم جواز تصرف أحد منهم فی شی‌ء إلا بإذن الحاکم و إنما یرید تفویض الانتفاع إلی کل أحد فکأنه قال وقفته و کل أحد مأذون فی الأکل من ثمرته سلمنا و ما کان لیکون (لکنا نقول) إن إذن حکام الشرع فی مثل ذلک معلوم بالقرائن لمکان القرائن المذکورة
(قوله) (و إن لم یعین کان إلی الموقوف علیه إن قلنا بالانتقال إلیه)
کما ذکر ذلک کله فی (الشرائع) و (التحریر) و بکونه للموقوف علیه من دون تقیید صرح فی (النافع) و (الإرشاد) و (التبصرة) و کذا (جامع المقاصد) و (قال) فی (التذکرة) یحتمل أن یکون النظر للواقف لأن النظر و التصرف کانا إلیه و أن یکون للموقوف علیه و (نحوه) فی عدم الترجیح ما فی (المبسوط) قال فإن أطلق قیل فیه وجهان بناء علی انتقال الملک فمن قال ینتقل إلی اللّٰه تعالی فالنظر إلی الحاکم و من قال ینتقل إلی الموقوف علیهم فالنظر إلیهم و (نحوه) فی بناء الحکم عن الملک ما فی (الجامع) و (الإیضاح) و (الدروس) و (اللمعة) و (التنقیح) و (الروضة) و (المسالک) و (الکفایة) و (المفاتیح) و غیرها ففی (الجامع) و (الدروس) و (اللمعة) و (الروضة) و کذا (التنقیح) یلیه الحاکم إن کان عاما و إن کان علی معین ولیه بنفسه و فی (المسالک) و ما (ذکر بعده) أنا إن جعلنا الملک للواقف أو للموقوف علیه مطلقا فالنظر له و أن جعلناه للموقوف علیه إن کان معینا و للّه تعالی إن کان علی جهة عامة فالنظر فی الأول للموقوف علیه و للحاکم الشرعی فی الثانی و (ظاهر التنقیح) الإجماع علی أن النظر للحاکم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 43
و لو شرط بیعه متی شاء أو هبته أو الرجوع فیه بطل الوقف (1) و لو شرط أکل أهله منه صح الشرط (2)

[المطلب الثانی فی المتعاقدین]

اشارة

المطلب الثانی فی المتعاقدین

[أما الواقف]

أما الواقف فیشترط فیه البلوغ و العقل و جواز التصرف (3) فلا یصح وقف الصبی و إن بلغ عشرا (4)
______________________________
فی الثانی حیث قال قطعا
(قوله) (و لو شرط بیعه متی شاء أو هبته أو الرجوع فیه بطل الوقف)
کما صرح بذلک کله فی (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد و (کذا التذکرة) و فی (المبسوط) و (الوسیلة) و (الجامع) الاقتصار علی أنه لو شرط بیعه متی شاء بطل (و قد تقدم) لنا عند قوله و لو شرط الخیار فی الرجوع عنه بطل نقل کلام هؤلاء هناک و (قلنا) إنه قال فی (جامع المقاصد) إن فی الفرق بین هذه و بین اشتراط الخیار فی الرجوع عنه تأملا فیکون تکرارا و نقلنا هناک إجماع (السرائر) و حکینا ما حکاه فی (التحریر) و استوفینا الکلام و کیف کان فالوجه فیما نحن فیه أن ذلک کله مناف لمقتضی الوقف
(قوله) (و لو شرط (أکل أهله منه صح الشرط)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) (و المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) لأنه شرط لا ینافی مقتضی الوقف فلا یبطل به و لأن النبی (ص) شرطه و شرطته فاطمة (ع) و قضیة) إطلاقهم أنه لا فرق بین کون الأهل واجبی النفقة و عدمه فتسقط نفقتهم بذلک إن استغنوا و أن لا فرق فی الأهل بین الزوجة و غیرها و فی (جامع المقاصد) إلا الزوجة فإن نفقتها کالدین بخلاف نفقة القریب فإنها الدفع حاجته و (قال) فی (الدروس) فی جواز اشتراط أکل الزوجة نظر من عود النفع إلیه و من توهم بقاء نفقتها کما لو وقف علیها و فی (جامع المقاصد) أنه لیس ببعید لأن نفقتها لیست تابعة لفقرها حتی لو شرط نفقتها الواجبة علیه من الوقف بطل قطعا کما لو شرط نفقة نفسه (فلا وجه) لما ذکره و (قد) استظهر فی (الکفایة) الصحة لو اشترط أکلها منه و هو کذلک لو لا ما یظهر من (جامع المقاصد) من دعوی الإجماع حیث قال قطعا لأنا لا نجد هنا فرقا بین الزوجة و غیرها فإما یصح فیهما أو یبطل فیهما فلیتأمّل و (عن أبی علی) أنه جوز اشتراط أکله منه.
(قوله) (المطلب الثانی فی المتعاقدین أما الواقف فیشترط فیه البلوغ و العقل و جواز التصرف)
کما فی (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و هو معنی ما فی (الوسیلة) و (الإرشاد) من اشتراط کونه نافذ التصرف و ما فی (الغنیة) و (السرائر) من اشتراط کونه مختارا مالکا للتبرع به و ما (فی التبصرة) من جواز التصرف و ما فی (اللمعة) من اشتراط الکمال (و الدروس) من أهلیة الوقف و (المفاتیح) من أهلیة التصرف و (المراد) بجواز التصرف رفع الحجر عنه کما عبر به فی (الروضة) و قد ذکر فی (التذکرة) ما فی (الکتاب) و زاد القصد و الحریة و المغایرة للموقوف علیه و (زاد) فی (التحریر) علی ما فی (الکتاب) أن یکون مالکا متقربا إلی اللّٰه تعالی و فی (الغنیة) و (السرائر) الإجماع علی ما اشترطاه و قضیته أنه لا یصح وقف المکره و إن أجاز و لا الفضولی و إن أجاز المالک و ستسمع الحال فیهما.
(قوله) (فلا یصح وقف الصبی و إن بلغ عشرا)
کما فی (المراسم) علی ما فی بعض نسخها علی ما حکی و (السرائر) ذکراه فی باب الوصیة و (کشف الرموز) و (التذکرة) و (التنقیح) و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 44
..........
______________________________
(المقتصر) و (إیضاح النافع) و (المسالک) و فی (التحریر) أنه أقرب و فی (الشرائع) و (النافع) أنه أولی و (قد) یلوح ذلک من (غایة المراد) حیث قال لم أقف علی روایة بلفظ الوقف و فی (الریاض) أنه لعله علیه کافة المتأخرین و فی (المسالک) أن الأخبار الدالة علی صحة وقفه مخالفة لأصول المذهب بل لإجماع المسلمین و فی (السرائر) أنه بلا خلاف محجور علیه غیر ماض فعله فی التصرف فی أمواله بغیر خلاف بین الأمة و قد (سمعت) أنه فی الغنیة حکی الإجماع علی اشتراط کونه مالکا للتبرع و هو لیس بمالک له لثبوت الحجر علیه بالکتاب و السنة و قد (یظهر) من (الشرائع) دعوی الإجماع علیه لأنه استدل علی المنع بتوقف رفع الحجر علی البلوغ و الرشد لو لم یکن مراده أن الحجر علیه مجمع علیه لکان مصادرة لأن المجوز لا یسلم الحجر علیه فی هذا التصرف الخاص و قد (حکینا) فی باب الحجر عن (التذکرة) فیه الإجماع علی أنه محجور علیه فی جمیع التصرفات سواء کان ممیزا أم لا إلا ما استثنی کعباداته و إسلامه و إحرامه و تدبیره و وصیته و إیصال الهدیة و إذنه فی دخول الدار علی خلاف فی ذلک و (جوز) فی (المقنعة) وقفه و صدقته و وصیته إذا وقعت موقع المعروف و قد (روی) الصدوق فی (الصحیح) أنه یجوز له فی ماله ما أعتق و تصدق و أوصی علی حد کل معروف و حق و (جوز) فی وصایا (النهایة) و (المهذب) صدقته و هبته و عتقه إذا کان بالمعروف فی وجه البر و کذلک المحجور علیه و (الصدقة) عندهما فی معنی الوقف و (نسبه) فی (کشف الرموز) إلی (الإستبصار) و فی (النسخة) الأخری من (المراسم) الموجودة عندنا و هی صحیحة قدیمة لا تمضی هبته و لا وقفه بما لیس فی وجوه البر (قال) المحجور علیه کذلک و مفهومه جواز هبتهما و وقفهما إذا کان فی وجوه البر و فی (وکالة جامع المقاصد) أن المشهور جواز تصرفه فی الوصیة و العقود و الصدقة و (کلام الکافی) یقضی بجواز وصیة من بلغ عشرا مطلقا و وصیة من نقص عنها بالمعروف و (لعله) لا یلزمه أنه یصح وقف من بلغ عشرا و (أبو علی) فیما حکی عنه ساوی فی الوصیة بین البالغ و بین ابن ثمان سنین فی الذکر و بنت سبع فی الأنثی (فلعله) لا یلزمه أیضا صحة الوقف و قد (یلوح) من (الإرشاد) و (الکفایة) المیل إلی الجواز لأنهما قالا أنه مروی و فی (الدروس) فیه قولان حملا علی الصدقة و قد (تشعر) عبارتا (النافع) و (الشرائع) بالمیل إلی الجواز حیث قال إن المنع أولی إن أغفینا عما احتملناه من تعلیل (الشرائع) و (جوز) فی (الغنیة) وصیة من بلغ عشرا فلا تغفل عما سمعته عنها فتأمّل و (قد تقدم) لنا فی باب الوکالة ما له نفع تام فی المقام هذا (کلام) الأصحاب بعد مراجعة الأصول و المنقول عنها و (قد اضطرب) کلام المتأخرین فی النقل منها کل اضطراب (ففی المهذب البارع) و (المقتصر) أن (الشیخ) و (التقی) و (أبا علی) جوزوا وقف الصبی إذا بلغ عشرا و (منع) منه (سلار) و ابن (إدریس) و (قد حکاه) (صاحب الریاض) برمته و زاد علیه نسبته إلی (الفاضلین) و (الشهیدین) و (کافة المتأخرین) و (قد سمعت) کلام القدماء و (أن الشهید) لم یرجع فی (الدروس) و لم یذکره فی (اللمعة) و کلامه فی (غایة المراد) غیر صریح بل و لا ظاهر و (قد یستدل) علی الجواز (بقول) أبی جعفر (ع) فی (خبر) زرارة إذا أتی علی الغلام عشر سنین فإنه یجوز له من ماله ما أعتق و تصدق علی وجه المعروف فهو جائز نظرا إلی أن الوقف بعض أفراد الصدقة مضافا إلی عدم القول بالفصل و بقول أحدهما (ع) فی (موثقة) جمیل یجوز طلاق الغلام إذا کان قد عقل و صدقته و وصیته و إن لم یحتلم و (قول الصادق (ع) فی (موثقة) الحلبی و محمد بن مسلم حیث سئل عن صدقة الغلام
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 45
و لا المجنون (1) و لا المحجور علیه لسفه أو فلس (2) و لا من المکره (3)
______________________________
ما لم یحتلم نعم إذا وضعها فی موضع الصدقة و (غیرها) مما ورد فی الوصیة (کروایة) عبد الرحمن ابن عبد اللّٰه إذا بلغ عشر سنین جازت وصیته و (غیرها) من الروایات المستفیضة التی هی بین موثق و صحیح و (غیر ذلک) و هی (اثنا عشرة) کما تقدم بیان ذلک کله فی باب الوکالة و قد عمل بها المعظم و نقلت علی ذلک الشهرات و حکیت علیه الإجماعات و (بما ورد) فی جواز طلاقه إذا بلغ عشر سنین (کما فی خبر) ابن أبی عمیر عن بعض رجاله عن الصادق علیه السلام قال یجوز طلاق الصبی إذا بلغ عشر سنین و (خبر) ابن بکیر عنه (ع) یجوز طلاق الغلام إذا کان قد عقل و إن لم یحتلم و (مضمرة) زرعة عن سماعة سأله عن طلاق الغلام و إن لم یحتلم و صدقته فقال إذا طلق للسنة و وضع الصدقة فی موضعها فلا بأس و (قد عمل) بها فی الطلاق علی بن (بابویه) و الشیخ فی (النهایة) و (القاضی) و (ابن حمزة) و (الجواب) أن الأخبار الواردة بالجواز فیما نحن فیه لا تقوی علی مقاومة الأدلة الدالة علی المنع من الإجماعات و علی الحجر علیه من الکتاب و السنة معتضدة بالأصل بمعنی الاستصحاب و الشهرة و فی (جامع المقاصد) أن مثل هذه الأخبار لا تنهض معارضا للمتواتر (قلت) و قد رمیت بالشذوذ و لیس فیها خبر صحیح و أما الموثقتان فلیس فیهما التقیید بالعشر کالمضمر و تقییدها بالخبر الأول فرع المکأفاة و هی منتفیة لضعفه مع تضمنه جواز العتق ثم (إن موثقة) جمیل تضمنت جواز طلاقه کالمرسل و المضمر و خبر ابن بکیر و (هو خلاف) ما علیه المعظم و (المخالف) من قد عرفت (مضافا) إلی أن أخباره ما عدا الموثق ضعیفة فحالها حال أخبار مسألتنا و لا (کذلک) أخبار الوصیة إذ لا بأس بالعمل بها لصحة بعضها و اعتضادها بما عرفت من الشهرات و الإجماعات فتقوی علی تخصیص تلک الأدلة أو نخصص تلک الأدلة بالتصرفات حال الحیاة علی تأمّل لنا فی ذلک و (تمام الکلام) فی باب الوکالة و ستسمعه مسبغا مشبعا فی باب الوصیة
(قوله) (و لا المجنون)
إجماعا کما فی (التذکرة) أی إذا کان مطبقا لقوله بعده و لو کان الجنون یعتوره أدوارا صح وقفه حال إفاقته
(قوله) (و لا المحجور علیه لسفه أو فلس)
لأن الأول ممنوع من التصرفات المالیة و إن ناسبت أفعال العقلاء إجماعا و الثانی ممنوع إجماعا من کل تصرف مبتدأ فی المال الموجود عند الحجر و المتجدد و (عن الشهید) أنه إذا أجاز الغرماء صح وقفه (قلت) و کذا الولی و (لا یصح) من الغافل و الساهی و النائم و السکران و اللاعب و العابث و المغمی علیه (کما) فی (التذکرة)
(قوله) (و لا من المکره)
بلا شک کما فی (جامع المقاصد) و قد أطلق فی (التذکرة) و (الدروس) کالکتاب و قال فی (جامع المقاصد) لکن لو رضی بعد فهل ینفذ لم یصرحوا بشی‌ء هنا و إنما ذکر فی (البیع (قلت) قال فی (التحریر) إن إجازته کإجازة المالک وقف الفضولی علی إشکال (قلت) لا إشکال فی نفوذه علی القول بعدم اشتراط القربة کما هو الشأن فی بیع المکره کما حررناه فی باب البیع بما لا مزید علیه و (أما علی) القول الآخر فیجی‌ء الإشکال لأنه قد یتخیل أن قصدها بعد غیر مؤثر و به یفرق بینه و بین إجازة المالک وقف الفضولی و (الظاهر) تأثیرها کالرضا لکنه فی (التحریر) فی هذا الفصل جزم ببطلان وقف الفضولی و إن أجاز المالک و (استشکل) فی المکره کما سمعت ما یأتی له فیکون نظره إلی غیر ما لحظناه و قد جزموا بصحة وقف الوکیل و جزموا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 46
و لا الفضولی (1) و یصح وقوعه من المالک أو وکیله (2) و لو وقف فی مرض الموت خرج من الثلث مع عدم الإجازة (3) و کذا لو جمع بینه و بین غیره و یبدأ بالأول فالأول (4)
______________________________
فی مسألة التصدق بالمال المجهول المالک بصحة نیة القربة من الفضولی و هما یشهدان لما لحظناه و قد (أسبقنا) الکلام فی باب البیع و أشرنا هناک إلی ما ذکرناه هنا
(قوله) (و لا الفضولی)
قضیته و إن أجاز المالک و قد سمعت ما فی (التحریر) و ظاهر (التذکرة) و (الدروس) التوقف فی صحته مع الإجازة لأنه فی بعض أقسامه فک ملک کالعتق و کأنه مال فی (الروضة) إلی عدم الصحة و هو ظاهر (الجامع) أو صریحه و ظاهر (المهذب) و فی (الإیضاح) أنه أقوی و فی (جامع المقاصد) أنه قوی و فی (الریاض) لعله أظهر لأن نیة القربة بملک الغیر غیر حاصلة و نیة المجیز حین الإجازة غیر نافعة إما لاشتراط المقارنة للصیغة أو لأن تأثیرها بعد غیر معلوم و ستسمع ما فیه و یأتی للمصنف أن الأقرب لزومه مع الإجازة (کما) هو خیرة (التحریر) فی الفصل الخامس و (اللمعة) و (الحواشی) و (فخر الإسلام) فی (شرح الإرشاد) و (الروض) و (المفاتیح) و هو (الظاهر) من (الإرشاد) لمکان المفهوم و قد (استحسنه) فی (الشرائع) و فی (المسالک) أنه أوجه و فی (الکفایة) غیر بعید و (وجهه) فخر الإسلام بأن الفضولی ینوی القربة عن المالک لأن کل عبادة تقبل النیابة فإن نیتها تقبل النیابة کالزکاة و نحوها (قولک) لا تصح التقرب بملک الغیر (قلنا) عن نفسه لا عن الغیر کما فی التصدق بالمال المجهول المالک و نحو ذلک و یأتی لنا فی أول المطلب الثالث ما له نفع تام فی المقام
(قوله) (و یصح وقوعه من المالک أو وکیله)
کما فی (جامع المقاصد) و قد تقدم فی باب الوکالة أن الوقف مما یصح فیه التوکیل لأنه فعل لم یتعلق غرض الشارع بإیقاعه من مباشر معین و هو یقضی بصحة نیة القربة من الغیر
(قوله) (و لو وقف فی مرض الموت خرج من الثلث مع عدم الإجازة)
کما فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (المختلف) و (جامع المقاصد) و فی (جامع الشرائع) أنه من الأصل و لا ترجیح فی (المبسوط) و لا فی (الکفایة) و قد استوفینا الکلام فیه فی باب الحجر و هو من متفردات الکتاب
(قوله) (و کذا لو جمع بینه و بین غیره و یبدأ بالأول فالأول)
أی لو جمع بین الوقف و غیره خرجا معا من الثلث إذا لم یکن واجبا مالیا کان متبرعا و لو ضاق الثلث عن التبرعات و قد رتب بینها کان وقف و وهب و أقبض و باع محاباة و أعتق بدئ بالأول ثم بالذی بعده فیختص البطلان بما ضاق عنه الثلث مما وقع أخیرا و (ذلک) کله معنی ما فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) (قال) فی (المبسوط) إذا وقف فی مرضه و وهب و أقبض و أعتق و باع و حابی و فات و لم یف الثلث بالجمیع بدئ بالأول فالأول و (قال) فی (المختلف) الوجه عندی التسویة و بسط الثلث علی الجمیع لأن المریض قصد إعطاء الجمیع بخلاف الوصیة المنوط فیها الإعطاء بالموت علی أنه إن نص علی عدم التقدیم عمل بقوله و لا (ترجیح) فی (الدروس) و لو (اشتبه) المتقدم ففی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) أنه قد قیل إنه یقسم علی الجمیع بالحصص (ثم قال) فی (التذکرة) الوجه القرعة و فی (الشرائع) و (التحریر) أنه لو اعتبرت القرعة کان حسنا قلت القائل أنه یقسم علی الجمع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 47
و لو قال هو وقف بعد موتی احتمل البطلان لأنه تعلیق و الحکم یصرفه إلی الوصیة بالوقف و هو أولی (1)

[أما الموقوف علیه]

و أما الموقوف علیه فیشترط فیه أمور أربعة الوجود و التعیین و صحة التملک و تسویغ الوقف علیه (2)
______________________________
بالحصص (الشیخ) فی (المبسوط) فیما إذا أوصی بعطایا و قصر الثلث قال بدئ بالأول فالأول فإن لم یعلم ذلک قسم بالحصص و (قال) فی (المختلف) الوجه استعمال القرعة هنا لأنها لکل أمر مشکل و لأنا نعلم أن فیهم من وصیته باطلة قطعا فلا تجوز مزاحمة غیره به
(قوله) (و لو قال هو وقف بعد موتی احتمل البطلان لأنه تعلیق و الحکم یصرفه إلی الوصیة بالوقف و هو أولی)
و أصح کما فی (الإیضاح) لأنه أبلغ من قوله قفوا هذا بعد موتی و لاستعماله فی الوصیة کثیرا و لأنه تصرف مالی معلق بالموت و هذا معنی الوصیة و (رجح) فی (جامع المقاصد) الاحتمال الأول و قال إن الذی تقتضیه النظر البطلان و لا (ترجیح) فی (التحریر) و (الدروس) و فی (الحواشی) أن هذا إذا لم یعلم القصد و إن علم فلا بحث و (ناقشه) فی (جامع المقاصد) بأن مجرد القصد لا تأثیر له ما لم یوجد اللفظ الدال علیه حقیقة أو مجازا نعم لو شاع استعمال ذلک فی الوصیة و اشتهر لم یبعد القول بصحة الوصیة انتهی (قلت) قد اکتفی جماعة بالکتابة و الکنایة و الإشارة مع القرینة الحالیة الدالة علی الإرادة و إن لم یکن حال ضرورة و لا یختلفون فی ذلک و قد دلت علیه الأخبار الکثیرة و (قال) فی (وصیة الکتاب) لو قال عینت له کذا فهو کنایة ینفذ مع النیة هذا و قد (یحتج) علی البطلان بأنه لا ریب فی أنه لا یراد بهذه الصیغة الإخبار فینبغی أن یراد بها الإنشاء و هی بنفسها إنما تدل مطابقة علی إنشاء الوقف بعد الموت بهذه الصیغة المأتی بها الآن فیکون لحصول الموت دخل فی حصول الوقف و ذلک معنی التعلیق فیکون باطلا لأنها لیست سببا تاما فی حصول الوقف لأن العقود إنما تصح إذا کانت سببا تاما فی إنشاء ما یطلب بها و لا دلالة لها علی الوصیة إلا بتکلف لما یدل علیه اللفظ بأن ینزل علی أن المراد أرید جعله وقفا بعد الموت و إجراء الأحکام الشرعیة علی أمثال هذه الألفاظ من الأمور المستبعدة جدا فلیتأمل
(قوله) (و أما الموقوف علیه فیشترط فیه أمور أربعة الوجود و التعیین و صحة التملک و تسویغ الوقف علیه)
قد ذکرت هذه الأمور الأربعة فی (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و لم یذکر التعیین فی (اللمعة) و لا حکم للمجهول (کما) أنه لم یذکر التسویغ فی (الکفایة) و (المفاتیح) لکنهما ذکرا فیهما أنه لا یصح الوقف علی الکافر و الزناة و (کیف کان) فهذه الشروط الأربعة مستفادة من (النهایة) و (المبسوط) و (الوسیلة) و (الغنیة) و (السرائر) و (جامع الشرائع) لأنهم یذکرون أحکامها بمعنی عدم صحة الوقف علی المعدوم و علی غیر المعین و علی الزناة بل و علی ما لا یملک (بل) قد یستفاد من (المقنعة) و (الکافی) و (المراسم) و (غیرها) و فی (الغنیة) و (السرائر) الإجماع علی کونه معروفا متمیزا یصح التقرب بالوقف علیه و هو ممکن ممن یملک و (فیهما) و فی (المبسوط) أنه لا یصح الوقف علی المعدوم الذی لم یوجد بعد و الحمل و العبد بلا خلاف و فی (المبسوط) أن الذی یقتضیه مذهبنا أنه لا یصح الوقف علی المجهول و المعدوم و (یأتی للمصنف) فی (الکتاب) أنه لا یصح الوقف علی العبد و به طفحت عباراتهم و ظاهر إطلاقاتهم أنه لا فرق فیه بین القن و المدبر و أم الولد و المکاتب و (به) صرح فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 48
فلو وقف علی المعدوم ابتداء أو علی الحمل کذلک لم یصح (1) و لو وقف علیهما تبعا للموجود صح (2) و لو وقف علی أحد الشخصین أو إحدی القبلتین أو علی رجل غیر معین أو امرأة بطل (3)
______________________________
(الکتاب) و غیره و قالوا أنه لا ینصرف الوقف إلی مولاه و (ظاهر الروضة) و کذا (المسالک) الإجماع علیه و تمام الکلام یأتی عند تعرض المصنف له و الحاصل أن اشتراط الأمور الأربعة مما لا ریب فیه و الوجه فی ذلک ظاهر کما ستسمعه إن شاء اللّٰه
(قوله) (فلو وقف علی المعدوم ابتداء أو علی الحمل کذلک لم یصح)
کما (صرح) بعدم صحته فی (الأول) فی (النهایة) و (الخلاف) و (المبسوط) و (المهذب) و (الوسیلة) و (غیرها) و قد سمعت ما فی (المبسوط) و (الغنیة) و (السرائر) من نفی الخلاف فیه لعدم أهلیته للتملیک و فی (الثانی) فی (الخلاف) و (المبسوط) و (الوسیلة) و (فقه الراوندی) و (الغنیة) و (السرائر) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و غیرها و (قد سمعت) ما فی (المبسوط) و (الغنیة) و (السرائر) لأن الوقف إما تملیک العین و المنفعة و إما تملیک المنفعة فقط علی اختلاف الرأیین و الحمل لا یصلح لشی‌ء منهما و إن صلح للوصیة لأنها تتعلق بالمستقبل و لیس فیها نقل فی الحال و الوقف تسلیط علی الملک فی الحال فیشترط فیه أهلیة المنتقل إلیه للملک فافترقا و (مراده) بقوله کذلک کونه ابتداء للتحریر عما لو وقف علی الحمل و المعدوم تبعا کما ستسمع و (المراد) بکونه ابتداء أن یکون فی الطبقة الأولی و (قد فرع) الحمل علی المعدوم فی (الکتاب) و (الشرائع) و (غیرهما) و فیه مسامحة لأنه فی نفسه موجود لکنه مستتر و إنما یشارکه فی الحکم بعدم صحة الوقف من جهة أخری و هی عدم أهلیته للتملیک
(قوله) (و لو وقف علیهما تبعا للموجود صح)
کما قد صرح بصحة الوقف علی المعدوم تبعا للموجود فی (المبسوط) و (فقه القرآن) و (الوسیلة) و (الغنیة) و (السرائر) و (جامع الشرائع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (اللمعة) و (الدروس) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (المفاتیح) و هو (قضیة) کلام (الخاصة) و (العامة) من غیر خلاف بینهم أصلا (بل هو) من القطعیات بشرط أن یکون وجوده ممکنا عادة و یکون قابلا للوقف کما لو وقف علی أولاده الموجودین و من یتجدد منهم أو علیهم و علی من یتجدد من أولادهم و نحو ذلک و لا کذلک لو جعل التابع من لا یمکن وجوده کالمیت لو لا یقبل الملک فإنه لا یصح مطلقا فیکون مع جعله آخرا کمنقطع الآخر أو وسطا کمنقطع الوسط و لو جعله أولا فکمنقطع الأول و لو ضمه إلی الموجود فقولان تقدم أن الأقوی بطلانه فیما یخصه خاصة
(قوله) (و لو وقف علی أحد الشخصین أو إحدی القبیلتین أو علی رجل غیر معین أو امرأة بطل)
کما صرح بذلک فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و هو (قضیة) کلام جم غفیر و (قد سمعت) إجماعی (الغنیة) و (السرائر) علی کونه معروفا متمیزا و (وجهه) ظاهر و هو أن الموقوف علیه لیس بموجود لأن ما لیس بمعین فی نفسه لیس بموجود و أن الوقف یقتضی التملیک و لا یعقل تملیک من لیس معینا و (المراد) بقوله أو امرأة أنها غیر معینة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 49
و لو وقف علی قبیلة عظیمة کقریش و بنی تمیم صح (1)
______________________________
(قوله) (و لو وقف علی قبیلة عظیمة کقریش و بنی تمیم صح)
کما صرح بذلک فی (الخلاف) و (المبسوط) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) فی موضعین منها و (التحریر) و (المختلف) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) (و الکفایة) و کذا (النهایة) و (المهذب) و (الجامع) و (النافع) بل و کذا (المقنعة) و (المراسم) و (فقه القرآن) و (الغنیة) و (السرائر) و فی (الشرائع) أنه المذهب و نسبه فی (التذکرة) إلی علمائنا و (ظاهر التحریر) و (المسالک) أو (صریحهما) أنه إجماع و کذا هو ظاهر الموضع الآخر من (التذکرة) حیث اقتصر فی حکایة الخلاف علی الشافعی و هو أی الإجماع ظاهر (جامع المقاصد) قال و لو وقف علی بلد کبغداد و أهل قطر کالعراق أو علی کافة بنی آدم صح عندنا و (قد صرح) بمعقد إجماعه هذا فی (التذکرة) و (غیرها) و (قد استدل) علیه فی (الخلاف) بأنه لا خلاف فی صحة الوقف علی الفقراء و فی (المختلف) و (جامع المقاصد) و (المسالک) بالإجماع و الأخبار علی أنه یصح الوقف علی الفقراء و المساکین (قلت) لا حاجة بهم إلی ذلک مع ورود النص فی خصوص ذلک کما ستسمع (مع) أن (المخالف) شاذ نادر و هو أبو جعفر محمد بن علی عماد الدین ابن حمزة (فی الوسیلة) حیث قال لا یصح الوقف علی بنی فلان و هو غیر محصورین و (هو) قول (الشافعی) لمکان الجهل فی المصرف حیث یتعذر حصرهم و استیعابهم و (قد روی) فی (الکافی) و (التهذیب) عن علی بن محمد بن سلیمان النوفلی قال کتبت إلی أبی جعفر الثانی (ع) أسأله عن أرض وقفها جدی علی المحتاجین من ولد فلان بن فلان و هم متفرقون فی البلاد فأجاب (ع) ذکرت الأرض التی وقفها جدک علی الفقراء من ولد فلان و هی لمن حضر البلد الذی فیه الوقف و لیس لک أن تتبع من کان غائبا (کذا) فی (الکافی) و (رواه الصدوق) و (الشیخ) بتفاوت یسیر فی ألفاظ السؤال و (الضعف) منجبر بالشهرة معتضد بالإجماعات و (قد استدل) جماعة بالخبر فیما إذا وقف علی الفقراء علی أنه لا یجب استیعاب من لم یحضر البلد (لکنه قال) فی (الدروس) فی خصوص المسألة بأنه یصرف إلی من علم نسبه و لم یقصر علی من حضر البلد و (قال) فی الوقف علی الفقراء أنه یفرق فی فقراء بلد الوقف و من حضر و لا یجب تتبع الغائب و لو تتبعه جاز و لا ضمان فی الأقرب بخلاف الزکاة لأن الفقراء فی الزکاة لبیان المصرف بخلاف الوقف و لا یجزی أقل من ثلاثة و لا یجب التسویة بخلاف المنحصرین و فی (اللمعة) لم یفرق بین المسألتین قال إذا وقف علی الفقراء أو العلویة لم تصرف إلی من فی بلد الواقف منهم و من حضره و قد سمعت أنه قال فی (الدروس) بلد الوقف و به صرح فی الخبر و استجوده فی (الروضة) و نسبه إلی الأصحاب (قلت) قد صرح فی (النهایة) و (المهذب) و (الوسیلة) و (السرائر) و (جامع المقاصد) و (الروض) و ظاهر (جامع الشرائع) و (الشرائع) و (النافع) و (الکتاب) فیما یأتی و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و غیرها (ثم) إن ظاهر المنع عن التتبع کما هو خیرة (التنقیح) و ظاهر (جامع المقاصد) بشرط وجود المستحق فی البلد و قد (سمعت) ما فی (الدروس) من أنه یجوز و هو ظاهر (جامع الشرائع) و (الشرائع) و (التحریر) و (الکتاب) فیما یأتی و (التذکرة) فی موضع آخر و (الإرشاد) و (الروض) و به جزم فی (التذکرة) و (الروضة) بل ادعی الإجماع علیه فی (المسالک) فی رده علی (فخر الإسلام) فی أثناء کلام له معه و (لعلهم) یقولون إن النهی لرفع توهم الوجوب مضافا إلی الأصل و ضعف النص مع عدم الجابر له فی خصوص ذلک و فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 50
..........
______________________________
(جامع الشرائع) أنه إذا قدم غیرهم شارکهم و (قد وقع) فی بعض (العبارات) کما سمعته عن (الدروس) أنه ینصرف إلی فقراء البلد و من یحضره (قال) فی (التذکرة) إن قصد الاقتصار فهو حق و فی (الحواشی) أنه لو تتبع و تلف لا یضمن و کذا لو تربص و تلف و إن وجد المستحق للوقف بخلاف الخمس و الزکاة و (ظاهر الخبر) و (أکثر) من تعرض لهذا الفرع وجوب الصرف إلی جمیع من حضر البلد و به (صرح) فی (التذکرة) و قال إنه الأولی بعد أن اکتفی أولا بالثلاثة کما ستسمع و الأصل یقضی بعدم وجوب ذلک کما یقضی بعدم وجوب التسویة فی القسمة و کان هذا لا خلاف فیه خصوصا مع اختلافهم فی المزایا و لا جابر أیضا للخبر فی ذلک إلا أن تقول یجبر بظاهر هذا الأکثر فتأمّل (نعم) لیس هناک مفت بالعدم إلا صاحب (المفاتیح) و (شیخنا فی الریاض) (نعم) احتمله فی (الروضة) احتمالا لاستلزام الاستیعاب المشقة العظیمة فی بعض الأحیان و یندفع هذا بتقدیره بالإمکان (کما) ستسمعه عن (فخر الإسلام) و لا ریب أنه أحوط (و قد یتوهم) علی کلام (الدروس) بأنه مضطرب إذ فرقه بینه و بین الزکاة یعطی وجوب الاستیعاب و قوله لا یجزی أقل من ثلاثة یقضی بعدمه و (نحوه) قوله فی (الروضة) و علی القولین لا یجوز الاقتصار علی أقل من ثلاثة و جوابه مرادهما أنه لو لم یوجد فی البلد ثلاثة وجب أن یکمل العدد من خارجه و (کیف) کان فقد رجح فی (التحریر) و (الکتاب) فیما یأتی و (الإیضاح) و (الدروس) و (التنقیح) و ظاهر (التذکرة) أو صریحها و کذا (جامع المقاصد) و (الروض) أنه لا یجزی أقل من ثلاثة و فی (المسالک) و (المفاتیح) و (الریاض) أنه قد قیل إنه یکتفی باثنین لأنه أقل الجمع و (احتمل) فی (جامع المقاصد) و (المسالک) جواز الاقتصار علی الواحد احتمالا نظرا إلی أنه وقف علی الجهة و مصرفها الأشخاص و لیس وقفا علی الأشخاص إذ لو أرید ظاهر اللفظ لم تکف الثلاثة إذ لو حمل قوله علی الفقراء علی الاستحقاق لوجب الاستیعاب لأنه جمع معرف فیجب التتبع ما أمکن و قد جعل هذا الاحتمال فی (المفاتیح) و (الریاض) قولا و نسبه فی الأخیر إلی الشهید الثانی و قواه و (قال) فی الأول إنه لا یخلو عن قوة و (نحن) لم نجد أحدا صرح باختیار أحد هذین القولین منا و لا من العامة فی الباب و لا فی باب الوصیة (نعم) قال فی (الإیضاح) فی وجه غیر الأقرب فی کلام المصنف) فیما یأتی فی الکتاب فی الوقف علی الفقراء أنه نظر إلی القول الآخر للأصولیین و هو أن أقل الجمع اثنان و هذا لیس قولا فی المسألة (ثم) إن (فخر الإسلام) قال فی (شرح الإرشاد) إذا وقف علی الفقراء صح إجماعا و لم یکن لبیان المصرف إجماعا بل کان تشریکا و صرفه للکل متعذر لانتشارهم و للزوم خروج نصیب کل واحد منهم عن الانتفاع و التملک و صرفه للبعض ترجیح من غیر مرجح فلا بد من أن یقال إنه یصرف إلی کل فقراء البلد و من حضر فی البلد من غیرهم و یجب الاستیعاب مهما أمکن فهذا الوقف یشابه بیان المصرف من جهة الاقتصار علی البعض و التشریک من جهة أنه لا یجوز الاقتصار مع المکنة انتهی ملخصا (فلتلحظ) دعواه الإجماع علی أنه لیس لبیان المصرف (فإنه) خلاف تصریح جماعة مرارا (منهم والده) فی (التذکرة) و (لیعلم) أنه لا فرق فی الوقف علی غیر المنحصر بین کون عدم الانحصار فی ابتداء الوقف و انتهائه کما هو خیرة (التذکرة) و (جامع المقاصد) و هو ظاهر إطلاق الخبر لمکان ترک الاستفصال فیه فلو أمکن فی ابتداء الوقف استیعابهم ثم انتشروا فالأقرب عدم وجوب الاستیعاب و التعمیم و عدم التسویة و سیختار المصنف فی (الکتاب) و (ولده) فی (الإیضاح) أن الأقرب وجوب التعمیم فیمن یمکن و التسویة لأن الواقف أرادهما کما یأتی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 51
و لو قال وقفت أو هذه صدقة موقوفة و لم یذکر المصرف بطل (1) و لو وقف علی المسلمین فهو لمن صلی إلی القبلة (2)
______________________________
(قوله) (و لو قال وقفت أو هذه صدقة موقوفة و لم یذکر المصرف بطل)
کما (فی النهایة) و (الخلاف) و (المبسوط) و (المهذب) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (المفاتیح) و قد سمعت إجماعی (الغنیة) و (السرائر) علی کونه معروفا متمیزا فتأمّل (و قد یستفاد) من کلمات الباقین کأن یقال إنهم منعوا من الوقف علی المجهول کان یقول وقفت علی جماعة فکذا إذا أطلق بل هو أولی لمکان الجهالة فیهما مع عدم ذکر المصرف هنا و (لهذا) نسبه فی (التذکرة) إلی علمائنا و لم یلتفت إلی أبی علی و فی (المسالک) لم أقف فیه علی مخالف عدا ابن الجنید و فی (المفاتیح) أنه شاذ (قلت) قد یظهر من (المختلف) المیل إلیه (کما) قد یظهر من (الدروس) التوقف و (حکی) فی (المختلف) عن أبی علی أنه لو قال صدقة للّه و لم یذکر من یتصدق بها علیه جاز ذلک و کانت فی أهل الصدقات الذین سماهم اللّٰه تعالی (و الوجه) فیما علیه المعظم أن الموقوف علیه أحد أرکان العقد و قد أخل به و لا یحمل ذلک علی إرادة عموم الوقف لانتفاء ما یدل علی ذلک و فی (مکاتبة) الصفار فی بیان الوقف الموقت و غیر الموقت ما یدل علیه و قد أسمعناکها فیما سلف (و قد یحتج) لأبی علی بأن الفرض فی الوقف الصدقة و القربة و أنه یصح أن یقول أوصیت بثلثی و أن یقول للّه علی أن أتصدق و (فیه) أنا نمنع کون مطلق القربة هی الغایة فی الوقف بل یجوز أن یکون خصوصیات القرب أغراضا للواقف و نمنع الحکم فی الوصیة بل یجب تعیین الموصی له إما بوصف عام أو مخصص و (قد یظهر) من (التذکرة) هنا أن هذا مما لا خلاف فیه فعلی هذا یکون الخلاف فیما أوصی لأحد هذین أو لرجل و نحو ذلک و (قال) فی (الکتاب) و فی اشتراط التعیین نظر لکن من عاصرنا من الشیوخ یکتفون بقوله أخرجوا عنی ثلثی لأن باب الوصیة أوسع من الوقف حیث جوزوا الوصیة للحمل و الوصیة بالقفیز و القفیزین و لرجل و لمسکین (لکن) لم أجد من صرح بصحة قوله أوصیت بثلثی بل ظاهر کلام جماعة منهم (المحقق) العدم و هو الموافق للقواعد و لکونه عقدا فلیلحظ و لیتأمّل و الصدقة فی النذر معلومة المصرف الحادث و القدیم
(قوله) (و لو وقف علی المسلمین فهو لمن صلی إلی القبلة)
کما فی (المراسم) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و هو (المشهور) کما فی (إیضاح النافع) و (المسالک) و مذهب الأکثر کما فی (جامع المقاصد) و المراد من دان بالصلاة إلی القبلة و کان شأنه باعتبار معتقده أن یفعله و إن لم یفعله حیث لا یستحل و (ظاهر المقنعة) اشتراطه فعلیة الصلاة حیث قال و إن وقفه علی المسلمین کان علی جمیع من أقر باللّٰه تعالی و نبیه ص و صلی إلی الکعبة الصلوات الخمس و اعتقد صیام شهر رمضان إلی آخره و فی (النهایة) و (المهذب) و (الوسیلة) و (جامع الشرائع) و کذا (التنقیح) أنه لمن أقر بالشهادتین و أرکان الشریعة و هو معنی الإدانة بالصلاة إلی القبلة غیر أنه فی (التنقیح) اشترط التلفظ بالشهادتین مع الإقرار بکل ما جاء به محمد (ص) و جعله تحقیقا و هو مراد القوم جمیعا فلم یکن حقق شیئا بل کلامه یوهم وقوع الخلاف فی المسألة و فی (الوسیلة) و (جامع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 52
و یحرم علی الخوارج و الغلاة (1) و لو وقف علی المؤمنین فهو للإثنی عشریة (2)
______________________________
الشرائع) و (التذکرة) و (المختلف) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) أنه یدخل فیهم أطفالهم و مجانینهم و (هو کذلک) لاندراجهم فیهم عرفا و شمول اللفظ تبعا و (ظاهر إطلاقهم) أنه لا فرق بین کون الواقف محقا أو غیره تبعا لعموم اللفظ و فی (السرائر) إذا وقف المسلم المحق شیئا للمسلمین کان ذلک للمحقین من المسلمین لما دللنا علیه من فحوی الخطاب و شاهد الحال (ثم) ساق عبارة (النهایة) و قال إنه خبر واحد أورده إیرادا لا اعتقادا لأنا و إیاه نراعی فی صحة الوقف التقرب به إلی اللّٰه تعالی و بعض هؤلاء لا یتقرب الإنسان المحق بوقفه علیه و أشار بقوله لما دللنا علیه إلی ما تقدم له فیما إذا وقف الکافر وقفا علی الفقراء فقد قال کان ذلک ماضیا فی فقراء أهل نحلته الشهادة دلالة الحال علیه و (ضعفه) فی (جامع المقاصد) بأن تخصیص عام لا یقتضی تخصیص عام آخر و ما ادعاه من فحوی الخطاب و شاهد الحال علی ذلک ممنوع و الفرق بین المسلمین و الفقراء قائم فإن إرادة الوقف علی جمیع الفقراء علی اختلاف آرائهم و مقالاتهم و تباین معتقداتهم أمر تشهد العادات بنفیه فلما لم یکن دلیل علی تخصیص تمسک بقرینة النحلة و الدین فأما الوقف علی جمیع المسلمین فأمر راجح فی نظر الشارع و مثله واقع کثیر فیجب إجراؤه علی ظاهره و (تبعه) علی ذلک صاحب (المسالک) و (فیه) أنه إذا اشترک العامان فی الوجه المخصص و هو شهادة الحال کان تخصیص أحدهما یقتضی تخصیص الآخر و الفرق غیر فارق لأن ما ذکر فی الفقراء جار فی المسلمین لمکان اختلافهم فی الآراء و تباینهم فی الاعتقادات و کل من یشترط القربة فی صحة الوقف لا یلزمه أن لا یصححه من المحق علی جمیع فرق المسلمین و (هذا أبو الصلاح) و (أبو المکارم) و (المقداد) و (الفاضل القطیفی) صرحوا بعدم الصحة من المحق علی غیره (فقول ابن إدریس) قوی جدا علی تقدیر صحة الوقف من المحق علی غیره و (إن قلنا) بمقالة هؤلاء تعین القول بقوله (ثم) إن المخالفین من العامة و من تبعهم من الزیدیة و غیرهم کفار عند (ابن إدریس) فرده (علی الشیخ) إنما قصد به التنظیر و التمثیل لرفع الاستبعاد علی مذاقه علی أنک قد عرفت متانته (لکنا) لم نظفر بهذا الخبر الذی ادعوا أن الشیخ أورده إیرادا و لو کان کما قال لجبرته الشهرة إلا أن تقول إنه یکفی إرساله هو له
(قوله) (و الأقرب حرمان الخوارج و الغلاة)
کما نص علیه فی (التذکرة) و (الدروس) و (اللمعة) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (إیضاح النافع) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) لأن إطلاق المسلمین لا یتناولهم لأنهم کفار و لا وجه لتخصیصهم بالذکر کاللمعة بل یحرم کل من ارتکب ما یقتضی کفره کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و قد زید فی (الدروس) و (التنقیح) النواصب و (قال) فی (الدروس) إلا أن یکون الواقف منهم و قالا قیل تخرج المجبرة و المشبهة (قلت) القائل المصنف فی (التذکرة) و (قد قطع) فی طهارة (الدروس) بکفر المجسمة و قال فی (الدروس) هنا إن الرجوع إلی اعتقاد الواقف قوی و (جزم) به فی (التنقیح) کما لا وجه أیضا لقوله الأقرب لما عرفت و (یوجد) فی بعض النسخ و یحرم الخوارج و الغلاة إلا أن تقول الوجه فی قوله الأقرب أن احتمال عدم الاستثناء قائم لصدق الاسم علیهم عرفا إلا أن یکون هناک شاهد حال فتأمل لأن عرف الشارع مقدم إذ لفظ المسلمین لا یشملهم شرعا لأنهم منتحلوه
(قوله) (و لو وقف علی المؤمنین فهم الإثنی عشریة)
عند (علمائنا) کما فی (التذکرة) و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 53
و قیل لمجتنبی الکبائر (1)
______________________________
هو المعروف بین الأصحاب کما فی (جامع المقاصد) و بین الإمامیة کما فی (المسالک) و به صرح فی (المراسم) و (السرائر) و (جامع الشرائع) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (المختلف) و (الدروس) و (اللمعة) و (التنقیح) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و غیرها و (هو المحکی) (عن التبیان) و أن (ظاهرهما) الإجماع (حیث) قالا «1» عندنا أن الفاسق فی حال فسقه مؤمن و (ظاهر السرائر) نفی الخلاف فی ذلک فی الباب و (قال) فی باب (الزکاة) إنه الصحیح الذی لا خلاف فیه و من یحصل «2» و (حکاه کاشف الرموز) عن علم (الهدی) و فی (الدروس) أیضا أن المؤمنین و الإمامیة واحد و هم القائلون بإمامة الاثنی عشر و عصمتهم (ع) المعتقدون لها و (مثله) ما فی (التنقیح) مع زیادة النص علیهم و (ینبغی) أن یزید اعتقاد أفضلیتهم علی غیرهم و نحو ذلک من معتقدات الإمامیة (لکن الأصحاب) کما سمعت أطلقوا الکلمة بأن المؤمنین هم الاثنا عشریة یعنون المعتقدین إمامتهم دون غیرهم و لم یذکروا اشتراط العصمة و لا غیرها إلا أن تقول إن هذه الأشیاء کلها لازمة للقول بإمامتهم فلا اختلاف و لا خلاف فتأمل و (قال) فی (التنقیح) إنه لا کلام فی أن الإمامیة یراد بهم الاثنا عشریة لوقوع الاتفاق علی أن هذا الاسم لا یطلق إلا علی من اعتقد إمامة الاثنی عشر و فی (الروضة) لا یشترط فی الإمامیة اجتناب الکبائر اتفاقا و إن قیل به فی المؤمنین و (ربما) أوهم کلام النافع و (الدروس) و (الخلاف) هنا أیضا و لیس کذلک (دلیل القائل) کما ستسمعه یرشد إلی اختصاص الخلاف بالمؤمنین و (ظاهر إطلاقاتهم) أنه لا فرق بین کون الواقف من الإمامیة أو غیرهم و (قد یقال) إذا کان ذلک غیر معروف عند غیر الإمامی لم یکن قاصدا له و لا متوجها وقفه إلیه و لیس لفظ المؤمنین کلفظ المسلمین عاما حتی ینصرف إلیه و إن خالف بعضهم معتقد الواقف إذ الإیمان مختلف بحسب اختلاف المصطلحین فینبغی أن یلاحظ حال الواقف من معتزلی و إمامی أو غیره و یصرف إلی مصطلحه (کما نبه) علیه فی (السرائر) فلیلحظ و لیتأمل.
(قوله) (و قیل لمجتنبی الکبائر)
القائل (المفید) فی (المقنعة) و (الشیخ) فی (النهایة) و القاضی فی (المهذب) و (العماد) فی (الوسیلة) و فی (المقتصر) أنه قوی و (قد یلوح) من (الدروس) المیل إلیه حیث قال إنه مأثور عن السلف و مروی فی (الأخبار) و فی (کشف الرموز) أکثر أصحاب الحدیث علیه و (قد نصوا) علی عدم دخول الفساق تفریعا علی ذلک و فی (إیضاح النافع) أنه ضعیف جدا لأن الإیمان عبارة عن الاعتقاد و لیس العمل الصالح جزءا منه و لو (سلم) فاقتراف الکبائر لا یدل علی عدم عمل صالح و (نحوه) ما فی (جامع المقاصد) من رمیه بالضعف و فی (المختلف) أن التحقیق أنا إن جعلنا الإیمان مرکبا من الاعتقاد القلبی و العمل بالجوارح لم یکن الفاسق مؤمنا و إن جعلناه عبارة عن الأول کان مؤمنا (قلت) منشأ الاختلاف اختلاف الأخبار فإن منها ما اشتمل علی أن الإیمان عبارة عن التصدیق و الإقرار و منها ما اشتمل علی ذلک مع اشتماله علی عمل الصالح و قد صرحت بأنه إقرار باللسان و اعتقاد بالجنان و عمل بالأرکان و (الجمع) یقضی بحمل المطلق علی المقید و المصیر إلی هذا القول إلا أن الشهرة و الإجماع الظاهر من جماعة قضیا ترجیح المطلقة و إبقاءها علی إطلاقها
______________________________
(1) کذا فی الأصل
(2) کذا فی الأصل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 54
و الشیعة کل من قدم علیا (ع) کالإمامیة و الجارودیة من الزیدیة و الکیسانیة و غیرهم (1)
______________________________
و حمل تلک علی الفرد الأکمل و هذا الجمع یشهد له الاعتبار (بل) ضرورة المذهب أن قضیة ذلک أن الفساق کفار أو منزلة بین المنزلتین الکفر و الإیمان (ثم إن) تفریعهم علی ذلک حرمان الفساق فیه ما فیه لأن الفسق یحصل بالإصرار علی الصغیرة و بترک المروة و لأن الفسق یقابل العدالة فإذا زالت بمخالفته المروة ثبت الفسق و (علی أصل القائلین) بهذا القول لا یخرج عن الإیمان بترک المروة لأنه لیس من السیئات عنده إلا أن یقول إن ترک المروة لا یکون إلا عن عدم مبالاة فی الدین أو نقصان فی العقل و الإصرار کبیرة فلیلحظ
(قوله) (و الشیعة کل من قدم علیا (ع) کالإمامیة و الجارودیة من الزیدیة و الکیسانیة و غیرهم)
کما صرح بذلک کله فی (التحریر) و (الروضة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و فی (الأخیرین) أنه المشهور و هو معنی ما فی (التذکرة) و (الدروس) و (اللمعة) و (التنقیح) و (الروض) أنهم من قدم علیا (ع) أو من شایعه بلا فصل و (الظاهر) أنه معنی ما فی (المقنعة) و (النهایة) و (المهذب) و (المراسم) و (الوسیلة) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (الإرشاد) و (المختلف) من أنه إذا وقف علی الشیعة و لم یمیز فهم الإمامیة و الجارودیة و فی (المهذب البارع) و (إیضاح النافع) أنه المشهور و (قد نص) فی أکثرها علی إخراج التبریة لأن الجارودیة و الکیسانیة و الناووسیة و الواقفیة و الفطحیة یقولون بمشایعة علی (ع) و یقدمونه بلا فصل و (هو الذی) فهمه المتأخرون عن المصنف فما فی (التنقیح) غیر صحیح قطعا قال للناس فی تفسیر التشیع (أقوال الأول) قول الراوی أن الشیعة جنس تحته أنواع الإمامیة و الزیدیة و الغلاة و الإسماعیلیة (الثانی) أن الشیعة من شائع علیا (ع) فی الإمامة بغیر فصل (الثالث) أنه اسم للإمامیة و الجارودیة لا غیر و هو قول (الشیخین) و (سلار) و (القاضی) و (ابن حمزة) و اختاره المصنف و (العلامة) انتهی و هو خبط فی خبط لأن (الشیخ) فی (النهایة) و (القاضی) و (ابن حمزة) صرحوا بأن الشیعة هم الإمامیة و الجارودیة من الزیدیة دون التبریة و یدخل معهم سائر فرق الإمامیة من الکیسانیة و الناووسیة و الفطحیة و الواقفة و الإثنی عشریة (کذا قال) فی (النهایة) و (المهذب) بتفاوت یسیر و (قال) فی (الوسیلة) و (الجامع) الشیعة هم جمیع فرقها عدا التبریة و (قد سمعت) ما فی کتب المصنف و (المحقق) و فی (الدروس) أن ابن نوبخت جعلهم هم المسلمین و کل منهم الفرق الثلاث و السبعین و فی (السرائر) أنه یصرف إلی قبیل الواقف لقرینة الحال (و قد نفی) عنه البأس فی (التذکرة) و (استحسنه) فی (إیضاح النافع) و (المهذب البارع) و (قال) فی الأخیر إنه من المستبعد أن یقف المؤمن علی إحدی فرق الزیدیة الذین هم أشد عداوة لأهل البیت (ع) و الشیعة من النواصب (قلت) لا ریب فی ذلک مع حصول شاهد الحال و إن لم یحصل فالواجب مراعاة اللفظ و معناه من عموم و غیره (لکن) هذه الفرق قد انقرضت عدا بعض فرق الزیدیة (و قد صار) هذا الاسم الشریف فی زماننا و ما راهقه حقیقة فی الإثنی عشریة خاصة بل و لا یکاد یخطر ببال أحد من أهل العصر صدق الشیعة علی غیرهم و لو مجازا فإطلاق القدماء لعله فی محله و (أما من) تأخر عنهم (کالمحقق) و المصنف و الشهید فقد یعتذر عنهم بأن هذا الکلمة لم تکن بتلک المکانة فی عصرهم فیکون مرادهم إذا لم یکن هناک قرینة و أما متأخرو متأخریهم فلا نجد لهم عذرا و (نعم) ما صنع فی (الکافی) و (المبسوط) و (الخلاف) و (فقه القرآن) و (الغنیة) و غیرها حیث ترک فیها التعرض لهذه المسائل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 55
و الزیدیة کل من قال بإمامة زید بن علی بن الحسین (ع) (1) و الهاشمیون کل من انتسب إلی هاشم من ولد أبی طالب و الحارث و العباس و أبی لهب (2) و الطالبیون من ولده أبو طالب (3) و إذا وقف علی قبیلة أو علق بالنسبة إلی أب دخل فیهم الذکور و الإناث بالسویة إلا أن یعین أو یفضل (4)
______________________________
هذا و فی (کشف الرموز) الجارودیة قائلون بإمامة علی بن الحسین (ع) و هو سهو بلا شک
(قوله) (و الزیدیة کل من قال بإمامة زید بن علی بن الحسین (ع))
کما هو (خیرة المعظم) سواء کان الواقف إمامیا أو غیره کما هو قضیة إطلاقهم و (قال) فی (السرائر) إذا کان الواقف إمامیا لم یصح الوقف لعدم نیة القربة و یصح إذا کان زیدیا
(قوله) (و الهاشمیون کل من انتسب إلی هاشم من ولد أبی طالب و الحارث و العباس و أبی لهب)
لأن قصی بن کلاب و اسمه زید و یسمی مجمعا لأنه جمع قبائل قریش و أنزلها مکة ولد عبد مناف و عبد الدار و عبد العزی فأما عبد مناف و اسمه المغیرة فقد ولد هاشما و عبد شمس و المطلب و نوفلا و أبا عمرو و أما هاشم بن عبد مناف فولد عبد المطلب و أسد و غیرهما ممن لم یعقب (فولد) عبد المطلب عشرة من الذکور و ست من البنات أسماؤهم عبد اللّٰه أبو النبی (ص) و أبو طالب (ع) و اسمه عبد مناف و الزبیر و العباس و المقدم و حمزة و ضرار و أبو لهب و اسمه عبد العزی و الحارث و الغیداق و اسمه جحل بالجیم قبل الحاء الساکنة و هو الیعسوب العظیم و أسماء البنات عاتکة و أمیة و البیضاء و برة و صفیة و أروی و لم یعقب هاشم إلا من عبد المطلب و لم یعقب عبد المطلب من جمیع أولاده الذکور إلا من خمسة و هم عبد اللّٰه و أبو طالب (ع) و العباس و الحارث و أبو لهب و (أولاد) هؤلاء هم المستحقون للخمس الممنوعون من الزکاة
(قوله) (و الطالبیون من ولد أبی طالب)
کما فی (المقنعة) و (النهایة) و (المهذب) و (السرائر) و کثیر مما تأخر عنها (ففی الکتب) الثلاثة و کذا (الرابع) إذا وقفه علی الطالبیین کان علی ولد أبی طالب و ولد ولده من الذکور و الإناث
(قوله) (و إذا وقف علی قبیلة أو علقه بالنسبة إلی أب دخل فیهم الذکور و الإناث بالسویة إلا أن یعین أو یفضل)
الوقف علی القبیلة مثل الوقف علی ربیعة و تمیم و همدان و تعلیق الوقف بالنسبة إلی الأب مثل الوقف علی الهاشمی و العلوی و قد صرح بمثل ما فی (الکتاب) فی الأمرین و الدخول و الاستواء إلا أن یفضل فی (التحریر) و (الإرشاد) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (الروضة) و (کذا) (التذکرة) و (التبصرة) و قد صرح بدخول الذکور و الإناث فی الأمر الثانی و فی (المقنعة) و (النهایة) و (ب) و (جامع الشرائع) و (الدروس) و (الشرائع) و (النافع) مع التصریح فی (الأخیرین) بتساویهما فی ذلک لم یتعرضوا للأمر الأول لأنه بمعناه و قالوا و الوجه فی دخول الذکور و الإناث فی الأمرین أن اللفظ فیهما یشمل الإناث تبعا و إن وقع بلفظ الذکور کما هو الشأن فی التکلیفات (الکتاب ط) و السنة و ینبغی أن یرید أن ذلک بسبب الاستقراء (الذی) یفید (الاطمئنان) و بدون ذلک للنظر فیه مجال و أنه یصح إطلاقه علی الإناث فیقال همدانیة و قرشیة و تمیمیة و علویة و هاشمیة و قد یتأمّل فی ذلک و (صاحب الریاض) استند فی ذلک إلی الإجماع لکنه لم یحکه أحد سواه (نعم) عدم وجدان الخلاف محصل و لا ریب فی أنه إذا عین أو فضل تعین
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 56
و یندرج فیهم کل من انتسب بالأب دون الأم خاصة کالعلویة فإنه یندرج تحته کل من انتسب إلی علی (ع) من جهة الأب و لا یعطی من انتسب إلیه بالأم خاصة علی رأی (1)
______________________________
(قوله) (و یندرج فیهم کل من انتسب بالأب دون الأم خاصة کالعلویة فإنه یندرج فیه کل من انتسب إلی علی (ع) من جهة الأب خاصة و لا یعطی من انتسب إلیه بالأم علی رأی)
هو المشهور کما فی (مختلف) و (المسالک) و (الکفایة) و (مذهب) أکثر المشایخ کما فی شرح (الإرشاد) لفخر الإسلام و (الأکثر) کما فی (جامع المقاصد) و (المسالک) أیضا و (هو) (ظاهر المقنعة) و (النهایة) و (المهذب) فی الباب و (صریح الکافی) و (الخلاف) و (المبسوط) و (السرائر) و (جامع الشرائع) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (الروضة) و (المسالک) و (کذا غایة المراد) و (خمس النهایة) و (الوسیلة) و (الکتاب) و (الإیضاح) و (المقتصر) و (لیعلم) أن المسألة ذکرت فی (الخلاف) و (المبسوط) و (السرائر) فی مقام آخر و (هو) ما إذا وقف علی أولاده و أولاد أولاده و (حکی) جماعة عن (المرتضی) أنه ذهب إلی دخول أبناء البنات فی الوقف المذکور و (حکاه) فی (الکفایة) عن جماعة و لم نظفر بواحد من هؤلاء الجماعة و (لعله) فهمه من قوله فی (الشرائع) فیه خلاف بین الأصحاب و (حکی) فی (المفاتیح) عن ابن (حمزة) موافقته و لم نجده فی (الوسیلة) فی البابین و (حکاه) فی (الریاض) عن ابن (زهرة) فی الباب و أنه ادعی علیه الإجماع و لم نجد له أثرا فی الغنیة فی البابین مع أنه فی باب الخمس قصر الخلاف علی المرتضی و قال إنه شاذ نادر و (قد تتبعت) (الإنتصار) فی مظانه فلم أجد لذلک أثرا نعم له (رسالة) فی المیراث تضمنت أن أولاد البنات کأولاد الأبناء فلو خلف بنت ابن و ابن بنت کان لابن البنت الثلثان و لبنت الابن الثلث و (لعلهم) فهموا ذلک من هذه (الرسالة) (لکنه) قد وافقه علی ذلک فی المیراث (العمانی) و (الشیخ سالم المصری) و ابن (إدریس) و (حکوا) عنه فی باب الخمس أنه قال إن من انتسب إلی عبد المطلب بالأم أنه یعطی من الخمس هذا و فی (المفاتیح) فیما نحن فیه أنه لا یخلو عن قوة و (کأنه) لا ترجیح فی (المختلف) و (التبصرة) و (شرح الإرشاد) للفخر و (التنقیح) و فی (الکفایة) أن المسألة مشکلة و (مستند) الأصحاب واضح (و هو اتفاق) أهل العرف علی ذلک و (قوله) جل شأنه ادْعُوهُمْ لِآبٰائِهِمْ و فی الخبر من کانت أمه من بنی هاشم و أبوه من سائر قریش فإن الصدقة تحل له و لیس له من الخمس شی‌ء و (احتج السید) بقوله عز و جل وَ مِنْ ذُرِّیَّتِهِ دٰاوُدَ وَ سُلَیْمٰانَ إلی قوله وَ عِیسیٰ مع عدم انتسابه إلیه بالأب و بقوله (ص) هذان ابنای إمامان قاما أو قعدا و (قوله) لا تزرموا علی ابنی بالزاء المعجمة الساکنة و الراء المهملة المکسورة و (بقوله) و حلائل أبنائکم الذین من أصلابکم کما استدل به الرضا (ع) علی کونه ابنا لرسول اللّٰه (ص) حین طلب منه المأمون الدلیل علی ذلک (فلا یلتفت) إلی قول (الشاعر) بنونا بنو أبنائنا و بناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد (و قد قالوا) فی باب نکاح الإماء فی الفرق بین الآدمیین و الحیوانات أن النسب فی الآدمیین مقصود و أنه تابع للأم و الأب و أنه منسوب إلیهما بخلاف الحیوانات فإن الولد لمالک الأم و المنتسب للمنتسب منتسب لذلک المنتسب (ثم إن الولد) یتبع لشرف الطرفین فیکون الابن و الولد مشترکا معنویا (و إن قلت) إنه لفظی و المجاز خیر منه (قلنا) الظاهر مما سمعت ثبوت الاشتراک هذا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 57
و لو وقف علی من اتصف بصفة أو دان بمقالة اشترک فیه کل من تصدق علیه النسبة کالشافعیة یندرج فیهم کل من اعتقد مذهب الشافعی من الذکور و الإناث (1) و لو وقف علی الجیران فهو کل من یصدق علیه عرفا أنه جار (2)
______________________________
أقصی ما یستدل به للسید فلیتأمّل فیه و (الذی یظهر لی) أن السید إنما یقول إن أولاد الأولاد لبنت الابن یدخلون حقیقة فی الأولاد کما صرح به فی (الرسالة) المیراثیة و (قد استدل) علیه بالآیات المذکورة و بحجبهم الزوجین و الأبوین و أن أولاد البنت کأولاد الابن إذا اختلفوا ذکورة و أنوثة اقتسموا بالتفاوت و (قد وافقه) علی أن أولاد البنت و أولاد الابن یدخلون فی الأولاد حقیقة و أن الوقف علی أولاد الأولاد یدخل فیه أولاد البنات (المفید) و (التقی) و (القاضی) و (ابن زهرة) و (ابن إدریس) (و قد ادعی الأخیر) أن علی ذلک الإجماع کما یأتی قریبا (مع أنهم) یقولون إن أولاد البنت لا ینتسبون إلیه (فالظاهر أن (السید) یقول کذلک و ما کان لیخالفه العرف غایة الأمر أنه یقول إنهم یأخذون من الخمس لأنهم أولاد و أنهم کالأولاد فی الإرث و هم یخالفونه فی الأمرین و هما لازمان لهم و هو یوافقهم فی عدم الانتساب إلیه و إن کانوا أولادا فلا یدخلون عنده فیما إذا وقف علی الهاشمی و (یوافقهم) أیضا فی دخولهم فی مسألة الوقف علی أولاد الأولاد و (بهذا التحریر) یظهر لک حال ما قالوه و ما نسبوه إلی (المرتضی) و أنه استنباطی من (الرسالة) و (یرتفع) الإشکال عن بعض متأخری المتأخرین حیث (قال) و العجب من أصحابنا المتأخرین حیث خصوا الخلاف فی کون المتولد من البنت ابنا حقیقة مع أن کلام هؤلاء صریح فی ذلک
(قوله) (و لو وقف علی من اتصف بصفة أو دان بمقالة اشترک فیه کل من تصدق علیه النسبة کالشافعیة و الحنفیة یندرج فیه کل من اعتقد مذهب الشافعی من الذکور و الإناث)
قلت و الغنی و الفقیر و بالحکمین صرح فی (النافع) و (بالأول) صرح فی (الإرشاد) و (الروض) و (المفاتیح) و (بالثانی) فی (الدروس) و کذا (التذکرة) و (التحریر) فی الأمرین مع ملاحظة کلماتهم فی مواضع و یستفادان کذلک من غیرهما و (الوجه) فیهما ظاهر مع اتفاق العرف و (الاصطلاح) و إن اختلف فالمدار علی عرف الواقف لمکان شهادة الحال و یجب اتباع القرائن إن وجدت و (مما) اتصف بصفة الفقهاء و المتفقهة و (فی التذکرة) أن الأول لمن حصل شیئا من الفقه و إن قل و الثانی إلی المشتغل به مبتدئا أو منتهیا و فی (الدروس) أن قصد بالفقهاء المجتهدین أو من حصل طرفا من الفقه فذاک و إن أطلق حمل علی الثانی و أن المتفقهة الطلبة فی الابتداء و المتوسط و الانتهاء ما داموا مشتغلین بالتحصیل و العطارون و البزازون و الحاکة و غیرهم من أرباب الصنائع المحللة شریفة کانت أو وضیعة (کما) فی التذکرة و هو ظاهر
(قوله) (و لو وقف علی الجیران فهو لکل من صدق علیه عرفا أنه جار)
کما (فی الشرائع) و (النافع) و (کشف الرموز) و (التذکرة) و (التحریر) و (المختلف) و (الإیضاح) و (جامع المقاصد) فی موضعین منه و (الروض) و (المسالک) و (الکفایة) و (الروضة) فی الوصایا و فی (حواشی الشهید) أنه قوی و استحسنه صاحب (إیضاح النافع) و (قد نسبه) إلی جماعة من الأصحاب فی (جامع المقاصد) لأنه الحکم فی مثله أعنی الألفاظ الصادرة من أهل العرف و اللغة المتداولة بینهم فإنها تحمل علی حقائقهم لا الشرعیة و (لو سلمنا) ثبوت الحقیقة الشرعیة و أنه یجوز حمل ألفاظ أهل العرف علیها فلا بد من التوقف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 58
و قیل لمن یلی داره إلی أربعین ذراعا من کل جانب (1)
______________________________
و الفحص عن القرینة المعینة لإحدی الحقیقتین کما هو الشأن فی الألفاظ المشترکة لکن المقدمتین فی محل المنع کما ستسمع و (هذا) أحسن مما قالوه من أنه الحکم فیما لم یرد به من الشرع بیان لأن ذلک فیما ورد من الشارع و (من الغریب) قوله فی (الریاض) إنی لم أقف علی قائل به عدا (الماتن) هنا و (الفاضل) فی جملة من کتبه و (القسمة) هنا علی عدد الرءوس فی کل دار فتقسم علی الرءوس سواء تعددت فی کل دار أم اتحدت و تستوی فی ذلک الذکر و الأنثی من صغیر و کبیر دون العبد و (لعله) لا فرق بین صاحب الدار و من هو فی عیلولته من زوجة و ولد
(قوله) (و قیل لمن یلی داره إلی أربعین ذراعا من کل جانب)
هذا القول هو المشهور (کما) فی (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و وصایا (المسالک) و (مذهب الأکثر) کما فی (التذکرة) و (المختلف) و (جامع المقاصد) أیضا و (المسالک) أیضا و فی (الخلاف) فی موضعین و (الغنیة) و (ظاهر التنقیح) الإجماع علیه و (قد یلوح) أی الإجماع أو یظهر (من السرائر) حیث قال إنه المعمول به و (قد فهم) منها الإجماع صاحب (المسالک) أیضا و (قد نسب) فیه و فی (التنقیح) الحکم إلی (الشیخین) و الأتباع و (هو) خیرة (المقنعة) و (النهایة) و (الکافی) و (المراسم) و (المهذب) و (الوسیلة) و (جامع الشرائع) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (حواشی الکتاب) و فی (الشرائع) أنه حسن و فی (التحریر) أنه جید و (هو المحکی) عن (الکیدری) و به (صرح) فی وصایا (الکتاب) و (المبسوط) و (اللمعة) و (وصایا أکثر) الکتب المذکورة حیث یجعلونه علی باب الوقف و فی (الخلاف) فی موضعین أنه یدل علیه روایات أصحابنا و إجماعهم کما سمعت و (ظاهر السرائر) أن به روایة و (قد علم) أن (المقنعة) و (النهایة) و (المراسم) و کذا (الوسیلة) متون أخبار و (هذه) الروایات المرسلة فی الخلاف منجبرة بالشهرة معتضدة بالإجماعات المنقولة و المفروض أنها صریحة (فکان المستند) واضحا صریحا بناء علی أصولهم و قواعدهم فی الخبر المرسل و (لهذا) ذهب إلیه من لا یعمل إلا بالقطعیات (کالتقی) و ابن (زهرة) و ابن (إدریس) و (مع ذلک) قد ورد الأخبار الناطقة بأن حد الجوار أربعین دارا من کل جانب من بین یدیه و من خلفه و عن یمینه و عن شماله و (فیها الصحیح) کصحیحة جمیل أو حسنته (و رووا ذلک) فی کتب الاستدلالیة خبرا عامیا عن عائشة و أعرضوا عنها و هی نصب أعینهم و (قد نبه) جماعة علیها غیر (صاحب المسالک) (کیحیی بن سعید) و و (المصنف) فی (التحریر) و (قد قال) فی (الکفایة) إن به روایات متعددة (فما تحذلق) به (صاحب الحدائق) و شنع به علی الأصحاب و أنه لم یعثر علی من تنبه لها غیر (صاحب المسالک) فی غیر محله (شیخ مسکین) لا یتبع کلامهم و لا یجری علی أصولهم بل لا یعرفها و یأخذ فی التشنیع علیهم کأن بینه و بینهم عداوة و (کذلک) لا یعجبنی فی المقام کلام (صاحب المسالک) حیث قال و کثیرا ما یثبت الأصحاب أقوالا بدون المستند و (لعل الوجه) فی إعراضهم عن هذه الأخبار و معارضتها للأخبار المرسلة فی (الخلاف) الذی عمل بها الأصحاب و انعقد علیها الإجماع لمکان السیرة السابقة و مخالفتها اللغة و العرف و (غایتها) أن الجار حقیقة شرعیة فی الحد المذکور لکنه لم یوجد فیه معیارها و هو اشتهار ذلک عند المتشرعة (ثم إن) ذلک إنما هو فی الألفاظ التی فی کلام الشارع لا الألفاظ الصادرة من أهل العرف کما عرفت آنفا و (عساک تقول) إن الشارع نبه بذلک علی أن ذلک لغوی أو أراد بذلک تحدید العرف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 59
و قیل أربعین (1) دارا و لو وقف علی من لا یملک بطل کالمملوک القن (2)
______________________________
(قلنا) قرائن المجاز من صحة السلب و عدم التبادر عند أهل العرف ترد إرادة الأمرین معا فالعرف معروف بأنه ناف و بعد تحقق مخالفة العرف للغة لما عرفت علی تقدیر تسلیم ثبوت معنی لغوی فالعرف مقدم ثم إن المجاز خیر من الاشتراک و (أقصی) ما فی الأخبار الإطلاق و هو أعمّ من الحقیقة و المجاز و (هذا کله) مما یرد علی القول المشهور أیضا (إلا أن) یقول إنه موافق للعرف و لعله أوسع منه فلیتأمل فیه (فالأشبه) بالأصول و الضوابط الرجوع إلی العرف فیما قطع به و الظاهر خلافه لمکان الإجماعات و الروایات فلیتأمل
(قوله) (و قیل أربعین دارا)
کما هو خیرة (الدروس) و فی (الشرائع) و (النافع) و (المهذب البارع) و (المقتصر) و (التنقیح) أنه مطرح و فی (الشرائع) فی الوصایا أنه مستبعد و فی (الحواشی) أنه لیس بشی‌ء و فی (المسالک) أنه شاذ (و قد) حکی فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و غیرهما عن بعض الأصحاب و لم یسموه (و قد) حاول الجمع فی (التنقیح) بحمل الأربعین دارا علی الأربع جهات فتکون کل جهة عشر دور فیقارب الأربعین ذراعا من کل جهة هذا و فی (المهذب) أن الوقف یکون جاریا علی من بین دورهم و داره أربعون ذراعا من أربع جوانبها و لا یکون لمن خرج عن هذا التحدید من الجیران فی ذلک شی‌ء (انتهی) و فی (المقنعة) و (النهایة) لیس لمن بعد عن هذا الحد و المسافة شی‌ء و (قال) فی (المختلف) أن عبارة (المهذب) غیر سدیدة (لوجهین) (الأول) أنها تقضی قصر الوقف علی من بین داره و بینه هذا الحد فمن قصر عنه لا یکون له نصیب و هو باطل بالإجماع (قلت) ذلک مفهوم باللازم و الأولویة العرفیة (الثانی) أنه یقتضی إدخال من هو علی حد الأربعین فی الوقف و عبارات باقی الأصحاب علی خلافه إن جعلنا الغایة خارجة عن المغیا انتهی (قلت) قد سمعت ما فی (المقنعة) و (النهایة) و هو الذی قواه فی (الدروس) و الأقوال فی الغایة أربعة أو خمسة إن اعتبر ما صدر بمن علی قولین منها یدخل من هو علی حد الأربعین و (الظاهر) لمکان الإطلاق استواء مالک الدار و المستأجر و المستعیر بل و الغاصب و لو انتقل إلی غیرها اعتبرت الثانیة و أنه لو غاب لم یتغیر الحکم إلا إذا خرج عن ذلک عرفا لطول الغیبة (و لو تعددت) دور الموصی اختص بالغالب و (إن) تساوت جری فی جیران کل واحدة (و لو) تعددت دور الجار و تساوت فی صدق اسم الجار فالمدار علی ما کانت سکناه فیها أغلب و أکثر علی تأمّل و المتجدد منها کالقدیم و (علی) اعتبار الأذرع یقسم الحاصل علی عدد الرءوس کما تقدم فی اعتبار العرف و (علی) اعتبار الدور یحتمل القسمة علی عددها ثم تقسم حصة کل دار علی عدد سکانها و یحتمل القسمة علی عدد السکان سواء تساوی عددهم فی الدور أو لا
(قوله) (و لو وقف علی ما لا یملک بطل)
قد تقدم أنه یشترط فی الموقوف علیه (أمور أربعة) (منها) صحة التملک و بینا الحال فی ذلک مسبغا
(قوله) (کالمملوک و القن)
قد تقدم عن (المبسوط) و (الغنیة) و (السرائر) نفی الخلاف عن عدم صحة الوقف علی العبد و به أفصحت عباراتهم (کالوسیلة) و ما تأخر عنها و (ظاهر) إطلاقاتهم أنه لا فرق بین عبد نفسه و غیره و به صرح فی (التذکرة) و (التحریر) و هو بناء علی المعروف من مذهب الأصحاب من أنه لا یملک أو یملک ما لا یدخل فیه الوقف کفاضل الضریبة و لو قلنا یملک مطلقا صح الوقف علیه و إن کان محجورا علیه إذا قبل مولاه و (یستثنی) من ذلک العبد المعد لخدمة الکعبة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 60
و لا ینصرف الوقف إلی مولاه (1) و لا علی أم ولد و لا المدبر (2) و لا المیّت و لا الملک و لا الجن (3) و لا علی المکاتب (4) و لو عتق بعضه صح (5) فیما قابل الحریة و لو وقف علی المصالح کالقناطر و المساجد و المشاهد صح لأنه فی الحقیقة وقف علی المسلمین لکن هو صرف إلی بعض مصالحهم (6)
______________________________
و نحوها من المصالح العامة و (کذلک) الدابة المعدة لنحو ذلک لأنه علی الوقف علی تلک المصلحة
(قوله) (و لا ینصرف الوقف إلی مولاه)
کما فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (ظاهر الروضة) و کذا (المسالک) الإجماع علیه و (ظاهر التذکرة) أنه لا مخالف فیه إلا الشافعی فی أحد قولیه من أن الوقف علیه وقف علی سیده و فیه أنه إذا لم یقصده کیف ینصرف الوقف إلیه و العقود تتبع القصود
(قوله) (و لا علی أم الولد و المدبر)
لأنهما لم یتحرر منهما شی‌ء و إن تشبثا بالحریة فلا یصلحان للتملک و فی (الدروس) أنه لا یصح الوقف علیهما و لو جعله علی وجه یصادف عتقهما (قلت) لعله أشار إلی ما إذا قال وقفت علیها بعد عتقها و هو عطف علی الضمیر فی بطل التی هی فی معنی لا یصح
(قوله) (و لا المیّت و لا الملک و لا الجن)
لعدم صلاحیتهم للتملک و یوجد فی بعض النسخ و لا الشیاطین و (بعدم) صحته علی الملک و الجن صرح فی (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و فی (الحواشی) أن الملک جوهر روحانی و الجن جوهر هوائی و الشیطان جوهر ناری
(قوله) (و لا المکاتب)
لأنه رق و إن انقطعت سلطنة المولی عنه فلا یصح الوقف علیه و إن کان مطلقا قابل الحریة کما صرح بذلک فی (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد)
(قوله) (و لو عتق بعضه صح فیما)
(هکذا کان فی الأصل)
(قوله) (و لو وقف علی المصالح کالقناطر و المساجد صح لأنه فی الحقیقة وقف علی المسلمین لکن هو صرف إلی بعض مصالحهم)
قد صرح فی (المقنعة) و جمیع ما تأخر عنها إلا ما قل بجواز الوقف علی المصالح بل یأخذونه مفروغا عنه حیث یقولون و لو وقف علی مصلحة فتعطل رسمها صرف فی وجوه البر و من أعظم المصالح المساجد بل لم یذکر بعضهم سواها و (صرح) فی (النهایة) بأنه لا بأس بأن یقف الإنسان علی المساجد و الکعبة و المشاهد و المواضع التی تتقرب فیها إلی اللّٰه تعالی علی مصالحها و مراعاة أحوالها و (نحوه) ما فی (المبسوط) و (المهذب) مع زیادة المارستان فی (المبسوط) و ما فی (الکافی) و (فقه الراوندی) المسجد و المصلحة و ما فی (الوسیلة) حیث قال و ما فیه منفعة لهم کالمساجد و القناطر و سائر متعلقات مصالحهم و ما فی (الغنیة) قال یصح الوقف علی المساجد و و القناطر و غیرها و (هکذا) سائر ما تأخر من دون تأمّل و لا تردد من أحد أصلا فی مسجد و لا غیره إلا ما ستسمعه عن (الفقیه) و فی (الکفایة) أن المعروف بین الأصحاب جواز الوقف علی المساجد و (روی الصدوق) ما یدل علی المنع و (الأحوط) أن یصرح بالمصالح انتهی (قلت) هما خبران (أحدهما) مرسل فی (الفقیه) أرسله فی باب فضل المساجد قال سئل عن الوقوف علی المساجد فقال لا یجوز فإن المجوس وقفوا علی بیوت النار و (الثانی) مروی فیه فی باب الوقف و فی (التهذیب) عن العباس بن عامر عن أبی الصحاری عن أبی عبد اللّٰه (ع) قال قلت له الرجل اشتری دارا فبقیت عرصة فبناها بیت غلة أ یوقفه علی المسجد (فقال) إن المجوس أوقفوا علی بیوت النار و (هما) إن کانا خبرین
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 61
بخلاف الوقف علی البیع فإنه لا ینصرف إلا إلی مصالح أهل الذمة (1) و لو وقف علی البیع و الکنائس (2)
______________________________
شاذان نادران و (الثانی) معلق ضعیف السند أیضا بل قاصر الدلالة فلذلک أعرض الأصحاب عنهما و (الظاهر) أنهما خبر واحد و هو خبر أبی الصحاری و قد فهم منه (الصدوق) حرمة الوقف علی المساجد فنقله فی باب المساجد بمعناه و فی باب الوقف بلفظه و لو کانا خبرین لذکرهما فی البابین کما هو واضح و (معنی الثانی) أنهم وقفوا علی بیوت النار فأنتم أحق کما هو واضح و (قد تعرض) جماعة لتأویلهما بتأویلات بعیدة و (قال) فی (الحدائق) لم یتعرض لنقلهما أحد من الأصحاب فی المقام و لعله لم یلحظ (الکفایة) فکلامه فی غیر محله إن کان رآها کما هو ظاهر و إن کان لم یرها لأن ظاهره أنه (تتبع) و لم یقف
(قوله) (بخلاف الوقف علی البیع فإنه لا ینصرف إلا إلی مصالح أهل الذمة)
(قال الشهید) هذا جواب عن سؤال مقدر تقریره أنکم جوزتم الوقف علی المساجد التی لا یتصور فیها الملک معللین بأنه وقف علی المسلمین لکنه صرف إلی بعض مصالحهم و قد جوزتم الوقف علی أهل الذمة و حکمتم بعدم جواز الوقف علی البیع فهلا جاز و انصرف الوقف إلی مصالح أهل الذمة و لم یشر إلی وجه الجواب و (یمکن) أن یفرق بینهما بتشخص المصلحة بالنسبة إلی المساجد باعتبار عمارتها و لا شک فی استحباب ذلک و لا کذلک عمارة البیع لعدم إباحتها (قلت) قد صرح بالعمارة فی (المقنعة) کما ستعرف (ثم) اعترضه بأن البیع علی أقسام منها ما تجوز عمارتها کالتی صولحوا علی بقائها و نحوه فلا یطرد ثم قال أو یعدل إلی علة أخری فیقال صرف المال من المسلم علی البیع ممنوع لأن فیه إقامة شعائر الکفر و تکراره فی تلک البقاع (انتهی) ما أردنا نقله و (هذه العلة) الأخیرة هی التی اعتمدها المتأخرون و بیانها أن الوقف علی البیع وقف علی جهة خاصة من مصالح أهل الذمة لکنها معصیة لأنها إعانة لهم علی الاجتماع إلیها للعبادات المحرمة بخلاف الوقف علیهم أنفسهم لعدم استلزامه بذاته إذ نفعهم من حیث إنهم من جملة بنی آدم المکرمین و أنه یجوز أن یتولد منهم المسلمون لا معصیة فیه و ما یترتب علی من إعانتهم علی المحرم لیس مقصودا للواقف حتی لو فرض قصده له بطل کما لا یصح الوقف علی فسقة المسلمین من حیث هم فسقة (لکن) عبارة الکتاب إذا حملت علی هذا المعنی بأن یقال إن المراد أن الوقف لا یصرف إلی جمیع مصالحهم بل ما یعد من مصالحهم معصیة (ففیه) مع ما فیه من التکلف أنه یصیر قوله و لو وقف علی البیع و الکنائس إلی آخره تکرار أو (یمکن) الجواب عن (الأول) بأنه إنما أطلق لظهور المراد و (عن الثانی) بأنه أراد به التنصیص و التصریح و جعله کالتعلیل لقوله بخلاف الوقف علی أهل البیع
(قوله) (و لو وقف علی البیع و الکنائس)
أی لم یصح کما فی (المقنعة) و (الکافی) و (النهایة) و (المبسوط) و (المهذب) و (فقه الراوندی) و (الوسیلة) و (الغنیة) و (السرائر) و (جامع الشرائع) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و فی (المبسوط) و (الغنیة) أنه لا خلاف فیه و (ظاهرهما) نفیه بین المسلمین و (ظاهر التنقیح) الإجماع علیه حیث قال قطعا و لا أعرف فیه مخالفا لکن فی (المقنعة) علی عمارة بیعة أو کنیسة و فی (الغنیة) معابد أهل الضلال و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 62
أو معونة الزناة أو قطاع الطریق (1) أو علی کتبة التوراة و الإنجیل لم یصح (2) و یصح من الکافر (3)
______________________________
الوجه فی ذلک ما تقدم من أن غایته المعصیة و قد ترک ذلک جماعة کصاحبی (المراسم) و (اللمعة)
(قوله) (أو معونة الزناة و قطاع الطریق)
کما فی أکثر الکتب المتقدمة و به صرح فی (اللمعة) لأن الوقف علیهم من حیث هم کذلک إعانة علی الإثم و العدوان أما لو وقف علیهم لا من حیث کون الوصف مناط الوقف صح سواء أطلق أو قصد جهة محللة لأنه لا یصح أیضا علی المرتد و الحربی و شاربی الخمور
(قوله) (أو علی کتبة التوراة و الإنجیل لم یصح)
کما صرح به فی جملة مما تقدم و فی (التذکرة) لا نعرف فیه خلافا و قال فی (المبسوط) و إن وقف علی کتب التوراة لا یجوز لأنه مغیر مبدل لا أنه منسوخ لأن نسخها لا یذهب بحرمتها کمنسوخ القرآن و هذا لا خلاف فیه و (ما نبه) علیه من أنها لو لم تغیر یصح الوقف علی کتبها قد نبه علیه فی (الشرائع) أیضا و (به) صرح فی (التحریر) و فی (جامع المقاصد) أنه مشکل لأن فی کتبها فسادا آخر لمخالفة الملتین لملتنا بخلاف منسوخ القرآن انتهی فتأمّل و (یصح) الوقف علیها للوجه الذی یصح إمساکها لأجله کالنقض و الاحتجاج بها لکنه لما کان الفرض نادرا أطلق الأصحاب المنع و (قد نقل) الأصحاب فی کتب الاستدلال حدیثا من طرق العامة أن النبی (ص) قد خرج إلی المسجد فرأی فی ید عمر صحیفة و فیها شی‌ء من التوراة فغضب (ص) لما رأی الصحیفة فی یده و قال أ فی شک أنت یا بن الخطاب أ لم آت بها بیضاء نقیة حتی لو کان أخی موسی حیا لما وسعه إلا اتباعی و (نحو التوراة) و الإنجیل کتب أهل الخلاف و قد تقدم الکلام فیه فی باب البیع
(قوله) (و یصح من الکافر)
أی یصح الوقف علی البیع و الکنائس من الکافر کما فی (المقنعة) و (الکافی) و (النهایة) و (المهذب) و (الوسیلة) و (السرائر) و (جامع الشرائع) و (الشرائع) و (النافع) و (کشف الرموز) و (التبصرة) و (التحریر) و (المختلف) و (المقتصر) و (التنقیح) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و (المفاتیح) و (ظاهر التنقیح) الإجماع علیه و فی (المقتصر) لا نعلم فیه خلافا و (وجهه) أنه یعتقد التقرب به إلی اللّٰه تعالی فیقر علی دینه لأنه لا بد له من متعبد (و قال) فی (النافع) و فیه وجه آخر و فی (کشف الرموز) سألت المصنف عن ذلک فأجاب بأنه یمکن أن یقال إن نیة القربة شرط فی الوقف و لا یمکن ذلک فی الکافر فلا یصح منه الوقف (قال) و لقائل أن یمنع المقدمتین و الوجه الصحة إذ کل قوم یدینون بدین و یعترفون بمعبود یتوجهون إلیه انتهی و (قد اقتفاه) بذلک جماعة قالوا إنا نمنع تعذرها منه علی الإطلاق لاختصاص ذلک بالمعطلة و الدهریة (قلت) لعل غرض المحقق أن الذی نشترطه إنما هو القربة الصحیحة و لا قربة صحیحة للکافر و إلا لاستحق علیها الثواب لأن التقرب إنما یکون بالفعل المثمر للقرب و لهذا لا تصح منه عباداته أو یقول إذا کان وقف المسلم علیهما معصیة فلا فرق إلا تأثیر اعتقاد الواقف و قضیة ذلک جواز الوقف من الکافر علی بیوت النیران و الأصنام لأن الاعتقاد لو أثر لأثر فی هذه أیضا و فی ذلک تأمّل و اختلاف کما ستسمع (ثم إنه) فی باب الوصیة فی (الشرائع) یظهر منه أنه لا یصح الوصیة من الکافر للبیع و الکنائس و (منع فخر الإسلام) فی (الإیضاح) فیما یأتی من وقف الکافر الخنزیر علی مثله و (بالجملة القول)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 63
و فی وقفه علی الذمی خلاف (1)
______________________________
بالمنع قوی لو لا مخالفة الإجماع علی الظاهر و اتفاقهم علی صحة وقف المخالف علی المساجد و غیرها و لا فرق بینهما بحسب الضوابط و اتفاقهم أیضا علی صحة وقف الذمی علی فقراء نحلته کما یأتی و لعله لذلک لم یرجح فی (التذکرة) و کذا (المسالک) و (قد یلوح) من (جامع المقاصد) التأمل فی ذلک لکنه صحح فیما یأتی وقف الذمی الخنزیر علی مثله و قومه المصنف و قد صرح فی (المختلف) و (التنقیح) أن وقف الکافر علی بیوت النیران و قرابین الشمس و الکواکب غیر صحیح و هو المحکی عن أبی علی و قد حکی عن (المقنعة) و (المهذب) الجواز و هو الذی فهمه منهما المصنف فی (المختلف) (قلت) و مثل عبارتیهما عبارة (الکافی) و (الوسیلة) و (السرائر) بل قد یلوح ذلک أو یظهر من (النهایة) و (جامع الشرائع) و هو صریح (الدروس) و (المقتصر) و کذا (التحریر) و (الذی) ینبغی تحریره أن یقال إن کان المدار علی اعتقاد الواقف و تأثیره فالوجه الجواز فی الجمیع و إلا فلا فی الجمیع و (ظاهر الکتاب) و (الشرائع) بل صریحهما جواز الوقف من الذمی علی کتب التوراة و الإنجیل و به صرح فی المفاتیح (و لا یخفی) ما فی عبارة الکتاب من توسط معونة الزناة و قطاع الطریق بین المتعاطفین المرادین بقوله و یصح من الکافر
(قوله) (و فی وقفه علی الذمی خلاف)
و (أقوال) (أحدها) أنه یصح وقف المسلم علیه إذا کان بینه و بینه رحم و قرابة کما فی (المقنعة) و (الکافی) و (النهایة) و (الخلاف) و (المبسوط) و (الوسیلة) و (الغنیة) و (جامع الشرائع) و فی (التنقیح) أنه أولی و فی موضع من (السرائر) قال إن الأولی عندی أن جمیع ذوی أرحامه یجرون مجری أبویه فی جواز الوقف علیهم و بهذا أفتی (انتهی) و (کأنه) مال إلیه أو قال به فی (جامع المقاصد) و قال إنه المشهور و فی (الخلاف) الإجماع علیه و قد یظهر من (الغنیة) أنه لا خلاف فیه و فی (السرائر) أیضا أن ما فی النهایة أخبار وجدها فأوردها کما وجدها فکان فی المسألة أخبار مرسلة و (روی) فی (التذکرة) أن صفیة وقفت علی أخ لها یهودی و أقرها (الدروس) و فی (المراسم) أنه قد روی أنه إذا کان الکافر أحد أبوی الواقف کان جائزا (فهذه) أخبار مرسلة منجبرة (بالشهرة) المعلومة بین القدماء و المنقولة علی الإطلاق (فهی حجة) مضافا إلی اعتضادها بالإجماع المنقول الذی هو حجة أخری (مضافا) إلی الإجماع المحکی عن (مجمع البیان) علی جواز أن یبر الرجل من شاء من أهل الحرب قرابة کان أو غیر قرابة (قال) و إنما الخلاف فی إعطائهم مال الزکاة و الفطرة و الکفارات فیمن لم یجوزه أصحابنا و فیه خلاف بین الفقهاء و لا ریب أن الوقف علیهم من البر فیکون مؤیدا ثم إن کثیرا من النصوص الظاهرة فی صحة الوقف علی الأقارب شاملة بإطلاقها أو عمومها الناشی من ترک الاستفصال فلا أقل من أن تکون مؤیدة و قد قال اللّٰه عز و جل لٰا یَنْهٰاکُمُ اللّٰهُ عَنِ الَّذِینَ لَمْ یُقٰاتِلُوکُمْ فِی الدِّینِ وَ لَمْ یُخْرِجُوکُمْ مِنْ دِیٰارِکُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ الآیة (و أما قوله تعالی) وَ لَوْ کٰانُوا آبٰاءَهُمْ أَوْ أَبْنٰاءَهُمْ فالنهی فیه من حیث کونه محادا للّه عز و جل و لرسوله (ص) و إلا لحرم اللطف بهم و الإکرام لهم و إجماع دین الإسلام علی خلافه کما سمعته (و القول الثانی) خیرة (السرائر) فی موضع آخر قال و قد قلنا ما عندنا فی مثل هذه المسألة من أنه لا یجوز الوقف علی الکافر إلا أن یکون الکافر أحد الأبوین و (قد عرفت) ما قال فکان کلامه مضطربا و لا أجد له موافقا و إنما رموه بالضعف (نعم) قد روی ما سمعت فی (المراسم) (و القول الثالث) ما فی (المراسم) و (المهذب)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 64
و الأقرب المنع فی الحربی (1)
______________________________
و (الإیضاح) و (شرح الإرشاد) للفخر و (الحواشی) من بطلان وقف المؤمن علی الکافر رحما کان أو غیره للآیة المتقدمة و اشتراط القربة و هی غیر ممکنة منهم و (قد عرفت) حال الآیة و إمکان تأتی قصد القربة منهم (لکن) صاحب (المراسم) لم یصرح باشتراطها کصاحب (الإیضاح) (و الرابع) الجواز و لو کان أجنبیا و هو خیرة (النافع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التبصرة) و (التحریر) فی موضع آخر و (الدروس) و (إیضاح النافع) و فی (المسالک) أنه لا یخلو من وجه و قد حکاه فی (المبسوط) و فیه فی موضع آخر أنه لو وقف علی من ینزل البیعة و الکنیسة من مارة المسلمین و أهل الذمة جاز و فی (التذکرة) و (التحریر) أنه یجوز الوقف علی المجتازین و النازلین بهما من أهل الذمة و فی (الدروس) أنه یجوز الوقف علی خادم البیعة لا من حیث إنه خادم (و قد أطبقوا) فی باب الوصیة إلا من شذ علی أنه تصح الوصیة للذمی و إن کان الموصی أجنبیا و (قد حکی) علیه الإجماع فی (الخلاف) و (وردت) به الأخبار الصحاح الصراح و (الفرق) باشتراط نیة القربة فیه دونها لا یتم علی قول من لا یشترطها هنا (کصاحب) المراسم و غیره فلیتأمل و (قد أطبقوا) علی اشتراط القربة فی الصدقة و قد نص علی جواز الصدقة علی الذمی و إن کان أجنبیا فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (المفاتیح) و کذا (الکفایة) و فیها أنه المشهور و فی (المسالک) أنه أشهر و لم یحک الخلاف إلا عن الحسن فإنه منع من الصدقة علی غیر المؤمن مطلقا و جوزها أبو الصلاح إن کان رحما کما یأتی بیان ذلک کله و الأخبار الواردة فی ذلک و هی تؤید ما هنا و (من الغریب) أنه قال فی (الریاض) إنی لم أجد قائلا بهذا القول عدا الماتن (هنا) و فی (الشرائع) فلا أقل من أن یلحظ (الدروس) و (المسالک) و (مستندهم) العمومات (کقوله) (ع) الوقوف علی حسب ما یوقفها أهلها و (قوله) جل اسمه و تعالی ذکره لٰا یَنْهٰاکُمُ اللّٰهُ الآیة و قوله (ص) لکل کبد حری أجر و قد یقال علیه إن الأول فی الوقف الجامع للشرائط التی منها قصد القربة و لا یمکن التقرب إلیه جل شأنه بشی‌ء لم یرد فیه أمر و لا أثر و لا حث و لا ترغیب و لا کذلک الوقف علی الأرحام و (منه یعرف) حال الآیة و الخبر إذ الأجر علی الکبد و عدم النهی عن المودة لا یستلزمان إرادة الوقف و طلبه حتی یتحقق فیه قصد القربة و (قد یقال) إنه یدفع ذلک کله إجماع مجمع البیان (ثم) إن جملة من هذه الکتب (کالشرائع) و (النافع) و (الدروس) لم یشترط فیها نیة القربة فلا یرد علی هذا القول علی مذهبهم شی‌ء و لا ترجیح فی (التحریر) فی العنوان و لا فی (غایة المراد) و (المفاتیح) هذا و (قال) فی (غایة المراد) إنه لم یرد فی کتب متقدمی الأصحاب إلا الوقف علی الکافر غیر (المبسوط) فإنه صرح بالذمی و الظاهر أن مراد الأصحاب ذلک و قد تبعه علی ذلک صاحب (المسالک) و غیره و (فیه) أن الموجود فی (الکافی) و (الغنیة) و مخالف الإسلام و معاند للحق و لیس للکافر فیهما ذکر و (منه یعلم) جواز تعدیة هذا الحکم إلی سائر معاندی الحق و هو خلاف الکافر الذی لیس له تعلق بالإسلام (و به) صرح فی (التنقیح) و قد عرفت أن ظاهر (الغنیة) نفی الخلاف فیه و هو لازم لکل من اشترط القربة و (عساک) تقول لعل تعبیرهم بالکافر لیدخلوا الحربی إذا کان رحما لأنا نقول إن مال الحربی فی‌ء یصح أخذه و بیعه لأنه غیر مالک و الوقف لا یجوز تغییره و لعله لذلک استظهر فی غایة المراد أن الذمی هو المراد
(قوله) (و الأقرب المنع فی الحربی)
کما هو قضیة کلام کل من اشترط القربة و إن لم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 65
و الصحة فی المرتد عن غیر فطرة (1) و یصح الوقف علی الفاسق و الغنی (2)
______________________________
یکن قرابة و قد سمعت ما فی (المراسم) و (المهذب) و فی (المسالک) أنه المشهور و به صرح فی (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الإیضاح) و (شرح الإرشاد) للفخر و (الدروس) و (الحواشی) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (لم) نجد مصرحا بالجواز إلا ما یفهم من إطلاقات القدماء فی الکافر إذا کان رحما أو أبا علی اختلاف الروایتین و من إجماع مجمع البیان بل إطلاق ظاهر التنقیح أنه لا خلاف فیه حیث جعل الخلاف فی الذمی دونه و (قد عرفت) الحال فی إطلاق القدماء و ما فهمه منه الشهید و الجماعة فی الباب من أنه مراد به الذمی و هو الذی فهموه فی باب الوصیة من إطلاقهم جواز الوصیة للکفار مطلقا أو فی الجملة و (الوجه) فی ذلک أنه لا یملک و لا یقبل الملک لأنه و ماله فی‌ء للمسلمین فلو صح الوقف علیه وجب الدفع إلیه مع أنه لا یجب و معنی بطلان الوقف عدم وجوب تسلیمه إلی الموقوف علیه و کذلک الحال فی الوصیة فیخصص الإجماع بغیر الوقف لأنه مما یشترط فیه قابلیة الموقوف علیه للتملک و هی غیر موجودة فیه و لا أقل من الشک الموجب للشک فی حصول الشرط و لا تصغ إلی ما فی (المسالک) فی باب الوصیة و الوقف من منع استلزام عدم وجوب الدفع إلیه فی الوقف و الوصیة بطلانهما لأن معنی صحتهما ثبوت الملک له إذا قبض فإذا استولی علیه و أخذ منه من جهة أنه مال الحربی لم یکن منافیا للوصیة لأن الشأن فی إثبات أنه یملک و یکفی الشک و (فی) کلام (الدروس) إشارة إلی أنه ممن یملک حیث قال و لا یصح علی المرتد عن فطرة لعدم ملکه و لا علی الحربی لإباحة ماله و (قد) أسبغنا الکلام فی باب الوصیة ثم إن هذا الإجماع قد اعتوره التخصیص فی باب الوصیة حیث أطبقوا إلا من شذ علی أنه لا تصح الوصیة له و ظاهر (المبسوط) الإجماع علی ذلک
(قوله) (و الصحة فی المرتد عن غیر فطرة)
لأنه فی حکم المسلم و لأنه فی حکم الذمی و بمعناه و هو ظاهر المسالک و قال فی (الشرائع) یصح علی المرتد و حمله فی (المسالک) علی الملی و المرأة لکن لم أجد له موافقا و قرب فی (التذکرة) المنع فی الملی و فی (الإیضاح) أنه الأقوی و فی (جامع المقاصد) أنه الأصح و به جزم فی (المفاتیح) و فی (التحریر) فیه نظر و فی (الإرشاد) فیه قولان و سکت عنه فی (الدروس) مع تعرضه للمرتد عن فطرة و جزمه بعدم الصحة علیه و (بذلک) أی عدم الصحة جزم فی (التذکرة) و (التحریر) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (حکی) فی (التذکرة) عن بعض علمائنا صحة الوقف علی المرتد عن فطرة لکنا لم نظفر بالمصرح به و المرأة المرتدة عن فطرة کالرجل المرتد عن غیر فطرة
(قوله) (و یصح الوقف علی الفاسق و الغنی)
أما الفاسق فإنما یصح الوقف علیه إذا لم یقصد إعانته علی فسقه کما فی (التذکرة) و (الدروس) و لعله إلیه أشار بقوله فی (جامع المقاصد) یصح الوقف علیه لا من حیث کون وصف الفسق مناط الوقف لأنه من هذه الحیثیة معصیة (و قد) ساوی فی (التذکرة) بین (الکفار) و (الفساق) فقال إن کان ذلک لإعانتهم علی فسقهم و کفرهم بطل الوقف و إن کان لنفعهم فی بقائهم فقد بینا الخلاف فیه و (هو) یعطی أن فی الوقف علی الفساق لنفعهم فی بقائهم خلافا للعامة أو أن ذلک فی خصوص الکفار و قد تقدم لنا بعض الکلام فی ذلک و (أما) صحة الوقف علی الغنی فینبغی أن یکون مما لا خلاف فیه إذا کان ممن یتقرب بالوقف علیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 66
و لو وقف علی أقاربه اشترک الذکور و الإناث بالسویة (1) و الأقرب و الأبعد (2) و یحمل علی من یعرف أنه قرابة له (3) و لو شرط الترتیب أو التفضیل أو الاختصاص لزم (4)
______________________________
(قوله) (و لو وقف علی أقاربه اشترک الذکور و الإناث بالسویة)
کما فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و هو المستفاد من کلامهم فیما إذا وقف علی الأولاد و قد صرحت عباراتهم بأن إطلاق الوقف علی متعدد یقتضی التسویة و إن اختلفوا بالذکوریة و الأنوثیة و لو فضل لزم و فی موضع آخر من (التذکرة) لو قال لورثتی تساوی الذکور و الإناث و قال إنه المشهور و (قال) ابن الجنید یکون للذکر مثل حظ الأنثیین انتهی و فی (غایة المراد) و (الروض) فی أن الأعمام و الأخوال یتساوون ما نصه أن هذا هو المشهور عند أصحابنا و لم أجد أحدا ذکر فیه خلافا بل ذلک مذکور فی الوصیة إلا ابن الجنید فإنه ذهب إلی أنه إذا وقف علی قرابته کان حکمه حکم الإرث فجعلا المسألتین من سنخ واحد کما هو کذلک (بل) إذا انتفی الخلاف فی الأعمام و الأخوال فبالأولی أن ینتفی فیما نحن فیه (بل) کل من صرح بالمساواة بین الأعمام و الأخوال فی الوقف و الوصیة یلزمه القول به فی غیرهم من القرابة و (ستعرف) من صرح بذلک فی البابین و قد طفحت عبارات جماعة بنسبة الخلاف إلی ابن الجنید فی الباب و باب الوصیة و المحکی عنه فی (المختلف) و (غایة المراد) أنه (روی) عن الباقر (ع) أنه إذا أوصی بشی‌ء معین لأعمامه و أخواله کان لأعمامه الثلثان و لأخواله الثلث و (أنت) تعلم أن الروایة أعمّ من الفتوی (نعم) ذلک هناک خیرة (الشیخ) فی (النهایة) و (القاضی) فعند التحقیق لا خلاف فی مسألتنا أصلا و نسبة الخلاف لابن الجنید فیها تخریج فی تخریج (نعم) صرح بذلک فیما إذا وقف علی أولاده أو علی ورثته فقال تکون القسمة للذکر مثل حظ الأنثیین و لم یذکر الأقارب أصلا و (من المعلوم) أنهم غیر الورثة فحملهم علیهم تخریج أیضا نعم نسبتهم الخلاف إلیه فیما إذا وقف علی الورثة فی محلها و (الأصل) فی ذلک أن الأصل یقتضی التسویة و قد أطبقوا علیها کما هو ظاهر (المختلف) فی الوصیة للذکور و الإناث من الأولاد و هو الظاهر منهم فی الباب کما ستسمع إن شاء اللّٰه
(قوله) (و الأقرب و الأبعد)
لأن المفروض شمول اسم القرابة لهما و تساویهما فی الصدق عرفا
(قوله) (و یحمل علی من یعرف أنه قرابة له)
و هو معنی قوله (فی التحریر) من کان مشهورا بقرابته و معناهما أن المعتبر فی ذلک العرف فلو بعد جدا بحیث لا یعد مثله قریبا لم یدخل و إن صدق علیه اسم الجد لغة مثلا و (قد) استوفینا الکلام فی ذلک فی باب المیراث و قلنا إنه إذا شک العرف التحق بالبعید و بینا أن الرحم هو القرابة کما هو نص (النهایة) الأثیریة و (الصحاح) و (القاموس) و أن الرحم یصدق علی البعید المتناهی و (قد نهجوا) یوم الشعب فی قطع قریش رحم بنی هاشم و إنما تجتمع معهم فی النظر من کنایة و فی (الصحیفة) الکاملة و قطع رحم الکفر و تمام الکلام هناک و قد حررناه فی موضعین من باب الوصایا و (لیعلم) أنه لو تجدد له قرابة بعد الوقف دخل کما صرح به فی (التحریر) و قد أسبغنا (الکلام) فی باب الوصیة
(قوله) (و لو شرط الترتیب أو التفضیل أو الاختصاص لزم)
بغیر خلاف فی المسألة و غیرها موجها له جماعة بأنه شرط لا ینافی مقتضی الوقف فیجب الوفاء به و قد سمعت آنفا قولهم و لو فضل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 67
و لو وقف علی أخواله و أعمامه تساووا (1) و لو وقف علی أقرب الناس إلیه ترتبوا کالمیراث (2) لکن یتساوون فی الاستحقاق إلا أن یفضل (3) و لو وقف فی وجوه البر و أطلق فهو للفقراء و المساکین و کل مصلحة یتقرب بها إلی اللّٰه سبحانه و تعالی (4)
______________________________
لزم (قال) فی (التذکرة) لو شرط فی الوقف تفضیل بعضهم علی بعض أو تقدیمه أو المساواة اتبع شرطه لا نعلم فیه خلافا و معناه أنه لو شرط الترتیب بین الطبقة الأولی و الثانیة مثلا أو فی الأقارب بین الأقرب و الأبعد أو تفضیل الذکر علی الأنثی أو بالعکس أو المساواة بینهما لزم
(قوله) (و لو وقف علی أخواله و أعمامه تساووا)
کما فی (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) و (فی) الأخیر أنه المشهور و قد سمعت ما فی (غایة المراد) و (الروض) و (مما) اختیر فیه تساویهم فی الوصیة (السرائر) و (سائر) ما تأخر عنها و (ظاهر التذکرة) الإجماع علیه حیث قال عندنا و (کذا الشرائع) حیث قال إن الروایة الدالة علی الخلاف مهجورة و (قد عرفت) أن المخالف (الشیخ) و (القاضی) و أنهم حکوه عن أبی علی لأنه روی ما سمعته آنفا
(قوله) (و لو وقف علی أقرب الناس إلیه ترتبوا کالمیراث)
کما صرح به فی (المبسوط) و (الوسیلة) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (المسالک) و (فیه) و فی (الکفایة) أنه المشهور و یلزم منه عدم دخول المتقرب بالأب مع دخول المتقرب بالأم و (قد) استبعده فی (الکفایة) و لا وجه له و فی (المبسوط) أن المتقرب بالأبوین من الإخوة أولی مطلقا لأن الانفراد بقرابة تجری مجری المتقدم بدرجة فیکون الأخ للأبوین أولی من الأخ للأم و فی المختلف أنه أقوی و (قال) فی (التحریر) لو اجتمع الإخوة المتفرقون أو الأخوال و الأعمام کذلک کان المتقرب بالأبوین أولی من المتقرب بأحدهما فزاد المتقرب بهما من الأعمام و الأخوال
(قوله) (لکن یتساوون فی الاستحقاق إلا أن یفضل)
کما فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الروض) و (المسالک) لأن ذلک هو الأصل إلا أن یشترط خلافه و هو التفضیل فیتبع لأنه غیر مناف لمقتضی العقد کما تقدم
(قوله) (و لو وقف فی وجوه البر و أطلق فهو للفقراء و المساکین و کل مصلحة یتقرب بها إلی اللّٰه سبحانه و تعالی)
کما فی (الشرائع) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الکفایة) و (المفاتیح) و فی (المقنعة) و (المراسم) و (النهایة) و (المهذب) و (السرائر) أنه لو وقف فی وجوه البر و لم یسم شیئا بعینه فهو للفقراء و المساکین و مصالح المسلمین و (الظاهر) أنه لا فرق بین العبارات و (قد یتوهم) أن بینها فرقا فی مطلق نفع المسلمین و إن کانوا أغنیاء فإن کلام القدماء شامل له قطعا و (الظاهر) شمول کلام المتأخرین له لأنه من جملة وجوه الخیر و إن کان غیره من الوجوه أکمل فإن وجوه الخیر من نفع الفقراء و طلبة العلم و عمارة المساجد و المدارس و المشاهد و القناطر و إعانة الحاج و الزائرین و أکفان الموتی و نحو ذلک متفاوتة و لا یجب تحری الأکمل للأصل و صدق المعنی الموقوف علیه (و البر) بالکسر و المستفاد من کلام أهل اللغة و من القرآن المجید و السنة الغراء أنه یطلق علی الخیر و الطاعة و منه بر الوالدین و الإحسان الواسع و منه فوق کل بر بر و منه البر و البریة لاتساعهما و البر الصدق و الإیمان و (نعم ما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 68
و یصرف الوقف علی المنتشرین إلی من یوجد منهم (1) و لو وقف المسلم علی الفقراء اختص بفقراء المسلمین (2)
______________________________
قیل) إنه اسم جامع للخیر کله و (الثلاثة) الأول تصلح هنا کما فی (المسالک) فالوقف علی وجوه البر أو علی وجوه الخیر وقف علی وجوه القربات کلها و (قد جعل) فی (الوسیلة) و (الجامع) سبیل البر بمعنی وجوه البر قالا سبیل البر الجهاد و الحج و العمرة و مصالح المسلمین و معونة الفقراء و الضعفاء و ستسمع کلامه فی (الوسیلة) فی سبیل اللّٰه و أنه غیر سبیل البر و یأتی للمصنف أنه لو وقف فی سبیل اللّٰه تعالی انصرف إلی ما یتقرب به إلی اللّٰه تعالی و کذا لو قال فی سبیل اللّٰه و سبیل الخیر و سبیل الثواب و لا تجب القسمة أثلاثا و معناه أن المفهوم من سبیل اللّٰه سبحانه و تعالی کل ما یتقرب به إلی اللّٰه تعالی (و قد نص) علی الشیخ و غیره و فی (جامع المقاصد) و (المسالک) أنه المشهور فیکون بمعنی وجوه البر و (المخالف) الشیخ فی (الخلاف) و ابن حمزة و الباقون علی خلافهما و (ستسمع) ما فی (المبسوط) ففی (الخلاف) الإجماع علی أن الموقوف فی سبیل اللّٰه یجعل بعضه للغزاة المطوعة دون العسکر المقابل علی باب السلطان و بعضه فی الحج و العمرة و (حکی) عن الشافعی أن جمیعه یصرف إلی الغزاة و قال فی (الوسیلة) سبیل اللّٰه المجاهدون و لعله مذهب الشافعی و (قال) فی (المبسوط) إذا وقف وقفا و شرط أن یصرف فی سبیل اللّٰه و سبیل الثواب و سبیل الخیر صرف (ثلثه) إلی الغزاة و الحج و العمرة و (ثلثه) إلی الفقراء و المساکین و یبدأ بأقاربه و هو سبیل الثواب و (ثلثه) إلی خمسة أصناف من الذین ذکرهم اللّٰه جل شأنه فی آیة الصدقة و هم الفقراء و المساکین و ابن السبیل و الغارمون الذین استدانوا لمصلحة أنفسهم و الرقاب و هم المکاتبون فهؤلاء سبیل الخیر (ثم قال) و لو قیل إن هذه الثلاثة أصناف متداخلة لکان قویا انتهی فکأنه مترددا و قائل بالتداخل (فما) فی (المسالک) من أن له قولین غیر ما فی (الخلاف) لم یصادف محله و (التداخل) خیرة (الشرائع) و (النافع) و (الکتاب) و (التحریر) و (الإرشاد) و (المختلف) و (الدروس) و (اللمعة) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) فتکون هذه المفهومات بمعنی واحد و فی (المسالک) أنه المشهور لأن سبیل اللّٰه کل ما کان طریقا إلی ثوابه و رضوانه و القربة إلیه لاستحالة التحیز علیه جل جلاله فیکون کلها بمعنی وجوه البر کما نبه علیه فی (الإرشاد) و غیره قال فی الإرشاد و علی البر یصرف فی کل الفقراء و کل مصلحة یتقرب بها و کذا فی سبیل اللّٰه و هذه التفاصیل و التخاریج من العامة و علی تقدیر تسلیم أن إطلاقها علی ما ذکره أقوی فإن ذلک لا یمنع من تناول غیره مما یدخل فی مفهومه و کان الأولی بالأصحاب أن یذکروا هذه المسائل کلها فی مقام واحد إذ ذکر کل فی مقام یورث الاشتباه و الإبهام
(قوله) (و یصرف الوقف علی المنتشرین إلی من یوجد منهم)
قد تقدم الکلام فیه مسبغا عند قوله و لو وقف علی قبیلة عظیمة کقریش
(قوله) (و لو وقف المسلم علی الفقراء اختص بفقراء المسلمین)
کما فی (الشرائع) و (النافع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و فی (السرائر) کان للمحقین من المسلمین و فی (الکفایة) أنه لا یبعد انصرافه إلی فقراء نحلته من فرق الإسلام (قلت) قد تقدم لنا فیما إذا وقف علی المسلمین تقویة قول ابن إدریس و أن کل من یشترط القربة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 69
و لو وقف الکافر اختص بفقراء نحلته (1) و لو وقف علی مصلحة فبطل رسمها صرف فی وجوه البر (2)
______________________________
یلزمه عدم صحة الوقف من المحق علی جمیع فرق المسلمین و مستندهم فی المسألة یقضی بذلک لأنهم استندوا إلی العرف و شهادة الحال و قضاء العادة قالوا فیخصص بها ما یقتضیه لفظ الفقراء من العموم و معناه أن إرادة المسلمین من الفقراء فی المقام لیس من حیث کونهم حقیقة فیهم دون غیرهم فی عرف الواقف کما یتوهم من کلام (المسالک) حیث قال تعارض المفهوم اللغوی و العرف مقدم إذ هو خطأ من وجهین (الأول) أن ذلک إنما هو فی کلام الشارع لا فی العرف للإجماع علی تقدم اصطلاحه علی اللغة و الشرع و (الثانی) أن ذلک لیس من هذا القبیل بل من قبیل إرادة بعض أفراد الحقیقة لمکان القرینة و إن عمت اللفظة فی عرف المتکلم غیر ذلک و (مقتضی) ذلک انصراف وقف الإمامی إلی فقراء الإمامیة خاصة و لو لا ما تقدم لهم فی مسألة الوقف علی المسلمین لقلنا إن مرادهم ما ذکرناه فقاعدتهم و دلیلهم یقتضیان بخلاف ما أطلقوه
(قوله) (و لو وقف الکافر اختص بفقراء نحلته)
کما فی (النهایة) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الکفایة) و (وجهه) یعرف مما تقدم هنا و فی وقفه علی البیع و الکنائس (بل) ظاهر کلام ابن إدریس أنه محل وفاق حیث أخذه مسلما فی مسألة الوقف فلیلحظ هناک
(قوله) (و لو وقف علی مصلحة فبطل رسمها صرف فی وجوه البر)
کما فی (المقنعة) و (النهایة) و (المهذب) و (الوسیلة) و (الغنیة) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (کشف الرموز) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (المهذب البارع) و (المقتصر) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (إیضاح النافع) بعد تردده أولا و فی (السرائر) أنه لا خلاف فیه و ظاهره بین المسلمین و (ظاهر المهذب البارع) الإجماع حیث نسب ما فی (النافع) إلی الندرة و فی (المسالک) أنه لم یقف علی أدلة من الأصحاب عدا المحقق فی (النافع) حیث نسبه إلی قول مشعرا برده و نسبه أیضا فیه إلی الأصحاب و فی (المقتصر) و (المهذب البارع) أیضا و (الکفایة) أنه المشهور و (ظاهر النافع) التردد حیث قال قیل و (قد) رماه (کاشف الرموز) و أبو (العباس) فی (المقتصر) بالضعف و (مع ذلک) کله قال فی (المسالک) للتوقف مجال فی بعض الصور و فی (الکفایة) الأمر غیر متضح عندی و کذا إذا علم کونه وقفا و لم یعلم مصرفه (انتهی) هذا و (الظاهر) أن مرادهم أن المصلحة التی بطل رسمها کانت مما تقضی العادة بدوامها فاتفق علی خلافها بطلان رسمها (کما صرح) بذلک فی (جامع الشرائع) و (جامع المقاصد) و (بهذا) قطعوا بالحکم من غیر تردد إلا ممن عرفت (فتفصیل) (المسالک) و جعله تحقیقا فی غیر محله و ما کان الأصحاب لتتوارد عباراتهم علی کلمة واحدة قاطعین بها مع مخالفتها للقاعدة بأن یکونوا أرادوا أن المصلحة مما تنقرض غالبا أو یشتبه حالها لأن الأول تحبیس و کذا الثانی لأن الأصل بقاؤه علی ملکه و لا یخرج عنه إلا مع الیقین (سلمنا) لکن وجه کلام الأصحاب فی کشف الرموز و هو من المتقدمین العارفین بمرامهم و تبعه علی ذلک صاحب التنقیح و غیره بما حاصله أن الوقف علی المصالح فی التحقیق وقف علی المسلمین إلا أنه مخصوص ببعض مصالحهم و هو المصحح للوقف علی المساجد و نحوها من المصالح التی لا تقبل الملک و (حینئذ) لا یلزم من بطلان المصلحة کائنة ما کانت بطلان
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 70

[المطلب الثالث الموقوف]

المطلب الثالث الموقوف و شروطه أربعة أن یکون عینا مملوکة یصح الانتفاع بها مع بقائها و یمکن إقباضها (1)
______________________________
الوقف بل یصرف إلی سائر مصالح المسلمین و (علی) هذا فلعل الأقرب تحری الأقرب فالأقرب کما جزم به فی (التنقیح) و مال إلیه فی (المسالک) لو لا إطباقهم لمکان إطلاقهم علی خلافه مستندین إلی أن القرب متساویة فی عدم تناول عقد الواقف لها و عدم قصده إلیها و مجرد المشابهة لا دخل لها فی تعلقه بها فیبطل القید و یبقی أصل الوقف من حیث القربة و (وجه الوجه) فی تحری الأقرب أن ذلک من حیث دخوله فی نوع المصلحة الخاصة و إن تمیزت عنه بالخصوصیة فإذا زالت بقیت الأفراد الأخر الممکنة داخلة فیکون وقفه کأنه تضمن أشیاء ثلاثة القربة و المسجدیة مثلا و کونه المسجد المعین و مع زوال التشخیص و بطلان رسم هذا المسجد ینبغی أن لا یقطع النظر عن القیدین الآخرین عملا بقولهم (ع) لا یسقط المعسور بالمیسور و ما لا یدرک کله لا یترک کله و لم یستندوا فی ذلک إلی المشابهة فلیتأمل و (مما یؤید) مذهب الأصحاب فی أصل الحکم و إطلاقه الأخبار الواردة فی الوصیة فی مصارف مخصوصة و النذر المعین فی أنه یصرف مع تعذرها فی وجوه البر (ففی الخبر) عن إنسان أوصی بوصیة فلم یحفظ الوصی إلا بابا واحدا منها کیف یصنع فی الباقی فوقع (ع) الأبواب الباقیة اجعلها فی البر و فی (الخبر) الطویل عن صاحب السابری الذی تضمن أنه أوصی بترکته إلی رجل و أمره أن یحج بها عنه قال الوصی فنظرت فإذا هو شی‌ء یسیر لا یکفی للحج فسألت أبا حنیفة و فقهاء الکوفة فقال تصدق به عنه فتصدق به إلی أن قال فلقیت جعفر بن محمد (ع) إلی آخره مع اختلاف یسیر ثم لقی بعد ذلک أبا عبد اللّٰه (ع) فسأله و أخبره بما فعل فقال إن کان لا یبلغ أن یحج به من مکة فلیس علیک ضمان و إن کان یبلغ ما یحج فأنت ضامن و فی (کثیر) من الأخبار ما یدل علی أن ما أوصی به للکعبة أو کان هدیا أو نذرا یباع إن کان جاریة و نحوها و إن کان دراهم یصرف فی المنقطعین من زوارها و (قد ورد) فی المسألة الثانیة التی استشکل فیها صاحب الکفایة خبر أبی علی بن راشد قال اشتریت أرضا إلی جنب ضیعتی بألف درهم فلما وفیت المال خبرت أن الأرض وقف فقال لا یجوز شراء الوقف و لا تدخل الغلة فی ملکک ادفعها إلی من أوقفت علیه قلت لا أعرف لها ربا قال تصدق بغلتها
(قوله) (المطلب الثالث الموقوف و شروطه أربعة أن یکون عینا مملوکة یصح الانتفاع بها مع بقائها و یمکن إقباضها)
کما ذکر ذلک کله بعنوان العدو دونه کما فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) مع زیادة التعیین فی بعضها (کالمبسوط) و (التذکرة) و (هو مراد) لمن لم یذکره لظهوره کما ترک الإقباض لتقدم ذکره فی (الوسیلة) و (الغنیة) و (السرائر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (الروض) و (المفاتیح) و فی (الغنیة) و (السرائر) الإجماع علی کونه معلوما مقدورا علی تسلیمه یصح الانتفاع به مع بقاء عینه فی ید الموقوف علیه و (الحاصل) أن اشتراط هذه الأمور مستفاد من مطاوی العبارات الأخر و إن لم یذکر علی سبیل العنوان و (العین تطلق) علی ما یقابل الدین و المبهم و المنفعة و الاحتراز عن الثلاثة هنا ممکن لعدم جواز وقفها و (قد أشار) المصنف فی التفصیل إلی الاحتراز عن الأولین و (ترک) الثالث و (لعله) لمکان خلاف أبی (الصلاح) لکن کان الواجب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 71
..........
______________________________
التنبیه علیه (فلعله) اکتفی عنه بما سیذکره من أن العین تبقی علی ملک المالک أو تنتقل إلی الموقوف علیه و (کیف) کان فقد قل من تعرض للمنفعة (و قد) یکون احترز عن المنفعة بقوله فیما یأتی و لا المستأجر و لا الموصی بخدمته بالمعنی الذی نزلنا العبارة علیه کما ستعرف و (المراد) بالمملوکة أن تکون صالحة للملک بالنظر إلی الواقف عند کل من قال بصحة الوقف الفضولی کما یأتی للمصنف فهو شرط للصحة علی وتیرة بقیة الشروط و (أما) من قال بعدم صحته فیصح منه إرادة الأعم منه و من الملک الفعلی فیکون أیضا شرطا للصحة (و لا ینبغی) للأول إرادة الأعم لأنه علی إرادة الثانی یکون شرطا للزوم و (قد قوی) فی (جامع المقاصد) فیما یأتی إن شاء اللّٰه القول بعدم صحة الفضولی هنا (لا لما قیل) من أن عبارة الفضولی لا أثر لها و تأثیر الإجازة فیما عدا محل النص المختص بالبیع و النکاح غیر معلوم لأن الوقف فک ملک فی کثیر من موارده و لا أثر لعبارة الغیر فیه (لاندفاعه) بأن اختصاص النص بالمورد غیر قادح بعد شموله للغیر بالأولویّة (بل) لاشتراط الصحة هنا بما یزید علی نفس العقد و هو القربة و هی بملک الغیر غیر حاصلة و (نیة المجیز) حین الإجازة غیر نافعة إما لاشتراط المقارنة للصیغة أو لأن تأثیر نیته بعدها فی الصحة غیر معلومة فالأصل بقاء الملکة إلی أن یعلم الناقل و هو حینئذ غیر معلوم و (کأنه) قال به أو مال إلیه فی (الروضة) (و هو) خیرة (المهذب) و (الجامع) علی الظاهر منهما و (قد تقدم) لنا عند شرح قوله و لا المکره و لا الفضولی حکایة القول بصحته أو المیل إلیه عن عشرة کتب و رددنا ما احتج به المانعون (و أما قوله) یصح الانتفاع بها مع بقائها فقد قال فیه فی (جامع المقاصد) إنه لو قال یصح الانتفاع به دائما مع بقائها لیخرج الریاحین و ما أشبهها لکان أحسن (قلت) قد عبر بمثل عبارة (الکتاب) فی (الغنیة) و (السرائر) فی موضع منها و (الشرائع) و (النافع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التذکرة) و (اللمعة) و (الروضة) و غیرها و ستسمع ما فی (التذکرة) و قد سمعت إجماعی (الغنیة) و (السرائر) و فی (الخلاف) و (المبسوط) و (فقه الراوندی) و (الوسیلة) و (جامع الشرائع) و موضع من (السرائر) أن تکون عینا تبقی بقاء متصلا یمکن الانتفاع بها و لعله بمعنی ما فی الکتاب کما هو الظاهر (و قد) نسب فی (الروضة) عدم اعتبار طول المنفعة إلی إطلاق الأکثر و (قد جزم) فی (التذکرة) و (التحریر) بعدم جواز وقف الریاحین فاعتبر طولها و لعله الظاهر من (المهذب) و فی (جامع المقاصد) أنه لا یخلو عن قوة و (تردد) فی (الدروس) و کأنه مال إلیه فی (الروضة) لقلة المنفعة و منافاتها التأبید المطلوب من الوقف و إطلاقات النصوص و الإجماعات و الفتاوی ترفع ذلک (و لا دلیل) علی اشتراط طول المدة و لم یثبت عندنا أن قلتها مانع (قولک) إن ذلک ینافی التأبید و (فیه) أنه إن أرید به التأبید و الدوام ما دامت العین باقیة فذلک موجود فی الریاحین و إن قلت المدة و إن أرید به الدوام علی الأبد فلم یقل به أحد (نعم) لا یصح وقف ما لا ینتفع به إلا بذهاب عینه کما یأتی (و لا) یعتبر فیه کونه أی النفع فی الحال بل یکفی الانتفاع المتوقع کالفلو و العبد الصغیرین و الزمن الذی یرجی زوال زمانته و نحو ذلک و لم نجد مخالفا و لا متأملا فی ذلک و إن لم یذکره المصنف (و قد) تقدم الکلام فی اشتراط القبض و الإقباض و سیفرع علی ذلک عدم صحة وقف الآبق المتعذر تسلیمه لأنه إذ کان کذلک لا یمکن قبضه فلا یصح وقفه و (ظاهره) و غیره أنه لا یصح وقفه کما لا یصح بیعه و إن أمکن تسلیمه بعد العقد و (جزم) فی (جامع المقاصد) بصحته و تبعه صاحب المسالک لأن القبض المعتبر فی صحة العقد غیر فوری و حینئذ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 72
فلا یصح وقف الدین (1)
______________________________
فلا مانع من وقوع الصیغة صحیحة و تکون صحة الوقف مراعاة تقتضیه بعد ذلک و إن طال الزمان و إن تعذر بطل (قالا) و هذا بخلاف البیع فإنه معاوضة و شرطه إمکان تسلیم العوضین فی الحال بالنص فلا یتعدی إلی غیره للأصل (و قال) فی (المسالک) لو قدر الموقوف علیه علی تسلمه (فأولی) بالصحة و هذا استظهره فی الروضة لأن الإقباض المعتبر من المالک هو الإذن فی قبضه و تسلیطه علیه و المعتبر من الموقوف علیه تسلمه و هو ممکن (قلت) حاصله أن المانع قد زال (و قد) نقلنا فی باب البیع عن (أربعة عشر کتابا) أو أکثر أنه یصح بیعه علی من یقدر علی تسلمه إذ هؤلاء بین جازم به أو مستظهر له أو مستجود أو مستحسن و فی الإنتصار الإجماع علیه و (کان صاحب الریاض) لم یظفر بما فی (المسالک) و (جامع المقاصد) قال و لو وقفه علی من یتمکن من قبضه فالظاهر الصحة وفاقا (للروضة) هذا و (لعل) من استظهرنا منهم المخالفة یقولون بصحة الوقف فی هذه الصورة لزوال المانع مع عدم النص إذ قد قال جماعة کما عرفت بصحة البیع فیها مع وجود النص (بل) إذا لحظنا الضمیمة فی الآبق کان بین حکم البیع و الوقف فیه عموم و خصوص من وجه إذ لا عبرة بالضمیمة فی الوقف إذ لا یکفی وقفها عن وقفه و قد اعتبرت فی البیع فصح بیعه معها و إن لم یظفر به کان الثمن بتمامه فی مقابلتها
(قوله) (فلا یصح وقف الدین)
إجماعا سواء کان علی معسر أو موسر حالا أو مؤجلا کما فی (جامع المقاصد) و (قد صرح) بعدم الصحة فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و غیرها و قد نفی الخلاف عن ذلک فی (الریاض) و (قد سمعت) العبارات التی صرحت باشتراط کونه عینا و بمعقد إجماعی (الغنیة) و (السرائر) و فی (الریاض) عن الغنیة أن فیها الإجماع علی أنه لا یصح وقف المنفعة و لا الدین و لا المبهم و لم نجد فیها ذلک و (الدلیل) علی عدم الصحة فیه و فی المنفعة و المبهم بعد الإجماع المعلوم فیها و المنقول فی الأول و الأصل أن الأدلة کتابا و سنة مختصة بما اجتمعت فیه الشرائط المذکورة لمکان الصراحة فی بعض و التبادر فی آخر (فالذی) لم تجتمع فیه الشرائط نشک فی دخوله فی الوقف إذ المفهوم منه لغة و شرعا أنه تحبیس الأصل و تسبیل الثمرة فلا یندرج فیه وقف نحو الثمرة لعدم وجود الشرط الثالث إذ الانتفاع بها یستلزم استهلاکها فلا یمکن الانتفاع بها مع بقاء عینها و (هذه) هی الغایة المطلوبة فی الوقف (و لا یندرج) فیه الدین و لا المبهم لأن مقتضی الوقف وجود موقوف متمیز یحکم علیه بذلک و هما لیسا کذلک فیکون وقفهما من قبیل وقف المعدوم فلیس وقفهما وقفا و مجرد (التسمیة) بالوقف فی الثلاثة لا یقضی بدخولها فی عمومات الأمر بالوفاء بالعقود (هذا تحریر) کلام الأصحاب و تفصیله الذی لم یرتضه (صاحب الحدائق) و (قال) الأظهر فی التعلیل فی الثلاثة أن الوقف یقتضی نقل الموقوف إلی الموقوف علیه و لم یعلم من الأخبار تعلق الوقف بالثلاثة و الأصل العدم حتی یثبت الدلیل و لم یعلم منه إلا العین خاصة (ثم) قال و إنما صرنا إلی مخالفة الأصحاب فی هذا الباب و ما سلف فی غیر باب لأن الأحکام الشرعیة لا تبنی علی مثل هذه التعلیلات العقلیة (ثم) تجاوز الإطناب فی التسجیع و التعریض بالأصحاب فلینظر إلی حاله نسأل اللّٰه تعالی أن لا نؤاخذه بأقواله لم یفهم کلامهم فیأخذ فی التشنیع علیهم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 73
و لا المطلق کفرس غیر معین و عبد فی الذمة أو ملک مطلق (1) و لا ما لا یصح تملکه کالخنزیر (2) نعم لو وقف الکافر علی مثله فالأقرب الصحة (3)
______________________________
(قوله) (و لا المطلق کفرس غیر معین و عبد فی الذمة أو ملک مطلق)
المراد بالملک المطلق أن یقف ملکا من الأملاک و لا یشخصه و یجوز أن یراد به أن یقول وقفت ملکا و یقتصر علی ذلک و المراد بغیر المعین أنه غیر مشخص و (قوله) فی الذمة یحتمل أن یکون قیدا فی الفرس و العبد و هو الظاهر و فی (جامع المقاصد) الإجماع علی أن الوقف لا یصح فی شی‌ء من هذه المواضع و فی (المبسوط) یجوز وقف العین إذا کانت معینة فإما إذا کانت فی الذمة أو کانت مطلقة و هو أن یقول وقفت فرسا أو عبدا فإن ذلک لا یجوز إلی آخره و (نحوه) ما تأخر عنه (کالفقه الراوندی) و (السرائر) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (المفاتیح) و (قد سمعت) إجماعی (الغنیة) و (السرائر) علی اشتراط کونه معلوما مقدورا علی تسلیمه و (قد سمعت) ما حکاه فی (الریاض) عن (الغنیة) آنفا و (قال) هو أنه لا خلاف فی أنه لا یصح وقف المنفعة و المبهم و قد قال من تعرض للمنفعة کما عرفت (بل) لم یتعرض لها أحد من القدماء فیما أجد عدا أبی (الصلاح) فإنه قال إن الوقف إنما یفید إباحة المنفعة للموقوف علیه ففی الحقیقة إنما وقف المنفعة فیکون مخالفا و (مثله) کلام (المهذب) و (الجامع) کما یأتی نقله و بیانه (کما قل) من تعرض لعدم صحة أحد العبدین و (أول) من تعرض لهما من المتأخرین المصنف فی (التذکرة) و ظاهره أن الأول لا خلاف فیه من العامة و حکی فی الثانی فی (الخلاف) عن الشافعیة فی أحد الوجهین فیصح وقفه کما یصح عتق أحد العبدین و (الحاصل) أن المستفاد من النصوص و الفتاوی أنه لا بد من التعیین بالتشخیص و لا یکفی التعیین بالوصف الرافع للجهالة مع بقائها کلیة فالذی یصح بیعه سلما لا یصح وقفه
(قوله) (و لا ما لا یصح تملکه کالخنزیر)
کما فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و وجهه ظاهر
(قوله) (نعم لو وقفه الکافر علی مثله فالأقرب الصحة)
کما جزم به فی (الدروس) و فی (جامع المقاصد) أنه الأصح لأن المانع من صحة وقف المسلم له عدم کونه مملوکا له و هو مملوک للکافر یصح له نقله بالبیع لکنه إنما یتم إذا لم نشترط فی الوقف التقرب أو اکتفینا بتقرب الکافر بحسب معتقده و (قد تقدم) للأصحاب صحة وقف الذمی علی البیع و الکنائس من دون خلاف و (أطبقوا) من دون تأمّل و لا خلاف أصلا علی صحة وقف المخالف و لا فارق بینهما بالنسبة إلی القربة و (إلا) قضیة الضوابط أن لا یصح وقفهما علی القول باشتراط القربة (کما هو) خیرة (الإیضاح) حیث قال الأصح عندی البطلان و (لعله) لأن التقرب کما تقدم إنما یکون فی الفعل المثمر للقرب و إلا لصحت عباداتهما و استحقا علیها الثواب و هو خلاف ضرورة المذهب و (من الغریب) أن المصنف هنا قرب الصحة و استشکل فی باب الوصایا فی صحة وصیة الذمی بهما لذمی (مع) أن الوقف تشترط فیه القربة دون الوصیة و (لعل) ترک الأکثر لهذا الفرع لأنه یفهم من قولهم بصحة وقف الذمی علی البیع و الکنائس إذ لا فرق بین وقف الکافر الشاة أو الخنزیر بعد عد الخنزیر مالا لهم فی نظر الشارع إذا لم یتظاهروا به و (الاعتبار) بالقربة فی الوقف إنما هو بالنسبة إلی المصرف دون نفس المال بعد کونه مالا و (هذا)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 74
و لا الحر نفسه (1) و لا ما لا یملکه الواقف کملک الغیر فإن أجار الملک فالأقرب اللزوم (2) و لا المستأجر و لا الموصی بخدمته (3) و لا وقف الطعام و اللحم و الشمع (4) و فی الدنانیر و الدراهم إشکال (5)
______________________________
إنما هو إذا ترافعوا إلینا و إلا فلا یعترض لهم فیما جری بینهم إلا المناکیر إذا تظاهروا بها
(قوله) (و لا الحر نفسه)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و إن إذن أو کان هو الواقف لنفسه کما فی (الدروس) (فیجوز) أن یکون نفسه مجرورا علی أنه تأکید للحر و (یجوز) أن یقرأ منصوبا علی أن المعنی و لا أن یقف الحر نفسه و ذلک لأن رقبته غیر مملوکة و إن قلنا أن منافعه تلحق بالأموال فی بعض الأحوال لأن الوقف یستدعی أصلا مملوکا یحبس لیستوفی الموقوف علیه منفعة علی ممر الزمان و لوضوحه ترکه الجماعة
(قوله) (و لا ما لا یملکه الواقف کملک الغیر فإن أجاز المالک فالأقرب اللزوم)
قد تقدم عند قوله و لا المکروه و لا الفضولی نقل القول بالصحة و اللزوم إذا أجاز المالک عن (عشرة کتب) و هم بین قائل به و مائل إلیه و (نقل) القول بالمنع عن (سبعة کتب) ما بین قائل و مائل إلیه و (التردد) عن (التذکرة) و (الدروس) و (تقدم) لنا فی أول هذا المطلب نقل دلیل المانعین
(قوله) (و لا المستأجر و لا الموصی بخدمته)
قال فی (التحریر) لا یصح وقف الدار المستأجرة و لا الموصی بخدمته و (قال) فی (التذکرة) إنه إذا قبضها بإذن المستأجر فلا بأس و إلا لم یصح القبض و لا یثمر لزوم الوقف و (قضیته) أنه یصح للمالک وقف العین المستأجرة إذا قبضها بإذن المستأجر أو أخره حتی تنقضی مدة الإجارة لأن القبض لیس فوریا و قال أیضا وقف الموصی بخدمته شهرا کوقف المستأجر و فی (جامع المقاصد) أن وقف العین المستأجرة لا یقع فاسدا غایة ما فی الباب أنه لا یتم إلا بالقبض و هو کذلک یصح وقف الموصی بخدمته (شهرا) من الورثة مع إذن الموصی له فی القبض أو بعد انقضاء الشهر (فیحمل) ما فی (التحریر) و (الکتاب) علی أن المراد لا یصح وقف المستأجر العین و الموصی له بالخدمة فیکون أراد التنبیه علی أن المنافع لا یصح وقفها و فی اقتصاره فی (التذکرة) علی ذکر الموصی بخدمته شهرا إشعار بأنه لا یصح من الورثة وقف الموصی بخدمته دائما لأن العین حینئذ مسلوبة المنافع فیکون کوقف ما لا منفعة فیه و (تردد) فی الصحة فی (جامع المقاصد) و قال إنه لم یظفر فیه بکلام للأصحاب (قلت) قد قال فی (التذکرة) لا یجوز وقف العبد الذی استحق منفعته علی التأبید و لا الأرض کذلک لعدم الانتفاع بها فی الحال و لا فی ما بعد الحال
(قوله) (و لا وقف الطعام و اللحم و الشمع)
کما صرح به فی (المهذب) و (الجامع) و (التذکرة) و (التحریر) و (غیرها) و بالجملة لا أجد فیه خلافا لأنه لا ینتفع به إلا باستهلاکه
(قوله) (و فی الدنانیر و الدراهم إشکال)
و نحوه ما فی (الإیضاح) و (المفاتیح) من عدم الترجیح و (قال) فی (التذکرة) إن أصحابنا ترددوا (و لم نجد) من تردد ممن تقدمه إلا ما لعله یلوح من قوله فی (الشرائع) قیل لا و هو أظهر و قیل یصح فهو فی الواقع غیر متردد و فی (المبسوط) و (الغنیة) و (السرائر) أنه لا یصح بلا خلاف و الظاهر من نفی الخلاف فی هذه نفیه بین المسلمین فهو یفید الإجماع و زیادة و (لهذا) حکی فی (الدروس) و (جامع المقاصد) و (غیرهما)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 75
و لا وقف الآبق لتعذر تسلیمه (1) و یصح وقف المشاع و من ینعتق علی الموقوف علیه فیبقی وقفا و قبضه کقبض المبیع (2)
______________________________
عن (المبسوط) دعوی الإجماع علی ذلک (و قال) فی (المبسوط) بعد ذلک و (منهم) من قال یصح و هو شاذ و هو یفید الإجماع أیضا (نعم) قال فی (الغنیة) بلا خلاف ممن یعتد به و هو إشارة إلی القیل فی (المبسوط) و لعلهما أشارا إلی أحد وجهی (الشافعیة) و إلی ما یلزم (أحمد) فی إحدی الروایتین (و بعدم صحة) وقفهما جزم فی (المهذب) و (الوسیلة) و (الجامع) و (قد سمعت) ما فی (الشرائع) فإجماع القدماء نقلا و تحصیلا قد سبق المترددین کالمصنف و ولده و القائلین بالجواز أو المائلین إلیه (ففی التذکرة) و (الدروس) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) أنهما إن کان لهما منفعة فی نظر الشارع و العرف صح و (فی الأول) و الأخیر و إلا فلا و فی (التحریر) لو قیل بالجواز کان وجها و (فی المسالک) أنه أقوی و فی (الکفایة) أنه أوجه (فلم یجزم) بذلک أحد فرجع الإشکال إلی الشک فی کون منفعتهما مقصودة للعقلاء عادة أم لا و (عساک) تقول قد حکیت عن کتب الأصحاب من (المقنع) إلی (الریاض) جواز إعارة الدراهم و الدنانیر فینبغی بناء علی ذلک جواز وقفهما (قلت) لا ملازمة و إلا لما أنفقوا هناک و اختلفوا هنا و ما ذاک إلا لأن الأمر فی العاریة سهل لأنها کانت عقدا جائزا و قد (أطبقوا) هنا علی عدم جواز وقف الأطعمة (و قد) ذکر هناک ما یقضی بجواز إعارتها کان یستعیرها لیدفع عنه و صمة الذل و نحوها إذ أمر به زید إلی غیر ذلک من التوجیه الذی ذکرناه هناک هذا و فی (التحریر) أنه یصح وقف الحلی إجماعا و (بالصحة) و الجواز صرح جماعة منهم ابن (إدریس)
(قوله) (و لا وقف الآبق لتعذر تسلیمه)
قد تقدم الکلام فیه آنفا فی أول هذا المطلب
(قوله) (و یصح وقف المشاع و من ینعتق علیه و قبضه کقبض المبیع)
فی (الخلاف) و (الغنیة) و (التذکرة) الإجماع علی صحة وقف المشاع و فی (المسالک) و (المفاتیح) و (الریاض) أنه لا خلاف فیه و (لعله الظاهر) من (جامع المقاصد) حیث اقتصر علی حکایة الخلاف عن بعض العامة (قلت) و هو محمد بن الحسن الشیبانی و (الباقون) موافقون (و قد) صرح به فی (المقنعة) و (النهایة) و (المبسوط) و (المهذب) و (فقه الراوندی) و (سائر) ما تأخر من المتون حتی (التبصرة) و (اللمعة) و (إنما) خلا عنه بعض (المختصرات) (کالمراسم) و (الکافی) و (الوسیلة) و (لکنه) قد یستفاد من (إطلاقاتهم) (و قد عقد) لذلک بابا فی (الوسائل) بل سرد فیه (ثمانیة عشر خبرا) و فیها الصحاح (کصحیحة) الحلبی قال سألت أبا عبد اللّٰه (ع) دار لم تقسم و تصدق بعض أهل الدار بنصیبه من الدار فقال یجوز قال إن کان هبة قال یجوز و (صحیحة) أبی بصیر قال سألت أبا عبد اللّٰه (ع) عن صدقة ما لم یقسم و لم یقبض فقال جائزة إنما أراد الناس النحل فأخطئوا (و لعل) المراد أن الناس أرادوا من لفظ الصدقة فی مثل صدقة الدار النحل و الهبة فأخطئوا فی ذلک بل المراد الوقف فتأمّل و فی (خبر) محمد بن أبی الصباح قال قلت لأبی الحسن (ع) إن أمی تصدقت علی بنصیب لها فی دار فقلت لها إن القضاة لا یجیزون هذا و لکن اکتبیه شراء فقالت اصنع «1» ما بدا لک و کل ما تراه «2» أن یسوغ لک فتوثقت فأراد (بعض الورثة) أن یستحلفنی أنی نقدتها الثمن و لم أنقدها شیئا فما تری قال
______________________________
(1) من ذلک کذا فی الوسائل.
(2) ما تری أنه وسائل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 76
و یصح وقف کل ما ینتفع به منفعة محللة مع بقائه کالعقارات و الثیاب و الأثاث و الآلات المباحة و الحلی و من ینعتق علی الموقوف علیه فیبقی وقفا و السلاح و الکتب المملوک و السنور و الشجر و الشاة و الأمة و العبد دون المستولدة (1)
______________________________
احلف له و قد ترک فیها الاستفصال عن المراد بالصدقة فی السؤال (بل) قد تقدم غیره مرة أن إطلاق الصدقة علی الوقف حقیقة عرفیة فی العصر السابق و (لهذا) أوردها المحمدون الثلاثة و المحدثون فی باب الوقف و (ذلک) کله مع العمومات و الإطلاقات السلیمة عما یصلح للمعارضة لتحقق الغایة المقصودة من الوقف و هو تحبیس الأصل و تسبیل الثمرة و (قد استدل) علیه فی (الخلاف) و (الغنیة) بقوله (ص) لعمر حبس الأصل و سبل الثمرة و کان ذلک مشاعا لأنه (ص) ما قسم خبیر أو إنما عدل السهام و (قد أشار) المصنف بقوله لأن قبضه کقبض المبیع إلی حجة الخصم حیث ذهب إلی عدم صحة قبض المشاع و (الأصل) ممنوع فإنه یصح قبضه لأنه إن کان هو التخلیة فإمکانه ظاهر و إن کان النقل فهو حاصل بإذن الشریک و الواقف و (قوی) فی (الحواشی) جواز قبضه بدون إذن الشریک (و قد) تقدم فی الرهن أنه یحصل القبض بدون إذن الشریک للمصنف و (ولده) و (المحقق الثانی) و (أما صحة) وقف من ینعتق علیه مع بقائه علی الوقف فقد وافقه علیه فی (جامع المقاصد) لأن العتق إنما هو فی الملک التام و حکاه عنه فی (غایة المراد) مائلا إلیه أو قائلا به فی مسألة ما إذا وطئ الموقوف علیه الجاریة الموقوفة و ولدت منه و (صریح) السید عمید الدین أنه إذا ولدت تنعتق علی ولده کما یأتی بیان ذلک کله عند شرح و من تنعتق علیه و تؤخذ من ترکته قیمتها فلا بد من ملاحظته
(قوله) (و یصح وقف کل ما ینتفع به منفعة محللة مع بقائه کالعقارات و الثیاب و الأثاث و الآلات المباحة و الحلی و من ینعتق علی الموقوف علیه فیبقی وقفا و السلاح و الکلب المملوک و السنور و الشجر و الشاة و الأمة و العبد دون المستولدة)
فی (الخلاف) و (المبسوط) و (السرائر) یجوز وقف الأرض و العقار و الدور و الرقیق و الماشیة و السلاح و کل شی‌ء یبقی بقاء متصلا و یمکن الانتفاع به (و نسب الخلاف) فیها إلی أبی یوسف قالا قال لا یجوز إلا فی الأرض و الدور و الکراع و السلاح و الغلمان تبعا للضیعة الموقوفة و (نحو) ذلک ما فی (المهذب) حیث قال یجوز فی الدور و المساکن و الضیاع و الأراضی و الرقیق و الحلی و کتب العلوم و المصاحف و سائر ما جری مجری ذلک و آلات الحرب (و نحوه) ما فی (الشرائع) إلی أن قال و ضابطه کل ما یصح الانتفاع به منفعة محللة مع بقاء عینه (و فی المسالک) الإجماع علی هذا الضابط و به طفحت عباراتهم و فی (الغنیة) و (السرائر) الإجماع علی صحة وقف کل ما یصح الانتفاع به مع بقاء عینه ذکراه فی آخر الشروط و زاد فی الغنیة قوله سواء فی ذلک المنقول و غیره و المشاع و المقسوم بدلیل إجماع الطائفة قال و یحتج علی المخالف فی وقف المنقول بخبر أم معقل فإنها قالت یا رسول اللّٰه إن أبا معقل جعل ناضحة فی سبیل اللّٰه و أنا أرید الحج فأرکبه فقال (ص) ارکبیه فإن الحج و العمرة فی سبیل اللّٰه و به احتج فی (الخلاف) و (التذکرة) أیضا و زاد فی الأخیر قوله صلی اللّٰه علیه و آله أما خالد فإنه قد حبس أدراعه و اعبده فی سبیل اللّٰه و (حکی) الإجماع فیه علی صحة وقف ما لا ینقل و لا یحول و قال و أما ما ینقل و یحول مما جمع الشرائط فهل یصح وقفه أم لا (قال) علماؤنا یصح و به قال (الشافعی و قال (أبو حنیفة) لا یدخل للوقف فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 77
..........
______________________________
الحیوانات و الکتب (و عن مالک) أن المنقول مطلقا لا یجوز وقفه و (حکی) عن أبی یوسف نحو ما حکاه عنه الشیخ فی الکتابین إلی أن قال و إجماع الناس حاصل علی وقف الحصر و القنادیل و الزلالی فی جمیع الأعصار انتهی (و قد) ورد فی أخبارنا ما یدل علی صحة وقف المنقول (ففی الصحیح) قال سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل یتصدق علی ولده و هم صغار بالجاریة و (فی الصحیح) عن رجل کانت له جاریة فأذله فیها امرأته فقال هی علیک صدقة و (فی الصحیح) عن رجل تصدق علی ابنه بالمال أو الدار و (فی الخبر) سمعت أبا عبد اللّٰه (ع) أوصی أن یناح علیه سبعة مواسم فأوقف لکل موسم مالا ینفق و (فی المعتبر) أو الصحیح قال سألت أبا عبد اللّٰه (ع) عن الرجل یتصدق ببعض ماله فی حیاته و فی الحسن بإبراهیم یتصدق علی بعض ولده بصدقة و (فی الخبر) عن صدقة ما لم یقبض إلی (غیر ذلک) مما یدل بإطلاقه أو عمومه مع ترک الاستفصال (ثم) إن المقتضی للصحة موجود و هو تحبیس الأصل و إطلاق المنفعة و انتفاء المانع فتثبت الصحة (لکن) لا بد من أن تکون المنفعة مقصودة عرفا فلا یعتد بالنفع الیسیر الذی لا یعتد بمثله فی العادة کالتفرج علی الدراهم و نحو ذلک (کما صرح) به فی (جامع المقاصد) و هو الظاهر من کلامهم و (أما قوله) الکلب المملوک فقد أراد به کلب الصید و الماشیة و الزرع و الحائط لأنه قرب جواز بیعها و إجارتها و اقتنائها (و قد) جعل صحة وقفه فی (التحریر) أقرب (و قد تقدم) الکلام فی ذلک فی باب المکاسب (و أما) أم الولد فقد جزم المصنف هنا بعدم جواز وقفها و الشهید فی (الدروس) و (المحقق) الثانی و (لا ترجیح) فی (التذکرة) و (الحواشی) و (ظاهر الوسیلة) الجواز حیث قال بقاء متصلا إلا الدراهم و الدنانیر و لم یستثن غیرهما و لعله ظاهر الباقین حیث أطلقوا الضابط الذی حکیناه آنفا عن (الشرائع) (إلا أن تقول) إن ذلک یقضی بصحة وقف المکاتب و المدبر (قلت) و هو کذلک فی المدبر لأنه یصح وقفه إجماعا کما فی (التذکرة) و کذلک المکاتب المشروط الذی لم یؤد لکن ظاهر (التذکرة) أن المکاتب بقسمیه لا یصح وقفه لکنه قال لانقطاع سلطان المولی عنه و لعله یقضی بتخصیصه بالمکاتب الذی لم یؤد شیئا فلیتأمّل و (کیف کان) فالوجه فی عدم جواز وقف أم الولد أن الاستیلاد و الوقف متنافیان (من وجوه) (الأول) أن الاستیلاد یقضی بانعتاقها السید و الوقف یقضی بالدوام ما بقی الموقوف فیتنافیان (الثانی) أن الاستیلاد یقضی بعدم النقل عن ملک سیدها و الوقف یقضی بالنقل إلی ملک الموقوف علیه (الثالث) أنها صارت کأنها معتوقة و الوقف لا یتعلق بالحر و (وجه الجواز) أنها لم تخرج عن ملکه و لا ملازمة بین المنع من بیعها و المنع من وقفها لأن الوقف یشارک العتق فی إزالة الرق إلی وجه من وجوه القرب (و هو أحد) وجهی الشافعیة لأنها تجوز إجارتها فکذا وقفها (و هو ضعیف) جدا و (حکی) عن بعض الشافعیة أنه بنی الخلاف علی أن الوقف هل ینتقل عن الواقف أم لا فإن قلنا بالأول لم یصح و إلا صح و قال فی (الدروس) إن لم ینتقل و صح وقفها لا یبطل حقها من العتق بموت المولی بل یجری علی الوقف إلی حین موته و لو مات ولدها تأبد وقفها (قلت) هذا حکاه فی (التذکرة) عن أکثر (الشافعیة) ثم قالوا لا یبطل الوقف بل تعتق و تبقی منافعها للموقوف علیه کما لو آجرها و مات و هو (تنبیه) حسن (و قال) فی (جامع المقاصد) لم یذکروا هنا صحة وقفها حبسا لاشتراکهما فی أصل معنی الحبس کما فی الوقف المنقطع الآخر (قلت) قد ذکره فی (الدروس) کما سمعت غیر أنه بناه علی عدم الانتقال فتأمّل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 78
و لو جعل علو داره مسجدا دون السفل أو بالعکس أو جعل وسط داره و لم یذکر الاستطراق جاز (1)

[الفصل الثانی فی الأحکام]

الفصل الثانی فی الأحکام الوقف إذا تم زال ملک الواقف عنه (2)
______________________________
(قوله) (و لو جعل علو داره مسجدا دون السفل أو بالعکس أو جعل وسط داره و لم یذکر الاستطراق جاز)
کما صرح بذلک کله فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و هو قضیة إطلاق الباقین لأن کلا من (الثلاثة) مملوک یقبل النقل بانفراده فیصح وقفه مسجدا و غیر مسجد (فإن وقف) السفل اختص الوقف و یتبعه ما تحته فقط و (إن وقف) العلو اختص الوقف و یتبعه الهواء و (قال أبو حنیفة) لا تصح لأن المسجد یتبعه هواه و هو ممنوع و قال لا یصح وقف الوسط حتی یذکر الاستطراق و لم نجد هنا مانعا من أن یکون الهواء تابعا کما أنه لا ریب أن الاستطراق من صیرورته الانتفاع فیتبع و إن لم یذکر کما هو الشأن فیما إذا آجر أو باع فإنه ثبت للمشتری و المستأجر حق الاستطراق و إن لم یشترطه لتوقف الانتفاع علیه
(قوله) (الفصل الثانی فی الأحکام الوقف إذا تم زال ملک الواقف عنه)
إجماعا کما فی (الغنیة) و (السرائر) و عند أکثر علمائنا کما فی (التذکرة) و (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و هو المشهور کما فی (المسالک) و (الکفایة) و (المفاتیح) و هو ظاهر (المقنعة) و (الخلاف) أو صریحهما و صریح (النهایة) و (المبسوط) و سائر ما تأخر عنهما عدا ما ستعرف ممن تعرض له (و هو) إن لم یذکروه علی الاستقلال فقد ذکر فی أثناء الکلام و قال فی (المبسوط) و قال بعضهم لا یزول (و هو) أی عدم الزوال ظاهر (الکافی) و (المهذب) و (جامع الشرائع) و لیس فی (الوسیلة) بل و (المراسم) إشعار و لا ظهور فی (المشهور) أما (الجامع) فإنه قال فیه الوقف لازم لا یجوز للواقف الرجوع فیه (و قیل) ینتقل إلی الموقوف علیهم و إن لم یجز لهم بیعه (و قیل) یصیر للّه تعالی و أما (المهذب) فإنه قسم الصدقة تقسیم (الکافی) (فمن) تأمل العبارتین و أجاد التأمل عرف أنهما علی معنی واحد لا فرق بینهما فی المراد (إلا أنه) قال فی (المهذب) بعد ذلک بأسطر کثیرة و إذا وقف الإنسان و أخرجه من یده و ملکه لم یجز تغییر شی‌ء من شروطه إلی آخره و (هذا یمکن) تأویله بإرادة أخرج منفعته من یده لیوافق ما قبله (هذا) و (قد حکی) فی (المختلف) عن (المبسوط) أنه إذا وقف و أقبض زال ملکه (قال) و اختاره ابن (إدریس) و نقل ابن إدریس أنه ینتقل إلی اللّٰه تعالی و حکاه فی (المبسوط) عن قوم و کلام (أبی الصلاح) یعطی أنه لا یزول انتهی و (فیه) أولا أنه لا وجه لتوسیط القول بأنه ینتقل إلی اللّٰه تعالی هنا (و ثانیا) أنه فی (المبسوط) لم یحکه و إنما حکی عن بعضهم أنه لا یزول کما سمعت (نعم أشار) إلی ذلک فی (المبسوط) فی مسألة أن العبد الموقوف لا یصح عتقه من الموقوف علیه فتأمل جیدا (و کیف کان) فقد (احتجوا) للانتقال بأن الوقف سبب یزیل التصرف فی الرقبة و المنفعة فیزیل الملک کالعتق (و بأنه) لو کان باقیا علی ملکه لرجعت إلیه قیمته (قلت) الأصل فی ذلک الإجماع المعلوم و المنقول فیما عرفت (و الأصل) فیه أی الإجماع الأخبار الواردة فی صدقاتهم و وقوفهم (ص) و لا سیما ما دل علی نصب القیم (و قول) أبی عبد اللّٰه (ع) صدقتها یعنی سیدة النساء (ع) لبنی هاشم و اللام للملک و قولهم (ع) بتا (بتة) بتلا أی منقطعة عن صاحبها و الحاصل أنها ظاهرة الدلالة علی خروجها عن ملک الواقف بل و صیرورته کالأجنبی (مضافا) إلی الأدلة الدالة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 79
ثم إن کان مسجدا فهو فک ملک کالتحریر و إن کان علی معین فالأقرب أنه یملکه و إن کان علی جهة عامة فالأقرب أن الملک للّه تعالی (1)
______________________________
علی أنه ینتقل إلی الموقوف علیه مع تشخیصه کما یأتی إن شاء اللّٰه (و لا قائل) بالفصل کما فی (جامع المقاصد) و (احتج مالک) و (الشافعی) فی أحد قولیه لما أبعدهما اللّٰه سبحانه عن أنوار هذه الأخبار (بقوله ص) حبس الأصل و الحبس علی الآدمی لا یخرج عن الملک و بأنه یجوز له أن یدخل من یرید مع صغر الأولاد (و بأنه) یتبع شرطه (و الکل) ضعیف کما فی (جامع المقاصد) و (قد أجیب) بأن هذا الحبس غیر ذلک الحبس و المراد به هنا أنه لا یباع و لا یوهب و لا یورث و (عن الثانی) بأنه غیر مسلم کما تقدم و إن سلم فبدلیل آخر (و عن الثالث) أنما زال علی هذا الشرط
(قوله) (ثم إن کان مسجدا فهو فک ملک کالتحریر و إن کان علی معین فالأقرب أنه یملکه و إن کان علی جهة عامة فالأقرب أن الملک للّه تعالی)
یرید أنا إذا قلنا بزوال ملک الواقف فلا یخلو إما أن یکون الموقوف مسجدا أو غیره و غیر المسجد إما أن یکون علی معین مشخص أو علی جهة عامة ککونه علی منتشرین غیر محصورین (و قد قال) المصنف فإن کان مسجدا فوقفه عبارة عن فک ملک کتحریر العبد (فیحتمل) أن یکون مراده الفرق بینه و بین الوقف علی الجهة العامة بأنه لا یشترط فیه القبول من الحاکم و لا من غیره و لا یشترط القبض من الحاکم بل کل من تولاه من المسلمین صح قبضه و یعتبر فی قبضه الصلاة للقبض مع الإذن کما سبق بیان ذلک کله و لا کذلک الوقف علی الجهات العامة فإنه یشترط فیها قبض القیم و اعتبار القبول علی وجه (کذا) قال فی (جامع المقاصد) و (یحتمل) أنه أراد الفرق بما ذکره (الشهید) فی (الحواشی) من أن الملک فی الجهة متحقق و النزاع فی مالکه و فی المسجد لا ملک لزواله بالکلیة و عوده إلی ما کان و صیرورته کسائر ما لیس بمملوک (قلت) و قد نبه علی ذلک فی (الدروس) و (و رده) فی (جامع المقاصد) بأنه یشکل بأنه لو کان کذلک لم یشترط فیه القبض بل کانت مجرد إزالة علاقة الملک کافیة کالعتق فلما اشترط فیه القبض کان للقابض فیه حقا (و فیه) أن المکاتبة معاملة مشتملة علی إیجاب و قبول و هی فک ملک لا ملک فیها (ثم) إنه فی (التذکرة) قال أما إذا جعل البقعة مسجدا أو مقبرة فهو فک عن الملک کتحریر الرقیق فتنقطع عنه اختصاصات الآدمیین بلا خلاف (و صریحه) نفیه بین المسلمین و فی (الإیضاح) الإجماع علی ذلک (ففرق الشهید) هو السدید و هو المنساق من عبارة (الکتاب) و غیره (ثم قال) فی (جامع المقاصد) ثم إنه لا ثمرة مهمة فی تحقیق ذلک إلا ما تقدم (و فیه) أن فیه ثمرة عظیمة تأتی فیما إذا وقف المسجد علی قوم بأعیانهم أو شرط التخصیص فإن قلنا إنه فک ملک کتحریر العبد فسد الشرط و صح العقد و إلا فلا کما یأتی بیانه إن شاء اللّٰه و ربما قیل بأنها تظهر فی نفقة العبد کما ستسمع و (کیف کان) فقد أطلق فی (المبسوط) و (فقه القرآن) و (الغنیة) و (السرائر) و (الشرائع) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده و (کذا جامع الشرائع) و (التحریر) و (المختلف) أن الوقف ینتقل إلی الموقوف علیهم من دون فرق بین أن یکون علی معین أو علی جهة عامة و فی (المسالک) أنه مذهب الأکثر و فی (الکفایة) و (المفاتیح) أنه المشهور و (ظاهر التذکرة) أو صریحها أن الخلاف بین الخاصة و العامة فی أنه هل ینتقل إلی الموقوف علیه أو إلی اللّٰه سبحانه و تعالی إنما هو فیما إذا وقف علی شخص معین أو جهة عامة (و قد سمعت) کلامه فی المسجد و المقبرة (و صریح
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 80
..........
______________________________
جامع المقاصد) و ظاهر (الدروس) و کذا (الإیضاح) أن الخلاف إنما هو فی وقف المعین هل ینتقل إلی الموقوف علیهم أو إلی اللّٰه سبحانه و تعالی لأن صاحب (جامع المقاصد) فهم من إطلاق (المبسوط) و ما (وافقه) أن المراد به ما إذا أوقف علی معین (و قال) فی (الدروس) و (أما الوقف) علی الجهات العامة فالظاهر أن الملک ینتقل إلی اللّٰه سبحانه و تعالی و لو قیل بانتقاله إلی المسلمین أمکن لأنه فی الحقیقة وقف علیهم و نحن لم نجد القائل منا بأنه ینتقل إلی اللّٰه سبحانه و تعالی و إنما أشار إلیه فی (المبسوط) (و حکاه) ابن (إدریس) فی (السرائر) و (نقل) حکایته (فخر الإسلام) و (الشهید) و (المحقق الثانی) و (غیرهم) عنه أی ابن (إدریس) و (معنی انتقاله) إلی اللّٰه سبحانه و تعالی أنه ینفک عن اختصاصات الآدمیین لا أنه یصیر مباحا (و أما تفصیل) المصنف هنا فهو الأصح کما فی (الإیضاح) و الظاهر کما فی (الدروس) و الأقرب کما فی (جامع المقاصد) و الأقوی کما فی (المسالک) و به جزم فی (الروض) و فسر به إطلاق (الإرشاد) و (قد احتج) علی أنه ینتقل إلی الموقوف علیه بأنه مال مملوک لوجود فائدة الملک فیه و هو ضمانه بالمثل أو القیمة و لیس الضمان للواقف و لا لغیره فیکون للموقوف علیه و منعه من بیعه لا ینافی ملکه کأم الولد و المرهون (قلت) و ضابط المملوک الذی لا یصح بیعه ما تعلق به حق الغیر أو ورد به نص و هنا قد تعلق به حق البطون و نقض ببواری المسجد و آلاته فإنها تضمن بالقیمة و ملکها للّه تعالی لا للناس (و رد) فی (جامع المقاصد) بأن النقض إنما یتم إذا جعلنا المضمون فی الوقف علی المعین وقفا و لو جعلناه للموقوف علیهم لم یتم و (فی المسالک) أن فیه نظر لأن جعله للموقوف علیهم طلقا ربما یؤکد النقض من أن ذلک آکد فی تحقق الملک بخلاف جعله وقفا فإنه یبقی علی أصل الشبهة (انتهی) فتدبر و (لعله) فی (المسالک) دقق النظر و (استدل) علیه فی (الإیضاح) بجواز أبی جعفر (ع) لعلی بن سلیمان النوفلی ذکرت الأرض التی وقفها جدک علی نفر من ولد فلان و هی لمن حضر البلد الذی فیه الوقف و لیس لک أن تتبع من کان غائبا و (اللام) للملک و (المحکوم) علیه هو الأرض لا منفعتها لأن المذکور السابق الأرض و (قال) فی (جامع المقاصد) فیه (نظر) أما (أولا) فلأن هذا غیر المتنازع فیه لأن مورد الروایة وقف علی منتشرین و أما (ثانیا) فلأنه لو کان المحکوم علیه الأرض لم یجز أن یدفع إلی غیر من حضر فی البلد من حاصلها شی‌ء لأنه إذا کان الملک لغیره لم یستحق شیئا و لیس کذلک بل الملک للّه سبحانه و تعالی و المستغرقون من أولاد الرجل مصرف المنفعة و الواجب قسمتها علی من حضر فی البلد منهم حتی لو ذهب فریق و حضر فریق دفعت إلی الفریق الحاضر فی وقت وجود المنفعة لأن الجمیع مصرف و (نحو ذلک) ما فی (المسالک) و قد یجاب عن (الأول) بأنه یدل بالأولویّة فلیتأمّل و (قال) فی (جامع المقاصد) یمکن الاستدلال (بروایة) علی بن حیان المتضمنة جواز بیع الوقف و (قال) إن دلالتها ظاهرة إن کانت عن الصادق (ع) (قلت) ستسمعها و یأتی الکلام فیها إن شاء اللّٰه و لا (حاجة) بنا إلیها لأن المستفاد من أخبار الباب أنه متی کان الموقوف علیه موجودا منحصرا فإنه ینتقل الملک إلیه و لهذا دلت علی اشتراط قبضه أو قبض ولیه لیتم الملک و یمتنع الرجوع و (مما یدل) علیه أیضا أن الأصل فی العقود اللازمة الانتقال و قد أغفلهما الجماعة و (احتج) للقائل بأنه ینتقل إلی اللّٰه تعالی بأن الوقف صدقة و الصدقة للّه تعالی و (فیه) أن کون الصدقة له جل شأنه لا یقتضی ملکه سبحانه إیاها دون المصدق علیه للقطع بأن الصدقة یملکها المتصدق علیه بالقبض و (حجة القول) بأن الوقف علی الجهة العامة ینتقل إلی اللّٰه سبحانه و تعالی أن المفروض أنهم غیر محصورین
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 81
و لو وقف الشریک حصته ثم أعتقها لم یصح العتق (1) و کذا لو أعتقها الموقوف علیه (2) و لو أعتق الآخر لم یقوم علیه الوقف (3)
______________________________
فلو (ملک الجمیع) امتنع صرفه إلی البعض و کذا یمتنع أن یملکه بعض دون بعض أو واحد معین أو غیر معین للإجماع فی الجمیع کما فی (المسالک) و (للإجماع) علی أنه لا یملکه کل واحد و لا واحد معین کما فی (الإیضاح) و لاستحالة الترجیح فی الثلاثة الأخیرة و یرید الأخیر بأنه لا یحل المعین فی المبهم و لا یملکه المجموع من حیث هو مجموع لاختصاص الحاضر به و قال فی (الإیضاح) یحتمل أن یکون ملکا للموقوف علیه و هو الکلی (قلت) و لعله مراد الشیخ و من وافقه و یکون الکلی مقیدا بمن حضر و (فی جامع المقاصد) أنه یشکل بأن المالک لا بد أن یکون موجودا فی الخارج لاستحالة ملک من لا وجود له و لا تعین (و فیه) أنه عین المتنازع و فی محل الدعوی و کما یصح أن یملک کما فی السلم یصح أن یملک (فتأمّل) و یجوز أن یکون الموقوف علیه الجهة و الملک لها کما یجوز نسبة الوقف إلیها یجوز نسبة الملک إلیها (و قد تقدم) فیما إذا وقف علی قبیلة عظیمة أن فخر الإسلام فی (الإرشاد) ادعی الإجماع علی أن الوقف للفقراء لیس لبیان المصرف بل وقف تشریک و أنه یشابه بیان المصرف فلیرجع إلیه و (کیف کان) فالتفصیل هو الصحیح کما فی المسجد و المقبرة و فی (المسالک) خصوصا فی الوقف علی المسجد و المقبرة لأنه فیهما فک ملک و هو من سهو القلم
(قوله) (و لو وقف الشریک حصته ثم أعتقها لم یصح العتق)
کما فی (المبسوط) و (المهذب) و (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الکفایة) و (وجهه) ظاهر علی القول بالانتقال لأن ملکه قد زال و (کذلک الحال) لو وقف العبد جمیعه ثم أعتقه (و إنما) فرضه فی الحصة لیفرع علیه ما بعده و أما (علی القول) بعدم الانتقال عنه فکذلک لأنه ممنوع من التصرف لأنه یصیر کالأجنبی عنه و لأن فیه إبطالا لحق الموقوف علیهم من عین الوقف و (ستسمع) کلامهم (فی السرائر) علی تقدیر القول بذلک إذا أعتق الشریک حصته
(قوله) (و کذا لو أعتقها الموقوف علیه)
أی لم یصح کما صرح به فی (جمیع الکتب) المتقدمة عدا (المهذب) مع زیادة (الدروس) و وجهه أیضا ظاهر لأنه و إن کان مالکا إلا أنه ممنوع من کل تصرف ناقل للملک من عتق لأنه تحبیس الأصل علی الموقوف علیه و علله (فی الشرائع) بتعلق حق البطون به (و فیه) أنه قد یکون بعده علی جهات عامة دائمة إلا أن تقول إنها فی حکم البطون و لا یرد علیه الوقف المنقطع أنه یجعله حبسا
(قوله) (و لو أعتق الآخر لم یقوم علیه الوقف)
کما فی (المبسوط) و (التحریر) و (شرح الإرشاد) للفخر و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و کذا (غایة المراد) قال لعله أقرب و (فی المسالک) أنه قد ذهب الأکثر بل کاد یکون إجماعا إلی عدم السرایة (قلت) المصرح به قبله من عرفت و قد تردد (فی الشرائع) و استشکل فی (الإرشاد) قال فی (الشرائع) و لو أعتقه الشریک مضی العتق فی حصته و لم یقوم علیه لأن العتق لا ینفذ فیه مباشرة فالأولی أن لا تنفذ فیه سرایة و یلزم من القول بانتقاله إلی الموقوف علیهم افتکاکه من الرق و یفرق بین العتق مباشرة و بینه سرایة بأن العتق مباشرة یتوقف علی انحصار الملک فی المباشر أو فیه و فی شریکه و لیس کذلک افتکاکه فإنه إزالة للرق شرعا فیسری فی باقیه و یضمن الشریک القیمة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 82
..........
______________________________
لأنه یجری مجری الإتلاف و فیه تردد (انتهی) (قلت) ما وجه به أولا عدم العتق فیه من الأولیة هو الذی اعتمده (الشیخ) و الجماعة فی (المبسوط) و غیره و (بیانه) أن العتق مباشرة أقوی من العتق بالسرایة لأنه یؤثر فی إزالة الرق بلا واسطة و هی إنما تؤثر فیه بواسطة المباشرة و لأنها من توابع المباشرة فإذا لم یؤثر الأقوی المتبوع فالأضعف و التابع أولی (و حاصل) قوله و یلزم إلی آخره أن السرایة هنا أقوی من المباشرة لتوقفها علی شرط و هو حصر الملک فی المباشر أو فیه و فی شریکه و هو مفقود هنا لتعلق حق البطون و لیس هذا الشرط معتبرا فی السرایة لأنها محض انفکاک بطریق القهر فهی بمثابة إتلاف الحصة فیغرم قیمتها للموقوف (هذا بیان) ما أفاده فی (الدروس) فی بیان کلام (الشرائع) و سکت علیه (قلت) و یؤیده ما قاله (الفخر) من عموم قوله (ص) من أعتق شقصا من عبد و له مال عتق علیه کله و أن العتق مبنی علی أقوی أنواع التغلیب فی القهر و هو السرایة إلی ملک غیره بغیر إذن المالک فلذلک کان بمنزلة الإتلاف و (فیه نظر) من (وجوه) (الأول) أن من شرط السرایة أن نستلزم الانتقال إلی ملک المعتق و أن یکون محضا و لهذا یکون له ولاؤه و هذان الشرطان مفقودان هنا و الوقف ینافی الانتقال (الثانی) أن هذا الفرق مبنی علی أن المانع من عتق الموقوف علیه إنما هو حق البطون به کما صرح به و (قد عرفت) أنه غیر جید و غیر مطرد (أما الأول) فلأن المانع کونه ممنوعا من التصرف سواء کان علیه وحده أو معه غیره لأنه تحبیس الأصل فلا فرق بین العتق مباشرة و سرایة (و أما الثانی) فإنه إنما یتم فرقه فی بعض الفروض و هو ما لو کان علی بطون متعددة أو جهات کذلک لا مطلقا (الثالث) أن عموم النص بالسرایة معارض بمثله فی المنع من التصرف فی الأصل فیبقی استصحاب حال الوقف إلی أن یثبت الناقل الخالی عن المعارض (الرابع) أن السرایة تقتضی سلطانا علی مال الغیر فیقتصر فیه علی محل الوفاق (و منه یعلم) الوجه فی تردد (الشرائع) و الاستشکال فی (الإرشاد) (ثم إن أخبار) الباب قد صرحت و أفصحت بأن العین بعد صحة وقفها یجب إبقاؤها علی حالها إلی أن یرث اللّٰه عز و جل الأرض و من علیها و (قولهم) (ع) لا تباع و لا توهب و لا تورث کنایة عن التأبید و عدم تطرق شی‌ء إلیها یغیرها عن حالها من عتق و سرایة و غیر ذلک (فالأولی) الاستدلال علی عدم العتق فیه بالأخبار و لا ینبغی الالتفات إلی الاحتمالات السالفة و الآنیة (و لیعلم) أنه قد قال فی (غایة المراد) إن احتمال تقویمه یضعف علی تقدیر القول بانتقال الموقوف إلی اللّٰه تعالی و یقوی علی تقدیر القول بانتقاله إلی الموقوف علیهم فجعل الاحتمال قائما علی القول بانتقاله إلی الموقوف علیهم و علی القول بانتقاله إلی اللّٰه سبحانه و تعالی (قال) فی (جامع المقاصد) و کأنه نظر إلی أن انتقاله إلی اللّٰه سبحانه فی معنی التحریر و (فیه) أنک قد عرفت أن المراد منه قطع سلطنة العباد عنه فلا سلطان علیه للواقف و لا للموقوف علیه و ذلک لا ینافی إمکان عتقه للدلیل إذا وجد و لیس هو فی معنی التحریر مطلقا لأنه یجوز بیعه فی بعض الموارد و لا کذلک التحریر فتأمّل جیدا و لم یتعرض لحکمه علی القول بعدم انتقاله عن ملک الواقف (و کیف کان) فکلامه فی (هذا الکتاب) یخالف صریح (الدروس) و مفهوم کلام (الشرائع) قال فی (الدروس) إن الوجهین مبنیان علی المالک فإن قلنا هو اللّٰه سبحانه و تعالی أو الواقف فلا سرایة و إن جعلناه الموقوف علیه فالأقرب عدم السرایة (و قد سمعت) أنه قال (فی الشرائع) و یلزم من القول بانتقاله إلی الموقوف علیه افتکاکه و مفهومه أنه لا یلزم افتکاکه إذا قلنا ببقائه علی ملک الواقف أو انتقاله إلی اللّٰه تعالی (و فی المسالک) أن الاحتمال قائم بالنسبة إلی الجمیع لأن عموم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 83
و یملک الموقوف علیه المنافع المتجددة ملکا تاما کالصوف و اللبن و النتاج و عوض البضع و أجرة الدابة و الدار و العبد (1) و لو شرط دخول النتاج فی الوقف فهو وقف (2) و یملک الموقوف علیه الصوف و اللبن الموجودین وقت الوقف ما لم یستثنه (3)
______________________________
خبر السرایة الشامل للجمیع کعموم المنع من التصرف (و الفرق) بین ملک الواقف و الموقوف علیه ضعیف جدا لأنهما ممنوعان من التصرف أما لحق الموقوف علیه مطلقا أو لباقی البطون أو لعموم اقتضاء الوقف تحبیس الأصل عن مثل هذا التصرف هذا و علی القول بالسرایة و دفع القیمة یکون بمنزلة إتلاف الوقف علی وجه مضمون فهل یختص بها البطون الأول أم یشتری بها حصة من عبد وجهان کما فی (الدروس) (اختیر) أولهما فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التحریر) لأن الوقف لم یتناول القیمة (و اختار) ثانیهما فی (المختلف) و یأتی الکلام فیهما (إن شاء اللّٰه) مفصلا عند الکلام علی جواز بیع الوقف
(قوله) (و یملک الموقوف علیه المنافع المتجددة ملکا تاما کالصوف و اللبن و النتاج و عوض البضع و أجرة الدابة و الدار و العبد)
قال فی (الدروس) لا خلاف فی ملک الموقوف علیه المنافع کالصوف و اللبن و عوض البضع و أجرة الدابة و شبهها انتهی و قد ترک النتاج و (لعله) لأنه لیس محل وفاق لأنه قال فی (التذکرة) الأقوی فی النتاج أنه یملکه لأنه من جملة المنافع فأشبه اللبن و الصوف (و هو) أحد وجهی الشافعیة (و الثانی) أنه لا یملکه بل یکون وقفا کالأم حکمه حکمها تبعا لها (و کیف کان) فملک الموقوف علیه المنافع مما طفحت به عباراتهم بعنوان العنوان و بدونه بأن یؤخذ فی أثناء کلماتهم (بل) هو الغرض من الوقف و لا فائدة له سواه (قال) فی (التذکرة) لما کان الوقف عبارة عن تحبیس الأصل و تسبیل المنفعة اقتضی أن تکون فوائده للموقوف علیه یتصرف فیها کیف شاء تصرف المالکین فی أملاکهم من البیع و الهبة و الوقف و غیر ذلک فإن الوقف لذلک وضع (انتهی) و (فی جامع المقاصد) أن ذلک هو الغرض من الوقف (و قال فی التذکرة) لو کان الوقف شجرة فثمارها للموقوف علیه و أما الأغصان فإن کانت معتادة القطع فهی کالثمرة یملکها ملکا تاما کشجرة الخلاف فإن أغصانها کثمار غیرها و لو لم تکن معتادة فهی کالأصل و (قال) فی (جامع المقاصد) بعد نقله ذلک عن التذکرة لا یبعد أن یکون ما جرت العادة بقطعه کل سنة مما فیه إصلاح الشجرة و الثمرة فمن تهذیب الأغصان و ما یقطع من أغصان شجرة العنب ملحقا بالثمار (قلت) هذا مستفاد من کلام (التذکرة) إذ الألف و اللام فی الأغصان عوض عن المضاف إلیه فیصیر التقدیر و أما أغصان الشجرة المثمرة و یکون التشبیه بشجر الخلاف للتقریب و التنظیر (و هل الحکم) فی فروخ الأشجار کالحکم فی النتاج احتمالان و الظاهر ذلک و معنی الملک التام أن یتصرف فیها کیف شاء تصرف الملاک فی أملاکهم و لیعلم أن دخول الدر و النسل إنما هو إذا أطلق أو شرطهما للموقوف علیه أما إذا وقف البقرة علی حراثة إنسان و لم یشترط الدر و النسل فهما للواقف صرح به (فی التذکرة) و بالجملة یجوز الوقف لأجل بعض المنافع دون البعض الآخر
(قوله) (و لو شرط دخول النتاج فی الوقف فهو وقف)
قال فی (التذکرة) الحمل الموجود حال الوقف للمالک عندنا و لا یدخل فی الوقف کما لا یدخل فی البیع إلا أن یشترط دخوله فی الوقف فیدخل فی البیع مع الشرط قلت لأنه شرط لا یخالف مقتضی العقد فیجب اتباعه کما فی (جامع المقاصد)
(قوله) (و یملک الموقوف علیه الصوف و اللبن الموجودین وقت العقد ما لم یستثنه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 84
و لا یصح بیع الوقف و لا هبته و لا نقله (1) و لو خربت الدار لم تخرج العرصة عن الوقف و لم یجز بیعها (2)
______________________________
کما فی (الشرائع) و (التحریر) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و (کذا) (المسالک) و (قد) ترک فی (الإرشاد) و (الدروس) و (الروض) قوله ما لم یستثنه لوضوحه و (الوجه) فی ملک الموقوف لهما أنهما جزء من الموقوف فیتناولهما العقد کما یتناولهما البیع لکن لا بد فی اللبن من أن یکون موجودا فی الضرع و الصوف علی الظهر فلو احتلب أو جز الصوف لم یدخلا قطعا کما فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و (هذا) بخلاف الثمرة لأنه لو کان الموقوف علیه نخلة و کان طلعها موجودا حین العقد لم یدخل فی الوقف سواء أبر أم لا لأنه لیس جزء من النخلة عرفا (و به) صرح فی (التذکرة) و (الدروس) و (کذا) (جامع المقاصد) و (علیه) نبه فی (الشرائع) بقوله نظرا إلی العرف و (مثل الثمرة) و (الدروس) و فإنه و إن کان بمثابة الصوف و اللبن فی الاتصال الذی هو فی قوة الانفصال إلا أن العرف لم یجعله کالجزء و الأصل عدم دخوله و (بالجملة) العرف هو الفارق بین الصوف و اللبن و الثمرة و الحمل فإنه حکم بدخول هذین و خروج هذین و به یندفع ما عساه یقال إن کان عقد الوقف یتناول الصوف (و اللبن ظ) وجب أن یکونا وقفا و ذلک ممتنع فی اللبن و إن کان لا یتناولهما کانا علی ملک الواقف کالحمل فکیف قلتم بأنه یتناولهما و یکونان ملکا للموقوف علیه لأنه یجاب بأن العقد یتناولهما باعتبار شمول الشاة مثلا لهما حال کون حکم المنافع جاریا فیهما لأنهما محسوبان من المنافع فتناول العقد لهما لا یقتضی کونهما وقفا لأن مقتضاه تحبیس الأصل و تسبیل المنفعة و هما منفعتان فیلحقهما حکم المنفعة و (الفارق) بینهما و بین الحمل إنما هو العرف کما عرفت حیث حکم بدخولهما فی العقد تبعا لکونهما عنده کالجزء و فی (حکمهما) أغصان الشجرة و الشعر کما فی (الدروس) و (أما) إذا استثناهما و هما موجودان حال العقد فلا منافاة فی هذا الاستثناء لمقتضی العقد لأن الموقوف (حینئذ) ما عداهما و المعتبر ما یتجدد من المنافع أعنی ما یتکون بعد تحقق الوقف فلو استثنی من هذه المنافع شیئا لم یصح لأنه خلاف مقتضی العقد
(قوله) (و لا یصح بیع الوقف و لا هبته و لا نقله)
کما نصته بذلک روایاتهم و بأنه لا یحل ذلک لأحد و (أفصحت) به عباراتهم فی مطاوی کلماتهم خصوصا عند کلامهم علی جواز بیعه عند خرابه لخلف بین أربابه أو نحوه کما ستسمع و (انعقدت) علیه إجماعاتهم ففی (السرائر) أن الذی یقتضیه مذهبنا أنه بعد وقفه و تقبیضه لا یجوز الرجوع فیه و لا تغییره عن وجوهه و سبله و لا بیعه إلی أن قال لأنا قد اتفقنا جمیعا علی أنه وقف و أنه لا یجوز حله و لا تغییره عن وجوهه و سبله (ثم) قال بعد ذلک لأنه إجماع منا علی ذلک و فی (الغنیة) أیضا الإجماع علی أنه لا یجوز الرجوع فی الوقف و لا تغییره عن وجوهه و لا سبله (و الحاصل) أن ذلک من القطعیات بل کاد یکون من الضروریات
(قوله) (و لو خربت الدار لم تخرج العرصة عن الوقف و لم یجز بیعها)
کما فی (الشرائع) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و بعدم خروجها عن الوقف فقط صرح فی (الإرشاد) و (الدروس) و (الکفایة) و (المفاتیح) و ذلک یقضی بعدم جواز بیعها (و لذلک) اقتصر فی (المبسوط) علی قوله لم یجز بیعها (و نسب) الخلاف إلی (أحمد) و فی (المسالک) أن الحکم واضح لأن الخراب لا یصلح لنقض الوقف و إبطاله مع بنائه علی التأبید و عدم جواز بیعه و لأن العرصة من جملة الموقوف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 85
و لو وقع بین الموقوف علیهم خلف بحیث یخشی خرابه جاز بیعه و لو لم یقع خلف و لا خشی علی خرابه بل کان البیع أنفع لهم لم یجز بیعه علی رأی (1)
______________________________
و هی باقیة (و قال) فی (جامع المقاصد) قال النبی (ص) لا یباع و یبتاع و لا یوهب و لا یورث و قال فی (المسالک) هذا فی غیر الأرض الخراجیة أما فیها فإنه ینبغی بطلان الوقف بزوال الآثار لزوال المقتضی للاختصاص (و فیه نظر) تقدم بیان ما یرشد إلیه فی باب البیع و فی (أخبار) الباب لا سیما وقوف الأئمّة (ع) ما یرشد إلی البقاء إلی أن یرث اللّٰه الأرض و من علیها
(قوله) (و لو وقع بین الموقوف علیهم خلف بحیث یخشی خرابه جاز بیعه و لو لم یقع خلف و لا خشی علی خرابه بل کان البیع أنفع لهم لم یجز بیعه علی رأی)
قد تقدم الکلام فی المسألة فی باب البیع و قد استوفینا فیها الکلام و بلغنا فیها أبعد الغایات و فی (غایة المراد) أن عبارات الأصحاب هنا مشکلة و فی (المسالک) أنها قد اضطربت اضطرابا عظیما حتی من الرجل الواحد فی الکتاب الواحد (و لا بد) من بیان ذلک هنا علی سبیل الإجمال (فنقول) قد تتبعنا (کتب) أصحابنا من (المقنعة) إلی (الریاض) مرة بعد أخری و کرة بعد أولی فی البیوع و الوقوف فی الأصول القدیمة و فیها القدیم الصحیح مع کمال التأمّل و التروی مع تکرر جملة منها عندنا فما تجده مخالفا لما حکیناه فی أصل أو منقول عنه فهو وهم فی النقل أو غلط فی الأصل (فنقول) قد جوز (فی جملة) من کتبهم بیع الوقف إذا خرب و (فی جملة) منها عند خوف خرابه و (فی جملة) عند خوف خرابه لخلف بین أربابه و (فی جملة) إذا أدی بقاؤه إلی خرابه (و لعل) من جوز بیعه فی هذه المواضع الثلاثة فبالأولی أن یجوزه فی الموضع الأول و هو عند تحقق خرابه (و الکتب) التی حکم بجواز بیعها فی المواضع الأربعة کادت تبلغ ثلثین کتابا أو تزید کما ستعرف (لکنها) اختلفت فی بعض القیود (و قد جوز) بیعه إذا وقع بین أربابه خلف شدید (فی جملة) من کتبهم أیضا (و جوز فی جملة) منها بیعه مع خوف الفتنة و الخلف بین أربابه بحیث یحصل باعتبارهما فساد (و لعل) القائل بالجواز فی هذا الموضع یوافق ما قبله (و الکتب) التی اختیر فیها جواز بیعه فی هذین الموضعین تبلغ (خمسة عشر کتابا) أو تزید مع اختلاف فیها فی التعبیر کما ستسمع (و قد فهم جماعة) أن المواضع الستة متوافقة فی الجملة و قد جوز بیعه فی بعضها إذا وقع بین أربابه خلف من دون وصفه بکونه شدیدا و فی بعضها إذا أدی بقاؤه إلی الخلف و جوز بیعه فی جملة منها ما إذا کان الموقوف علیهم حاجة ضروریة أو شدیدة و هی (عشرة کتب) أو أکثر (و جوز فی بعضها) ما إذا کان بیعه أعود أو کان بقاؤه لا یجدی نفعا و فی (بعضها) ما لو شرط الواقف بیعه عند حصول ضرر به کالخراج من الظالم (فمما جوز) بیعه فیه إذا خرب (المقنعة) و (الإنتصار) و (المراسم) و (الخلاف) علی الظاهر منه و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (المختلف) و (الکتاب) و (تعلیق الإرشاد) و (مجمع البرهان) و کذا (جامع المقاصد) و فی (الإنتصار) الإجماع علیه و قد قید فیه الخراب بما إذا لم یجد نفعا (فینطبق) علیه معقد إجماع (الغنیة) کما ستسمع و فی (المقنعة) بما إذا لم یوجد له عامر و فی (الکتاب) بما إذا خرج عن الانتفاع و فی (الخلاف) بما إذا لم یرج عوده و (فی التذکرة) و (المختلف) بعدم التمکن من عمارته (و جمع) بین هذین (فی التحریر) و قد یکون المراد من الجمیع معنی واحدا (و جوز) فی (الکافی) بیع الوقف المنقطع عند خرابه (و لعل) مراد من قیده بما إذا خرج عن الانتفاع ما إذا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 86
..........
______________________________
لم یمکن الانتفاع به فی الجهة المقصودة مطلقا کحصیر یبلی و جذع ینکسر إذ قد جوز فی (التذکرة) و (الکتاب) و (الإیضاح) و (الدروس) و (جامع المقاصد) بیع حصر المسجد و جذوعه حیث لا ینتفع بها فیه و لا فی غیره و إنما ینتفع بها فی الإحراق قالوا فإنها تباع فیه (و هو مما) لا ریب فی جوازه و إن (خالف) فیه بعض (الشافعیة) و فی (المبسوط) إن انقطعت نخلة من أرض الوقف أو انکسرت جاز بیعها لأرباب الوقف لأنه قد تعذر الانتفاع بها علی الوجه الذی شرطه و هو أخذ ثمرتها و قیل لا یجوز و الأول أقوی انتهی فتأمّل جیدا (و مما جوز) فیه بیعه عند خوف خرابه (النهایة) و (المبسوط) و (المهذب) و (فقه الراوندی) و (الوسیلة) و (الواسطة) و (الغنیة) و (الجامع) و (کشف الرموز) و (الدروس) و (المقتصر) و نقله (کاشف الرموز) عن شیخه و فی (الغنیة) الإجماع علیه مع تقییده بما إذا صار لا یجدی نفعا و ظاهر (المبسوط) و (فقه الراوندی) الإجماع علی ذلک قالا معا و إنما یملک بیعه علی وجه عندنا و هو إذا خیف علی الوقف الخراب أو کان بأربابه حاجة شدیدة و لا یقدرون علی القیام به (و زید) فی (فقه القرآن) أو یخاف وقوع خلاف بینهم (و قد عبر) فی (النهایة) و (المهذب) بخوف هلاکه و فساده و الظاهر أنه بمعنی خوف خرابه و لهذا نظمناه فی هذا السلک (و زاد) فی (المقصر) إذا تعطل (فإن) أرجعنا هذا إلی ما قبله توافق إجماعات (الإنتصار) و (الغنیة) و (المبسوط) و (الفقه) و (مما جوز) فیه بیعه عند خوف خرابه لخلف بین أربابه (الشرائع) فی موضع منها و (الکتاب) و (التحریر) و (الإرشاد) و (مما جوز) فیه إذا أدی بقاؤه إلی خرابه (التحریر) و (قد قید) فی (التخلیص) کالکتاب لخلف بین أربابه (و قال) فی (اللمعة) إذا أدی إلی خرابه لخلف بین أربابه فالمشهور الجواز فلیلحظ هذا فإن المصرح بذلک قبله أنما المصنف فلیکن معناه إذا خیف خرابه لخلف أربابه فیرجع إلی ما قبله (و قد زید) فی (الکتاب) و (التهذیب) و (الإستبصار) و (الشرائع) کون البیع أعود (و نحو ذلک) ما فی موضع (من المفاتیح) و فی (التنقیح) إذا آل إلی الخراب لأجل الاختلاف بحیث لا تنتفع به أصلا جاز بیعه (و قد یکون) قضیة ما فی (الشرائع) حیث استشکل فیما إذا لم یقع خلف و لا خشی خراب بل کان البیع أعود ثم اختار المنع أنه یجوز بیعه عند أحدهما (و قد جوز) فی (المبسوط) بیعه إذا وقع خلاف بین أربابه و فی (فقه الراوندی) إذا خیف وقوع خلاف بینهم و فی (الإرشاد) لا یجوز بیعه إلا أن یخرب أو یؤدی إلی الخلف بین أربابه و ظاهر الأردبیلی الموافقة علی ذلک (و تردد) فی (النافع) فیما إذا وقع خلف مؤد إلی الفساد (و جوز بیعه) فی (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و (المفاتیح) إذا وقع خلف شدید (قال) فی (الروضة) و قد علّله (ع) بأنه ربما جاء فیه تلف الأموال و النفوس و ظاهره أن خوف الأداء إلیهما لیس بشرط کما فهمه المشهور (و مما جوز) فیه بیعه إذا خیف وقوع فتنة و خلف بین أربابه یحصل باعتبارهما فساد (النهایة) و (المهذب) و (فقه الراوندی) و (التذکرة) و (التحریر) و (المختلف) و (الدروس) و (غایة المراد) و (جامع المقاصد) و (إیضاح النافع) للقطیفی و (تعلیقه) علی الشرائع لکن (القاضی) فی (المهذب) ذکر ذلک فی المنقطع (و الراوندی) لم یعتبر الفساد و لیعلم أنه فی (الدروس) نسب قول ابن (إدریس) بالمنع إلی الندرة فظاهره أن الجواز فی الجملة مجمع علیه و فی (جامع الشرائع) و (تعلیق الإرشاد) أنه یجوز بیعه إذا کان فساد یحتاج فیه الأنفس و هذا کله قد یوافق ما قبله (و یرشد) إلی ذلک ما حکیناه عن (اللمعة) من حکایة الشهرة کما سمعت و ما فی (کشف الرموز) حیث قال قال (الثلاثة) و (سلار)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 87
..........
______________________________
یجوز بیعه إذا کان ذلک أنفع للموقوف علیهم و أصلح و (أوضح) منه قوله فی (التنقیح) قال (الثلاثة) یجوز بیعه إذا آل إلی الخراب و زاد (المفید) و (المرتضی) و (سلار) و ابن حمزة إذا کان لهم حاجة ضروریة و لو لم یفهم أن مراد الجمیع واحدا لکان کذبا صریحا و (ینبه علی ذلک) قوله فی (المختلف) سوغ (الشیخان) الوقف إذا خیف وقوع فتنة بین أربابه أو خراب أو تعذرت عمارته (و أنت) قد سمعت ما فی (المقنعة) و (النهایة) و (الخلاف) و (المبسوط) و (ینبه) علی ذلک قوله فی (التذکرة) بعد أن نقل عبارة (المقنعة) و (الإنتصار) و (الخلاف) و (المبسوط) و نسب مثل ذلک إلی (سلار) و (ابن حمزة) (ثم) نقل کلام (القاضی) و (التقی) قد اتفق هؤلاء العلماء علی جواز بیعه فی الجملة لکنه لم ینقل کلام (التقی) علی وجهه کما ستعرف (و قال) فی (غایة المراد) بعد أن نقل العبارات هذه عبارة معظم المجوزین (و نسب الشهید) فی حواشیه جواز بیع غیر المؤبد إلی (المعظم) کما ستسمع فتأمّل و فی (تعلیق الإرشاد) أن أکثر الأصحاب لا یعتبر خرابه فی جواز البیع و فی (جامع المقاصد) و (المسالک) جوزه فی الجملة الأکثر (و أعظم) من ذلک أنه قال فی (الریاض) فی شرح قوله فی (النافع) لا یجوز بیعه إلا أن یقع خلف یؤدی إلی فساده علی تردد ما نصه فیجوز بیعه حینئذ (عند الشیخین) و (غیرهما) بل فی (الغنیة) علی الجواز الإجماع (و کذا) فی کلام (المرتضی) إلا أنهما عبرا عن السبب الموجب بغیر ما فی العبارة (و مع ذلک) قد اختلفا بأنفسهما فتراه کیف نسب ما تردد فیه فی (النافع) إلی (الشیخین) و غیرهما (مع) أن أحدا لم ینص صریحا علی ما فی (النافع) و (قد عرفت) و ستعرف أنهما لم یختلفا (و من لحظ) کتب الاستدلال التی تعرض فیها لنقل الأقوال ظهر علیه ما ادعیناه (و لو کان) خوف الخراب غیر غیره فی المعنی أو الحکم أو المراد مما یمکن اتحاده معه لما صح لأبی المکارم أن یدعی الإجماع و لم یتقدمه سوی الشیخ و ابن حمزة و لا صح (للشهید) فی (اللمعة) دعوی الشهرة (و کذلک الحال) فی إجماع (الإنتصار) بالنسبة إلی ما قیده به مع تقییده الحکم فی (المقنعة) بخلافه (و هکذا الحال) بالنسبة إلی کلام (التذکرة) و (المختلف) و (غایة المراد) و (غیرها) و (قد کان) الأستاد الشریف قدس اللّٰه روحه ینکر أو یستصعب اتفاق جماعة علی حکم واحد فی المسألة بحیث یحصل بذلک شهرة هذا (و قد استوجه) فی (الإرشاد) جواز بیعه فیما إذا شرط الواقف بیعه عند حصول ضرر به کالخراج و الخوف من الظالم (و توقف) فی صحة الشرط فی (الکتاب) کما یأتی إن شاء اللّٰه (و مما جوز فیه) بیعه إذا کان بالموقوف علیهم حاجة ضروریة (المقنعة) و (الإنتصار) و (المراسم) و (به) و (المبسوط) و (فقه الراوندی) و (الوسیلة) و (الواسطة) علی ما حکی عنها و (الغنیة) و فی (الإنتصار) و (الغنیة) و ظاهر (المبسوط) و (فقه القرآن) الإجماع علی ذلک و فی (النهایة) و (جامع الشرائع) و (تعلیق الإرشاد) زیادة کون البیع أعود و فی (المبسوط) و (فقه القرآن) و (الوسیلة) تقیید الحاجة بکونها شدیدة لا یمکن القیام معها به و (ظاهر الأولین) الإجماع علیه کما عرفت (و نفی) عن هذا القول البعد فی (جامع المقاصد) و فی (مجمع البرهان) أنه یدل علیه الأخبار و الاعتبار (لکنه) بعد ذلک تأمل فیه (و قد استجوده) فی (غایة المراد) لأنه استجود العمل بالروایة الدالة علیه (و عول) فی (الدروس) علی ما رجحه فی (غایة المراد) و (قد ظن) بعض الناس أن کلام (الإنتصار) مختلف و قد حکیناه برمته فی باب البیع و بینا الحال فیه (و جوز) فی (المقنعة) بیعه إذا أحدثوا ما یمنع الشرع من معونتهم (و جوز) بیعه فی (المقنعة) و (الإنتصار) و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 88
..........
______________________________
کذا (الغنیة) إذا کان بحیث لا یجدی نفعا (و جوزه) فی (المقنعة) ما إذا کان بیعه أعود و فی (الشرائع) و (کشف الرموز) و (الکتاب) و غیرها اختیار المنع فی هذا الفرع و فی (المهذب البارع) أن باقی الأصحاب علی خلاف المفید فی هذا الفرع و فی (الإیضاح) أن علیه أکثر العلماء (و قال الصدوق) فی (الفقیه) یجوز بیع الوقف علی قوم دون عقبهم و إن وقف علیهم و علی أولادهم ما تناسلوا و من بعد علی فقراء المسلمین إلی أن یرث اللّٰه الأرض و من علیها لم یجز بیعه أبدا فقد جوز بیع المنقطع دون المؤبد و الظاهر أنه أراد جواز ذلک للواقف أو وارثه کما ستسمع (و نحوه) ما فی (المهذب) حیث قال فیه لا یجوز بیع المؤبد علی وجه من الوجوه فإن کان وقفا علی قوم مخصوصین و لیس فیهم شرط یقتضی رجوعه إلی غیرهم و حصل الخوف من هلاکه أو فساده أو کان بأربابه حاجة ضروریة و یکون بیعه أصلح لهم من بقائه علیهم أو یخاف وقوع خلاف بینهم یؤدی إلی فساد فإنه یجوز حینئذ بیعه و صرف ثمنه فی مصالحهم علی حسب استحقاقهم فإن لم یحصل شی‌ء من ذلک لم یجز بیعه علی وجه من الوجوه (و جوز فی الکافی) بیعه فیما إذا وقفه علی أقاربه أو غیرهم و جعل إلیهم بیع الرقبة عند الحاجة أو عند خرابها دون حالتی الفناء و عمارتها انتهی فقد جوزه أیضا فی المنقطع (لکن) لیس (کالمهذب) کما نسبوه إلیه (و قاله) فی (غایة المراد) تجویز بیع المنقطع أشد إشکالا من الکل و قد سمعت أنه نسبه فی (الحواشی) إلی (المعظم) و لو أنه فهم منه ما استظهرناه خف الإشکال أو زال (هذا کلام) المجوزین لبیعه و (أما المانعون) فعن أبی علی أنه أطلق المنع و هو فی المؤبد خیرة (السرائر) و (الإیضاح) و (شرح الإرشاد) لولده (و قد حکی) عن (السرائر) أنه حکی الإجماع علی المنع مطلقا و الأصح ما نسبه إلیها فی (غایة المراد) من أنه ادعاه علی تحریم المؤبد (و قد) نقلنا کلام (السرائر) برمته فی باب البیع (و قد سمعت) (أن الشهید) فی (الدروس) قال إن قول ابن (إدریس) نادر علی قوته کما سمعت أنه فی (حواشیه) قال (إن الصدوق) و (المعظم) علی جواز بیع غیر المؤبد و لعله یرید أنه حیث یأذن المالک أو وارثه للمحبوس علیه فی ذلک (لکن) قد ینافیه جعله فی (غایة المراد) الإشکال شدیدا فتأمّل و أما إذا قلنا بصحة الوقف المنقطع الآخر و أنه بعد انقراض الموقوف علیه یکون فی وجوه البر فهو بمنزلة المؤبد فمتی جاز فی المؤبد جاز فی المنقطع (لکنه) نادر جدا بل لا قائل به (و إنما) احتاط به فی (الغنیة) (و قد قلنا) فی باب البیع إن کلام (المقنعة) و (ثمانیة و عشرین) کتابا ذکرناها معها عام شامل للمؤبد و غیره و لعل غیر المؤبد خارج عن ذلک لأنه لیس وقفا (و قد نسب الشهید) فی (حواشیه) إلی (التحریر) أنه قال إن کان علی قوم معینین جاز بیعه و إلا فلا (و لم نجد) ذلک فی بیع (التحریر) و لا وقفه (و لیعلم) أن صریح کلام (المفید) و (علم الهدی) و (أبی یعلی) و (الشیخ) فی (النهایة) و کذا (القاضی) فی (المهذب) أن الثمن حیث یباع ینتفع به الموقوف علیهم و إجماع (الإنتصار) محکی علی ذلک و هو الظاهر من (المبسوط) و غیره من جمیع ما تقدم (بل) إجماع (الغنیة) ینطبق علیه عدا (التذکرة) و (المختلف) و (التنقیح) و (المقتصر) و (جامع المقاصد) و (تعلیق الإرشاد) و (المسالک) و (الروضة) و (مجمع البرهان) و (المفاتیح) فإن فی (التذکرة) و (المختلف) أنه إن أمکن شراء شی‌ء بالثمن یکون وقفا علی أربابه کان أولی فإن اتفق مثل الوقف کان أولی و إلا جاز شراء مهما أمکن مما یصح وقفه و إلا یکن صرف الثمن إلی البائعین یعملون به ما شاءوا و نحو ذلک ما فی (المفاتیح) قال فی (المختلف) إن فیه جمعا بین التوصل إلی غرض الواقف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 89
..........
______________________________
من نفع الموقوف علیه علی الدوام و بین النص الدال علی عدم تجویز مخالفة الواقف حیث شرط التأبید و إذا لم یمکن تأبیده بحسب الشخص و أمکن بحسب النوع وجب و فی (التنقیح) إذا أمکن شراء غیره یکون وقفا وجب و إذا أمکن شراء مثله یکون أولی فقد حکم فی الأول بالوجوب دون الثانی و فی (جامع المقاصد) الحکم بالوجوب فی المقامین و نحوها فی (الحواشی) و (تعلیق الإرشاد) و (المسالک) و (الروضة) و فی (المقتصر) یصرف ثمنه فی ملک یستعمله أرباب الوقف و مهما أمکن المماثلة کان أولی و فی (مجمع البرهان) إذا أمکن شراء شی‌ء آخر خال عن المفسدة یمکن وجوبه لحفظ مقصود الواقف مهما أمکن و فی (إیضاح النافع) لا یجب ابتیاع غیره یکون وقفا نعم هو أحوط إن زال الاختلاف معه و فی (الکفایة) لا أعلم علی ذلک حجة و النص غیر دال علیه (قلت) بل الخبر الصحیح دال علی دفع ذلک إلیهم کما ستسمع (و الوجه) فیما ذکره هؤلاء هو التوصل إلی ما یکون أقرب إلی غرض الواقف بحسب الإمکان صیانة لحق الواقف و ما فی البطون عن التضییع و قد سمعت ما فی المختلف قالوا و یتولی ذلک أی البیع و الشراء الناظر الشرعی و إلا الموقوف علیهم إن انحصروا و إلا فالناظر العام (و قال بعضهم) لا بد من إیقاع الصیغة حتی یصیر وقفا (و أنت خبیر) بأن هذا الحکم غیر مطرد علی جمیع الأقوال (و ذلک) لأن (من المجوزین) من جعل السبب شدة احتیاج الموقوف علیهم لعدم وفاء الغلة بذلک و مقتضی ذلک إنما هو أکل ثمنه و التصرف فیه (و منهم) من جعل السبب خوف خرابه لخلف بین أربابه و حینئذ فلا معنی للشراء لجریان ذلک فیه أیضا لأنه کما یخاف علی الأول من ذلک یخاف علی الثانی (نعم) یتم ذلک بناء علی من یجعل علة الجواز خرابه و عدم الانتفاع به بالکلیة (هذا) تمام الکلام فی الأقوال و ما یتعلق بها (و لنذکر) ما یمکن الاحتجاج به لتلک الأقوال علی سبیل الإجمال (فحجة القول) بالجواز عند خرابه و تعطله بحیث لا یرجی عوده عادة و عدم بقاء النفع أصلا أنه إحسان محض و عدم بیعه حینئذ کاد یلحق بالعبث مضافا إلی إجماعی (الإنتصار) و (الغنیة) و قد قالوا فی الهدی إذا عطب أنه یذبح فی الحال و إن اختص بموضع معین و فیما إذا وقف علی مصلحة فبطل رسمها أنه یصرف فی وجوه البر و قد حکینا علی ذلک فتاواهم من (المقنعة) إلی (الکفایة) (و لم) یتأمل فی ذلک أحد سوی المحقق فی ظاهر (النافع) (و قد) یستأنس له بخبر جعفر بن حیان قال سألت أبا عبد اللّٰه (ع) عن رجل وقف غلة له علی قرابته من أبیه و قرابته من أمه و ساق الکلام إلی أن قال قلت فللورثة من قرابة المیّت أن یبیعوا الأرض إن احتاجوا أو لم یکفهم ما یخرج من الغلة قال نعم إذا رضوا کلهم و کان البیع خیرا لهم باعوا و نحوه ما رواه الطبرسی فی (الإحتجاج) عن محمد بن عبد اللّٰه بن جعفر الحمیری عن صاحب الزمان جعلنی اللّٰه سبحانه فداه من کل سوء و صلی اللّٰه علیه و علی آبائه الطاهرین أنه کتب إلیه روی عن الصادق خبر مأثور إذا کان الوقف علی قوم بأعیانهم و أعقابهم فاجتمع أهل الوقف علی بیعه و کان ذلک أصلح لهم أن یبیعوه فهل یجوز أن یشتری من بعضهم إن لم یجتمعوا کلهم علی البیع أم لا یجوز إلا أن یجتمعوا کلهم علی ذلک و عن الوقف الذی لا یجوز بیعه فأجاب (ع) إذا کان الوقف علی إمام المسلمین فلا یجوز بیعه و إذا کان علی قوم من المسلمین فیبیع کل قوم ما یقدرون علی بیعه مجتمعین أو متفرقین إن شاء اللّٰه تعالی (و الخبر الأول) مما یستدل به للقائلین بجواز البیع إذا کان بالموقوف علیهم حاجة و ضرورة بل و الثانی و ما کان من ضعف فمنجبر بعمل القدماء (مضافا) إلی إجماعی (الغنیة) و (الإنتصار)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 90
..........
______________________________
(و قد استدل) به فی (التذکرة) و (المختلف) للقائلین بجواز البیع فی غیر المؤبد و قال فیهما إن مفهومه عدم التأبید (و أنت خبیر) بأنه لا دلالة فیه علی أنه الوقف علی قرابة الأب و الأم فقط بل حکایة حالة محتملة و قد ترک الاستفصال و ذلک دلیل العموم (و قد یستدل) للقائلین بالجواز فی غیر المؤبد بصدر صحیح علی بن مهزیار کما تسمعه قریبا (و فیه) أنه لا دلالة فیه علی ذلک إذا الوقف مشروط بالقبول إذا کان علی غیر جهة عامة و لم ینقل أن الإمام (ع) قبل الوقف و إنما قبل الجعل و أمره ببیعه (و حجة القائلین) بجواز بیعه إذا حصل خلف بین أربابه بحیث یخشی منه فتنة عظیمة و فساد مع بقائه صحیح علی بن مهزیار قال کتبت إلی أبی جعفر (ع) أن فلانا ابتاع ضیعة فوقفها و جعل لک فی الوقف الخمس و یسألک عن رأیک فی بیع حصتک من الأرض أو یقومها علی نفسه لما اشتراها أو یدعها موقوفة فکتب (ع) اعلم فلانا أنی آمره ببیع حقی من الضیعة و إیصال ثمن ذلک إلی و أن ذلک رأیی إن شاء اللّٰه تعالی أو یقومها علی نفسه إن کان ذلک أوفق له (و کتب) له أن الرجل قد ذکر أن بین من وقف هذه الضیعة علیهم اختلافا شدید أو أنه لیس یأمن أن یتفاقم ذلک بینهم بعده فإن کان تری أن یبیع هذا الوقف و یدفع إلی کل إنسان منهم ما کان وقف له من ذلک أمرته فکتب (ع) و أعلمه أن رأیی له إن کان قد علم الاختلاف ما بین أصحاب الوقف أن بیع الوقف أمثل فإنه ربما جاء فی الاختلاف ما فیه تلف الأموال و النفوس (و هذا الخبر) ظاهر الدلالة مشهور بین الطائفة قد فهموا منه الجواز فکل علی حسب ما أدی إلیه فهمه (فما قیل) فیه من قصور دلالته علی المطلوب ففی غیر محله لما ستعرف و لأن کان قد اعتضد بفهم الطائفة و الإجماعات و الشهرات و خبر ابن حیان فإن ذلک مما یقیم أوده و یشد عضده و إن کان ذلک مکابرة و المکاتبة غیر ضائرة فقد قوی علی تخصیص العمومات و قطع الأصل (و أول من تأمّل) فی دلالته فیما أجد فخر الإسلام فی (الإیضاح) (قال) و الجواب عن الروایة حملها علی عدم تمام الوقف (و تبعه) علی ذلک و أوضحه المولی (المجلسی و تبعه علی ذلک المحدث البحرانی فی (حدائقه) و مال إلیه (صاحب الریاض) (قال الإمام) العلامة المجلسی یخطر بالبال إمکان حمل الخبر علی ما إذا لم یقبضهم الضیعة الموقوفة و حاصل السؤال أن الواقف یعلم أنه إذا دفعها إلیهم یحصل منهم الاختلاف و یشتد لحصوله بینهم قبل الدفع فی تلک الضیعة أو فی أمر آخر أ یدعها موقوفة و یدفعها إلیهم أو یرجع عن الوقف لعدم لزومه بعد و یدفع إلیهم ثمنها أیهما أفضل فکتب (ع) البیع أفضل لمکان الاختلاف المؤدی إلی تلف النفوس و الأموال فظهر أن هذا الخبر لیس بصریح فی جواز بیع الوقف کما فهمه القوم و اضطروا إلی العمل به مع مخالفته لأصولهم و القرینة أن أوله محمول أیضا علیه کما عرفت و إن لم تدع ظهوریة هذا الاحتمال أو مساواته للآخر فلیس ببعید بحیث تأبی عنه الفطرة السلیمة فی مقام التأویل انتهی (و أفرط) صاحب (الحدائق) فقال بعد نقل ذلک عنه لا معنی للخبر غیر ما ذکره قال و یؤیده زیادة علی ما ذکره أن البیع فی الخبر أنما وقع من الواقف و هو ظاهر فی بقاء الوقف فی یده و المدعی فی کلام الأصحاب أن البیع من الموقوف علیهم لحصول الاختلاف فی الوقف و الخبر لا صراحة فیه بحصول الاختلاف فیه (و أنت) خبیر بأن الخبر قد ترک فیه الاستفصال عن حصول القبض و عدمه بل التعلیل یقضی بالقبض و إلا لکان الأنسب التعلیل بعدم القبض لأن السؤال أنما هو عن جواز بیعه و لا عرض فیه أصلا للفضل و عدمه و لو کان لم یقبضهم ما احتاج علی بن مهزیار إلی السؤال عن جواز بیعه حینئذ و هو من العلماء الکبار و قد ورد فی أن شرط لزوم الوقف قبض الموقوف علیه ما یبلغ خمسة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 91
..........
______________________________
عشر خبرا أو أکثر کلها عن الباقر و الصادق و الکاظم (ع) و من البعید أنه لم یصل إلیه منها خبر واحد و قد جاء فی سند هذه الأخبار جماعة من تلامذته کالحسین بن سعید و أحمد بن محمد بل لو کان السؤال عن الأفضل ما احتاج أیضا إلی السؤال و أین یحصل الفضل مع ذهاب الأنفس و الأموال (ثم) إن القبض شرط فی صحته فلا ینبغی تسمیته وقفا إلا مع القبض خصوصا علی القول باشتراط القربة فیه لأنه یکون عبادة فلیتأمل (فلا مجال) فی الخبر لهذا الاحتمال و إلا لأعلم به یوما من الأیام واحد من العلماء الأعلام و لیس فی صدره دلالة علی ذلک لأن عدم القبض فی حقه لا یستلزم علمه بعدمه فی حقهم (علی أنک) قد سمعت ما قلنا آنفا من أن شرط الوقف علی الخاص القبول و الإمام (ع) إلی حین السؤال ما قبل و إنما قبل الجعل (ثم) إن جعل شی‌ء له (ع) أعمّ من الوقف و عدمه و قول السائل أو یدعه موقوفة مسامحة أو المراد متروکة علی حالها کما هو معنی هذه اللفظة لغة و کون البیع من الوقف لعله کان بعد مشاورتهم فی ذلک و ترخیصهم أو لمکان تسلطه علیهم لئن کان محسنا إلیهم لا یعصونه أو لمکان نظارته کأن یکون شرط ذلک کما لعله یرشد إلیه و لیس یأمن أن یتفاقم ذلک بعده أی بعد موته أو المراد بیعه بعد أن یترضاهم و بالجملة الأمر فی هذا سهل (و أما قوله) فی (الحدائق) إن الخبر لا صراحة فیه بحصول الاختلاف فیه (ففیه) أن ذلک هو المتبادر کما فهمه الأصحاب (و الذی) ندعی فهمه منه أنه یجوز بیعه إذا خیف فساده و خرابه باختلاف أربابه و فی (جوابه) (ع) إیماء إلی ذلک کما نبه علیه الشهیدان (ثم) إن اختلاف الأقوال أنما نشأ من اختلاف الأفهام من الخبر بملاحظة منطوقه و مفهومه و فحواه و تعلیله و ملاحظة السؤال إلی غیر ذلک من الأحوال (و أما الأقوال الأخر) فلیس لها مستند یعول علیه و یستند إلیه إلا القول بالجواز فیما إذا کان بالموقوف علیهم حاجة شدیدة و ضرورة فإن دلیله إجماعا (الإنتصار) و (الغنیة) و ظاهر إجماعی (المبسوط) و (فقه الراوندی) و (خبر) ابن حیان و الحمیری و ضعف السند و الدلالة تجبره الشهرة و الإجماعات المعتضدة أیضا بالشهرة القدیمة و موافقة الاعتبار فی الجملة (بل) قد یستأنس له بالجواز فی الموضعین الأولین (و بالجملة) هذا القول قوی جدا لا بأس به و (حجة القائلین بالمنع) علی الإطلاق الأصل و عمومات ما دل علی المنع کقول أبی محمد الحسن (ع) فی مکاتبة الصفار الوقوف علی حسب ما یوقفها و ما جاء فی خبری ربعی و عجلان من أنه لا یباع و لا یوهب و لا یورث و قول أبی الحسن (ع) فی خبر علی بن راشد لا یجوز شراء الوقف و لا تدخل الغلة فی ملکک و ادفعها إلی من أوقفت علیه و أن الوقف کالعتق مضافا إلی إجماع (السرائر) و ضعف الأدلة المجوزة عن المعارضة فتضعف بأن المقصود من الوقف استیفاء المنفعة من نفس العین الموقوفة و دعوی اختصاصه بحال الاختیار دون الضرورة مصادرة (و بضعف خبر) ابن حیان مع اشتماله علی اشتراط رضا الموقوف علیهم و بقصور دلالة صحیح ابن مهزیار و قد عرفت الحال فی الصحیح و قال فی (المختلف) و (التذکرة) إنا نقول بمضمون خبر ابن راشد لأن المسوغ هو الخراب أو وقوع الفتنة بین الأرباب و الشرطان مفقودان لأن التقدیر حصول غلة و عدم المعرفة بأربابها فلهذا نهی (ع) عن الشراء و الفرق بین العتق و الوقف ظاهر فإن العتق إخراج عن الملک بالکلیة للّه سبحانه و تعالی و الوقف تملیک الموقوف علیه لطلب النفع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 92
و لو انقلعت نخلة قیل جاز بیعها و الأولی المنع مع تحقق المنفعة بالإجارة للتسقیف و شبهه (1)
______________________________
(قوله) (و لو انقلعت نخلة قیل جاز بیعها و الأولی المنع مع تحقق المنفعة بالإجارة للتسقیف و شبهه)
القائل بالجواز الشیخ فی (الخلاف) و علّله بأنه لا یمکن الانتفاع بالنخلة إلا علی هذا الوجه یعنی البیع لأن الوجه الذی شرطه الواقف قد بطل و لا یرجی عوده انتهی (و رده) فی (السرائر) بأنه یمکن الانتفاع بهذه النخلة من غیر بیعها و هو أن تعمل جسرا أو زورقا إلی غیر ذلک من المنافع مع بقاء عینها و قد بینا أن الوقف لا یجوز بیعه فعلی هذا لا یجوز بیعها و ینتفع بها من وقف علیه بغیر البیع انتهی (و قال) فی (المختلف) لا نزاع فیهما إلا فی اللفظ لأن الشیخ فرض سلب منافعها کما یقتضیه دلیله و (ابن إدریس) فرض وجوها غیر الثمرة (قلت) لأن الشیخ علّله بأنه لا یمکن الانتفاع بها إلا علی هذا الوجه و هو اعتراف بسلب جمیع منافعه فیرتفع الخلاف و قد استجوده ولده (و اعترضه) فی (جامع المقاصد) بأن سلب جمیع المنافع فی هذه الحالة موضع تأمّل و إلی ذلک أشار فی (المسالک) بقوله إن هذا الجمع لا یخلو من حیف علی ابن إدریس لأن دلیل الشیخ اقتضی ادعاء عدم المنافع حینئذ لا علی تقدیر عدم المنافع ففیه قصور بین و نحن نقول کأنهم جمیعا لم یلحظوا تمام کلام (الخلاف) فابن إدریس و المحقق فی (الشرائع) و المصنف فی (المختلف) اقتصرا من استدلاله فی (الخلاف) علی قوله لأنه لا یمکن الانتفاع بالنخلة إلا علی هذا الوجه و ترکوا جمیعا قوله بعد ذلک لأن الوجه الذی شرطه الواقف قد بطل و لا یرجی عوده کما سمعته برمته (و الجماعة) بعد المصنف کأنهم استراحوا إلی (المختلف) فملاحظة تمام کلام (الخلاف) تقضی بأن مذهبه فی المسألة کمذهبه و مذهب علم الهدی و جماعة فی جواز بیع الوقف إذا خرب و لم یجد نفعا و لا یمکن الانتفاع به علی اختلافهم فی التعبیر عن ذلک کما مر بأن یکون مراده أنه إذا لم یمکن الانتفاع به فی الوجه الذی شرطه الواقف و الجهة المقصودة جاز بیعها لأنه لا یمکن الانتفاع به أصلا و إلا فکیف یباع أو یبتاع ما لا منفعة فیها أصلا بل النخلة المنقلعة مما ینتفع بها فی إشعال النار فقوله لا یمکن الانتفاع بها إلا علی هذا الوجه کنایة علی أنه لا ینتفع به علی الوجه الذی شرطه الواقف و یرشد إلی ذلک قوله فی (المبسوط) إذا قطعت نخلة من أرض الوقف أو انکسرت جاز بیعها لأرباب الوقف لأنه تعذر الانتفاع بها علی الوجه الذی شرطه و هو أخذ ثمرتها انتهی و هو نص فی ما فهمناه (و یا لیت) شعری لم لم یتعرضوا لکلامه فی (المبسوط) و (کیف کان) فالشیخ بنی الحکم فی المسألة علی مذهبه و خطأه ابن إدریس علی غیر مذهبه علی أنه و الجماعة لم یلحظوا تمام کلامه فما فهموه منه جمیعا لم یصادف محله و الغرض بیان الواقع و أن اختیار الشیخ هو الذی استمرت علیه السیرة فی الأعصار و الأمصار و قد تقدم فی کلام المفید و غیره ما یؤیده (و کیف کان) فالمنع من بیعها و عدم (بطلان) الوقف تعلقهما (لعلهما ظ) خیرة (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الإیضاح) و (الروض) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و کذا (الکفایة) إلا مع عدم الانتفاع بها فی السقف و غیره کما فی (التحریر) و إلا أن لا یبقی لها منفعة یعتد بها مع بقاء العین کما فی (جامع المقاصد) و فی (الدروس) أنه إن أمکن إجارتها وجب و إلا بیعت و ظاهره أنه إذا لم یمکن إجارتها وجب بیعها و هو قضیة کلام (الکتاب) و (التذکرة) و (التحریر) و (الشرائع) إذ قضیتها أن المدار علی الانتفاع بها فی الإجارة مع أنک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 93
و لو شرط بیعه عند التضرر به کزیادة خراج و شبهه و شراء غیره بثمنه أو عند خرابه و عطلته أو خروجه عن حد الانتفاع أو قلة نفعه ففی صحة الشرط إشکال (1)
______________________________
قد سمعت استثناء (التحریر) و قد سمعت کلام (السرائر) و غیرها مما یقضی بخلاف ذلک (و قد) قال فی (التذکرة) إذا انکسر جذع المسجد فإن صلح لشی‌ء لم یجز بیعه و صرف فیما صلح له و لم یصلح إلا للإحراق بیع فیه و مثله ما لو انکسر جذع من الشجرة أو زمنت الدابة کما فی (التذکرة) و (المسالک) و فی (المختلف) و (جامع المقاصد) و (المسالک) أنه متی جاز بیعها وجب أن یشتری بثمنها ما یکون وقفا و قد تقدم مثل ذلک و أما إذا خلقت حصر المسجد و بواریه و بلیت فقد تقدم أنه قد اختار جماعة جواز بیعها لئلا تتلف و تضیع و یضیق المکان بها من غیر فائدة و یشتری بالثمن حصیرا إن أمکن و إلا صرف فی مصالح المسجد و تمام الکلام یأتی فی آخر الباب
(قوله) (و لو شرط بیعه عند التضرر به کزیادة خراج و شبهه و شراء غیره بثمنه أو عند خرابه و عطلته أو خروجه عن حد الانتفاع أو قلعه أو قلة نفعه ففی صحة الشرط إشکال)
و فی (الإرشاد) أن الوجه الجواز عند حصول ضرر به کالخراج و المؤن من الظالم (و قد) نفی عنه البأس فی (الروض) و (کأنه) مال إلیه أو قال به (الشارحان) له ولده و الشهید و کذا (المحقق الثانی) فی جمیع ما ذکره فی الکتاب و فی (الحواشی) أنه الأقوی و فی (الإیضاح) أنه لا یصح بحال (و أنت خبیر) بأنه قد ذهب جماعة کثیرون إلی جواز بیعه عند خرابه و آخرون عند خوف خرابه و آخرون إلی جوازه إذا کان بالموقوف علیهم حاجة شدیدة أو ضرورة و جماعة إلی جوازه إذا کان لا یجدی نفعا و بعضهم إذا کان البیع أعود فبالأولی أن یجوز بیعه عند هؤلاء إذا شرطه الواقف و شرط أن یشتری بثمنه ما یکون وقفا و إنما یشکل الحکم عند من منع من ذلک کما صرح بذلک فی (غایة المراد) و حینئذ فوجه الصحة و الجواز أنه شرط لا ینافی مقتضی العقد لأنه تضمن مصلحة الموقوف علیهم بما یجامع الوقف و کل ما کان کذلک کان جائزا أما أنه مصلحة فظاهر إذ هو المفروض و أما أنه شی‌ء یجامع الوقف فلأنه لا ینافی تأبیده إذا بلغ إلی هذه الحالات لأنه إذا خرج عن حد الانتفاع به کما إذا بلغ الشجر حدا لا یصلح فیه لغیر الإشعال أو تعطلت المنفعة المقصودة منه بالکلیة خرج عن کونه وقفا هذا توجیه الصحة عند المانع من بیعه مطلقا (و أما المجوز) فالوجه عنده ظاهر لأنه یقول إذا بلغ إلی هذه الحالات جاز بیعه و إن لم یشترط إجماعا (و ظ) أخبارا کما تقدم (و قد) استدل فی (جامع المقاصد) و غیره فی المقام بخبر جعفر بن حیان قالوا فإنه تضمن جواز بیعه للحاجة و الضرورة الشدیدة قال فی (جامع المقاصد) و هی قائمة فی محل النزاع (و مما) یصلح توجیها للفریقین عموم قول مولانا العسکری (ع) الوقوف علی حسب ما یوقفها أهلها و عمومات وجوب الوفاء بالشروط و العقود و أن ذلک مما تدعو الحاجة إلیه فجاز اشتراطه تخلصا من الضرورة و (وجه العدم) علی القول بالمنع أنه شرط مناف لمقتضی العقد لأنه مناف للتأبید المعتبر فی الوقف ما دامت العین و مما ذکر فی التوجهین یعرف وجه الإشکال فی کلام الکتاب و لعله فی غیر محله لأن من یجوز بیعه یجوز اشتراطه قطعا و من لا یجوز بیعه بحال أصلا کابنه و ابن إدریس لا یجوز اشتراطه قطعا (و عساک) تقول لم لا یصلح الشرط و یکون حبسا لأنا نقول اشتراطه أن یشتری بثمنه ما یکون وقفا مع خروجه عن ملکه ینافی کونه حبسا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 94
و مع البطلان ففی إبطال الوقف نظر (1) و نفقة المملوک علی الموقوف علیهم (2)
______________________________
(قوله) (و مع البطلان ففی إبطال الوقف نظر)
أقواه البطلان کما فی (الحواشی) و (جامع المقاصد) و لا ترجیح فی (الإیضاح) و وجه البطلان أن الواقف إنما أوقفه علی هذا الشرط و لم یعلم رضاه بدونه و لا دلالة علی وقوعه بدونه و وجه الصحة أنه أتی بالوقف و الشرط فإذا بطل أحدهما لا یبطل الآخر کما هو مختار (الشیخ) و (جماعة) فی عقود المعاوضات (سلمنا) أن الراجح هناک بطلانهما لکن نفرق بینهما و بین الوقف بأن المشروط فی عقود المعاوضات دخلا فی العوض فیکون ملحوظا فی الرضا بالعقد فإذا فات انتفی الرضا بخلاف الوقف فإنه تبرع علی کل حال فلا ینتفی الرضا بانتفاء الشرط کما نبه علی ذلک فی (الإیضاح) و (أورد علیه) فی (جامع المقاصد) بأن الأغراض تتفاوت بتفاوت وجوه التبرعات فیکون للشرط تأثیر بین فی الرضا (قلت) لا یرتاب أحد فی أن للشرط أثرا فی نفس الواقف لکن کونه بحیث إن لا یرضی بالوقف بدونه مع أنه متبرع به فی محل التردد و لذلک لم یرجح فی (الإیضاح) و لم یقل أن الرضا لا ینتفی بانتفاء الشرط فی الوقف فتأمّل
(قوله) (و نفقة المملوک علی الموقوف علیهم)
إذا کانوا معینین کما فی (التذکرة) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الإیضاح) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و هو ظاهر (الشرائع) و (التحریر) حیث قالا فیهما لو قیل به کان أشبه کان وجها أو صریحهما لانتقال الملک إلیهم فهی تابعة له (و قال) فی (المبسوط) إذا وقف غلاما و شرط أن تکون نفقته فی کسبه أو فی شی‌ء آخر کان علی ما شرط فإن أطلق ذلک کان فی کسبه لأن الغرض بالوقف انتفاع الموقوف علیه و إنما یمکنه ذلک ببقاء عین الوقف و إنما تبقی عینه بالنفقة فیصیر کأنه شرطها فی کسبه فأما إذا زمن العبد فی شباب أو شاخ فلم یقدر علی الکسب فمن قال إن الملک انتقل إلی الموقوف علیه فنفقته فی ماله لأنه عبده و من قال انتقل إلی اللّٰه سبحانه و تعالی فنفقته فی بیت المال و علی مذهبنا یصیر حرا بالزمانة انتهی (و قد وافقه الجماعة) فی صورتی الاشتراط و خالفوه فی صور الإطلاق و قد سمعت دلیل الفریقین و هو ممن یقول بأن الملک ینتقل إلی الموقوف علیهم و قد ذکر حکم ما إذا لم یکن کاسبا حیث قال أو شاخ و لم یقدر علی الکسب فنفقته فی مال الموقوف علیه إن قلنا بانتقال الملک إلیه و هو ممن یقول بذلک (و قد وافقه) علی ذلک (المحقق) و المصنف فی (التحریر) و حکاه فی الأخیر عنه و أشار إلیه فی الأول (و من الغریب) أنه قال فی (جامع المقاصد) أنه لم یذکره إذ لا فرق بین أن یعجز عن الکسب أو یکون من أول الأمر غیر ذی کسب هذا إن کان علی معینین و قلنا إن الوقف ینتقل إلیهم (و بقی الکلام) فیما إذا کان علی غیر معینین أو علی معینین و قلنا إن الملک ینتقل إلی اللّٰه سبحانه و تعالی أو یبقی علی ملک الواقف أما (الأول) ففی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) أنها فی کسبه بل فی (جامع المقاصد) أنه لا ریب فی أنها فی کسبه مقدمة علی الموقوف علیهم إن کان ذا کسب و إلا ففی بیت المال و إن لم یکن بیت مال وجبت کفایة کغیره من المحتاجین (و إن کان) علی معینین و قلنا إن الملک ینتقل إلی اللّٰه سبحانه و تعالی ففی (الإیضاح) و (الدروس) أنها فی کسبه و فی الأخیر فإن تعذر فعلی الموقوف علیهم و فی (التذکرة) أنها فی بیت المال و فی (جامع المقاصد) و (المسالک) إن قلنا إن الملک ینتقل إلی اللّٰه سبحانه و تعالی یبنی علی أن نفقة الأجیر الخاص و الموصی بخدمته علی مستحق المنافع أم لا فإن جعلناها علیه فهی علی الموقوف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 95
و إن کان ذا کسب علی رأی (1) و لو أقعد أو عمی أو جذم عتق و سقطت النفقة (2) و لو قتل قصاصا بطل الوقف (3) و لو قطع فالباقی وقف (4)
______________________________
علیهم أیضا و إلا ففی کسبه فإن تعذر ففی بیت المال و احتمل فی الأول کونها فی کسبه مطلقا ثم علی بیت المال و فی الثانی کونها علی بیت المال مطلقا (و إن قلنا) بالبقاء علی ملک الواقف فقد یظهر من (التذکرة) أن النفقة علیه فإن مات ففی بیت المال لأن الترکة انتقلت إلی الورثة و الوقف لم ینتقل إلیهم (و فی (الإیضاح) أنها فی کسبه و هو ظاهر (الدروس) أو صریحها و فی (المسالک) و کذا (جامع المقاصد) أن الحکم مبنی علی الحکم فی الأجیر الخاص فإن قلنا بالأول فالنفقة علی الموقوف علیه و إن قلنا بالثانی فعلی الواقف فإن تعذر الواقف لموته أو إعساره ففی کسبه فإن قصر ففی بیت المال و صرح جماعة بأنه لو مات کانت مئونة تجهیزه کنفقته فی حیاته و لا کذلک لو قتل کما ستسمع (و لا فرق) فی المملوک بین العبد و الحیوان و عبارة اللمعة أحسن العبارات و قالوا بأن عمارة العقار علی ما یشترطه الواقف فإن لم یشترط ففی غلته فإن قصرت لم یجب الإکمال علی أحد و لو عدم لم یجب عمارته بخلاف الحیوان لوجوب صیانة روحه
(قوله) (و إن کان ذا کسب علی رأی)
کما هو صریح جماعة و ظاهر آخرین لأن بعضهم لم یصرح به و إنما قال نفقة المملوک علی الموقوف علیهم
(قوله) (و لو أقعد أو عمی أو جذم عتق و سقطت نفقته)
کما نبه علی ذلک فی (المبسوط) کما سمعت آنفا و به صرح فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (المسالک) فیما إذا أقعد (و الروضة) فیه و فیما إذا جذم (و فیها) أیضا و فی (اللمعة) فیما إذا أعمی أو جذم و فی (جامع المقاصد) فی الجمیع و نعم ما قال فی (الدروس) و لو عتق لعارض زال ملکه و وقفه و نفقته و الوجه فی ذلک أنه صار حرا تجب نفقته مع عجزه علی المسلمین
________________________________________
عاملی، سید جواد بن محمد حسینی، مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلاّمة (ط - القدیمة)، 11 جلد، دار إحیاء التراث العربی، بیروت - لبنان، اول، ه ق

مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)؛ ج‌9، ص: 95
(قوله) (و لو قتل قصاصا بطل الوقف)
أما لزوم القصاص فمحل وفاق کما فی (المسالک) و أما بطلان الوقف بقتله قصاصا فلا أجد فیه خلافا و قد صرح به فی (المبسوط) و (المهذب) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (المختلف) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) لفوات متعلقه لا إلی بدل و لو کان له کسب کان للموجودین هذا إن اختار الولی القصاص و إن اختار الاسترقاق فقضیة کلام هذه الکتب کما هو صریح (الشرائع) أنه لیس له استرقاقه لاستلزامه بطلان الوقف و خروجه عنه فی بعض الموارد کما تقدم لدلیل لا یقتضی التعدی (و قوی) فی (جامع المقاصد) و (المسالک) أن له ذلک و کأنه مال إلیه فی (الإیضاح) و هو الأشبه بقواعد الأصحاب فی باب القصاص و عموم الأخبار الدالة علی جواز تملک المولی العبد الجانی عمدا و وجهه أن الولی استحق إبطال الوقف بالقتل قطعا و العفو مطلوب شرعا و فی الاسترقاق جمع بین حق المجنی علیه و فضیلة العفو و إبقاء النفس المحترمة بالأصل فیکون أولی من القتل و أما التأبید الواجب فی الوقف فإنما هو حیث لا یطرأ علیه ما ینافیه و هو موجود هنا فی القتل الذی هو أقوی من الاسترقاق و یستشکل المصنف فی ذلک
(قوله) (و لو قطع فالباقی وقف)
کما صرح به فی الکتب المتقدمة جمیعها لوجود المقتضی فیه لأنه لا یبطل الوقف بتلف بعض الموقوف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 96
فلو أوجبت ما لا تعلق بکسبه إن قلنا بعدم الانتقال (1) و کذا إن کان علی المساکین أو علی المعسر و إلا فعلی الموقوف علیه لتعذر بیعه علی إشکال ینشأ من أن المولی لا یعقل عبدا و الأقرب الکسب (2)
______________________________
(قوله) (و أوجبت ما لا تعلق بکسبه إن قلنا بعدم الانتقال)
أی إلی الموقوف علیه و المراد بإیجابها المال ما إذا لم تکن عمدا محضا و قد صرح بذلک فیما إذا کانت خطاء فی (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و ظاهر الأخیر الإجماع علیه قال أما لو قلنا بعدم انتقاله أو انتقاله إلی اللّٰه تعلق بکسبه قطعا لکنه قال بلا فاصلة و یحتمل تعلقها بمال الواقف لو لم نقل بانتقاله عنه و تعلقها ببیت المال لو قلنا بالانتقال إلی اللّٰه تعالی (انتهی) فتأمّل (و قال) فی (المهذب) و إذا کانت الجنایة خطاء توجب المال کان ذلک فی ماله و لا مرجع للضمیر سوی العبد و قد عرفت أنه قد یظهر منه أنه لا ینتقل إلی الموقوف علیه و أنه یبقی علی ملک الواقف فلیتأمّل و وجه ما فی الکتاب أن فیه جمعا بین الحقیق لأنه لا یجوز بیعه و یمکن استیفاء الأرش من کسبه و منه یعرف الحال فیما إذا کان وقفا علی غیر معین کالفقراء أو کان الموقوف علیه المعین معسرا لأن الجمع بین الحقین ممکن أیضا فی هذین أما الأول فلأن مستحقه غیر معین بحیث یمکن إیجاب الأرش علیه و لا یمکن بیعه فتعین أن یکون فی کسبه و أما الثانی فظاهر
(قوله) (و کذا إن کان علی المساکین أو علی المعسر)
أی یکون فی کسبه کما صرح بهما فی (جامع المقاصد) و بالأول فی (التذکرة) و قد عرفت الوجه فی ذلک بل ستسمع عن جماعة أنه یتعلق بکسبه علی القول بالانتقال إلی الموقوف علیه
(قوله) (و إلا فعلی الموقوف علیه لتعذر بیعه علی إشکال ینشأ من أن المولی لا یعقل عبدا و الأقرب الکسب)
أی و إلا نقل بعدم الانتقال بل قلنا بانتقاله إلی الموقوف علیه فالمال علی الموقوف علیه کما هو خیرة (المبسوط) و (التذکرة) و ظاهر الأخیر الإجماع علیه قال و إن قلنا إن الملک للموقوف علیه فالفداء علیه کما هو عندنا و هو قول أکثر الشافعیة (قلت) لامتناع تعلقه برقبته إذ لا یتعلق الأرش إلا برقبة من یباع و إنما منع ذلک لحق الموقوف علیه فکان علیه أن یفدیه بالأرش و فی (الشرائع) أن الأشبه تعلقه بکسبه و فی (التحریر) و (الروض) (کالکتاب) أنه أقرب و فی (المختلف) أنه الوجه و فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) أنه أصح و فی (المسالک) أنه أقوی (و به) جزم فی (الدروس) لأن المولی لا یعقل عبدا و لا یتوقع عتقه غالبا و لا تهدر الجنایة و لا سبیل إلی رقه مضافا أن فیه جمعا بین الحقین و (من الغریب) أنه فی (الإیضاح) نسبه إلی الشیخ فی (المبسوط) و کلامه نص فیما حکیناه عنه لأنه ممن یقول بالانتقال (نعم) عبارة (المهذب) ظاهرة فی الکسب کما قد عرفت و لا ترجیح فی (جامع الشرائع) و (الإرشاد) و (غایة المراد) و الوجه فی استشکال المصنف أولا یعرف مما ذکر فی حجة القولین و قد احتمل فی (المختلف) تعلقه بالرقبة و جواز البیع کما یقتل فی العمد و البیع أدون من القتل (و یضعف) بإمکان الجمع بین الحقین هنا بخلاف العمد لأن القصاص مع بقاء العین ممتنع و هذا الاحتمال قول لبعض العامة (و أما) إذا لم یکن ذا کسب ففی (الدروس) أن التعلق برقبته قوی کما لو استحق قتله و فی (المسالک) أنه متجه و فی (جامع المقاصد) أنه ممکن و قد سمعت احتمال (المختلف) المتناول لذی الکسب و احتمل أخذ الأرش من بیت المال أن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 97
و لیس للمجنی علیه استرقاقه فی العمد علی إشکال (1) و لو جنی علیه بما یوجب المال احتمل اختصاص الموجودین به (2) فلهم العفو (3)
______________________________
أمکن کالحر المعسر و کیف کان فلا یبطل دم امرئ مسلم
(قوله) (و لیس للمجنی علیه استرقاقه فی العمد علی إشکال)
ینشأ من أن الوقف فی الحیوان لا یزول إلا بزوال الحیوان و هو ینافی الاسترقاق و التملک و من أن الولی یملک إبطاله بإبطال الحیاة فیملکه مع بقائها کما تقدم الکلام فیه آنفا مستوفی
(قوله) (و لو جنی علیه بما یوجب المال احتمل اختصاص الموجودین به)
کما جزم به فی (التبصرة) و قواه فی (المبسوط) و فی (الشرائع) أنه أشبه و فی (التحریر) أقرب و فی (الإیضاح) أنه قوی لأن الوقف ابتداء متعلق بالعین و قد بطلت بإتلافه فامتنع أن یکون لمن سیوجد من البطون فیه حق لأنهم حال الجنایة غیر مستحقین و إذا صاروا مستحقین یخرج التالف عن کونه وقفا و ضعف بأن القیمة بدل عن العین فیملکها من یملکها علی حد ما یملکها و یتعلق بها حق من یتعلق بها أو الوقف و إن لم یتناول القیمة مطابقة لکنه یتناولها اقتضاء من حیث إنها قائمة مقام العین و إن حق الوقف أقوی من حق الرهن و هو یتعلق بالقیمة فالوقف أولی و یأتی بیان الحال و الجنایة التی توجب المال هی ما إذا قتله خطأ أو قتله حر (و جعل) من محل النزاع و الاحتمالات فی (المسالک) ما إذا صالح عن الدیة فی العمد و لعل الظاهر أنها هنا تکون للموقوف علیهم الموجودین لأنها عوض عن نفس الجانی لا نفس المجنی علیه لأن المستحق هو قتل نفس الجانی و الصلح علی الدیة إنما هو بالعفو عن نفس الجانی و فی (شرح الفخر) أن کل من قال بأن الموقوف علیه یختص بالدیة فی المسألة الأولی قال باختصاصه هنا و کل من لم یقل بذلک اختلفوا فیه و (معنی) الخلاف أن الدیة هل هی عوض عن نفس القاتل أو المقتول (فعلی الأول) تکون للموجودین (و علی الثانی) یشتری بها عبدا للوقف یکون للموجودین و من بعدهم انتهی (و قد عرفت) أن الظاهر أنها عن نفس القاتل و ظاهر الکتاب (و التذکرة) و (الدروس) و صریح (جامع المقاصد) أنه لا فرق فی ذلک بین کون الجنایة علی النفس فالدیة و ما دونها فالأرش (و أن الضابط) إیجاب الجنایة المال لتعلق حق الوقف بالأبعاض کتعلقه بالمجموع و فی (المسالک) أن الذی یقتضیه النظر و الذی صرح به غیر (المحقق) أن الحکم فی الأرش کالحکم فی الدیة و أن الخلاف واقع فیهما انتهی لکن ظاهر (الشرائع) و (التذکرة) کما ستسمع و (الإرشاد) و کذا (التحریر) أن الخلاف مختص بالدیة و أما الأرش فقد قطع فیه فی الأولین بکونه للموجودین (بل) قال فی (المسالک) قبل ذلک أن استحقاقهم الأرش لا شبهة فیه (و قد فرض) المسألة فی (المبسوط) و (المهذب) فی الدیة لکنه ما زاد فی (المهذب) علی قوله وجبت قیمته (و قد عرفت) أن الظاهر منه عدم الانتقال و لعل الوجه فی الفرق أن الأرش عوض عن جزء فائت أو صفة و کلاهما من توابع العین التی هی مستحقة لهم أو مملوکة فله نوع شبهة بالنماء و لذلک قال بعض (الشافعیة) أنه یصرف إلی الموقوف علیه علی کل قول و ینزل منزلة المهر و الاکتساب و لا کذلک الدیة
(قوله) (فلهم العفو)
إذا قلنا باختصاص الموجودین بالدیة أو الأرش فالظاهر أن لهم العفو و إن قلنا بالعدم فالعدم کما صرح به أیضا فی (الکتاب) کما یأتی و (جامع المقاصد) و (المسالک) جازمین بذلک و فی (التحریر) فی العفو إشکال إن قلنا بانتقال الوقف إلیهم و فی (التذکرة) لا یصح عفو البطن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 98
و شراء عبد أو شقص عبد بها یکون وقفا سواء أوجبت أرشا أو دیة فلیس للموجودین أو عفو حینئذ (1)
______________________________
الأول لعدم علمه بقدر حقه (و جزم فیها) بالعفو فیما إذا کانت الجنایة علی طرف (و قال) فی (جامع الشرائع) إن للموقوف علیه العفو و القصاص و أما القصاص إذا کان القاتل عبدا فإن قلنا بانتقال الملک إلیهم کانوا هم الأولیاء کما هو الشأن فیما لو کان المقتول عبدهم (کما جزم) به فی (التذکرة) و (الإرشاد) و (الکتاب) کما یأتی (و الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و فی (التحریر) أنه الأقرب (و قد سمعت) ما فی (جامع الشرائع) و (إن قلنا) ببقائه علی ملک الواقف فحق القصاص إلیه و (به جزم) فی (التذکرة) و (إن قلنا) بانتقاله إلی اللّٰه تعالی احتمل أن یکون حکم القصاص للحاکم لأنه ولی المصالح المتعلقة باللّٰه سبحانه و تعالی و یحتمل علی ضعف استحقاق الموقوف علیهم لمکان تعلقهم به و استحقاقهم منفعته و لاحتمال أن یصالح القاتل علی مال فیرجع إلیهم طلقا أو وقفا علی الخلاف
(قوله) (و شراء عبد أو شقص عبد بها یکون وقفا سواء أوجبت أرشا أو دیة فلیس للموجودین العفو حینئذ)
هذا هو الاحتمال الثانی و ضمیر بها راجع إلی المال الواجب بالجنایة بتأویل القیمة و هو خیرة (التذکرة) و (الإرشاد) و (المختلف) و (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) لأن الدیة عوض رقبته و للبطون اللاحقة فیها حق بالقوة القریبة لحصول الأسباب المملکة و لم یتخلف منها سوی وجودهم و لهذا یأخذ البطن الثانی عن الواقف الأول و (حینئذ) فلا سبیل إلی إبطال حقهم فیجب أن یشتری بها عبدا أو شقص عبد یکون وقفا صیانة للوقف عن الإبطال بحسب الإمکان و محافظة علی غرض الواقف و لأن الوقف تابع للمالیة و لهذا یجب شراء ما یکون وقفا حیث یجوز بیعه فی بعض الموارد (مضافا) إلی ما سمعته فی تضعیف الأول و لا ترجیح لأحد الاحتمالین فی (جامع الشرائع) و (الدروس) و (الحواشی) و لا (فرق) فیهما بین أن نقول بانتقال الوقف إلی اللّٰه سبحانه و تعالی أو إلی الموقوف علیهم (و یحتمل) علی الأول أنه یجب الشراء وجها واحد أو فی (غایة المراد) و (الروض) أنه یجب أن یکون المشتری من جنس الموقوف و أنه تجب المساواة فی الذکورة و الأنوثة و أنه إن أمکن المساواة فی باقی الصفات أو معظمها فهو أولی (و ظاهر الفخر) فی شرح (الإرشاد) بل صریحه وجوب المساواة فی الأمرین الأولین (و قال) فی (غایة المراد) علی القول بضمان القیمی بالمثل و أمکن المثل کان وقفا و استغنی عن الشراء و علی القول الآخر لو أتی بعبد بالصفات أمکن وجوب قبوله لأن غایة القیمة صرفها فی مثله (و ظاهر المبسوط) فیما حکاه و (التذکرة) و (الکتاب) و غیره حیث قالوا عبد أو شقص عبد أنه یجب أن یکون من جنس الموقوف و لا (ترجیح) فی (التذکرة) فی وجوب المساواة فی الذکورة و الأنوثة فی جواز شراء العبد الصغیر بقیمة الکبیر و بالعکس و (کلام الشرائع) و (الإرشاد) و (المختلف) مطلق متناول لما کان من الجنس و غیره و یشهد له حکمهم بأن الوقف علی جهة إذا تعطلت یصرف فی وجوه البر حیث لم یعتبروا و لم یوجبوا ما یکون أقرب و أشبه بجهة الوقف (فیلحظ) ذلک و (الذی) یتولی الشراء الحاکم کما فی (الإیضاح) و غیره و فی (غایة المراد) و کذا (جامع المقاصد) أن الأجود تفویضه إلی الناظر الخاص و إن تعذر فالناظر العام فإن تعذر فالموقوف علیه قضیة للشرط فی الموقوف علیه و عموم حکم الحاکم علی البطون و أولویة الموقوف علیه (و قال) فی (التذکرة) إن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 99
و لو جنی علیه عبد بما یوجب القصاص فإن اقتص الموقوف علیه استوفی و إن عفا فهل لمن بعده من البطون الاستیفاء الأقرب ذلک إن لم تکن نفسا (1)
______________________________
قلنا الملک للّه سبحانه و تعالی تولی شراه الحاکم و إن قلنا للموقوف علیه تولاه و إن قلنا للواقف فوجهان (و اختیر) فی (المسالک) أنه یتولاه الموجودون (و قد احتمله) فی (جامع المقاصد) و (استظهر جماعة) (کالفخر) و (الشهیدین) و (المحقق الثانی) و (غیرهم) أنه یصیر وقفا لمجرد الشراء و لا یحتاج إلی تجدید عقد (و لا ترجیح) فی (التذکرة) و فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) إذا اشتری بها عبدا و فضل شی‌ء اشتری به عبدا أو بعض عبد و کذلک إذا لم تف القیمة بقیمة عبد اشتری بها بعض عبد و قد عرفت الحال فی العفو
(قوله) (و لو جنی علیه بما یوجب القصاص فإن اقتص الموقوف علیه استوفی و إن عفا فهل لمن بعده من البطون الاستیفاء الأقرب ذلک إن لم یکن نفسا)
قد تقدم آنفا نقل الخلاف فی أن للموجودین القصاص و العفو أم لا فیما إذا کانت الجنایة علی العبد الموقوف توجب قصاصا (و قد حکینا) هناک عن کلامه هنا الجزم بأنهم لهم ذلک إذ ظاهره أنه مفروغ منه و إنما غرضه هنا بیان حال ما إذا عفا فهل لمن بعده من البطون الاستیفاء أم لا و قد قرب أن لهم ذلک لأن الحق فی الوقف لا یختص بالبطن الأول فإذا عفا فإنما یسقط حقه خاصة دون أصل الحق الذی هو القصاص بعد رد نصیب العافین علی مولی العبد کما هو مقتضی قواعد العفو لکن الرد لا یکاد یتصور إلا برد تمام القیمة فلیتأمل و قد قیده المصنف بما إذا لم تکن الجنایة نفسا و یفهم منه أنهم لیس لهم ذلک إذا کانت نفسا (و قد خالفه ولده) و (المحقق الثانی) فقالا إن الأصح أن لهم الاستیفاء مطلقا فی النفس و الطرف لاستوائهما فی بطلان الوقف فی الفائت منهما و نظره فی الفرق أنه إذا جنی علی النفس بطل الوقف لفوات محله فبطل حق ما فی البطون و ذلک بخلاف الطرف لبقاء الوقف ببقاء محله (و فیه) مضافا إلی ما عرفت أن هذا الفرق لو تم للزم مقتضاه فیما لو أوجبت الجنایة مالا بغیر تفاوت و وجه غیر الأقرب أنهم بعفوهم حیث کان الحق منحصرا فیهم من حیث إن عوضه کان لهم علی القول به و العفو إنما هو عن العوض سقط حق البطون و ضعفه یعرف مما سلف (و حکی) فی (الإیضاح) قولا بأن البطون یستوفون الدیة لتغلیب العفو و قال إنه الأصح و فی (جامع المقاصد) أن فیه قوة لأنه له أن یعفو علی مال و العفو مبنی علی التغلیب و قد عرفت أن المتبادر من العبارة أن المراد من الاستیفاء القصاص لا الدیة (و لم نجد) هذا الفرع لأحد من الخاصة و العامة لا فی الباب و لا فی القصاص و هو من خواص الکتاب (فالقول) المذکور و تعلیله علیلان لأنا لم یظهر لنا معنی تغلیب العفو فیما نحن فیه لأنهم قالوا فیما إذا عفا بعض الورثة لا تسقط حق الباقین من القصاص بعد رد دیة من عفا عن الجانی (و قد صرح) بذلک فی ثمانیة عشر کتابا (و قد حکی) علیه الإجماع فی (الخلاف) و (الغنیة) و غیرهما (نعم) قال الصدوق (روی) أنه إذا عفا بعض الأولیاء ارتفع القود (و هذه روایة) شاذة مرسلة أعرض عنها الأصحاب للأخبار الأخر المرویة فی (الخلاف) (نعم استشکل) المصنف و (ولده) و (الشهید) و (کاشف اللثام) فی القصاص فیما إذا قال عفوت عن نصفک أو یدک أو رجلک لأن العفو عن البعض یستلزم سقوطه عنه و هو ملزوم لإسقاط الجمیع و للأصل و لأن الحق أنما تعلق بالنفس لا بالأعضاء (و قولهم) فی باب الوکالة بسقوط القصاص فیما لو صالحه عن الدم بخمس لیس مبنیا علی تغلیب العفو و إن ذکره بعضهم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 100
و لو استرق الجانی أو بعضه فهل یختص به أو یکون وقفا إشکال (1) و لو اتفق هو و مولاه علی الفداء فهل یختص أو یشتری به عبدا یکون وقفا إشکال (2) و لو وقف مسجدا فخربت القریة أو المحلة لم یجز بیعه (3) و لم یعد إلی الواقف (4)
______________________________
فی بیانه بل الوجه فیه أنه صار بذلک کالمتبرع بالعفو کما تقدم بیانه فی باب الوکالة فلم نجد هذا التغلیب مسلما عندهم و لم یتضح لنا صحة قوله فی (جامع المقاصد) أن العفو الصحیح لا کلام فیه (ثم إن) الظاهر من العبارة أن العفو عن الجمیع کان علی غیر مال لأنه المتبادر منه فقضیة التغلیب أن لا یستوفوا الدیة علی أنها لا تثبت عندنا إلا صلحا فکیف یصح القول بأنهم یستوفون الدیة علی الإطلاق ثم إن ذلک کله فرع صحة هذا العفو سواء کان علی مال أو غیره و هو (فی محل) الإشکال أو المنع
(قوله) (و لو استرق الجانی أو بعضه فهل یختص به أو یکون وقفا إشکال)
أصحه أنه یکون وقفا کما فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و (به) جزم فی (الحواشی) و یکون وقفا بمجرد الاسترقاق أو بإنشاء صیغة الوقف لمثل ما تقدم من أنه یشتری بدل الوقف ما یکون وقفا من أنه عوض الوقف و لم یختص به الأول و إن علقة الوقف أعظم و أقوی من الرهن و وجه الاختصاص مثل ما تقدم من أن الوقف إنما یتناول ملک العین و قد عدمت فزال و هذا العبد لم یتناوله الوقف الأول أصلا (بل) لو صرح بوقفه لم یصح و إلا لصح وقف المعدوم و لم یشترط فی الوقف الملک
(قوله) (و لو اتفق هو و مولاه علی الفداء فهل یختص أو یشتری به عبدا یکون وقفا إشکال)
یعلم منشؤه مما تقدم و أصحه أنه یشتری به عبدا من جنسه یکون وقفا کما هو قضیة کلام (الإیضاح) و صریح (جامع المقاصد) و به جزم فی (الحواشی) و قال فإن تعذر من جنسه فمن غیره
(قوله) (و لو وقف مسجدا و خربت القریة أو المحلة لم یجز بیعه)
بلا خلاف من أحد إلا من (أحمد) لأن وقفه بمنزلة تحریر العبد و لبقاء الغرض المقصود منه من إعداده للعبادة لرجاء عود القریة و صلاة مسافر یمر به مضافا إلی الاستصحاب و فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (الروض) و کذا (المسالک) و (الکفایة) أن العرصة لم تخرج عن الوقف و قیده فی الأخیرین بما إذا لم یکن فی الأرض الخراجیة (قال) فی (المسالک) فإنه ینبغی بطلان الوقف حینئذ بزوال الآثار بالکلیة (نعم) یتم هذا فی المملوکة بالأصل لا تبعا لآثار التصرف (و من الغریب) قوله فی (المفاتیح) کذا قالوه و إنما قاله قبله (صاحب المسالک) و قد بینا فی محله أنه إذا بنی و تصرف بإذن الإمام أو نائبه و لو جائرا عموما أو خصوصا ملک ملکا حقیقیا لا یزول ملکه و لو زالت الآثار و لا فرق فی ذلک بین المسجد و الدار (و کذلک الحال) فیما إذا باعه الإمام أو الجائر لمصلحة الجند بل و کذا ما أقطعه و بنی فیه و تصرف و لهذا أطلق هنا الأصحاب و (وافقهم) علی ذلک فی (الروضة) و فی قولهم (ص) إلی أن یرث الأرض و من علیها ما یدل علی ذلک و (من المملوک) بالأصل ما صولح أهلها علیها و ما ملکت بالأحیاء و هاتان حالهما حال أرض الخراج فلیتأمّل
(قوله) (و لم یعد إلی الواقف)
کما فی الکتب المذکورة مع زیادة (الخلاف) و (السرائر) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و فی (الخلاف) و (السرائر) لأن ملکه قد زال بلا خلاف فلا یعود إلا بدلیل و لم یخالف فی ذلک إلا محمد بن الحسن قال إن المسجد یرجع إلی ملک الواقف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 101
و لو أخذ السیل میتا فالکفن للورثة (1) و لو مات البطن الأول قبل انقضاء مدة الإجارة فالأقرب البطلان هنا (1)
______________________________
إذا خربت القریة قیاسا علی کفن المیّت فإنه یعود إلی الورثة (و الجامع) استغناء المسجد عن المصلین کاستغناء المیّت عن الکفن و تعذر المصرف فی الموضعین (و فیه) أنا نمنع القیاس و الجامع أما (الأول) فلأن الکفن ملک لهم فی الأصل لأن الترکة تنتقل إلی الورثة بالموت و إن وجب صرف بعضها فی التکفین (و أما الثانی) فلأن الفارق موجود و هو عدم رجاء عود المیّت بخلاف المسجد لجواز عمارة القریة و صلاة مسافر
(قوله) (و لو أخذ السیل میتا فالکفن للورثة)
ظاهر (المبسوط) و (الخلاف) و (غیرهما) اتفاق المسلمین علی ذلک حیث إن محمد بن الحسن وافق علی ذلک و جعله أصلا (قال الشهید) إن السبب فی وضع هذه المسألة عقیب المسجد أن محمد بن الحسن قاس المسجد علی الکفن و کیف کان فقد صرح به هنا بأن الکفن للورثة فی (المبسوط) و أکثر ما ذکر بعده و کون الکفن للورثة فی کلامهم جمیعا مبنی علی الغالب و إلا فقد یکون من الزکاة و الوقف علی الأکفان و من المتبرع و فی الکل یرجع إلی المأخوذ منه و ذلک مع الیأس کما نبه علیه فی (المبسوط) و (التحریر) و قیده به فی غیرهما و ترکه هنا لظهوره و تمام الکلام فی بابه
(قوله) (و لو مات البطن الأول قبل انقضاء مدة الإجارة فالأقرب البطلان هنا)
کما فی إجارة (التذکرة) و (التحریر) و (الکتاب) و (جامع المقاصد) و کذا (الکفایة) و قد (جزم) به فی الباب فی (الخلاف) و (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (الروضة) و (فی الشرائع) أنه أظهر و فی (الإیضاح) أنه أقوی و معنی البطلان توقفه علی إجازة البطن الثانی و أنه له الخیار کما فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (غیرها) و (لعل ذلک) فی غیر کلام (الخلاف) و (المبسوط) و (الإیضاح) و لا یبطل العقد من أصله لأنه کان یشبه تبعض الصفقة فیکون للبطن الأول أجرة المثل عن مدتهم (لاتفاق) الخاصة (و العامة) إلا من شذ من العامة علی خلافه (و هذا الحکم) مما تسالم علیه الخصوم إلا من شذ من العامة لأن القائل ببطلان الإجارة بموت أحدهما و القائل بعدمه اتفقوا هنا علی البطلان لأن (الشیخ) فی (الخلاف) و (المبسوط) و المصنف فی ظاهر (التذکرة) ممن قال بعدم بطلانها بموت أحدهما و قد (جزما) هنا بالبطلان لمکان الفرق بین إجارة المالک و الموقوف علیه لأن ملک الثانی غیر تام لأنه بموته قد تبین انتهاء حقه لأن البطن الثانی إنما یتلقی عن الواقف کالأول فإجارته فی بقیة المدة تصرف فی حق غیره فیتوقف علی إجازته و لا کذلک المالک فإنه له نقل ماله صحیحا و إتلافه من دون التفاوت إلی الوارث لأنه إنما یتلقی عنه ما کان ملکا له حین موته أو فی مرضه علی بعض الوجوه فلا یتبین بموته أنه متصرف فی حق غیره (و من المعلوم) أنه لیس للموقوف علیه إجارة الوقف مدة یقطع بعدم بقائه إلیها فالزائد باطل من الابتداء فلا یباح له أخذ قسطه من الأجرة و إنما أبیح فی الممکن استصحابا للاستحقاق بحسب الإمکان لأصالة البقاء (لکن إطلاق) الأخبار الصحیحة بل و خبر الهمدانی التی استدلوا بها علی عدم بطلان الإجارة بموت أحد المتعاقدین تتناول ذلک إلا أن یقولوا إن هذا الفرد نادر و لذلک أطبقوا علی عدم الالتفات إلی ذلک الإطلاق بالنسبة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 102
و یرجع المستأجر علی ورثة الموتی بما قابل الباقی مع الدفع (1) و لا یجوز للموقوف علیه وطئ الأمة (2) فإن فعل فلا مهر و لو ولدت فهو حر و لا قیمة علیه (3) و فی صیرورتها أم ولد إشکال (4)
______________________________
إلی هذا الفرد (و لعله) وجه غیر الأقرب فی کلام من لم یجزم بذلک و أنه مالک حقیقة فلا تبطل الإجارة المحکوم بصحتها (و هو) بمکانة من الضعف (و مع ذلک کله) فقد یظهر من شیخنا (صاحب الریاض) التردد حیث قال عند جماعة و سببه ضعف التتبع و عدم التأمّل و التلبث (و ملاحظة) قوله فی (الحدائق) أن هذه التعلیلات لا تصلح لتأسیس الأحکام مع فقد النص فالمسألة لا تخلو من إشکال (و أنت) قد عرفت أن النص موجود و أنهم أعرضوا عن إطلاقه لمکان الضوابط القطعیة (هذا) و قد قیده جماعة کثیرون بما إذا لم یکن المؤجر من البطون أو غیرها ناظرا علی الوقف و آجر لمصلحته لا لمصلحة کما تقدم بیانه فی باب الإجارة
(قوله) (و یرجع المستأجر علی ورثة المیّت بما قابل الباقی مع الدفع)
کما فی (المبسوط) و (جمیع) ما ذکر بعده فی صدر المسألة عدا (الإرشاد) و (الدروس) إذا کان قد خلف ترکة (و المراد) بما قابل المتخلف أن تنسب أجرة مثله إلی أجرة مثل مجموع المدة و یرجع من المسمی بمثل تلک النسبة (فلو کان) قد آجره سنة بمائة و مات بعد انقضاء نصفها و فرضنا أن أجرة مثل النصف المتخلف یساوی ستین و أجرة مثل النصف الماضی یساوی ثلثین رجع المستأجر بثلثی المائة
(قوله) (و لا یجوز للموقوف علیه وطئ الأمة)
کما فی (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) بل قد یظهر من (المبسوط) و (التذکرة) أنه لا خلاف فیه من الخاصة و العامة بفقد السبب بناء علی عدم انتقاله إلیه أو لفقد الشرط و هو عدم الاختصاص و التمامیة علی تقدیر الانتقال إلیه أو لوجود المانع و هو تعریضها للحمل الموجب بصیرورتها أم ولد المانع من دوام وقفها علی البطون لانعتاقها بموته فکان وطؤها علی هذا الأخیر مغایرا لغیره من وجوه الانتفاعات
(قوله) (فإن فعل فلا مهر و لو ولدت فهو حر و لا قیمة علیه)
کما فی (المبسوط) و (جمیع) ما ذکر بعده آنفا عدا (شرح الإرشاد) للفخر و (الوجه) فی أنه لا مهر علیه أنه لو وجب لوجب له (نعم) إذا کان له شریک کان علیه له من العقر ما یخصه (و قد صرح) فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) أنه لا حد علیه (بل قال) جماعة من هؤلاء و إن انتفت الشبهة لأنه مالک فی الجملة فکان غیر زان (و إن) التعزیر مع العلم فلا ریب فیه کما فی (الدروس) (و إن) قلنا إن الملک للّه عز و جل أو إنها باقیة علی ملک الواقف أمکن الحد کما فی (الدروس) و (الوجه) فی أن الولد حر أنه غیر زان (و فی أنه) لا تجب علیه قیمته أنه المستحق لها لو وجبت إذا لم یکن له شریک (و لو قلنا) بأن ولد الموقوفة وقف وجب أن یشتری بقیمة الولد عند سقوطه حیا ما یکون وقفا
(قوله) (و فی صیرورتها أم ولد إشکال)
و نحوه ما فی (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) من النظر و التردد (و منشؤه) من عدم تمامیة الملک و أدائه إلی إبطال الوقف و من أنها علقت منه فی ملکه فولد فتکون أم ولد (کما هو) خیرة (المبسوط) و (التذکرة) و (شرح الإرشاد) للفخر و (الإیضاح) و (الحواشی) و (قد نسبه) فی (غایة المراد) إلی الأصحاب کما ستسمع و فی (جامع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 103
و معه تنعتق بموته و یؤخذ من ترکته قیمتها لمن یلیه من البطون علی إشکال (1)
______________________________
المقاصد) و (الروض) أنها لا تصیر أم ولد لأن المتبادر من الملک هو الکامل الطلق الذی لا حجر علی مالکه لتعلق حق الغیر به (قلت) هما عمومان قد تعارضا فیحتمل ترجیح عموم أدلة الاستیلاد لأنه کالعتق یبنی علی التغلیب و یحتمل ترجیح عمومات النهی عن تغییر الوقف و إبطاله لسبقه فیستصحب حکمه إلی أن یثبت المزیل کتقدیم حق المرتهن لو أولدها الراهن و لأنها تقوم علیه کلها بعتقها بالاستیلاد و لا شی‌ء من أم الولد تتقوم کلها علی المولی بدلیل الاستقراء فتأمّل
(قوله) (و معه تنعتق بموته و تؤخذ من ترکته قیمتها لمن یلیه من البطون علی إشکال)
أی و مع کونها أم ولد تنعتق بموته کسائر أمهات الأولاد و تؤخذ من قیمتها لمن یلیه من البطون (کما جزم) بذلک کله فی موضع من (التذکرة) (و هو) الظاهر من (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (صریح شرحه) لولده لأن ظاهر الثلاثة أن التردد و النظر أنما هو فی صیرورتها أم ولد (و قد عرفت) أنه اختار فی (التذکرة) کولده (و الشهید) فی (الحواشی) أنها تصیر أم ولد (و قد حکی) فی (التذکرة) و (الإیضاح) الاتفاق علی أنها تؤخذ قیمتها من ترکته (لکنه) اختار فی (الإیضاح) أنه یشتری بها ما یکون وقفا إذا کان هو تمام الطبقة (و هو) خیرة (جامع المقاصد) (و المسالک) (و قد) توقف فی (التذکرة) فی ذلک (ثم) إن ظاهر کلام (المبسوط) یشهد بصحة إجماع (التذکرة) و (الإیضاح) حیث إنه یظهر منه أن الناس متسالمون علی أخذ قیمتها من ترکته (و علله) بأن ولده منها حصل بعد انقطاع حقه عنها (قال) و یخالف ما إذا وجبت القیمة حال حیاته لأنها وجبت و حقه باق و قال إنهم اختلفوا فیما إذا یعمل بها قال فمن قال إن الموقوف علیه إذا تلف اشتری بقیمته آخر قال هنا یشتری بها أخری تقوم مقامها (و من قال) تنتقل إلیه قال أعطی من یلیه من البطون تلک القیمة کما إذا وجبت القیمة و هو حی (و حاصل) ما أراده فی (المبسوط) و (التذکرة) و (الإیضاح) أنه أتلفها علی من بعده بعد موته حیث لم یکن مالکا بخلاف ما لو أتلفها فی حیاته لأنه حینئذ مالک فیجری فی إتلافه الوجهان فی عوض الموقوف فیصیر حاصل إشکال المصنف أن عوضها حیث تصیر أم ولد هل یکون للبطن الذی حصل العوض فی زمانه و هو البطن الذی یلیه و لا یختص به بل یکون بین البطون (فعلی الأول) لا یؤخذ منه لاستحالة ثبوت العوض علیه لنفسه (و علی الثانی) یشتری بها ما یکون وقفا (و قد اعترض) علی الأصحاب فی (غایة المراد) بأنها إذا صارت أم ولد حکم بنفوذ الاستیلاد فی الحال فی صورة ما إذا وطئ أحد الشریکین و علقت منه (قال) و هذا وارد علی عبارة القوم (و لعلهم) أرادوا ذلک إلا أنه لما کان أحد الاحتمالین صرفها إلی من یلیه من البطون و هو الآن غیر مالک تأخر الدفع إلی بعد الموت و لا یلزم منه تأخر الحکم بنفوذ الاستیلاد انتهی (قلت) الأصل فی عبارة القوم کلام (المبسوط) و هو نص صریح فی خلاف ما ظن أنهم أرادوه ککلام (التذکرة) و (کلامه) هو فی (الحواشی) بل کلام (الشرائع) و (الإرشاد) و (التحریر) لأنک قد عرفت أن ظاهر الثلاثة أنما هو التردد فی صیرورتها أم ولد و أنهما جازمان فیها أی الثلاثة علی هذا الفرض بعتقها بموته و أخذ قیمتها من ترکته لمن یلیه من البطون (و الجزم) بذلک أعنی اختصاص البطن الذی یلیه بها و احتماله إنما یتجه إذا کان الإتلاف واقعا حین اختصاصهم بالوقف و لا یتحقق ذلک إلا إذا کان الحکم بنفوذ الاستیلاد بعد الموت أما إذا حکمنا بنفوذه قبله فإن الاختصاص بالوقف ثابت للواطئ فإیجاب القیمة علیه علی هذا التقدیر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 104
..........
______________________________
إنما هو لتعلق حقوق الموقوف علیهم جمیعا فکیف یجزمون باختصاص البطن الذی یلیه بالقیمة أو یحتملانه إلا (أن تقول) کما قال فی (غایة المراد) إن کون القیمة لمن یلیه أعمّ من الطلق و الوقف فنقول بصیرورتها أم ولد و أنه یشتری بقیمتها جاریة أخری تکون وقفا (و هو علی) بعده جدا إنما یمکن فی عبارة (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الکتاب) و لا (یتأتی) فی عبارة (المبسوط) و (التذکرة) لأنک قد سمعت (کلام الأول) و أصرح منه (کلام الثانی) لأنه قال بعد قوله و تؤخذ قیمتها من ترکته ثم هی لمن ینتقل إلیه الوقف بعده ملکا أو یشتری بها جاریة و توقف خلاف و (هو الذی) فهمه ولده منه فی (الإیضاح) و صاحب البیت أدری (و المحقق الثانی) (بل) هو فی (الحواشی) فسقط هذا الاحتمال من کلام الجمیع (ثم) إن قوله لما کان أحد الاحتمالین صرفها إلی من یلیه من البطون (فیه) أن هذا الاحتمال لا یتأتی علی ما وجه به هو فیها الإشکال کما ستسمع (ثم) إنه من الممکن موت الولد قبل أبیه فلا یتحقق سبب العتق المقتضی لبطلان الوقف بعد تمامه و لزومه فکان الظاهر إنما هو نفوذ الاستیلاد بعد الموت و لیس السبب فی العتق هو الاستیلاد وحده و إنما هو مع بقاء الولد و موت الوالد فلا باعث لنا علی أن نقول إن الموت کاشف عن نفوذ الاستیلاد من حینه و بعد هذا التحریر ظهر أن کلامه فی (غایة المراد) غیر صحیح و أنه غیر صحیح قوله فی (جامع المقاصد) بعد نقله أن هذا کلام صحیح (و ظهر أنه) لو کان معه شریک حکم بالقیمة بعد الموت لا من حین الاستیلاد خلافا أیضا (لغایة المراد) هذا و قد وجه الإشکال (فیها) و فی (الدروس) بأنه ینشأ من أن عوض الموقوف هل یکون للبطن الأول أو بین البطون فعلی الأول لا تؤخذ لاستحالة غرمه لنفسه قال فی (غایة المراد) و علی الثانی أیضا یتوجه الإشکال من وجه آخر و هو أن الواطئ متلف لها فیلزم ضمانها فی ترکته کما إذا تلف مالا علی غیره و أورد علی الأول فی (الدروس) بأن الغرم و الإتلاف إنما یتحققان بعد موته فلا یتصور أن الواطئ یستحق العوض و إن قلنا بأن قیمة المتلف للبطن الأول قلت و لعله لهذا أعرض عن هذا التوجیه الجماعة (لکنه) أجاب عنه فی (غایة المراد) بما أسمعناکه آنفا من أنها إذا صارت أم ولد حکم علیه بقیمتها فی الحال و قال فی (غایة المراد) و اعلم أن شیخنا المرتضی عمید الدین دامت سیادته قال فی شرح مشکلات القواعد و سمعناه منه فی الدروس مشافهة إن هذین الإشکالین إنما یتأتیان علی تقدیر دخول ولدها فی الوقف لینتقل إلیه بموت أبیه منها شی‌ء أو المجموع أما علی تقدیر عدم دخوله فی الوقف فبموت الواطئ انتقلت إلی بطون أخر غیره فلم یجر للولد علیها ملک فلا یفرض فیها عتق (فقلت) له إن الأصحاب أطلقوا أنها تصیر أم ولد و حکم أمهات الأولاد العتق بموت المولی من نصیب الولد فقال إذا لم یکن له نصیب منها کیف یقال إنها تنعتق من نصیبه (فقلت) إذا حکم بأنها أم ولد اقتضی موت المولی جری المواریث فیها و ابنها وارث فصار له منها نصیب فتنعتق من نصیبه (و قد) صرح المصنف فی (القواعد) بجواز وقف من ینعتق علی الموقوف و أنه یبقی وقفا فحینئذ ملک ولدها لها علی طریقة الوقف لا یقتضی انعتاقها علیه إنما المقتضی له ملکها بطریق الإرث (ثم) قال فی (غایة المراد) إذا ظهر ذلک فإن کان الولد غیر موقوف علیه جعلت فی نصیبه إن قلنا بالنفوذ قطعا (أما علی) ما قلناه من الحکم باستقرار الملک فی حیاة أبیه فظاهر (و أما) علی تقدیر الاحتمال البعید و هو بقائها علی الوقف إلی حین الوفاة ثم تنعتق فالأولی جعلها فی نصیبه لأن عتقها یتضمن ملک أبیه لها فتکون إرثا و یحتمل العدم لأن بقاء الوقف فیها استلزم خروجها عن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 105
و یجوز تزویج الموقوفة (1) و مهرها للموجودین (2) و کذا ولدها إن کان من مملوک أو زنا و یختص به الموجودون وقت الولادة علی رأی (3)
______________________________
صلاحیة الملک (هکذا) قیل و هو (ضعیف) لما عرفت من بطلان أصله أولا و لو سلم أصله لم نسلم ملک أبیه و تخیل الملک الضمنی باطل لأنها لم تنعتق علی الأب (و کذا توجیه) عدم جعلها فی نصیبه فإن الوقف أخرجها عن صلاحیة الملک ما دام باقیا فبعد زواله کما هو المفروض انتفی الإخراج عن الصلاحیة (و لو سلم) الإخراج عن الصلاحیة لم یلزم منه عدم التقویم و إلا لم یلزم متلف الوقف عوض و هو خلاف الإجماع فإن کان الولد من الموقوف علیهم فعلی ما اختاره المصنف أی فی (القواعد) فلا عتق و لا تقویم لعدم حصول الإتلاف انتهی کلامه برمته لجودته إلا رمیه احتمال بقائها علی الوقف إلی حین الوفاة ثم تنعتق بالبعد لأنه قول الجماعة کما سمعته و قد عرفت وجهه (و قد) أشار بقوله هکذا قیل إلی قوله فی (الإیضاح) و یحتمل العدم لأن الوقف صح فیها و لا ینفک إلا بخروجها عن صلاحیة و قد حکاه باللازم (ثم) إن ظاهره فی (الحواشی) اختیار توجیه (عمید الدین) و علی احتمال أن الموت کاشف عن نفوذ الاستیلاد فی الحال لا حاجة إلی ما تجشمه السید العمید لکنه غیر المختار و قد قوی فی (الإیضاح) أنها تنعتق علی ولدها و أنها تجب علیه القیمة من نصیبه و قال إن هذه المسألة تسمی بمنشعبة المبادی و لا (یخفی) ما فی نسبة الشهید ذلک إلی الأصحاب و قد عرفت أنما صرح به قبله فی (المبسوط) و (التذکرة)
(قوله) (و یجوز تزویج الموقوفة)
کما هو خیرة (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (المختلف) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (یظهر) من (التذکرة) و (جامع المقاصد) أن لا خلاف فیه إلا من بعض الشافعیة (و به) أی نفی الخلاف صرح فی (المسالک) (لکنه) فی (جامع الشرائع) قال و قیل لا یجوز تزویجها و (یرشد) إلیه أنه عبر فی (المبسوط) بالأقوی و فی (التحریر) بالأقرب (و کیف کان) فوجه الجواز أنه عقد علی بعض منافعها (فیجری) مجری الإجارة و فیه تحصین لها مطلوب شرعا و فی عدمه تعطیل و ضرر و حرج و (وجه المنع) أنها قد تحمل فتمنع عن العمل و ربما ماتت فی الطلق (و فیه) ما لا یخفی من الضعف و یتولی تزویجها الموقوف علیه إن قلنا بانتقال الملک إلیه کما فی (المبسوط) (و التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و علی القول بانتقالها إلی اللّٰه سبحانه و تعالی تزوج نفسها کما فی (المبسوط) و (التحریر) و (کأنه) مال إلیه فی (الدروس) لأنها ملکت رقبتها فتزوج نفسها و فی (التذکرة) و (المختلف) و (جامع المقاصد) و (المسالک) أنه یتولاه الحاکم لأنه المتولی لنحو ذلک فتأمّل (نعم) لو کانت وقفا علی الجهة العامة تولاه الحاکم کما فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و لو (قلنا) ببقائها علی ملک الواقف تولی هو تزویجها بإذن الموقوف علیه
(قوله) (و مهرها للموجودین)
کما فی (المبسوط) و (جمیع) ما ذکر بعده فی صور المسألة إلا (المختلف) فإنه لم یصرح به لکنه یفهم منه بالأولویّة لأنه قال الولد الموجودین لأنه إلی المهر فائدة من فوائدها و عوض عن منفعتها المختصة بهم
(قوله) (و کذا ولدها إن کان من مملوک أو زنا و یختص به الموجودون وقت الولادة علی رأی)
هو خیرة (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (المختلف) و (المسالک) و فی الأخیر أنه المشهور و کأنه مال إلیه أو قال به فی (الإیضاح) و فی (جامع المقاصد) أنه لا یخلو عن قوة لأنه من
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 106
و لو کان من حر بوطء صحیح فالولد حر (1) إلا مع شرط الرقیة (2) و لو کان بشبهة فالولد حر و علیه قیمته للموقوف علیهم (3) و لو وطأها الواقف فکالأجنبی (4)

[الفصل الثالث فی اللواحق]

الفصل الثالث فی اللواحق لو وقف مسجدا علی قوم بأعیانهم کالفقهاء فالأقرب عدم التخصیص (5)
______________________________
جملة النماء فأشبه الکسب و ثمرة البستان و الدابة (و قوی) فی (المبسوط) أنه وقف کأمه کما حکی عن أبی علی و کأنه مال إلیه فی (الدروس) لأن کل ولد ذات رحم حکمه حکم أمه کالمدبرة و الأضحیة و الهدی و المرهونة (و منع) علیه فی (جامع المقاصد) الکلیة (و نظر) فیه فی (الإیضاح) بأن الاستقراء غیر مفید للعلم (قلت) منع الکلیة متحقق فی الأمة المؤجرة و المستعارة (و قد) قید الموجودین بوقت الولادة لئلا یتوهم أنه یکون للموجودین وقت العقد و إن انقرضوا حال الولادة فلا استدراک فی العبارة کما قال فی (جامع المقاصد) و نحوها عبارة (الشرائع)
(قوله) (و لو کان من حر بوطء صحیح فالولد حر)
عندنا کما فی (المبسوط) و لا ریب أن الولد یتبع حریة أبیه إذا کان من وطئ صحیح کما فی (جامع المقاصد) (و به صرح) فی (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الروض) و (المسالک) و الأمر واضح
(قوله) (إلا مع شرط الرقیة)
أی فیکون رقا کما هو أیضا قضیة کلام (الشرائع) هنا و (التذکرة) و (التحریر) و (به صرح) فی (الدروس) و قد حکینا علیه فی محله الإجماعات (و فی المسالک) أن الأقوی عدم صحة الشرط و هو بناء علی ما یختاره (و لیس) هذا الشرط من هذا البطن مخصصا لهم یملکه إلا علی القول بأنه کالنماء
(قوله) (و لو کان بشبهة فالولد حر و علیه قیمته للموقوف علیهم)
کما فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و کذا (الدروس) و (ظاهر المبسوط) أن المسلمین مجمعون علی کون الولد حرا و (وجهه) أن ولد الشبهة تابع لحال أبیه حریة و رقیة (و أما لزوم) القیمة فلأنه فوت علیهم ولد أمه بغیر استحقاق (و ظاهرهم) أن القیمة للموقوف علیهم علی وجه الملک التام لا علی وجه الوقف علی ما تقدم فی الولد الرقیق (غیر) أنه فی (الدروس) و (جامع المقاصد) أن فی القیمة القولین و أرادا بهما أنه یشتری بها ما یکون وقفا و الدفع إلی الموجودین وقت الولادة لاختصاصهم بها
(قوله) (و لو وطأها الواقف فکالأجنبی)
کما فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) فیترتب علی وطیه ما یترتب علی وطئ الأجنبی و لا فرق بین أن نقول بانتقال الملک إلی اللّٰه تعالی أو إلی الموقوف علیه لاشتراکهما فی المعنی الموجب لخروجه عن الاستحقاق و کونه کالأجنبی و لو قلنا ببقاء ملکه فلا حد علیه بشبهة الملک و لا تصیر أم ولد کالمرهونة بل هذا أولی (فرع) قال فی (التذکرة) لیس للموقوف علیه أن یتزوج الأمة الموقوفة علیه عندنا و قال لو وقف علیه زوجته انفسخ النکاح
(قوله) (الفصل الثانی فی اللواحق لو وقف مسجدا علی قوم بأعیانهم کالفقهاء فالأقرب عدم التخصیص)
ظاهره کما أفصحت به عبارة (التذکرة) و فهمه منه فی (جامع المقاصد) و کذا (الإیضاح) أنه شرط فی الوقف اختصاص قوم بأعیانهم لأنک ستعرف الحال فیما إذا وقفه علی قوم بأعیانهم و لم یشترط من أنه لا مانع من کونه عاما و ظاهره أیضا أنه یصح الوقف و یبطل الشرط (و هو الذی) کان
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 107
..........
______________________________
یختاره الأستاد الشریف نور اللّٰه ضریحه لأنه إزالة ملک فهو کالتحریر فلا معنی للاختصاص (و قد صرح) فی (الإیضاح) و (غیره) بأن المسجد لا یصدق حقیقة إلا مع العموم (و الشرط) مناف لمقتضی العقد و قد حصلت صیغة الوقف و لغی الشرط لأن الوقف تبرع علی کل حال فلا یفوت الرضا به بفوات الشرط فتأمّل (و منه یعلم) حال المساجد التی شرط المخالفون فی وقفهم عدم صلاة غیر أهل ملتهم کما فی بعض مساجد بغداد و خاناتها و کذلک التی لم یشترط فیها ذلک إذ من المعلوم أن غرض المخالفین الوقف علی أهل مذهبهم (و کذلک) الحال فی البیع و الکنائس فإن غرض الیهود و النصاری الوقف علی أهل ملتهم لأنهم جمیعا قد قصدوا القربة فی بنائها و وقفها لکنهم أخطئوا فی أن مستحقه من وافق مذهبهم أو ملتهم فوقفهم صحیح و ظنهم فاسد فإن کانوا قد شرطوا کان شرطهم مبنیا علی زعم فاسد فتصح الصلاة فی مساجد المخالفین و البیع و الکنائس و إن شرطوا عدم عبادة غیر مذهبهم أو ملتهم و لا یشترط إذنهم لأنه لا معنی له کما ستعرف (و یدل) علی ذلک مضافا إلی ما سبق (أمور الأول) ما قاله فی (البحار) من أن إطلاق النص و کلام الأصحاب یقتضی عدم الفرق بین إذن أهل الذمة و عدمه (قال) و احتمل الإذن فی (الذکری) و الظاهر عدم (العدم ظ) لإطلاق النصوص و یؤیده الإذن فی نقضها مسجدا (بل) لو علم اشتراطهم عند الوقف عدم صلاة المسلمین فیها کان شرطهم فاسدا باطلا و کذا الکلام فی صلاة الشیعة فی مساجد المخالفین انتهی (قلت) الظاهر من الأخبار الحث علی ذلک فضلا عن جواز ذلک و علی ذلک استمرت طریقة الشیعة (و قد أجمعوا) علی جواز الصلاة فی البیع و الکنائس و ما وجدنا أحدا تعرض لاشتراط إذنهم (نعم) فی (الذکری) و (الروض) و (الروضة) و فی اشتراط إذن أهل الذمة احتمال تبعا لغرض الواقف و لإطلاق الأخبار بالصلاة فیها انتهی (و فیه) أنه لو ثبت مراعاة غرض الواقف لم یکن لإذنهم معنی و لا وجه إلا إذا علمنا أن الواقف أناط ذلک بنظر الناظر علی الوقف فیتجه اعتبار إذنه (الثانی) أنهم جمیعا معرضون عن تلک البقعة بالکلیة إعراض المسافر عن حطبه و علف دابته الذی لا شبهة فی صحة التملک بسببه و إن قصد المسافر انتفاع رفیقه الذی یأتی ذلک المنزل بعده (الثالث) أنهم قالوا فیمن اتخذ فی منزله مسجدا لنفسه و أهله إنه یجوز له تغییره و تضیقه إذا لم یقفه و لم یجر علیه اسم المسجدیة و أنه إذا جعله وقفا و أجری علیه الصیغة لا یختص به بل یصیر کسائر المساجد لأن ذلک فی معنی الشرط (الرابع) اتفاقهم علی جواز نقض البیع و الکنائس مع اندراس أهلها و (تمام الکلام) فی بحث المسجد و بحث المکان هذا (و قد اختیر) فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) فی المسألة (الکتاب) بطلان الشرط و العقد معا لأن الواقف ما رضی إلا بهذا الشرط و الأغراض تختلف فإذا بطل الوقف و لم یبینا لنا حال الصلاة (و لعلهما) یقولان بصحتها للأعراض و الأخبار (و اختار) فی (التذکرة) جواز الشرط بمعنی أنه یصح شرطه و یتبع عملا بالعمومات فی العقود و الشروط و قول مولانا الإمام العسکری (ع) الوقوف علی حسب ما یوقفها أهلها (و لا ترجیح) فی (الدروس) قال و فی جواز التخصیص فی المسجد نظر من قول مولانا العسکری (ع) و من أنه کالتحریر فلا یتصور فیه الاختصاص فإن أبطلنا التخصیص ففی بطلان الوقف نظر من حصول صیغته و لغو الشرط و من عدم القصد إلی غیر المخصص انتهی (و کیف کان) فالظاهر أنه یجوز للشیعة الصلاة فی مساجد (المخالفین) و (البیع) و (الکنائس) سواء اشترطوا أم لم یشترطوا لما عرفت مما تقدم و خصوصا الأخبار (و یزید) ما إذا لم یشترط أن ذکر قوم بأعیانهم لا یدل علی الاختصاص إلا بمفهوم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 108
بخلاف المدرسة و الرباط و المقبرة (1) و لو وقف فی سبیل اللّٰه تعالی انصرف إلی ما یتقرب به إلی اللّٰه تعالی کالجهاد و الحج و العمرة و بناء القناطر و عمارة المساجد و کذا لو قال فی سبیل اللّٰه و سبیل الخیر و سبیل الثواب و لا تجب القسمة أثلاثا (2) و إذا وقف علی أولاده اشترک البنون و البنات و الخناثی (3)
______________________________
اللقب فی کلام غیر الفقهاء فی عباراتهم (و یبقی الکلام) فیما إذا وقف (الأخباری) علی بعض الأخباریین مثلا و شرط عدم دخول البعض الآخر و هو ممن یعتد صحة صلاة الجمیع و (کذلک) الشافعی مثلا إذا وقف علی أهل مذهبه بشرط عدم صلاة الحنفیة و نحوهم فیه فعمومات الباب و غیره تقضی بالصحة (لکن) إجماعاتهم علی الظاهر علی أن وقف المسجد کتحریر العبد کما تقدم یقضی ببطلان الشرط و صحة العقد کما قاله (الشافعیة) فی بطلان الوقف و عدمه بفساد الشرط من أنه یبنی علی أن الوقف کالتحریر أم لا فیفسد علی الثانی دون الأول (لکنا) ما وجدنا فی الباب شرطا فسد إلا فسد به الوقف (إلا ما قاله) بعض (الشافعیة) من أنه إذا شرط فی الوقف أن لا یؤجر أکثر من سنة و کان الصلاح فی الزیادة لغی الشرط و صح الوقف (و هو تخریج) قوی متین سالم عن المعارض عند إمعان النظر و و ملاحظة أصول الباب بل أخبارنا الواردة فی جواز الصلاة فی مساجد المخالفین و الحث علیها ترشد إلی ذلک لأن کان ذلک أصلح للواقف و إنما زعم زعما فاسدا کما عرفت آنفا
(قوله) (بخلاف المدرسة و الرباط و المقبرة)
أی یجوز و یصح اشتراط التخصیص فی کل منها لأنها لم یوضع شی‌ء مشروطا بالعموم و إن کانت فک ملک کالتحریر و قد صرح بذلک فی المدرسة و المقبرة فی (الدروس) و فی المدرسة و الرباط فی (التذکرة) و فی (الإیضاح) الإجماع علی جوازه أی اشتراط التخصیص فیهما أی المدرسة و الرباط و قال إنه هو الفارق بینهما و بین المسجد
(قوله) (و لو وقف فی سبیل اللّٰه انصرف إلی ما یتقرب به إلی اللّٰه تعالی کالجهاد و الحج و العمرة و بناء القناطر و عمارة المساجد و کذا لو قال فی سبیل اللّٰه و سبیل الخیر و سبیل الثواب و لا تجب القسمة أثلاثا)
قد تقدم الکلام فی ذلک مستوفی فی أواخر المطلب الثانی عند قوله و لو وقف فی وجوه البر و أطلق فهو الفقراء و المساکین و کل مصلحة یتقرب بها إلی اللّٰه تعالی
(قوله) (و إذا وقف علی أولاده اشترک البنون و البنات و الخناثی)
أما اشتراک البنون و البنات فهو ضروری و کذلک الخناثی لأنها أولاد قطعا کما فی (التنقیح) و (جامع المقاصد) و یدخلن فی المنسوبین إلی ابن کالهاشمیة و بنی هاشم و لا یدخلن فی البنین و لا البنات فلو وقف علی البنین لم تدخل البنات و لا الخناثی و لو وقف علی البنات لم یدخل البنون و لا الخناثی بلا خلاف من أحد فی الصورتین و لو وقف علی البنین و البنات لم تدخل الخناثی لأنهن لا یحسبن من هؤلاء و لا من هؤلاء (و هو) خیرة (التذکرة) و (التحریر) و أصح وجهی (الشافعیة) أنهن یدخلن (و هو) خیرة (الکتاب) فیما یأتی و (جامع المقاصد) لأنه لا یخرج عنهما فی الواقع لأنه یستخرج بالعلامات و بدونهما یورث نصف النصیبین و لو کان صنفا برأسه لکان له حکم برأسه (و فیه) أنه کلام مع وجوه العلامة و لا دلالة لنصف النصیبین علی حصره فیهما لاحتمال کون الطبیعة الثالثة متوسطة النصیب فیمکن دلالته علی عدمه (و لا دلالة) أیضا فی قوله تعالی یَهَبُ لِمَنْ یَشٰاءُ إِنٰاثاً الآیة و فی (الدروس) أن الأقرب القرعة لأنها فی نفس الأمر من أحد الصنفین (قلت) الظاهر أن أهل العرف یحکمون بالدخول فی الفرض المذکور
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 109
و لا تدخل الحفدة علی رأی (1)
______________________________
(قوله) (و لا تدخل الحفدة علی رأی)
هو خیرة (أبی علی) فیما حکی و (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده و (الإیضاح) و (غایة المراد) و (التنقیح) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و إلیه یرجع (کلام المختلف) و هو الظاهر من (الوسیلة) و فی (المسالک) و (الکفایة) أنه مذهب الأکثر و فی (الریاض) أنه المشهور و (اختیر) فی (المقنعة) و (الکافی) و (النهایة) و (المهذب) و (السرائر) و (النافع) فی بعض نسخه و (اللمعة) و کذا (التحریر) أنها تدخل و فی (الکفایة) الأولی الرجوع إلی عرف القائل و القرائن و (فصل) فی (المختلف) بوجود القرائن و عدمها و هو یرجع إلی الأول (حجة الأولین) أن ولد الولد غیر مفهوم من إطلاق الولد و لهذا یصح سلبه عنه فیقال فی ولد الولد لیس ولدی بل ولد ولدی و أنه یلزم الاشتراک و المجاز خیر منه (و حجة القول) الآخر أنه قد استعمل الأولاد فیما یشمل أولادهم استعمالا شائعا و شرعا کقوله عز و جل یٰا بَنِی آدَمَ- یٰا بَنِی إِسْرٰائِیلَ- یُوصِیکُمُ اللّٰهُ فِی أَوْلٰادِکُمْ و الإجماع علی تحریم حلیلة ولد الولد ذکرا کان أو أنثی من قوله سبحانه و تعالی وَ حَلٰائِلُ أَبْنٰائِکُمُ و قوله (ص) لا تزرموا علی ابنی یعنی الحسن علیه السلام إلی غیر ذلک (و أجیب) عن ذلک بأنه مجاز لدلیل من خارج (قلت) لا ریب لأهل العرف فی عدم صحة السلب مطلقا و إنما یصح السلب عندهم مع القرینة فلا یصح أن یقال لیس بولدی و یسکت من دون إضراب بل لا بد من أن یضیف إلیه علی الفور قوله بل ولد ولدی (فدل) علی أنه حقیقة فیه علی سبیل التواطؤ أو التشکیک لأن الولد کما سیأتی موضوع للنسبة فیحمل علی معنی یشترکان فیه کمن ینتهی نسبه إلی و نحو ذلک و قوله فی (التذکرة) الأصل فیه أن الولد هو المتکون فی النطفة المتولد فیها (لا نجد) مصرحا به من أهل اللغة و لا یوافق ما تصرف من هذه المادة و إنما قالوا تولد شی‌ء من الشی‌ء نشأ منه (قلت) و إذا نشأ منه نسب إلیه بواسطة و بدون واسطة و هذه المغایرة الجزئیة بینهما بالواسطة و عدمها لا تخرجه عن التواطؤ أو التشکیک و تلحقه بالاشتراک أو المجاز فیکون التبادر لو کان من باب تبادر بعض أفراد المطلق علی بعض الوجوه و الأقوال (و لو لا ذلک) لما صح هذا الاستعمال الشائع من دون القرینة المقارنة و لا أطبق أکثر المتقدمین و جماعة من المتأخرین علی ذلک (مع) وضوح أدلة القول الآخر بحیث لا تخفی علی أحد لو تمت (و هی) صحة السلب و لزوم الاشتراک و قد قال مولانا الصادق (ع) فی خبر عابد الأحمسی لما قال له السلام علیک یا ابن رسول اللّٰه إی و اللّٰه أنا ولده و ما نحن بذوی قرابته و قال مولانا الباقر (ع) فی خبر أبی الجارود لأعطینکها من کتاب اللّٰه عز و جل أنهما یعنی الحسن و الحسین (ع) من صلب رسول اللّٰه (ص) لا یردها إلا کافر من حیث قال اللّٰه عز و جل حُرِّمَتْ عَلَیْکُمْ أُمَّهٰاتُکُمْ إلی قوله وَ حَلٰائِلُ أَبْنٰائِکُمُ الَّذِینَ مِنْ أَصْلٰابِکُمْ فسلهم یا أبا الجارود هل کان محل لرسول اللّٰه (ص) نکاح حلیلتهما الحدیث و قال هارون الرشید فی الخبر الذی تضمن مجیئهم إلی قبر النبی (ص) و قول مولانا الکاظم (ع) السلام علیک یا أباه أشهد أنه أبوه حقا و قال الصادق (ع) فی خبر محاسن البرقی و العیاشی و اللّٰه لقد نسب اللّٰه عیسی إلی إبراهیم و قال الباقر (ع) اللّٰه بیننا و بین من هتک سترنا و جحد حقنا و نسبنا إلی غیر جدنا (و رواه) فی (الکافی) إلی غیر ذلک (و لو کان) مجازا لما کان فی ذلک فخر و لم یکن لإنکار العامة علیهم (ص) وجه و ما کان محلا للمخاصمة و التشدید و الاستدلال علی ذلک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 110
إلا مع قرینة الإرادة مثل أن یقول و الأعلی یفضل علی الأسفل أو قال الأعلی فالأعلی أو قال وقفت علی أولاد فلان و لیس له ولد للصلب کما لو قال وقفت علی أولاد هاشم (1) و لو قال وقفت علی أولادی و أولاد أولادی اختص بالبطنین الأولین علی رأی (2) و لو قال علی أولاد أولادی اشترک أولاد البنین و أولاد البنات بالسویة (3)
______________________________
(غایة الأمر) أن ولد البنت لا یستحق الخمس للإجماع و الأخبار لا لأنه لیس بولد و قد اقتسموا فی المیراث بالتفاوت (و قد یستدل) علی خصوص أولاد البنین بقول الشاعر بنونا بنو أبنائنا (و کیف کان) فالظاهر أنه لا ریب فی صدق اسم الولد علیه لغة و الکلام فی العرف و قد عرفت أنه لا یصح سلبه عنه عرفا مطلقا (و الحفدة) أولاد الأولاد
(قوله) (إلا مع قرینة الإرادة مثل أن یقول و الأعلی یفضل علی الأسفل أو قال الأعلی فالأعلی أو قال وقفت علی أولاد فلان و لیس له ولد للصلب کما لو قال وقفت علی أولاد هاشم)
ذکر (ثلاث) قرائن أما (الأولی) فلأن تفضیل الأعلی علی الأسفل دلیل علی دخول الأسفل لامتناع التفضیل من دون الاشتراک و مثلها القرینة (الثانیة) إن کان الترتیب فیها و أما (الثالثة) فلأنه إذا علم أنه لیس له ولد لصلبه فالظاهر أنما یرید حفدته (و فیه) أن اللفظ لا یحمل علی مجاز إلا بقرینة حالیة أو مقالیة و لیست صحة العقد مما توجب صرف اللفظ عن حقیقته إلی مجازه (إلا أن تقول) القرینة حالیة لکنه أغفل ذلک و لم یلتفت إلیه فیما لو وقف علی أولاده فإذا انقرضوا أو انقرض أولاد أولاده فعلی الفقراء لأنه جعله منقطع الوسط (و قضیة) ما هنا أن یصحح العقد و أن یصرف الوقف بعد أولاده إلی أولاد أولاده کما یأتی فیه تمام الکلام فی أواخر الباب
(قوله) (و لو قال وقفت علی أولادی و أولاد أولادی اختص بالبطنین الأولین علی رأی)
هو صریح (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و کذا (التذکرة) و (الإیضاح) و لعدم شمول الولد لولد الولد حقیقة عنه هؤلاء و یجی‌ء علی القول الآخر اشتراک البطون المتنازلة فیه لاندراجها فی کل من أولادی و أولاد أولادی
(قوله) (و لو قال علی أولاد أولادی اشترک أولاد البنین و أولاد البنات بالسویة)
کما فی (الخلاف) و (المبسوط) و (الوسیلة) و (السرائر) و (الشرائع) و (النافع) فی بعض نسخه و (التذکرة) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (نص) علی الدخول و الاشتراک من دون تصریح بکونه علی السویة فی (الغنیة) و (التحریر) و (التبصرة) و (التنقیح) و (الکفایة) و فی (الغنیة) و (السرائر) الإجماع علی ذلک و أنه صرح فی (السرائر) بعد ذلک بأنه علی السویة فلم یکن التسویة داخلة فی معقد الإجماعین لکنها مرادة جزما (بل الإجماع) علی الاشتراک ظاهر (الخلاف) أیضا و فی (الروضة) أنه لا إشکال فیه (و الحاصل) أنه قد تسالمت الخصوم علی الاشتراک و الدخول (إذ هو) أیضا قضیة کلام (المقنعة) و (الکافی) و (النهایة) لکن الکلام فی شی‌ء آخر و هو إن کان المراد دخول أولاد الأولاد مطلقا فی الدرجة الأولی و المراد أولاد أولاده الذکور خاصة مطلقا أی فی الأولی و الثانیة و هکذا فلم یختلف فی ذلک اثنان أما الأولی فلأن صدق الأولاد علی الذکور و الإناث حقیقة مما لا ریب فیه فیصدق علی أولادهم ذکورا کانوا أو إناثا أنهم أولاد أولاد و إن اختلفوا فی صدق الأولاد علی أولاد الأولاد و أما الثانیة فلأن أولاد أولاده و إن نزلوا أولاد أولاده
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 111
و لو قال علی من انتسب إلی لم یدخل أولاد البنات علی رأی (1) و لا یدخل تحت الولد الجنین إلا بعد انفصاله حیا (2) و لا یدخل الخناثی تحت البنین و البنات إلا مع الجمع (3) و لو قال علی ذریتی أو عقبی أو نسلی دخل الأحفاد من أولاد البنین و البنات (4)
______________________________
حقیقة بلا خلاف لکن هذه الصورة غیر مرادة من العبارة (و إنما الخلاف) فی أولاد أولاده الإناث المتنازلة فی الدرجات فإن کان المراد أولاد أولاد الذکور الإناث من الدرجة الثانیة و الثالثة و هکذا فالخلاف موجود (إذ الشیخ) فی (المبسوط) و (من وافقه) مما ذکر بعده فی الحفدة لا یقولون بدخول أولاد الأولاد الإناث فی الدرجة الثانیة و ما بعدها (و المفید) و من ذکر بعده یقولون بدخولهم جزما (فینبغی) ملاحظة الفتاوی و الإجماعات فینزل کلام کل علی ما ذهب إلیه (و أما) اقتسامهم بالسویة فلاشتراکهم فی سبب الاستحقاق و هو مع ذلک قضیة الإطلاق مع عدم مخصص له من عرف مستمر و لا قرینة صارفة و قد عرفت الحال فی الخناثی
(قوله) (و لو قال علی من انتسب إلی لم تدخل أولاد البنات علی رأی)
موافق لما فی (الخلاف) و (المبسوط) و (الوسیلة) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التبصرة) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده و (الإیضاح) و (الدروس) و (غایة المراد) و (اللمعة) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و هو مذهب أکثر المشایخ کما فی (شرح الإرشاد) لولده و المشهور کما فی (المسالک) و (المفاتیح) و الأشهر کما فی (الروضة) عملا بدلالة اللغة و العرف و الاستعمال و فی (التحریر) فی دخول أولاد البنات نظر و فی (إیضاح النافع) أن الفرق ضعیف و فی (الکفایة) أن الأظهر الرجوع إلی عرف القائل و فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) أن الخلاف مع المرتضی و ابن إدریس (قلت) قد قال فی (السرائر) فی الباب إنما أراد الشاعر بقوله بنونا بنو أبنائنا البنت الانتساب بمعنی أن أولاد البنت لا ینسبون إلی أمهم و إنما ینسبون إلی أبیهم و لیس کلامنا فیه بل کلامنا فی الولادة و هی مستحقة من جهة الأم بغیر خلاف و یکون الذکر و الأنثی فیه سواء انتهی (و مثل ذلک) ما فی (الخلاف) فهو ممن یذهب فی (السرائر) إلی دخول الحفدة فی الأولاد کما حکینا عنه و لیس له فی باب الزکاة و الخمس ما یخالف ما حکیناه عنه فی الانتساب هذا (و قد سمعت) الأخبار الدالة علی دخول أولاد البنات فی الانتساب (و أعظمها) (خبر الکافی) و (خبر البرقی) فی المحاسن (و خبر) أبی الجارود فإن صدقت هذه الأخبار کان الخلاف و العیاذ باللّٰه عز و جل مع الباقر و الصادق (ع) و قد یتجشم تأویل ما عدا خبری الکافی و المحاسن
(قوله) (و لا یدخل تحت الولد الجنین إلا بعد انفصاله حیا)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) فلا یوقف له شی‌ء إلی حین انفصاله و لا یستحق شیئا فی الوقف قبل انفصاله لأنه لم تثبت له أحکام الدنیا قبل انفصاله و لأنه لا یسمی ولدا لأنه یحتمل أن لا یکون حملا (کما) صرح بذلک کله فی (التذکرة) و لم یحک الخلاف إلا عن (الشافعیة) فی الوجه الذی هو غیر الأصح عندهم
(قوله) (و لا یدخل الخناثی تحت البنین و البنات إلا مع الجمع)
قد تقدم الکلام مستوفی آنفا
(قوله) (و لو قال علی ذریتی أو عقبی أو نسلی دخل الأحفاد من أولاد البنین و البنات)
کما فی (الغنیة) و (السرائر) و (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و کذا (الجامع) و (الدروس) و المخالف فی ذلک أحمد و مالک و فی (الغنیة) إذا وقف علی عترته فهم ذریته بدلیل الإجماع و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 112
و لو قال علی أولادی و أولاد أولادی فهو للتشریک (1) و لا یختص الأقرب إلا بالشرط (2) و لو عطف بثم أو بالفاء اقتضی الترتیب (3) و کذا لو قال الأعلی فالأعلی (4) و لا یستحق البطن الثانی شیئا حتی ینقرض البطن الأول أجمع فلو بقی و لو واحد کان الجمیع له (5) و لو قال وقفت علی أولادی و أولادهم ما تعاقبوا علی أن من مات منهم عن ولد فلولده نصیبه اقتضی الترتیب بین الأدنی و والده و التشریک بین الولد و أمه (6)
______________________________
فی (السرائر) أنهم الأخص به من قومه نص علی ذلک تغلب و ابن الأعرابی إلی أن قال و لم یصحح نقاد الآثار و نقلة الأخبار قول أبی بکر نحن عترة رسول اللّٰه (ص) و قال فی (التذکرة) إن تغلبا و ابن الأعرابی نصا علی أن عترته ذریته و قال العبسی إنهم ذریته (و حکی) کلام ابن (إدریس) و قال المرجع فی ذلک کله إلی أهل اللغة (قلت) المرجع إلی عرف القائل و فی (المقنعة) و (النهایة) أن العشیرة الخاص به من قومه الذین هم أقرب الناس إلیه و فی (الدروس) أن العترة أخص من العشیرة و أعمّ من الذریة و قال فی (التذکرة) لو حدث حمل فالأقرب دخوله و یوقف نصیبه لأنه من نسله و عقبه و مراده أنه حیث یعلم أنه حمل
(قوله) (و لو قال علی أولادی و أولاد أولادی فهو للتشریک)
کما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و کذا (الجامع) و (الدروس) و (الکفایة) لعدم ما یدل علی الترتیب لأن الواو للجمع المطلق فیستوی البطن الأول و الثانی و من بعدهما فی الاستحقاق و کل من تجدد من البطون یشارک من سبقه إذا کان موجودا و قال فی (التذکرة) و لا فرق بین أن یقول ما تناسلوا و تعاقبوا أو بطنا بعد بطن و لا یقول ذلک و یحمل علی التعمیم فی الجمیع (قلت) و هو قضیة الباقین خصوصا ممن صرح بما یأتی من قوله و لو عطف بثم إلی آخره و من الغریب قوله فی الکفایة إنه لو قال بطنا بعد بطن فالأشهر أنه یفید الترتیب إذ لم نجدا حدا صرح بذلک
(قوله) (و لا یختص الأقرب إلا بالشرط)
کما هو قضیة کلام الجماعة و به صرح فی (التحریر) و (جامع المقاصد)
(قوله) (و لو عطف بثم أو الفاء اقتضی الترتیب)
کما فی (المبسوط) و (ما ذکر) بعده و علیه نبه فی (الجامع) أن الحرفین موضوعان لذلک
(قوله) (و کذا لو قال الأعلی فالأعلی)
کما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و الدروس و (جامع المقاصد) و (الکفایة) لأن المراد الأعلی مطلقا و بعده الأعلی من الباقین و هکذا و (مقتضی) ذلک عدم استحقاق الأسفل شیئا ما لم ینقرض الأعلی أجمع (و مثله) الأقرب فالأقرب و الأول فالأول أو علی أولادی فإذا انقرضوا فعلی أولادهم کما صرح بذلک کله فی (التحریر)
(قوله) (و لا تستحق البطن الثانی شیئا حتی ینقرض البطن الأول أجمع فلو بقی و لو واحد کان الجمیع له)
کما هو ظاهر و به صرح الجماعة و هو قضیة کلام (الدروس)
(قوله) (و لو قال وقفت علی أولادی و أولادهم ما تعاقبوا علی أن من مات منهم عن ولده فلولده نصیبه اقتضی الترتیب بین الأدنی و والده و التشریک بین الولد و عمه)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (الکفایة) لأن ذلک هو المتبادر من هذه الصیغة عرفا و لغة لأن قوله علی أن من مات منهم عن ولد فلولده نصیبه لبیان معنی الصیغة و کیفیة ما اقتضته من الاستحقاق و لیس استحقاق ولد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 113
و لو رتب البعض و شرط البعض و شرک فیمن شرک بینهم و رتب فیمن رتب کقوله وقفت علی أولادی ثم علی أولاد أولادی و أولادهم ما تعاقبوا و تناسلوا أو وقفت علی أولادی و أولاد أولادی ثم علی أولادهم ما تعاقبوا الأعلی فالأعلی (1) و لو قال وقفت علی أولادی الثلاثة و من مات منهم عن ولد فنصیبه لولده و عن غیر ولد فنصیبه لأهل الوقف فلو خلف أحدهم ولدین فنصیبه لهما فلو مات الثانی عن غیر ولد فنصیبه بین الثالث و الولدین أثلاثا (2) ثم إن مات أحد الولدین عن غیر ولد فنصیبه لعمه و لأخیه (3) و لو مات أحد الثلاثة عن غیر ولد و خلف أخویه و ابنی أخ له فنصیبه لأخویه خاصة (4) و إن مات أبوهما صار نصیبه لهما و صار ما خلفه الأول أثلاثا (5)
______________________________
الولد استحقاقا آخر حتی یکون لولد الولد استحقاقان لبعده عن مراد الواقف مع کونه خلاف الظاهر المنساق لو سلمنا قیام هذا الاحتمال لنفاه الأصل فحینئذ إذا مات الولد شارک ولده عمه فإذا مات ولد آخر عن غیر ولد کان نصیبه لإخوته (و لا یستحق) ولد الولد الذی أخذ سهم أبیه شیئا (نعم) لو قال علی أن من مات منهم عن ولد فنصیبه لولده و من لا ولد له فنصیبه لأهل الوقف استحق ولد الولد الذی أخذ سهم أبیه لأنه من أهل الوقف و شارک علی السویة کما یأتی فی کلام المصنف
(قوله) (و لو رتب البعض و شرک البعض شرک فیمن شرک بینهم و رتب فیمن رتب کقوله وقفت علی أولادی ثم علی أولاد أولادی و أولادهم ما تعاقبوا و تناسلوا أو وقفت علی أولادی و أولاد أولادی (و ثم خ) علی أولادهم ما تعاقبوا الأعلی فالأعلی)
یرید أنه إذا جمع الواقف فی وقفه بین الترتیب و التشریک وجب اتباع ما قال إذ قد انعقد الإجماع علی أنه یجب اتباع ما شرطه الواقف فی وقفه إذا لم یخالف مقتضی الشرع و لا مقتضی الوقف و قد مثل المصنف هنا و فی (التحریر) و کذا (جامع المقاصد) لذلک بمثالین فالأول لما إذا بدئ بالترتیب ثم شرک و علیه اقتصر فی (المبسوط) و الثانی للعکس
(قوله) (و لو قال وقفت علی أولادی الثلاثة و من مات منهم عن ولد فنصیبه لولده و عن غیر ولد فنصیبه لأهل الوقف فلو خلف أحدهم ولدین فنصیبه لهما فلو مات الثانی عن غیر ولد فنصیبه بین الثالث و الولدین أثلاثا)
کما صرح بذلک کله فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (الکفایة) و (الوجه فی الکل ظاهر و إنما یحتاج إلی البیان فی الجملة قسمة نصیب المیّت الثانی عن غیر ولد بین أخیه الثالث الباقی و ابنی أخیه الذی فرض موته أولا عن ولدین و وجهه أنهم جمیعا من أهل الوقف و لا مقتضی لتفضیل أحدهم علی الآخر فیقتسمون أثلاثا
(قوله) (ثم إن مات أحد الولدین عن غیر ولد فنصیبه لأخیه و عمه)
کما صرح به فی الکتب الأربعة المذکورة آنفا لانحصار أهل الوقف فیهما
(قوله) (و لو مات أحد الثلاثة عن غیر ولد و خلف أخویه و ابنی أخ له فنصیبه لأخویه خاصة)
و لیس لابنی أخیه شی‌ء لأنهما لیسا من أهل الوقف لأن أباهما حی و إنما أهله من انحصر الوقف فیهما و هما أخواه خاصة و به صرح فی الکتب الأربعة
(قوله) (فإن مات أبوهما صار نصیبه لهما و صار ما خلفه الأول أثلاثا)
کما فی (جامع المقاصد) و قواه فی (الکفایة) و معناه أنه یصیر نصیب أبیهما الأول الذی أخذه عن أبیه قبل موت أخیه لهما خاصة و یصیر الآن ما خلفه أخوهما الذی مات قبل أبیهما بینهما و بین عمهما الباقی أثلاثا لأنهم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 114
و لو قال وقفت علی أولادی علی أن یکون للبنات ألف و الباقی للذکور لم یستحق الذکور شیئا حتی تستوفی البنات (1) و لو شرط إخراج بعضهم بصفة أورده بها جاز کقوله من تزوج منهن فلا نصیب له فلو تزوجت سقط نصیبها فإن طلقت عاد (2)
______________________________
الآن أهل الوقف و قد شرط الواقف أن من مات عن غیر ولد یکون نصیبه لأهل الوقف و لم یقید أهل الوقف بکونهم أهله حین موته فلا فرق بین کونهم أهله وقت موته أو لا و فی اشتراکهم فی نصیب المیّت عن غیر ولد فیقسم الوقف علی ثمانیة عشر ستة لهما عن أبیهما و ستة لعمهما و ستة تقسم بینهم فلکل منهما خمسة من ثمانیة عشر و لعمهما ثمانیة منها (و اختار) فی (التحریر) و (التذکرة) کما أفصح به آخر کلامه فیها و کذا الشهید فی (الحواشی) أن الوقف یقسم نصفین نصف لهما و نصف لعمهما کما کان قبل موت أبیهما لأن أباهما و عمهما کانا أرباب الوقف حال موت عمهما و کان یقسم بینهما نصفین فیستقر علی ذلک لعدم وجود سبب مزیل و لأن قول الواقف فنصیبه لولده شامل لما استحقه المیّت الثانی بموت أخیه الأول من نصیبه لصدق النصیب علی جمیع استحقاقه و ذلک من جملته و قال الشهید و لأنه لو صح فی هذه الثلاثة لم یتم فی باقی الحصص بالنظر إلی البطون المشارکة (إلا أن تقول) کما فی (جامع المقاصد) إن قوله بعد فنصیبه لأهل الوقف یدافع شمول قوله فنصیبه لولده لما استحقه بموت أخیه فلا بد أن یحمل نصیب کل منهما علی ما استحقه من دون موت غیره حذرا من التدافع (و فیه) أنه یمکن أن یقال المتبادر من قوله فنصیبه لأهل الوقف أهله حین موته و لا تخص النصیب بما أخذه من أبیه لأنه مطلق یتناول أیضا ما أخذه عن أخیه فلا ندافع و قد یمنع ما قاله الشهید من أنه لا یتم فی باقی الحصص بأن الحال فی المرتبة الثانیة أن من مات عن غیر ولد فحصته للباقین من أهل الوقف دون ولد من کان ذا ولد منهم فإذا مات الوالد استحق ولده حصته التی کانت له قبل موت أخیه خاصة و شارک الباقین فی حصة الأول لکن لا أظن أنهم یقولون إنه إذا مات العم الثالث و خلف ولدا ثم مات الولد و خلف ولدا إن ابنی المیّت الثانی یشارکان ولد العم الثالث فی الاثنین الزائد عن الستة و یشارکان ولد ولده فی الجزء الذی حصل له من الاثنین و هکذا حتی یبقی له شی‌ء لا یکاد ینتفع أنه لبعید عن مراد الواقف و لهذا لم یذکر فی (التذکرة) ما ذکره هنا قولا بل و لا احتمالا لأحد حتی من العامة (نعم) احتمله فی (التحریر) احتمالا
(قوله) (و لو قال وقفت علی أولادی علی أن یکون للبنات ألف و الباقی للذکور لم یستحق الذکور شیئا حتی تستوفی البنات)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) لأنه جعل للبنات المسمی و جعل للبنین الفاضل عنه فکانت البنات کذوی الفروض و البنین کالعصبات کل ذلک لمکان الشرط
(قوله) (و لو شرط إخراج بعضهم بصفة أورده بها جاز کقوله من تزوج منهن فلا نصیب له فلو تزوجت سقط نصیبها فإن طلقت عاد)
کما فی (المبسوط) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (الروض) مع تقیید الطلاق فیما عدا (المبسوط) بالبائن و کذا (التذکرة) فی أصل المسألة علی احتمال کما ستعرف لکن فی خصوص بناته لا أمهات أولاده (و إطلاق) عبارة الکتاب و ما ذکر بعده یقتضی عدم الفرق بین کون الموقوف علیهن بناته أو أمهات أولاده حیث یصح الوقف علی أمهات الأولاد کأن یکون أعتقهن أو أوصی بالوقف علیهن بعد موته (و قد) فرق فی (التذکرة) بین ما إذا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 115
و إن کان رجعیا علی إشکال (1) و إذا وقف علی الفقراء انصرف إلی فقراء البلد و من یحضره و لو غاب أحدهم لم یجب التربص بسهمه بل یجوز قسمته علی غیره و الأقرب أنه لا یجوز الدفع إلی أقل من ثلاثة و کذا علی کل قبیلة منتشرة أما المنحصرة فتجب التسویة و الاستیعاب فیهم و لو أمکن فی ابتداء الوقف
______________________________
وقف علی بناته الأرامل بمعنی أنه شرط کونهن أرامل و أمهات أولاده إلا من تزوج منهن حیث استثنی منهن و لم یشترط فحکم بأن من تزوجت من أمهات الأولاد خرجت عن الاستحقاق و لا یعود استحقاقها إن طلقت بخلاف البنات (و جعل) الفرق من جهة اللفظ و من جهة المعنی (فالأول) أنه أثبت الاستحقاق لبناته إذا کن أرامل فمن طلقت منهن حصلت الصفة فیها و أثبته لأمهات الأولاد لأن تتزوج و هذه و إن طلقت صدق علیها أنها تزوجت و (أما الثانی) أعنی الذی من جهة المعنی فلأن غرض الواقف هنا أن تفی له أمهات الأولاد بأن لا یخلفه علیهن غیره فمن تزوجت منهن لم تکن قد وفت طلقت أو لم تطلق و تردد فی (الدروس) فیما لو شرط قال لو شرط عدم تزویج أمهات أولاده اتبع فلو طلقت ففی عودها إلی الوقف تردد من خروجها عن الشرط و من صدق الوصف و زوال المانع و قیل لو قال علیهن إلا من تزوجت منهن فتزوجت سقط حقها بالکلیة لأن الاستثناء إخراج و الأصل عدم العود و کذا لو شرط فی بناته (و ربما فرق) بأن الغرض فیهن الاکتفاء و فی الإماء الوفاء فإذا تزوجن لم یفن انتهی فقد تردد فیما إذا اشترط فی البنات و الإماء لأن قوله و کذا لو شرط معناه أن فیه التردد و (حکی) عن (التذکرة) علی الظاهر فیما إذا استثنی فی الإماء ما سمعت (و لا یخفی) أن الدلیل الثانی من دلیلی (التذکرة) یقضی بعود حق البنات و إن وقف علیهن و استثنی من تزوجت فلا فرق فیهن (حینئذ) بین أن یشترط أو یستثنی و لم یبین لنا ما إذا شرط فی أمهات الأولاد إلا أن تقول إنه یفهم حاله من الدلیل الثانی و (کیف کان) فوجه ما فی الکتاب علی إطلاقه أن الوقف علیهن یتناول جمیع الأحوال و الأزمان فإذا خرج منها زمان الزوجیة بقی الباقی علی شموله فالأولی أن یقال إن عمم الأحوال و الأزمان فی صیغة الوقف کما إذا وقف علیهن فی جمیع الأحوال إلا حال الزوجیة فینبغی الحکم بالعود إن استثنی أو شرط فی البنات و الإماء و إن لم یعمم ففی العود فی الصورتین فی البنات و الإماء تأمّل إلا أن یعلم قصد الواقف فیتبع فلیلحظ و لیتأمّل
(قوله) (و إن کان رجعیا علی إشکال)
ینشأ من أنها بحکم الزوجة و لهذا تجب نفقتها و ترث و لیس کل طلاق یقتضی رفع النکاح و لهذا لا تجوز الخامسة و لا أختها و نمنع صحة السلب و (الاستصحاب) یقضی باستمرار منع الاستحقاق إلی البینونة بل الطلاق الرجعی لیس مزیلا للنکاح فی الحال بل معد للزوال (و هو خیرة) (جامع المقاصد) (و قد سمعت) ما فی (الإرشاد) و (الروض) من التقیید بالبائن و من أنها مطلقة و الطلاق یقضی برفع النکاح و أنها یصدق علیها أنه لیست بزوجتی بل مطلقة و صحة السلب دلیل المجاز و الإطلاق لا یحمل علیه (و قد سمعت) إطلاق (المبسوط) و هو خیرة (الإیضاح) و لعله الأصح لأن ما ذکر فی توجیه الأول کما تری و لا ترجیح للشهید فی الحواشی
(قوله) (و إذا قال وقفت علی الفقراء انصرف إلی فقراء البلد و من یحضره و لو غاب أحدهم لم یجب التربص بسهمه بل یجوز قسمته علی غیره و الأقرب أنه لا یجوز الدفع إلی أقل من ثلاثة و کذا کل قبیلة منتشرة أما المنحصرة فتجب التسویة و الاستیعاب فیهم و لو أمکن فی ابتداء الوقف (2) استیعابهم ثم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 116
استیعابهم ثم انتشروا فالأقرب وجوب التعمیم فیمن یمکن و التسویة لأن الواقف أراد التسویة و التعمیم لإمکانه فإذا تعذر بعد ذلک وجب العمل بما أمکن بخلاف المنتشرین ابتداء و لو وقف علی مستحقی الزکاة فرق فی الثمانیة (1) و أعطوا کما یعطون هناک فیعطی الفقیر و المساکین ما یتم به غناه (2) و الغارم قدر الدین و المکاتب ما یؤدی به الکتابة و ابن السبیل ما یبلغه و الغازی ما یحتاج إلیه لغزوه و إن کان غنیا (3) و لو وقف علی من یجوز علیه الوقف ثم علی من لا یجوز الوقف علیه فهو منقطع الانتهاء یرجع إلی ورثته میراثا بعد انقراض من یجوز الوقف علیه (4)
______________________________
انتشروا فالأقرب وجوب التعمیم فیمن یمکن و التسویة لأن الواقف أراد التسویة و التعمیم لإمکانه فإذا تعذر بعد ذلک وجب العمل بما أمکن بخلاف المنتشرین (ابتداء) قد تقدم الکلام فی ذلک کله مسبغا عند قوله فی شرائط الموقوف علیه و لو وقف علی قبیلة عظیمة
(قوله) (و لو وقف علی مستحق الزکاة فرق فی ثمانیة)
أی الثمانیة الأصناف المذکورة فی القرآن کما صرح بذلک فی (المقنعة) و (النهایة) و (المهذب) و (السرائر) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و فی الأخیر أنه لا ریب فی أن مستحقه الأصناف الثمانیة لکن هل یجب تفریقه فی الأصناف الثمانیة أم یکفی صرف الجمیع فی بعض الأصناف (ذکر شیخنا) فی (الدروس) فیه قولین یلتفتان إلی أن عدد الأصناف محصور و إن تعددت الأشخاص فیجب الاستیعاب فی المحصور عملا بشرط الواقف و إلی أن انحصار عدد الأصناف لا یؤثر لأن الموقوف علیهم منتشرون فلا یجب التعمیم (قال) و کل منهما محتمل (قلت) لکن الظاهر الثانی مع أنه أشبه بالأصول و هو خیرة (التحریر) و فی (الحواشی) أنه المنقول (قلت) و ربما تعین فی هذا الزمان إذ لا مؤلفة و لا ریب فی جواز إعطاء المؤلفة إذ لیس ذلک وقفا علی الکافر بل هو فی الحقیقة من مصالح الإسلام و المسلمین و لم نجد هذین القولین فینا و لا فی العامة
(قوله) (و أعطوا کما یعطون هناک فیعطی الفقیر و المسکین ما یتم به غناه)
یحتمل أن یکون أراد بما یتم به غناه أنه یعطی غناه لأنه حکم الزکاة و لأصالة الجواز لمکان الاستحقاق و انتفاء الدلیل علی التقدیر و لعله الأظهر من العبارة و فی (جامع المقاصد) أن فیه قوة و یحتمل أن یکون أراد به مئونة سنتهما و فی (الحواشی) أنه أقوی و هما قولان ذکرهما فی (الدروس) و قال فی (التحریر) و لا یجب أن یعطی مثل ما یعطی فی الزکاة فلا یعطی الغارم بشرط أن یصرفه فی الغرم و لا المکاتب بشرط أن یصرفه فی کتابته لأنهم استحقوا ذلک لاتصافهم بتلک الصفة من حیث الوقف لا من حیث الزکاة فلهم التصرف کیف شاءوا بخلاف الزکاة فإنها لبیان المصرف انتهی و قوله لهم التصرف یخالف ما تقدم من أنه لا یصح الوقف علی المکاتب
(قوله) (و الغارم قدر الدین و المکاتب ما یؤدی به الکتابة و ابن السبیل ما یبلغه و الغازی ما یحتاج إلیه لغزوه و إن کان غنیا)
و حکم غیرهم ظاهر و لذلک لم یتعرض له لأن العاملین إنما یعطون أجرهم و العبید تحت الشدة إنما یشترون بثمن المثل و أمر المؤلفة إلی نظر الحاکم أو نائبه و ظاهره هنا یخالف ما سمعته عن التحریر
(قوله) (و لو وقف علی من یجوز الوقف علیه ثم علی من لا یجوز الوقف علیه فهو منقطع الانتهاء یرجع إلی ورثته میراثا بعد انقراض من یجوز الوقف علیه)
قد تقدم فی أوائل الباب أن من
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 117
و لو انعکس فهو منقطع الابتداء و فیه قولان فإن قلنا بالصحة فإن کان الأول مما لا یمکن اعتبار انقراضه کالمیت و المجهول و الکنائس صرف فی الحال إلی من یجوز الوقف علیه و إن أمکن اعتبار انقراضه کالعبد و الحربی ففی الانتقال فی الحال أو بعد الانقراض احتمال (1) و کذا البحث إذا کان صحیح الطرفین منقطع الوسط أو بالعکس (2) فلو وقف المریض علی ابنه و بنته و لا وارث غیرهما دفعة دارا هی ترکته فإن أجاز ألزم و إلا صح الثلث وقفا بینهما بالسویة أو علی ما شرط و الباقی طلقا (3)
______________________________
شرط الوقف التأبید فإذا وقف علی من ینقرض غالبا کما لو وقف علی أولاده و اقتصر أو ساقه إلی بطون تنقرض غالبا أو وقف علی من یجوز الوقف علیه ثم علی من لا یجوز الوقف علیه فهو فی الجمیع منقطع الانتهاء یرجع إلیه أو إلی ورثته میراثا (و قد حکیناه) عما یزید علی (عشرین کتابا) و أن صریح بعض هؤلاء و ظاهر الآخر أنه یکون حبسا و حکینا عن ظاهر (المقنعة) و (السرائر) و کذا (الغنیة) و (التحریر) و (المختلف) أنه یرجع إلی ورثة الموقوف علیه و أن صریح بعضهم و ظاهر الآخر أنه یکون وقفا (و قلنا) إنه حکی فی (الخلاف) و (المبسوط) القول بالبطلان عن بعض أصحابنا و لم نجده و إنه یظهر من (التذکرة) أنه لم یظفر به أیضا و استوفینا الکلام أکمل استیفاء (و قد قال) هنا فی (التحریر) و کذا (التذکرة) إن قلنا بصحة المنقطع صح هنا و صرف بعد انقراض من یصح الوقف علیه إلی من یصرف إلیه نفع المنقطع
(قوله) (و لو انعکس فهو منقطع الابتداء و فیه قولان فإن قلنا بالصحة فإن کان الأول فما لا یمکن اعتبار انقراضه کالمیت و المجهول و الکنائس صرف فی الحال إلی من یجوز الوقف علیه و إن أمکن اعتبار انقراضه کالعبد و الحربی ففی الانتقال فی الحال أو بعد الانقراض احتمال)
هذا أیضا قد تقدم الکلام فیه فی أوائل الباب بما هو من خواص هذا الکتاب
(قوله) (و کذا البحث إذا کان صحیح الطرفین منقطع الوسط و بالعکس)
و مثله ما فی (جامع المقاصد) و قد احتمل أیضا فی الأصل و العکس الصحة و البطلان فی (التذکرة) و (التحریر) و قال فیهما و علی تقدیر الصحة نظر فیما لا یجوز الوقف علیه فإن لم یمکن انقراضه ألغیناه و إلا ففی إلغائه و اعتبار انقراضه وجهان (و قال) فی (الدروس) فی الأصل احتمل الصحة فی الطرفین و صرف غلته فی الوسط إلی الواقف قال فی العکس هو کمنقطع الأول فی البطلان (و أنت) إذا أردت معرفة حقیقة الحال فی هاتین فالحظ ما کتباه هناک فی تینک المسألتین
(قوله) (فلو وقف المریض علی ابنه و بنته و لا وارث غیرهما دفعة دارا هی ترکته فإن أجاز ألزم و إلا صح الثلث وقفا بینهما بالسویة أو علی ما شرط و الباقی طلقا)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) لکن لم تذکر الدفعة فی (التذکرة) و (الحریر) و المصنف قد قصد بها الاحتراز عما لو وقف علی التعاقب فإن السابق یتقدر من الثلث (و لعله) استغنی عنها فی (الکتابین) بقوله دارا هی ترکته و لذلک ترکها فی المسألة التی بعدها فتأمّل و الوجه فی فرض کونها هی ترکته أنه لو ملک غیرها زاد الثلث فلم یتحقق ما ذکر (و کیف کان) فإن أجازا معا فلا بحث کما فی (جامع المقاصد) و إلا یجیزا الوقف بالکلیة کما هو الظاهر المتبادر و إن کانت العبارة محتملة للشق الآخر صح الثلث وقفا بینهما بالسویة و یبقی الثلثان طلقا تقسمان بینهما أثلاثا و تصح من ثمانیة عشر لأنا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 118
و کذا لو وقف علی وارثه الواحد جمیع ترکته کان لازما من الأصل مع الإجازة و من الثلث مع عدمها (1) و یصح من ثمانیة عشر للابن ثلاثة وقفا و ثمانیة ملکا و للبنت ثلاثة وقفا و أربعة ملکا (2) و لو اختار الابن إبطال التسویة دون إبطال الوقف بطل الوقف فی التسع و رجع إلیه ملکا فیصیر له النصف وقفا و التسع ملکا و للبنت السدس و التسعان وقفا إن أجازت الوقف أیضا لأن للابن إبطال الوقف فیما له دون ما لغیره (3)
______________________________
نطلب أقل عدد له ثلث و لثلثه نصف فعمدنا إلی الثلاثة فرأینا ثلثها لا ینقسم نصفین و مخرج النصف من اثنین فضربنا اثنین فی ثلاثة فکان الحاصل ستة لکن ثلثیها لا ینقسمان أثلاثا فانکسرت فی مخرج الثلث فضربنا ثلاثة فی ستة فالحاصل ثمانیة عشر ثلثها و هو ستة تکون وقفا بینهما بالسویة و الباقی اثنا عشر ثمانیة للابن ملکا و أربعة للبنت کذلک فقوله و تصح من ثمانیة عشر بیان لما إذا لم یجیزا و ما بینهما تعرض
(قوله) (و کذا لو وقف علی وارثه الواحد جمیع ترکته کان لازما من الأصل مع الإجازة و من الثلث مع عدمها)
وجهه ظاهر مما تقدم و لو أتی بفی مکان من لکان أحسن
(قوله) (و یصح من ثمانیة عشر للابن ثلاثة وقفا و ثمانیة ملکا و للبنت ثلاثة وقفا و أربعة ملکا)
قد عرفت أنه تفریع علی الرد و عدم الإجازة
(قوله) (و لو اختار الابن إبطال التسویة دون إبطال الوقف بطل الوقف فی التسع و رجع إلیه ملکا فیصیر له النصف وقفا و التسع ملکا و للبنت السدس و التسعان وقفا إن أجازت الوقف أیضا لأن للابن إبطال الوقف فیما له دون ما لغیره)
قد ذکر فی (التذکرة) لجماعة من (العامة) فی المسألة ثلاثة أوجه (و قد اختار) هنا هذا الوجه و بیانه أن الوقف ماض فی الثلث من غیر اعتبار رضا الورثة فالباقی علی تقدیر نفوذ الوقف فیه و هو اثنا عشر للابن نصفه و هو ستة و علی تقدیر عدم التسویة له ثلثاه ثمانیة فیکون إبطال التسویة مقتضیا لإبطال الوقف فیما به التفاوت بین الستة و الثمانیة و هما اثنان تسع الأصل فیکون للابن النصف وقفا و التسع و هو اثنان ملکا و الباقی للبنت وقفا إن أجازت و إلا فلها السدس وقفا و التسعان ملکا و هما أربعة من اثنی عشر لأن الابن إنما یملک إبطال الوقف فیما له دون ما لغیره (و الوجه الثانی) أن للابن إبطال الوقف فی السدس فیکون له النصف وقفا و التسع ملکا و للبنت الثلث وقفا و نصف التسع ملکا لأنه أبطله فی السدس الذی هو ثلثه رجع میراثا فیأخذ منها اثنین و البنت واحدا هو نصف التسع هذا إذا أبطل التسویة و قال فی (التذکرة) فیما إذا بطل الوقف قال بعض العامة بطل الوقف فیما زاد علی نصیب البنت و هو السدس و یرجع إلی الابن ملکا فیکون له النصف وقفا و السدس ملکا طلقا و الثلث للبنت و لیس بشی‌ء و المسألة من ثمانیة عشر و قوله لأن للابن تعلیل لقوله و للبنت السدس و التسعان وقفا إن أجازت (و الوجه الثالث) أن له إبطال الوقف فی الربع کله فیصیر النصف للابن وقفا و السدس ملکا و یکون للبنت الربع وقفا و نصف السدس ملکا کما لو کانت الدار تخرج من الثلث و تصح من اثنی عشر و هذه المسائل کلها مشکلة لعدم تحقق القبول خصوصا مع عدم الإجازة و بقی من الأقسام ما إذا أجاز الابن و ردت البنت فلها أربعة طلقا و خمسة وقفا و للابن الباقی وقفا (و أما) إذا أجازت البنت و رد الابن فللبنت سبعة وقفا و للابن ثلاثة وقفا و ثمانیة طلقا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 119
و لو قال وقفت علی زید و المساکین فلزید النصف (1) و لو قال علی زید و عمرو و المساکین فلزید و عمرو ثلثان (2) و لو وقف علی موالیه صرف إلی الموجودین من الأعلی أو الأدون (3) فإن اجتمعا فإلی من تعین منهما (4) فإن أطلق فالأقرب البطلان و قیل بالتشریک (5)
______________________________
(قوله) (و لو قال وقفت علی زید و المساکین فلزید النصف)
کما فی (جامع المقاصد) لأنه أوصی لفریقین فلا ینظر إلی أحدهما کما لو وقف علی قبیلتین مختلفتین فی العدد و الأصل عدم التفاضل فی المشترکین فی العطف و لاستواء نسبة الجمیع إلی العقد فلا أولویة و قال فی (التذکرة) یبنی علی ما إذا أوصی لزید و للفقراء فإن جعلناه کأحدهم صح الوقف و لا یحرم زید و إن جعلنا النصف له صح الوقف فی نصف الفقراء و کان زید منقطع الآخر فإن لم یصح فی حقه صح فی نصیب الفقراء (قلت) قد تقدم أن فی منقطع الآخر أقوالا ثلاثة صحته حبسا و صحته وقفا و بطلانه و إنا لم نظفر بالقائل بالبطلان (و لهم) فیما إذا أوصی لزید و المساکین (أقوال) (الأول) و هو مذهب الأکثر کما فی (الکفایة) أن لزید النصف و هو خیرة (المبسوط) و (الوسیلة) و (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (الثانی) أن له الربع و قد قال فی (المبسوط) إنه قوی بعد أن قال إن الأول أقوی کما حکینا عنه (و الثالث) أنه یکون لواحد منهم و هو خیرة (الإیضاح) بلفظ الأصح و لعل معناه أنه یعطی سهما من سهام القسمة فإن قسم علی أربعة کان له الخمس و إن قسم علی خمسة فالسدس و هکذا و یکون تخصیصه بالذکر حتی لا یحرم و إن کان غنیا (و الفرق) بینه و بین الثانی أن النظر فی الثانی أن أقل الفقراء ثلاثة فیکون کأحدهم فیکون له الربع (و فیه) أن التشریک بین زید و الفقراء لا بینه و بین آحادهم ثم إن التشریک لو کان بینه و بین الآحاد لما لزم الحکم بالربع لأن الفقراء لا تنحصر فی ثلاثة (و للعامة) وجوه أخر منها أنه یعطی أقل ما یتمول و لا یجوز حرمانه و إن کان غنیا و منها إن کان فقیرا فهو کأحدهم و تخصیصه للاهتمام به و إن کان غنیا فله النصف (و کیف کان) فالذی ینبغی أن یراد فی مسألتنا إما الأول أو الثالث فإن کان الثالث کان وقفا حقیقیا و إن کان الأول جاءت فیه الأقوال الثلاثة
(قوله) (و لو قال علی زید و عمرو و المساکین فلزید و عمرو ثلثان)
هذا یعلم حاله مما تقدم
(قوله) (و لو قال علی موالیه صرف إلی الموجودین من الأعلی أو الأدون)
لوجود ما یحمل علیه اللفظ حقیقة و لم یختلف فیه اثنان من علماء الإسلام و ظاهر (المسالک) الإجماع علیه نعم احتمل البطلان فی وصایا (التذکرة) و (جامع المقاصد) لأن إبهام اللفظ لا یختلف بأن توجد محامله أو لا توجد
(قوله) (فإن اجتمعا فإلی من تعین منهما)
بقرینة دالة علی ذلک کما هو واضح و فی (المسالک) لا إشکال فیه و مثله ما لو کانت هناک قرینة معینة لهما معا و مثله ما انتفت القرینة لکنه قال مرادی أحدهما أو کلاهما لأنه أعلم بما أراد
(قوله) (فإن أطلق فالأقرب البطلان و قیل بالتشریک)
أی فإن أطلق و قال لم أرد غیر مدلول اللفظ من غیر قصد أو تعذرت معرفة قصده فقد اختلف الأصحاب فی ذلک فالمصنف قرب البطلان هنا و فی (التحریر) و ولده فی (الإیضاح) و یلزمهما بالأولی البطلان فی صورة الإفراد و بالبطلان فی صورة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 120
..........
______________________________
الإفراد خاصة صرح فی (التذکرة) و (المختلف) و کذا (غایة المراد) و هو قضیة کلام کل من قال بالاشتراک فی صورة الجمع (کالخلاف) و ما سنذکره معه عدا الوسیلة و (بالبطلان) فی الصورتین صرح فی (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (الریاض) و (بالاشتراک) فی صورة الانفراد صرح فی وقف (الخلاف) و (المبسوط) و صرف المولی فی (الوسیلة) إلی مولاه الذی أعتقه و صحح الوقف علیه فهو عنده حقیقة فیه خاصة أو مشکک (و صرح) بالاشتراک و الصحة فی صورة الجمع فی وصایا (الخلاف) و (المبسوط) و (الوسیلة) و (السرائر) و (جامع الشرائع) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التبصرة) و (المختلف) و (کنز الفرائد) علی ما حکی (و اللمعة) و (غایة المراد) و (التنقیح) و (إیضاح النافع) و (الإرشاد) علی إشکال و فی (الدروس) أنه المشهور (و هو) قول أبی حنیفة و أحد وجوه الشافعیة و قد عرفت أنه یفهم من هؤلاء البطلان فی صورة الانفراد و الأصل فی هذا الاختلاف اختلافهم فی أصلین (الأول) أن المشترک عند تجرده عن القرینة هل یحمل علی جمیع معانیه أو یبقی مجملا إلی أن تظهر إرادة أحدها أو یحمل علی الجمیع إذا کان جمعا خاصة أقوال أصحها و أشهرها فی الفروع و الأصول الثانی (و الثانی) أنه هل یشترط فی صحة الجمع اتحاد معنی أفراده حتی یمنع تثنیة المشترک باعتبار معانیه و الحقیقة و المجاز جمعهما أم لا للنحاة مذهبان أشهرهما کما عن (الارتشاف) و أصحهما علی ما اقتضاه کلام (التسهیل) أنه لا یشترط لأن ألف التثنیة فی المثنی و واو الجمع بمنزلة واو العطف و کما یصح عطف المتفق فی المعنی بالواو و المختلف فکذلک الحال فی واو الجمع (و هو خیرة) صاحب المعالم (و قد وقع) فی (الریاض) خلل فیما حکاه عن (المسالک) عن النحاة فإن قلنا بجواز جمع المشترک مطلقا و حمله علی معانیه مطلقا أو إذا کان جمعا صح الوقف هنا و صرف إلیهما کما هو خیرة (المبسوط) و الأکثر کما عرفت و لا یفرق بین المفرد و الجمع و إن قلنا بعدم جواز حمله علی معانیه حقیقة بطل الوقف لعدم تعین صرفه سواء جوزنا جمع المشترک لجمیع معانیه مجازا أم لا فالجمع بخصوصه عند هؤلاء لا یفید إدخال أفراد المشترک بل و إن کان قد وقع مضافا و صار من ألفاظ العموم لأن العام عند هؤلاء هو اللفظ المستغرق لجمیع ما یصلح له بحسب وضع واحد لیخرج المشترک و القدماء و النحاة ترکوا قولهم بوضع واحد لیدخلوه فتعریف العموم منزل علی مذهب القوم فی جواز استعمال المشترک فی معنییه فلا یجعل تعریف قوم حجة علی آخرین (و استند) فی (التنقیح) فیما حکینا إلی أن المولی مشترک معنوی و أن الجامع بینهما الولایة و هو مما لا یصغی إلیه (و قول الشیخ) کالإخوة إن أراد أنه مشترک معنوی متواط کالإخوة إذ القدر المشترک بینهما هو اتصال الشخصین بالتولد عن ثالث متصل بهما فنص أهل اللغة فی المولی یدفعه و إن أراد أن الإخوة جمع و استعماله فی المجموع یتناول اللفظ للأفراد فکذلک الموالی جمع مولی و کل مولی صالح لمعنی و الأصل عدم التداخل فیشکل بأن مدلول المولی یمکن تعدده من طرف واحد و لا یحتاج إلی الطرف الآخر کذا قال فی (غایة المراد) (قلت) هو یذهب فی أصوله إلی جواز استعمال المشترک فی معنییه و أنه ظاهر فیهما مع التجرد عن القرینة الدالة علی إرادة أحدهما کما اختاره (الشافعی) (و قد تحرر) فی فنه أنه لا یجوز استعمال المشترک فی معنییه لا حقیقة و لا مجازا لعدم العلاقة و عدم ما یصح استعمال الکل فی الجزء بحیث یتناول جمیع معانیه قولک إن اللفظ وضع لکل واحد من معانی المشترک بخصوصه لا یقتضی کون الوحدة داخلة فی الموضوع له و جزءا له لأن الموضوع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 121
و لو وقف علی أولاده فإذا انقرضوا و انقرض أولاد أولاده فعلی الفقراء قیل یصرف بعد أولاده إلی أولاد أولاده و لیس بمعتمد (1)
______________________________
له هو هذا المعنی من دون مدخلیة شی‌ء آخر فلو کانت الوحدة جزء له لزم التناقض و لزم أیضا عدم کون المعنی لا بشرط شی‌ء معنی له و موضوعا له و لا شک فی کونه معنی له و موضوعا له فإذا استعمل فی الجمیع لم یکن معنی له و موضوعا له سلمنا أن الوحدة جزء و مع إلقائها تکون قد استعملنا لفظ الکل فی جزئه لا فی جزئه مع معنی آخر أو معان أخر مباینة له خصوصا إذا کان کل واحد من المعانی الأخر قد أخذت الوحدة فیه فمن البدیهیات أن لا مصحح للمجاز المرسل و لا غیره (و القول) بأن الوحدة من عوارض الاستعمال لا دخل لها فی الوضع إذ الموضوع له ذات المعنی فیستعمل فی الوحدة تارة و فی غیرها أخری فیه ما عرفت من أن الواضع خصص اللفظ بالمعنی الواحد بخصوصه أی حال کونه منفردا فإذا استعمل فی غیر الواحد یکون استعمالا فی غیر ما وضع له (نعم) إذا استعمل فی الواحد المخصوص بأن أرید منه ذلک المعنی فقط و إن کان هو مع الغیر یکون حقیقة أیضا مثل إطلاق لفظ الخل علی الخل الممزوج بالعسل فإنه یکون حقیقة إذا أرید خصوص الخل منه و لم یرد شیئا من العسل معه أصلا و هو غیر محل النزاع فتأمّل فلما لم یصح استعماله فی المعنیین و لا مرجح لأحدهما کان بمنزلة الوقف علی أحد شخصین و هو باطل إجماعا فکذا ما نحن فیه لأنه مثله و لازم له (و قد قال) أهل اللغة إن المولی یقال للحلیف و الجار و ابن العم و قد نص فی (التحریر) علی عدم دخولها و لعله لندرة الاستعمال فیها أو لأنها معان مجازیة و یدخل فی المولی المدبر دون أم الولد و المسألة مفروضة فی العبد المعتق و المعتق کما هو ظاهر
(قوله) (و لو وقف علی أولاده فإن انقرضوا و انقرض أولاد أولاده فعلی الفقراء قیل صرف بعد أولاده إلی أولاد أولاده و لیس بمعتمد)
القائل الشیخ فی (المبسوط) قال من الناس من قال یکون وقفا علی أولاد أولاده بعد انقراض أولاده لأنه شرط انقراضهم و ذلک بظاهره یقتضی أنه وقف علیهم فهو کما لو صرح به فعلی هذا یصرف إلیهم بعد الأولاد فإذا انقرضوا صرف إلی المساکین و هذا أقوی انتهی و فی (الدروس) أنه قوی إما لقرینة الحال و إما لشمول لفظ الولد للنافلة کقول المفید و جماعة (قلت) نظر الشیخ إلی الأول کما سمعت کلامه و کأنه مال إلیه فی (غایة المراد) قال عملا بالظاهر و القرینة المقالیة تجعل ذلک المجاز واردا مورد اللفظ و لا شک أن عطف الانقراض علی الانقراض مشعر بذلک و إلا لکان الوقف منقطعا و الوقف شأنه الدوام انتهی و لعله أراد بالقرینة المقالیة هنا و بالحالیة فی (الدروس) أن اشتراط انقراض أولاد الأولاد دلیل علی إرادتهم و دخولهم فی الوقف و إلا لکان ذکرهم لغوا فذلک قرینة علی أنهم داخلون فی الأولاد من باب عموم المجاز و هو جائز مع القرینة إلا أن نقول إن ذکرهم أنما هو لفائدة جعل انقراضهم شرطا لاستحقاق الفقراء و إن لم یدخلوا فی الوقف فلم یکن ذکرهم لغوا و فیه فائدة لهم و هو أن المال یصیر إلیهم علی سبیل الإرث فی تلک المدة کما ستسمع و إن قلنا بقول المفید فلا بحث کما قاله جماعة (لکن) قال فی (جامع المقاصد) إنه لو أرید بالأولاد أولاد الصلب و غیرهم لکان قول الواقف و انقرض أولاد الأولاد بعد قوله فإذا انقرضوا تکرارا لأن الضمیر فی انقرضوا یعود إلی الجمیع فاستیناف قوله و انقرض أولاد الأولاد مشعر بأن ما قبله لم یتناولهم فلا یتجه علی عموم المجاز و لا یخلو عن بحث علی قول (المفید) و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 122
بل یکون منقطع الوسط فإذا انقرض أولاد أولاده عاد إلی الفقراء (1) و النماء قبل انقراض أولاد أولاده لورثة الواقف علی إشکال (2)
______________________________
فیه أن ذکرهم ثانیا لفائدة بیان استحقاق الفقراء فیکون فی قوة تفید إطلاق الأولاد الشامل للبطون المترتبة أبدا بالبطنین الأولین فکان ذکرهما قرینة علی إرادة تخصیصهما بالأولین و إن کان کل منهما متناولا لجمیع البطون إلی یوم القیمة فلا تکرار أصلا و إن عطف الانقراض علی الانقراض یدل علی أن الثانی من صنف الأول و لا ریب أن الأول مختص بالأولین فکذا الثانی فلا کذلک لو قال فإذا انقرضوا مقتصرا علی ذکر انقراض واحد فیصیر التقدیر فإن انقرض هؤلاء و أولادهم خاصة و هذا إن قلنا إن القرینة حالیة أو مقالیة أدخلتهم فی الأولاد کما هو صریح (غایة المراد) و إن قلنا إن القرینة أدخلتهم فی الوقف لا فی الأولاد بمعنی أن هذا الترکیب دل علی دخولهم فی الوقف علی الترتیب کما یفهم من (المبسوط) و (الدروس) فلا إشکال و لا تکرار کما ستسمع فیما یأتی فی توجیه الترتیب
(قوله) (بل یکون منقطع الوسط فإذا انقرض أولاد أولاده عاد إلی الفقراء)
أی و لیس لأولاد الأولاد شی‌ء أصلا کما هو خیرة (الشرائع) بلفظ الأشبه و (التذکرة) و (الإرشاد) و (المختلف) و (الإیضاح) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و فی (الدروس) أنه أقوی و فی (التذکرة) نسبته إلی أکثر علمائنا و أکثر الشافعیة و لم أجد أحدا صرح به غیر المحقق قبله بعد تتبع وافر و إذا لم یکن لأولاد الأولاد شی‌ء کان منقطع الوسط و إن لم یصرح به فی (الشرائع) و نحوها کما هو واضح و تجی‌ء فیه الأقوال الثلاثة و قد استدلوا علی أنهم لیس لهم شی‌ء بانتفاء دلالة اللفظ علی ثبوت شی‌ء لهم بإحدی الدلالات أما المطابقة و التضمن فظاهر و أما الالتزام فلأن اللفظ صالح لتقییده بالصرف إلیهم و عدمه و لا دلالة للعام علی الخاص و بأنه لا یلزم من اشتراط انقراضهم کونه وقفا علیهم لانتفاء وجه التلازم (قلت) الشیخ و الشهید فی (الدروس) یدعیان أن الظاهر المتبادر ذلک عند اللفظ من هذا الترکیب فی المرتبة الثانیة کما هو الشأن فی مفهوم الموافقة و معلوم المساواة و إلا لکان منطوقا لا مفهوما کما حرر فی محله و إن (شئت قلت) إنه من المنطوق الغیر الصریح لتوقف صدق اللفظ علیه لأن صدق لفظ الوقف متوقف علی دخول الأولاد فیه (نعم) قد أشار فی (غایة المراد) إلی دلالة الالتزام بلزوم الدوام فی الوقف و هو أی الدوام مستلزم لوجود موقوف علیه فی ذلک الوقت و لیس غیر البطن الثانی (و فیه) أن لک أن تقول إن مراعاة جانب الصحة لا تکفی فی المجاز (و استدلوا) بأنه لو دل علی الوقف علیهم لوجب التشریک لانتفاء ما یقتضی الترتیب و الشیخ لا یقول بالتشریک و قد یقال الترتیب أنما جاء لأنهم لم یدخلوا فی الوقف باللفظ الأول و المرتبة الأولی بل بعطفهم علی الأولاد المنقرضین و المرتبة الثانیة فالحکم أنما استفید من اللفظ بعد الحکم بانقراض الأولین فکان استحقاقهم مرتبا علی انقراض الأولین و لا ترجیح فی (التحریر) و (شرح الإرشاد) للفخر و بهذا التوجیه یندفع الإشکال و لیس عادم النظیر و المثال و لا ترجیح
(قوله) (و النماء قبل انقراض أولاد الأولاد لورثة الواقف علی إشکال)
کما فی (الإرشاد) و (الروض) و الإشکال أنما هو علی المشهور من انتقال الوقف إلی الموقوف علیه و إلا فعلی القول ببقائه علی ملک الواقف فلا شبهة فی انتقاله لورثته کما فی (المسالک) و یکون لورثته قطعا کما فی (الإیضاح) و علی القول بانتقاله إلی اللّٰه سبحانه فالمتجه صرفه فی وجوه البر کما صرح بذلک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 123
و لیس له غرس شجرة فی المسجد لنفسه (1) و هل له ذلک للوقف الأقرب المنع مع التضرر بها (2) و إلا فلا (3)
______________________________
جماعة و ینشأ وجه الإشکال علی القول المشهور من انتقاله عن الواقف فلا یعود إلیه إلا بدلیل فلا تستحق ورثته فیه شیئا فیکون لورثة البطن الأول لانتقاله إلیه و هم أولاد الأولاد و أبو البطن الأول و هو الواقف و أمه أی أم البطن الأول و هی زوجة الواقف و تلقی البطن الثانی عنه أی الواقف بمقتضی العقد الذی أخرجه عنه علی هذا الوجه حین إیقاعه لا یقضی بکونه ملکا للواقف حین تجدد البطن الثانی فإن أرادوا بقولهم إنه فی حکم ملکه هذا المعنی لم یستحق وارثه شیئا و إن أرادوا أن الملک یعود إلیه ثم ینتقل عنه فهو باطل و لا قائل به و ینشأ من أن ورثة البطن الأول یمتنع استحقاقهم بالوقف لعدم الوقف علیهم و بالإرث لأن الوقف لا یورث و لانقطاع ملک مورثهم من الوقف بموته فکیف یرثون عنه ما لیس ملکا له فیتجه أن یکون حبسا فی المرتبة الأولی لانقطاعه ببطلان وسطه فیرجع إلی ورثة الواقف علی وجه الملک و لا ینتقل عنهم إلی الفقراء و لا إلی أولاد أولاده علی سبیل الوقف کما هو المفروض فیرجع أیضا إلی أولاد الأولاد علی سبیل الإرث و ورثة الواقف کما هو خیرة (جامع المقاصد) و (المسالک) و فی (الإیضاح) أن الأصح انتقاله إلی ورثة الواقف لأنه أحد المصارف لأن استحقاق المرتبة الأولی انتهت بانقراضها فیرجع الملک إلی الواقف و لهذا تأخذ المرتبة الثانیة عنه انتهی و (معناه) کما نبه علیه فی (شرحه الإرشاد) أن الوقف صحیح و لا یلزم من رجوع النماء إلیه بطلان الوقف و رجوع الرقبة إلیه بل یکون هو أحد مصارف المنافع کما إذا وقف علی الفقراء و صار منهم (قلت) و لعله إلیه أشار فی (المبسوط) و کذا (التحریر) بقوله یصرف إلی أقرب الناس إلیه
(قوله) (و لیس له غرس شجرة فی المسجد لنفسه)
کما فی (التحریر) و (جامع المقاصد) فهو قضیة إطلاق (التذکرة) و (الإیضاح) لأن المسجد إنما بنی لذکر اللّٰه عز و جل و الصلاة فیه و تلاوة القرآن و لأن غرس الشجرة یمنع من الصلاة فی مغرسها و یؤذی المصلین بسقوط ورقها و رمی ثمرها و تسقط علیها الطیور و تبول فی المسجد و ربما اجتمع الصبیان من أجلها و رموها بالحجارة کما ذکر ذلک کله فی (التذکرة) ثم إن فیه تغیرا للوقف و تصرفا فیه علی نهج التصرف فی الملک (و قد قال) فی (التذکرة) قد روی فی أخبارنا أن من غرس فی المسجد شجرة فکأنما ربط فیه خنزیرا و حینئذ فللإمام قلعها بل ربما وجب هذا و قد یکون غرس شجرة العنب للوقف فی طرف المسجد و فیه من أعظم المنافع للمصلین و لا ضرر فیه أصلا کما هو مشاهد فی جبل عامله و غیره و قد أشرنا إلی ذلک فی أحکام المسجد و کان الواجب أن یذکر هذا و ما بعده هناک و لم أجدهم تعرضوا له إلا هنا
(قوله) (و هل له ذلک للوقف الأقرب المنع مع التضرر بها)
کما فی (التحریر) و فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) أن الأصح عدم الجواز علی حال و هو قضیة إطلاق (التذکرة) و لعل الأولی الجزم به مع التضرر إذ وجه غیر الأقرب فیه مصلحة للوقف و هی تضمحل مع وجود التضرر بالمنع من الصلاة فیه و الغرض المطلوب منه
(قوله) (و إلا فلا)
لوجود المصلحة مع فرض الخلو عن التضرر و المفسدة و فی (التحریر) أن مع عدم التضرر إشکالا (و قد سمعت) ما فی (الکتب الثلاثة) و لو نبتت الشجرة بنفسها ففی (التذکرة) أن فی قلعها إشکالا و لعله أراد أن فی قلعها وجوبا أو جوازا أو عدمه إشکالا فتأمّل و هل (یجوز) أکل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 124
و الفاضل من حصر المسجد و آلاته یصرف فی مسجد آخر (1) بخلاف المشاهد (2) و تصح قسمة الوقف من الطلق (3) إلا أن یتضمن ردا إلی الطلق منه (4)
______________________________
ثمرتها للداخل فیه فی (التذکرة) أن فیه نظرا أقربه صرفها فی مصالح المسجد قال و کذلک إذا نبتت فی المقبرة و فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) أنه لو جعل أرضا فیه شجرة مسجدا أقرب فیه و لعله مما لا ریب فیه و فی (التحریر) أنه لو وقفها مع المسجد فإن عین المصرف لها صح و إلا بطل فیها دون المسجد
(قوله) (و الفاضل من حصر المسجد و آلاته یصرف فی مسجد آخر)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و فی الأخیر نسبته إلی الأصحاب و هو خیرة (النهایة) و (المبسوط) و (الشرائع) و (النافع) و غیرها فی باب المساجد حیث قالوا یجوز استعمال آلاته فی غیره من المساجد و ظاهرهم عدم الفرق بین غیر الفاضل قوة و فعلا لأن الغرض من المساجد و ما یجعل فیها إقامة شعائر الدین و فعل العبادات فیها و هذا الغرض تختلف فیه المساجد و ما خالف فی ذلک إلا صاحب (المدارک) فقال لا یجوز صرف مال المسجد إلی غیره مطلقا إذ الکلمة متفقة من المسلمین فی البابین علی خلافه (نعم) خیر أحمد بین ذلک و بین الصدقة به لخبر رواه عن عائشة و فیه ضعف شدید فی الراوی و المروی عنه
(قوله) (بخلاف المشاهد)
کما فی (جامع المقاصد) و باب مساجد (المسالک) و (فوائد القواعد) فلا یجوز صرف آلات المشهد إلی مشهد آخر أو مسجد آخر و لا من المسجد إلیه لأن الغرض تعظیم القبر الشریف ببناء مشهده و معونة سدنته و زواره فیکون الوقف علی کل واحد منها وقف علی قبیل خاص (و قال) فی (جامع المقاصد) إن للنظر فی هذا الفرق مجالا إلا أنه لا وجه لإلحاق المشاهد بالمساجد و فی (الدروس) فی المشهد نظر من أنه فی معنی المسجد و من توهم الاختصاص بأهله و زائریه انتهی و لم یتعرض الأکثر فی البابین للمشاهد هذا و فی (التذکرة) أن البئر الموقوفة إذا خربت یصرف نقضها إلی بئر أو حوض لا إلی المسجد (و قد بینا) فی باب المساجد أن المراد بالآلات النقض و الجذوع و الحصر و السرج و نحوها و تمام الکلام فی فروع المسألة فی باب المساجد
(قوله) (و تصح قسمة الوقف من الطلق)
هذا مما لا أجد فیه خلافا (فی الباب) و (باب القضاء) و (باب الشرکة) و (باب الشفعة) إذا لم تشتمل علی رد من جانب صاحب الطلق و (ظاهر التذکرة) فی الباب و (مجمع البرهان) الإجماع علی ذلک و لا فرق فی ذلک بین اتحاد المالک مع الواقف أو الموقوف علیه و عدمه کما نبه علیه فی (کتاب القضاء) قال و لو کان بعض الملک طلقا صحت قسمته مع الوقف و إن اتحد المالک لأنه لا مانع منه لأن القسمة إفراز حق و تمیزه و لیست بیعا
(قوله) (إلا أن یتضمن ردا إلی الطلق منه)
لعله أراد إلا أن تتضمن أخذا من نفس الوقف إلی الطلق (لیوافق) قوله فی (قضاء الکتاب) و لو تضمنت ردا جاز من صاحب الوقف خاصة إذ محل المنع هنا لو أبقینا العبارة علی ظاهرها هو محل الجواز فی القضاء بل الأمر واضح (و استوضحه) من قوله فی (التذکرة) فإن لم یکن فیها رد جازت القسمة عندنا و إن اشتملت علی رد فإن کان من جانب أصحاب الوقف جاز أیضا لأنه یکون شراء شی‌ء من الطلق و إن کان من جانب صاحب الطلق قال (بعض العامة) لا یجوز لتضمنه شراء من الوقف و بیعه غیر جائز و هو ممنوع و لعل وجه منعه له أن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 125
و هل یجوز قسمة الوقف علی نفرین الأقرب المنع (1) مع اتحاد الواقف و الموقوف علیه (2) أما لو تعدد الواقف و الموقوف علیه فإشکال (3)
______________________________
ذلک یظهر منه أن القسمة بیع مع أنها لیست بیعا عندنا و (کیف کان) فالظاهر أنه لا خلاف فی صحة القسمة مع عدم الرد کما فی (مجمع البرهان) و لا فی صحتها إذا اشتملت علی رد من الموقوف علیهم کما لعله یظهر ذلک من (التذکرة) و (المسالک) و أما إذا کان الرد من صاحب الطلق فالمفهوم من (قضاء الکتاب) عدم الصحة و هو الذی أراده هنا و قصرت عنه العبارة (و هو خیرة) (شرکة المسالک) و الظاهر من مولانا المقدس الأردبیلی لأنه معاوضة لا تصح فی الوقف (نعم) إذا کان الرد فی مقابلة الوصف کالجودة و نحوها فلا مانع حینئذ و یکون الجمیع وقفا بلا إشکال و إنما الإشکال فیما قابل الرد من الحصة فهل یکون ملکا لأنها معاوض علیها أو یکون وقفا احتمالات و الأول أولی
(قوله) (و هل یجوز قسمة الوقف علی نفرین الأقرب المنع)
کما جزم به هنا فی (التذکرة) و (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و (شرکة التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و (قضاء الکتاب) و ظاهر (الإیضاح) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) الإجماع علی ذلک حیث نسبا ذلک إلی إطلاق الأصحاب لما فیه من تغییر شرط الواقف و عدم انحصار الحق فی المقتسمین لأن من بعدهم یأخذ الإرث عن الواقف و ربما استحق بعض بطون المتقاسمین أکثر مما ظهر بالقسمة لمورثهم و بالعکس و کذا لو تعدد الواقف و اتحد الموقف علیه لعین ما ذکر فمحل البحث أن الوقف الواحد یصح فیه و إن تعدد الواقف و المصرف و فی (جامع المقاصد) أن محل البحث عن جواز القسمة و عدمه أنما هو مع اتحاد الواقف و تعدد الموقوف علیه لیعقل معنی القسمة بینهم سواء کان فی الأصل متحدا ثم تجدد تعدده أو کان متعددا من أول الأمر انتهی فتأمّل
(قوله) (مع اتحاد الواقف و الموقوف علیه)
مفهومه انتفاء الحکم بالمنع لو تعدد أحدهما و المراد باتحاد الموقوف اتحاده فی الأصل و قد سمعت إطلاق الفتاوی و ما نسب إلی الأصحاب و الوجه فی المنع و تفصیل الحال و لعله لا ریب فی جواز المهایاة نص علیه فی (التذکرة) و (جامع المقاصد)
(قوله) (أما لو تعدد الواقف و الموقوف علیه فإشکال)
أصحه المنع کما فی (الإیضاح) و هو الذی قربه فی (التذکرة) و فی (الحواشی) أنه قوی و اختیر فی (التحریر) و (المسالک) و (مجمع البرهان) الجواز و فی (الجامع المقاصد) أن فیه قوة کما لو وقف واقف نصف بستان مثلا علی زید و ذریته و آخر علی عمرو و ذریته فإنه یجوز لکل من الرجلین و الذریتین الاقتسام دون الذریة الواحدة و لو کان التعدد علی غیر هذا الوجه کما لو وقف اثنان علی کل واحد من الاثنین فحکمه حکم المتحد (حجة المجوزین) أنهما وقفان فلکل حکم نفسه فجاز تمییز أحدهما عن الآخر و لا مانع إذ لا ضرر (حجة المانعین) إطلاق الفتاوی مع ما نسب إلی الأصحاب من الإطلاق أیضا (و أنهما) وقفا مشاعا فلا یجوز تغییره (إلا أن تقول) إن کلا منهما نقل ملکه بجمیع حقوقه و من جملتها جواز إفرازه و تعیینه (و فیه) أن من جملتها جواز إبقائه علی حاله فلو اختارت البطون الأخر بقاءه علی حاله هل تلزم هذه القسمة فی حقهم و إن اختاروا جمیعا عدمها أو لا تلزم إلا فی حق القاسمین و إن کان الأول کان فیه منع لهم عن حقهم و إن کان الثانی کان علی خلاف قاعدة القسمة لأنها تفید اللزوم مطلقا فلا بد لهم من دلیل علی صحة هذه القسمة و لا نص و لا إجماع بل قد یدعی الإجماع علی العکس و قیاسه علی ما آجر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 126
و لو اندرس شرط الوقف قسم بالسویة (1) فإن لم یعرف الأرباب صرف فی البر (2) و لو آجر المتولی بأجرة المثل فی الحال- فظهر من یزید لم ینفسخ (3) و لو آجر زیادة علی المدة المشترطة فالأقرب البطلان فی الزائد خاصة (4)
______________________________
الموقوف علیهم مدة ثم انقرضوا قبلها فإنها تنفسخ الإجارة فیه أنه مع الفارق ثم یسألون عن القاسم أ هو المتولی و الناظر مع المصلحة أو المالک أو الموقوف علیهم و قد قال فی (مجمع البرهان) لکن الکلام فی القسام و احتمله أنه لأحد الأولین و لم یحتمل الثالث (و کیف کان) فنظر الأصحاب فی الإطلاق أدق و أتقن بل نقول لو جعل الواقف للموقوف علیه القسمة لما کان خالیا عن الإشکال فإن جوزناها مطلقا أو فیما تعدد الواقف و الموقوف علیه ففی لزومه بها فی حق البطون المتجددة إشکال و حینئذ فلو اتفقت البطون المتجددة من الطرفین علی النقض ففی نقضه إشکال
(قوله) (و لو اندرس شرط الوقف قسم بالسویة)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و المراد باندراس شرط الوقف عدم معرفة مقادیر السهام و الاستحقاق و جهل کیفیة الترتیب بین أرباب الوقف و الجهل بهذه مع العلم بأصل الاستحقاق یقضی بأنه یقسم بالسویة عملا بالأصل و هو التسویة من وجهین أحدهما أنه لیس بعضهم أولی بالتقدم و التفضیل من بعض (قال) فی (التذکرة) و هو قول أکثر الشافعیة و قال بعضهم القیاس یقضی بالوقف حتی یصطلحوا و کذا لو اختلفوا فی شرط الواقف و لا بینه فإنه یقسم بالسویة کما فی (الکتابین) أیضا و لو علم تفضیل بعضهم و لم یعرف المفضل احتملت القرعة و الوقف حتی یصطلحوا و فی (التذکرة) أنه لا بعد فی الرجوع إلی قول الواقف لو کان حیا لأنه المبتدئ بالصدقة و شرطه متبع و استظهر فی (جامع المقاصد) أنه لا یرجع إلیه إن قلنا بانتقال الوقف عنه کما لا یرجع إلی قول البائع عند اختلاف المشترین فی کیفیة الشراء
(قوله) (فإن لم تعرف الأرباب صرف فی البر)
کما فی (جامع المقاصد) لتعذر الجهة الموقوف علیها فجری مجری الوقف علی مصلحة فبطل رسمها و لم یمکن الصرف إلیها
(قوله) (و لو آجر المتولی بأجرة المثل فی الحال فظهر من یزید لم تنفسخ)
قال فی (التذکرة) لم تؤثر فسخا و لا خیار فسخ لصدور العقد علی الوجه المعتبر حین وقوعه فالإجارة لازمة
(قوله) (و لو آجر زیادة علی المدة المشترطة فالأقرب البطلان فی الزائد خاصة)
قد تقدم أنه یجب اتباع شرط الواقف فلو شرط أن لا یؤجر من متغلب أو مماطل أو لا یؤجر أزید من عام مثلا أو لا یوقع علیه عقد حتی تنقضی مدة الأول أو لا یسلم حتی یقبض الأجرة اتبع (فلو آجره) المتولی أزید من عام فی المثال فقد قرب المصنف البطلان فی الزائد لأن الزائد هو المنافی لشرط الواقف خاصة و أما (المشترط) فکالمنصوص علیه فی (الإجارة و هو الموافق لمذهب (الأصحاب) فی نظائره لأنه ضم ما یجوز فعله إلی ما لا یجوز فعله فالشأن فیه کما إذا باع ما یملک و ما لا یملک و أخر ما یملک و ما لا یملک فیصح فیما یجوز دون الآخر (و تفریق الصفقة) غیر موجب للبطلان عندنا کما فی (الجامع المقاصد) و (هو الأصح) کما فی (الإیضاح) و فی (الدروس) أنه الأقرب (و وجه غیر) الأقرب أنه عقد مخالف لشرط الواقف فیکون باطلا و أن العقد یتناول المجموع بالأصالة و الأبعاض تابعة لضرورة دخولها فی المجموع فإذا بطل فی المتبوع بطل التابع و فی (جامع المقاصد) أنه أحوط و فی (الدروس) أنه لو ظهر فی الإجارة غبن فالأقرب الفسخ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 127
و لو خلق حصیر المسجد و خرج عن الانتقال به فیه أو انکسر الجذع بحیث لا ینتفع به فی غیر الإحراق فالأقرب بیعه و صرف ثمنه فی مصالح المسجد (1)
______________________________
(قوله) (و لو خلق حصر المسجد و خرجت عن الانتفاع به فیه أو انکسر جذع بحیث لا ینتفع به فی غیر الإحراق فالأقرب بیعه و صرف ثمنه فی مصالح المسجد)
کما صرح بذلک کله من حکم و قید فی (التذکرة) و (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و (الدروس) و زاد فی (الأخیر) اشتراط أن لا ینتفع به فی غیره أیضا (و قد اختیر) فی (الثلاثة) الأول أن ثمنه یصرف فی بدله من حصیر و جذع فإن تعذر صرف فی مصالح المسجد اعتبارا بما یقرب من مراد الواقف (و لم یتعرض) لحال الثمن فی (الدروس) و (قضیة) کلامهم أنه لو بقی فی واحد منهما جهة انتفاع به فی المسجد لم یجز بیعه و وجهه ظاهر عندهم (و وجه الأقرب) أنه إذا خرج عن الانتفاع به فی الوقف خرج عن مقصود الواقف فلو لم یجز بیعه کان تضییعا و تضییقا و قد تقدم (منا الکلام) فی هذا الفرع فی (موضعین) أحدهما عند الکلام فیما انقلعت نخلة و (کلام الشیخ) فی (الخلاف) و (المبسوط) و غیره فی مسألة انقلاع النخلة یخالف ما هنا فلیلحظ (و قد حکی) فی (التذکرة) عن (العامة) أنه لا خلاف بینهم فی جواز بیع ما اشتری من الوقف أو قبل المتولی هبته عند الحاجة و لم یتعقبه بشی‌ء ففرقوا بینه و بین ما کان وقفا فی الأصل و فی (جامع المقاصد) أنه لا یخلو من قوة فإذا بیع صرف فی مصالح المسجد من غیر تعیین شراء مثله (و لیعلم) أنه قد یظهر من جملة من کلماتهم أن فی الوقف معنی التعبد بشدة محافظتهم علی مراد الواقف کما عرفته فیما إذا تعدد الواقف و الموقوف حیث منعوا من القسمة و فیما إذا جنی جان علی العبد الموقوف بما یوجب مالا فإنهم أوجبوا أن یشتری به عبدا أو شقص عبد و لم یجوزوا أن یشتری مالا غیره أنفع منه و فی (الدار الموقوفة) إذا انهدمت فإن بعضهم قال إن الحاکم یجتهد و یجعلها ما هو أقرب إلی مراد الواقف إلی غیر ذلک مما هو کثیر جدا و قال فی (التذکرة) لا یجوز تغییر الوقف عن هیئته فلا یجوز جعل الدار الموقوفة بستانا و لا حماما و لا بالعکس (و لو تعذر) الاستمرار جاز إلی أقرب الأوصاف و لم ینقل فیه خلافا حتی من العامة و (لعل الوجه) فی ذلک کله أن الوقف عبادة عند الأکثر لاشتراطهم فیه نیة القربة و أنه الموافق للأصول و القواعد الشرعیة (و قد قال) مولانا الکاظم (ع) فی الصحیح علی الصحیح فی علی السندی فی صفة الوقف لا یحل لمؤمن یؤمن باللّٰه و الیوم الآخر أن یبیعها و لا یبتاعها و لا یهبها و لا ینحلها و لا یغیر شیئا منها و الحمد للّه رب العالمین کما هو أهله و الصلاة علی خیر خلقه محمد و آله المعصومین و رضی اللّٰه عن علمائنا أجمعین و قد تم کتاب الوقف فی اللیلة الرابعة من شهر صفر فیما یقرب من انتصاف اللیل (سنة) ألف و مائتین و ست و عشرین و الحمد للّه رب العالمین و الصلاة علی محمد و آله الطاهرین
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 128

[المقصد الثانی فی السکنی و الصدقة و الهبة]

اشارة

المقصد الثانی فی السکنی و الصدقة و الهبة و فیه فصول

[الفصل الأول فی السکنی]

الأول فی السکنی (1) و لا بد فیها من إیجاب و قبول و قبض (2)
______________________________
بسم اللّٰه الرحمن الرحیم الحمد للّه کما هو أهله رب العالمین و الصلاة و السلام علی خیر خلقه أجمعین محمد و آله المعصومین (و بعد) فهذا ما برز بلطف اللّٰه سبحانه من کتاب (مفتاح الکرامة) سهل اللّٰه إتمامه علی ید مصنفه الأقل الأذل محمد الجواد الحسینی الحسنی العاملی عامله اللّٰه بلطفه الخفی و الجلی فی الدنیا و الآخرة
(قوله) (المقصد الثانی فی السکنی و الصدقة و الهبة و فیه فصول الأول فی السکنی)
المراد فی عقد السکنی کما قد صرح بأنها عقد یفتقر إلی الإیجاب و القبول و القبض فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و به ینتظم معه قوله و لا بد فیها من إیجاب و قبول
(قوله) (و لا بد فیها من إیجاب و قبول و قبض)
کما طفحت بذلک و نحوه (عباراتهم) ففی (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (اللمعة) و غیرها ذکر الثلاثة علی نحو ما فی (الکتاب) من أنه لا بد منها أو أنها تفتقر إلیها مع إثبات الإقباض فی بعضها بدل القبض و فی (المبسوط) و (المهذب) و (فقه الراوندی) و (السرائر) و غیرها کما ستعرف عند تعرض المصنف له أنها تفتقر إلی إیجاب و قبول و یفتقر لزومها إلی قبض فجعلوا القبض شرط اللزوم (و لا مانع) من أن یکون شرط الصحة أیضا (کما) أن الإیجاب و القبول اللفظیین مع حصول القبض و التوقیت شرطان فی اللزوم و إلا کان من باب معاطاة السکنی (غیر) أن لا تعرض فی الثلاثة الأول لذکر السکنی (و إنما) ذکروا ذلک فی العمری لکن لا قائل فی ذلک بالفرق (و قد نص) فی (المهذب) (و غیره) أن السکنی و أختیها بمنزلة واحدة و یأتی بیان الحال فی ذلک أعنی ما فی المهذب و (کیف کان) فظاهر (جامع المقاصد) الإجماع علی افتقارها إلی الإیجاب و القبول (و قد یفهم) ذلک من (الغنیة) بملاحظة ما قاله فی الهبة و الظاهر أن مرادهما أن ذلک حیث تکون لازمة و أن المراد الإیجاب و القبول اللفظی و إلا فإن وقعت علی سبیل المعاطاة لم یشترط فیها شی‌ء من ذلک و فی (المسالک) أنه لا إشکال فی ذلک حیث یقترن بمدة أو عمر (قلت) و ظاهر إطلاقهم کما عرفت أنها حال إطلاقها و عدم تقییدها بمدة أو عمر کذلک لأن الأصل أن لا تنتقل شی‌ء من منفعة و أصل إلی ملک الغیر بدون قبوله (ثم) إنه قد قال فی (التذکرة) و إن أطلق و قال سکنی هذه الدار لک أو أسکنتکها و ما أشبهه لزم العقد فی مسمی الإسکان و لو یوما و الضابط ما یسمی إسکانا فحینئذ للمالک الرجوع متی شاء انتهی فقد صرح بأنه عند الإطلاق یلزم العقد و قضیته أنه لا یجوز له الرجوع فیها إلا بعد تحقق المسمی فتکون
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 129
و نیة التقرب (1)
______________________________
حینئذ من العقود اللازمة فی الجملة فلا بد حینئذ من اعتبار القبول اللفظی (و قال) فی (المسالک) یمکن القول بعدم اشتراط القبول مع الإطلاق لأنها حینئذ بمنزلة إباحة السکنی لجواز الرجوع فیها متی شاء قال و یمکن الجواب بأنها حینئذ تصیر عقدا جائزا و ذلک لا یمنع من اشتراط القبول کنظائره یعنی من العقود الجائزة (و تبعه) علی ذلک (صاحب الریاض) و فیه نظر واضح لأن العقود الجائزة لا یشترط فی صحتها و جواز التصرف و العمل علی مقتضاها القبول اللفظی بل یکفی فی ذلک القبول الفعلی فتکون معاطاة کما تقدم بیانه و برهانه غیر مرة فکلامه فی المسالک غیر محرر (و أما القبض) فقد عرفت أن ظاهر الشرائع و ما ذکر بعدها أنه شرط الصحة و فی (المسالک) و (المفاتیح) و ظاهر (الکفایة) الإجماع علی أنها لا تلزم قبله و قال فی (جامع المقاصد) ینبغی أن یکون اشتراطه أی للصحة علی القول بلزوم العقد و علی عدم اللزوم تکون بمنزلة العاریة (و مثله) ما فی (الروضة) قال إنما یشترط علی تقدیر لزومها أما لو کانت جائزة کالمطلقة کان الإقباض شرطا فی جواز التسلط علی الانتفاع و لما کانت الفائدة بدونه منتفیة أطلق أی فی اللمعة اشتراطه فیها انتهی و قضیة کلامهما بل صریحه الفرق بین القبض و بین الإیجاب و القبول فی الاشتراط حیث جزم فی الأول باشتراط الإیجاب و القبول مطلقا و فی الثانی حیث یقترن بمدة أو عمر و قالا فی القبض إنما یکون شرطا علی تقدیر اللزوم و هو مع کونه خالیا عن التحصیل مخالف لما سمعته من کلام الأصحاب حیث قرنوه بهما و جعلوا الثلاثة من واد واحد و مرادهم أن القبض شرط فی صحة السکنی و إن لم یکن عقدها فی بعض صورها لازما کما أن القبض شرط فی صحة الهبة و إن کانت جائزة فی بعض صورها فالتوقیت و الإطلاق فی السکنی بالنسبة إلی لزومها و جوازها کالعوض و عدمه فی الهبة بالنسبة إلی لزومها و جوازها و هو أمر آخر و التسلط علی الانتفاع أنما یکون بعد صحة العقد و انعقاده سواء کان لازما أو جائزا و لا ینعقد العقد و لا یتصف باللزوم و الجواز إلا بعد حصول شرائطه و تمامیته و من شرائطه القبض و الإیجاب و القبول فلا یتم جائزا کان أو لازما إلا بعد القبض (و لیعلم) أنه لم یذکر القبض فی (الغنیة) و لا خیر فیه (کما) أنه فی (المقنعة) و (المراسم) و (النهایة) و (الوسیلة) لم یذکر الإیجاب و القبول (کما) أن السکنی لم تذکر فی (فقه الراوندی) أصلا (کما) أنه فی (المبسوط) لم یذکر فیه شیئا من أحکامها و إنما ذکرها فی العنوان فقط و ذکر أحکام أختیها (کما) أن الرقبی لم تذکر فی أخبار (الکتب الأربعة) و إنما ذکر فی أخبار (الخلاف) المرسلة و أخبار العامة
(قوله) (و نیة التقرب)
کما هو صریح (الوسیلة) کأنه صرح بأن الأربعة لا تصح إلا لوجه اللّٰه تعالی و فی (المقنعة) و (الکافی) و (الغنیة) و (جامع الشرائع) أن نیة القربة شرط اللزوم و هو ظاهر (المختلف) أو صریحه فی الرقبی (و قد صرح) فی (المقنعة) و (النهایة) و (التحریر) أنها شرط اللزوم فی الحبس (و یظهر) ذلک من (المختلف) و صریح (التذکرة) أنها فیه أی شرط الصحة کما یأتی بیان ذلک کله و خلاف صریح (التحریر) فی (السکنی) و (الدروس) و (الحواشی) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و (المفاتیح) و (الریاض) و خلاف ظاهر (المبسوط) و (المهذب) و (فقه القرآن) و (السرائر) و (الشرائع) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (اللمعة) و (الروض) و هذا الظهور کاد یلحق بالصریح لأنهم ذکروا شرائط الصحة و ترکوه (بل) فی (المسالک)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 130
و لیست ناقلة للملک بل فائدتها تسلط الساکن علی استیفاء المنفعة المدة المشترطة (1)
______________________________
أن بعض النسخ المقروءة علی المصنف خالیة منه للأصل بمعنی العموم السالم عما یصلح للمعارضة و فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و غیرها و إنها شرط فی حصول الثواب و علیه حمل العبارة فی الحواشی
(قوله) (و لیست ناقلة للملک بل فائدتها تسلط الساکن علی استیفاء المنفعة المدة المشترطة)
لا خلاف عندنا فی أن السکنی لا ینتقل الملک بها إلی الساکن بحال من الأحوال کما فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و ستسمع ما فی (جامع المقاصد) و (التذکرة) فی العمرة و صریح (فقه الراوندی) و ظاهر (المبسوط) و (المهذب) أنه إذا قال هذه الدار لک عمرک و لعقبک من بعدک إنها تنتقل عن المالک و لا ترجع إلیه قال فی (المبسوط) فإذا قال لک عمرک و لعقبک من بعدک فإنه جائز لما رواه جابر أن النبی (ص) قال أیما رجل أعمر عمری له و لعقبه فإنما هی للذی یعطاها لا ترجع للذی أعطاها فإنه أعطی عطاء وقعت فیه المواریث إذ ظاهر احتجاجه بالخبر لفتواه عمله بمضمونه إذ لو لا ذلک لکان احتجاجه بأخبار التهذیب الدالة علی فتواه أولی إذ الخبر عامی فتأمّل (و قد أفتی) بمتنه فی (فقه القرآن) من دون أن ینسبه إلی روایة (و قد نسبه) إلی ظاهر الشیخ الشهیدان و أبو العباس و المقداد و فی (الکفایة) أن کلام الشیخ فی (المبسوط) یشعر بالخلاف و مع ذلک قال إن عدم الانتقال هو الأشهر انتهی فتدبر و ظاهر (التذکرة) فی مواضع الإجماع علی عدم انتقال الملک إلی المعمر بها بحال سواء أطلق الإعمار أو قیده بعمر المعمر و عقبه و فی (جامع المقاصد) لا ریب أن العمری لا ینتقل الملک بها إلی المعمر بحال عندنا سواء أطلق الإعمار أو قیده بالعود إلیه أو إلی ورثته بعد موت المعمر أو قیده بعد موت المعمر برجوع الإعمار إلی عقب المعمر و نسله دائما بل إذا مات المعمر فی الأولی و وارثه فی الثانی رجعت المنفعة إلی المعمر المالک إن کان و إلا فإلی ورثته انتهی (و هذه) عبارة (التذکرة) غیر أنه لم یقل فیها لا ریب و ظاهرهما الإجماع علی ذلک کله ثم إنه قال فی (التذکرة) أیضا العمری عندنا غیر ناقلة للعین إلی المعمر فی حال من الأحوال انتهی (و قال) فی موضع آخر من (التذکرة) العمری و الرقبی لا تنقلان الأعیان عندنا و فی (المسالک) أنه هو الذی تقتضیه أصول المذهب و به أی عدم الانتقال طفحت عباراتهم حتی إنه صرح به فی (الخلاف) و (الکافی) و (السرائر) و ذلک یقضی أنه فی (السرائر) لم یفهم من (المبسوط) الخلاف و إلا لما سکت عنه و سینبه المصنف علی ذلک (و قد أشار) فی (الشرائع) إلی خلاف الشیخ بقوله علی الأشبه إلا أن قوله علی الأشبه أنما هو فی بعض النسخ (و کیف کان) فمما یدل علی المشهور بعد الأصل بمعنییه حسنة الحلبی أو صحیحته المرویة فی (الکافی) و (التهذیب) عن أبی عبد اللّٰه (ع) فی الرجل یسکن الرجل داره و لعقبه من بعده قال یجوز لیس لهم أن یبیعوا و لا یرثوا و مثلها روایة الحسین بن نعیم و عساک تقول هاتان فی السکنی و لا خلاف فیه قلت لا فرق بین الثلاثة فی هذه الثمرة (ثم) إن فی مضمرة حمران قال سألته عن السکنی و العمری فقال الناس فیه عند شروطهم إن کان شرط حیاته فهی حیاته و إن کان لعقبه فهی لعقبه کما شرط حتی یفنوا ثم یرد إلی صاحب الدار و فی (روایة) أبی الصباح الکنانی المرویة فی (الکافی) و (التهذیب) عن أبی عبد اللّٰه (ع) قال سئل عن السکنی و العمری فقال إن کان جعل السکنی فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 131
فإن قرنت بالعمر سمیت عمری و إن قرنت بالإسکان قیل سکنی أو بالمدة یقال رقبی إما من الارتقاب أو من رقبة الملک (1)
______________________________
حیاته فهو کما شرط و إن کان جعلها له و لعقبه بعد موته حتی یغنی عقبه فلیس لهم أن یبیعوا و لا یرثوا ثم ترجع الدار إلی صاحبها الأول و بالجملة المستفاد من أخبار الباب تصریحا و ظهورا و تلویحا أنه لا فرق فی رجوع المعطی بأحد الوجوه الثلاثة إلی المالک بین أن یعلق علی عمر أحدهما أو علی عقب المعمر بعده بأن یجعل المنفعة لهم بعده مدة عمرهم أو لبعض معین منهم أو جعله له مدة عمره ثم لعقبه مدة معینة مخصوصة (و یدل) علی جمیع ذلک أو ینبه علیه قولهم (ع) إن الناس فیه عند شروطهم فهو کما شرط هی له و لعقبه من بعده کما شرط فلا تغفل ثم إن تملیک العین لا یتأقت فیحمل قول القائل علی تملیک المنفعة لأنه مما یتأقت و أن هذه الصیغة لیست من الألفاظ الناقلة للعین فی عرف الشرع مضافا إلی الاستصحاب کما عرفت
(قوله) (فإن قرنت بالعمر سمیت عمری و إن قرنت بالإسکان قیل سکنی و بالمدة قیل رقبی إما من الارتقاب أو من رقبة الملک)
کما فی (الشرائع) و (التذکرة) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و کذا (التنقیح) و فی (الکفایة) أنه المشهور فالأسماء الثلاثة تختلف علی السکنی عند هؤلاء (و قال) فی (الشرائع) تختلف علیها الأسماء بحسب اختلاف الإضافة و هو أنما یتم إذا تعلقت بالمسکن کما هو المفروض فی کلامهم و حینئذ فتکون السکنی أعمّ منهما لشمولها ما لو أسکنه مدة مخصوصة أو عمر أحدهما أو أطلق إلا أنه یأتی لهم أن کل ما صح وقفه صح إعماره و إرقابه فلا یختصان بالمسکن فیکون بین السکنی و بین کل من العمری و الرقبی عموم و خصوص من وجه فتجتمع مع کل واحدة منهما فیما إذا قرن إباحة المنفعة بالسکنی و مشخصات إحداهما کالسکنی مدة عمرک فی العمری و مدة معینة فی الرقبی فقد تحققت السکنی فی الأول لاقترانها بها و العمری لاقترانها بعمر و فی الثانی السکنی و الرقبی و یفترقان عنها بتجرد الإباحة عن الإسکان و تقییدها بالعمر أو المدة کأن یقول فی الأولی أعمرتکها عمرک و فی الثانی أرقبتکها مدة کذا و بجریانهما فی غیر المسکن من سائر الأعیان و تنفرد السکنی عن العمری فیما لو أسکنه إیاها مدة أو مطلقا و تنفرد السکنی عن الرقبی بما لو أسکنه الدار مطلقا و بالجملة ما إذا لم یسکنه الدار مدة معینة و بین العمری و الرقبی تباین لأنهما و إن اشترکا فی المورد لکنهما یمتازان بالتقیید بالعمر أو بمدة مخصوصة و قال فی (التحریر) إن کانت السکنی مطلقة أو یقول أسکنتک عمرک أو عمری أو مدة من الزمان قیل سکنی و إن قیدت بالعمر بأن یقول أعمرتک مدة عمرک أو عمری قیل عمری و إن قرنت بالمدة قیل رقبی بأن یقول أرقبتک هذه الدار مدة و هذا یخالف الاصطلاح السالف إذ قد أخذ فی العمری أن لا یشتمل عقدها علی لفظ السکنی بل علی العمر و فی الرقبی أن لا یشتمل عقدها علیها أیضا و أخذ فی السکنی ذکر الإسکان و إن أقرنها بالعمر أو المدة فبینها تباین و (التباین) ظاهر کلام (الوسیلة) و (الکافی) قال فی الوسیلة العمری أن یجعل منفعة داره أو ضیعته لغیره مدة حیاته و الرقبی أن یجعلها مدة معلومة و السکنی أن یجعل سکناها لغیره مدة عمر أحدهما (و قال) أبو الصلاح فی (الکافی) السکنی أن یجعل سکناها لغیره مدة معلومة و الرقبی أن یسکنه فیها مدة حیاة المالک و العمری أن یسکنه فیها طول عمر المعمر أی الغیر فظاهره أن بینها تباینا و مع ذلک مخالف لکلام الوسیلة و فی (المراسم) للإنسان
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 132
و الإیجاب أن یقول أسکنتک أو أعمرتک أو أرقبتک أو ما أشبه ذلک هذه الدار أو الأرض مدة عمرک أو عمری أو سنة (1) و تلزم بالقبض علی رأی (2)
______________________________
أن یتصدق بسکنی داره مدة حیاة المتصدق علیه و ظاهره قصره علی ذلک (و قد قال) فی (التذکرة) قال (ع) العمری و الرقبی سواء (و هو) خیرة (الخلاف) و (المبسوط) و (المهذب) و (فقه الراوندی) و (الغنیة) و (السرائر) قال فی المبسوط صورتها أی الرقبی صورة العمری إلا أن اللفظ یختلف فإنه یقول أعمرتک هذه الدار مدة حیاتک أو حیاتی و الرقبی یحتاج أن یقول أرقبتک هذه الدار مدة حیاتک أو حیاتی (و نحوه) ما ذکر بعده بل فی (المهذب) و غیره أن الرقبی و العمری بمعنی واحد و هو قضیة کلام کل من اقتصر علی ذکر العمری (کالنافع) و هو الذی حکاه فی (التذکرة) عن العرب و ظاهر (المبسوط) و (المهذب) الإجماع علی ذلک حیث قال فی (المبسوط) لا فرق بینهما عندنا و قال فی (المهذب) و ما یفرق به بعض الناس لیس مذهبا لنا و فی (الخلاف) أیضا أن العمری عندنا سکنی و ظاهره الإجماع و فی (الجامع) أن العمری و الرقبی بحکم السکنی و فی (صیغ العقود) أن العبارات شتی و المقصود واحد و فی (الروضة) أنه یعبر عن السکنی بالعمری و الرقبی و فی (المختلف) بعد أن ذکر کلام (المبسوط) و (الکافی) و (المهذب) و (الوسیلة) و (السرائر) قال و هذه اختلافات لفظیة مع أنک قد عرفت الحال فی العبارات (ثم) إن فی (المبسوط) و (المهذب) و (فقه القرآن) و (السرائر) أن فی أصحابنا من قال إن الرقبی أن یقول جعلت خدمة هذا العبد لک مدة حیاتک أو مدة حیاتی و هو مأخوذ من رقبة العبد و الأول مأخوذ من رقبة الملک و فی (المهذب) أن الأخیر هو الظاهر من المذهب و فی (السرائر) أنه أظهر و لم نظفر بهذا القائل کما أنه لم یظفر به فی (المختلف)
(قوله) (و الإیجاب أن یقول أمکنتک أو أعمرتک أو أرقبتک أو شبه ذلک هذه الدار أو الأرض مدة عمرک أو عمری أو سنة)
کما صرح بذلک کله فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الکفایة) و (صیغ العقود) غیر أنه لیس فیه أو شبه ذلک فیکون ظاهر کالحصر فی الثلاثة (و زاد) فی (التذکرة) بعد قوله عمرک أو عمری أو سنة بمعنی مدة معینة أو یطلق أو یقول أرقبتک هذه الدار أو هی لک مدة حیاتک أو وهبت منک هذه الدار علی أنک إن مت قبلی عادت إلی و إن مت قبلک استقرت علیک انتهی (و ظاهر) قوله استقرت علیک أنه یملکها ملکا مستقرا کما حکاه هو فیها و الشیخ فی (المبسوط) عن بعض العامة فی الرقبی إذا أتی بلفظ الإرقاب (بل) قد یتوهم ذلک من کلامه فی (الخلاف) فی آخر مسألة من مسائل الباب بل هو صریح فی ملک العین أو کالصریح فی ملک العین (لکن) یرده تصریحه فی أول الباب بعدم انتقال العین (و یحتمل) أنه إلی المصنف أراد استقرت علیک بقیة عمرک لا مطلقا لأنه المعروف فی المذهب کما فی (المسالک) و ظاهر المذهب کما فی (جامع المقاصد) و فی ظاهر (المبسوط) الإجماع علیه و مما یشبه ذلک هی لک عمرک هی لک مدة حیاتک و المراد بالإیجاب فی العبارة و نحوها و بالعقد فی عبارة الشرائع إیجاب السکنی عقدها التی تختلف علیها الأسماء بحسب اختلاف الإضافة کما هو مقتضی سوق العبارات لکنه یخالف ما سلف لهم فلا بد أن یراد إیجاب کل واحدة منها و عقدها
(قوله) (و تلزم بالقبض علی رأی)
هو الأشهر کما فی (الشرائع) و (الإیضاح) و (التنقیح)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 133
..........
______________________________
و (جامع المقاصد) و (مذهب الأکثر) کما فی (المهذب البارع) و المشهور کما فی (الکفایة) و و (المفاتیح) و المعروف من مذهب الأصحاب کما فی (المسالک) و فی (الریاض) أنه لم یجد خلافا إلا من الشیخ و الحلبی حکاه عنهما صاحب (التنقیح) و به أی لزومها بالقبض صرح فی (المبسوط) مکررا و (المهذب) و (فقه الراوندی) و (السرائر) و (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الإیضاح) و (الدروس) و (التنقیح) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و و (الکفایة) و (المفاتیح) و هو ظاهر (الخلاف) أو صریحه قال إذا أتی بواحدة منها أی العقود الثلاثة و أقبضه فقد لزمت العمری ثم علیه إجماع الفرقة و أخبارهم و قد عرفت أنه لا فرق عنده بین العمری و السکنی و کذا (فقه الراوندی) هذا و لیس لک أن تقول إن ظاهر (النافع) عدم اشتراطه فی اللزوم حیث قال و تلزم لو عین المدة لأنه قد تقدم له أنه لا بد من القبض (و حکی) فی (الشرائع) القول بأنها لا تلزم و القول بأنها یلزم إن قصد القربة (و قد حکی) ذلک أیضا فی (التحریر) و (الإیضاح) و (الحواشی) و (التنقیح) و (المهذب البارع) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) و (المفاتیح) و قد أشیر إلیه فی (الإرشاد) و (الدروس) و فی (المسالک) أن هذین القولین لم نقف علی قائلیهما و قد نسب فی (التنقیح) القول بالعدم مطلقا للشیخ و الثانی للتقی و نحن نقول لیس فی (النهایة) و (التهذیبین) لذلک عین و لا أثر و قد سمعت ما فی (المبسوط) و (الخلاف) (و قال) فی (الکافی) إن کلا من الثلاثة یقع علی ضربین أحدهما یصح الرجوع فیه و هو ما یفعل تکرما أو لبعض الأغراض الدنیویة و الثانی لا یصح الرجوع فیه و هو ما یفعل لوجه اللّٰه تعالی و بالثانی صرح فی (الغنیة) و (جامع الشرائع) و قد حکاه الشهید فی (الحواشی) عن (المختلف) و قد سمعت ما فیه و ما فی (المقنعة) من أن القربة شرط اللزوم و کما قد سمعت ما فی (المقنعة) و (النهایة) و (التحریر) فی الحبس و ما فی (التذکرة) عند الکلام علی اشتراط القربة و قد سمعت ما فی (الوسیلة) من أنها شرط الصحة فی الجمیع و لا ریب أن مراد من قال إنها تلزم بالقبض أنما هو إذا کانت موقتة بعمر أو مدة کما صرحوا به إما قبل ذلک أو بعده (کالکتاب) و غیره کما یأتی (و قد صرح) جماعة من القائلین بلزومها بالقبض باستثناء ما إذا أسکنه و لم یعین عمرا و لا مدة قالوا فإنه یجوز له إخراجه حینئذ أی وقت شاء و هو قضیة کلام الباقین و هم أقل قلیل لأن من لم یستثن هذه الصورة هنا ذکرها مستقلة کما فی (النهایة) و (الغنیة) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (اللمعة) و غیرها و کذا (المهذب) و (الوسیلة) و کان الشهید فی (الحواشی) و المحقق الثانی فی (جامع المقاصد) لم یلحظا (الکافی) حیث قالا إن فی کلام القائل باشتراط القربة دقیقة و هی أنه یفهم منه جواز عراء السکنی عن نیة التقرب لأنک قد عرفت أنه صرح بذلک (ثم قال) فی (جامع المقاصد) فحینئذ ینحصر الخلاف فی اللزوم و عدمه (قلت) و القائلون باللزوم منهم من قال تلزم بالقبض فقط و منهم من قال لا تلزم إلا مع القربة و (غرضه) فی (جامع المقاصد) بیان أن القربة لیست عند القائلین بها شرطا فی الصحة (لکنک) قد سمعت ما فی (الوسیلة) من أنها شرط الصحة و (کیف کان) فقد استدل للمشهور فی (جامع المقاصد) بعموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ قلت و هو و إن تناول لما قبل القبض إلا أنه انعقد الإجماع علی أنها غیر لازمة کما تقدم (و استدل) فیه أیضا بروایة أبی الصباح و حسنة الحلبی و قد أسمعناکهما عند الکلام علی قوله لیست ناقلة و لم یصرح فیهما باعتبار القبض کما اعترف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 134
و لو قال لک سکنی الدار ما بقیت أو حییت صح و یرجع إلی المسکن بعد موت الساکن (1) و لو قال أعمرتک هذه الدار و لعقبک رجعت إلیه بعد العقب و لا تنتقل إلی المعمر و إن لم یشترط رجوعها إلیه (2) بعده و کلما صح وقفه صح إعماره من العقار و الحیوان و الأثاث و غیر ذلک (3)
______________________________
هو به قال إلا أنه لا شک فی اعتباره (و قد یستدل) علیه بروایة الحسین بن نعیم عن الکاظم (ع) المتضمنة لکون البیع لا ینقض السکنی (و الأصل) فی ذلک عندهم إجماع (الخلاف) و (الأخبار) المرسلة فیه فإنها صریحة فی ذلک و لم یبق إلا إرسالها و هو منجبر بما عرفت من الشهرة المعلومة و المنقولة و تؤخذ هذه الأخبار مؤیدة و إلا فقد روی عبد اللّٰه بن جعفر فی قرب الإسناد عن السندی بن محمد عن أبی البختری عن جعفر عن أبیه عن علی (ع) أن السکنی بمنزلة العاریة إن أحب صاحبها أن یأخذها أخذها و إن أحب أن یدعها فعل أی ذلک شاء لکنه علی ضعفه و ظهور التقیة منه لا یقوی علی معارضة ما عرفت و لعل نظر القائل بعدم اللزوم مطلقا إلیه إن کان به قائل و (حجة التفصیل) أنها نوع من الهبة کما هو صریح (الوسیلة) و (الفقه الراوندی) و (السرائر) و إن اختیر فیهما أنها لا تلزم إلا بالقبض کما سمعت
(قوله) (و لو قال لک سکنی الدار ما بقیت أو حییت صح و ترجع إلی المسکن بعد موت الساکن)
التاء تاء الخطاب و المراد رجوع السکنی لأن الدار باقیة علی ملک المالک و الغرض من ذکره هذه المسألة بیان أن العین لا تنتقل عن المالک و أنه إذا نقل المنفعة زمانا اتبع الشرط و قد سمعت الإجماعات الظاهرة من عبارة (التذکرة) و (جامع المقاصد) و قال فی (المسالک) هذه المسألة لم ینقل أصحابنا فیها خلافا بل ظاهرهم الاتفاق علی رجوعها إلی المسکن مطلقا و فی (المبسوط) أنه الصحیح علی مذهبنا و قد سمعت الأخبار الدالة علی ذلک بل فیها زیادة علی ذلک إذ قد أفصحت بأنها ترجع إلی المالک فیما إذا قال أسکنتکها ما بقیت فإذا مت فهی لورثتک و عقبک و لعله أشار فی (الشرائع) بالأشبه فی قوله و ترجع إلی المسکن بعد موت الساکن علی الأشبه إلی ما فی (المبسوط) حیث نقل فی المسألة قولین الصحة و البطلان ثم نقل عن القائلین بالصحة منهم من قال إنها تکون للمعمر مدة بقائه و لورثته بعده و منهم من قال إنه إذا مات رجعت إلی المعمر أو ورثته إن کان مات (و قال) هذا هو الصحیح علی مذهبنا کما سمعت و هذه الأقوال للعامة فالبطلان هو الذی استظهره أصحاب الشافعی من قوله فی القدیم إلا أبا إسحاق فإنه قال إن الدار فی القدیم إذا مات المعمر ترجع إلی المالک أو ورثته و أما (القول) بالصحة و أنها ترجع إلی ورثة المعمر کالهبة فهو قول الشافعی فی الجدید فالأولی ترک الأشبه (و لعله) إلی ما فی (الشرائع) أشار بقوله فی (الکفایة) و یفهم من کلام بعضهم أن فیه خلافا و الظاهر أن الخلاف من العامة انتهی
(قوله) (و لو قال أعمرتک هذه الدار و لعقبک رجعت إلیه بعد العقب و لا تنتقل إلی المعمر و إن لم یشترط رجوعها إلیه)
قد تقدم الکلام فی ذلک عند قوله و لیست ناقلة للمالک (و أما) إذا اشترط رجوعها إلیه فقد قال فی (الشرائع) أما لو قال فإذا مت رجعت إلی فإنها ترجع قطعا فظاهره الإجماع (و استدل) علیه فی (الخلاف) و کذا (المبسوط) بإجماع الفرقة و زاد فی (الخلاف) أخبارهم فلعله ظفر بأخبار صریحة فی ذلک أو أراد أخبار الباب التی تضمنت أن الناس عند شروطهم و نحو ذلک
(قوله) (و کلما صح وقفه صح إعماره من العقار و الحیوان و الأثاث و غیر ذلک)
کما فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 135
و لو قرنت الهبة بمدة بطلت (1) و إذا وقت السکنی لم یجز له الرجوع قبل الانقضاء مع القبض و کذا لو قرنت بعمر المالک (2) فإن مات الساکن فلورثته السکنی حتی تنقضی المدة أو عمر المالک (3)
______________________________
(الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و علیه نبه فی (الکافی) غیر أنه لا تمثیل فی (الإرشاد) و (الدروس) و (اللمعة) و ظاهر (التذکرة) الإجماع علیه إما لأنها نوع إعارة التزم بها أو أنها نوع صدقة بالمنافع المباحة فجازت کما تجوز فی الملک کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (مما یجوز) إعماره الجاریة کما فی صحیح محمد بن مسلم لکن إنما یستبیح منفعتها و استخدامها دون وطئها لأن استباحة البضع منوطة بلفظی الإباحة و التحلیل و الواقع هنا لا یدل علیهما کما فی (التذکرة) و (المسالک) و قال فی (الکفایة) قالوا فتأمّل و أحمد قال العمری ناقلة و قال لا یستباح له وطء الجاریة و الغرض من ذکرهم هذه الکلیة بیان أن مورد العمری أعمّ من مورد السکنی فلا یتوهم من تشارکهما فی کثیر من الأحکام أنها کالسکنی یختص بدار الإسکان و ضابطها ما صح وقفه و و مثلها الرقبی کما تقدم و کان الواجب علیهم أن یذکروها
(قوله) (و لو قرنت الهبة بمدة بطلت)
قد قال فی (التذکرة) العبارة عن العقد أن یقول المالک أسکنتک أو أعمرتک أو أرقبتک أو ما جری مجری ذلک کهذه الدار لک عمرک أو عمری إلی أن قال أو یقول وهبت منک هذه الدار عمرک علی أنک إن مت قبلی عادت إلی و إن مت قبلک استقرت علیک کما تقدم نقله و (قضیته) أن العمری و الرقبی تصحان بلفظ الهبة و فی (جامع المقاصد) لا مانع من الصحة لأن العمری فی معنی الهبة للمنافع (و قضیة الجمیع) أن المراد من العبارة أنه لو قال وهبتک الکتاب مثلا سنة قاصدا تملیک العین بطلت الهبة إذ لا یعقل الهبة الموقتة و البیع الموقت و یکون الغرض من ذکره التنبیه علی الفرق بین نقل المنافع موقتا و نقل الأعیان کذلک فلو قصد فی المثال إرقاب الکتاب سنة صح
(قوله) (و إذا وقت السکنی لم یجز له الرجوع قبل الانقضاء مع القبض و کذا لو قرنت بعمر المالک)
هذان مما لا خلاف فیهما من القائلین بلزوم العقد بالقبض و قد تقدم الکلام فیهما عند قوله و تلزم بالقبض
(قوله) (فإن مات الساکن فلورثته السکنی حتی تنقضی المدة أو عمر المالک)
کما صرح بذلک و نحوه فیما إذا قرنت بعمر المالک فی (النهایة) و (الخلاف) و (المبسوط) و (فقه الراوندی) و (الوسیلة) و (الغنیة) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) و (المفاتیح) و فی (الخلاف) أن علیه إجماع الفرقة و أخبارهم و فی (المسالک) و (الکفایة) و (الریاض) أنه لا خلاف فیه و کأنهم لم یظفروا بقول المحقق فی (نکت النهایة) إن الذی یرجح فی ذهنی أنه لا تکون لعقبه السکنی إلا إذا جعلها له و لعقبه بعده و لو جعل السکنی له مدة حیاة المالک و لم یتلفظ بجعلها لعقبه بعده و مات المجعول له بطلت السکنی لأنه لیس بتملیک بل هو أشبه بالإباحة و إن کان لازما فلا یتعدی المجعول له و ما ذکره فی النهایة یطالب بدلیله انتهی (قلت الدلیل علیه إجماع (الخلاف) و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 136
و لو قرنت بعمر الساکن فمات المالک لم یکن لورثته إزعاجه قبل وفاته مطلقا علی رأی (1)
______________________________
(الأخبار) المرسلة فیه المنجبرة بفتوی الأصحاب إذ لم یخل عن ذلک سوی (المقنعة) و (المراسم) و (الکافی) فالإجماع محصل معلوم أیضا و إنها منفعة مالیة تملک بالتملیک فإذا جعل لها أحدا فی عقد لازم ملکها المجعول له فوجب أن ینتقل إلی وارثه کما یملکها الموروث لو کان باقیا کما هو الشأن فی الإجارة (و لیس لک) إلا أن تقول لو ملکها لجاز له إجارتها و إعارتها و إسکان غیر أهله و ولده و المشهور خلافه و (المخالف) المجوز لذلک کله إنما هو ابن إدریس (و فیه) أنا نقول إن الذی یملکه ملکا تاما إنما هو خصوص السکون فیها لا جمیع منافعها لأن ذلک شأن الإجارة لا شأن السکنی و (تمام الکلام) عند تعرض المصنف له و (جعل الحجة) علی ذلک فی (الریاض) نفی الخلاف فی (المسالک) و قولهم بأنها تورث و أنها کالإجارة و أنها فی معنی هبة المنافع و أنها عقد لازم یقضی بأنها تقبل التقایل کما هو الشأن فی العقود اللازمة (و قال) فی (جامع المقاصد) إنه لم یجد به تصریحا (قلت) لا حاجة بهم إلیه بعد تصریحهم بما عرفت کما لم یصرحوا بأنه لا بد من فوریة القبول و کون العقد بالعربیة و غیر ذلک مما یشترط فی العقد اللازم و لم یصرح الأکثر باشتراط کونه منجزا
(قوله) (و لو قرنت بعمر الساکن فمات المالک لم یکن لورثته إزعاجه قبل وفاته مطلقا علی رأی)
قد تطابقت علیه الفتاوی تصریحا أو اقتضاء من (المقنعة) إلی (الریاض) إذ قد حکم به فی الکتب التی خلت عن الشق الأول (فقد) صرح به فی (الکافی) و (اقتضته) عبارة (المقنعة) بل کاد یکون قضیة کلام (المراسم) و فیما عندنا من نسخ الخلاف سقط علی الظاهر لکنه قد یظهر ذلک من هذا الموجود و فی (المختلف) و (التنقیح) أنه مذهب أکثر علمائنا و فی (الإیضاح) أنه مذهب أکثر العلماء و هذا قد یتناول العامة و فی (الحواشی) و (المهذب البارع) و (المسالک) و (الکفایة) أنه المشهور و فی (جامع المقاصد) أنه المشهور و المفتی به و هذا قد یلوح منه الإجماع و فی (الدروس) نسبته إلی المتأخرین و هو یقضی بإجماعهم (و لا یعجبنی) شی‌ء من ذلک إذ لم نجد الخلاف إلا من أبی علی و هو شاذ نادر (و قال) بعد سبعمائة سنة تقریبا صاحب (الکفایة) إنه لا یخلو من قوة (نعم) قد یتوهم من کلام (الشیخ) فی کتاب (الأخبار) موافقته و لیس کذلک کما ستعرف إن شاء اللّٰه (و المراد) بالإطلاق فی عبارة الکتاب هو أنه لا فرق فی ذلک بین کون ثلث الترکة وافیا بقیمة الدار أو لا کما هو قضیة إطلاق عبارات الأصحاب لأنه استحق المنفعة بالعقد اللازم مدة حیاته فیجب إجراؤه علی ما شرط و قال الصادق (ع) فی خبر الکنانی إن کان جعل السکنی فی حیاته فهو کما شرط فإن الظاهر رجوع الضمیر إلی الساکن بقرینة قوله و إن کان جعلها له و لعقبه و هو أعمّ من أن یموت المالک أو یبقی (و نحوه) حسنة الحلبی أو صحیحته و خبر الحسین بن نعیم (مضافا) إلی قوله (ع) فی خبر حمران أن الناس عند شروطهم (و قال) أبو علی فیما حکی إذا أراد ورثة المالک إخراج الساکن بعد موت المالک نظر إلی قیمة الدار فإن کان یحیط بها ثلث المیّت لم یکن لهم إخراجه و إن کان ینقص عنها کان ذلک لهم و هذا (التفصیل) موجود فی خبر خالد بن نافع البجلی و الخبر صحیح إلیه و لا مدح و لا قدح فیه عن أبی عبد اللّٰه (ع) قال سألته عن رجل جعل لرجل سکنی دار له مدة حیاته
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 137
و لو مات الساکن لم یکن لورثته السکنی (1) و لو لم یعین مدة کان له إخراجه متی شاء (2)
______________________________
یعنی صاحب الدار فلما مات صاحب الدار أراد ورثته أن یخرجوه إلیهم ذلک قال فقال أری أن تقوم الدار بقیمة عادلة و ینظر إلی ثلث المیّت فإن کان فی ثلثه ما یحیط بثمن الدار فلیس للورثة أن یخرجوه و إن کان الثلث لا یحیط بثمن الدار فلهم أن یخرجوه (قال الشیخ) ما تضمن من قوله صاحب الدار فإنه غلط من الراوی و وهم منه فی التأویل لأن الأحکام التی ذکرها بعد ذلک أنما تصح إذا کان قد جعل السکنی حیاة من جعلت له السکنی فحینئذ تقوم و ینظر باعتبار الثلث و زیادته و نقصانه و أما إذا جعل السکنی حیاة صاحب الدار فإنه تبطل السکنی بموته (و ربما أوهم) هذا الکلام موافقة أبی علی و لیس کذلک إذ الظاهر أنه أراد بیان بطلان هذا التأویل بناء علی ما اشتملت علیه الروایة من الحکم و أنه لا یتمشی الحکم المذکور فیها إلا علی تقدیر کون التعمیر بمدة عمر الساکن (و لعل) المراد بصاحب الدار الساکن فیها و بتقویمها تقویم منفعتها فلا خلل و لا اضطراب لکنهما خلاف الظاهر (و قد قال) فی (الدروس) و (التنقیح) إن فی متنها اضطرابا و فی (المسالک) أن فی متنها خللا و رمیت بالضعف فیه و فی غیره (و قد حملها) فی (المختلف) علی الوصیة و فی (الإیضاح) علیها أو علی الإنجاز حال المرض
(قوله) (و لو مات الساکن لم یکن لورثته السکنی)
هذا قضیة کلام (المقنعة) و (المراسم) و (الکافی) و معنی ما فی (النهایة) و (الوسیلة) و (الشرائع) و (النافع) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) لأن العقد أنما کان علی سکنی مورثهم
(قوله) (و لو لم یعین مدة کان له إخراجه متی شاء)
کما فی (النهایة) و (الغنیة) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (التحریر) و (التبصرة) و (الإرشاد) و (الدروس) و (اللمعة) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و (المفاتیح) و هو معنی ما فی (المهذب) و (الوسیلة) و فی (الریاض) أنه لا خلاف فیه کما تقدم التنبیه علیه فیما سلف (و قال) مولانا الصادق (ع) فی صحیحة الحلبی حیث سئل عن رجل أسکن رجلا داره و لم یوقت قال جائز و له أن یخرجه إذا شاء (و مثله) قال الصادق (ع) فی موثقة أحمد بن عمر الحلبی (و علیه) یحمل خبر قرب الإسناد المتضمن إن السکنی مثل العاریة (و قد سمعت) أنه فی (التذکرة) صرح بأنه مع الإطلاق یلزم الإسکان فی مسمی العقد و لو یوما و بعده للمالک الرجوع متی شاء و (وافقه) علی ذلک الشهید فی (الحواشی) و (المحقق الثانی) و (نفی) عنه البعد (صاحب الکفایة) و قد اکتفی الشهید بأن یکون قد سکن و لو یسیرا (و لعله) یخالف ما فی (جامع المقاصد) من أن الضابط ما یسمی إسکانا عرفا و لو یوما أو دونه إن صدق علیه الاسم (و نحوه) ما فی (المسالک) و (احتج له) فی (جامع المقاصد) بصحیحة الحلبی و لعله استخرجه من قوله و له أن یخرجه بعد قوله أسکن رجلا فإن الإخراج ظاهر فی أنه قد سکن و أن الإخراج بعد السکون فیها و (هذا المعنی) یمکن إرادته من أکثر عبارات الأصحاب (لکنه) فی (المسالک) استظهر من عبارات الأکثر و من الخبر الجواز بمعنی إن شاء أسکن و إن شاء لم یسکن لا بمعنی إن شاء أخرج و إن شاء لم یخرج (قلت) من البعید غایة البعد أن یراد من قولهم له إخراجه أن له إخراجه من الإسکان لا من الدار مثلا بأن تکون صلة الإخراج محذوفة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 138
..........
______________________________
تقدیرها من الإسکان و فی (المسالک) و (الکفایة) أنه یمکن الاحتجاج له بما دل علی لزوم غیره من العقود کالآیة الشریفة فلا بد من الحکم هنا بلزومه وقتا ما عملا بالدلیلین ثم یرجع إلی الجواز (و قد یقال) علی ما فی (جامع المقاصد) إن قضیة الجواز الظاهر من کلام الأصحاب أنما هو التخییر بین الوفاء بالعقد و عدمه فمعناه إن شاء أسکن و إن شاء لم یسکن و متی أسکن إن شاء أخرج و إن شاء لم یخرج و الصحیحة قد اشتملت علی الثانی و لا یلزم من ذکره الاختصاص به حتی یفهم منه ما تکلفناه له فتأمّل (و أما الآیة الکریمة) فلا یمکن الاستدلال بها لاختصاصها بما لا یتضمن الجهالة و الإسکان إذا لم یکن مقیدا بمدة أو عمر مجهول و قضیة ذلک فساد السکنی من أصلها إلا أن الأخبار و الإجماع صححاها و لا یلزم من ذلک أنها لازمة مطلقا و لو فی الجملة فتأمّل أو نقول الآیة مخصوصة بالعقود اللازمة و لزوم الوفاء آنا ما فقط خلاف ظاهر الآیة إذ ظاهرها وجوب الوفاء ما لم یعرض العقد ما یوجب فسخه أو بطلانه فلا تندرج هذه الصورة تحت ظاهر الآیة فتأمّل (و ینبغی التنبیه علی أمور) (الأول) أن مورد أخبار الباب و عبارات الأصحاب جعل غایة العمری عمر المالک أو عمر المعمر و یضاف إلیه عقب المعمر (و قضیة) ذلک أن لا یتعدی بها إلی غیر ذلک إلا ما حکاه فی (المسالک) عن الشهید فی بعض فوائده و لم نظفر به کما ستسمع (بل) قد یدعی من فحوی کلامهم أو مفهومه الإجماع علی عدم التعدی لاشتمال هذا العقد علی جهالة کثیرة و تملیک منفعة ملکا لازما من دون عوض (و أصول) المذهب تقضی بالمنع من ذلک فی غیر محل الوفاق و لا یجدی التمسک بالأصل و عموم الأمر بالوفاء بالعقود و الشروط و صدق اسم العمری المدلول علی شرعیتها فی بعض النصوص من دون تقیید بعمر أحدهما لاختصاص الأصل و العمومین بما لا یشتمل علی الجهالة (ثم) إنه لا أصل لهذا الأصل مع ذکر العمومات بعده لأن المراد به فی هذا و نحوه العموم إلا أن یکون عطف تفسیر و الإطلاق ینصرف بحکم التبادر إلی العمری المقیدة بعمری أحدهما (و الاستناد) إلی عدم تعقل الفرق لیس بدلیل إلا أن یدعی تنقیح المناط و تنقیحه إما بالإجماع أو العقل و لا إجماع ینقحه و العقل لا یقطع بعدم الفرق إذ تعلیقها علی عمر الأجنبی یقضی غالبا بجهالة أخری علی جهالتها و إثارة النزاع و الاختلاف إذ الغالب فی الأجنبی مفارقتهما و عدم معرفة حیاته و موته و لا کذلک الحال فیهما فإن هذا مالک و هذا فی داره ساکن فکان شرطه موجبا لزیادة التجهیل (فلا یصح) الاستناد فی الصحة إلی قولهم (ع) له شرطه و الناس عند شروطهم لأن کان کالتعلیل لظهور أن الحکم باللزوم أنما هو من حیث الشرط لما عرفت فکان المراد بقولهم (ع) له شرطه و نحوه هذا الشرط المذکور فی الأخبار لا أی شرط کان (و قال) فی (المسالک) و هل یتعدی إلی غیر ذلک بأن یقرنها بعمر غیرهما یحتمله و هو الذی أفتی به الشهید فی بعض فوائده ثم نفی هو عنه البأس و استجوده (صاحب الریاض) مستندین إلی الأصل و العمومات و الإطلاق کما عرفت (ثم) إنا لم نجد ذلک للشهید فی حواشیه علی الکتاب و لا فی بقیة کتبه (فلعل) ما ظفر به الشهید الثانی من نسبة ذلک إلیه غیر صحیح و الغالب أنه یرید بفوائده حواشیه علی الکتاب (و علی القول) بالتعدی لو مات المالک فالحکم کما لو فات فی حیاة المعمر و إن فات المعمر أو من علقت علی عمره عادت إلی المالک عملا بالشرط (الثانی) أنه قد یظهر من کلامهم کالمصنف فی الکتاب و غیره أن هذه الأحکام مختصة بالسکنی المختصة بما یسکن من دار و نحوها إلا أن الأصول تقضی بجریانها فی کل رقبی و عمری و إن تعلقتا بغیر متعلق السکنی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 139
و لا تبطل السکنی بالبیع بل یجب توفیته ما شرط له ثم یتخیر المشتری مع جهله بین الرضا مجانا و الفسخ (1)
______________________________
کالعبد و نحوه (الثالث) قطع فی (الدروس) ببطلان العمری مع الإطلاق کما لو قال أعمرتک و سکت و لم یتعرض للرقبی و هو الذی قواه فی (التنقیح) و مال إلیه فی (المسالک) و قطع فی (التحریر) بأنه مع إطلاق العمری و الرقبی یصح و یکون للمالک إخراجه متی شاء کالسکنی و قربه صاحب (إیضاح النافع) (و قال) فی (المسالک) بعد حکایة ذلک هو فی الرقبی حسن و فتوی (الدروس) فی العمری أحسن و ظاهر کلامه قبل هذا التوقف فی العمری و الحکم بالصحة فی الرقبی (و الوجه) فی البطلان أن مقتضاها الاقتران بعمر أحدهما فإذا لم یعین أحدهما بطلت للجهالة کما لو عین مدة غیر مضبوطة و قضیة ذلک أنه إذا لم یعین السکنی مدة أصلا صح و أما إذا عین مدة غیر مضبوطة کقدوم الحاج و إدراک الغلة فإنه یبطل و العمری حیث یطلق من قبیل الثانی لکن قول السائل فی الحسن و الموثق حیث سأل عن رجل أسکن داره و لم یوقت یشمل الأمرین لأن من وقت و لم یعین لم یوقت بل هو المراد من السکنی المطلقة الصحیحة التی لیست بلازمة فالقول بالصحة جریانها مجری السکنی
(قوله) (و لا تبطل السکنی بالبیع بل یجب توفیته ما شرط له ثم یتخیر المشتری مع جهله بین الرضا مجانا و الفسخ)
أما عدم بطلان السکنی بالبیع إن وقتت بأمد أو عمر فقد صرح به فی (النافع) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) و (المفاتیح) و (ظاهر التنقیح) أو (صریحه) الإجماع علیه و فی (الریاض) أنه لا خلاف فیه و (ظاهر جامع المقاصد) حیث قال قطعا الإجماع علی عدم بطلانها به إذا وقت بأمد (و هو معنی) قول الشیخ و القاضی فی (النهایة) و (المهذب) لا یجوز له بیعه إلا بعد انقضاء المدة أو تشرط علی المشتری مقدار ذلک الزمان (و هو معنی الخبر) کما ستسمع (و قد ترک) القید فی (التبصرة) کالکتاب و لا بد منه کما ستعرف (و قد صرح) فی (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (المسالک) و (الکفایة) و (المفاتیح) أیضا بعدم بطلان العمری بالبیع (و قال) فی (الدروس) لو باع المالک العین کان فسخا للسکنی لا للعمری و الرقبی انتهی و لم یفرق فی السکنی بین المطلقة و الموقتة فی البطلان و الفسخ و هو فی محله فی المطلقة کما هو الشأن فی العقد الجائز إذا طرئ علیه لازم ینافیه (إلا) إذا قلنا بلزومها وقتا ما فتبطل بالبیع إذا حصل بعد مضی زمان استیفاء مسمی الإسکان و نحوها العمری و الرقبی حیث نقول بصحة الإطلاق فیهما و إلا کانتا باطلتین قبل البیع (و من الغریب) أنهم لم ینقلوا عنه خلافا کما لم یتضح وجهه علی إطلاقه فی الجمیع و (کیف کان) فالوجه فی عدم بطلان السکنی بالبیع حیث تکون لازمة ظاهر لأن العقد اللازم کالإجارة لا یبطله البیع (و یدل) علیه ما رواه الصدوق و الشیخ فی الصحیح عن حسین بن نعیم عن أبی الحسن موسی (ع) قال سألته عن رجل جعل سکنی داره لرجل أیام حیاته أو جعلها له و لعقبه من بعده قال هی له و لعقبه کما شرط قلت فإن احتاج إلی بیعها أ یبیعها قال نعم قلت فینقض بیعه الدار السکنی قال لا ینقض البیع السکنی کذلک سمعت أبی علیه السلم یقول قال أبو جعفر لا ینقض البیع الإجارة و لا السکنی و لکنه یبیعه علی أن الذی یشتریه لا یملک ما اشتری حتی تنقضی السکنی علی ما شرط و الإجارة الحدیث فالخبر صریح فی السکنی و العمری معا و لیس مختصا بالعمری (کما) هو ظاهر (الدروس) و صریح (المسالک) بل قد یلوح ذلک من کل من خص العمری بالذکر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 140
و لو قرنت السکنی بالعمر بطل البیع علی إشکال (1)
______________________________
و کأنهم غفلوا عما تکرر فیه بعد ذلک من ذکر السکنی خصوصا الروایة عن أبی جعفر (ع) و قال فی (المسالک) و إنما خصها إلی العمری بالذکر یعنی المحقق فی (الشرائع) حیث قال و لا تبطل بالبیع لأن جواز البیع فیها یقتضی جوازه فی أختیها بطریق أولی و لأنها مورد النص (و التعلیل الثانی) قد عرفت حاله (و أما الأول) ففیه أن المدعی عدم بطلانها بالبیع لا جواز البیع و أحدهما غیر الآخر إلا أن تقول إنه أراد اللازم (و أما) الأولویة فمعناه أنه إذا جاز البیع فی العمری مع جهالة مدة العمر جاز فی السکنی و الرقبی المقترنة بمدة معینة بطریق أولی (و أما أنه) یجب علی المشتری الصبر و توفیة ما شرط له إن کان عالما فهو قضیة عدم البطلان (و قد نبه) علیه فی الخبر و (النهایة) و (المهذب) و صرح به فی (الشرائع) و أکثر ما عنها تأخر (و أما) أن المشتری الجاهل یتخیر بین الرضا مجانا و الفسخ ففی التنقیح أنه إجماع و به صرح جماعة (و لعل) إجماع (التنقیح) مستفاد من أن فوات المنفعة عیب مجوز للفسخ لکونه ضررا منفیا بالإجماع و غیره
(قوله) (و لو قرنت السکنی بالعمری بطل البیع علی إشکال)
و نحوه ما فی (المختلف) و (الإیضاح) و (التنقیح) و موضع من (التذکرة) من عدم الاستشکال و الترجیح و حکی فی (الإیضاح) عن والده أنه قال لا أفتی فیها بشی‌ء و الصحة صریح الخبر و الإرشاد و (التذکرة) فی أول کلامه و (الدروس) و (المسالک) و (الروض) و (الکفایة) و (المفاتیح) و (الریاض) و ظاهر (الشرائع) و (النافع) (بل) قد یستظهر ذلک من (النهایة) و (المهذب) و فی (الحواشی) أن فیه قوة (و هو المحکی) عن أبی علی (و قال) فی (التحریر) الأقرب أنه لا یجوز البیع (فما نسب إلیه) من القطع به کما فی (الریاض) غیر صحیح فالخلاف منحصر فیه بلفظ الأقرب و فی (إیضاح النافع) قاطعا به مستندین إلی أن الغرض المقصود من البیع هو المنفعة و لهذا لا یجوز بیع ما لا منفعة فیه و إلی أن زمان استحقاق المنفعة فی العمری مجهول (و قد منع) الأصحاب من بیع المسکن الذی تعتد فیه المطلقة بالإقراء لجهالة وقت الانتفاع به فهاهنا أولی لإمکان استثناء الزوج مدة یقطع بعدم زیادة المدة علیها بخلاف المتنازع (و لعل) هذه لا تقوی علی مقاومة الخبر الصریح المعتبر و قد عمل به أکثر من تعرض له (مضافا) إلی الأصل بمعنی العمومات الآمرة بالوفاء بالعقود (و قد بالغ) فی (الریاض) فقال إن القول بالمنع اجتهاد فی مقابلة النص و إنه ضعیف غایة الضعف (إذ فیه) أنه رجوع إلی القواعد المقررة و هو أن البیع لیس مقصودا لذاته بل للانتفاع بالمبیع و من ثم حرم بیع ما لا ینتفع به و ما أسقط الشارع نفعه و وقت الانتفاع مجهول فیتطرق الجهالة إلی المبیع و کل مبیع مجهول لا یصح بیعه إجماعا و ما هو إلا کما إذا باعه داره و اشترط علیه أن ینتفع بها سنین کثیرة غیر محصورة فإنا لا نعلم أن أحدا قال أو احتمل صحة لهذا البیع و هو لیس لک إلا أن تقول إن بیع الأصل غیر مشروط بعلم قدر منافعه بل بعلم الأصول و إن جهل مقدار المنفعة کبیع الشاة ذات اللبن مع جهالة قدر الحلب و فیه أنا نفرق بین العلمین لأنا نشترط العلم بمقدار المنفعة من حیث الزمان و لا کذلک مقدار المنتفع به (فالقول) بالعدم من جهة القواعد قوی جدا علی أن فی الخبر ما یمنع من العمل به فی جمیع ما اشتمل علیه لأنه تضمن صحة بیع الدار و إن جعلها له و لعقبه و قد تفنی الدار و لا یفنی عقبه فیکون قد اشتری ما لا ینتفع به أصلا فی وجه من وجوه الانتفاعات فیعد شراؤه هذا سفها و إن احتملت الصحة فی مثل ذلک فی العبد و الأمة لمکان إمکان
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 141
و إطلاق السکنی یقتضی أن یسکن بنفسه و أهله و أولاده و لیس له إسکان غیرهم إلا مع الشرط (1)
______________________________
عتقهما و وطء الجاریة لأن مورد الخبر الدار و منه یعلم الحال فی منع الأولویة المدعاة فی کلام المانع بأن مثله یأتی فی العمری بالنسبة إلی العمر الطبیعی الذی لا یعیش المعمر بعده قطعا لأن ذلک لا یتأتی فی العقب (و قد نوقش) فی فتوی الأصحاب بالمنع من بیع دار المطلقة بعدم بلوغها درجة الإجماع (و فیه) أنا لم نجد مخالفا و لا مترددا بل وجدناهم جازمین مستندین إلی تحقق الجهالة فی المبیع فیکون الطریق متحدا (بل) ظاهر (المختلف) و (الإیضاح) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و غیرها هنا الإجماع علی ذلک هنا حیث نسبوه إلی الأصحاب حتی (تجشم) صاحب (إیضاح النافع) فحمل الخبر علی الصلح (نعم) تأمّل هناک بعض من تأخر کصاحب (المسالک) بأن الجهالة الیسیرة فی ذات العادة المستقرة فتکون مغتفرة (و فیه) أنه یجوز تخلفها فتردد العدة حینئذ بین ستة و عشرین یوما و لحظتین و خمسة عشر شهرا أو سنة أو تسعة أشهر (و مما ذکر یعلم) منشأ وجهی الإشکال (و لیعلم) أنه فی (المختلف) بعد ما حکی عن أبی علی صحة البیع قال و للشیخ قول یناسب ما قاله ابن الجنید فی المبسوط و هو أنه إذا أوصی بخدمة عبده علی التأبید جاز لورثة الموصی بیع الرقبة علی الأقوی و نقل عن قوم المنع لأنه رقبة مسلوبة المنفعة فهو کبیع الجعلان انتهی (و قال) فی (المسالک) و فی مناسبة هذا القول لما نحن فیه نظر و حاصل ما فرق به أن منفعة الخدمة فی الموصی به غیر ملحوظة فالمنفعة المجهولة غیر ملحوظة و إنما غرضه العتق و هی منفعة معلومة و لا کذلک الحال فی العمری (و قال) فی (المسالک) و ربما فرق بین بیعه علی المعمر فیصح لأن الجهالة تقل و غیره فلا یصح (و فساده واضح) و لم نجده لأحد منا (و حیث) یجوز بیعه لغیر المعمر و جاز له أن یصالح المشتری علی تلک المنفعة المستحقة له مدة عمره بمال معلوم و یصیر المشتری حینئذ مالکا للجمیع و لو کان هو المعمر جاز له بیع العین حینئذ بجمیع منافعها لأنها بأجمعها مملوکة له یجوز له قبل الشراء الصلح علیها دون بیعها لأنه یجوز بیع المنافع
(قوله) (و إطلاق السکنی یقتضی أن یسکن بنفسه و أهله و أولاده و لیس له إسکان غیرهم إلا مع الشرط)
و الإذن کما هو خیرة (النهایة) و (المهذب) و (الغنیة) و (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (المختلف) و (الدروس) مع زیادة الضعیف فی (الدروس) و فی (جامع المقاصد) أنه مذهب الشیخ و أکثر الأصحاب و فی (المسالک) و (الکفایة) أنه المشهور و فی (النافع) و (التذکرة) و (التبصرة) و (اللمعة) و (الروض) و (الروضة) و (المفاتیح) أن الإطلاق یقتضی أن یسکن بنفسه و من جرت عادته أی الساکن بإسکانه و فی (جامع المقاصد) و (المسالک) أنه حسن و فی (المفاتیح) أنه المشهور و فی (التنقیح) أنه مذهب الشیخ و القاضی و أنه المشهور و علیه الفتوی (و صریحه) کما هو ظاهر الأربعة الناقلین للشهرة أنه لا خلاف بین النهایة و ما وافقها و بین النافع و ما وافقه (لکن) ما فی (جامع المقاصد) و (المسالک) من أنه حسن یخالف ذلک (و قال) فی (الکفایة) إنه قد ألحق بأهله و ولده من جرت العادة بإسکانهم کالعبید و الإماء و الخدم و مرضعة الولد و الضیف و غیرهم و قد قید الضیف بما إذا لم یطل زمانه بحیث یعد عرفا أنه غیر ضیف (و ألحق) جماعة الدابة إذا کان الموضع معدا لمثلها و جوزوا وضع ما جرت العادة بوضعه من الأمتعة و الغلة و فی (التنقیح) أنه یجوز من
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 142
و لا أن یؤجر المسکن إلا مع الإذن (1) و لا تجب العمارة علی أحدهما و لا له منع الآخر من غیر المضر منها (2)
______________________________
الغلة قدر الحاجة (و قال) فی (السرائر) الذی تقتضیه أصول المذهب أن له جمیع ذلک و أن له إجارته و انتقاله و إسکان غیره معه سوی ولده و امرأته سواء أذن له فی ذلک أم لا لأن منفعة هذه الدار استحقها و صارت مالا من أمواله و حقا من حقوقه فله استیفاؤها کیف شاء بنفسه و بغیره (و ما) أورده شیخنا فی نهایته فلا شک أنه خبر واحد قلیلا ما یورده أصحابنا فی کتبهم فشیخنا المفید لم یورده فی (مقنعته) و لا السید المرتضی و لا المحصلون من أصحابنا انتهی (و قد یظهر) من سبطه فی (جامع الشرائع) موافقته له حیث نسب ما فی النهایة إلی بعض أصحابنا و قد تقدم للشیخ و من وافقه هنا أن السکنی تورث و أن لورثة الساکن السکنی بعد موته إذا کانت موقتة بعمر المالک أو مدة لم تنقض کما تقدم (بل) قد صرح فی (الخلاف) و غیره أن الساکن یملک المنفعة و ذلک یقضی بموافقة (السرائر) إلا أن تقول کما تقدم التنبیه علیه إن نظر الأصحاب إلی أن غایة ما یدل علیه لفظ السکنی أنما هو السکون فی تلک الدار لا مطلق الانتفاع إذ ذلک شأن الإجارة فالساکن یملک السکنی و السکون خاصة فی تلک الدار ملکا تاما یورث عنه فلا منافاة أصلا و إن أشعر بها کلام (الدروس) أو ظهرت منه و (لعله) فی (المسالک) نظر إلی ذلک حیث قال بعد نقل دلیل المشهور فیه نظر و لم ینبه (فقوله) فی (السرائر) أنه استحق منفعة هذه الدار و صارت مالا من أمواله إن أراد جمیع منافعها فهو فی محل المنع لأن الأصل عصمة مال الغیر و حفظه عن تسلیط غیر المالک خرج عنه السکنی بنفسه بالإذن و أهله و ولده لمکان قضاء العرف و العادة فصار کالمأذون فیه لفظا و بقی الباقی علی أصل المنع و إلا فقضیة قوله أسکنتک أنه إنما أذن له السکون بنفسه خاصة لکن العرف و العادة قضیا بذلک و إن أراد هذه المنفعة الخاصة أعنی السکون خاصة فهو مسلم لکن لا یتفرع علیه ما ذکر ثم إنه قد اعترف بوجود خبر صریح فی ذلک و إرساله منجبر بالشهرة المعلومة فی عدة مواضع (و قد تقدم) أن ما یحکیه الفقیه کالذی یرویه (و لما) لم یعرف ذلک (صاحب الحدائق) فاه بما نرجو أن یغفره له الإله و أما مع الإذن و الشرط فالوجه ظاهر
(قوله) (و لا أن یؤجر المسکن إلا مع الإذن)
کما فی (النهایة) و (المهذب) و (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (المختلف) و (الدروس) و (اللمعة) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (المفاتیح) و قد صرح فی بعض هذه أنه لیس له أن یعیرها و أنه لیس له إسکان غیره معه غیر ما ذکر آنفا (و قد عرفت) الوجه فی ذلک کله کما عرفت أن المخالف ابن إدریس و کذا سبطه و ینبغی أن یقال إنه إذا أعمره أو أرقبه أرضا شأنها الزرع أو دابة شأنها الحرث أو الحمل علیها أو خانا کان للمعمر أن یؤجر أمثال ذلک عملا بالأصل و قضاء العرف و العادة و إذا أذن فی إجارة المسکن فالأجرة للساکن
(قوله) (و لا تجب العمارة علی أحد و لا له منع الآخر من غیر المضر)
کما فی (جامع المقاصد) أما (الأول) فلأنه لا یجب علی المالک عمارة داره و لا علی الساکن عمارة مسکن غیره و أما (الثانی) فلأن الساکن إذا أراد العمارة کان ذلک مصلحة للمالک إذ الفرض أن لا ضرر فیها ثم إن فی العمارة مدخلا فی استیفاء المنفعة أو کمالها و استیفائها حق له و إن أرادها المالک کانت مصلحة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 143
و إذا حبس فرسه فی سبیل اللّٰه أو غلامه فی خدمة البیت أو المشهد و المسجد لزم و لا یجوز تغییره ما دامت العین باقیة (1)
______________________________
للساکن و لا معنی لمنعه من تعمیر ملکه مع ما فیه من الضرر علیه و عدم الضرر علی الساکن و أما مع حصول الضرر علی أحدهما فلا بحث فی عدم الجواز إلا مع الإذن (و الظاهر) أن للمالک منع الساکن من العمارة التی لا تستدعیها السکنی عادة التفاتا إلی أصالة عصمة مال الغیر و وقوفا مع ظاهر العقد
(قوله) (و إذا حبس فرسه فی سبیل اللّٰه أو غلامه فی خدمة البیت أو المشهد و المسجد لزم و لا یجوز تغییره ما دامت العین باقیة)
حکم الحبس حکم السکنی فی اعتبار العقد و القبض و القربة و التقیید بمدة و الإطلاق و محله محل الوقف أما أنه لا بد فیه من العقد فقد صرح به فی (التحریر) و (اللمعة) و (صیغ العقود) و (المسالک) و (الروضة) و (المفاتیح) و (التذکرة) فیما حکی عنها و هو ظاهر الباقین کما ستعرف و أما (القبض) فهو صریح (التذکرة) فیما حکی و (اللمعة) و (المسالک) و (الروضة) و صریح (التحریر) و (الدروس) أنه یخرج عن ملکه بالعقد و لا یتوقف علی القبض (و قد صرح) بخروجه عن ملکه فی (السرائر) فی موضعین منها الباب و القضاء فی نوادره و (التحریر) و (التنقیح) و (إیضاح النافع) و ظاهر الثلاثة أنه لا یتوقف علی القبض (و قد استشکل) فی (جامع المقاصد) و قال إن عبارة (التذکرة) و الکتاب تشعر بعدم الخروج عن الملک حیث قال فی (التذکرة) فی مطلق الحبس إنه کالوقف المنقطع و حیث قال فی الکتاب ما دامت العین باقیة (قلت) هذه العبارة قد وقعت فی (المراسم) و (الشرائع) و (النافع) و (التبصرة) و (الإرشاد) و (اللمعة) و (التنقیح) و (الروض) و (الروضة) فینبغی أن تکون هذه مشعرة بذلک أیضا (و قد نسب) ذلک فی (المسالک) إلی ظاهر (الشرائع) و هی عین عبارة الکتاب ثم إنه قال فی (نوادر قضاء السرائر) إذا کان الحبس علی مواضع قرب العبادات مثل الکعبة و المشاهد و المساجد فلا یعاد إلی الأملاک و لا تنفذ فیه المواریث لأنه بحسبه علی هذه المواضع خرج عن ملکه عند أصحابنا بلا خلاف بینهم فیه انتهی و فی (المسالک) کان خروجه عن ملکه وفاقی و فی (المفاتیح) أنه المشهور ثم إنه قال فیه نظر (و لا تغفل) عن دعوی الإجماع فی (المسالک) مع فهمه من عبارة (الشرائع) مع أنه لا یخرج عن ملکه مع أن معظم العبارات مثلها (و کیف کان) فالإجماع علی خروجه عن ملکه هنا محصل و منقول فیما عرفت فلا نلتفت إلی هذا الإشعار المبنی علی خلاف ما أرادوا کما عرفت و أما (اعتبار الثالث) و هو القربة فقد صرح به فی (المقنعة) و (النهایة) و (الوسیلة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (التذکرة) فیما حکی عنها و أما (الرابع) فظاهر إطلاقهم و إطباقهم علیه یقضی بعدم الفرق بین إطلاق العقد و تقییده بالدوام و أما إذا کان قیده بمدة فالظاهر اتباع شرطه کالحال فی السکنی (و به) صرح فی (الوسیلة) و (اللمعة) و (الروضة) و أما (الخامس) فمحله الوقف کما فی (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و (المفاتیح) فیصح حبس کل عین ینتفع بها مع بقاء عینها بالشرائط السابقة علی الإنسان مطلقا و علی جمیع القرب حیث یمکن الانتفاع بها فیها بل الظاهر عندنا خلافه لأنه مبنی علی أن المراد بالعین عین المحبوس کالکعبة و المسجد لا عین المحبوس کالفرس و المملوک (و فیه) أن عباراتهم طافحة بالثانی کما ستسمع و المراد بدوام عینها أنه حیث یمکن الانتفاع بها کما ستسمعه فی کلامهم و لکنا لم نشعر بهذا الإشعار (و أما) ما حکاه عن (التذکرة) فلم نقف علیه و لعله أراد الحبس علی الإنسان کما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 144
..........
______________________________
سیأتی و کما تقدم لهم فی أن الوقف إذا لم یکن مؤبدا یکون حبسا إذ مرادهم بذلک ما إذا وقفه علی الإنسان کما سیأتی بیانه عند قوله (و لو حبس علی رجل) کما نبه علیه فی (المقنعة) و (النهایة) و (المهذب) و (الوسیلة) و (جامع الشرائع) و (التحریر) بزیادة الزوار فیها علی ما فی الکتاب و بزیادة المجاهدین فی (الوسیلة) و (الجامع) و ستسمع ما فی (الوسیلة) و غیرها (و قد) سمعت ما فی (نوادر قضاء السرائر) من الإجماع الصریح فی العموم و قد طفحت عباراتهم بمعونة الحاج إذ کل من ذکر البعیر کما ستسمع ذکر معونة الحاج و کأنه فی (المسالک) لم یلحظ إلا کتب المتأخرین ک (الشرائع) و (النافع) و (الکتاب) و ما (تأخر) عنهما حیث اقتصر فیها علی ما عرفت لوضوح الأمر لأن عموم الأدلة و الإجماع متناولان للجمیع بل لم یلحظ (التحریر) (قال) فی (المسالک) اتفق الجمیع علی التعبیر بالفرس و المملوک علی الوجوه المذکورة (و زاد) فی (الدروس) البعیر فی سبیل اللّٰه و کان علیهم أن یذکروا حکم باقی ما یصح وقفه و إعماره و الظاهر أن مورده مورد الوقف فیصح حبس کل عین ینتفع بها علی القرب حیث یمکن الانتفاع بها فیها کمطلق الدابة لنقل الماء إلی المسجد و السقایة و معونة الحاج و الزائرین و طلاب العلم و الکتب علی المتفقهین و البیت علی الساکنین و غیر ذلک (فالاقتصار) علی ما ذکروه لیس بجید و عموم الأدلة متناولة للجمیع و خصوصها خال من جمیع ما ذکروه انتهی (قلت) قد ذکر البعیر فی (المقنعة) و (المراسم) و (النهایة) و (الوسیلة) و (جامع الشرائع) و (التحریر) فی معونة الحاج و الزائرین و المجاهدین کما سمعت و ستسمع (و قد ذکرت) الفرس و الدابة و المملوک فی (المهذب) ثم إنهم ذکروا فی الحبس علی الإنسان ما یشمل کتب العلم و البیوت و غیرها لأن عباراتهم فی ذلک علی أقسام (ففی الشرائع) و (الکتاب) و (غیرهما) من حبس شیئا و فی (التحریر) و غیره ملکه و فی (الوسیلة) الحبس الذی هو بمعنی الشی‌ء و فی (الجامع) و (الإرشاد) و (الدروس) و (اللمعة) و (الروض) و (الکفایة) من حبس علی إنسان بحذف المفعول (ثم) عد إلی عبارة الکتاب (ففی الشرائع) و (النافع) و (التبصرة) و (الإرشاد) و (اللمعة) و (الروض) و (الروضة) مثل ما فی الکتاب کما نبهنا علیه آنفا و هو معنی قوله فی (المراسم) غیر أنه زاد أو بعیره فی حمل ما یعین الحاج و قال فیه فضل کثیر و لا یجوز خروج شی‌ء من ذلک مما حده ما دام حیا صحیحا و فی (المقنعة) و (النهایة) و (السرائر) فی الباب و (التحریر) مثل ما فی الکتاب مع زیادة البعیر کما عرفت فیها و الجاریة فی (النهایة) و (السرائر) و (التحریر) (لکن) فی (المقنعة) و (النهایة) و (السرائر) أنه لم یجز له تغییره (و زاد) فی (السرائر) قوله فإنه قد خرج عن ملکه و فی (التحریر) لزم و لم یجز له فسخه و قد (اتفقت هذه الأربعة) و (المهذب) و (جامع الشرائع) علی معنی واحد و هو أنه إن عجزت الدابة أو الجاریة أو الغلام سقطت الخدمة فإن عادوا إلی الصحة وجبت علیهم الخدمة و عادوا إلیها علی اختلافهم فی التعبیر عن ذلک (و زاد) فی (جامع الشرائع) أن الإنفاق علیها من کسبها فإن لم یکفها فمن بیت المال و قد سمعت ما فی نوادر قضاء السرائر برمته (و قال) فی (الوسیلة) إن أطلق الحبس لزم العمل ما بقی حیا و إن عین مدة یعمل أو یخدم فیها و فعل تلک المدة عاد إلی صاحبه إن کان حیا و إلی ورثته إن مات و علی هذا الحدیث المشهور قضی علی (ع) برد الحبیس و إنفاذ المواریث انتهی فلیتأمّل و ظاهره حمل الحدیث علی ما إذا أطلق أو عین المدة و انقضت (و قال) فی (الجامع) و إن حبس فرسا أو عبدا أو جاریة فی سبیل اللّٰه أو خدمة مسجد أو بعیرا فی معونة الحاج أو الزوار أو المجاهدین صرف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 145
و لو حبس شیئا علی رجل فإن عین وقتا لزم و یرجع إلی الحابس أو ورثته بعد المدة (1)
______________________________
فی ذلک (و کیف کان) فالدلیل علی ما فی الکتاب و غیره الإجماع المحصل المعلوم و ما سمعته عن (السرائر) و (المسالک) و فی (الکفایة) أنه المعروف من مذهب الأصحاب لا أعلم فیه خلافا لصحیحة عمر بن أذینة و روایة عبد الرحمن الجعفی انتهی (قلت) قد روی الصحیحة المشایخ الثلاثة فی الصحیح فی بعض الأسانید (قال) کنت شاهد ابن أبی لیلی فقضی لرجل جعل لبعض قرابته غلة داره و لم یوقت وقتا فمات الرجل فحضر ورثته عند ابن أبی لیلی و حضر قرابته الذی جعل له غلة الدار فقال ابن أبی لیلی أری أن أدعها علی ما ترکها صاحبها فقال له محمد بن مسلم الثقفی أما إن علی بن أبی طالب علیه السلام قد قضی فی هذا المسجد بخلاف ما قضیت فقال و ما علمک فقال سمعت أبا جعفر محمد بن علی (ع) یقول قضی علی بن أبی طالب برد الحبس و إنفاذ المواریث فقال ابن أبی لیلی هذا عندک فی کتاب اللّٰه قال نعم قال فأرسل إلیه و ایتنی به فقال له محمد بن مسلم علی أن لا تنظر فی الکتاب إلا فی ذلک الحدیث فقال لک ذلک فأحضر الکتاب فأراه الحدیث علی (عن ظ) أبی جعفر (ع) فرد قضیته و نحوه خبر عبد الرحمن إلا أنه تضمن أن رسول اللّٰه (ص) أمر برد الحبیس و إنفاذ المواریث فی قضیة مع ابن أبی لیلی أیضا و الصحیح قد ورد فی الحبس علی الإنسان کما فهمه الأصحاب و إن کان خصوص المورد لا یخصص فلیس من الدلالة علی ما نحن فیه بوجه (بل) هو دال علی خلاف المطلوب لتضمنه بطلان الحبس بموت الحابس و مثله الخبر علی ضعفه (و قال) فی (المسالک) حملهما الأصحاب علی ما إذا وقع مع آدمی فإنه یرد إلی الحابس بعد موته انتهی و لا یشمل هذا الحمل ما إذا عین مدة ثم انقضت فإنهم حکموا بأنه یلزم تلک المدة و بعد انقضائها یرجع إلی الحابس أو ورثته (فما حکاه) عنه فی (الریاض) لم یصادف محله و قال فی المفاتیح إنهم حملوا الصحیح علی الإنسانی و قال الظاهر وفاقهم علیه (و قال) فی (السرائر) فیما إذا حبس علی بعض الآدمیین مدة حیاة الحابس دون حیاة المحبوس علیه إن هذا معنی ما روی عن علی أمیر المؤمنین (ع) أنه قضی برد الحبیس و إنفاذ المواریث (و هو) یوافق ما فی (المسالک) فتأمّل و فی (الجامع) عکس ما فی (السرائر) قال إذا حبس علی شخص حیاته ثم مات المحبس علیه رجع إلی وارث المحبس و هو معنی حدیث أبی جعفر (ع) و (حمله) فی (الوسیلة) علی ما إذا عین مدة ثم انقضت کما سمعت کلامه برمته (فقد) اتفقت الثلاثة علی خلاف ما فی (المسالک) لمکان القیود و فی (جامع المقاصد) أنه شامل للوقف علی الفقراء و علی زید و لم یفرق فیه بینهما هذا (و قال) فی (السرائر) إنه سأله عن ذلک شیخه محمود بن علی بن الحسین الحمصی المتکلم الداری فأجابه بذلک فأعجبه ذلک (هذا تحریر) کلام الأصحاب فی الباب فیما انعقد علیه إجماعهم و دلت علیه أخبارهم (و من المعلوم) أن الفقیه لا یفوه بما لم یظهر له دلیله و لم یتضح لدیه سبیله و لا یعجبنی ما قاله فی (المفاتیح) من أن أصحابنا أهملوا ذکر کثیر من أحکامه (و نحوه) ما فی (المسالک) و (الریاض) و (الروضة) بل فی الأخیر أن کلامهم قاصر جدا فی صور ذکرها و قد استوفینا کلامهم فی هذه الصور و یأتی بعون اللّٰه استیفاؤه فی الباقی
(قوله) (و لو حبس شیئا علی رجل فإن عین وقتا لزم و یرجع إلی الحابس أو ورثته بعد المدة)
هذا معنی ما فی (النهایة) فی مسألة المدبر و (الوسیلة) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 146
و إن لم یعین کان له الرجوع متی شاء (1)
______________________________
و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (اللمعة) و (التنقیح) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) غیر أنه جعل فی (السرائر) حبس المدة موت الحابس و جعلها سبطه فی (الجامع) حیاة المحبس علیه و فی (اللمعة) و (الروضة) أنه إن حبس علی زید لزم ما دامت العین باقیة (و مراده) فی (اللمعة) أنه حبسه علی زید مدة عمره لقوله فیها إن حکم الحبس حکم السکنی فی التقیید و الإطلاق إذ معناه أنه یلزم مع التقیید و یتخیر مع الإطلاق فالتشبیه بالسکنی أنما هو بالنسبة إلی الحبس علی الإنسان لأن السکنی لا تکون فی غیر الإنسان مضافا إلی قوله بعد ذلک فلو لم یعین کان میراثا فسقط عنها اعتراض (الروضة) بقوله إطلاق العبارة إلی آخره إذ لا إطلاق علی ما بیناه و فی (التنقیح) و (إیضاح النافع) أن الحبس علی إنسان لا یخرج عن ملکه و یعود إلیه بعد موت المحبس علیه و لم یذکرا مدة و لا عدمها و هو الموافق لکلامهم فی الوقف الغیر المؤبد و فی (التحریر) و (المسالک) و (المفاتیح) و (الریاض) إن کانت المدة عمر أحدهما فکالمدة المعینة و هو کذلک و لذلک ترکه الجماعة اکتفاء بتعیین المدة فلا مؤاخذة علی الشرائع و غیرها فی ترک ذکره و (منه یعلم) أنه إذا وقف وقفا منقطع الآخر یکون المدة عمر العقب فتکون کالمعینة و إن قلنا إنه لا تعیین فیه تأتی کلامهم جمیعا فیما إذا أطلق کما ستسمع (و قد صرح) فی (السرائر) و (التحریر) و (الدروس) و (المسالک) بأنه لا یخرج به عن ملک المالک و هو ظاهر الباقین و ظاهر (المسالک) الإجماع علیه حیث قال قطعا و فی (جامع المقاصد) أنه مقتضی النظر و فی (المفاتیح) و إن عین مدة لزم فیها أجمع ثم یرد إلی المالک و الظاهر أنه لا خلاف فیه انتهی و صحیحة ابن أذینة و قد سمعتها دلیل علی بقاء الملک و لم یفرق فیها بین الحبس علی الفقراء و الحبس علی زید و لعل الأول من سبیل اللّٰه فلیتأمّل (و هی) علی حمل (السرائر) و (الجامع) لا دلالة فیها علی ما نحن فیه إلا أن تقول مدة العمر کالتوقیت (نعم) یتم الاستدلال بها علی (الوسیلة) کما تقدم بیانه و ما فیه و قد روی الشیخ و الصدوق عن رجل مات و خلف امرأة و بنین و بنات و خلف لهم غلاما أوقفه علیهم عشر سنین ثم هو حر بعد العشر سنین فهل یجوز لهؤلاء الورثة بیع هذا الغلام و هم مضطرون فکتب لا یبیعوا إلی میقات شرطه إلا أن یکونوا مضطرین إلی ذلک فهو جائز لهم فلیلحظ قوله أوقفه و الظاهر أن المیّت لم یخلف سوی الغلام فعلی هذا للوارث أن لا یجیز الوصیة و یبیع الثلثین منه و فی أخری رجل جعل لذات محرم جاریته حیاتها قال هی لها علی النحو الذی قال (و قد سمعت) ما وافق (الکتاب) مما قیل فیه شیئا و ملکه أو حبس علی إنسان أو غیر ذلک و لا تغفل عما تقدم فی باب الوقف من أنه إذا لم یکن مؤبدا یکون حبسا و لا یخرج عن ملکه و کل ذلک فی الوقف علی الإنسان إلا فیما إذا شرط عوده إلیه عند الحاجة لأنه إذا لم یحتج إلیه أو لم یعد یبقی وقفا فلا منافاة فی کلامهم لما إذا حبسه علی الکعبة و نحوها (نعم) قد یقال إن فیه منافاة لکلامهم فیما إذا لم یعین کما عرفت آنفا
(قوله) (و إن لم یعین کان له الرجوع متی شاء)
کما فی (الکفایة) و (المفاتیح) و (الریاض) و قد استحسنه فی (المسالک) (و هو) الذی یستفاد من عبارة (اللمعة) فی صدر الحبس و فی (الشرائع) و (الإرشاد) و (اللمعة) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و (المفاتیح) و (الریاض) أنه إن أطلق بطل بموت الحابس و کان میراثا و فی (المفاتیح) أنه محل وفاق (و قد) تبعه علی ذلک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 147
..........
______________________________
(صاحب الریاض) و کأنهما لم یفهما الاختلاف بین العبارات و لعلهما استنبطا الإجماع من عبارة الکتاب و حمل (السرائر) و (الجامع) للخبر الصحیح لکن الظاهر من حکایتهما لحمل الأصحاب الخبر أنهما لم یریا هذین الکتابین ثم إنهما لعلهما یقولان فی الکتابین إنه إذا أطلق یقع باطلا (و کیف کان) فلا دلالة فی الصحیح علی حمل (الوسیلة) و (السرائر) و (الجامع) علی صورة الإطلاق و عدم التعیین لا علی مختار الکتاب و ما وافقه و لا علی مختار الشرائع و ما وافقه (و لعله) لذلک لم یتعرض له فی (الدروس) مع تعرضه لصورة تعیین المدة کما تقدم و من العجیب أن أحدا منهم لم یتعرض لکلامهم فی الحبس الذی ینشأ من الوقف المنقطع الآخر هذا (و قد) صرح فی (الوسیلة) و (التحریر) بأن هذا النوع أیضا لا یصح إلا لوجه اللّٰه تعالی و الحمد للّه کما هو أهله و الشکر للّه و الشکر طوله و صلی اللّٰه علی خیر خلقه محمد و آله المعصومین الطاهرین و رضی اللّٰه سبحانه و تعالی عن علمائنا أجمعین آمین
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 148

[الفصل الثانی فی الصدقة]

الفصل الثانی فی الصدقة (1) و لا بد فیها من إیجاب و قبول (2)
______________________________
بسم اللّٰه الرحمن الرحیم (قوله) (الفصل الثانی فی الصدقة)
فی (المبسوط) و (فقه الراوندی) و (السرائر) أن الصدقة و الهبة و الهدیة بمعنی واحد غیر أنه قال فی (السرائر) إنه إن قصد الثواب إلی اللّٰه سبحانه سمیت صدقة و إذا قصد التودد و المواصلة و التقرب إلی اللّٰه تعالی سمیت هدیة و هبة و فی (التذکرة) و (المسالک) أن الهبة أعمّ من الصدقة لاشتراطها بالقربة دونها و أن الهدیة أخص من الهبة أیضا لأنها تفتقر إلی حمل المهدی من مکان إلی مکان فلا یقال أهدی إلیه دارا أو عقارا بل یقال وهبته ذلک فلو نذر الهبة برئ بالصدقة و الهدیة و لو حلف أن لا یهب حنث إذا تصدق أو أهدی دون العکس و هل یعتبر فی حد الهدیة أن یکون بین المهدی و المهدی إلیه واسطة أو رسول وجهان أظهرهما العدم
(قوله) (و لا بد فیها من إیجاب و قبول)
ظاهر (المبسوط) و (فقه الراوندی) و (الغنیة) و (الکفایة) و (المفاتیح) الإجماع علیه و قد صرح بأنه لا بد فیها منهما (و نحو) ذلک فی (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (الروضة) و علی هذا فیعتبر فیها حیث تجتمع شرائط اللزوم ما یعتبر فی العقود اللازمة (کما) هو صریح (صیغ العقود) و (الروضة) و ظاهر (غیرهما) و لا یکفی فیها القبول الفعلی لأنه قد تقدم لنا مرارا أن القبول الفعلی فی العقود لازمة کانت أو جائزة من معاطاتها و ما فی (الریاض) من إطلاق النصوص بلزوم الصدقة بعد القبض و قصد القربة یدفع القول بأنه یشترط فیها ما یشترط فی العقود اللازمة (ففیه) أنه لم یحرر الحال فی المعاطاة و لا معنی العقد و أنه حقیقة فی اللفظی عندهم کما صرح به جماعة کما تقدم فی باب الودیعة و یأتی فی الهبة ما له نفع تام فی المقام و أن هذه النصوص لا تعرض فیها لإیجاب و لا قبول (فالمدار) علی الإجماع و هو کما دل علی اعتبارهما فی العقود اللازمة دل علی کونهما لفظیین مشتملین علی جمیع ما یشترط فی العقود اللازمة (و إلا) فبعض العبارات کعبارة (الکافی) و (النافع) و غیرهما ظاهرة فی أنها لا یعتبر فیها إیجاب و لا قبول فضلا عن أن یکونا لفظیین (ثم) إنا ندعی أن المتبادر من إطلاقات هذه النصوص أنما هو العقد اللفظی (و مثله) إذ أطرف منه ما فی (الروضة) حیث قال معترضا علی قوله فی (اللمعة) إن الصدقة عقد إن إطلاق العقد علی نفس العطیة لا یخلو من تساهل بل فی إطلاقه علی جمیع المفهومات المشهورة من البیع و الإجارة و غیرهما و إنما هو دل علیها (و نحوه) ما فی (المسالک) فی الهبة و قد تبعه علی ذلک (صاحب المفاتیح) إذ فیه أنه قد اعترف فی عقد البیع عند قوله فی (اللمعة) و هو الإیجاب و القبول بأنه یصلح بأن یکون تعریفا للبیع نفسه لأنه عند المصنف و جماعة عبارة عن العقد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 149
و قبض (1) و نیة القربة (2) و تلزم مع الإقباض (3)
______________________________
المذکور استناد إلی أنه هو المتبادر من معناه (و لا ریب) أن المعروف المصطلح علیه بینهم أن البیع و النکاح و الضمان و الصلح و الإجارة و الوکالة و الصدقة عبارة عن العقد الناقل (کما) تقدم بیانه فی باب البیع و غیره و أنه مذهب الجمیع و المصنف و جماعة عدا ابن حمزة و الکرکی فی البیع فالصدقة هنا إما أن یراد بها فعل المعطی أو ما یعطی أو العقد الناقل و الأول وحده غیر معروف بینهم و لا مراد لهم لأنهم یریدون انضمام قول القابل إلیه و کذا الثانی لأنهم فسروا العقد بالإیجاب و القبول الواقعین علی الصاع من التمر مثلا و لیس المراد التمر نفسه فتعین الثالث لأنه هو الذی اصطلحوا علیه هذا و فی (الحواشی) أن اعتبار الإیجاب و القبول أنما هو فی المندوبة و أما الواجبة فتکفی فیها النیة و القبض قلت لأنها أمانة أو دین أو حق یصل إلی أهله و فی (جامع المقاصد) أن ما ذکروه فی الاحتجاج علی أن الإبراء لا یحتاج إلی القبول و هو قوله تعالی وَ أَنْ تَصَدَّقُوا خَیْرٌ لَکُمْ حیث فسروا الصدقة هنا بالإبراء یقتضی عدم اشتراط القبول و لا نیة القربة (قلت) و یقتضی أن المسألة لیست إجماعیة فی الأمرین و فیه أنه قد تقدم فی الوقف أنه صدقة فهو و الإبراء صدقة بالمعنی الأعم و الکلام هنا فی المعنی الخاص
(قوله) (و قبض)
إجماعا کما فی موضعین من (التذکرة) و عند الأصحاب کما فی (الکفایة) و بلا خلاف کما فی (المفاتیح) و (الریاض) و قد یلوح الإجماع أو یظهر (من المبسوط) و (فقه الراوندی) و قد صرح به فی (الکتب) الأحد عشر المتقدمة أعنی (السرائر) و ما ذکر بعدها للأصل بمعنییه أعنی أصل عدم الصحة و عدم اللزوم و الاستصحاب و الأخبار التی ذکرناها فی الوقف (ففی حسنة) عبید بن زرارة عن أبی عبد اللّٰه (ع) أنه قال فی الرجل یتصدق علی ولد له قد أدرکوا فقال إذا لم یقبضوا حتی یموت فهو میراث (و قال) مولانا الکاظم (ع) فیما رواه أخوه عنه إذا کان ولدا کبیرا فلا یجوز له حتی یقبض و الصدقة قدر مشترک معنوی بینهما و ترک الاستفصال دلیل العموم و المتبادر من إطلاق ما دل علی لزومها أنما هو ما کان بعد القبض بإذن المالک
(قوله) (و نیة القربة)
کما فی (الکتب) الأحد عشر مع زیادة (الکافی) و (التبصرة) و (الکفایة) و (المفاتیح) و (المسالک) و فی الأخیر أن ظاهرهم أنه وفاقی و قد یظهر من (الغنیة) أیضا الإجماع علیه و فی (المفاتیح) أنه لا خلاف فیه و یدل علی ذلک النصوص المستفیضة ففی الصحیح علی الصحیح فی علی بن الحکم عن محمد بن مسلم عن أبی جعفر (ع) فی حدیث قال و لا یرجع فی الصدقة إذا ابتغی وجه اللّٰه و فی صحیحة زرارة لا ینبغی لمن أعطی اللّٰه شیئا أن یرجع فیه و ما لم یعطه للّه و فی اللّٰه فإنه یرجع فیه نحلة کانت أو هبة حیزت أو لم تحز و فی خبر الحکم إنما الصدقة للّه عز و جل فما جعل للّه فلا رجعة له فیه و نحو ذلک حسنة جمیل بإبراهیم إلی غیر ذلک من الأخبار الدالة علی أنه لا صدقة إلا ما أرید به وجه اللّٰه تعالی و الأصل فی مثل ذلک نفی الذات لا الکمال و قد عرفت الجواب عما حکوه فی الاحتجاج علی أن الإبراء لا یحتاج إلی القبول
(قوله) (و تلزم مع الإقباض)
بغیر خلاف کما فی (السرائر) و إجماعا کما فی (التذکرة) و ظاهر (المفاتیح) و قد یظهر أو یلوح الإجماع من (الغنیة) و نسبه فی (الجامع المقاصد) إلی الأکثر و هو قضیة إطلاق کلام (النهایة) و صریح (المبسوط) و (فقه الراوندی) فی أول کلامیهما و (الکافی) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (المختلف) و (الدروس) و (اللمعة) و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 150
و لو قبض بدون إذن المالک لم یملک به (1)
______________________________
(جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و لا ترجیح فی (الدروس) و یأتی فی باب الهبة أنه إذا قصد الأجر و الثواب لا یجوز له الرجوع و حکایة الإجماع علی ذلک عن (الإنتصار) و (الغنیة) و (التذکرة) و فی (المبسوط) و (المهذب) و (فقه الراوندی) صدقة التطوع بمنزلة الهبة فی جمیع الأحکام و من شرطها الإیجاب و القبول و لا یلزم إلا بالقبض و ما یجری مجراه و کل من له الرجوع فی الهبة له الرجوع فی الصدقة انتهی کلامهم (و قال) فی (السرائر) بعد نقل ذلک عن المبسوط هذا غیر واضح و لا مستقیم لأن صدقة التطوع بعد إقباضها لا یجوز و لا یحل العود و الرجوع بها علی من کانت من الناس بغیر خلاف بیننا و لا کذلک الهبة انتهی (و قد تبعه) الجماعة علی نسبة الخلاف إلی (المبسوط) لمکان هذه العبارة و (أنت تعلم) أن الهبة المعوضة لا یجوز الرجوع فیها عند الشیخ و غیره و قد حصل العوض و هو الثواب فی صدقة التطوع کما قد یستفاد من الأخبار و الثواب عوض ثابت دائم فکان أقوی فی اللزوم من العوض البائد الزائل فکانت کالهبة المعوضة (فکان) (الشیخ) و (القاضی) و (الراوندی) غیر مخالفین و فی (جامع المقاصد) أن اللازم أحد أمرین إما عدم خلاف للشیخ أو عدم اشتراط نیة القربة فی الصدقة و قد صرحوا بخلافه هنا فتعین الثانی (قلت) و قد صرح هو بأن قصد الثواب و التقرب مأخوذ فی ماهیة الصدقة قال إذا قصد الثواب و التقرب بالهبة إلی اللّٰه تعالی سمیت صدقة و فرق بذلک بینها و بین الهبة و الهدیة و فی (المسالک) أن قول الشیخ إما ضعیف جدا أو مبنی علی عدم اشتراط نیة القربة انتهی (و أنت) قد عرفت الحال و لم أجد أحدا حکی خلاف (القاضی) و (الراوندی) مع أنهما أفتیا بعین عبارة (المبسوط) و الأصل فی ذلک بعد الإجماع الأخبار المستفیضة و قد سمعت جملة منها آنفا (و قد) ورد فی صحیحة الحلبی عن أبی عبد اللّٰه (ع) قال رسول اللّٰه (ص) إنما مثل الذی یرجع فی صدقته کالذی یرجع فی قیئه (و نحوه) خبر عبد اللّٰه بن سنان و قد وسمه فی (المسالک) بالصحة و لعله لتوثیق العبیدی و إسماعیل بن مرار و خبر جراح المدائنی (و قد) روی (العامة) عنه (ص) الراجع فی هبته کالراجع فی قیئه مستدلین به علی عدم جواز الرجوع فی الهبة (و رده) فی (الغنیة) بأن اللام إن کانت للجنس دخل الکلب و إن کانت للعهد فالمراد الکلب خاصة لأنه لا یعهد الرجوع فی القی‌ء إلا له و علی الوجهین لا یجوز أن یکون المستفاد من الخبر التحریم لأن الکلب لا تحریم علیه بل المراد الاستقذار و الاستهجان و قد رووا أیضا الراجع فی هبته کالکلب یعود فی قیئه انتهی فتأمّل و فی (المقنعة) و (النهایة) و (المهذب) أن ما تصدق به لوجه اللّٰه فلا یجوز أن یعود إلیه بالبیع أو الهبة أو الصدقة و إن رجع بالمیراث کان جائزا و هو مذکور فی صحیحة منصور و قد حمل الأصحاب النفی فیها علی الکراهیة و علیها حمل المحقق فی النکت عبارة النهایة و فی (السرائر) أنه له أن یرجع إلیه بلا خلاف
(قوله) (و لو قبض بدون إذن المالک لم یملک به)
هذا المعنی و هو أن القبض بإذن المالک شرط فی التملیک و أنه بدون إذنه لا یملک موجود فی (جامع الشرائع) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و (الریاض) و ظاهر الأخیرین الإجماع علیه حیث نسبه فی أولهما إلی الأصحاب و نفی فی الثانی عنه الخلاف و إطلاق ما أطلق فیه (کالمبسوط) و (الکافی) مقید بذلک لأن القبض المعتبر هو المأذون
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 151
و إذا تمت لم یجز له الرجوع فیها مطلقا (1) و صدقة السر أفضل من الجهر (2) إلا مع التهمة بترک المواساة (2) و المفروضة من الزکاة محرمة علی بنی هاشم (4)
______________________________
فیه شرعا لأن المنهی عنه غیر منظور إلیه عند الشارع مضافا إلی الأصل بمعنییه و الأخبار الدالة علی اشتراط القبض فإنها ظاهرة فی ذلک کما نبهما علیه هناک و لا فرق فی ذلک بین کونه حاضرا فی المجلس و قبض بدون إذنه أم لا لکن قد تقدم للمصنف و غیره فی قبض الرهن المشاع صحته بدون إذن الشریک کما ستسمع بیانه فی باب الهبة و لو رجع فی الإذن صح ما لم یکن قبض
(قوله) (و إذا تمت لم یجز له الرجوع فیها مطلقا)
لرحم کانت أو لأجنبی أو فی حال من الأحوال و هذا تصریح لما اقتضاه قوله و تلزم مع الإقباض و قد تقدم الکلام فیه مستوفی
(قوله) (و صدقة السر أفضل من الجهر)
کما أفصحت به الآیات و صرحت به الروایات و طفحت به العبارات و فی (المسالک) الإجماع علی ذلک و فی (الدروس) أن الواجبة إظهارها أفضل (و إلیه مال) فی (جامع المقاصد) (و هو) ظاهر (التذکرة) لأنه جعل العنوان للمندوبة (و لا کذلک) (النافع) و (التحریر) و (التبصرة) و (الإرشاد) إذ قد یظهر منها بل و من (الشرائع) أن السر مطلقا أفضل و فی (المسالک) أنه له وجه
(قوله) (إلا مع التهمة بترک المواساة)
کما صرح به فی هذه (الکتب التسعة) أعنی (الدروس) و ما ذکرت بعده آنفا (و غیرها) و زید فی کثیر منها ما لو قصد بالإظهار متابعة الناس (و زاد) فی (التحریر) التهمة بمنع الحقوق لأن کلامه کما عرفت شامل للواجبة و المندوبة و الوجه فی الجمیع ظاهر
(قوله) (و المفروضة من الزکاة محرمة علی بنی هاشم)
بإجماع علماء الإسلام بل هو من ضروریات المذهب أو الدین و هذا علی ما فی نسختین مما عندنا من نسخ الکتاب و فی نسختین أخریین و المفروضة من الصدقة محرمة علی بنی هاشم کما فی (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (اللمعة) و (الروض) حیث أطلق فیها کلها تحریم المفروض منها علی بنی هاشم بحیث یتناول المنذورة و الکفارة (و قد نسب) هذا الإطلاق فی (المسالک) و (الکفایة) إلی الأکثر و لعله کذلک باعتبار العبارات (و قد قیل) فی (الشرائع) و بعض ما ذکر بعدها أنه لا بأس بالمندوبة و هو أیضا یقضی بتحریم غیر المندوبة مطلقا علیهم (و قد صرح) فی آخر الباب فی (التذکرة) بأنه لو نذر أن یتصدق بشی‌ء فالأولی تحریمها علی النبی و آله (ص) لأنها صارت واجبة فصار مصرفها مصرف الصدقات المفروضة (و قد عقب) المصنف هنا هذا الإطلاق بقوله بعده و لا بأس بمندوبة و غیر الزکاة کالمنذورة فیکون قد اختار تخصیص التحریم بالزکاة و أباح لهم ما عداها مما وجب (و هو) خیرة (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و (الریاض) و کذا (إیضاح النافع) و (المفاتیح) و صرح فی زکاة (التذکرة) بجواز الکفارة لهم حکاه فی (جامع المقاصد) و قال فیه قوة لانتفاء دلیل المنع (قلت) و دلیل الجواز الأصل بمعانیه الثلاثة و الأخبار المستفیضة منها الصحیح عن أبی عبد اللّٰه (ع) قال قلت له أ تحل الصدقة لبنی هاشم قال إنما تلک الصدقة الواجبة علی الناس لا تحل لنا و أما غیر ذلک فلیس به بأس و لو کان کذلک ما استطاعوا أن یخرجوا إلی مکة هذا المیاه عامتها صدقة و بمعنی ذیلها روایة صحیحة أخری و المتبادر من الواجبة أنما هو الزکاة المفروضة لمکان وصفها بالواجبة علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 152
إلا منهم (1) أو عند الضرورة (2) و لا بأس بالمندوبة (3) و غیر الزکاة کالمنذورة (4)
______________________________
الناس و کونها المعروفة الشائعة المنساق إلیها اللفظ من دون قرینة و قد ورد فی خبرین آخرین ما یفید حصر التحریم فی الزکاة ففی أحدهما عن الصدقة المحرمة علی بنی هاشم ما هی فقال هی الزکاة قلت فتحل صدقة بعضهم علی بعض فقال نعم و نحوه الثانی عن الصدقة المحرمة علیهم ما هی قال الزکاة المفروضة (و أما) إطلاق صحیح العیص بن القاسم عن أبی عبد اللّٰه (ع) قال إن أناسا من بنی هاشم أتوا رسول اللّٰه (ص) فسألوه أن یستعملهم علی صدقات المواشی و قالوا یکون لنا هذا السهم الذی جعله اللّٰه تعالی للعاملین علیها فنحن أولی به فقال رسول اللّٰه (ص) یا بنی عبد المطلب أن الصدقة لا تحل لی و لا لکم فمخصص بالزکاة لمکان تقدمها و (مثله حسنة) محمد و أبی بصیر و زرارة عن أبی جعفر (ع) و أبی عبد اللّٰه (ع) قالا قال رسول اللّٰه (ص) إن الصدقة أوساخ أیدی الناس و إن اللّٰه سبحانه حرم علی منها و من غیرها ما قد حرمه و إن الصدقة لا تحل لبنی عبد المطلب لأن الأوساخ ظاهرة فی الزکاة بقرینة أنها مطهرة للمال فأخرجت وسخه معها فلا دلیل علی العموم یعتمد علیه و یستند إلیه
(قوله) (إلا منهم)
کما فی (الشرائع) و ما ذکر بعدها مع زیادة (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و (المفاتیح) منطوقا و مفهوما و فی الأخیر نفی الخلاف فیه و فی (الریاض) الإجماع علیه للمعتبرة المستفیضة منها ما سمعته آنفا
(قوله) (أو عند الضرورة)
کما فی جمیع المتقدمة منطوقا و مفهوما عدا (الإرشاد) و (الروض) و فی المفاتیح و (الریاض) نفی الخلاف فیه للموثق و الصدقة لا تحل لأحد منهم إلا أن لا یجد شیئا و یکون ممن تحل له المیّتة
(قوله) (و لا بأس بالمندوبة)
کما فی (الشرائع) و (النافع) و (الإرشاد) و (الروض) و (المسالک) و (الکفایة) و کذا (الدروس) و قد یقتضیه کلام من أباح لهم الواجبة غیر الزکاة و یفهم من الأربعة الأول تحریم غیر المندوبة مطلقا علیهم کما عرفت آنفا و فی (المسالک) و کذا (المفاتیح) (و الریاض) أنه لا خلاف فی إباحة المندوبة لمن عدا النبی و الأئمّة (ص) (و استثنی) فی (التذکرة) من بنی هاشم النبی (ص) (ثم قال) الوجه إلحاق الأئمّة (ص) به لما فیه من الغض و النقص و تسلط المتصدق و علو مراتبهم و مناصبهم أجل و أشرف من ذلک و لأن المندوبة مشارکة للواجبة فی کونها من الأوساخ و لعل هذا یختص بالزکاة المندوبة کزکاة التجارة و لعله فیها فی محله (و قد نسب) شربهم من سقایات مکة شرفها اللّٰه تعالی فی (التذکرة) و کذا (جامع المقاصد) إلی روایة العامة عن الصادق و الکاظم (ع) (و قد عرفت) أنا روینا مثلها فی الصحیح و فی (جامع المقاصد) أن ما فی (التذکرة) محتمل (و قال فی (التحریر) و أما المندوبة فقد کان النبی (ص) یمتنع من أخذها (و قال الشیخ) الأقرب أنه علی الاستحباب و تجوز لأهله إجماعا انتهی (قلت) ستسمع الحث علی صلة ذریته فی الأخبار (و قد احتمل) فی (المفاتیح) الفرق بین الصدقة العامة فتباح لهم و الخاصة فلا تباح و لعله لتخصیص الأولی بالذکر فی الأخبار و هو محتمل لو لا شذوذه فلیتأمّل فیه و (قد صرح) فی (التذکرة) و غیرها بحل الهدیة و إباحتها لهم (و الأخبار) فی ذلک متضافرة و لم أجد فی ذلک تأملا لأحد لأنها لا یقتضی نقصا و لا غضا فی العادة بل فیها کمال الاحتشام و الاحترام
(قوله) (و غیر الزکاة کالمنذورة)
غیر بالخفض عطف علی المندوبة و معناه أنه لا بأس
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 153
و الأقرب جواز الصدقة علی الذمی (1) و تتأکد الصدقة المندوبة فی شهر رمضان (2)
______________________________
بهما و قد تقدم الکلام فی ذلک آنفا (و قد ورد الحث) علی صلة الذریة بما یتناول بإطلاقه المفروضة غیر الزکاة و غیرها قال (ص) أنا شافع یوم القیامة لأربعة أصناف و لو جاءوا بذنوب أهل الدنیا رجل نصر ذریتی و رجل بذل ماله لذریتی عند الضیق و رجل أحب ذریتی باللسان و القلب و رجل سعی فی حوائج ذریتی إذا طردوا أو شردوا (و قال) الصادق (ع) إذا کان یوم القیامة نادی مناد أیها الخلائق أنصتوا فإن محمدا (ص) یکلمکم فینصت الخلائق فیقوم النبی (ص) فیقول یا معشر الخلائق من کان له عندی ید و منة و معروف فلیقم حتی أکافیه فیقولون بآبائنا و أمهاتنا أی ید و أی منة و أی معروف بل الید و المنة و المعروف للّه و لرسوله (ص) علی جمیع الخلق فیقول بلی من آوی أحدا من أهل بیتی أو برهم أو کساهم من عری أو أشبع جائعهم فلیقم حتی أکافیه فیقوم أناس قد فعلوا ذلک فیأتی النداء من قبل اللّٰه عز و جل یا محمد یا حبیبی قد جعلت مکافأتهم إلیک فأسکنهم من الجنة حیث شئت قال فیسکنهم فی الوسیلة حتی لا یحجبون عن محمد و أهل بیته (ص)
(قوله) (و الأقرب جواز الصدقة علی الذمی)
کما فی (اللمعة) و ظاهر إطلاقهما أنه لا فرق فیه بین الرحم و الأجنبی (و قد نص) علی جوازها علیه و إن کان أجنبیا فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (المفاتیح) و کذا (جامع المقاصد) و (الکفایة) و فی (الأخیر) أنه المشهور و فی (المسالک) أنه أشهر (مع) أنه فی (المسالک) أنما نقل عن (الدروس) حکایة الخلاف عن الحسن قال إنه منع من الصدقة علی غیر المؤمن مطلقا فلا أقل من أن یقول إنه المشهور علی (أنک) ستسمع إجماع (مجمع البیان) إلا أن تقول لحظ ما سنحکیه عن (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و خصها فی (الکافی) بما إذا کان رحما (و لیعلم) أنه عبر فی (التذکرة) بالکافر کما عبر به (الأکثر) فی باب الوقف و قلنا إن مرادهم الذمی لأن مال الحربی فی‌ء و (صریح الإیضاح) أن الخلاف هنا کالخلاف فی الوقف (و هو الظاهر) من (جامع المقاصد) و قد حکینا هناک فیه أربعة أقوال (و نص) هنا فی (الدروس) و (اللمعة) و (الروضة) علی عدم جوازها علی المخالف الناصب و زید فی الأخیرین الحربی (و لعل) ترک الجمیع له لما عرفت من أن ماله فی‌ء (و قال) مولانا الصادق (ع) فی خبر سدیر الصیرفی أعط من لا تعرفه بولایة و لا عداوة و لا تطعم من نصب بشی‌ء من الحق أو دعا إلی شی‌ء من الباطل (و قال) الصادق (ع) فی جواب عمرو بن أبی نصر حیث قال له إن أهل البوادی یقتحمون علینا و فیهم الیهود و النصاری و المجوس فنتصدق علیهم نعم و یمکن الجمع بحمل الأول علی الکراهة (و الشاهد) علی ذلک إجماع (مجمع البیان) علی جواز أن یبر الرجل من شاء من أهل الحرب قرابة أو غیر قرابة قال إنما الخلاف فی إعطائهم مال الزکاة و الفطرة و الکفارات فلم یجوزه أصحابنا و فیه خلاف بین الفقهاء انتهی مضافا إلی ما مر فی الوقف من الآیة و الأخبار و فی روایة فی المجهول حاله أعط من وقعت له الرحمة فی قبلک
(قوله) (و تتأکد الصدقة فی شهر رمضان)
لأن الصدقة فیه أفضل منها فی غیره کما فی (التذکرة) و قال فیها کان رسول اللّٰه (ص) إذا دخل شهر رمضان أطلق کل أسیر و أعطی کل سائل و و (قال الشهید) فی الحدیث لأن یتصدق أحدکم بوزن ذرة فی شهر رمضان کان له مثل جبال الأرض ذهبا و عن الباقر (ع) قال خطب رسول اللّٰه (ص) الناس فی آخر جمعة من شهر شعبان فحمد اللّٰه سبحانه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 154
و الجیران أفضل من غیرهم و الأقارب أفضل من الأجانب (1) و من احتاج إلیه لعیاله لم یستحب له التصدق (2) و لا ینبغی أن یتصدق بجمیع ماله (3)
______________________________
و أثنی علیه ثم قال أیها الناس قد أظلکم شهر فیه لیلة خیر من ألف شهر و هو شهر رمضان فرض اللّٰه صیامه و جعل قیام لیلة فیه بتطوع صلاة کمن تطوع (بقیام صلاة سبعین لیلة و خ) بصیام سبعین یوما من الشهور و جعل لمن تطوع بخصلة من خصال الخیر و البر کأجر من أدی فریضة من فرائض اللّٰه عز و جل (و من) أدی فریضة من فرائض اللّٰه عز و جل کان کمن أدی سبعین فریضة فیما سواء من الشهور (و هو) شهر الصبر ثوابه الجنة (و هو) شهر المواساة و هو شهر یزید اللّٰه سبحانه فیه فی رزق المؤمن و من فطر فیه مؤمنا صائما کان له بذلک عند اللّٰه تعالی عتق رقبة و مغفرة لذنوبه الحدیث و فی (جامع المقاصد) الأخبار بذلک کثیرة
(قوله) (و الجیران أفضل من غیرهم و الأقارب أفضل من الأجانب)
قال فی (جامع المقاصد) الأخبار فی الحث علی صلة الرحم و الإحسان إلی الجیران کثیرة قال و روی أصحابنا عن النبی (ص) أنه سئل أی الصدقة أفضل قال علی ذی الرحم الکاشح و قال (ع) لا صدقة و ذو رحم محتاج (قال) فی (التذکرة) یقدم الأقرب فالأقرب فی ذی الرحم و الزوج و الزوجة ملحقان بذلک فیبدأ بالرحم المحرم ثم بغیر المحرم ثم بالمحرم بالرضاع ثم بالمصاهرة ثم بالموالی
(قوله) (و من احتاج إلیه لعیاله لم یستحب له التصدق)
أی من احتاج إلی ما یرید أن یتصدق به لعیاله لم یستحب له التصدق بل صرف ذلک فی النفقة أولی و کذا المدیون إذا احتاج إلی صرفه فی الدین (کما صرح) بذلک فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) بل فی الأول ربما یقال إنه یکره إلی أن یؤدی ما علیه
(قوله) (و لا ینبغی أن یتصدق بجمیع ماله)
بل یکره کراهیة شدیدة کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و فی (الدروس) یکره أن یتصدق بجمیع ماله إلا مع وثوقه بالصبر و لا عیال له و کره أیضا صدقة المدیون و الصدقة مع التضرر و الوجه فی ذلک کله قوله عز و جل وَ لٰا تَبْسُطْهٰا کُلَّ الْبَسْطِ و إِذٰا أَنْفَقُوا لَمْ یُسْرِفُوا- یَسْئَلُونَکَ مٰا ذٰا یُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ أی الوسط (و الأخبار) فی ذلک من طرق الخاصة و العامة کثیرة متضافرة (منها) أفضل الصدقة عن ظهر غنی (و لکن) قد ورد أیضا أن أفضل جهد المقل و هو الإیثار (و الجمع) بینهما أن الإیثار مستحب بخلافه علی عیاله هذا (و قال) الباقر (ع) صنائع المعروف تدفع مصارع السوء (و قال) النبی (ص) الصدقة بعشرة و القرض بثمانیة عشر و صلة الإخوان بعشرین و صلة الأرحام بأربعة و عشرین (و قال) الصادق (ع) داووا مرضاکم بالصدقة و ادفعوا البلاء و استنزلوا الرزق بالصدقة و هی تقع فی ید الرب قبل أن یقع فی ید العبد و یستحب للمریض أن یعطی السائل بیده و التبکیر بالصدقة لدفع شر یومه و کذا فی أول اللیل للحاضر و المسافر (و یکره) رد السائل و لو کان علی فرس و خصوصا لیلا (و ثواب) إطعام الهوام و الحیتان عظیم (و الصدقة) تقضی الدین و تخلف بالبرکة و تزید المال (و إن التوسعة) علی العیال من أعظم الصدقات (و یستحب) زیادة الوقود لهم فی الشتاء (و أکثر ما یعطی) ثلثا درهم (و إعطاء) السائل و لو ظلفا محترقا أو تمرة أو شقها (و إکثارها) أفضل (و لو کثر) السؤال أعطی ثلاثة و تخیر فی الزائد (و لیؤمر السائل) بالدعاء و لو کان کافرا و (الوکیل) فی الصدقة أحد المتصدقین و لو تعدد (و تستحب) بالمحبوب و تکره بالخبیث (و الضیافة) أفضل الصدقة و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 155

[الفصل الثالث فی الهبة و فیه مطلبان]

اشارة

الفصل الثالث فی الهبة و فیه مطلبان

[المطلب الأول فی أرکانها و هی ثلاثة]

اشارة

الأول فی أرکانها و هی ثلاثة (1)

[الأول العقد]

الأول العقدو لا بد فیه من إیجاب (2)
______________________________
(کذا سقی) الماء و الحج عن المیّت و خصوصا الرحم (و بذل الجاه) من الصدقة (و الکلمة) اللینة و (تستحب) علی العلماء و الأموات و ذریة رسول اللّٰه (ص) لیکافیه و لیشفع (و منها) إنظار المعسر و (الإهداء) إلی الإخوان (و تستحب) البدأة قبل السؤال و تعجیلها و تصغیرها و سترها (و یجب) شکر المنعم بها و یحرم کفرانها (و یکره المن) بها (و السؤال) لغیر اللّٰه سبحانه و تعالی فمن فتح باب مسألة فتح اللّٰه علیه باب فقر (و قال) زین العابدین (ع) من سأل من غیر حاجة اضطر إلی السؤال من حاجة و (یکره) إظهار الحاجة و شکایة الفقر و لو اضطر إلی المسألة فلا کراهیة
(قوله) (الفصل الثالث فی الهبة و فیه مطلبان الأول فی أرکانها و هی ثلاثة)
قد فسر الأرکان الثلاثة بأنها العقد و الموهوب و القبض (و قد اعترض) علیه فی (جامع المقاصد) بأمرین الأول أن عد الموهوب فی أرکان الهبة یناسبه عد الواهب و المتهب أیضا (و قال) لا یقال إن الإیجاب و القبول اللذین هما العقد إذا عدا رکنا أغنی عن عد الواهب و المتهب کما لا یخفی لأنا نقول فیغنی عن الموهوب لأنه متعلقهما انتهی (و نحن نقول) إن الإیجاب و القبول فعل الواهب و المتهب فدلالتهما علیهما تضمن و دلالتهما علی الموهوب بالالتزام و ملاحظة کونه متعلقا لهما فالفرق واضح و لیس هذا منا منعا لصحة عده رکنا إذ لا مانع من ذلک (و قد قال) فی (البیع) إن أرکانه ثلاثة الصیغة و العوضان و المتعاقدان (و قال) فی (التحریر) إن أرکان الهبة خمسة الثانی أنه اعتبر فی العقد الإیجاب و القبول و القبض و ذلک یشعر بدخوله فی مسمی العقد ثم إنه قد عده فیما بعد رکنا ثالثا و فیه مناقشة و یمکن أن یقال إن قوله و لا بد فیه إلی آخره أعمّ من أن یراد به الجزء و الشرط لأن کلا منهما لا بد منه فیما هو جزء منه و شرط له و لا ریب أن القبض معتبر فی العقد و لا ینافی ذلک عده رکنا فی الهبة و فیه نظر لأن الهبة إن کانت هی العقد فاعتبار القبض فیه ثم عده رکنا له تکرار محض مع أنه غیر صحیح فی نفسه لأن القبض لا یستقیم عده رکنا للعقد لأن رکن الشی‌ء داخل فیه و القبض خارج عن العقد لأنه الإیجاب و القبول و لا یستقیم عده شرطا له أیضا لأن الشرط لا بد من تقدمه علی المشروط و مصاحبته إیاه و إن کانت أثره و هو المناسب فالقبض إنما یعتبر فیها علی أنه شرط و العقد سبب إلی أن قال فعلی کل تقدیر لا یتجه ما ذکره المصنف (قلت) قد یراد بالهبة تارة العقد اصطلاحا معروفا کما تقدم بیانه قریبا فی الصدقة لیفرقوا بذلک بینها و بین البیع و الصلح و الإجارة و العاریة و الصدقة و غیرها فالقبض شرط فی تأثیر هذا العقد الذی یعبر عنه بالهبة و صحته و منع ما قاله من الاشتراط فی الشرط و تارة یراد بها تملیک المال الموهوب فالقبض رکن فیها بهذا المعنی لأنه جزء سبب لأن المملک العقد و القبض معا فهو شرط فی صحتها باعتبار کونها عقدا و رکن فیها باعتبار کونها مملکة و ناقلة فکلام المصنف متجه و المحقق الثانی مشتبه
(قوله) (الأول العقد و لا بد فیه من إیجاب)
قال فی (المسالک) ظاهر الأصحاب الاتفاق علی افتقار الهبة مطلقا إلی العقد القولی فی الجملة (و نسب) فی (الکفایة) إلی الأصحاب أنه لا بد من الإیجاب و القبول (قلت) مما (صرح) باعتبار اللفظ فی الإیجاب و القبول (المبسوط) عند ذکر الهدیة و (التذکرة) و (التحریر) و (التنقیح) و (الدروس) فی مقام آخر أعنی عند ذکر الهدیة أیضا (و صیغ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 156
..........
______________________________
العقود) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و هو ظاهر (المهذب) و (فقه الراوندی) و (السرائر) و (الجامع) و (الدروس) فی مقام آخر حیث صرح فیها جمیعها بأنها عقد یحتاج إلی إیجاب و قبول لأن الأصل فی العقد کونه لفظیا إذ هو حقیقة فیه عرفا کما صرح به جماعة کما تقدم بیانه فی باب الودیعة (و قد صرح) فی (الوسیلة) و (الغنیة) و (النافع) و (التبصرة) و (اللمعة) بأنها تحتاج إلی إیجاب و قبول و هو ظاهر فی اللفظی (و قد صرح) فی (الشرائع) و (الإرشاد) و (الروض) باشتراط الإیجاب و القبول و کون الإیجاب لفظا و تعرض فیها لصیغه و لم یتعرض فیها لصیغ القبول و لعلهم اکتفوا بأصل اشتراطه و ظهور لفظه من لفظ الإیجاب (و صرح) فی (الکافی) بأنه لا بد من القبول و القبض و لم یتعرض للإیجاب و لم (یتعرض) فی (المقنعة) و (المراسم) و (النهایة) و (نکتها) و سائر ما بقی لشی‌ء من ذلک و (حیث تکون) عقدا اعتبر فیها ما یعتبر فی العقود اللازمة کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (صیغ العقود) و غیرهما و کذا (الکتاب) فیما یأتی (إلا) الماضویة فإنها لا تعتبر فیها قولا واحدا کما فی (المفاتیح) و (الریاض) (و لعله) لأن المصنف فی خصوص الکتاب و جماعة قلیلین جدا کما ستعرف جوزوا هذا لک (و إن کان) ظاهر (جماعة کثیرین) خلاف ذلک أی حیث تکون عقدا لا معاطاة (و لعل الوجه) فی ذلک إن تم أنها لما کانت جائزة فی أکثر مواردها وسعوا المجال فیها و لم یضیقوه علی حد العقود اللازمة فاکتفوا بکل ما دل علی التملیک حتی لو قال هذا لک مع نیة الهبة کفی و إن لم یکن بصیغة الماضویة کما توسعوا فی عقد الرهن لأن کان جائزا من أحد الطرفین (و قال) فی (المسالک) فعلی هذا ما یقع بین الناس علی وجه الهدیة من غیر لفظ یدل علی إیجابها و قبولها لا یفید الملک بل مجرد الإباحة حتی لو کان جاریة لم یحل له الاستمتاع لأن الإباحة لا تدخل فی الاستمتاع و فی (المبسوط) و (السرائر) و من أراد الهدیة و لزومها و انتقال الملک منها إلی المهدی إلیه الغائب فلیوکل رسوله فی عقد الهدیة معه فإذا مضی و أوجب له و قبل المهدی و أقبضه إیاها لزم العقد و ملک المهدی إلیه الهدیة (و نحوه) ما فی (الدروس) و جعل عدم اشتراط الإیجاب و القبول احتمالا انتهی (و قد جزم) فیما یأتی فی (الکتاب) بأنه لا بد فی الهدیة من الإیجاب و القبول و القبض (و قد قرب) فی (التحریر) فی أول الباب عدم الاستغناء فیها عن الإیجاب و القبول و أباح له التصرف عملا بالإذن المستفاد عن العادة (و قال) فی آخر کلامه نحو ما فی (المبسوط) ثم قال و لو قیل بعدم اشتراط القبول نطقا کان وجها لقضاء العادة بقبول الهدایا من غیر نطق و الظاهر من (التذکرة) أیضا عدم احتیاج الهدیة إلی الإیجاب و القبول لأن الهدایا کانت تحمل إلیه (ص) فیقبلها و لا لفظ هناک و فی (جامع المقاصد) أنه قوی متین و فی (المسالک) أنه حسن قال و یمکن أن یجعل ذلک کالمعاطاة یفید الملک المتزلزل و یبیح الوطء و التصرف (و نحن نقول) إن الحال فی الهبة کالحال فی البیع فحیث یراد لزومها حیث تلزم فلا بد من العقد اللفظی و إلا کفت المعاطاة فیهما فی جواز الوطء و غیره لأنه إذا أباح له جمیع التصرفات فقد أباح له الوطء فیکفی فی جواز التصرف إذن المالک و لیس جواز التصرف متوقفا علی الملک قطعا فالإذن سبب تام فی جواز التصرف و ناقص فی إفادة الملک و بالتصرف یحصل تمام سبب الملک فإذا وطئ فقد وطئ فی ملک و إن کان التصرف ناقلا أفاد الملک الضمنی مقارنا أو قبله آنا ما و (تمام الکلام) فی باب البیع و قد بینا هناک أن المعاطاة بمجردها من دون تصرف لا تفید ملکا أصلا فلا إشکال فی المقام أصلا (بل قد نقول) إن الهدیة خاصة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 157
و هو اللفظ الدال علی تملیک العین من غیر عوض منجزا (1) کقوله وهبتک و ملکتک و أهدیت إلیک و کذا أعطیتک و هذا لک مع النیة (2) و من قبول و هو اللفظ الدال علی الرضا کقوله قبلت (3)
______________________________
لا تحتاج إلی عقد لاستمرار السیرة و استقامة الطریقة علی ذلک من عهده (ص) إلی الآن (و لذلک) کان یبعثونها کما قال جماعة علی ید الصبیان (و ماریة) القبطیة کانت هدیة (و قد أهدی المختار) لزین العابدین (ع) جاریة أولدها زیدا علیه السلام و الرحمة و الرضوان (و لعمومات) الباب و غیره فیقتصر فیما خالفها علی المتیقن المقطوع به من الإجماع و لا إجماع علی اعتبار العقد فی المقام فتأمّل جیدا (و لأنها) مبنیة علی الإعظام و الاحتشام و ذلک لا یتأتی مع العقد بل ینقص موضعها من النفس و یسقط محلها فی القلب (فاستوضح) ذلک فیما إذا طالب المهدی إلیه التملیک من المهدی أو إذا سأل الرسول هل أنت وکیل أم لا علی تقدیر اعتبار عبارته
(قوله) (و هو اللفظ الدال علی تملیک العین من غیر عوض منجزا)
و زاد جماعة مجردا عن القربة لیخرج الصدقة و الوقف و توابعه علی القول باشتراطها فیه و لا ینتقض عکسه بالهبة المتقرب بها لأنها غیر معتبرة فیها و تصح بدونها إجماعا و أخبارا و أصلا ثم إن الملک فی الوقف غیر تام (و أثبت) فی (الشرائع) و غیرها العقد مکان اللفظ لتدخل فیه إشارة الأخرس فإنها عقد لا لفظ أو یقال إنها بمنزلة اللفظ مع ندورها فلا فرق بین العقد و اللفظ (و قد عرفها) فی (النافع) بغیر المصطلح علیه فقال هی تملیک العین إلی آخره (و کیف کان) فإنه یخرج بهذا التعریف الفعل الدال علی ذلک کنثار العرس و إحضار الطعام للضیف و الموت المقتضی لتملیک الأعیان بالإرث و حیازة المباحات و العاریة لعدم التملیک فیها و الإجارة لأنها تملیک المنفعة و البیع و نحوه لمکان العوض و لا ینتقض بالهبة المشروط فیها لأنه غیر لازم فیها کالقربة بخلاف البیع فإنه فیه لازم و الوصیة بالأعیان لعدم التنجز و هذا التعریف أنما أرادوا به الدال باعتبار الوضع علی إنشاء التملیک لا حصول الملک فلا یرد أنه لا بد فی حصوله من القبض
(قوله) (کقوله وهبتک و ملکتک و أهدیت إلیک و کذا أعطیتک و هذا لک مع النیة)
و زید فی (الدروس) و (التنقیح) نحلتک و مما (اختیر) فیه أن من صیغه هذا لک (التذکرة) و (الدروس) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (صیغ العقود) و (المسالک) و (الروضة) و (قد خلت) عنه بقیة (الکتب) و قد وجهوه بأنه أظهر من غیره فی الإنشاء لأن اسم الإشارة یشعر به (و فیه) أن الأصل بمعانیه یدفعه و لا إجماع و لیلحظ قولهم أظهر و یشعر و قالوا إنما اعتبرت النیة فی هذا القسم لعدم صراحته فی الدلالة علی الإیجاب (و نص) فی (جامع المقاصد) علی أن أعطیتک غیر صریح فیه أیضا (و هو) ظاهر (الکتاب) و عده فی (التذکرة) من الصریح و فی (الدروس) و (التنقیح) بعد أن ذکرا ما فی الکتاب و زاد علیه کما عرفت قالا مع القصد فی ذلک کله (و لعل) القصد فی کلامهما یراد به عدم الغفلة و الغلط فلا یکونان قد اعتبرا فی هذا لک النیة فلیتأمّل جیدا (و صرح) فی (التذکرة) بأنها لا تصح بالکنایات مع أنه احتمل فیما إذا قال جعلته لابنی الصغیر صحته و صیرورته ملکا لابنه بناء علی الاکتفاء من الأب فی تملک ابنه الصغیر بأحد شقی العقد یعنی الإیجاب وحده و فی (جامع المقاصد) أن الأصح عدم الاکتفاء بالکنایة و لا بالإیجاب وحده
(قوله) (و من قبول و هو اللفظ الدال علی الرضا کقوله قبلت)
أی علی الرضا بالإیجاب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 158
و من قبض (1) و یشترط صدورهما من مکلف جائز التصرف (2) و هبة ما فی الذمة لمن علیه إبراء لا یشترط فیه القبول (3)
______________________________
(و قد عرفت ما صرح فیه بذلک و ما هو ظاهره (کما) سمعت الاعتذار عن (الشرائع) و ما (وافقها) و (لا بد) من مطابقة القبول للإیجاب إذا کانت الهبة معوضة علی الأشبه و لا یشترط ذلک فیما عدا ذلک لأنها تبرع محض فیصح أن یهبه شیئا و یقبل بعضه لأن من تبرع بالکل رضی بالتبرع بالبعض بخلاف البیع لابتناء المعاوضات علی المغابنة (کما) هو خیرة (التذکرة) و (قد قربه) فی (جامع المقاصد) إلا أن تقوم قرینة علی أن ذلک خلاف مراد الواهب و لعل المتقرب بها من المعوضة فلیتأمّل لأن الحال قد یتفاوت و لا وجه للعدم إلا عدم المطابقة بین الإیجاب و القبول و هو مانع فی غیر التبرع و فی (المبسوط) و (المهذب) و (الکتاب) فیما یأتی (و غیره) إذا وهب لاثنین فقبل أحدهما و قبض تمت الهبة لأنه بمنزلة عقدین
(قوله) (و من قبض)
قد عرفت الوجه فی اعتباره فی العقد و یأتی تمام الکلام إن شاء اللّٰه عند قوله الثالث القبض
(قوله) (و یشترط صدورهما من مکلف جائز التصرف)
قد مر مثله فی مثله مرارا
(قوله) (و هبة ما فی الذمة لمن علیه هو إبراء لا یشترط فیه القبول)
الظاهر أن مراده أن هذا الفرد من أفراد الهبة لما کان إبراء فی المعنی لم یشترط فیه القبول فیکون عدم اشتراط القبول فی الإبراء مقرر مسلم مفروغ منه أو یکون مراده أنه إبراء فلا یشترط القبول عندی (و کیف کان) فظاهرهم الاتفاق علی صحة هذا النوع من الهبة فی الجملة کما ستسمع و أنه إبراء و إن اختلفوا فی احتیاجه إلی القبول و عدمه (و ظاهرهم) کما فی (المسالک) أن الإبراء لا ینحصر فی لفظ بل ما دل علیه و الهبة هنا تدل علیه (و قد) جوزوه فی باب الجنایات بلفظ (العفو) و (استدل) بقوله تعالی إِلّٰا أَنْ یَعْفُونَ أَوْ یَعْفُوَا الَّذِی بِیَدِهِ عُقْدَةُ النِّکٰاحِ علی تقدیر کونه دینا (و ینبغی) علی هذا جوازه بلفظ الإسقاط بطریق أولی لأنه أقرب إلی معناه من الهبة التی متعلقها ما یمکن قبضه شرعا (و یدل) علی وقوع الإبراء هنا بلفظ الهبة صحیحة معاویة بن عمار عن أبی عبد اللّٰه (ع) قال سألته عن الرجل یکون له علی الرجل الدراهم فیهبها له أ له أن یرجع فیها قال لا فإنه لو لم یجعل إبراء بل هبة لما أمکن القول بعدم جواز الرجوع علی الإطلاق و صحیحته الأخری عن أبی عبد اللّٰه (ع) رجل کانت علیه دراهم لإنسان فوهبها له ثم رجع فیها وهبها له ثم هلک قال هی للذی وهب له و الرجوع بعد الهبة أنما کان فی کلام السائل فلا ینافی صحیحته الأولی (و أما) أنه لا یشترط فی الإبراء القبول (فهو خیرة) (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (المختلف) و (الإیضاح) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (المفاتیح) و فی (المسالک) أنه مذهب الأکثر (و فیه) أیضا و فی (الکفایة) أنه الأشهر (و قال) فی (الدروس) أن الشیخ قواه مع أنه لا ترجیح فی (المبسوط) و إنما ذکر القولین قال إن عدم الاشتراط قوی و قال إن الاشتراط یقوی فی نفسی من دون ترجیح (و مثله) الراوندی فی (فقه القرآن) و (کذا) لا ترجیح فی (الدروس) و فی (الغنیة) و (السرائر) أنه یشترط القبول (و حکاه) جماعة عن (المبسوط) و قد عرفت الموجود فیه (حجة القائلین) بعدم اشتراط القبول فی کل إبراء لمن علیه الحق سواء کان بلفظ الإبراء أو الهبة أو غیرهما الأصل و لم یبینوا لنا المراد منه و لا یکاد یتم فی معنی من معانیه و أنه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 159
و لا یصح لغیره علی رأی (1)
______________________________
إسقاط لا نقل شی‌ء إلی الملک و هو بمنزلة تحریر العبد و الطلاق و العفو عن الدیة و ظاهر قوله عز و جل وَ أَنْ تَصَدَّقُوا خَیْرٌ لَکُمْ فاعتبر مجرد الصدقة و لم یعتبر القبول و قوله تعالی إِلّٰا أَنْ یَصَّدَّقُوا فأسقط الدیة بمجرد التصدق و لم یعتبر القبول و المراد بالتصدق فیهما الإبراء (و قد اقتصر) فی (المبسوط) علی الاستدلال بالآیتین (و قد اعترضه) فی (المسالک) بأن الصدقة من العقود المفتقرة إلی القبول إجماعا فدلالتهما علی اعتباره أولی من عدمه (و فیه) أن الظاهر من الآیتین و کلام المفسرین علی ما قیل و الفقهاء المتقدمین أن المراد من الصدقة فی الآیتین هو الإبراء و قد اکتفوا بمجرد العفو فی سقوط الحدود و الجنایات الموجبة للقصاص و هو فی معنی الإبراء و کذلک عفو من بیده عقدة النکاح حیث اکتفی فی سقوط الحق بمجرد العفو (نعم) قد یتأمّل فی الآیتین من وجه آخر فتدبر و من المعلوم أن لا دخل للقبول فی مسماه (حجة القول الآخر) أن فی إبرائه من الحق الذی علیه منة فلا یجبر علی تحملها کما لا یجبر علی قبول هبة العین و لو لم نعتبر القبول لتحملها جبرا (و أجیب) بالفرق بین التملیک و الإسقاط لأنه لو أبرأ مالک الودیعة المستودع منها مثلا لم یملکها بذلک و إن قبل بخلاف الدین فإنه قابل لذلک لأنه لیس شیئا موجودا فکان أشبه بالعتق و إن إسقاط الإنسان حقه باختیاره من غیر ابتداء من علیه الحق لا یظهر فیه منة یثقل تحملها بخلاف الهبة المتوقفة علی القبول فإن تعرضه للقبول و المحافظة علی جمیع ما یعتبر فی الصحة بعد الإیجاب لعله مما یدل علی الحرص علی التملک الموجب للمنة غالبا
(قوله) (و لا یصح لغیره علی رأی)
ذهب إلیه المعظم کما فی (المسالک) و (المفاتیح) و هو المشهور کما فی (المسالک) أیضا و الأشهر کما فی (الکفایة) و هو خیرة (الجامع) و (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (شرحه لولد المصنف) و (الروض) و فی (المسالک) أنه وجیه و (اختیرت) الصحة فی (المبسوط) و (السرائر) و (المختلف) و (المفاتیح) و فی (المسالک) أنه متجه و فی (المبسوط) أنه الذی یقتضیه مذهبنا و قد صرح فی بعضها أنه لا یلزم إلا بالقبض و أنه لا بد من القبول (و لا ترجیح) فی (التذکرة) و (الإیضاح) و (الدروس) و (الحواشی) (حجة القائل) بالعدم أن القبض شرط فی صحة الهبة و ما فی الذمة یمتنع قبضه لأنه ماهیة کلیة لا وجود لها فی الخارج و الجزئیات التی یتحقق فی ضمنها مثلها لا عینها لأنها بعض أفرادها و أفرادها غیرها و لهذا منع الشیخ و غیره من وقف الدین و أجمعوا علیه لأنه مشروط بالقبض و هو ممتنع فیه فالصغری موجودة فیهما و الکبری و هو کل دین لا یصح قبضه بحالها و لا ینقض بصحة بیع الدین مع أن البیع مشروط بالقدرة علی تسلیم المبیع لأن القدرة علی تسلیمه تحصل بالقدرة علی تسلیم بعض أفراد الماهیة إذ به تتحقق المعاوضة لأنه یعد أحد العوضین (و المدار) علی تحقق المعاوضة فیدخل فی ملک المشتری من دون توقف علی قبض ثم یستحق المطالبة بالإقباض بخلاف الهبة فإن الملک فیها لا یحصل إلا بالإقباض فلا بد أن یقبض الواهب الدین ثم یقبضه المتهب فامتنع نقله إلی ملک المتهب حین هو دین و کذا بعد تعیین المدیون له قبل قبض الواهب لانتفاء الملک و بقبض الواهب یحدث الملک له فیمتنع تقدم إنشاء الهبة علیه إذ هبته جاریة مجری هبة ما سیملکه ببیع و غیره و ذلک غیر جائز (کما) حرره فی (جامع المقاصد) و اعترضه فی (المسالک) بأنه لا یمتنع نقله إلی ملک المتهب حین هو دین لأنه مملوک له و إلا لما صح له بیعه و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 160
و للولی القبول عن الطفل مع الغبطة فلو وهب أباه الفقیر العاجز لم یصح قبوله حذرا من وجوب الإنفاق (1)
______________________________
قبض الواهب ما أحدث له الملک بل التعیین فأمکن تقدم إنشاء الهبة علیه و لم یکن کهبة ما سیملکه انتهی و (هو مما) یستغرب وقوعه من مثله لأنه لا خلاف فی أن الدین لا یملک إلا بتعیین المدیون له و قبض صاحب الدین له فقبل قبض الواهب له من المدیون لا ملک لهذا العین أصلا و إن ملک علیه أمرا کلیا و ماهیة فی الذمة (و لعل الأقعد) فی الجواب أن یقال إنه لا ریب فی أنه ملک علیه أمرا کلیا و الأصل بمعنی العموم ملک علیه أمرا کلیا و الأصل بمعنی العموم بجواز بیعه و هبته و وقفه و الصلح علیه خرج الوقف بالدلیل و بقی الباقی و لما کان القبض غیر فوری فی الهبة صح لهما أن یوقعا العقد فإذا قبض و أقبضه ملک فیکون قبض الماهیة بقبض أحد أفرادها کما أنه لما صح بیعها کان تسلیمها بتسلیم أحد أفرادها و لا مانع هناک أصلا مع ورود الصحیح بذلک کما ستسمع نعم إن کان القائلون بالصحة قائلین أنه یملک بمجرد العقد (کما) أفصحت به عبارة (جامع المقاصد) کان القول بالعدم متجها لکنهم لا یقولون بذلک کما ستسمعه فی حجتهم فیکون قولهم وجیها جدا فلا معنی لقولهم إن هذه الماهیة یصح بیعها و لا یصح وقفها و لا هبتها لمکان الفرق و لا لقول بعضهم إن الإجماع محکی علی أنه لا یحصل الملک فی الهبة إلا بالقبض فکیف یصح نقله إلی ملک المتهب حین هو دین (حجة الشیخ) و من وافقه أنه یصح بیعه و المعاوضة علیه فصحت هبته للغیر و اشتراطها بالقبض لا ینافیه لتحققه بقبض أحد جزئیاته بأن یقبضه المالک ثم یقبضه أو یوکله فی القبض عنه ثم یقبض من نفسه و لا یکون قبضه عن الهبة قبضا عن المالک و إلا جاء الدور (قلت) مرادهم أن الأصل بمعنی العموم یقضی بذلک و (مع ذلک) تدل علیه أو تشهد له صحیحة صفوان قال سألت الرضا (ع) عن رجل کان له علی رجل مال فوهبه لولده فذکر له الرجل المال الذی له علیه فقال له لیس علیک فیه شی‌ء فی الدنیا و الآخرة یطیب ذلک له و قد کان وهبه لولد له قال نعم یکون وهبه له ثم نزعه فجعله لهذا (وجه الدلالة) أنه (ع) قرره علی (صحة الهبة) لولده ثم تلفظ (ع) بها و إن جاز له نزعه منه و لعل النزع لأنه أوجد جزء السبب و هیأه للانتقال إلیه و لا حاجة بنا إلی القول بأن النزع منه یشعر بحصول الانتقال إلیه بالهبة و الجمود علیه بل ذلک الاحتمال أیضا قائم و هو أولی من جعل الخبر نادرا مخالفا للإجماع کما أنه لا حاجة إلی تأویل الخبر لمکان الإجماع المذکور و هو اشتراط الانتقال بالقبض بأن إطلاق الهبة علی ذلک مجازا إما باعتبار الأول بعد حصول الشرائط أو باعتبار إطلاق اسم المجموع علی البعض لکونه الجزء الأعظم فإن الإیجاب و القبول أعظم أجزاء السبب و الوجه فی تجویزه (ع) له الرجوع فیما وهبه لولده أنه لم یقبضه
(قوله) (و للولی عن الطفل القبول مع الغبطة فلو وهب أباه الفقیر العاجز لم یصح قبوله حذرا من وجوب الإنفاق)
کما فی (الحواشی) و (جامع المقاصد) و قال فی الأول و یمکن لحوق قیدین آخرین أحدهما اعتبار غنی الابن فعلا أو قوة و مثله ما فی (جامع المقاصد) و حینئذ فلو کان فقیرا انتفی المحذور و هو وجوب الإنفاق و الأصل عدم تجدد ما یکون مانعا فلا یرد أنه یمکن تجدد المال للولد فیلزم المحذور علی أنه یمکن تجدد ذلک للأب أو یموت أحدهما إذ الأصل یدفع ذلک کله بل لعله أشار إلی هذا القید بقوله حذرا من وجوب الإنفاق لأنه إذا کان فقیرا لأنفقه علیه و الثانی کون الصبی لدون عشر أو لها و قلنا بعدم جواز صدقته أو شرطنا عدم الإجحاف و رده (فی جامع المقال) بأنه لا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 161
و لا نکفی المعاطاة و الأفعال الدالة علی الإیجاب نعم یباح التصرف (1) و الهدیة کالهبة فی الإیجاب و القبول و القبض (2)
______________________________
حاجة إلیه لأن المصنف لا یجیز صدقته بحال و (قال) فی (الحواشی) ینبغی تقیید الأب بالنسبی و (فیه) أن المتبادر من الأب النسبی و الجد أب قطعا کما فی (الحواشی) و الأخت لا یجب الإنفاق علیها و لعله احترز بکون الأب فقیرا عما لو کان له مال و لا یتم إلا علی القول بأن العبد یملک (و الأقعد) فی رده أن یقال إن الصبی حینئذ یتولی القبول و لا حاجة إلی قبول الولی لأن المفروض جواز صدقته إذا بلغ عشرا و العتق صدقة علی أبیه بل یجوز له حینئذ التصرف بعتقه علی المشهور کما فی (جامع المقاصد) ذکره فی محله بل یقال إنه علی هذا یجب علی الصبی النفقة علی أبیه و إن کان مملوکا علی القول بوجوب الإنفاق علیه حینئذ أو علی أنه بناء علی أن الواهب سمح ببقاء مال العبد معه (قلت) و قد لا یکون أراد الاحتراز بل بیان محل الإنفاق (و قال الشهید) و فی البناء الثانی مناقشة لأنه یکون المال حینئذ موهوبا للولد فیملکه فیکون من جملة أمواله فیکون إنفاقه علیه کإنفاق غیره من أمواله علیه فلا یکون مسوغا لقبول هبته إلا أن یقال إنما وهبه المال و العبد بشرط إنفاق المال علی العبد فحینئذ یمکن جواز القبول قال و یناقش بإمکان فناء المال قبل موت الأب فیجب الإنفاق علیه من مال الولد هذا کلامه مع زیادة و نقصان لإیضاحه (و مثله) ما إذا شرط فی هبة المال قبول هبة الأب و قد یناقش فیما ناقش بأن المال إذا کان کثیرا جدا تقضی العادة بانتفاء المحذور معه صح القبول جزما (کما) فی (جامع المقاصد) و قد احترز بکونه عاجزا عما لو کان کسوبا فإنه لا ضرر حینئذ و یکفی فی العجز عجزه عن بعض النفقة (کما) فی (الحواشی) و (جامع المقاصد)
(قوله) (و لا تکفی المعاطاة و الأفعال الدالة علی الإیجاب نعم یباح التصرف)
أی لا یکفی هذان فی حصول الملک إذ ظاهره أن الأفعال الدالة علی الإیجاب غیر المعاطاة و لا ریب عندنا أنها منها لأنها کما تقدم بیانه تکون بالفعل و القول لأن إعطاء الواهب و أخذ المتهب معاطاة جزما و إن لم یتلفظا بشی‌ء أصلا کما إذا قال له هبنی کذا و أعطیک کذا ثم جاءه بعد وقت آخر و دفع إلیه الثواب فدفع إلیه الهبة من دون کلام أصلا أو کتب إلیه أو أشار إلیه و قد یکون أشار إلی الفرد الأخفی من أفرادها (و کیف کان) فلا تفید تملیکا فی الحال و قد سمعت کلام (المبسوط) و ما (وافقه) فی الهدیة اقتصارا علی الأسباب الشرعیة نعم یباح له التصرف فإذا تصرف ملک کما سمعته آنفا و فی باب البیع
(قوله) (و الهدیة کالهبة فی الإیجاب و القبول و القبض)
کما هو خیرة (المبسوط) و (السرائر) و (الدروس) و کذا (التحریر) و قد یظهر من (التذکرة) عدم الاحتیاج إلی الإیجاب و القبول و فی (جامع المقاصد) أنه قوی متین و قد (استحسنه) فی (المسالک) و لم نمنعه نحن فیما سلف آنفا و استدللنا علیه بوجوه و من السنة و مکارم الأخلاق الهدیة و قبولها و عن النبی (ص) أن المصافحة تزید فی المودة و الهدیة تذهب الغل و أنه قال (ص) تهادوا و تحابوا و نعم الشی‌ء الهدیة بین یدی الحاجة و ما أقبح رد الهدیة (و روی) کان سلیمان بن داود (ع) أمر الریح فعدلت عن عش قنبرة فیه فراخ لها فجاءت القنبرة فوقفت علی رأسه ثم ألقت إلیه جرادة فقیل لسلیمان (ع) فی ذلک فقال کل یهدی علی قدره (و قد جاء) فی کراهیة قبولها و ذمها أشیاء (منها) ما روی عن أمیر المؤمنین (ع) أنه قال هدایا العمال غلول (و جاء أن) الهدیة تعور عین الحکم (و وجه الجمع) الرجوع إلی قرائن الأحوال و الأغراض و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 162
و لا یصح تعلیق العقد (1) و لا توقیته (2) و لا تأخر القبول عن الإیجاب بحیث یخرج عن کونه جوابا (3)

[الثانی الموهوب]

الثانی الموهوب و کل ما یصح بیعه جاز هبته مشاعا کان أو مقسوما من الشریک و غیره (4)
______________________________
الأزمان و شاهد الحال فیعمل علیه (کما) فی (السرائر) و فی (المهذب) أنها علی (ثلاثة) أضرب (أحدها) أن یکون السبب الداعی إلیها الولایة و الدین و القربة إلی اللّٰه تعالی فإذا فعلت لذلک وجب قبولها و لم یجز الرجوع فیها و لا التعویض عنها و إذا لم یقبلها من أهدیت إلیه کان مخالفا للسنة (قلت) لعله أراد بوجوب قبولها تأکد استحبابه (و ثانیهما) أن تکون السبب المودة فی الدنیا و الکرم فإذا کانت عاریة من وجوه القبح حسن قبولها و إذا قبلت خرجت عن ملک المهدی و له الرجوع فیها ما لم یکن المهدی إلیه قد تصرف فیها (قلت) أو عوض عنها أو هلکت عینها (کما) فی (السرائر) و قال فی (المهذب) و الأصل ترک الرجوع فیها و المکأفاة علیها غیر واجبة و لکنها أفضل (و ثالثها) أن یکون السبب الداعی إلیها التعویض علیها فالمهدی إلیه مخیر بین قبولها و ردها فإن قبلها کان علیه التعویض عنها بمثلها و الزیادة أفضل و لا یجوز له التصرف فیها إلا بعد أن یعوض عنها أو یعزم علی ذلک (قلت) هذا یقضی بأن الهدیة تقتضی الثواب (کما) هو ظاهر کلام (الشیخ) فی الهبة (و قد) رد فی (السرائر) کلام الشیخ بأن الإجماع منعقد علی أن الهبة لا تقتضی الثواب (و أجاب) فی (المختلف) بأن مراد الشیخ أنها لا تلزم إلا بالثواب و أن ابن (إدریس) لم یفهمه و قال نعم کلام أبی الصلاح فی الهدیة مشکل لا یقبل التأویل و (ستعلم) أن کلام المهذب عین کلام أبی الصلاح بل کلام (المهذب) و (فقه الراوندی) یقضیان بأن تأویل المختلف غیر تام لأنهما یجریان علی ما فی المبسوط غالبا (و قال) فی (المهذب) و إذا عوض و قبل المهدی العوض لم یجز له بعد ذلک الرجوع سواء کان العوض أقل منها أو أکثر و إذا لم یقبل المهدی العوض و کانت عین الهدیة قائمة کان له الرجوع فیها و إن دفع إلیه أکثر منها فإن تصرف فیها المهدی إلیه و الحال هذه کان علیه القیمة انتهی و قد نقلناه برمته لمکان جودته و هو عین عبارة (الکافی) و (الغنیة) مع تغییر یسیر فی التعبیر لا فی الحکم
(قوله) (و لا یصح تعلیق العقد)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و هو قضیة قولهم فی التعریف منجزا (کما) فی (الشرائع) و (الدروس) و (إیضاح النافع) و قضیة إطلاقهم أنه لا فرق فی ذلک بین التوصیف و غیره (و قد حکی) فی (تمهید القواعد) الإجماع علی بطلان العقد بالتعلیق علی متحقق الوقوع و محتمله (لکنا) حکینا فی باب الوکالة فی موضعین منه عن جماعة کثیرین أن التعلیق علی متحقق الوقوع لا یفسد العقد فلیلحظه من أراد الوقوف علی ذلک
(قوله) (و لا توقیته)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) إذ لا یعقل تأقیت الملک بسنة مثلا بحیث ینتفی من دون سبب ناقل و تمام الکلام عند قوله فی باب السکنی و لو قرن الهبة بمدة بطلت
(قوله) (و لا تأخر القبول عن الإیجاب بحیث یخرج عن کونه جوابا)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و قد تقدم الکلام فی مثله مرارا و لا مخالف هنا إلا بعض الشافعیة فأجاز تأخره و جعلها کالوصیة
(قوله) (الثانی الموهوب و کل ما یصح بیعه جاز هبته مشاعا کان أو مقسوما من الشریک و غیره)
قال فی (جامع المقاصد)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 163
..........
______________________________
لا خلاف بین أصحابنا فی صحة هبة کلما صح بیعه من الأعیان سواء کان مشاعا أو مقسوما من الشریک و غیره انتهی (و قال) فی (التذکرة) تصح هبة المشاع کما یصح بیعه علی الحد الذی یجوز بیعه عند علمائنا أجمع (و قد نص) فی (الخلاف) و (المبسوط) و (الجامع) و (التحریر) و (الدروس) و (الشرائع) و (النافع) و (التبصرة) و (المختلف) و (الدروس) و (الکفایة) علی أنه تجوز هبة المشاع و فی (المسالک) لا إشکال فیه (و زید) فی (الخمسة) الأول سواء قبل القسمة أم لم یقبلها کالجوهرة و فی (الغنیة) و (نهج الحق) الإجماع علی صحة هبة المشاع (و لعل) هذه الإجماعات الأربعة أو الثلاثة مستفادة من إطلاقات الفتاوی و الأخبار بصحة هبة الأعیان من دون فصل بین المشاع و غیره (و إلا) فلا تعرض له فی غیرها ذکرناه (و الأصل) فیه الأصل و (موثقة) أحمد بن عمر الحلبی عن أبیه علی الأصح فی توثیق أبیه عن أبی عبد اللّٰه (ع) قال سألته عن دار لم تقسم فتصدق بعض أهل الدار بنصیبه من الدار قال یجوز قلت أ رأیت إن کان هبة قال یجوز (و إن الهبة) تملیک ناجز کالبیع و إنما یفترقان فی العوض و عدمه فتصح هبته کما یصح بیعه (و قد استدل) علیه الشیخ و المصنف فی (التذکرة) و (نهج الحق) و المحقق الثانی بأخبار عامیة کقوله (ص) زن و أرجح فإن الراجح هبة مشاع و قوله (ص) لوفد هوازن لما جاءوا یطلبون منه أن یرد علیهم ما غنمه منهم ما کان لی و لبنی عبد المطلب فهو لکم (و عن أبی حنیفة) أن هبة المشاع الذی تمکن قسمته لا تجوز لغیر الشریک و الذی لا تمکن قسمته لا تجوز هبته (و منع مالک) من هبة المنقسم بین اثنین (و استندا) إلی أن وجوب القسمة یمنع من صحة القبض و تمامه و هو نظر دقیق یندفع بوجوب تسلیمه کله کما علیه أصحابنا ثم إنه یقسم فتأمّل و یأتی إن شاء اللّٰه للمصنف و غیره إن قبضه کقبض المبیع و إنه یجری فیه القولان و هو أنه هل تکفی فیه التخلیة مطلقا أو فی غیر المنقول (و لا بد) من الإشارة إلی ذلک هنا (فظاهر المسالک) الإجماع علی أن قبض المشاع هنا کقبضه فی البیع (و بذلک) صرح (جماعة) و هو قضیة کلام الباقین المتعرضین للقبض و کذلک قالوا فی قبض المرتهن الرهن لکن (الشهید) حکی عن (القاضی) ما حکی هنا عن بعض (الشافعیة) من أن القول بالاکتفاء بالتخلیة مطلقا غیر آت هنا و إن قالوا به فی البیع فلا بد من النقل فی المنقول هنا قولا واحدا (و قد أطلنا الکلام) هناک فی بیان دلیله و رده و (حاصل دلیله) أن القبض فی الهبة غیر مستحق فاعتبر تحققه و لم یکتف بمطلق التخلیة بخلاف البیع فإن للمشتری المطالبة به فجاز أن یجعل بالتمکین قابضا (و حاصل) جوابه أن القبض معنی واحد المعتبر فیه العرف و هو متحد فی البابین (و ما ذکروه) إنما اقتضی الفرق فی حکمه لا فی حقیقته و یأتی لنا ما یؤید قول القاضی فی آخر هذه المسألة (و قالوا) القبض هنا فیما لا ینتقل التخلیة (صرح) به فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الدروس) و اعتبر فی الأخیر إذن الشریک فیما إذا کان مشاعا (و قد أنکره) علیه صاحب (جامع المقاصد) و غیره (نعم قال) فی (المسالک) له وجه حسن (مع) أن صریح (الشرائع) و (التحریر) و (الدروس) و (غایة المرام) فی باب الرهن أنه لا یجوز تسلیم المشاع إلا بإذن الشریک فیما ینقل و ما لا ینقل (و هو) ظاهر (الکتاب) و (اللمعة) هناک (نعم) جزم فی (المبسوط) بعدم الحاجة إلی الإذن هناک (و استجوده) صاحب (المسالک) و صاحب (الکفایة) و لم یرجح فی (الروضة) و (وجهه) أن المراد من التخلیة رفع ید المالک و تسلیط القابض علی العین و ذلک لا یتحقق إلا بالتصرف فی مال الشریک فیعتبر إذنه و رفع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 164
و لا تصح هبة المجهول کأحد العبدین لا بعینه و الحمل و اللبن فی الضرع (1)
______________________________
المانع عن حصة المالک خاصة مع الإشاعة لا یحصل به التسلط المقصود من القبض و قبض جمیع العین واحد لا یقبل التفرقة و من ثم لو کانت العین مغصوبة بید متسلط لم یکتف التخلیة من المالک فتسلیطه علیها مع وجود المانع من التسلیم (کما) ذکر ذلک فی (المسالک) فتأمّل جیدا (و من العجائب) أنه فی (الحدائق) بعد أن حکی عن (المسالک) ما حکیناه عن (الدروس) قال و لم أقف علی ذلک فی (الدروس) فی باب الهبة بل هو موافق للجماعة (ثم قال) قال فی (الدروس) و قبض المشاع یعتبر فیه إذن الشریک و إن کان غیر منقول و ساق کلامه إلی آخره (فانظر) حال هذا الرجل القاصر المستعجل (و قالوا) إنه النقل هنا فیما ینقل و لم یحکوا هنا الخلاف إلا عن (المختلف) فإنه قال تکفی التخلیة فی المنقول فی الهبة (و رده) فی (الدروس) بأنه مخالف لقاعدته فی القبض (و اعتذاره) بأن عدم القدرة شرعا تلحقه بغیر المنقول ممنوع (لأنا نتکلم) علی تقدیر التمکن من الحاکم أما مع عدم التمکن منه فما قاله حسن انتهی (و نحو ذلک) ما فی (المسالک) و (غیره) و (قد أشار) فی (الدروس) إلی الضابط الذی ذکره فی حواشی (الکتاب) فی باب الرهن من أن الحاکم یجبر الممتنع أو ینصب من یکون فی یده لهما فینقله لیحصل القبض قال هذا کلی مطرد فی کل شریکین تعاسرا فإن الحاکم ینتزعه إذا لم تمکن قسمته و یؤجره قال و أما ما لا أجرة له کفص جوهر فإنه یجعله عند أمین إلی أن یتفقا علی إمساکه و نحوه (و نحن قد حررنا) فی باب البیع أن قبض المستحق الذی یجب فعله علی البائع و الغاصب و الراهن المشروط علیه ذلک لیس هو النقل الذی هو من فعل الآخر لأنه لا یجب علی البائع أن یأخذ بید المشتری و یضعها علی المبیع و یلزمه بحمله و نقله إذ لا یجب ذلک علیه عقلا و لا عرفا و إنما یجب علیه التخلیة فیسقط بها الضمان عن البائع و الغاصب و یکون الراهن قد وفی بشرطه إلا أن تقول إنا إن سلمنا أن الحکم کذلک لا نسلم تحقق القبض فی المنقول بذلک إذ العرف لا یختلف فتأمّل (و قلنا) إن القبض فی الهبة و الرهن الغیر المشروط لما لم یتعلق حق المرتهن أو المتهب به و لا سلطان له علیه قد نقول إن التخلیة حینئذ غیر کافیة (مع أن) ادعائهم عدم صدق القبض فی ذلک عرفا فلیتأمّل و تمام الکلام فی بابی البیع و الرهن (و قد قالوا) إن القبض فی المشاع بتسلیم الکل إن کان مما ینقل و فی (المسالک) أنه لا ریب فیه (و هذا) إن کان الباقی من الحصة للواهب و إن کان للشریک فإن رضی بالتسلیم إلیه فلا بحث کما فی (جامع المقاصد) و إن (امتنع) الشریک قیل للمتهب وکل الشریک فی القبض لک و نقله فإن امتنع نصب الحاکم من یکون فی یده لهما فینقله لیحصل القبض (و قد صرح) بذلک فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکتاب) فیما یأتی (و قد سمعت) الضابط الذی حکیناه (عن الحواشی) و (إن کان) مما لا ینقل کفت التخلیة بإذن الشریک أو بدونه علی الخلاف کما عرفت (و یأتی) فی صحة قبض المتهب بدون إذن الشریک عند قوله فیما یأتی و فی صحة الإقباض من دون إذن المرتهن إشکال
(قوله) (و لا تصح هبة المجهول کأحد العبدین لا بعینه و الحمل و اللبن فی الضرع)
المجهول علی قسمین مجهول مطلق و مجهول کأحد العبدین لا بعینه و قد منع المصنف هنا و فی (التحریر) من صحة هبة الثانی و هو یقضی بعدم الصحة فی الأول بالأولی و فی (الإرشاد) و (الروض) یشترط تعیین الموهوب و هو یشمل الأمرین و فی (الدروس) أن هبة المجهول مطلقا فاسدة و منع من صحة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 165
و تصح فی الصوف علی الظهر و کل معلوم العین و إن جهل قدره (1) و لا تصح هبة دهن السمسم قبل عصره و لا هبة المعدوم کالثمرة المتجددة و ما تحمله الدابة (2)
______________________________
هبة الشاة من قطیع و جوز هبة نصف الصبرة و کلها و قال إلا أن یعلمه المتهب و یجهله الواهب فالمنع أولی و قال و کذا لو وهبه ما فیه غرر کملک لا یعلم أحدهما موضعه و لا حدوده و حقوقه لاختلاف الأغراض فی ذلک و (قرب صحة) هبة الحمل و اللبن فی الضرع و الصوف علی ظهور الأنعام قال و قبضها بقبض حاملها انتهی و ما (قربه) قد اختاره فی (جامع المقاصد) و (قال) فی (التذکرة) تصح هبة المجهول علی الأقوی و هو یتناول الأمرین و قال بعد ذلک إنه إذا قال وهبتک شاة من غنمی أو قطعة من هذا البیت صحت الهبة مع القبول و القبض بعد أن یعین المالک ما شاء (و منع) فی (الجامع) و (التحریر) من صحة هبة شاة من غنمه و (استوجه) فی (التحریر) صحة هبة الصوف علی ظهور الغنم و قوی فیه جواز هبة المعلوم عند الواهب المجهول عند المتهب ثم احتمل البطلان علی ضعف (و هذا) حکاه فی (التذکرة) عن (بعض العامة) و (قرب) فی (التحریر) البطلان علی إشکال فیما إذا کان مجهولا عند الواهب معلوما عند المتهب کأن یکون فی یده مال للواهب و لا یعلم قدره و لا نوعه فوهبه جمیع ما فی یده (و قال) فی (جامع المقاصد) إن المتجه أن یقال إن لم تکن الجهالة مفضیة إلی کون الموهوب غیر معین صحت الهبة و لا تضر جهالة النوع و الوصف و القدر لأن الغرر غیر قادح هنا انتهی و مراده بغیر المعین ما کان مثل شاة من قطیع واحد العبدین و لعله الأقوی لأن غیر المعین یمتنع إقباضه و لا کذلک الصبرة المجهولة المقدار و الحمل و اللبن فی الضرع و الصوف علی الظهر لأنها تبرع محض فصحت فی هذا المجهول لأن هذا الغرر غیر قادح فالمدار فیها علی الغرر المشتمل علی الکثیر من الضرر و لو باختلاف الأغراض (و بالجملة) المدار علی العرف الحاکم بأنه غرر و ضرر لا یتحمله هذا الواهب (فاختلاف) الفقهاء لاختلافهم فی فهم العرف کما أوضحناه فی باب البیع (فتجوز) هبة أحد هذین العبدین عندنا و لا یجوز بیعه و الحاکم فی ذلک العرف لأنه لیس للغرر و الضرر حقیقة شرعیة و لا معنی لغوی معین (و منه یعلم) الوجه فی فروع (الدروس) و ما قواه فی (التحریر) لکن کتب الأصحاب من قدیم و حدیث قد خلت عن هذا الشرط عدا هذه (الکتب الثمانیة) و قضیة خلوها عنه أن هبة المجهول صحیحة کنذره و الوصیة عملا بأصالة الصحة و لأنها تبرع محض لیست من المعاوضات المبنیة علی المماکسة و إن فرق بینها و بین النذر بأنه شی‌ء متعلق بالذمة فلا یکاد یتم فی الوصیة (نعم) لا تصح هبة المعدوم کحمل یتجدد و ثمرة تحدث و إن صحت الوصیة بذلک فلیلحظ ذلک و تأمّل فیه و أما الإبراء من المجهول فسیأتی أنه یصح و یأتی تفصیله
(قوله) (و تصح فی الصوف علی الظهر و کل معلوم العین و إن جهل قدره)
هذا قد عرفت حاله مما تقدم
(قوله) (و لا تصح هبة دهن السمسم قبل عصره و لا هبة المعدوم کالثمرة المتجددة و ما تحمله الدابة)
أما عدم صحة هبة المعدوم فکأنه لا خلاف فیه عند الخاصة و العامة إذ لم ینقل فیه فی (التذکرة) خلافا عن أحد لامتناع تملیک ما لیس بمملوک (لکنهم) قد جوزوا الوصیة بالمعدوم کالثمرة المتجددة و ما تحمله الدابة قالوا لأنها فی تقدیر الموجود (و لعله) لأنها لیست تملیکا فی الحال (و منه) یعلم عدم صحة هبة دهن السمسم قبل عصره و زیت الزیتونة قبل استخراجه و ما جری مجراه لأنه فی حکم المعدوم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 166
و تصح هبة المغصوب من الغاصب و غیره (1) و المستأجر من غیر المستأجر (2) و الآبق و الضال (3) و الکلب المملوک (4) و لو وهب المرهون فإن بیع ظهر البطلان (5)
______________________________
(و بذلک) کله صرح فی (التحریر) و (جامع المقاصد) و کان الأولی تأخیره عنه
(قوله) (و تصح هبة المغصوب من الغاصب و غیره)
أما صحة هبته من الغاصب فلا بحث فی جوازها کما فی (جامع المقاصد) و یأتی أن المصنف و جماعة علی أنها لا تفتقر إلی تجدید قبض و لا إذن و لا مضی زمان یمکن فیه القبض (و أن الشیخ) فی (المبسوط) یشترط ذلک کله و أما (صحة) هبته لغیر الغاصب فقد قیدها فی (المبسوط) و (التحریر) و (التذکرة) بما إذا کان یقدر علی انتزاعه و قالا فی الأولین أنه إذا قدر علی الانتزاع صحت الهبة (و قال) فی (التذکرة) تجوز هبة المغصوب من غیر الغاصب إن قدر علی الانتزاع فإن لم یقدر (فللشافعیة) وجهان (و قال) فی (جامع المقاصد) صرح فی (التذکرة) بمنع هبة المغصوب لغیر الغاصب لامتناع إقباضه و کذا هبة الضال و الآبق و هو ضعیف لأن إقباضه ممکن و إن کان غیر مقدور الآن فیصح العقد و یتم بالإقباض و کذا هبة المستأجر من غیر المستأجر انتهی (و فیه) أنه توهم علی (التذکرة) فحکی عنها غیر ما هو موجود فیها (و أیضا) لم یقل فی (التذکرة) إنه إذا قدر علی التسلیم فیما بعد لم تصح الهبة (و قد سمعت) أنه صرح فی (المبسوط) و (التحریر) أنه إذا قدر علی التسلیم صحت و ظاهرهما و لو بعد حین
(قوله) (و المستأجر من غیر المستأجر)
هذا یعرف مما تقدم (و قضیة) کلام (المبسوط) أنه یصح الآن لأنه قال بعد أن قال إن الصحیح الصحة و إذا خلی بینه و بینها فقد أقبضه إیاها و لزم العقد و کان للمستأجر استیفاء حقه قلت أو یوکل المتهب المستأجر فی قبضه له من نفسه و کذا له أن یوکل الغاصب و المستعیر فإن أبی المستأجر عن التخلیة و التوکل انتظره حتی یستوفی حقه و (علی ذلک) ینزل کلام (جامع المقاصد) و إن کان قد یلوح منه خلاف ذلک و أما (هبة) المستأجر فلا بحث فی جوازها (کما) فی (جامع المقاصد) (و أما) المستعار فإنه تجوز هبته من المستعیر قولا واحدا لانتفاء المانع (کما) فی (جامع المقاصد)
(قوله) (و الآبق و الضال)
أی تصح هبتهما لأن المتهب إن قدر علی تسلمهما الآن فلا مانع و لا بحث و إلا فإن إقباضهما ممکن فیما بعد فیصح و یتم بالإقباض (و صرح) بعدم صحتها فیهما فی (التذکرة) و (التحریر) من دون تقیید بعدم إمکان تسلمهما و لعله یفرق بینهما و بین المغصوب و المستأجر لمکان الإمکان القریب فیهما خصوصا الثانی لأنه له أمد ینتظر
(قوله) (و الکلب المملوک لأنه کغیره)
من الأموال فتصح هبته کما یصح بیعه ککلب الصید و الماشیة و الحائط و الزرع و فی (التذکرة) للشافعیة فیه وجهان
(قوله) (و لو وهب المرهون فإن بیع ظهر البطلان)
یرید أنه لو وهب المرهون من غیر المرتهن من غیر إذنه صحت الهبة لأن حق الرهانة لا تصلح للمانعیة من عقد الهبة و غیرها من العقود (نعم) یقع موقوفا مراعی کما حکیناه فی باب الرهن عن (ثمانیة عشر کتابا) و إنما اختلفوا فی العتق لأنه لا یقع موقوفا عند جماعة و أجاب عنه الآخرون بأنه مراعی لا متوقفا علی شرط و (الغرض) أنا لم نقف علی مخالف فی البابین (فلا وجه) لقوله فی (جامع المقاصد) صح علی الأقوی (و علی کل حال) فإن أجاز المرتهن بطلت الرهانة حتی لو رجع الراهن لم یعد الرهن (کما) صرح به فی (التذکرة) و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 167
و إن انفک فللراهن الخیار (1) فی الإقباض و فی صحة الإقباض حالة الرهن من دون إذن المرتهن إشکال (2)
______________________________
(جامع المقاصد) و هو الذی استظهرناه منهم فی باب الرهن (و إن لم یجز) المرتهن ففی (التذکرة) أن الهبة تبطل و فی (جامع المقاصد) أنه لا یحکم بالبطلان حینئذ علی الأصح بل ینظر فإن بیع الرهن فقد ظهر بطلان الهبة و إن فک فللواهب الخیار فی الإقباض فإن أقبض لزمت (قلت) هذا حکاه فی (التذکرة) عن (الشافعیة) فی أحد الوجهین و هو الظاهر منهم فی باب الرهن بل لم یقل أحد هناک بالبطلان إذ بذلک یصان تصرف المالک عن البطلان لأن الواجب صیانته عنه مهما أمکن مع ما فیه من الجمع بین الحقوق فیها
(قوله) (و إن انفک فللراهن الخیار)
و قال فی رهن (الکتاب) فلو افتک ففی لزوم العقود نظر و مراده فی البابین أنه لو افتک الراهن الرهن أو افتکه مفتک و لا تنافی بین العبارتین لأنه قد قال هنا إن للراهن الخیار لأن عقد الهبة غیر لازم فإن شاء قبض فیلزم العقد و إن شاء لم یقبض فتبطل الهبة و تردد هناک فی لزوم العقود حیث یکون أوقع علی الرهن عقودا لازمة و جوازها بمعنی أن له فسخها کما کانت یوم کان الرهن لم یفتک فإن العقود اللازمة التی أوقعها الراهن علی الرهن کما هو المفروض من دون إذن المرتهن کانت جائزة بمعنی أن للمرتهن إبطالها فلیستصحب ذلک حال الافتکاک و الأول أشهر ثم إن أحدا لم یقل بالبطلان هناک
(قوله) (و فی صحة الإقباض حالة الرهن من دون إذن المرتهن إشکال)
أصحه عدم الصحة کما فی (الإیضاح) و فی (جامع المقاصد) أنه أقرب و قد جعلا وجهی الإشکال من حصول القبض و النهی فی غیر العبادات لا یدل علی الفساد و من أنه نهی توجه إلی بعض أرکان العقد فلا یکون معتدا به فی نظر الشارع کالنهی عن البیع المجهول و قد استشکل المصنف فیما یأتی فی اعتبار قبض المشاع من دون إذن الشریک و فی کل قبض منهی عنه و فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) أن الأصح عدم اعتباره (و قال فیه) ما حاصله أنه لو قبض المتهب بدون إذن الشریک و ما فی حکمه یقع القبض لاغیا لا للنهی فإنه لا یقتضی الفساد فی غیر العبادة بل لانتفاء الرکن لأن القبض رکن من أرکان العقد فیعتبر فیه کونه مرادا للشارع فإذا وقع منهیا عنه لم یعتد به شرعا فیختل رکن العقد و هو قبض واحد لا یقبل التفرقة فی الحکم بأن یقال القبض للموهوب معتبر شرعا و إنما المنهی عنه قبض حصة الغیر الخارج عن حقیقة الموهوب (و قد أخذه) بتمامه فی (المسالک) مستندا إلیه (و لکن) قد قال المصنف فی رهن الکتاب لا یجوز تسلیم المشاع إلا بإذن الشریک فلو سلم بدونه ففی الاکتفاء به فی الانعقاد نظر أقربه ذلک للقبض و إن تعدی فی غیر الرهن (و هو هناک) خیرة (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و کذا (الحواشی) و فی (المسالک) أنه أقوی و فی (الروضة) أجود و فی (الکفایة) أقرب مستندین إلی أن النهی أنما هو لحق الشریک للإذن من قبل الراهن الذی هو المعتبر شرعا و کونه قبضا واحدا لا ینافی الحکم بالوقوع لاختلاف الجهة (و لا نجد) فرقا بین إقباض الراهن المتهب الموهوب من دون إذن المرتهن و إقباضه المرتهن المشاع من دون إذن شریکه (و القبض) فی الرهن عند المصنف (و ولده) و (المحقق الثانی) شرط فی صحة الرهن و رکن فیه کالتراضی فی التجارة و العدالة فی الشاهدین بمعنی أنه لا یتحقق مفهوم الرهن إلا به (ثم إنا) وجدنا الشهید فی (حواشیه) جزم بعدم الفرق و هو یشهد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 168
فإن سوغناه لم یحصل به الملک فإن فک صحت الهبة (1) و لا تصح هبة الدین لغیر من علیه لامتناع قبضه (2) و هبة الحامل لا تقتضی هبة الحمل (3) و تصح البراءة من المجهول (4) و لو علمه المدیون و خشی من عدم الإبراء (5) لو أظهره لم یصح الإبراء و لو أبرأه من مائة معتقدا أنه لا حق له و کان له مائة ففی صحة الإبراء إشکال (6)
______________________________
بما قلناه (ثم) إن النهی فی المعاملات یقتضی الفساد إن لم یتوجه إلی أمر خارج عنها کالبیع وقت النداء و ما رأیناهم اختلفوا فی ذلک فی أبواب المعاملات إلا ممن شذ
(قوله) (فإن سوغناه لم یحصل به الملک فإن فک صحت الهبة)
أی فإن حکمنا بصحة القبض حالة الرهن بدون إذن المرتهن لم یحصل به الملک حینئذ بمعنی أنا لا نعلم أنه هل یفک فینکشف أنه ملک أو یباع فی الرهن فلا ملک لتعلق حق المرتهن لکن إذا فک الرهن ظهر أثر القبض حینئذ و انکشف لنا أنه ملک من حین القبض و صحت الهبة هذا معنی العبارة و هو الموافق لکلامهم فی باب الرهن
(قوله) (و لا تصح هبة الدین لغیر من هو علیه لامتناع قبضه)
قد تقدم الکلام فیه حیث قال و لا تصح لغیره علی رأی
(قوله) (و هبة الحامل لا تقتضی هبة الحمل)
لأنه لیس جزء منها فلا یدخل فی مسماها فلا یدخل فی بیعها و لا هبتها
(قوله) (و تصح البراءة من المجهول)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و قیده فی (التحریر) بما إذا لم یکن طریق إلی معرفته (و هو) مذهب أحمد و اعتبر (الشافعی) فی صحته أن یقول أبرأتک من مائة إلی ألف (و الحق) أن الإبراء إسقاط قد رضی به کائنا ما کان کما هو المفروض غیر مبنی علی المعاوضة فلا تضره الجهالة من دون فرق بین أن یکون لهما طریق إلی معرفته أو لا
(قوله) (و لو علمه المدیون و خشی من عدم الإبراء لو أظهره لم یصح الإبراء)
هذا قربه فی (التحریر) و جزم به فی (جامع المقاصد) للأصل بمعنی الاستصحاب و لعدم العلم بالقصد إلی إبراء ما فی الذمة (و فیه) نظر ظاهر یعرف مما مر آنفا و أنه إبراء صدر من أهله فی محله لثبوت الحق فی ذمته فینقطع بالصیغة الأصل و إنما ینافیه العلم بعدم القصد لا عدمه (و لعله) لذلک لم یذکره فی (التذکرة)
(قوله) (و لو أبرأه من مائة معتقدا أنه لا حق له و کان له مائة ففی صحة الإبراء إشکال)
کما فی (التذکرة) و نظر کما فی (التحریر) و لا یصح بلا إشکال کما فی (الحواشی) و کذا (الإیضاح) لعدم القصد إلی الإبراء الصحیح لأنه قصد بلفظه مجازه و هو عدم الإسقاط و دلالة اللفظ الوضعیة تابعة للإرادة (قلت) هذا هو الذی حققه (المحقق الطوسی) قال إن اللفظ لا یدل بذاته علی معناه بل باعتبار الإرادة و القصد و معناه أن دلالة اللفظ لما کانت وضعیة کانت متعلقة بإرادة اللافظ إرادة جاریة علی قانون الوضع فاللفظ إذا أطلق و أراد اللافظ به معنی و هو مدلول اللفظ بحسب وضعه له موافقا لقانون الوضع من حیث الکمیة و الکیفیة کان دالا علیه و لیس للوجه الآخر من الإشکال إلا أنه عقد صدر من أهله فی محله و (تنقیح البحث) أن هنا أحکاما (أربعة) (الأول) الحکم ظاهرا بالنسبة إلی المتهب و الأولی فیه القطع بالصحة (الثانی) الحکم باطنا بالنسبة إلیه فمع علمه بعدم القصد لا تبرأ ذمته و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 169

[الثالث القبض]

الثالث القبض و هو شرط فی صحة الهبة (1)
______________________________
مع عدمه تبرأ (الثالث) الحکم ظاهرا بالنسبة إلی الواهب و هو اللزوم مؤاخذا له بصیغة الإبراء (الرابع) الحکم باطنا بالنسبة إلیه و هو موضع الإشکال و ربما قید الثالث بما إذا لم یعلم بالبینة العادلة أنه لم یکن معتقدا لاستحقاق شی‌ء کما لو أخبر حین إیقاع الصیغة عن نفسه بذلک
(قوله) (الثالث القبض و هو شرط فی صحة الهبة)
و بدونه لا یحصل الملک عند (علمائنا) أجمع کما فی موضع من التذکرة و (علیه) إجماع الإمامیة و نص الأئمّة علیهم السلام (کما) فی (الإیضاح) و (فی موضع) آخر من (التذکرة) قال عند علمائنا و ذهبت إلیه الإمامیة کما فی نهج الحق إن تم ما فرعه فی (الإیضاح) کما ستسمع و (هو المعروف) من مذهب الأصحاب (کما) فی (جامع المقاصد) و (علیه المتأخرون) کما فی (الدروس) و (الأکثرون) من علمائنا (کما) فی (السرائر) و (لا ریب) فی ضعف القول الثانی (کما) فی (جامع المقاصد) و (هو المشهور) بین فقهائنا (کما) فی (إیضاح النافع) و (علیه) معظم المتأخرین (کما) فی (المسالک) (هذا) کله مضافا إلی الإجماعات الآتیة فی أنه یشترط إذن الواهب فی القبض (و هو) خیرة (الکافی) لأبی الصلاح و (النهایة) و (المهذب) حیث قالا فیهما و إن مات کان میراثا و (الخلاف) إن تم ما فرعه فخر الإسلام (و المبسوط) فی موضعین منه و (الجامع) و (نکت النهایة) و (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (شرحه لولده) و (التنقیح) و (المهذب البارع) و (إیضاح النافع) و (الروضة) و (هو) ظاهر (النافع) و (کشف الرموز) و (التبصرة) و (اللمعة) و کل ما قیل فیه لا بد من القبض (بل) هو ظاهر (الإنتصار) و (الغنیة) کما یظهر منها و (من الخلاف) فی المسألة الآتیة و قد (مال إلیه) أو قال به (الشهیدان) فی (الدروس) و (المسالک) بل ظاهر الثانی القول به و (لیعلم) أنه فی (الخلاف) قال إن الهبة لا تلزم إلا بالقبض ثم استدل علیه بإجماع الفرقة و أخبارهم و نقل أقوال العامة باللزوم من دون القبض علی اختلافهم فی ذلک (ثم قال) إن ما قلناه مجمع علیه و ما ذکروه لیس علی صحته دلیل و لم یقل علی لزومه فیکون مراد العامة و مراده باللزوم الصحة بل استدلاله علی عدم اللزوم بدون القبض بهدیته (ص) للنجاشی و موت النجاشی قبل وصولها إلیه کاد یکون صریحا فی إرادة الصحة (کما أنه صریح) فی أنها تبطل بالموت (و هو) من فروع القول بأنه شرط فی الصحة (فیکون) فی (الخلاف) موافقا من وجه آخر غیر ما حکیناه عنه آنفا و یکون إجماعه دلیلا آخر و أنت إذا لحظت کلامهم فی المسألة الآتیة عرفت انحصار الخلاف فی (السرائر) و (أما القول) بأنه شرط اللزوم فقد حکی فی (المختلف) و (الدروس) عن ظاهر (الشیخین) و جماعة (و ظ) لو کان کذلک لما نسب فی (السرائر) القول بأنه شرط الصحة إلی الأکثرین و لذکر واحدا من الشیخین أو الجماعة یعتضد به و هو مما یشهد علی صحة الإجماعات السالفة إلا أن تقول أنه فی السرائر لم یعط التتبع حقه لأنه یظهر من مواضع من (المبسوط) و (المهذب) و کذا (الخلاف) فی موضع منه أنه شرط اللزوم (و هو) خیرة (فقه القرآن) للراوندی و (الوسیلة) و (السرائر) و (المختلف) و (الکفایة) و (المفاتیح) و (قد یظهر) أو یلوح من (المراسم) و (قد حکاه) فی (المسالک) عن أبی (الصلاح) و هو (وهم) قطعا (لأنه) خلاف ما وجدنا فیما عندنا من نسخة و خلاف ما حکوه عنه لکنه فی (المختلف) عدل عن ذلک و وافق المشهور بعد إحدی عشرة مسألة کما ستسمع و (من الوهم) الفاحش قوله فی (المفاتیح) القبض شرط فی لزوم الهبة للنص و الإجماع لأنها دعوی یکذبها النقل و المشاهدة و العیان (و لو تم) ما فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 170
..........
______________________________
(الدروس) ارتفع الخلاف قال لعل الأصحاب أرادوا باللزوم الصحة فإن فی کلامهم إشعارا به فإن الشیخ قال لا یحصل الملک إلا بالقبض و لیس کاشفا عن حصوله بالعقد مع أنه قائل بأن الواهب لو مات لم تبطل الهبة فیرتفع الخلاف انتهی (قلت) قد قال جماعة فی باب الوقف إن القائل بأن القبض فیه شرط فی اللزوم أراد باللزوم الصحة و لا ریب فی ذلک عند (صاحب المسالک) و غیره فلا بد من مراجعته (ثم إن) هذا الکلام من الشیخ فی (المبسوط) متناقض و لا یقبل التأویل و لا یرتفع به الخلاف و (للشیخ) فی (المبسوط) کلام عند قوله لو قال وهبته و ملکته صریح أو کالصریح فی أن الملک لا یحصل إلا بالقبض کما ستسمعه فی أواخر الباب (و أیضا) له فی (الخلاف) کلام متناقض و (کذلک) (القاضی) فی (المهذب) (و لا بد) قبل بیان (ذلک) من ذکر ما قاله فی (الإیضاح) قال یتفرع علی أن القبض شرط فی الصحة أنه لا یجوز و لا یصح القبض إلا بإذن الواهب حقیقة (و قد تبعه) علی ذلک أبو العباس فی (المهذب) و زاد أنه لو مات أحدهما قبل القبض بطلت و هذا کأنه لا خلاف فیه (و أما الفرع الأول) فإن تم وقع الاضطراب فی (الخلاف) أیضا (و المهذب) لأنه قال فیه و فی (المبسوط) و (القاضی) فی (المهذب) إذا قبض بغیر إذن الواهب کان القبض فاسدا و (قال) فی (الخلاف) قبل ذلک الهبة لا تلزم إلا بالقبض و (مثله) قال فی (المهذب) و (قال) فی (المبسوط) إذا وهب لغیره عبدا و لم یقبضه حتی هل شوال ثم قبضه فالفطرة علی الموهوب له لأن الهبة تنعقد بالإیجاب و القبول و لیس من شرط انعقادها القبض (و قد) (قال) فی (المبسوط) بعد أن حکی القولین إن الصحیح الأول لأن القبض شرط فی حصول الملک و أراد بالأول أن الملک یحصل بالقبض و (فرع علیه) أنه إذا لم یأذن له فی القبض یکون قبضه فاسدا (ثم قال) بعد أسطر إن الصحیح أن العقد لا یبطل بموت الواهب مثل المبیع فی مدة الخیار و یقوم وارثه مقامه و (بذلک) عبر فی (المهذب) و قال قبل ذلک فی (المهذب) فی هبة ذی الرحم إن لم تکن قبضت کان الرجوع بها جائزا فإن مات قبل قبضها کانت میراثا انتهی و هذا یقضی بأنها لا تملک بدون القبض (و هی) عین عبارة (النهایة) و هی أصرح منها لأنه قال و أما الذی لیس فیه الرجوع فهی کل هبة وهبها الإنسان لذی رحمه ولدا کان أو غیره إذا کان مقبوضا فإن لم یکن مقبوضا جاز له الرجوع فیه و إن مات کان میراثا انتهی (فغیرها) (القاضی) بقوله فإن مات قبل قبضها کانت میراثا إذ لعله یوهم بعض القاصرین أنها میراث لورثة ذی الرحم (فلیت شعری) ما ذا یئول (الشهید) و کیف له یرفع الخلاف من هذه العبارات فضلا عن صریح (السرائر) ما فهمه فی (المختلف) منهم لکنه فی (المختلف) قد عدل عنه بعد إحدی عشرة مسألة فقال إذا مات الواهب قبل الإقباض بطلت (و رد) کلام (المبسوط) و (المهذب) (و کیف) کان (فحجة القول) الأول بعد الإجماعات المعتضدة بالشهرات أن الأصل بقاء الملک لمالکه إلا أن یتحقق الناقل و لا یتحقق إلا مع القبض (و أن) لا خلاف بین الأصحاب (کما) فی (المسالک) أن القبض شرط فی الهبة فی الجملة و لکنهم اختلفوا فی أنه شرط لصحتها أو للزومها و قد أطلقوا القول بأنه شرط فی مطلق الهبة و أطبقوا علی عدم لزومها بعد القبض إلا فی مواضع قلیلة مخصوصة فکیف یجعلونه شرطا للزوم فی مطلق الهبة بمعنی أنه لا یجوز الرجوع فیها إذ فیه من التناقض و التهافت ما لا یخفی فلا بد أن یحمل اللزوم فی کلامهم علی الصحة و لا ینبغی أن یعد قولا فی المسألة (و یجب) تأویل ما یدل بظاهره علی ذلک من الأخبار و الفتاوی کما صنع فی (الدروس) کما سمعت و إن بعد کما عرفت (مضافا) إلی ما یدل علی المختار من الأخبار و هی (موثقة) داود و (مرسلة) أبان (و روایة) أبی بصیر فقد قال أبو عبد اللّٰه (ع)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 171
..........
______________________________
فی الموثقة الهبة و النحلة ما لم تقبض حتی یموت صاحبها قال هو میراث فإن کانت لصبی فی حجره و أشهد علیه فهو جائز و (قال) أبو عبد اللّٰه (ع) فی (المرسل) النحلة و الهبة ما لم تقبض حتی یموت صاحبها قال هی بمنزلة المیراث و قال أبو عبد اللّٰه (ع) الهبة لا تکون أبدا هبة حتی تقبضها و الصدقة جائزة علیه و الأولان مفصحان کظاهر الثانی بأن القبض شرط للصحة لأن المراد لا یکون هبة صحیحة لأنه أقرب إلی نفی الذات من إضمار اللازمة (و قد اعتضدت) بالأصل بمعانیه و الإجماعات و انجبر مع ذلک المرسل و الخبر بالشهرات و (ینبغی) أن یکون یقبض فی الموثق و المرسل و یقبضها فی الخبر بالتشدید من باب التفعیل و لیس المجرد أصلا للمزید و علی هذا یتم الاستدلال علی اشتراط کون القبض بإذن المالک و (حجة القول) الآخر العمومات الآمرة بالوفاء بالعقود (و ما رواه الشیخ) عن الحسین بن سعید عن فضالة عن أبان عن عبد الرحمن بن سیابة فالخبر إما حسن لأن عبد الرحمن ممدوح إن کان الحسن أحسن من الموثق و إلا فموثق أخذا بالواسطة من الأقوال فی أبان عن أبی عبد اللّٰه (ع) قال إذا تصدق الرجل بصدقة أو هبة قبضها صاحبها و لم یقبضها علمت أو لم تعلم فهی جائزة و (مثله مضمرة) أبی مریم و (مرسلة) أبان لکنه ترک قوله أو هبة و (صحیحة) أبی بصیر قال قال أبو عبد اللّٰه (ع) الهبة جائزة قبضت أو لم تقبض قسمت أو لم تقسم و النحل لا تجوز حتی تقبض و إنما أراد الناس ذلک فأخطئوا (و قد) رواه الصدوق فی (معانی) الأخبار) و لعل معنی آخره أن الناس أحدثوا لفظ الصدقة و استعملوه فی الهبة و النحل مع عدم قصد القربة فأخطئوا و (فی الاستدلال) بها نظر لأنها لو کانت فیها دلالة لما أعرض الأصحاب عنها سلمنا لکن إعراض الأصحاب عنها مع ظهورها و تکثرها و اتضاح دلالتها کما تدعی ما کان الأقوی فی نظرهم منها کسیرة مستقیمة و طریقة مستمرة و هو معنی الإجماع و (قد تقرر) فی فنه أن الأخبار إذا تکثرت و صحت و اتضحت دلالتها و أعرض الأصحاب عنها ضعفت و سقط الاستدلال بها (سلمنا) أنها لیست بتلک المثابة لکنها (لا تقوی) علی مکافئة تلک الأدلة (فأما بیان) عدم صلاحیتها للاستدلال فلأن العمومات لا یمکن الاستدلال بها علی ظاهرها من لزوم الوفاء للإجماع علی جواز الرجوع فیها قبل القبض مطلقا و إن أرید بها الجری علی مقتضاها من جواز أو لزوم فلا ریب فی توقف ذلک علی ثبوت الهبة من دلیل آخر لا منها فلا تدل علی المطلوب (و أما الأخبار) فیحتمل قویا أن تکون وردت تقیة لأن الجواز فی أکثر أخبار الهبة یراد به اللزوم فی الموثق تجوز الهبة لذی القرابة و الذی یثاب من هبته و ترجع فی غیر ذلک إنشاء و نحوه غیره (و لا ریب) أن المراد بالجواز فی الهبة لذی الرحم و المعوض عنها اللزوم فإذا قام احتمال إرادة اللزوم من الجواز فی أدلة الخصم (کما) نبه علیه فی (الإستبصار) حیث احتمل حملها علی التقیة کما هو (مذهب مالک) حیث قال إنها تلزم بنفس العقد و لا تفتقر إلی قبض (کما) حکاه (فی الخلاف) و (مذهب داود بن) علی (و کذا الشافعی) فی أحد أقواله (حکاه) فی (الإنتصار) کانت غیر صالحة للاستدلال و لا عامل بها أصلا (إلا أن) هذا الاحتمال فی (صحیحة) أبی بصیر حیث لم یفرق فیه بین القسمة و عدمها یضعف جدا لأن منهم من یقول بعدم صحة هبة غیر المقسوم و بعض هؤلاء و إن لم یکن عاصر مولانا الصادق (ع) لکن الظاهر أنه أخذه عمن عاصره و قد (طعن) فیها فی الإستبصار لتضمنها الفرق بین الهبة و النحلة و الحال أنه لا فرق (ثم) إن الرجل فی الأخبار الثلاثة إما أن یراد به الواهب أو الموهوب فإن أرید الأول کان المعنی أنه یجوز أن یهب الرجل هبة من دون أن یقبضها الموهوب و علی هذا فلا دلالة فیه علی أنها تصح من دون قبض و أنه شرط اللزوم لأن مطلق الجواز لا نزاع فیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 172
و شرط إذن الواهب (1)
______________________________
(کما) فی (المسالک) أو یقال إن المراد من دون أن یقبضها فی الحال لأن الأصح عدم اشتراطه الفوریة فیه (و یحتمل) أن یکون المراد یجوز أن یهب الواهب ماله الذی لم یقبضه و الذی لم یصل إلیه و الذی لم یقسمه و إن أرید الثانی صار المعنی یجوز أن یهب المتهب ما وهب له و إن لم یقبضه أو و إن لم یقبضه له الواهب من باب التفعیل فیقرأ قبضها صاحبها بالتشدید لأنه أنسب (حینئذ) و (علی هذا) الاحتمال یتم الاستدلال بها و لکن الأول لعله هو المتبادر مع شهادة الصحیحة له به حیث تضمنت جواز هبة الواهب ما لم یقسم و (إذا قامت) هذه الاحتمالات بطل الاستدلال فلیتأمل فی ذلک کله و (قد طعن) فی (المسالک) فی دلالة هذه الأخبار أعنی أخبار الخصم بأن إطلاق الهبة علی غیر المقبوضة أعمّ من الحقیقة فیجوز أن یکون مجازا باعتبار الأول أو باعتبار ذکر أکثر أجزاء السبب یعنی الإیجاب و القبول إلا أنه قد یلزمه استعمال اللفظ فی حقیقته و مجازه لأنه أطلق فی الخبر الهبة علی المقبوضة و غیرها مع أن غیر المقبوضة لیست بهبة حقیقة فیکون (ع) قد استعمل لفظ الهبة فی حقیقتها و مجازها (فإن قلت) ما تصنع أنت فی الخبر (قلت نقول) بأنها مستعملة فی قدر مشترک و هی الإعطاء ثم إنه لا ریب أن فیها معاطاة لا یشترط فیها القبض و لا الصیغة یباح بها التصرف من دون ملک فلیتأمل و (ربما استدل) لهم بأن الهبة تبرع کالوصیة فلا یعتبر فیها القبض (و فیه) أن مطلق التبرع أعمّ مما لا یعتبر فیه القبض إذ الوقف تبرع یعتبر فیه القبض و إلحاقه بالوصیة قیاس
(قوله) (و یشترط إذن الواهب)
أی یشترط لصحة القبض إذن الواهب فیه و بدونه یبطل و لا یعتد به و لا ینتقل الملک إلی المتهب و هو مذهب الإمامیة (کما) فی (نهج الحق) و لا خلاف فیه عندنا (کما) فی (المسالک) و لم یعتد به عندنا (کما) فی (الدروس) و یشترط فی صحته إذن الواهب عند الأصحاب و بدونه لا یؤثر فی الانتقال (کما) فی (الکفایة) و ذهب الأکثرون من أصحابنا إلی أن من شرط انعقادها و صحتها الإقباض بإذن الواهب فمتی قبضها الموهوب له بغیر إذن الواهب کان القبض فاسدا (کما) فی (السرائر) و إذا قبض بإذنه صح القبض بلا خلاف و لیس علی صحته بغیر إذنه دلیل (کما) فی (الخلاف) و (الغنیة) و (به) أی اشتراط الإذن فی صحة القبض (صرح) فی (المبسوط) و (المهذب) و (الوسیلة) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (المختلف) فی محل آخر و (اللمعة) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (الروضة) و (المفاتیح) و (بالجملة) لا مخالف منا أصلا و هو الموافق للأصل الدال علی عدم الصحة إلی أن یتحقق القبض المتیقن إیجابه لها و لیس إلا المجمع علیه و هو المأذون فیه و المنهی عنه غیر منظور إلیه (ثم) إن التسلیم غیر مستحق علیه فجری مجری ما لو قبض المبیع قبل تسلیم الثمن بغیر إذن البائع بل هذا أبلغ (لکن) إطلاق مرسلة أبان و موثقة داود و روایة أبی بصیر التی هی الأصل فی اشتراط القبض یأتی علی ذلک کله و یدفعه إلا أن یکون قوله (ع) تقبض و یقبضها فیها بالتشدید من باب التفعیل کما نبهنا علیه هناک و (علی کل) حال ففی الإجماع بلاغ (نعم) قد دلت الأخبار الصحیحة علی اشتراط إذن الواقف فی قبض الوقف هذا و (قد حکی) عن أبی حنیفة أنه قال إذا قبض فی المجلس بدون إذن الواهب جاز مستندا إلی أن الإیجاب تضمن الإذن فی القبول و القبض فی المجلس معا (و فیه) أن القبول أثبته الشارع لا الموجب و لم یوجد ما یدل علی القبض و لو دل علیه الإیجاب لم یختص بالمجلس و (قد دقق) النظر فتدبر إذ للأصحاب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 173
و إیقاع القبض للهبة (1) فلو قبض من دون إذنه لم ینتقل الملک إلیه و إن کانا فی المجلس (2) و کذا لو أقبضه الواهب لا للهبة (3) و یقبل قوله فی القصد (4) و لو أقر بالهبة و الإقباض حکم علیه و إن کان فی ید الواهب (5)
______________________________
مثله فیما إذا وهب الغاصب ما غصبه فإنهم قالوا إن رضاه بإقرار یده علیه بعد العقد دلیل علی الرضا بالقبض و یقال إن إیجابه و تبرعه و قصد الإحسان إلیه یقضی بالرضا بالقبض
(قوله) (و إیقاع القبض للهبة)
أی یشترط أیضا إذن الواهب فی قبضه الهبة (و لم أجد) من وافقه علیه علی إطلاقه و إن کان هو المتیقن روایة و فتوی و (قال) فی (المختلف) و یحتمل أن یقال الشرط هو الإقباض عن الهبة لا القبض المطلق و لا مطلق الإقباض و هو یوافق ما هنا و فی (الکفایة) أن المشهور أنه یکفی القبض و الإذن فیه مطلقا و لا یعتبر کونه بنیة الهبة و فی (الریاض) أنه الأشهر و علیه عامة من تأخر (قلت) المصرح بمعقد شهرة الکفایة قلیل جدا کما ستعرف (و لعله) استفاد الشهرة من إطلاقهم فی المسألة السابقة اعتبار إذن الواهب فی القبض فإنه یستفاد منه عدم اشتراط کونه بنیة الهبة فلو أذن فیه مطلقا من غیر قصد شی‌ء صح و به یقضی إطلاق الأخبار الثلاثة التی هی الأصل فی الباب کما مر و (قد أنکر) فی (الریاض) وجود إطلاق فی الباب (و هو) وهم (نعم) لو أقبضه للإیداع أو العاریة لم یعتد بقبضه الهبة و لذلک استحسن فی (المسالک) تبعا (لجامع المقاصد) اعتبار عدم التصریح بکون القبض لا لها و الاکتفاء به عند الإطلاق و فی (الکفایة) أنه غیر بعید لصدق اسم القبض و صلاحیته للهبة و دلالة القرائن علیه بخلاف ما لو صرح بالصارف و لا رابع لهم فیما أجد و (کیف کان) فالأولی أن یفرع علیه المصنف أنه لو أذن فی القبض مطلقا من دون قصد شی‌ء لم یصح و منه یفهم حال ما فرعه علیه من أنه لو أقبضه لا للهبة لم ینتقل و لعل الاقتصار علیه یقضی أن یکون المراد من العبارة أنه یشترط أن لا یکون لغیر الهبة
(قوله) (فلو قبض من دون إذنه لم ینتقل الملک إلیه و إن کانا فی المجلس)
هذا تفریع علی اشتراط إذن الواهب و فیه رد علی أبی حنیفة کما عرفت
(قوله) (و کذا لو أقبضه لا للهبة)
هذا تفریع علی اشتراط إیقاع القبض للهبة و قد عرفت الحال فیه
________________________________________
عاملی، سید جواد بن محمد حسینی، مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلاّمة (ط - القدیمة)، 11 جلد، دار إحیاء التراث العربی، بیروت - لبنان، اول، ه ق

مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)؛ ج‌9، ص: 173
(قوله) (و یقبل قوله فی القصد)
کما فی (جامع المقاصد) لأنه أعرف بقصده و معناه أنه یقبل قول الواهب فی قصده فی الإذن بالقبض باعتبار کونه للهبة أو لغیرها فلو خالفه المتهب قدم قوله بیمینه و یمکن أن یکون المراد (کما) فی (جامع المقاصد) أنه یقبل قول کل من الواهب و المتهب فی قصده فی الإذن فی القبض أو بالقبض الهبة أو غیرها فلو خالفه الآخر قدم قوله بیمینه لأن کلا منهما أعرف بقصده
(قوله) (و لو أقر بالهبة و إقباض حکم علیه و إن کان فی ید الواهب)
کما فی (المبسوط) و (المهذب) و (الشرائع) و (التذکرة) و (الدروس) فی باب الإقرار و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) لعموم إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز (نعم) إن علم کذبه لم یعتد به کما فی الأخیرین و کونه فی یده لا یدل علی أنه ما أقبضه بعد لأنه یجوز أن یکون أقبضه ثم رجع بسبب آخر مثله ما إذا أقر بالبیع و قبض الثمن أو أقر بالاقتراض
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 174
و له الإحلاف لو ادعی المواطاة و لا یقبل إنکاره (1) و لو مات الواهب قبله بطلت الهبة و إن کان بعد الإذن فی القبض (2)
______________________________
(قوله) (و له الإحلاف لو ادعی المواطاة و لا یقبل إنکاره)
یرید أنه إذا أنکر الواهب المقر بالإقباض حصول القبض بعد إقراره و ادعی أن الإقرار إنما کان بمواطاته للمتهب و لم یکن واقعا فلا یقبل إنکاره نعم له إحلافه (کما) صرح بالحکمین فی (الکتب المتقدمة) عدا (الشرائع) لکن فی (المبسوط) فی الباب و باب الإقرار و (المهذب) و (الدروس) أن للواهب إحلاف المتهب علی وقوع القبض و صرح فی (الدروس) أنه لیس له إحلافه علی عدم المواطاة و (کلام الکتاب) و (التحریر) یحتمل الأمرین (کما) هو صریح (المسالک) و فی (الحواشی) و (جامع المقاصد) أنه له إحلافه علی عدم المواطاة (لکن) الموجود فی (المبسوط) فی الباب (و المهذب) أن الواهب ادعی الوعد بالإقباض و لم یذکرا فیهما المواطاة (و إنما) ذکرت فی إقرار (المبسوط) و (مثله) ما لو أقر بالبیع و قبض الثمن ثم أنکر و ادعی المواطاة (کما) حکیناه فی باب الإقرار عن (خمسة عشر کتابا) غیر الکتاب و ما لو أقر بالاقتراض و ادعاها (کما) صرح به فی (إقرار المبسوط) و (الکتاب) و غیرهما کما یأتی إن شاء اللّٰه و (تحریر البحث) فی کلام من فرض المسألة فی دعوی المواطاة أن الواهب إذا أنکر الإقباض فادعی علیه المتهب أنک بالأمس مثلا أقررت بالإقباض بنی الأمر فی المسألة علی سماع الدعوی بالإقرار (کما) فی (الحواشی) و (جامع المقاصد) (و قد اختلفوا) فی سماع الدعوی بالإقرار فالمصنف فی (باب القضاء) و (ولده) و الصیمری و الشهید الثانی علی أنها تسمع و یلزم بالجواب لأنه ینتفع به مع التصدیق و لأن المعتبر ثبوت الحق ظاهرا و تردد فی سماعها فی (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) لأنه لیس حقا لازما و لا سببا لثبوته فی نفس الأمر بل إذا ثبت قضی به ظاهرا و لهذا لو علم المدعی کذبه فی الإقرار لم یستحل ما أقر له به (فإن قلنا) بسماعها کما هو المختار طالبه الحاکم بالجواب فلما أجاب بأنا تواطینا و أنکر المتهب المواطاة حلفه الحاکم علی نفیها و إن قلنا بعدم سماعها فإذا طالبه بما أقر له به و قال الواهب لا تستحق عندی لأن إقراری کان فاسدا لأنی لم أقبضک و إنما واطأتک فقد ادعی فساد الإقرار و المتهب ینکر فساده فیحلف علی حصول القبض و ذلک لا یتضمن سماع دعواه بالإقرار و إنما صار الواهب مدعیا و المتهب منکرا (هذا أقصی) ما یقال فی توجیه ذلک (و أنت) إذا أمعنت النظر عرفت أن ما نحن فیه لیس من قبیل الدعوی بالإقرار حتی یجری فیها ما وجهوا به عدم سماعها لأن المفروض فی سماع الدعوی بالإقرار أنما هو إذا لم یعلم إلا من جهته لأنه من المعلوم أن المتهب یعلم أنه کان قد أقبضه أو لم یقبضه إلا أن تفرضه أنه لا یعلم ذلک و إنما عول علی إقراره له بالهبة و الإقباض (ثم) إنا لا نجد وجها وجیها لتحلیفه له علی تقدیر عدم سماع الدعوی بالإقرار إذ ما ذکرناه فی توجیهه هو ما رأیت (نعم) إذا ادعی أن وکیله مثلا کان أخبره أنه أقبضه فأقر بناء علی صحة إخباره ثم ظهر له أنه ما أقبضه کان متجها (و أما) إذا کان إقراره بأنه تولی إقباضه بنفسه فلا وجه لتحلیف الموهوب له حیث لا تسمع الدعوی بالإقرار (و منه) یعلم حال ما فی (المبسوط) و (المهذب) من دعواه الوعد بالإقباض و أنه له تحلیفه علی وقوع القبض کما عرفت و أما أنه لا یقبل إنکاره لأنه إنکار بعد الإقرار و الأصل فیه عدم الصحة
(قوله) (و لو مات الواهب قبله بطلت الهبة و إن کان بعد الإذن فی القبض)
قد تقدم الکلام
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 175
و لو وهب ما فی ید المتهب صحت و لم تفتقر إلی تجدید قبض و لا إذن و لا مضی زمان یمکن فیه القبض (1)
______________________________
فیه و قد قال فی (التذکرة) لو مات الواهب أو المتهب بطلت عند علمائنا (و قد سمعت) ما فی (المبسوط) و (المهذب) من أنها لا تبطل بموت الواهب و أن وارثه یقوم مقامه کالبیع فی مدة الخیار
(قوله) (و لو وهب ما فی ید المتهب صحت و لم یفتقر إلی تجدید قبض و لا إذن و لا مضی زمان یمکن فیه القبض)
الأصل فی المسألة قول الشیخ فی (المبسوط) إذا وهب له شیئا فی یده مثل أن یکون فی یده ودیعة فیهبها له نظر فإن أذن له فی القبض و مضی بعد ذلک زمان یمکن القبض فیه لزم العقد و إن لم یأذن له فی القبض فهل یلزم القبض بمضی الزمان الذی یمکن فیه القبض أو لا بد من الإذن فی القبض الأقوی أنه لا یفتقر إلی الإذن فی القبض لأن إقرار یده علیه بعد العقد دلیل علی رضاه بالقبض انتهی و (حاصله) علی طوله أن الإذن فی القبض غیر شرط لکن بشرط مضی زمان یمکن فیه القبض و فی (جامع المقاصد) أنه إذا أذن له فی قبضه و مضی زمان یمکن فیه القبض صحت الهبة و قد نظر فی أول کلام المبسوط (و أول) من خالف ما فی (المبسوط) المحقق فی (الشرائع) حیث قال و لو وهب ما فی ید الموهوب صح و لم یفتقر إلی إذن الواهب و لا أن یمضی زمان و ربما صار إلی ذلک بعض الأصحاب فنظره فی الإشارة إلی مضی الزمان خاصة بمعنی أنه لا یعتبر تجدید الإذن فی القبض و لکن یفتقر إلی مضی زمان فیکون أشار إلی الشیخ خاصة (و یمکن) عود الإشارة إلی کل واحد من الإذن فی القبض و مضی زمان بمعنی عدم الاکتفاء بالقبض السابق مطلقا بل یفتقر إلی تجدیده و مضی زمان یمکن فیه القبض فیکون أشار إلی ابن عمه فی (الجامع) و (مما) وافق (الشرائع) (الکتاب) و (التذکرة) و (التحریر) و (المختلف) و (الإیضاح) و (اللمعة) و (التنقیح) و (المهذب البارع) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و کذا (الإرشاد) و (التبصرة) و (المفاتیح) حیث قیل فیها یکفی القبض السابق (و قد زید) فی (الکتاب) و غیره أنه لا یفتقر إلی تجدید القبض و یغنی عنه عدم الافتقار إلی تجدید الإذن فی القبض (و اقتصر) فی (الدروس) علی نقل کلام (المبسوط) من دون ترجیح فظاهره التوقف (و قد صرح) فی (التذکرة) و (التحریر) و (المختلف) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (غیرها) بعدم الفرق بین کونه بیده بإیداع أو عاریة أو غصب أو غیر ذلک (و هو قضیة) إطلاق (الکتاب) و (الشرائع) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (المهذب البارع) و (التنقیح) و (غیرها) و (استحسن) فی (الروضة) القول بالفرق بین القبض بإذن و غیره لأنه لا بد للغاصب شرعا و فی (الکفایة) فی الفرق نظر و (تردد) فی (جامع المقاصد) فی الاحتیاج إلی إقباض مجدد لو کان الموهوب فی ید وکیل المتهب ودیعة (و لعله) فی غیر محله (إن کان) وکیلا فی الاستیداع کأن قال له المودع هذا ودیعة عندک فیقول له ادفعها إلی وکیلی فی حفظ الودائع فإنه لا یفتقر إلی إقباض مجدد (و إن کان) وکیلا له فی غیر الاستیداع و أودعها عنده فلا بد من الإقباض الجدید فلیلحظ ذلک (حجة الشرائع) و ما وافقها أن القبض المشترط حاصل فأغنی عن قبض آخر و عن مضی زمان یسعه إذ لا مدخل للزمان فی ذلک مع کونه مقبوضا و إنما کان معتبرا مع عدم القبض لضرورة امتناع حصوله بدونه و (فی الریاض) أن فیه نظر فإن دعوی حصول القبض المشترط
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 176
و کذا لو وهب ولی الطفل ما له الذی فی یده (1)
______________________________
أول البحث لعدم عموم یدل علی کفایة مطلقه لا من إجماع و لا غیره للخلاف (قلت) فیه نظر من وجوه (الأول) أن الإطلاق موجود فی الأخبار الثلاثة کما عرفت آنفا و (الثانی) أن الإجماع کأنه معلوم من المتأخرین بل هو نسبه إلی عامتهم (نعم) له أن یقول إن المتبادر من الأخبار أن القبض بعد العقد لکن الأمر فی هذا سهل لأنه قد یمکن أن یقال إنها خرجت مخرج الغالب فتأمّل علی أنه أبلغ فی القبض (ثم إنه) رجح مختار الأکثر بأنه یکتفی بقبض الولی الواهب مع سبقه علی العقد للنصوص الدالة علیه المعلل بعضها بحصول القبض من دون أن یذکر فیها تلک القیود (قال) و هذا التعلیل جار فیما نحن فیه و العلة المنصوصة یتعدی بها إلی غیر الموارد انتهی کلامه (و لقد) تتبعت (الوسائل) فلم أجد هذا التعلیل فی خبر من الأخبار إلا قوله (ع) و إن کان لصبی فی حجره فهو جائز و قد خلا عن التعلیل الصریح (نعم) فی خبر علی بن جعفر فی کتابه إذا کان أب تصدق علی ولد صغیر فإنها جائزة لأنه یقبض لولده إذا کان صغیرا و لم یقل لأنه قابض لولده (فلعله) یدل علی خلاف مراده علی أنه ألم به (ما ألم به خ) لأنه لیس موجودا فی الکتب الأربعة (و قد وقع) له مثل ذلک فی قبض الوقف و ادعی هذه الدعوی و أن الصحیح صریح فی التعلیل بأنه مقبوض فی یده و قد أشار هناک إلی قول أبی الحسن (ع) فی صحیح صفوان و إن کانوا صغارا و قد شرط ولایتها لهم حتی یبلغوا فیجوزها لهم و فی الصحیح الآخر لأن والده هو الذی یلی أمره فلیتأمّل فی دلالتهما و (تمام الکلام) فی باب الوقف و قد استنهضه أیضا علی ما نحن فیه (و أما عدم الفرق) بین القبض بوجه مأذون فیه و غیره فلأن الوجه فیهما واحد و هو صدق القبض (و عساک) تقول قد تقدم له اعتبار کون القبض للهبة و لیس هنا ما یدل علی ذلک (لأنا نقول) إن إیجابه العقد و إقرار یده علی العین بعده دلیل علی رضاه بقبضه لها و انتفاعه بها و إن کان فیما قبل علی وجه الغصب لأن الغاصب و إن کان لا یدله إلا أن حکم الغصب قد زال بالأمرین أعنی العقد و إقرار یده (فما استحسنه) فی الروضة غیر حسن مع مخالفته لصریح الأصحاب و إطلاقاتهم (و القول) الذی حکاه لم نجده لأحد من الخاصة و العامة (و بالأمرین) المذکورین یتضح لک فساد ما قیل من أنا نسلم أن الإقباض و القبض لا حاجة إلیهما للزوم إیجاد الموجود (لکن) الإذن فی الانتفاع لا بد منه فی الودیعة و الغصب بخلاف العاریة فإن الإذن فیه حاصل من قبل (لأنک) قد عرفت أن الأمرین یدلان علی الرضا بقبض العین و الانتفاع بها فلا فرق بین العاریة و غیرها
(قوله) (و کذا لو وهب ولی الطفل ماله الذی فی یده)
أی لا یحتاج إلی قبض جدید و هو معنی ما فی (المراسم) و (المختلف) و (الإیضاح) و (الدروس) و (الحواشی) و (اللمعة) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و فی (الأخیر) أنه الأشهر فتدبر (و إطلاق) کلام جماعة من هؤلاء (کالکتاب) شامل للوصی (کما) هو صریح بعضهم (و اقتصر) فی (المقنعة) و (النهایة) و (الخلاف) و (المبسوط) و (المهذب) و (الوسیلة) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الروض) و (المفاتیح) علی ما إذا کان الولی أبا أو جدا (مع) التصریح فی بعضها (کالمبسوط) و (الشرائع) و غیرهما بأنه لو کان وصیا قبضه الحاکم (و قد تردد) فی (التحریر) فی کفایة قبض الوصی فی الوقف (و الشرائع) و هو ظاهر (النافع) لکنه فی (الشرائع) بعد ذلک استظهر الاکتفاء به کما مر بیانه (و قد وقع) فی (الشرائع) ما ینبغی التنبیه علیه قال لو
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 177
و لو کان مغصوبا أو مستأجرا أو مستعارا علی إشکال افتقر إلی القبض بخلاف ما فی ید وکیله (1) و لو وهبه غیره افتقر إلی قبض الولی أو الحاکم (2) و قبض مشاع هنا کقبضه فی البیع (3) و لو وهب اثنین فقبلا و قبضا صحت لهما و لو قبل أحدهما و قبض صحت فی نصیبه خاصة (4)
______________________________
وهبه غیر الأب أو الجد سواء کان له ولایة أو لم یکن لا بد من القبض عنه و یتولی ذلک الولی أو الحاکم انتهی (و لا معنی) لقبض الولی الوصی إذا کان هو الواهب بل یتعین علی مراده الحاکم أو منصوبه و (کیف کان) فالوجه فی الجمیع هو ما تقدم (و قضیة) إطلاقهم جمیعا حتی (الکتاب) أنه لا یعتبر قصد القبض عن الطفل بعد الهبة لیتمحض القبض لها و یجی‌ء علی ما تقدم للمصنف من اشتراط إیقاع القبض للهبة أن یعتبر ذلک (و هو ظاهر) کلام (الکافی) أو صریحه قال إذا کان الموهوب له فی حجر الواهب فإمضاؤه لها و غیرها و رفع الحظر عنها ینوب مناب قبضه أو غیره من الأولیاء انتهی فلیلحظ و (قد یلوح) من بعض الأخبار اعتباره و (خبر) صفوان فی الوقف ظاهر فی ذلک و (قد أفتی) به جماعة هناک و (هو) ظاهر آخرین و (فی قبض) المسجد فی الوقف ما یرشد إلیه و (أما الجماعة) فیکتفی عندهم بعدم قصد القبض لغیره و (تخصیص) الحکم بالطفل لیخرج البالغ و إن کان أنثی و (فی المحکی) عن (أبی علی) ما یدل علی إلحاق الأنثی مطلقا بالطفل ما دامت فی حجره بالنسبة إلی هبته لها و (لعله) قاسه علی بقاء ولایته علیها فی النکاح علی بعض الوجوه عند بعضهم لأنه ممن یعمل بالقیاس کما حکاه عنه (المفید) و قال إن أصحابنا هجروه لذلک و لم یرجع عنه و (حکی) فی (السرائر) أن فی (الخلاف) أنه یکفی قبض الأم إذا وهبت ولدها الصغیر (و رده) بأنه لا بد من تقبیض ولیه و إن قبضها لا یکفی و (أجاب) فی (المختلف) بأن ذلک مراد الشیخ و لم یفصل لظهوره و عدم خفائه
(قوله) (و لو کان مغصوبا أو مستأجرا أو مستعارا علی إشکال افتقر إلی القبض بخلاف ما فی ید وکیله)
أی لو کان مال الولی الذی وهبه للطفل مغصوبا أو مستأجرا افتقر فی صحة الهبة إلی قبض جدید لأنه لیس فی یده و قد حکی فی (الإیضاح) الإجماع علی افتقار الصحة إلیه فی المغصوب و المستأجر (و قد استشکل) فیما لو کان مستعارا من أنه لما لم یکن بحق لازم کان کقبض الوکیل و من أنه إنما قبضه لنفسه فکانت الید له لا للمعیر فکان کالمستأجر (و هو) خیرة (المسالک) و (الکفایة) و فی (الحواشی) أن فی بعض النسخ المکررة قراءتها علیه أی المصنف وجه الإشکال فی المغصوب أیضا بعدم خروجه عن ملکه (قلت) و لأنه لیس بحق لازم و لا ید له لکنه لیس تحت یده و لا یده کیده کالمستودع لا یحتاج إلی تجدید قبض إجماعا (حکاه) فی (الإیضاح) و (مثله) الوکیل و الحال فیه کما إذا اشتری شیئا و لم یقبضه أو ورث مالا و لم یتمکن من قبضه فلا معنی للإشکال فیه
(قوله) (و لو وهبه غیره افتقر إلی قبض الولی أو الحاکم)
أی لو وهب الطفل غیر الولی افتقر ذلک إلی قبض الولی إن کان موجودا و مع عدمه فلا بد من قبض الحاکم عن الطفل و هو ظاهر و واضح کما فی (جامع المقاصد) و (المسالک) لأن غیر الولی لیست یده کید الموهوب فلا بد من قابض لها عنه له الولایة علیه و فی معنی الحاکم منصوبه لذلک أو مطلقا و (قد تقدم) التصریح بذلک فی باب الوقف عن (أحد عشر کتابا) و قد سمعت ما (فی الشرائع) آنفا
(قوله) (و قبض المشاع کقبضه فی البیع)
قد (تقدم الکلام) فیه فی أول (المطلب) الثانی
(قوله) (و لو وهبت اثنین فقبلا و قبضا صحت لهما و لو قبل أحدهما و قبض صحت فی نصیبه)
قد حکم بالحکمین فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 178
و لا یشترط فوریة الإقباض علی إشکال (1) و یحکم بالملک من حین القبض لا من حین العقد (2) و لا فرق فی اشتراط القبض بین المکیل و الموزون و غیرهما (3) و القبض فیما لا ینقل التخلیة و النقل فیما ینقل و فی المشاع بتسلیم الکل إلیه (4)
______________________________
(المبسوط) و (المهذب) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) لأن الصحة دائرة مع العقد و القبض فمتی حصلا حکم بالصحة و إلا فلا (و هذا) و إن کان عقدا واحدا لکنه فی قوة عقدین لأن کان مع اثنین (کما تقدم) مثله فیما إذا باع اثنین أو وقف علی اثنین
(قوله) (و لا یشترط فوریة الإقباض علی إشکال)
ینشأ (من أن) الأصل عدم الاشتراط و انتفاء دلیل یدل علیه (و من أنه) لما کان جزء سبب أشبه القبول و أنه لا یتیقن البقاء علی الإجزاء إلی العقد الآخر مع التراخی و اختیر فی (المبسوط) فیما إذا وهبه العبد و لم یقبضه حتی هل شوال و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروض) عدم الاشتراط (و هو الظاهر) من (الإیضاح) لأنه أحاله علی باب الوقف و قد اختار هناک العدم و (قد یلوح) ذلک من (الحواشی) و قد استشکل المصنف فی اشتراط فوریته فی الوقف أیضا (و قد) اختار (ولده) هناک و (الشهیدان) فی (الدروس) و (المسالک) و (الروضة) و (المقداد) و (الفاضل القطیفی) و (المحقق الثانی) فی (جامع المقاصد) و (صیغ العقود) عدم اشتراطها (و استظهرناه) هناک من (الکافی (لأبی الصلاح) بل هو ظاهر کل من قال هنا و هناک إنه إذا لم یقبض حتی یموت الواقف أو الواهب فهو میراث فإنه یقضی بعدم البطلان متی تحقق القبض و إن تراخی عن العقد (و لذلک) استدللنا هناک علی العدم (بقوله) (ع) فی خبری عبید و محمد إذا لم یقبض حتی یموت فهو میراث (و قد قال) الصادق (ع) هنا (فی مرسل) أبان و النحل و الهبة ما لم تقبض حتی یموت صاحبها قال هی بمنزلة المیراث فهو دلیل فی الباب و أما دلیل) الوجه الآخر (ففیه) أن ثبوتها فی القبول بالإجماع لا یقضی بمساواة القبض له و إن کان جزءا أو رکنا إذ الرکنیة و الجزئیة لا تقضی بالفوریة و إنما اعتبرناه فی القبول لکونه جوابا للإیجاب فیعتبر فیه ما یعد معه جوابا هذا (و قال) فی (الإیضاح) ما حاصله أن الإشکال فی اعتبار الفوریة أنما هو علی القول بأن القبض شرط فی صحتها لا لزومها و (استحسنه) فی (جامع المقاصد) (قلت) لا یکاد یکون له وجه علی القول بأنه شرط فی اللزوم فینبغی أن یجزم به لا أن یستحسن (و قال) فی (الإیضاح) أن کلام (الخلاف) صریح بعدم اشتراط الفوریة (قلت) لأنه قائل فیه فی بعض المواضع باللزوم و قد أشار إلی ما قاله فیه من التصریح فیمن وهب و لم یقبض حتی هل شوال کما تقدم بیانه
(قوله) (و یحکم بالملک من حین القبض لا من حین العقد)
کما هو مراد کل من قال أنه شرط الصحة کما تقدم بیانه مرارا
(قوله) (و لا فرق فی اشتراط القبض بین المکیل و الموزون و غیرهما)
بلا خلاف فی ذلک من أحد (إلا) ما حکی عن أحمد من أن القبض شرط فی المکیل و الموزون دون غیرهما (و فیه) أن أدلة القبض من الخاصة و العامة مطلقة
(قوله) (و القبض فیما لا ینقل التخلیة و النقل فیما ینقل و فی المشاع بتسلیم الکل إلیه فإن امتنع الشریک قیل للمتهب وکل الشریک فی القبض لک و نقله
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 179
فإن امتنع الشریک قیل للمتهب وکل الشریک فی القبض لک و نقله فإن امتنع نصب الحاکم من یکون فی یده لهما و ینقله لیحصل القبض (1) و لو قبضه من دون إذن الشریک ففی اعتباره نظر و کذا فی کل قبض منهی عنه (2)

[المطلب الثانی فی الأحکام]

المطلب الثانی فی الأحکام المتهب إن کان ذا رحم لم یجز الرجوع بعد الإقباض (3)
______________________________
فإن امتنع نصب الحاکم من یکون فی یده لهما لیحصل القبض) (1) قد تقدم الکلام فیه
(قوله) (و لو قبضه من دون إذن الشریک ففی اعتباره نظر و کذا فی کل قبض منهی عنه)
هذا أیضا تقدم الکلام فیه عند قوله و فی صحة الإقباض حالة الرهن من دون إذن المرتهن نظر
(قوله) (المطلب الثانی فی الأحکام المتهب إن کان ذا رحم لم یجز الرجوع بعد الإقباض)
المتهب إذا کان رحما فإما أن یکون أحد الأبوین أو یکون ولدا أو یکون غیرهما (فإن کان الأول) و قد قبض الهبة ففی (الشرائع) و (کشف الرموز) و (التذکرة) و (التحریر) و (المهذب البارع) و (غایة المرام) علی ما حکی عنها و کذا (المسالک) الإجماع علی أنه لا یجوز الرجوع فی هبته (و هو) أی الإجماع ظاهر (الوسیلة) و (النافع) و فی (التنقیح) و (جامع المقاصد) أنه لا خلاف فیه عندنا و فی (الکفایة) أنه المعروف من مذهب الأصحاب (و إن کان الثانی) أی المتهب ولدا ففی (کشف الرموز) و (المختلف) و (المهذب البارع) و (غایة المرام) علی ما حکی عنها و ظاهر (الوسیلة) و (التذکرة) الإجماع علی أنه لا یجوز الرجوع فی هبته و فی (المسالک) الظاهر أن الاتفاق حاصل فیه و فی (الکفایة) أنه المعروف من مذهب الأصحاب و فی (التنقیح) و ظاهر (جامع المقاصد) أنه لا خلاف فیه و (لیعلم) أنه فی (المختلف) اقتصر علی هبة الأب ولده و لم یذکر الأم و فی (جامع المقاصد) عدم الفرق فیه بین الصغیر و الکبیر و فی (التذکرة) لا فرق بین الولد و ولد الولد و إن نزل الذکور و الإناث مؤذنا بدعوی الإجماع علیه (حیث) نسبه إلی (علمائنا) و فی (الدروس) الإجماع علی عدم جواز الرجوع فی هبة الأب ولده الصغیر و (ظاهر المبسوط) فی موضع منه الإجماع علیه حیث قال عندنا ثم قال و إن کان کبیرا فکذلک و قال فی موضع آخر منه یصح أی الرجوع إذا وهب أولاده الکبار دون الصغار (و به جمع) بین الأخبار فی موضع من (التهذیب) و (الإستبصار) و (لعله) لذلک اقتصر فی (الدروس) علی الإجماع فی الصغیر (و قد) یحمل کلام (المبسوط) فی الأولاد علی أنهم لم یقبضوا (لکن) ما بعده قد یلوح منه أنه مقبوض فلیلحظ (و لیعلم) أنه قد یظهر (من الشرائع) و (النافع) وقوع الخلاف إذا کانت الهبة من الأبوین للولد (و قال) (کاشف الرموز) سألت المصنف عن الإخلال بذکر الأولاد مع أن الإجماع حاصل فیهم أیضا (فقال) کان زیغا من القلم (قلت) لعله وقت التصنیف کان متذکرا لخلاف (المبسوط) و (الإستبصار) فلعله ترک ذکر الأولاد لعدم الإجماع لمکان الخلاف و وقت السؤال کان غافلا عن ذلک (لکن) وجود الخلاف لا یضر عندنا فی دعوی الإجماع (ثم إنه) یظهر من عدة مواضع من (السرائر) و موضع من (المبسوط) أنه إذا وهب أباه کان له الرجوع (فإنهما) اتفقا علی عبارة واحدة و هی هذه إذا وهب لأجنبی أو لغریب غیر الولد کان له الرجوع و من الغریب غیر الولد الوالدان (فلا یصح للمحقق) علی مذاقه دعوی الإجماع فیما إذا کان المتهب الوالد فلیلحظ و لیتأمّل (و إن کان الثالث) و هو ما إذا کان المتهب رحما غیر الآباء و الأولاد فقد صرح بعدم جواز
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 180
..........
______________________________
الرجوع فی هبته و بعدمه إذا کان المتهب ذا رحم بعد الإقباض فی (المقنعة) و (الکافی) و (المراسم) و (النهایة) و (الإستبصار) فی موضع منه و (المهذب) و (الغنیة) و (جامع الشرائع) و (الشرائع) و (النافع) و (کشف الرموز) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده و (التبصرة) و (المختلف) و (الدروس) و (اللمعة) و (المهذب البارع) و (المقتصر) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (إیضاح النافع) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (المفاتیح) و (الریاض) و (قد قواه) فی موضعین من (السرائر) و حکاه فی أحدهما عن (الخلاف) و (قد یظهر) و یلوح من (النکت للمحقق) و (الإیضاح) و (غایة المراد) و هو ظاهرها و فی (المسالک) و (المفاتیح) أنه مذهب الأکثر و فی (جامع المقاصد) أنه المشهور و فی (الریاض أنه أشهر و علیه عامة من تأخر و فی (الغنیة) الإجماع علیه (و قد تظهر) أی دعوی الإجماع من (التحریر) و فی (التنقیح) أن علیه الفتوی و هذه (الکتب) جمیعها لم تخل عن إحدی العبارتین المذکورتین فی العنوان (و المخالف علم الهدی) حیث حکم بجواز الرجوع فی هبة ذی الرحم مطلقا ولدا أو والدا و غیرهما مدعیا علیه إجماع الإمامیة (و قد مال) إلیه فی (الکفایة) و قال إن الدلیل یساعده مع أنه قد رمی بالشذوذ و الندرة (و قال) فی (الخلاف) و (المبسوط) إذا وهب لأجنبی أو لغریب غیر الولد فإن الهبة تلزم بالقبض و له الرجوع (و به جمع) بین الأخبار فی (التهذیب) و (ادعی) علیه فی (الخلاف) إجماع الفرقة و أخبارهم (و قال) فی (السرائر) فی موضع منها أن الأظهر و الأصح عند أصحابنا أن هبة ذی الرحم غیر الولد یجوز الرجوع فیها (و قد سمعت) ما حکیناه عنها آنفا (و قال) فی (موضع ثالث) إن هذا هو الذی اخترناه و نصرناه و حکاه عن (الخلاف) (فانظر) إلی هذا الاضطراب (و قد حکاه) أی جواز الرجوع فی (المختلف) عن أبی علی (و لا ترجیح) فی (الوسیلة) و (الحواشی) (حجة الأصحاب) علی عدم جواز الرجوع فی هبة ذی الرحم بعد الإجماع المنقول فی الغنیة و الظاهر من غیرها المعتضد بالشهرة معلومة و منقولة و الأصل المستفاد من عمومات الکتاب و أخبار الباب کما ستسمع (ما رواه الشیخ) فی الصحیح عن محمد بن مسلم عن أبی جعفر (ع) قال الهبة و النحلة یرجع فیها صاحبها إن شاء حیزت أو لم تحز إلا لذی رحم فإنه لا یرجع فیها (و قد رواه) بطریقین آخرین مختلفین صحیحین علی الصحیح فی علی بن الحکم إذا کان الراوی عنه أحمد أبی العلاء عن محمد بن مسلم (و رواه الکلینی) أیضا بطریق صحیح (و ما رواه الشیخ) فی (الصحیح) عن عبد الرحمن بن أبی عبد اللّٰه و عبد اللّٰه بن سلیمان قالا سألنا أبا عبد اللّٰه (ع) عن الرجل یهب الهبة أ یرجع فیها إن شاء أم لا فقال تجوز الهبة لذوی القرابة و الذی یثاب عن هبته و یرجع فی غیر ذلک (و المراد) بالجواز فیه اللزوم بقرینة السؤال و السیاق (و قد رواه) أیضا بطریق صحیح عن أبان عن علی بن سلیمان غیر أنه بدل ذوی القرابة بذوی القربی (مضافا) إلی الأخبار الواردة فی هبة الوالد للولد و (الموثق المضمر) الوارد فی هبة الولد لأمه (لکن) الاستدلال بهذه لا یتم إلا بعدم القول بالفصل (و قد عرفت) أن بعضهم قال بالفصل کالشیخ فی (المبسوط) و موافقیه و (بعض) ظاهره التردد کصاحب (الوسیلة) و صاحب (الحواشی) و (هناک) عمومات تعضد أخبار المسألة (کقول) أبی عبد اللّٰه (ع) فی خبر إبراهیم بن عبد الحمید أنت بالخیار فی الهبة ما دامت فی یدک فإذا خرجت إلی صاحبها فلیس لک أن ترجع فیها (و قال) رسول اللّٰه (ص) من رجع فی هبته فهو کالراجع فی قیئه (و قد روی) ذیله أعنی قول رسول اللّٰه (ص) بطریق صحیح و هی بعمومها تشمل هبة الأجنبی و قد خرجت بالإجماع و بقی الباقی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 181
..........
______________________________
(و بذلک) یظهر لک ضعف مختاری السید و الشیخ (و قال) فی (الکفایة) یدل علی مختار المرتضی موثقة داود بن الحصین بابن فضال عن أبی عبد اللّٰه (ع) و أما الهبة و النحلة فإنه یرجع فیها حازها أو لم یحزها و إن کانت لذی قرابة (و ما رواه) الشیخ فی الصحیح عن أبان عمن أخبره عن أبی عبد اللّٰه (ع) مثله (و ما رواه) فی الصحیح عن المعلی بن خنیس عنه (ع) مثله مع زیادة (ثم احتمل) الجمع بین هذه الأخبار و الأخبار التی استدل (استدللنا خ) بها تحمل أخبارنا علی الکراهة الشدیدة قال و هو أولی من إطراح الأخبار الثلاثة المعتبرة (ثم قال) و مع قطع النظر عن هذه الأخبار الثلاثة قد وقع التعارض بین أخبارکم و بین ما یدل علی جواز الرجوع مطلقا (کموثقة) عبید بن زرارة و (صحیحة) جمیل و الحلبی عن أبی عبد اللّٰه (ع) إذا کانت الهبة قائمة بعینها فله أن یرجع و إلا فلیس له (ثم قال) و یمکن الجمع بوجهین (أحدهما) حمل المطلق علی المقید و (ثانیهما) حمل أخبار المنع علی الکراهیة (و الترجیح) للثانی و تشهد له الأخبار الثلاثة المذکورة انتهی (و نحن نقول) یمکن أن یکون قوله (ع) فی الأخبار الثلاثة و إن کانت لذی القربی قیدا لقوله أو لم یحزها خاصة (کما) احتمله فی (الوسائل) فیصیر المعنی أنه مع عدم القبض یجوز الرجوع فی الهبة و إن کانت لذی قربی فلا تکون ترکت العمل بها کما أنها حینئذ لا دلالة فیها علی مراده (ثم) إن الجمع فرع التکافؤ و هذه لا تکافئ تلک الأخبار الکثیرة الصریحة الصحیحة المتعاضدة المعتضدة بالأصل و العمومات و الإجماعات و الشهرات (و علی تقدیر) فرض قوة أخباره علی المکافئة و صحتها و کثرتها فمع إعراض الأصحاب جمیعا عنها عدا الشاذ النادر لا یعتمد علیها و لا یعرج إلیها کما قرر فی محله (و أما) جمعه الثانی فلا ریب أیضا أنه فرع التکافؤ و علی تقدیره فلا ریب أن حمل المطلق علی المقید أولی و أرجح من الجمع بالکراهیة لأن الأصل فی حمل المطلق علی المقید فهم العرف و أما (الکراهیة) و الاستحباب فلا یلمون بهما (علی أن) هذه العمومات معارضة بتلک العمومات التی هی أعرف فی العموم و عموماتنا عامة عموما لغویا حیث قال (ع) لیس لک أن ترجع خرج منها ما قام علیه الدلیل و بقی الباقی إذ العام المخصوص بحجة فی الباقی (ثم إن الأدلة) هنا قد دلت و الإجماعات و الشهرات قد انعقدت علی ثبوت الأول أعنی حمل المطلق علی المقید (و الثانی) لم یقل به أحد و لم یقم علیه دلیل و لا شاهد فکیف یقول الترجیح الثانی (نعم) لو ضعفت أدلة المنع عن المقاومة و کانت فی محل الطرح صح لنا أن نحملها علی الکراهیة و إن لم یقل بها أحد جمعا لأنه و إن بعد أولی من الطرح (و من العجیب الغریب) أنه فی (الکفایة) اختار فی هبة أحد الزوجین للآخر عدم جواز الرجوع لصحیحة زرارة کما ستسمعها و تسمع ما فیها (فلو کانت) هذه الصحیحة مع ما هی علیه کما ستعرف إن شاء اللّٰه صالحة لتخصیص الأخبار الثلاثة و صرفها عن ظاهرها و تخصیص الأخبار التی دلت علی جواز الرجوع مطلقا (فبالأولی) أن تصلح أخبارنا المعتضدة بما عرفت لصرف الأخبار الثلاثة عن ظاهرها و (إذا کانت) الأخبار الثلاثة أقوی من أخبارنا فلا تصلح أخبارنا لصرفها عن ظاهرها (فبالأولی) أن لا تصلح لذلک صحیحة زرارة وحدها مع ما هی علیه من مخالفة الإجماع و المشهور کما ستسمع إن شاء اللّٰه (و کان الأولی) عدم التعرض لرده لشدة وهنه و نهایة بعده و شذوذ القائل به (و مما یمکن) أن یستدل به (للشیخ) و موافقیه (موثقة) جمیل عن أبی عبد اللّٰه (ع) فی رجل وهب لابنه شیئا هل یصلح أن یرجع قال نعم إلا أن یکون صغیرا (و فیه) علی ضعفه و عدم مقاومته لما مر أن ذلک من حیث إنه کبیر و لم یقبض بدلالة حکمه بلزوم الهبة للصغیر من حیث إن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 182
و کذا إذا کان أجنبیا و عوض و إن کان ببعضها (1)
______________________________
الأب قابض عنه (و صحیحة) صفوان قال سألت الرضا (ع) عن رجل کان له علی رجل مال فوهبه لولده فذکر له الرجل المال الذی له علیه فقال إنه لیس علیک منه شی‌ء فی الدنیا و الآخرة یطیب ذلک له و قد کان وهبه لولده قال نعم یکون وهبه له ثم نزعه فجعله لهذا (و قد رواه) الشیخ بطریق آخر فیه محمد بن عیسی (و قد تقدم) الکلام فیه و أنه دل علی هبة ما فی الذمة لغیر من هو علیه و المشهور عدم صحته فیکون الهبة لابنه فاسدة (أو یکون) الوجه فی جواز الرجوع أنه لم یقبضه و لما کان القبض شرطا فی الانتقال کان إطلاق الهبة هنا مجازا کما تقدم بیانه (ثم) إنه غیر مکافی‌ء علی تقدیر تسلیم خلوه من کل وصمة (و قال) فی (المسالک) إن المراد بالرحم فی هذا الباب و غیره کالرحم الذی تجب صلته و یحرم قطعه مطلقا القریب المعروف بالنسب و إن بعدت لحمته و جاز نکاحه و هو موضع نص و وفاق انتهی (و ربما قیل) إنه من یحرم نکاحه خاصة (و هو مع) مخالفته لما ذکر مخالف للعرف و اللغة و قد استوفینا فیه الکلام فی المیراث و قلنا إن المدار علی العرف و بینا الحال فی موضع الشک
(قوله) (و کذا إذا کان أجنبیا و عوض و إن کان بعضها)
کما فی (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (قد نص) علی عدم الرجوع فیما إذا عوض من دون ذکر التعویض ببعضها فی (المقنعة) و (المراسم) و (الکافی) و (النهایة) و (المهذب) و (الوسیلة) و (الغنیة) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (کشف الرموز) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (اللمعة) و (التنقیح) و (الروض) و (الروضة) و (الکفایة) و (المفاتیح) (و هو ظاهر الإنتصار) و (قضیة) کلام (المبسوط) و (قد حکی) علیه الإجماع فی (الغنیة) و (السرائر) و (التذکرة) و (المسالک) و (الکفایة) و (المفاتیح) و ظاهر (التنقیح) حیث قال لا خلاف فیه (و نص) فی (المسالک) علی أن المرتضی هنا موافق و (قد عرفت) أنه ظاهره (و لا فرق) فی العوض بین أن یکون قلیلا أو کثیرا کما فی (المهذب) و (الشرائع) و (التذکرة) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و (المفاتیح) و (قد سمعت) ما فی (الکتاب) و ما وافقه (و اعترضه) فی (الحدائق) و (اقتفاه) (صاحب الریاض) بأن المتبادر من المعاوضة هو کون أحد العوضین من غیر الآخر (قالا) و لو تم ما ذکره للزم أنه لو دفعه جمیعه لصدقت المعاوضة مع أنه لا یسمی ذلک معاوضة و إنما سمی ردا و (هو خال) عن التحصیل لأنه بعد العقد و القبض و الملک کیف یتحقق الرد إذ معناه عدم القبول (کما تقدم) فی الباب و باب الوقف (و کما) یأتی فی الوصیة (ثم إن الفرض) المنع من الرجوع فقالوا إنه یتحقق برد البعض منها و أین هذا الفرض عن رد الجمیع مع أن إطلاق النص کما ستسمع و الفتاوی و الإجماعات شاملة لذلک (إلا) أن یدعی ندوره و أنه لذلک ترکه الأکثر فتدبر و (قضیة) هذه الإطلاقات أنه لا فرق فی لزومها بالتعویض بین أن یکون قد شرط التعویض فی العقد أو بعده بأن وقع العقد مطلقا إلا أنه بذل له العوض بعد ذلک و أعطاه إیاه (لکن) جماعة صرحوا بأنه لا یحصل التعویض بمجرد البذل بل لا بد من قبول الواهب له و کون البذل عوضا عن الموهوب (و هو المفهوم) من عبارة (المبسوط) و (التذکرة) لأنه إذا دفع عوضا مع عدم شرطه و عدم التصریح بکونه عوضا عن الموهوب لم یمتنع الرجوع لأنه حینئذ بمنزلة هبة جدیدة و لا یجب قبولها کما ستسمع إن شاء اللّٰه (و أما أخبار) المسألة فهی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 183
أو قصد الأجر (1) أو تلفت العین و استهلکت الهبة (2) أو تصرف علی رأی (3) و إن لم یکن لازما
______________________________
(صحیحة) عبد اللّٰه بن سنان عن أبی عبد اللّٰه (ع) قال إذا عوض صاحب الهبة فلیس له أن یرجع و هی بمکانة من الصراحة و (صحیحة) عبد الرحمن بن أبی عبد اللّٰه و عبد اللّٰه بن سلیمان قالا سألنا أبا عبد اللّٰه (ع) الرجل یهب الهبة أ یرجع فیها إن شاء أم لا فقال تجوز الهبة لذوی القرابة و الذی یثاب عن هبته و یرجع فی غیر ذلک (و قد) أسمعناکه آنفا و بینا وجه دلالته و أنه مروی بطریقین
(قوله) (أو قصد الأجر)
أی لا یجوز الرجوع فی الهبة بعد الإقباض إذا قصد الأجر و القربة إلی اللّٰه سبحانه و تعالی (کما) فی ظاهر (الإنتصار) و الغنیة أو صریحهما و صریح (التذکرة) (و التنقیح) و (جامع المقاصد) و (المفاتیح) و فی (الأول) أنه مما انفردت به الإمامیة و فی (الثانی) و (الرابع) الإجماع علیه و فی (الخامس) أنه لا خلاف فیه (و هذا) قد تقدم الکلام فیه فی بحث الصدقة لأن الهبة مع قصد الثواب صدقة و لهذا أغفلها الأکثر (و قد) استغرب فی (الحدائق) إغفال الأکثر له هنا مع استفاضة الأخبار به (و قد حکینا) ذلک هناک عن (ستة عشر کتابا) و (قد حکینا) إجماعات أخر غیر ما حکیناها هنا (فکیف) یقول أغفلوه (و کیف کان) ففی (صحیحة) زرارة لا ینبغی لمن أعطی للّه شیئا أن یرجع فیه و ما لم یعطه اللّٰه فإنه یرجع فیه نحلة کانت أو هبة حیزت أو لم تحز (و مثله) موثقة عبید و خبر المعلی و الأخبار المتقدمة فی الصدقة و قد أسمعناکها
(قوله) (أو تلفت العین و استهلکت الهبة)
کما فی (المقنعة) و (الکافی) و (النهایة) و (المهذب) و (الوسیلة) و (الغنیة) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الکفایة) و (المفاتیح) و (هو قضیة) کلام (المبسوط) و (النافع) و (الدروس) و (اللمعة) و (الروضة) و فی (الغنیة) و (السرائر) و (کشف الرموز) و (التذکرة) و ظاهر (التنقیح) الإجماع علیه و فی (المسالک) لا خلاف فیه إلا من المرتضی و فی (المفاتیح) أنه المشهور بل کاد یکون إجماعا (و لعله) فهم خلاف السید من قوله قبض الهبة غیر مانع من الرجوع علی کل حال (و قضیة) الإطلاقات عدم الفرق فی اللزوم بین کون التلف من المتهب (کما) هو صریح (الإرشاد) و غیره (بل) فی (المهذب البارع) الإجماع علیه أو من اللّٰه تعالی و کون التالف تمام الهبة أو بعضها (کما) هو صریح (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) و (لعل) مرادهم بالبعض البعض الذی یصدق مع تلفه أن العین غیر قائمة بعینها لا ما کان کالظفر و نحوه إذا کانت العین عبدا (و الأصل) فی ذلک (صحیحة) جمیل و الحلبی أو حسنتهما عن أبی عبد اللّٰه (ع) قال إذا کانت الهبة قائمة بعینها فله أن یرجع فیها و إلا فلیس له
(قوله) (أو تصرف علی رأی)
موافق لما فی (النهایة) و (الخلاف) و (المبسوط) فی (موضعین) منه و (المهذب) و (الشرائع) و (الواسطة) علی ما حکاه عنهما (کاشف الرموز) و (السرائر) و (الجامع) و (کشف الرموز) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (المختلف) و (الإیضاح) و (اللمعة) و (المقتصر) و (الروض) (بل هو) ظاهر (المقنعة) کما فهمه منها (کاشف الرموز) لأنه قال فی (المقنعة) و کذا إذا أحدث فیها حدثا لم یکن للواهب سبیل إلی الرجوع کما یأتی بیان ذلک (بل) هو ظاهر (الکافی) و إن نسبوا إلیه خلاف ذلک لأنه قال فی (الهدیة) و له الرجوع فیها ما لم یتصرف فیها من أهدیت إلیه و قد تقدم أنها هبة فیخص بذلک إطلاق قوله هنا و غیر المعتاض عنها
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 184
..........
______________________________
فالقائم العین منها یصح الرجوع فیه و المستهلک لا یصح و کلامه و فی (الهدیة) متأخر عن (الهبة) علی أنه إن أبقی علی (ظاهره) یکون قد أخل بحکم (الواسطة) و قد قال فی (کشف الرموز) ذهب إلیه الشیخان و أتباعهما و ابن البراج و (صاحب الشرائع) و صاحب (الواسطة) ثم ادعی علیه (الإجماع) و بینه (بوجهین) و فی (السرائر) أیضا الإجماع علیه و قال فی (الخلاف) إذا وهب ثوبا خاما لمن له (الرجوع) فی هبته فقصره (الموهوب) له لم یکن للواهب (الرجوع) له دلیلنا (إجماع) الفرقة و (أخبارهم) علی أنه إذا تصرف الموهوب له فی (الهبة) فی (الجملة) لم یکن للواهب (الرجوع) فیها (و قال) فی (السرائر) بعد نقله برمته نعم ما استدل به ره (و قال) فی (المبسوط) روی أصحابنا أن الموهوب له إذا تصرف فی (الهبة) لم یکن للواهب (الرجوع) و قال فی موضعین منه أنه الذی یقتضیه مذهبنا و قال فی موضع آخر إنه متی تصرف فیه الموهوب له بطل حکم الرجوع لعموم الأخبار و فی (جامع المقاصد) تارة أنه المذهب و أخری (کالمسالک) أنه المشهور و فی (المفاتیح) نسبته إلی الأکثر فهذه الأخبار المرسلة فی (الخلاف) و (المبسوط) التی حکیناها عنه (أولا) و کذا (السرائر) لأنه قال نعم ما استدل به کما سمعت صریحة فی المطلوب غایة الأمر أنها مرسلة و الشهرة المعلومة و المنقولة تجبرها و تعضدها الإجماع المنقول صریحا و ظاهرا فی عدة مواضع کما عرفت و الأخبار الأخر التی حکیناها عن (المبسوط) (ثانیا) مضافا إلی صحیحة الحلبی کما سمعتها و هی حجة واضحة علی ما فهمناه من کلامهم دالة علی الحکم و الموضوع کما ستعرف و من الغریب إنکار ذلک فی (المسالک) مع أنه من المعلوم أن الأخبار خرجت من ید الشیخ و أنه لا فرق بین ما یحکیه و بین ما یرویه و لا بین إرساله فی (الخلاف) و إرساله فی (المبسوط) ثم إنه قد یلوح الإجماع من قوله فی موضعین من (المبسوط) کما سمعت أنه الذی یقتضیه مذهبنا کما یلوح من قوله فی (جامع المقاصد) أنه المذهب ثم إن فی (إجماع الخلاف) و (السرائر) و (کشف الرموز) بلاغا مع شهادة الشهرة لهما بذلک و التتبع التام لأنه علی ما قضی به تتبعنا أن لا مخالف استقر خلافه أو ثبت علی البت و القطع قبل المحقق و إلا فقد حکی الخلاف عن أبی الصلاح و قد سمعت کلامه فی البابین و عن صاحب الوسیلة و قد سمعت (ما حکی) عنه فی (الواسطة) و استظهره بعضهم من (المقنعة) و قد سمعت کلامها و ما فهمه (کاشف الرموز) منها و من أتباع الشیخین و ذلک شهادة علی التقی و القاضی و و العماد بن حمزة و غیرهم بل و علی السید أیضا و قد قال إنه باحث المحقق و استقصی معه البحث و قد حکی عن (المراسم) أو استظهر منها و الموجود فیها أن هبة الأجنبی علی ضربین هبة ما یستهلک و هبة غیره فما کان مما یستهلک کالمواکیل و استهلک فلا رجوع و ما لم یکن من ذلک فعلی ضربین معوض عنه و غیر معوض عنه فما عوض عنه لا یجوز الرجوع فیه و ما لم یعوض یجوز الرجوع فیه انتهی فلو کان قضیته أن ما تصرف فیه یجوز الرجوع فیه لکان قضیته أن ما أتلفه المتهب و لیس من شأنه أن یستهلک إنه یجوز الرجوع فیه مضافا إلی شهادة (کاشف الرموز) و کذا ما تقرب به إلی اللّٰه سبحانه (علی مذاقهم کما بینا فی باب) و کذا إذا کان دینا و الجمیع خلاف الإجماع و قد وقع مثل ذلک فی (الغنیة) و ما نسب أحد الخلاف إلی ابن زهرة قبل (صاحب الریاض) و ذلک لأنه جعل الضرب الذی لا یجوز الرجوع فیه ما استهلک فیه الهبة أو تعوض عنها أو کانت لذی رحم أو کان الموهوب له ممن یصح التقرب بصلته إلی اللّٰه تعالی و قال (الضرب الثانی) ما عدا ما ذکرنا و یدل علی ذلک الإجماع مع أنه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 185
..........
______________________________
قال فی آخر الباب إذا وهب ما یستحقه فی الذمة کان ذلک إبراء بلفظ الهبة و قد دخل فیما عدا ما ذکره فلم یکن کلامه صریحا فی (الخلاف) بل قد یقال و لا ظاهرا و لو کان هؤلاء مخالفین ما سکت عنهم فی (السرائر) و یرشد إلی ذلک و أن لیس فی (المسألة) إلا قولان قول (النهایة) و قول (الشرائع) ما فی (الشرائع) و (النافع) و (التحریر) و (المهذب البارع) و (المقتصر) من قولهم إن فی (المسألة) قولین (نعم) ادعی (المحقق) أن بعض من تقدم یوافقه و لعله یرید سلار أو المفید أو هما معا فإذا ظهر أو احتمل أنهما غیر مخالفین انحصر الخلاف فیه و أما کلام ابن حمزة فتفصیل فی التصرف کما ستسمعه ثم إنه لو لم یکن ما ادعاه فی (الخلاف) و (المبسوط) من وجود الأخبار الصریحة بذلک ما سکت عنه أیضا و لا قال نعم ما استدل به بل بادره بالنکیر ثم إن فی صحیحة الحلبی عن الصادق (ع) إذا کانت الهبة قائمة بعینها فله أن یرجع و إلا فلیس له ما یفهم منه أن التصرف مانع من الرجوع لأن العین مع التصرف لیست قائمة بعینها فإن (قلت) المراد عدم تلفها قلنا لا معنی لقوله (ع) حینئذ بعینها إلا التأکید و التأسیس خیر منه و هذه الصحیحة ترشد إلی أن التصرف المسقط هو ما غیر العین کطحن الحنطة أو الصفة کصبغ الثوب و نقله عن ملکه و بالجملة التصرف الموجب للزوم فی المعاطاة لا التصرف المسقط للخیار کسقی الدابة و علفها و رکوبها و قودها و إلا لم یبق لأخبار جواز الرجوع فی الهبة علی کثرتها موضوع إلا ما ندر جدا و هو الذی أراده قدماء الأصحاب بإطلاقاتهم و أقصی ما هناک أن الشهید قال إن ظاهر (النهایة) و ابن إدریس أن التصرف بالرکوب و نحوه مانع و هو الذی استظهره فی (المختلف) حیث جعل ابن حمزة مخالفا و تبعهما الجماعة و هذا الظاهر لیس مرادا لما عرفت و حینئذ تلتئم کلمتهم و لم یکن (صاحب الوسیلة) مخالفا للشیخین و هو من أتباعهم قال و تصرف فیها المتهب بأن تکون شجرا فاتخذ منها بابا و سریرا أو تکون ثوبا خاما فقصره أو أمة فوطئها لم یکن له الرجوع و قد وافقه علی ذلک الشهیدان فی (الدروس) و (غایة المراد) و (المسالک) و (الروضة) و القطیفی و الفاضل الخراسانی و الکاشانی جزما فی بعض و میلا فی آخر بالأوجه و الأجود و نحو ذلک و فی (جامع المقاصد) أنه لیس بذلک البعید و أقصی ما هناک أن من صرح بأن مطلق التصرف مانع یکون مخالفا و لا نجد بذلک مصرحا نعم إن حمل التصرف علی معناه اللغوی کان ظاهر الکتاب و نحوه و قد یکون صریح (التذکرة) و إن حمل علی المعنی العرفی اتضح الأمر نعم (المحقق) فی کتابیه مخالف للجمیع لأنه لا یری أن التصرف مطلقا مانع فلم یکن فی (المسألة) إلا قولان (کما) عرفت و (لیعلم) أنه (لا ترجیح) لأحد القولین فی (التحریر) و (التبصرة) و (الحواشی) و (التنقیح) و (المذهب البارع) و (أول) من استدل للمعظم بروایة إبراهیم بن عبد الحمید (کاشف الرموز) و تبعه المصنف و ولده و (المحقق الثانی) فطال لسان المتأخرین عنهم علیهم و (هی هذه) عن الصادق (ع) قال أنت بالخیار فی الهبة ما دامت فی یدک فإذا خرجت إلی صاحبها فلیس لک أن ترجع و قال قال رسول اللّٰه (ص) من رجع فی هبته کالراجع فی قیئه (و أنت خبیر) بأنه لا دلالة فیها علی التصرف مطلقا و إنما دلت علی لزومها مطلقا بالقبض (فإن قلت) الباعث علی هذا الحمل الجمع بینها و بین ما دل علی جواز الرجوع مع بقاء العین (کصحیحة) الحلبی المتقدمة آنفا و (صحیحة) عبد اللّٰه بن سلیمان و عبد الرحمن المتقدمة فیما مر (قلنا أولا) إنه لا شاهد علیه و (ثانیا) إنه لا داعی إلیه إلا أن تقول إنها دلت علی اللزوم إلا ما خرج بالإجماع و هو عدم التصرف فیکون موافقة للعامة و معارضة بالأخبار الدالة علی الجواز
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 186
..........
______________________________
مطلقا (و إن أردت) أن تجری علی ما جری علیه الجماعة المتأخرون کالمصنف فی (المختلف) و من وافقه (فنقول) قد اختار (المحقق) فی (کتابیه) جواز الرجوع مطلقا و قالوا إنه خیرة (سلار) و (أبی الصلاح) و (أبی علی) لکنه لم یحکه عنه (کاشف الرموز) و لا المصنف فی (المختلف) و لا ولده و لا الشهید و لا أبو العباس و لا المقداد و إنما حکاه عنه فی (المسالک) و تبعه صاحب (الریاض) و (حکاه) فیه عن ابن زهرة فإنه ادعی علیه الإجماع و قال إنه هو الحجة (و کیف) یکون حجة مع وهنه علی تقدیر تسلیمه بأن المشهور خلافه باعتراف (صاحب الریاض) قال إن الشهرة العظیمة متحققة و محکیة علی خلاف قول (المحقق) و فی أول (البحث) قال إن المنع مطلقا مذهب أکثر المتأخرین و (احتجوا) علیه أیضا باستصحاب الحالة السابقة و هی جواز الرجوع فیها الثابت من الأدلة و عموم النصوص الدالة علی جوازه فی مطلقها خرج منه ما خرج و بقی ما عداه (و کان الأولی) أن یعدوا من موافقیه (علم الهدی) و یستدلوا له أو یؤیدوه بإجماع الإنتصار و قالوا إن الشیخ فی (النهایة) قائل بالمنع مطلقا حتی مثل رکوب الدابة و (اختلف النقل) عن (المفید) فبعضهم نسب إلیه موافقته و بعض استظهر موافقته لابن حمزة کالمصنف فی (المختلف) و نسبه أی خیرة (النهایة) إلی أکثر المتأخرین فی (الریاض) کما سمعت (و قد عرفت) أن لا مصرح بذلک و إنما هی إطلاقات (الخمسة) منهم (اثنان) فی بعض کتبهم کما عرفت أن جماعة منهم متوقفون کما عرفت من وافق ابن حمزة منهم (و قد استدل) له أی قول الشیخ فی (النهایة) فی (المسالک) بعشرة أدلة ضعیفة جدا و قالوا إن ابن حمزة مخالف للشیخ فی (النهایة) و إنه قصر التصرف علی المخرج عن الملک و المغیر للصورة و علی الوطء و إنه قال لا یقدح الرهن و الکتابة و استدلوا له (بصحیحة الحلبی) و قد طعن فیها فی (المسالک) بأنها لا تخلو عن إشکال فی السند و الدلالة و استند فی (الأول) إلی وجود إبراهیم بن هاشم و هو فی غیر محله سلمنا أنها حسنة و لکن الحسن حجة و قد وسمها هنا جماعة بالصحة و فی (الثانی) بأن إقامة النقل مقام تغیر العین أو زوالها لا یخلو عن تحکم قال بل قد یدعی بقاء العین ببقاء الذات مع تغیر کثیر من الأوصاف فضلا عن التغییر الیسیر (قلت) إن لحظت ما ذکرناه فی توجیه الاستدلال بها سقط قوله بل قد یدعی إلی آخره (علی أنهم) متسالمون علی أن النقل تصرف فی الصفة کزوال العین و نقلها فی جمیع أبواب الفقه التی تعرض فیها للتصرف و ستسمع کلامهم فی التحجیر علی المتهب فإنه أقوی شاهد علی ذلک (و قال) أیضا فأصحاب هذا القول ألحقوا الوطء مطلقا بالتغییر مع صدق بقاء العین بحالها معه (إلا أن) یدعی فی الموطوء عدم بقاء عینه عرفا و لیس بواضح أو یخص بما إذا صارت أم ولد فإنها تنزل منزلة التالفة (قلت) إن أهل العرف لا یرتابون فی أن الوطء تصرف (و لهم) أن یدعوا أن الشارع جعل قیام العین بعینها علامة علی عدمه عند الشک فیه و أما مع تحققه فلا یفرق بین قیامها بعینها و عدمه (ثم إنه) قد یقول إن الموطوءة إذا کانت بکرا لم تبق قائمة بعینها بل قد یدعی ذلک فی الثیب فإنه قد أخرج شهوتها من بین ترائبها التی هی عظام صدرها و أهاج حرارتها من قرنها إلی قدمها ثم إن المنی ینشب فی عروق المرأة فیجذبها إلی طبعه و خلفه و لهذا کان اللبن للفحل و مع هذا التغییر لم تبق قائمة بعینها فتأمّل (ثم قال) و علی کل حال فیقید تلک الأخبار الکثیرة الصحیحة الواضحة الدلالة بمثل هذا الخبر البعید الدلالة فی کثیر من مدعیات معضلة لا یخلو من إشکال (إلا أنه) أقرب من القول المشهور انتهی (و أنت) قد عرفت أن هذا الخبر علی ما فهمناه مستند بالإجماعات و الشهرات و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 187
و إلا فللواهب الرجوع (1) و یکره لأحد الزوجین الرجوع (2) علی رأی
______________________________
الأخبار المرسلة فی (المبسوط) و کذا (الخلاف) مؤید لخبر إبراهیم بن عبد الحمید لمکان فهم الجماعة منه ما سمعت و بأخبار القی‌ء و هی متعددة و فیها الصحیح
(قوله) (و إلا فللواهب الرجوع)
هذا قد عرف حاله مما تقدم و معناه أنه إن لم یکن واحد من الأمور المتقدمة فللواهب الرجوع
(قوله) (و یکره لأحد الزوجین الرجوع)
عندنا کما فی (المبسوط) و هو یؤذن بالإجماع علیه و (هو) مذهب الشیخ و أتباعه و المتأخر کما فی (کشف الرموز) و مذهب الشیخ فی (کتبه) و أتباعه (کما) فی (غایة المراد) (و هو) خیرة (النهایة) و (الخلاف) و (الغنیة) علی ما حکی عنها لأن عندنا من نسخها قد سقط ذلک غلطا من الکاتب علی الظاهر (و الوسیلة) و (السرائر) و (الجامع) و و (الشرائع) و (النافع) و (کشف الرموز) و (الحواشی) و (الریاض) و فی (الخلاف) و (الغنیة) علی ما حکی عنها الإجماع علیه (لکن) لا تصریح فی (الخلاف) بالکراهیة و فی (المفاتیح) نسبته إلی الأکثر و (اختیر) فی (التذکرة) و (الإیضاح) و (المقتصر) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و (المفاتیح) اللزوم و عدم جواز الرجوع و (کأنه) مال إلیه أو قال به فخر الإسلام فی (شرح الإرشاد) و الشهید فی (الدروس) و نفی عنه البعد فی (غایة المراد) و حکاه المصنف فی (التحریر) و (الشهید) عن (الشیخ) و قال فی (التحریر) فیه نظر (و قال) فی (الحواشی) فیه قوة و لم (نجد) ذلک للشیخ فی کتبه الثلاثة بل الموجود فیها ما سمعت (نعم) حکی فی (الخلاف) عن أبی حنیفة أنه أجری الزوجیة مجری الرحم و قال قد روی ذلک قوم من أصحابنا و (حکاه) فی (التذکرة) عن جماعة من أصحابنا و تبعه (صاحب المسالک) فی ذلک و لم نجد أحدا قال به قبل المصنف و (مثله) فی الغرابة قول الشهید فی (غایة المراد) إن الأکثر لم یذکروهما (مع) أنه نسبه هو فیه إلی الشیخ فی (کتبه) و الأتباع (و قد عرفت) الذاکرین له ممن تقدمه (و قد شذ) ما اختلف فیه (هو) و (صاحب الریاض) حیث ادعی أن الشهرة علی الجواز عظیمة و أنها محکیة فی عبائر جماعة (و لم نجد) إلا فی (المفاتیح) علی أن (أنه ظ) نسبه إلی الأکثر و لم یدع الشهرة (و لا ترجیح) فی (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و کذا (المهذب البارع) و (الروض) و (کیف کان) فحجة (الشیخ) و من وافقه الأخبار الصحیحة المصرحة بجواز الرجوع فی الهبة لمن لیس له قرابة (کصحیحة) عبد الرحمن و محمد بن مسلم کما تقدم و (الأخبار) الناطقة بجواز الرجوع فی مطلق الهبة معتضدة بإجماع (الخلاف) و أخباره المرسلة فیه و إجماع (الغنیة) و کذا (المبسوط) و بالشهرة المعلومة بل قد یستفاد الشهرة من نسبته إلی (الشیخ) و الأتباع و إن عولنا علی شهرة (المفاتیح) فذاک مضافا إلی إجماع الإنتصار فإنه هنا صالح للتأیید (و حجة الآخرین) الأصل المستفاد من عمومات الباب (مضافا) إلی عموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و الأخبار المستفیضة المانعة من الرجوع فی مطلق الهبة و خصوص قول مولانا الصادق (ع) لا ینبغی لمن أعطی للّه عز و جل أن یرجع فیه و ما لم یعطه للّه و فی اللّٰه فإنه یرجع فیه نحلة کانت أو هبة حیزت أو لم تحز و لا یرجع الرجل فیما یهب لامرأته و لا المرأة فیما تهب لزوجها حیز أو لم یحز أ لیس اللّٰه تعالی یقول وَ لٰا یَحِلُّ لَکُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمّٰا آتَیْتُمُوهُنَّ شَیْئاً و قال فَإِنْ طِبْنَ لَکُمْ عَنْ شَیْ‌ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَکُلُوهُ هَنِیئاً مَرِیئاً (و هذا یدخل) فیه الصداق و الهبة فیخص تلک الأخبار بخصوص هذا الخبر الصحیح و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 188
و إفلاس المتهب لا یبطل حق الرجوع (1) و مع الحجر إشکال (2)
______________________________
(نحن نقول) هذا الأصل لا أصل له علی الأصح (و هنا عمومان) عموم جواز الرجوع و عموم المنع و کل منهما اعتوره التخصیص إجماعا فالأول یهبه بذی الرحم و الثانی یهبه الأجنبی و قد تقدم لنا أن عمومات المنع عامة حقیقة عموما لغویا و قد عضدت فی القرابة بالإجماعات و الشهرات و قویت علی تخصیص عمومات الجواز علی أنها مطلقة و لیست عامة حقیقة کتلک أو لیست عریقة فیه و قد اعتضدت عمومات المنع هنا بالصحیحة الصریحة فی ذلک فیقوی القول بعدم جواز الرجوع هنا أیضا (إلا أن نقول) إن عمومات الجواز هنا قد اعتضدت بما سمعت فقویت فی خصوص المسألة علی تخصیص تلک و اعتضاد أخبار المنع بالشهرات لا یقضی بقوتها هنا علی الأصح فی المسألة الأصولیة (و أما الصحیحة) ففیها وهن من أربعة وجوه (الأول) أنها تضمنت اللزوم و إن لم یقبض و هو خلاف الإجماع (و الثانی) أن صدرها تضمن جواز الرجوع مطلقا حتی لو کانت لذی قرابة و هو أیضا خلاف المشهور بل خلاف الإجماع و هذا مما یقال فی مقام التعارض فلا تقوی علی المکافئة (الثالث) أنها معارضة بصحیحة محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) أنه سئل عن رجل کانت له جاریة فآذته امرأته فیها فقال هی علیک صدقة فقال إن کان قال ذلک للّه فلیمضها و إن لم یقل فله أن یرجع إن شاء فیها (و هو) و إن ورد فی الصدقة إلا أنها هی و الهبة سواء فی الحکم من هذه الجهة و لذلک رواه الشیخ فی البابین (الرابع) أنها موافقة لمذهب أبی حنیفة کما عرفت مع إعراض الأصحاب عنها و تنبههم لها کما (سمعته) عن (الخلاف) (و قد) أجاب (القائلون) بالمنع (عن الأول) بأنه لما قامت الأدلة القاطعة علی عدم لزومها قبل القبض وجب أن نحمل الحیازة فیها علی قبض آخر جدید غیر القبض الأول جمعا بین الأدلة و هو کما تری هذا حال الصحیحة التی هی الأصل فی الباب علی أنها یمکن حملها علی کونها ذات رحم فلا إشکال (و قد استدل) فی (غایة المراد) للمشهور علی الکراهیة بأخبار القی‌ء و هی أنما تدل علی کراهیة الرجوع فی الهبة مطلقا و لا خصوصیة للزوجین فی دلالتها و تناولها لهما من حیث العموم لا یکون وجها لتخصیص الکراهیة بهما (فالأولی) أن یقال إنا نحمل المنع فیها علی الکراهیة الشدیدة جمعا و لا حاجة بنا إلی أخبار القی‌ء غیر أن الأصحاب أطلقوا الکراهیة و لم یقیدوها بالشدیدة (و قد سمعت) فیما سلف ما وقع لصاحب الکفایة حیث اختار هنا القول بالمنع لمکان هذه الصحیحة و جوز الرجوع فی الهبة لذی الرحم مطلقا مع ورود الصحاح هناک بالمنع کما تقدم بیانه (و لعل قضیة) إطلاق النص و الفتوی أن لا فرق فی الزوجة بین الدائمة و غیرها إلا أن تقول إن المتبادر الأولی (نعم) لا فرق بین المدخول بها و غیرها و المطلقة رجعیا بخلاف البائن
(قوله) (و إفلاس المتهب لا یبطل حق الرجوع)
یرید أن المتهب إذا أفلس و عین الهبة قائمة و لم یحجر علیه لا یبطل حق الواهب من الرجوع و (وجهه) ظاهر لا إشکال فیه و لا خلاف و إنما الإشکال و الخلاف فیما إذا حجر علیه کما ستسمع و إنما قیدناه بما إذا لم بحجر علیه لقوله بعده و مع الحجر إشکال
(قوله) (و مع الحجر إشکال)
أقواه أنه لا یجوز له الرجوع کما فی (جامع المقاصد) و به جزم فی (التذکرة) لأنها من جملة أموال المفلس فیتعلق حق الغرماء بها لأن الحجر یقتضی تعلق الدین
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 189
أما جنایة الهبة فالأقرب أنها تبطل حق رجوع الواهب (1)
______________________________
بجمیع أمواله و لهذا لا یحجر علیه لو وفت أمواله مع الهبة بالدیون و عموم الدلائل الدالة علی تعلق حقوق الغرماء بأمواله یتناولها (قلت) حاصله أنه تغییر فی الصفة کالنقل عن الملک کما تقدم التنبیه علیه (و اختیر) فی (المبسوط) و (التحریر) و (الحواشی) أنه یجوز له الرجوع لوجود العین و سبق تعلق حق الواهب بها کالمبیع فی زمن الخیار و أن استحقاق الغرماء تابع لملکه و ملکه غیر لازم و التابع لا یؤثر فی متبوعه و هذا معنی الأول و فی (جامع المقاصد) أن الفرق ظاهر فإن الواهب سلط المتهب علی جمیع التصرفات فی الهبة و علی أدائها فی الدین و أعدها لتعلق حق الغرماء بها فلا یکون له إبطاله کما لا یکون له إبطال البیع بخلاف المبیع بخیار فإن المشتری ممنوع من التصرفات المخرجة عن الملک (قلت) هو أحد القولین فی المسألة و نظر (المبسوط) إلی الخبر و ذکر البیع تقریب (و لا ترجیح) فی (الإیضاح) و (الدروس)
(قوله) (أما جنایة الهبة فالأقرب أنها تبطل حق رجوع الواهب)
کما هو خیرة (التذکرة) لکن قال لو قال أنا أدفع الفداء و أرجع أجیب و فی (التحریر) أن الأقرب جواز الرجوع و لا یسقط حق المجنی علیه من الاقتصاص و التملک (و قال) فی (جامع المقاصد) التحقیق أنه (إن أراد) ببطلان حق رجوع الواهب کونه لا یستحق استرجاع العین إذا أخذه المجنی علیه فی الجنایة فهو صحیح إلا أنه لا معنی لقوله الأقرب إذ لا یحتمل مقابله أصلا (و إن أراد) أنه لیس له الرجوع بحال فلیس کذلک فإنه لا منافاة بین الرجوع و بقاء حق الجنایة إذ لو کانت خطأ کان له فداء الجانی بالأرش و لو کانت عمدا و رضی المجنی علیه کان له بذله و الاختصاص بالعین و لا معنی للأقرب هنا أیضا (قلت) ما أراد هذا و لا ذاک لأنه من المعلوم أنه لا یصح أن یراد بالإطلاق أو العموم أحد الفردین من دون قرینة و إنما أراد أن الأقرب أنه یقع موقوفا لا باطلا من حینه و کثیرا ما یعبر عنه به کما تقدم مرارا فی الوکالة لأنه إذا رجع قبل العفو و الاستیفاء فإن عفی کان عفوه کاشفا عن صحة الرجوع و إن أخذ أو اقتص بطل الرجوع و مقابله أنه یبطل من حینه فالأقرب فی محله علی أنه یصح له ذکر الأقرب بالنسبة إلی الشق الأول باعتبار نیة التملک و الاکتفاء بالأخذ فقط (و قال) فی (الإیضاح) إن کان المراد أن حق المجنی علیه مقدم علی استحقاق المالک الرجوع فهذا لا شک فیه و لا یحتمل عدمه و إن کان المراد أنه یمنع من رجوع المالک فی الفاضل عن أرش الجنایة فهو ممنوع (و فیه) أنه إذا صار بعض العین حقا للمجنی علیه کان ذلک بمنزلة التلف للبعض فلم تکن العین قائمة بعینها کما فی الصحیحة فلا یکون له الرجوع عملا بالخبر (فتدبر) لأنه له أن یقول المراد بالتلف التلف حقیقة لأنه المتبادر لا ما کان بمنزلته و فیه نظر (و عساک) تقول ما الفرق بین تعلق حقوق غرماء المتهب و بین تعلق أرش الجنایة قلنا قال فی (جامع المقاصد) إنه أظهر من الشمس لأن تعلق حقوق الغرماء یقتضی ثبوت الهبة للمفلس و تأکدها لأن الدیون فی ذمته و علیه أداؤها من ماله و أرش الجنایة لا تعلق للمتهب فیه و إنما هو حق لأجنبی ثبت له استقلالا بسبب الجنایة من دون توسط المتهب (ثم) عد إلی العبارة فنقول قد عرفت وجه القرب و عدمه علی ما فسرنا به معنی البطلان (و قد) قیل فی وجه القرب فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) أن أرش الجنایة مقدم علی الملک الحقیقی و حق الواهب أضعف لأنه ملک أن یملک و أنه أقوی من تصرف الموهوب و هو مانع من الرجوع فتعلق الجنایة أولی و (قال) فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 190
و لو جوزنا الرجوع مع التصرف فإن کان لازما کالکتابة و الإجارة فهو باق علی حاله و لو باع أو أعتق فلا رجوع (1) و لو کان جائزا بطل کالتدبیر و الوصیة الهبة قبل القبض (2)
______________________________
(جامع المقاصد) فی وجه العدم إن حق الواهب أسبق و کلامهما معا غیر متجه لأن حق الواهب مقدم فی الخطأ و أقوی و لیس أسبق فی العمد بل لا یلتفت إلیه
(قوله) (و لو جوزنا الرجوع مع التصرف فإن کان لازما کالکتابة و الإجارة فهو باق علی حاله و لو باع أو أعتق فلا رجوع)
التصرف اللازم (إما) أن یمتنع فسخه کالعتق و الوقف (أو لا) و (غیر) الممتنع إما أن یکون له أمد ینتظر کالإجارة و السکنی و المزارعة أو لا کالبیع (فإن کان) له أمد ینتظر کالإجارة و نحوها صح الرجوع فی العین و صبر إلی انقضاء مدة الإجارة (کما) فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (الکفایة) و (فی الأخیر) أنه یجوز الفسخ معجلا و (قال) فی (المبسوط) و هو ممن یری أن التصرف یسقط الرجوع لو رجع بعد إجارة العین جاز و هو یعم التعجیل و الانتظار (و لا ترجیح) فی (الدروس) لأنه اقتصر علی نقل کلام (المبسوط) و مال الإجارة و أخواتها للمتهب (کما) فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و لیس للواهب فیه شی‌ء لا عما مضی و لا عما یأتی (قالا) و مثله ما لو زوج الجاریة و به (صرح) فی (المبسوط) و قالا إن المهر للمتهب و (أما) ما لا أمد له ینتظر فإن کان کتابة للعبد أو رهنا (فقضیة) کلام (المبسوط) و صریح (التذکرة) و (جامع المقاصد) أنه لا رجوع لانقطاع السلطنة عن المکاتب و تعلق حق المرتهن بنفس الرهن علی وجه لازم و (استشکل) فیه فی (التحریر) و (اتفقت) کلمة (الکتب الأربعة) علی أن الکتابة لو انفسخت لعجزه عن النجوم أو افتک الرهن جاز الرجوع لعدم زوال الملک بالکتابة و الرهن و (إن کان) ما لا أمد له بیعا و نحوه لم یکن له الرجوع (کما) فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (الکفایة) من دون توقف و لا إشکال و (إنما) الإشکال فیما إذا باعه ثم عاد إلیه (فهل) یجوز له الرجوع أم لا (وجهان) کما فی (المبسوط) و (التذکرة) من دون ترجیح و کذا لا ترجیح فی (التحریر) و (الکفایة) بل صرح فیهما بالإشکال (و ستسمع) (للتذکرة) تفصیلا فی آخر الباب و فی (جامع المقاصد) أن الأقوی المنع تفریعا علی أن التصرف لا یمنع الرجوع لأن خروج الملک عن المتهب یقتضی سقوط رجوع الواهب لأنه إنما یرجع فی ملک المتهب و هذا ملک مستأنف (و هو) خیرة (الإیضاح) فیما یأتی (و وجه الجواز) أنه وجد عین ماله عند من یجوز له الرجوع فیما وهبه له (و احتمل) فی (التذکرة) ابتناء ذلک علی أن الزائل العائد کالذی لم یزل أو کالذی لم یعد و ظاهرهم فی باب القصاص الأول لأنهم قالوا إذا عادت سن المثغر کاملة فلا قصاص و لا دیة و إنما علیه الأرش و کذلک الحال فیما لو فسخ لعیب أو خیار أو کان التصرف هبة فرجع فیها (و سیتعرض) المصنف للمسألة فی آخر الباب و (فی جامع المقاصد) أن عبارة المصنف لا تخلو من مناقشة لأن حکمه ببقاء التصرف بالکتابة و الإجارة علی حاله یشعر بعدم الرجوع (قلت) لعله فهم أن الضمیر المنفصل راجع إلی التصرف و الظاهر أنه راجع إلی الرجوع فلا مناقشة و لا یضره قوله و لو کان جائزا فیما بعد و إن أبیت أنکرنا هذا الإشعار أشد إنکار مع قوله بعده فلا رجوع (قوله) (و لو باع أو أعتق فلا رجوع) قد تقدم الکلام فیه
(قوله) (و لو کان جائزا بطل کالتدبیر و الوصیة و الهبة قبل القبض)
کما فی (التذکرة)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 191
و الرجوع یکون باللفظ مثل رجعت أو ارتجعت أو أبطلت أو رددت أو فسخت أو غیرها من الألفاظ الدالة علی الرجوع (1) و بالفعل مثل أن یبیع أو یعتق أو یهب (2) و هل یکون ذلک فسخا لا غیر أو فسخا و عقدا الأقرب الثانی (3)
______________________________
و (جامع المقاصد) و (جوز) له فی (المبسوط) الرجوع بعد إعارة العین و (فی التحریر) بعد هبتها و لم یقیده بما قبل القبض و (لعله) مراد له و إلا فإن کانت الهبة الثانیة لازمة فلا رجوع کما إذا باع (کما) نص علیه فی (المبسوط) و غیره و إن لم تکن لازمة فلا رجوع أیضا (کما) هو ظاهر (المبسوط) أو (صریحه) أو صریح (جامع المقاصد) لأن الملک قد خرج عن الواهب الثانی فإبطال ملک المتهب الثانی یحتاج إلی دلیل و أصالة بقاء الرجوع معارضة بأصالة عدم سلطنة علی المتهب الثانی فکان کالمشتری من المتهب و لو باع بخیار فکالهبة التی یجوز الرجوع فیها و (کیف کان) فالوجه فی بطلان التصرف الجائز أن حق الواهب سابق و ملک المتهب باق و لم یتعلق به حق ثابت بالتصرف
(قوله) (و الرجوع قد یکون باللفظ مثل رجعت و ارتجعت أو أبطلت أو رددت أو فسخت أو غیرها من الألفاظ الدالة علی الرجوع)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و مما أشبه ذلک نقضت و استرددت و لا فرق بین هذه الألفاظ عندنا (کما) فی (جامع المقاصد) و للشافعیة وجهان فی أن الرجوع هل هو نقض و إبطال أم لا أصحهما أنه لا یکون نقضا لأنه لو کان نقضا لملک الواهب الزیادات الحاصلة من الموهوب و الثانی أنه نقض کما أن الإقالة نقض و فسخ و إنما لا یسترد الزیادة لحصولها علی ملک المتهب کما لا یسترد فی الإقالة فعلی الأول ینبغی أن یستعمل النقض و الإبطال و (فی جامع المقاصد) أن هذا ساقط عندنا و لا یعتبر فی الرجوع حکم الحاکم کما فی التحریر و عند علمائنا کما فی (التذکرة) و المخالف أبو حنیفة
(قوله) (و بالفعل مثل أن یبیع أو یعتق أو یهب)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (هو) قضیة کلام (المبسوط) و غیره کما ستسمع و هو أن یفعل الواهب فعلا لا یسوغ له إلا فی ملک بأن یطأ الجاریة أو یبیعها أو یعتقها (و لما کان) البیع مثلا یقتضی إنشاء نقل الملک عده و ما ذکر معه لأنه مثله فعلا مع أنها ألفاظ
(قوله) (و هل یکون ذلک فسخا لا غیر أو فسخا و عقدا الأقرب الثانی)
کما هو خیرة (الإرشاد) و (المختلف) و (الإیضاح) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) و (اختیر) فی (المبسوط) و (المهذب) و (الجامع) و (الشرائع) بطلان البیع و قضیته أنه لیس فسخا و عقدا و (من الغریب) أن أحدا لم یذکر خلاف (القاضی) مع أن کلامه نص صریح فیما حکیناه عنه و لا (ترجیح) فی (التذکرة) و (التحریر) و (غایة المراد) و (الدروس) و (صرح) فی (المسالک) بأن الاتفاق حاصل علی أن الفسخ یحصل بذلک و إنما الخلاف فی حصولها معا بذلک و (ظاهر غایة المراد) و (الروض) أن الإجماع علی ذلک حیث قالا بناء علی قول الشیخ یحتمل الفسخ و عدمه لعدم التصریح به (و قد تقدم) مثل هذه المسألة فی باب البیع فیما إذا باع ذو الخیار أو وهب أو أعتق و فی باب الرهن فیما إذا رهن الواهب ماله الرجوع فیه و (قد جزم) المصنف فی الکتاب فی باب البیع بحصول الفسخ و قرب هو و ولده و المحقق الثانی صحة العقود و استشکل فی صحة الرهن فی باب الرهن من (الکتاب) و (اختیر) فی (الإیضاح) و (الدروس) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) صحة الرهن و (حکینا) هناک عن السرائر (المبسوط خ) و ظاهر موضع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 192
و الأقرب أن الأخذ لیس فسخا (1)
______________________________
من (التذکرة) الإجماع علی حصول الفسخ بوطء البائع فی مدة الخیار و (قوی) فی (التحریر) تحریم الوطء و (ظاهر التذکرة) فی موضع إباحته فی أوله و آخره و استشکل فی موضع آخر منها و لا (ترجیح) فیه فی (الدروس) و (ظاهر التذکرة) فی موضع منها الإجماع علی حصول الفسخ بالبیع و (قد أوضحنا) الحال هناک و استوفینا الکلام و قلنا إن ذلک إذا علمنا صدورها علی غیر جهة الفضولیة و أما إذا جهلنا الحال فلا إشکال لتعارض الأصلین لأن العقد یحتمل الفضولیة و عدمها و لا یزال المتیقن بالمشکوک فلا نحکم بالرجوع و (کیف کان) فقد استدل علی صحة العقد فی (جامع المقاصد) فی المقامات الثلاثة و تبعه (الشهید الثانی) بأن العقد یدل علی تحقق إرادة الفسخ قبل العقد فیکشف العقد عن حصول الفسخ بالقصد إلیه قبیل البیع و حاصله حصول الفسخ بالقصد من دون لفظ و (هو کما تری) لا نظیر له فی الشریعة (کما) ستسمعه عن (الإیضاح) حتی قالوا فی الفضولی لا بد من الإجازة لفظا و لو علم رضا المالک و (استدل) علیه فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) هنا أیضا بأن ثبوت الفسخ فرع صحة العقد فی نفسه لأنه أثره فلو کان البیع فاسدا لم یترتب علیه أثره و هو الفسخ و بعموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و (فیه) أنه مبنی علی أن حصول الفسخ إجماعی (کما) فی ظاهر (التذکرة) و صریح (المسالک) و إنا نمنع توقف الفسخ علی صحة العقد بل علی حصول لفظ یدل علیه و ندعی أن إیقاع البیع علی هذا الوجه یدل علیه و إن تخلف صحة البیع من جهة عدم الملک (و استدل) علیه أیضا بأنه إذا تحقق الفسخ بهذا العقد انتقلت العین إلی ملک الواهب فیصیر العقد بمنزلة الفضولی و قد ملکه من إلیه الإجازة فکان أولی بالجواب مما إذا باع ملک غیره ثم ملکه و (فیه) أنه إن تم فإنما یتم فی البیع و نحوه لا فی العتق فتأمّل (و استدل) علیه فی (الإیضاح) بأنه بأول جزء منه تنفسخ الهبة فیبقی المحل قابلا لمجموع العقد (و لعل) هذا أجود کما هو الشأن فی الملک الذی فی المعاطاة لأنه هنا مأذون فی الرجوع و لا ریب أنه یحصل بالفعل و القول فالشارع سلطه علی التصرف کما أباح البائع معاطاة للمشتری التصرف فبأول جزء من العقد یحصل الفسخ و بتمامه یحصل الملک (و أما الوطء) فبأول جزء منه أو من مقدماته یحصل الفسخ و الملک و لا یکون أول الوطء و أول العقد محرما لأنه مأذون فیه فکان عقدا مأذونا فیه فیجب الوفاء به و تمام الکلام فی باب المعاطاة (و قد احتج للشیخ) بأن البیع قبل الفسخ وقع فی ملک الغیر فلا ینفذ و لا یقدح کونه دالا علی الفسخ و لکن هذا الفسخ لا یحصل إلا بالبیع فیکون البیع واقعا قبل الفسخ لأن السبب مقدم علی المسبب و قد وقع علی ملک الغیر فلم یکن صحیحا و (فیه) أنه إذا لم یصح العقد یلزم أن لا یحصل الفسخ عنده فتأمّل و أن الجماعة یقولون إن حصول العقد کاشف عن حصول الفسخ بالقصد إلی إیقاعه (و احتج له) أیضا بأن الشی‌ء الواحد لا یحصل به الفسخ و العقد و إن هو إلا کالتکبیرة الثانیة للإحرام فی الصلاة فإنه یخرج بها منها و لا یدخل بها فیها و بأن البیع موقوف علی الملک الموقوف علی الفسخ المتأخر عن البیع و (قد أجاب) عنه الشهید بأنه دور معیة و (لعله) عنی ما أجاب به فی (الإیضاح) بأن الجزء الأول من عقد البیع علة فی الرجوع و الملک و مجموعه علة لصحة البیع و هو مشروط بالملک فلا دور
(قوله) (و الأقرب أن الأخذ لیس فسخا)
مع عدم القرینة (کما) فی (التحریر) و مع عدم النیة (کما) فی (الإیضاح) و (هو) قضیة کلام (التذکرة) و (جامع المقاصد) قالا إنه إن نوی به الرجوع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 193
و إذا رجع و هی معیبة لم یرجع بالأرش و إن کان بفعل المتهب (1) و إن زاد زیادة متصلة فهی للواهب و إن کانت بفعله إن سوغنا الرجوع مع التصرف (2)
______________________________
کان فسخا إذ لا ینقص ذلک عن الوطء و القول قوله فی نیته لأنه أبصر بها (و إن لم یعلم) ما نواه و تعذر الرجوع إلیه و لم توجد قرینة تدل علی الرجوع لم یحکم بالرجوع (کما) فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) لأن الأخذ یحتمل الرجوع و غیره فلا یزال حکم متیقن بآخر مشکوک فیه (و إن وجدت) قرینة علی الرجوع کان رجوعا (کما) فی (التحریر) و (جامع المقاصد) و (احتمل) العدم فی (التذکرة) من دون ترجیح لأن الأخذ أعمّ من الرجوع و (فیه) أن القرینة ترفع العموم فتأمّل (و لعل) هذا إذا کانت بالإیجاب و القبول و إلا فلو وهبه معاطاة کان الأخذ علی کل حال رجوعا و (قال) فی (التذکرة) و لو نوی الرجوع من دون قول أو فعل لم یحکم بالرجوع وجها واحدا (قلت) لعل الفائدة تظهر فیما إذا أخرجه المتهب عن ملکه لتصرف لازم نمنع فسخه فیدعی الواهب أنه نوی الرجوع قبل هذا التصرف فتدبر و (قال) فی (جامع المقاصد) و ما احتج به الشارح الفاضل للأقرب من احتیاج العقد اللفظی فی رفعه إلی لفظ و دعواه أنه لم یثبت من الشارع إبطاله بمجرد الفعل ینافی کون الوطء موجبا للفسخ فی الهبة و البیع بخیار و هو لا یقول به (قلت) قد قال ما نصه قیل لا ینفسخ إلا بلفظ لأنه عقد لفظی و الأصل فیه البقاء إلا بما نص الشارع علی أنه مبطل فقد استثنی ما نص الشرع علی أنه مبطل فإن قام إجماع علی الإبطال بالوطء کان مما نص علیه الشارع فلعله لم یحکم علی وجهه (لکن) فی (المبسوط) و (الدروس) فی کونه رجوعا خلاف و (فی التحریر) فیه نظر و لم یثبت أنه یقول به لأنه لا تصریح منه بذلک و لا ظهور فی الباب و باب البیع و باب الرهن و (قال) فی (جامع المقاصد) أن عبارة الکتاب تحتاج إلی تنقیح (قلت) معناها أن الأخذ من حیث هو أخذ مجرد عن نیة أو قرینة لیس فسخا و هی کلام منقح لا یحتاج إلی تنقیح
(قوله) (و إذا رجع و هو معیبة لم یرجع بالأرش و إن کان بفعل المتهب)
کما فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و (قد صرح) بأنه لا یرجع بالأرش إذا رجع و قد عابت من دون القید الأخیر فی (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (اللمعة) و (الروض) و (المفاتیح) و (لکن) إطلاقهم یتناول ما إذا کان العیب بفعله أو بدونه و ما إذا کان العیب زیادة أو نقیصة توجب الأرش لأنها غیر مضمونة علیه و قد سلطه علی إتلافها مجانا فأبعاضها أولی و لا فرق علی إطلاقهم بین کونها معوضة و لم یقبض العوض و عدمه و یأتی بیان الحال
(قوله) (و إن زاد زیادة متصلة فهی للواهب و إن کانت بفعله إن سوغنا الرجوع مع التصرف)
کما فی (جامع المقاصد) و (الروضة) کأن کان یعلف المتهب مثلا و (هو قضیة) إطلاق (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (اللمعة) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و (المفاتیح) لأن الزیادة جزء العین و داخلة فی المسمی (و قضیة) إطلاق العبارة و ما کان نحوها أن علف الدابة تصرف کما مثلنا به و (فی جامع المقاصد) أن فی عده تصرفا نظرا (نعم) یمکن أن یقال إنه (بمنزلة) التصرف لأن ثبوت الرجوع معه تخسیر للمتهب و إضرار به و هذا جید کما یفهم من الصحیحة کما تقدم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 194
و إن کانت منفصلة کالولد و اللبن فهی للمتهب (1) و لو صبغ الثوب فهو شریک بقیمة الصبغ (2) و لکل منهما القلع و فی الأرش إشکال (3) و الأقرب عدم انتقال حق الرجوع إلی الوارث (4)
______________________________
(قوله) (و إن کانت منفصلة کالولد و اللبن فهی للمتهب)
کما فی جمیع (الکتب المتقدمة) فی الزیادة المتصلة مع زیادة (الدروس) لأنها نماء حدث فی ملکه فیختص به سواء کان الرجوع بعد انفصالها بالولادة أو بالحلب أو القطف أم قبله کالحمل قبل انفصاله و اللبن قبل أن یحلب و الثمرة قبل قطافها و الصوف المستجز قبل جزء لأنه منفصل شرعا (کما) هو صریح جماعة و قضیة إطلاق آخرین و (هذا) إذا تجددت الزیادة بعد ملک المتهب بالقبض فلو کانت قبله فهی للواهب و (قال) فی (الوسیلة) إذا کانت الهبة حیوانا فحمل أو شجرا فأثمر کان الرجوع فی الأصل دون النماء إلا إذا کان الحیوان لم یضع فله الرجوع فیهما و (لعله) یذهب إلی أن الحمل جزء من أمه فلا یکون له حکم بانفراده و (قد تقدم) فی باب البیع أن الحق خلافه کما أنه هنا صریح جماعة و ظاهر آخرین و (مثله) الصوف المستجز کما نبهنا علیه (و أما) إذا لم یبلغ أوان جزه فالظاهر أنه للواهب لأنه تابع للعین حینئذ و هذه المسائل الثلاث فی غیر الهبة المشروطة فیها الثواب
(قوله) (و لو صبغ الثوب فهو شریک بقیمة الصبغ)
کما فی (الشرائع) و (التحریر) و بالصبغ کما فی (التذکرة) و یقدر قیمة الصبغ کما فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و المراد أنه یکون شریکا بنسبة قیمته إلی قیمة الثوب لتکون الزیادة عن القیمة بینهما علی النسبة لا مقدار القیمة خاصة (کما لعله) یظهر من العبارة و ما کان مثلها لأنه یقضی بکون مجموع الزیادة للواهب و لیس کذلک (فلو کان) الثوب یسوی مائة فصبغه بعشرین فصار یسوی مائة و عشرین أو أزید صار شریکا بالسدس و لو نقص عن القیمتین و کان النقص بسبب الصبغ خاصة فالذاهب علی المتهب و لو لم تزد فلا شی‌ء له و لو نقص فهو کالعیب الحادث کما تقدم و (مثله) قصارة الثوب و طحن الحنطة مما هو صفة محضة و غرس الأرض مما هو عین محضة و هنا لکل ماله و لا یجبر الغارس علی الإزالة کما تقدم فی العاریة و نظائرها و أما الصبغ فإنه متردد بینهما و هذا الفرع مبنی علی جواز الرجوع مع التصرف مطلقا
(قوله) (و لکل منهما القلع و فی الأرش إشکال)
لما کانت الشرکة ضررا کان لکل منهما دفع الضرر عن نفسه فلکل منهما تخلیص ماله عن مال غیره فلکل منهما قلع الصبغ عن الثوب إن أمکن فإن (حدث) نقص فی الثوب أو فی الصبغ بسبب التخلیص (فإن کان) بفعل مالکه فلا کلام و لا إشکال و (إن کان) بفعل الآخر ففی لزوم الأرش إشکال أصحه اللزوم (کما) فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) لأنه باشر إتلاف ملک غیره لتخلیص ملکه فیکون مضمونا علیه (أقصی) ما هناک أنه فعل مأذون فیه شرعا فلا یتعقبه ضمان و أن النقص إن کان فی الثوب بفعل المتهب فهو مأذون فی الصبغ و سائر التصرفات من الواهب و إن کان فی الصبغ بفعل الواهب فإن المتهب عرض ماله للنقص حیث صبغ و هو یعلم الرجوع و (فیه) أن الإذن الشرعی لا یقتضی منع الضمان مع مباشرة الإتلاف و الإذن فی الصبغ لا یدل علی الإذن فی الإتلاف للتخلیص کما إن علم المتهب باستحقاق الرجوع لا یدل علی الإذن فی الإتلاف و منه یعلم وجه عدم اللزوم
(قوله) (و الأقرب عدم انتقال حق الرجوع إلی الوارث)
أی وارث الواهب لو مات کما فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 195
و لو مات المتهب لم یرجع الواهب (1) و لو جن فالأقرب جواز رجوع الولی مع الغبطة (2) و یکره تفضیل بعض الولد علی بعض فی العطیة و تستحب التسویة (3)
______________________________
(التحریر) و (الإیضاح) و (جامع المقاصد) لأن الرجوع علی خلاف الأصل فیقتصر فیه علی الواهب لمکان الدلیل و (وجه الانتقال) أنه حق من الحقوق کالخیار فیکون موروثا (و فرق) بینه و بین الخیار أن حق الرجوع ضعیف لیس کالخیار فإنه لا یمنع المتهب من شی‌ء و لا کذلک الخیار فإنه یمنع المشتری من التصرفات الناقلة عند الأکثر (ثم إنه) لا دلیل علی انتقال حق الرجوع فیتمسک فیه بالأصل (لکن) هناک حقوقا مثله أو أضعف منه ورثت کالوصیة و الشفعة و التحجیر و (یبقی الکلام) فیما إذا وهبه و هو مریض و قلنا إن منجزاته من الثلث ففی الرجوع علی القول به وجهان
(قوله) (و لو مات المتهب لم یرجع الواهب)
هو الأقرب کما فی (التحریر) و (جامع المقاصد) و فی (الدروس) أنه الظاهر و (فی غایة المراد) لعله أقرب و (المصنف) قد جزم به هنا مع أنه استشکل فیه فی (الإرشاد) و (ولده) فی (شرحه) من (أصالة) جواز الرجوع و (روایة) عیسی بن أعین قال سألت أبا عبد اللّٰه (ع) عن رجل أهدی لرجل هدیة و هو یرجو ثوابا فلم یثبه صاحبها حتی هلک و أصاب الرجل هدیته بعینها أ له أن یرتجعها إن قدر علی ذلک قال لا بأس أن یأخذها (فإنه) إن حمل علی شرط الثواب فلا دلالة فیه و إن حمل علی الإطلاق اتجه الاستدلال به (و من) وجود معنی التصرف بل هو أولی
(قوله) (و لو جن فالأقرب جواز الرجوع مع الغبطة)
کما فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) لأن الرجوع ثابت له و الولی قائم مقامه و تصرفاته المشتملة علی الغبطة ماضیة فی حقوقه و أمواله و هذا من جملتها و (وجه العدم) أن ذلک منوط بإرادته و هی مجهولة و (فیه) أنه لو صح لمنع جمیع التصرفات
(قوله) (و یکره تفضیل بعض الولد علی بعض فی العطیة و تستحب التسویة)
لا خلاف بین العلماء فی استحباب التسویة و کراهیة التفضیل (کما) فی (التذکرة) و فی (المختلف) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الکفایة) و کذا (المسالک) أن المشهور کراهیة تفضیل بعضهم علی بعض فی العطیة (و زاد) فی (الأخیر) دعوی الشهرة عند (غیر الأصحاب) أیضا (و بالکراهیة) صرح فی (الشرائع) و (التذکرة) کما سمعت و (التحریر) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و (المفاتیح) و فی (الأخیر) أنه یستفاد من النصوص المستفیضة و هو غریب کما ستعرف (و أما استحباب) التسویة بین الأولاد فی العطیة فقد صرح به فی (الجامع) و (الشرائع) و (أما استحبابها) من دون فرق بین الذکر و الأنثی فقد صرح به فی (المبسوط) و (الخلاف) و (المهذب) و (التذکرة) أیضا و (التحریر) و (الدروس) و (المسالک) و (الکفایة) أیضا و فی (الإرشاد) و (الروض) استحباب التسویة بین ذوی الرحم (و قد استدل) فی (الخلاف) علی ما حکیناه عنه بالأخبار عن النبی (ص) و الأئمّة (ع) و (فیه أیضا) إجماع الفرقة و أخبارهم علی أن الهبة لا تبطل إذا فضل و لیس المراد بالتسویة جعل الذکر ضعف الأنثی (کما) زعم شریح و أحمد و محمد بن الحسن (بل) عدم التفاضل بینهما کما صرح به فی (التحریر) و (الحواشی) و (المسالک) و کذا (جامع المقاصد) و (غیرها) و المشهور کما فی (الکفایة) عدم الفرق فی (الکراهیة) بین العسر و الیسر و الصحة و المرض (و لعله) حصلها من إطلاق کلامهم و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 196
..........
______________________________
إلا فالمصرح به قبله (المحقق الثانی) و (الشهید الثانی) و (خصه) فی (المختلف) بالمرض و الإعسار و فی بعض نسخه بهما معا (و کل من) تأخر عنه قصر الخلاف فی هذا علیه (مع) أن فی (النهایة) ما نصه و یکره فی حال المرض إذا کان الواهب معسرا و إن کان مؤسرا لم یکن به بأس (و نسب) هذه العبارة فی (السرائر) إلی الروایة ساکتا علیه و ظاهره ارتضاؤه (و أغرب) منه أنهم جمیعا لم یتعرضوا لما فی المقنعة مع أن ظاهرها نفی الکراهیة بالکلیة قال لا بأس أن یفضل بعض ولده علی بعض و ینحله ما أحب و (لعلهم) یدعون إن کانوا لحظوا المقنعة أن هذه الکلمة تفید عرفا الکراهیة فتأمّل و (کیف کان) فقد اتفقوا علی عدم التحریم و (فی المختلف) أنه المشهور و (قد سمعت) ما فی (الخلاف) و فی (المسالک) ما یظهر منه دعوی الإجماع علی ذلک حیث قال حمل الأصحاب خبر النعمان بن بشیر علی الکراهیة و الخبر عامی ظاهر فی التحریم و قد قل من تعرض له و (قد حکی) فی (المختلف) عن أبی علی کلاما قد یظهر منه التحریم و أنه یسری إلی جمیع الأقارب مع التساوی فی القرب و (قد نسب) إلیه جماعة القول بالتحریم علی البت (و لیس) فی محله (و قرب) فی (التحریر) و (قوی) فی (الحواشی) زوال الکراهیة فیما إذا اشتمل المفضل علی مزیة أو المفضل علیه علی نقص و (وافقهما) علیه (المحقق الثانی) و کذا (الشهید الثانی) فی (الروضة) و (فی المفاتیح) له وجه و (قال) فی (المسالک) لا بأس به مع احتمال عموم الکراهیة لعموم الأدلة و إطلاقها و (استشکل) فی (التذکرة) فی زوال الکراهیة ح هذا و (فی الدروس) و (الروضة) أنه حیث یفضل یستحب له الفسخ مع إمکانه و (استند) فی (الأخیر) إلی خبر النعمان (هذا) تمام الکلام فی کلام الأصحاب و (أما الأدلة) فقد سمعت ما فی (التذکرة) من نفی الخلاف فی الکراهیة و الاستحباب و ما فی (الخلاف) من الاستدلال بالأخبار عن النبی (ص) علی الاستحباب (و قد اعتضدت) هذه الأخبار المرسلة بما فی (التذکرة) و اعتضدا معا بالشهرة المنقولة فی (خمسة مواضع) و المعلومة و (بالأخبار) العامیة المنجبرة أیضا بالشهرة کقوله (ص) سووا بین أولادکم فی العطیة فلو کنت مفضلا أحدا لفضلت البنات و قوله (ص) لبشیر أبی النعمان لما نحل ابنه النعمان غلاما أ کل ولدک نحلتهم مثل هذا فقال لا فقال أردده و (فی روایة) أخری لا تشهد لی علی جور و فی أخری اتقوا اللّٰه و اعدلوا بین أولادکم و فی أخری فارجعه مع موافقة الاعتبار لأن التفضیل یورث العداوة و الشحناء کما هو الواقع شاهدا و عابرا و (مع وجود) الأخبار المتضافرة المتکاثرة الناطقة بجواز التفضیل قولا و فعلا من الأئمّة (ع) و فیها الصحاح و (إعراضهم) عنها عدا (المفید ره) و (قد) عقد لذلک فی (الوسائل) بابا سرد فیه أخبارا (ففی صحیحة) محمد بن قیس أو خبره قال سألت أبا جعفر (ع) عن الرجل یفضل بعض ولده علی بعض فقال نعم و نسائه و روی الصدوق مثله (و مثله) صحیحة محمد بن مسلم و (صحیحة) إسماعیل بن عبد الخالق حیث قال فیهما أبو عبد اللّٰه (ع) حین سأله محمد فی الأول عن تفضیل بعض الأولاد علی بعض و سمعه إسماعیل فی الثانی لا بأس و (فی خبر) معاویة و أبی کهمس و اسمه هیثم أنهما سمعا أبا عبد اللّٰه (ع) یقول صنع ذلک علی (ع) بابنه الحسن (ع) و فعل ذلک الحسین (ع) بابنه علی (ع) و فعل أبی بی و فعلته أنا (و لعله) لمکان المزیة (و فی خبر) جراح المدائنی عن عطیة الوالد لولده بعینه قال (ع) إذا أعطاه فی صحة جاز فتأمّل و (قال) مولانا الکاظم (ع) (فی خبر) قرب الإسناد عن عبد اللّٰه بن الحسن عن علی بن جعفر قد فضلت فلانا علی أهلی و ولدی فلا بأس (و روی) علی بن جعفر مثله فی کتابه (و روی) العیاشی فی تفسیره حدیثا طویلا یستفاد منه جواز التفضیل تقیة و مصانعة فالتفضیل جائز
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 197
و العطیة لذی الرحم و یتأکد فی الوالد (1) و الولد و إذا باع الواهب بعد الإقباض بطل مع لزوم الهبة (2) و صح لا معه علی رأی (3) و لو کانت فاسدة صح إجماعا (4)
______________________________
للاستحقاق و للمصانعة و فی (الصحیح) عن سعد بن سعد الأشعری قال سألت أبا الحسن الرضا (ع) عن الرجل یکون بعض ولده أحب إلیه من بعض و یقدم بعض ولده علی بعض فقال نعم قد فعل ذلک أبو عبد اللّٰه (ع) نحل محمدا و أبو الحسن نحل أحمد الحدیث (و مثله) ما رواه فی (الفقیه) عن رفاعة و (هذه الروایات) مع کثرتها و صحتها قد اتفقت علی جواز التفضیل من دون إشارة فی شی‌ء منها إلی کراهیة فضلا عن التصریح (نعم فی صحیح) أبی بصیر عن الصادق (ع) و قد سأله عن الرجل یخص بعض ولده بالعطیة قال إن کان موسرا فنعم و إن کان معسرا فلا و فی (موثقة) سماعة قال سألت أبا عبد اللّٰه (ع) عن عطیة الوالد لولده فقال إذا کان صحیحا فهو ماله یصنع به ما شاء فأما فی مرضه فلا یصلح (و لعل) هذه لیس مما نحن فیه (کخبر) جراح لأن السؤال فیها عن الولد و إن کان واحدا و لا تعرض فیها للتفضیل (فلعل) الصحة فی حال الصحة لأنه ماله یصنع به ما أراد و المنع فی حال المرض یتوجه لکونه من الأصل فیصیر المعنی لا یصلح کونه من الأصل (و لو لا) ما ذکرناه فی أدلة المشهور لأمکن أن نقول بما فی (النهایة) و (المختلف) و نخصص تلک الأخبار بصحیح أبی بصیر (و نقول) بکراهیة التفضیل مع الإعسار فقط و خصوصا إذا کان مع المرض لأنه إذا فضله و هو معسر أو معسر مریض فقد حرم الباقین من المیراث بالکلیة أو حصل علیهم بذلک النقص الکثیر (و حاصله) أن التفضیل جائز من دون کراهیة کما فی (المقنعة) کما تقدم إلا فی صورة الإعسار و به یحصل الجمع بین الأخبار و (لعله) أولی من الجمع لحمل الموثقة علی تأکد الکراهیة بناء علی المشهور (و أما ما حکی) عن ابن الجنید فقد سمعت ما یرده من الأخبار و الإجماعات (ثم) إن فی صدر صحیح أبی بصیر ما یرده مع أنه شاذ نادر (و هل) یلحق الأم بالأب الظاهر ذلک و إطلاق بعض العبارات یتناوله و العلة جاریة فیها لکن الأخبار بین صریح و ظاهر فی الولد و لعله لأنه الغالب
(قوله) (و العطیة لذوی الرحم و یتأکد فی الوالد و الولد)
کما فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروض) و (الکفایة) لأنها صدقة و صلة رحم و (الأخبار) فی الحث علی صلة الأرحام کثیرة جدا و إنما تستحب حیث لا یکون ذو الرحم مضطر إلیها و إلا وجبت کفایة أن تحققت صلة الرحم بدونها و إلا وجبت عینا لأن صلة الرحم واجبة عینا علی رحمه کما فی (المسالک) و (الکفایة)
(قوله) (و إذا باع الواهب بعد الإقباض بطل مع لزوم الهبة)
کما فی (الجامع) و (الشرائع) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) و هو (قضیة) إطلاق (المبسوط) و (المهذب) قالا و إن کان بعد القبض لم یصح البیع لأنه صار ملکا لغیره (و المراد) بالبطلان کونه فضولیا کما فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و کذا (الکفایة) و (شرح الإرشاد) للفخر و علی کل حال الوجه فیه ظاهر
(قوله) (و صح لا معه علی رأی)
أی صح البیع لا مع لزوم الهبة و هذه قد تقدم الکلام فیها مسبغا محررا عند قوله و هل یکون فسخا لا غیر إلی أخره
(قوله) (و لو کانت فاسدة صح إجماعا)
کما فی (الإرشاد) و ظاهر (شرحه) لولده (و الروض)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 198
و لو باع مال مورثه معتقدا بقاءه (1)
______________________________
و (هذا الإجماع) لا شک فیه إذا کان عالما بالفساد (کما) فی (جامع المقاصد) و نحوه ما فی (الحواشی) (قلت) بل کاد یکون ضروریا (و قد حکم) بإطلاق هذه الکلمة أعنی قوله لو کانت فاسدة صح فی (المبسوط) و (المهذب) و (الجامع) و (الشرائع) و (التحریر) و کذا (المسالک) ففی (المبسوط) و (المهذب) أن الأصح صحة البیع إذا کان جاهلا یعتقد صحة الهبة (و به) جزم فی (الجامع) و (التحریر) و (قال) فی (الشرائع) و لو کانت فاسدة صح البیع علی جمیع الأحوال (و الظاهر) من تعمیمه الأحوال أنه لا فرق بین أن یکون علم بالفساد أو لا لرحم کانت أو لغیره عوض أم لم یعوض (بل) کل من شبهه بما إذا باع مال مورثه کالشیخ و یحیی بن سعید و المحقق و المصنف فی (التحریر) و (الکتاب) و (الإرشاد) و (کولده) و (الشهید) و (صاحب الروض) أراد صورة الجهل فیکون إجماع (الکتاب) و (الإرشاد) محکما علی صورة الجهل أیضا و (بالجملة) لا مخالف فی صورة الجهل (نعم) لا ترجیح فی (التذکرة) و کذا (الدروس) و (الحواشی) و (قد صرح) بالإشکال فی (جامع المقاصد) و (کیف کان) فلا جازم بالخلاف (ثم) إنه لا ینبغی لبعض هؤلاء التوقف و الاستشکال لأنهم قد صححوا البیع مع صحة الهبة ظاهرا و واقعا و قالوا إنه یکون عقدا و فسخا و بالأولی أن یصح مع صحته ظاهرا لا واقعا لأن الصحة تتأکد مع ظهور الفساد فتصح دعوی الإجماع من المصنف (إلا أن نقول) مرادهم هنا أنه جهل فسادها حیث تکون لازمة لو کانت صحیحة کما إذا کانت لذی رحم أو معوضة و کلامهم هناک فیما إذا خلت عن هذین (قلت) کلامهم هنا أیضا مطلق (کما) هو صریح (الشرائع) و (غیرها) و (ظاهر الکتاب) و غیره إلا أن تقول لا یتصور الفسخ من الواهب هنا فی صورة اللزوم کما قالوه هناک فالنظر فی هذه غیره فی تلک لأنه (قد ذکر) فی وجه العدم فی (المبسوط) و (التذکرة) و (جامع المقاصد) أنه یعتقد أنه متلاعب و أنه لیس ببیع و کان کلامهم غیر محرر فتأمّل جیدا و (لعل الأولی) أن یقال فی وجه الصحة فی صورتی العلم و الجهل کما قالوه من أنه مالک باع ملکه فکان صحیحا و فی وجه العدم أنه یجوز علی تقدیر عدم علمه بالفساد أن لا یبیع و إنما أقدم علی بیع مال غیره فلم یقصد نقله عن ملکه و لا أقل من أن یکون مشکوکا فیه فلا نعلم صحة العقد و (یجاب) بأنه لا یشترط فی صحة العقد العلم بکونه قاصدا إلی ذلک اللفظ بل تحمل إطلاق لفظه حیث یکون شرعیا و یتجرد عن قرائن عدم القصد بأن لا یکون مکرها و لا هازلا و لا متلاعبا علی کونه قاصدا و (إن عممنا) موضع المسألة بحیث یتناول غیر اللازمة کان وجه الصحة فیه بخصوصه ما ذکرناه هناک من الوجوه
(قوله) (و لو باع مال مورثه معتقدا بقاءه)
أی یصح البیع أیضا کما فی (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (الإرشاد) و (شرحیه) و کان الأولی الإتیان بما یدل علی التشبیه (کما) سمعته عن (المبسوط) و (غیره) إذ هو المقصود و إلا فلا وجه لذکره فی الباب (و لعل) غرضه هنا التشبیه فی مجرد الصحة لا فی کونها إجماعیة و إن کان قد یسبق إلی الفهم أن المراد الصحة إجماعا (علی) أن دعواه هنا أیضا غیر مستنکرة کما یفهم مما ذکرناه هنا و فی باب البیع (و لا ترجیح) هنا فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (قال) فی (الدروس) قد یفرق بینهما بالقصد إلی صیغة صحیحة فی مال الموروث بخلاف الموهوب (و فیه) أن القصد إلی الصیغة الصحیحة المقابلة للبطلان حاصل فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 199
أو أوصی بمن أعتقه و ظهر بطلان عتقه فکذلک (1) و لو أنکر القبض صدق بالیمین و إن اعترف بالهبة (2) و لو أنکره عقیب قوله وهبته و ملکته فکذلک إن اعتقد رأی مالک (3)
______________________________
المسألتین و بمعنی اللزوم منتفیة فیهما
(قوله) (أو أوصی بمن أعتقه و ظهر بطلان عتقه فکذلک)
أی تصح الوصیة کما فی (الشرائع) و (التحریر) و (لا ترجیح) هنا فی (التذکرة) و فی (جامع المقاصد) و فی (المسالک) أنه مشکل و (ذکر) فی توجیهه أمورا أجودها أنه حینئذ غیر قاصد إلی الوصیة الشرعیة أصلا بل بمنزلة العابث و الهازل بخلاف من باع مال غیره فإنه قاصد إلی بیع صحیح شرعی لازم من جهة المشتری یترقب لزومه من جهة المالک بخلاف الوصیة فإنه لم یتوجه قصده إلی وصیة شرعیة لعدم علمه بها (و لعل الشهید) أشار بفرقه السابق إلی ما هنا (لکنه) لم یذکره فی (الدروس) و (بطلان) العتق یحصل بوجوه منها أن یکون قد شرط علیه فی صیغة العتق شرطا إن لم یأت به رد إلی الرق
(قوله) (و لو أنکر القبض صدق بالیمین و إن اعترف بالهبة)
هذا معنی ما فی (المبسوط) و (المهذب) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (حاصل) کلامهم أن الواهب إذا اعترف بأنه قال وهبته له و خرجت منه إلیه لا یکون ذلک إقرارا بالقبض حتی أنه لو أنکره لم یسمع إنکاره بل إذا أنکره سمع فإن ادعاه علیه المتهب حلف له علی عدم الإقباض (و قد قید) ذلک فی (المبسوط) فی الباب و (المهذب) و (التذکرة) و (التحریر) بما إذا لم یکن الموهوب فی ید المتهب أو بما إذا کان فی ید الواهب علی اختلافهم فی التعبیر و قالوا یکون معنی خرجت منه إلیه أنی أذنت له فی القبض (و هذه الکلمة) أعنی خرجت منه إلیه إنما خلا عنها (الکتاب) و (الشرائع) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و ذکرت فی (بقیة الکتب) المذکورة و قالوا إن کان الموهوب فی ید المتهب کانت أمارة و کنایة عن الإقباض (و صرح) فی (المبسوط) فی باب الإقرار بأن القول قول الواهب و أنه لا فرق بین أن یکون الموهوب فی ید الواهب أو المتهب لأنه قد یقبضه بغصب و غیره (و کیف کان) فالوجه فی ذلک أن القبض لیس جزء مفهوم الهبة کما ینبئ عنه تعریفها و إنما هو شرط صحتها و إنما هی الإیجاب و القبول (و عساک) تقول قد تقدم أنه رکن فی الهبة و رکن الجزء جزء ماهیته لأنا نقول إن المراد به هنا أنه شرط فإن الشرط یشبه الرکن فی أنه لا بد منه (کما) أنه لیس لک أن تقول إن منکر القبض یرجع بالأخرة إلی دعوی الفساد و مدعی الصحة مقدم علیه لأن منکر الإقباض لا یدعی فساد الهبة و إنما ینکر أمرا من الأمور المعتبرة فیها لو أتی به تم العقد لأن القبض لیس علی الفور (و لیعلم) أن تقدیم قول الواهب فی عدم القبض و الإقباض لا یوجب الیمین بمجرده و (لذلک) ترک ذکرها فی (المبسوط) و (المهذب) و (غیرها) و إنما یحلف لو ادعی المتهب الإقباض و (لذلک) قال فی (الشرائع) له إحلافه إن ادعی الإقباض (و هو) الذی أراده المصنف بقوله صدق بالیمین
(قوله) (و لو أنکره عقیب قوله وهبته و ملکته فکذلک إن اعتقد رأی مالک)
أی لم یکن ذلک إقرارا بالقبض و لزوم العقد (کما ذکر) جمیع ذلک فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و هذا ما حکیناه عن (المبسوط) فیما سلف من أن کلامه هذا صریح فی أن القبض شرط فی الصحة أو کالصریح و (قد صرح) بذلک کله من دون ذکر إن اعتقد رأی مالک فی (الجامع) و (الشرائع) و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 200
و لا تستلزم الهبة العوض من دون شرط مطلقا علی رأی (1)
______________________________
(الإرشاد) و (شرحه) لولده و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) لکن قد اقتصر فی (الإرشاد) و (شرحیه) علی ذکر ملکتک وحده من دون ذکر وهبته قبله کما ستعرف الحال فیه و (وجهه) أن المقر إن کان ممن یری حصول الملک بمجرد العقد کمالک من العامة لم یکن قوله وهبته و ملکته إقرارا بالإقباض لجواز أن یخبر عن رأیه فی ذلک فلو کان الحاکم الذی تخاصما إلیه یری الإقباض شرطا فی الملک لم یمکنه الحکم علی المقر بالإقباض بمجرد قوله ملکته لاختلاف الرأیین و کذا لو اشتبه حال المقر و مذهبه لجواز أن یکون إقراره علی مذهب من یری التلازم و الأصل عدم الإقباض مع الأصول الأخر نعم لو علم من مذهب المقر توقف الملک علی الإقباض اجتهادا و تقلیدا حکم علیه بالإقباض و (قال) فی (جامع المقاصد) لا یخفی أن هذا الرأی غیر مخصوص (بمالک) فإن (جمعا من أصحابنا) یقولون إن القبض شرط فی لزوم الهبة لا فی صحتها (و منهم) المصنف فی (المختلف) و (تبعه) علی ذلک (صاحب المسالک) و (قد عرفت) فیما سلف أنه لم یحصل القطع و الیقین بأنه مذهب لأحد منا لاختلاف ظواهر کلماتهم (حتی) المصنف فی (المختلف) فإنه عدل عنه بعد أحد عشر مسألة کالقطع بأنه مذهب مالک (نعم) لعله مذهب (ابن إدریس) علی الیقین و (قد وجه) فی (الشرائع) و (التحریر) بأنه یمکن أن یخبر عن وهمه و (نحوه) ما فی (الإرشاد) و (شروحه) من قولهم مع الاشتباه و (کلامهم) هذا یقضی باشتراط إمکان الوهم و الاشتباه فی عدم الحکم علیه بالإقباض کما نبهنا علیه فلو لم یمکن وهمه و لا اشتباهه کما لو علم مذهبه فی المسألة حکم علیه به و (قضیة) کلام (الإرشاد) و (شروحه الثلاثة) أنه لو اقتصر علی قوله ملکته فقط من دون أن یسبقه قوله وهبته جاء فیه البحث السابق (کما) صرح فی (جامع المقاصد) لأن التملیک یقتضی الإقباض علی المشهور و یحتمله خلافه علی الرأی الآخر و (قد یقال) إن قوله ملکته یحتمل أن یکون مراده به وهبته و قبضته و أن یکون مراده أنه أوقع صیغة الهبة بلفظ التملیک فلا یکون إقرارا بالقبض لأن هذه اللفظة مشترکة بین المعنیین و لا أغلبیة لأحدهما فلا یکون ذلک بمجرده إقرارا بالقبض علی القولین و لا یحتاج فی ذلک إلی البناء علی الخلاف المذکور فی القبض (إلا أن تقول) إنها أغلب فی المعنی الأول و أظهر ظهورا لا ینکر (لکنه) خلاف ما صرحوا به فی أول الباب فتأمّل (و ینقدح) من ذلک أنه لو ذکر الصیغتین معا فإنه یحتمل أن یکون أراد بملکتک التأکید (فهناک) احتمالات ثلاثة التأکید فیکون کما إذا قال وهبته فقط کالتی قبلها و أنه إنما أوقع العقد و لکن اعتقد مذهب مالک و أنه أقبضه و إذا قام الاحتمال الأول فلا حاجة إلی البناء علی الخلاف و یجب الحکم بعد الإقرار بالقبض و (یجاب) بأن الغالب الظاهر فی هذه الکلمة أنه أقبضه و أن التأکید علی خلاف الأصل و أن التأسیس خیر منه و أن العطف یقتضی المغایرة و لعل ذلک حیث لا یمکن الرجوع إلیه و لو أمکن الرجوع إلیه فلا بأس به فلیتأمّل جیدا
(قوله) (و لا تستلزم الهبة العوض من دون شرط مطلقا علی رأی)
أراد بالإطلاق عدم الفرق بین کونها من المساوی للمساوی أو من الأعلی للأدنی أو بالعکس و (القول) بعدم استلزامها العوض من دون شرط هو مذهب أکثر (علمائنا) کما فی (التذکرة) و (ابن إدریس) و (أکثر المتأخرین) کما فی (جامع المقاصد) و قد عزاه فی (المسالک) إلی الأصحاب و (فی السرائر أن) علیه إجماع أصحابنا فإن أحدا لم یذکر ذلک فی مسطور (و به) صرح فی (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإیضاح)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 201
فإن عوض لم یکن للواهب الرجوع (1)
______________________________
و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (قد حکی) فی (المختلف) و (جامع المقاصد) الخلاف عن الشیخ فی (الخلاف) و (المبسوط) و (قال) فی (الدروس) و أطلق فی (المبسوط) اقتضاءها الثواب و قد أشاروا جمیعا إلی قوله فی (الکتابین) الهبة علی ثلاثة أقسام هبة لمن فوقه و هبة لمن دونه و هبة لمن هو مثله و کلها تقضی الثواب و (فی الکافی) أن هدیة الأدنی إلی الأعلی تقتضی الثواب بمثلها و لا یجوز التصرف فیها قبل الإثابة أو العزم علیها و (حکی) عنه ذلک فی (الإیضاح) و (المسالک) فی الهبة و (الموجود) فیه ما ذکرنا و (قال) فی (جامع المقاصد) حقق فی (المختلف) أن مراد الشیخ من اقتضاء الهبة الثواب أن لزومها أنما یتحقق به و هو حق لأن استدلاله کالصریح فی ذلک فإنه استدل بروایات أصحابنا ثم (قال) و روی أبو هریرة عن النبی (ص) أنه قال الواهب أحق بهبته ما لم یثب (قال) فی (الخلاف) فأثبت للواهب حق الرجوع قبل أن یثاب و أسقط حقه من الرجوع بالثواب و جعله ثوابا علی الحقیقة و (قال) فی (المختلف) و هذا دال علی ما (قلناه) نحن و تأولناه (انتهی) کلام الثلاثة (قلت) إنما یحتاج إلی هذا التحقیق الذی هو حق کلام الخلاف و أما کلام المبسوط فلا یحتاج إلی ذلک فإنه صرح فیه بذلک فإنه بعد أن قسمها إلی الأقسام الثلاثة و حکی عن العامة الاختلاف فی هبة الأدنی للأعلی فی أنها تقتضی الثواب أو لا تقتضیه قال و هذا قول مخالفینا و الذی یقتضیه (مذهبنا) أنها تقتضی الثواب علی کل حال (لعموم) الأخبار فی ذلک و قد أوردناها فی کتابنا الکبیر ثم (ذکر) خبر أبی هریرة (ثم) قال إن من قال إنها لا تقتضی الثواب قال إن أطلق تلزم الهبة بتسلمها و لا رجوع له فیها و إن أثابه الموهوب له کان ذلک ابتداء هبة و لا تعلق لإحدی الهبتین بالأخری (إلی أن قال) و من قال تقتضی الثواب فإن أطلق أثابه بقدر ما یکون ثوابا لمثله فی العادة فإذا أثابه علی ما ذکرنا لزمت الهبة و إن لم یثبه لم یجبر علی الثواب و لا تلزم الهبة هذا (کلامه) مجموعا من أطراف المسألة لأنه أطال کثیرا و الجماعة لم یلحظوا تمام کلامه فهو نص صریح فی موافقة القوم و إنما (تنبه) لذلک (الشهید) فی (الدروس) و (ابن إدریس) قال الشهید أطلق فی (المبسوط) اقتضاءها الثواب و فسره بإرادة اللزوم بالثواب و (ابن إدریس) نسب الخلاف إلیه (فی الخلاف) و لم یتعرض (للمبسوط) أصلا لکنه لم یتنبه لدلیل الخلاف و (بالجملة) أن ما نسبوه إلیه فی (الکتابین) لیس فی محله حتی من المحقق فی الشرائع فإنه أشار إلی الخلاف (إلا أن تقول) إنه أشار إلی خلاف (أبی الصلاح) و (فیه) أنا قد نقول إنه أیضا لیس فی محله لأنه إنما ذکر ذلک فی الهدیة و ظاهره فی الهبة موافقة الأصحاب (و لعله) یفرق بینهما بأن الهدیة لما کانت بغیر صیغة أصلا کان الأصل فیها بقاؤها علی ملک مالکها فلا یجوز التصرف فیها إلا بالثواب أو العزم علیه فلیتأمّل جیدا و (قد سمعت) ما فی (السرائر) من أن أحدا لم یذکره فی مسطور و (لیعلم) أن ظاهر إطلاقاتهم أن محل النزاع و الخلاف شامل لما إذا کانت لذی رحم أو لغیره لکن تعلیلهم و توجیههم لکلام الشیخ یقضی بأن المراد ما إذا کانت لأجنبی بل ما حکیناه عن الشیخ صریح أو کالصریح فی ذلک و ستسمع مفهوم کلام الشرائع و غیره
(قوله) (فإن عوض لم یکن للواهب الرجوع)
قد تقدم الکلام فیه عند قوله و کذا إن کان أجنبیا و عوض و قد صرح به هنا فی (الشرائع) و (التذکرة) و (جامع المقاصد) و کذا (التحریر) و مفهومها أنه الرجوع بدون قبض الثواب و إن بذله المتهب کما ستسمع و قد (حکینا) عن جماعة هناک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 202
و لا یجب علی الواهب القبول مع الإطلاق (1) فإن دفع عوضا مع عدم شرطه فهی هبة أخری (2) فإن شرطه صح مطلقا و معینا (3)
______________________________
أنهم صرحوا بأنه لا یحصل التعویض بمجرد البذل بل لا بد من قبول الواهب له و کون البذل عوضا من الموهوب لیمتنع بسببه الرجوع و هو (المفهوم) من عبارة (المبسوط) و (التذکرة) قال فی (التذکرة) فإن اتهب شیئا و عوض الواهب فی مقابلة الهبة و قال فی (جامع المقاصد) ینبغی أن یکون ما یدل علی کونه عوضا عن الهبة الأولی لیمتنع به الرجوع و لم أجد به تصریحا انتهی و لم یحضر لی الآن تعیین المصرحین به هناک و لعلهم ممن تأخر عنه
(قوله) (و لا یجب علی الواهب القبول مع الإطلاق)
کما فی (جامع المقاصد) و کذا (المسالک) و ظاهر (التذکرة) الإجماع علیه قال و لا یجب علی الواهب قبوله بل له الامتناع لیتمکن من الرجوع بهبته عندنا و لعله استنبطه من القواعد المقررة و الأصول المسلمة و هو أنه اکتساب مال لأن کان هبة أخری لا یجب قبولها و أنه له الرجوع فی هبته و لا یجب علیه قبول ما یقتضی سقوطه و أن الأصل براءة ذمته من وجوب ذلک و (لعل) التقیید بالإطلاق فی (الکتاب) و (جامع المقاصد) کما أنه قضیة (التذکرة) و (المسالک) لأنهما ذکرا ذلک فی صورة الإطلاق للتنبیه علی أنه فی صورة الاشتراط متی بذل المتهب العوض المشروط أو عوض المثل فی صورة عدم التعیین فلیس للواهب الامتناع و الرجوع فی الهبة کما هو الظاهر من موضعین فی کلام (المصنف) و هما قوله لکن إن امتنع أی المتهب من دفع المشروط فللواهب الرجوع إذ قضیته أنه لو لم یمتنع لم یکن له ذلک و نحوه ما کان مثله (کالمبسوط) و (التحریر) و (الدروس) کما ستسمعه و قوله و إذا أطلق العوض دفع المتهب ما شاء فإن رضی الواهب و قبضه لم یکن له الرجوع و إن لم یرض تخیر المتهب بین دفع الموهوب و عوض المثل إذ قضیته أنه لیس للواهب حینئذ الامتناع و قد نفی عنه البعد فی (جامع المقاصد) و فی (الإیضاح) أن الأقرب جواز الرجوع و هو مفهوم عبارة (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) کما أشرنا إلیه آنفا و هو صریح (المسالک خ) و یأتی للمصنف أیضا إطلاق و إشعار بذلک فی مسألة ما إذا خرج العوض مستحقا و یأتی بیان الوجه فی کل من القولین
(قوله) (فإن دفع عوضا مع عدم شرطه فهی هبة أخری)
کما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (جامع المقاصد) و هو قضیة غیرها کما أنه واضح لأن العقد لم یقتضه فلا یکون فی الحقیقة عوضا لأنه قد تقدم أنه ینبغی أن یکون هناک ما یدل علی کونه عوضا عن الهبة الأولی و قضیة کلامهم فیما سلف عند قوله و کذا إذا کان أجنبیا أنه لو دفع عوضا بنیة التعویض عن الهبة و قیل لم یکن له الرجوع و إن کانت مطلقة و کیف کان فحیث کانت ابتداء هبة وجب أن یشترط فیها کلما یشترط فی الهبة من الإیجاب و القبول و القبض
(قوله) (فإن شرطه صح مطلقا و معینا)
لا ریب فی أنه یجوز اشتراط الثواب فی الهبة عندنا و قد حکی علیه الإجماع فی (التذکرة) و لم یحک الخلاف إلا عن (الشافعی) فی أحد قولیه کما أنه لا ریب فی جوازه إذا کان معینا و ظاهر (التذکرة) الإجماع علیه حیث قال تارة عندنا و أخری اختاره علماؤنا و أما إذا کان مطلقا مجهولا فظاهر (المسالک) الإجماع علیه حیث قال فیه عندنا و فی (المفاتیح) أنه لا خلاف فیه و به جزم فی (الخلاف) و (المبسوط) و (السرائر) و (الشرائع) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و قال فی (التذکرة) إنه أقرب و قد خالف (یحیی بن سعید) فقال فی (الجامع) و إن شرط
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 203
و له الرجوع ما لم یدفع المشروط (1) و لا یجب علی المتهب دفعه (2) لکن إن امتنع فللواهب الرجوع (3)
______________________________
مجهولا لم یصح و کان (الکاشانی) لم یظفر به و کیف کان فالوجه فیما علیه المعظم أن الهبة فی نفسها لا یقتضی الثواب فإذا شرط عوضا مجهولا صح کما لو لم یشترط شیئا و أنها من العقود المبنیة علی المغابنة فلا تضر الجهالة فی عوضها فکذا فی شرطه و لانضباطه بالقیمة مع الاختلاف و روی (القاسم بن سلیمان) قال سألت أبا عبد اللّٰه (ع) عن الرجل یهب الجاریة علی أن یثاب فلا یثاب أ له أن یرجع فیها قال نعم إذا کان شرط له علیه قلت أ رأیت إن وهبها له و لم یثبه أ یطؤها أم لا قال نعم إذا کان لم یشترط علیه و روی (إسحاق بن عمار) قال قلت الرجل یهدی الهدیة یتعرض لما عندی فأخذها و لا أعطیه شیئا أ یحل قال نعم هی لک حلال و لکن لا تدع أن تعطیه
(قوله) (و له الرجوع ما لم یدفع المشروط)
کما فی (المبسوط) و (التحریر) و (الشرائع) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) عملا بمقتضی الشرط و (قد سمعت) خبر القاسم بن سلیمان و (قد روی) عیسی بن أعین عن الصادق (ع) أنه قال فی الهدیة المرجو ثوابها إذا لم یثبه حتی هلک و أصاب الرجل هدیته بعینها أ له أن یرجعها إن قدر علی ذلک قال لا بأس أن یأخذه و (قضیة کلامهم) و (مفهوم الخبر) أنه إن دفع فلا رجوع
(قوله) (و لا یجب علی المتهب دفعه)
کما فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) بل یتخیر بین دفع العوض و رد العین لأن اشتراط الثواب لا یقضی بجعلها کالبیع و غیره من عقود المعاوضات بحیث یثبت العوض فی الذمة بل فائدته جواز الرجوع فی العین بدون بذل العوض کما هو الأقوال فی المسألة و هو أنه لا یجب الوفاء بالشرط بل یجعل العقد عرضة للفسخ أو یبنی علی أنه عقد جائز لا یجب الوفاء به و لا بشرطه
(قوله) (لکن إنه امتنع فللواهب الرجوع)
کما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (المسالک) و (جامع المقاصد) و کذا (جامع الشرائع) لأنه فرض المسألة فی صورة ما إذا عین قال و إذا عین له العوض و لم یعوضه إیاه فله الرجوع و فی (جامع المقاصد) أن الحکم ظاهر (قلت) و هو صریح خبر القاسم بن سلیمان و (قال) فی (الدروس) ظاهر ابن الجنید تعیین العوض کالبیع (قلت) الخبر المعمول به حجة علیه و (مفهوم) عبارة (الکتاب) و ما کان مثله مما ذکر عدا (المسالک) أنه متی بذل المتهب العوض المشروط أو عوض المثل مع عدم التعیین فلیس للواهب الامتناع و الرجوع فی الهبة کما نبهنا علیه آنفا و قد سمعت أنه نفی عنه البعد فی (جامع المقاصد) و أنه قرب فی (الإیضاح) جواز الرجوع حینئذ و أنه خیرة (المسالک) و أنه یفهم من موضعین من (کلام المصنف) فی مسألة ما إذا ظهر العوض مستحقا کما یأتی و أنه قضیة مفهوم عبارة (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) (فانظر) إلی اختلاف المفهومین فی (الکتابین) و (لکن الجمع) ممکن و الأمر هین و (قد استدل) علی ما نفی عنه البعد فی (جامع المقاصد) (بقولهم) (ع) المؤمنون عند شروطهم و (بأنهم) لما أطبقوا علی عدم الوجوب من طرف المتهب انتفی و بقی الوجوب من طرف الواهب لا مانع منه و بأن الرجوع علی خلاف الأصل فیقتصر فیه علی محل الیقین و (بظاهر) قوله تعالی إِلّٰا أَنْ تَکُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ و (بظاهر) قوله (ع) الناس مسلطون علی أموالهم (ثم قال) فإن قیل قد حکم (ع) بجواز الرجوع ما یثبت قلنا هو معارض بقوله (ع) و الذی یثاب من هبته و هو شامل لصورة النزاع فیجمع بینهما بحمل الأول علی ما عدا صورة النزاع لئلا یلزم إطراح الثانی أو
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 204
فلو تلف الموهوب أو عاب قبل دفع المشترط و قبل الرجوع ففی التضمین نظر (1) فإن أوجبناه فالأقرب مع التلف ضمان أقل الأمرین من العوض و قیمة الموهوب (2)
______________________________
لاعتضاد الثانی بالعمومات السابقة أو یقال یتساقطان و یبقی ما عداهما بغیر معارض انتهی و (أنت خبیر) بأن قوله (ع) فی صحیحة عبد اللّٰه بن سنان و الذی یثاب فی هبته لا یعارض حکمهم (ع) بجواز الرجوع ما لم یثب لأن الإثابة لا تتحقق إلا بالبذل و الإنفاق علیها و القبض و لا تحقق بمجرد البذل حتی تشملها الصحیحة و إنما هو من مقدماتها و لا یقال عرفا إنه أثاب و إنما یقال عرض علیه الثواب فإذا لم یحصل الإنابة لم یکن هناک معارضة و (أما عمومات) الوفاء بالشروط و العقود فإنما یستدل بها فی العقود اللازمة لا الجائزة و (به) یعرف حال الدلیل الثانی إذ لا وجوب من طرف المتهب و لا الواهب و لا (نسلم) أن الرجوع فی العقود الجائزة علی خلاف الأصل (سلمنا) و لکن قد دلت النصوص الصحیحة علی جواز هذا العقد علی هذا النحو
(قوله) (فلو تلف الموهوب أو عاب قبل دفع المشترط و قبل الرجوع ففی التضمین نظر)
کما فی (التحریر) و کذا (الشرائع) حیث تردد فی عدم تضمینه و (التضمین) و الضمان خیرة (الوسیلة) و (المختلف) فی موضعین منه و (الدروس) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (هو المحکی) عن أبی علی لأن الواجب علیه أحد الأمرین ردها أو دفع العوض فإذا تعذر الأول وجب الثانی و لأنه لم یقبضها مجانا بل لیؤدی عوضها و لم یفعل و (لعموم) علی الید ما أخذت (و اختیر) عدم الضمان فی (المبسوط) و (التذکرة) و (الإیضاح) و (و قال فی الأول) و هذا هو مذهبنا لأن هذا النقص حدث فی ملک المتهب فلم یلزمه ضمانه و لأن المتهب لا یجب علیه دفع العوض بل للواهب الرجوع فی العین فالتفریط منه حیث ترکها فی ید من سلطه علی التصرف فیها (و أجاب) الأولون بأنه لم یدخل فی ملکه مجانا بل بشرط العوض و ذلک معنی الضمان و إن أرید بعدم وجوب دفع العوض عدم وجوبه عینا لم یلزم منه نفی الوجوب علی البدل الذی هو المدعی و حینئذ فإذا تعذر أحد الأمرین المخیر فیهما وجب الآخر عینا و إن أرید عدم الوجوب أصلا فهو ممنوع (و قد قید) بما إذا کان ذلک قبل الرجوع فی (الکتاب) و (التحریر) و (المسالک) (و هو) المفروض فی کلام (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و غیرها و (وجهه) ظاهر لأنه یکون بعد الرجوع أمانة فی ید المتهب حیث أقر یده علیه بعد الرجوع (و قد یقال) إن یده ید ضمان قبل الرجوع فکذا بعده عملا بالاستصحاب مضافا إلی عموم قولهم (ص) علی الید ما أخذت (و فیه) نظر فتدبر و مما ذکر یعلم وجها النظر (و لا فرق) فی ذلک بین کون تلف الموهوب أو تعیبه بنفسه أو بفعل المتهب کلبس الثوب (کما) هو صریح (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (قضیة) إطلاق الباقین و (یجی‌ء) علی القولین استحقاق المهر و عدمه فیما إذا وهبه جاریة بشرط الثواب فوطئها و امتنع من الثواب فرجع بها الواهب
(قوله) (فإن أوجبناه فالأقرب مع التلف ضمان أقل الأمرین من العوض و قیمة الموهوب)
هو الأصح کما فی (جامع المقاصد) و الأجود تارة و الأقوی أخری کما فی (المسالک) لأن المتهب مخیر بین الأمرین و المحقق لزومه هو الأقل لأن العوض إن کان أقل فقد رضی به الواهب فی مقابلة العین و إن کان الموهوب هو الأقل فالمتهب لا یتعین علیه العوض بل یتخیر بینه و بین بذل العین فلا یجوز مع تلفها أکثر من قیمتها (و مقابل) الأقرب أنه یضمن مثل الموهوب أو قیمته (و هو) خیرة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 205
و إذا أطلق العوض دفع المتهب ما شاء فإن رضی الواهب و قبضه لم یکن له الرجوع (1) و إن لم یرض تخیر المتهب بین دفع الموهوب و عوض المثل (2)
______________________________
(المختلف) و (الإیضاح) و (الحواشی) لأن العین مضمونة حینئذ علی القابض فوجب ضمانها بالمثل أو القیمة (و فیه) أنه سلطه علی إتلافها بالعوض فلا یلزمه أزید منه لو کان أنقص (و قد) استدل علیه فی (الإیضاح) بأن اعتبار العوض أثر الهبة و قد انفسخت فیرجع بقیمة الموهوب (و فیه) أنه لا معنی لفسخها و انفساخها بعد تملیکه العین و تسلیطه علی إتلافها بالعوض (و قد) بنی ذلک علی ما حققه هنا (قال) بعده و التحقیق أنه متی یکون للواهب الرجوع فی الهبة التی ذکر فیها العوض هل له قبل دفع العوض مطلقا أو بعد امتناعه من أدائه الأقرب الأول لقوله (ع) ما لم یثب و قبل دفع العوض لم یثب فعلی هذا إذا رجع بعد تلفها و قبل دفع العوض رجع بقیمتها أو مثلها لاستحالة دفع العوض المشترط بعد انفساخ العقد المقتضی له و علی الثانی نقول إن دفع العوض زائدا و ناقصا عن القیمة لم یکن للمالک غیره و إلا کان له مثل الموهوب أو قیمته لأنه لیس له الإلزام بالعوض عند المصنف انتهی (و فیه) أن تملیک الواهب له و تسلیطه علی الإتلاف بالعوض مع کونه أقل من القیمة یقتضی عدم الزیادة علی کل تقدیر (ثم) إن جواز الفسخ و الرجوع إلی القیمة مناف للإذن فی الإتلاف بالعوض و أما تخیر المتهب بین العوض و قیمة الموهوب فلأنه کان مخیرا أولا أعنی قبل التلف بین العوض و رد العین فیبقی تخیره عملا بالاستصحاب (و لک) أن تقول التخییر الأول کان بین العوض و رد العین و التخییر الثانی بین العوض و القیمة فلا استصحاب فالقیمة لا دلیل علی التخییر فیها فیتعین وجوب العوض و لم یستقر الخلاف حتی یکون خرقا للإجماع المرکب (و هذا کله) إذا شرط عوضا معینا کما یظهر ذلک من توجیههم وجوب أقل الأمرین (و به) صرح فی (جامع المقاصد) (و المسالک) أما مع الإطلاق فالواجب المثل أو القیمة لا غیر إذا لم یرض بما دونها لأن ذلک هو مقتضی اشتراط العوض مطلقا
(قوله) (و إذا أطلق العوض دفع المتهب ما شاء فإن رضی الواهب و قبضه لم یکن له الرجوع)
هو معنی ما فی (الشرائع) و (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و غیرها لأنه لا ریب فی أنه لا یجب علی المتهب دفع عوض بخصوصه لأنه لا یجب علیه دفع العوض أصلا إذا رد العین فإذا دفع عوضا و رضی به و قبضه صح و امتنع الرجوع قلیلا أو کثیرا (و قوله) فی (الشرائع) یدفع ما شاء و لو کان یسیرا مقید برضا المالک جزما
(قوله) (و إن لم یرض تخیر المتهب بین دفع الموهوب و عوض المثل)
أی عوض مثل الموهوب عادة کما فی (الخلاف) و (المبسوط) (و هو) معنی ما فی (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) فی آخر کلامه و قد علله فی (المبسوط) بأن أصل الثواب أنما ثبت بعقد الهبة اعتبارا بالعادة فیثبت قدر ما یکون ثوابا فی العادة و معناه أن أصل الثواب مأخوذ من العادة فکذلک قدره و (هؤلاء) و إن اقتصروا علی أنه یدفع عوض المثل عادة و لم یصرحوا بتخییر المتهب (کما) فی (الکتاب) لکنه مرادهم جزما لأنه لا ریب أنه له أن یرد الموهوب (و لعل) کلام (المسالک) لا یخلو عن تشویش فی ذلک لأنه جزم تارة بأنه یثبه قدر قیمة الموهوب و أخری بأنه یثبه قدر عوض المثل عادة و علله بمثل ما فی (المبسوط) و (حکی) عن أبی علی أنه یثیبه حتی یرضی (و هو) قول العامة لما رووه عن أبی هریرة أن أعرابیا وهب للنبی (ص) ناقة فأعطاه ثلثا فأبی فزاده ثلثا فأبی فزاده ثلثا فلما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 206
و لو خرج العوض أو بعضه مستحقا أخذه مالکه ثم إن کانت الهبة مطلقة لم یجب دفع بدله لکن للواهب الرجوع و إن شرطت بالعوض دفع المتهب مثله أو قیمته مع التعیین أو العین أو ما شاء إن رضی الواهب مع الإطلاق (1)
______________________________
استکمل تسعا قال رضیت الحدیث و (الدلالة) ضعیفة لأنه تبرع و السند ضعیف جدا (و قد شهد) عمر علی أبی هریرة أنه عدو اللّٰه و عدو المسلمین (و هو) من الکذابین (و النظر) فی أحواله یقضی بأنه کان ضعیف العقل جدا (و لهم) قول آخر و هو أنه یثیبه قدر قیمة الهبة أو مثلها و به (صرح التقی) فی (الکافی) فی الهدیة (و الفرق) بینه و بین مختار (المبسوط) أن العوض علی مختارهم قد یکون أقل من قیمة الموهوب أو أکثر و فی (الخلاف) أنا لو قلنا أن لا مقدار للثواب و إنما یثاب هو ما عنها قلیلا کان أو کثیرا لکان قویا (و به) جزم فی (التحریر) عملا بعموم الأخبار و إطلاقها قال (فی التحریر خ) إذا شرط ثوابا مجهولا صح و لزمه دفع ما یصدق علیه إطلاق الاسم (و لعله) أراد ما یتمول (و هو) قول لبعض العامة فلیلحظ و لیتأمّل فیه (و لا تغفل) عما فی (الشرائع) (و لهم) قول آخر و هو أنه لا بد من أن یکون زائدا عن القیمة و إلا لباعه فی السوق هذا (و کما) یتخیر المتهب بین دفع الموهوب و عوض المثل و لا یجبر علی الثواب کذلک یتخیر الواهب بین الإمضاء و الرجوع و لا یجبر علی الرضا (علی الإمضاء خ) و لا علی الرضا بالأقلّ (إلا) ما سمعته عن (الخلاف) و (التحریر) و (لا تغفل) عما حکیناه آنفا عن أبی علی فإنه موافق للاعتبار و لکلامهم فیما سلف (فإذا) اعتبرت قیمة الموهوب و اختلف فالمعتبر قیمته عند القبض إذا دفع بعد العقد کما فی (التذکرة) و (المسالک) و احتمل فیهما قیمته عند دفع الثواب (و قد) قلنا فیما سلف إن مفهوم عبارة (الکتاب) أنه إذا دفع أحد الأمرین وجب علی الواهب قبوله
(قوله) (و لو خرج العوض أو بعضه مستحقا أخذه مالکه ثم إن کانت الهبة مطلقة لم یجب دفع بدله لکن للواهب الرجوع و إن شرطت بالعوض دفع المتهب مثله أو قیمته مع التعیین أو العین أو ما شاء إن رضی الواهب مع الإطلاق)
هذه المسألة من متفردات الکتاب و قد بین الحال فیها بالنسبة إلی أقسام الهبة الثلاثة فیما إذا خرج العوض أو بعضه مستحقا و قد اشتمل القسم الأول و هو ما إذا کانت مطلقة لا ذکر للعوض فیها علی أحکام ثلاثة واضحة و قال فیما إذا شرطت الهبة بالعوض المعین کهذه الفرس مثلا و خرجت الفرس مستحقة إن المتهب یتخیر بین دفع قیمة الفرس و دفع الموهوب کما کان مخیرا من أول الأمر بین دفع العوض و رد العین (و قضیته) أنه لا یتعین علیه دفع قیمة الفرس (نعم) لو دفعها کان دفعها کافیا فی عدم رجوع الواهب فی العین لو رضی به و قبضه (و قبله خ) فمعادل قول مثله أو قیمته قوله أو العین (و أما قوله) أو ما شاء فهو کلام آخر متعلق بصورة إطلاق العوض (لا کما) فهمه فی (جامع المقاصد) من أن قوله أو العین أو ما شاء کلاهما مع التخییر بینهما معادل لقوله مثله أو قیمته و لیس کذلک کما ستسمع (قولک) هذا (لا یختص خ) بالمثل و لا بالقیمة قلنا هو کذلک لکنه جری فی ذلک علی الغالب من أن من شرط عوضا معینا و فات من یده أنه لا یرضی بما دونه و هو مبنی علی أنه لا یجب علی الواهب القبول إذا بذل المتهب العوض المعین کما تقدم عن جماعة (و إن کان) مفهوم عبارته فیما سبق یقضی بخلافه فیکون قوله إن رضی الواهب قیدا فی الشقین و إن کان توسطه لا یخلوا من جوازه (و بذلک) یندفع إشکال (جامع المقاصد) قال ظاهر المصنف تعیین دفع المثل أو القیمة مع التعیین و هو مشکل (قلت) هذا الظاهر جاءه مما قبله من قوله لم یجب و مما فهمه من المعادلة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 207
و لو کان معیبا ألزم بالأرش أو دفع العین فی المعینة لا المطلقة (1)
______________________________
و لیس کذلک قال و یمکن أن یقال لا یراد تعینه و ما سبق من عدم وجوب دفع العوض المشروط یدل علیه و إنما المراد أن دفعه کاف فی عدم رجوع الواهب فی العین و قال هذا أیضا مشکل لأنا إذا أوجبنا علی الواهب قبول العوض فإنما یجب علیه قبول العوض الذی تضمنه العقد دون غیره لعموم قوله (ع) المؤمنون عند شروطهم نعم لو رضی به و قبضه فلا بحث لکن هذا لا یختص بالمثل و لا بالقیمة انتهی (و قد عرفت) الحال فی ذلک و أنه مبنی علی عدم وجوب القبول و الوجه فی ذکر المثل و القیمة (و قد) بین المصنف القسم الثالث بأنه یرجع إلی حاله الأول فقال إنه مع الإطلاق و عدم التعیین فی الفرض المذکور أعنی ما إذا ظهر العوض مستحقا یدفع المتهب ما شاء إن رضی الواهب کما کان حاله کذلک من أول الأمر و مقتضاه بقرینة ما سلف قریبا أنه إن لم یرض تخیر المتهب بین دفع العین و عوض المثل کما تقدم إذ لا فرق فی ذلک بین ما إذا لم یقدر عوضا أصلا أو عوضا و لم یشخصه و مقتضاه بقرینة الشرط أنه إن لم یرض فله أخذ العین (و قال) فی (جامع المقاصد) هنا کلامان أحدهما أن تعیین العوض إن کان المراد به کونه مشخصا فیشکل إطلاق قوله أو ما شاء إن رضی الواهب مع الإطلاق لأنه إذا شرط عوضا مقدرا کمائة درهم و دفع مائة فظهر استحقاقها فدفع بدلها لم یکن للواهب الامتناع علی ما سبق فی کلامه (قلت) المراد فی الشق الأول کونه مشخصا و قد عرفت أن المراد إذا رضی الواهب و الذی سبق فی کلامه إنما هو الدلالة بالمفهوم و قد تقدم أن التحقیق خلافه أو أن المفهوم هنا یخالفه و قد نبهنا علی ذلک فیما سلف (ثم قال) فی (جامع المقاصد) و إن کان المراد به کونه مقدرا أعمّ من أن یکون مشخصا أو لا فلا یستقیم إطلاق قوله دفع المتهب مثله أو قیمته لأن ذلک إنما یتصور فی الشخصی دون الکلی (قلت) قد عرفت أنهما قسمان ممتازان (أحدهما) مع تعیین العوض و الآخر مع إطلاقه کما هو واضح ثم إنه یتصور المثل و القیمة فی الکلی بعد تعینه فی فرد و ظهوره مستحقا کما یأتی له مثله (الثانی) أن قوله ما شاء إن رضی الواهب یشعر بأنه إن لم یرض فله أخذ العین و إطلاقه یتناول ما إذا دفع عوض المثل و ذلک ینافی ما سبق فی کلامه من أن المتهب مخیر بین دفع الموهوب و عوض المثل انتهی (قلت) قد عرفت أن ما سبق إنما دل بالمفهوم علی أنه لیس للواهب الامتناع و مفهوم کلامه هنا یخالفه و قد قلنا إنه یفهم من موضعین فی هذه المسألة أنه له الرجوع و إن بذل العوض المشروط أو عوض المثل
(قوله) (و لو کان معیبا ألزم بالأرش أو دفع العین فی المعینة لا المطلقة)
هذا الفرع تعرض له فی (التذکرة) و هی أحسن من عبارة الکتاب (قال) و إن کان معینا فقبضه الواهب فوجد به عیبا کان له الرجوع إلی عین الموهوب فإن کان باقیا أخذه و إن کان تالفا طالب بالقیمة و الأقرب أنه له المطالبة بالأرش انتهی (و قضیة) کلام الکتاب أنه إذا دفع الأرش لم یکن للواهب الرجوع مع أنه له الرجوع علی کل حال کما تقدم و لا سیما إذا کان العوض معیبا لأنا إن قلنا بمنعه من الرجوع فإنما هو حیث یکون سلیما صحیحا و بدون ذلک لا دلیل علیه (فکان) حقه کما فی (جامع المقاصد) أن یقول ألزم بالعین أو بما یرضی به الواهب قال و کذلک الحال فی المطلقة إلا فی صورتین (الأولی) ما إذا لم یقدر عوضا أصلا و دفع عوضا معیبا و هو مع العیب بقدر القیمة فإنه علی ما سبق لیس له رده و لا الرجوع و قد عرفت الحال فی ذلک (و الثانیة) ما إذا قدر عوضا و لم یشخصه فدفع ذلک القدر فظهر معیبا فإنه یتجه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 208
و لو ظهر استحقاق نصف العین رجع بنصف العوض و له أن یرد الباقی (1) لو ظهر استحقاقها بعد تلفها فی ید المتهب فالأقرب رجوعه علی الواهب بما غرمه من القیمة و إن زادت عن العوض أو خلت عنه و لو وهبه عصیرا فصار خمرا ثم عاد خلا فله الرجوع علی إشکال منشؤه الإشکال فی الغاصب و أحد احتمالیه (2)
______________________________
أن یقال له المطالبة بالأرش أو البدل أو العین و متی دفع المتهب أحدها لم یکن له الامتناع نعم لو تراضیا علی الأرش و قبضه فلا بحث فی الصحة و اللزوم و أما (المطلقة) فیما عدا ذلک فإن کان العوض فیها مقدرا کان له إبداله و المتهب مخیر و إلا فإن کان مع العیب عوض المثل فصاعدا فلا شی‌ء له و إلا تخیر فی الرد و استرجاع العین و إبقائه انتهی فتأمّل (و قد) أطلق فی (التذکرة) فی المطلقة فقال و إن کان العوض غیر معین فوجده معیبا کان له المطالبة بالعوض سلیما و هو قضیة إطلاق الکتاب
(قوله) (و لو ظهر استحقاق نصف العین رجع بنصف العوض و له أن یرد الباقی)
و یرجع بجمیع الثواب کما فی (التذکرة) و قد نبه بذلک علی خلاف (الشافعی) فی أحد قولیه حیث قال ببطلان الهبة فی الکل
(قوله) (و لو ظهر استحقاقها بعد تلفها فی ید المتهب فالأقرب رجوعه علی الواهب بما غرمه من القیمة و إن زادت عن العوض أو قلت عنه)
لا ریب فی أنه إذا ظهر استحقاقها بدون تلفها کان للمتهب الرجوع بالعوض و به صرح فی (التذکرة) و (التحریر) و أما إذا کان بعد تلفها فقد قرب (المصنف) أنه له الرجوع بما غرمه و (فی الإیضاح) و (جامع المقاصد) أنه الأصح و (قد ضبطوا) فی باب الغصب ضابطا و هو أن کل شی‌ء إذا فرضنا الغاصب فیه مالکا و لا تلزم القابض الثانی فیه غرامة فله الرجوع فیه و ما تلزمه فیه غرامة علی فرض کونه مالکا فلا تغریر فیه و لا رجوع و (عدوا) من القسم الأول الودیعة و المرهون و الموکل فیه و المستأجر و مال الجعالة و المزارع علیه و المضارب علیه (علی) إشکال للمصنف فی المال المضارب علیه (و عددنا) منه هناک المال الموهوب و نقلنا کلام المصنف هنا و ولده و المحقق الثانی (و عدوا) من القسم الثانی العاریة المضمونة و البیع الفاسد و کذا المقبوض بالسوم عند جماعة و (قالوا) فی بیان الوجه (فی القسم الأول) إنه مغرور لأنه دخل علی أن العین له مجانا و بالعوض الأقل بناء علی أنها ملک الواهب و أنها لو تلفت فی یده لم یتعقب التلف غرم لأن ذلک مقتضی الهبة لضعف مباشرة المتهب و ما ضاهاه مما تقدم لغروره فکان له الرجوع علی السبب لأن المغرور یرجع علی من غره إذا کان الغرور یفید الإباحة ظاهرا و له غایة مقصودة فی نظر العقلاء فلو قال له اقتل هذا عبدی و أنا لا أرجع علیک بقیمته فقتله فأخذ مالکه قیمته منه فإنه لا یرجع علی المغر إجماعا (کما) فی (الإیضاح) لأنه لا یفید الإباحة ظاهرا و کذا لو قال له أتلف مالی هذا فإن المتلف لا یرجع علی الأقوی لأنه عبث و فیه ضرر و لا حکمة فیه مقصودة فی نظر العقلاء و لا فرق فی ذلک بین أن تکون الهبة خالیة عن العوض أو معوضا عنها عوضا أنقص منها أو أزید أو مساویا لها بل لو کان أزید أو مساویا فلا بحث فی الرجوع لفوات ما بذل فی مقابله (و الاحتمال) الذی هو غیر الأقرب أنما هو عدم الرجوع بشی‌ء إذا کانت خالیة عن العوض أو بما زاد علی العوض إذا کان أنقص منها (و وجه) أن التلف استقر فی یده و (جوابه) أنه مغرور و قد تقدم فی باب البیع و الغصب فی مثله أنه یرجع بما اغترمه من أجرة و عوض المنافع سواء کان استوفاها أم لا لأنه أقدم علی أنه یستحقها مجانا
(قوله) (و لو وهبه عصیرا فصار خمرا ثم عاد خلا فله الرجوع علی إشکال منشؤه الإشکال فی الغاصب و أحد احتمالیه)
الأقوی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 209
و لو افتک الرهن أو بطلت الکتابة فکذلک إن سوغناه مع التصرف (1)
______________________________
عدم الرجوع کما فی (الإیضاح) و (الحواشی) و کذا (جامع المقاصد) و الذی یظهر أن المصنف یرید أن منشأ الإشکال هنا یحصل من أمرین من الإشکال فی الغاصب و من الإشکال الذی ینشأ فی المسألة من أحد احتمالی الغاصب فکأنه قال علی إشکال ینشأ من الإشکال فی الغاصب و ینشأ من أحد احتمالیه فیکون أحد احتمالیه معطوفا علی الغاصب و (بیانه) أنه لو غصب عصیرا فصار خمرا فی ید الغاصب ضمن المثل و خرج عن ملک المغصوب منه فلو عاد خلا فی ید الغاصب ففی عود ملک المالک له أو صیرورته ملکا للغاصب إشکال ینشأ من أن ملک المالک قد زال و تجدد الملک فی ید الغاصب فکان هذا العائد کالذی لم یعد و من أن العین قد کانت مملوکة للمغصوب منه قبل صیرورتها خمرا و بعد الصیرورة لم تزل أولویته لجواز إمساکها لرجاء تخللها فإن عادت خلا فهو بعینه ذلک العصیر فیکون ملکا له دون الغاصب فکان هذا الزائل کأنه لم یزل و هذان الوجهان جاریان فیما نحن فیه و لما کان أحد هذین الاحتمالین أن الغاصب لا یملک بل تکون الخل للمغصوب منه جاء إشکال فی جواز رجوع الواهب هنا من خروجه عن ملک المتهب بالتخییر فصار کأنه تالف مضمحل لا وجود له و أن جواز الرجوع من آثار التصرف فی الملک المطلق و قد زال عند التخمیر فیزول أثره و من أن ملک الخل مستند إلی ملک العصیر فکأنه الأول بعینه و أنه إنما ملکه بسبب ملکه الأول و قد کان متزلزلا بالرجوع فکذا هذا الملک لأن المسبب لا یکون أقوی من السبب و إنما نشأ علی هذا الاحتمال دون الآخر لأنا إذا قلنا بأن الغاصب یملکه کان عدم جواز الرجوع هنا قطعیا (کما) فی (الإیضاح) و لا شک فیه (کما) فی (جامع المقاصد) و لا إشکال فیه کما هو واضح و قد (انتهض) الشارحون لبیان هذه العبارة (فقال) فی (جامع المقاصد) إن قوله و أحد احتمالیه یحتمل أن یکون معطوفا علی الإشکال فی قوله منشؤه الإشکال فی الغاصب فیکون التقدیر منشؤه الإشکال فی الغاصب و ینشأ أحد احتمالیه بل هذا هو الذی یقتضیه سوق العبارة إلا أن مبنی الإشکال علی آخر یقتضی بناء أحد الوجهین فی الثانی علی أحد الوجهین فی الأول و الآخر علی الآخر و (حینئذ) فلا یکون الإشکال الثانی مبنیا علی أحد الوجهین فی الأول فتکون العبارة متدافعة أما لو قال منشؤه أحد الاحتمالین فی إشکال الغاصب لکان صحیحا (قلت) و علی ذلک نزلت العبارة فی (الإیضاح) و (الحواشی) و (نزلها) فی (کنز الفوائد) علی ما (حکی) عنه علی أن أحد احتمالیه خبر لمبتدأ محذوف و الجملة معطوفة علی الجملة قبلها تقدیره و الرجوع أحد احتمالی الإشکال و (کل) ذلک لا یخلو عن تکلف و (لیعلم) أنهم فی باب الرهن قالوا إذا رهنه عصیرا فصار خمرا فی ید المرتهن زال الملک فإن عاد خلا عاد الملک و الرهن (من غیر) خلاف و لا تردد إلا من (المولی الأردبیلی) و شبهوه بما إذا اشتری المرتهن عینا من الراهن بدینه فإنه یصح و یبطل الرهن فإذا تلفت العین قبل القبض عاد الدین و الرهن و (قالوا) فی باب الغصب إنه لو غصب عصیرا فصار خمرا فإن صار خلا فی ید الغاصب رده مع أرش النقصان (و قد) حکینا عن جماعة هنالک نفی الخلاف فی ذلک و حکینا هناک کلامهم هنا
(قوله) (و لو افتک الرهن أو بطلت الکتابة فکذلک إن سوغناه مع التصرف)
یرید أنه إذا رهن المتهب العین المرهونة أو کاتب العبد الموهوب ثم افتک الرهن أو بطلت کتابة العبد لعجزه فللواهب الرجوع لأن الملک الذی کان لم یزل بالرهن و الکتابة و (به صرح) فی (التذکرة) و (التحریر)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 210
و لو عاد الملک بعد زواله احتمل الرجوع (1)
______________________________
و (جامع المقاصد) و قضیة سوق العبارة أن للواهب الرجوع علی إشکال و هو بعید جدا بناء علی أن التصرف غیر مانع من الرجوع لأن الملک لم یزل کما عرفت
(قوله) (و لو عاد الملک بعد زواله احتمل الرجوع)
کما هو خیرة (الشافعی) و فی (التحریر) أن فی جواز الرجوع إشکالا أقوی من الإشکال فی جواز الرجوع فیما إذا کان رهنه المتهب و لم یفتک و قد کان استشکل فی ذلک قویا (و الأصح) عدم الرجوع کما فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و (به جزم) فی (التذکرة) لأن الرجوع قد انتفی بانتقال الملک عن المتهب و لا سلطان للواهب علی المشتری فعوده حینئذ لا دلیل علیه (نعم إن عاد) إلیه بفسخ خیار المجلس أو الشرط أو الحیوان کان له الرجوع (کما) صرح به فی (التذکرة) لأن الملک لم یستقر للمشتری (و إن عاد) إلیه بإقالة أو فسخ أو فلس المشتری (ففی التذکرة) فیه وجهان و (هذا مبنی) أیضا علی أن التصرف غیر مانع من الرجوع و (قد تقدم) الکلام فیه فی أواسط المطلب الثانی و (قد تم) و الحمد للّه کما هو أهله باب (الصدقة) و (الهبة) فی الیوم السابع عشر من جمادی الأولی سنة ألف و مائتین و ست و عشرین و (قد کان) جاءنا عسکر الوهابین و قد وقع فی أطراف العراق کالحلة و المشهدین فی البلاء المبین من القتل الذریع الکثیر خصوصا فی الزوار و المترددین و النهب و حرق الزروع و (کنا) حینئذ فی النجف الأشرف کالمحاصرین و الحمد للّه رب العالمین و صلی اللّٰه علی محمد و آله الطاهرین (و العبد) لم یترک الاشتغال مع ما نحن علیه من هذه الحال مضافا إلی مرض فی الجسم و اعتلال لابنی و الحمد للّه رب العالمین (قد کتبت) ذلک و أنا فی عشر السبعین فأوصیکم أیها الإخوان ببذل الجد و الجهد فی تحصیل العلم علی کل حال و صلی اللّٰه علی محمد و آله خیر آل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 211

[المقصد الثالث فی الإقرار و فیه فصول]

اشارة

المقصد الثالث فی الإقرار و فیه فصول

[الفصل الأول فی أرکانه و فیه مطالب]

اشارة

الأول فی أرکانه و فیه مطالب (1)

[المطلب الأول الصیغة]

الأول الصیغة الإقرار إخبار عن حق سابق لا یقتضی تملیکا بنفسه بل یکشف عن سبقه (2)
______________________________
بسم اللّٰه الرحمن الرحیم و علیه أتوکل و به أستعین الحمد للّه کما هو أهله رب العالمین و الصلاة و السلام علی خیر خلقه أجمعین محمد و آله الطاهرین المعصومین و رضی اللّٰه سبحانه عن علمائنا أجمعین و عن رواتنا الصالحین و أدرجنا بلطفه و منه و کرمه و برکة خیر خلقه إدراجهم و سلک بنا سبیلهم و بعد فهذا ما برز من کتاب مفتاح الکرامة علی قواعد العلامة أجزل اللّٰه سبحانه إکرامه و أسبغ علیه إنعامه إنه أرحم الراحمین
(قوله) (المقصد الثالث فی الإقرار و فیه فصول الأول فی أرکانه و فیه مطالب)
فی (الصحاح) و (مجمع البحرین) أن الإقرار الاعتراف و (فسره) فی (القاموس) بالإذعان للحق و (فی المسالک) أنه لغة الإثبات من قولک قر الشی‌ء یقر و أقررته إذا أفدته القرار و الکل صحیح (ستسمع) معناه عرفا (و هو لیس) من العقود و لا الإیقاعات فی شی‌ء لأنه لیس بإنشاء و إنما هو إخبار
(قوله) (الأول الصیغة الإقرار إخبار عن حق سابق لا یقتضی تملیکا بنفسه بل یکشف عن سبقه)
لما کان الإقرار عبارة عن مدلول الصیغة المخصوصة کان تعریفه تعریفا لها و تعریفها تعریفا له و لذلک عکس فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) فعرفا الصیغة لأنه یفهم منه تعریفه و لیس عینها کما فی (المسالک) بل هو مدلولها کما نبه علیه (المحقق) و (المصنف) فی (الشرائع) و (التذکرة) و (غیرها) فتأمّل (قال) فی (الشرائع) الأول فی الصیغة الصریحة و هی اللفظ المتضمن للإخبار عن حق واجب و (قد عرفه) فی (الوسیلة) بأنه إخبار بحق علی نفسه و (فی النافع) و (الدروس) بأنه إخبار عن حق لازم له و أتیا بالصلة و هو له لیخرجا الشهادة و الدعوی کما ستسمع و (مثله) ما فی (صیغ العقود) غیر أنه قال إخبار جازم و (عرفه) الإمام (فخر الدین) بأنه إخبار عن حق سابق للغیر أو نفیه لازم للمقر فلازم بالرفع صفة إخبار و أراد بالنفی إدخال الإقرار بالإبراء و (عرفه) فی (الروضة) بأنه إخبار جازم عن حق سابق علی وقت الصیغة و (لعله) أراد إخراج الإقرار عن حق مستقبل فإنه لیس إقرارا و إنما هو بمنزلة الوعد و (اقتصر) فی (الإرشاد) و (التبصرة) علی أنه إخبار عن حق سابق و (قال) فی (المفاتیح) عن حق واجب (ثم) عد إلی تعریف الکتاب (فالإخبار) کالجنس یندرج فیه کل إخبار و منها الشهادة و الدعوی و تخرج به سائر العقود و الإیقاعات (عن حق) یخرج به الإخبار عما لیس بحق و (یندرج) فی الحق ملک العین و المنفعة و استحقاق الخیار و الشفعة و أولویة التحجیر و الحدود و التعزیرات للّه سبحانه و للآدمی و القصاص فی النفس و الطرف (قوله) (سابق) یخرج الإخبار
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 212
و لفظه الصریح لک عندی أو علی أو فی ذمتی أو هذا و ما أدی معناه (1)
______________________________
عن حق مستقبل فإنه بمنزلة الوعد (و لا یخرج) عنه الإقرار بالمؤجل قبل حلوله لأن الإقرار به إنما هو إخبار عن أصل الحق و لما کان مقتضاه استحقاق المطالبة فی الحال دفعه المقر عن نفسه بذکر الأجل فلیس ذکر الأجل إقرارا و لا جزءا منه بل دفع لما لزمه من الإخبار بأصل الحق (و لو قال) بحق واجب لخرج به الإخبار عن الحق المستقبل لأنه غیر واجب و لا ثابت و لکان تناوله للحق المؤجل أظهر من تناول السابق له لأن المؤجل أمر ثابت الآن و إن کان استحقاق المطالبة به مستقبلا لأن المراد بالواجب الثابت و (قوله) لا یقتضی تملیکا إلی آخره بیان لحاله و حکمه لا للاحتراز عن شی‌ء (و یرد) علیه الشهادة و الدعوی و (قد سمعت) ما فی (النافع) و (الدروس) لدفعه من قولهما لازم له (و به) صرح فی (الحواشی) قال حق لازم للمخبر و إن حد الکتاب ینتقض بالدعوی فإنها إخبار عن حق سابق و کذا الشهادة و (ربما) قیل فی دفعه إن الشهادة إخبار عن حق ثابت فی الحال و لیس بسابق و لیس بشی‌ء لأن ثبوته فی الحال فرع کونه سابقا و إن لم یصرح بسبقه و (نحن نقول) هنا (أمور) إقرار و شهادة و دعوی و ترجمة و حکم و فتوی و روایة فالإقرار هو ما سمعته و (أما الشهادة) فهی إخبار جازم بحق لازم للغیر من غیر الحاکم و (الروایة) تشارکها فی الجزم و تفترق الشهادة عنها فی أن المخبر عنه فی الشهادة یختص بالعین و لا کذلک الروایة فإن المخبر عنه فیها عام کقوله (ع) لا شفعة فیما لم یقسم و (أما الترجمة) فالمخبر عنه فیها خاص لأنه مخبر عن کلام خاص فلا بد فیه من التعدد کالشهادة و إن کان عاما من حیث إنه موضوع للترجمة و (أما الفتوی) فهو إخبار عن اللّٰه تعالی فتارة تکون بالجزم و أخری بالظن و من خواصها أنها تجوز مخالفتها (و أما الحکم) فهو إنشاء إلزام أو إطلاق فیما تنازع فیه الخصمان فی أمر المعاش فیخرج بالإنشاء الفتوی فإنها إخبار و الإلزام و الإطلاق نوعان للحکم و الغالب فیه الإلزام و الإطلاق یتحقق فی مثل إطلاق المسجون من الحبس و إطلاق الحر ممن یدعی رقه بلا بینة و هکذا و (احترز) بالمعاش عن العبادات فإنه لا مدخل للحکم فإن الحکم بأن صلاة زید صحیحة لم یقض بصحتها فی نفس الأمر و کذلک الحکم بأن مال التجارة لا زکاة فیه لا یقضی برفع الخلاف فیه (فلیفهم) هذا فإنه نافع فیما یأتی خصوصا المترجم کما یأتی قریبا (و قد أورد) علی حد الإقرار أیضا ما هو فی قوة الإخبار مثل نعم فی جواب من قال لی علیک کذا فلذلک زاد شیخنا الشهید فی التعریف أو ما هو فی قوة الإخبار (و فیه) أنه لا حاجة إلی هذه الزیادة لأنه متضمن للإخبار فهو مفرد فی معنی المرکب لأن المحذوف قد قام المذکور مقامه (کما) أجیب عن ذلک بذلک فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و لم (یتعرض) المصنف و الأکثر لحال الإقرار بالإبراء و (لعلهم) یدرجونه فی الحق فتأمّل (و قد سمعت) ما قاله الإمام (فخر المحققین) و قد دل علیه الکتاب و السنة و الإجماع (کما) فی (المبسوط) و غیره و فی (التذکرة) أجمعت الأمة کافة علی صحة الإقرار و فی (المبسوط) و (المهذب البارع) لا خلاف بین الأمة فی صحته
(قوله) (و لفظه الصریح لک عندی أو علی أو فی ذمتی أو هذا و ما أدی معناه)
قد اتفق علی ذکر الثلاثة الأول (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (اللمعة) و (صیغ العقود) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و غیرها مع ذکر و ما أشبهه فی (الشرائع) و (التحریر) و شبهه فی (اللمعة) و (الروضة) و غیرها فی (الدروس) مع زیادة أو قبلی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 213
بالعربیة و غیرها (1) و یشترط تنجیزه فلو علقه بشرط کقوله لک کذا إن شئت أو إن قدم زید أو إن رضی فلان أو إن شهد لم یصح (2)
______________________________
فی (التحریر) و (صیغ العقود) أو معی فی (التذکرة) و قد قال جماعة إن (منها) ما یفید الإقرار بالدین صریحا کقوله فی ذمتی (و منها) ما یفیده ظاهرا کقوله له علی (و منها) ما یفید الإقرار بالعین صریحا کله فی یدی و ظاهرا کله عندی (و منها) ما یکون صالحا للأمرین کقوله لدی و (تظهر الفائدة) فیما إذا ادعی خلاف مدلول اللفظ فإنه لا یقبل صریحا کان أو ظاهرا کما یأتی بیانه
(قوله) (بالعربیة و غیرها)
یصح الإقرار بالعربیة و العجمیة معا من العربی و العجمی معا (بالإجماع) کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (المفاتیح) بصحته بالعربیة و غیرها و بأیّ لفظ کان و نحو ذلک مما یفید ذلک (صرح) فی (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده و (التبصرة) و (الدروس) و (اللمعة) و (التنقیح) و (صیغ العقود) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (مجمع البرهان) و (الکفایة) و قضیة إطلاقهم أنه لا فرق فی ذلک بین الاختیار و الاضطرار و (به صرح) فی (الشرائع) و (غیرها) و (فی المفاتیح) الإجماع علیه لاشتراک اللغات فی التعبیر عما فی الضمیر (و لکن) یشترط فی تحقق اللزوم علم اللافظ بالوضع فلو لم یعلم مؤدی اللفظ لم یقع و یقبل قوله فی عدم العلم إن أمکن فی حقه أو صدقه المقر له عملا بالظاهر و الأصل من عدم تجدد العلم بغیر لغته (و المعتبر) فی الألفاظ الدالة علی الإقرار إفادتها له عرفا و إن لم تقع علی القانون العربی و قلنا باعتباره فی غیره من العقود و الإیقاعات اللازمة لتوقف تلک علی النقل و من ثم لم تصح بغیر العربیة مع إمکانها و (ظاهرهم) اشتراط کونها حقیقة عرفا أو لغة (و احتمل) فی (مجمع البرهان) صحة المجاز إذا کان ظاهر النصب قرینة لا یفهم معها إلا المعنی المجازی و (قد صرح) جماعة بکفایة الإشارة المفهمة مقام اللفظ (کالمحقق) فی (النافع) و (المصنف) فی (التبصرة) و (الخراسانی) فی (الکفایة) لأن المدار علی التعبیر عما فی الضمیر و هو حاصل بها و (اشترط) بعضهم فی کفایتها تعذر اللفظ لأنه الأصل لأنه مناط الحکم فی الأدلة دون مطلق التعبیر و یکفی الشک و لا ملازمة بینهما فلا یخصص بها الأصل و هذا یقضی بالمنع منها مطلقا إلا أن الإجماع قام علی الاکتفاء بها عند التعذر و أنه قد اکتفی بها عنده فی ما هو أعظم منه
(قوله) (و یشترط تنجیزه فلو علقه بشرط کقوله لک کذا إن شئت أو إن قدم زید أو إن رضی فلان أو إن شهد لم یصح)
قد صرح بعدم صحته إذا علق بشرط و أنه لم یکن إقرارا و لم یلزم فی (المبسوط و خ) قد صرح بعدم صحته إذا علق بشرط و أنه لم یکن إقرارا و لم یلزم فی (المبسوط و خ) (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده و (التبصرة) و (الدروس) و (اللمعة) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و (مجمع البرهان) و فی الأخیر کأنه لا خلاف فیه (و زید) فی (التذکرة) و (صیغ العقود) و (الدروس) و (المسالک) و (المفاتیح) و (مجمع البرهان) الصفة لأن الشرط و الجزاء کلام واحد إذ لیس فیهما حکم بالفعل و إنما الحکم بالفعل (بینهما) و فیهما لا فی کل واحد منهما کما هو محرر فی الأصول و عند أهل المعقول من المنطقیین و إن خالف فی ذلک (بعض خ) أهل العربیة حیث قال إن الحکم فی الجزاء و الشرط ظرف و هذا هو الفارق بین الإقرار المعلق و الإقرار المعقب بما ینافیه حیث یؤخذ بأول الکلام فیه دون المعلق و به یندفع الإشکال عن الروضة حیث قال و یشکل بأن الصیغة قبل التعلیق تامة فیکون
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 214
و لو فتح أن لزمه (1) و لو قال إن شهد لک فلان فهو صادق أو فهو حق أو صدق أو صحیح لزمه و إن لم یشهد (2)
______________________________
التعلیق بعدها کتعقیب الإقرار بما ینافیه فینبغی أن یلغو المنافی لا أن یبطل
(قوله) (و لو فتح أن لزمه)
لخروج الصیغة حینئذ عن التعلیق إلی التعلیل لأن أن المصدریة فی تأویل المصدر و حذف الجار معها مطرد
(قوله) (و لو قال إن شهد لک فلان فهو حق أو صدق أو صحیح لزمه و إن لم یشهد)
قد اختیر لزوم الإقرار فی الحال و صحته فیما إذا قال إذا شهد لک علی شاهدان بألف فهما صادقان و فیما إذا شهد لک فلان فهو صادق فی (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و کذا (التذکرة) فی أول کلامه و (قد نسبه) فی (غایة المراد) إلی (الشیخ) فی (المبسوط) و (جماعة) و لعله أراد بالجماعة المصنف و ابنی سعید إذ لم نجده لغیرهم و (نسبه) فی (مجمع البرهان) إلی أکثر المتقدمین (بل) فی (الحواشی) عن فخر الإسلام عن والده أنه قال هکذا قال الأصحاب و أطلقوا و هو غریب کقولهما فی المسالک و الکفایة ذهب إلی عدم اللزوم أکثر المتأخرین إذ الذاهب إلیه منهم الشهیدان فی (الدروس) و (اللمعة) و (الروضة) و کذا (المسالک) و (المحقق الثانی) فی (جامع المقاصد) و (الصیغ) و المولی (المقدس الأردبیلی) و (المولی الخراسانی) و فی غایة المراد أنه قوی (بل) کلام (الدروس) غیر صریح فی اختیاره نعم قد یظهر منه ذلک فالقائل به قبل الشهید الثانی اثنان أو ثلاثة إن لحظت ما یأتی و (قد حکی) فخر الإسلام عن والده أن المقر إن کان عارفا بهذه الملازمة العقلیة لزمه الإقرار و إلا فلا ثم قال و هو الأصح عندی و (قد بالغ) فی (التذکرة) أولا فقال مثل ما فی (المبسوط) و غیره کما ستسمع أنه إقرار فی الحال و إن قال فلان الشاهد الذی علق صدقه علی شهادته لا أشهد و إن المدعی کاذب أو إنی أشهد ببراءته ثم قال و الأقرب أنه إن ادعی عدم علمه بما قال و أن المقر له لا یستحق فی ذمته شیئا و أنه توهم أن فلانا لا یشهد فإن کان مما یخفی علیه ذلک قبل قوله و حمل علی التعلیق و کان لغوا انتهی هذا و (مثل قوله) فهو صادق قوله فهو حق أو صدق أو صحیح (کما) فی (الکتاب) و (التذکرة) و (المسالک) و (غایة المراد) لکنه ترک فی الأخیر صحیح (بل) زید فی (الدروس) و (غایة المراد) و (الروضة) و (غیرها) فهو بار أو فلک علی أو لازم لذمتی و نحوه و فی کون ذلک محلا للخلاف تأمّل یأتی و (کذلک) الحال لو لم یعین کأن یقول إن شهد لک شاهد فهو صادق و لا کلام فیما إذا شهد علیه بالفعل فقال هو صادق و (کیف کان) فقد احتج علی ما ذکره فی (المبسوط) بأن الشاهدین إذا صدقا فی شهادتهما علیه بألف إذا شهدا فإن الحق واجب علیه شهدا أو لم یشهدا و (بیانه) أنه أقر بأنهما صادقان إذا شهدا و من المعلوم أن الصدق عبارة عن مطابقة الخبر للواقع فلم یکونا صادقین علی تقدیر شهادتهما إلا إذا کان لخبرهما خارج یطابقه الخبر فمطابق الخبر الصادق واقع فی نفس الأمر و موجود قبل صدور الخبر فقوله هما صادقان فیما شهدا به بمنزلة قوله إن الذی ادعاه علی واقع فی نفس الأمر فیکون التعلیق هنا لغوا وجوده کعدمه و یزیده بیانا أنه إذا صدق علی تقدیر الشهادة فی نفس الأمر یکون صادقا فی نفس الأمر شهدا أم لم یشهدا إذ لا دخل للشهادة فی الصدق الذی هو مطابقة الخبر الواقع لما عرفت من معنی الصدق فوقوع المشهود به الذی أقر بصدقه واقع سواء شهدا أم لم یشهدا و (قد ظهر) من هذا البیان أن ذلک غیر جار فی جمیع التعلیقات مثل إن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 215
..........
______________________________
جاء زید فلک علی کذا فإن الفرق بین مجی‌ء زید و صدقه فیما یشهد به ظاهر (فما) فی (المسالک) و (الروضة) من أنه لا فرق بینهما غیر ظاهر (قال) فی (المسالک) و ما ذکر فی توجیه الإقرار هنا وارد فی جمیع التعلیقات فإنه یقال ثبوت الحق علی تقدیر وجود الشرط یستلزم ثبوته الآن إذ لا مدخل للشرط فی ثبوته فی نفس الأمر إلی آخر ما قیل فی الدلیل (انتهی) و (أنت) قد ظهر لک الفرق فإنه فی قوله فهو صادق قد أخبر بصدقه حینئذ بحسب الواقع و لیس فی شهادته و عدمها أثر فی ثبوت الواقع و رفعه فلا یضره التعلیق بل یلغی بخلاف الثانی فإنه و إن أخبر بکونه علیه و اقتضی وقوعه أیضا لأنه من صیغ الإقرار و هی لا یراعی فیها الواقع مع صحتها و جمعها للشرائط لکن من شروطها أن لا تکون أی الصیغة معلقة و قد علقت هنا و بالتعلیق تلغی الصیغة فقوله یستلزم ثبوته الآن ممنوع إذ معناه أنه أقر به علی تقدیر المجی‌ء و لا أثر للمجی‌ء فی ثبوته فی نفس الأمر فوجه المنع أن مع التعلیق لا یکون إقرارا و إن أخبر بکونه علیه فلا یستلزم ثبوته أصلا لا فی الآن و لا فی غیره و (قد استدلوا) أیضا لما فی (المبسوط) بأنه أخبر بلزوم المشهود به علی تقدیر الشهادة لاعترافه بصدق الشاهد فیؤاخذ بإقراره علی ذلک التقدیر الخاص و یلزم مؤاخذته مطلقا لامتناع صدق الخاص بدون العام و ظاهر أنه لا دخل للقید فی اللزوم إذا للزوم سبب آخر فلا یتوقف اللزوم علی ذلک المقید و (استدل) أیضا بعکس النقیض قالوا کلما لم یکن المال ثابتا فی ذمته لم یکن صادقا علی تقدیر الشهادة و ینعکس بعکس النقیض إلی قولنا کلما کان صادقا علی تقدیر الشهادة کان ثابتا فی ذمته و إن لم یشهد لکن المقدم حق لعموم إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز و قد أقر بصدقه علی تقدیر الشهادة فالتالی و هو ثبوت المال فی ذمته مثله و (قد عورض) بالمعلق فقیل إنه یصدق کلما لم یکن المال ثابتا فی ذمته لم یکن قول المقر علی کذا حقا علی تقدیر المجی‌ء و ینعکس بعکس النقیض إلی قولنا کلما کان قول المقر حقا علی تقدیر المجی‌ء کان ثابتا فی ذمته أیضا و إن لم یجئ لکن المقدم حق لأنه أقر به علی تقدیر المجی‌ء و أخبر بکونه علیه فالتالی مثله (و فیه) أنا نمنع صدق المقدم هنا لأنه لا إقرار لمکان التعلیق علی نحو ما تقدم (و حجة من خالف) ممن تأخر أن هذا الکلام قد یقوله من لا یعرف الاستلزام المذکور و قد یقوله من یعرفه مبالغا فی النفی بحیث یلحقه بالمحال لأنه یعتقد أن فلانا لا یشهد بغیر الحق و أنه منه کالمحال و إن مثل ذلک لیقع کثیرا فی مقام المخاصمات و قد یکون المدعی علیه لا ینفی و لا یثبت لعدم علمه بالحال فیقول إن هذا الشخص ثقة محتاط فإن شهد فهو صادق و أنا أعطی ما تدعیه لأنه قد تکون ذمتی مشغولة بذلک من جهة جنایة جنیتها و أنا نائم أو غافل و هذا الشخص یعلم بذلک أو إنه قد استقرض ذلک وکیلی و قد علم بذلک هذا الرجل و نحو ذلک بل قد یثبت ذلک فی ذمته قبل شهادة فلان و بعد إقرار المقر فلا یکون الحق ثابتا قبل الإقرار إذ الصدق أنما یستدعی ثبوت ما یشهد به قبل الشهادة لا قبل الإقرار فتأمّل و (قد یکون) إقراره الآن بصدقه لا لعلمه بوقوع ما یشهد به فی نفس الأمر و الواقع بل لمعرفته بصدق فلان و دیانته کما تقدم فیکون کما لو قال إن قال المعصوم فهو صادق فلا یکون الحق ثابتا علیه و معلوما عنده قبل الإقرار کما ذکروه فی توجیه الإقرار بل یکون إنما حصل له العلم بقوله فقط فلو لم یقل المعصوم لم یلزمه الإقرار به قبل قول المعصوم (ع) علی تقدیر قوله کما هو ظاهر (کما نبه) علی ذلک کله (مولانا المقدس الأردبیلی ره) و (عساک) تقول إن الواجب حمل کلام المقر علی السبب الصحیح و إن احتمل غیره بالأصل و الظاهر و (فیه) أن فیما ذکر أسبابا صحیحة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 216
و لو قال إن شهد لک صدقته أو لزمنی أو أدیته لم یکن مقرا (1) و لو قال له علی ألف إذا جاء رأس الشهر لزمه إن لم یقصد الشرط بل الأجل و کذا لو قال إذا جاء رأس الشهر فله علی ألف (2)
______________________________
کاحتمال القرض و الجنایة و الأصل عدم علمه بهذا الاستلزام الدقیق کما أن الظاهر هو ذلک مع شیوع ذلک الاحتمال فی مقام الخصام و الجدال مع جریان الأصل الأصیل و هو أصل البراءة و عدم ثبوت ذلک إلا بدلیل کالإقرار الصحیح و یؤیده اشتراطهم عدم التعلیق و لا شک أن هذا تعلیق و الأصل عدم کونه لغوا بل یکفینا الشک فی ذلک لمکان الأصل و لا (تغفل) عما حکینا عن فخر الإسلام و ما حکاه عن والده فإنه موافق للاعتبار
(قوله) (و لو قال إن شهد لک صدقته أو لزمنی أو أدیته لم یکن مقرا)
قد صرح بذلک فیما إذا قال صدقته کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و وجهوه بأن الکاذب قد یصدق و الشهادة مبنیة علی الظاهر و لا یلزم من تصدیقه إیاه صدقه و (قد وافقه) علی الثانی صاحب (جامع المقاصد) و وجهه بأن الحق لا یلزم بشهادة الواحد فیکون الحکم باللزوم معلوم البطلان و فرق بینه و بین قوله إن شهد فهو صادق بأن حکمه بصدقه إخبار عن الواقع و ما فی نفس الأمر لأن الکذب و الصدق بحسب نفس الأمر بخلاف لزمنی فإن اللزوم قد یراد به اللزوم ظاهرا بل هو الأکثر فی الاستعمال و (وجه الثالث) ظاهر لأنه محض وعد و زید فی بعضها فهو عدل
(قوله) (و لو قال له علی ألف إذا جاء رأس الشهر لزمه إن لم یقصد الشرط بل الأجل و کذا إذا قال إذا جاء رأس الشهر فله علی ألف)
کما صرح بهذا التفصیل و الفرق بین قصد الشرط و الأجل و بعدم الفرق بین الصیغتین فی (المبسوط) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده و (صیغ العقود) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) لأن کلا من الصیغتین محتملة لإرادة التأجیل و التعلیق لصلاحیة اللفظ لهما فوجب الرجوع إلی قصد القائل فإن قال أردت الأول صار بمنزلة قوله له فی ذمتی ألف مؤجلة إلی شهر و إن قال أردت الثانی فوجه البطلان ظاهر لمکان التعلیق فیقبل قوله فیه مطلقا أو مع الیقین إذا ادعی المقر له خلاف ما ادعی قصده و (أطلق) فی (الشرائع) و (التبصرة) اللزوم من دون تعرض للفرق بین الإرادتین فیکون حاملا له علی المعنی الأول لمکان ظهوره فیه بزعمه أو لوجوب حمل الکلام علی الوجه الصحیح ما أمکن حمله علیه و (فیه) أن البطلان حکم شرعی فکما أن حمله علی التأجیل یفید حکما شرعیا و معنی صحیحا کذلک حمله علی التعلیق یفید ذلک علی أنه لیس عقدا و لا إیقاعا و الأصل براءة ذمته من ذلک و نمنع الظهور لمکان الاشتراک و (حکی) فی (الشرائع) عن بعضهم التفصیل فقال إن قدم الشرط کان قال إذا (جاء) رأس الشهر فله علی کذا کان إقرارا معلقا و إن أخره کان إقرارا بمؤجل لأنه إذا بدأ بالشرط لم یکن مقرا بالحق بخلاف ما إذا أخره فإنه یکون قد أقر بالألف أولا فإذا قال فإذا جاء رأس الشهر احتمل أن یرید به محل وجوب التسلیم و أن یرید التعلیق فیحمل علی الأول حذرا من تعقب الإقرار بالمنافی لأن الثانی مناف و (فیه) أن أهل اللغة و العرف لا یفرقون و یقولون إن الشرط و إن تأخر لفظا فهو متقدم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 217
..........
______________________________
حکما و معنی و (هذا) القول خیرة (التحریر) و هو المشهور من أقوال (الشافعیة) و قد حکاه فی (المبسوط) ثم قال و الصحیح أنه لا فرق و کلامه هذا یحتمل أنه لا فرق بینها فی اللزوم (کما) هو خیرة (الشرائع) کما عرفت و یحتمل أن لا فرق فی عدم اللزوم کما هو خیرة (جامع الشرائع) و (الدروس) و (قد سمعت) ما فی (المبسوط) آنفا و (کیف کان) فلم نجده لأحد منا قبل المصنف فی (التحریر) فلعل نظره فی (الشرائع) فیما حکاه إلی ما فی (المبسوط) (لکن) عادته فی (المبسوط) نقل أقوال (العامة) و قد عرفت أنه المشهور من أقوال (الشافعیة) و لا (کذلک) المحقق فی (الشرائع) و (أغرب) منه أنه حکی فی (المسالک) خیرة (الشرائع) من (جماعة) و لم نجده لأحد منا سوی (المصنف) فی (التبصرة) کما عرفت نعم هو أحد الاحتمالین فی کلام (المبسوط) کما عرفت و هذا (کله) إذا أطلق و لم یعلم منه إرادة أحد الأمرین و أما إذا صرح بإرادة التعلیق فلا شبهة فی البطلان کما أنه إذا علم منه قصد التأجیل صح الإقرار و (فی مجمع البرهان) أنه إذا تعذرت معرفة قصده بموت و نحوه فلا شی‌ء علیه أصلا للأصل و عدم صراحة لفظه فی الإقرار (إذا تحرر) هذا فإذا حملنا علی الصحة أو فسر بإرادة التأجیل قبل منه الإقرار بأصل المال و هل یقبل منه الإقرار بالأجل مع الاتصال فیه قولان القبول و (هو) المحکی عن (الشیخ) فی أحد قولیه و (القاضی) و خیرة (الشرائع) علی ما لعله یظهر منها و (قد حکاه) فی (الحواشی) عن (المحقق) علی البت و (التذکرة) و (التحریر) و (المختلف) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و (الکفایة) و (فی الدروس) أنه قوی و (فی المسالک) أنه مذهب الأکثر و (فی جامع المقاصد) أنه علیه الفتوی و (فی التحریر) و (التذکرة) و (الدروس) أنه لو استند الأجل إلی القرض لم یقبل إلا أن یدعی تأجیله فی عقد لازم و لو استند الأجل إلی تحمل العقل و الدیة فالقبول (و ظاهر المصنف) فی الکتاب کما یأتی إن شاء اللّٰه تعالی الإجماع علی هذین الحکمین و (قد استضعفه) فی (الدروس) و نظر فیه فی (جامع المقاصد) کما یأتی و (الحاکی) لذلک عن الشیخ (ابن إدریس) و (المصنف) فی (المختلف) و ولده فی (الإیضاح) قالوا جمیعا للشیخ قولان أحدهما أنه یثبت التأجیل و تبعهم الجماعة و لم یدلونا علی الکتاب الذی ذهب فیه إلی ذلک و (ستسمع) ما وجدناه فی المبسوط و (لعل) ابن إدریس أخذه من قوله فی (الخلاف) و (المبسوط) إنه لو قال له علی ألف من ثمن مبیع و سکت ثم قال لم أقبضه قبل منه لأن هذه المسائل عنده من سنخ واحد إن وصل الکلام کان القول قوله مع یمینه (لکن) الظاهر أنه ظفروا به له صریحا و (کیف کان) فعدم القبول و أنه یلزمه حالا (خیرة المبسوط) و (السرائر) و (جامع الشرائع) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده و (التبصرة) و لا (ترجیح) فی (التلخیص) و (الإیضاح) و (هو) المحکی عن (أبی علی) و (فی التذکرة) أن علیه أکثر علمائنا و (هو غریب) مع أنه لم یحکمه فی (المختلف) إلا عن (أبی علی) و (ابن إدریس) و (الشیخ) فی أحد قولیه و (قد سمعت) ما فی (المسالک) و لم نجده نحن إلا لمن ذکرنا بعد فضل التتبع و (قد استشکل) فیه (المصنف) فیما یأتی إن شاء اللّٰه و (قد أطال المتأخرون) فی الاحتجاج لکل من القولین و حاصله أن الأولین یقولون إن الأجل صفة کما إذا قال طبریة أو موصلیة و أن الآخرین یقولون إنه دعوی و الظاهر الأول (مضافا) إلی قاعدة الإقرار التی نبه علیها فی (التذکرة) مرارا و هو أنه مبنی علی القطع و الیقین و لا یخرج عنه بالظن و غیره و یسمع فیه الاحتمال و (قال) فیها أیضا إن الاحتمال و لو کان نادرا ینفی لزوم الإقرار عملا بالاستصحاب و لعله یقول إن ما ظاهره المخالفة لهذه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 218
و لو قال کان له علی ألف لزمه و لا تقبل دعواه فی السقوط (1) و لو قال لی علیک ألف فقال نعم أو أجل أو بلی (2)
______________________________
القاعدة فإنما هو لدلیل واضح (لکن) قد صرح فی (التذکرة) فیما إذا أقر لحمل أن لهم قاعدة أخری و هی أن الإقرار یحمل علی الحجة مهما أمکن و بذلک أفصحت عباراتهم فی المسألة المذکورة و غیرها فلیلحظ الجمع و یأتی بیان ذلک و قد روی (الشیخ) عن هشام بن سالم فی الصحیح عن أبی عبد اللّٰه (ع) قال کان أمیر المؤمنین (ع) لا یأخذ بأول الکلام دون آخره و فیه وحده بلاغ و (قد قال) فی (جامع المقاصد) فیما یأتی إنه مع الانفصال فلا بحث فی عدم القبول و (قد تحصل) أنه إذا قال له علی ألف إذا جاء رأس الشهر کان الخلاف فیه فی موضعین الأول فی أصل الصحة و الثانی علی تقدیر الصحة فی ثبوت الأجل و عدمه و أما إذا قال له ألف مؤجلة إلی شهر فلا إشکال فی لزوم أصل المال و إنما الإشکال و الخلاف فی قبول الأجل
(قوله) (و لو قال کان له علی ألف لزمه و لا تقبل دعواه فی السقوط)
کما فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) لأن کان لا تدل علی الزوال لغة قال اللّٰه سبحانه و تعالی کٰانَ اللّٰهُ عَلِیماً حَکِیماً و غیر ذلک من الاستعمالات الکثیرة فی القرآن و غیره فلو صرح بعده بدعوی سقوطه لم تسمع لأنه إقرار بالمنافی لأصالة البقاء (بل) ادعی فی (مجمع البرهان) أنه ظاهر لا یحتاج إلی بیان و (لعل الظاهر) قبول دعوی السقوط عملا بقاعدة الإقرار و قد أسمعناکها آنفا (بل قال) أیضا فی (التذکرة) قاعدة الإقرار الأخذ بالقطع و البت و الحکم بالمتیقن و أصل براءة الذمة و إن هذه الکلمة تدل عرفا علی الزوال و المضی المنقطع نحو قوله تعالی وَ کٰانَ فِی الْمَدِینَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ و هو أکثر من أن یحصی و تکون بمعنی الاستقبال کقوله یخافون یوما کان شره مستطیرا أو بمعنی الحال و إن کان ذو عسرة (سلمنا) أنها لا تدل علی الزوال لکن العرف فی کلام أهل العرف لا کلام لأحد فی وجوب حمل کلامهم علیه و إن خالف اللغة فکیف إذا کان عرفهم أحد معانیه لغة و (مما یدل) علی ذلک أیضا أنه لو ادعی و قال کان لی علیه ألف لم تسمع دعواه و کذا لو شهدت بذلک البینة لم تثبت و أنه لو عاد و ادعی الإبراء و القضاء سمعت قولا واحدا من أهل القول الأول و لو کان إقرارا صرفا لم تسمع و أنه لم یذکر أن علیه شیئا فی الحال و إنما أخبر بذلک فی زمان ماض فلا تثبت فی الحال (و هو) خیرة (جامع الشرائع) و (الشافعی) فی أحد قولیه (و القول) الأول خیرة (أبی حنیفة) و (الشافعی) فی القول الآخر (و یأتی) له فی أواخر الکتاب التعرض لهذا المثال و (للمبسوط) هناک کلام لا بد من مراجعته
(قوله) (و لو قال لی علیک ألف فقال نعم أو أجل أو بلی)
أی فهو إقرار و لا أجد فی ذلک خلافا و لا إشکالا و به صرح فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (مجمع البرهان) و (کذا النافع) و (غیره) لأن قوله لی علیک ألف إن کان خبرا فنعم بعده حرف تصدیق و إن کان استفهاما محذوف الأداة فهی بعده للإثبات و الإعلام لأن إثبات الاستفهام عن الماضی بنعم و نفیه بلا و أجل مثل نعم و (أما بلی) فلأن الاستعمال العرفی جوز وقوعها فی جواب الخبر المثبت کنعم و إن کانت لإبطال النفی فلا یجاب بها الإثبات لأن الإقرار جار علی العرف لا علی دقائق اللغة و إن قدر کون القول السابق استفهاما فقد وقع استعمالها فی جوابه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 219
أو صدقت أو بررت أو قلت حقا أو صدقا (1) أو أنا مقر به (2) أو بدعواک أو بما ادعیت
______________________________
لغة قلیلا و (قد روی) أن النبی (ص) قال لأصحابه أ ترضون أن تکونوا ربع أهل الجنة قالوا بلی و استعمالها فی العرف کذلک کثیر
(قوله) (أو صدقت أو بررت أو قلت حقا أو صدقا)
أی فهو إقرار و قد صرح بالثلاثة فی (الکفایة) و (غیرها) و صرح بالأول فی (التذکرة) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و بالثانی (الأخیرین) و أما قلت حقا أو صدقا فهما بمعناهما و لا بد فی کون الأربع إقرارا من کون قوله لی علیک ألف خبرا و لو قال واحدة من الأربع أو الأربع مع تحریک الرأس الدال علی التهکم و الاستهزاء أو شدة التعجب و الإنکار لم یکن بإقرار
(قوله) (أو أنا مقر به)
أی فهو إقرار کما فی (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) فی أول کلامه و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و (الکفایة) و (فی التذکرة) أیضا (و صیغ العقود) و (الدروس) و (المسالک) أنه لا یکون إقرارا حتی یقول أنا مقر به لک و (استشکل) فی کونه إقرارا فی (الإیضاح) و (التنقیح) و کذا (مجمع البرهان) و (قد ذکر) فی (المبسوط) و مثله بما إذا قال أنا مقر بما تدعیه و لم یذکر سواء (و تبعه) علی ذلک (صاحب الجامع) (حجة الأولین المطلقین) أنه ظاهر فی المراد و متبادر فی العرف (حجة المقیدین) أنه و إن کان ظاهرا فی الإقرار به إلا أنه غیر ظاهر فی الإقرار به للمخاطب لجواز أن یرید به الإقرار به لغیره فلا یزول هذا الاحتمال إلا بقوله لک (و أجاب) فی (جامع المقاصد) بأن المتبادر عود الضمیر فی قوله به إلی ما ذکره المقر له و فیه أنه إنما یعود إلی ألف فی المثال لا إلی نفس الدعوی و الإقرار بالألف یحتمل أن یکون للمدعی و لغیره (إلا أن تقول) یدفع هذا الاحتمال الشارع بصون کلام العقلاء عن السفه و الهذر و لهذا قبل الإنکار بعد الاعتراف فی الاستثناء فإن من ادعی علیه بمال فقال أنا مقر بأن الزکاة واجبة فی الأموال عد من سفهاء الناس فالمتبادر منه کونه إقرارا بالفعل عرفا (ثم اعترضه) فی (جامع المقاصد) بأنه و إن قال لک فإنه لا یکون إقرارا لأن مقرا اسم فاعل یحتمل الاستقبال فیکون وعدا کقوله أنا أقر لک (و فیه) أنه لا باعث علی المجاز الصرف مع مخالفته الأصولیین و العرف إذ قد منعوا من صدق المشتق مع عدم قیام المبدأ به و (قد قیل) کما یأتی إن قوله أنا أقر به إقرار لمکان الخصومة و توجه الطلب (إلا أن تقول) إنه و إن کان مجازا إلا أنه قد استعمل فی القرآن المجید و کلام العرب و أهل العرف کثیرا جدا و ما کان علی هذا الحال لا یحکم علیه بکونه أقرب و نحوه و إنما شأنه التوقف و الإشکال (و منه) یعرف وجه ما فی (الإیضاح) و (التنقیح) و (مجمع البرهان) من الإشکال (و بعد) هذا کله فلقائل أن یقول فی کونه مقرا نظر نظرا إلی الأصل و قاعدة الإقرار (إلا أن) یدعی جزم أهل العرف بذلک و الظاهر أنه کذلک و إلا لکان هذرا و سفها و (حینئذ) فلا حاجة إلی قوله لک لمکان الطلب و توجه الخطاب و (مثله) بل أوضح منه قوله أنا مقر بدعواک أو بما ادعیت و لذلک ترکهما جماعة و قد ذکرا فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و ذکر الأول فی (الدروس) و قد سمعت ما فی (المبسوط) و (یأتی) (إن شاء اللّٰه) للشیخ فی (المبسوط) و للمصنف فی (الکتاب) و (التبصرة) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و ولده فی (الإیضاح) و لابن سعید فی (الجامع) و المحقق فی (الشرائع) و (النافع) و (الشهیدین فی (الدروس) و (اللمعة) و (المسالک) و (الروضة) و المقدس الأردبیلی فی (مجمع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 220
أو لست منکرا له (1) أو رددتها أو قبضتها أو قضیتکها أو أبرأتنی منها فهو إقرار (2) و لو قال أ لیس لی علیک کذا فقال بلی کان إقرارا (3) و لو قال نعم یکن إقرارا علی رأی (4)
______________________________
البرهان) و الخراسانی فی (الکفایة) و کذا صاحب (التنقیح) أنه لو قال أنا مقر من دون قوله به لم یکن إقرارا
(قوله) (أو لست منکرا له)
کما فی (جامع الشرائع) و (التذکرة) و (الإرشاد) و قال فی (التحریر) هو إقرار علی إشکال لاحتمال السکوت المتوسط بین الإقرار و الإنکار و (نحوه) ما فی (الدروس) و (الروضة) حیث احتمل فیها عدم الإقرار فیه لأن عدم الإنکار أعمّ من الإقرار و (کذلک) (مجمع البرهان) و (رده) فی (جامع المقاصد) بأن المفهوم عرفا من عدم الإنکار الإقرار و (قد یقال) إنه لو کان کذلک لما صح له أن یقول لست منکرا و لا مقرا به مع أنه یصح له ذلک قطعا لغة و عرفا إلا أن تقول إن حکمه ذلک حالة الانفراد لا حین الاجتماع فتأمّل و (قد سمعت) ما فی (التحریر) و (الدروس) و (مجمع البرهان) مضافا إلی الأصل و قاعدة الإقرار و (قد عبر) عن ذلک فی (جامع الشرائع) بما إذا قال لا أنکر ما یدعیه (و به) صرح فی (التذکرة) أیضا قال و لا کذلک لو قال لا أنکر أن یکون محقا لجواز أن یرید فی شی‌ء آخر هذا (و یأتی) فی (الکتاب) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) أنه لو قال لست منکرا من دون قوله له لم یکن إقرارا
(قوله) (أو رددتها أو قضیتها أو أبرأتنی فهو إقرار)
الوجه فی الثلاث واضح لأن الرد و القضاء و الإبراء فرع الثبوت و الاستحقاق و لازمهما فادعاؤها یستلزم ثبوت الملزوم و الأصل عدمه و (بالثلاثة) صرح فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (بالأولین) صرح فی (الشرائع) و (الإرشاد) و (الدروس) و (یأتی) فی (الکتاب) أنه لو قال کان له علی دین ألف و قضیته أو قضیت منه خمس لم یقبل قوله فی القضاء إلا ببینة و (نحوه) ما فی (السرائر) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (غیرها) لأنه مدع للمسقط بعد الثبوت بالإقرار فلم یکن بد من البینة (ذکر ذلک) فی (الکتاب) فی الرابع من المطلب الثانی و (قد سمعت) ما مر عند قوله کان له علی ألف و (فی الکفایة) أنه لو قال أجلتنی بها أو أقبضتکها فقد أقر و انقلب مدعیان علی ما قطع الأصحاب به و ظاهر (التذکرة) أنه موضع وفاق
(قوله) (و لو قال أ لیس لی علیک کذا فقال بلی کان إقرارا)
بلا خلاف و لا إشکال لأنها موضوعة لغة لنفی النفی لأن أصلها بل زیدت علیها الألف فقوله بلی رد لقوله لیس علیک کذا فإنه الذی دخل علیه حرف الاستفهام و نفی له و نفی النفی إثبات فیکون إقرارا و لا فرق فی کونها لإبطال النفی بین کونه مجردا کقوله تعالی (زَعَمَ الَّذِینَ کَفَرُوا أَنْ لَنْ یُبْعَثُوا قُلْ بَلیٰ وَ رَبِّی) أم مقرونا بالاستفهام الحقیقی کالمثال التقریری نحو (أَ لَمْ یَأْتِکُمْ نَذِیرٌ قٰالُوا بَلیٰ) (أَ لَسْتُ بِرَبِّکُمْ قٰالُوا بَلیٰ
(قوله) (و لو قال نعم یکن إقرارا علی رأی)
هو قول الشیخ و أکثر الأصحاب (کما) فی (الإیضاح) و (المهذب البارع) و (المقتصر) و (جامع المقاصد) و (هو الذی) یقوله (الفقهاء) کما فی (المبسوط) و (فقه الراوندی) و هو خیرتهما علی الظاهر منهما و (جامع الشرائع) و (التبصرة) و (الإیضاح) و (شرح الإرشاد) لولده و (المقتصر) (قال) فی (المبسوط) فی الاستدلال علی شرعیة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 221
..........
______________________________
الإقرار و (أیضا) یدل علیه قوله أ لست بربکم قالوا بلی لا یجوز أن یکون الجواب فی مثل هذا إلا بلی فلو قالوا نعم لکان إنکارا و یکون تقدیره لست بربنا و لهذا یقول الفقهاء إذا قال رجل لآخر أ لیس لی علیک ألف درهم فقال بلی کان إقرارا و إن قال نعم لم یکن إقرارا و کان معناه لیس لک علی شی‌ء و (مثله) ما فی (فقه الراوندی) و لیسا صریحین (و لذلک) قال فی (غایة المراد) إنه ظاهر (المبسوط) (فلم یکن) مفت مصرح قبل فخر الإسلام فضلا عن أبی العباس و الکرکی إلا یحیی بن سعید و والده فی (التبصرة) فکیف ینسب إلی الأکثر و (یرشد) إلی صحة تتبعنا أن (الشهید) فی (غایة المراد) لم ینسبه إلا إلی ظاهر (المبسوط) و لم یذکر معه غیره و هو أعرف أصحابنا (بأصحابنا خ) و (لعل) الوجه فی نسبته إلی الفقهاء و إلی الأکثر إطباق العلماء و المفسرین علی أن المخاطبین بقوله سبحانه و تعالی أَ لَسْتُ بِرَبِّکُمْ لو قالوا نعم لکفروا (کما) نبه علیه فی (غایة المراد) فاستنبطوا ما هنا من هناک و (مما اختیر) فیه أنه إقرار (کشف الرموز) علی الظاهر و (التحریر) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (صیغ العقود) و (الروضة) و (کأنه) قال به أو مال إلیه فی (التذکرة) و فی (المسالک) أنه قوی و أنه خیرة أکثر المتأخرین (و مما) لا ترجیح فیه مع التصریح بالتردد (الشرائع) و (النافع) فی عدم الإقرار قال لم یکن إقرارا و فیه تردد و بالإشکال (الإرشاد) فی الإقرار و مع الخلو عن ذلک (المهذب البارع) و (الکفایة) و (فصل) فی (التنقیح) بین کون المقر عارفا باللغة فالأول و إلا فالثانی (حجة القول الأول) أن نعم حرف تصدیق فإذا وقعت فی جواب الاستفهام کانت تصدیقا لما دخل علیه الاستفهام فیکون تصدیقا للنفی و ذلک مناف للإقرار (و قد احتج للقول الثانی) فی (التذکرة) و (الدروس) و (غایة المراد) و (الإیضاح) و (المهذب البارع) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) بأن کل واحدة من نعم و بلی یقوم مقام الآخر فی العرف (و معناه) کما صرح به بعضهم أن نعم تستعمل فی العرف کبلی (و زاد) بعضهم أنها تقوم مقامها لغة و استندوا إلی أن جماعة من أهل اللغة أثبتوا استعمالها کذلک لغة و قد أطالوا فی بیان ذلک کما ستسمع (و أوجزها) عبارة (الدروس) قال و فی نعم وجهان أقربهما المساواة لثبوتها عرفا و ورودها لغة انتهی و (هو) استدلال ضعیف کما أنه فی غایة الغرابة لأنه هذا الاستعمال إن کان مجازا فلا یجدی فائدة و إن کان حقیقة کما هو الظاهر هو منهم لا یثبت به الإقرار أیضا لأنها حینئذ تکون نعم مشترکة لا تحمل علی أحد معنییها إلا بقرینة معینة أو بدعوی أن هذه الحقیقة غالبة علی الحقیقة اللغویة حتی صارت مهجورة فی جنبها و (لعل) هذا مرادهم و إن کانت عباراتهم لا تساعدهم علی ذلک و (نعم) ما قال (کاشف الرموز إن) اللفظ إذا دار بین الحقیقة اللغویة و العرفیة یرجح العرف إذ هذا منه ینبئ عن دعوی أن استعمالها بمعنی بلی حقیقة عرفیة غالبة و (هو کذلک) إذ العامی القح الذی لم یسمع کلام أهل اللغة و لا اختلاف الفقهاء لا یفهم من قوله نعم بعد قوله أ لیس لی علیک ألف إلا الإقرار و إن أهل السوق ینکرون علی من یقول إنه لیس بإقرار و (هذا أمر) واضح لا یحتاج إلی بیان و لا یقابل بإنکار إذ نجد من أنفسنا لأنسنا بالعرف تبادر الإقرار عندنا بعد سماعنا ذلک کله إذا حصل لنا ذهول من کلام الفقهاء و علی هذا یتضح الوجه فی کلام (التنقیح) و فی (الریاض) أنه ضعیف غایة الضعف لعدم وضوح وجه له و لا حجة انتهی (ثم اعلم) أنه فی (جامع المقاصد) حکی عن الأکثر أن نعم فی جواب أ لیس لی علیک کذا لیس بإقرار و نقل ما نقل عن ابن عباس من أنهم لو قالوا نعم لکفروا و أن قوما قالوا إنه یکون إقرارا و حکی عن (التذکرة) أن کل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 222
و الإقرار بالإقرار إقرار (1) و لو قال لی علیک ألف فقال أنا مقر و لم یقل به علی الأقوی (2)
______________________________
واحدة تقوم مقام الأخری عرفا و أنه قال فی المغنی أن السهیلی و جماعة نازعوا فی المحکی عن ابن عباس متمسکین بأن الاستفهام للتقریر خبر موجب و أنه لذلک امتنع سیبویه من جعل أم متصلة فی قوله أ فلا تبصرون أم أنا خیر لأنها لا تقع بعد الإیجاب و إذا ثبت أنه إیجاب فنعم بعد الإیجاب تصدیق له و استشکله بأن بلی لا یجاب بها الإیجاب اتفاقا و فی بحث نعم حکی عن سیبویه وقوع نعم فی جواب أ لست ثم قال إن جماعة من المتقدمین و المتأخرین قالوا إذا کان قبل النفی استفهام تقریری فالأکثر أن یجاب بما یجاب به النفی رعیا للفظه و یجوز عند أمن اللبس أن یجاب بما یجاب به الإیجاب رعیا لمعناه إلی أن قال فحیث ظهر أن بلی و نعم یتواردان فی جواب أ لیس مع أمن اللبس و اقتضی العرف إقامة کل منهما مقام الآخر فقد تطابق العرف و اللغة علی أن نعم فی مثل هذا اللفظ إقرار کبلی لانتفاء اللبس و هو (الأصح) و (اختاره) شیخنا فی (الدروس) و (مما قررناه) علم أن جعل نعم هنا إقرارا أولی من جعل بلی إقرارا فی قوله لی علیک ألف للانفاق علی أنه لا یجاب به الإیجاب انتهی و قد (حکی) ذلک کله عنه فی (مجمع البرهان) (ثم قال) لی فیه تأمّل من (وجوه الأول) أنه ما فهم تطابق العرف و اللغة و إنما جوز ذلک بعض أهل اللغة و کلامه صریح فی ذلک و (الثانی) أن البعض جوزه فی غیر محل اللبس و اللبس هنا موجود فإنها قد تکون تصدیقا للسلب الذی هو صریح لفظه کما بینه هو (الثالث) علی تقدیر التسلیم فکونه إقرارا محل التأمّل للأصل و قاعدة الإقرار إذ یکفی احتمال کونه جوابا للفظ لا المعنی (الرابع) أن الفرق بین بلی فی جواب لی علیک کذا و نعم فی جواب لیس واضح لأن بلی لا یجاب بها الإیجاب اتفاقا و (مرادهم) المنع لغة لا عرفا لما تقدم من جواز إقامة کل مقام الآخر عرفا فلو لم یحمل علی الإقرار حینئذ لخالف العرف مع عدم احتمال آخر فیصیر لغوا و ترکا للعرف بخلاف نعم فی جواب أ لیس لما عرفت من أنه یحتمل إرادة المعنی اللغوی علی تقدیر تجویز العرفی فیه أیضا و أما مع عدم التجویز کما هو المشهور فظاهر انتهی
(قوله) (و الإقرار بالإقرار إقرار)
کما فی (التحریر) و (جامع) و قد یلوح ذلک من (التذکرة) و (الدروس) لأن الإقرار حق أو فی معنی الحق لثبوت الحق به فیصدق علیه تعریف الإقرار و یندرج فی عموم قولهم (ع) إقرار العقلاء
(قوله) (و لو قال لی علیک ألف فقال أنا مقر و لم یقل به علی الأقوی)
إن لم یکن إقرارا قد حکینا ذلک فیما سلف آنفا عن خمسة عشر کتابا أو أکثر و عللوه بأنه یحتمل المدعی و غیره لأن المقر به غیر مذکور فی اللفظ فجاز تقدیره بدعواک أو ببطلانها و بالشهادتین فیجب التمسک بأصل براءة الذمة حتی یقوم دلیل علی اشتغالها و (غیر الأقوی) احتمال عده إقرارا لأن صدوره عقیب الدعوی یقتضی صرفه إلیها کما فی قوله تعالی أَقْرَرْتُمْ وَ أَخَذْتُمْ عَلیٰ ذٰلِکُمْ إِصْرِی قٰالُوا أَقْرَرْنٰا و قوله تعالی فَاشْهَدُوا إما أمر للملائکة بالشهادة علی الإقرار أو لبعضهم بالشهادة علی بعض و هو یدل علی أن ذلک کاف فی الإقرار مع عدم قولهم به و لأنه لولاه لکان هذرا و أجیب بأنه إن أرید بصرفه إلیها دلالته علی الإقرار بمقتضاها فهو ممنوع لاحتمال الإقرار بشی‌ء آخر (قلت) هذا الشق کما تری ضعیف جدا (قال) و إن أرید بصرفه إلیها کونه جوابا فلا دلالة فیه و أما الآیة فلا دلالة فیها لانتفاء احتمال الاستهزاء و دعوی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 223
أو زنه أو خذه أو انتقده أو زن أو خذ لم یکن إقرارا (1) و لو قال أنا أقر به احتمل الوعد (2) و لو قال اشتر منی هذا العبد أو استوهبه منی فقال نعم فهو إقرار (3)
______________________________
الهذریة و السفه مردود بأن الاستهزاء من الأمور المقصودة لغة و عرفا (قلت) علی تقدیر تسلیم هذه القضیة فی مثل هذا المثال ما ذا یقول فی دفع الهذریة فیمن ادعی علیه بدینار فأقر بأن زیدا فی الدار فإنه یحکم بأنه سفیه هذار بله ذلک کله لکن أهل العرف لا یرتابون فی أنه إقرار و لو لا ما یظهر من تحقق الإجماع و عدم القائل به من الخاصة و العامة إذ أقصی ما فی الإیضاح الإشکال و أقصی ما هناک أنه أحد وجهی الشافعیة و لیس قولا لهم لکان القول به فی غایة القوة
(قوله) (أو زنه أو خذه أو انتقده أو زن أو خذ لم یکن إقرارا)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و کذا (النافع) و (الکفایة) و به صرح فی زنه أو انتقده فی (اللمعة) و (الصیغ) و (الروضة) و صرح فی (الإرشاد) فی زنه و خذه (و الوجه) فی ذلک کله انتفاء الدلالة و إمکان خروج ذلک مخرج الاستهزاء کافتح کیسک و شد همیانک و نحو ذلک
(قوله) (و لو قال أنا أقر به احتمل الوعد)
أی فلم یکن إقرارا لجواز إرادة الوعد کما فی التذکرة و کما جزم به فی (جامع الشرائع) و فی (التحریر) الوجه أنه وعد لا إقرار و وجهه أن الفعل المضارع مشترک بین الحال و الاستقبال و الإقرار بالنسبة إلی المستقبل وعد و یحتمل أن یکون معنی العبارة احتمل کونه وعدا و احتمل کونه استقبالا فتکون المسألة ذات وجهین کما فهمه منها فی (الإیضاح) و کما حکی ذلک فی (التذکرة) عن (الشافعیة) و (قد) نبه علیه الشهید فی (الدروس) بقوله علی الأقوی و صرح به فی الحواشی حیث (حکی ظ) فیها قولان (لکنا) لم نجد القول الآخر و إنما استشکل فی (الإیضاح) و قد عرفت أن للشافعیة فیها وجهین لا قولین نعم یلزم (الجوینی خ) حیث قال إن الوعد بالإقرار إقرار
(قوله) (و لو قال اشتر منی هذا العبد أو استوهبه منی فقال نعم فهو إقرار)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (صیغ العقود) و (المسالک) و (الکفایة) لأن وعده له بالشراء منه یقتضی کونه ملکا له لأن البیع الصحیح لا یصدر من غیر مالک و مثله الاستیهاب و (فرضت) المسألة فی (الشرائع) و (الإرشاد) و (المسالک) أیضا و (مجمع البرهان) بما لو قال اشتریت منی و استوهبت منی فقال نعم قالوا فإنه یکون إقرارا لأن معناه اشتریت منک و استوهبت منک و لا شک فی أنه فی الفرضین أقر بأنه ما کان ملکا له و أن للمخاطب یدا علیه متصرفة شرعیة و (هل هو) مع ذلک إقرار بالملکیة للمخاطب أم لا قولان و (إشکال) (فالإشکال) فی (التذکرة) و (الدروس) (و القول) بأنه إقرار بالملکیة خیرة (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الریاض) و کذا (مجمع البرهان) بل هو ظاهر (الکتاب) و غیره لأن الأصل عدم التوکیل و لأن الأصل فی ثبوت سلطان التصرف أن لا یکون بالنیابة عن الغیر لأن الظاهر المتبادر الغالب فی البائع و الواهب کونه هو المالک دون الوکیل و هو معنی الأصل بمعنی الراجح کقولهم الأصل فی الاستعمال الحقیقة و القول بالعدم خیرة (الکفایة) و (نهایة المرام) فی مثله کما یأتی لاحتمال أن یکون وکیلا فی ذلک (قلت) لا ریب فی وجوب تسلیمه له و أنه لو ادعی ملکیته قبلت دعواه لأنه متصرف من غیر منازع فلو قلنا بأن الید لا تفید الملکیة فلا ریب فی أنها تفیدها مع الدعوی و (مما ذکرناه) فی توجیه القول الأول یظهر لک أنه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 224
و کذا لو قال بعنی أو ملکنی أو هبنی (1) و لو قال ملکت هذه الدار من فلان أو غصبتها منه فهو إقرار بخلاف تملکتها علی یده (2) و لو قال بعتک أباک فحلف عتق و لا ثمن (3) و لو قال لک علی ألف فی علمی أو فیما أعلم أو فی علم اللّٰه لزمه (4) و لو قال لک علی ألف إن شاء اللّٰه فالأقرب عدم اللزوم (5)
______________________________
لا وجه لفرقه فی (التذکرة) بین أن یقول اشتر منی عبدی هذا فیقول نعم و بین أن یقول اشتر هذا العبد فیقول نعم بأن الأول إقرار بالملک علی الأصح مع احتمال عدمه و الثانی إقرار بأنه مالک للبیع و لیس إقرارا بأنه مالک للمبیع و أنت قد عرفت أن الأصل بمعنییه یرد هذا الفرق هذا و تظهر فائدة الإقرار علی تمثیل الشرائع و الإرشاد فیما إذا کان هناک خیار و فی المطالبة بالثمن و فی ظهور بطلان البیع و فیما إذا کانت الهبة مما یجوز الرجوع فیها إلی غیر ذلک
(قوله) (و کذا لو قال بعنی أو ملکنی أو هبنی)
کما فی (النافع) و (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (نهایة المرام) و فی الأخیر أنه لا ریب فی کونه إقرارا و فی الثالث أنه إقرار بطریق أولی (قلت) و یجی‌ء فیه القولان و الإشکال بل إنما ذکر الإشکال فی (التذکرة) فی خصوص هذا المثال
(قوله) (و لو قال ملکت هذه الدار من فلان أو غصبتها منه أو قبضتها منه فهو إقرار بخلاف تملکتها علی یده)
کما صرح بذلک فی (المبسوط) و (الشرائع) و (الإرشاد) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) غیر أنه لم یذکر فی بعضها قبضتها و فی بعضها لم یذکر غصبتها و (استشکل) فی (التذکرة) فیما لو قال ملکت هذا الدار من زید قال هو إقرار علی إشکال و (بکونه) إقرارا جزم فی (الدروس) و (نص) فی (المبسوط) و فی موضع آخر علی أن قوله غصبتها من زید إقرار و (الوجه) فی کون الثلث إقرارا بالید أو بالملک أن حصول الملک منه و الغصب و القبض یقتضی بکونه ذا ید أو کونها ملکا له إذ معناه کانت ملکه أو کانت فی یده کما هو الظاهر کما تقدم فالقول قول المقر له فیما یدعیه المقر بخلاف تملکتها علی یده فإنه لیس إقرارا له بملک و لا ید مستلزمة له لأنه إنما یقضی بجریان سبب الملک علی یده فهو أعمّ من أن یکون وکیلا أو دلالا أو سمسارا أو واسطة خیر فی الایتلاف و الاتفاق علی المعاملة لا غیر و به جزم فی (الدروس)
(قوله) (و لو قال بعتک أباک فحلف عتق و لا ثمن)
کما فی (الشرائع) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و معناه أن رجلا ادعی علی رجل أنه باعه أباه فأنکر فإذا حلف الولد علی عدم الشراء انتفی البیع و الثمن معا لکن الأب ینعتق لأنه بزعم المالک قد دخل فی ملک ابنه و صار حرا فینفذ إقراره لأن الید له و الملک منحصر فیه
(قوله) (و لو قال لک علی ألف فی علمی أو فیما أعلم أو فی علم اللّٰه لزمه)
کما فی (جامع المقاصد) قال لأن ما فی علمه لا یحتمل إلا الوجوب فإن المتبادر من العلم هو الیقین و علمه تعالی یستحیل کون الواقع بخلافه و قد أقر بأن الألف علیه فی سبحانه انتهی
(قوله) (و لو قال لک علی ألف إن شاء اللّٰه فالأقرب عدم اللزوم)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و هو قضیة إطلاق غیرها التعلیق فی غیرها و قال فی (الدروس) لیس إقرارا علی قول إلا أن یقصد التبرک فهو متأمّل فی ذلک و لعله لأنه إنکار بعد الإقرار
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 225
و لو قال أنا قاتل زید فهو إقرار لا مع النصب و الوجه التسویة فی عدم الإقرار (1)

[المطلب الثانی المقر و هو قسمان مطلق و محجور]

اشارة

الثانی المقر و هو قسمان مطلق و محجور

[فالمطلق]

فالمطلق ینفذ إقراره بکل ما یقدر علی إنشائه (2) و لا تشترط عدالته فیقبل إقرار الفاسق و الکافر (3)
______________________________
و (فیه) أن أصل البراءة یدفع الشغل بذلک لمکان التعلیق فلم یتحقق الإقرار لأن شرطه التنجیز و لأن مشیته سبحانه لا سبیل إلی العلم بها إلا أن یعلم ثبوت ذلک فی ذمته و تعریف الشی‌ء بما لا یعرف إلا به أو معه دور کذا قیل فلیتأمّل و مما صرح فیه باللزوم إذا قصد التبرک (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) بل فی الأخیر أنه لا بحث فیه و مثله إن قال بعتک أو زوجتک إن شاء اللّٰه تعالی و فی (التذکرة) أنه لو قال علی ألف إلا أن یشاء اللّٰه فإنه إقرار صحیح لأنه علق رفع الإقرار علی أمر لا یعلم فلا یرفع و فیه أنهم قالوا فی باب الإیمان إن الاستثناء بمشیة اللّٰه سبحانه و تعالی یقتضی عدم انعقاد الیمین فلیلحظ و لیتأمّل
(قوله) (و لو قال أنا قاتل زید فهو إقرار لا مع النصب و الوجه التسویة فی عدم الإقرار)
ما استوجهه من التسویة خیرة (جامع الشرائع) قال لو قال أنا قاتل زید غدا أو قاتل زیدا لم یکن إقرارا و فی (الإیضاح) أنه أصح و فی (جامع المقاصد) أنه أقرب و لا ترجیح فی (الحواشی) و الظاهر أن أهل العرف لا یفرقون و لا یتوقفون فی کونه إقرارا و به صرح فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) قالا إن أهل العرف یستعملونه فی الإقرار و وجه الفرق أن اسم الفاعل لا یعمل إلا إذا کان بمعنی الحال و الاستقبال فمع النصب یکون قد عمل فیتعین أن لا یکون بمعنی الماضی و لیس بمعنی الحال قطعا إذ لا قتل فی الحال فیتعین کونه للاستقبال و حینئذ فلا یکون إقرارا و أما مع الجر فإنه یکون قد ترک إعماله و ذلک یدل علی أنه بمعنی الماضی فیکون إقرارا و وجه التسویة بینهما فی عدم الإقرار أما مع النصب فلما عرفت و أما مع الجر فلاحتمال إضافته إلی زید لأن النحاة لم یمنعوا من إضافة اسم الفاعل إذا کان بمعنی الحال أو الاستقبال لکنهم قالوا إن إضافته غیر محضة فجاز أن یقول أنا قاتل زید غدا و یکون أثر العمل ثابتا له تقدیرا فإذا جاز ذلک کانت حالة الجر مساویة لحالة النصب فیما نحن فیه أی حیث لا یقول غدا لأن الإضافة لا توجب کونه بمعنی الماضی و متی احتمل اللفظ الأمرین انتفی کونه إقرارا فإن الأصل البراءة فلا یتهجم علی الدماء بالاحتمال بل لا بد من الاحتیاط التام
(قوله) (الثانی المقر و هو قسمان مطلق و محجور فالمطلق ینفذ إقراره بکل ما یقدر علی إنشائه)
هذا معنی قولهم کل من ملک شیئا ملک الإقرار به و هی قاعدة مسلمة لا کلام فیها و قد طفحت بها عباراتهم کما ستسمع و لا بد من تقییده بکونه مطلقا و لعلهم إنما ترکوه فیها لذکرهم لها فی قسم المطلق و لا تنقض بشی‌ء أصلا لقوله (ص) إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز و أما إقرار الوکیل بما یقدر علی إنشائه مما هو وکیل فیه فلیس بإقرار و إنما هو شهادة لأن الإقرار إخبار جازم بحق لازم للمخبر فلذلک قالوا إنه غیر نافذ علی موکله و لا نقض فیه للقاعدة
(قوله) (و لا تشترط عدالته فیقبل إقرار الفاسق و الکافر)
قال فی (المبسوط) المطلق یصح إقراره علی نفسه بالمال و الحد سواء کان عدلا أو فاسقا بلا خلاف فیه و عدم اشتراط العدالة صریح (الجامع) و (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (مجمع البرهان) و قضیة کلام غیرها حیث یذکرون شرائطه و لا یعدونها معها و فی (السرائر) الإجماع علی إطلاق یشمل الفاسق و فی (الکفایة) أنه المشهور لعموم الأدلة و فیه خلاف علی ما نقل انتهی و لعل الناقل أراد ما سنحکیه عن أبی الصلاح عند
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 226
و إقرار الأخرس مقبول مع فهم إشارته و یفتقر إلی مترجمین عدلین و کذا فی الأعجمی (1) و کل من ملک شیئا ملک الإقرار به (2)

[و المحجور علیه سبعة]

اشارة

و المحجور علیه سبعة

[الأول الصبی]

الأول الصبی و لا یقبل إقراره و إن أذن له الولی سواء کان مراهقا أو لا (3) و لو جوزنا وصیته بالمعروف جوزنا إقراره بها (4)
______________________________
قوله السادس المریض أو ما یأتی عن الشیخ و غیره و قال فی (الحواشی) تشترط العدالة فی المقر إلا فی المفلس و الموصی فی حال المرض خاصة و السفیه فلیلحظ و لیتأمّل فیه و یأتی شرح الحال فی ذلک و (کیف کان) فلعل المصنف و ابنی سعید قصدوا بقولهم لا تشترط العدالة البینة علی خلاف الشیخ و الراوندی و أبی المکارم حیث حکموا بالحجر علی غیر العدل قالوا و إیناس الرشد أن یکون مصلحا لما له عدلا فی دینه فمنعوه من التصرفات المالیة المقتضی لعدم قبول إقراره بها کما تقدم لکن قد سمعت کلامه هنا فی المبسوط فلیلحظ و لیتأمّل
(قوله) (و إقرار الأخرس مقبول مع فهم إشارته و یفتقر إلی مترجمین عدلین و کذا فی الأعجمی)
الإشارة فی حق الأخرس بمنزلة اللفظ فی حق غیره و علیها المدار فی مکالمته و معاملته و سائر عقوده و لا تأمّل لأحد فی ذلک و فی (جامع المقاصد) نفی الریب عنه و هو المشهور فی حلفه أیضا لکنهم یشترطون فهم الحاکم لها و جزمه بها و إلا افتقر إلی مترجمین عدلین کما هو المعروف من مذهب الأصحاب من دون خلاف أصلا لأن المخبر عنه خاص فیکون المترجم شاهدا کما تقدم بیانه فی أول الباب فلا یکفی الواحد و لا الرجل و الامرأتان لأنها شهادة علی غیر مال و إن لم یعتبروا فیها لفظ الشهادة و کذلک الحال فی المسمع للقاضی إذا کان به صمم و الأعجمی الذی لا یعرف الحاکم لسانه و تمام الکلام فی باب القضاء
(قوله) (و کل من ملک شیئا ملک الإقرار به)
قد تقدم الکلام آنفا فی هذه القاعدة فإنها مسلمة مطردة فمن جوز وصیة الصبی بالمعروف جوز إقراره بها لأنه لما ملک الوصیة ملک الإقرار بها
(قوله) (و المحجور علیه سبعة الأول الصبی لا یقبل إقراره و إن أذن له الولی سواء کان مراهقا أو لا)
و سواء کان ممیزا أم لا عند علمائنا کما فی (التذکرة) هنا و قد حکی فیها فی باب الحجر الإجماع علی أنه محجور علیه فی جمیع تصرفاته سواء کان ممیزا أم لا و قد صرح بعدم قبول إقراره و إن أذن له الولی فی (الشرائع) و (التحریر) و (الدروس) و فی (الروضة) و إن بلغ عشرا و فی (التحریر) أیضا و غیره و إن کان ممیزا و قد أطلق فی (المبسوط) و (الکافی) و (السرائر) و (الجامع) و (النافع) عدم قبول إقراره و قد یفهم (من الغنیة) هنا قبول إقراره و لعلهم أرادوا بقولهم و إن أذن له الولی الرد علی بعض العامة حیث ذهب إلی نفوذ إقراره بإذن الولی و قد تردد المصنف فی حجر الکتاب فی صحة بیعه بإذن الولی و استشکل فی صحة عقوده للاختیار و قد استوفینا الکلام هناک و قلنا إنه لا یصح بیعه و لا عقوده
(قوله) (و لو أجزنا وصیته فی المعروف جوزنا إقراره)
کما فی (الشرائع) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (نهایة المراد) و استندوا جمیعا إلی القاعدة التی نبهنا علیها آنفا و هو أن من ملک شیئا ملک الإقرار به و قد تکلمنا فی باب الوقف فی تصرفاته و استوفینا الکلام فی نقل کلام الأصحاب و الأخبار و مثله فی باب الوکالة و اخترنا أنه لا یصح تصرفه فی شی‌ء من معاملاته فی جمیع حالاته و قد أسبغنا الکلام فیه فی باب الوصیة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 227
و لو ادعی البلوغ بالاحتلام فی وقت إمکانه صدق من غیر یمین و إلا دار (1) و لو ادعاه بالسن طولب بالبینة (2)
______________________________
(قوله) (و لو ادعی أنه بلغ بالاحتلام فی وقت إمکانه صدق من غیر یمین و إلا دار)
کما فی (التحریر) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و (قضاء الکتاب) و (کشف اللثام) و (الإیضاح) و قد نبه علیه فی (السرائر) و (الشرائع) و (الإرشاد) و (التذکرة) و بیان الدور أن بلوغه حینئذ لا یثبت إلا بیمینه و من المعلوم أن یمینه لا تصح و لا تعتبر إلا بعد بلوغه و بعبارة أخری صحة یمینه مشروطة بکونه بالغا فیتوقف علی الحکم بالبلوغ فلو توقف الحکم بالبلوغ علیه لزم توقف کل منهما علی الآخر فتکون یمینه متوقفة علی بلوغه المتوقف علی بلوغه و دفعه فی (الدروس) و (الحواشی) بأن یمینه موقوفة علی إمکان بلوغه و الموقوف علی یمینه هو وقوع بلوغه (و ضعفه) فی (جامع المقاصد) حتی قال إن ضعفه ظاهر بأن إمکان بلوغ الصبی غیر کاف فی صحة أقواله و أفعاله التی منها یمینه و نحوه ما فی (المسالک) (و الروضة) و فیه أن الظاهر أن مراده أنا لا نسلم توقف الیمین علی البلوغ لأنه لا دلیل علیه إنما المسلم توقفه علی إمکانه کما بیناه فی باب القضاء و إلا فکیف یصدق قوله و قد نبه علیه فی (مجمع البرهان) و (کیف کان) فظاهرهم قبول دعواه و لو کانت فی مقام خصومة و الجاریة کالصبی إذا ادعته بالاحتلام و لو ادعت بالحیض ففی (التذکرة) أنه یقبل إن کان فی وقت الإمکان و استشکله فی (الدروس) بأن مرجعه إلی السن و فیه أنه لا فرق بین الاحتلام و الحیض إذ الاحتلام الممکن فی الأنثی بتسع سنین و کذلک الحیض فکما قبل قولها فی الاحتلام من غیر یمین فکذلک فی الحیض إذ الظاهر أن الحکم عام فی الاحتلام و الاحتلام الممکن فی الذکر بعشر ثم إن احتلامها و حیضها قد یعرفان بالعلامات قبل العلم بالسن مع الإحبال ثم یعلم السن و فی (التذکرة) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) أنه لو ادعاه بالإنبات اعتبر لأن محله لیس عورة و لو فرض أنه عورة فهو موضع حاجة کرؤیة الطبیب و شهود الزنا و ستسمع ما فی (التذکرة) من أن هذه الدعوی لیست إقرارا
(قوله) (و لو ادعاه بالسن طولب بالبینة)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) لإمکان إقامتها هنا و قضیة إطلاقهم أنه لا فرق فی ذلک بین الغریب و الخامل خلافا (للتذکرة) فألحقهما فیها بمدعی الاحتلام لعجزه من البینة و فیه أن ما تعتبر فیه البینة لا یتغیر حکمه بعجز المدعی عنها إلا أن تقول إنه یقول علة القبول فی الاحتلام جاریة هنا و هی إمکانه و ظهور الصدق فی المسلم و عدم إمکان الإشهاد فرجع بالأخرة إلی أنه لا یعرف إلا من قبله بل إطلاق عبارة (الشرائع) یقضی بأنه لو ادعاه بالسن فی وقت احتماله قبل سواء کان خاملا أو غریبا أو غیرهما و قال فی (التذکرة) الوجه أن دعوی الصبی البلوغ بالاحتلام لیس إقرارا لأن الإقرار إخبار عن ثبوت حق علیه للغیر و نفس الدعوی بذلک لیس کذلک و لو کان إقرارا ما طولب مدعی البلوغ بالسن بالبینة و ما اختلفوا فی مدعیه بالاحتلام و المقر لا یکلف البینة و لا الیمین نعم لو قال أنا بالغ فقد اعترف بثبوت حقوق منوطة بالبلوغ فیکون متضمنا للإقرار لا أنه بنفسه إقرار و علی تقدیر کونه إقرارا لیس إقرار صبی لأنه إذا قال أنا بالغ یحکم ببلوغه سابقا علی قوله فلا یکون إقرار صبی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 228
و لو أقر المراهق ثم اختلف هو و المقر له فی البلوغ فالقول قوله من غیر یمین إلا أن تقوم بینة ببلوغه (1)

[الثانی المجنون]

الثانی المجنون و هو مسلوب القول مطلقا (2) و فی حکمه النائم و المغمی علیه و المبرسم و السکران و شارب المرقد و إن تعمد لغیر حاجة (3) و لو ادعی زوال العقل حال إقراره لم تقبل دعواه إلا بالبینة (4) و لو کان له حالة جنون فالأقرب سماع قوله (5)
______________________________
(قوله) (و لو أقر المراهق ثم اختلف هو و المقر له فی البلوغ فالقول قوله من غیر یمین إلا أن تقوم بینة ببلوغه)
أما أن القول قوله من غیر یمین فقد صرح به فی (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) لأن الأصل عدم البلوغ و شرط صحة الیمین کونه بالغا و لأنه لو حلف لکان الثابت بالیمین انتفاء صحتهما و هذا إذا کان الاختلاف قبل العلم ببلوغه کما نبه علیه فی الکتب الثلاثة (ففی التحریر) إلا أن یختلفا بعد البلوغ فیحلف له أنه حین أقر لم یکن بالغا و فی (الدروس) لو کان التداعی بعد البلوغ ففی تقدیم قوله عملا بالأصل أو قول الآخر عملا بالظاهر من الصحة وجهان و نحوه ما فی (جامع المقاصد) و قد استوفینا الکلام فی المسألة فی باب البیع و باب الضمان و مثل إقراره بیعه و سائر عقوده و إیقاعاته
(قوله) (الثانی المجنون و هو مسلوب القول مطلقا)
هذا معنی قوله فی (التذکرة) هو مسلوب القول فی الإنشاء و الإقرار بغیر استثناء و قوله فی (الدروس) إقراره لغو و قضیة إطلاقهم أنه لا فرق بین کون جنونه مطبقا أو أدوارا و قد صرحوا فی الباب و غیره أن الذی یأخذه أدوارا إن أقر فی حال إفاقته نفذ لأنه عاقل و مرادهم أنه إذا وثق بالإفاقة کما صرح به بعضهم و هو ظاهر
(قوله) (و فی حکمه النائم و المغمی علیه و المبرسم و السکران و شارب المرقد و إن تعمد لغیر حاجة)
لا خلاف فی عدم قبول إقرار النائم و المغمی علیه و المبرسم کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و زاد فی الأخیر فی معقد نفی الخلاف الغافل و الساهی و زاد فی (الدروس) فی الحکم الغالط و الوجه فی الجمیع ظاهر لا تأمّل لأحد فیه و المبرسم اسم مفعول قال فی القاموس البرسام بالکسر علة یهذی فیها و أما السکران ففی (التذکرة) السکران الذی لا یحصل (لا یعقل ظ) أو لا یکون کامل العقل حال سکره لا یقبل إقراره عند علمائنا أجمع و قال أیضا لا فرق عندنا بین أن یسکر قاصدا أو غیره و لم یلتفت إلی خلاف أبی علی حیث قال إن سکره إن کان من شرب محرم اختار شربه ألزم بإقراره کما یلزم بقضاء الصلاة و فیه أن مؤاخذته بقضاء صلاته لا تقتضی الاعتداد بأقواله و أفعاله و ربما فرق بین السکران قاصدا و غیره و أما کون شارب المرقد کالسکران فقد صرح به هنا أیضا فی (جامع المقاصد) و الضمیر فی قوله و إن تعمد یعود إلی کل من السکران و الشارب لأنه لما لم یکن لهما عقل کامل و لا قصد صحیح لم یعتد بما وقع منهما و إن تعمداه لغیر حاجة
(قوله) (و لو ادعی زوال العقل حال إقراره لم تقبل دعواه إلا بالبینة)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و کذا (الروضة) لأنه یدعی فساد إقرار محکوم بصحته ظاهرا و الأصل عدم حدوث مانع من صحته کما أن الظاهر کذلک فقد تعاضد الأصل و الظاهر فالقول قول المقر له مع یمینه إذا لم تکن بینة لأنه مدعی علیه کما فی (جامع المقاصد) و (الروضة) لکن ظاهر (التذکرة) أو صریحها أن الیمین لا تتوجه علی المقر له لأنه قال لم یلتفت إلیه و قد تقدم لنا فی آخر باب البیع أنه إن ادعی علیه علمه بجنونه کان له إحلافه و إلا فلا و علی ذلک نزلنا کلامهم فی باب البیع و نقلنا هناک کلامهم هنا فکلام (التذکرة) مبنی علی أنه لم یدع علیه علمه
(قوله) (و لو کان له حالة جنون فالأقرب سماع قوله)
کما فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و قد استوفینا الکلام فی مثل المسألة فی آخر باب البیع عند قوله و لو قال بعتک و أنا صبی و فی باب الضمان و باب الرهن و قلنا فی باب البیع لیس مع من یدعی الأهلیة أصل یستند إلیه و لا ظاهر یرجع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 229
و لو شهد الشهود بإقراره لم یفتقر إلی أن یقولوا طوعا فی صحة من عقله (1)

[الثالث المکره]

الثالث المکره و لا ینفذ إقراره فیما أکره علی الإقرار به (2) و لو أقر بغیر ما أکره علیه صح (3) و لو أکره علی أداء مال فباع شیئا من ماله لیؤدیه صح البیع مع عدم حصر السبب (4)
______________________________
إلیه و قلنا إن أصل صحة العقود و الإیقاعات و الإخبارات أنما یتمسک به بعد استکمال أرکانها فلو اختلفا فی کون العقود علیه الحر أو العبد حلف منکر وقوع العقد علی العبد و نقلنا هناک کلامهم هنا و الحق تقدیم قول مدعی الصحة کما بیناه فی غیر باب البیع و قد اضطرب کلام المحقق الثانی فی المسألة و نحوها أکمل اضطراب فله فی کل باب مذهب
(قوله) (و لو شهد الشهود بإقراره لم یفتقر إلی أن یقولوا طوعا فی صحة من عقله)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) لأن الظاهر سلامة الحال و صحة الشهادة لأن إطلاق الإقرار أنما یحمل علی الإقرار الشرعی و لا یکون شرعیا إلا إذا صدر طوعا فی حال العقل
(قوله) (الثالث المکره لا ینفذ إقراره فیما أکره علی الإقرار به)
إجماعا کما فی (التذکرة) بمال و لا حد کما فی (التحریر) و غیره و من تعرض له أطلق أنه لا ینفذ إقراره (کصاحب الجامع) و غیره لکن قد قل التعرض له (المتعرض له خ) کما ستعرف
(قوله) (و لو أقر بغیر ما أکره علیه صح)
کما فی (التذکرة) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الکفایة) و (نهایة المرام) لأن المقر غیر مکره علیه و فی الخمسة المذکورة و (الروضة) أنه لو أکره علی أمر فأقر بأزید منه صح أیضا کما لو أکره علی الإقرار بمائة فأقر بمائتین لأن عدوله دلیل صدوره باختیاره و فیه تأمّل و أما لو عدل إلی الإقرار بالأقلّ کان مکرها و لا ینفذ کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) لأنه یرید دفع عدوان المکره و من المعلوم أنه لو أمکنه دفعه بالأقلّ لم یقر بما فوقه و الإکراه علی الإقرار بعدد یقتضی بشموله لما دونه هذا و لو أکره علی بیع أحد المالین من دون تعین فلعله مثل ما لو أکره علی طلاق إحدی زوجتیه لا بعینها فطلق معینة فإنهم قالوا إنه یقع بها الطلاق و تردد هنا فی (جامع المقاصد)
(قوله) (و لو أکره علی أداء مال فباع شیئا من ماله لیؤدیه صح البیع مع عدم حصر السبب)
کما صرح بذلک فی (التذکرة) مع ترک القید و معنی هذا القید أنه یصح البیع حیث لا یکون سبب الأداء منحصرا فی الواقع فی مال بعینه بأن لا یکون عنده ما یؤدی المال من ثمنه إلا شی‌ء واحد فإنه حینئذ یکون مکرها علی البیع کما نقله قطب الدین عن المصنف حکاه عنه الشهید فی حواشیه و نظر فیه فی (جامع المقاصد) بأن البیع المذکور مقصود إلیه واقع بالاختیار لیدفع به أذی المکره کما لو دعته ضرورة أخری إلی بیع مال لا یرید بیعه و إنما حمله علیه محض الضرورة و لأن انحصار سبب الأداء فی بیع المال الواحد من الأمور النادرة و لأنه لو عد ذلک إکراها لأدی إلی أن لا یرغب أحد فی الشراء من المکره فیفسد علیه باب الخلاص و ذلک ضرر عظیم ثم قال ثم إنه لو کان ذلک إکراها علی البیع مع انحصار السبب لکان لتوقف أداء المال علیه و یلزم منه الإکراه مع عدم انحصار السبب أیضا لأن التوقف قائم هنا أیضا غایة ما فی الباب أن التوقف فی الأول علی أمر بخصوصه و فی الثانی علی واحد من متعدد فکل ما أتی به کان هو المکره علیه ثم قال و الذی یقتضیه النظر أن الإکراه علی الأمر الکلی لا یعد إکراها علی شی‌ء من الجزئیات سواء تعددت بحسب الواقع أو لم یوجد منها إلا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 230
و لو ادعی الإکراه حالة الإقرار لم یقبل إلا بالبینة (1) و إن أقر عند السلطان إلا مع قرینة دالة کالقید أو الحبس أو التوکیل فیصدق مع الیمین (2)

[الرابع المفلس]

الرابع المفلس

[الخامس المبذر]

الخامس المبذر و قد مضی حکمهما (3)

[السادس المریض]

السادس المریض و یقبل إقراره إن برئ مطلقا علی إشکال (4)
______________________________
واحد إذ لا یدل الإکراه علی الکلی علی الإکراه علی الجزئیات بشی‌ء من الدلالات و إن توقف حصول المکره علیه بحسب الواقع علی حصول شی‌ء منها انتهی و مراده أن ذلک مقتضی العقد لا مدلول اللفظ کما حرر فی فنه انتهی و لعلهم یقولون إن العرف هو الفارق بین ما إذا لم یوجد إلا واحد فإنه یحکم بأنه مکره علی بیعه و لا کذلک الحال فیما إذا وجد المتعدد و لو لا ما حکاه القطب لقلنا إن المراد أنه یصح البیع حیث لا یکون المکره قد حصر الأداء فی مال بعینه و هو صحیح لا غبار علیه لأنه حینئذ مکره علی بیع ذلک المال
(قوله) (و لو ادعی الإکراه حالة الإقرار لم یقبل إلا بالبینة)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) للحکم بلزومه من حین صدوره و الأصل فی الإقرار الصحة
(قوله) (و إن أقر عند السلطان إلا مع قرینة دالة کالقید أو الحبس أو التوکیل فیصدق مع الیمین)
یرید أنه لو ادعی الإکراه حالة الإقرار لم یقبل مع عدم البینة سواء کان إقراره عند السلطان أو عند غیره لأن مجرد وقوعه عند السلطان لا یقضی بالإکراه إذ قد یخلوا عنه و الأصل عدمه (نعم) لو وجدت قرینة علیه کتقییده أو حبسه أو التوکیل به من یحفظه أو یمنعه عن الانصراف کان الظاهر مساعدا لدعواه فیقوی جانبه فیکون القول قوله مع یمینه و قد جزم بذلک هنا و استشکل فی (التذکرة) و تنظر فیه فی (التحریر) قال فی (التذکرة) فیکون القول قوله مع یمینه لدلالة هذه الحالات علی الإکراه علی إشکال و قال فی (التحریر) فی قبول قوله مع الیمین نظر و کان ذلک لیس فی محله فما فی الکتاب أقرب فی النظر کما هو الظاهر من (جامع المقاصد) نعم لو علم أن ذلک لا تعلق له بالإکراه و إنما هو لأمر آخر لم یکن بمعتبر أصلا
(قوله) (الرابع المفلس الخامس المبذر و قد مضی حکمهما)
مسبغا محررا
(قوله) (السادس المریض و یقبل إقراره إن برئ مطلقا علی إشکال)
أما نفوذ إقراره إذا برئ فقد قطع به الشیخ فی (المبسوط) و (الشهیدان) و اختاره المصنف فی (التذکرة) و (المحقق الثانی) و استظهره فی (نهایة المرام) و فی (الحواشی) و (جامع المقاصد) نسبته إلی الأصحاب و فی (التنقیح) أنه لا خلاف فیه تمسکا بعموم إقرار العقلاء السالم عما یصلح للمعارضة و لا عموم فی خبر العلاء الوارد فی المرأة التی أقرت فی مرض الموت و غیره بحیث یتناول من برئ من المرض و المصنف هنا استشکل مما عرفت و من أنه لما صدر حال المرض مع التهمة کان کالوصیة و هی غیر لازمة و قال التقی فی (الکافی) إذا کان الإقرار من حر کامل العقل سلیم الرأی مریضا کان أو صحیحا فإن کان مبتدأ أی من دون تقدم دعوی و کان غیر مأمون لم یمض إقراره و إن کان مأمونا مضی إقراره انتهی و فیه تأیید لهذا الشق من الإشکال فلیتأمّل إذ هو مخالف لما علیه الأصحاب إذ إقرار غیر المأمون ماض عندهم إلا أن یکون مریضا کما ستسمع (و حکی الشهید) عن المصنف أنه قال إن برئ و لم ینکر صح من الأصل و إن نازع و أنکر الإقرار بطل من الأصل قال و یحمل قول الأصحاب علی ذلک و هو کما تری مخالف لإطلاق النص و الفتوی و قد تقدم لنا أن المریض إذا برئ من مرضه الذی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 231
و إن مات فی مرض الإقرار فکذلک إن لم یکن متهما و إلا فمن الثلث (1)
______________________________
أنجز فیه و مات فی غیره أنفذت منجزاته و أنه قد ادعی علیه الإجماعات حتی فی (الشرائع) و هو مما یشهد لما نحن فیه و المراد بالإطلاق ما إذا کان الوارث (للوارث ظ) أو غیره بالثلث أو أکثر مع التهمة علی الورثة أو الغرماء و عدمها بعین أو دین
(قوله) (و إن مات فی مرض الإقرار فکذلک إن لم یکن متهما و إلا فمن الثلث)
قد تقدم الکلام فی هذه المسألة فی باب الحجر و ذکرنا أن فیها (عشرة أقوال) مع أن ظاهر (الشرائع) أن فیها قولین لا غیر (أحدها) ما ذکره المصنف هنا و فی الوصایا و هو أنه ینفذ إقراره من الأصل إن لم یکن متهما و إلا فمن الثلث و هو معنی قوله فی باب الحجر ینفذ من الثلث إن کان متهما و إلا فمن الأصل سواء کان لأجنبی أو لوارث و بمثل هذا أعنی کلامه فی الحجر حیث نص علی التسویة بین الأجنبی و الوارث عبر فی (الشرائع) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و (نهایة المرام) و (المسالک) و (المفاتیح) و فی الأخیرین و کذا (جامع المقاصد) أنه مذهب الأکثر و قد نسبه الشهید الثانی فی (المسالک) و جماعة منهم سبطه فی (نهایة المرام) إلی الشیخین و جماعة و ستسمع کلام الشیخین و غیرهما إن شاء اللّٰه و أبلغ من ذلک أنه قد یظهر من (الإیضاح) و (جامع المقاصد) أن مذهب الشیخین و الصدوق فی الفقیه و القاضی و سلار و ابن إدریس واحد أو یلوح ذلک منهما أو صریحهما و أن المخالف ابن حمزة و الصدوق فی المقنع و بمثل عبارتی الکتاب فی الوصایا و الباب عبر فی (التهذیبین) و (التذکرة) فی أول کلامه و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) فی موضعین منه و (اللمعة) و (الکفایة) حیث لم یتعرض فیها لذکر الأجنبی و الوارث و فی الأخیر و (ملاذ الأخیار) نسبته إلی الأکثر و الجماعة فهموا أن هذه العبارات جمیعها بمعنی واحد و هو کذلک لمکان الإطلاق لکنه سینص فی الباب علی عدم الفرق بین الوارث و غیره ثم إنه فی (التذکرة) بعد أن ذکر أن إقراره للأجنبی نافذ إذا لم یکن متهما و لم یشترط فیه العدالة قال لو أقر المریض لوارثه فالأقوی عندی اعتبار العدالة فإن کان عدلا غیر متهم فی إقراره نفذ من الأصل کالأجنبی و إن لم یکن مأمونا أو کان متهما فی إقراره نفذ من الثلث لما تقدم فی الأجنبی انتهی فظاهره فیها أن العدالة أنما تشترط فی الإقرار للوارث لا کما نسبوه إلیه من أنه یشترطها مطلقا (و أما) ما نسبوه إلی الشیخین فالموجود فی (المقنعة) أن إقراره للأجنبی و الوارث سواء فإذا کان علی الرجل دین معروف بشهادة قائمة فأقر لقوم آخرین بدین مضاف إلی ذلک کان إقراره ماضیا علیه و للقوم أن یحاصوا باقی الغرماء فیما یترکه بعد وفاته و إذا کان علیه دین محیط بما فی یده فأقر بأنه ودیعة لوارث أو غیره قبل إقراره إن کان عدلا مأمونا و إن کان متهما لم یقبل إقراره انتهی و حاصله إن أقر بدین مضی من الأصل و إن أقر بأعیان ما فی یده و الحال أنه علیه دین محیط بما فی یده قبل إن کان عدلا مأمونا و نفذ من الأصل و إلا بطل و أنه لا فرق بین الأجنبی و الوارث فما حکوه عنه من موافقة القول المشهور لعله غیر صحیح کما أن ما حکاه عنه فی (المختلف) من فرقه بین الدین و العین کذلک إذ قضیته أنه لو کان علیه دین یحیط بالترکة و أقر بدین آخر قبل و إن کان فاسقا متهما مضافا إلی مفهومات أخر فلم یقصد الفرق و إنما غرضه بیان ما دق و أن العدل المأمون یقبل قوله و إن کان المحل محل تهمة کما أن ما حکاه عنه فی (جامع المقاصد) من أن إقراره ماض إن أقر بودیعة للوارث أو الأجنبی إذا کان عدلا غیر متهم کذلک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 232
..........
______________________________
إذ لم یقصد قصر الحکم علی الودیعة و إنما غرضه ما عرفت فلعله یرجع بالأخرة إلی موافقة المشهور لکن الشهید فی (غایة المراد) جعله قولا علی حدة (و أما کلام الشیخ) فقد قال فی (النهایة) یجوز الإقرار للأجنبی و الوارث إذا کان عدلا مرضیا موثوقا بعدالته من أصل المال فإن کان غیر موثوق به و کان متهما أعطی من الثلث و أما کلامه فی (المبسوط) فصریح فی موافقة ابن إدریس و أما کلامه فی (الخلاف) فعند ابن إدریس أنه یخالف للنهایة موافق لمختاره کما ستعرفه و هو کذلک علی الظاهر کما بیناه فی باب الحجر و قال فی (المختلف) إنه فی (الخلاف) لیس مخالفا (للنهایة) و قد عرفت کلامه فی (التهذیبین) و أنه فیهما موافق لمشهور المتأخرین و کیف کان فوجه قبول إقراره مع عدم التهمة ظاهر مما تقدم من العمومات مع موافقة الاعتبار و هو أنه یرید إبراء ذمته و لا طریق له إلا الإقرار و کذلک وجه عدم قبول إقراره إن علم من حاله أنه یرید منع الوارث و إنما الکلام فیما إذا ظن ذلک من حاله لأن جمعا من الأصحاب کالمقداد و الشهید الثانی فی کتابیه و کذا سبطه و الخراسانی قالوا إن المراد بالتهمة الظن المستند إلی القرائن الحالیة أو المقالیة الدالة علی أن المقر إنما أراد منع الوارث عن حقه (و أما أخبار الباب) فکأنها متشابهة ففی صحیحة الحلبی عن رجل أقر لوارث بدین فی مرضه أ یجوز قال نعم إذا کان ملیا و فی صحیحة منصور و موثقة أبی أیوب إذا کان مرضیا فأعطه الذی أوصی له و فی موثقة سماعة إذا کان قلیلا و فی صحیحة إسماعیل بن جابر یجوز إذا أقر به دون الثلث و فی صحیحة أبی ولاد یجوز ذلک فهذه الأخبار تواردت علی سؤال واحد و هو أنه أقر لوارث بدین فقوله (ع) إذا کان ملیا یحتمل أن یکون معناه ملیا بالصدق و الأمانة فیوافق خبر منصور و یحتمل أن یکون المراد أن ملاءته دلیل علی صدقه و أما قوله إذا کان مرضیا فیحتمل أن یکون المراد إذا کان مأمونا غیر متهم لما علم من حسن سیرته و إن لم تبلغ مرتبة العدالة کما هو الظاهر و به صرح جماعة و یحتمل إذا کان عدلا کما فهمه فی (التذکرة) و کأنه جعل العدالة هی النافیة للتهمة (و فیه) أن العدل قد یتهم بأنه یرید الإضرار بالورثة و لا ترتفع عدالته المعلومة إذا قضی ذلک الظن بأنه یرید الإضرار و قد لا یکون عدلا و لا یتهم فی ذلک أصلا فحمل التهمة علی معناها لغة و عرفا هو الأظهر و فی (الکفایة) لا دلالة فی خبر منصور علی اشتراط کونه مرضیا إذ لا عموم فی المفهوم (و فیه) أنه قد حرر فی فنه أن معنی لفظ الشرط و أداة الشرط و فعل الشرط العموم فی الانتفاء فالشرط و إن لم یکن عاما کان مفهومه عاما لأن معنی الشرط ما یلزم من عدمه العدم و لعل معنی قوله (ع) فی الموثقة إذا کان قلیلا أنه ثلث فما دون و أما قوله فی الصحیحة إذا أقر به دون الثلث فلعله معناه الثلث فما دون و تکون دون بمعنی عند لأن الغالب إما نقصانه عنه و زیادته و کونه بقدره من دون زیادة و لا نقصان نادر و إلا فظاهره لم یقل به أحد أصلا و الحال أنه صحیح ثم إنه مطلق فی کون إقراره من الثلث من دون تقیید بتهمة فیدل بإطلاقه علی أنه من الثلث و لو کان مرضیا فیخالف صحیح منصور فلا بد من حمله علی کونه متهما جمعا بینه و بین صحیح منصور (و قد استدل) الجماعة ببعض هذه الأخبار علی قبول إقراره مع عدم التهمة و علی عدمه بمفهوم خبر منصور و استدل علی کونه من الثلث مع التهمة بصحیحة العلاء بیاع السابری إذ الظاهر أنه ثقة کما بیناه فی حواشینا علی حاشیة الأستاد ره قال سألت أبا عبد اللّٰه (ع) عن امرأة استودعت رجلا مالا فلما حضرها الموت قالت له إن المال الذی دفعته إلیک لفلانة و ماتت المرأة فأتی أولیاؤها فقالوا له إنه کان لصاحبتنا مال و لا نراه إلا عندک فأحلف لنا ما لها قبلک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 233
..........
______________________________
شی‌ء فیحلف لهم فقال إن کانت مأمونة عنده فیحلف لهم و إن کانت متهمة فلا یحلف و یضع الأمر علی ما کان فإنما لها من ماله ثلثه (و استدل) أیضا علی ذلک بصحیح إسماعیل بن جابر بالتقریب الذی عرفت و قال فی (الریاض) لیس فی صحیحة العلاء ما یدل علی کونه من الثلث مع التهمة بل ظاهرها عدم الإخراج مطلقا لأن وضع الحق علی ما کان ظاهر فی عدم نفوذ الإقرار بشی‌ء مطلقا و لا ینافیه التعلیل بقوله فإنما لها من مالها ثلثه لعدم تصریح فیه بل و لا ظهور فی النفوذ من الثلث و لیس فی مفهوم خبر منصور ما یدل علی ذلک أیضا فلم أفهم وجه حکمهم بنفوذه مع التهمة من الثلث انتهی (قلت) قوله (ع) و تضع الأمر علی ما کان یحتمل أن یکون منقطعا عن النفی و أن یکون داخلا تحته فإن کان الثانی کان معناه لا تحلف و لا تضع الأمر علی ما قالت و إنما ضعه علی ما تعلمه من إنفاذه من الثلث لأنک تعلم أن لیس لها حینئذ إلا الثلث و منه یعلم حال الاحتمال الأول إذ معناه حینئذ أنه یجری علی الودیعة حکم مال المقرة إذا لم یسع الودیعة الثلث فإنه لیس لها من مالها إلا الثلث و به تتضح الدلالة ثم إن فی مکاتبة محمد بن عبد الجبار ما یدل علی ذلک تصریحا أو ظهورا تاما یستند إلیه و یعول علیه قال کتبت إلی العسکری (ع) امرأة أوصت إلی رجل و أقرت له بدین ثمانیة ألف درهم و کذلک ما کان لها من متاع البیت إلی أن قال فکتب بخطه إن کان الدین صحیحا معروفا مفهوما فیخرج الدین من رأس المال إن شاء اللّٰه و إن لم یکن حقا أنفذ لها ما أوصت من ثلثها کفی أم لم یکف (ثم) إنه یمکن الاستدلال بمفهوم خبر منصور أن مفهومه إذا لم یکن مرضیا فلا تعطه و قد اتفقت الأقوال و الکلمة فی المسألة أنه لا یحرم إلا من أبی الصلاح فلا مجال لحرمانه فإن قلنا إنه یعطی من الأصل اتحد المنطوق و المفهوم فتعین أن یکون من الثلث و یحتمل أن یکون مستندهم فی ذلک إلی أن الإقرار یتضمن إرادة الإعطاء فهو کالأمر به فیکون وصیة أو کالوصیة أو تنجیزا فیخرج من الثلث عند المتأخرین القائلین بأن منجزات المریض من الثلث و أما عندنا و عند القدماء القائلین بأنها من الأصل فنقول إنها وصیة أو کالوصیة إذ لیس فیها إنشاء إعطاء و تملیک و لا سیما فی مثل ما إذا أقر بأنه وقف علیه و قد علمنا أو ظننا بأنه کاذب نعم لو قال أعطوه الشی‌ء الفلانی فإنی قد وهبته له أو وقفته علیه وجب إعطاؤه له عند القائلین بأنها من الأصل (و ممن قال) بأن منجزاته من الأصل الشیخ فی (التهذیبین) و (النهایة) و قد قال هنا ما سمعت فقوله فی (المهذب البارع) بأن کل من قال بأن منجزات المریض من أصل یلزمه أن یکون إقراره کذلک لیس علی إطلاقه فلیلحظ ذلک و لیتأمّل فیه جیدا فإنه محل إشکال ثم إن من قال إنها من الأصل و قال إن إقراره مطلقا من الأصل کابن إدریس و غیره کما ستعرف لم یستندوا إلی ذلک و إنما استندوا إلی عموم إقرار العقلاء و الإجماع بل قد نقول إن ذلک لیس بوصیة کما فی مجمع البرهان و القائلون بأنها من الثلث اختلفوا کما ستعرف و یمکن أن یکون مستندهم فی الإخراج من الثلث مع التهمة إلی أن الکلمة هنا قد اتفقت علی أن المقر له لا یحرم مطلقا و أنه ینفذ من الثلث مع التهمة و إن اختلف فی الزیادة علیه علی أقوال فکان إعطاؤه من الثلث محل وفاق إلا من التقی بمعنی أنه یعطی من الثلث و غیره و هذا غیر ما قلناه فی توجیه دلالة مفهوم خبر منصور (و أما القول الثانی) و هو أنه ینفذ من الأصل فی الوارث و الأجنبی مطلقا فهو خیرة (الخلاف) و (المبسوط) فی موضعین منه (و المراسم) و (الغنیة) و (السرائر) و (کشف الرموز) بل هو خیرة المفید فی الشق الأول و قد سمعت کلامه و فی إقرار (الغنیة) و (السرائر) الإجماع علیه و استدل علیه فی وصایا (السرائر) بأن الإجماع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 234
..........
______________________________
منعقد علی أن إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز و استدل غیره علیه بالاعتبار بأنه یرید إبراء ذمته و لا طریق له إلا الإقرار و هذا القول قوی جدا و یوافق الاعتبار من وجه آخر و هو أن الإنسان عند الموت یشتد خوفه و یلتزم الصدق و الاحتیاط لأنه قد انتهی إلی حالة یصدق فیها الکاذب و لعلهم یقولون إن مفهوم صحیح منصور و الموثق أنه إذا لم یکن مرضیا فلا تعطه أصلا و یحملونه علی صورة العلم بکذبه و یقولون إن المکاتبة لیست بحجة مع ما فیها من الإغلاق بل و الاضطراب و عدم العلم بالمراد من الفقهاء مع مخالفتها لسیرة الرواة مع مساواتهم (ع) و یقولون إن العلاء بیاع السابری لم یذکر فی الرجال فضلا عن کونه ثقة ثم إن متن خبره مجمل الدلالة قابل لحمله علی عدم إعطائها شیئا إذا علمنا بکذبها فلیتأمّل (الثالث) مذهب (النهایة) و قد سمعت عبارتها و حاصلها أن الإقرار یمضی من الأصل مع العدالة و انتفاء التهمة و من الثلث مع عدم الشرطین و قد نسبه إلیها فی (غایة المراد) و قال إنه روایة الصدوق فی (الفقیه) و لعله أراد صحیح منصور (الرابع) أنه إن کان عدلا مضی من الأصل و إلا فمن الثلث و هذا مذهب التذکرة علی ما فهموه منها (الخامس) تعمیم الحکم للأجنبی بکونه من الأصل و تقیید ذلک فی الوارث بعدم التهمة فإن کان متهما کان بحکم الوصیة و هو قول صاحب (الوسیلة) (السادس) التفصیل بالتهمة و عدمها للأجنبی فی المضی من الثلث و الأصل و للوارث من الثلث مطلقا و هذا للمحقق فی (النافع) و إن جعلنا قوله فی (الشرائع) یقبل إقراره للوارث و الأجنبی مع التهمة قیدا فی إقراره للأجنبی لقربه إلیه کان موافقا للنافع و قد اعترف المقداد و غیره بعدم معرفة قائل به غیره و قد وافقه بعد ذلک صاحب (إیضاح النافع) (السابع) أنه من الثلث فی حق الوارث مطلقا و هو قول الصدوق فی (المقنع) (الثامن) ما قاله المفید فی (المقنعة) و قد سمعته بتمامه (التاسع) قول التقی فی (الکافی) و قد سمعت بعضه آنفا قال إذا کان الإقرار من حر کامل العقل سلیم الرأی مریضا کان أو صحیحا فإن کان مبتدئا أی من دون تقدم دعوی و کان غیر مأمون لم یمض إقراره و إن کان مأمونا مضی إقراره إلی أن قال و إن کان الإقرار بعد تقدیم دعوی بقیام العین کالدار و الفرس أو بمعین فی الذمة کالدین و ثمن المبیع و الأجر و الأرش و أمثال ذلک فعلی الحاکم إلزامه بالخروج إلی المقر له إلی آخر ما قال فقد جزم بعدم إمضاء إقرار غیر المأمون المبتدأ مریضا کان أو صحیحا و إمضاء إقرار المأمون کذلک و تمام الکلام فی باب الحجر (و قد صرح) فی (المسالک) و غیرها بأن الإقرار أنما یکون من الثلث مع ظهور التهمة و أما مع الشک فیها فیرجع إلی أصالة عدمها (و فیه) أن قضیة صحیح منصور و الموثق أن نفوذ الإقرار من الأصل مشروط بکون المقر مرضیا أو مأمونا و مع الجهل بالحال لا یکون الشرط حاصلا فیجب أن ینتفی المشروط (و لعلهم) استندوا فی ذلک إلی ما ذکره فی (التذکرة) من أن الأصل فی أخبار المسلم الصدق فلا یحمل علی غیره إلا لموجب فإذا أقر المریض لوارث أو لغیره و اعتبرنا التهمة کان الأصل عدمها لأصالة تقوی المسلم و عدالته فلیتأمّل ثم إنه لا یتم علی أصوله (فروع) (الأول) لو اختلف المقر له و الوارث فی التهمة فعلی المدعی لها البینة لأصالة عدمها و علی منکرها الیمین و یکفی فی یمین المقر له أنه لا یعلم التهمة لا أنها لیست حاصلة فی نفس الأمر لابتناء الإقرار علی الظاهر و لا یکلف الحلف علی استحقاق المقر به من حیث إنه یعلم بوجه استحقاقه لأن ذلک غیر شرط فی استباحة المقر به بل له أخذه ما لم یعلم فساد السبب (الثانی) هل الاعتبار فی کونه وارثا بحال الموت أم بحال الإقرار الأقوی الثانی و منه یعلم ما إذا أقر لأخیه و له ولد ثم مات
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 235
و لو أقر بدین مستغرق بجمیع المال و لا تهمة و تثبت بالبینة آخر مستغرق أو أقر الوارث به علی إشکال ثبت التحاص (1) و لا فرق بین الإقرار للوارث و غیره علی رأی (2) و لو أقر لزوجته بمهر مثلها أو دونه صح (3)
______________________________
و لزوجته ثم طلقها (الثالث) قوی فی (التذکرة) بعد ما سمعته أنه لو أقر لوارثه أنه قد کان وهبه و أقبضه فی الصحة أنه لا ینفذ من الأصل و به جزم فی (التحریر) لأنه لا یملک إنشاءه (و فیه) أن ذلک إذا فسره بحالة المرض أو جهل الحال و أما إذا أسنده إلی ما قبل المرض فلا (قال) فی (جامع المقاصد) إن التفصیل بالتهمة و عدمها أنما هو فی الإقرار بما لا یکون من الثلث کما إذا کان مقرا بهبة قبل المرض أو بدین من ثمن مبیع لا محاباة فیه أو یسنده إلی ما قبل المرض إذا حابی فیه فلو أطلق و تعذر الاستفسار فلیس ببعید جعله من الثلث و إن لم تکن تهمة لأن الإقرار أنما یقتضی اللزوم قبل زمان الإقرار بمقدار ما یمکن فیه إنشاء السبب انتهی
(قوله) (و إن أقر بدین مستغرق بجمیع المال و لا تهمة و تثبت بالبینة آخر مستغرق أو أقر الوارث به علی إشکال تثبت التحاص)
جعل فی (الإیضاح) الإشکال فی المسألتین و فرض فی الأولی أن الإقرار صدر بعد الثبوت بالبینة قال ینشأ فی الأول من تعلق حق الغرماء به فصار کإقرار المحجور علیه و من أنه أقوی من البینة لانتفاء التهمة و قال إنه المشهور و فی (جامع المقاصد) أنه لیس بشی‌ء أما أولا فلأن العبارة أعمّ و أما ثانیا فلأن الإقرار مع عدم التهمة حجة یجب العمل به فجری مجری ما لو ثبت دینان ببینتین و جعل الإشکال هو و الشهید فی (حواشیه) فی الثانیة و هو ما إذا أقر الوارث بدین آخر من أن الوارث خلیفته و نائب منابه و لا تهمة علیه فینفذ إقراره کإقرار المورث و فی (التذکرة) أن فیه قوة و من أنه إقرار فی حق الغیر فإن الأول قد أخذ جمیع الترکة أو قیمتها بدینه و إقرار المریض العاری عن التهمة أو البینة و فرق بین إقراره و إقرار مورثه لأنه إقرار علی نفسه و قد قام الدلیل علی نفوذه مع عدم التهمة بخلاف الوارث فیقدم إقرار المورث کما جزم به فی (التحریر) و قد اختاره فی (التذکرة) و فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) أنه الأصح و فی (الحواشی) أن فی النسخ القیمة (القدیمة خ د) یحتمل التحاص قال و الظاهر أن المصنف ضرب علیها فی نسخة قطب الدین المقروءة علی المصنف و هذا إذا لم یکن متهما و أما إذا کان متهما فإنه یکون لمن أقر له المیّت الثلث و لمن أقر له الوارث الثلثان
(قوله) (و لا فرق بین الإقرار للوارث و غیره علی رأی)
معناه علی الظاهر أنه لا فرق فیما قلناه آنفا من قبول الإقرار و مضیه من الأصل إن لم یکن متهما و إلا فمن الثلث بین کون الإقرار للوارث و غیره و قد نسب ذلک فی (الإیضاح) و کذا (جامع المقاصد) إلی (الشیخ) و (المفید) و (القاضی) و (سلار) و ابن إدریس و (روایة الفقیه) و فی (جامع المقاصد) نسبته إلی الأکثر فإن أراد ما ذکرناه ففیه أن هؤلاء مختلفون فی المذاهب کما عرفت و قد نبهنا علی ذلک آنفا و إن أراد أن هؤلاء لم یفرقوا بین الوارث و غیره و إن اختلفوا فی غیر ذلک ففیه أنه غیر ظاهر العبارة و غیر الظاهر من کلامهما فلیلحظ و لیتأمّل
(قوله) (و لو أقر لزوجته بمهر مثلها أو دونه صح)
لوجود المقتضی و عدم المانع و لا فرق بین کون الإقرار قبل الدخول بها أو بعده و لا بین کونه أزید من مهر السنة أو لا کما صرح بذلک کله فی (جامع المقاصد) و حکی فیه عن (حواشی الشهید) أنه قال یشکل مع الزیادة و لم نجده فیما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 236
و لو أقر بزائد أو بغیره نفذ من الثلث مع التهمة من الأصل بدونها (1) و لو أقر لاثنین متهم فی حق أحدهما اختص بالتشقیص (2) و لو أقر بعین ماله و بدین فی الذمة لآخر و لا تهمة فلا شی‌ء للثانی (3) و احتمل التحاص (4) و کذا لو قدم الثانی (5) و لو أقر بوارث فالأقرب اعتبار التهمة و عدمها (6) و کذا إقراره بإحبال الأمة و إعتاق أخیه المملوک له و له عم (7)
______________________________
عندنا من نسخه
(قوله) (و لو أقر بزائد أو بغیره نفذ من الثلث مع التهمة و من الأصل بدونها)
الوجه فی الثانی ظاهر مما تقدم و أما الأول فلأن فی النکاح معاوضة علی البضع فالزیادة عن مهر المثل للزوجة تجری مجری الزیادة فی ثمن مبیع اشتراه بأزید من قیمته و ثمن مثله فإن الزیادة حینئذ مع التهمة تمضی من الثلث و بدونها من الأصل
(قوله) (و لو أقر لاثنین متهم فی حق أحدهما اختص بالتشقیص)
بمعنی أنه ینفذ فی حق غیر المتهم من الأصل و فیه من الثلث إعطاء لکل منهما حقه کما ذکر ذلک فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و یجوز فی متهم الرفع بناء علی أنه فاعل أقر أو أنه خبر مبتدإ محذوف و الجر علی أنه صفة اثنین
(قوله) (و لو أقر بعین ماله و بدین فی الذمة لآخر و لا تهمة فلا شی‌ء للثانی)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و معناه أنه أقر أولا بعین ماله کله لواحد ثم بعد ذلک أقر بدین فی الذمة لآخر کما یعطیه قوله بعده و لو قدم الثانی و أتی بالواو و لم یأت بثم لیدل علی استوائهما فی الحکم و أن صاحب الدین لا شی‌ء له قدمه أو أخره لأنه لما قدم الإقرار بعین ماله کله نفذ إقراره فی جمیع أعیان الترکة و صار بغیر ترکة فلم یکن هناک شی‌ء یتعلق به دین الثانی و أما أنه إذا قدم الإقرار بالدین المستغرق أو غیر المستغرق ثم أقر بالعین لا شی‌ء للدین لأن الإقرار بجمیع أعیان الترکة متی کان نافذا لم یفرق بین تقدمه و تأخره لأن دین المریض لا یتعلق بمال غیره و به جزم فی (التحریر) و (جامع المقاصد) و کذا (التذکرة) غیر أنه احتمل فیها المزاحمة لأن مع أحد الإقرارین قوة السبق و مع الآخر قوة الإضافة إلی العین فاستویا
(قوله) (و احتمل التحاص)
هذا الاحتمال لیس بشی‌ء لأن الأول جمع الأمرین السبق و الإضافة إلی العین و لذلک لم یحتمله أحد من العامة
(قوله) (و کذا لو قدم الثانی)
کما تقدم بیان الوجه فیه
(قوله) (و لو أقر بوارث فالأقرب اعتبار التهمة و عدمها)
کما فی (جامع المقاصد) و کأنه لا ترجیح فی (الإیضاح) و وجه القرب أن المقتضی موجود و المانع لا یصلح للمانعیة فکان مفقودا أما الأول فلأن التهمة الموجبة لنفوذ الإقرار بالمال من الثلث موجودة لأن الإقرار بالوارث یقضی بالإقرار باستحقاق الإرث و أما الثانی فلأن المقصود الأصلی أنما هو الإقرار بالنسب و استحقاق المال یأتی بالتبع فلا تهمة أولا و بالذات فی المال و هو لا یصلح للمانعیة لأن المقصود الأصلی من النسب ثبوت أحکامه و من جملتها استحقاق المال فیکون مقصودا ثانیا فی النظر و بعد حصول القصد لا فرق فیه بین الأصلی و التابع فلیتأمّل جیدا
(قوله) (و کذا إقراره بإحبال الأمة و إعتاق أخیه المملوک له و له عم)
أی ینفذ إقراره
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 237
و لو أقر الوارث بدین علی المیّت و لا ترکة له لم یلزمه (1) و لو خلف ترکة تخیر فی التسلیم من الترکة و غیرها فیلزمه أقل الأمرین من الدین و الترکة (2) و لو تعدد الوارث أدی کل واحد بقدر میراثه (3) و لو أقر أحدهم لزمه من الدین بقدر میراثه (4) فلو کانا اثنین لزمه أقل الأمرین من نصف الترکة و نصف الدین (5)

[السابع العبد]

السابع العبد و لا یقبل إقراره بمال و لا حد و لا جنایة توجب أرشا أو قصاصا (6)
______________________________
بالأمرین إذا أسندهما إلی حال الصحة من الثلث مع التهمة و بدونها من الأصل لأن الإحبال سبب فی العتق و الإرث معا فهو فی معنی الإقرار بالمال و کذا إعتاق الأخ لأن الإعتاق تصرف فی المال و متضمن لاستحقاق الأخ الإرث لاقتضائه زوال المانع من الإرث المقتضی لحجب العم
(قوله) (و لو أقر الوارث بدین علی المیّت و لا ترکة لم یلزمه)
کما هو ظاهر و لعله لذلک ترکوا ذکره لأن القضاء أنما یجب من مال المیّت لا من مال الوارث (فرع) هل یجوز قضاء هذا الدین الذی أقر به الوارث من الزکاة أو من بیت المال احتمالان من أنه إقرار فی حق المستحقین و من أنه قائم مقام المیّت و الأصح أنه لا یعطی من أحدهما و إنما هو علی القائم المهدی (ص)
(قوله) (و لو خلف ترکة تخیر فی التسلیم من الترکة و غیرها فیلزمه أقل الأمرین من الدین و الترکة)
لأن الدین إن کان أقل فهو الواجب و إن کانت الترکة أقل فالواجب صرفها أو صرف قیمتها فی الدین دون ما زاد علیها إذ لا تجب علیه الأداء من ماله (فرع) لو وجد من یشتری أعیان الترکة بزائد عن قیمتها السوقیة أو رضی بها رب الدین و قیمتها لا تبلغه فهل یجب علی الوارث إذا جمیع الدین أم القیمة السوقیة فقط کل منهما محتمل
(قوله) (و لو تعدد الوارث أدی کل واحد بمقدار میراثه)
لأن الواجب علیه أقل الأمرین مما وصله إلیه من الإرث و الدین
(قوله) (و لو أقر أحدهم لزمه من الدین بقدر میراثه)
لأنه لا یکلف بالأزید مما وصل إلیه و لا یمضی إقراره علی بقیة الورثة
(قوله) (فلو کانا اثنین لزمه أقل الأمرین من نصف الترکة و نصف الدین)
لأنه إذا کان نصف الدین أقل مما حصل فی یده من الترکة لم یلزمه دفع جمیع الدین مما فی یده بل یدفع قدر حصته من الدین فلو کان الدین مائة و قد حصل له من الترکة مائة فإنما یدفع خمسین و قد وردت بذلک أخبار کما سنذکره عند بحث الإقرار بالنسب و قال فی (جامع المقاصد) هذا إذا لم یسلم جمیع نصف الترکة و إلا فأقل الأمرین مما سلم و نصف الدین و هو کما تری قلیل الفائدة أو عادمها
(قوله) (السابع العبد و لا یقبل إقراره بمال و لا حد و لا جنایة توجب أرشا أو قصاصا)
کما صرح به فی (الکافی) و (المبسوط) و (أکثر ما تأخر عنه) کما تقدم فی باب الحجر و قد حکی الإجماع فی (التذکرة) و ظاهر (السرائر) و (قضاء المبسوط) علی أنه لا یقبل إقراره بعقوبة و لا مال (و قال) فی (جامع المقاصد) أجمع أصحابنا علی أنه لا یقبل إقراره علی نفسه بمال و لا حد و لا جنایة مطلقا و فی (المسالک) و کذا (الکفایة) أنه لا خلاف فی ذلک و فی (الخلاف) و (الغنیة) الإجماع علی أنه لا یقبل إقراره بما یوجب جنایة علی بدنه و فی (المبسوط) أنه لا یقبل إقراره بحد عندنا (و فیه أیضا) أنه لا یقبل إقراره بالمال علی مولی له (مولاه خ) بلا خلاف لأنه لا یملک نفسه و لا التصرف فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 238
إلا أن یصدقه السید (1) و یتبع بعد العتق بالمال (2) و لو قیل یقبل و یتبع به و إن لم یصدقه السید کان وجها (3)
______________________________
نفسه و هو مال لغیره فإقراره علی نفسه إقرار علی مولاه و الإقرار علی الغیر غیر مسموع (و قد استدللنا) فی باب الحجر علی عدم قبوله فی الجنایة بخبر أبی محمد الوابشی قال (ع) فیه لا یجوز إقرار العبد علی سیده و تأولنا ما رواه العامة عن علی (ع) أنه قطع عبدا بإقراره
(قوله) (إلا أن یصدقه السید)
فإنه یقبل إقراره فی جمیع ذلک بلا خلاف کما فی (الغنیة) و (السرائر) و فی (المسالک) و (الکفایة) أنه لا إشکال فی نفوذ إقراره مع تصدیق مولاه و ظاهر قصاص (الإیضاح) الإجماع علیه فی القصاص و قد قربه المصنف فی حجر الکتاب و قصاصه و هو خیرة حدود الکتاب فی الزنا و السرقة جازما به و حجر (التذکرة) و إقرارها و حدود (الإرشاد) لانتفاء المانع و أن الحق لا یعدوهما إذ المنع أنما کان لحق السید و قد انتفی و قبول إقراره حینئذ بالحدود و الجنایة ظاهر و یأتی بیان الحال فی المال و ربما احتمل ضعیفا العدم لعدم الأهلیة له و لأن المولی لا یملک ثبوت الحد و القصاص علیه و لیس بشی‌ء لأن المثبت علیه أنما هو إقراره
(قوله) (و یتبع بعد العتق بالمال)
هذا بیان حال قبول إقراره بالمال إذا صدقه المولی لأنه لا یؤدیه المولی من ماله و لا العبد من کسبه لأن جمیع ما یکتسبه للسید فقال إنه یتبع به بعد العتق لأن المفروض أن المال الذی أقر به لا یلزم السید فإن أعتق و أیسر أداه و إلا ضاع علی أهله (و خلاصة) الکلام فی المقام علی سبیل الإجمال أنه إن أقر بمال فإن صدقه المولی و کان عین المال موجودة دفعت إلی المقر له و إن کانت تالفة أو لم یصدقه المولی أو کان مستنده إلی جنایة أو إتلاف مال تعلقت بذمته تتبع بعد العتق لأن ما یفعله العبد بدون إذن المولی لا یلزم المولی
(قوله) (و لو قیل یقبل و یتبع به و إن لم یصدقه السید کان وجها)
و قال فی حجر الکتاب و هل یتعلق إلی المال بذمته فیه نظر و قد قربه فی حجر (التذکرة) و ولده فی (الإیضاح) و صاحب (جامع المقاصد) و هو أی تعلق المال بذمته خیرة إقرار (المبسوط) و (الغنیة) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التبصرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الإیضاح) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (نهایة المرام) و (الکفایة) و قضاء (کشف اللثام) و (الدروس) و (المبسوط) للقطع بکونه کامل التصرف لو لا حق المولی فلا تخرج بذلک عبارته عن الاعتبار کالسفیه فتعد لغوا لعموم إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز فیؤاخذ به بعد العتق و لهذا ینفذ فی الحال فی الحدود لو صدقه المولی فلا یتناول هذا الفرد عموم قوله عز و جل عَبْداً مَمْلُوکاً لٰا یَقْدِرُ عَلیٰ شَیْ‌ءٍ (سلمنا) لکنه معارض بعموم إقرار العقلاء و الجمع بین العمومین یقضی بأن تنزل نفی قدرته علی إنشاء الإقرار بالنسبة إلی المولی و وجه العدم عدم أهلیته للإقرار لأنه لا یقدر علی شی‌ء و لأن فی نفوذه بعد العتق نقصا علی المولی لقلة الرغبة فیه لأن ضمان شی‌ء فی الحریة یزاحم الإرث بالولاء (و فیه) أن مجرد حصول الحریة مظنة التصرفات المانعة من الإرث بالولاء أو المنقصة له فتخیل هذا النقص غیر معتد به و لا ینظر إلیه و هذا کله فی الإقرار بالمال و قال فی (جامع المقاصد) هل یتبع بالجنایة أیضا کالمال حکاه فی (الدروس) قولا و لم یفت بشی‌ء و مقتضی إطلاق عبارة المصنف هنا أنه یتبع بالجمیع و لا أری مانعا إلا فی الحد من حیث ابتنائه علی التخفیف و درئه بالشبهة انتهی قلت هو خیرة (التحریر) و قضاء
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 239
و لو کان مأذونا فی التجارة فأقر بما یتعلق بها قبل (1)
______________________________
(الدروس) و (کشف اللثام) و هو ظاهر قضاء (المبسوط) أو صریحه و هو قضیة إطلاق (التبصرة) و قد حکینا القول بأنه یتبع بالجنایة کالمال فی باب الحجر عن إقرار (السرائر) و حجر (التذکرة) (قال فی التذکرة خ) إن کان الإقرار یوجب القصاص استوفی من العبد بما یقتضیه إقراره فقوله فی (الدروس) و قیل یتبع بالجنایة لعله أشار إلی (المبسوط) أو إلی (السرائر) و فی قصاص (کشف اللثام) فیه وجهان من انتفاء المانع و من سقوط ما وقع منه من الإقرار شرعا و قرب فی حدود الکتاب أنه إذا أقر بالزنا ثبت علیه لزوال المانع و أنه إذا أقر بالسرقة تبع بالمال و فی القطع وجهان و تمام الکلام و استیفاؤه فی باب القضاء و الحجر
(قوله) (و لو کان العبد مأذونا فی التجارة فأقر بما یتعلق بها قبل)
کما فی (المبسوط) و (الغنیة) و (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (مجمع البرهان) و (نهایة المرام) و (الریاض) و به صرح فی حجر الکتاب و فی (المسالک) و (الکفایة) و (المفاتیح) و (الریاض) أنه المشهور و قد عرفت المصرح بذلک قبل المسالک و استشکل فی (التذکرة) فی القبول و فی (جامع المقاصد) و (المسالک) أنه فی موضعه و أن عذره واضح و فی حجر (جامع المقاصد) أن الأصح عدم القبول و فی (المسالک) و (نهایة المرام) تقیید قبول إقراره بما إذا کان حالة الإذن له فلا ینفذ إذا وقع بعد زوال الإذن و فصل فی (الکفایة) بین ما کان من لوازمها عرفا فیقبل و بین ما لیس من لوازمها عرفا و إن تعلق بها فلا یقبل و ظاهر (التحریر) أنه فرض المسألة فی أن سیده أذن له فی التجارة و المعاملة بمائة دینار مثلا و لم یدفع إلیه شیئا فعاد و بیده أعراض یدعی شراءها فی ذمته و بقاء الثمن فإنه یقبل إقراره فی المقدار الذی أذن له و یؤخذ من المال الذی فی یده و الفاضل یکون فی ذمته یتبع به بعد العتق و (عبارة الکتاب) فی الباب و (الشرائع) قابلتان للتنزیل علی ذلک و کذا عبارته فی باب الحجر و عبارة (الدروس) و غیرها سلمنا عدم قبولها للتنزیل علیه لکنا نقول لو فرضنا أنه وقع هکذا کان الوجه فی قبول إقراره ظاهرا و هو شهادة الحال له لأن کان ذلک مقتضی الإذن و أن معاملیه یتضررون بالصبر إلی ما بعد العتق و قال فی حجر (جامع المقاصد) إن شهادة الحال لیست حجة لشغل الذمة الحالیة و الضرر یندفع بالإشهاد و لیس إقرار العبد بأولی من إقرار الوکیل و قال إن الأصح أن إقراره لا یمضی علی المولی (و احتمل) فی عبارة الکتاب هناک أنه أذن له فی التجارة بمقدار معین و دفع إلیه مالا لیتجر به ثم عاد و بیده أعراض یدعی أنه اشتراها فی ذمته و أن دینها باق و ادعی تلف ما کان فی یده مع أنه قد قال هنا إن المصنف احترز بقوله فأقر بما یتعلق بها عما إذا أقر بإتلاف و نحوه مما مدخل له فی التجارة فإنه لا ینفذ فی حق المولی فکیف یصح له أن ینزل عبارة الکتاب هناک علی إتلاف ما فی یده فلیتأمّل ثم إنه إذا لم یعتد بشهادة الحال و لم یقبل الإقرار فما ذا یقول فی هذه الأعراض التی فی یده أ هی لمولاه أو لأصحاب الدیون و کلامه یعطی بأنها لمولاه و قضیته أنه لو أقر أن ما فی یده ملک لزید ودیعة إنه لا یقبل و یکون المال للمولی ثم إن کلامه صریح فی عدم قبول إقرار الوکیل فیما یتعلق بالتجارة و لیس کذلک کما ستسمع (و کیف کان) فلعله لا إشکال علی هذا التنزیل و الاحتمال و إنما الإشکال فی کلام صاحب الغنیة و فیما فهمه الجماعة المتأخرون إذ کلامهم صریح فی عدم القصر علی نحو المثال و عدم تقییده بالمقدار الذی أذن له بالتجارة فیه بل کل دین اقتضته
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 240
و یؤخذ ما أقر به مما فی یده و لو کان أکثر لم یضمنه المولی بل یتبع بعد العتق (1) و لا یصح إقرار المولی علیه بحد و لا غیره (2)
______________________________
التجارة لأن ضروریات التجارة لا تنحصر فی مقدار فالمسألة مفروضة فی کلامهم فی الأعم إذ قد قال فی (المبسوط) و (الغنیة) یقبل إقراره فیما یتعلق بالتجارة خاصة کأن یقر بثمن مبیع أو أرش معیب أو ما أشبه ذلک و قد سمعت تفصیل (الکفایة) و قد وجه إشکال (التذکرة) فی (جامع المقاصد) و (المسالک) بعموم الحجر علی المملوک إلا ما دل علیه الإذن و هو التجارة و کون الاستدانة من لوازمها ممنوع و لو سلم افتقار الإذن إلیها فی بعض الموارد فلا یدل علی الملازمة و لو سلمت فاللزوم غیر بین فلا یدل الإذن فیها علی الإذن فیها بالالتزام و انتفاء دلالتی المطابقة و التضمن ظاهر و هذا یقضی أیضا بأن محل الفرض ما هو أعمّ و أوضح من ذلک تشبیهه فی (مجمع البرهان) ما یتعلق بها بأجرة الحمال و الوزان و الدواب و قوله فیه المراد بالإذن فی التجارة کونه بحیث یشمل القرض لها و للأعمال فی الذمة و علی هذا فلعل الأولی تفصیل الکفایة و تمام الکلام فی باب الحجر
(قوله) (و یؤخذ بما أقر به مما فی یده و لو کان أکثر لم یضمنه المولی بل یتبع به بعد العتق)
أی یؤخذ الذی أقر به من الذی فی یده فلو کان الذی أقر به أکثر مما فی یده تبع به بعد العتق و لیس علی المولی فیه شی‌ء کما صرح بذلک فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و ظاهر إطلاق (الغنیة) و (نهایة المرام) و (المفاتیح) و صریح (مجمع البرهان) أنه یقبل فی جمیع ما یتعلق بالتجارة قال لأن التاجر قد یخسر و قد یسرق منه و یحرق و یغرق و قد یظن النفع فی بلد آخر فینقل إلیه المتاع بأجرة فیتفق عدم النفع و یلتزم بالأجرة و أنه یستأجر الحمال و الوزان و الکیال إلی غیر ذلک کما هو الشأن فی الوکیل فی ذلک فإنه یقبل إقراره فی أن علیه دینا صرفه فیه للتجارة و هذا هو الموافق للاعتبار و قد سمعت تفصیل الکفایة و لعل کلام الکتاب و ما ذکر معه محمول علی ما إذا صرح بأنه غیر مأذون فیما زاد علی الاستدانة لخصوص التجارة فلیتأمّل ثم إنه لا یتم فی کلام المبسوط و لأنه صرح بالعموم و صرح بما فی الکتاب و قد قالوا فی باب الحجر إنه لو أذن له فی التجارة جاز له کل ما یندرج تحتها أو استلزمته کحمل المتاع إلی المحرز و الرد بالعیب إلی غیر ذلک و قالوا لیس له الاستدانة إلا مع ضرورة التجارة المأذون فیها فیلزم المولی لأنه فی معنی الإذن فحوی کما لو ماتت الدابة الحاملة للمتاع و لم یمکن غیرها إلا بالاستدانة و کأجرة الحافظ و نحوها
(قوله) (و لا یصح إقرار المولی علیه بحد و لا غیره)
أی من العقوبات کالتعزیر و ضرب الید فی الاستمناء و نحو ذلک کما فسر بذلک فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و هذه المسألة إجماعیة کما فی (الإیضاح) و لا خلاف فی ذلک کما فی (جامع المقاصد) و قد وجدتنی فی باب القضاء ناقلا علی ذلک الإجماع عن (الخلاف) لأن إیلام العبد متعلق به و بالمولی فلا یکفی إقرار المولی بثبوته کما لا یکفی إقرار العبد کما تقدم و لأنه متعلق بما یؤلمه و لا یملک المولی منه ذلک و قد فهم صاحب (المسالک) فی باب القضاء من هذه العبارة أن المراد بغیره غیر الحد من المال و غیره و أن المراد أنه لا یقبل إقرار المولی علیه مطلقا و أن کلامه هذا مناف لقوله فی باب القضاء و إذا ادعی علی المملوک فالغریم مولاه سواء کانت الدعوی مالا أو جنایة إلی آخره لأنه إذا کان هو الغریم کان إقراره مقبولا علیه و أنت قد عرفت المراد من العبارة هنا و أنه لو أراد ما فهمه فی (المسالک) لما قبل بعده لو أقر علیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 241
و لو أقر علیه بالجنایة فالأقرب قبول قوله و یجب المال و یتعلق برقبته لا فی حق العبد کفک الإرث فیعتق بالقیمة و إن قصرت علی القولین (1)
______________________________
بالجنایة بل الواجب أن یستثنی فیقول إلا إذا أقر علیه بالجنایة و قد بینا معنی کلامه فی باب القضاء أن الغریم هو المولی بأن الدعوی إما بالمال أو النفس أو الطرف و الکل للمولی فلا عبرة بإقرار العبد و لا إنکاره و إنما المدار علی إقرار المولی و لا یلزم من اعتبار إقراره لزوم القصاص فی النفس و الطرف و ثبوت الحدود و التعزیرات إن أنکر العبد بل اللازم الاسترقاق کلا أو بعضا و أنه لا یلزم من عدم اعتبار إقرار العبد ما دام مملوکا أن لا یعتبر فیما بعد العتق بل إذا أقر تبع لما أقر به من مال أو قصاص و قد أطلنا المقال هناک و أزلنا الإشکال و نقلنا کلام المصنف فی الباب و قلنا الغریم تارة هو المولی کما إذا أوجبت الدعوی استرقاقا و تارة هو العبد فقط و هو فیما یتبع به بعد العتق و أخری العتق و أخری هما معا و هو فیما إذا أوجبت الدعوی فی الحال الاقتصاص فی النفس و الطرف
(قوله) (و لو أقر علیه بالجنایة فالأقرب قبول قوله و یجب المال و یتعلق برقبته لا فی حق العبد کفک الإرث فیعتق بالقیمة و إن قصرت علی القولین)
قد تقرر فی محله أنه لو مات و لا وارث له سوی ولد مملوک مثلا فإنه یفک من ترکة أبیه من مولاه بقیمته و تدفع إلی مولاه و یتحرر و یأخذ بقیة المال و قد بنی علی ذلک هنا تحقیقا عمیقا فقال إذا أقر المولی علی عبده بجنایة عمدا کانت أو خطاء فالأقرب قبول قوله فی حق نفسه لا فی حق العبد بمعنی أنه یجب علیه المال عن الجنایة و یتعلق برقبة العبد لا فی مال العبد و حقه و ترکة أبیه فلو أنه اتفق حین إقراره علیه أن أباه مات و له مال کثیر یفی بقیمته و زیادة و لا وارث له سواه فإنه یفک بقیمته لا غیر و إن أوجبته الجنایة أزید من قیمته و تعتقه و تسلمه الترکة و لا نأخذ منها شیئا بعد ذلک حتی علی قول الشیخ فی (الخلاف) فی جنایة الخطاء بأن المولی إنما یفک العبد الجانی بأرش الجنایة و إن زادت عن قیمته و القول الآخر للشیخ فی (المبسوط) و الجماعة أنه یفک بأقل الأمرین من القیمة و أرش الجنایة و فائدة عدم تعلق الجنایة بحق العبد أنما تظهر علی قول (الخلاف) فإنها لو تعلقت بحق العبد لوجب أن تفکه من ترکة أبیه بقیمته و تدفع للمجنی علیه منها الزائد عن قیمته الذی أوجبته الجنایة و بالجملة یجب علی قول (الخلاف) حینئذ أن تدفع للمجنی علیه أرش الجنایة من ترکة أبیه و إن زاد علی قیمة أضعافها و لما لم تتعلق بحقه وجب علی هذا أن لا نفکه إلا بقیمته کما عرفت و هذا هو مراد المصنف بقوله و إن قصرت علی القولین إذ معناه أنه یفک بقیمته و إن نقصت عن أرش جنایته علی قول (الخلاف) و من المعلوم أنه علی قول (المبسوط) فلا یفک إلا بقیمته کما هو ظاهر فقوله کفک المورث معناه کما لو اتفق موت مورثه و له ترکة ففیه إیجاز و اختصار کثیر للعلم به و ظهوره من المقام هذا علی تقدیر إقرار مولاه علیه بالجنایة خطاء و من المعلوم أنه لو لم یتفق موت أبیه کان مولاه فی الخطاء مخیرا بین فکه بأقل الأمرین من القیمة و أرش الجنایة علی قول (المبسوط) و بأرش الجنایة علی قول (الخلاف) کما هو ظاهر و أما إذا أقر علیه بالجنایة عمدا و قد اتفق موت أبیه مثلا فإنه یفک أیضا بقیمته لکن لا خیار للمولی هنا بل للمجنی علیه أو ولیه القصاص و بیعه و استرقاقه و حیث تعذر القصاص هنا لعدم نفوذ الإقرار فیه فإذا استرقه فإن کانت جنایته تساوی قیمته أو تزید علیها دفع إلیه من ترکة أبیه قیمته لا غیر و إن لم یرض و عتق و أخذ المال و إن کانت دون قیمته استرق منه بمقدار الجنایة و دفع إلیه من الترکة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 242
..........
______________________________
بقدر ما استرق و الباقی من القیمة یدفع إلی مولاه و یصیر حرا کما هو الشأن فیما إذا کانت الجنایة خطاء و کانت أقل من قیمته فإنه یفک من الترکة بالقیمة و یعطی المجنی علیه بمقدار حقه و الباقی لمولاه و تظهر الفائدة فی صورة العمد أنه لو اتفق موت مورثه فک من المجنی علیه و إن لم یرض و لا کذلک لو لم یتفق فإنه لا بد من رضاه و کیف کان فوجه القرب بالنسبة إلی المولی فی حق نفسه عموم إقرار العقلاء و أنه لو أقر به لزید قبل فکذا هنا کذا قالوا (قلت) الوجه فیما یوجب المال ظاهر و فی القصاص أنه لا یطل و لا یبطل دم امرئ مسلم و هو خیرة (التحریر) و (الدروس) و (الإیضاح) و (جامع المقاصد) بل و (التذکرة) عند إمعان النظر و وجه العدم فی حق المولی فی (الحواشی) بأنه لا ینفذ إقراره فی حق عبده بحد و ستسمع ما فی (الإیضاح) و وجه عدم نفوذه فی حق عبده أنه غیره فلا ینفذ إقراره فی حق الغیر و قد أطال فی (جامع المقاصد) فی المقام فی غیر ما طائل و قال لو کانت الجنایة المقر بها عمدا تسلط المجنی علیه علی استرقاقه لنفوذ الإقرار فیه إذ لا حق للسید فیستحق حینئذ القیمة و إن نقص عنها أرش الجنایة و فیه أنه إذا نقص عنها أرش الجنایة استرق منه بقدر أرش الجنایة لا غیر کما طفحت به عباراتهم فی باب القصاص و ستسمع عن (التحریر) ما یخالفه أیضا و قال أیضا إنه لا یستقیم کلام (الدروس) مع أنا نراه قیما مستقیما قال لو اتفق موت مورثه بعد إقرار مولاه علیه بالجنایة فک بقیمته و یتعلق بها المجنی علیه مع الإیعاب و لا یتوجه هنا الفک بأقل الأمرین لأن ذلک وظیفة المولی انتهی و قد تبین (بین خ م) وجه عدم استقامته بأنه لیس للمولی فی صورة العمد الفک أصلا إلا بالتراضی فلیس له الفک بأقل الأمرین و هو کما تری (و قد حکی) الشهید عن قضاء التحریر مخالفة ما قربه هنا فی الکتاب قال قال فی (التحریر) لو ادعی أی علی العبد جنایة العمد فاعترف المولی لم یتوجه علی العبد القصاص و لا یضمن المولی و اقتصر علی ذلک مع أنه قال بعده بلا فاصلة و طریق التخلص مطابقة العبد بالجواب فإن اعترف کمولاه اقتص منه و إلا کان للمجنی علیه فی رقبته بقدر الجنایة و له تملکه إن استوعبته هذا و قال فی (الإیضاح) أن المسألة مبنیة علی مسألة و هی أن الفقهاء اختلفوا فقال بعضهم کل ما یوجب القصاص لا یثبت فیه إلا القصاص و إذا فات محله فلا عوض له و الدیة لا تثبت إلا صلحا عوضا عن العفو فعلی هذا لا یقبل إقرار السید فی حقه و قال الأکثر إنه یثبت أحد الأمرین علی البدل القصاص فإن تعذر ثبت عوضه الدیة فعلی هذا یحتمل عدم القبول ضعیفا انتهی و قد وافقه علی نسبة ثبوت أحد الأمرین علی البدل إلی الأکثر فی (جامع المقاصد) و هو منهما فی غایة الغرابة إذ الإجماع محکی فی (الخلاف) و (الغنیة) و (السرائر) و ظاهر (المبسوط) و (السرائر) أیضا فی مواضع و (غایة المراد) و (المسالک) علی أن الواجب فی قتل العمد أصالة هو القصاص بل فی (السرائر) أن الأخبار به متواترة و فی (الخلاف) و (المبسوط) أن أخبارنا به ناطقة و الشهرات به مستفیضة و الفتاوی به طافحة من (المقنعة) و (کتاب أحکام النساء) إلی (الریاض) فثبوت بدله عند تعذره من دون تقصیر من الجانی یحتاج إلی دلیل و الذاهب إلی ذلک من القدماء أقل قلیل و ما هو إلا الشیخ فی (الخلاف) فی أول کلامه ثم استحسن ما فی (المبسوط) نعم إذا هرب و فر فالذاهب إلی ذلک هو الأکثر کما أوضحنا ذلک فی ثلاث مواضع من باب القصاص ثم إن المسألة لیست من محل نزاعهم أعنی ما ثبت فیه القصاص ثم فات و أسبغنا الکلام فی باب العفو و فی (الحواشی) کلام غیر محرر و لعله لمکان النسخة لأن النسخ التی وجدناها من الکتاب المذکور کثیرة السقوط و الغلط
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 243
و لا یقبل إقراره بالرق لغیر من هو فی یده (1) و من تحرر نصفه نفذ نصف إقراره (2) و یتبع بالباقی

[المطلب الثالث المقر له و له شرطان]

اشارة

الثالث المقر له و له شرطان (3)

[الشرط الأول أهلیة التملک]

الأول أهلیة التملک فلو أقر لدابة أو لحائط لم یصح (4) و إن قال بسبب الدابة قیل یکون إقرارا للمالک علی تقدیر الاستئجار و فیه نظر إذ قد یجب بسببها ما لا یستحق المالک کأرش الجنایة علی سابقها أو راکبها (5)
______________________________
(قوله) (و لا یقبل إقراره بالرق لغیر من هو فی یده)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و هو ظاهر لأنه إقرار بمال السید و لا یقبل إقراره فیه و لأنه إقرار علی الغیر لأن ید مولاه تقضی بالملک و إقراره بالملک یقتضی نفی ذلک فیکون إقرارا علی الغیر و المراد بکونه فی یده أن یکون تحت سلطانه علی وجه الملک فی العادة و کذا إذا أقر مولاه لرجل و أقر هو برقیته لآخر کما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) أیضا
(قوله) (و من تحرر نصفه نفذ نصف إقراره)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) إذا أقر بمال أو جنایة توجب مالا و أما إذا أقر بجنایة توجب قصاصا فإنه لا یقبل و لا یستوفی منه إلا أن یصدقه المولی و المفروض عدمه و لا یطل دم امرئ مسلم فحینئذ یمکن أن یقال أنه یجب علیه نصف الدیة مما فی یده و یتبع بالباقی مالا بعد العتق بناء علی نفوذ إقراره فی حق نفسه و یحتمل أنه یقتص منه بعد العتق و لا یطالب الآن بشی‌ء
(قوله) (الثالث المقر له و له شرطان)
کما فی (التحریر) و (الإرشاد) و غیرهما و عدت فی (التذکرة) و (الدروس) و غیرهما ثلاثة و جعل الثالث تعیین المقر له و لعل من ترکه لأن الإقرار یقبل فی الجملة مع عدم التعیین کما سیأتی إن شاء اللّٰه
(قوله) (الأول أهلیة التملک فلو أقر لدابة أو الحائط لم یصح)
کما طفحت بذلک عباراتهم إذ قد صرح به فی (المبسوط) و کثیر مما تأخر عنه و فی (مجمع البرهان) أنه ظاهر و احتمله فی (الدروس) فی الدابة البطلان و الاستفسار و لا بأس به لأنه إذا أوصی بذلک بعلفها أو نذره له جاز کما ذکره المصنف و جماعة فیما إذا أوصی بها و قصد صرفه لعلفها
(قوله) (و إن قال بسبب الدابة قیل یکون إقرارا للمالک علی تقدیر الاستئجار و فیه نظر إذ قد یجب بسببها ما لا یستحقه کأرش الجنایة علی سابقها أو راکبها)
القائل الشیخ فی (المبسوط) قال إن قال علی بسبب هذه البهیمة ألف درهم کان ذلک إقرارا بالألف و معنی السبب أن یکون الألف تثبت بأرش جنایة منه علیها أو أجرة منافعها أو ما أشبه ذلک و ظاهر (شرح الإرشاد) لفخر الإسلام الإجماع علیه حیث قال فی وجه الإشکال الإرشاد من نص الأصحاب أنه لمالکه و لعل وجهه ظاهر لأنه لا کلام له وجه صحیح مع صدق أنه إقرار و ظهور عدم فساده فلا معنی لحمله علی غیره کما هو الشأن فی سائر الأقاریر فکان غیر محتاج إلی التفسیر مضافا إلی أن الغالب فی التملک بسببها أن یکون للمالک و إن لم تبلغ غلبته إلی کونه حقیقة عرفیة و أن کونه له مستغن عن تقدیر أمر زائد و هو وقوع جنایتها فی یده علی غیر المالک و هذان یقضیان برجحانه و الراجح یتعین المصیر إلیه ثم إن المتبادر من الإقرار کذلک کونه للمالک لأن المنساق المتبادر أنه استأجرها أو جنی علیها لأن المال الذی ثبت فی الذمة بسببها جار مجری نمائها و سائر منافعها فالإطلاق یحمل علی المتبادر الغالب و به یفارق الغلبة الأولی فتأمّل هذا کله مع قطع النظر عما یظهر من ولد المصنف من دعوی الإجماع علیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 244
نعم لو قال لمالکها أو لزید علی بسببها لزم (1) و لو قال بسبب حملها لم یلزمه شی‌ء إذ لا یمکن إیجاب شی‌ء بسبب الحمل (2) و لو أقر لمیت صح و انتقل إلی ورثته (3) و لو قال لا وارث له سوی هذا ألزم التسلیم إلیه إن کان دینا (4)
______________________________
و ظهور الإجماع و إن لم یکن حجة لأنه لیس بإجماع لکنه یفید الفقیه ظنا فالذی یقول کل ظن له حجة یتعین علیه المصیر إلیه و یشهد لهذه الدعوی سکوت ابن إدریس و الجماعة علیه فلیتأمّل (و أول) من تأمّل فی ذلک المحقق فی (الشرائع) فقال فیه إشکال إذ قد یجب بسببها ما لا یستحقه المالک کأروش الجنایات علی سابقها أو راکبها کالکتاب (و الإرشاد) من دون ترجیح و کذا (غایة المرام) و قوی فی (التحریر) کما قرب ولده فی (الإیضاح) البطلان لأنه لم یذکر لمن هو و قال ولده نعم لو ادعاها المالک کانت له لأنها مال لأنها مال لا یدعیه أحد و اختیر فی (التذکرة) و (الدروس) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) و (المسالک) أنه یستفسر المقر و یقبل منه تفسیره و فی بعضها فإن لم یفسره فهو إقرار لمجهول فیجی‌ء فیه حینئذ البطلان أو طلب التعیین و الأخیر خیرة (الدروس) و فی (جامع المقاصد) أنه مع تعذره فهو إقرار لمجهول و قال فی (التذکرة) إن امتنع من البیان و ادعی المالک أنه قصده حلف له و إلا فلا و قد سها القلم الشریف المبارک المیمون فی (مجمع البرهان) فنسب إلی (التذکرة) فی المسألة أنه أسند الخلاف فیها إلی بعض الشافعیة و أنه یظهر منها دعوی الإجماع و إنما ذکر ذلک فی (التذکرة) فیما إذا قال لمالکها علی ألف بسبب دابته و قال إن بعض الشافعیة قال إنه لا یصح لأن الغالب لزوم المال بالمعاملة و لا تتصور المعاملة معها و ذکر فیها فی المسألة ما حکیناه عنها
(قوله) (نعم لو قال لمالکها أو لزید علی بسببها لزم)
هذا مما لا أجد فیه خلافا إلا ما سمعته آنفا عن بعض الشافعیة و قد سمعت ما استظهره فی (مجمع البرهان) من (التذکرة) و فی (جامع المقاصد) أنه لا کلام فی نفوذ الإقرار فیهما و فی (المسالک) أنه لا إشکال فی ذلک و لو أتی بلفظ الإقرار کعبارة الکتاب طولب بالبیان فإن تعذر لنحو موته أقرع
(قوله) (و لو قال بسبب حملها لم یلزمه شی‌ء إذ لا یمکن إیجاب شی‌ء بسبب الحمل)
إن کان معناه کما هو الظاهر أنه قال لمالک الدابة علی کذا بسبب حملها توجه علیه أن یقال إنه من قبیل له کذا من ثمن خمر أو خنزیر فتبطل الضمیمة إلا أن تقول إنه قدم قوله بسبب حملها علی قوله ألف درهم کأن یقال له علی بسبب حمل الدابة ألف درهم فیکون من قبیل له علی ثمن الخمر ألف درهم و یصح الإقرار و إن کان معناه أنه قال علی کذا بسبب حمل بهیمة و لم یقل له و لا لمالکها اتجه ما قال مع قیام احتمال بسبب إتلاف حملها أو أنه أوصی له بذلک إن قلنا إنه بفتح الحاء المهملة لا بکسرها فلیتأمّل
(قوله) (و لو أقر للمیت صح و انتقل لورثته)
لأن المیّت ممن یملک علی الحقیقة عند جماعة کما یبقی علیه الدین لأنه یملک المال الموصی به بل قیل قد یتجدد له الملک بعد الموت کملکه لدیته و لما یقع فی شبکته و الحق أن ذلک کله علی حکم ماله کما بیناه و أسبغنا الکلام فیه فی باب المواریث و أیهما کان فهو کاف فی صحة الإقرار له هنا و أما انتقاله للورثة إذا لم یکن علیه دین فمما لا خلاف لأحد فیه و المسألة محلها المواریث و لذلک ترکها الجماعة
(قوله) (و لو قال لا وارث له سوی هذا ألزم التسلیم إلیه إن کان دینا)
کما فی (الإیضاح)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 245
و فی العین نظر أقربه وجوب البحث (1) و لو أقر للعبد صح و کان للمولی (2) و لو أقر لحمل فلانة و عزاه إلی وصیة أو میراث صح (3)
______________________________
و (جامع المقاصد) بل هو إجماعی کما ستعرف لأن إقرار المدیون فیه فی الحقیقة إقرار علی نفسه لأنه قد أقر بوجوب تسلیم هذا القدر من ماله فوجب أن یکون نافذا
(قوله) (و فی العین نظر أقربه البحث)
لأنه إقرار علی الغیر فلا یکون نافذا بحیث یلزم بالتسلیم من الحاکم و لما فیه من التغریر بمال لم یثبت انحصار ملکه فیه و تعریضه للتلف و هو خیرة (الإیضاح) و (جامع المقاصد) بلفظ الأصح فیهما و به جزم فی (المسالک) و قد تقدمت هذه المسألة فی باب الوکالة فی فصل النزاع و قد قال المصنف هناک و إن صدقه علی أن لا وارث له سواه لزمه الدفع و إطلاقه یتناول العین و الدین کما هو صریح (المبسوط) و (الجامع) و (التذکرة) و (جامع المقاصد) قالوا إنه إن صدقه علی أن لا وارث سواه لزمه دفع العین و الدین و فی (التحریر) لزمه الدفع فی العین و الدین إجماعا کما تقدم حکایة ذلک کله و هو ظاهر (الشرائع) و (الإرشاد) أو صریحهما فی الباب و صریح (مجمع البرهان) و قد قال إنه المشهور قلت و هو الأصح لأنه إقرار من صاحب الید لأن قوله و لا وارث له سواه یجری مجری الإقرار له من أول الأمر فکأنه قال هذا لهذا و لو اعتبر مثل هذا الاحتمال لم یتم إقرار إذ قوله هذا لزید یجری فیه احتمال وجود الشریک له و لأن قول المسلم و فعله یحملان علی الصحة و لأنه یلزمه العوض و الغرامة لغیره و العاقل لا یقر بمثل ذلک إلا إذا کان حقا و قد قال المفصلون إنه لو أراد المقر دفع العین لم یمنع فإن ظهر وارث آخر کان له مطالبته لعدم المنازع و فیه أن هذا یقضی بأنه یلزم بالتسلیم کما أن عدم الإلزام یقضی بالمنع من التسلیم إذ العلة احتمال کون العین ملک الغیر و أنه إقرار فی حق الغیر فلا معنی لعدم المنع من التسلیم مع عدم الإلزام کما جزم بذلک فی (مجمع البرهان)
(قوله) (و لو أقر للعبد صح و کان للمولی)
کما فی (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (التنقیح) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و (الکفایة) و (نهایة المرام) و فی الأخیر لا خلاف فی صحة الإقرار للعبد و قد قال فی (الریاض) أنه هو الحجة و هو غریب و الوجه فیه أنه کلام صحیح و إقرار صادر من عاقل و له وجه صحیح لأن الإقرار له یقتضی الاعتراف له بالید و ذلک ممکن فی حقه و مصحح للإقرار لأنه لا ریب فی أنه ذو ید و له أهلیة التصرف لیس کالبهیمة کما أنه لا ریب فی صحة الإضافة إلیه فی البیع و الهبة و سائر الإنشاءات و هو کاف فی صحة الإقرار فلا مخصص هنا لعموم إقرار العقلاء و لما کانت یده ید السید کان الإقرار للسید و لم یبق إلا أن الإقرار یقتضی الملک و لا ملک هنا و هذا لا یخصص العموم لأنه مجاز شائع فی العرف مشهور فی الاستعمال و ما عساه یقال إنهم قد منعوا من الوصیة لعبد الغیر فکیف أجازوا الإقرار له ففیه أن الوصیة تملیک و الإقرار إخبار بید له مجازا و الوصیة لعبده جائزة لأنها تنصرف إلی تملیکه نفسه بمعنی عتقه منها
(قوله) (و لو أقر لحمل فلانة و عزاه إلی وصیة أو میراث صح)
کما فی (المبسوط) و (الغنیة) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده و (الدروس) و (غایة المراد) و (جامع المقاصد) و (التنقیح) و (المسالک) و (مجمع البرهان)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 246
فإن ولدت ذکر أو أنثی فهو بینهما علی حسب استحقاقهما (1) و لو عزاه إلی سبب ممتنع کالجنایة علیه و المعاملة له فالأقرب اللزوم و إلغاء المبطل (2) و لو أطلق فالوجه الصحة تنزیلا علی المحتمل (3)
______________________________
و (نهایة المرام) و (النافع) بالأولویّة لأنه صححه فی صورة الإطلاق و فی (شرح الإرشاد) لفخر الإسلام الإجماع علیه و هو أی الإجماع ظاهر (التنقیح) و فی (المسالک) أنه لا إشکال فیه بل قد یقال إنه یظهر من (الغنیة) بل (و الجامع) الإجماع علیه حیث إنهما أخذاه مسلما أو کالمسلم المفروغ منه فلیلحظا و استدل فی (جامع المقاصد) علیه أی علی ما فی الکتاب بالإطباق علی أنه تصح الوصیة له و أنه یرث قلت و لا یمنع من ذلک أنه لا یستقر ملکه إلا إذا سقط حیا و قد ذکر المصنف و الأکثر فی المسألة ثلاث صور هذه أحدها
(قوله) (فإن ولدت ذکر أو أنثی فهو بینهما علی حسب استحقاقهما)
العبارة تشعر بتفاوتهما فی النصیب و هو فی الإرث فی محله و أما فی الوصیة فهما سواء کما سیأتی إن شاء اللّٰه
(قوله) (فلو عزاه إلی سبب ممتنع کالجنایة علیه أو المعاملة فالأقرب اللزوم و إلغاء المبطل)
کما فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (المختلف) و (جامع المقاصد) و کذا (غایة المراد) و فی (المسالک) أنه أشهر و قد نسبه فی (التنقیح) إلی (المبسوط) و تبعه (صاحب الریاض) و لم یظهر لنا ذلک منه بل یظهر منه التوقف لأنه ما زاد علی حکایة قولین نعم قال فی (غایة المراد) أنه یلوح من (المبسوط) و لا ترجیح فی (شرح الإرشاد) للفخر و لا (الدروس) و لا (التنقیح) و (مجمع البرهان) و فی (الإیضاح) أن الأصح البطلان و هو المحکی عن أبی علی و القاضی و (کیف کان) فحجة الکتاب و ما وافقه فی صحة الإقرار عموم إقرار العقلاء علی أنفسهم و أن کلام المکلف یصان عن اللغو بحسب الإمکان و فی إلغاء الضمیمة أنها یقتضی إبطال الإقرار و رفعه فوجب الحکم بإبطالها لسبق الحکم بصحته و أن الاقتصار علی إبطال البعض مع إمکانه أولی و أن ذلک جار مجری له ألف من ثمن خمر و الفرق بینه و بین المعلق علی شی‌ء شرطان الشرط مناف للإخبار بالاستحقاق فی الزمن الماضی فلم یتحقق ماهیة الإقرار مع الشرط بخلافه مع المنافی المتعقب فإنه إخبار تام و إنما تعقبه ما یبطله فلا یسمع و کون الکلام کالجملة الواحدة لا یتم إلا بآخره کما فی الخبر یتم فیما هو من تمامه کالشرط و الصفة لا فیما لا یتعلق به بل ینافیه و من ثم أجمعوا علی بطلان المعلق دون المعقب بالمنافی و قد استدل القائلون بالبطلان إلی ما سمعت من أن الکلام لا یتم إلا بآخره و آخره یقضی ببطلان أوله و قد عرفت الحال فیه و زاد فی (الإیضاح) أنه لا ملک للحمل فی الحقیقة و إنما یوجد سبب یصلح للتملیک فإذا لم یقر به لم یصح انتهی و معناه أن الحکم بالملک قبل سقوطه حیا منتف فلا یکون مالکا حقیقة إذ الإرث و الوصیة سببان صالحان للملک عند سقوطه حیا و مانعان من ملک غیره قبله فحمل الإطلاق علیهما مع التعقیب بالمنافی دونه یحتاج إلی دلیل و فیه أنه لعل دلیله العموم فینزل علی السبب الصحیح و إن کان نادرا لأنه یکفی فی صحته إمکان تحققه کما ستسمع و أن کون بعض کلام العاقل لغوا أولی من کونه کله لغوا و مما ذکر من أدلة القولین یعلم الوجه فی توقف من توقف
(قوله) (و لو أطلق فالوجه الصحة تنزیلا علی المحتمل)
القول بالصحة فی صورة الإطلاق خیرة (الخلاف) و (المبسوط) و (الغنیة) و (السرائر) و (جامع الشرائع) و (الشرائع) و (النافع) و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 247
و یکون بین الذکر و الأنثی نصفین (1) و یملک الحمل ما أقر له به بعد وجوده حیا لدون ستة أشهر من حین الإقرار و لو ولد لأکثر من مدة الحمل بطل (2)
______________________________
(التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده و (الدروس) و (غایة المراد) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و غیرها و فی (شرح الإرشاد) للفخر و ظاهر (التنقیح) حیث نسبه فیه للأصحاب الإجماع علیه و ذلک لازم بالأولویّة لکل من صححه فیما إذا عزاه إلی سبب باطل (کالمختلف) و قد صححه هنا من توقف هناک مستندین إلی أن إطلاقه ینزل علی وجه صحیح لاحتماله الأمرین فینزل علی السبب الصحیح المحتمل لأن کان ممکنا و إن کان نادرا فیتناوله العموم لأن ذلک لو قدح لأثر فی سائر الأقاریر و فی (الإیضاح) أن الأصح البطلان و لم یحک عن أبی علی و القاضی هنا شی‌ء فینحصر الخلاف فی فخر الإسلام مع أنه حکی الإجماع علی الصحة کما سمعت مستندا فی البطلان هنا إلی ما سمعته آنفا هذا (و قد تقدم) ما حکیناه عن (التذکرة) من القاعدة التی ذکرها فیها مکررا من أن الإقرار مبنی علی القطع و الیقین و أن الاحتمال لو کان نادرا نفی لزوم الإقرار فلا بد من محاولة الجمع بین کلامهم هنا إذ ظاهره کما هو صریح (التذکرة) أن لهم قاعدة أخری و هو أن الإقرار یحمل علی الصحة مهما أمکن و القاعدة المذکورة فیما سلف و لعله ممکن و لیعلم أن القائل بالصحة لا یکلف المقر ببیان السبب نعم لو سقط میتا کلف السبب لیرد المال المقر به إلی ورثة المورث فی صورة الإرث و إلی الموصی فی صورة الوصیة
(قوله) (و یکون بین الذکر و الأنثی نصفین)
و لعل نحوه قوله فی (الإرشاد) و إن کان اثنین تساویا و لعله أراد فیهما ما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و کذا (الشرائع) قال فی (المبسوط) فإن کانا ذکرین أو أنثیین فالمال بینهما نصفین سواء ثبت ذلک عن وصیة أو میراث فإن کان أحدهما ذکرا و الآخر أنثی فإن کان ذلک عن وصیة تساویا فیه و إن کان عن میراث تفاضلا فیه إلا أن یکونا ولدی أم انتهی (و قید) التساوی فی (الدروس) بما إذا لم یفضل و استشکل فی (المسالک) فی التسویة فی الوصیة مع إمکان الاستعلام ثم استوجه الرجوع إلی المقر و فیه أن الأصل فی الوقف و الوصیة و کل سبب مقتضی للملک و التشریک التسویة لأن الأصل عدم ما یقتضی للتفضیل و لأن التفضیل لا بد له من زیادة فی اللفظ و الأصل عدمها و لعل المراد من عبارة الکتاب أن ذلک عند تعذر الاستعلام فیکون شاملة للإرث و الوصیة و إلا فمن المعلوم بالضرورة أن الذکر و الأنثی یتفاوتان فی الإرث لکن التساوی أیضا هنا مشکل لإمکان کون السبب الإرث فلا بد حینئذ من الصلح
(قوله) (و یملک الحمل ما أقر له به بعد وجوده حیا لدون ستة أشهر من حین الإقرار و لو ولد لأکثر من مدة الحمل بطل)
کما صرح بذلک کله فی (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و (الإرشاد) غیر أنه جعل أکثر مدة الحمل عشرة أشهر و فی (المسالک) لا شبهة فی هاتین الصورتین و فی (مجمع البرهان) لا نزاع فی الصورة الأولی (قلت) و کذا الثانیة جزما فیما أجد من أقوال الخاصة و العامة و المراد بوجوده حیا تولده کذلک إذ لا یثبت له ملک قبل ذلک نعم یمنع تملک غیره فی تلک المدة و التقیید بکونه لدون الستة من حین الإقرار لیقطع بوجوده حین صدوره بخلاف ما لو کان
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 248
و لو وضع فیما بینهما و لا زوج و لا مالک حکم له لتحققه وقت الإقرار (1) و لو کان لها زوج أو مولی ففی الحکم له إشکال ینشأ من عدم الیقین بوجوده و من صحة الإقرار و للعادة (2)
______________________________
لستة فصاعدا فإنه یمکن تجدده بعد الإقرار لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر و مرادهم بقولهم من حین الإقرار أنما هو الإقرار المتأخر عن الوطء لأن لحوق الحمل مشروط بالدخول و المدة تعتبر من حین الوطء لا من حین الإقرار مطلقا و لعل مرادهم بأکثر من مدة الحمل هنا الأکثر من أقصی مدة الحمل و هو التسعة أو العشرة أو السنة کان تلده لأکثر من تسعة أشهر عند قوم و من عشرة عند آخرین و من سنة عند جماعة و هذا المعنی صریح (الإرشاد) بل و (جامع المقاصد) فی موضع منه (قال) فی (الإرشاد) و لو ولد لأکثر من عشرة لم یملک و ظاهر (المسالک) و غیرها أن المراد بالأکثر من مدة الحمل أقصاها أعنی نفس التسعة أو العشرة أو السنة علی اختلاف الآراء لکنه علی هذا یبطل (لا یبطل خ) إذا کانت خالیة مع أن الأصل عدم الشبهة لندورها و عدم الزنا لأنها مسلمة و یشکل بالکافرة و یرد علی الأول ما ستسمعه عن (جامع المقاصد) فی آخر المسألة و قال فی (جامع الشرائع) فلو ولدته لأکثر من ستة أشهر لم یصح فلیتأمّل و وجه البطلان ظاهر للقطع بأنه لم یکن موجودا من حین الإقرار
(قوله) (و لو وضع فیما بینهما و لا زوج و لا مالک حکم له لتحققه وقت الإقرار)
کما فی (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و المراد أنه ولد لأکثر من ستة أشهر و دون تسعة أشهر کما هو صریح (الجامع) أو ولد للتسعة مثلا التی هی بین الأقل و هی الستة و الأکثر من التسعة و معنی تحققه وقت الإقرار أنه یکون للفراش الأول حیث کانت خالیة من فراش یمکن تجدده بوجه سائغ و لو شبهة أو غیر سائغ کما هو المفروض فإن ذلک یعین أن یکون للأول فقولهم و لا زوج و لا مالک کنایة عن ذلک و إلا لما صح لهم التعلیل بتحققه وقت الإقرار لکنه یکون مقارنا إلا أن تلحظ ما یأتی و قد یقال إنه یکفی فی التحقق عدم الزوج و المالک کما حکم بثبوت نسبه بذلک إذ الشبهة و الزنا یندفعان بالأصل کما عرفت فتأمّل
(قوله) (و لو کان لها زوج أو مولی ففی الحکم له إشکال ینشأ من عدم الیقین بوجوده و من صحة الإقرار و العادة)
و نحوه ما فی (التذکرة) حیث قال فیه نظر و قد اختیر فی (المبسوط) و (الجامع) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) بطلان الإقرار و عدم صحته لعدم الیقین بوجوده و وجود المقر له شرط الصحة فلا بد من تحققه و أصل عدمه و أصل عدم الاستحقاق و قد جزم المصنف بالبطلان فی مثله فی باب الوصیة و قد أسبغنا الکلام هناک و قد مال فی (الشرائع) إلی صحة الإقرار قال لو قیل به کان حسنا و فی (الحواشی) أنه قوی لأن الأصل فی الإقرار الصحة للقاعدة القائلة بأن الإقرار یحمل علی الصحة مهما أمکن و وجوده حین الإقرار أمر ممکن علی التفسیرین فی الأکثر کما عرفت فلا یحکم ببطلان الإقرار بمجرد الاحتمال و لقضاء العادة ببقاء الحمل تسعة أشهر و بأنه لا یولد تاما إلا فیها کما هو الغالب فکان الظاهر أنه لا یولد لدون تسعة أشهر فإذا أولدته لهذه المدة من حین الوطء کان وجوده حین الإقرار غالبا و إذا ولدته لأقل من تسعة و أکثر من ستة أشهر کأن ولدته لثمانیة أشهر مثلا کان وجوده حال الإقرار ثابتا جریا علی الغالب إلا أن یضبط زمان الوطء فیبنی علی الندرة قوة و ضعفا و قد یقال إنه یمکن حصوله بعد الإقرار و لو بلحظة هذا و لا بد من التقیید فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 249
و لو سقط میتا فإن عزاه إلی إرث أو وصیة عاد إلی مورث الطفل أو الموصی (1) و إن أطلق کلف السبب و عمل بقوله (2) فإن تعذر التفسیر بموته أو غیره بطل الإقرار کمن أقر لرجل لا یعرفه (3)
______________________________
العبارة و ما وافقها بالدخول و مضی ستة أشهر للوضع من حینه کما عرفت و فی (جامع المقاصد) أنما یستقیم التعلیل بالعادة إذا کان الوضع لدون تسعة أشهر من حین الإقرار و المسألة شاملة لما فوق التسعة إلی أقصی مدة الحمل قلت هذا مبنی علی أنه فهم من العبارة أن المراد بالأکثر الأکثر من التسعة و لو أرید به نفس التسعة و أن المراد من بینهما الثمانیة أو السبعة کما هو صریح (جامع الشرائع) لم تکن العبارة شاملة و علی تقدیر الشمول فلعله علی ما صورناه یستقیم التعلیل و یتضح السبیل فلیتأمّل
(قوله) (و لو سقط میتا فإن عزاه إلی إرث أو وصیة عاد إلی مورث الطفل و الموصی)
کما فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و هو معنی قوله فی (الجامع) فإن سقط میتا بطل و المراد بالطفل الحمل نفسه کما أن المراد بمورثه الذی استحق الإرث منه و وجهه ظاهر مما تقدم لأن الحکم بالصحة کان مراعی بسقوطه حیا
(قوله) (و إن أطلق کلف السبب و عمل بقوله)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و هو معنی قوله فی (المبسوط) و (الشرائع) و (الإرشاد) إن أجمل طولب ببیانه و المراد أنه إن فسره بالإرث تبین بطلانه و رجوعه إلی بقیة الورثة و إن فسره بالوصیة له بطل و رجع إلی الموصی أو ورثته و تغایرهما أکثر و هذا هو الوجه فی تکلیفه السبب لأن العلم بمستحق ذلک متوقف علی إثباته و الوجه فی العمل بقوله إن المرجع فی أصل الإقرار إلیه فکذا فیما یترتب علیه و لأنه لا طریق إلی العلم بالحال إلا بقوله و الأصل فی أخباره الصحة و لا معارض و قد تقدم أنه مع الإطلاق لا یجب استفساره عنه ابتداء لعدم الحاجة إلیه حینئذ و لو امتنع من التفسیر طالبه الحاکم و کذا إذا عزاه إلی سبب باطل فإنه یرجع إلی الإطلاق و یکلف السبب الصحیح
(قوله) (فإن تعذر التفسیر لموت أو غیره بطل الإقرار کمن أقر لرجل لا یعرف)
________________________________________
عاملی، سید جواد بن محمد حسینی، مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلاّمة (ط - القدیمة)، 11 جلد، دار إحیاء التراث العربی، بیروت - لبنان، اول، ه ق

مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)؛ ج‌9، ص: 249
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) لانتفاء المقر له فکان کما مثلاه و لا مجال للقرعة هنا إذ لیس من یقرع بینهم لعدم انحصارهم و فی (المسالک) و (مجمع البرهان) أنه مشکل لخروجه عن ملکه بالإقرار علی کل تقدیر و إنما تعذر معرفة مستحقه فیکون مالا مجهولا المالک و بطلان ملکه بالموت قبل الوضع أنما أوجب بطلان السبب الناقل إلی الحمل لا بطلان ملک غیره کالوارث و ورثة الموصی و کما یحتمل کون المقر هو المالک یحتمل غیره و قال فی الأخیر ینبغی التصالح إن أمکن (قلت) لعله أراد الصلح بین ورثة مورث الطفل و ورثة المقر لأنه یحتمل أن یکون وصیة من المقر و إرثا من مورث الطفل فتأمّل و قال یحتمل تسلیمه إلی الحاکم و التصدق به عن مالکه (قلت) لعل الظاهر أنهما فی الکتب الثلاثة بنیا الحکم علی الأصل و الظاهر لأن الأصل فی المال المقر به أن یکون ملکا للمقر و إنما خرج عنه بإقراره للحمل و ملک الحمل مراعی بولادته حیا فکان خروجه عن ملکه مراعی کذلک فإذا فقد شرط الملک لم یصح الإقرار لأنه کان مراعی فیرجع إلی أصله کما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 250
و لو ولدت اثنین أحدهما میت فالمال للآخر (1) و لو أقر لمسجد أو مشهد أو مقبرة أو مصنع أو طریق و عزاه إلی سبب صحیح مثل أن یقول من غلة وقفه صح (2) و إن أطلق أو عزاه إلی سبب باطل فالوجهان (3)

[الشرط الثانی عدم التکذیب]

الثانی عدم التکذیب (4)
______________________________
أن الظاهر ذلک فإذا بطل الإقرار رجع المال إلی مالکه ظاهرا فتأمّل أو لعلهما إنما حاولا بیان بطلان الإقرار لا بیان الحال فی المال و لعل هذا هو الظاهر فتأمّل
(قوله) (و لو ولدت اثنین أحدهما میت فالمال للآخر) (1) کما فی (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و وجهوه بأن المیّت کالمعدوم و فی (المسالک) أنه متجه بالنسبة إلی الوصیة و کذا إن کانت جهة الاستحقاق إرثا بالولادة مع إحصار الإرث فی الحمل و أما إذا کانا أخوین لأم لا لأب و لیس لهما ثالث فحیاتهما توجب لهما الثلث و لأحدهما السدس فلا یکون ما أقر به للآخر فلا بد من الرجوع إلی المقر فی جهة الاستحقاق لیعلم مقدار استحقاق الآخر و لا یلزم من کون المقر (المیّت ظ) کالمعدوم أن یکون مجموع المقر به للآخر و تأمّل فی (مجمع البرهان) فی کلام (الإرشاد) و لعله أراد ما فی (المسالک) قلت غرض الجماعة أولا و بالذات أنه لا یبطل الإقرار بموت الآخر کما لعله قد یتوهم بل یکون المال للآخر علی حسب الواقع یوم الإقرار کما هو ظاهر فلم یتوجه ما فی المسالک
(قوله) (و لو أقر لمسجد أو مشهد أو مقبرة أو مصنع أو طریق و عزاه إلی سبب صحیح مثل أن یقول من غلة وقفه صح)
إجماعا کما فی (الإیضاح) و وجها واحدا کما فی (جامع المقاصد) و هو کذلک لأنه قد جزم به کل من تعرض له
(قوله) (و إن أطلق أو عزاه إلی سبب باطل فالوجهان)
قد استوجه الصحة فی الحمل فیما إذا أطلق و قرب اللزوم فیه إذا عزا الإقرار إلی سبب فاسد و هنا قال الوجهان و لعله لا یدل علی المخالفة فی الحکم بین المسألتین لکنه فی (التحریر) جزم بصحة الإقرار فی صورة نسبته إلی السبب الباطل و قربها فی (الإرشاد) و هنا استشکل فیها علی الظاهر فی الفرضین و لعله لانتفاء الملک عن المسجد و نحوه بل فی (غایة المراد) أنه إذا أطلق هنا فیه الإشکال من وجه آخر و هو أن ظاهر الإقرار الفساد لانتفاء الملک عنهما و من أنه یجب حمل کلام العاقل علی الصحة لکنه قال بعد ذلک و الحق أنه لا فرق بین المسألتین و قد جعلتا أیضا من سنخ واحد فی (التذکرة) و (شرح الإرشاد) للفخر و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (مجمع البرهان) و کذا (الإیضاح) فما ذکروه هناک ذکروه هنا و قال فی (الإیضاح) البطلان هنا أولی و المجاز أبعد و فی (الحواشی) أنه قوی و قد عرفت أنه فی (الإیضاح) اختار هناک البطلان فی صورتی الإطلاق و النسبة إلی سبب فاسد و لم یتعرض لذلک فی (المبسوط) و (الشرائع) و (المسالک) و غیرها
(قوله) (الثانی عدم التکذیب)
قد جعل أیضا شرطا بعنوان العنوان فی (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و (المفاتیح) و کذا (الإیضاح) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) و مما یعلم منه أنه شرط من دون عنوان بل فی أثناء الکلام (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و قد ترک التعرض له فیما بقی و لعله لأنه لیس شرطا فی صحة الإقرار علی نحو الشرط الأول بل فی نفوذه فی حق المقر کما صرحوا به فیما إذا رجع المقر له عن إنکاره الأول کما ستسمع إن شاء اللّٰه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 251
فلو قال هذه الدار لزید فکذبه لم یسلم إلیه (1) ثم إما أن یترک فی ید المقر أو القاضی (2)
______________________________
و قد عبر عن ذلک فی (الریاض) بأنه لیس شرطا فی نفوذ أصل الإقرار و إنما هو شرط فی تملک المقر له و هی عبارة ردیئة خلاف ما عبروا به و إن کان المراد معلوما و قال فی (التذکرة) یشترط فی الإقرار و الحکم بصحته عدم تکذیب المقر له للمقر مع أنه قال إذا رجع المقر له عن الإنکار سلم إلیه و کیف کان فلا یشترط أن یکون الإقرار و التصدیق علی رسم الإیجاب و القبول
(قوله) (فلو قال هذه الدار لزید فکذبه لم تسلم إلیه)
کما صرح بذلک فی (التذکرة) و ما ذکر معها عدا (المفاتیح) فإنه قد یظهر منه ذلک و معنی قولهم لم یسلم إلیه أنه لا یجبر المقر له علی قبضها و تسلمها خلافا لبعض (الشافعیة) کما صرح بذلک کله فی (الإیضاح) و معناه أنه لا یسلم إلیه علی طریق اللزوم و الوجوب أو أنه لا یجوز أن تسلم إلیه کما احتمله فی (جامع المقاصد) و وجه لازم الأول بأنه لو رجع إلی التصدیق عن الإنکار استحقها فیجوز تسلیمها إلیه فی حال الإنکار و لأنه ماله بزعم المقر فله التسلیم علی مقتضی إقراره و أما وجه عدم إجباره فواضح و وجه الثانی بأن المقر له (المقر به خ) قد انتفی عنه بتکذیبه فکیف یجوز تسلیمه ما لیس له و ربما بنی ذلک علی أن المقر هل هو مؤاخذ بإقراره هذا أم لا فعلی الأول یجوز له التسلیم إذ هو بالنسبة إلیه مال المقر له و علی الثانی لا یجوز له کذا قال فی (جامع المقاصد) فتأمّل فیه إذ هو کما تری ثم إن ظاهر قولهم بعد ذلک ثم إما أن یترک فی ید المقر أو القاضی أنه لا یجوز تسلیمها إلیه کما هو ظاهر (قضاء التحریر) کما ستسمع أنه قد ینسی المقر أو یغفل و لا یتوهم أنها للمقر له و لیست فی الواقع کذلک فتأمّل
(قوله) (ثم إما أن یترک فی ید المقر أو القاضی)
کما فی (التحریر) و قال فی (التذکرة) للقاضی الخیار إن شاء انتزعه من یده و إن شاء أبقاه فی ید المقر و قال فی (جامع المقاصد) بعد نقله کلام (التذکرة) إن هذا التخییر ظاهر عبارة (الکتاب) و جزم فی (الإیضاح) بأنها للتردید لا للتخییر (قلت) هو الظاهر و کیف کان فالقول بأنها تبقی فی ید المقر خیرة (جامع الشرائع) و التخییر بمعنی أن القاضی یتخیر خیرة (التذکرة) کما سمعت و هو عین القول بأنه یترک فی ید القاضی و خیرة (الإرشاد) و (الإیضاح) و (غایة المراد) فی آخر کلامه و (جامع المقاصد) و (المسالک) و فی (غایة المراد) أیضا أنها تبقی فی ید المقر إن قبلنا رجوعه لأصالة بقائه و لإمکان أن یدعیها فتثبت له و إن لم نقل به ففی انتزاعها منه وجهان نعم لأنه عزاه إلی غیره و الحاکم ولی الغیر و الثانی لا فإن القابض له أهلیة الإمساک و الظاهر أنه غیر ظالم لأصالة صحة تصرف المسلم فتبقی یده علی ما کانت علیه لأصالة بقاء حق الإمساک و لعله مستند (صاحب الجامع) مضافا إلی أن الأصل عدم العدوان فی ید المسلم فلا یجوز انتزاعها من یده و أن انتزاعها مترتب علی کونها عدوانا و رده فی (جامع المقاصد) بأن الاستحقاق خلاف الأصل کما أن العدوان خلاف الأصل لتوقف کل منهما علی سبب یقتضیه و الأصل عدمه و الید الشرعیة أعمّ من استحقاقها الإدامة و عدمه لإمکان حصول المقر به فی ید المقر بوجه حسبة کالتخلیص من ید ظالم و إطارة الریح الثوب إلی داره و الأصل عدم ما یقتضی أمرا زائدا قلت لا ریب فی أن الأصل فی ید المسلم عدم العدوان لما ذکر و أصل براءة الذمة المقتضی لعدم العدوان و الأصل فی فعل المسلم الصحة و أما الاستحقاق فإنه و إن کان خلاف الأصل لما ذکر لکنه علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 252
فإن رجع المقر له عن الإنکار سلم إلیه (1) فإن رجع المقر فی حال الإنکار فالأقرب عدم القبول لأنه أثبت الحق لغیره بخلاف المقر له فإنه اقتصر علی الإنکار (2)
______________________________
الأصل بمعنی الأعم الأغلب الراجح إذ الغالب فی أیدی المسلمین کونها مالکة للعین أو المنفعة فتدخل فی ذلک العاریة إن قلنا إن المستعیر یملک المنفعة و إلا فیکفی فی استحقاقه الإباحة و قد سمعت ما فی (غایة المراد) و الحسبة و الإطارة من الأفراد النادرة جدا (و کیف کان) فظاهر (التذکرة) و (الإیضاح) اشتراط العدالة فیه و کأنه مال إلیه من حکاه عن (التذکرة) ساکتا علیه و وجه الثانی أن القاضی هو ولی الغائب و المتولی لحفظ المال الضائع و المجهول المالک فینزعه و یسلمه إلی أمینه و لیس للمقر الامتناع من تسلیمه إلی الحاکم لأنه لیس له بإقراره و لا یدعی فیه یدا تستحق الإبقاء و قد اعترض فی (جامع المقاصد) علی قوله فی (غایة المراد) لأصالة بقائه بأنه لا أصل یرجع إلیه فی إدامة یده قلت قد عرفت أن هناک أصلا أصیلا حکم به العقل بعنوان کلی و هو قبح ترجیح المرجوح علی الراجح و لما کان الغالب الراجح فی ید المسلم الاستحقاق کان عدم الالتفات إلیه قبیحا لکن هذا الأصل یقبل التخصیص لأنه لم یحکم به العقل مباشرة فیقدم القاضی علیه لما ذکر فی توجیهه
(قوله) (فإن رجع المقر له عن الإنکار سلم إلیه)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و (مجمع البرهان) لأن أقوال المسلمین و أفعالهم محمولة علی الصحة إذا احتملت و هی هنا محتملة لاحتمال نسیان کونه له أولا ثم تذکر و احتمال انتقاله إلیه الآن بإرث أو نحوه و قد نهی الشارع عن التجسس و لأنه مال لا یدعیه غیره و صاحب الید مقر له به و قد زال حکم الإنکار بالتصدیق فیبقی الإقرار سلیما عن المعارض و لکن فی (قضاء التحریر) ما یخالفه قال فإن رجع المقر له و قال غلطت بل هو لی ففی قبول ذلک منه إشکال و لو رجع المقر و قال غلطت فهو لی فإن کان فی یده فالأقرب القبول و إن لم یکن فی یده فالأقرب العدم لانتفاء سلطنة الید و هکذا کل من نفی عن نفسه شیئا ثم رجع قبل أن یصیر لغیره أو بعده و هذا یخالف کلامه هنا فی هذه المسألة و ما بعدها و یأتی للمصنف عند قوله و لو ادعی المقر له جنسا غیر ما فسره ما لعله یوافق قضاء التحریر و نحو ذلک ما فی (المبسوط) کما تسمعه هناک أیضا
(قوله) (فإن رجع المقر فی حال الإنکار فالأقرب عدم القبول لأنه أثبت الحق لغیره بخلاف المقر له فإنه اقتصر علی الإنکار)
عدم القبول خیرة (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و (مجمع البرهان) و قد سمعت ما فی (التحریر) فی باب القضاء و قد استندوا إلی التعلیل المذکور و معناه أن إقرار المقر تضمن أمرین النفی عن نفسه و إثباته لغیره الذی عینه فلا یسمع منه بخلاف إقرار المقر له فإنه اقتصر علی الإنکار و ما أثبته للغیر المعین و لا مطلقا بالتصریح و إن لزم ذلک ضمنا لأنه لا یکون بغیر مالک و لعل قوله فی (جامع المقاصد) أن إنکاره و لا یدل علی الملک لغیره بشی‌ء من الدلالات الثلاث لم یصادف محله (و قد استدل) علیه بأن إقراره الأول مضی علیه و حکم علیه به و المشروط بعدم التکذیب أنما هو نفوذ الإقرار فی حق المقر له بحیث یجب علیه تسلیم المقر به لا أن ذلک شرط صحة الإقرار فی نفسه إذ لا دلیل و وجه غیر الأقرب أنه مال لا یدعیه أحد و الید له علیه فیجب أن یقبل إقراره فیه و دعواه ملکیته و لأنه لما حصر ملکیته فی زید و قد انتفی عنه بنفیه جری مجری المباح و هذا لیس بشی‌ء نعم لک أن تقول إن احتمال الصحة هنا قائم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 253
و لو أقر لعبد بنکاح أو تعزیر قذف فکذب السید فالأقرب اللزوم (1) بخلاف ما لو کذب العبد إذ لا حق للسید هنا (2) و لو أنکر المقر له بعبد قیل یعتق و لیس بجید (3)
______________________________
أیضا لأنه یحتمل أنه نسی أو اشتبه فالظاهر أنه یقبل منه لو أظهر وجها معقولا و الحال أن المقر له منکر کما سمعته عن (التحریر) و قد نفی عنه البعد فی (مجمع البرهان) و فی (جامع المقاصد) أن هذا إنما هو إذا قلنا بعدم انتزاعه فإن جوزناه لم یقبل رجوعه قطعا و به صرح فی (التذکرة) و (التقیید) فی کلامهم بحال الإنکار لیدل علی أنه لو رجع مع عدم الإنکار لم یقبل منه بالطریق الأولی
(قوله) (و لو أقر لعبد بنکاح أو تعزیر قذف فکذبه السید فالأقرب اللزوم)
کما فی (جامع المقاصد) و فی (الإیضاح) أنه الأصح للأصل بمعنی عموم إقرار العقلاء و أنه لا حق للسید فی المقر به أما التعزیر فظاهر إذ لا حق للسید فیه قطعا کما فی (الإیضاح) و أما النکاح فإنه و إن توقفت صحته علی رضا السید لأنه لا یصح أن ینکح إلا بإذن السید إلا أنه إذا ثبت لم یکن للسید حق فیه و لا نعنی أنه یثبت فی حق السید بمعنی أن نحکم به بالنسبة إلی العبد حتی یتعلق بحقوق المولی بل بمعنی أنه یثبت فی حق المقر بمعنی أنه لا یجوز للمرأة المقرة به أنه تتزوج بغیره لکن هذا لا یتفاوت الحال فیه بتصدیق العبد و تکذیبه فلا یستقیم قوله بخلاف ما لو کذب العبد علی إطلاقه و وجه غیر الأقرب إطلاق قول الأصحاب بأن الإقرار للعبد إقرار للسید و فیه أنه إنما یعقل فیما یتصور کونه للسید ثم إن المقر أخذ بإقراره صدق المقر له أو کذب فلا معنی لقوله الأقرب و لا وجه لغیر الأقرب نعم استیفاء التعزیر موقوف علی تصدیق العبد و مطالبته
(قوله) (بخلاف ما لو کذب العبد إذ لا حق للسید هنا)
هذا تعلیل لقوله الأقرب اللزوم و لقوله بخلاف ما لو کذب العبد إذ معنی الأول أنه یلزم و إن لم یصدق السید و معنی الثانی أنه لا یلزم إذا کذب العبد
(قوله) (و لو أنکر المقر له بعبد قیل یعتق و لیس بجید)
القول الأول للشیخ فی (المبسوط) و قد فرض ذلک فیما إذا أقر به سیده لشخص فکذبه و أقر العبد بنفسه لآخر فصدقه و قال فهل یبقی العبد علی رقیته أو یعتق ثم قال الأقوی أنه یعتق و حکاه فی (المسالک) عنه و عن الأتباع و لم یحکه غیره إلا عن القاضی و نحن لم نجده لغیره و احتج علیه فی (المبسوط) بأن الذی کان فی یده أقر بأنه لیس له و الذی أقر به له قد أنکر و إقرار العبد ما صح فما ثبت علیه ملک لأحد و لعله أشار بهذه الکلمة إلی ما یستفاد من القاعدة القطعیة الإجماعیة فی اللقیط و هی أنه إذا لم یدع أحد رقه فالأصل فیه الحریة کما ستسمع فتأمّل لأن مصدق العبد مدع و زاد له الجماعة بأن علقة المقر و تملکه قد زال و زالت بإقراره به لغیره و المقر له ینفیه و ملک غیرهما ینفی بالأصل لانحصار الملک فیهما ظاهرا و الأصل عدم مالک آخر و بأنه بإقراره لزید فی ملکه و ملک جمیع من عدا المقر له و قد حکم الشارع بهذا النفی و حصره فی زید ثم إن زیدا نفی ملکیته و قد اعتبرها الشارع أیضا فانتفی الملک عنه مطلقا و الجمع بین انتفاء العلقة و ثبوت الرقیة محال و بأن الحریة أصل فی الآدمی و إنما تثبت رقیته بأمر طار و لم یثبت هذا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 254
بل یبقی علی الرقیة المجهولة المالک (1)
______________________________
(هنا خ د) فیرجع إلی الأصل و هذا الوجوه متقاربة و قد ردوها کلها و أطالوا فی ردها خصوصا المحقق الثانی و حاصله یرجع إلی کلمة واحدة و هی أن المفروض العلم بالرقیة و الملکیة فلا یتم شی‌ء منها عندهم إذ قد رد الأول بأنه لا یلزم من نفی الملک ظاهرا انتفاؤه بحسب الواقع و المفروض أن رقیة العبد أمر متحقق معلوم و الثانی بأن نفی العلقة أنما تحقق ظاهرا لا بحسب الواقع للعلم بالرقیة و ثبوتها قبل ذلک فنفی العلقة ظاهرا یجتمع مع الرقیة بحسب الواقع و رد الثالث بأن الأصل إذا علم خلافه لم یبق حجة إذ المفروض ثبوت الرقیة و الانتقال عن حکم الأصل هذا خلاصة ما فی (التذکرة) و (المختلف) و (الإیضاح) و (غایة المراد) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و إلیه أشار المحقق فی (الشرائع) و المصنف فی (الکتاب) و (الإرشاد) و حاصله ما قلناه من أن المفروض العلم بالرقیة و الملکیة و زوالها عن المقر و المقر له ظاهرا لا یقضی بزوالها فی الواقع فیکون رقا مجهول المالک کالمال المقر به الذی أنکره المقر له فلا فرق بین العبد و الثوب و الحمار و الدار و نحن نقول إن هذا العلم الذی استندوا إلیه أنما حصل لهم من کونه تحت ید شخص معین بطریق الرقیة فقالوا إن هذا یعلم منه أنه رق فی نفس الأمر و الواقع و فیه أن ذلک لا یقضی بکونه رقا یقینا فی نفس الأمر بحیث لا یحتمل غیره سلمنا و ما کان لیکون لکن ذلک إنما أفاد ملکیة المتصرف خاصة دون غیره فإذا أزالها عن نفسه بإقراره و لم تثبت لغیره مع أصل العدم و أن الأصل الحریة فی ولد آدم زالت الرقیة و زال العلم إن سلم بالکلیة فکیف ثبت أنه رق لغیر معین غیر هذا المعین إنه مما یستهجن و بهذا الأصل الذی علیه المدار یفرق بین العبد و الدار إذ لیس الأصل فی الدار عدم الملکیة و قد قالوا إنه لو أقر أحد برقیته لشخص فأنکرها حکم له بالحریة و قد سلم ذلک فی (التذکرة) و غیرها فی اللقیط فی الباب و قد أخذه فی (الکتاب) فی باب اللقطة مسلما مفروغا منه و علیه نص فی (المبسوط) هناک و اعتذاره فی (التذکرة) فی الباب بأن حریته حینئذ للدار یدفعه قوله فیها فی باب اللقطة إذا التقط فی دار الحرب و لا مسلم فیها أصلا فالأقرب عندی الحکم بحریته لکن تتجدد الرقیة بالاستیلاء علیه و قد أطبقوا علی أنه إذا لم یدع أحد رقه فالأصل الحریة و لم یدع أحد فی مسألتنا رقه (و الأصل) له أربعة معان الاستصحاب و الراجح و القاعدة التی قام علیها الإجماع و عدم الرقیة أما الأول فلأن کل إنسان ینتهی فی الولادة إلی آدم (ع) و أما الرابع فإن الرقیة أنما تثبت بالکفر الأصلی و السلب و الجلب و الأصل عدم هذا الوصف و عساک تقول إن مرادهم بالعلم العلم الشرعی و هو حاصل من کونه تحت ید المتصرف لأنا نقول إن انتفاء العلاقة ظاهرا شرعا یقضی بانتفاء الرقیة کذلک و لا نعنی بالحریة إلا ذلک إذ لا نعنی إلا الحریة ظاهرا (و أوهن) شی‌ء ما أجاب به عنه فی (جامع المقاصد) بأن المنتفی ظاهرا هو علقة شخص معین أما مطلق العلقة فإنها غیر منتفیة لأن المفروض من أن الرقیة کانت محققة الثبوت حین الإقرار و العلقة تابعة لها (إذ فیه) أن المحقق الثبوت حین الإقرار أنما هو الرقیة لشخص معین لا مطلق الرقیة کما بیناه آنفا (و کیف کان) فلعله قد ظهر أن قول الشیخ أوجه و أشبه لو لا الزیادة و قد استوفینا الکلام فیما إذا أقر اللقیط أولا بالرقیة لواحد فأنکر فأقر لغیره فی باب اللقطة
(قوله) (و قیل یبقی علی الرقیة المجهولة المالک)
لم نجد هذا القول لأحد قبله نعم هو أحد وجهی (الشافعیة) و إلیه مال فی (الشرائع) حیث قال و لو قیل یبقی إلی آخره کان حسنا و هو
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 255
و یحتمل الحریة إن ادعاها العبد (1)

[المطلب الرابع فی المقر به]

المطلب الرابع فی المقر به و هو إما مال أو نسب أو حق (2) و لا یشترط فی المال العلم فیقبل بالمجهول (3)
______________________________
خیرة (التذکرة) و (المختلف) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (المفاتیح) و کذا (شرح الإرشاد) و (غایة المراد) و فی (الدروس) أنه قریب و ما زاد فی (الإرشاد) علی قوله إن قول الشیخ لیس بجید و (التبصرة) علی قوله فیه نظر
(قوله) (و یحتمل الحریة إن ادعاها العبد)
هذا هو الأصح کما فی (الإیضاح) و الأقرب کما فی (الدروس) و (الحواشی) لأنه مدع لا منازع له کالکیس و فی (جامع المقاصد) أنه لیس بشی‌ء لأنه یجب علی الحاکم أن ینازعه و یدافعه و یثبت الید علیه و یصونه عن الضیاع کسائر الأموال المجهولة المالک و تبعه علی ذلک و فی (المسالک) ثم إن هذا الاحتمال إن کان فی کلام الشیخ فلا وجه له أصلا لأنه کما سمعت فرض المسألة فیما إذا أقر العبد بالرقیة لآخر فصدقه و لهذا قال فی (المختلف) بعد نقل کلام الشیخ (و الوجه) عندی أنه یقبل الإقرار لانتفاء ملک المقر و المقر له فیبقی إقراره صادرا عن عاقل فینفذ إذ لا مزاحم له و هو جید جدا و إن کان هذا الاحتمال فی أصل المسألة فوجیه جدا و لا یلتفت إلی ما فی (جامع المقاصد) و (المسالک) لأنک قد عرفت الحال فی ذلک
(قوله) (المطلب الرابع فی المقر به و هو إما مال أو نسب أو حق)
لا ریب فی قبول الإقرار بکل من هذه الأنواع الثلاثة کما فی (نهایة المرام) قلت لا أجد فی ذلک خلافا و قد نفاه فی (الریاض) و ستسمع الإجماعات و نفی الخلاف فی مطاوی مباحث هذه الأنواع للعموم الشائع و عدم المانع
(قوله) (و لا یشترط فی المال العلم فیقبل بالمجهول)
مثل أن یقول لفلان علی شی‌ء فإنه یصح ذلک الإقرار بلا خلاف کما قال ذلک کله فی (المبسوط) و ظاهره نفیه بین المسلمین و فی (التذکرة) الإجماع علی ذلک ذکره فیما ذکره قبول التفسیر و فی (مجمع البرهان) أن الظاهر أنه لا خلاف فی ذلک و مما صرح فیه بصحة الإقرار المبهم بالمجهول الإقرار بالشی‌ء و أنه لا یشترط العلم بالمال (المبسوط) و (الخلاف) و (الغنیة) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (التبصرة) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (صیغ العقود) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و (الکفایة) و لا فرق فی صحة الإقرار به بین أن یقع ابتداء أو فی جواب دعوی کما هو صریح بعض هذه و قضیة إطلاق الباقیة و دلیله العموم مع عدم المانع و أن الإقرار إخبار و هو یکون علی الإجمال و التفصیل و أن الحاجة تدعو إلیه إذ ربما کان فی ذمته ما لا یعلم قدره و لا بد له من التخلص منه و مبدؤه الإقرار لیقع بعده الصلح بخلاف الإنشاء فإنه لا ضرورة فیه إلی تحمل الجهالة و الغرر مع کونه هو السبب الموجب لثبوت الحق و بخلاف الدعوی المجهولة فإنها لا تسمع لأن الدعوی حق للمدعی و الإقرار حق علی المقر و الأول أغلظ و لأنا إذا لم نسمع الدعوی المبهمة أمکن المدعی أن یدعی دعوی معلومة و لا نأمن فی الإقرار أن لا یقر ثانیا إذا رددنا إقراره الأول کذا قیل فی (المبسوط) و (السرائر) و (التذکرة) فی الباب و به صرح أیضا فی (قضاء الأولین) و (التحریر) و (الدروس) و قد نقلنا هناک عن (أحد عشر کتابا) اختیار سماع الدعوی المجهولة و أسبغنا فیها الکلام و قال فی (المختلف) هنا أن الأجود السماع لجواز استنادها إلی الإقرار المجهول و لأنه لو اعترف بهذه الدعوی نفعه لأن الشیخ اختار أنه إذا لم یفسر ما أقر به یجعل ناکلا فیحلف المقر له و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 256
ثم یطالب بالبیان (1) و لا أن یکون ملکا للمقر بل لو کان بطل (2) فلو قال داری لفلان أو مالی أو ملکی أو عبدی أو ثوبی لفلان بطل للتناقض (3)
______________________________
یثبت ما یدعیه
(قوله) (ثم یطالب بالبیان)
کما فی (المبسوط) و بعض ما ذکر معه آنفا و هو قضیة کلام من لم یصرح به و قد ذکروا ذلک فی المسألة و فیما یأتی فإن فسر المال فیما نحن فیه بقلیله و کثیره قبل کما یأتی فی کلام المصنف و فی (التذکرة) الإجماع علیه و هل یندرج فیه غیر المتمول کحبة حنطة قولان کما یأتی و إن امتنع من التفسیر مع قدرته علیه حبس لأن البیان واجب علیه کما صرح به فی (الکتاب) فیما یأتی و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و قد اختیر فی مثله فی قضاء (المقنعة) و (المراسم) و (النهایة) و (الخلاف) و (الوسیلة) و (الشرائع) و (النافع) و (المختلف) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الإیضاح) و (غایة المرام) و (المسالک) و (الروضة) و (المفاتیح) و هو المحکی عن (الجامع) و فی (المسالک) و (الکفایة) نسبته إلی المتأخرین و فی (الشرائع) و (التحریر) أنه المروی (و قد) استوفینا الکلام فیه فی باب القضاء کما یأتی إن شاء اللّٰه و قال الشیخ و ابن زهرة و ابن إدریس إنه لا یحبس بل یقال له إن لم تفسر جعلت ناکلا فإن أصر أحلف المقر له (قلت) یرد علی الجماعة أنه لا وجه للحبس فیما إذا کانا معا جاهلین بالمقدار و الوصف کما أن کلام الشیخ إنما یتجه إذا وقع الإقرار عقیب دعوی معینة بأن ادعی علیه أن له علیه ألفا فقال لک علی شی‌ء و أما إذا أقر ابتداء و المقر له لا یعرف المقدار و إنما استفاد الحق من الإقرار لم یتم کلام الشیخ و یأتی تمام الکلام إن شاء اللّٰه عند تعرض المصنف له قریبا و تحریر کلام الشیخ بحیث یسلم عن ذلک و لو ادعی النسیان قبل منه و فی (التحریر) و (الدروس) أنه لو قال نسیت احتمل الرجوع إلی المدعی و یأتی تحریر الکلام فی ذلک عند قوله لو مات قبل التفسیر
(قوله) (و لا أن یکون ملکا للمقر بل لو کان له بطل)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (مجمع البرهان) و فی الأخیر أنه ظاهر لا تأمّل فیه و فی (المسالک) و (نهایة المرام) و (الکفایة) یعتبر أن تکون تحت ید المقر و سلطنته بحیث یحکم له به ظاهرا و فی الآخرین و إلا لم یکن الإخبار عنه إقرارا بل شهادة و فی (نهایة المرام) أنه واضح و یأتی تمام الکلام فی ذلک کله إن شاء اللّٰه
(قوله) (فلو قال داری لفلان أو مالی أو ملکی أو عبدی أو ثوبی لفلان بطل للتناقض)
البطلان فی هذه المثل و ما کان نحوها کما یأتی خیرة (المبسوط) و (الغنیة) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (التنقیح) و کذا (مجمع البرهان) فی موضع منه مع الاستناد فی (السرائر) و جملة منها إلی التناقض کالکتاب و فی (المسالک) أنه المشهور بین الأصحاب و غیرهم ذهب إلیه الشیخ و أتباعه و وافقه المحقق و ابن إدریس انتهی لکنا لم نجد لأحد من الأتباع و ذهب فی (المختلف) إلی صحة الإقرار فی الأمثلة المذکورة و ما کان نحوها لأن الإضافة إلی الشی‌ء یکفی فیها أدنی ملابسة و لأن الإضافة قد تکون للملک و قد تکون للتخصیص و لما امتنع الحمل علی الأول لاستناد الملک المصرح به باللام إلی غیره حمل علی الثانی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 257
..........
______________________________
لوجود القرینة الصارفة للفظ عن أحد محامله إلی غیره مما دلت علیه و لا نحکم ببطلان الثانی المصرح به للاحتمال فی الأول و فی (جامع المقاصد) تارة أنه قوی و أخری أنه أقوی و قال فی (صیغ العقود) و (تعلیق الإرشاد) إنه أصح و فی (المسالک) أنه قوی و حکاه فیه عن الشهید و قد سمعت ما فی (الدروس) و لا تعرض له فی (غایة المراد) و (اللمعة) نعم کأنه یشم من (الحواشی) المیل إلیه مستندین إلی ما حکیناه عن (المختلف) ثم إنی وجدته فی (التذکرة) نفی البأس عما اختاره فی (المختلف) و قد قال الشیخ و الجماعة أنه لو قال داری لفلان بحق واجب أو سبب صحیح کان إقرارا صحیحا و قالوا لو قال له فی میراث أبی کان إقرارا صحیحا و لو قال من میراثی من أبی لم یکن إقرارا کما یأتی ذلک کله فی کلام المصنف و أنکر الفرق فی المقامین فی (جامع المقاصد) قال فی الأول إن الإقرار صحیح إن قال بحق واجب أو لم یقل و قال إنهم ظنوا أن هذه الزیادة ترفع التناقض الذی ادعوه و أنها لتؤکده و قال فی الثانی أن لا فرق بین قوله من میراث أبی و میراثی من أبی و إن الإقرار صحیح و قد تبعه علی ذلک صاحب (المسالک) و (نحن نقول) هنا کلمتان و هما داری لفلان فیحتمل أن نجری فیهما علی الحقیقة و علی المجاز فی أحدهما دون الأخری فهنا حقیقة و مجازان فإذا حملنا الإضافة فی داری علی حقیقتها و هی الملک و حملنا اللام فی قوله لفلان علی حقیقتها و هی الملک أیضا حصل التناقض بلا شک و إذا تجوزنا بالإضافة لصحتها بأدنی ملابسة و أبقینا اللام علی حقیقتها کان إقرارا صحیحا و إذا تجوزنا باللام بجعلها للعاقبة أو لإنشاء التملیک و أبقینا الإضافة علی حقیقتها کان وعدا بالهبة أو إنشاء لها و لم یکن من الإقرار فی شی‌ء و هذا جار فی جمیع الأمثلة التی هی من هذا القبیل بل هو جار فی الدیون کما لو قال دینی الذی علی زید لعمرو فینبغی أن تنهض للترجیح و لا ریب أن الجری علی الحقیقة فیهما یقضی بحمل کلام العاقل علی اللغو و التناقض و الأصل و الظاهر یقضیان بالصحة و عدم کونه لغوا و الظاهر أن نظر المشهور إلی أن المتبادر من هذه الصیغة بادئ بدء أنما هو الحقیقة فیهما فجری مجری قوله داری التی هی ملکی الآن لفلان الآن و لا شک حینئذ فی البطلان و إلی أن الإقرار مبنی علی الیقین و القطع و البت و أن الاحتمال و إن کان نادرا ینفی لزوم الإقرار کما صرح به فی التذکرة کما مر مرارا مضافا إلی أصل البراءة و الاستصحاب و اللغو یندفع بالحمل علی الوعد بالهبة کما ستسمع و بهذا یتضح الوجه فی مختار المشهور (و الظاهر) أن المصنف فی (المختلف) و من وافقه نظروا فیما استدلوا به إلی القاعدة الأخری فی الإقرار و هو أنه یقبل فیه فی تصحیح کلام العاقل الاحتمال البعید کما تقدم أیضا فعلی هذا ینبغی النظر فی ترجیح أحد المجازین و قد عرفت أن أحدهما یقضی بالإقرار و الآخر بعدمه و الأصل و الاستصحاب یقضیان بترجیح ما قضی بالعدم و هو المجاز فی اللام و لذلک قال فی (التذکرة) المفهوم من ذلک الوعد بالهبة و لا یحتمل أن یقال إنه أضافه إلی نفسه لما بینهما من الملابسة و لم یذکر غیر الوعد بالهبة فی (المبسوط) و (السرائر) و (الشرائع) و لم یلتفتوا إلی أن ذلک المجاز أشهر و قد یدعی أن الحمل علی الوعد بالهبة متعارف عند العرف تقول داری لابنی أو لأخی أو هذا الکتاب لک و أما إذا انضم إلی هاتین الکلمتین قوله بحق واجب أو سبب صحیح فإنه یقوم حینئذ قرینة صریحة صارفة عن المعنی الحقیقی و عن المجاز الآخر الذی لا یستلزم الإقرار و ینقطع بها الأصل و الاستصحاب و یرتفع التناقض و صار کالصریح فی الإقرار إذ یصیر معناه أنه له عندی حق و قد جعلت داری مقابلة ذلک الحق (و من الواضح) الذی کاد یستغنی عن البیان الفرق
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 258
و لو شهد الشاهد بأنه أقر له بدار کانت ملک المقر إلی أن أقر فالشهادة باطلة (1) و لو قال هذه الدار لفلان کانت ملکی إلی وقت الإقرار لم تسمع الضمیمة و صح إقراره (2) نعم یشترط أن یکون المقر به تحت یده و تصرفه (3)
______________________________
بین قوله فی میراث أبی کذا و فی میراثی من أبی کذا إذ الأول بمنزلة أن یقول له علی أبی مائة لأنه کالصریح فی أن المقر له ذو دین علی أبیه متعلق بترکته و لا کذلک الثانی لما عرفت مما تقدم فی مثله (و إذ) قد تحرر ذلک ظهر لک أن ما أورد علی المشهور فی (جامع المقاصد) و (المسالک) فی هذه المسائل لم یصادف محله کقوله فی (جامع المقاصد) إذا قال داری لفلان لم یمتنع أن یکون المراد الدار التی هی بحسب الظاهر لی ملک لفلان لأنه مبنی علی القاعدة الأخری و علی تقدیم التجوز فی الإضافة و قد عرفت أن الأصول تقضی بخلاف ذلک و کقوله فی دفع قوله إلا أن یقال إن المتبادر من قوله داری الدار التی هی لی إلی قوله و لا یضر ذلک لأنه إن سلم کونه متبادرا فشیوع الآخر فی الاستعمال أمر واضح و کقوله معترضا علی الشیخ و ابن إدریس حیث ذهبا إلی عدم الإقرار فی مثل داری لفلان و إلی الإقرار عند ضم قوله بحق واجب لا ریب أن الإضافة لأدنی ملابسة مجاز إلا أنه لا یضر ذلک لأنه استعمال شائع شهیر و التناقض الذی فر منه الشیخ و ابن إدریس فی الفرض لا یندفع بقوله بأمر حق واجب إلی آخره و کقوله و لقائل أن یقول التناقض المدعی لزومه فی قوله داری لفلان لازم هنا لأن ما کان میراثا لأب المقر فهو ملک له أو علی حکم مال المیّت مع الدین و علی کل تقدیر فلیس ملکا للمدین و قد اقتضی الإقرار کونه ملکا له فإن قیل المراد بقوله له فی میراث أبی استحقاق ذلک قلنا هو خلاف الظاهر فإنه خلاف الوضع اللغوی و الشهیر فی الاستعمال العرفی و إذا جاز ارتکاب مثل هذا ففیما سبق أولی و کذا قوله بعد ملاحظة ما قلناه لا یظهر فرق بین المسألتین أی میراث أبی و میراثی و الأقوی صحة الإقرار فیهما و کذا قوله و قدمنا هنا ما یدل علی عدم الفرق فی الحکم إلی بین قوله من هذه الدار کذا و بین قوله من داری و مالی کذا و کذا قوله و قد عرفت أن هذا القول أی بحق واجب أو سبب صحیح و نحوه لا یدفع التناقض فیما قدمناه بل یؤکده فإن جعل دلیلا فی العدول عن الظاهر فی قوله داری و ملکی فصحة الإقرار صالحة للدلالة علی ذلک أیضا و إن کانت مع هذا القول آکد کما ستسمع هذه العبارات و کلام التنقیح فی التوجیه غیر منقح
(قوله) (و لو شهد الشاهد بأنه أقر بدار کانت ملک المقر إلی أن أقر فالشهادة باطلة)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (مجمع البرهان) و فی الآخرین أن وجهه ظاهر مما تقدم و هو المنافاة و لا یلتفت إلی التأویل المصحح للشهادة قلت معناه أنها لا تفید ملکا للمقر له
(قوله) (و لو قال هذه الدار لفلان و کانت ملکی إلی وقت الإقرار لم تسمع الضمیمة و صح إقراره)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) لأنه یکون من باب تعقیب الإقرار بالمنافی کما إذا قال له علی ألف من ثمن خمر و قد تأمّل فیه فی (مجمع البرهان) بناء علی القاعدة المتقدمة و هو فی محله
(قوله) (نعم یشترط أن یکون المقر به تحت یده و تصرفه)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (مجمع البرهان) و (المسالک) و (نهایة المرام) و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 259
فلو قال الدار التی فی یدی أو تحت تصرفی لزید لزم (1) و لو قال له فی میراث أبی أو من میراث أبی مائة صح و کان إقرارا (2) بدین علی الترکة و لو قال فی میراثی من أبی أو من میراثی من أبی لم یکن إقرارا و یصح لو قال له من هذه الدار بخلاف من داری أو فی مالی ألف (3) و لو قال فی ذلک کله بحق واجب أو بسبب صحیح و ما جری مجراه صح (4)
______________________________
(الکفایة) مع التقیید فی الثلاثة الأخیرة بکونه بحیث یحکم له به ظاهرا و هو معنی قوله فی (جامع المقاصد) لا بد أن یراد بالید و التصرف ما یقتضی الملک و إلا لزم کونه إقرارا علی الغیر فإن الید إذا کانت ید عاریة أو إجارة و نحو ذلک یکون فرعا علی ید الغیر و فیه أنه إن أرادوا أن ذلک شرط فی ترتب جمیع الأحکام فحق لکن ظاهر کلامهم أنه شرط فی الصحة و إن أرادوا هذا المعنی بمعنی أنه بدونه لا یصح و لا یترتب علیه حکم أصلا ففیه أنه إذا أقر بحریة عبد الغیر فإن هذا الإقرار لا یلغوا من کل وجه بحیث لا یکون له حکم أصلا بل یحکم علیه بإقراره و یؤاخذ به فلا یصح له استخدامه بمجرد إذن من هو فی یده بنحو عاریة أو إجارة ما لم یکن ذلک برضا العبد و لا یبرأ بدفع منافعه و کسبه إلی صاحب الید و لا یجوز له أن یأکل من کسبه بغیر إذنه و یمنعه الحاکم من ذلک إلی غیر ذلک من الأحکام الکثیرة و سیتعرض المصنف لبعضها و کذا لو أقر بأنه ملک زید لا عمرو فإنه لو حصل فی یده بملکیة ظاهرة أمر ببیعه فی دین زید و نحو ذلک فالظاهر أن المراد أنه شرط فی نفوذ أثره فی الحال ثم إنی وجدت فخر الإسلام صرح بذلک و قال فی (التنقیح) لا یشترط فی نفوذ الإقرار کون المقر به فی یده بل ینفذ فی حقه و إن کان المقر به فی ید غیره فلو وصل إلی المقر به یوما ألزم بإقراره و یمکن أن یکون ذلک شرطا فی ترتب الأحکام حال الحکم لا حال الإقرار لکنه بعید جدا
(قوله) (فلو قال الدار التی فی یدی و تحت تصرفی لزید لزم)
لا ریب فی صحته و لزومه و التصریح بذلک تأکید لأن کونه فی یده شرط فی صحة الإقرار و نفوذه فی الحال
(قوله) (و لو قال له فی میراث أبی أو من میراث أبی مائة صح و کان إقرارا بدین علی الترکة و لو قال فی میراثی من أبی أو من میراثی من أبی لم یکن إقرارا)
کما صرح بذلک کله فی (المبسوط) و (الغنیة) و (السرائر) و (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و کذا (التذکرة) فی أول کلامه و قد عرفت الوجه فی ذلک و قال فی (جامع المقاصد) و لقائل أن یقول التناقض المدعی لزومه فی قوله داری لفلان لازم فی قوله فی میراث أبی إلی آخر ما سمعته آنفا
(قوله) (و یصح لو قال من هذه بخلاف من داری أو فی مالی ألف)
کما فی (المبسوط) و (الشرائع) و (الإرشاد) و (مجمع البرهان) لعدم التناقض فی الأول و وجوده فی الثانی کما تقدم و قال فی (جامع المقاصد) قد قدمنا ما یدل علی عدم الفرق فی الحکم
(قوله) (و لو قال فی ذلک کله بحق واجب أو بسبب صحیح و ما جری مجراه صح)
کما صرح بذلک فی (المبسوط) و (السرائر) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (مجمع البرهان) کما عرفت فیما سلف و قد أشاروا بذلک فی الکتب المذکورة إلی ما ذکروه من المسائل التی حکم فیها بعدم صحة الإقرار لمکان التناقض کل علی حسب ما ذکر و قد عرفت أنه قد ذکر فی بعضها جمیع ما فی الکتاب و فی بعضها بعضه و قد ترک هذا فی (الغنیة) و (الجامع) و لعله لظهوره
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 260
و إذا قال له فی هذه الدار مائة صح و طولب بالبیان فإن أنکر المقر له تفسیره صدق المقر مع الیمین (1) و لو أقر بحریة عبد فی ید غیره لم یقبل (2) فإن اشتراه صح تعویلا علی قول صاحب الید (3) و الأقرب أنه فداء فی طرفه بیع فی طرف البائع (4)
______________________________
و قد قال فی (جامع المقاصد) قد عرفت أن هذا القول لا یدفع التناقض فیما قدمناه بل یؤکده إلی آخر ما حکیناه عنه آنفا
(قوله) (و إذا قال له من هذه الدار مائة صح و طولب بالبیان فإن أنکر المقر له تفسیره صدق المقر مع الیمین)
کما نص علی ذلک فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) غیر أنه فی الشرائع و إن لم یصرح بالمطالبة لکنها مرادة جزما لأن المائة لما کانت من غیر جنس الدار کان استحقاق مائة فی الدار یحتمل وجوها و قد رقیت فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (المسالک) إلی تسعة أو أکثر و إذا فرض العبد مکان الدار زادت الوجوه باعتبار الجنایة علیه (و کیف کان) فهو إقرار بمجهول فیطالب المقر بتفسیره فإذا فسره بشی‌ء کجزء قیمته مائة علی سبیل الشرکة أو استحقاق مائة فی قیمتها لتعلق الدین بها و نحو ذلک قبل تفسیره لأنه أعلم بما أراد و لأصالة براءة ذمته مما سوی ذلک فإن أنکر المقر له التفسیر فالقول قول المقر بیمینه لما قلناه
(قوله) (و لو أقر بحریة عبد فی ید غیره لم یقبل)
کذا أطلق فی (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) فیتناول ما إذا قال إنه حر الأصل أو إن مولاه الذی هو فی یده الآن أعتقه کما فرض ذلک فی (المبسوط) و (الشرائع) أو أنه أعتق قبل أن اشتراه مولاه و الحال أن المقر لم ینص علی أن العتق کان تبرعا أو فی واجب و ستسمع ما یترتب علی ذلک کما عرفت المراد من قبول إقراره و عدمه آنفا و من المعلوم أن ذلک الآن لیس بإقرار و إنما یئول و لذلک قال فی (المبسوط) إذا شهد علی رجل بأنه أعتق عبده
(قوله) (فإن اشتراه صح تعویلا علی قول صاحب الید)
کما أطلق کذلک فی (المبسوط) و غیره من دون تقیید بإذن الحاکم و به صرح فی (الدروس) و لعله عرض (بالتذکرة) لأنه قد یظهر منها اشتراط إذن الحاکم و الموجود من نسخها عندنا فی خصوص المسألة لا یخلو عن غلط و کأنه لا خلاف فی صحة هذا الشراء الصوری إذ الکل مصرحون به و لیس فیه إعانة علی الإثم کما إذا اشتری من یجوز له البیع وقت النداء ممن لا یجوز له البیع إذا قصد الاستنقاذ و التخلیص و فی (مجمع البرهان) أنه لا شک فی جواز إیقاع صورة العقد إن لم یستنقذ إلا به بل یحتمل وجوبه فتأمّل و أنه لا شک فی أنه لیس شراء حقیقیا بحسب ظاهر الشرع إلا أن یکون کاذبا انتهی (قلت) إنما اختلفوا فی حکمه أ هو بیع أو فداء کما یأتی بیانه و أما قوله فی (الشرائع) ثم اشتراه قال الشیخ یصح الشراء و لو قیل یکون ذلک استنقاذا لا شراء کان حسنا فإنما أراد به الشراء الحقیقی فلا مخالفة
(قوله) (و الأقرب أنه فداء فی طرفه بیع فی طرف البائع)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الإیضاح) و (الدروس) و قد سمعت ما فی (الشرائع) و کأنهم ظنوا من قوله فی (المبسوط) صح الشراء أنه یرید واقعا و لیس کذلک و إنما یرید ظاهرا لأنه قال بعده بأسطر و تکون الولاء موقوفا و معناه أنه لا یثبت للبائع و لا للمشتری إلا أن یقول إن مراده أن البائع لو رجع إلی التصدیق
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 261
فلا ثبت فیه خیار المجلس و الشرط و الحیوان بالنسبة إلی المشتری (1)
______________________________
استحقه بل فی (التذکرة) و (الإیضاح) أنه إذا اشتراه فهو فداء من جهته إجماعا إذا کان إقراره أنه حر الأصل و قد سمعت ما فی (مجمع البرهان) من نفی الشک فی ذلک مطلقا فالأقرب فی العبارة علی ما فی هذه الکتب الثلاثة یتوجه إلی کونه بیعا فی طرف البائع فیکون غیر الأقرب حینئذ أنه فداء من الجانبین و قد قال فی (التذکرة) إنه خطاء کما ستسمع و حکی فی (الإیضاح) عن الشیخ أنه یصح الشراء و قال إن مراده فی الظاهر ثم قال و قال قوم إنه لیس بشراء بل افتداء لأن البیع عقد مرکب من إیجاب و قبول (و القبول خ) غیر صحیح بالنسبة إلی البیع ثم قال و التحقیق ما قاله المصنف من أنه یجتمع فیه المعنیان جمیعا البیع و الفداء انتهی فقد یظهر منه أن الأقرب فی مقابلة أنه شراء و أنه فداء کذلک و هذا لعله فی مقابلة أنه شراء و بیع بالنسبة إلیهما معا و أنه فداء کذلک و هذا لعله الظاهر من (جامع المقاصد) فلیلحظ کلامهما فإنه کالکتاب قد تضمن الإعراض عما فی (التذکرة) و لعل الأقرب عدم ذکر الأقرب فتأمّل (و کیف کان) فقد حکی فی (التذکرة) عن الشافعیة وجهین آخرین أنه بیع من الجانبین و أنه فداء من الجانبین و قال و هذا الثالث خطاء لأنه کیف یقال إنه استنقاذ من طرف البائع و کیف یأخذ المال لینقذ من یسترقه و یعرفه حرا یفتل به (هکذا وجدنا هذه العبارة فی النسخة) قلنا إذا حکموا بأنه ینعتق علی المشتری قهرا بتمام القبول کما ینعتق علیه قریبه یلزمه أن لا یتجه للبائع ثبوت خیار أصلا و إن لم یقولوا به فیتجه کونه فداء أیضا من طرف البائع و إن کان لا یصح عده فداء بحسب الصورة من حیث أنه یأخذ العوض و أنه یتوقف علی رضاه و لو قدح هذا فی کونه فداء لقدح مثله فی جانب المشتری المجمع علی کونه فداء فی جانبه کما سمعت عن التذکرة فإن له أن یأخذ الأرش و أخذ ما غبن به بل قد نقول کما ستسمع عن المولی الأردبیلی أنه تثبت له جمیع الخیارات و یعامل المشتری البائع بظاهر الشرع لأن الشرع أنما یجری علی الظاهر و الظاهر أنه مال البائع و أنه محکوم برقیته ظاهرا له أن یبیعه علیه و علی غیره و إنما یحکم بعتقه علی المشتری بعد الحکم بصحة البیع علی القول بأنه بیع بالنسبة إلیهما أو بعد استقلال ید المقر علیه سواء انتقل إلیه بالشراء أو الاستقلال علی القول بأنه بیع و فداء فتأمّل بل قد نقول إنه له أن یرجع عن الاستنقاذ إذ هو غیر واجب علیه إلا علی بعض الوجوه نعم لیس له بعد تسلمه و وصوله إلیه إرجاعه إلیه و لا استخدامه و لا أخذ کسبه بل یعامله معاملة الأحرار أخذا له بإقراره و قد عرف فخر الإسلام الفداء بأنه عوض عن ید ظاهرة شرعیة کانت أو غیر شرعیة
(قوله) (فلا یثبت فیه خیار المجلس و الشرط و الحیوان بالنسبة إلی المشتری)
و اقتصر فی (التذکرة) و (الإرشاد) علی ذکر خیار المجلس و الحیوان و فی (التحریر) و (الدروس) علی خیار المجلس و الشرط و لعل غرضهما أنه لا یثبت فیه شی‌ء من توابع البیع کما هو خیرة (جامع المقاصد) و (تعلیق الإرشاد) و لیس فی (الإقتصاد) قصر الحکم علی المذکور لکنه لم یذکر شی‌ء من ذلک فی (المبسوط) و (الشرائع) و لعله لما ذکرناه من أنه یثبت للمشتری جمیع الخیارات و قد جعل الجماعة ذلک فائدة الفرق بین القول بأنه بیع مطلقا فتثبت جمیع الخیارات لها و بین القول بأنه بیع و فداء فلا یثبت للمشتری خیار و لا رد و قالوا نعم له أخذ الأرش لأنه بزعم البائع شراء یوجبه و بزعم المشتری یستحق جمیع الثمن فالأرش الذی هو جزء منه متفق علیه علی التقدیرین و توجیههم ذلک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 262
کما لا یثبت فی بیع من ینعتق علی المشتری (1) و لا یثبت للبائع ولاء و لا للمشتری (2) فإذا مات العبد أخذ المشتری الثمن من ترکته و الفاضل یکون موقوفا (3)
______________________________
بالنسبة إلی البائع یقضی بثبوت الخیار للمشتری بزعم البائع لکن فخر الإسلام جزم بأنه لیس له أی المشتری أخذ الأرش و فی (مجمع البرهان) أن الحکم بأنه لیس للمشتری أحکام الشراء مطلقا لا یخلو من بعد إلی آخر ما قال و هو ما نبهنا علیه آنفا
(قوله) (کما لا یثبت فی بیع من ینعتق علی المشتری)
إن کان الغرض فی التنظیر کما هو الظاهر دفع الاستبعاد أن یخلو البیع من خیار المجلس و الحیوان بالنسبة إلی المشتری لأنه قد یخلوا عنهما بالنسبة إلی کل منهما فیما لو اشتری من ینعتق علیه فهو فی محله و إن کان الغرض الاستناد إلیه فی الحکم فهو مع الفارق لأن البائع هنا یجوز له الخیاران و غیرهما و لا کذلک هناک
(قوله) (و لا یثبت للبائع ولاء و لا للمشتری)
کما هو صریح (التذکرة) و (التحریر) و (الإیضاح) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و قضیة کلام (المبسوط) بأحد المعنیین کما عرفت آنفا أما عدم ثبوته للبائع فلزمه أنه لیس بمعتق و أما المشتری فلاعترافه بأنه لم یعتقه
(قوله) (فإذا مات العبد أخذ المشتری الثمن من ترکته و الفاضل یکون موقوفا)
کما صرح بذلک کله فی (المبسوط) و (الشرائع) و (الحواشی) و (الإیضاح) و قیده فیه بما إذا کان فی العتق ولاء و لم یکن الإقرار بأنه حر الأصل و مثله ما فی (جامع المقاصد) و اقتصر علی ذکر أخذ الثمن من ترکته من دون تعرض للفاضل فی (التحریر) و (الإرشاد) و قد اقتصر فی (التذکرة) علی حکایة أخذ الثمن من ترکته عن بعض فقهائنا و قال فی (الدروس) إن کان قد أقر بأن العتق عن غیر صاحب الید أو بأنه حر الأصل أو بأنه عتیق صاحب الید إلا أنه لا ولاء له علیه ضاع ماله و لو قدر علی مقاصة الممسک فله ذلک فی صورة کونه معتقا أو عالما بالحریة لا مع انتفاء الأمرین و إن کان أقر بعتق الممسک و ولائه و مات العتیق بغیر وارث فله أخذ قدر الثمن لأنه إن کان صادقا فله المقاصة و إن کان کاذبا فالجمیع له انتهی (و قد اقتفاه) فی نحو ذلک صاحب (المسالک) و کذلک (جامع المقاصد) و قد سمعت ما فی (الإیضاح) و مراده فی (الدروس) بعدم الولاء أنه أعتقه فی کفارة أو تبرئ من ضمان جریریته و ینبغی أن یزید أن لا یکون المشتری قد تبرع بالفداء تبرعا محضا بل یکون قد قصد الأخذ منه مهما أمکنه و قد تعذر علیه إلا من هذا المال و أما التبرع الذی لیس محضا فلا ینافی العوض و إن قصد القربة کما قالوه فیما إذا فدی أسیرا فی بلاد الشرک ثم استولی علیها المسلمون و وجد الباذل عین ماله فله أخذه (لکنه) نبه علی ذلک فی (الدروس) فی الإشکال الثانی من الإشکالین اللذین ذکرهما و قد أورد الأول فیه علی أصل نفوذ الإقرار فی حق العبد و الحکم بعتقه علی تقدیر الشراء بأنه قد یکون عاجزا عن الکسب فیکون علیه فی ذلک ضرر فلا بد حینئذ من تصدیق العبد و أجاب عنه بأن حریته لا تتوقف علی اختیاره فإنه لو باشر عتقه و هو عاجز نفذ و هذا فی معناه و یبقی الکلام فی الفاضل (و قد) فرضت المسألة فی (المبسوط) و (الشرائع) فیما إذا أقر أن مولاه أعتقه و أنه له ولاؤه (و قد عرفت) أنه قیل فیهما کالکتاب (و الإیضاح) و (الحواشی) و إن لم یصرح فیها بما ذکراه أنه یأخذ الثمن و أن الفاضل یبقی موقوفا و من المعلوم أن الإمام عاقلته فی هذه الصورة فیکون إرثه له و لا یکون
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 263

[الفصل الثانی فی الأقاریر المجهولة و هی أحد عشر بحثا]

اشارة

الفصل الثانی فی الأقاریر المجهولة و هی أحد عشر بحثا

[الأول إذا قال له علی شی‌ء ألزم البیان]

الأول إذا قال له علی شی‌ء ألزم البیان (1) و یقبل تفسیره و إن قل (2) و لو فسر بما لم یجر فی العادة تملکه کقشر جوزة أو حبة حنطة (3) أو بما لا یتملک فی شرع الإسلام مع إسلامه کالخمر و الخنزیر و جلد المیّتة (4)
______________________________
الفاضل موقوفا و لعله لذلک ترک فی (الدروس) فی الصورة المذکورة إلا أن تقول إن مرادهم فی الکتب الثلاثة أنه یبقی موقوفا لمکان البائع لأنه لو رجع حینئذ إلی التصدیق استحقه کما تقدم مثله فی الولاء
(قوله) (الفصل الثانی فی الأقاریر المجهولة و هی أحد عشر بحثا الأول إذا قال له علی شی‌ء ألزم البیان)
قد تقدم أنه یصح الإقرار بالمجهول و أنه قال فی (المبسوط) لو قال له علی شی‌ء صح بلا خلاف کما تقدم أنه یطالب بالبیان و یلزم به فإن لم یبین حبس عند جماعة کثیرین جدا و و جعل ناکلا عند جماعة آخرین کالشیخ و ابن زهرة و ابن إدریس
(قوله) (و یقبل تفسیره و إن قل)
الألفاظ المبهمة کثیرة منها الشی‌ء و هو أعمها لأنه أعمّ من الحق و المال و مراد المصنف بأنه إذا فسر الشی‌ء بما یتمول عادة قبل منه قلیلا کان أو کثیرا بقرینة ما یأتی (و قد صرح) بذلک فی (المبسوط) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و (مجمع البرهان) و فی الأخیر أنه لا خلاف فیه و هو کذلک بل الکلمة متفقة علی ذلک و فی (النافع) و لو قال له علی شی‌ء فلا بد من تفسیره بما یثبت فی الذمة و هو کما تری یخرج عنه (حق خ) الشفعة و نحوها فتأمّل (و کیف کان) فوجه القبول فی القلیل صدق الاسم و الأصل براءة الذمة من الزائد و الباقون تعرضوا لذلک فی المال کما یأتی إن شاء اللّٰه و قد جمع بینهما فی (الإرشاد) فی الحکم و لا یتم فی مثل رد السلام فإنه لیس بمال و فی (الغنیة) و (السرائر) و (الجامع) یقبل تفسیر المبهم بأقل ما یتمول و هذا یشتمل الشی‌ء و المال و الحق و فی (جامع المقاصد) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (المسالک) أنه إذا فسر الشی‌ء بحد قذف أو حق شفعة قبل و لا ترجیح فی المبسوط فیهما
(قوله) (و لو فسر بما لم یجر فی العادة تملکه کقشر جوزة أو حبة حنطة)
أی لم یقبل کما فی (المبسوط) و ما ذکر بعده و زیادة (التحریر) عدا (التذکرة) و (الروضة) و (مجمع البرهان) فإنه قوی فی الأول أنه یقبل أنه شی‌ء یحرم أخذه و علی من أخذه رده و قال فی الثانی إنه متجه و فی الثالث إنه یعضده أصل البراءة و صدق اللفظ الذی أقر به علیه فی الجملة و الضابطة المتقدمة (قلت) و قد ارتکبوا فی تفسیر قبول مال عظیم ما هو أعظم منه و قد منعت الملازمة فی (جامع المقاصد) و هی قولهم إنه شی‌ء یحرم أخذه إلی آخره و رد فی (نهایة المرام) و غیرها بأن له علی یقتضی الثبوت فی الذمة و ما لا یتمول لا یثبت فی الذمة و هو کما تری فتأمّل (قلت) و بأن الکلام تفید الملک و هذا لا یعد ملکا عادة بحیث یحمل علیه إطلاق اللفظ و قالوا لو وقع الإقرار بله عندی شی‌ء اتجه قبول تفسیره بذلک
(قوله) (أو بما لا یتملک فی شرع الإسلام مع إسلامه کالخمر و الخنزیر و جلد المیّتة)
أی لم یقبل ظاهر (التذکرة) الإجماع علی عدم القبول فی الثلاثة حیث قال لا یقبل عندنا و فی (مجمع البرهان) کأنه مجمع علیه (و ظاهر المبسوط) و (التذکرة) الإجماع فی جلد المیّتة (و بعدم) القبول صرح فی (المبسوط) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و فی (التحریر) أنه یقبل ذلک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 264
أو بکلب العقور و السرجین النجس و إن انتفع بهما (1) أو برد السلام أو بالعیادة لم یقبل (2) و لو قال غصبته شیئا ففسره بالخمر و الخنزیر قبل مع کفر المقر له (3)
______________________________
من الکافر لمثله (قلت) و یفهم من قول المصنف هنا مع إسلامه أی إسلام المقر له أنه لو کان المقر له کافرا صح بما یملکه الکافر کالخمر و الخنزیر و فی (الشرائع) لو قیل لا یقبل تفسیره الشی‌ء بجلد المیّتة و السرجین النجس کان حسنا انتهی و صریحه أو ظاهره أن هناک قائلا بقبول تفسیر مبهما و لم نجده لأحد و قد سمعت أن ظاهر (المبسوط) و (التذکرة) الإجماع علی العدم نعم هو أحد وجهی (الشافعیة) لقبوله الدباغ و فی (التذکرة) أیضا لو قال له علی شی‌ء و فسره بالخمر و الخنزیر قبل علی إشکال و فی (مجمع البرهان) لا یبعد القبول إذا فسره بجلد المیّتة و الخمر و الخنزیر و الکلب الذی لا منفعة له أصلا إذا کان القائل ممن یعتقد جواز الانتفاع بها سواء کان کافرا أو مسلما مخالفا أو موافقا جاهلا مع کونه جاهلا بمثله و أما السرجین النجس ففی (التذکرة) فی التفسیر بالکلب المعلم و السرجین إشکال أقربه القبول لأنها أشیاء یثبت فیها الحق و الاختصاص و یحرم أخذها و یجب ردها و ظاهر التوجیه أن مراده السرجین النجس و فی (المسالک) و کذا (الدروس) نسبته إلی العلامة فی أحد قولیه و لعله لحظ هذه العبارة نعم فی (الدروس) احتمل القبول فی السرجین النجس
(قوله) (أو بکلب العقور و السرجین النجس و إن انتفع بهما)
أی لم یقبل قال فی (المبسوط) کلب الصید و الماشیة یقبل به عندنا و غیره لا یقبل بحال و قد سمعت أنه قرب فی (التذکرة) القبول فی الکلب المعلم و قال إن کلب الماشیة و الزرع و الحائط و القابل للتعلیم ملحقات بالمعلم لکن بعض هذه قد یکون عقور أو لعل التعبیر بالهراش کما فی (الإرشاد) أولی لأن الأصحاب مصرحون بعدم تملکه و الاعتداد بنفعه و القبول فی الکلب المعلم و السرجین الطاهر خیرة (جامع المقاصد) و (مجمع البرهان) لأنهما مال و یقابلان به و فی الأخیر لا یبعد القبول فی الکلب العقور عند من کان یعتد بمثله و قد عرفت حال السرجین النجس آنفا و یأتی فی الکتاب أنه لو فسره بکلب یجوز اقتناؤه قبل
(قوله) (أو برد السلام أو بالعیادة لم یقبل)
کما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و فی الأخیر أنه أشهر و لعله لم یصادف محله و قد احتمل فی (التذکرة) و (الروضة) و (مجمع البرهان) القبول فی رد السلام لما سیأتی من قبول تفسیر مثل مال عظیم بأقل ما یتمول لاحتمال إرادة عظم خطره حیث یکفر مستحله قال و لا شک أن حمل له علی شی‌ء علی رد السلام لیس بأبعد منه قال و لأن اللفظ صالح لذلک و یدعیه المقر و للأصل و لحمل کلام الغیر علی الصحة قلت و إن لم یکن أبعد منه لکن هناک شیئا یقتضی المنع منه لأن له علی شی‌ء یقتضی الملک و الثبوت فی الذمة فلا یکون اللفظ صالحا لذلک و لأنه خلاف المتعارف مع بعده عن الفهم فی معرض الإقرار و أنه یسقط بالفوات إذا أخره عن الحال لأنه فرض فی الحال فورا إلا أن تقول یحتمل کما فی (مجمع البرهان) أن لا یسقط بالفوات فیجب الرد فیما هو واجب و یستحب فی المستحب مع بقاء محله قال و رأیت فی کتاب النوری أنه یصح أن یری عن حق السلام فیحتمل القبول انتهی و مثل رد السلام تسمیت العاطس و جواب الکتاب
(قوله) (و لو قال غصبته شیئا ففسره بالخمر و الخنزیر قبل مع کفر المقر له)
کما فی (التذکرة) لأن ذلک یعد مالا بالنسبة إلیه بل أطلق القبول فی (التذکرة) بحیث یتناول المسلم قال
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 265
و مع الإسلام إشکال (1) و لو قال أردت نفسه لم یقبل لأنه جعل له مفعولین الثانی منهما شیئا فتجب مغایرته للأول (2) أما لو قال غصبته ثم قال أردت نفسه قبل و کذا لو قال غبنته لأنه قد یغصب و یغبن فی غیر المال (3)
______________________________
ثم فسره بالخمر و الخنزیر مما لا یعد مالا قبل لأن الغصب لا یقتضی إلا الأخذ قهرا و لیس فی لفظه ما یشعر بإلزام و تفویت حق بخلاف قوله له علی ثم قال و یحتمل قبوله إن کان المقر له ذمیا و إن کان مسلما فإشکال انتهی فتأمّل (و أطلق) فی (المبسوط) و (التحریر) و (الحواشی) عدم القبول قالوا لم یقبل من دون تعرض للفرق بین المسلم و الذمی (نعم) قال فی (الحواشی) إلا أن تکون الخمر محرمة و لعلهم یستندون إلی أن المقر به لا یعد مالا فلا یغصب و هو یتم إذا کان المقر له مسلما (و لعله) لذلک استظهر فی (جامع المقاصد) عدم القبول بالنسبة إلی المسلم و قال فی (الإیضاح) إنه أصح و ظاهرهما أنه یقبل إذا کان المقر کافرا
(قوله) (و مع الإسلام إشکال)
جعل منشأه فی (الحواشی) من أنه شی‌ء و من عدم ملک المسلم له و قال فی (الإیضاح) ینشأ من الاختلاف فی تفسیر الغصب فقال بعضهم إنه عبارة عن الاستیلاء علی ملک الغیر قهرا ظلما و لاشتماله علی ذم الحق (کذا فی نسختین) و انتفاء ذلک فی الخمر و قیل إنه استیلاء منهی عنه علی ما فی ید محترمة یستحق الإبقاء علیه ظاهرا قال فجعلوا الغصب تبع استحقاق الید و هو متحقق فی الخمر لثبوت حق الإمساک للتخیل و لأنه یستعمل فی العرف علی رفع الید قهرا عن شی‌ء لا یستحق الرافع إثبات یده علیه و الخمر و الخنزیر کل منهما شی‌ء انتهی و قد تضمن کلامه هذا أن الإشکال أنما هو فی التفسیر بالخمر المحترمة و أن الخنزیر لا إشکال فی عدم قبول التفسیر به (و ما جعله) منشأ أولا یخالف ما فی (التذکرة) من التوجیه و قوله و لأنه یستعمل إلی آخره یوافقه ثم إن المعروف فی المذهب فی معنی الغصب هو الأول و ما کان نحوه کما مر فی بابه و ذلک یقضی بأنه لا یقبل و کیف کان فإن لحظنا العرف فالظاهر القبول مطلقا مع أصل البراءة و إن جرینا علی اصطلاح الفقهاء فی الغصب فالظاهر العدم مطلقا فتأمّل
(قوله) (و لو قال أردت نفسه لم یقبل لأنه جعل له مفعولین الثانی منهما شیئا فتجب مغایرته للأول)
قد اتفقت کلمة المتعرضین لهذا الفرع علی عدم القبول إذ قد صرح بعدمه فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و قد وجهه فی (المبسوط) بأن الحر لا یغصب و نحوه ما فی (الدروس) و (المسالک) و (وجهه) فی (التذکرة) و (التحریر) بما فی الکتاب و قال علیه فی (جامع المقاصد) لم لا یجوز أن یکون شیئا بدلا من الضمیر ثم قال و جوابه أن شرط إبدال النکرة من المعرفة أن تکون منعوتة و هو منتف هنا و لأن الأصل فی السابق أن یکون مقصودا (قلت) نظره فی الأول إلی قوله سبحانه و تعالی بِالنّٰاصِیَةِ نٰاصِیَةٍ کٰاذِبَةٍ لکن قد ورد الإبدال من دون نعت کقوله جل شأنه یَسْئَلُونَکَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرٰامِ قِتٰالٍ فِیهِ و قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ و غیر ذلک من الآیات و الأشعار و قد یزاد فی التوجیه الثانی أن الذی یتعدی إلی مفعولین یطلب الثانی طلبا حثیثا بحیث لا یخطر الإبدال بالبال و أن الأول لو کان حرا وجب المفعول الآخر لیتعلق الغصب به حقیقة لما ذکر فی تعریفه هذا و لو کان عبدا لم یقبل لاقتضاء مفعولی الفعل هنا المغایرة ما نص علیه فی الدروس
(قوله) (أما لو قال غصبته ثم قال أردت نفسه قبل و کذا لو قال غبنته لأنه قد یغصب و یغبن فی غیر المال)
کما ذکر ذلک کله
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 266
و لو قال له عندی شی‌ء لم یقبل بهما لإفادة اللام الملک (1) و لو امتنع من التفسیر حبس حتی یبین و قیل یجعل ناکلا فیحلف المدعی (2)
______________________________
فی (التذکرة) و (التحریر) و معنی قوله و کذا لو قال غبنته إنه قال ذلک و فسره بغبنه إیاه نفسه و فی الخبر من تساوی یوماه فهو مغبون فلا استبعاد فی استعماله فی غیر المال و الغرض أنه لا یلزمه شی‌ء و عساک تقول إنه مناف لتعریف الغصب و ما سمعته عن (المبسوط) و غیره من التوجیه لعدم القبول فیما قبله لأنا نقول قد دار الأمر هنا بین المجاز أی التجوز فی الغصب و الإضمار أی غصبته مالا أو شیئا و أصل البراءة یرجح الأول فتأمّل و لا یخفی أن التعلیل هنا ینافی ما قاله فی (الإیضاح) أولا فی منشإ الإشکال من أنه الاختلاف فی تفسیر الغصب و یوافق ما ذکره فیه أخیرا و حکیناه عن (التذکرة)
(قوله) (و لو قال له عندی شی‌ء لم یقبل بهما لإفادة اللام الملک)
هو الأصح کما فی (جامع المقاصد) و قال فی (التذکرة) لو قال له عندی شی‌ء قبل تفسیره بالخمر و الخنزیر علی إشکال و هو یرشد إلی أن الضمیر فی بهما فی العبارة راجع إلی الخمر و الخنزیر (و قد استدل) علی القبول فی (التذکرة) بأنه شی‌ء مما عنده و قضیة استدلال المصنف بإفادة اللام الملک أنه لا یسوغ أن یقول القائل لفلان عندی خمر أو خنزیر مع أن الظاهر أن جواز (ذلک خ) لا ریب فیه عرفا و لغة و شرعا فلعل القبول أشبه بالأصول إذ أصل البراءة سالم عما یصلح للمعارضة إذ لیس هو إلا اللام و المجاز فیها شائع هذا و یمکن أن یراد بالضمیر فی العبارة غصب نفسه و غبنه فیما لیس بمال کما احتمله فی (الحواشی) و (جامع المقاصد)
(قوله) (و لو امتنع من التفسیر حبس حتی یبین و قیل یجعل ناکلا فیحلف المدعی)
قال فی (الحواشی) الأول هو المشهور و قد تقدم فی أوائل المطلب الرابع حکایة القول بالحبس عن خمسة و عشرین کتابا بملاحظة الباب و باب القضاء فی الکتاب و أنه نسب إلی المتأخرین فی (المسالک) و (الکفایة) و أن فی (الشرائع) و (التحریر) أنه المروی و ذلک منهما شهادة علی وجود نص صریح به و الشهرة تجبر إرساله و قد احتملنا فی باب القضاء أنهما أرادا الخبر المشهور بین الفریقین و هو قوله (ص) لی الواجد یحل عرضه و عقوبته و فی نقل آخر و حبسه بدل عقوبته و قلنا لا تفاوت إذ العقوبة بعض أنواعها الحبس و وجه الدلالة أن الجواب واجب علیه و هو واجد له قادر علیه إلا أن تقول إنها ظاهرة فی المال لا فی الجواب (و القائل) بجعله ناکلا هو الشیخ فی (المبسوط) و ابن زهرة و ابن إدریس فی الباب کما تقدم آنفا و به صرح فی قضاء (المبسوط) و (السرائر) و (المهذب) و (الکتاب) فی الفصل السادس من باب القضاء فی مثله لأن السکوت أولی (بالنکول خ) من الإنکار لأنه إذا سکت و لم یفسر فقد نکل عن الجواب و الیمین معا و إن العناد فیه أشد و بهذین یندفع رده علی الشیخ فی (جامع المقاصد) بأن الرد أنما یکون مع عدم الإقرار لأنک إذا قضیت علیه بالنکول و اعتبرت مع صریح الإنکار و عدم الإقرار فمع السکوت أولی و أیضا فإن الحبس قد یئول إلی ضررهما فالمقر له بالتأخیر و التضییع و الممتنع (بالعقوبة خ) فلم یترتب علی ذلک جدوی بل قد یئول ذلک إلی الموت فتنتقل الدعوی إلی غیرهما فلا تنقطع (مضافا) إلی ما قد یظهر أو یلوح من دعوی الإجماع من (المبسوط) و (المهذب) و (السرائر) و أن الرد أردع من الحبس و الضرب و أسهل و أقبل للمدعی إلا أن تقول إن ذلک کله
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 267
و لو فسره بکلب یجوز اقتناؤه قبل (1) و کذا لو فسره بحد قذف أو حق شفعة (2) و لو فسره بدرهم فقال المدعی بل أردت بقولک عشرة لم تقبل دعوی الإرادة بل علیه أن یدعی نفس العشرة و القول قول المقر فی عدم الإرادة و عدم اللزوم (3)
______________________________
لا یقاوم الخبر المرسل المنجبر بالشهرة و بإجماع المتأخرین و المؤید بالخبر المشهور و لا یقدح فیه ما قد یظهر أو یلوح من دعوی الإجماع فی الکتب الثلاثة لأن الشیخ فی (النهایة) و (الخلاف) فی مثل ما نحن فیه ذهب إلی خلاف ما فی (المبسوط) و المتقدمون علیه کالمفید و سلار و أبی علی یخالفونه أیضا هذا و قد خیرا بینهما الشیخ علی بن هلال علی الظاهر و الشهید فی (اللمعة) علی الظاهر و توقف الشهید فی (الدروس) و قد أشبعنا الکلام فی المسألة و أطرافها فی باب القضاء و استوفیناه أکمل استیفاء فلیلحظ و قد قلنا هناک إن القول بالحبس قوی جدا و القول بالنکول لا بأس به بمعنی أنه یقضی علیه بالنکول فی مقام لم یحر جوابا من دون رد یمین أو معه احتیاطا و فی مقام یقول لا أفسر و لا أنکر أو لا أقر و لا أنکر فالحبس قلنا إنه لیس فیه خرق للإجماع لأنه لم یستقر الخلاف و حکینا عن أبی علی مذهبا عندنا (مذهبا غریبا خ) و تحریر کلام الشیخ و من وافقه أنه إذا کان الامتناع من التفسیر فی جواب الدعوی جعل ذلک إنکارا منه و تعرض الیمین علیه فإن أصر جعل ناکلا و حلف المدعی أو بدون حلف علی اختلاف الرأیین و إن أقر ابتداء قلنا للمقر له ادع علیه حقک فإن ادعی علیه فأقر و أنکر أجرینا علیه حکمه و إن قال لا أدری جعلناه منکرا فإن أصر جعلناه ناکلا لأنه إذا أمکن تحصیل الغرض من دون حبس لا یحبس لعدم الدلیل علیه مضافا إلی ما عرفت
(قوله) (و لو فسره بکلب یجوز اقتناؤه قبل)
کما فی (جامع المقاصد) و قد سمعت ما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (الکتاب) و (جامع المقاصد) و (مجمع البرهان) فیما إذا قال له علی شی‌ء و فسره بالکلب المعلم و غیره و قد عرفت من قبله فی المعلم و کلب الماشیة و الحائط و الزرع لأنه مال و یقابل بالمال
(قوله) (و کذا لو فسره بحد قذف أو حق شفعة)
حکاه فی (جامع المقاصد) عن (التذکرة) و (التحریر) و استشکل فیه بأن الکلام تقتضی الملک و ذلک لا یعد ملکا فی العادة و قد سمعت فیما سلف حکایته أیضا عن (الجامع) و (الدروس) و (المسالک) و قلنا لا ترجیح فی (المبسوط) فیهما و قد تقدم لنا فیما إذا قال له عندی شی‌ء و فسره بالخمر و الخنزیر أن المجاز فی اللام شائع مضافا إلی أصل البراءة فإشکاله لعله لم یصادف محله
(قوله) (و لو فسره بدرهم فقال المدعی بل أردت بقولک عشرة لم تقبل دعوی الإرادة بل علیه أن یدعی نفس العشرة فالقول قول المقر فی عدم الإرادة و عدم اللزوم)
کما صرح بذلک کله فی (التحریر) و کذا إلا (کذا فی النسخة) و هو معنی قوله فی (التذکرة) و إن قال یعنی المقر له أراد به المائتین حلف المقر علی أنه ما أراد مائتین و أنه لیس علیه إلا مائة و یجتمع بینهما فی یمین واحدة و قد اعترضه فی (جامع المقاصد) بأن المتبادر من قوله لم تقبل دعوی الإرادة أن هذه الدعوی لا تسمع و قوله (و القول خ) قول المقر فی عدم الإرادة یشعر بکونها مسموعة و یترتب علیها الیمین قال و به صرح فی (التذکرة) و ساق ما حکیناه عنها (قلت) کأنه لم یلحظ آخر کلامه فی (التذکرة) فإنه قال و اعلم أن من لا یسمع دعوی الإرادة لا یرید عدم الالتفات إلیها أصلا و إنما المراد أنها وحدها غیر مسموعة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 268
و لو مات قبل التفسیر طولب الورثة إن خلف ترکة (1) و لو ادعی المقر له جنسا غیر ما فسره أو لم یدع شیئا بطل الإقرار (2)
______________________________
فأما إذا ضم إلیها الاستحقاق فیحلف المقر علی نفی الإرادة و نفی ما یدعیه انتهی لکنا نقلنا قوله فیحلف المقر علی نفی الإرادة إلی آخره عن نسخة کان فیها سقطا و فهمنا أن ذلک هو المراد و بذلک یندفع الإیراد قطعا و لا یحتاج إلی ما ذکره فی (مجمع البرهان) فی تأویل کلام (التذکرة) علی أنه لم یتم لکن له کلام آخر فی (التذکرة) لا یخلو من نظر قال بعد ذلک بخلاف ما إذا مات المقر و فسر الوارث و ادعی المقر له زیادة فإن الوارث یحلف علی إرادة الموروث و لأنه قد یطلع من حال مورثه علی ما لا یطلع علیه غیره و لا کذا لو وصی بمجمل فبینه الوارث و زعم الوصی له أنه أکثر فإنه یحلف الوارث علی نفی العلم باستحقاق الزیادة و لا یتعرض للإرادة و الفرق أن الإقرار إخبار عن حق سابق و قد یفرض فیه الاطلاع و الوصیة إنشاء أمر عن الجهالة و نیابة إذا مات الموصی إلی الوارث انتهی إذ یمکن أن یقال إذا لم یمکن اطلاعه علی إرادة الموصی فکیف یجوز الدعوی بها علی وجه الجزم إلا أن تقول لا یشترط الجزم فیما یخفی غالبا أو لا یشترط مطلقا و أیضا کیف یجوز حلف الوارث علی إرادة المورث التی لا یمکن الاطلاع علیها و إرادة المورث مما یخفی علی الوارث و غیره إلا أن تقول یمکن العلم بها بالقرائن فیصح الحلف علیها و الفرق الذی ادعاه أنما یتم مع انتفاء إرادة الموصی لا معها و یأتی فی (الإیضاح) و (الحواشی) فیما إذا أقر ببنوة ولدی إحدی جاریته أن حق الإقرار لا ینقل إلی الوارث و إنما ینقل إلیه حق الإنشاء کما لو قال أعتقوا أحد هذین و هذا الأخیر ینفع فی المسألة الآتیة بعد هذه و لذلک تعرضنا له مع اقتضاء المقام له لاتصاله فی کلامه بالمسألة
(قوله) (و لو مات قبل التفسیر طولب الورثة إن خلف ترکة)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و هو معنی ما فی (التحریر) و (الدروس) من قولهما و إن مات فسر الوارث عین الوارث و لا ریب أن مرادهم أن ذلک إذا علمه الوارث و أنه إذا کان هناک ترکة إذ لا یجب القضاء إذا لم یکن ترکة و الوجه فی مخاطبة الوارث بذلک أنه هو المستحق لها و إن أنکر العلم بالإرادة حلف علی عدمه و یحتمل أن یحلف علی عدم الاستحقاق لأنه أخص (و قال) فی (التذکرة) فإن قال الوارث لا أعلم لک شیئا حلف علی عدم العلم إن طلب المقر له ذلک ثم سلم المدعی أقل ما یتمول و لا یسلم إلیه ما یدعیه مع الیمین إذ لا یمین علی المدعی إلا مع الرد انتهی و فی (التحریر) و (الدروس) لو قال لا أعلم أو قال المقر أنسیت أمکن قبول تعیین المدعی بیمینه و قد سمعت ما فی (التذکرة) من أنه لا یمین علی المدعی إلا مع الرد و علی کل حال تقبل دعوی النسیان و قد سمعت آنفا فرقه فیها أی فی (التذکرة) بین ما إذا ادعی الموصی له بمجمل أن الموصی أراد أکثر مما فسره به الوارث و بین أن یدعی المقر له بمجمل أن المقر أراد أکثر مما فسر به الوارث و علی ما حکیناه عن (الإیضاح) و (الحواشی) لا یتجه مطالبة الوارث بالتفسیر فلیلحظ إلا أن تقول إنما یطالب هنا لمکان الترکة لا لأنه ورث حق الإقرار فتأمّل
(قوله) (و لو ادعی المقر له جنسا غیره ما فسره به أو لم یدع شیئا بطل الإقرار)
قال فی (المبسوط) إذا کذبه فی الجنس مثل أن یفسر المقر إقراره بالدراهم فیقول المقر له لی علیه دنانیر فإنه یبطل إقراره بالدراهم و یکون القول قوله فإذا حلف سقطت دعواه و إن نکل ردت الیمین علی المقر له فیحلف علی ما یدعیه و یثبت له (و مثله) ما فی (التذکرة) من دون تفاوت غیر أنه لم یقل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 269

[الثانی لو قال له علی مال قبل تفسیره]

الثانی لو قال له علی مال قبل تفسیره بقلیله و کثیره (1) و لا یقبل بغیره کحد القذف و حق الشفعة و الکلب العقور (2) و یقبل بالمستولدة (3)
______________________________
بطل إقراره بالدراهم و لم یتعرض لحالها و لعله أحاله علی ما تقدم له فیها من أن الخیار فیها للقاضی کما تقدم قریبا لکن الکلام فی البطلان الذی أفصحت به عبارتا الکتاب و (المبسوط) و لعلهما اختارا فی المقام ما حکیناه عن (قضاء التحریر) من أن للمقر الرجوع عما أقر به و إلا فیشکل بطلان الإقرار فی صورتی الکتاب فإنه قد تقدم له أنه إذا رجع المقر له إلی التصدیق سلم إلیه و إن لم یرجع ترک فی ید المقر أو القاضی و تقدم أن المختار أن للقاضی الخیار و لذلک قال فی (جامع المقاصد) لا یستقیم إطلاق الحکم بالبطلان
(قوله) (الثانی لو قال له علی مال قبل تفسیره بقلیله و کثیره)
بلا خلاف کما فی (المبسوط) و إجماعا کما فی (التذکرة) و فی (نهایة المرام) و (الکفایة) أنه مجمع علیه بین العلماء قاله فی (التذکرة) فتأمّل (و به) صرح فی (الغنیة) و (السرائر) و (جامع الشرائع) و (الشرائع) و (النافع) و غیرها و قد سمعت کلامهم فیما إذا قال له علی شی‌ء و الحجة علیه بعد الإجماعات صدق الاسم علی القلیل و أصالة البراءة من الزائد کما تقدم فی الشی‌ء و فی (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة خ) و غیرها أنه لو فسره بما لا یتمول عادة کحبة حنطة لم یقبل و اختیر فی (التذکرة) أنه یقبل لأن المال أعمّ من غیر المتمول إذ کل غیر متمول مال و لا ینعکس و فیه أنه و إن دخل فی اسم المال لغة و شرعا إلا أنه لا یدخل عرفا و أن قوله له علی یقتضی الثبوت فی الذمة و ما لا یتمول لا یثبت فی الذمة و لا ترجیح فی (الدروس) و قد سمعت کلامهم فیما إذا فسر الشی‌ء بذلک و أن الأکثر علی أنه لا یقبل و ما حکیناه هناک عن (التذکرة) و قد حکیناه عن (الروضة) و (مجمع البرهان) موافقتها لکنهما هنا خالفاها فی الأول تصریحا و فی الثانی ظهورا
(قوله) (و لا یقبل بغیره کحد القذف و الشفعة و الکلب العقور)
لأنها لیست من المال فی شی‌ء و قد سمعت کلامهم فیما إذا فسر الشی‌ء بذلک و قد نص فی (الشرائع) علی أنه إذا فسر المال بالکلب العقور لم یقبل و إن انتفع به کالسرجین النجس
(قوله) (و یقبل بالمستولدة)
کما جزم به فی (الإرشاد) و ولده فی (شرحه) و قربه فی (التذکرة) و کذا (الحواشی) و فی (التحریر) أنه الوجه و فی (مجمع البرهان) لا ینبغی النزاع فی قبول تفسیره بها لأنها مملوکة و مال و شی‌ء فیصح الإقرار بها و فی (جامع المقاصد) أنه مشکل لأن الاستیلاد حق مشترک بینها و بین اللّٰه سبحانه و تعالی و قبول التفسیر بها یقتضی إبطاله ثم قال و احتمل فی (الدروس) اعتبار تصدیقها و الاستفسار و فیه قوة (قلت) قد یقال إنا لا نسلم أن قبول التفسیر یقتضی الإبطال إذ قال فخر الإسلام فی (شرح الإرشاد) إنه إذا قبل إقراره قیل إنها تسلم إلی المقر له و یغرم قیمة الولد یوم سقط حیا لأن الممنوع هو التصرفات الناقلة للملک المبتدأ و الإقرار إخبار عن حق سابق لازم للمخبر و قیل لا تسلم إلیه بل یغرم قیمة الولد و المنافع و قیمتها للمقر له من حین الإقرار لأن الاستیلاد حق اللّٰه سبحانه و تعالی و هو مبنی علی التغلیب و لهذا یسری کما یسری العتق فإن مات الولد قبله سلمت إلی المقر له و استعیدت القیمة و فی (الحواشی) إذا مات المقر هل تعتق و تؤخذ قیمتها من
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 270
و لو قال مال جزیل أو جلیل أو عظیم أو نفیس أو خطیر أو عظیم جدا أو عظیم عظیم قبل تفسیره بالقلیل أیضا (1) و لو قال کثیر قیل یکون ثمانین (2) و الأقرب المساواة (3)
______________________________
ترکته أم لا فیه وجهان
(قوله) (و لو قال مال جزیل أو جلیل أو عظیم أو نفیس قبل تفسیره بالقلیل أیضا)
بلا خلاف إلا من أبی علی فی العظیم فإنه جعله کالکثیر و وافق فی الکثیر الشیخ کما ستسمع و به صرح فی (الخلاف) و (المبسوط) و (الغنیة) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (مجمع البرهان) و کذا (الإیضاح) لأنه لیس فی العظیم حد فی الشرع و لا فی اللغة و لا فی العرف و الناس مختلفون فی ذلک فبعضهم یستعظم القلیل و بعضهم لا یستعظم الکثیر فلم یثبت فی ذلک حد یرجع إلیه و لا فی اللغة و لا فی العرف قانون یعول علیه فیرجع إلی تفسیره و بیانه لأنه أعرف بمراده کذا قال فی (التذکرة) و به یندفع الاعتراض بأنه لا یطابق العرف و قال أیضا لأنه یحتمل أن یرید بالعظیم عظیم خطره بکفر مستحله و وزر غاصبه و الخائن فیه و لأن أصل ما یبنی علیه الإقرار الأخذ بالمتیقن و الترک لغیره و لا تعتبر الغلبة و یأتی فی الوصایا ما له نفع تام فی المقام و هل یشترط أن یکون مما یتمول ظاهر کلام جماعة هنا و صریح آخرین أنه یشترط و فی وصایا (جامع المقاصد) أنه لم یجد به تصریحا فی کلامهم و تمام الکلام هناک
(قوله) (و لو قال کثیر قیل یکون ثمانین)
و هو خیرة (الخلاف) و (المبسوط) و (الغنیة) و هو المحکی عن أبی علی و قطب الدین الکیدری و القاضی و قال أبو علی أن العظیم کالکثیر فی العدد المذکور و لقد أغرب و لا ترجیح فی (الدروس) و قد استدل علیه فی (الخلاف) و (الغنیة) بإجماع الطائفة و استدل علیه أیضا فی (الخلاف) و (المبسوط) بالروایة التی تضمنت أن الوصیة بالمال الکثیر وصیة بثمانین و هو الذی حکاه عنه فی (التذکرة) حرفا فحرفا و حکی عن ابن إدریس إنکار ذلک و رده بأن الشیخ أعرف منه و أن ذلک من ابن إدریس جهل ثم إنه قال فی (الخلاف) إنه لم یعرفه أحد من الفقهاء و قال فی وصایا (الخلاف) إذا قال أعطوه کثیرا من مالی فإنه یستحق ثمانین علی ما رواه أصحابنا فی حد الکثیر ثم استدل علیه بإجماع الفرقة و کأنهما معا لم یلحظا وصایا الخلاف مع أنهما ذکرا ذلک فی باب الوصایا فلحظا إقرار (الخلاف) و لم یلحظا وصایاه و حکی عنه فی (السرائر) و (المختلف) فی موضع و (الإیضاح) و (الدروس) و (المسالک) و (الروضة) بأنه استدل بالروایة الواردة فی أن من نذر الصدقة بمال کثیر یلزمه الصدقة بثمانین و الشیخ لم یذکر ذلک فی (الکتابین) و فی (المسالک) أنه عداها إلی الوصیة و الإقرار (و لقد) تتبعت (الوسائل) فی باب الوصایا فلم أجد لهذه الروایة ذکرا و قد اعترف فی (مجمع البرهان) بعدم الظفر بها و قد سمعت ما حکی عن ابن إدریس و قال إن روایة النذر وردت فی نذر المتوکل و هی مرسلة (قلت) غرض الشیخ أن ذلک عرف شرعی و قد انعقد علیه الإجماع منا و لم یعرفه أحد من العامة و لم یستدل بشی‌ء مما استدلوا له به و تمام الکلام فی باب الوصایا مسبغا
(قوله) (و الأقرب المساواة)
کما هو صریح (التذکرة) و (التحریر) و (المختلف) و (الإیضاح) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (مجمع البرهان) و هو قضیة کلام الباقین و فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 271
و لو قال أکثر مما لفلان و فسره بأکثر عددا أو قدرا ألزم بمثله و یرجع فی الزیادة إلیه (1) و لو قال کنت أظن ماله عشرة فثبت بالبینة مائة قبل تفسیره لخفاء المال (2)
______________________________
(جامع المقاصد) نسبته إلی ابن إدریس و المتأخرین فیرجع فی التفسیر إلیه و لو (قال) عظیم جدا کان کقوله عظیم کما صرح به (المبسوط) و (التحریر) و (الدروس) و (المسالک) و هو قضیة کلام الباقین و لم نجد أحدا تردد فیه قبل المحقق فی (الشرائع)
(قوله) (و لو قال أکثر من مال فلان و فسره بأکثر عددا أو قدرا ألزم بمثله و رجع فی الزیادة إلیه)
کما ذکر ذلک کله فی (التذکرة) و لعله أو هو قضیة إطلاق (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (اللمعة) و (الروضة) و (مجمع البرهان) حیث تعرض فیها کلها لصورة الإطلاق قالوا فإن أقر بمال أکثر من مال زید ألزم بقدره و زیادة لزمه بقدره و زیادة بهذه العبارة و نحوها قال فی (المبسوط) ألزم بمقدار المال الذی سماه و قبل منه تفسیره فی الزیادة فالمصنف هنا لم یذکر حالة الإطلاق و ظاهرهم أن الإطلاق یقضی بأن الأکثریة فیه یراد منها الأکثریة فی المقدار و لا یحمل علی الأکثریة فی الاعتبار کما اعتبرت فیما سلف لأن المتبادر من الکثرة الکثرة فی العدد (لکن) المصنف فی (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) علی أنه یقبل منه دعوی إرادة الکثرة فی الاعتبار فلو ادعی عدم إرادة الکثرة فی المقدار و أن الدین أکثر منفعة و بقاء من العین و نحو ذلک قبل کما سیأتی بیان الحال فیه و الاستدلال علیه عند قوله و لو فسر بالبقاء إلی آخره (ثم) عد إلی العبارة فقوله و فسره بأکثر عددا و قدرا معناه أنه فسره بأکثر عددا إن تفاوتا فیه أو قدرا إن تساویا فی العدد أو أنه فسره بکونه أکثر عددا إن کان مما یعد کالدراهم أو قدرا إن کان لا یعد کدار و بستان و وجهه ظاهر (و أما أنه) یرجع فی الزیادة إلیه فلأنها مجهولة و یقبل منه تفسیرها و لو بحبة حنطة بلا خلاف کما فی (المبسوط) و به صرح فی (التذکرة) و فی (جامع المقاصد) أنه لا بد من تفسیرها بما یتمول فی العادة علی مقتضی ما سبق و أن ما فی (التذکرة) مبنی علی أصله السابق (قلت) فیه أن نفیه الخلاف فی (المبسوط) ظاهره نفیه بین المسلمین و فیه أبلغ حجة لأنه أبلغ من دعوی الإجماع و وجهه ظاهر لأن الزیادة هنا منضمة إلی مثل مال فلان لأن المقر به هو المجموع من الزیادة و المثل فلا یعتبر التمول فی نفس الزیادة لأنها بعض أجزاء المقر به و لا یعتبر فی أجزاء المقر به مطلقا التمول لأن أجزاءه لا بد أن تنتهی إلی مقدار لا یتمول و إنما یشترط التمول فی مجموع المقر به فیما إذا قال به علی مال ففرق واضح بینه و بین ما سبق
(قوله) (و لو قال کنت أظن ماله عشرة فثبت بالبینة مائة قبل تفسیره لخفاء المال)
حاصله أنه إذا ادعی جهل قدره لزمه مقدار ما ادعی إرادته و زیادة یرجع إلیه فیها قال فی (المبسوط) ما کان عندی أن مال فلان ألف و أنما اعتقدت له عشرة و أردت الزیادة درهما کان القول قوله فی ذلک و لم یلزمه إلا أحد عشر درهما و نحوه ما فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (مجمع البرهان) لخفاء المال مع أصل البراءة و أصل عدم علمه إذا أمکن الجهل به فی حقه و لا فرق فی ذلک بین قوله قبل ذلک إنی أعلم مال فلان و عدمه و لا فرق أیضا بین أن تقوم البینة بمقدار ماله و عدمه لاشتراک الجمیع فی المقتضی و هو کون المال مما یخفی غالبا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 272
أما لو شهد بالقدر ثم أقر بالأکثریة لم یسمع (1) و لو فسره بالبقاء أو المنفعة أو البرکة و کان أقل فی القدر بل العدد و أن یقول الدین أکثر بقاء من العین أو الحلال أکثر من الحرام أو أنفع ففی السماع نظر (2) و لو قال لی علیک ألف دینار فقال لک علی أکثر من ذلک لزمه ألف و زیادة و لو فسره بأکثر فلوسا أو حب حنطة أو دخن فالأقرب عدم القبول (3)
______________________________
(قوله) (أما لو شهد بالقدر ثم أقر بالأکثر لم تسمع)
أی لو شهد المقر بقدر مال فلان ثم أقر بالأکثر لم تسمع دعواه ظن القلة و مثله ما لو أقر بأنه قدر یزید عما ادعی ظنه فإنها لا تسمع دعواه أیضا و لا یقبل إنکاره ثانیا و ینبغی تقیید ذلک بما إذا لم یطل الزمان بحیث تجدد النسیان و الاشتباه علیه
(قوله) (و لو فسره بالبقاء و المنفعة أو البرکة و کان أقل فی القدر و العدد ففی السماع نظر)
ینشأ من أن الأکثر أنما یطلق حقیقة علی الأکثر عددا أو قدرا و اللفظ یحمل علی الحقیقة فلا یسمع و هو قضیة کلام (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (الدروس) و (اللمعة) کما عرفت آنفا و قد میل إلیه أو قیل به فی (جامع المقاصد) و (الروضة) و فیه أنهم قالوا فیما إذا قال له علی مال کثیر أو جزیل أو عظیم و فسره بالقلیل قبل لأنه یحتمل أن یرید کثیر الخطر و الوزر و نحو ذلک فینبغی أن یقبلوا تفسیره الکثیر هنا بما ذکر و تبادر کثرة المقدار موجودة فی الموضعین فله التفسیر هنا بأقل ما یتمول کما جزموا به فی المسائل السالفة من دون خلاف إلا من أبی علی کما مر مضافا إلی قاعدة الإقرار و إلی أن أصل براءة الذمة أقوی من وجوه من أصل حمل اللفظ علی حقیقته منها أن هذا یرجع إلی الغلبة و الرجحان و قد حکم به العقل بعنوان کلی و أصل البراءة عقلی صرف حکم به مباشرة و لذلک اختیر فی (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الإیضاح) و (المسالک) و (مجمع البرهان) أنه یسمع و یقبل لما عرفت فی توجیهه من إمکان إرادة المجاز و لا یعلم قصده إلا من لفظه فیرجع إلیه فیه و المجاز یصار إلیه مع وجود الصارف و قوی فی (الحواشی) القبول مع الیمین و لا ترجیح فی (الدروس) کالکتاب و قوله و کان أقل فی القدر و العدد أراد به التنبیه علی الفرد الأخفی و لم یرد أن المساوی لیس کذلک فی الحکم بل هو مساو للأقل إذ هما سواء فی انتفاء الأکثریة فی کل منهما بالمعنی الحقیقی
(قوله) (و لو قال لی علیک ألف دینار فقال لک علی أکثر من ذلک لزمه الألف و زیادة و لو فسر بأکثر فلوسا أو حب حنطة أو حب دخن فالأقرب عدم القبول)
لأن أکثر إنما تستعمل فی العدد أو القدر ینصرف إلی جنس ما أضیف إلیه لا یفهم فی الإطلاق غیر ذلک قال اللّٰه تعالی کٰانُوا أَکْثَرَ مِنْهُمْ- أَنَا أَکْثَرُ مِنْکَ مٰالًا مع أنه إذا قال له علی دراهم لزمه ثلاثة أقل الجمع وازنة صحیحة حالة مع احتمال إرادة الأدون و الأردی و المؤجل و لا یقبل تفسیره بهذه حملا للفظ علی ظاهره فیجب الحمل علی الظاهر هنا و لا یعتد بتطرق الاحتمال و هو خیرة (الدروس) و قال فی (التذکرة) لم یلزمه أکثر من الألف بل و لا الألف لأن لفظة الأکثر مبهمة لاحتمالها الأکثر فی القدر و العدد و یحتمل أنه أراد أکثر منه فلوسا أو حب حنطة و حب شعیر أو دخن فیرجع إلیه فی ذلک (ثم قال) و التحقیق أن أکثر إن قرن بمن لم تجب مشارکته فی الجنس و إلا وجب إذا فعل بعض لما أضیف إلیه و قال فی (جامع المقاصد) فیه نظر لصحة قولنا یوسف أحسن إخوته مع أن أفعل لیس بعضها لما یضاف إلیه (قلت) هو خارج عن بابه لم یقصد به التفضیل کقوله جل شأنه رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِمٰا فِی نُفُوسِکُمْ- وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَیْهِ و کقولهم الناقص
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 273

[الثالث إذا قال له علی کذا فهو کالشی‌ء]

الثالث إذا قال له علی کذا فهو کالشی‌ء و لو قال کذا کذا فهو تکرار (1) و لو فسر المفرد بدرهم نصبا لزمه درهم و نصب علی التمیز (2)
______________________________
و الأجش أعدلا بنی مروان و قول الشاعر دعائمه أعز و أطول نعم یرد علیه أنه إن کان مجردا لزم اتصاله بمن قال ابن مالک و أفعل التفضیل صلة أبدا تقدیرا أو لفظا بمن إن جردا فلا فرق بین أن یقول لک علی أکثر من ذلک أو یقول له علی أکثر و یسکت قال سبحانه وَ الْآخِرَةُ خَیْرٌ وَ أَبْقیٰ أی من الأولی و أما إذا أضیف کما إذا قال لک أکثر ذلک أو أکثر الألف فإنه لم یلزمه الألف و إنما یلزمه أکثرها و هو ما زاد علی نصفها لأنا إذا قدرنا هنا من کانت لبیان الجنس لا لابتداء الغایة کما هو شأن من التفضیلیة فی المجرد إذ یصیر التقدیر له علی الأکثر من بین أفراد الألف (إلا) أن عبارة (التذکرة) لا تأبی إرادة ذلک منها بل هو الظاهر منها (و قال) فی (جامع المقاصد) إن الذی یقتضیه النظر أنه إن لم یذکر الممیز فی التفضیل فالإبهام قائم و المرجع فی التفسیر إلیه و لا دلیل علی وجوب اتحاد الجنس و ما ذکر من الآیات فأکثرها معه الممیز و الذی لم یذکر فیه حذف منه اعتمادا علی دلالة المقام و لا یمکن الحکم بشغل الذمة بمجرد الاستناد إلی قرائن الحال من غیر أن یکون فی اللفظ دلالة صریحة انتهی و هو جید عملا بقاعدة الإقرار
(قوله) (الثالث إذا قال له علی کذا فهو کالشی‌ء و لو قال کذا کذا فهو تکرار)
کما نبه علی ذلک کله فی (المبسوط) و صرح به فی (التذکرة) و (الإیضاح) و (المهذب البارع) و (المقتصر) و (مجمع البرهان) و مما صرح فیه أن کذا کالشی‌ء و کنایة عن الشی‌ء (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (الدروس) و غیرها و فی (الصحاح) و (القاموس) کذا کنایة عن الشی‌ء و فی القاموس الکاف حرف تشبیه و ذا للإشارة و الغرض بیان ما یترتب علی ذلک من الخلاف الآتی قال (کاشف الرموز) إن کان کذا کنایة عن العدد فالقول ما قاله الشیخ و إن کان کنایة عن الشی‌ء و هو لغة فمذهب المحقق و فی (التنقیح) أجمع الأدباء علی أنه کنایة عن العدد بل فی (المهذب البارع) لم یوجد فی کلام العرب غیر ذلک و قالا إنه یستعمل عرفا لغیر العدد و الحقیقة العرفیة مقدمة (و قال) فی (التنقیح) و غیر العدد فی العرف غیر معین فیحمل علی القدر المشترک بین الحقائق و هو الشیئیة و الشی‌ء مبهم فیحمل علی أقل ما یصدق علیه الاسم انتهی و قد عرفت أن أهل اللغة قالوا إنه کنایة عن الشی‌ء و لعله أراد بیان الوجه فی کلام أهل اللغة و کیف کان فالظاهر اتفاق اللغة و العرف و اصطلاح الأدباء عرف خاص کما نص علیه جماعة فلیتأمّل
(قوله) (و لو فسر المفرد بدرهم نصبا لزمه درهم و نصب علی التمیز)
کما هو خیرة (المبسوط) فی أول کلامه جازما به و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإیضاح) و (الدروس) و (اللمعة) و (الحواشی) و (المهذب البارع) و (المقتصر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (مجمع البرهان) و (نهایة المرام) و کذا (النافع) و (غایة المرام) بل و (کشف الرموز) إن کان کذا کنایة عن الشی‌ء و (المختلف) و (التنقیح) إذا لم یکن من أهل اللسان و هو معنی قوله فی (السرائر) إنه یرجع إلی تفسیر المقروض و فی (نهایة المرام) (و الریاض خ) نسبته إلی الآخر و حکی فی (التذکرة) عن بعض الکوفیّین أنه منصوب علی القطع و (کیف کان) فالحجة علی ذلک أن الخطابات العامة من أهل العرف العام لا تحمل علی اصطلاحات العرف الخاص و أنه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 274
و قیل یلزمه عشرون (1) و لو رفعه فکذلک (2) و تقدیره شی‌ء هو درهم فجعل الدرهم بدلا (3) من کذا و لو جره لزمه جزء درهم و یرجع إلیه فی تفسیره و التقدیر جزء درهم و کذا کنایة عنه (4) و قیل یلزمه مائة (5)
______________________________
المتیقن و الأصل براءة الذمة من الزائد و أن دلالة الإعراب ظنیة و نقل الأموال یبنی علی القطع و الیقین و الاحتیاط التام و للقاعدة المقررة فی الإقرار التی عرف بها الشیخ من أن الشی‌ء (اعترف به الشیخ من أن الصیغة خ) متی احتملت غیر الإقرار بالشی‌ء و لو احتمالا بعیدا لا تکون إقرارا بذلک الشی‌ء و لیعلم أنه قال فی (النافع) لو قال کذا درهم فالإقرار بدرهم و قد نسب إلیه فی (التنقیح) و (نهایة المرام) و (الریاض) و غیرهما أنه یلزمه درهم بالحرکات الثلاث و لا یتجه فی صورة النصب إلا علی لغة ربیعة
(قوله) (و قیل یلزمه عشرون)
القائل الشیخ فی (الخلاف) و کذا (المبسوط) فی آخر کلامه بلفظ الأقوی و أبو المکارم فی (الغنیة) و المصنف فی (الإرشاد) و (التبصرة) و (کشف الرموز) إن کان کذا کنایة عن العدد و فی (التذکرة) هو جید إن کان المقر عارفا و إلا رجع إلی تفسیره و نحوه ما فی (المختلف) و (التنقیح) و فی (الحواشی) أیضا أن ما فی المختلف هو المنقول (حجة الشیخ) أن العشرین أقل عدد ینصب ممیزه
(قوله) (و لو رفعه فکذلک)
أی یلزمه درهم و قد حکی علیه الإجماع فی (التذکرة) و (الإیضاح) و (المهذب البارع) و (المقتصر) و هو کذلک إذ لا أجد فیه خلافا
(قوله) (و تقدیره شی‌ء هو درهم فجعل الدرهم بدلا)
کما صرح بذلک کله فی (التذکرة) و هو تقدیر باعتبار المعنی ففی (المبسوط) و (التحریر) معناه کذا هو درهم شی‌ء هو درهم و إلا فالبدل الصناعی لیس تقدیره ذلک
(قوله) (و لو جره لزمه جزء درهم و یرجع إلیه فی تفسیره و التقدیر جزء درهم و کذا کنایة عنه)
أما أنه یلزمه جزء درهم فی صورة الجر فهو خیرة (المبسوط) فی أول کلامه و (الجامع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإیضاح) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (مجمع البرهان) و (کشف الرموز) إن کان کذا کنایة عن الشی‌ء و (المختلف) إن لم یکن من أهل اللسان و هو معنی قوله فی (السرائر) أنه یرجع إلی تفسیر المقر و فی (نهایة المرام) أنه متجه و قد احتمل احتمالا (فی الشرائع) و (الدروس) لکن قد یظهر من (الشرائع) اختیاره کما هو الظاهر من (غایة المراد) لأنه المتیقن لأصالة البراءة من الزائد و من ثم حمل الرفع و النصب علی الدرهم مع احتمالهما أزید منه و قال فی (الإیضاح) و لأنه لو قال کذا درهم صحیح لم یلزمه مائة باتفاق الکل (قلت) و للقاعدة المقررة و جمیع ما تقدم فی صورة النصب و یرجع إلیه فی تفسیر الجزء لکونه مبهما و فی (النافع) و (الدروس) و (اللمعة خ) و (التنقیح) و (نهایة المرام) أنه یلزمه درهم واحد و یجعلون الإضافة بیانیة و فی (نهایة المرام) و (الریاض) نسبته إلی الأکثر فتدبر (و لیعلم) أنه قال فی (اللمعة) بعد ما حکیناه عنها أنه لو فسر فی حالة الجر ببعض درهم جاز و فیه أن ذلک یقضی بصحته بحسب الوضع فکیف یحمله مع الإطلاق علی ما هو أکثر منه مع إمکان الأقل
(قوله) (و قیل یلزمه مائة)
قال به الشیخ فی (الخلاف) و قواه فی (المبسوط) فی آخر کلامه و اختاره ابن زهرة فی (الغنیة) و المصنف فی (الإرشاد) و (التبصرة) بل و (کاشف الرموز)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 275
و لو وقف قبل تفسیره بجزء درهم (1) و کذا لو کرر بغیر عطف و لا یقتضی الزیادة کأنه قال شی‌ء شی‌ء و فی الجر یحتمل أنه أضاف جزء إلی جزء ثم أضاف الآخر إلی الدرهم کنصف تسع درهم (2)
______________________________
إن کان کذا کنایة عن العدد و المصنف فی (المختلف) إن کان من أهل اللسان و استجوده فی (التذکرة) إن کان عارفا لأنه أقل عدد مفرد ممیزه مجرور و قال فی (الإیضاح) هکذا نص علماء اللغة و لم یوجد فی کلام العرب غیر ذلک و قد عرفت الحال فی ذلک و قیل إن الجر لحن یحمل علی أخویه فیلزمه حکمهما و قد عرفت أنه یمکن تصحیحه و حکی فی (التذکرة) عن بعضهم ما حاصله أنه إن قال کذا درهم صحیح لزمه مائة و إن لم یصفه بالصحة اکتفی بالجزء لأن الوصف بالصحة یمنع من العمل علی الجزء لأنه کسر و فیه أنه یصح أن یکون الصفة للمضاف إلیه و إن کان الأصل فیها إن تعود إلی المضاف لکونه المحدث عنه لأن أصل البراءة أقوی من ذلک إلی غیر ذلک من الأدلة المتقدمة (ثم) إن هذا القول الذی لا یعرف قائله و الظاهر أنه للعامة یدفعه إجماع (الإیضاح) الذی سمعته آنفا (لکنه) قد منع علیه هذا الاتفاق فی (غایة المراد)
(قوله) (و لو وقف قبل تفسیره لجزء درهم)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و فی (نهایة المرام) أنه متجه لأنه یحتمل الرفع و الجر لو أعرب دون النصب لوجوب إثبات الألف فیه وقفا فیحمل علی مدلول ما احتمله فیلزمه جزء درهم خاصة لأنه باحتماله الرفع و الجر حصل الشک فیما زاد علی الجزء فیحمل علی المتیقن و هو ما دلت علیه الإضافة و فی (اللمعة) و ظاهر (النافع) أنه یلزمه درهم واحد و فی (نهایة المرام) و (الریاض) نسبته إلی الأکثر و فیه نظر ظاهر و (لعل) الأول استنبطه من قول الشیخ و من وافقه من أنه یجب مائة مع الجر و تبعه الثانی فتدبر و علی کل حال فلیس ذلک مما ینبغی أو یجوز و حجة الشهید و المحقق فی الکتابین بناء علی ما سلف لهما فیهما فی صورة الجر أنه لما دار الأمر فیه أی الوقف الرفع و الجر و هما مشترکان فی احتمال الدرهم فیحمل علی مدلول ما احتمله فیلزمه درهم واحد
(قوله) (و کذا لو کرر بغیر عطف و لا یقتضی الزیادة فکأنه قال شی‌ء و فی الجر یحتمل إضافة جزء إلی جزء ثم أضاف الآخر کنصف تسع درهم)
کما صرح بذلک کله فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و کذا (التحریر) و (اللمعة) و (الروضة) و (مجمع البرهان) و لم یتعرض فی (الشرائع) و (الإرشاد) و (الدروس) إلا لصورتی الرفع و النصب و کل بناء علی ما سلف له و لم یتعرض فی (السرائر) و (الجامع) و (النافع) إلا لصورة النصب و معناه و کذا لو کرر بغیر عطف فی الحمل علی الدرهم فی صورة الرفع و النصب و بعض الدرهم فی حالتی الجر و الوقف فلو قال له علی کذا کذا درهم بالرفع أو بالنصب أو بالجر أو بالوقف فلا یلزمه إلا ما لزمه فیما إذا قال کذا درهم أو درهما من دون تکرار من دون زیادة لأن التکرار لا یقتضی الزیادة لأن کذا کذا مکررا یمکن أن یکون للتأکید ففی حالة الرفع یکون درهم مفسرا للمؤکد و تقدیره کذا کذا هو درهم فیلزمه درهم بلا خلاف کما فی (التذکرة) و فی حالة النصب یکون تمیزا و یلزمه درهم واحد عند المصنف و الجماعة و یلزمه عند الشیخ و أتباعه أحد عشر لأنه أقل عدد مرکب ینتصب بعده ممیزه و فی حالة الجر یکون کذا الأول مضافا إلی درهم و کذا الثانی تأکیدا فاصلا بین المضاف و المضاف إلیه کما قالوه یا تیم تیم عدی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 276
و کذا لو قال کذا کذا کذا (1) و قیل لزمه مع النصب أحد عشر درهما (2) و لو عطف و رفع لزمه درهم لأنه ذکر شیئین ثم أبدل منهما درهما فکأنه قال هما درهم (3) و لو نصب احتمل لزوم درهم لأن کذا یحتمل أقل من درهم فإذا عطف مثله و فسرهما بدرهم جاز (4)
______________________________
فیلزمه بعض درهم عند المصنف و الجماعة و یحتمل فی الجر عندهم أنه أضاف جزء إلی جزء ثم أضاف الجزء الآخر إلی الدرهم فیصیر کأنه قال بعض درهم و هو الذی أراده المصنف علی سبیل الإیضاح بقوله کنصف تسع درهم و هذا الاحتمال لا یأباه اللفظ و أصل البراءة من الزائد یشهد به فیقبل تفسیره به و کذا لو وقف فإنه یجری فیه هذا الاحتمال لاحتمال الجر إذا أعرب و یجی‌ء علی قول الشیخ و موافقیه فی صورتی الجر و الوقف أنه یلزمه ثلاثمائة درهم لأنه أقل عدد أضیف إلی آخر و میز بمفرد مجرور إذ فوقه أربعمائة إلی تسعمائة ثم مائة مائة ثم مائة ألف ثم ألف ألف فیحمل علی المتیقن و الترکیب هنا لا یأتی لأن ممیز المرکب لم یرد مجرورا و المائتان و إن کانتا أقل و فی قوة تکریر المائة إلا أنه بطریق التثنیة لا بحسب الإضافة و هذا لم یصرح به الشیخ و أتباعه لکنه لازم لهم
(قوله) (و کذا لو قال کذا کذا کذا)
یرید أنه لو قال کذا کذا کذا ثلاثا ثم أتی بالدرهم بعدها مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا أو موقوفا علیه بدون ألف فإنه یلزمه فی الأولین درهم واحد لإمکان التأکید کما لو کرر الشی‌ء ثلاثا و فی الأخیرتین إما جزء درهم أو جزء جزء جزء درهم کنصف تسع عشر درهم کما تقدم من الاحتمالین و هذا القسم بجمیع أقسامه لم یتعرض له الشیخ لأن الترکیب هنا لا یتأتی لا فی النصب و لا فی الجر
(قوله) (و قیل یلزمه مع النصب أحد عشر درهما)
هذا صرح به فی (المبسوط) و (الغنیة) و (الإرشاد) و (التبصرة) و هو قضیة کلام (الخلاف) و قد عرفت وجهه و ما یدفعه و قد فصل فی (المختلف) و (التنقیح) فی هذه و ما بعدها بین کون المقر من أهل اللسان و عدمه کما تقدم فی الأول و قد نسب هذا التفصیل فی (الریاض) فی هذه و ما بعدها إلی (الإرشاد) و (التذکرة) و قد عرفت أنه فی (الإرشاد) لم یفصل و لم یتعرض له فی (التذکرة) فی هاتین و إنما تعرض له فی الأولی بلفظ هو جید بعد أن جزم أولا بما فی الکتاب و لا یخفی أن القیل راجع إلی ذکر کذا مرتین لا ثلاث کما هو واضح
(قوله) (و لو عطف و رفع لزمه درهم لأنه ذکر شیئین (سببین خ) ثم أبدل منهما درهما فکأنه قال هما درهم)
کما صرح به فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإیضاح) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و (نهایة المرام) و به صرح فی (المبسوط) فی أول کلامه و بالجملة لا خلاف فیه عندنا نعم للشافعی قول بأنه یلزمه درهم و زیادة لأنه ذکر شیئین متغایرین بالعطف فیجعل الدرهم تفسیرا للقریب منهما و هو المعطوف فیبقی المعطوف علیه علی إبهامه فیرجع فی تفسیره إلیه و أصل البراءة یمنع منه لقیام احتمال جعل الدرهم بدلا من مجموع المعطوف و المعطوف علیه کما أشار إلیه المصنف و مثاله کذا و کذا درهم
(قوله) (و لو نصب احتمل لزوم درهم لأن کذا تحتمل أقل من درهم فإذا عطف مثله و فسرهما بدرهم جاز)
لأن کان صحیحا جاریا علی القوانین و الأصل براءة الذمة مما زاد و لزوم الدرهم فی هذه الصورة أعنی قوله کذا و کذا درهما خیرة (الشرائع) و ما ذکر بعدها آنفا مع زیادة (السرائر) و (الجامع) و (النافع) عدا (المبسوط) و إن جر لزمه بعض درهم إذ تقدیره له علی شی‌ء و بعض درهم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 277
و درهمین لأنه ذکر جملتین و فسر بدرهم فیعود إلی الجمیع (1) کمائة و عشرین درهما یعود التفسیر إلی الجمیع و أکثر من درهم بناء علی أن الدرهم تفسیر للأخیر و یبقی الأول علی إبهامه و قیل یلزمه أحد و عشرون (2) درهما و لو قال ألف و درهم أو درهمان فالألف مبهم یقبل تفسیره بما قل و کثر (3) و لو قال ألف و ثلاثة دراهم أو و خمسون درهما أو ألف و مائة و خمسة و عشرون درهما أو خمسة عشر درهما أو ألف و مائة درهم فالجمیع دراهم علی إشکال (4)
______________________________
و کلاهما بعض درهم و حال الوقف کحال الجر کما مر
(قوله) (و درهمین لأنه ذکر جملتین و فسر بدرهم فیعود إلی الجمیع کمائة و عشرین درهما یعود التفسیر إلی الجمیع)
هذا احتمال ثان فی صورة النصب قاله الشافعی قال یلزمه درهمان لأنه ذکر جملتین کل واحدة تقع علی الدرهم و تکون کنایة عنه فیکون الدرهم تفسیرا لکل واحدة منهما علی معنی أنه مفسر للأخیرة و دلیل علی تفسیر الأولی کما إذا قال مائة و عشرون فإنه سیأتی بلطف اللّٰه سبحانه و توفیقه إن شاء اللّٰه أن المائة أیضا تکون دراهم و کأنه اختاره فی (جامع الشرائع)
(قوله) (و أکثر من درهم بناء علی أن الدرهم تفسیر للأخیر و یبقی الأول علی إبهامه)
هذا قول ثالث لأصحاب الشافعی و وجهه ما ذکره المصنف
(قوله) (و قیل یلزمه أحد و عشرون)
قاله الشیخ فی (الخلاف) و (المبسوط) و ابن زهرة فی (الغنیة) و المصنف فی (الإرشاد) و (التبصرة) لأنه أقل عددین عطف أحدهما علی الآخر و انتصب الممیز بعدهما و قد سمعت ما فی (المختلف) و (التنقیح) و یلزم هذا القول أنه لو جر الممیز إنه یلزمه ألف و مائة لأنه أقل عددین عطف أحدهما علی الآخر و میز بمفرد مجرور و مع الوقف علی هذا القول یحتمل الرفع و الجر فیحمل علی الرفع لأنه الأقل و لو قال کذا و کذا و کذا درهما ثلاثا فإن قلنا إنه إذا ذکر مرتین یلزمه درهمین لزمه هنا ثلاثة و إن قلنا یلزمه درهم فکذا هنا
(قوله) (و لو قال ألف و درهمان فالألف مبهم یقبل تفسیره بما قل و کثر)
کما هو خیرة (المبسوط) و (الغنیة) و (السرائر) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) و ظاهر (التذکرة) الإجماع علیه لأن الدرهم إنما وقع معطوفا لا ممیزا فکان کقوله ألف و عبد و ألف ثوب و فرس لکن العرف قد یخالفه و مثله لو قال له علی درهم و ألف ألف درهم و عشرون من دون ذکر ممیز العشرین
(قوله) (و لو قال ألف و ثلاثة دراهم أو و خمسون درهما أو ألف و مائة و خمسة و عشرون درهما أو و خمسة عشر درهما أو ألف و مائة درهم فالجمیع دراهم علی إشکال)
لکن عمل الأکثر و قولهم علی أن الجمیع دراهم کما فی (المسالک) و (الکفایة) و هو خیرة (المبسوط) و (الغنیة) و (السرائر) و (الشرائع) و جمیع ما ذکر بعدها آنفا جازمین به و فی (المبسوط) أنه الصحیح و هو فی معنی الجزم (نعم) فی (جامع المقاصد) أنه أقوی و قال فی (مجمع البرهان) فیه تأمّل و بالجملة لا خلاف إلا من (المختلف) کما ستسمع نعم لا ترجیح فی (الإیضاح) و (الدروس) و (الحواشی) کالکتاب و (کیف کان) فحجة المعظم أنه المتبادر عرفا و أنه لو أرادوا حد تمیز کل عدد منها عد مطوالا مهذارا و قوله تعالی إِنَّ هٰذٰا أَخِی لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً و الحدیث أن رسول اللّٰه (ص) توفی و هو ابن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 278
و لو قال علی ثلاثة دراهم و ألف أو عشرون درهما و ألف فالألف مجهولة و لو قال درهم و نصف فالأقرب حمل النصف علی السابق (1)

[الرابع إطلاق الإقرار بالموزون أو المکیل]

الرابع إطلاق الإقرار بالموزون أو المکیل ینصرف إلی میزان البلد و کیله (2) و کذا الذهب و الفضة ینصرف إلی نقده الغالب (3)
______________________________
ثلاث و ستین سنة و قول الشاعر و لها اثنتان و أربعون حلوة سودا کخافیة الغراب الأعصم إلی غیر ذلک مما جاء فی الکتاب و السنة و الأشعار و غیرها و أن حکم المعطوف و المعطوف علیه واحد و من ذلک نشأ أحد وجهی الإشکال و من أن رجوعه إلی الأخیرة هو المتیقن فیحمل علیه و الباقی یکون مجملا و لقوله تعالی أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً فتأمّل و لأنه کالاستثناء و لأن العطف إذا لم یکن وصفا لم یکن بیانا کقولک ألف عبد و لأن العطف أعمّ لقبوله التقیید و لا دلالة للعام علی الخاص و الأدلة من الجانبین لا تخلو عن نظر و الأصل فی الأول التبادر فی العرف بحیث لا یتوقف أحد فی فهم ذلک و المقدر کالمذکور و فی الثانی قاعدة الإقرار و أنه مبنی علی الیقین و أن الاحتمال البعید النادر یصار إلیه مطلقا فکیف إذا ادعاه المقر مضافا إلی أصل البراءة (و یظهر) من (التحریر) أن محل النزاع و الإشکال ما إذا لم یدع ذلک المقر و جهل الحال قال بعد أن جزم بأن الجمیع دراهم ما نصه و لو قال أردت بالألف و ما بعدها غیر الدراهم و إنما میزت بالدرهم العدد الأخیر فالوجه قبول قوله مع الاحتمال (و قال) فی (المختلف) بعد أن حکی عن الشیخ و ابن إدریس أن الجمیع دراهم ما نصه و الوجه عندی الرجوع إلیه فی تفسیر الألف و المائة و هو یقضی بأن محل النزاع ما إذا قال أردت بالألف غیر الدراهم (قلت) هذا هو الظاهر من کلام جماعة منهم المصنف کما هو صریح آخرین و بعض العبارات محتملة للأمرین و یتفرع علی ذلک أنه لو باع بمائة و عشرین درهما لم یصح البیع حتی یذکر مفسر المائة
(قوله) (و لو قال له ثلاثة دراهم و نصف فالأقرب حمل النصف علی السابق)
کما هو خیرة (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) لمکان تبادره عرفا و جریان العادة به حتی لو قال علی درهم و نصف درهم عد مطولا تطویلا زائدا علی قدر الحاجة کما نص علی ذلک کله فی (التذکرة) و فی (الإرشاد) أنه یرجع إلیه فی تفسیره و لم یلتفت إلی التبادر و العادة کما اعتمد علی ذلک فی قوله له علی ألف و ثلاثة دراهم و ما ذکر بعده من الأمثلة و قاعدة الإقرار مع أصالة البراءة تؤیدانه و لعله الأصح لأن نقل المال مبنی علی الیقین أو ما قام مقامه من الشاهدین و الشاهد و الیمین و لا ترجیح فی (الإیضاح) و (الدروس)
(قوله) (الرابع إطلاق الإقرار بالموزون أو المکیل ینصرف إلی میزان البلد و کیله)
کما فی (الشرائع) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (مجمع البرهان) و فی الأخیر أنه ظاهر مع الوحدة و عدم تفسیر المقر بغیره قلت لأنه المتفاهم عرفا و لهذا یحمل الإطلاق فی البیع علیه و مثاله أن یقول له عندی کیل حنطة و رطل سمن
(قوله) (و کذا الذهب و الفضة ینصرف إلی نقده الغالب)
کما فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) کما قد یظهر منه و (اللمعة) و (المسالک) و (الروضة) و (مجمع البرهان) و فی الأخیر أنه ظاهر مع الأمرین المذکورین أیضا کما عرفت لما عرفت و المراد بالذهب و الفضة الدراهم و الدنانیر و أما غیرهما فیعتبر فیه حقیقته و لا یحمل علی النقد الغالب و یعتبر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 279
سواء کان نقدهم مغشوشا أو لا (1) و سواء کان الوزن ناقصا أو لا فإن تعدد الوزن أو النقد متساویا رجع إلیه فی التعیین (2) و لو فسره بالناقص النادر قبل مع اتصاله (3) و کذا لو فسره بالمغشوشة مع اشتمالها علی الفضة لا بالفلوس (4) و لو قال علی دریهمات أو دراهم صغار و فسره بالناقص لم یقبل إلا مع الاتصال (5)
______________________________
خلوصه من الغش
(قوله) (سواء کان نقدهم مغشوشا أو لا و سواء کان الوزن ناقصا أو لا)
کما هو قضیة إطلاق (المبسوط) و ما ذکر بعده لأن المدار فی حمل الإطلاق علی المتعارف من نقد بلد المقر کما صرح به جماعة لا بلد الإقرار کما فی (الشرائع) فلا یتفاوت الحال فیه بین المغشوشة و الناقصة إذا کان نقد البلد کذلک
(قوله) (فإن تعدد الوزن أو النقد متساویا رجع إلیه فی التعیین)
مما صرح فیه بالرجوع إلیه عند التعدد (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (مجمع البرهان) و مرادهم کما هو صریح الکتاب (و الشرائع) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) أن ذلک إذا تساوت الجمیع فی المعاملة بحیث لم یکن لصغیر الرطل أو کبیره و صحیح النقد أو غیره أرجحیة علی الآخر و إلا فلو کان بعض الوزن أو النقد غالبا فی المعاملة حمل الإطلاق علیه و إنما یرجع إلیه فی التعیین لحصول الإبهام و أصل براءة الذمة من الزائد و لو تعذر الرجوع إلیه حمل علی الأقل لأنه المتیقن
(قوله) (و لو فسره بالناقص النادر قبل مع اتصاله)
کما فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التحریر) و (التذکرة) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) لأنه مع الاتصال بمنزلة الاستثناء و لأن الکلام لا یعتبر معناه إلا بعد تمامه کما فی صحیح هشام و لأنه لو لا ذلک لأدی إلی تعذر الإقرار ممن علیه دراهم ناقصة و استشکل فیه المصنف فیما یأتی فی الکتاب و أما إذا انفصل فلا یسمع لأنه یقضی برفع ما حکم بثبوته و احتمل القبول فی (التحریر) إذا کان التعامل بالناقص غالبا و هو قضیة کلام الکتاب و فی (الإرشاد) یقبل تفسیره بغیر نقد البلد إذا تعدد (و قال) فی (مجمع البرهان) و کذا إذا تعدد فإنه غیر بعید القبول (قلت) هو قوی للقاعدة و الأصل و جزم بالقبول فی (التذکرة) إذا کان أجود أو مساویا و قواه فی الناقص و فی (الإیضاح) فیما یأتی أن الأصح أنه لا یقبل
(قوله) (و کذا لو فسر بالمغشوشة مع اشتمالها علی الفضة لا بالفلوس)
کما صرح بذلک کله فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) لفظ الدراهم لا یطلق علی الفلوس و ذلک حیث یکون الغالب غیر المغشوشة و إلا لم یشترط الاتصال مع اشتمالها علی الفضة کما جزم به فی (جامع المقاصد) و احتمله فی (التحریر) احتمالا و استدل المصنف فی المسألة بما یأتی (و استشکل المصنف فی المسألة فیما یأتی خ) فی الکتاب و فی (الإیضاح) هناک أن الأصح أنه لا یقبل
(قوله) (و لو قال له علی دریهمات أو دراهم صغار و فسره بالناقص لم یقبل إلا مع الاتصال)
لأن إطلاق الدراهم یقتضی حملها علی الغالب لأن الدراهم الغالبة قد تکون صغیرة فی شکلها نعم لو کان فی الدراهم ما یعد صغیرا و کان ناقصا و فسر به قبل منه کما صرح بذلک فی (جامع المقاصد)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 280

[الخامس الجمع یحمل علی أقله]

الخامس الجمع یحمل علی أقله و هو ثلاثة سواء کان جمع قلة أو کثرة و سواء کان معرفا بلام الجنس أو منکرا و سواء وصفه بالقلة أو الکثرة أو لا فلو قال له علی دراهم لزمه ثلاثة و کذا لو قال الدراهم أو دراهم کثیرة أو وافرة أو قلیلة (1) و لو قال ثلاثة آلاف و اقتصر ألزم بتفسیر الجنس بما یصح تملکه مما یصدق علیه ذلک العدد (2)
______________________________
و کأنه نبه علیه فی (المبسوط) لأن العبارة غیر نقیة عن الغلط و أطلق فی (التحریر) قال و لو قال علی دریهمات أو دراهم صغار و فسر بالناقص لم یقبل و الظاهر أن مراده بقرینة ما سلف له أنه یقبل إذا اتصل و له فی (التذکرة) عبارتان إحداهما توافق هذه و الأخری تخالفها قال لو قال له دریهم فهو کما لو قال درهم لأن التصغیر قد یکون الصغر فی ذاته أو لقلة قدره و قد یکون لمحبة و هذه توافق الکتاب و قال لو قال له علی دریهم أو دریهمات أو درهم صغیر أو دراهم صغار فالوجه قبول تفسیره بما أراد مما یطلق علیه هذا الاسم و هذه تخالف الکتاب و العبارتان إحداهما تلی الأخری و قال لو قال له علی درهم کبیر إنه یلزمه درهم من دراهم الإسلام کبیر فی العرف و لو کان هناک ما هو أکبر وزنا فالأقرب المساواة و قال فی (المبسوط) و إن قال درهم کبیر فهو وازن و إن کان فی البلد دراهم کبار القدور فهو درهم وازن منها
(قوله) (الخامس الجمع یحمل علی أقله و هو ثلاثة سواء کان جمع قلة أو کثرة و سواء وصفه بالقلة أو الکثرة أو لا فلو قال له علی دراهم لزمه ثلاثة و کذا لو قال له الدراهم أو دراهم کثیرة أو وافرة أو قلیلة)
کما هو خیرة (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و کذا (المسالک) و هو قضیة إطلاق کلام (التبصرة) و (الإرشاد) و قصره فی (الشرائع) علی الجمع المنکر قال الجمع المنکر یحمل علی الثلاثة و نحوه ما فی (الخلاف) و (السرائر) و (التذکرة) لأنه من المعلوم أن الجمع المعرف یحمل علی العموم و فیه أن العموم هنا ملغی غیر مراد إذ لیس له حد محدود یصار إلیه فلا فرق فی الحمل علی الثلاثة بین المعرف حیث لا عهد و المنکر و لا بین جمع القلة و الکثرة فی محاورات أهل العرف و لا بین ما إذا وصفه بالقلة و الکثرة کما لو وصف المفرد کما مر و احتمل فی (التذکرة) قبول تفسیره الجمع باثنین لاستعماله فی ذلک فی الکتاب و السنة ثم قال و لو سلم أنه مجاز فلا یستحیل إرادته فإذا فسر به قبل فإنه أعرف بقصده و فی (مجمع البرهان) أن الضابط یقتضیه بل یقبل بالواحد أیضا مثل کونه کبیرا أو کثیر النفع حتی کأنه جمع و قال فی (الدروس) لو فسر بدرهمین متأولا معنی الاجتماع أو أخبر بأنه من القائلین بأن معنی الجمع اثنان فالأقرب القبول و احتمل الأول فی (التحریر) و استشکل ذلک فی (جامع المقاصد) و (المسالک) إذا فسره بذلک مع التراخی و الانفصال عن الإقرار لأنه رجوع عما أقر به و فیه أن قاعدة الإقرار تقتضیه هذا و قد أطلقوا الکلمة فی باب الوصایا بأن الجمع یحمل علی أقله و هو الثلاثة و ظاهرهم أنه مسلم مفروغ منه
(قوله) (و لو قال ثلاثة آلاف و اقتصر ألزم تفسیر الجنس بما یصح تملکه مما یصدق علیه ذلک العدد)
کما فی (الشرائع) و (التحریر) و (الدروس) و (المسالک) و القید الأخیر لم یذکر فی الأولین لکنه مراد جزما لأن المتبادر من ذلک الکم المنفصل لا المتصل کالقطعة الواحدة و إن کانت تقبل التجزئة إلی ثلاثة آلاف جزء لأن الغرض بیان أن الإقرار بالعدد مجردا عن التمیز یشتمل علی إبهام الجنس و الوصف فیرجع فی تعینهما إلیه و یقبل تفسیره بما یتمول إذا صدق اسم ذلک العدد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 281

[السادس لو قال له علی ما بین درهم و عشرة تلزمه ثمانیة]

السادس لو قال له علی ما بین درهم و عشرة تلزمه ثمانیة (1) و لو قال من درهم إلی عشرة احتمل دخول الطرفین و خروجهما و خروج الغایة (2) و لو قال أردت المجموع لزمه خمسة و خمسون لأنک تزید أول العدد و هو الواحد علی آخره و هو العشرة ثم تضرب المجموع فی نصف العشرة (3) و لو قال له درهم فی عشرة و لم یرد الحساب لزمه واحد (4)
______________________________
علیه عرفا فلو فسره بثلاثة آلاف حبة من الدخن و نحوها قبل و إن فسره بقطعة واحدة لم یقبل و إن قبلت التجزئة و کانت أکثر من العدد المنفصل و المراد من العبارة أنه قال له عندی ثلاثة آلاف
(قوله) (السادس لو قال له علی بین درهم و عشرة لزمه ثمانیة)
کما صرح به فی (المبسوط) و (السرائر) و (الجامع) و (التذکرة) و (جامع المقاصد) و فی (المبسوط) و (السرائر) لأنه أقر بما بین الواحد و العاشر و الذی بینهما ثمانیة و ظاهر کلامهم أن الثمانیة دراهم و فی (جامع المقاصد) أن اللفظ غیر صریح فی ذلک قلت لا محمل له عرفا غیر ذلک فتأمّل
(قوله) (و لو قال من درهم إلی عشرة احتمل دخول الطرفین و خروجهما و خروج الغایة)
کما فی (التحریر) و (الدروس) و (شرح الفخر) حیث ذکر الاحتمالات الثلاثة من دون ترجیح و قد یفهم من (التذکرة) أن الأول هو المعتمد لأنه جار فی الاستعمالات کحفظت القرآن من أوله إلی آخره و الظاهر منها عند التأمّل (و قد حکاه) عنها المقدس الأردبیلی أن الثانی هو المعتمد یعنی خروجهما و هو خیرة (السرائر) و فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و (مجمع البرهان) أنه الأصح للأصل و لأنه المتیقن و قواعد الباب تقتضیه و الاستعمالات الکثیرة تشهد له کقولک سرت من البصرة إلی الکوفة و استدل علیه فی (الإیضاح) بأنه لو قال بعتک من هذا الجدار إلی هذا الجدار فإنه لا یدخل الجداران فی البیع إجماعا انتهی و قد حکی فی (جامع المقاصد) أنه استدل علی خروجها (خروجهما ظ) فی الإقرار بالإجماع فلا تغفل و اختیر الثالث فی (المبسوط) و (الجامع) و (الإرشاد) و (المختلف) فالنزاع بینه أی الشیخ و بین الجماعة و قد استدل علی دخوله بأن الملتزم أزید من الواحد و الواحد مبدأ العدد و الالتزام فلا یخرج و أجیب بأنه دلیل ظنی لا یعارض أصل البراءة قلت الأولی أن یستدل للشیخ بالعرف فإنه فی بعض الاستعمالات قاض بالدخول کما إذا کان متصلا من جنسه و تحریر ذلک فی الأصول
(قوله) (و لو قال أردت المجموع لزمه خمسة و خمسون لأنک تزید أول العدد و هو الواحد علی آخره و هو العشرة و تضرب المجموع فی نصف العشرة)
المراد بإرادة المجموع أنه أقر بأنه یستحق مجموع الأعداد المشتمل علیها هذا اللفظ بمعنی أنه أقر بجمیع هذه الأعداد فیستقیم علی الأقوال الثلاثة و أما أنه یلزمه خمسة و خمسون (فقد صرح) به أیضا فی (التحریر) و (الدروس) بل هو بدیهی و قد تقدم مثل ذلک فی باب الإجارة فی روایة أبی شعیب المحاملی حیث روی تقسیط أجر عشر قامات علی خمسة و خمسین و قوله لأنک تزید لیس دلیل لزوم هذا القدر بل هو ضابط قدر المجموع و قد بین وجه معرفة قدر مجموع الأعداد بأنک تزید علی آخر العدد و هو العشرة أولها و هو الواحد و تضرب ذلک فی نصف العشرة فما خرج هو الجواب و المراد و کذا کل ما جری مجراه مثل واحد إلی عشرین و قد بین فی باب الإجارة بأنک تضرب العشرة فی نفسها و تزید علی الحاصل (واحد إلی عشرین خ) جذره و هو عشرة ثم تنصف الجمیع
(قوله) (و لو قال درهم فی عشرة و لم یرد الحساب لزمه واحد)
کما فی (المبسوط) و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 282
و لو قال درهمان فی عشرة و أراد الحساب لزمه عشرون (1) و لو أراد درهمین مع عشرة قبل و لزمه اثنا عشر و یقبل منه هذا التفسیر و إن کان من أهل الحساب علی إشکال لأن کثیرا من العامة یریدون هذا المعنی (2) و لو قال أردت درهمین فی عشرة لی قبل و لزمه درهمان و لو قال درهمان (3) فی دینار لم یحتمل الحساب و سئل فإن فسر بالعطف لزمه درهمان و دینار (4) و إن قال أسلمتهما فی دینار فصدقه المقر له بطل إقراره لأن السلم لا یصح فی الصرف (5)
______________________________
(الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) لأن المقر به الدرهم و العشرة ظرف له و فی (المسالک) أنه لا إشکال فیه مع تصریحه بإرادة درهم واحد للمقر له و أن العشرة ظرف له و إنما الکلام مع الإطلاق (قلت) ظاهر إطلاقهم لزوم درهم واحد عند الإطلاق لأنهم جعلوا اللازم درهما واحدا متی لم یرد الضرب فیشمل ما لو أطلقه و منه ما إذا لم نعلم منه إرادة الضرب و الحساب سواء کان جاهلا بهما أو عالما و ادعی النسیان أو تعذر التفسیر منه و (بالجملة) أنما تلزمه العشرة فی المثال إذا کان حاضرا عالما و لم یدع جهلا و لا نسیانا بحیث یعلم منه إرادة الحساب أخذا بالمتیقن و عملا بأصل البراءة من الزائد
(قوله) (و لو قال درهمان فی عشرة و أراد الحساب لزمه عشرون)
کما نبه علیه فی (المبسوط) و لا بحث فی ذلک کما فی (جامع المقاصد) و لا إشکال کما فی (المسالک) و الأمر واضح کما فی (مجمع البرهان)
(قوله) (و لو أراد درهمین مع عشرة قبل و لزمه اثنا عشر و یقبل منه هذا التفسیر و لو کان من أهل الحساب علی إشکال لأن کثیرا من العامة یریدون هذا المعنی)
أی یقولون إذا أرادوا جمع المتفرق عشرة فی خمسة فی سبعة إلی غیر ذلک فلا یمتنع الحمل علیه و قد جاءت فی بمعنی مع کقوله تعالی ادْخُلُوا فِی أُمَمٍ و هو الوجه کما فی (التذکرة) و الأصح کما فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و به جزم فی (المسالک) و وجه عدم القبول أن الظاهر من حال الحساب استعمال ألفاظه فی معانیها المصطلح علیها بینهم و ضعف بأن المحاورات العرفیة غالبا لا تکون بمصطلحات أهل العرف الخاص مع أن الأصل البراءة
(قوله) (و لو قال أردت درهمین فی عشرة لی قبل و لزمه درهمان)
کما فی (المبسوط) و (جامع المقاصد) لأن اللفظ یحتمل ذلک فإن فی للظرفیة و الأصل البراءة
(قوله) (و لو قال درهمان فی دینار لم یحتمل الحساب و سئل فإن فسر بالعطف لزمه درهمان و دینار)
کما فی (المبسوط) و (جامع المقاصد) قال فی (المبسوط) فإن قال أردت به مع دینار لزمه الدینار أیضا و لا یلزمه بمجرد إقراره إلا درهمان لأنه قد یکون مراده أنه أقرضنی درهمین فی ثمن دینار انتهی و لا یرید المصنف بالعطف العطف الحقیقی لأن فی لیست من أدواته بل المراد لازمه و هو المصاحبة و الاشتراک فی الحکم و قد سبق أن فی تستعمل بمعنی مع و إنما لم یحتمل الحساب لأن المضروب لا بد أن یکون من جنس المضروب فیه
(قوله) (و إن قال أسلمتهما فی دینار فصدقه المقر له بطل إقراره لأن السلم لا یصح فی الصرف)
کما صرح بذلک فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و معناه أنه إن قال فی تفسیر قوله له درهمان فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 283
و إن کذبه صدق المقر له مع الیمین (1) و لو قال له عندی زیت فی جرة أو سیف فی غمد أو کیس فی صندوق أو فص فی خاتم أو غصبت منه ثوبا فی مندیل لم یدخل الظرف (2) و لو قال له عندی غمد فیه سیف أو جرة فیها زیت لم یدخل المظروف و کذا له خاتم فیه فص أو عمامة فی رأس عبد (3) و لو قال له عندی خاتم و أطلق أو ثوب مطرز لزمه الخاتم بفصه علی إشکال (4)
______________________________
دینار إنی أسلمتهما فیه و شخصتهما و تعرفت فیهما و بقیا فی ذمتی إلی الآن و الدینار فی ذمته فإنه یجب أن یسأل عن هذا التفسیر لأنه یقتضی إبطال الإقرار فإن صدقه المقر له فلا شی‌ء له
(قوله) (و إن کذبه صدق المقر له مع الیمین)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) فیلزم المقر بالدرهمین و لم یقبل منه ما ینافی الإقرار و له إحلاف المقر له علی نفی ما ادعاه و أما ما مضی من المعانی الذی ادعاها المقر فإنه یقبل فیها بغیر یمین و مع الشک یؤخذ بالأقلّ لأنها لیست کهذه تقضی بإبطال الإقرار بل لو ادعی المقر له خلاف ذلک و أنکره المقر فالقول قوله مع یمینه
(قوله) (و لو قال له عندی زیت فی جرة أو سیف فی غمد أو کیس فی صندوق أو فص فی خاتم أو غصبت منه ثوبا فی مندیل لم یدخل الظرف)
مما صرح فیه بعدم دخول الظرف فی الأمثلة و نحوها (الخلاف) و (المبسوط) و (الغنیة) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و قد نص علی عدم دخول الظرف فی صورة الغصب فی (المبسوط) و (السرائر) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و المخالف فی صورة الغصب أبو حنیفة و فی أصل المسألة أبو علی فإنه قال فیما حکی عنه أن کل ما لا یوجد بغیر ظرف فالإقرار به إقرار بظرفه و فی (الدروس) أنه لیس بذاک (و الوجه) فیما علیه الأصحاب واضح کما فی (مجمع البرهان) قلت إذ لیس فی اللفظ ما یقتضی کون هذه الأشیاء للمقر له لاحتمال أن یرید فی جرة لی لأنه إذا ضم إلیه لفظة لی لم یکن هناک منافاة لظاهر الإقرار مضافا إلی أصل البراءة (لکن) وردت أخبار و فیها الحسن فی باب الوصایا فیمن أوصی لرجل بصندوق و فیه مال فقال الورثة إنما لک الصندوق فقال الصادق (ع) الصندوق بما فیه له و فی من أوصی لرجل بسیف و کان فی جفن و علیه حلیة فقال الورثة إنما لک النصل فقال الرضا (ع) لا بل السیف بما فیه له و مثله ورد فی السفینة فیمن أوصی بها و لم یسم ما فیها و فیها طعام فقال الصادق (ع) هی للذی أوصی له بها إلا أن یکون متهما و لیس للورثة شی‌ء
(قوله) (و لو قال له عندی غمد فیه سیف أو جرة فیها زیت لم یدخل المظروف و کذا لو قال خاتم فیه فص أو عمامة فی رأس عبد)
مما صرح فیه بعدم دخول المظروف فیما ذکر و نحوه (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و فی (الدروس) أنه الأقوی و فی (مجمع البرهان) أن الوجه فیه واضح قلت و تقریبه مثل ما تقدم و (لعل) عدم ذکره فی بقیة الکتب التی نص فیها علی عدم دخول الظرف لاتحاد طریق المسألتین إلا أن تقول إن الظهور فی هذه عرفا لیس بتلک المکانة التی فی تلک فلیتأمّل
(قوله) (و لو قال له عندی خاتم و أطلق أو ثوب مطرز لزم الخاتم بفصه علی إشکال)
کما فی (التحریر) و کذا (الإیضاح) حیث لا ترجیح فیه و اختیر فی (التذکرة) و (الحواشی) عدم دخول
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 284
و الطراز (1) و لو قال له عندی جاریة فجاء بها و هی حامل احتمل صحة استثناء الحمل (2) بخلاف ما لو قال له خاتم و جاء به و فیه فص و استثناء فإن الظاهر عدم قبوله (3) و لو قال له دار مفروشة أو دابة مسرجة أو عبد علیه عمامة احتمل الأمرین (4)
______________________________
الفص للأصل و انفصاله عنه و خلو الخاتم عنه کثیرا و استظهر فی (جامع المقاصد) الدخول لأن اسم الخاتم یتناوله عرفا و أن الکلام أنما هو مع وجود الفص فهو کالطراز (و هو) خیرة الکتاب کما یأتی قریبا و هو رجوع عن الإشکال إلا أن یفرق بما ستسمع لکن القاعدة و الأصل أقوی
(قوله) (و الطراز)
یرید أن دخول الطراز فی الإقرار بالثوب المطرز لا إشکال فیه و فی (جامع المقاصد) أنه واضح لأن کان جزءا أو کالجزء فی العادة المستمرة
(قوله) (و لو قال له عندی جاریة فجاء بها و هی حامل احتمل صحة استثناء الحمل)
کما هو الأصح کما فی (الإیضاح) و الأقرب کما فی (الدروس) و الأظهر کما فی (مجمع البرهان) بل فی (التذکرة) الحمل عندنا لا یدخل فی الإقرار و لا البیع مؤذنا بدعوی الإجماع علیه و فی (جامع المقاصد) أنه لا یخلو عن قوة (قلت) یدل علی صحة الاستثناء الأصل و قاعدة الإقرار و إنه لیس جزءا من الجاریة لغة و لا عرفا و لهذا لا یندرج فی بیعها عندنا کما تقدم (و قد) قال فی قضاء الکتاب لا تسمع دعوی هذه بنت أمتی لجواز ولادتها فی غیر ملکه بل و لو قال مع ذلک ولدتها فی ملکی لاحتمال الحریة أو تملک غیره لها بل لو أقر بأنها بنت أمة فلأن لم یلزمه شی‌ء بمجرد ذلک و أنه لو فسره بما ینافی الملک قبل منه و هو من سنخ ما نحن فیه (فلا معنی) لعدم ترجیحه هنا و استشکاله ذلک فی (التحریر) و (الإرشاد) و ولده فی (شرحه) إذ لا وجه له إلا أنه نماء الجاریة و تابع لها لأنا لا نسلم أنه یتبعها فی الإقرار إذ الإقرار لا یقتضی تقدم ملک الأم علی تجدد الحمل علی أنه غیر ضار
(قوله) (بخلاف ما لو قال له خاتم و جاء به و فیه فص و استثناه فإن الظاهر عدم قبوله)
لأنه جزء عرفا و الحمل لیس جزءا لغة و لا عرفا لأن لفظ الخاتم یشمل الفص و لفظ الجاریة لا یشمل حملها و قد قیل إن فیه رجوعا عن الإشکال إلی الفتوی و (أجاب) فی (الإیضاح) بأن الخاتم فی هذه الصورة معین و فی الأولی مطلق فتأمّل و قال إن الأصح قبول الاستثناء (و نحوه) ما فی (مجمع البرهان) و قال فی (جامع المقاصد) إنه لا یخلو عن قوة
(قوله) (و لو قال له دار مفروشة أو دابة مسرجة أو عبد علیه عمامة احتمل الأمرین)
أی صحة استثناء الفرش و السرج و العمامة لأنه یصح أن یقول مفروشة بفرش لی و سرج لی و عمامة لی فإذا صح ذلک جاءت قاعدة الإقرار و أصل البراءة و عدم الصحة لأن المتبادر إلی الفهم دخول الثلاثة لمکان الوصف بها فی ضمن الإقرار (و فیه) أن ذلک لا یقتضی استحقاقها کذلک و اللفظ محتمل للأمرین و یده علیهما معا فلا یزول حکم الید بمجرد الاحتمال مع قاعدة الإقرار و أصل البراءة و عن أبی علی أنه اختار دخول السرج فی الإقرار قال فی (جامع المقاصد) و تبعه الشیخ فی (المبسوط) و الموجود فی المبسوط إذا قال له عندی دابة علیها سرج لم یدخل السرج فی الإقرار و إذا قال له عندی عبد علیه عمامة دخلت العمامة فی الإقرار و الفرق بینهما أن العبد تثبت ید له علی ما علیه فیکون لمولاه و الدابة لا تثبت لها ید علی ما علیها فلا یکون ما علیها لصاحبها إلا بالإقرار و قوله علیها سرج لیس بإقرار بالسرج فافترقا انتهی (و بذلک) فرق بینهما فی (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 285
و لو قال له دابة بسرجها أو دار بفرشها أو سفینة بطعامها أو عبد بعمامته لزم الجمیع (1) و لو قال له ألف فی هذا الکیس و لم یکن فیه شی‌ء لزمه الألف و لو کان الألف (2) ناقصا احتمل إلزامه بالإتمام (3) و لو قال الألف الذی فی الکیس لم یلزمه الإتمام (4) و لو لم یکن فیه شی‌ء ففی لزوم الألف وجهان (5)
______________________________
و (الدروس) و حاصله أن دخول العمامة فی الإقرار لیس من جهة الإقرار بل من جهة الید (و لعل) الحق عدم الفرق کما هو خیرة (جامع المقاصد) و (تعلیق الإرشاد) و (المسالک) و کذا (مجمع البرهان) لما عرفته آنفا من أن الید علی العبد و عمامته لسیده المقر به و سیده المقر به لا ید له علی شی‌ء منهما فإذا أقر سیده المقر به لا یسری إقراره إلی عمامته کما لا یسری إلی بیته الذی هو ساکنه و الطعام الذی بین یدیه و من المعلوم أن إقرار المقر ببعض ما فی یده لا یسری إلی غیره من البعض الآخر بل عدم الفرق ظاهر الکتاب
(قوله) (و لو قال له دابة بسرجها و دار بفرشها أو سفینة بطعامها أو عبد بعمامته لزم الجمیع)
کما صرح به فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) لأنه لا یفهم من هذا الترکیب إلا (المصاحبة) لمکان الباء
(قوله) (و لو قال له ألف فی هذا الکیس و لم یکن فی هذا الکیس شی‌ء لزمه الألف)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و المراد أنه قال له علی ألف فی هذا الکیس کما فرضه (التذکرة) و به فسر العبارة فی (جامع المقاصد) و الوجه حینئذ ظاهر لأن قوله علی یقتضی اللزوم و لا أثر لقوله فی هذا الکیس إذا لم یکن فیه شی‌ء لأن اعتباره یقتضی رفع الإقرار فلا یلتفت إلیه و کیف کان لا یدخل الکیس فی الإقرار
(قوله) (و لو کان الألف ناقصا احتمل إلزامه الإتمام)
علی الأقوی کما فی (التذکرة) و هو قوی کما فی (جامع المقاصد) و (أحد) قولی (الشافعیة) لأنه قد وجب علیه الألف بإقراره و کون البعض لیس فی الکیس لا یقتضی سقوطه عنه لاحتمال أن یرید أنه وضعها فی الکیس لیؤدیها إلیه عن حقه فإذا نقص وجب الإکمال (و القول) الثانی (للشافعیة) عدم وجوب الإکمال لحصر المقر به فیما فی الکیس و فیه أنه إنما أخبر عن کونها فی الکیس و ذلک لا یقتضی حصر الواجب فیما فیه
(قوله) (و لو قال الألف الذی فی الکیس لم یلزم الإتمام)
کما فی (التحریر) و قوی فی (التذکرة) اللزوم و صرح بالتوقف فی (جامع المقاصد) (وجه الأول) أنه جمع بین التعریف و الإضافة إلی الکیس و قال فی (التذکرة) فی (وجه الثانی) أن الإشارة إذا عارضت اللفظ أیهما یقدم کما إذا قال أوصیت لهذا الذی هو ابن زید بألف فکذبت النسبة و أصلی خلف هذا الذی هو زید فبان أنه عمرو و قد أسبغنا الکلام فی ذلک فی الوصایا
(قوله) (و لو لم یکن فیه شی‌ء ففی لزوم الألف وجهان)
و کذا قال فی (التحریر) و بالتوقف صرح فی (جامع المقاصد) و فی (التذکرة) أن الوجه لزوم الألف لأنه أقر بأنه علیه و التعریف یجوز أن یکون استند فیه إلی تعیینه الذی فی ذمته فیما فی الکیس و الأصل و قاعدة الإقرار قد یقتضیان بالعدم فتأمّل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 286
و لو قال له فی هذا العبد ألف قبل تفسیره بأرش الجنایة (1) و بکونه مرهونا (2) و بأنه وزن فی شراء عشرة ألفا و اشتریت أنا جمیع الباقی بألف و لم یلزمه إلا عشر العبد (3) و لو قال نقد عنی فی ثمنه ألفا کان قرضا (4) و لو قال نقد ألفا فی ثمنه و أنا ألفا بإیجاب واحد فقد أقر بالنصف و لو قال وزنت أنا ألفین فقد أقر بالثلث (5)
______________________________
(قوله) (و لو قال له فی هذا العبد ألف قبل تفسیره بأرش الجنایة)
کما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و معناه أنه إن فسر بأرش جنایة صدرت من العبد علی المقر له أو علی عبده قبل لأنه تفسیر صحیح و تعلقت الألف برقبته و لا یلزمه الإتمام لو نقص العبد
(قوله) (و بکونه مرهونا)
أی إن فسر بکون العبد مرهونا بألف فی ذمته قبل أیضا و فی (المبسوط) أنه الصحیح و فی (التحریر) أنه الوجه و فی (التذکرة) أنه أقوی و فی (جامع المقاصد) أن فیه قوة (و قد) احتمله فی (الدروس) احتمالا لأن الدین و إن کان محله الذمة فله تعلق ظاهر بالمرهون فصار کالتفسیر بأرش الجنایة (قلت) لعله ینبغی له القول به بعد قبوله تفسیره بأرش الجنایة لأن العبد بالنسبة إلی أرش الجنایة لیس محلا للأرش حقیقة لأنه بکماله باق علی ملک المالک لأنه مخیر بین أن یبیعه فیعطیه الألف و بین أن یفدیه مع تعلق الأرش به و فی الرهن نقول محل الدین الذمة و العبد المرهون أیضا محل له و متعلق به باعتبار أخذه من قیمته کالأرش لأن أنواع التعلق ثلاثة بالذمة وحدها بالعین وحدها هما معا و هذا الدین مما له تعلق بالذمة و العین
(قوله) (و بأنه وزن فی شراء عشرة ألفا و اشتریت أنا جمیع الباقی بألف و لم یلزمه إلا عشر العبد)
أی و إن فسر بأن المقر له وزن فی عشر العبد ألفا و قال و اشتریت أنا الباقی و هو تسعة أعشاره بألف قبل (کما) صرح به فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و لا فرق بین أن یکون ما عینه للمقر له یساوی الألف أو یزید علیه أو ینقص و لا بین أن یکون ما عینه لنفسه زائدا أو لا لأن الإقرار محتمل لذلک التفسیر و لا مرجع فی التفسیر إلا إلیه و الأصل براءة الذمة (و المخالف) فی ذلک (مالک) (و قد قید) قبول تفسیره فی (التذکرة) بکونه مع یمینه و معناه أنه یحلف أنه اشتری تسعة أعشاره بألف کما ستعرف عند حکایة کلام القوم (و قد اعترضه) فی (جامع المقاصد) بأنه لا اختصاص له بهذه الصورة بل باقی الصور المحتملة لو لم یصدقه المقر له علی التفسیر یتوجه علیه فیها الیمین لأنه منکر لما سوی ذلک (قلت) فرق ظاهر بین ما ذکره فی (التذکرة) من أن الحلف علی الإثبات و بین ما اعترضه به الحلف علی النفی فإنه إذا حلف کما قاله فی (جامع المقاصد) لم یستحق المقر له شیئا أصلا أما ما ادعاه المقر له فلنفیه بالحلف و ما فسره به المقر فلتکذیبه له و قوله اشتریت جمیع الباقی بألف من کلام المقر و لا حاجة إلیه بعد قوله اشتری عشرة بألف و إنما ذکره لدفع توهم عدم القبول لاستبعاد کون عشر شی‌ء بألف و تسعة أعشاره بألف
(قوله) (و لو قال نقد عنی فی ثمنه ألفا کان قرضا)
أی إن فسر بأن المقر نقد عنه فی ثمن العبد ألفا کان الألف قرضا فی ذمته (کما) صرح به فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) لأن قوله عنی یقتضی کون الشراء له
(قوله) (و لو قال نقد ألفا فی ثمنه و أنا ألفا بإیجاب واحد فقد أقر بالنصف و لو قال وزنت أنا
ألفین فقد أقر بالثلث) أی لو فسر بأنه نقد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 287
و لو قال أوصی له بألف من ثمنه بیع و صرف إلیه الألف (1) و لو أراد إعطاء ألف من ماله من غیر الثمن لم یجب القبول (2) و لو قال جنی بألف فتعلقت برقبته قبل (3) و لو قال له فی هذا المال أو فی میراث أبی ألف لزمه بخلاف له فی مالی أو فی میراثی من أبی (4)

[السابع لو قال له علی درهم درهم درهم لزمه واحد]

السابع لو قال له علی درهم درهم درهم لزمه واحد (5) و لو قال له درهم و درهم أو ثم درهم لزمه اثنان و لو قال فدرهم لزمه واحد (6)
______________________________
ألفا فی ثمنه علی أنه لنفسه سئل هل نقد هو شیئا فی ثمنه أیضا أم لا فإن قال نقدت سئل هل کان الشراء بإیجاب واحد أم بإیجابین فإن قال بإیجابین احتیج إلی تفسیر ما نقد فیه و هی المسألة السابقة فی قوله وزن فی عشره ألفا و اشتریت أنا الباقی فإن قال بإیجاب واحد سئل عن قدر ما نقد فیه فإن قال ألفا فهما شریکان فی العبد بالنصف لأن لکل بنسبته ما نقد إلی مجموع الثمن و إن قال ألفین فللمقر له الثلث (کما) بین علی ذلک کله فی (المبسوط) و (التذکرة) و (جامع المقاصد) و کذا (التحریر)
(قوله) (و لو قال أوصی له بألف من ثمنه بیع و صرف إلیه ألف)
کما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و مرادهم إذا احتمله الثلث ما إذا قال نذر له
(قوله) (و لو أراد إعطاء ألف من ماله من غیر الثمن لم یجب القبول)
کما نص علیه فی (الکتب السابقة) عدا (الدروس) لتعین جهة الاستحقاق فی ثمن العبد و إنما قبل کل من هذه التفسیرات لأن الإقرار یحتمل کلا منها باعتبار أصل الوضع لأن قوله لزید ألف فی هذا العبد لا بد من تأویله إذ العبد لا یصح أن یکون ظرفا للألف فیرجع إلی تفسیره لما یحتمل
(قوله) (و لو قال جنی بألف فتعلقت برقبته قبل)
هذا معنی ما إذا فسره بأرش الجنایة کما تقدم بیانه (و لعله) لذلک لم یتعرض له فی (جامع المقاصد)
(قوله) (و لو قال له فی هذا المال أو فی میراث أبی ألف لزمه بخلاف له فی مالی أو فی میراثی من أبی)
قد تقدم الکلام فی هذه المسائل فی أوائل المطلب الرابع و لا یظهر لإعادتها وجه
(قوله) (السابع لو قال له علی درهم درهم درهم لزمه واحد)
بلا خلاف ممن تعرض له إذ قد نص علیه فی (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (مجمع البرهان) و لم ینقل فی (التذکرة) عن العامة فیه احتمالا و لا خلافا جریا علی قاعدة الإقرار لاحتمال إرادة التأکید بالتکریر و الأصل البراءة و کذا لو کرر المائة مرة فما زاد
(قوله) (و لو قال درهم و درهم أو ثم درهم لزمه اثنان)
ظاهرهم الاتفاق علی ذلک کما فی (المسالک) و قد حکی الاتفاق فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) علی لزوم اثنین فیما إذا قال له درهم و درهم و ذکرا ذلک فی أثناء کلام لهما فیما یأتی (و قد نص) علیه فی الأمرین فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و ما ذکر بعدها آنفا مع زیادة (المسالک) لأن العطف یقتضی المغایرة و لا یصح عطف الشی‌ء علی نفسه
(قوله) (و لو قال فدرهم لزمه واحد)
کما هو خیرته فی (الإرشاد) و ولده فی (شرحه) و فی (المبسوط) أنه لا خلاف فیه (لکنه) جزم فیه و فی (الشرائع) و (التحریر) و (الدروس) و (تعلیق الإرشاد) بأنه یلزمه درهمان و فی (المسالک) أنه أقوی و فی (جامع المقاصد) أنه لا یخلو عن قوة و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 288
و تقدیره فدرهم لازم (1) و لو قال درهم و درهمان لزمه ثلاثة (2) و کذا درهم و درهم و درهم (3) و لو قال أردت بالثالث تأکید الثانی قبل و لو قال أردت بالثانی (بالثالث خ ل) تأکید الأول لم یقبل (4) و کذا تجب الثلاثة لو قال درهم و درهم ثم درهم أو بالعکس لاختلاف حرفی العطف (5)
______________________________
فی (التذکرة) إن أراد العطف فدرهمان و إن لم یرد العطف فدرهم واحد لأن الفاء تجی‌ء لغیر العطف (قلت) قد تعارض الظاهر و الضابط إذ الظاهر المتبادر العطف فیلزمه اثنان و ضابطة الإقرار الاقتصار علی المتیقن و النظر فیه إلی الاحتمال الضعیف البعید و ملاحظة أصل البراءة فیلزمه واحد فالأولی أن یقال إن قال أردت فدرهم واحد لازم لی بسبب إقراری و نحو ذلک لم یلزمه أکثر من الواحد (کما فی (التحریر) فإن خالفه المقر له قبل قوله مع یمینه (کما) فی (الدروس) و (المسالک) و کذا (الحواشی) و یمکن تنزیل کلام (المبسوط) و ما وافقه علی ما إذا لم یدع إرادة ذلک (کما) أفصح به کلام (التحریر) و (الدروس) و کلام (الکتاب) و ما وافقه علی ما إذا ادعی ذلک فتلتئم الکلمة فلیتأمّل (و قد یقال) علی (التحریر) و (الدروس) و ما وافقهما أنه لا ینبغی منهما الحکم بلزوم درهمین مطلقا إذا قبل منه قوله بأنه أراد فدرهم واحد لازم لی لاحتمال إرادة ذلک فلا یتعین لزوم الاثنین فلیتأمّل
(قوله) (و تقدیره فدرهم لازم لی)
فلا تکون الفاء للعطف بل إما للتفریع أو فصیحة
(قوله) (و لو قال درهم و درهمان لزمه ثلاثة)
لامتناع التأکید هنا و لیس کالمثال الذی یأتی بعده فإنه یحتمل کما ستسمع و علیه نص فی (المبسوط) و فی (جامع المقاصد)
(قوله) (و کذا درهم و درهم و درهم)
أی لو قال له عندی درهم و درهم و درهم لزمه ثلاثة کما نص علیه فی (المبسوط) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و کذا (التذکرة) و (الحواشی) و (مجمع البرهان) لأن ظاهره العطف و هو یقتضی المغایرة لکنه یحتمل التکرار و علله فی (المبسوط) بأن کلا منهما معطوف بالواو فلا یحتمل التکرار و قال و فی الناس من قال یحتمل التأکید و لیس بشی‌ء
(قوله) (و لو قال أردت بالثالث تأکید الثانی قبل و لو قال أردت بالثالث تأکید الأول لم یقبل)
کما نص علیه فیما عدا (المبسوط) (من الکتب) المذکورة و هی سبعة و قد سمعت ما فی (المبسوط) و یرد علی (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) أنه إذا کان قوله أردت تأکید الثانی مسموعا مقبولا فلا یصح أن یحکم بلزوم الثلاثة مطلقا بل قد یقال کما قال فی (التذکرة) و أما الثالث فإن أراد العطف و المغایرة لزمه ثلاثة و إن قال أردت تکریر الثانی و تأکیده لزمه درهمان فلیتأمّل جیدا و وجه صحة تأکید الثانی بالثالث أن الثالث مع حرف العطف یکون تأکیدا للثانی معه و هو تأکید لفظی و وجه منع تأکید الأول بالثالث و الثانی عدم صحة التأکید اللفظی لعدم الواو فی الأول و وجوده فی الثانی و الثالث و أما المعنوی فظاهر إذ لیس هناک عین و لا نفس و لا کل و قد علل (الشافعی) عدم صحة تأکید الثالث للأول بالفصل و تبعه الجماعة جمیعا و لیس فی محله بل المانع هو ما ذکرناه و إلا فیجوز التأکید مع الفصل قال اللّٰه تعالی فَفِی رَحْمَتِ اللّٰهِ هُمْ فِیهٰا خٰالِدُونَ و قال الشاعر لک اللّٰه علی ذلک لک اللّٰه لک اللّٰه
(قوله) (و کذا تجب الثلاثة لو قال درهم و درهم ثم درهم أو بالعکس لاختلاف حرف العطف)
و ذلک یقضی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 289
و لو قال له علی درهم قبله درهم أو بعده درهم أو قبل درهم أو بعد درهم لزمه درهمان (1) و لو قال قبله و بعده لزمه ثلاثة إذ القبلیة و البعدیة لا تحتمل إلا الوجوب (2) و لو قال له درهم مع درهم أو فوق درهم أو تحت درهم أو معه أو فوقه أو تحته لزمه واحد لاحتمال فوق درهم لی أو فی الجودة (3)
______________________________
بامتناع التأکید اللفظی و قد نص علی ذلک فی (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) قال فی (التذکرة) لو قال درهم و درهم ثم درهم لزمه ثلاثة قطعا التغایر لفظ ثم و الواو فلا یصلح للتأکید اللفظی و هذه الکلمة تجری مجری الإجماع و مثله ما لو قال درهم و درهم فدرهم کما نص علیه أیضا فی (التحریر) و (الدروس) و صورة العکس فی الکتاب أن یقول درهم ثم درهم و درهم إذ الثالث لا یصلح تأکیدا للثانی و لا الأول لاختلاف الحرف
(قوله) (و لو قال علی درهم قبله درهم أو بعده درهم أو قبل درهم أو بعد درهم لزمه درهمان)
کأنه مال إلیه أو قال به فی (التذکرة) لأن القبلیة و البعدیة یرجعان إلی الزمان و لا یتصف بهما نفس الدرهم فلا بد من أن یرجع التقدم و التأخر إلی المقر و لیس ذلک إلا الوجوب علیه و جزم فی (الشرائع) و کذا (الدروس) بأنه لا یلزمه إلا درهم واحد و فی (المبسوط) و (المسالک) أنه أقوی و فی (جامع المقاصد) أنه أصح لأن القبلیة و البعدیة کما یکونان بالزمان یکون بالمزیة و المرتبة و غیرها سلمنا أنهما زمانیان و أن نفس الدرهم لا یتصف بهما لکن یجوز أن یرید لزید درهم و ما أشبهه و اعترض فی (التذکرة) بأنه لو سمع مثل هذا الاحتمال لسمع فی مثل له عندی درهم و درهم مع اتفاقهم علی لزوم درهمین و أجیب بأن الاحتمال فی ذلک بعید خلاف الظاهر بخلافه فی هذه الأمثلة فإنه احتمال ظاهر و فرقه بینهما و بین الفوقیة و التحتیة بأنهما یرجعان إلی المکان فیتصف بهما نفس الدرهم بخلاف القبلیة و البعدیة و فیه أن الظروف الواقعة بعد النکرات تکون صفات من غیر فرق بین ظرف الزمان و ظرف المکان فالاحتمال فیهما علی حد سواء و کون المتعلق فی ظرف الزمان کونا خاصا لا یقتضی کون المتعلق وجوب درهم آخر علی المقر للمقر له و إن کان قد یقع ذلک فی الاستعمال کثیرا لأنه لا یکتفی فی الحکم بشغل الذمة بمثل ذلک مع أصل البراءة و قاعدة الإقرار و لا ترجیح فی (التحریر) قال احتمل الدرهم و الدرهمین
(قوله) (و لو قال قبله و بعده لزمه ثلاثة إذ القبلیة و البعدیة لا تحتمل إلا الوجوب)
الحال فی هذه مبنی علی ما سلف فی الأولی فإن لزمه فیها اثنان لزمه هنا ثلاثة و إن لزمه هناک واحد لزمه هنا کذلک
(قوله) (و لو قال له درهم مع درهم أو فوق درهم أو تحت درهم أو معه درهم أو فوقه أو تحته لزمه واحد لاحتمال فوق درهم لی أو فی الجودة)
کأنه مما لا خلاف فیه منا أصلا إذ قد نص علی لزوم الواحد فی الأمثلة المذکورة فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) جازمین به عدا المصنف فی (التذکرة) فإنه قال الأقرب و فی (مجمع البرهان) أن وجه لزوم الدرهم ظاهر و قد وجهوه بما أشار إلیه المصنف من احتمال أن یکون المراد مع درهم لی أو فوق درهم لی و أیضا فقد یرید الفوقیة فی الجودة و التحتیة فی الرداءة مع أصل البراءة و قاعدة الإقرار و قد سمعت الحال فی التحتیة و الفوقیة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 290

[الثامن لو أقر بدرهم فی مجلسین]

الثامن لو أقر بدرهم فی مجلسین أو بلغتین أو شهد علیه بذلک فی تاریخین فهما واحد إلا أن یختلف السبب (1) و لو أطلقه فی أحدهما و قیده فی الآخر حمل المطلق علی المقید (2) و کذا لو قیده بقیدین یمکن جمعهما (3) أما لو قیده فی أحد المجلسین بقید یضاد ما قید به فی الآخر فهما اثنان (4) و لو شهد واحد بإقرار فی تاریخ و آخر بإقرار فی تاریخ آخر جمع بینهما لاتحاد المخبر عنه (5)
______________________________
و أنه لا فرق عند الأکثر بینهما و بین القبلیة و البعدیة فی لزوم الواحد فقط
(قوله) (الثامن لو أقر بدرهم فی مجلسین أو بلغتین أو شهد علیه بذلک فی تاریخین فهما واحد إلا أن یختلف السبب)
أما أنه إنما یلزمه واحد إذا أقر بدرهم فی مجلسین فللأصل و القاعدة و عدم ما یدل علی التعدد لأن الإقرار إخبار عن حق سابق فلم یلزم من تعدد الإخبار تعدد المخبر عنه و حکم (الشافعیة) بالتعدد بتعدد المجلس و کذلک الحال فیما إذا أقر بلغتین کما صرح به فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) بل ظاهر (التذکرة) الإجماع علیه و منه یعرف الحال فیما إذا شهد علیه بذلک فی تاریخین کما صرح به أیضا فی (التذکرة) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (مجمع البرهان) و أما إذا اختلف السبب کما إذا أضاف کل واحد منهما إلی سبب مغایر لسبب الآخر کأن یقول فی الغداة له علی درهم من ثمن تمر مثلا و فی العشی له علی درهم من ثمن ثوب فإنه یلزمه درهمان للتصریح الذی لا یقبل التأویل
(قوله) (و لو أطلقه فی أحدهما و قیده فی الآخر حمل المطلق علی المقید)
کما فی (التذکرة) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (مجمع البرهان) کما إذا قال فی المثال المتقدم فی العشی له علی درهم و لم یقل ثمن ثوب فإنه و إن احتمل التعدد لکن یمکن أن یکون أراد الدرهم الأول الذی هو من ثمن التمر فیحمل المطلق علی المقید للأصل و القاعدة و کذا یدخل الأقل تحت الأکثر کما إذا أقر یوم الجمعة بألف و یوم السبت بخمسمائة فإنه إنما تلزمه الألف خاصة کما نص علیه فی (التذکرة) و (الإرشاد) و (مجمع البرهان) و ظاهر الأول الإجماع علیه منا و من الشافعیة
(قوله) (و کذا لو قیده بقیدین یمکن جمعها)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) کما إذا قال له علی درهم من ثمن مبیع ثم قال له علی درهم من ثمن ثوب فإن المبیع قد یکون ثوبا عملا بأصل البراءة و القاعدة
(قوله) (أما لو قیده فی أحد المجلسین بقید یضاد الآخر فهما اثنان)
کما أنه لم یختلف فیه اثنان کما إذا قال له درهم ضرب بغداد و له درهم ضرب مصر
(قوله) (و لو شهد واحد بإقراره فی تاریخ و آخر بإقراره فی تاریخ آخر جمع بینهما لاتحاد المخبر عنه)
کما فی (الخلاف) و (جامع المقاصد) و لم نجد خلافا إلا من الشافعیة لأن تعدد الإخبار لا یقتضی تعدد المخبر عنه کما تقدم فإذا شهد واحد علی زید بأنه أقر یوم الجمعة لعمرو بألف أو بغصب ثوب و آخر علیه بأنه أقر یوم السبت له بألف و بغصب ذلک الثوب حکمنا بالاتحاد عملا بقاعدة الإقرار و أصل البراءة و جمعنا بین الشاهدین و حکمنا بکمال نصاب الشهادة لأنا حکمنا بکون المشهود به واحد الآن کلا منهما قد شهد بثبوت حقه فی ذمته و إن اختلف التاریخ فقد حصل الاتفاق بینهما علی شی‌ء واحد و الاجتماع لا یفید زیادة فی هذا المشترک فصار کما لو أطلق الشهادة من غیر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 291
و لا یجمع فی الأفعال (1)

[التاسع لو قال هذه الدار لأحد هذین]

التاسع لو قال هذه الدار لأحد هذین و هی فی یده ألزم البیان فإن عین قبل (2) و للآخر إحلافه (3)
______________________________
تعیین الزمان و متی حکمنا باتحاد المشهود به بعد تحقق شرط کمالیة نصاب الشهادة یثبت المشهود به (فلم یتجه) قول بعض (الشافعیة) فی وجه المنع من الحکم بشهادة الشاهدین هنا من أن المقصود من التعدد هو کمال الاستظهار و التوثیق و هو إنما یتحقق مع اتحاد المشهود به فإذا شهد کل واحد منهما علی شی‌ء لم یحصل هذا المقصود فلا یحکم بقولهما کما لو شهد أحدهما أنه طلق یوم الأحد و الآخر أنه طلق یوم السبت (و الحاصل) أنه جعل الإقرارات کالإنشاءات و الأفعال و بعضهم أجری الإنشاءات مجری الإقرارات فحکم بثبوت الطلاق فی المثال المذکور و حکم بثبوت البیع فیما لو شهد أحدهما بالبیع بألف یوم الجمعة و شهد آخر بالبیع یوم السبت و الغصب فیما إذا شهد أحدهما بالغصب یوم الجمعة و الآخر بالغصب یوم السبت و عندنا أنه لا یثبت البیع و لا الغصب و لا یکمل النصاب بالنسبة إلی کل واحد منهما لتعدد المشهود به فی نفسه فإن أحد الفعلین غیر الآخر (و إلیه) أشار المصنف بقوله فیما بعد هذه و لا یجمع فی الأفعال لأنا نفرق بین شهادتهما علی الغصب مع اختلاف التاریخ و شهادتهما علی الإقرار بالغصب کذلک لأنهما إذا شهدا علی الإقرار یمکن حصول الاتفاق بینهما علی شی‌ء واحد کما بیناه و لا یتأتی ذلک فی الأفعال و الإنشاءات کالقتل و الغصب و الطلاق علی أنه لا تخلو هذه الشهادة فی کثیر من المواضع من التضاد و التنافی فإن الشهادة بالقتل یوم السبت تنافی الشهادة بالقتل یوم الأحد بخلاف الإقرارین کما هو واضح (نعم) لو شهد أحدهما علی إقراره بأنه قذفه أو قتله یوم السبب و الآخر أنه قذفه أو قتله یوم الأحد فلا یجمع بین الشهادتین و لو کانتا علی الإقرارین لأن المقر به شیئان مختلفان فلیلحظ و لیتأمّل
(قوله) (و لا یجمع فی الأفعال)
قد تقدم بیانه آنفا
(قوله) (التاسع لو قال هذه الدار لأحد هذین و هی فی یده ألزم بالبیان فإن عین قبل)
هذا کله معنی ما فی (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و علیه نبه فی (التبصرة) و لم یصرح فی الثلاثة الأول بکونها فی یده لکنهم قد ذکروا بعد ذلک ما یدل علی أنها فی یده کقولهم نزعت من یده و دفعها إلیهما و قد نبه فی (المبسوط) علی ذلک و علی أنه یلزم بالبیان و یقبل تعیینه و الوجه فیهما ظاهر تقدم مثله مرارا من أنه صاحب ید یقبل إقراره و تعیینه (و قضیة) کلامهم جمیعا أنه یسمع الإقرار للمجهول کما یسمع الإقرار بالمجهول لأنه إخبار کما یقع علی جهة التفصیل یقع علی جهة الإجمال و قد یکون فی ذمته شی‌ء لأحد رجلین لا یعلمهما علی سبیل التعین
(قوله) (و للآخر إحلافه)
أی المقر لو ادعی علیه العلم بکونها له کما فی (الشرائع) و (التحریر) و (المسالک) و علیه نبه فی (التبصرة) و له تحلیفه علی البت إن ادعی علیه الغصب منه کما فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و إنما توجه علیه الحلف له لأنه لو أقر له تبعه بالغرم (لکن) قال فی (المبسوط) و إن طلب الآخر یمینه فمن قال إذا أقر له یلزمه قیمته حلف و من قال لا یلزمه لا یحلف لأنه إذا أقر لم یطالب بعینه و لا قیمته فلم یکن لیمینه فائدة انتهی و لم یرجح شیئا و ستسمع ما فی (التذکرة)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 292
و إحلاف الآخر (1) فإن أقر للآخر غرم للثانی (2) إلا أن یصدقه الأول (3) و هل له إحلاف الأول إشکال (4) و للثانی إحلافه (5) و لو أقر لزید فشهد اثنان بسبق إقراره لعمرو فکذبهما زید فلا غرم (6)
______________________________
(قوله) (و إحلاف الآخر)
کما فی (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (مجمع البرهان) لأنه یدعی علیه مالا بیده و هو ملکه ظاهرا فیحلف علی البت و قضیة کلامهم أنه إن حلف سقطت الدعوی و إن نکل حلف المدعی و غرم و قال فی (التذکرة) فی نظیر هذه المسألة إنه بعد تعیین المالک منهما لو قال الآخر أحلفوه أنه لیس لی فإن قلنا إنه لو عاد فأقر للآخر لم یغرم له لم نحلفه لأنه إذا نکل لم یلزمه شی‌ء و إن قلنا یغرم عرضنا علیه الیمین فإن حلف سقطت الدعوی و إن نکل حلف المدعی و غرم انتهی (و الظاهر) أنه أراد بالحالف المقر و هذا منه مبنی علی أن الیمین کالإقرار إذ لو قلنا إنها کالبینة لاتجه إحلافه و إن قلنا إنه إن أقر لا یغرم لإمکان نکوله فیحلف المدعی و یغرم له کما إذا أقام علیه بینة
(قوله) (فإن أقر للآخر غرم للثانی)
کما فی (الشرائع) و (الإرشاد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) لأنه حال بینه و بینها بإقراره للأول فکان علیه مثلها أو قیمتها لأنه صار بذلک کالمتلف لها و لا تنزع من ید الأول لسبق حقه و قد سمعت ما فی (المبسوط) و لا یخفی ما فی العبارة من وضع الظاهر مکان الضمیر إذ کان الأولی أن یقول غرم له
(قوله) (إلا أن یصدقه الأول)
لا ریب فی أنه إذا صدق الأول الثانی أنها له دفعت إلیه و لا غرم علی المقر
(قوله) (و هل له إحلاف الأول إشکال)
أی و هل للمقر علی تقدیر إقراره للثانی و عدم تصدیق الأول إحلاف الأول إشکال من عموم الیمین علی من أنکر و أنه یدفع بها الغرم عن نفسه و أنه لو أقر لنفع إقراره و الکبری مسلمة و فی (جامع المقاصد) أنه قوی إذا ذکر تأویلا لدفع إکذاب نفسه کالغلط و النسیان و من أن المقر مکذب لنفسه فی دعواه أنها للثانی بإقراره للأول و أنه لو نکل امتنع الرد إذ لا یحلف لإثبات مال غیره و فی (الإیضاح) و (الحواشی) أنه الأصح و فی (المسالک) أنه حسن إلا أن یظهر لإقراره ما یدفع التکذیب کالغلط فالأول أحسن و هو معنی ما فی (جامع المقاصد) و علیه فیستحلفه علی نفی العلم بأنها للثانی لأنه إنما استند فی ملکها إلی الإقرار خاصة و احتمل فی (جامع المقاصد) استحلافه علیه البت لأنه مالک بحسب ظاهر الحال و قد ادعی علیه فیما هو ملک له فیحلف علی البت
(قوله) (و للثانی إحلافه)
أی للثانی إحلاف الأول کما تقدم بیانه عند قوله و إحلاف الآخر و أعادها لأنها مسألة أخری و إن اتحد المتعلق
(قوله) (و لو أقر لزید فشهد اثنان بسبق إقراره لعمرو و کذبهما زید فلا غرم)
کأنه هو الذی استقر علیه رأیه فی (جامع المقاصد) و کذا الشهید فی (الحواشی) لکنه قال یشکل باستناد البینة إلی إقراره السابق الذی هو سبب الحیلولة (قلت) حاصل المسألة أنه لو أقر ذو الید بمال لزید فشهد ثقتان بأنه قد أقر سابقا بأنه لعمرو فکذبهما زید فیما شهدا به و هو سبق الإقرار لعمرو فلا ریب فی ثبوت المال لعمرو لثبوت سبق الإقرار بالبینة و حینئذ فهل یغرم المقر لزید قیمة المال أو مثله فالمصنف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 293
و لو قال لا أعلم دفعها إلیهما و کانا خصمین (1) و لکل منهما إحلافه لو ادعیا علمه (2) و لو قال لزید أو الحائط کذا ففی صحة الإقرار نظر (3)
______________________________
و الشهید و المحقق الثانی أنه لا یغرم علی ما عرفت لاعتراف زید بانتفاء سبب الغرم و هو سبق الإقرار لعمرو و لتکذیبه الشاهدین فینتفی الغرم لانتفاء سببه (و قد سمعت) ما أورده الشهید (و قد دفعه) فی (جامع المقاصد) بأن المستحق معترف بانتفاء السبب فکیف یثبت له ما یترتب علیه و قال نعم قد یمکن أن یقال إن سبق إقرار المقر لعمرو قد ثبت شرعا بالبینة و هو یقتضی استحقاق زید تغریم المقر فهو فی حکم الإقرار لزید باستحقاق التغریم و قد أنکره زید فکان ذلک جاریا مجری تکذیب المقر له الإقرار فمتی رجع إلی التصدیق استحق فإن صح هذا حملت العبارة علی أن المراد لا غرم مع الاستمرار علی التکذیب ثم قال إلا أنه یشکل بأن الإقرار لعمرو لیس إقرارا لزید بالاستحقاق إذا رجع بعد التکذیب و إنما لزم منه استحقاق الغرم فإذا نفاه انتفی و لم یتجدد الاستحقاق بمجرد الرجوع و الفرق أن المقر به خارج عن ملک المقر فیقبل رجوع المقر له عن تکذیبه لأنه مال لا یدعیه بخلاف الغرم من مال المقر فإنه لیس کذلک
(قوله) (و لو قال لا أعلم دفعها إلیهما و هما خصمان)
کما فی (الشرائع) و انتزعت من یده و هما خصمان کما فی (المبسوط) و (التحریر) و کیف کان فوجه الدفع إلیهما أن الحق ینحصر فیهما و لا ترجیح لأحدهما علی الآخر و یکونان خصمین یلزمهما حکم المتداعیین الخارجین عن العین أو یکونان صاحبی ید فإن حلفا أو نکلا فهی بینهما نصفین و یحتمل القرعة و إلا فهی للحالف (و استشکل) فی (جامع المقاصد) فی دفعها إلیهما لأن المال المجهول المالک یجب تسلیمه إلی الحاکم و لا یجوز تسلیط من لا یعلم استحقاقه علیه لأن ذلک إتلاف لمال الغیر و تضییع له قال و الذی یقتضیه النظر وجوب تسلیمها إلی الحاکم قلت لیسلمها لمن تثبت له خاصة
(قوله) (و لکل منهما إحلافه لو ادعیا علمه)
کما فی (جامع المقاصد) و هو معنی ما فی (المبسوط) و (الشرائع) من أن القول قوله مع یمینه و ما فی (التحریر) من أنه یحلف علی نفی العلم و ما فی (الإرشاد) من أنه یحلف لهما و حاصله أنه یحلفه کل منهما علی عدم علمه باستحقاقه یمینا إن کذباه و ادعیا علمه و یحلفه أحدهما إن کذبه و لأحدهما إحلاف الآخر
(قوله) (و لو قال لزید أو الحائط کذا ففی صحة الإقرار نظر)
و کذا لا ترجیح فی (الإیضاح) و فی (جامع المقاصد) أن عدم الصحة لا یخلو من قوة و قد قوی المصنف فی صورة العطف بالواو کما یأتی صحة الإقرار بالنصف و ذلک یقضی بأنه یرجح البطلان هنا لأنه علی تقدیر صحة الإقرار لزید فی صورة التردید یجب أن یصح له فی صورة العطف من دون تأمّل فتأمل (و قد جعل) منشأ وجهی النظر فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) أنه لو صح لکان إما لزید خاصة و هو ترجیح بلا مرجح أو للحائط خاصة أو لواحد منهما و هو کذلک مع عدم قبوله للملک غیر معین و هو غیر موجود و لا مالک و لأن أو للتردید فجری مجری قوله إما لزید أو لیس له بل للحائط و لا یعد ذلک إقرارا فکان التالی بأقسامه الثلاثة باطلة و بیان الملازمة أنه ردد بینهما بأو فامتنع التشریک فلم یبق إلا الأقسام الثلاثة و أنه قد ردد بین زید و الحائط و الذی یملک منهما إنما هو زید و قد أقر بملک فیبطل فی غیر الذی یملک و یبقی هو و ذکر الحائط وجوده کعدمه (و ضعفه) فی (جامع المقاصد) بأن الإقرار هو الإخبار
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 294
و لو قال لزید و الحائط کذا فالأقوی صحة النصف خاصة (1) لزید و لو صدق أحد المدعیین بما یوجب الاشتراک کالإرث و الابتیاع صفقة فی النصف دون اشتراک السبب فهو لهما (2) و لو لم یوجب الشرکة لم یشارکه الآخر (3) فإن أقر بالجمیع لأحدهما فإن اعترف المقر له للآخر سلم إلیه النصف و إلا فإن ادعی الجمیع بعد ذلک فهو له (4)
______________________________
الجازم و لا جزم هنا و بأن الأصل براءة الذمة فلا یحکم بشغلها بمثل ذلک
(قوله) (و لو قال لزید و الحائط کذا فالأقوی صحة النصف خاصة)
کما فی (الإیضاح) و کذا (الحواشی) و فی (جامع المقاصد) إن ما قواه لا یخلو عن قوة و وجهوا القوة بأن العطف بالواو یقتضی التشریک و التسویة فیکون لزید النصف و یلغو ذکر الحائط فکأنه قال لزید النصف و لیس له الباقی و احتملوا فی الکتب الثلاثة أن یکون الجمیع لزید و إلیه أشار المصنف بقوله الأقوی لامتناع کون الحائط مالکا فیلغو ذکره و لأنه قد حصر الملک فیهما فلا یعدوهما و ضعف بأن إلغاء ذکر الحائط لا یقتضی استحقاق زید ما لم یقر له و قد بطل حصره ببطلان استحقاق الحائط کما لو قال من أول الأمر لا یملک هذا إلا الحائط و لا یلزم من الحصر فیهما أنه إذا بطل الاستحقاق فی أحدهما یتحقق فی الآخر
(قوله) (و لو صدق أحد المدعیین بما یوجب الاشتراک کالإرث و الابتیاع صفقة فی النصف دون اشتراک السبب فهو لهما)
هذا الفرع من متفردات الکتاب إذ لیس له ذکر فی کلامهم فی الباب و لا باب الشرکة و القضاء و الوجه فیه ظاهر و قد تعرض فی (جامع المقاصد) لبیانه و بیان ما فیه خفاء من العبارة فقال أی لو صدق صاحب الید أحد المدعیین اللذین یدعی کل منهما النصف من العین التی فی یده و کانت دعواهما الملک مستندة إلی سبب یقضی الاشتراک بینهما کإرثهما من أبیهما مثلا و شرائهما صفقة فی استحقاقه النصف و لم یصدق علی اشتراکهما فی سبب الملک فالنصف بینهما لأن کل ما حصل من المشترک الذی کان سبب الملک له مقتضیا للتشریک فهو لهما و ما ذهب فهو علیهما و إنما قید بقوله دون اشتراک السبب لأنه لو صدق علی اشتراک السبب مع تصدیق أحدهما فی دعوی النصف فإنه یلزم التصدیق لدعوی الآخر و الجار فی قوله بما یوجب الاشتراک متعلق باسم الفاعل و الأحسن أن یکون متعلقا لمحذوف تقدیره المدعیین ملکا یثبت بما یوجب الاشتراک و إنما کان أحسن لأنه علی الأول یستقیم کالإرث و الابتیاع لأن هذا سبب الملک لا نفسه فلا یکون المدعی به إلا السبب لا الملک المستند و قوله فی النصف یتعلق بصدق
(قوله) (و لو لم یوجب الشرکة لم یشارکه الآخر)
إذ لا یلزم من الإقرار لأحد المدعیین استحقاق الآخر بمجرد اشتراکهما فی الدعوی
(قوله) (فإن أقر بالجمیع لأحدهما فإن اعترف المقر له للآخر سلم إلیه النصف و إلا فإن ادعی الجمیع بعد ذلک فهو له)
أی إن أقر المدعی علیه من شخصین کل منهما بالنصف لا بسبب یقتضی التشریک لأحدهما بجمیع المدعی به فإن اعترف المقر له للآخر بدعواه سلم إلیه النصف لنفوذ اعترافه بذلک لانتفاء مستحق غیره بقول صاحب الید و هو المدعی و إن لم یعترف للآخر لم یکن الجمیع له إلا إذا صدق صاحب الید لأنه لم یسبق منه إلا دعوی النصف فإن رجع و ادعی الجمیع بعد ذلک قبل منه قولا واحدا إذ لم یسبق منه تکذیب لأن استحقاق النصف لا ینافی استحقاق الکل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 295

[العاشر لو قال أحد هذین العبدین لزید طولب بالبیان]

العاشر لو قال أحد هذین العبدین لزید طولب بالبیان فإن عین قبل فإن أنکر زید حلف المقر ثم یقر الحاکم ما أقر به فی یده أو ینتزعه إلی أن یدعیه (1) زید و لو قال لزید عندی درهم أو دینار فهو إقرار بأحدهما فیطالب بالتفسیر (2) و لو قال إما درهم أو درهمان ثبت الدرهم و طولب بالجواب عن الثانی (3) و لو قال لزید فی هذا المال شرکة قبل تفسیره بأقل من النصف (4)

[الحادی عشر لو قال لزید مائة و نصف ما لعمرو]

الحادی عشر لو قال لزید مائة و نصف ما لعمرو و لعمرو مائة و نصف ما لزید فلزید شی‌ء و لعمرو مائة و نصف شی‌ء فلزید مائة و خمسون و ربع شی‌ء تعدل شیئا فالباقی بعد إسقاط الربع بمثله یعدل ثلاثة أرباع شی‌ء فلکل مائتان (5)
______________________________
(قوله) (العاشر لو قال أحد هذین العبدین لزید طولب بالبیان فإن عین قبل فإن أنکر زید حلف المقر ثم یقر الحاکم ما أقر به فی یده أو ینتزعه إلی أن یدعیه)
کما صرح بذلک کله فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و کذا (التذکرة) و (التبصرة) غیر أنه لم یذکر فی (المبسوط) و أکثر ما ذکره بعده قوله إلی أن یدعیه و الوجه فی قبول تعیینه قد تقدم غیر مرة و أما أنه إذا أنکر زید ما عینه و ادعی علی المقر أنه قصد العبد الآخر أو أنه یستحقه فإنه یحلف له علی عدم قصده أو عدم استحقاقه و وجهه ظاهر و أما أن الحاکم یتخیر بین إقراره فی ید المقر و انتزاعه منه إلی أن یرجع زید عن التکذیب أو یظهر مالکه فقد تقدم بیانه و أنه مال مجهول المالک و إن لم یعین المقر فإما أن یعاند فیحبس أو یقول لا أعلم فیصطلحان أو یقرع فإن لم یعین المقر فعینه المقر له طولب بالجواب فإن أنکر حلف و إن نکل حلف المقر له فإن مات قبل التعیین عین الوارث أو یقرع
(قوله) (و لو قال لزید عندی درهم أو دینار فهو إقرار بأحدهما فیطالب بالتفسیر)
کما فی (الدروس) و (جامع المقاصد) لأن أو یقتضی أحدهما و هو مجهول و لو عکس أمکن إلزامه بالدینار لأنه لا یقبل رجوعه بخلاف الأول لأنه رجوع إلی الأکثر و تردد فیه فی (جامع المقاصد) بعد أن حکی عن الشهید أنه قواه لأن الکلام لا یتم إلا بآخره و لیس ذلک رجوعا عن الإقرار و قال فی (الدروس) لو قال له علی ألف أو مائة احتمل المطالبة بالتعیین و لزوم الأول و لو قال مائة أو ألف احتمل لزوم الثانی
(قوله) (و لو قال إما درهم أو درهمان ثبت الدرهم فیطالب بالجواب عن الثانی)
کما فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و الوجه فی ثبوت الدرهم أنه ثابت علی کل من شقی التردید و ما زاد فلیس بمقر به فإن ادعی علیه طولب بالجواب
(قوله) (و لو قال لزید فی هذا المال شرکة قیل تفسیره بأقل من النصف)
لأن الشرکة أعمّ من النصف فلا یستلزمه
(قوله) (الحادی عشر لو قال لزید مائة و نصف ما لعمرو و لعمرو مائة و نصف ما لزید فلزید شی‌ء و لعمرو مائة و نصف شی‌ء فلزید مائة و خمسون و ربع شی‌ء تعدل شیئا فالباقی بعد إسقاط الربع بمثله تعدل ثلاثة أرباع شی‌ء فلکل مائتان)
قد تقدم لنا فی باب البیع بیان الحال فی الجبر و المقابلة و بیان اصطلاحاتهم و قواعدهم مستوفی (و کیف کان) فقانون الجبر و المقابلة هنا فرض أحدهما شیئا مجهولا فلیفرض ما لزید شی‌ء فیکون لعمرو مائة و نصف شی‌ء لأن له بمقتضی الإقرار مائة و نصف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 296
و لو ذکر الثلث فلکل مائة و خمسون (1) لأن لزید شیئا و لعمرو مائة و ثلث شی‌ء فلزید مائة و ثلث مائة و تسع شی‌ء یعدل شیئا فسقط تسع شی‌ء بمثله فمائة و ثلث تعدل ثمانیة أتساع فالشی‌ء مائة و خمسون و لو قال لزید عشرة و نصف ما لعمرو و لعمرو عشرة و ثلث ما لزید فلزید شی‌ء و لعمرو عشرة و ثلث شی‌ء فلزید خمسة عشر و سدس شی‌ء یعدل شیئا یسقط السدس بمثله یبقی خمسة عشر تعدل خمسة أسداس شی‌ء فالشی‌ء ثمانیة عشر هی ما لزید و لعمرو ستة عشر و لو قال لزید ستة و نصف ما لعمرو و لعمرو اثنا عشر و نصف ما لزید فلزید ستة عشر (2) و لعمرو عشرون (3)
______________________________
ما لزید و له شی‌ء علی ما فرضناه و حینئذ فیکون لزید مائة و خمسون و ربع شی‌ء و ذلک لأنه له مائة و نصف ما لعمرو و قد بین أن لعمرو مائة و نصف شی‌ء و نصفها خمسون و ربع شی‌ء تضمه إلی المائة یکون مائة و خمسین و ربع شی‌ء تعدل شیئا کاملا و هو الذی فرضناه لزید أولا فإذا أسقطنا المجهول من العبارة الثانیة و هو ربع شی‌ء بمثله من العبارة الأولی یبقی مائة و خمسون تعدل ثلاثة أرباع شی‌ء فإذا أقسمنا مائة و خمسین علی ثلاثة أرباع شی‌ء کان ربع الشی‌ء خمسین فالشی‌ء الکامل مائتان هی لزید و لعمرو مائة و نصف ذلک و هو مائتان
(قوله) (و لو ذکر الثلث فلکل مائة و خمسون لأن لزید شیئا و لعمرو مائة و ثلث شی‌ء فلزید مائة و ثلث مائة و تسع شی‌ء تعدل شیئا یسقط تسع شی‌ء بمثله فمائة و ثلث تعدل ثمانیة أتساع فالشی‌ء مائة و خمسون)
أی لو ذکر الثلث موضع النصف فی المسألة الأولی فقال لزید مائة و ثلث ما لعمرو و لعمرو مائة و ثلث ما لزید فلکل منهما مائة و خمسون لأنا نفرض علی القاعدة ما لزید شیئا فیکون لعمرو مائة و ثلث شی‌ء لأنه له مائة و ثلث ما لزید و لزید شی‌ء علی ما فرضناه فیکون لزید مائة و ثلث ذلک ثلث المائة ثلاثة و ثلاثون درهما و ثلث درهم و ثلث ثلث شی‌ء تسع شی‌ء تعدل ما فرضناه أولا و هو الشی‌ء فإذا أسقطنا المجهول من هذا الطرف بمثله من الطرف الآخر بقی من هذا الطرف مائة و ثلاثة و ثلاثون و ثلث تعدل ما بقی من الطرف الآخر من الشی‌ء و هو ثمانیة أتساع فإذا قسمت علیها کان التسع ستة عشر و ثلثین فالشی‌ء الکامل مائة و خمسون هی ما لزید و لعمرو مائة و ثلثها و ذلک مائة و خمسون و هذان المثالان لما تفاوت فیه المالان و الکسران
(قوله) (و لو قال لزید عشرة و نصف ما لعمرو و لعمرو عشرة و ثلث ما لزید فلزید شی‌ء و لعمرو عشرة و ثلث شی‌ء فلزید خمسة عشر و سدس شی‌ء تعدل شیئا یسقط بمثله یبقی خمسة عشر تعدل خمسة أسداس شی‌ء فالشی‌ء ثمانیة عشر هی ما لزید و لعمرو ستة عشر)
هذه صورة التسویة فی الإقرار لهما بین المالین دون الکسرین و طریقهما بعد معرفة ما سبق ظاهر
(قوله) (و لو قال لزید ستة و نصف ما لعمرو و لعمرو اثنا عشر و نصف ما لزید فلزید ستة عشر و لعمرو عشرون)
هذا صورة التسویة فی الإقرار لهما بین الکسرین دون المالین و إنما یکون لکل منهما ما ذکر لأنا نفرض لزید شیئا فلعمرو اثنا عشر و نصف شی‌ء فلزید ستة و نصف ذلک فیکون له اثنا عشر و ربع شی‌ء تعدل الشی‌ء المفروض فإذا أسقطنا ربع الشی‌ء بقی اثنا عشر تعدل ثلاثة أرباع شی‌ء فالشی‌ء الکامل ستة عشر و هو ما لزید فیکون لعمرو عشرون لأنه له اثنا عشر و نصف ما لزید
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 297
و لو ذکر هنا عوض النصف فی عمرو الثلث فلزید أربعة عشر و خمسان و لعمرو ستة عشر و أربعة أخماس (1)

[الفصل الثالث فی تعقیب الإقرار بما ینافیه و فیه مطلبان]

اشارة

الفصل الثالث فی تعقیب الإقرار بما ینافیه و فیه مطلبان

[المطلب الأول فی الاستثناء و قواعده خمس]

اشارة

الأول فی الاستثناء و قواعده خمس

[الأولی حکم الاستثناء و المستثنی منه متناقضان]

الأولی حکم الاستثناء و المستثنی منه متناقضان فالاستثناء من النفی إثبات و من الإثبات نفی (2)

[الثانیة الاستثناء المکرر مع حرف العطف یعود إلی المستثنی منه]

الثانیة الاستثناء المکرر مع حرف العطف یعود إلی المستثنی منه (3)
______________________________
(قوله) (و لو ذکر هنا عوض النصف فی عمرو الثلث فلزید أربعة عشر و خمسان و لعمرو ستة عشر و أربعة أخماس)
هذه صورة اختلاف الکسرین و المالین معا و المراد أنه لو ذکر فی الصورة المذکورة عوض النصف فی عمرو الثلث بأن قال لزید ستة و نصف ما لعمرو و لعمرو اثنا عشر و ثلث ما لزید و إنما کان لکل منهما ما ذکره لأنا نفرض ما لزید شیئا فلعمرو اثنا عشر و ثلث شی‌ء فلزید ستة و نصف ذلک و مجموعه اثنا عشر و سدس شی‌ء یعدل ما فرض له أولا و هو الشی‌ء فإذا سقط السدس بمثله بقی اثنا عشر تعدل خمسة أسداس شی‌ء فإذا قسمت علیها خرج اثنان و خمسان و هو سدس الشی‌ء الکامل فالشی‌ء الکامل أربعة عشر و خمسان هی ما لزید إذا أخذت ثلثها و هو أربعة أخماس و ضممته إلی اثنا عشر کان ستة عشر و أربعة أخماس هو ما لعمرو
(قوله) (الفصل الثالث فی تعقیب الإقرار بما ینافیه و فیه مطلبان الأول فی الاستثناء و قواعده خمس الأولی حکم الاستثناء و المستثنی منه متناقضان فالاستثناء من النفی إثبات و من الإثبات نفی)
أجمع العلماء کافة علی أن الاستثناء جار فی الأقاریر کما فی (نهایة المرام) و (فی التنقیح) الإجماع علیه دون باقی المخصصات و (فی الکفایة) لا خلاف فیه (قلت) قد خالف فی ذلک (مالک) فقال لا یصح الاستثناء فی الأقاریر و لکنهم قالوا یشترط الاتصال العادی فلا یضر النفس و السعال و نحوهما مما لا یعد فصلا عرفا و (فی الریاض) أنه لا خلاف إلا من الحلی حیث یحکی عنه جواز الاستثناء إلی شهر قیل و لم یثبت ذلک عنه انتهی و (فیه) أن الخلاف المذکور أنما حکی عن (أبی عباس) فی (الأصول) و (الفروع) بل فی الاحتجاج لا عن ابن إدریس و ربما حمل کلامه علی أنه لو أخبر به فی تلک المدة قبل منه و لعله أهون من حمل کلامه علی ظاهره و (کیف کان) فلا ضابط له إلا العادة فلذلک طفحت عباراتهم باشتراط الاتصال العادی کما طفحت عباراتهم بأنه من الإثبات نفی و من النفی إثبات و الأول لم یختلف فیه علماء الإسلام کما (فی جامع المقاصد) و علیه إجماع العلماء کما فی (المسالک) و (الروضة) و لا خلاف فیه کما فی (التذکرة) و علیه الإجماع کما فی (جامع المقاصد) أیضا (لکن) بعض الأصولیین نقل فیه الخلاف أیضا عن (الحنفیة) و أورد علیه بأنهم یقولون فی قوله له علی عشرة إلا ثلاثة بإفادته النفی و أجیب بأن ذلک لمطابقته لأصل البراءة لا لإفادة اللفظ و خالف فی الثانی (أبو حنیفة) و المحققون کما فی (التذکرة) علی خلافه و قد بین ذلک فی فنه
(قوله) (الثانی الاستثناء المکرر مع حروف العطف یعود إلی المستثنی منه)
کما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و (مجمع البرهان) لوجوب اشتراک المعطوف و المعطوف علیه فی الحکم فهما کالجملة الواحدة و لا فرق فی ذلک بین تکرر حرف الاستثناء و عدمه و لا بین زیادة الأول علی الثانی و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 298
و کذا لو زاد اللاحق علی السابق أو ساواه (1) و بدونه یرجع اللاحق إلی السابق (2)

[الثالثة الأقرب عود الاستثناء إلی الجملة الأخیرة]

الثالثة الأقرب عود الاستثناء إلی الجملة الأخیرة إلا مع القرینة (3)
______________________________
مساواته له و نقصانه عنه و یأتی التفریع علی ذلک فی کلام المصنف
(قوله) (و کذا لو زاد اللاحق علی السابق أو ساواه)
کما فی ما عدا (المبسوط) من الکتب المذکورة و کذا (کشف الرموز) و (التنقیح) لاستلزام عوده إلا الأقرب الاستغراق و هو باطل فیصان کلام العاقل عنه بعوده إلی المستثنی منه و مثال الأول له عشرة إلا أربعة إلا خمسة و الثانی کقوله فی المثال إلا أربعة إلا أربعة و سیفرع المصنف علی ذلک ما ستسمع و لا یلزم عن عودهما إلیه معا صحتهما بل لم یستغرق الجمیع المستثنی منه کالمثالین لکن إن لزم الاستغراق من الثانی خاصة کما لو قال له عشرة إلا خمسة إلا خمسة لغا الثانی خاصة لأنه هو الذی أوجب الفساد و کذا مع العطف سواء کان الثانی مساویا للأول کما ذکر أم أزید کله عشرة إلا ثلاثة و إلا سبعة أم أنقص کما لو قدم السبعة علی الثلاثة
(قوله) (و بدونه یرجع اللاحق إلی السابق)
کما فی (المبسوط) و الکتب المذکورة آنفا عدا الأخیرین لأنه أقرب و القرب دلیل الرجحان و لا یمکن عوده إلیهما لاختلافهما فی الکیف لأن الاستثناء من النفی إثبات و من الإثبات نفی فیلزم التناقض و (قد جاء) ذلک فی الکتاب المجید قال سبحانه و تعالی إِنّٰا أُرْسِلْنٰا إِلیٰ قَوْمٍ مُجْرِمِینَ إِلّٰا آلَ لُوطٍ إِنّٰا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِینَ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنٰا إِنَّهٰا لَمِنَ الْغٰابِرِینَ فقد استثنی آل لوط من القوم و استثنی من آل لوط امرأته
(قوله) (الثالثة الأقرب عود الاستثناء إلی الجملة الأخیرة إلا مع القرینة)
کما هو خیرة (التحریر) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده و (الإیضاح) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (مجمع البرهان) و فی (الدروس) أنه المتقرر فی الأصول و (فی مجمع البرهان) أنه مذهب الأکثر و (فی شرح الإرشاد) نسبته إلی الإمامیة و قال إنه منشأ الخلاف بین الشافعی و الإمامیة فی قوله تعالی فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَ ابْتَغُوا مٰا کَتَبَ اللّٰهُ لَکُمْ وَ کُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتّٰی یَتَبَیَّنَ لَکُمُ الْخَیْطُ الْأَبْیَضُ مِنَ الْخَیْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ قال فإذا جاز الجماع إلی ذلک الوقت فالغسل بعده فالجنابة لا تنافی الصوم و لا تبطله فیجوز لمن جامع لیلا أن یؤخر الغسل إلی بعد طلوع الفجر قالت الإمامیة إنه یرجع إلی الأخیرة و هو الأکل و الشرب لا غیر فلا یجوز البقاء علی الجنابة إلی طلوع الفجر فیبطل الصوم بدلیل آخر فالآیة لا تدل علی هذا الحکم و لا علی نقیضه فالدلیل الدال علی هذا الحکم لیس بناسخ للآیة و لا مخصص لها انتهی کلامه و (فی الخبر الوارد) فی تفسیر قوله تعالی مِنْ نِسٰائِکُمُ اللّٰاتِی دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ما یدل علی ذلک و (کیف کان) فالأقوال فی المسألة خمسة (أحدها) ما سمعت و هی قول أبی حنیفة أیضا و (الثانی) مذهب الشیخ و الشافعی و هو أنه ظاهر فی رجوعه إلی الجمیع و معناه أنه یجوز أن تکون کل واحدة من الجمل موردا للإخراج علی البدل لا کون الجمیع بمعنی المجموع موردا له کما ستعرف (لکن) الشیخ فی (المبسوط) لم یرجح أحد القولین فیما نحن فیه فهو فیه متوقف (الثالث) أنه مشترک بینهما فیتوقف إلی ظهور القرینة و هو مذهب علم الهدی (الرابع) الوقف فلا یدری أنه حقیقة فی أیهما و هذان القولان موافقان لأبی حنیفة فی الحکم و إن تخالفا فی المأخذ و لیس المراد أنهما موافقان فی خصوص تخصیص الأخیرة فإن قول الشافعی موافق له فی ذلک و لا أن غیر الأخیرة باق علی عمومه علی هذین القولین بل المراد أنهما موافقان لأبی حنیفة فی لزوم تخصیص الأخیرة و عدم تخصیص غیرها إما لبقائه علی عمومه أو لعدم معرفة حاله فأبو حنیفة یقول
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 299
..........
______________________________
ببقاء غیرها علی عمومه و هما متوقفان فی التخصیص و عدمه بسبب عدم معرفة الحال فلو خصصت غیر الأخیرة کان مجازا عند أبی حنیفة عند السید و محتملا لهما عند الغزالی و مقتضی أدلة هذه الأقوال الأربعة أن الخلاف أنما هو فی الهیئة الترکیبیة الحاصلة من الاستثناء المتعقب للجمل و هو بمعزل عن التحقیق و عن ملاحظة قواعد الوضع کما ستسمع و أما تفصیل أبی الحسین فلا یکاد یخرج عن القول بالعود إلی الأخیرة (الخامس) لصاحب المعالم و هو القول بالاشتراک المعنوی بمعنی أن الاستثناء موضوع لمطلق الإخراج و استعماله فی کل فرد من أفراد الإخراج حقیقة غیر أنه یحتاج إلی القرینة لکن لیست قرینة تعیین من قبیل قرینة المشترک بل قرینة إرادة تفهیم و لم تعتبر الهیئة الترکیبیة فذکر الاستثناء عنده و إرادة الإخراج عن کل واحدة من الجمل حقیقة عنده و لا یفرق بین أن یقع الاستثناء بعد عام واحد أو عمومات متعددة فهو یقول إن الواضع تصور معنی الإخراج عن المتعدد بعنوان العموم و وضع أدوات الاستثناء لخصوصیات أفراده فیشمل هذا المعنی المتصور ما صدق علی الإخراج عن المتعدد الواحد و الإخراج عن المتعدد المتعدد علی البدل و عن متعدد واحد من المتعددات مثل الأخیرة فقط و عن المتعدد المتأول بالواحد کقولک لا أکلت و لا شربت و لا نمت إلا باللیل إذ معناه لا أفعل هذه الأفعال إلا باللیل و (التحقیق) هو ما ذهب إلیه (صاحب القوانین) من أن الواضع تصور معنی الإخراج عن المتعدد الواحد و وضع اللفظ بإزاء جزئیاته إذ لیس معنی العام المتصور إلا مفهوم الإخراج عن متعدد واحد سواء کان واحدا بالنوع أو متعددات فأولت بواحد مجازا کقولک لا أکلت و لا شربت إلا باللیل و کذلک الخصوصیات الموضوعة بإزائها هی خصوصیات هذا الکلی الواحد لتبادر الوحدة و عدم تبادر الإخراجات علی سبیل البدل قلت و الوجه فی ذلک أولا أنه لم یثبت وضع جدید للهیئة الترکیبیة الحاصلة من اجتماع الجمل مع الاستثناء و الأصل عدمه و ثانیا أن الحقائق و المجازات أنما وضعت علی الوحدة بمعنی أنه لم یثبت من الواضع إلا الوضع فی حال الوحدة فلیس هذا المعنی مطلقا و لا مقیدا بشرط الوحدة و لا عدمها کما قالوه فی بحث المشترک فلا ریب فی وحدة الوضع بهذا المعنی و أنه وحدانی فلا یجوز إرادة إخراجین من أداة الاستثناء و لا إرادة فردین من المستثنی کما لا یجوز إرادة رجلین أو رجال علی البدل من قولنا رجل بل لا یتبادر منه إلا رجل واحد و إن کان قابلا للاستعمال فی کل واحد من أفراد الرجال و ما ذاک إلا لکون وضعه وحدانیا و کذلک لا یتبادر من قولک فی مثال علم الهدی اضرب غلمانی و الق أصدقائی إلا واحد إلا إخراج واحد من الغلمان أو من الأصدقاء و قد عرفت أن محل النزاع هو جواز کون کل واحدة من الجمل موردا للإخراج علی البدل کما فسر به العضدی کلام الشافعی حیث قال أراد کل واحدة لا الجمیع و یشهد له مثال علم الهدی إذ إخراج الواحد من الغلمان و الأصدقاء محال فلا یصح جریان البحث فی المثال إلا بإرادة واحد من الأصدقاء و واحد من الغلمان فتبادر إرادة الإخراج بالنسبة إلی کل منهما فی الواحد و هذا هو المراد من الرجوع إلی الجمیع و لو فسرناه بالرجوع إلی المجموع لا کل واحد لکفی فیه إخراج واحد من المجموع و حینئذ فالوجه فی تخصیص الأخیرة أمر آخر کقربها و إجماعهم علیه فإن کل من ذکر المسألة قال بتخصیص الأخیرة و إن اختلفوا فی وجهه فبعضهم من جهة الهیئة الترکیبیة و بعضهم من أجل دخوله فی الکل و غیر ذلک و إلا فلا مانع من رجوعه إلی الأولی لو دل علیه دلیل لأنه حقیقة فی ذلک أیضا لأنه فرد من أفراد الإخراج الوحدانی فقد اتضح الحال و لم یبق فی تعین رجوعه إلی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 300

[الرابعة الاستثناء من الجنس جائز]

الرابعة الاستثناء من الجنس جائز إجماعا و من غیره علی الأقوی (1)

[الخامسة الاستثناء المستوعب باطل]

الخامسة الاستثناء المستوعب باطل (2)
______________________________
الأخیرة بعد الیوم إشکال کما بان ضعف جمیع تلک الأقوال
(قوله) (الرابع الاستثناء من الجنس جائز إجماعا و من غیره علی الأقوی)
تعبیره بالأقوی هنا کما فی (المختلف) یقضی بوجود المخالف منا کما لعله یفهم ذلک من تردده فی (الشرائع) و ظاهر (جامع المقاصد) أو صریحه کما هو صریح (نهایة المرام) أنه لا خلاف فی ذلک منا بل صریح الثانی أن لا مخالف أصلا قال إن تردده فی (الشرائع) صریح فی أن الخلاف وقع فی صحة الاستثناء المنقطع و ما نقله غیر موجود فإنه صرح القاضی فی (شرح المختصر) بأنه لا یعرف خلافا فی صحته لغة و وروده فی کلام العرب و القرآن و تأویله بما یقتضی إرجاعه إلی المتصل لا مقتضی له انتهی (و قالا) فی (الکتابین) نعم وقع الخلاف فی أنه حقیقة أو مجاز (قلت) الخلاف من العامة واقع بلا شک فقد حکی فی (التذکرة) عن أبی حنیفة منع الاستثناء من غیر الجنس إلا فی المکیل و الموزون و المعدود بعضها من بعض و حکی عن محمد بن الحسن و زفر و أحمد بن حنبل عدم جوازه من غیر الجنس مطلقا بحال و نقل عن التفتازانی أنه حکی فی (الشرح) المصیر إلیه فی الجملة عن الآمدی لکن قد یستبعد أن یکون ما فی (الکتاب) و (المختلف) و (الشرائع) إشارة إلی خلاف العامة و لم یستبعده فی (مجمع البرهان) و عد مواضع نبه فیها بمثل ذلک علی خلاف العامة (و أما) وقوع الخلاف فی ذلک منا فهو الظاهر من (المسالک) أو هو صریحه و قد یظهر ذلک من (التنقیح) و هو الموافق لما فی الکتب الثلاثة (قال) فی (المسالک) المشهور بین العلماء جواز الاستثناء من الجنس و غیره لوقوعه فی القرآن و فصیح اللغة کثیرا ثم قال و فی المسألة قول ثالث نادر إنه غیر جائز لا حقیقة و لا مجازا و هو الذی تردد فیه المصنف انتهی (و قال) فی (التنقیح) لیس من شرط الاستثناء أن یکون المستثنی من جنس المستثنی منه و ذلک إجماع من النحاة و أهل اللغة و اختلف فیه الأصولیون فشرطه بعضهم و منع اشتراطه آخرون و اختاره المصنف لوروده فی الکتاب انتهی (و کیف کان) فمما جزم فیه بجوازه فی المنقطع (المبسوط) و (النافع) و (کشف الرموز) و (التذکرة) و (لتحریر) و (التلخیص) و (التبصرة) و (اللمعتین) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و کذا (الغنیة) و (السرائر) و (الإیضاح) و (الحواشی) و فی (الکفایة) أنه الظاهر و لکن قد حکی فی (جامع المقاصد) عن المصنف فی کتاب (نهج الأصول) و عن ابن الحاجب أنهما حکیا عن علماء الأمصار إضمار قیمة الثوب فی له علی عشرة إلا ثوبا (و مثله) قال (الشارح العضدی) و قال إنهم ارتکبوا خلاف الظاهر لیصیر متصلا کما ستسمع ذلک کله و فی (التذکرة) أنه لو قال له علی ألف درهم إلا ثوبا صح عند علمائنا (و کیف کان) فجوازه فی المنقطع قضیة ما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده و (الدروس) و (الروضة) و (نهایة المرام) من أنه من الجنس حقیقة و من غیره مجاز و فی (الدروس) و (الروضة) فیما إذا قال له ألف إلا درهما أنه أخبر عن إرادة المجاز فالأقوی القبول و فی (التحریر) و غیره من أنه یقبل إذا بقی شی‌ء بعد الاستثناء و یأتی بلطف اللّٰه تعالی تمام الکلام عند تعرض المصنف له
(قوله) (الخامس الاستثناء المستوعب باطل)
اتفاقا کما فی (الروضة) و بلا خلاف کما فی (جامع المقاصد) و هو کذلک إذ قد نص علیه فی (المبسوط) و (الغنیة) و (السرائر) و (کشف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 301
و یجوز إبقاء فرد واحد علی الأقوی (1)
______________________________
الرموز) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و غیرها من دون ذکر خلاف و لا إشکال بل یأخذونه مسلما کما أنه قضیة کلام جماعة فی قوله له علی ألف درهم إلا ثوبا و به طفحت عبارة الأصولیین و فی (مجمع البرهان) أنها قاعدة ثالثة (کذا فی نسختین و لکن الظاهر إنها ثابتة) و لا یحمل علی الغلط و لو ادعاه لم یسمع إذا لم یتعقبه استثناء آخر یزیل استغراقه کما إذا قال له علی مائة إلا مائة إلا تسعین فیصح الاستثناءان و یلزمه تسعون لأن الکلام لا یتم إلا بآخره و آخره یصیر الأول غیر مستوعب لأن المائة المستثناة منفیة و التسعین مثبتة فیصیر فی قوة له تسعون و یأتی عند قوله ثلاثة إلا ثلاثة إلا درهمین تمام الکلام فی ذلک مستوفی إن شاء اللّٰه سبحانه و تعالی
(قوله) (و یجوز إبقاء فرد واحد علی الأقوی)
کما جزم به فی (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و غیرها کما ستسمع کلامهم هنا و فیما یتفرع علی ذلک (بل) فی (المبسوط) و (الغنیة) و (السرائر) یجوز استثناء الأکثر بلا خلاف إلا من ابن درستویه النحوی و أحمد بن حنبل و ظاهر (التنقیح) و (نهایة المرام) الإجماع علیه من الفقهاء حیث نسب إلی الفقهاء فی الأول و نسب المنع إلی شاذ فی الثانی و قد نسبه أی الجواز فی (الإیضاح) إلی أکثر علمائنا و أکثر الأشاعرة و أکثر الفقهاء و المتکلمین و فی (المسالک) نسبته إلی الأکثر و قال فی (التنقیح) و منع منه أکثر النحاة و جماعة من الأصولیین و قال فی (الإیضاح) منع قوم من استثناء الأکثر (و منع) القاضی و أبو بکر و الحنابلة استثناء الأکثر و المساوی و أوجبوا فی المستثنی أن یکون أقل و أوجب أبو الحسین البصری إبقاء کثرة تقرب من مدلول اللفظ (و نحوه) ما فی (جامع المقاصد) فی نقل الأقوال (و نحن) نقول قد ذهب الأکثرون المحققون فی مسألة منتهی التخصیص بإلّا و غیرها إلی أنه لا بد من بقاء جمع و کثرة تقرب من مدلول العام و أقاموا علیه الأدلة و البراهین و قضیة ذلک أنه لا یجوز الاستثناء الأقل (و قد ذهب الأکثر) من الأصولیین هنا إلی جواز استثناء الأکثر و نسبوا القول بوجوب بقاء الأکثر إلی شاذ من العامة و قد سمعت کلام الفقهاء (و القاعدتان) متناقضتان و لا یمکن الجواب إلا بأن یقال إن الحقیقة و المجاز کما تعرضان للمفردات تعرضان للمرکبات فالحقیقة فی الترکیب الذی یراد به الإخراج أنما تکون إذا کان المخرج أقل و المجاز هو ما إذا کان أکثر أو مساویا إذ مجرد الاستعمال فی إخراج الأقل و الأکثر لا یدل علی الحقیقة فی ذلک الترکیب (و هذا) فی خصوص الترکیب الإخراجی و الوضع القانونی لا فی العام إذا خصص فإنه کلام آخر فالأکثرون یقولون إذا أردت أن تجری بهذا الترکیب و الوضع القانونی علی حقیقته فلا بد أن تخرج الأقل و تبقی الأکثر لأن المقصود الأصلی للأصولی هو النظر إلی الحقیقة لا إلی مجرد الاستعمال و إن أردت التجوز فأخرج ما شئت إلی الواحد لمکان علاقة المشابهة بین الاستثناءین کما قالوا فی الاستثناء المنقطع إنه مجاز مع أنه لا استثناء فیه و لا إخراج کما ستسمع (و هذا) هو المقصود الأصلی للفقیه لأن المدار فی الحکم عنده علی ما یفهم من کلام المکلف حقیقة کان أم مجازا (فلا وجه) لخلط أقوال المسألتین کما فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و غیرهما (و أطرف) من ذلک ما فی (الریاض) حیث قال فی دعوی شذوذ القول بالمنع من استثناء الأکثر و الاستدلال علی رده نظر و ما أراهم جمیعا إلا غافلین عن کلامهم فی منتهی التخصیص
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 302
فإذا قال له عشرة دراهم إلا تسعة لزمه واحد و لو قال له عشرة إلا تسعة إلا ثمانیة فهو إقرار بتسعة و لو عد إلی الواحد فهو إقرار بخمسة و الضابط إسقاط جملة المنفی من جملة المثبت بعد جمعهما فالمقر به الباقی (1)
______________________________
(و ما تنبه) إلیه أحد قبل صاحب (القوانین) جزاه اللّٰه خیر جزاء المحسنین و أطال اللّٰه سبحانه أیام حراسته للإسلام و المسلمین غیر أنه رجح کلامهم فی منتهی التخصیص علی کلامهم هنا و أخذه یتکلف الأجوبة من کلام الأصولیین فی مسألتنا و ذلک لعدم عثوره علی کلام الفقهاء فیها
(قوله) (فإذا قال له عشرة دراهم إلا تسعة لزمه واحد و لو قال عشرة إلا تسعة إلا ثمانیة فهو إقرار بتسعة و لو عد إلی الواحد فهو إقرار بخمسة و الضابط إسقاط جملة المنفی من جملة المثبت بعد جمعهما فالمقر به هو الباقی)
هذا الضابط ذکره الشهید فی (الدروس) و (غایة المراد) و (المحقق الثانی) و (المقدس) الأردبیلی و ذکر جماعة ضابطا آخر و هو أن تسقط المستثنی الأول من المستثنی منه و تجبر الباقی بالثانی و تسقط الثالث و تجبر بالرابع و هکذا (و هذا) قد ذکر معناه فی (المبسوط) و (الغنیة) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (التحریر) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (اللمعة) و (الروضة) و (المسالک) و (نهایة المرام) بل فی الأخیرین عبر عنه بلفظ الضابط (و ذکره) من النحاة جماعة (کالشیخ الرضی) و (بدر الدین) ابن مالک و (ذکر) النحاة و الفقهاء منهم الشیخ فی (المبسوط) و ابن إدریس ضابطا آخر و هو أن تحط الأخیر مما یلیه ثم باقیه مما یلیه و هکذا إلی الأول فالمقر به الباقی فإنک إذا أسقطت واحدا من اثنین بقی واحد تسقطه من ثلاثة یبقی اثنان تسقطهما من أربعة یبقی اثنان تسقطهما من خمسة و هکذا (و بیان) أنه یلزمه خمسة علی ضابط المصنف فیما إذا قال له علی عشرة إلا تسعة إلا ثمانیة إلا سبعة إلا ستة إلا خمسة إلا أربعة إلا ثلاثة إلا اثنین إلا واحد أنا نجمع المثبتات لأن العشرة مثبتة فإذا استثنی منها تسعة کانت منفیة تبقی من العشرة واحد و بالاستثناء الثانی صار المثبت تسعة لأن الثمانیة مثبتة و قد بقی واحد من العشرة فالمجموع تسعة و بالثالث بقی من المستثنی منه اثنان لأنه نفی سبعة مما اجتمع علیه و هو تسعة فبقی اثنان و بالرابع أثبت ستة فبقی ثمانیة و بالخامس یصیر ثلاثة و بالسادس یصیر سبعة و بالسابع أربعة و بالثامن ستة و بالتاسع و هو الواحد ینتفی منها فیبقی خمسة أی الأول و الثالث و الخامس و السابع و التاسع و هی الأزواج یصیر ثلاثین و نجمع المنفیات و هی ما بقی و هی الأفراد فتصیر خمسة و عشرین و إذا حذفت الثانیة من الأولی یبقی خمسة و الوجه فی هذا الضابط أنه لا ریب أن فی هذه المستثنیات مثبتات و منفیات و الأول و هو العشرة مثبت مقر به و الثانی منفی مخرج فیکون ما بعده مثبتا مقرا به و ما بعده منفی مخرج و هکذا فلا بد أن تکون المثبتات مقرا بها و المنفیات غیر مقر بها فإذا جمعنا المجموع من کل واحد و أسقطنا المجموع من المجموع یبقی ما یبقی و هو خمسة و بالجملة یسقط باعتبار استثناء کل فرد بعد استثناء الزوج عنه واحد من العشرة فیسقط خمسة و یبقی خمسة کما هو واضح لأن الأزواج فی هذا الفرض کلها مثبتة و الأفراد کلها منفیة (و قد ذکر) الشهیدان و المحقق الثانی فی (الدروس) و (غایة المراد) و (جامع المقاصد) و (الروضة) أنه لو قال بعد قوله فی الفرض المذکور إلا اثنین إلا واحد إلا اثنین إلا ثلاثة إلا أربعة إلی التسعة لزمه واحد (و وجهه) علی ما یفهم من القاعدة أن تجمع الأزواج الواقعة فی الصورتین فتصیر خمسین لعدم عد العشرة إلا مرة و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 303
..........
______________________________
نجمع الأفراد فیهما فتبلغ تسعة و أربعین لعدم عد الواحد إلا مرة فنحذف الثانیة من الأولی یبقی واحد (لکن) کلامه فی (الدروس) فی بیان ذلک غیر محرر بل و لا صحیح قال و لو أنه لما وصل إلی الواحد قال إلا اثنین إلا ثلاثة إلی التسعة لزمه واحد لأنا نضم الأزواج إلی الأزواج تکون ثمانیة و أربعین و الأفراد إلی الأفراد تکون تسعة و أربعین فإذا أسقطنا الأول من الثانی بقی واحد و قد انضم الأزواج إلی الأزواج خمسون (کذا فی النسخة و الظاهر أن تکون العبارة هکذا (و قد عرفت أن ضم الأزواج إلی الأزواج یکون خمسین) لا تسعة و أربعون و إنا نسقط الأفراد من الأزواج لا العکس ثم إنه إنما یتم إذا جعلنا جمیع الأزواج مثبتة و الأفراد منفیة و یشکل بأنه لم یعلم القسم المثبت و المنفی بحیث یکون أحدهما أفرادا و الآخر أزواجا فإن قوله إلا اثنین راجع إلی المرکب من المثبت و المنفی فبعض الاثنین مثبت و بعضه منفی فلا یمکن إسقاط جمیعه کما فعلوه و لا إثباته (أو تقول) بعبارة أخری إنه لا یجوز أن یکون الاثنان مستثنی من الواحد لکونه مستغرقا له و لا من الخمسة الثابتة المقر بها الحاصلة بعد استثناء الواحد للزوم خروجه منها فإذا خرجت منها بقی ثلاثة و الثلاثة التی بعد الاثنین لا یجوز أن تکون مستثناة من هذه الثلاثة لاستغراقها إیاها فیلزم بطلان استثناء الثلاثة إن جعلناها من المنفیات و إلا یلزم الاستغراق فی قوله إلا ثمانیة و الوقوف علیها علی أنهم اتفقوا علی أن الاثنین من الجمل المثبتة و یلزمهم علی هذا أن تکون منفیة (أو تقول) إنه لما بلغ إلی الواحد کان منفیا فی الستة المتخلفة فلما قال إلا اثنین کان مستغرقا و مقتضی القاعدة رجوعهما معا إلی السابق بل الثالث أیضا لأنه إن استثنی من الثانی أو من المجموع منه و من الأول استغرق و إنما یتم ما ذکروه إذا جعلنا جملة الأزواج مثبتة مستثنی منها و جملة الأفراد منفیة مستثناة و یکون جملة الکلام بمنزلة إقرار واحد بخمسین استثنی منه تسعة و أربعون و یصیر جملة الکلام فی قوة قوله له علی عشرة تخرج منها تسعة و یضم إلیها ثمانیة و یخرج منها سبعة و یضم إلیها ستة من دون نظر إلی استغراق التالی لمتلوه و هذا لا یتمشی علی القواعد المقررة فی تعدد الاستثناء و ینافی ما قرروه فیما إذا بدئ الاستثناء بالواحد و ضمه بالتسعة فإنهم جعلوا الثلاثة الأول منفیة من حیث إن کل واحد مستغرق لما قبله (و قد أوضح) ذلک فی (جامع المقاصد) قال ما حاصله و لو قال له عشرة إلا واحد إلا اثنین إلا ثلاثة إلی التسعة بقی واحد فإن قیل الاستثناء الواقع بعد استثناء إن کان مستغرقا یسقط و لا شک أن الأربعة مستغرقة فإنه إن کان مما یلیه أو قبله من الاستثناءات فهی مستغرقة حتما و کذا إن کان راجعة إلی العشرة فإنه ما بقی منه إلا أربعة لرجوع کل الثلاثة إلیها لعدم صحة البعض عن البعض فیرجع إلی المستثنی منه کما هو مقتضی القاعدة قلنا إنه استثناء عن المجموع المرکبات من المستثنیات التی قبله و هی ستة فیصح إخراجه منها قال و إذا تعذر الاستثناء مما یلیه و مما قبله بانفراده و کذا عن المستثنی منه یرجع إلی مجموع المستثنیات فبعد الإخراج تثبت الثمانیة لأن أربعة کانت باقیة فی العشرة و أربعة أخرجت من الستة المنفیات بقیت الثمانیة مثبتة و ضابطة المصنف تصح فی هذه الصورة فإن المثبتات ثمانیة و عشرون فإنها قد عرفت أنها الأزواج و هی ثلاثون و قد صار اثنان من المنفیات حیث أخرجت أیضا من العشرة فبقی ثمانیة و عشرون و قد کانت المنفیات هی الأفراد خمسة و عشرین و ضم إلیها اثنان فصار سبعة و عشرین و إذا حذفت الثانیة من الأولی یبقی واحد و هو ظاهر فیکون الضابط بحذف المنفیات مطردة و لکنه مجمل غیر مبین کیفیة الإرجاع فی کل واحد إلی آخر ما ذکر فی القاعدة (هذا حاصل) ما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 304
..........
______________________________
ذکره مع إیضاح و بیان فیه (و فیه) أولا أنه لا یتأتی فیه الطریق الثالث إذ لا یمکن إسقاط الأخیر مما یلیه لأنه یزید علیه ثم إن إرجاع الاستثناء إلی المرکب من المجموع بعد تعذر إرجاعه إلی کل واحد واحد مما یلیه و المستثنی منه لیس بمعلوم لأن الظاهر رجوع الاستثناء إلی لفظ معین لا إلی ما یعتبره العقل و یجعله شیئا واحدا فإن ذلک غیر متعارف و لیس بمعلوم وقوعه فی الکلام و إن کان ذلک سببا لإخراج الکلام عن اللغو فلا یکون به بأسا إلا أنه ما ورد فی المتعارف لکنا نحن نستلزم الاستثناء من المجموع المرکب فی مثل له درهم و درهم إلا درهما و سننقل عن العضدی علی ذلک فی مثله و (کیف کان) فلا یتم فی مثل إلا خمسة فإنه لیس مستثنی من العشرة و لا مما قبله بلا فصل و لا من المرکب بل من المجموع الحاصل المثبت من عشرة و استثناء إلا أربعة مما تقدمه غیر أنه فی الحقیقة استثناء من العشرة فإن حاصله له علی ثمانیة بعد مجموع الاستثناء إلا خمسة فالاستثناء یکون تارة من العشرة و تارة من جمیع ما تقدم و تارة مما حصل و من عشرة و مثله یجری فی مثل الاثنین فی صورة الوصل لأن ما قبله بمنزلة ما له علی خمسة فیصح إلا اثنان و هکذا إلا أنه لا یتم فی إلا ثمانیة فی الصورتین بوجه من الوجوه لأنه لا یمکن إرجاعه إلی ما یلیه منفردا و لا مرکبا مما قبله و لا من المجموع المنفی الذی هو الثمانیة فهی مستغرقة و لا یمکن جعله مستثنی من الاثنین المثبتین بالطریق الأول و إرجاعه إلی المرکب من المثبت و المنفی و هو عشرة غیر معقول لأن إرجاع استثناء واحد بعضه إلی منفی و بعضه إلی مثبت غیر مستقیم (فقوله) فی (جامع المقاصد) فی بقاء واحد لو قال له علی عشرة إلا واحد إلا اثنین إلا ثلاثة إلی التسعة و إذا تعذر الاستثناء من الاستثناء السابق بلا فصل قدر الاستثناء منه و مما قبله و حینئذ فیکون الأربعة المستثناة مثبتة و قد بقی من العشرة أربعة و ذلک ثمانیة و بالاستثناء الخامس یبقی ثلاثة و بالسادس یصیر تسعة علی ما قررناه و بالسابع یبقی اثنان و بالثامن عشرة و بالتاسع واحد و لو عد إلی الواحد علی ما قررناه ثم إلی التاسع بقی واحد و طریق ذلک معلوم مما ذکر إلی أن قال و هو بحمد اللّٰه واضح (غیر واضح) کما قاله (المقدس الأردبیلی) لما عرفت و علی تقدیر صحة إرجاعه إلی المجموع لیس بمعلوم اشتراط تعذر إرجاعه إلی المستثنی منه و یمکن عدم اشتراطه أیضا إذ لیس صحة ما ذکره وقوفه علیه إلا أن مقتضی قولهم إذا تعذرت الاستثناءات رجع إلی المستثنی منه کونه راجعا إلیه بعد تعذر رجوعه إلی کل واحد واحد فإنه المتبادر و ذلک یقتضی عدم رجوعه إلی المرکب مع إمکان رجوعه إلی المستثنی منه و کأنه لعدم وضوح ذلک ما ذکر ذلک من عرفت و سیأتی أنه لو قال له علی ثلاثة دراهم إلا درهما إلا درهما إلا درهما إن الاستثناء الثالث باطل و لو صح ما نحن فیه لصح أن یقال إن الثالث یحتمل أن یکون مستثنی عن مجموع الدرهمین فیبقی واحد و لذلک لم یلتفت نجم الأئمّة إلی ما ذکره الجماعة من أن القائل بعد ما قال إلا واحدا إذا قال إلا اثنین إلا ثلاثة و هکذا إلی التسعة لزمه واحد لعدم جریانه علی القواعد إذا لم یؤول و جعل کل استثناء مما یلیه بظهور بطلانه و هو استثناء الأکثر من الأقل و أما إذا أول و قلنا إن قوله إلا اثنین راجع إلی الخمسة المنفیة عند قوله إلا واحد فلأنه یلزم الاستثناء المستغرق عند قوله إلا ثمانیة فیکون باطلا و یکون الواجب اثنین فلم یمکن بیان وجوب الواحد بذلک الطریق و هو أن تجمع جمیع المثبتات صعودا و نزولا و ذلک خمسون و تجمع جمیع المنفیات فیهما و ذلک تسعة و أربعون فإذا أسقطنا المنفیات من المثبتات بقی واحد لکن قال (نجم الأئمّة) فی الضابط الذی ذکره المصنف و الجماعة من حذف المنفیات الأفرادیات من المثبتات الأزواج هذا و إن کان طریقا حسنا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 305
و لو قال له عشرة إلا اثنین و إلا واحدا فهو إقرار بسبعة (1) و لو قال له عشرة إلا اثنین إلا اثنین لزمه ستة (2) و لو قال له ألف إلا درهما فإن سوغنا المنفصل طولب بتفسیر الألف و قبل إذا بقی بعد الاستثناء شی‌ء و لو لم یبق احتمل بطلان التفسیر أو الاستثناء و إلا فالجمیع دراهم (3)
______________________________
فی إظهار المطلوب لکنه لم یعلم منه کون تلک الاستثناءات المتعاقبة واردة علی مقتضی قواعد النحو من کون کل استثناء راجعا إلی ما قبله ذکر ذلک فی الحاشیة علی ما حکی عنه ره هذا جمیع ما ذکر فی (المسالک) و (مجمع البرهان) و (نهایة المرام) فالحق أن ذلک یتمشی علی القواعد المقررة علی ملاحظة الأبعاض بدخول الاثنین علی الخمسة الباقیة و قولهم لا یجوز أن تکون الاثنان مستثنی من الواحد لکونه مستغرقا له ممنوع إذ الاستغراق هنا غیر مضر لأنه إنما یضر عند الإخراج لا الإثبات و وقوع إلا اثنین بعد الواحدة المنفیة یقتضی کونه ثابتا لا منفیا و لذلک اتفقوا علی أن الاثنین من الجمل المثبتة و الخمسة الثانیة لیست هی المستثنی منه للاثنین حتی یلزم خروجهما منها بل هی باقیة و الاثنان یدخلان علیها کنظائره و ذلک لأن إلا إذا وقعت بین جملتین تفید بحسب الأصل تخالفهما فی النفی و الإثبات و کون المستثنی مخرجا دل (کذا) المستثنی منه لیس کلیا بل فی کل جملة منفیة إخراج و إثبات فالإخراج هو الأصل فیها و الإثبات لازمها و الجمل المثبتة إنما تفید الإثبات خاصة فیدخل المثبت فی لازم سابقه من النفی و ذلک مع ملاحظة ما بقی من المجموع أعنی العشرة فی المثال فالاثنان یدخلان فی الخمسة الباقیة فی ذمة المقر بعد قوله إلا واحدا بتوسطه و هو المستثنی منه بمعنی تخالفهما فی النفی و الإثبات و لا مانع منه أصلا کما لا مانع من دخول الثمانیة المثبتة فی الواحدة الثابتة بعد استثناء التسعة المنفیة من العشرة فی أول مرتبة النزول حتی یصیر الثابت تسعة و کذا نظائرها و علی هذا تصیر الخمسة سبعة بدخول الاثنین علیها و تخرج عنها الثلاثة فیبقی أربعة و تدخلها الأربعة فتصیر ثمانیة و هکذا و لا یقف الاستثناء إلی آخرها
(قوله) (و لو قال له عشرة إلا اثنین و إلا واحدا فهو إقرار بسبعة)
لأنه قد تقدم النقل عن عشرة کتب منها الکتاب أن الاستثناء المکرر مع حرف العطف یعود إلی المستثنی منه فإذا أخرجنا من العشرة ثلاثة یبقی سبعة
(قوله) (و لو قال له عشرة إلا اثنین إلا اثنین لزمه ستة)
و قد صرح بذلک جماعة کثیرون لأنه قد تقدم عن اثنی عشر کتابا أنه لو زاد اللاحق عن السابق أو ساواه یعود الاستثناء إلی المستثنی منه و قد استوفینا الکلام فیما یتعلق بذلک
(قوله) (لو قال له ألف إلا درهما فإن سوغنا المنفصل طولب بتفسیر الألف و قبل إذا بقی بعد الاستثناء شی‌ء و لو لم یبق احتمل بطلان التفسیر أو الاستثناء و إلا فالجمیع دراهم)
یرید أنا إذا سوغنا الاستثناء المنقطع إما حقیقة أو مجازا طالبنا المقر فی المثال بتفسیر الألف فإذا فسرها بألف جوزة أو بیضة أو نبقة قبل منه إذا بقی بعد الاستثناء شی‌ء و لو لم یبق احتمل بطلان التفسیر فیطالب بغیره أو الاستثناء فیلزم بالجوز الذی أقر به من دون نظر إلی الاستثناء (و قد ذکر) ذلک کله فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (المختلف) و (المسالک) و کذا (جامع الشرائع) و (النافع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (الحواشی) و (اللمعة) و (الروضة) و (نهایة المرام) أما (الجامع) و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 306
..........
______________________________
(النافع) و (اللمعة) و (الروضة) و (نهایة المرام) و کذا (کشف الرموز) و (التنقیح) فإنها ذکر فیها مثل ذلک فی مثل المثال و هو له ألف إلا ثوبا و ما زاد (کاشف الرموز) فی مثال الکتاب علی أنه یرجع فی تفسیر الألف إلیه فقد سلم فیه مما ستسمع لکنه لم یسلم منه فی مسألة إلا ثوبا و (أما التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) فإنها ذکر فیها أنه إن أخبر أنه لم یرد المتصل قبل و طولب بالتفسیر و هو کلام غیر جید لأنه لو کان المنفصل جائزا و التفسیر مقبولا لا ینبغی أن یکون ذلک موقوفا علی دعواه الانفصال کما مر فی نظائره (و لذلک) لم یقید فی (الکتاب) و (المبسوط) بقوله لو قال أردت الانفصال و ستسمع کلام (التحریر) و غیره فی مسألة له ألف إلا ثوبا قریبا (و قد اختلفت) هذه الکتب فی (أمرین) آخرین (أحدهما) أن المصنف هنا لم یرجح أحد الاحتمالین کما لا ترجیح لأحدهما فی (المبسوط) و و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و فی (المختلف) أن الوجه بطلان التفسیر و یطالب بغیره و (به جزم) فی (الإرشاد) و عن أبی علی فی (المختلف) أنه اختار بطلان الاستثناء و فی (الإیضاح) أنه أصح و فی (الدروس) أنه أقرب و فی (جامع المقاصد) و (الروضة) أنه أقوی و فی (المسالک) أنه أظهر و فی (نهایة المرام) أنه لا یخلو عن بعد (قلت) بطلان التفسیر أشبه بأصل البراءة و أوفق بقواعد الباب و الاستصحاب بمعنیین أحدهما سبق الحکم بصحة الاستثناء و عبارة اللمعة محتملة لبطلان أحد الأمرین من دون تعیین لکنه فسرها فی (الروضة) ببطلان الاستثناء (الثانی) من الأمرین أن المصنف قال هنا و إن لم نسوغ المنفصل فالجمیع دراهم و هو خیرة (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (الدروس) و غیرها و قال فی (الإیضاح) لا یکون الجمیع دراهم و فی (الحواشی) أن الأقوی أنه یؤمر بالتفسیر و لا ترجیح فی (المبسوط) (و ما) فی (الحواشی) هو الأقوی لاحتمال الانفصال الجائز و لو مجازا معتضدا بالأصل و قواعد الباب فالاحتیاط یقضی بعدم الإلزام بل الاستفسار إن أمکن و إلا فلا نحکم بکون الکل دراهم و إن کان احتمال المجاز بعیدا نادرا کما تقدم مرارا إلا أنه قد یرده ما ستسمع عن العضدی و غیره إلا أن تقول إنه علی تقدیر الاتصال لا یتعین کون الکل دراهم لأنه قد تکون الألف جوزا مع الدرهمین (قال نجم الأئمّة) إن المتصل ما دخل فی المستثنی منه قبل إلا لفظا أو تقدیرا و المنفصل ما خرج قبله إلی أن قال فقد تبین أن المتصل لیس المستثنی من الجنس انتهی و لعله یرید أنه قد یکون له علیه ألف جوزة فیدفع إلیه درهما قضاء و لا یحاسبه علیه فله أن یقول له علی ألف إلا درهما فیکون الاستثناء متصلا و لا یکون الألف کلها دراهم فتأمّل (و قد قال جماعة) کثیرون مثل ذلک فیما إذا قال له علی ألف درهم إلا ثوبا کما عرفت و ستعرف لکنه منهم جمیعا غریب فی المثالین بل المثل الثلاثة أعنی ألف إلا درهما و ألف إلا ثوبا و ألف درهم إلا ثوبا لأنهم صرحوا فی کتب النحو و المعانی و البیان و الأصول و التفاسیر أن الاستثناء إذا کان منقطعا و منفصلا تکون إلا بمعنی لکن و أن لیس هناک إخراج إذ لا دخول أصلا قال العضدی فإذا ساغ المنفصل حقیقة وجب الحمل علیه و کان ما قبل إلا بحاله و لا معنی لقولهم و قیل إذا بقی بعد الاستثناء شی‌ء و کذا إذا ساغ مجازا و قبلناه لأنه لا إخراج أصلا و لا وجه لتقدیر القیمة أصلا قال العضدی اعلم أن الحق أن المتصل أظهر فلا یکون مشترکا أی لفظیا و لا للمشترک أی لیس موضوعا للقدر المشترک حتی یکون معنویا بل حقیقة فیه و مجاز فی المنقطع فلذلک لم یحمل علماء الأمصار علی المنفصل إلا عند تعذر المتصل حتی عدلوا عن الظاهر و خالفوه و من ثمة قالوا فی قوله له عندی مائة درهم إلا ثوبا و له علی إبل إلا شاة معناه قیمة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 307
و لو قال له علی ألف درهم إلا ثوبا فإن منعنا المنقطع وجب الألف و إلا طولب بذکر قیمة الثوب فإن استوعب بطل التفسیر فیطالب بغیره أو الاستثناء علی الاحتمال (1)
______________________________
الثوب و قیمة الشاة فیرتکبون الإضمار و هو خلاف الظاهر لیصیر متصلا و لو کان فی المنقطع ظاهرا لم یرتکبوا مخالفة الظاهر انتهی و فیه مبالغة شدیدة (و قد سمعت) فیما تقدم ما حکیناه عن (نهج الوصول) و ابن الحاجب من نسبة ذلک إلی علماء الأمصار و ما حکیناه عن (التذکرة) فقد علم أن الإخراج و تقدیر القیمة أنما یذکرونهما علی تقدیر الاتصال لکن لا یصح المتصل بمجرد تقدیر القیمة فی المستثنی بل لا بد من جعلها دراهم و لا بد من تقدیر القیمة أیضا فی المستثنی منه فی قوله له علی إبل إلا شاة و الأمر فی ذلک کله سهل لکن الخطب فی غفلة العلماء الکبار من الخاصة و العامة کما ستسمعه أیضا فی قوله ألف درهم إلا ثوبا عن هذه القاعدة الإجماعیة القطعیة و لا أجد لکلامهم تأویلا إلا بأن یقال فی المثال أعنی قوله له ألف إلا درهما إن المقر قال بالانفصال مع إرادة الإخراج مع التجوز و أما فی مثل له ألف إلا ثوبا علی تقدیر تجویز المنفصل فللإجماع من علماء الأمصار علی تقدیر القیمة لرجحان الحقیقة و إن کان الإضمار مخالفا للأصل مع ملاحظة الضابطة أی أصل البراءة و الأصل فتأمّل و أما علی تقدیر عدم تجویز المنفصل فلا بد أن یحمل کلامهم الآتی کما ستسمع علی أنه صرح بإرادة الانقطاع علی تقدیر منعه و إرادة الإخراج فلیلحظ ما یأتی من کلامهم فی مسألة ألف درهم إلا ثوبا (و من الغریب) ما وقع فی (التذکرة) فإنه قال مسألة الاستثناء حقیقة فی الجنس مجاز فی غیره لتبادره إلی الفهم و لأن الاستثناء إخراج و إنما یتحقق فی الجنس و فی غیره یحتاج إلی تقدیر و مع هذا إذا استثنی من غیر الجنس سمع منه و قبل و کان علیه ما بعد الاستثناء فإذا قال له علی ألف إلا ثوبا أو إلا عبدا صح عند علمائنا و قال إذا ثبت صحة الاستثناء من غیر الجنس وجب فی المثال المذکور أن یبین قیمة الثوب و قیمة العبد و حکی مثل الاحتمالین مع استیعاب التفسیر عن الشافعیة و هو لا یکاد یوافق القوانین کما عرفت و ستعرف عند الکلام فی المسألة الآتیة
(قوله) (و لو قال ألف درهم إلا ثوبا فإن منعنا المنقطع وجب الألف و إلا طولب بذکر قیمة الثوب فإن استوعب بطل التفسیر فیطالب بغیره أو الاستثناء علی الاحتمال)
هذا عین ما فی (الشرائع) من دون تفاوت و کذا (الدروس) بل و (الإرشاد) و معنی منع المنقطع فی العبارة بطلان الاستثناء کما صرح به فی (الشرائع) و هو معنی ما فی (المبسوط) و نحو ذلک ما فی (الغنیة) و (السرائر) و (النافع) و (اللمعة) و (الروضة) لکن فیها ألف إلا ثوبا من دون إضافة الألف إلی الدرهم و قد سمعت آنفا ما فی (التذکرة) و قد أوضح ذلک فی (التحریر) فقال لو قال ألف درهم إلا ثوبا فالاستثناء منقطع فیطالب بالبیان لقیمة الثوب فإن بقی بعد القیمة شی‌ء صح الاستثناء و إلا احتمل الوجهان انتهی (و فیه) أنه إذا کان الاستثناء منقطعا فلا حاجة إلی المطالبة ببیان قیمة الثوب و لا إلی أن یبقی بعد القیمة شی‌ء کما عرفت آنفا لأن إلا و ما بعدها منقطعان حینئذ عما قبلها أجنبیان عنه و إلا بمعنی لکن مستعملة فی غیر موضوعها فلا یتم ما ذکروه علی القوانین (ثم) إن هناک إشکالا آخر و هو أن منع المنقطع لا یقتضی إلغاء الاستثناء و بطلانه لإمکان أن تضمر فی الاستثناء لفظ قیمة فیصیر متصلا و قد سمعت حکایته عن علماء الأمصار و تسویغه و إن کان علی وجه المجاز فالإضمار أولی من جعله منقطعا لأنه لا مخالفة فیه للأصل إلا بالإضمار و لا کذلک لو کان منقطعا لأن فیه مخالفة فی وضع إلا و فی کون بعدها أجنبیا عما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 308
و لو قال له ألف إلا شیئا کلف تفسیرهما (1) و لو قال له ثلاثة إلا ثلاثة بطل الاستثناء (2) و کذا له درهم إلا درهما (3) و لو قال له درهم و درهم إلا درهما قیل إن حکم بعوده إلی الأخیرة بطل و الأصح و لیس بمعتمد (4)
______________________________
قبلها فلا بد أن یحمل کلامهم علی أنه صرح بإرادة الانقطاع علی تقدیر منعه و إرادة الإخراج کما تقدم آنفا فیندفع الإشکالان فلیتأمّل جیدا فیه بالنسبة إلا الاعتراض الثانی و قد سمعت کلام (الدروس) و و غیره فی المسألة حیث فرض المسألة فیما إذا أخبر عن إرادة الانفصال کما سمعت کلام هذه الکتب فیما إذا استوعب قیمة الثوب من بطلان التفسیر أو الاستثناء أو التوقف لأنهما من سنخ واحد
(قوله) (و لو قال ألف إلا شیئا کلف تفسیرهما)
کما فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) لأنه کما یصح الإقرار بالمجهول و استثناء المجهول یصح الجمع بینهما فإن فسرهما بجنس واحد فلا کلام و إن فسرهما مختلفین بأن جعل الألف جوزا و الشی‌ء درهما بنی علی صحة استثناء المنقطع و عدمه فإن أبطلناه صح تفسیر الألف و بطل التفسیر الثانی و إن صححناه حقیقة أو مجازا صحا معا عندنا و اعتبر فی الدرهم عدم الاستغراق عندهم فإن استغرق جاء فیه احتمال بطلان التفسیر أو الاستثناء و لو اقتصر علی تفسیر أحدهما فإن أبطلنا المنفصل أو جعلناه مجازا تبعه الآخر فی التفسیر (صرح) به (الشهیدان) و لنا فیه تأمّل علی تقدیر المجازیة کما مر و لو أخبر بإرادة المنفصل ففی قبوله ما تقدم هذا و لو کانا مجهولین من کل وجه کما إذا قال له شی‌ء إلا شیئا أو مال إلا مالا حمل علی أقل متمول فیکون الأول زائدا علی أقل متمول و بالاستثناء ینقص ذلک الزائد و قالت (الشافعیة) فی أحد الوجهین هذا مستوعب فیبطل الاستثناء و یجب أقل متمول و هو موافق فی الحکم و مخالف فی التقریر و (تظهر الفائدة) أنه علی القول الثانی لا یحتاج إلی تفسیر اللفظ الثانی و لا کذلک الأول و یترتب علیه الاستثناء من الجنس و غیره و استغراق الاستثناء و عدمه ثم إن الشی‌ء و المال من الألفاظ المتواطئة الصالحة للکثیر و القلیل فجاز أن یکون الشی‌ء الأول مساویا و غیر مساو فلا وجه لتخیل الاستغراق
(قوله) (و لو قال له ثلاثة إلا ثلاثة بطل الاستثناء)
أی إذا أراد ثلاثة دراهم إلا ثلاثة دراهم لمکان الاستیعاب و الاستغراق و قد نص علیه الجماعة و أما إذا أطلق الثلاثة فأقوی الوجهین أن الاستثناء لا یبطل لأن الاستغراق و عدمه إنما یتحقق بعد تعیین الثلاثة فی کل من المستثنی و المستثنی منه فإن فسر بالمستوعب اطرد الوجهان
(قوله) (و کذا له درهم إلا درهما)
________________________________________
عاملی، سید جواد بن محمد حسینی، مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلاّمة (ط - القدیمة)، 11 جلد، دار إحیاء التراث العربی، بیروت - لبنان، اول، ه ق

مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)؛ ج‌9، ص: 308
أی یبطل الاستثناء لمکان الاستغراق الممنوع بالاتفاق
(قوله) (و لو قال درهم و درهم إلا درهما قیل إن حکم بعوده إلی الأخیرة بطل و إلا صح و لیس بمعتمد)
القائل بالتفصیل المذکور الشیخ فی (المبسوط) و ابن إدریس فی (السرائر) من دون ترجیح فیهما لکنهما یذهبان إلی أنه یرجع إلی الأخیرة و قد حکاه فی (الشرائع) بقوله فإن قلنا الاستثناء یرجع إلی الجملتین کان إقرارا بدرهم و إن قلنا یرجع إلی الخیرة و هو الصحیح کان إقرارا بدرهمین و بطل الاستثناء انتهی فقد اختار البطلان لاختیاره رجوعه إلی الأخیرة و هو خیرته فی (النافع) و تلمیذه فی (کشف الرموز) و هو الظاهر من الکتاب بقرینة اختیاره بطلان الاستثناء علی کل من
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 309
..........
______________________________
التقدیرین فی (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (التبصرة) و (المختلف) و هو خیرة ولده فی (الإیضاح) و (شرح الإرشاد) و المقداد فی (التنقیح) و السید فی (نهایة المرام) و ذهب الشیخ فی (الخلاف) إلی أنه یلزمه درهم و هو خیرة (الدروس) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) و کذا (مجمع البرهان) و قد استند کل من هؤلاء فیما ذهب إلیه إلی ما تسمعه و قد نسب فی (الریاض) إلی (الخلاف) خیرته أنه یلزمه درهمان و الموجود فیه و المحکی عنه ما حکیناه عنه و وجه ما فی (المبسوط) أنه علی القول بعود الاستثناء إلی الأخیرة یکون مستوعبا فیبطل الاستثناء بل فی (الإیضاح) أنه یبطل قطعا و هذه الکلمة تجری من مثله مجری الإجماع و تنفع فیما ستسمع و أنه علی القول برجوعه علی الجمیع یکون فی قوة له درهمان إلا درهما و قال فی (جامع المقاصد) إن هذا البناء من الشیخ غیر ظاهر لأن الاستثناء أنما یختص بالأخیرة إذا لم یستغرق و أما معه فیجب عوده إلی الجمیع کما یجب عوده إلی المستثنی منه لو کان مستغرقا للاستثناء و وجهه أن قرینة المقام تقتضی عوده إلی الجمیع و الاختصاص بالأخیرة أنما هو مع عدم القرینة و لیس عود الاستثناء إلی الأخیرة خاصة علی القول به لکونه حقیقة فی ذلک فیمتنع حمله علی المجاز بدون قرینة سوی امتناع الحمل علی الحقیقة فإن ذلک لا یکفی فی التجوز بل لا بد من أمر آخر یدل علی إرادة المجاز لجواز الغفلة عن تعذر الحقیقة و عدم إرادة المجاز بل لأن مخالفة الأصل مع العود إلی الأخیرة أقل فإذا عارضه أمر آخر مخالفته للأصل أکثر و هو إلغاء الاستثناء و جعله هذرا تعین ارتکاب العود إلی الجمیع انتهی حاصل کلامه (و لعله) لم یحرر محل النزاع فی المقام لأنه قد تقدم منا أن القائل برجوعه إلی الجمیع إنما یقول برجوعه إلی کل واحدة واحدة لأنه وضع وحدانی و لا شک أنه حینئذ مستغرق لکل واحد واحد فلا یصح استثناؤه منه و جعل المجموع أمرا مرکبا فیرجع إلیه لیس مرادا له جزما و إن القائل برجوعه إلی الأخیرة یقول بأنه حقیقة فیها کما تقدم بیانه و برهانه عند شرح قوله و الأقرب عود الاستثناء إلی الجملة الأخیرة و منه یعلم أن قول المبسوط و ما وافقه أنه علی القول برجوعه إلی الجمیع یصح الاستثناء و یلزمه درهم غیر موافق لما ذکروه فی تحریر محل النزاع و لا لقواعد الوضع و (منه یعلم) الوجه فی قول (الخلاف) و قد عرفت أن المحقق و تلمیذه الآبی و کذا المقداد بنوا بطلان الاستثناء علی القول برجوعه إلی الأخیرة و قد سمعت ما فی (الإیضاح) و هو کلام تام وجیه إلا أن یدفعه ما ستسمعه (و استند المصنف) و ولده إلی بطلان الاستثناء و إن قلنا بعوده إلی الجمیع إلی أن صحة الاستثناء تستلزم التناقض و الرجوع عن الاعتراف لورود الإقرار علی الدرهم بلفظ یفید النصوصیة فلم یصح إخراج أحدهما بعد أن نص علی ثبوته کما لو قال جاء زید المسلم و عمرو المسلم و خالد المسلم إلا زیدا بخلاف ما لو قال له درهمان إلا درهما فإنه قد یکون قد تجوز فی الدرهمین و أجیب فی (الدروس) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) بأن التجوز عن نصف الدرهم بدرهم صحیح لصحة قولنا له درهم إلا نصفه فکأنه استثنی من کل درهم نصفه و نصفا درهم درهم و ذلک لأن دلالة لفظ درهم علی مسماه لیست کدلالة زید العلم علی مسماه إذ لا یمکن أن یراد بالاسم بعض مسماه بخلاف إرادة البعض من الجمیع لصحة إطلاق اسم الکل علی الجزء مجازا فلا یلزم النقض بل غایته التجوز فی إطلاق کل من الدرهمین علی بعضه (لکن) فیه أن إطلاق الدرهم علی نصفه و نصفه علیه یکاد یسد باب الإقرار بل یبطل التفاهم و التخاطب فلا ینبغی فتح مثل هذا الباب مع أنه یصیر الاستثناء من غیر الجنس (ثم) إنه لم یعهد وقوع استثناء علی هذا الوجه فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 310
أما لو قال له ثلاثة و درهمان إلا درهمین فإنه یصح (1) و الأقرب صحة له درهمان و درهمان إلا درهمین لأن الاستثناء أنما یرجع إلی الأخیر لو لم یوجد قرینة الرجوع إلی الجمیع (2) و لو قال له ثلاثة إلا درهما و درهما و درهما احتمل قویا بطلان الأخیر و ضعیفا الجمیع (3)
______________________________
اللغة و لا فی العرف و (احتجوا) بأن واو العطف بمثابة ألف التثنیة عند النحاة و الأصولیین و بأن الاستثناء من العین صحیح مع قیام احتمال التناقض فیه و (نحن نقول) إن مقتضی قواعد العربیة و قوانین الاستثناء و أنه وحدانی أن لا یصح الاستثناء لتعذر رجوعه إلی الأخیرة و إلی الجمیع لما عرفت لکن مقتضی قواعد الإقرار و أنه یکفی فیه الاحتمال البعید و أن الأصل براءة الذمة و أن الأصل فی أقوال المکلف و أفعاله الحمل علی الصحة و أن الواجب أن یصان کلام العاقل عن اللغو و الهذر تقضی بکون المستثنی منه هو المجموع المرکب و إن کان خارجا عن ظواهر القوانین فیکون کقوله لا أکلت و لا شربت و لا نمت إلا باللیل کما تقدم بیانه من أن المراد ما فعلت هذه الأمور إلا باللیل فتأمّل و (قد) قال (العضدی) لو قال له علی خمسة و خمسة إلا ستة لکان للجمیع اتفاقا (و کیف کان) فصحة الاستثناء فی المسألة إن قلنا به إنما هو لما ذکرناه من الأمور الثلاثة لا لشی‌ء مما ذکروه لکن قد تقدم عند شرح قوله له عشرة دراهم إلا تسعة إلی آخره أن رجوع الاستثناء من المرکب المجموع غیر معلوم الوقوع و أن الظاهر رجوع الاستثناء إلی لفظ واحد معین إلی آخر ما ذکرناه هناک و لا بد من ملاحظة ما ذکرناه فی تحریر محل النزاع فی مسألة الاستثناء الواقع بعد الجمل و کیف کان فالقول بالصحة أشبه بالأصول و قواعد الباب کما سمعت
(قوله) (أما لو قال له ثلاثة و درهمان إلا درهمین فإنه یصح)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) لأن امتناع عوده إلی الأخیرة یعین رجوعه إلی الأولی عندنا و یکون فیه حقیقة و لا یجوز رجوعه إلی المجموع إذا أمکن غیره کما عرفت
(قوله) (و الأقرب صحة له درهمان و درهمان إلا درهمین لأن الاستثناء أنما یرجع إلی الأخیرة لو لم توجد قرینة الرجوع إلی الجمیع)
کما ذکر ذلک کله فی (التذکرة) و هو خیرة (جامع المقاصد) کما أنه لعله خیرة (الإیضاح) و قرینة الرجوع إلی الجمیع أنه لولاه لزم الإلغاء و الهذر مع أن رجوعه إلی الأخیرة علی القول به لیس لکونه حقیقة و قد عرفت الحال فی ذلک عند شرح قوله درهم و درهم إلا درهما و أنه بمعزل عن الصواب لکنه أشبه بالأصول فی قواعد باب الإقرار لا الاستثناء و الفرق بین المسألتین حیث قرب هنا الصحة و لم یعتمد القول بها هناک أن لفظ درهمین متعدد فیصح أن یقصد به بعضه بخلاف لفظ الدرهم فإنه متحد و لو أرید من الدرهم نصفه لکان الاستثناء من غیر الجنس کما نبهنا علیه فیما سلف
(قوله) (و لو قال له ثلاثة إلا درهما و درهما و درهما احتمل قویا بطلان الأخیر و ضعیفا الجمیع)
کما فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) لأن الأول و الثانی لا مانع من صحتهما لأنهما غیر مستغرقین و قد نفذا و إنما جاء الاستغراق من الاستثناء الثالث فوجب أن یختص بالبطلان و وجه الثانی أن واحدا واحدا غیر مستغرق و إنما المستغرق الجمیع و ضعفه ظاهر لما عرفت
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 311
و لو قال له ثلاثة إلا ثلاثة إلا درهمین احتمل بطلان الأول المستوعب و الثانی المتفرع علیه و بطلان الأول خاصة فیعود الثانی إلی المستثنی منه لبطلان ما بینهما فیلزمه درهم و صحتهما فیلزمه درهمان لأن ثلاثة إلا درهمین فی مقام درهم هو المستثنی من الإقرار (1) و الاستثناء من العین صحیح کقوله هذه الدار لزید إلا هذا البیت و هذا الخاتم له إلا فصه (2) و لو قال له هذه العبید إلا واحدا فله التعیین فلو ماتوا إلا واحدا فقال هو المستثنی قبل (3)
______________________________
(قوله) (و لو قال له ثلاثة إلا ثلاثة إلا درهمین احتمل بطلان الأول المستوعب و الثانی المتفرع علیه و بطلان الأول خاصة فتعود الثانیة إلی المستثنی منه لبطلان ما بینهما فیلزمه درهم و صحتهما فیلزمه درهمان لأن ثلاثة إلا درهمین فی مقام درهم هو المستثنی من الإقرار)
الثالث هو الحق کما فی (الإیضاح) و أقوی کما فی (جامع المقاصد) و لا ترجیح فی (التحریر) کالکتاب (و قد) بین الوجه فی الثالث المصنف بما حاصله من أن المستثنی و المستثنی منه کلام واحد لا یتم أوله إلا بآخره فلا یعتبر المستثنی الأول من دون اعتبار الثانی فکأنه قال له ثلاثة إلا ما یبقی من الثلاثة بعد استثناء درهمین منها فکان قوله ثلاثة إلا درهمین فی قوة درهم و قد تقدم لنا عند قوله الاستثناء المستوعب باطل تقییده بما إذا لم یتعقبه استثناء آخر و مثلناه بما إذا قال له مائة إلا مائة إلا تسعین و قد بنی فی (جامع المقاصد) الحکم فی المسألة علی ما اختاره المصنف و (نجم الأئمّة) و جماعة فی دفع التناقض من أن الإخراج سبق الحکم بالثبوت فی مثل قوله له عشرة إلا درهما و لا حاجة بنا إلیه لأن الظاهر تسالم أصحاب الأقوال الثلاثة فی المسألة الأصولیة علی الصحة لأن الاحتمالین الأولین ضعیفان جدا مع ما یرد علی القول المذکور من المفاسد الکثیرة منها أنه یستلزم أن لا یکون الاستثناء من النفی إثباتا کما یقوله الحنیفة و لا من الإثبات نفیا و أنه لو أشار إلی عشرة مجتمعة شخصیة تعین الإخراج عن الحکم المتعلق بالمجموع إذ المفروض أنه لا یرید أن یخرج أشخاص الثلاثة من جملة العشرة بل المراد إخراجها عنها بحسب الحکم ثم إن الأکثرین و منهم صاحب المفتاح علی ما حکی عنه علی أن المراد أن العشرة السبعة و حرف الاستثناء قرینة المجاز لنکتة کما حرر فی محله
(قوله) (و الاستثناء من العین صحیح کقوله هذه الدار لزید إلا هذا البیت و هذا الخاتم له إلا فصه)
قد صرح بکون الاستثناء من العین صحیح فی (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (الدروس) و (الحواشی) و (مجمع البرهان) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (ظاهر) الأخیرین و (التذکرة) کما یأتی فی العبید إلا واحدا الإجماع علیه و إنما خالف بعض الشافعیة فی ذلک فقال الاستثناء المعتاد أنما هو من الأعداد المطلقة لا الأعیان و قد ذکر هذان المثالان فی الجم الغفیر من هذه الکتب و إنما خلا عنها واحد أو اثنان و مثلوه أیضا بله هذا القمیص إلا کمه و هذه الدراهم إلا هذا الواحد أو هذه العبید إلا واحدا و فی التلخیص لو قال هذا البیت إلا بناءه بطل و لعله لأنه یمتنع انفصاله عن البیت فکان کالید من العبد لأن شرط الاستثناء من العین أن یکون مما یمکن انفصاله حسا أو حکما (و کیف کان) فالوجه فی ذلک أن الاستثناء من الأعیان حینئذ کالاستثناء من الأعداد المطلقة من دون تفاوت
(قوله) (و لو قال له هذه العبید إلا واحدا فله التعیین فلو ماتوا إلا واحدا فقال هو المستثنی قبل)
ظاهر (التذکرة) الإجماع علی جواز کون المستثنی من العین غیر معین و ظاهر الکتاب و ما وافقه کما ستسمع أن ذلک أمر مسلم مفروغ منه للعموم و یرجع إلیه فی تعیین المبهم من المستثنی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 312
و لو قال له علی عشرة إلا درهم بالرفع لزمه العشرة و لو قال ما له عندی عشرة إلا درهم فهو إقرار بدرهم و لو نصب لم یکن إقرارا بشی‌ء (1)
______________________________
کما یرجع إلیه فی تعیین المبهم من الإقرار (و کیف کان) فقد صرح بجمیع ما فی الکتاب (فی الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) لأنه المقر به منهم لا یعلم إلا بتفسیره و نسبة الإقرار إلی کل واحد منهم علی السواء فإذا فسر قبل لأصالة البراءة مما سوی ما فسر به سواء عین الحی أم المیّت و من أبطل التعیین لبعد موت الجمیع سوی المستثنی فهو متحکم لأن التجویز قائم و التعیین إلیه فإن لم یصدقه المقر له لم یکن له سوی إحلافه
(قوله) (و لو قال له علی عشرة إلا درهم بالرفع لزمه العشرة و لو قال ما له عندی عشرة إلا درهم فهو إقرار بدرهم و لو نصب لم یکن إقرارا له بشی‌ء)
کما صرح بذلک کله فی (المبسوط) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (شروحه الثلاثة) و (تعلیقه) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و إن تأمّل بعضهم فی مدرک عدم لزوم شی‌ء علیه فی صورة النصب و النفی کما إذا قال ما له علی عشرة إلا درهما کما ستسمع لکن نجم الأئمّة نسب ذلک فی حاشیة علی شرحه علی ما حکی عنه إلی الفقهاء و ظاهره من الخاصة و العامة (و وجه) لزوم العشرة تامة فی له علی عشرة إلا درهم بالرفع أن إلا هنا صفة بمعنی غیر قال فی المغنی إنه لا یشترط وقوعها بعد جمع و حکی عن سیبویه لو کان معنا رجل إلا زید لغلبنا و حکی عن النحاة أنه إذا قال له عندی عشرة إلا درهما فقد أقر له بتسعة فإن قال إلا درهم فقد أقر له بعشرة قال و سره أن المعنی حینئذ عشرة موصوفة بکونها غیر درهم (قلت) و علیه قوله تعالی لَوْ کٰانَ فِیهِمٰا آلِهَةٌ إِلَّا اللّٰهُ لَفَسَدَتٰا و قول الشاعر و کل أخ مفارقه أخوه لعمر أبیک إلا الفرقدان و إن قلنا إنه فی هذه الصورة مرفوع علی البدل فکأنه قال له علی عشرة درهم و البدل یوجب الأکثر من المبدل و المبدل منه فیلزمه العشرة لأنه الأکثر لکن الأول أقرب عند النحاة و فیه أن ضابطة الإقرار و أصل براءة الذمة مع احتمال الغلط أو نسیان القوانین العربیة أو الجهل بها کما ستعرف به فی (جامع المقاصد) فی الاستثناء بغیر کما ستسمع و احتمال کونه منقطعا بمعنی لکن درهم لیس له عندی مما تقضی بالتأمّل فی ذلک لکنا لم نجد خلافا من الفقهاء و النحاة فتأمّل و لا ریب أن أهل العرف یفهمون من قوله له عشرة إلا درهم الاستثناء و لا ینظرون إلی حال الإعراب کما یأتی فی غیر و لذلک تأمّل فی ذلک المقدس الأردبیلی (و أما الوجه) فی الإقرار بدرهم إذا قال ما له عندی عشرة إلا درهم بالرفع فلأن رفع المستثنی دلیل علی کون العشرة منفیة فیکون الدرهم مثبتا لأن رفع المستثنی مع کون المستثنی منه مذکورا أنما یکون فی الاستثناء من غیر الموجب و هذا مما لا تأمّل فیه لأحد و أما عدم الإقرار بشی‌ء لو نصب فقد وجهه (الشهید) فی (غایة المراد) و (المحقق الثانی) و (الشیخ الرضی) و غیرهم بأن النفی دخل علی مجموع المستثنی و المستثنی منه فکأنه قال المقدار الذی هو عشرة إلا درهما لیس له علی أو کأنه قال لیس له علی تسعة و (قد اعترضهم) (الشهید الثانی) و (المولی الأردبیلی) بأنه یجوز النصب و یختار البدل (قلت) و قد قرأ ابن عامر ما فعلوه إلا قلیلا و إن سیبویه روی عن یونس و عیسی جمیعا أن بعض العرب الموثوق بعربیتهم یقول ما مررت بأحد إلا زیدا و ما أتانی أحد إلا زیدا و عن (الشیخ الرضی) فی حاشیته أن فی الفرق نظر لأن البدل و النصب علی الاستثناء کلاهما استثناء و لا فرق بینهما اتفاقا و لا أدری صحة ما قاله الفقهاء من الفرق و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 313
و لو قال هذه الدار لزید و هذا البیت لی فهو کالاستثناء (1) و لا فرق بین أدوات الاستثناء مثل له علی عشرة سوی درهم أو لیس أو خلا أو عدا أو ما خلا أو ما عدا أو لا یکون أو غیر درهم بالنصف و لو رفع فهو وصف إن کان عارفا و إلا لزمه تسعة (2)
______________________________
لعلهم تخیلوا أن الأصل فی الکلام هو الإثبات و النفی طار علیه فإذا قلت إلا درهما بالنصب کان الاستثناء راجعا إلی المثبت فکأنک قلت له علی عشرة إلا درهما و یصیر حاصله أن له علیک تسعة فإذا أدخلت النفی کان المعنی لیس له علی هذا المقدار فلا یلزمک شی‌ء کما صرحوا به انتهی (و قد استندوا) مع ذلک إلی ضابطة الإقرار و أصل براءة الذمة فإذا احتمل اللفظ الأمرین لم یتعین أحدهما و الأصل براءة الذمة من لزوم شی‌ء مع القاعدة خصوصا من غیر الفارق لکنهم فی المسألة الأولی و فی غیرها لم یلتفتوا إلی الأصل و الضابط
(قوله) (و لو قال هذه الدار لزید و هذا البیت لی فهو کالاستثناء)
فی کون المقر به هو الدار سوی البیت کما صرح به فی (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) لأن إقراره بالدار لیس صریحا فی کون جمیع البیوت له فلیس فی قوله و هذا البیت لی إنکار لما أقر به و لا رجوع لأن المقر به هو ما بعد البیت و الکلام إنما یتم بآخره و لعل الأصل فیه بعد ذلک الأصل و ضابطة الإقرار و قد قیده الشیخ و جماعة کالمحقق بما إذا لم یفصل بسکتة طویلة و بما إذا اتصل بالکلام و لعله علی ما وجهنا به لا یحتاج إلی هذا القید فتأمّل و وجه فی (المبسوط) و (التذکرة) و (الإرشاد) بأنه بمنزلة الاستثناء و أبین منه فی إخراج بعض ما یتناوله اللفظ لأنه صریح بمعنی الاستثناء و قد سمعت ما فی الکتاب و (لعله) لذلک قال فی (المسالک) إن إلحاق هذه الأمثلة و نظائرها بالاستثناء حقیقة أو حکما مبنی علی تعریف الاستثناء فمن عرفه بأنه إخراج بإلّا و أخواتها فما ذکر لیس باستثناء لکنه فی حکمه فی أن الکلام لا یتم إلا بآخره و من عرفه بأنه الإخراج بإلّا أو بما کان نحو إلا فی الإخراج لیدخل فیه هذه الأمثلة و نظائرها فتکون کلها من أفراد الاستثناء و لا إشکال فی قبول الإخراج علی التقدیرین إنما الکلام فی مدرکه هل هو الاستثناء أو أمرا آخر انتهی و أنت خبیر بأن لفظ الاستثناء لم یرد فی خبر و الإجماع لم ینعقد علیه و إنما انعقد علی حکمه و لم نعرف من فسر الاستثناء بالتعریف الثانی و قد عرفت المدرک و أنه أمر آخر و قد سمعت ما فسرنا به عبارة الکتاب و نظیر مثال الکتاب الخاتم له و الفص لی و له ألف و أحط منها مائة أو استثنی منها مائة و نحو ذلک
(قوله) (و لا فرق بین أدوات الاستثناء مثل له علی عشرة سوی درهم أو لیس أو خلا أو عدا أو ما خلا أو ما عدا أو لا یکون أو غیر درهم و لو رفع فهو وصف و إن کان عارفا و إلا لزمه تسعة)
کما نص علی ذلک کله فی (التذکرة) و (التحریر) و فی (جامع المقاصد) أن عدم الفرق بین أدوات الاستثناء ظاهر لإفادة کل منها ما یفیده إلا و قد تقدم أن الاستثناء غیر مناف للإقرار فلا یختلف فیه الحال باختلاف أدواته و من المعلوم أن إعراب غیر إذا کانت للاستثناء کإعراب ما بعد إلا فإذا قال عشرة غیر درهم بالنصب کانت للاستثناء إذ لو استثنی بإلّا فقال إلا درهما لوجب النصب فلو رفع فی مثل ذلک امتنع أن یکون للاستثناء بل یکون وصفا فتجب العشرة و فی (جامع المقاصد) أن هذا إذا کان عارفا بالقانون العربی و إلا لزمه تسعة لأن مثل ذلک یراد به الاستثناء عرفا و لا ینظر إلی حال
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 314
و یشترط فی الاستثناء کله الاتصال (1) و لو قال لزید ستة إلا نصف ما لبکر و لبکر ستة إلا نصف ما لزید فلزید شی‌ء و لبکر ستة إلا نصف شی‌ء فلزید ستة إلا ثلاثة تعدل ثلاثة أرباع شی‌ء لأنک تسقط الربع فی مقابلة الربع المستثنی فإذا جبرت و قابلت صار ستة تعدل ثلاثة و ثلاثة أرباع شی‌ء فإذا أسقطت ثلاثة بمثلها بقی ثلاثة تعدل ثلاثة أرباع شی‌ء فالشی‌ء أربعة فلکل منهما أربعة (2)
______________________________
الإعراب و علی هذا فینبغی أن یقال فی مثل له عشرة إلا درهم بالرفع هذا التفصیل کما قدمناه و کذا کل ما جری هذا النحو
(قوله) (و یشترط فی الاستثناء کله الاتصال)
أی فی العادة فلا یضر التنفس و السعال کما تقدم بیان ذلک و قد عرفت ما حکی عن ابن عباس و ما تأولوه له و قد یکون أراد المصنف بکله ما إذا قال هذه الدار لزید و البیت لی بناء علی أنه نوع من الاستثناء کما فهمه صاحب المسالک فیکون ممن یشترط الاتصال فی ذلک کالشیخ و المحقق لکنه بعید جدا و الظاهر أنه أراد جمیع أدوات الاستثناء لا غیر
(قوله) (و لو قال لزید ستة إلا نصف ما لبکر و لبکر ستة إلا نصف ما لزید فلزید شی‌ء و لبکر ستة إلا نصف شی‌ء فلزید ستة إلا ثلاثة تعدل ثلاثة أرباع شی‌ء لأنک تسقط الربع فی مقابلة الربع المستثنی فإذا جبرت و قابلت صارت ستة تعدل ثلاثة و ثلاثة أرباع شی‌ء فإذا أسقطت ثلثه بمثلها بقی ثلثه تعدل ثلاثة أرباع شی‌ء فالشی‌ء أربعة فلکل منهما أربعة)
قد کفانا بیان ذلک المحقق الثانی فقال هذا من قبیل الإقرار بالمجهول إلا أن فیه استثناء و قد ذکر المصنف صور اتفاق المالین و الاستثناء و انفاقهما دون الاستثناء و اختلافهما و ختم بالعطف فی أحد الشخصین المقر لهما و الاستثناء فی الآخر أما الأولی فإذا قال لزید ستة إلا نصف ما لبکر و لبکر ستة إلا نصف ما لزید فلزید شی‌ء و لبکر ستة إلا نصف شی‌ء نصفهما ثلاثة إلا ربع شی‌ء فلزید ستة إلا ثلاثة إلا ربع شی‌ء فله ستة و ربع شی‌ء إلا ثلاثة تعدل شیئا کاملا یسقط ربع شی‌ء بمثله من الشی‌ء یبقی ستة إلا ثلاثة تعدل ثلاثة أرباع شی‌ء و هی ما ذکر المصنف و علله بأنک تسقط الربع فی مقابلة الربع المستثنی فإذا جبرت المستثنی منه بالاستثناء و هو ثلاثة صارت ستة کاملة و قابلت بأن زدت علی ثلاثة أرباع شی‌ء ثلاثة صارت ستة تعدل ثلاثة أرباع شی‌ء فإذا أسقط المشترک و هو ثلاثة من الجانبین بقی ثلاثة تعدل ثلاثة أرباع شی‌ء فالشی‌ء أربعة و إن شئت أن تقول ستة إلا ثلاثة تعدل ثلاثة أرباع شی‌ء فثلاثة تعدل ثلاثة أرباع شی‌ء لأن ستة إلا ثلاثة ثلاثة لا محالة و إن شئت من أول الأمر قلت لزید ستة إلا ثلاثة إلا ربع شی‌ء تعدل شیئا کاملا فإذا أسقطت المستثنی و هو ثلاثة من ستة بقی ثلاثة فیکون ثلاثة و ربع شی‌ء تعدل شیئا کاملا فإذا أسقطت ربع شی‌ء بمثله من الشی‌ء بقی ثلاثة تعدل ثلاثة أرباع شی‌ء فالشی‌ء أربعة هی ما لزید و لبکر ستة إلا نصف الأربعة و هو أربعة (و لک) طریق آخر و هو أن تفرض لزید شیئین لاستثناء النصف منه و یسقط نصفهما من الستة المضافة إلی بکر فیکون له ستة ناقصة شیئا فأخذ نصف ذلک و هو ثلاثة ناقصة نصف شی‌ء و تزیده علی ما فرضناه لزید و هو شیئان یکون ثلاثة و شیئا و نصف تعدل ستة تسقط ثلثه بثلثه یبقی ثلثه فی مقابلة شی‌ء و نصف فالشی‌ء اثنان فلزید و لبکر ستة إلا نصفها
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 315
و لو قال لزید عشرة إلا نصف ما لبکر و لبکر عشرة إلا ثلث ما لزید فلزید شی‌ء و لبکر عشرة إلا ثلث شی‌ء فلزید عشرة إلا خمسة تعدل خمسة أسداس شی‌ء فإذا جبرت و قابلت صار عشرة تعدل خمسة و خمسة أسداس شی‌ء فإذا أسقطت خمسة بمثلها بقی خمسة تعدل خمسة أسداس شی‌ء فالشی‌ء تعدل ستة فهی لزید و لبکر ثمانیة (1) و لو قال لزید عشرة إلا ثلث ما لبکر و لبکر خمسة عشر إلا نصف ما لزید فلزید شی‌ء و لبکر خمسة عشر إلا نصف شی‌ء فلزید عشرة و سدس شی‌ء إلا خمسة تعدل شیئا نسقط السدس بمثله یبقی خمسة تعدل خمسة أسداس فالشی‌ء ستة لزید و لبکر اثنا عشر (2) و لو أقر لأحدهما بمثل الآخر و عطف فی أحدهما بالنصف و استثناه من الآخر فلذی العطف ثلاثة أمثال ما للآخر (3)

[المطلب الثانی فی ما عدا الاستثناء و هو سبعة]

اشارة

المطلب الثانی فی ما عدا الاستثناء و هو سبعة

[الأول إذا عطف ببل]

الأول إذا عطف ببل فإن کانا معینین أو مختلفین لم یقبل إضرابه و لزمه الأمران (4)
______________________________
(قوله) (و لو قال لزید عشرة إلا نصف ما لبکر و لبکر عشرة إلا ثلث ما لزید فلزید شی‌ء و لبکر عشرة إلا ثلث شی‌ء فلزید عشرة إلا خمسة تعدل خمسة أسداس شی‌ء فإذا جبرت و قابلت صار عشرة تعدل خمسة و خمسة أسداس شی‌ء فإذا أسقطت خمسة بمثلها بقی خمسة تعدل خمسة أسداس شی‌ء فالشی‌ء یعدل ستة فهی لزید و لعمرو ثمانیة)
قد علم هذا الطریق و ما حذف منه و هو سدس مما مضی و بطریق آخر نفرض لزید ثلاثة أشیاء لاستثناء الثلث منه و تسقط ثلثها من العشرة المضافة إلی بکر فیکون له عشرة ناقصة شیئا فأخذ نصفها و هو خمسة ناقصة نصف شی‌ء و نزیده علی ما فرضناه لزید و هو ثلاثة أشیاء یکون خمسة و شیئین و نصفا تعدل عشرة نسقط خمسة بخمسة یبقی خمسة فی مقابل شیئین و نصف فالشی‌ء اثنان فلزید ستة و لبکر عشرة إلا ثلثها
(قوله) (و لو قال لزید عشرة إلا ثلث ما لبکر و لبکر خمسة عشرة إلا نصف ما لزید فلزید شی‌ء و لبکر خمسة عشر إلا نصف شی‌ء فلزید عشرة و سدس شی‌ء إلا خمسة تعدل شیئا یسقط السدس بمثله یبقی خمسة أسداس شی‌ء فالشی‌ء ستة لزید و لبکر اثنا عشر)
قد صرح المصنف فیما یصیر لزید بجزء الشی‌ء علی خلاف ما فعل فی الصورتین السابقتین و قد ذکر فی (جامع المقاصد) طریقین آخرین
(قوله) (و لو أقر لأحدهما بمثل الآخر و عطف فی أحدهما بالنصف و استثناه من الآخر فلذی العطف ثلاثة أمثال ما للآخر)
مثاله لزید عشرة و نصف ما لعمرو و لعمرو عشرة إلا نصف ما لزید فنفرض ما لزید شیئا فلعمرو عشرة إلا نصف شی‌ء فلزید خمسة عشر إلا ربع شی‌ء یعدل الشی‌ء المفروض أولا فإذا جرت (جبرت ظ) المستثنی منه بالمستثنی صار خمسة عشر فتزید علی الشی‌ء ربع شی‌ء فیکون خمسة عشر تعدل شیئا و ربعا فالشی‌ء اثنا عشر لزید و لعمرو أربعة
(قوله) (المطلب الثانی فیما عدا الاستثناء و هو سبعة الأول إذا عطف ببل فإن کانا معینین أو مختلفین لم یقبل إضرابه و یلزمه الأمران)
مثال المعینین له هذا الدرهم بل هذا الدرهم و المختلفین له قفیز حنطة بل قفیز شعیر و مما صرح فیه بأنه یلزمه الدرهمان و القفیزان فی المثالین (السرائر) و (الشرائع) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و (المسالک) و قد صرح بذلک فی (المبسوط) فی القفیزین و قضیة کلامه ذلک فی الدرهمین (و مما صرح) فیه بلزوم القفیزین من دون تعرض للدرهمین (الخلاف) و (التحریر) و (التلخیص) و (التبصرة) و (شرح الإرشاد) لولد المصنف و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 316
و لو کانا مطلقین أو أحدهما لزمه واحد أو الأکثر (1)
______________________________
(مما) صرح فیه بلزوم الدرهمین من دون تعرض للقفیزین (الدروس) لأن الإنکار بعد الإقرار لا یسمع واحد الشخصین غیر الآخر قطعا و غیر داخل فیه کما أن أحد المختلفین غیر الآخر و غیر داخل فیه و عن أبی علی أنه أوجب ما بعد بل فی المختلفین دون ما قبلهما و قد یقال إنه لا ریب فی أن بل للإضراب من غیر نکیر و أن الإنسان قد یسهو و قد ینسی و قد یغلط فیستدرک ببل و أصل البراءة و قاعدة الباب توجب ما بعد بل فی المختلفین و المشخصین دون ما قبلهما فیهما فإن (قلت) إن ذلک یسد باب الإقرار غالبا إذ یمکن ذلک فی أکثر الإقرارات قلنا لا مانع منه إذا جرینا علی القوانین المقررة و لا ضرر فی تجویزه و لا ارتیاب لأحد من أرباب القوانین فی کون بل للإضراب لکنه یلزمه أنه لو قال هذا الشی‌ء لزید بل لعمرو أنه یکون لعمرو و لم یختلف اثنان فی کونه لزید کما یأتی
(قوله) (و لو کانا مطلقین أو أحدهما لزمه واحد أو الأکثر)
أی لزمه واحد إن استوی ما قبل بل و ما بعدها کله درهم بل درهم و إن اختلفا کمیة کله درهم بل درهمان لزمه الأکثر و إن اختلفا فی الإطلاق و التعیین کهذا الدرهم بل درهم بل هذا الدرهم لزمه المعین لأنه یتعین الوصف الزائد و هو المعین و إن کان المعین هو الأقل تعین إکمال المقر به بالمعین لزوما و بغیره تخییرا کله هذا القفیز بل قفیزان فیلزمه المعین مع أحد ما شاء منهما (و مما جزم) فیه بأنه یلزمه درهم فی الأول أعنی له درهم بل درهم (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (الإرشاد) و هو قضیة کلام (السرائر) و (التلخیص) حیث قال فی الثانی و لو عطف لزمه اثنان إلا أن یکون بل و فی (الدروس) أنه قوی و (احتمل) لزوم الاثنین احتمالا فی (الکتاب) و (التحریر) و هو قضیة الأقوی فی کلام (الدروس) و فی (الإیضاح) أن الأصح أنه یلزمه درهمان وجه لزوم واحد مع استواء ما قبل بل و بعدها أنهما مطلقان فلا یمتنع أن یکون ما قبلها هو ما بعدها أو داخلا فیه بمعنی أنه أمسک لیستدرک فذکر أنه لیس علیه إلا ذلک فلم یستدرک فأعاد الأول کما وجهه به فی (المبسوط) (قلت) و الأصل براءة الذمة إذ لا دلیل علی أن أحدهما منفصل عن الآخر مضافا إلی ضابطة الإقرار لکن التأکید ببل غیر معلوم الورود و اللغو مما یصان عنه کلام العاقل و قضیة کلامهم فی نظائره أنه یلزمه درهم آخر للأمرین المذکورین مع خروج بل عن موضوعها لأنه لا یصح جاءنی رجل بل رجل فلا یصح له درهم بل درهم لأن الغرض من بل إفهام السامع الحکم علی الثانی و عدمه علی الأول و مع الإطلاق لا یحصل الغرض فیکون الإضراب لغوا (و إلیه نظر) صاحب (الإیضاح) إذ هو معنی قوله لأن بل للاستدراک و إنکار و اعتراف و تواردهما علی محل واحد محال فتعین التغایر و الإنکار لا یقبل انتهی و کأنه مال إلیه لو قال به فی (جامع المقاصد) فلیلحظ و الوجه فی لزوم المعین و الأکثر إذا کان أحدهما معینا أو أکثر أن المطلق من محتملاته المعین و الأقل یحتمل دخوله فی الأکثر فالمغایرة بالتعیین و الأکثریة کافیة فی صحة الإضراب و لا یلزم وجوب الأقل و الأکثر معا و لا المعین و المطلق مع التمسک بأصل البراءة و القاعدة و قد صرح بأنه یلزمه المعین إذا کان أحدهما معینا المصنف فی الکتاب و هو خیرة (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و ظاهر (الإیضاح) و فی (الدروس) و (اللمعة) أنه یلزمه درهم و الظاهر أن مراده فیهما المعین و فی (جامع المقاصد) أن احتمال لزوم الدرهمین ضعیف و لم یتضح لنا الفرق بینه و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 317
فلو قال له هذا الدرهم بل هذا أو قفیز حنطة بل قفیز شعیر لزمه الدرهمان و القفیزان (1) و لو قال له هذا الدرهم بل درهم أو درهم بل هذا الدرهم لزمه المعین و یحتمل لزوم الدرهمین (2) و لو قال درهم بل درهم لزمه واحد و یحتمل اثنین لاستدعاء الإضراب المغایرة (3) و لو قال له درهم بل درهمان لزمه درهمان (4) و لو قال له هذا الدرهم بل هذان لزمه الثلاثة (5) و کذا لو قال له قفیز شعیر بل قفیزان حنطة (6) و لو قال له عشرة لا بل تسعة لزمه عشرة (7)
______________________________
بین المطلقین إذ ما ذکرناه فی توجیه مختار (الإیضاح) جار هنا فلیتأمّل و ستسمع کلامهم فی الأقل و الأکثر
(قوله) (و لو قال هذا الدرهم بل هذا أو قفیز حنطة بل قفیز شعیر لزمه الدرهمان و القفیزان)
قد تقدم الکلام فیهما محررا
(قوله) (و لو قال له هذا الدرهم بل درهم أو درهم بل هذا الدرهم لزمه المعین و یحتمل لزوم الدرهمین)
هذا أیضا تقدم الکلام فیه مسبغا
(قوله) (و لو قال له درهم بل درهم لزمه واحد و یحتمل اثنین لاستدعاء الإضراب المغایرة)
هذا أیضا قد تقدم الکلام فیه مسبغا
(قوله) (و لو قال له درهم بل درهمان لزمه درهمان)
کما صرح بذلک فی (الخلاف) و (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (مجمع البرهان) و قد تقدم بیان الوجه فی ذلک و مثله ما لو عکس کأن قال له درهمان بل درهم فإنه یلزمه الدرهمان کما فی (الدروس) و (المسالک) لأن الرجوع عن الأکثر لا یقبل و یدخل فیه الأقل و قد اندرجت هذه المسألة فی قوله و لو کانا مطلقین و قد یشعر سوق العبارة بعدم تطرق احتمال الثلاثة هنا مع أن المغایرة التی ادعاها إن تم الاستدلال بها علی لزوم کل من المعین و المطلق اقتضت لزوم ثلاثة بغیر تفاوت (و قد حکاه) أی لزوم الثلاثة الشیخ فی (الخلاف) و المصنف فی (التذکرة) عن زفر و داود و لا فرق فیما نحن فیه بین قوله له درهم بل درهمان و بین قوله له درهم لا بل درهمان غیر أن ما معه حرف السلب نقیض ما تقدم و لا کذلک ما خلا عنه فإنه یجعل کالمسکوت عنه
(قوله) (و لو قال له هذا الدرهم بل هذان لزمه الثلاثة قطعا)
کما فی (التذکرة) و قد تقدم أن هذه الکلمة من مثله تجری مجری الإجماع و بلزوم الثلاثة صرح فی (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و وجهه یعلم مما سبق
(قوله) (و کذا لو قال له قفیز شعیر بل قفیزان حنطة)
أی یلزمه ثلاثة أقفزة کما صرح به فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) لاختلاف الجنس
(قوله) (و لو قال له عشرة لا بل تسعة لزمه عشرة)
کما فی (المبسوط) و (السرائر) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (اللمعة) و (الروضة) و (مجمع البرهان) لأن الإضراب ببل بعد الإیجاب یجعل ما قبلها کالمسکوت عنه فهو رجوع عن الحکم السابق و إنکار للإقرار المتقدم و إن کان معه حرف سلب فهو نقیض ما تقدم کما تقدم و لا ریب أن إنکار الإقرار و الرجوع عنه غیر مسموع و ما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 318
بخلاف الاستثناء (1) و لو عطف بلکن لزمه ما بعدها إذ لا یعطف بها إلا بعد النفی فلو قال ما له عشرة لکن خمسة لزمه خمسة (2)

[الثانی إذا کان فی یده شی‌ء علی ظاهر التملک]

الثانی إذا کان فی یده شی‌ء علی ظاهر التملک فقال هذا الشی‌ء لزید بل لعمرو قضی به للأول و غرم قیمته للثانی (3)
______________________________
ذکره من الاحتمال آنفا و الاستدلال بالمغایرة جار هنا فیلزمه التسعة و العشرة کما أن ما ذکرناه هناک جار هنا أیضا من أن کون بل للإضراب متعارفا مشهورا فهو إضراب صحیح بحسب القوانین و أن الإنسان قد یعرض له الغلط و النسیان فیستدرک مضافا إلی أصل البراءة و قاعدة الإقرار فتلزمه التسعة لا غیر فلیلحظ ما تقدم
(قوله) (بخلاف الاستثناء)
لأن الاستثناء من متممات الکلام لأن المحکوم بثبوته هو المستثنی منه بعد إخراج المستثنی فلا یعقل تعلق الحکم بثبوته إلا بعد تمامه بإخراج المستثنی منه و لا کذلک الإضراب ببل بعد الإیجاب مع حرف السلب و بدونه کما عرفت
(قوله) (و لو عطف بلکن لزمه ما بعدها إذ لا یعطف بها إلا بعد النفی فلو قال ما له عشرة لکن خمسة لزمه خمسة)
کما هو ظاهر و به صرح فی (الدروس) و (جامع المقاصد) و المراد أنه لا یعطف بها فی الإقرار بحیث یکون ما بعدها إقرارا إلا بعد النفی لوجوب مغایرة ما قبلها لما بعدها نفیا و إثباتا و إلا فإنها یعطف بها بعد النهی لکن لا بحیث أن یکون ما بعدها إقرارا و أجاز بعض النحاة العطف بها بعد الإیجاب
(قوله) (الثانی إذا کان فی یده شی‌ء علی ظاهر التملک فقال هذا الشی‌ء لزید بل لعمرو قضی به للأول و غرم قیمته للثانی)
أما القضاء به للأول فلعموم إقرار العقلاء علی أنفسهم و فیه تأمّل یعلم مما سبق من احتمال السهو و الغلط و النسیان لکنه لم یختلف فیه هنا اثنان إلا مما ستسمعه عن أبی علی (و الدروس) لأن من قواعدهم کما فی (الإیضاح) أن کل إقرارین متساوی الدلالة علی الإقرار صدرا من شخص واحد أهل للإقرار حکم علیه لا علی غیره بموجب کل منهما لو لا الآخر و یقدم الأول فیما یتعارضان فیه یعنی العین و یکون تفویتا منه علی الثانی انتهی و ظاهره أنها إجماعیة و ستسمع کلام الجماعة (و أما) أنه یغرم قیمتها للثانی فهو الأقوی کما فی (المبسوط) و الأقرب کما فی (التذکرة) و الأصح کما فی (جامع المقاصد) و المعتمد کما فی (المختلف) و الأظهر کما فی (المسالک) و (به جزم) فی (الشرائع) و (الجامع) و (الإرشاد) و (التحریر) و (اللمعة) و (الروضة) و هو قضیة کلام (الإیضاح) لاختیاره ذلک فی المسألة الآتیة للقاعدة المذکورة و لأنه حال بین عمرو و بین الشی‌ء المقر به له بإقراره لزید فیجب أن یغرم القیمة للحیلولة الموجبة للغرم کما لو ذبح شاة له و أکلها ثم أقر له بها أو أتلف مالا أو باعه ثم أقر به لفلان أو شهد شاهدان علی رجل بإعتاق عبیده و تطلیق زوجته و حکم الحاکم بذلک ثم رجعا عن الشهادة فإن علیهما قیمة العبید و المهر لأنهما حالا بینه و بین ملکه و عن أبی علی أنه إن کان المقر حیا سئل عن مراده و إن کان میتا فهو مال متداعی بین زید و عمرو فإن انتفت البینة حلفا و اقتسماها و فی (الدروس) أنه لیس بذلک البعید و هو کذلک و هو خیرة (الحواشی) علی الظاهر للأصل و القاعدة و لأنه قد یسهو و قد ینسی و قد یغلط و قد یشک و بل للإضراب من غیر ارتیاب فرجوعه إما عن تحقیق أو تخمین و هو سبب الإقرار لهما فی کلام متصل فالمعلوم انحصار الحق فیهما أما التخصیص لأحدهما فلا فلیتأمّل بل قضیة القوانین فی بل الاختصاص بالثانی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 319
و کذا غصبته من زید بل من عمرو علی إشکال (1) أو غصبته من زید لا بل من عمرو (2)
______________________________
و جزم أبو حنیفة بأنه لا یغرم للثانی و قضیة إطلاقهم أنه لا فرق فی ذلک بین أن یکون سلمها لزید أم لا و (فی المبسوط) أنه الصحیح لأن الحاکم و إن سلمها فإن تسلیمها بإقراره و حکی عن بعضهم أنه إذا سلمها کان علیه الضمان قولا واحدا و رده و هذا کله إذا لم یصدق زید بأنها لعمرو و إلا فلا غرامة کما هو ظاهر و (به صرح) فی (الکتاب) فیما یأتی و (التحریر) و (الدروس) و غیرهما
(قوله) (و کذا غصبته من زید بل من عمرو علی إشکال)
أی یقضی بالشی‌ء الذی فی یده علی ظاهر التملک لزید و یغرم قیمته لعمرو و به جزم فی (الشرائع) و (الإرشاد) و (الحواشی) و کذا (المسالک) من دون إشکال و فی (المبسوط) أنه الصحیح و فی (جامع المقاصد) أن فیه قوة لأن الإقرار بالغصب من الشخص یستلزم الإقرار له بالید و هی تدل ظاهرا علی الملکیة و لذلک نحکم لذی الید بها فیکون مقرا لکل منهما بما یقتضی الملک فیغرم له و للقاعدة المحکیة فی (الإیضاح) و قد سمعتها آنفا (و هو) أحد وجهی الإشکال و (وجه) العدم عدم التنافی بین الإقرارین فإن الغصب یصدق من ذی الید و إن لم یکن مالکا لأنها قد تکون فی یده بإجارة أو بإعارة و نحوهما فیحکم بها للأول لسبق الإقرار بالید له و لا یغرم للثانی لانتفاء ما یدل علی ملکیته و ضعف بأن الإقرار بالغصب إما أن یقتضی الإقرار بالملک علی وجه یقتضی الضمان أو لا فإن اقتضاه أقر للاثنین بذلک فکانت کالسابقة فیضمن للثانی و إن لم یقتض لم یجب الدفع إلی الأول فی هذه الصورة فضلا عن الغرم للثانی لعدم الإقرار له بما فیه معنی الملک لأن الغصب منه أعمّ من کونه مالکا و کذا لو التفت إلی هذا لزم عدم الغرم للثانی و إن صرح له بالملک لسبق الاستحقاق لغیره و قد سمعت ما حکیناه عن (أبی علی) و (الشهید) فی (الدروس) آنفا و قد جزم فیه فیما نحن فیه أولا بالغرم ثم قال و قیل و یمکن الجمع ثم حکی فی الأول عن أبی علی ما سمعته ثم نفی عنه البعد کما عرفت فهو غیر جازم فی المسألة و قضیة الأصول و القواعد و الجری علی القانون فی بل أن یکون للثانی و یختار الشق الأول من التردید لکنه لم یحتمله أحد (نعم) أشار إلیه (مولانا) المقدس الأردبیلی و لعلهم یقولون إن إقراره له غیر نافذ لا بالنسبة إلی العین لسبق الإقرار بها للغیر و لا بالنسبة إلی القیمة لأصل البراءة و عدم دلالة الغصب منه علی کونه مالکا لکن ذلک یقضی بسقوط الوجه الأول من الإشکال و أنه لا معنی لاختیار الجماعة الغرم له و الظاهر أنهم لا یرتابون فی أن الإقرار بالغصب إقرار بالید فی غیر هذا الموضع إذ قد جوزوا أن یستند الشاهدان فی الشهادة بالملک إلی الید و کیف کان فالمسألة لا تخلو من شوب الإشکال بالنظر إلی الأصول و قواعد الباب و قوانین العربیة لا لما ذکروه فلیتأمّل
(قوله) (أو غصبته من زید لا بل من عمرو)
کما فی (التذکرة) و (التلخیص) و (الدروس) و (جامع المقاصد) لأنه لما نفی الغصب بقوله لا عن زید المقر به (له ظ) کان رجوعا عن الإقرار إلی الإنکار فلم یکن مسموعا فصح الإقرار الأول و وجب أن ینفذ الثانی و یجب الغرم لأنه قد حصر الغصب و الید فی عمرو المقتضی للملک فوجب الغرم للحیلولة بإقراره لزید الذی رجع عنه و سوق العبارة یقضی بأنه لا إشکال فی هذه المسألة و ما بعدها و إن کان الاحتمال بحسب الواقع قائما لأن کون عمرو مغصوبا لا یقتضی کونه مالکا و لأن الإقرار الثانی إقرار علی الغیر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 320
أو غصبته من زید و غصبه زید من عمرو (1) و کذا استودعته من زید بل من عمرو (2) سواء اتصل الکلام أو انفصل (3) و لو قال لزید بل لعمرو بل لخالد حکم للأول و غرم لکل من الباقین کمال القیمة (4) و لو قال بل لعمرو و خالد فقیمة واحدة لهما (5) و لو قال لزید و عمرو نصفین بل لخالد غرم لخالد الجمیع (6) و لو قال بل و لخالد فالثلث (7) و لو قال بل لزید و خالد فالنصف (8) و لو صدقه الأول فی ذلک کله فلا غرم (9)
______________________________
(قوله) (أو قال غصبته من زید و غصبه زید من عمرو)
أی یغرم لعمرو کما هو خیرة (التذکرة) و (الدروس) و (جامع المقاصد) بلفظ الأقرب و نحوه و هو أصح وجهی الشافعی و به قال أحمد لأنه حال بین عمرو و المقر به بإقراره لزید لأن الحیلولة کالإتلاف کما عرفت و الاحتمال السابق جار هنا کما سبق
(قوله) (و کذا استودعته من زید بل من عمرو)
أی یجب الغرم للثانی لاعترافه بالید للأول ثم للثانی و هی ظاهرة فی الملک لکنه لیس مثل قوله غصبته من زید و غصبه من عمرو لأن الإقرار بالغصب من کل منهما إقرار بالجنایة فی مال کل منهما و هو موجب للضمان بخلاف الودیعة فاحتمال العدم هنا أولی و کأنه مال إلیه فی (جامع المقاصد)
(قوله) (سواء اتصل الکلام أو انفصل)
أی فی المسائل المذکورة کلها لأن الإضراب ببل یجعل ما بعدها منفصلا عما قبله فلا عبرة بالاتصال الزمانی و یظهر من (الدروس) فی توجیه کلام أبی علی کما تقدم اتصال الزمان کالاستثناء
(قوله) (و لو قال لزید بل لعمرو بل لخالد حکم للأول و غرم لکل من الباقین کمال القیمة)
کما یستفاد ذلک و ما فیه مما تقدم
(قوله) (و لو قال بل لعمرو و خالد فقیمة واحدة لهما)
لأنه لو أقر لهما کان بینهما فإذا قال هذا الشی‌ء لزید بل لعمرو و خالد غرم لهما قیمة واحدة و دفع الشی‌ء لزید
(قوله) (و لو قال لزید و عمرو نصفین بل لخالد غرم لخالد الجمیع)
لأن الإضراب یقضی بأن یکون له أی خالد الجمیع فیجب أن یغرم جمیع القیمة و لو ترک قوله نصفین لم یتفاوت الحکم
(قوله) (و لو قال بل و لخالد فالثلث)
لأن العطف بالواو یقتضی التشریک بین المعطوف و المعطوف علیه و احتمل الشهید فی الحواشی النصف لأن بل للإضراب و هو یستدعی المغایرة و الواو تقتضی التشریک فوجب کونه مع أحدهما لا غیر أما مع أحدهما أی التشریک فلمکان الواو و أما لا غیر فلمکان بل المقتضیة للإضراب و الحاصل أنه یجب أن یکون مع أحدهما لا غیر لیحصل معنی التشریک و تتحقق المغایرة و فیه أنه یمکن أن یکون استدراکا لقصره علیها بل هو الظاهر فیکون المعنی أنه غیر مقصور علیهما بل خالد شریکهما فیکفی فی المغایرة حکمه أولا بکونه لزید و عمرو و حکمه ثانیا بکونه للثلاثة
(قوله) (و لو قال بل لزید و خالد فالنصف)
کما یعرف حاله مما قبله
(قوله) (و لو صدقه الأول فی ذلک کله فلا غرم)
کما هو ظاهر کما تقدم حکایته عن جماعة و لعله یرید بالأول ما یشمل الأولین کما فی المثال الأخیر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 321
و لو قال غصبته من زید و ملکه لعمرو أو هو لعمرو لزمه الدفع إلی زید و لا یغرم لعمرو (1)
______________________________
(قوله) (و لو قال غصبته من زید و ملکه لعمرو أو و هو لعمرو لزمه الدفع إلی زید و لا یغرم لعمرو)
کما هو خیرة (المبسوط) و (الشرائع) و (التحریر) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده و اختیر فی (الإیضاح) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (تعلیق الإرشاد) و (المسالک) أنه یغرم لعمرو و کأنه لا ترجیح فی (التذکرة) و تأمّل فی ذلک فی (مجمع البرهان) و قد وجه المصنف عدم الضمان بما ستسمعه و وجهه فی (جامع المقاصد) بأنه لم یوجد هنا من المقر تفریط یوجب الضمان بخلاف هذا لزید بل لعمرو فإنه مفرط حیث أقر للأول بما هو حق للثانی بإقراره فکان مضیعا لماله فوجب غرمه له بخلاف مسألتنا إذ لم یقر للأول بالملک الذی أقر به للثانی و حینئذ فلا یحکم لعمرو بالملک لأن الإقرار بما قد أثبت لغیره علیه حقا إقرار بما فی ید شخص لغیره فلا یکون مسموعا و قال إنه أدخل فی الاستدلال من قول المصنف لأنه أقر للثانی بما أقر به فکان الثانی رجوعا عن الأول لأن المطلوب إثبات التفریط بالنسبة إلی الثانی لیثبت الغرم له و هذه العبارة لا تؤدی هذا المعنی إلا بتکلف قلت غرضه بهذه العبارة کما تقدم غیر مرة أنه حال بینه و بینه فکان مفرطا فلا تکلف علی أن قوله إذ لم یقر للأول إلی آخره غیر منتظم مع الأول کما یظهر لمن تأمّل علی أن المصنف أول ما استدل به و کیف کان فعدم الضمان موافق لأصل البراءة و قاعدة الباب و اشترط الأصحاب قبول الإقرار بکونه تحت یده متصرفا فیه تصرف الملاک نعم هو بالنسبة إلیه نفسه مؤاخذ بذلک فلا یجوز له التصرف فیه بإذن المغصوب منه و لا تملکه بوجه کما مر فی الإقرار بحریة عبد غیره ثم اشتراه فتذکر و تأمّل و تدبر و (وجه الغرم) و الضمان أنه حال بینه و بین ماله بالإقرار الأول و دعوی عدم المنافاة بین الإقرارین غیر مسموعة فإنهما و إن لم یتنافیا صورة فقد تنافیا معنی لأن الإقرار بالغصب من الأول إقرار له بالید المفیدة للملک کما مر غیر مرة و لهذا لم تنفذ إقراره بالملک للثانی مع کونه صریحا فیه لأنه فی قوة المتناقض و قال فی الإیضاح التحقیق أنه إن قلنا بتضمینه فی المسألة الأولی و هی غصبته من زید بل من عمرو فالضمان هنا قطعی و إن قلنا بعدمه ثمة احتمل هنا الضمان لما ذکره المصنف و اعترضه فی (جامع المقاصد) بأن ما ذکره من القطع علی التقدیر الأول غیر ظاهر بل یدعی العکس لأن الغصب یقتضی الرد و الضمان بالجنایة علی مال الغیر و قد أقر به لکل منهما بخلاف قوله و ملکه لعمرو فإنه لا یلزم منه جنایة علی مال الغیر و لا اعتراف بما یقتضی الرد و الضمان انتهی (قلت) غرضه فی (الإیضاح) أن هنا أربع مسائل أولاها صریحة فی ملکهما و هی قوله هی لزید بل لعمرو و ثانیتها هما مستویان فی الملک نفیا و إثباتا و الثالثة و الرابعة و هما تقدیم الغصب و تأخیر الملک و بالعکس متوسطتان بین هاتین فإذا حکمنا بالضمان فی التی لیست بصریحة فی الملک فیهما فالأولی أن نحکم بالضمان فیما هی صریحة فی الملک فی أحدهما إذ المدار فی کلامهم جمیعا علی الملک و الحیلولة و لذلک اختار المعظم الضمان فی الأولی لمکان التصریح فیها بالملک و قد استنهضوا علی الضمان أن الإقرار بالغصب یستلزم الإقرار بالید الدالة علی الملک و لو تم ما ذکره فی (جامع المقاصد) للزم عدم الضمان فی الصورة الأولی و لم تتم الأدخلیة فی الاستدلال التی ذکرها آنفا عند التأمّل فکان نظره فی (الإیضاح) أدق و أتقن فلیلحظ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 322
لأنه یجوز أن یکون فی ید زید بحق إجارة أو وصیة أو عاریة فلا ینافی ملکیة عمرو و لم یوجد منه تفریط یوجب الضمان بخلاف هذا لزید بل لعمرو لأنه أقر للثانی بما أقر به للأول فکان الثانی رجوعا عن الأول بخلاف ما قلناه و لا یحکم بالملک لعمرو إذ هو بمنزلة من أقر لغیره بما فی ید آخر (1) و یحتمل الضمان (2) و کذا لو قال هذا لزید و غصبته من عمرو فإنه یلزمه دفعه إلی زید و یغرم لعمرو علی إشکال (3)

[الثالث هل یصح البدل کالاستثناء]

الثالث هل یصح البدل کالاستثناء الأقرب ذلک إن لم یرفع مقتضی الإقرار کما لو قال له هذه الدار هبة أو صدقة (4) أما لو قال له هذه الدار عاریة أو سکنی ففیه نظر ینشأ من کونه رفعا لمقتضی الإقرار و من صحة بدل الاشتمال لغة (5)
______________________________
(قوله) (لأنه یجوز أن یکون فی ید زید بحق إجارة أو وصیة أو عاریة فلا ینافی ملکه لعمرو و لم یوجد منه تفریط یوجب الضمان بخلاف هذا لزید بل لعمرو لأنه أقر للثانی بما أقر به للأول فکان الثانی رجوعا عن الأول بخلاف ما قلناه و لا یحکم بالملک لعمرو إذ هو بمنزلة من أقر لغیره بما فی ید الآخر)
هذا معنی ما فی (المبسوط) و (الشرائع و غیرهما
(قوله) (و یحتمل الضمان)
قد عرفت وجهه و القائل به
(قوله) (و کذا لو قال هذا لزید و غصبته من عمرو فإنه یلزمه دفعه إلی زید و یغرم لعمرو علی إشکال)
عدم الضمان خیرة (المبسوط) و (الشرائع) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (الإیضاح) بلفظ الأصح فی الأول و الأخیر و الجزم به فی البواقی و فی (الحواشی) أنه أقوی لأنه قدم ملک زید و لم یأت بما ینافیه لأنه لم یقر لعمرو بالملک و غصبه منه لا یستلزم کونه ملکا له قلت و للأصل و القاعدة و هو أحد وجهی الإشکال و الضمان خیرة (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (تعلیق الإرشاد) بلفظ الأقرب فی الأول و الأصح فی الثالث و ظاهر الثانی الجزم به لکنه أردفه بقوله و قیل ساکتا علیه و فی (المسالک) أنه الأقوی لأن الغصب یتضمن الإقرار بالید الظاهرة فی الملک و قد فوت حقه بإقراره الأول و لتنافی الإقرارین معنی علی نحو ما تقدم و کأنه لا ترجیح فی (التذکرة) و الظاهر اختصاص الإشکال بالأخیرة لمکان تقدیم الملک و یحتمل عوده إلیهما
(قوله) (الثالث هل یصح البدل کالاستثناء الأقرب ذلک إن لم یرفع مقتضی الإقرار کما لو قال له هذه الدار هبة أو صدقة)
هذا هو المشهور کما فی (الحواشی) و به جزم فی (التذکرة) و فی (التحریر) أنه أقرب و فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) أنه أصح و فی (الدروس) أنه یمکن قبول قوله حملا علی بدل الاشتمال فیصح له الرجوع فیها حیث یصح له الرجوع فی الهبة لأن البدل مستعمل لغة و عرفا و شرعا فیجری مجری الاستثناء و لم یرفع هنا مقتضی الإقرار لأن الکلام إنما یتم بآخره و وجه غیر الأقرب أنه تضمن الرجوع عن ظاهر الإقرار و فیه أن غیر المسموع ما رفع أصل الإقرار فقط دون ما خالف ظاهره مضافا إلی أصل البراءة و قاعدة الباب
(قوله) (أما لو قال له هذه الدار عاریة أو سکنی ففیه نظر من کونه رفعا لمقتضی الإقرار و من صحة بدل الاشتمال لغة)
جزم بالصحة فی (التذکرة) و فی (التحریر) أنه أقرب و قد یلوح ذلک من کلام (المبسوط) عند قوله له عندی ألف درهم عاریة و کلام (الإیضاح) و (الحواشی) و فی (الدروس) أنه یمکن قبول قوله حملا علی بدل الاشتمال و فی (جامع المقاصد) أن الأقوی عدم صحته لکونه رفعا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 323
و لو قال له هذه الدار ثلثها أو ربعها ففیه الإشکال (1)

[الرابع لو قال کان له علی ألف]

الرابع لو قال کان له علی ألف و قضیته أو قضیت منها خمسمائة لم یقبل قوله فی القضاء إلا ببینة (2) و لو قال لی علیک مائة فقال قضیتک منها خمسین فالأقرب لزوم الخمسین خاصة لاحتمال قوله منها مما یدعیه (3)
______________________________
لمقتضی الإقرار و قد سبق فی کلامه أن البدل یصح إن لم یرفع مقتضی الإقرار فلا أثر لصحة بدل الاشتمال فی اللغة و وقوعه فی الاستعمال فی صحة الإقرار کما لا أثر لصحة الإضراب فی اللغة و الاستعمال فی صحة الإقرار لکن فیه مخالفة لأصل البراءة و قاعدة الباب و قوانین العربیة و إن الکلام لا یتم إلا بآخره و إن الإنسان قد یسهو و یغلط علی نحو ما تقدم لنا فی الإضراب فتأمّل
(قوله) (و لو قال له هذه الدار ثلثها أو ربعها ففیه الإشکال)
و کذا لا ترجیح فی (الحواشی) و قد یفهم من (التحریر) صحته و فی (جامع المقاصد) أن الذی یقتضیه الدلیل صحة ذلک و فی (الإیضاح) أن الأقوی أنه لا یقبل منه و فی (جامع المقاصد) أنه لیس بشی‌ء لأن استعمال لفظة الإقرار فی مجازه مع وجود الصارف عن الحقیقة جائز کما فی الاستثناء کما فی قوله هذه الدار له و هذا البیت لی فإن الفرض أن الدار اسم للمجموع فإطلاقها علی ما عدا البیت مجاز و کذا العشرة حقیقة فی العدد المخصوص فاستعمالها فیما بعد المستثنی مجاز و نحو ذلک (قلت) هذا هو الموافق لأصل البراءة و قاعدة الباب و القوانین لأن بدل البعض صحیح فی اللغة إلی آخر ما ذکرناه آنفا و وجه عدم الصحة أنه إنکار بعد إقرار و جحود بعد اعتراف کما صرح بذلک فی (الإیضاح) و (الحواشی) و حکاه فی (جامع المقاصد) عن (الکنز) و هو الظاهر من سوق کلام الکتاب إذ المفهوم منه أن الإشکال هنا هو الإشکال الذی دل علیه قوله فی المسألة التی قبل هذه ففیه نظر و فی (جامع المقاصد) أنه من المعلوم أنه لیس بآت هنا لأن أحد طرفیه هو رفع مقتضی الإقرار و ذلک منتف هنا لأن هذا بدل البعض و هو جار مجری هذه الدار له و هذا البیت لی قلت لا یزید بدل البعض عن الاستثناء المجمع علیه فضلا عما ألحق به و هو المثال المذکور الذی إلی الآن ما اتضح لنا دلیل صحته کما تقدم و قد انتهضوا إلی دفع التناقض فی الاستثناء بوجوه فما ظنک ببدل البعض
(قوله) (الرابع لو قال کان له علی دین ألف و قضیته أو قضیت منها خمسمائة لم یقبل قوله فی القضاء إلا ببینة)
لأنه مدع للمسقط بعد الثبوت بالإقرار فلم یکن بد من البینة و قد حکینا ذلک و نحوه فی أول الباب عن جملة من کتب الأصحاب و (قال فی المبسوط) إن فیه وجهین أحدهما ذلک إقرار و الثانی أنه لا یکون إقرارا لأنه إذا ادعی کان لی علیه ألف درهم لم یسمع الحاکم منه هذا الدعوی لأنها لا تقتضی ملکا فکذلک هنا ثم قال و الأول أقوی و به جزم فی (المفاتیح) لکنهم قبلوا کلامه فیما إذا قال کان له عندی ودیعة و هلکت کما یأتی و حکینا کلامهم أیضا فیما إذا قال رددتها أو أبرأنی منها و استوفینا الکلام فی ذلک و لفظ الألف قابل للتذکیر و التأنیت فالضمیر فی قضیته یعود إلیها و هو مذکر و فی منها یعود إلیها
(قوله) (و لو قال لی علیک مائة فقال قضیتک منها خمسین فالأقرب لزوم الخمسین خاصة لاحتمال قوله منها مما یدعیه)
کما فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و به جزم فی (التحریر) و (الدروس) لأنه قوله قضیتک کما یحتمل أن یکون المراد قضیتک من المائة التی هی لک کذلک یحتمل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 324
و لو قال أخذت منه ألف درهم من دینی أو من ودیعتی عنده فأنکر السبب و ادعی التملک حکم للمقر له بعد الإحلاف (1)

[الخامس لو قال له علی ألف من ثمن خمر أو خنزیر]

الخامس لو قال له علی ألف من ثمن خمر أو خنزیر (2)
______________________________
أن یکون قضیتک من المائة التی تدعیها و لیس فی اللفظ ما یدل علی تعیین الأول و لا علی ظاهر اللفظ إلا ما فی (الإیضاح) من أن العرف المشهور بین الناس أنه إنما یستعمل ذلک مع ثبوت المائة فی ذمته لکن أقصی ذلک الظن و ما بنی علی الاحتیاط لا یکفی فیه الظن و الاحتیاط قسمان انتقال من ظن إلی یقین و انتقال من ظن إلی ظن أقوی منه و الإقرار مبنی علی الاحتیاط بالمعنی الأول لأن إشغال الذمة البریئة یتوقف علی یقین فیه لقاطع یقتضیه و لقد أوجز فی (الإیضاح) فی توجیه الأقرب قال و رجوع الضمیر یمکن أن یکون باعتبار مجرد الاسم لا الوصف بأنه علیه و معناه أنه یحتمل أن یعود الضمیر إلی المائة الموصوفة بکونها مدعی بها دون الموصوفة بکونها علیه و ضمیر یدعیه فی عبارة الکتاب یعود إلی ما و لفظ ما مذکر و المراد بما المائة المدعی بها
(قوله) (و لو قال أخذت منه ألف درهم من دینی أو من ودیعتی عنده فأنکر السبب و ادعی التملک حکم للمقر له بعد الإحلاف)
أی إحلاف المقر له معناه أن للمقر له إذا أنکر السبب و هو ثبوت الدین و الودیعة عنده للمقر و ادعی أن ما أخذ منه علی ملکه فإن القول قوله مع یمینه و بذلک صرح فی (التحریر) و (جامع المقاصد) لأن الإقرار لا یسقط بمجرد دعوی المسقط و لا کذلک لو قال أودعته ودیعة و أخذت منها ألف درهم أو قال أعرته ثوبی ثم أخذته منه أو أسکنته داری ثم استرجعتها أو غصبنی هذا العبد ثم استخلصته و نحوه مما أقر فیه أولا بسبق ید الغیر علی ملکه و ادعی الآخر فی ذلک کله الملکیة فإنه یحکم للمقر و لا یخرج بذلک عن ملکه و لا یخفی ما فی العبارة من وضع الظاهر مقام الضمیر و لو قال فأنکر المقر له السبب حکم له لکان أولی
(قوله) (الخامس لو قال له علی ألف من ثمن خمر أو خنزیر)
أی لزمه الألف و لم یقبل قوله کما فی (المبسوط) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (التبصرة) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و کذا (کشف الرموز) و (التنقیح) و فی (التذکرة) أنه إن فصل بین الإقرار و هو قوله له علی ألف و بین رافعه و هو قوله من ثمن خمر أو خنزیر بسکوت أو کلام آخر لم یسمع منه و لزمه الألف إجماعا لأن وصفه بذلک رجوع عن الإقرار و إن کان موصولا بحیث لا یقع بین الإقرار و رافعه سکوت و لا کلام لم یقبل أیضا و لزمته الألف و قد نسب هذا فی نهایة المرام إلی علمائنا مؤذنا بدعوی الإجماع علیه و لا ترجیح فی (الدروس) و إنما قال قیل و تأمّل فی ذلک فی (مجمع البرهان) لقاعدة الإقرار و هی أنه مبنی علی الیقین و أنه یسمع فیه الاحتمال و إن کان نادرا و لا شک أنه هنا یحتمل اعتقاده بأنه یلزمه الثمن بمبایعة هذه الأشیاء مطلقا أو إذا کان الشراء من الکافر أو لزوم ذلک إذا کان فی زمن الکفر و نحو ذلک و بالجملة مع إمکان الاحتمال لا یلزمه شی‌ء و لا یصیر الکلام لغوا ثم استند إلی أنه حکی فی (التذکرة) عن بعض الشافعیة من أنه لا یلزمه شی‌ء بحال و أنه لم یرده و إلی أنه ما نقل الإجماع فیها فی صورة الوصل أی فلا تکون إجماعیة و أنه حکی فیها عن الجوینی أنه قال کنت أود لو فصل بین أن یکون المقر جاهلا بأن ثمن الخمر لا یلزم و بین أن یکون عالما فیعذر الجاهل دون العالم و لکن لم یصر إلیه أحد من الشافعیة فتأمّل انتهی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 325
أو ثمن مبیع هلک قبل قبضه (1) أو لم أقبضه (2)
______________________________
و قال فی (نهایة المرام) بعد أن حکی عن الجوینی ما سمعته أنه لا یخلو عن قوة و نحوه ما فی (الریاض) (قلت) ظاهر جماعة و صریح آخرین أن ذلک فی العالم لأنهم وجهوا ذلک بأنه وصل الإقرار بما یقتضی سقوطه فإن الخمر و الخنزیر لما لم یملکا فی شرع الإسلام لم یکن لهما ثمن و امتنع أن یقابلا بمال فإذا وصل المسلم إقراره بألف بکونها من ثمن أحدهما اقتضی ذلک سقوط الإقرار فلم یلتفت إلی المسقط لأن الإقرار بعد الإقرار غیر ملتفت إلیه (کذا فی نسختین و الظاهر أن العبارة تکون هکذا لأن الإنکار بعد الإقرار غیر ملتفت إلیه) و فی (التذکرة) و (الروضة) أنه لو قال المقر کان ذلک من ثمن خمر و ظننته لازما لی فله تحلیف المقر له علی نفیه و زاد فی (الروضة) أنه لو قال لا أعلم الحال حلف علی عدم العلم بالفساد و لو لم یمکن الجهل بذلک فی حق المقر لم یلتفت إلی دعواه (فکان) المقدس الأردبیلی و تلمیذه و صاحب الریاض لم یحرروا کلام الأصحاب و کان ذلک نشأ من کلام الجوینی و قد عرفت أن الأصحاب لم یلتفتوا إلیه ثم إن اعتراضه فی (الریاض) علی (نهایة المرام) کأنه فی غیر محله بناء علی أصله فی (نهایة المرام)
(قوله) (أو ثمن مبیع هلک قبل قبضه)
أی لزمه و لم یقبل قوله کما فی (المبسوط) و (السرائر) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) لأن هلاکه قبل القبض یقتضی بطلان المبیع و سقوط الثمن و ما حکیناه عن (المبسوط) قد حکاه عنه فی (السرائر) و الموجود فی (المبسوط) أن فیه قولین لکن قد یظهر منه ما حکاه فی (السرائر) عنه و لا ترجیح فی (الدروس) و إنما قال قیل
(قوله) (أو لم أقبضه)
إلی لو قال له علی ألف من ثمن مبیع لم أقبضه لزمه الألف و لم یقبل قوله فی السقوط کما فی (السرائر) و (الجامع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (اللمعة) و کأنه مال إلیه فی (التنقیح) و فی (کشف الرموز) أنه قوی و فی (جامع المقاصد) أن فیه قوة و فی (المبسوط) أنه یقبل قوله سواء کان المبیع مطلقا أو معینا و هو قضیة کلام (الخلاف) و (المختلف) بطریق أولی کما ستسمع و کأنه قال به فی (التلخیص) حیث قال قبل علی قول و فی (المسالک) أنه لا یخلو عن قوة و کأنه قال فی (مجمع البرهان) أو هو قائل به فی (نهایة المرام) إن الأصح قبول قوله و فی (الکفایة) أنه أقرب و فی (الروضة) أن التحقیق أنه لیس من باب تعقیب الإقرار بالمنافی فیسمع الإقرار بالعشرة و لا تسمع الدعوی و ذکره فی الباب لمناسبة ما و لا ترجیح فی (الدروس) و لم یتعرض له فی (الشرائع) و قد حکی عنها فی (الریاض) عدم القبول و هو سهو کما أنه حکی عن (المسالک) و (الکفایة) دعوی الشهرة علی ذلک و هی إنما حکیت فیهما الأشهریة لا الشهرة فیما إذا قال بعت بخیار و نحوه کما سیأتی و (تحریر البحث) فی الباب أن یقال هنا ثلاث مسائل ذکرها الشیخ فی (المبسوط) (أحدها) هذه و هو أن یأتی بمجموع الکلام متصلا کما صورناه (و الثانیة) أن یقول له ألف و یسکت ثم یقول من ثمن مبیع لم أقبضه (و الثالثة) أن یقول له ألف من ثمن مبیع ثم یسکت ثم یقول لم أقبضه أما الأولی فقد سمعت کلامهم فیها و یأتی بیان التوجیه و أما الثانیة فقد صرح فیها بلزوم الألف و عدم القبول فی (المبسوط) و (السرائر) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (التلخیص) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) (و الکتاب) کما یأتی عن قریب و کأنه قال بالقبول فی (مجمع البرهان) أو تأمّل فی ذلک و لا ترجیح فی (الدروس) و لا فرق عندهم بین أن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 326
..........
______________________________
یعین المبیع کأن یقول من ثمن العبد الفلانی الذی لم أقبضه أو لم یعینه کأن یقول من ثمن مبیع لم أقبضه (و وجه) عدم القبول أنه أقر بالألف أولا فیلغی المنافی لانفصاله عن الإقرار حکما و لفظا لأنه دعوی محضة تقتضی إثبات مال عند المقر له و هو المبیع و توقف استحقاق تسلیم الألف علی قبضه فیسمع الإقرار دون الدعوی (و وجه) العدم أصل البراءة و قاعدة الإقرار إذ یقبل فیه الاحتمال النادر و أن الإنسان قد ینسی و یسهو و أنه یلزم سد باب الإقرار بالواقع حیث یراد و هو مناف للحکمة و أما الثالثة فمما صرح فیها بالقبول و عدم لزوم الألف (الخلاف) و (المبسوط) و هو المحکی عن القاضی و فی (الإیضاح) أنه أقوی و کأنه خیرة (مجمع البرهان) و فی (المختلف) أنه لیس بعیدا لأن قوله من ثمن مبیع مقبول من جهة اتصاله فهو أعمّ من کونه مقبوضا و غیر مقبوض فإذا قال بعد ذلک لم أقبضه فقد ذکر بعض محتملاته بل یوافق الأصل إذ الأصل عدم القبض فعلی البائع إثباته مضافا إلی ما سبق من الأصل و القاعدة و أن الإنسان مطبوع علی السهو و النسیان و ستسمع ما فی الکتاب و مما اختیر فیه عدم القبول (السرائر) و (التذکرة) و (التحریر) و (التلخیص) و (جامع المقاصد) و فی (الحواشی) أنه أقوی و فی (الشرائع) لعله أشبه و فی (کشف الرموز) أنه قوی و أن فی الفرق بینه و بین الصورة الثانیة نظرا و قد اختار المصنف فی الکتاب قبول قوله مع تصدیق المقر له بکون الألف من ثمن مبیع و هو قول بالعدم إذ مع التصدیق لعله لا ریب فی القبول و احتمال العدم حینئذ ضعیف جدا لأن المقر له مدع للإقباض و الأصل عدمه کما هو ظاهر و لا ترجیح فی المسألة فی (الدروس) و (الکفایة) و کذا (التنقیح) و لیعلم أن کل من قال بعدم القبول فی الصورة الأولی فبالأولی أن یقول به هنا و کل من قال بالقبول هنا فبالأولی أن یقول به هناک (لکن) قال فی (الإیضاح) إن قلنا بعدم القبول مع الاتصال فهنا أولی و إن قلنا بقبوله مع الاتصال فقد اختلف الأصحاب هنا فقال الشیخ قبل منه و قال ابن إدریس لا یقبل و قد عرفت أن ابن إدریس لم یقل بالقبول مع الاتصال نعم احتمال القبول أنما یجی‌ء إذا قلنا بالقبول فی الأولی و لعله أراد ذلک بذلک (إذا تحرر) ذلک فعد إلی المسألة الأولی فوجه القبول فیها أنها مساویة للصورة الثانیة لأنه أقر بالألف و لا ینافیه ما وصله به من قوله من ثمن مبیع لأن الفرض ثبوت الألف أما تعیین سببها فلا حاجة إلیه و إنما یجی‌ء التنافی من قوله لم أقبضه و هو منفصل عن الأول فحیث نقول بعدم القبول فی الثالثة یمکن أن یقال بالقبول فی الأولی لأن الکلام جملة واحدة و فی الصحیح کان أمیر المؤمنین (ع) لا یأخذ بأول الکلام دون آخره رواه الشیخ و لإمکان صدقه فیما أخبر به و أراد التخلص بالإقرار فلو لم یقبل منه لزم انسداد باب الإقرار بالواقع حیث یراد کما تقدم مضافا إلی الأصل و القاعدة و إنما یحکم بإلغاء الضمیمة إذا کانت رافعة لأول الکلام صریحا و مناقضة له و کونها تئول إلی رفع الإقرار علی بعض الوجوه لا تقتضی إلغاءها (و وجه) عدم القبول أنه اشتمل علی إقرار و دعوی فیقبل الإقرار و تسقط الدعوی إلا أن یأتی لها بحجة و أن هذه الضمیمة بمنزلة المنافی لأن قضیة أنه له علیه ألف وجوب أدائها إلیه مطلقا أو ثبوتها فی ذمته أو عهدته و کونها من ثمن مبیع لم یقبضه یقضی بعدم استقرارها فی الذمة لجواز تلف المبیع قبل أن یقبضه و عدم وجوب تسلیمها مطلقا بل مع تسلیم المبیع و قد منعت المنافاة بأن ذلک وصف زائد علی الإقرار المطلق و الواقع هو الإقرار المقید لا المطلق کما لو قید الألف بقید آخر غیر ذلک و هذا کله إذا کان المقر غیر معتقد للزوم علی هذا الوجه باجتهاد أو تقلید و إن کان یعتقد اللزوم فلا إشکال فی اللزوم و إن کان غیر معتقد شیئا فالمدار علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 327
أو ثمن مبیع فاسد لم أقبضه (1) أو ضمنت به علی أنی بالخیار (2)
______________________________
نظر الحاکم فیلزم بمعتقده و فی (جامع المقاصد) هل المؤاخذ بهذا الإقرار و نظائره من المواضع المختلف فیها کل مقر مجتهدا أم لا معتقدا قبول مثل ذلک أم لا یعامل المعتقد بمعتقده أم لا لا أعلم فی ذلک کلاما للأصحاب و الذی یقتضیه النظر أنه یلزم بمعتقد الحاکم کائنا من کان انتهی ملخصا و قضیته أنه لو أقر شیخ الطائفة بهذا الإقرار بعد أن حرر المسألة فی کتابی (الخلاف) و (المبسوط) و ترافعا إلی ابن إدریس مثلا الذی لا یری هذا الإقرار أنه یلزم بما یراه ابن إدریس و هو مخالف هنا لقواعد الباب و کلام الأصحاب و کلامه هو فیما إذا قال له علی ألف من ثمن خمر أو خنزیر و قد حررنا هذه المسألة فی باب القصاص
(قوله) (أو ثمن مبیع فاسد لم أقبضه)
و بذلک عبر فی (التحریر) و معناه أنه یقبل قوله فی الألف و لا یقبل قوله فی المسقط کما صرح به فی (التذکرة) لأن فساد البیع یقتضی عدم ثبوت الثمن و من المعلوم أنه لا دخل للقبض و عدمه فی اللزوم و لعله احترز فی الکتابین من لزوم ضمان القیمة أو المثل بالقبض و وصف المبیع بالفاسد غیر مناسب و قد یوجد فی بعض النسخ بیع فاسد لکن لا مرجع حینئذ للضمیر
(قوله) (أو ضمنت به علی أنه بالخیار)
أی لو قال له علی ألف ضمنتها له لکنی شرطت أن یکون لی الخیار فی الضمان لأن ضمن یتعدی بنفسه و بالباء فالضمیر المجرور راجع إلی الألف و بناء ذلک علی أن اشتراط الخیار فی الضمان یفسده کما هو خیرته فی ضمان الکتاب و قد یکون المراد ضمنت به کفالته فتأمّل (و قال) فی (التذکرة) أو قال تکفلت ببدن فلان بشرط الخیار و قلنا بثبوت الخیار فی الکفالة یقتضی بطلانها أو قال ضمنت لفلان کذا بشرط و أبطلناه و ما أشبه ذلک فالوجه بطلان الإضافة و صحة الإقرار و الحکم به کذا فی نسختین منها فتأمّل و قال فی موضع آخر أو أقر بالکفالة بشرط الخیار و أنکر المقر له شرط الخیار قدم قول المقر له عندنا و قال فی (المبسوط) إذا قال تکفلت و ضمنت علی أنی بالخیار ثلاثة أیام فقد أقر بالکفالة و الضمان و وصل إقراره بما یسقطهما فلا یقبل إلا ببینة و قال إن الشرط و العقد صحیحان و مثله ما فی (السرائر) و فی (الشرائع) و (التحریر) لو قال ابتعت بخیار أو ضمنت بخیار أو کفلت بخیار قبل إقراره بالعقد و لم یثبت الخیار و مثله ما فی (التلخیص) و (الإرشاد) فی ابتعت بخیار و ضمنت بخیار و ما فی (النافع) و (التبصرة) فی ابتعت بخیار و یأتی فی الکتاب أنه لو قال ابتعت بخیار أو کفلت بخیار لم یقبل تفسیره و فی (الدروس) أنه لو قال شریت بخیار أو بعت أو کفلت بخیار ففیه الوجهان ثم قال و قطع المتأخرون بعدم سماع الخیار و فی (المسالک) و (الکفایة) أنه الأشهر و لعله أسد مما فی الدروس إذ لم ینعقد إجماع المتأخرین قبله علی ذلک کما ستسمع و فی (نهایة المرام) أن الأصح قبول قوله فی ابتعت بخیار و فی (الکفایة) أن الأصح قبول قوله فی الجمیع و قد تبعا فی ذلک مولانا المقدس الأردبیلی للصحیح کما سمعته و لأن الکلام جملة واحدة و لا یتم إلا بآخره و إنما یحکم بإلغاء الضمیمة إذا کانت مناقضة لما ینضم إلیه و هنا لیست کذلک (قلت) مضافا إلی أصل البراءة و قاعدة الباب و (تنقیح البحث) أن یقال إن قلنا إن اشتراط الخیار فی الضمان و الکفالة یفسدهما کان من باب تعقیب الإقرار بالمفسد کقوله من ثمن مبیع فاسد و لا یصح خرط البیع بخیار فی سلکهما إن قلنا بصحة اشتراطه فیهما أو کان الخیار بالبیع فوجه عدم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 328
لزمه الألف و لم یقبل قوله فی المسقط (1) و لو قال له علی ألف لا تلزم لزمه (2) و لو قال له علی ألف ثم سکت ثم قال من ثمن مبیع لم أقبضه لزمه الألف (3) و لو قال له علی ألف من ثمن مبیع ثم سکت ثم قال لم أقبضه احتمل القبول إن سمع مع الاتصال أو التصدیق و اللزوم (4) و لو قال له علی ألف من ثمن عبد إن سلم سلمت احتمل لزوم الألف معجلا أو بعد تسلیم العبد خاصة (5)
______________________________
ثبوت الخیار ما تقدم فی دعوی الأجل فی أول الباب عند قوله له ألف إذا جاء الشهر و عدم قبض المبیع و أولی بعدم القبول هنا لأن الخیار یقضی إلی سقوط الحق بالاختیار بخلاف التأجیل و عدم قبض المبیع علی بعض الوجوه و فیه ما تقدم فیما إذا قال من ثمن مبیع لم أقبضه خصوصا إذا کان زمن الخیار مضبوطا و لا فاصلة أصلا من سکوت و نحوه (و قد سبق) للمصنف فی جملة من کتبه قبول البدل فی قوله له هذه الدار هبة و قد وافقه علیه ولده و الشهید و المحقق الثانی بل فی الحواشی أنه المشهور کما تقدم ذلک کله و ذلک یقتضی ثبوت الرجوع و الخیار فهو بمنزلة الإقرار بالابتیاع بخیار (و قال) فی (التذکرة) لو قال له علی ألف مؤجلة إلی سنة فإن ذکر الأجل مفصولا بکلام غریب أو سکوت لم یقبل التأجیل و یثبت الدین فی الحال و إن ذکره بغیر فصل من سکوت أو کلام فالأقرب عندی قبول قوله کما قال له علی ألف طبریة أو موصلیة فإنه یقبل تفسیره فکذا هنا و لأنه ربما یکون الحق فی ذمته مؤجلا و لا شاهد له بالتأجیل فلو منع من الإخبار و لم نصدقه تعذر علیه الإقرار بالحق و عدم تخلیص ذمته بالإشهاد فوجب أن یسمع کلامه توصلا إلی تحصیل هذه المصلحة (و قد احتمل) فی (مجمع البرهان) فی کلام الإرشاد إرادة الخیار (المجهول خ) أو أنه مبنی علی القول بعدم جوازه فی الضمان و لکن یأباه عبارة (المبسوط) فی الثانی و قوله فی (الإرشاد) و غیره افتقر إلی البینة إلا أن یحمل علی أنه أقر ثم ادعی أنی قلت بخیار من غیر تعیین و کان مجهولا أو ادعی أنی قلت ضمنت بخیار مریدا بطلان إقراره و حینئذ یحتاج إلی البینة علی ذلک فلیتأمّل و أنت إذا أجدت التأمّل فی کلام (الریاض) فی المقام و لحظت ما ذکرناه هنا و فی مسألة قوله من ثمن مبیع لم أقبضه عرفت أن خلطه فی الریاض بین المسألتین إیجاز مخل مع سهو فی النقل کما عرفت فیما تقدم
(قوله) (لزمه و لم یقبل إقراره فی المسقط)
هذا جواب لو فی المسائل الخمس
(قوله) (و لو قال له علی ألف لا تلزم لزمه)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (مجمع البرهان) لأن الإقرار یقتضی اللزوم فقوله لا یلزم لا یسمع و قال فی الأخیر إلا أن یؤول بأنه لا یلزمنی الآن دفعه فإنه مؤجل فلیتأمّل فی القبول حینئذ قلت و لعل وجه عدم الضمان أن یکون له علیه ذلک من ثمن مبیع غیر لازم أو من هبة له الرجوع فیها و فیه أن ذلک فی حکم المسقط المناقض
(قوله) (و لو قال له علی ألف ثم سکت ثم قال من ثمن مبیع لم أقبضه لزمه الألف)
هذه هی المسألة الثانیة من المسائل الثلاث و قد عرفت الحال فیها
(قوله) (و لو قال من ثمن مبیع ثم سکت ثم قال لم أقبضه احتمل القبول إن سمع مع الاتصال أو التصدیق أو اللزوم)
هذه هی المسألة الثالثة من المسائل الثلاث و قد عرفت الحال فیها أیضا و قد أشرنا عند حکایته إلی أن التصدیق معطوف علی قوله مع الاتصال
(قوله) (و لو قال له علی ألف من ثمن عبد إن سلم سلمت احتمل لزوم الألف معجلا أو بعد تسلیم العبد خاصة)
قال
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 329
و لو قال له ألف مؤجلة أو زیوف أو ناقصة لم یقبل مع الانفصال و مع الاتصال إشکال (1) و لو قال له ألف مؤجل من جهة تحمل العقل قبل قطعا (2) و لو قال من حیث القرض لم یقبل قطعا (3)
______________________________
فی (المبسوط) إن وصل الکلام کان القول قوله مع یمینه و قد حکاه فی (التذکرة) عن الشیخ ساکتا علیه و کذا ولده فی (الإیضاح) و لا فرق بین هذه و بین ما سبق إلا أن المبیع هنا معین من حیث کونه عبدا و مطلق فی السابق و قد عرفت أن الشیخ صرح بعدم الفرق بینهما فیجی‌ء علی قوله فیه عدم اشتراط الاتصال فیما إذا قال له علی ألف من ثمن مبیع ثم سکت ثم قال لم أقبضه أنه لا فرق عنده هنا بین الاتصال و الانفصال و لهذا قال فی (الدروس) قیل یلزمه الألف اتصل أو انفصل
(قوله) (و لو قال له ألف مؤجلة أو زیوف أو ناقصة لم یقبل مع الانفصال و مع الاتصال إشکال)
قد تقدم الکلام فیما إذا قال له علی ألف مؤجلة مع الاتصال فی أول الباب عند قوله لو قال له علی ألف إذا جاء رأس الشهر مسبغا محررا و قد حکینا عن عشرة کتب أنه یقبل منه الإقرار بالأجل و عن المسالک نسبته إلی الأکثر و عن (جامع المقاصد) أنه قال علیه الفتوی و حکینا عدم القبول و أنه یلزمه الألف حالة عن سبعة کتب و عن أبی علی و عن (التذکرة) نسبته إلی الأکثر (و أقوی) ما یستدل للقبول بعد الأصل و القاعدة صحیح هشام کما تقدم بیانه و قلنا إنه مع الانفصال لا بحث فی عدم القبول کما فی (جامع المقاصد) و قد (تقدم) للمصنف فی الأقاریر المجهولة فی البحث الرابع أنه لو فسر الألف بالناقص النادر قبل مع اتصاله و حکیناه عن (المبسوط) و (الشرائع) و (التحریر) و (التذکرة) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و حکیناه عن (الإیضاح) أنه قال فیه إن الأصح عدم القبول و قال فی الکتاب أیضا إنه لو فسر بالمغشوشة مع اشتمالها علی الفضة قبل و حکینا ذلک عن (المبسوط) و ما ذکر بعده آنفا و حکینا عن (الإیضاح) العدم و استوفینا الکلام فی المسألتین فیکون ما هنا رجوعا عن الفتوی إلی التردد و الدراهم الزیوف هی المردودة بغش ذکره فی القاموس
(قوله) (و لو قال ألف مؤجل من جهة العقل قبل قطعا)
القبول خیرة (التحریر) و قال فی (الدروس) أنه أظهر و منهم من قطع به و هو ضعیف لأنا لا نأخذ بأول کلامه و الباقی مناف فإن سمع مع الاتصال فلا فرق بینه و بین غیره و إن لم یسمع فکذلک انتهی و فی (جامع المقاصد) ینبغی القطع بالقبول هنا إذا صدقه المقر له علی السبب أما بدونه فإنه غیر ظاهر بل فیه الإشکال السابق و قال فی (التذکرة) إن ذکر ذلک فی صدور إقراره فهو مقبول لا محالة بأن قال قتل عمی فلانا خطاء و لزمنی من دیة ذلک ألف إلی سنة و لو قال علی ألف مؤجل من جهة تحمل العقل ففی القبول وجهان قلت القبول أوجه الوجهین للصحیح و الأصل و القاعدة
(قوله) (و لو قال من حیث القرض لم یقبل قطعا)
کما إذا قال علی ألف اقترضتها مؤجلة و فی (التذکرة) الإجماع علی ذلک و فی (جامع المقاصد) لو لا دعوی الإجماع لأمکن إلحاقه بموضع الإشکال و فی (الدروس) لم یقبل إلا أن یدعی تأجیله بعقد لازم قلت أو بنذر و نحوه و الأصل و القاعدة و الصحیح تقضی بقبول قوله حینئذ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 330
و لو قال ابتعت بخیار أو کفلت بخیار لم یقبل تفسیره (1) و لو أقر العجمی بالعربیة ثم قال لقنت فإن کان لا یفهم سمعت دعواه (2) و إلا فلا

[السادس لو قال له عندی دراهم ودیعة]

السادس لو قال له عندی دراهم ودیعة قبل تفسیره سواء اتصل کلامه أو انفصل (3) و لو ادعی المالک أنها دین فالقول قوله مع الیمین (4)
______________________________
(قوله) (و لو قال ابتعت بخیار أو کفلت بخیار لم یقبل تفسیره)
قد تقدم الکلام فیه مستوفی
(قوله) (و لو أقر العجمی بالعربیة ثم قال لقنت فإن کان لا یفهم سمعت دعواه)
أی مع الإمکان کما فی (الدروس) و (جامع المقاصد) و هو معنی ما فی (المبسوط) و (السرائر) و (الجامع) و (التلخیص) و غیرها لأنا إذا علمنا أنه لا یفهم فلا بحث فی سماع دعواه کما أنه لا بحث فی العدم إذا علمنا أنه یفهم و إن جهل حاله سمع قوله للأصل و الظاهر لأن الظاهر من حال العجمی أن لا یعرف العربیة و بالعکس و الأصل عدم التعلم و فی (المبسوط) و (السرائر) أنه إن کان عالما بمعنی ما یقوله لزمه إقراره و إن قال قلت ذلک و لا أعرف معناه فإن صدقه المقر له لم یلزمه شی‌ء فإن کذبه فالقول قوله مع یمینه إن لم یدر معناه لأن الظاهر من حال العربی أن لا یعرف بالعجمیة و من حال العجمی أنه لا یعرف بالعربیة فقدم قوله لهذا الظاهر و نحوه ما فی الجامع
(قوله) (السادس لو قال له عندی دراهم ودیعة قبل تفسیره سواء اتصل کلامه أو انفصل)
کما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) و هو قضیة إطلاق کلام (السرائر) حیث قال قبل تفسیره و قضیته سواء اتصل أو انفصل بل قضیة کلام (الخلاف) و (الغنیة) و (الإیضاح) لأنه قبل تفسیره فیها بالودیعة فیما إذا قال له علی دراهم ودیعة بل هو قضیة کلام (الشرائع) عند التأمّل و حکی فی (جامع المقاصد) إطباقهم علی قبول تفسیره سواء صدقه علیه المالک أم لا لأن تفسیره بذلک مع الاتصال لا یرفع مقتضی الإقرار فیقبل و أما مع الانفصال فلأن قوله عندی یحتمل الودیعة و غیرها فیکون التفسیر بها تفسیرا للفظ ببعض محتملاته معتضدا بأصل البراءة و قاعدة الباب من أنه یقبل فیه الاحتمال النادر
(قوله) (و لو ادعی المالک أنها دین فالقول قوله مع الیمین)
هذا لم نجده لغیر المصنف من الخاصة و العامة (قال) الشهید فی (الحواشی) فإن قیل تقدیم قبول المالک ینافی قبول تفسیر الودعی قلت قبول تفسیره محمول علی عدم مخالفة المالک و فیه أن هذا یقضی بعدم الفرق بین هذه المسألة و غیرها و صریح کلامهم أنها غیرها کما سمعت و قد سمعت إجماع (جامع المقاصد) علی قبول تفسیره سواء صدقه علیه المالک أم لا مضافا إلی مخالفته للإطلاق المتبادر من العبارة و قد یوجه کلام المصنف بأن الودیعة یقتضی القبض و الأخذ من المالک و قضیة قولهم (ع) علی الید ما أخذت أنه یجب أن یقدم قول المالک فی أنها دین لأن الدین لا تتحقق البراءة منه إلا بالأداء و لو قدمنا قول المقر لوجب أن یقبل قوله فی المسقط کالتلف و هو خلاف مقتضی الخبر و فیه أن ذلک إنما یکون خلاف الخبر لو لم تکن یده تقتضی قبول قوله أما معه فلا لأن الأصل براءة ذمته فإذا أقر بما یشغلها وجب الإقتصاد علیه و إنما أقر باشتغالها بحکم الودیعة فلا یتعدی إلی حکم الدین و غیره مضافا إلی قاعدة الباب و قد یوجه أیضا بأن کونها ودیعة یتضمن قبول قول المقر فی الرد و فی التلف و ذلک زائد علی أصل کونها ودیعة و هو دعوی علی الغیر و قد قالوا (ع)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 331
بخلاف ما لو قال أمانة (1) و لو قال له عندی ودیعة و قد هلکت (2) أو رددتها (3) إلیه لم یقبل منه (4) أما لو قال کان له عندی قبل (5) و لو قال له علی ألف ودیعة لم یقبل تفسیره (6)
______________________________
البینة علی المدعی فیجب أن لا ینفذ الإقرار لأن نفوذه فی حق المقر دون غیره و فیه أن تقدیم قول المقر أنما هو لأصل البراءة لعدم تحقق شاغل سوی الودیعة التی أقر لها و لقاعدة الباب و لأن الملزوم إذا ثبت یثبت اللوازم فلم یکن تقدیم قوله لکونه مدعیا کما تضمنه التوجیه و لعله لذلک لم یذکره غیره
(قوله) (بخلاف ما لو قال أمانة)
معناه أنه لو قال له عندی دراهم أمانة و ادعی المالک أنها دین قدم قول المقر مع الیمین و لم یقدم قول المالک کما قدمه فیما لو قال ودیعة لوجود الفرق بأن الأمانة لا تستلزم القبض لإمکان وضع المالک أو غیره لها فی منزله و إطارة الریح لها إلی ملک المقر فلم تدخل فی عهدته إلی أن یؤدیها و أما الودیعة فلأن اعترافه بها یستلزم القبض و الأصل فیه الضمان للخبر کذا حکاه الشهید عن إملاء المصنف و قد عرفت الوجه فی تقدیم قول المقر أمانة کانت أو ودیعة و أنه لا ضمان علیه فالفرق غیر فارق و الحکم فیهما واحد
(قوله) (و لو قال له عندی ودیعة و قد هلکت)
أی لم یقبل منه کما فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و هو قضیة کلام (الدروس) لمنافاته قضیة الإقرار فإن التالف لیس عنده و لا هو ودیعة و فیه تأمّل یعرف مما تقدم کما فی (مجمع البرهان) قلت و مما یأتی
(قوله) (أو رددتها)
أی لا یقبل منه کما هو صریح (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و قضیة کلام (المبسوط) و (التذکرة) لأن المردود کالتالف لیس عنده و لا هو ودیعة
(قوله) (لم یقبل منه)
جواب لو الشامل للأمرین
(قوله) (أما لو قال کان له عندی قبل)
کما فی (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و معناه أنه تسمع دعواه بیمینه لأن کان لا یقتضی البقاء إلی زمن الإقرار بل هی عرفا تقتضی العدم فلم یکن هناک مناقضة لإقراره بل لو قلنا إنها لا تقتضی البقاء و لا عدمه فلا مناقضة أیضا مضافا إلی الأصل و قاعدة الباب لکن قد تقدم لهم عدم قبول قوله فیما إذا قال کان له علی ألف و قضیتها أو قضیت منها خمسمائة
(قوله) (و لو قال له علی ألف ودیعة لم یقبل تفسیره)
کما فی (السرائر) و (التحریر) و فی (الخلاف) و (المبسوط) و (الغنیة) و (التذکرة) و (شرح الإرشاد) لولده و (الدروس) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) أنه یقبل تفسیره و حکی فی (الخلاف) و (الإیضاح) علیه الإجماع قال فی (الخلاف) قد أجمعنا علی أنه إذا قال لفلان علی ألف درهم ودیعة قبل ذلک منه قلت لأن علی لا تقتضی ثبوت الألف فی الذمة لأنه قد یراد بها ذلک و قد یراد بها أنها صارت مضمونة علیه بالتعدی و أن حفظها لازم لذمته و التخلیة بینه و بینها لأن علی تقتضی کون المقر به حقا علی المقر و ذلک یحتمل وجوها متعددة فلا صراحة فیها بکونها فی الذمة للأصل و قاعدة الباب (حجة المصنف) هنا أن علی تقتضی الثبوت فی الذمة فلا یصدق فی دعواه لوازم الودیعة کالرد و التلف لو ادعی أحدهما لأن ذلک إنما یکون فیما یثبت کونه أمانة و لفظ علی ینافی ذلک و تمام الکلام فی المسألة التی بعد هذه (و کیف کان) فلا یعجبنی جزمه هنا بعدم القبول کتردده فیما یأتی بعدها و هما من سنخ واحد مع دعوی الإجماع من الشیخ و ولده
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 332
و یلزمه لو ادعی التلف (1) و لو قال لک علی ألف و أحضرها و قال هذه التی أقررت بها و هی ودیعة کانت لک عندی فقال المقر له هذه ودیعة و التی أقررت بها غیرها و هی دین علیک احتمل تقدیم قول المقر لإمکان الضمان بالتعدی و لا یقبل قوله فی سقوط الضمان لو ادعی التلف و تقدیم قول المقر له (2) و کذا لو قال لک فی ذمتی ألف و جاء بها و قال هی ودیعة و هذه بدلها (3)
______________________________
علی خلافه و قد نقل حکایته عن (الخلاف) هو و غیره فی المختلف و غیره ساکتین علیه
(قوله) (و تلزمه لو ادعی التلف)
کما فی (السرائر) و (التحریر) کما أنه لا یلزمه علی القول الآخر و یصدق بیمینه
(قوله) (و لو قال لک ألف و أحضرها و قال هذه التی أقررت بها و هی ودیعة کانت لک عندی فقال المقر له هذه ودیعة و التی أقررت بها غیرها و هی دین علیک احتمل تقدیم قول المقر لإمکان الضمان و لا یقبل قوله فی سقوط الضمان لو ادعی التلف و تقدیم قول المقر له)
قد ذکر المصنف الاحتمالین من دون ترجیح کما لا ترجیح فی (الحواشی) و بالاحتمال الأول جزم فی (الخلاف) و (المبسوط) و (الشرائع) و (التحریر) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده (و مجمع البرهان) و فی (التذکرة) و (الإیضاح) أنه أقوی و فی (المختلف) أجود و فی (الدروس) أنه الوجه و فی (المسالک) أنه أصح و قد نسبه فیه إلی الأکثر (قلت) لا خلاف إلا من ابن إدریس و أبی حنیفة و أحمد فإنهم رجحوا الاحتمال الثانی و هو تقدیم قول المقر له و لا فرق عندهم بین الاتصال و الانفصال و لهذا لم یذکر فی (الشرائع) إلا حالة الانفصال لیدل علی تلک بالأولویّة و هو المستفاد من عبارة الکتاب و المبسوط و غیرهما حیث قالوا و أحضرها و نحوه و (به صرح) جماعة کالمحقق الثانی و الشهید الثانی نعم فرق بعض العامة بین الاتصال و الانفصال (احتج) الشیخ بأصل البراءة قلت و بقاعدة الباب (و احتج) ابن إدریس بما اعترض به الشیخ علی نفسه بأن لفظة علی تقتضی الإیجاب فی الذمة بدلالة إذا قال الألف الذی علی فلان علی کان ذلک ضمانا فیدل علی أنها تقتضی إیجابا فی الذمة فإذا کان کذلک فقد ألزم نفسه فی الذمة مالا فجاء بمال آخر فلم یسقط ما لزم فی ذمته کما لو أقر بثوب فأتاه بعبد فإن العبد یکون له و له أن یطالبه بالثوب (و جوابه) ما أجاب به الشیخ بأن لفظة علی و إن کانت تقتضی الإیجاب فقد یکون لحق فی الذمة فیجب علیه تسلیمه بإقراره و قد یکون فی یده فیجب رده و تسلیمه إلی المقر بإقراره فبأیهما فسره کان مقبولا کما لو قال له علی ثوب کان له تعیینه من أی نوع شاء من الأنواع التی یحتملها اللفظ أ لا تری أنا أجمعنا علی أنه إذا قال لفلان علی ألف درهم ودیعة قبل منه ذلک و لو کان قوله لفلان علی ألف یقتضی الذمة وجب أن لا یقبل تفسیره بالودیعة لأنه أقر بألف ثم عقبه بما یسقط فلما أجمعنا علی قبول تفسیره بذلک دل علی ما ذکرناه علی أن حروف الصلات یقوم بعضها مقام بعض کما فی قوله تعالی وَ لَهُمْ عَلَیَّ ذَنْبٌ أی عندی وَ لَأُصَلِّبَنَّکُمْ فِی جُذُوعِ النَّخْلِ یعنی علی فیجوز أن یکون قوله علی یرید به عندی و إنما جعلنا قوله الألف التی علی فلان علی ضمانا فی الذمة لأنه قصد به الإلزام الذی علیه و ذلک لا یثبت إلا فی الذمة فوجد ما یدل علی الثبوت فی الذمة هنا بخلاف مسألتنا
(قوله) (و کذا لو قال لک فی ذمتی ألف و جاء بها و قال هی ودیعة و هذه بدلها)
أی یجی‌ء
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 333
أما لو قال لک فی ذمتی ألف و هذه التی أقررت بها کانت ودیعة لم یقبل (1) و لو قال له علی ألف و دفعها ثم قال کانت ودیعة و کنت أظنها باقیة فبانت تالفة لم تقبل لأنه مکذب لإقراره (2)
______________________________
الاحتمالان السابقان القبول و عدمه و الأول خیرة (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده (و التلخیص) و (الدروس) و (مجمع البرهان) و فی (جامع المقاصد) أنه أرجح و کأنه قال به فی (الحواشی) و قال فی (المسالک) إنه لم یقبل منه فی الصورة الأولی فهنا أولی و إن قبلنا قوله فوجهان قلت و وجه القبول أنه تجوز فی الودیعة فی الأصل و أنها تلفت و أراد بها فی ذمتی إن تلفت لأنی تعدیت فیها أو أنه یجب علی تسلیمها فالمجاز ممکن و استعماله مشهور أو معتضدا بأصل البراءة المقطوع به و قاعدة الباب کما یأتی إیضاح ذلک فی المسألة التی بعدها و وجه العدم أن العین لا تثبت فی الذمة و الأصل فی الکلام الحقیقة و فی (المسالک) أنه لا یخلو عن قوة قلت هو فی غایة الضعف ثم إنه قد اختار قبول قوله فی السابقة حیث قال علی و هو مثل فی ذمتی لأنه الظاهر منه و إن سلمنا الفرق لظهور ذمتی فی غیر الودیعة فلا یمنع إطلاقه علیها بل علی الحاضرة مجازا
(قوله) (أما لو قال لک فی ذمتی ألف و هذه التی أقررت بها کانت ودیعة لم یقبل)
کما قواه فی (المبسوط) و جزم به فی (الشرائع) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده و (التلخیص) و (الحواشی) و (المسالک) و فی (جامع المقاصد) أنه أولی و فی (الدروس) أن الوجه المساواة لما قبلها و أنه یقبل و فی (مجمع البرهان) أنه ینبغی ذلک و فی (جامع المقاصد) أیضا أنه لیس ببعید و فی (التذکرة) فیه الوجهان لکن فی جملة منها أنه قال لک فی ذمتی ألف و أحضرها و قال هذه هی التی أقررت بها کانت ودیعة و هو المراد من عبارة الکتاب و نحوها مما لم یذکر فیه أحضرها أو هذه و بالجملة الظاهر من عباراتهم أنه قال لک فی ذمتی ألف و أحضر ألفا و قال مشیرا إلیها هذه هی التی أقررت بها و قد کانت ودیعة حین الإقرار و تلفت فقال المقر له هذه ودیعة و لی علیک ألف أخری دین و هی التی أردت بإقرارک فتکون هذه إشارة إلی الألف التی أحضرها فیجی‌ء فیها حینئذ الاحتمالان و أما لو کانت إشارة إلی الألف التی فی ذمته لم یجز فیها الاحتمالان و لم یلزمه سوی ما أقر به لأنه لم یقر بشی‌ء آخر نعم یکون قد وصف المقر به بوصف یمتنع ثبوته له و لم یقل و هذه بدلها حتی یکون کالتی قبلها فوجه العدم أنه قد جمع بین وصفها بکونها فی الذمة و کونها ودیعة و ما فی الذمة لا یکون عینا فلا یکون ودیعة و لم یذکر تأویلا کقوله هذه بدلها فلیست کالأولی لأنه لم یصرح فیها بکون المقر به فی الذمة و لا کالثانیة لأنه و إن صرح فیها بکونه فی الذمة لکنه قد صرح فیها بأن الذی أحضره بدلها فارتفع التنافی و وجه القبول أن تسلیمها واجب فی الذمة فیصح أن یقول لک فی ذمتی و المجاز ممکن فی الودیعة باعتبار کونها عوضا و سببا عنها فیکون قد تجوز فی حکمه بأن المأتی به کان ودیعة و استعماله مشهور مع اعتضاده بالأصل المقطوع به و قاعدة الباب لأن التفریط یجعلها فی الذمة و إن کانت عینها باقیة (و کیف کان) فلا بد فی صورة التلف من مضی زمان یمکن فیه تلفها بین الکلامین و إلا لم یقبل قوله لظهور کذبه فی أحد القولین
(قوله) (و لو قال له علی ألف و دفعها ثم قال کانت ودیعة و کنت أظنها باقیة فبانت تالفة لم یقبل قوله لأنه مکذب لإقراره)
أی لأن تفسیره مکذب لإقراره لأنه إقرار بقوله علی و هذا یقضی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 334
أما لو ادعی تلفها بعد الإقرار قبل (1) بالبینة (2) و لو قال له عندی ودیعة دینا أو مضاربة دینا صح و لزمه الضمان لأنه قد یتعدی فیها فیکون دینا (3) و لو قال أردت أنه شرط علی ضمانها لم یقبل (4)
______________________________
بکونها مضمونة علیه لازمة لذمته لتعدیه فیها و تفسیره و هو قوله کانت ودیعة و کنت أظنها باقیة قبل الإقرار فبانت تالفة بغیر تفریط یقضی بأنها غیر مضمونة لأنه یرید بذلک رفع الضمان عنه لأن تلفها قبل الإقرار بدون تفریط لا یوجب الضمان فقد تناقض الکلامان (و بعدم) القبول فی الفرض المذکور صرح فی (المبسوط) فی موضعین و (الغنیة) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و کذا (المسالک) و (قوله) و دفعها موجود فی (الشرائع) و (التحریر) و قد خلا عنه (المبسوط) و (الغنیة) و (التذکرة) و غیرها فما فی (المسالک) من أنه فی الشرائع تبع به الشیخ فلعله لأنه ظفر بنسخة من (المبسوط) کذلک و الظاهر أنهما جریا به علی النهج السابق لأن المسائل السابقة قد فرض فیها أنه دفعها إلا أنه له فیها مدخل فی الحکم و لا دخل له هنا لأنه لو ادعی ذلک من غیر دفع لم یتغیر الحکم لتحقق التناقض أیضا بل کان ذلک أظهر فی الدعوی بل قد یقال إنه علی تقدیر الدفع لا یبقی للدعوی الثانیة فائدة إذ لیس البحث هنا إلا عن أخذ الألف بخلاف ما سبق فتأمّل (و قد قید) فی (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) بیان تلفها بکونه بغیر تفریط و هو المراد من عبارات الجماعة إذ لو کانت مضمونة لم یکن مکذبا لإقراره لأنها حینئذ تصیر علیه کما أن المراد عن عباراتهم أن التلف قبل الإقرار و إن أطلقوا بقرینة قولهم بعد ذلک کما ستسمع أما لو ادعی تلفها بعد الإقرار قبل إلا عبارة الکتاب فإن المراد به عدم القبول مطلقا و لا مع البینة لما ستسمع و بعد ذلک فلعل إطلاقهم مبنی علی الظاهر من قوله علی و هو فی الذمة لا أنه یجب علیه فی ذمته حفظه و تسلیمه فلو قیل بقبول قوله أیضا کما قیل فیما سبق کان أولی بل هنا أولی لأن قوله کان مبنیا علی الظاهر من أنها موجودة یجب علیه حفظها و کونها عنده کما سبق و إنما ظهر بعد الإقرار تلفها قبله فلا منافاة علی هذا مضافا إلی الأصل و قاعدة الباب و فی (الدروس) إن عللنا باحتمال التجوز صدق بیمینه و إن عللنا باحتمال التفریط غرم
(قوله) (أما لو ادعی تلفها بعد الإقرار قبل)
کما فی (المبسوط) و (الغنیة) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (المسالک) لعدم التنافی عندهم لأنه ادعی تلف ما أقر به بعد ثبوته بإقراره
(قوله) (بالبینة)
کما فی (جامع المقاصد) علی الظاهر و هذا یقضی بأن قوله سابقا لم یقبل یراد به عدم القبول مطلقا و لا مع البینة و قضیة کلام (الدروس) إن عللنا باحتمال التفریط عدم القبول قبل الإقرار و بعده مع البینة و بدونها و هو کذلک فلیلحظ
(قوله) (و لو قال له ودیعة دینا أو مضاربة دینا صح و لزمه الضمان لأنه قد یتعدی فیها فیکون دینا)
کما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و کذا (الحواشی) و صریح کلام (المبسوط) أنه لو فسر کلامه فی الودیعة و المضاربة بأنه تعدی فیهما قبل منه و قضیة کلام الکتاب و (التحریر) أنه ینزل کلامه علی ذلک لأنه محتمل و قضیته أنه لو فسر بذلک کان أولی بالقبول عملا بالأصل فیهما و قاعدة الباب فلا یلزمه ألفان و نصب دین فی کلامهم علی التمیز کما فی (الحواشی) و جوز رفعه علی البدلیة و وحد الضمیر فی قولهم فیها لمکان أو
(قوله) (و لو قال أردت أنه شرط علی ضمانها لم یقبل)
کما فی (التذکرة) و (التحریر)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 335
و لو قال أودعنی مائة فلم أقبضها أو أقرضنی مائة فلم آخذها قبل مع الاتصال علی إشکال (1)

[السابع لو أقر بالبیع و قبض الثمن ثم أنکر]

السابع لو أقر بالبیع و قبض الثمن ثم أنکر و ادعی الإشهاد تبعا للعادة من غیر قبض فالأقرب سماع دعواه فیحلف المشتری (2)
______________________________
و (جامع المقاصد) لأن ذلک شرط فاسد لأنها لا تکون بذلک دینا کما قد تقرر فی محله و قد صرح فی (المبسوط) و (السرائر) و (التذکرة) و (التحریر) أیضا أنه لو قال له مائة ودیعة و شرط علی ضمانها لم یلزمه الضمان و أطالوا فی بیانه و قد یظهر من کتب المصنف الثلاثة أنه یلزمه حینئذ ألف أخری لأنه قد أقر بألف دینا و التفسیر یقتضی وجود ألف ودیعة مشروط ضمانها و استبعده فی (جامع المقاصد) لأنه قد فسر الألف التی قال إنها دین بتفسیر فاسد و لاحتمال أن یرید أن صیرورتها دینا لتلفها مع اشتراط ضمانها و حینئذ فیلغو التفسیر لأنه یقتضی عدم الاستحقاق و هو مناف للإقرار فیجب علیه فی ذمة المقر به لا غیر
(قوله) (و لو قال أودعنی مائة فلم أقبضها أو أقرضنی مائة فلم آخذها قبل مع الاتصال علی إشکال)
کما ذکر ذلک بعینه فیما وجدناه فیما عندنا من نسخ (التذکرة) و لا ترجیح أیضا فی (الإیضاح) و (الدروس) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) بل صرح فی الأخیر أنه من المتوقفین و نحن لا توقف عندنا و لا إشکال فی القبول مع الاتصال کما جزم به فی (التحریر) و حکاه فی (جامع المقاصد) عن (التذکرة) لاستعمال أودعنی و أقرضنی فی إیجاب الودیعة و القرض عرفا فیقال أودعنی فلم أقبل و أقرضنی فلم أقترض و أن ذلک حقیقة عرفیة کما فی (الإیضاح) و فی ذلک أکمل بلاغ فی وجوب حمل کلامه علی عرفه مضافا إلا أصل البراءة و قاعدة الباب و أن الکلام کالجملة الواحدة کما أفصح به الخبر الصحیح کما تقدم غیر مرة سلمنا و ما کان لیکون إلا أن یکون المقر فقیها فأقل أحواله أن یکون مجازا و التفسیر به مع القرینة و هی اتصال الکلام صحیح معتضدا بما ذکرنا (و وجه) عدم القبول أن الإیداع و الإقراض شرعا أنما یکونان مع القبض و الأخذ فیکون آخر الکلام مناقضا لأوله و هو کما تری إذ ذلک فی کلام الفقیه إذا تکلم فی الفقه لا فی محاورات العرف بل لو قیل بالقبول مع الانفصال لکان وجها لاحتمال الحقیقة العرفیة و الحقیقة المتشرعیة فیحمل علی الأولی معتضدا بما ذکرنا غیر أنه صرح فی (جامع المقاصد) بالقطع فیه بعدم القبول لکنه حکی عن (التذکرة) أنه قال بالقبول فی صورة الانفصال علی الظاهر لأن النسخة فیها سقط علی الظاهر أیضا و مثله باع منی فلم أقبل کما فی (الدروس) و (جامع المقاصد) أو اشتریت منه فلم یوجب علی القول بتقدیم القبول کما فی (الدروس) بل منه نقد لی ألفا فلم أقبضها و المخالف فی الأخیر أبو یوسف
(قوله) (و لو أقر بالبیع و قبض الثمن ثم أنکر و ادعی الإشهاد تبعا للعادة من غیر قبض فالأقرب سماع دعواه فیحلف المشتری)
هذا معنی ما فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده و (التلخیص) و (الإیضاح) و (الدروس) و (اللمعة) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (مجمع البرهان) و الکفایة و فی جملة منها کالمبسوط و غیره بدل ادعی الإشهاد إلی آخره أنه قال تواطینا علی الإقرار بالقبض و لم یحصل القبض و فی جملة منها (کالشرائع) أنه أشهد بالبیع و قبض الثمن ثم أنکر فیما بعد و ادعی أنه أشهد تبعا للعادة إلی غیر ذلک من الاختلاف الیسیر فی التعبیر مع الاتحاد مع المراد (و قد جزم) به فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 336
و کذا لو أقر بالاقتراض ثم ادعی الإشهاد فی الصک قبل القبض حلف المقرض (1) أما لو شهد الشاهدان بمشاهدة القبض فی الموضعین لم تسمع دعواه و لا یمین علی المدعی (2)
______________________________
(المبسوط) و ما ذکر بعده عدا (الشرائع) فإنه قال فیها إنه أشبه و (الإیضاح) و (جامع المقاصد) فإن فیهما أنه أصح و (الکفایة) فإن فیها کالکتاب أنه أقرب و فی (المسالک) أنه مذهب الأکثر و فی (الکفایة) أنه أشهر و فی (الشرائع) و جملة مما تأخر عنها أن فیها قولین و لم نجد القول الآخر لأحد منا و لا من العامة إلا ما یفهم من أبی إسحاق من الشافعیة فی الهبة و قد تقدم فی باب الهبة أنه لو أقر بالهبة و الإقباض و ادعی المواطاة کان له الإحلاف و قد حکینا هناک عن ثمانیة کتب منها الکتاب و لم نجد هناک خلافا أیضا و لعلهم أشاروا بالخلاف إلی ما بنیت علیه المسألة و هو سماع الدعوی بالإقرار کما صرح به هناک المحقق الثانی و غیره و قد قیل إنهم اختلفوا فی أنها هل تسمع أم لا و قد ذکرنا فی باب القضاء عن المصنف فی الکتاب و ولده و الصیمری و الشهید الثانی أنها تسمع و عن (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) التردد و لم نجد من أفصح بالخلاف فیها أیضا ثم إن من تردد هناک أفتی هنا فی البابین بالسماع و أن له الإحلاف (و کیف کان) فالوجه فی السماع جریان العادة بذلک و أنه مما تعم به البلوی فلو لم تسمع لزم الضرر فیحلف المشتری و إن کان فی أول الأمر مدعیا علی البائع الإقرار بالقبض و لکن لما صدقه بوقوع الإقرار و ادعی معه أمرا آخر و هو کونه مواطاة تبعا للعادة من الإشهاد علی القبض من دون وقوعه لإقامة الشهادة و الحجة خوفا من تعذر الشهود وقت الإقباض کانت هذه الیمین فی مقابلة هذه الدعوی و لیس فی ذلک تقدیم لقول مدعی القبض بل سماع لدعواه و توجه الیمین له لأن هذه المواطاة خلاف الأصل بل و خلاف الشرع لأنه کذب إلا أن یقع علی وجه یخرجه عن ذلک و الأصل و الضابط یقضیانه فکان له علیه الیمین (و کلام المبسوط) و (الشرائع) و (الکتاب) و غیرها أنه یحلف المشتری أن له إحلافه و أن علیه الیمین علی اختلاف عباراتهم و هو محتمل للحلف علی الإقباض أو الاستحقاق أو عدم المواطاة و فی (شرح الإرشاد) لولده أنه یحلف علی الإقباض و فی (الدروس) فی البابین أنه لا یحلف علی عدم المواطاة (و قد قلنا) فی باب الهبة فی توجیه کلام الدروس إنا إن قلنا بسماع الدعوی بالإقرار صح له إحلافه علی عدم المواطاة و إلا فلا و قد أطلنا هناک بیانه بما یمکن فلا بد من مراجعته و قد قلنا أیضا إن المتهب یعلم حصول القبض له و عدمه فلیست مسألتنا فی البابین من قبیل الدعوی بالإقرار إلا أن تفرضه أنه لا یعلم ذلک و أنما عول علی إقراره و وجه غیر الأقرب أنه مکذب بدعواه الثانیة لإقراره السابق و قد عرفت أنه معترف غیر مکذب و إنما ادعی أمرا آخر
(قوله) (و کذا لو أقر بالاقتراض ثم ادعی الإشهاد فی الصک قبل القبض حلف المقرض)
کما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (جامع المقاصد) إذ الحکم السابق آت مثله هنا إذ هما من سنخ واحد
(قوله) (أما لو شهد الشاهدان بمشاهدة القبض فی الموضعین لم تسمع دعواه و لا یمین علی المدعی)
عندنا و عند أکثر العامة کما فی قضاء (کشف اللثام) لأنه لیس إحلافا علی الإقرار و به صرح فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (المسالک) و (الروضة) و (مجمع البرهان) و (الکفایة) و هو قضیة کلام (الإرشاد) و (الدروس) و (اللمعة) لأنه طعن فی البینة و فی (تعلیق الإرشاد)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 337

[الفصل الرابع فی الإقرار بالنسب]

اشارة

الفصل الرابع فی الإقرار بالنسب (1) المقر به إما ولد أو غیره أما الولد فیشترط فی الإقرار به عدم تکذیب الحس و الشرع و المقر به و عدم المنازع (2)
______________________________
أنه إن ادعی المواطاة فی الإقباض یقبل منه ذلک لأنه أیضا متعارف (قلت) و الأصل و الضابط یقتضیانه لو لا ما یظهر من إطباقهم علی الإطلاق فی نفیه و مثل ذلک ما إذا أقر عند الحاکم کما فی (الدروس) و تمام الکلام فی باب القضاء
(قوله) (الفصل الرابع فی الإقرار بالنسب)
أجمع العلماء کافة علی أن الإقرار بالنسب مقبول کالإقرار بالمال کما فی (نهایة المرام) و لا خلاف بین العلماء فی ثبوت النسب بالإقرار کما فی (الکفایة) و قد اشتهر بین العلماء قوله (ص) إقرار العقلاء و قد ورد فی الإقرار بالولد أخبار فیها الصحیح و القوی و المرسل
(قوله) (المقر به إما ولد أو غیره أما الولد فیشترط فی الإقرار به عدم تکذیب الحس و الشرع و المقر به و عدم المنازع)
کما ذکر ذلک أو مثله فی (التذکرة) و (الإرشاد) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (مجمع البرهان) و هو معنی ما فی (المبسوط) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (التحریر) و (التلخیص) و (التبصرة) و (نهایة المرام) من أنه یعتبر فیه قیود ثلاثة إمکان التولد و کون المقر به مجهول النسب و عدم المنازع إذ المراد بعدم تکذیب الحس فی الکتاب و ما وافقه إمکان التولد و بعدم تکذیب الشرع أن یکون مجهول النسب لا مشهورا بغیره و قد أدرج مجهول النسب فی الإمکان فی (اللمعة) و (الروضة) و أما اعتبار تصدیق المقر به إن کان بالغا فقد صرح به فی (الکتب المذکورة) مع الکتاب و مع (المبسوط) مع زیادة (الوسیلة) و (المختلف) و (الإیضاح) و (الحواشی) و أبی علی بل حکی فی (المختلف) عن أبی علی أنه قال لا نعلم فیه خلافا و فی (نهایة المرام) نسبته إلی المعظم و فی (الکفایة) إلی الأکثر نعم ظاهر (النهایة) عدم اعتبار تصدیق البالغ کما أن ظاهر (التلخیص) التوقف حیث قال فیه خلاف و سکت و لم یذکره فی (السرائر) فیما عندنا من نسخها مع تعرضه لحال الصغیر و لکن قد حکوا عن ابن إدریس موافقة (المبسوط) و قد وقع فی (السرائر) و (النافع) و بعض نسخ (الشرائع) أنه یشترط فی الإقرار بالولد الصغیر إمکان البنوة إلی آخره و هو یعطی تخصیص القیود الثلاثة بالصغیر و لا وجه له أصلا و قد تبعا بذلک عبارة المبسوط لکنه قال بعد ذلک و إن کان المقر به کبیرا فإنه یعتبر فیه أربعة شروط الثلاثة التی ذکرناها و الرابع تصدیق المقر له فلا وصمة فی عبارة المبسوط أصلا و لا کذلک العبارات الثلاث و شرط فی الکتاب عدم تکذیبه و هو أعمّ من تصدیقه و صریح جماعة کما هو ظاهر الباقین أن عدم التکذیب غیر کاف و لم یذکر فی (النهایة) إلا اشتراط عدم کونه مشهور النسب و لا ریب أنه یشترط و قد سمعت ما حکیناه عن أبی علی لکنه سیقرب المصنف فیما یأتی اعتبار تصدیقه الإمکان و عدم مخالفة الحس و عدم المنازع کما أنه فی (الوسیلة) لم یشترط فی الصغیر إلا جهل نسبه و عدم المنازع کما أنه لا ریب فی أن ذلک کله بعد حصول الصفات المعتبرة فی مطلق المقر من البلوغ و العقل و عدم الحجر (و قضیة) إطلاق (النهایة) و (المبسوط) و (الوسیلة) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (التلخیص) یقضی باستواء الأب و الأم فی الدعوی و هو خیرة (التذکرة) و (الحواشی) و (مجمع البرهان) و المحکی عن (التحریر)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 338
..........
______________________________
فی أحکام الأولاد (و قال) فی (الإیضاح) الحق أن النص لا یتناولها و قربه فی (الدروس) و (الروضة) أنه أصح (فما نسبه) فی (الریاض) إلی الشهیدین و غیرهما من أنهم قالوا إنه أصح غیر صحیح (و لا ترجیح) فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و (نهایة المرام) و موضع من (التذکرة) کالکتاب فیما یأتی (و قد قید) إمکان التولد بالعادة فی (الکتاب) کما یأتی و (الشرائع) و (التحریر) و (الدروس) و (نهایة المرام) و خلا عنه (المبسوط) و (السرائر) و (التذکرة) و (الإرشاد) و غیرها و لعله لأن ابن العشر یمکن التولد منه لکنه خلاف العادة و فی (المسالک) أنه أولی فإمکانه عادة أخص من مطلق الإمکان و المراد بالولد ولد الصلب لا ولد الولد کما طفحت به عباراتهم و سیصرح به المصنف و قد نسب فی (الکفایة) إلی الأصحاب لأنه لا یثبت بمجرد الإقرار نسب ولد الولد و أنه لا بد من تصدیقه تارة و استظهر نفی الخلاف فیه أخری (و لا فرق) بحیث تجتمع الشرائط و یقر به الأب بین تکذیب الأم و عدمها و لا فی الولد بین الذکر و الأنثی رشیدا کان أو لا مراهقا أو لا کما فی (التذکرة) و (مجمع البرهان) و (کیف کان) فالدلیل علی اعتبار القیود الثلاثة الإجماع و الاعتبار بل لعله ضروری و (حجة الفارقین) بین الأب و الأم الإجماع علیه فی الأب کما فی (جامع المقاصد) و (نهایة المرام) و اختصاص النصوص بالرجل فلا یتناول المرأة ففی الخبر إذا أقر الرجل بالولد ساعة لم ینتف عنه أبدا و نحوه المرسل عن رجل ادعی ولد امرأة لا یعرف له أب ثم انتفی من ذلک قال لیس له ذلک و أن ثبوت نسب غیر معلوم علی خلاف الأصل فیقتصر فیه علی المتیقن من النص و الفتوی مع وجود الفارق بإمکان إقامة البینة علی الولادة فیها دونه (و حجة القول) بعدم الفرق اتحاد الطریق و أن العقل یحکم فی طرف الأم بالطریق الأولی کما فی (مجمع البرهان) غیر فارق و أن إقامة البینة علی الولادة غیر إقامة البینة علی ولادته و عموم إقرار العقلاء و خصوص الصحیحین ففی أحدهما عن المرأة تسبی من أرضها و معها الولد الصغیر فتقول هو ابنی و الرجل یسبی فیلقی أخاه فیقول أخی و یتعارفان و لیس لهما بینة علی قولهما فقال ما یقول من قبلکم قلت لا یورثونهم لأنهم لم یکن لهم علی ذلک بینة إنما کانت ولادة فی الشرک فقال سبحان اللّٰه إذا جاءت بابنها أو بنتها و لم تزل مقرة و إذا عرف أخاه کان ذلک فی صحة من عقلهما و لم یزالا مقرین ورث بعضهم من بعض فلا أقل من أن یعمل به فی مورده لکن قوله (ع) سبحان اللّٰه یجری مجری التعلیل فیتعدی بهما عن موردهما إلی مطلق النسب و فی (الإیضاح) أنه قد ورد روایة بصیغة الجمع المذکر و هی لا تتناول الإناث عنده (و لقد تتبعت) الوسائل و فهرستها و الهدایة فی الأبواب التی تضمنت أخبار الإقرار کتاب الإقرار و الوصایا و أحکام الأولاد و القضاء و أحکام اللعان و المواریث فلم أجد إلا الخبر لا یثبت نسب یدعیه النساء و ینکره الرجال و ورثتهم و هو غیر ما ادعاه علی أن عدم ثبوت نسب ما یدعیه النساء مرکب من الأمرین فلا ینبغی أن یقال إنه فیه دلالة من جهة أخری (و وجه) اشتراط التصدیق فی الکبیر أن الإقرار بالنسب یتضمن فی الغیر لأنه أمر إضافی فیتوقف علی تصدیقه أو البینة و أن الأصل عدم ثبوت النسب بدونه و سقط ذلک فی الصبی و المجنون بالإجماع و تعذر التصدیق منهما و ذلک لا یوجب التصدیق هنا اقتصارا فی مخالفة الأصل علی موضع الوفاق و قد یستدل للنهایة بأنه لیس إقرارا فی حق الغیر و إلا لکان کذلک فی حال الصغر و التالی باطل لأنه لا یسمع إقرار غیر الولی علی الطفل فسماع إقراره موقوف علی أبوته فلو ثبتت به دار و فیه أنه لا منازع فی الصغیر فعلا و لا قوة و لا دعوی نقل مال و لا یعارض له فیقبل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 339
و لو أقر ببنوة من هو أکبر منه سنا أو مساویا أو أصغر بما لم تجر العادة بتولده عنه أو بمن بینه و بین أمه مسافة لا یمکن الوصول فی مثل عمر الولد إلیها أو ببنوة مشهور النسب بغیره أو بمن کذبه الولد البالغ لم یثبت (1) و لو نازعه غیره لم یلحق بأحدهما إلا بالبینة (2) أو القرعة (3) و هل حکم المرأة فی إقرارها بالولد حکم الرجل نظر (4) و لا یعتبر تصدیق الصغیر (5)
______________________________
(قوله) (و لو أقر ببنوة من هو أکبر منه سنا أو مساویا أو أصغر بما لم تجر العادة بتولده منه أو بمن بینه و بین أمه مسافة لا یمکن الوصول فی مثل عمر الولد إلیها أو ببنوة مشهور النسب بغیره أو بمن کذبه الولد البالغ لم یثبت)
کما فرع ذلک کله أو أکثره فی أکثر الکتب المتقدمة أو کثیر و الوجه ظاهر فی الجمیع و یبقی الکلام فیما لو نفی نسب ولد باللعان فلتلحقه آخر ففیه وجهان من عدم المنازع و من شبهة الملاعن و لا یخفی ما فی العبارة من وضع الظاهر مقام الضمیر فلو قال أو بمن کذبه و کان بالغا کان أجود
(قوله) (فلو نازعه غیره لم تلحقه بأحدهما إلا بالبینة)
کما فی (المبسوط) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و غیرها کما هو واضح و هذا إذا شرکا أو انتفی عنهما کوطء خالیة عن فراش لشبهة و لو کانت فراشا لأحدهما حکم له به خاصة
(قوله) (أو بالقرعة)
إن فقدت البینة کما صرح به جماعة و أفصحت به الصحاح المستفیضة الواردة فی وطء الشرکاء الأمة المشترکة مع تداعیهم جمیعا ولدها إذ فیها أنه یقرع بینهم فمن خرج کان الولد ولده و هی هی و إن لم تکنها فالطریق متحد
(قوله) (و هل حکم المرأة فی إقرارها بالولد حکم الرجل نظر)
قد تقدم الکلام فیه مسبغا مشبعا
(قوله) (و لا یعتبر تصدیق الصغیر)
إجماعا کما فی (جامع المقاصد) ذکره فی موضع آخر و کذا (المسالک) و (مجمع البرهان) و عند الأصحاب لا أعلم فیه خلافا کما فی (الکفایة) و لا ریب فیه کما فی (نهایة المرام) و بلا خلاف کما فی (الریاض) و (هو قضیة) إطلاق الأخبار فی (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (التلخیص) و (التبصرة) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (مجمع البرهان) و هو قضیة کلام (المبسوط) و (الجامع) بل صریحهما و هو معنی قوله فی (الإرشاد) ألحق فی الحال بل قد یفهم من (المبسوط) نفی الخلاف فیه بالأولویّة کما یأتی فی المیّت و المجنون و (بالجملة) لا أجد فیه خلافا بل زاد فی (المبسوط) أنه لم یعتبر التصدیق فی الصغیر مطلقا ولدا کان أو غیره و مرادهم أنه لا یعتبر تصدیقه حال الصغر کما صرح به جماعة کالمصنف فی (التذکرة) و إن کان مراهقا رشیدا و لا حال کبره بمعنی توقف نفوذ إقرار المقر علی بلوغه و تصدیقه بل ینفذ فی الحال کما صرح به فی (مجمع البرهان) و إلیه أشار فی (الإرشاد) فکل من أطلق کالمصنف فیما عدا التذکرة و المحقق و الشهیدین فلعله أراد المعنیین فتأمّل و فی (نهایة المرام) الإجماع علی أنه لا یتوقف نفوذ الإقرار به علی بلوغه و تصدیقه و فی (الکفایة) أنه لا یعرف فیه خلافا و قد جعلا ذلک فی الکتابین مسألة ثالثة غیر عدم اعتبار تصدیقه و غیر عدم الالتفات إلی إنکاره بعد البلوغ فیکونان قد استنبطا الإجماع و نفی الخلاف من التلازم و إلا فالمصرح
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 340
و لو أنکر بعد بلوغه لم یلتفت إلی إنکاره (1) لسبق ثبوت نسبه فیکون کما لو ثبت بالبینة (2) و لو مات الصغیر ورثه الأب (3) و لو اعترف ببنوة میت مجهول النسب ثبت نسبه و ورثه و إن کان کبیرا ذا مال مع عدم وارث غیره (4)
______________________________
بمعقد ذلک أحد أو اثنان فتأمّل فمتی استلحق صغیرا ثبتت أحکام النسب کلها تبعا لثبوته
(قوله) (و لو أنکر بعد بلوغه لم یلتفت إلی إنکاره)
الظاهر أنه لا خلاف فیه کما فی (نهایة المرام) و لا أعرف فیه خلافا بینهم کما فی (الکفایة) قلت قد صرح به فی جمیع الکتب المتقدمة و لم یجزم به فی (التذکرة) حیث قال الأقرب و فی (التحریر) و (التذکرة) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) أنه لو طلب إحلافه لم یستحلف (قلت) لأن غایته استخراج تصدیقه أو نکوله و کلاهما غیر مسموع کما لا یسمع لو نفی النسب حینئذ صریحا و فی أحد الوجهین للشافعیة أنه یندفع النسب بإنکاره لأنا إنما حکمنا به إذا لم یکن إنکار فإذا تحقق صار کالکبیر ابتداء و فیه أن هذا لو أثر لزم أن لا یثبت قبل البلوغ بل یبقی موقوفا فتأمّل
(قوله) (لسبق ثبوت نسبه فیکون کما لو ثبت بالبینة)
و قد صرح جماعة بأن النسب مبنی علی التغلیب و هذا کأنه مسلم عندهم و لهذا تسمع دعواه بثبوته (بنوته خ) و بینته بمجرد الإمکان حتی أنه لو قتله ثم ادعی بنوته قبل منه و سقط القصاص عنه و علیه فلا یتأثر بالإنکار بعد الحکم بثبوته و الشأن فیه عندهم کالشأن فیما إذا کان فی یده صغیر محکوم له برقه فلما بلغ أنکر أن یکون رقا فإن إنکاره لا یلتفت إلیه
(قوله) (و لو مات الصغیر ورثه الأب)
لثبوت النسب المقتضی للإرث و کذا العکس قال فی (التذکرة) إذا أقر بالولد و حصلت الشرائط ثبت النسب بینه و بین الولد و کذا بین الولد و بین کل من بینه و بین الأب نسب مشهور و قد حکاه عنها جماعة ساکتین علیه و معناه أنه یثبت نسبه مثل الولد للفراش فیکون أبو المقر جدا له و أمه جدة و هکذا و فی (مجمع البرهان) أن ذلک مقتضی کلامهم
(قوله) (و لو اعترف ببنوة میت مجهول النسب ثبت نسبه و ورثه و إن کان کبیرا ذا مال مع عدم وارث غیره)
کما فی (الشرائع) و (التحریر) و (التلخیص) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و کذا (الجامع) و هو قضیة إطلاق (الإرشاد) حیث ذکر جمیع ذلک إلا قوله ذا مال إلی آخره و قضیة إطلاق (المبسوط) و (الجامع) و (اللمعة) حیث قیل فیها و لو ادعی بنوة میت مجهول النسب ثبت نسبه بل فی (المبسوط) أن لا خلاف فیه و ظاهره بین المسلمین و فی (الروضة) أن علیه فتوی الأصحاب و قال فی (المسالک) فی شرح عبارة الشرائع و هی کعبارة الکتاب إن هذا الحکم مشهور بین الأصحاب ذکره الشیخ فی (المبسوط) و غیره و ادعی علیه الاتفاق انتهی و نسب أیضا جمیع ما فی الکتاب فی (جامع المقاصد) إلی الأصحاب و قال إن الشیخ ادعی أن لا خلاف فیه و لعله أراد أن إطلاق المبسوط یتناوله (و استظهر) فی (الریاض) أنه مجمع علیه و أنه لا خلاف فیه یعرف و استشکل فی الحکم فی الکبیر فی (التذکرة) و تأمّل فیه فی (مجمع البرهان) و فی (المسالک) أن عذره فی استشکاله فی التذکرة واضح و فیه و فی (جامع المقاصد) و (مجمع البرهان) أن لا نص فیه و لا إجماع و قد سمعت ما حکیناه عن الأولین (و قد استشکل) فیه أولا فی (جامع المقاصد) ثم استقر رأیه علی موافقة الأصحاب لما حکاه عن المبسوط (قلت) الوجه فی الصغیر واضح و لیس لأحد فیه تأمّل و أما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 341
و کذا المجنون لا یعتبر تصدیقه (1) و الأقرب اشتراط التصدیق فی الکبیر العاقل (2) و لیس الإقرار بالولد إقرارا بزوجیة أمه و إن کانت مشهورة بالحریة (3) و لو أقر ببنوة ولد أمته لحق به و کان حرا إن لم یکن لها زوج (4)
______________________________
الکبیر فوجهه أنه فی حکم الصغیر و المجنون و ستسمع عن (جامع المقاصد) أن لا خلاف فی المجنون فلا یمکن التصدیق فی حقه فیسقط اعتباره فیه مثلهما و الأصل فیه نفی الخلاف فی (المبسوط) و أنه مبنی علی التغلیب و إلا فهو علی خلاف الأصل (و لم یذکر) فی (النهایة) و (الوسیلة) و (السرائر) و (النافع) و (التبصرة) و (الکفایة) و (نهایة المرام) و غیرها و کیف کان فلا ینظر فیهما إلی التهمة لطلب المال لأنه لا یمنع من نفوذ الإقرار مع یسار الصبی و فقر المقر فی حال الحیاة و خالف فی ذلک أبو حنیفة
(قوله) (و کذا المجنون لا یعتبر تصدیقه)
بلا خلاف کما فی (المبسوط) و (جامع المقاصد) و (الریاض) و قد حکی فی الأخیر الإجماع عن بعض الأصحاب و لم نجد إلا ما سمعت و (قد نص) علیه فی (الشرائع) و (التحریر) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (الدروس) و (اللمعة) و (الروضة) و فی (التذکرة) بلفظ الأقرب و استشکل فیها و فی (المسالک) فیما إذا بلغ عاقلا ثم جن و فی (تعلیق الإرشاد) أن عدم القبول مطلقا أرجح و کأنه قال به أو مال إلیه فی (المسالک) و فی (التحریر) و (التلخیص) و (الدروس) أنه لو أقر بالمجنون ثم زال جنونه و أنکر لم یقبل إنکاره و لم یتعرض له فی الکتب التی لم یتعرض فیها للمیت مع زیادة الجامع هنا
(قوله) (و الأقرب اشتراط التصدیق فی الکبیر العاقل)
هذا ما أشرنا إلیه آنفا و قد تقدم الکلام فیه هناک
(قوله) (و لیس الإقرار بالولد إقرارا بزوجیة أمه و إن کانت مشهورة بالحریة)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) و کذلک إذا کانت مشهورة بالزنا أو غیر مشهورة بأحدهما کما فی (التذکرة) ثم قال لأن الزوجیة و النسب أمران متغایران غیر متلازمین فلا یدل أحدهما علی الآخر مطابقة و لا تضمنا و لا التزاما ثم حکی عن أبی حنیفة أن الأم إذا کانت مشهورة بالحریة کان الإقرار بالولد إقرارا بزوجیتها و إن لم تکن مشهورة فلا و لیس بشی‌ء لأنه قد یکون وطئها بشبهة و أصل العدم معارض بأصلی العدم و هل یجب المهر قال فی (الحواشی) قیل الظاهر ثبوته علیه لدوران ثبوت النسب مداره و لو تنازعا أمکن جریان الخلاف فی تنازع الزوجین فیه هنا قلت قد اختار فی آخر باب الصداق من الکتاب وجوبه
(قوله) (و لو أقر ببنوة ولد أمته لحق به و کان حرا إن لم یکن لها زوج)
کما فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و هو قضیة کلام (المبسوط) و (الدروس) و غیرهما مما تعرض فیه للفرع الذی بعده و لم یصرح فی خمسة منها بکونه حرا لشدة ظهوره کما أنه لذلک لم یصرح فی أکثرها بأن ذلک مشروط بإمکانه و بخلوها عمن یدخل علیها حلالا کزوج و نحوه لأنه لیس بأقل من إقراره بولدیة طفل مجهول و المفروض إمکان کونه منه و عدم المانع من شرع و قال فی (التذکرة) و هل تکون الجاریة أم ولد إشکال ینشأ من إمکان استیلادها بالنکاح ثم ملکها بعد ذلک فلا تکون أم ولدا و إنه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 342
و لو أقر ببنوة ولد إحدی أمتیه و عینه لحق به (1) و کان الآخر رقا (2) و کذا لو کانا من أم واحدة (3) فإذا ادعت الأخری أن ولدها هو المقر به قدم قوله مع الیمین (4) و لو لم یعین و مات فالأقرب القرعة (5)
______________________________
استولدها بشبهة أو إباحة و من أن الظاهر أنه استولدها فی ملکه لأنه محقق (قلت) یرجع ذلک إلی تعارض الأصل و الظاهر و لعل الظاهر أن الظاهر هنا ظاهر الشرع فیقطع الأصل علی أن الظاهر معتضد بأصول أخر تظهر لمن تدبر و ظاهر (جامع المقاصد) و (المسالک) أنه ظاهر عرفا و عادة لأنها مالا أو قالا بتقدیم الأصل و یأتی (للمبسوط) فی مثله أن الأحوط أنها لیست أم ولد و محل الإشکال ما إذا احتمل تقدم علوقه علی الملک و تأخره عنه و لیست فراشا له و إلا فلو صرح فی إقراره بعلوقه فی ملکه أو بما یستلزمه کقوله منذ خمس سنین و سن الولد ثلاث و کانت فراشا له فلا إشکال و لیعلم أن ولادتها فی ملکه لا تنافی علوقه قبل الملک بأن یحبلها ثم یشتریها و منه یعلم أنه لو قال ولدته فی ملکی احتمل الأمران
(قوله) (و لو أقر ببنوة ولد إحدی أمتیه و عینه لحق به)
کما فی (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) لأن المرجع فی التعیین إلیه کما لو أعتق أحد عبدیه أو طلق إحدی امرأتیه و من المعلوم أن ذلک إذا کان استلحاقهما به ممکنا و قد صرح به فی بعض هذه کما أن ذلک مع عدم تزویجها أو إحداهما کما یأتی و فی صیرورة أمه أم ولد ما سبق
(قوله) (و کان الآخر رقا)
کما صرح به فی بعض الکتب العشرة المتقدمة و اقتضاه کلام البعض الآخر کما أنه واضح
(قوله) (و کذا إذا کانا من أم واحدة)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (المسالک)
(قوله) (فإذا ادعت الأخری أن ولدها هو المقر به قدم قوله مع الیمین)
کما صرح به فی (الکتب العشرة) المتقدمة آنفا للأصل و هو ینفی ما تدعیه و کذا لو بلغ الولد و ادعی ذلک فإن نکل الولی فقد قال فی (التذکرة) حلف المدعی و قضی بمقتضی یمینه و هو مسلم فیما إذا کان المدعی الولد و أما الأم فإذا کان إقراره متضمنا کونها ذات ولد فیمینها فی محلها و لا کذلک إذا کان یمینها لإثبات حریة ولدها لأنها حینئذ تثبت حقا لغیرها
(قوله) (و لو لم یعین و مات فالأقرب القرعة)
کما فی (التذکرة) و به جزم فی (الجامع) و فی (الإرشاد) و (مجمع البرهان) أنه الوجه و فی (جامع المقاصد) کما یأتی و (المسالک) أنه أقوی و هو الذی جعله فی (الإیضاح) تحقیقا و فی (الشرائع) لو قیل به کان حسنا و قال الشیخ یقوم الوارث مقامه فإن امتنع أو قال لا أعلم أقرع و معناه أنه إذا کان عالما و هو خیرة (الدروس) و فی (الحواشی) أنه قوی و سکت فی (التحریر) علی حکایته عن الشیخ و قال فی (الدروس) لا یعرض علی إیقافه و لا یعتق نصف کل واحد منهما قلت الأول للشافعیة و احتمل فی (مجمع البرهان) اشتراکهما فی حصة المقر به و عدم ثبوت نسب واحد منهما بعینه و الإیقاف حتی یصطلحا و أورد علی الشیخ بأنه إقرار فی حق الغیر و أن التعیین أنما یعتد به إذا کان من جمیع الورثة و المقر به منهم و لو اعتبر تعیینه لزم الدور ورده فی الإیضاح بأن المعتبر من هو وارث ظاهرا قبل ثبوت الإقرار و فی (الحواشی) أن الفرق بینه و بین
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 343
و هل یقبل تعیین الوارث إشکال (1) و لو عین و اشتبه و مات و لم یعین استخرج بالقرعة (2) و یثبت الاستیلاد لأم من أخرجته القرعة (3) و کان الآخر رقا (4) و لو کان لهما زوجان بطل إقراره (5) و لو کان لإحداهما زوج انصرف الإقرار إلی ولد الأخری (6)
______________________________
ما إذا قال أحد عبدی حر فإنه هنا یعین الوارث أن هذا إنشاء علی المذهب الأصح بناء علی صحة عتق المبهم و فیما نحن لیس بإنشاء انتهی و هو مأخوذ من قوله فی (الإیضاح) إنما ینتقل إلی الوارث حق الإنشاء کما لو قال أعتقوا أحد هذین لا حق الإقرار انتهی (قلت) لو کان کذلک لما خفی علی الشیخ و من وافقه ثم إن من خالفه ناقشه بخلاف ذلک دع ذلک کله قد تقدم عن جم غفیر من دون خلاف و لا إشکال أنه لو أقر بمجمل و مات طولب الوارث بالتفسیر إلا أن تقول إنه إنما یطالب هناک بالتفسیر لمکان الترکة لأنه هو المستحق لها و لم یطالب لأنه ورث حق الإقرار فلیلحظ و لیتأمّل و قد نبهنا هناک أعنی فی الفصل الثانی فی الأقاریر المجهولة علی کلامیهما هنا
(قوله) (و هل یقبل تعیین الوارث إشکال)
ینشأ مما تقدم من لزوم الدور و أنه إقرار فی حق الغیر و من أنه قائم مقام الوارث و قد سمعت کلام الشیخ و الجماعة
(قوله) (و لو عین و اشتبه و مات أو لم یعین استخرج بالقرعة)
المراد أنه ترک التعیین عمدا فلا تکرار لأن القرعة لکل مشتبه و قد سمعت کلام الشیخ
(قوله) (و یثبت الاستیلاد لأم من أخرجته القرعة)
کما فی (الجامع) و (التذکرة) فی ثلاثة مواضع منها و أحاله فی (المبسوط) علی ما سبق من التفصیل و قد فصل فیما سبق من کلامه بأنه یسأل عن کیفیة الاستیلاد فإن قال استولدتها فی ملکی کانت أم ولد إلی أن قال فإن عین الولد و أنکر کیفیة الاستیلاد فإن کان فی لفظ المقر ما یستدل به علی کیفیته حمل علیه و إن لم یکن ذلک فقولان و الرقیة أحوط انتهی (و قد سبق) للمصنف فی (التذکرة) أنه إذا أقر ببنوة ولد أمته إن فی صیرورتها أم ولد بمجرد ذلک إشکال فینبغی أن یکون فی ثبوته هنا بالقرعة إشکال لکنه قال هنا ما سمعته آنفا و قال أیضا إن القرعة تنفذ فی النسب و توابعه من المیراث و غیرها و نقل أیضا عن أکثر الشافعیة أن القرعة کما تفید حریته تفید حریتها و هو الذی نذهب إلیه نحن ثم قال و هل یفتقر فی إخراج الأمّیة لإحداهما إلی قرعة أخری أم تثبت بحکم القرعة الأولی الأقوی عندی الثانی و هو قول أکثر الشافعیة إذ لا یؤمن خروج القرعة علی غیر التی خرجت لولدها
(قوله) (و کان الآخر رقا)
کما تقدم مثله آنفا
(قوله) (و لو کان لهما زوجان بطل إقراره به)
کما صرح به فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) لأن الولد لاحق بالزوج لأنه للفراش و قال فی (التذکرة) و إن کانتا فراشا للسید فإن کان قد أقر بوطئهما لحقه الولدان بحکم الفراش و هو الذی صرح به فی (المبسوط) و مراده فی (التذکرة) کما هو صریح (المبسوط) ما إذا لم یکن لهما زوج
(قوله) (و لو کان لإحداهما زوج انصرف الإقرار إلی ولد الأخری)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) لأن ولد الزوجة لاحق بالزوج لأن الولد للفراش و قال فی موضع آخر من (التذکرة) إنه مع تزویج إحداهما لا یتعین إقراره فی ولد الأخری بل یطالب بالتعیین فإن عین فی ولد المزوجة لم یقبل و إن عین فی ولد الأخری قبل و یثبت نسبه و هو مخالف لما هنا و فیه نظر ظاهر لأن عدم تعینه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 344
و أما غیر الولد فیشترط التصدیق (1)
______________________________
فی ولد الأخری یقتضی قبول رجوعه عن الإقرار فإنه إذا عین فی ولد المزوجة فإن أبطلنا الإقرار لزم ما ذکرناه و إن تعین فی الأخری کانت مطالبته بالتعیین بغیر فائدة نعم لو کانت إحدی الأمتین فراشا دون الأخری لم یتعین الإقرار فی ولد من هی فراش بل یطالب بالتعیین لإمکان أن یعین فی ولد الأخری فیلحقه بالإقرار و ولد الأخری بالفراش
(قوله) (و أما غیر الولد فیشترط التصدیق)
کما صرح به فی (المبسوط) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (التبصرة) و (الإرشاد) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و (الریاض) و فی الأخیر أنه لا یظهر فیه له خلاف و به صرح فی (الکفایة) و السید فی شرح الکتاب و هو الحجة انتهی و الموجود فی (نهایة المرام) للسید الإقرار بغیر الولد للصلب لا یعتبر إلا بتصدیق المقر به فلو لم یصدقه أو أکذبه لم یثبت النسب إلا أن یقیم علی ذلک البینة و الظاهر أنه لا خلاف فی هذا الحکم انتهی ففی (الکفایة) أنه لا یثبت النسب فی غیر الولد للصلب بمجرد الإقرار بدون تصدیق المقر به عند الأصحاب إلا أن یقیم البینة علی ذلک و الظاهر أنه لا خلاف فیه بین الأصحاب انتهی إذ الظاهر أنهما أشارا إلی دفع ما یوهمه الحصر فی عبارة (الشرائع) و (التحریر) و غیرهما کما ستسمع و لم یتنبه له (صاحب الریاض) فما حکاه عنهما لعله لم یصادف نحوه من وجوه منها أن ظهور عدم الخلاف غیر عدم ظهور الخلاف مع أن الخلاف موجود من شیخ الطائفة و کذا صاحب الوسیلة فإنه فی (المبسوط) لم یعتبر فی الصغیر التصدیق بعد بلوغه فی هذا القسم أیضا کما نبهنا علیه فیما سلف (و قال فی الوسیلة) إنه إذا أقر بطفل ورثه الطفل و لا یرث الطفل و ستسمع ما سنحکیه عن ظاهر (السرائر) و (المشهور) اعتبار تصدیق غیر الولد بعد بلوغه کما فی (الدروس) و (کیف کان) فالدلیل علیه الأصل و أنه إقرار فی حق الغیر و أنه إلحاق فی غیر المقر فإنه إذا قال أخی کان معناه أنه ابن أبی أو ابن أمی مضافا إلی الإجماع علی الظاهر و لا فرق فی غیر الولد بین الإقرار بالأب و الأم و الأخ و غیرهم فالحصر الصریح فی قولهما فی (الشرائع) و (التحریر) لا یثبت النسب فی غیر الولد إلا بتصدیق المقر به و المفهوم من غیرهما إضافی بالنسبة إلی الشاهد و الیمین و الامرأتین و الفاسقین و إلا فلا ریب فی ثبوته بالبینة و قد ترک ذکرها هنا فی (الشرائع) و (التحریر) و صرح بها فیهما بعد ذلک و قد صرح بها فی الکتاب هنا و غیره کما ستسمع و الظاهر أیضا ثبوته بالشیاع کما هو المعروف المشهور بینهم من غیر ظهور مخالف کما فی (مجمع البرهان) بل هو إجماعی کما یظهر لمن لحظ کلامهم فی الشهادات إذ قد صرح به فی (أحد عشر کتابا) من دون تردد و لا نقل خلاف (فقوله) فی (جامع المقاصد) أن اشتراط العدلین مع المنازع و یثبت بالشیاع مع عدمه لا وجه له فإنه إن کان حجة فی النسب ثبت به أبدا و إلا فلا و أمر الحصر فی العبارات هنا و فی قولهم لا یثبت إلا بشاهدین سهل و الظاهر أن مرادهم بالأخیر الرد علی الشیخ فی (الخلاف) و (المبسوط) حیث أثبته بالشاهد و الامرأتین و أیضا قد قالوا فی الهلال لا یثبت إلا بشاهدین و قالوا فی باب الشهادات إنه یثبت بالشیاع و ظاهر العبارات عدا (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (نهایة المرام) عدم اعتبار ما عدا التصدیق و البینة و قد اعتبر فی الأربعة موت الملحق به حتی أنه قطع فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) بأن الملحق به ما دام حیا لم یکن لغیره الإلحاق به و إن کان مجنونا (و نفی) عنه البأس فی (نهایة المرام)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 345
أو البینة (1) و إن کان ولد ولد (2) فإذا أقر بوالد أو أخ أو غیرهما و لا وارث له و صدقه المقر به توارثا بینهما (3) و لا یتعدی التوارث إلی غیرهما (4)
______________________________
و ذکر فی (التذکرة) و (الکتب المذکورة) شرطا آخر و هو أن لا یکون الملحق به قد نفی المقر به و قالوا أما إذا نفاه ثم استلحقه وارثه بعد موته ففی لحوقه وجهان ثم قوی فی (التذکرة) و (المسالک) الإلحاق لأن المیّت لو استلحقه بعد ما نفاه باللعان لحق به و إن لم یرثه و وجه العدم بأن إلحاقه به بعد الموت إلحاق عار بنسبه و شرط الوارث أن یفعل ما فیه غبطة المورث لا ما یتضرر به و زید فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) أن یکون الإقرار صادرا من الورثة الحائزین للإرث فلو أقر الأجنبی لم یثبت به النسب و لو مات مسلم عن ابن کافر أو قاتل أو رقیق لم یقبل إقراره علیه بالنسب کما لا یقبل إقراره علیه و هذا له وجه واضح و أما الوجهان الأولان ففیهما أنهم صرحوا کما سیأتی أنه لا یتعدی توارثهما إلی غیرهما و إنما یثبت النسب بینهما خاصة فلم یتضح لنا وجه اشتراطهما و لا لما ذکر فی توجیه الشرط الثانی فتأمّل
(قوله) (أو البینة)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و من ترکه إنما ترکه لظهوره أو لأنه صرح به فیما بعد کما ستعرف
(قوله) (و إن کان ولد ولد)
کما فی (الکتابین) المذکورین و غیرهما لجریان الدلیل فیه و من ترکه فلدخوله تحت إطلاق غیر الولد فلیتأمّل
(قوله) (فإذا أقر بوالد أو أخ أو غیرهما و لا وارث له و صدقه المقر به توارثا بینهما)
کما صرح بذلک فی (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (مجمع البرهان) و (نهایة المرام) و (الکفایة) و (الریاض) و فی الثلاثة الأخیرة أنه لا خلاف و فیه أن ظاهر (المبسوط) و (السرائر) أن الأخ إذا کان صغیرا لا یعتبر تصدیقه کما تقدم فیما سلف و یدل علی الحکم المذکور روایات منها صحیحة سعید الأعرج عن أبی عبد اللّٰه (ع) قال سألته عن رجلین جمیلین جی‌ء بهما من أرض الشرک فقال أحدهما لصاحبه أنت أخی فعرفا بذلک ثم أعتقا و مکثا فعرفن بالإخاء ثم إن أحدهما مات قال المیراث للأخ یصدقان و منها الصحیحان المتقدمان الواردان فی ثبوت نسب الصغیر بإقرار الأم ثم إن الحق لهما فلا یعدوهما
(قوله) (و لا یتعدی إلی غیرهما)
کما فی الکتب المتقدمة عدا (المبسوط) و (السرائر) و (الجامع) و (التحریر) و (التلخیص) و فی (نهایة المرام) الظاهر أنه لا خلاف فیه و فی (الکفایة) و کذا (الریاض) لا أعرف فیه خلافا فی غیر الولد الکبیر و فیه أن فی (المبسوط) و (السرائر) و (الجامع) و (التحریر) و (التلخیص) أنه یتعدی إلی أولادهما (حجة المشهور) الأصل و أن النسب أنما ثبت بالإقرار و حکمه لا یتعدی إلی غیر المقر و فی (الریاض) أن لا خلاف فی ذلک فتأمّل و لم تتضح لنا حجة الشیخ و لا فرقه بین الأولاد و غیرهم و صریح (التذکرة) و (المسالک) و ظاهر (النهایة) و (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الکتاب) بل و (المبسوط) و (السرائر) و (الجامع) و غیرها مما قسم فیه الإقرار إلی إقرار علی النفس و علی الغیر کما ستسمع أن عدم التعدی فی المتصادقین أنما هو فی غیر الولد للصلب و أما فیه فیتعدی و أنه من جملة ما افترق فیه الإقرار بالولد عن غیره
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 346
و لو کان له ورثة مشهورون لم یقبل إقراره فی النسب و إن تصادقا (1) و إذا أقر أحد الولدین خاصة و لا وارث غیرهما بثالث لم یثبت نسبه فی حق المنکر و لا المقر لعدم تبعض النسب (2)
______________________________
فإن الإقرار بالولد مع التصدیق و بدونه یثبت به النسب و یتعدی التوارث إلی غیرهما من أنسابها إذا اجتمعت الشرائط (بل) قد یدعی أنه ظاهر (الوسیلة) أو صریحها بل قد یدعی أنه ظاهر إطلاق الجمیع کما ستعرف إلا ما ستسمع (بل) ظاهر (التذکرة) و (المسالک) أنه لا خلاف فی ذلک و لا إشکال حتی من العامة عدا مالک فیما حکی عنه من قول کاد یلحق بالخرافات و لعلهم یستندون إلی الإطلاقات المتقدمة فی الولد و أنه إذا ثبت الشی‌ء ثبتت لوازمه و (ظاهر) إطلاق عبارة (النافع) و تعلیلهم الآتی أنه لا فرق فی عدم التعدی بین الولد الکبیر و غیره (و قد) مال إلیه أو قال به فی (الروضة) حیث قال إن الفرق غیر بین و فی (نهایة المرام) و (الکفایة) أن الأصل یقتضی عدم التعدی إلی غیر المتصادقین فیقتصر فیه علی موضع الوفاق (و فیه) أنه بعد ثبوت النسب فالأصل فی اللوازم أن تتبعه إلا ما خرج بالدلیل و ظاهر النافع یحمل علی ظاهر الشرائع بحمل قوله و إذا تصادقا صلة غیره من الأنساب خاصة قال و لا بد فی الکبیر من التصدیق و کذا فی غیره من الأنساب و إذا تصادقا توارثا بینهما و لا یتعدی إلی غیر المتصادقین فلا خلاف (و کلام الروضة) غیر نص فی الخلاف و قد سمعت ما فی المسالک و ستسمع التأویل فی التعلیل ثم إنه علی هذا یکون الإقرار بالولد متفاوتا بالنسبة إلی الصغیر و الکبیر و لو کان کذلک لذکروه و ما أهملوه مع أنهم ذکروا خلافه کما عرفت مع مخالفته للاعتبار فإن التفاوت بین الولد و غیره غیر مستنکر و لا کذلک فیه نفسه فتدبر
(قوله) (و لو کان له ورثة مشهورون لم یقبل إقراره فی النسب و إن تصادقا)
هذا تأکید لعدم التعدی و بیان له و قد صارت هذه العبارة ممن ظهر منه التعدی فی الولد مع زیادة النافع فإنها موجودة فیه أیضا و قد عرفت الحال فیه کما عرفت من نسبنا إلی ظاهره التعدی فی الولد و قد عللوه بأنه إقرار فی حق الغیر لأنه إما أن یمنع من الإرث أو یشارک فیه فالتعلیل وارد علی مورد خاص و هو ما إذا کان المقر به غیر الولد لأن الشیخ و جماعة یعدون الإقرار بالولد إقرارا علی نفسه لأنهم قسموا الإقرار بالنسب إلی قسمین الإقرار به علی نفسه و الإقرار به علی غیره و عنوا بالأول الإقرار بالولد و بالثانی الإقرار بمن عداه و منه یصح أن یدعی أن الفرق بین الولد و غیره صریح المبسوط و غیره مما فی نهایة المرام و ما وافقه من أن التعلیل یقضی بعدم الفرق غیر صحیح کما أن نسبة الحکم المذکور فی العبارة إلی الأکثر کما فی نهایة المرام لم تصادف محلها لأن ذلک بناء علی ما قلناه مجمع علیه و لا خلاف فیه من أحد
(قوله) (فإذا أقر أحد الولدین خاصة و لا وارث غیرهما بثالث لم یثبت نسبه فی حق المنکر و لا المقر لعدم تبعض النسب)
إجماعا کما فی (التذکرة) و قد صرح بالحکم فی (جامع المقاصد) و هو قضیة کلام (المبسوط) و (التحریر) و (التلخیص) حیث قیل فیها لم یثبت نسبه و هو المستفاد من الباقین و الوجه فی عدم ثبوته فی حق المنکر ظاهر لأن تصدیقه معتبر و قول المنکر مع عدم البینة مقدم و فی حق المقر أن النسب أمر إضافی إن لم یثبت فی حق غیره امتنع ثبوته فی حقه خاصة نعم ینفذ إقراره فی المال کما ستسمع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 347
بل یشارک بالنسبة إلی حصة المقر فیأخذ ثلث ما فی یده و هو فضل ما فی ید المقر عن میراثه (1)
______________________________
(قوله) (بل یشارک بالنسبة إلی حصة المقر فیأخذ ثلث ما فی یده و هو فضل ما فی ید المقر من میراثه)
کما فی (السرائر) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (التلخیص) و غیرها بل فی (الخلاف) و (التذکرة) و ظاهر (السرائر) و (الإیضاح) و (جامع المقاصد) الإجماع علیه کما ستسمع و معناه أنه ینفذ إقرار الولد فی المال فیدفع إلی المقر به ما فضل فی یده عن میراثه و هو ثلث ما فی یده هو سدس الأصل لأنهم إذا کانوا ثلاثة کان بید کل واحد ثلث و بید المقر نصف لأن الورثة قبل الإقرار اثنان فیکون فضل ما بیده واحد و هو ثلث ما بیده (و فی الخبر) إذا أقر أحد من الورثة بدین أو وارث جار ذلک فی حصته و کذا إذا أقر اثنان و لم یکونا عدلین فإن کانا عدلین مضی ذلک علی الورثة و (مثله الخبر) و ستسمعه إنشاء اللّٰه و هو أوضح دلالة و معنی جوازه فی حصته أنه یلزمه بقدر ما یصیب حصته کما ستسمع تفسیره بذلک فی خبر الدین (و قال) فی (جامع المقاصد) مقتضی ما سبق فی البیع من أن الإقرار ینزل علی الإشاعة أن یدفع إلیه نصف ما بیده لأن الحاصل لهما و التالف منهما (قلت) کأنه لم یحرر المسألة لأن دفع ما فضل فی یده من التنزیل علی الإشاعة أیضا کما ستسمع و ما ذکره مقتضی الشرکة إذ مقتضاها أن ما حصل فهو للشرکاء و ما نری (کذا) فمنهم ثم إنه فی الفرع السابع قال إن الأولی هو ما ذکره الأصحاب (و تنقیح البحث) أن یقال إنه قد قال فی بیع الکتاب إنه لو باع مالک النصف النصف انصرف إلی نصیبه و یحتمل الإشاعة فیقف فی نصیب الآخر علی الإجازة و أما الإقرار فینزل علی الإشاعة قطعا انتهی فمراده بالإشاعة أنه لا ینزل إقراره علی نصیبه کالبیع فیدفع له نصف ما فی یده بل مراده الإشاعة بالنسبة إلی النصیبین فیکون معناها أن لک عندی ثلثا و عند أخی ثلثا و وجهوه هناک بأن الإقرار کالشهادة بأنه ملک الغیر و هو قد یکون فی ماله و قد یکون فی غیر ماله و أن الإقرار إخبار عن ملک الغیر لشی‌ء فلا یجب أن یکون منصرفا إلی ما فی الید لإمکان وقوع الإخبار علی ما فی ید الغیر (و قد) وجهه هو بذلک فی (جامع المقاصد) و المصنف فی (نهایة الإحکام) و ولده فی (الإیضاح) و ظاهر الأخیرین و الکتاب فی باب البیع و (المسالک) الإجماع علی ذلک کما تقدم ذلک کله فی البیع (و کیف کان) فالإشاعة إشاعتان بالنسبة إلی النصیبین و هذه یقابل بها تنزیلا الإقرار علی نصیبه کالبیع و إشاعة للأجزاء و هی ثابتة فی کل مال مشترک و هی المنفیة فی الإقرار و المواریث و إن اقتضاها الأصل قالوا کما یأتی إن شاء اللّٰه لو أقرت بولد للزوج و کذبها الإخوة دفعت إلیه ما بیدها زائدا علی نصیبها و هو الثمن فلو کان الربع ثمانیة أخذ أربعة و أخذت هی أربعة و لا تدفع إلیه سبعة أثمان ما فی یدها تنزیلا للإقرار علی الإشاعة فیأخذ منها سبعة و یبقی لها واحد و ملاحظة هذه الإشاعة تقضی بأن إنکار المنکر بمنزلة الإتلاف فیکون التالف منهما علی قدر الاستحقاق و (إیضاحه) یظهر فیما إذا کان مال فی ید اثنین فی ید کل واحد ستة فأقر أحدهما لثالث بالنصف و کذبه الشریک فصار الربع بإنکار الشریک تالفا علیهما فیتلف من المقر واحد و یأخذ من الستة اثنین و یتلف من المقر له اثنان و یأخذ من الستة أربعة کما أوضحنا ذلک و بیناه فی باب الصلح و من الإشاعة الأولی ما إذا أقر الوارث بدین فإنه لا یجب علیه دفع جمیع ما فی یده بل یدفع قدر حصته (کما) صرح فی (التذکرة) و (النهایة) و (التحریر) و (الکتاب) فی أوائل الباب (بل) ظاهر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 348
و لو کان الإقرار ببنت لزمه دفع خمس ما فی یده (1) و لو أقرا معا ثبت للمقر له کمال حصته (2) و لو أقر اثنان من الورثة بالنسب للمیت و کانا عدلین ثبت النسب و المیراث (3) و إلا أخذ من حصتهما بالنسبة (4) و لو شهد الأخوان بابن للمیت و کانا عدلین ثبت نسبه و جاز المیراث و لا دور (5)
______________________________
(التذکرة) أنه إجماع منا حیث قال إنه مذهبنا و جعله فی الثالث هو الأصل فی أخذ المقر له ما فضل فی ید المقر و (الأصل) فیه الخبر قضی علی (ع) فی رجل مات و ترک ورثة فأقر أحد الورثة بدین علی أبیه أنه یلزمه ذلک الدین فی حصته بقدر ما ورث و لا یکون ذلک فی ماله و إن أقر اثنان من الورثة و کانا عدلین أجیز ذلک علی الورثة و إن لم یکونا عدلین ألزما فی حصتهما بقدر ما ورثا و کذلک إذا أقر بعض الورثة بأخ أو أخت إنما یلزم فی حصته و قد روی هذا المعنی أعنی إقرار الاثنین فی عدة طرق و معناه کما قاله الشیخ أنه یلزمه بقدر ما یصیب حصته و أوضح منه فی خصوص الدین خبر المرأة التی أقرت بألف درهم علی زوجها کما فسره به ابن أبی عمیر (هذا) و قد نسب دفع المقر للمقر به (له ظ) فضل ما فی یده فی موضعین من (الإیضاح) و مواضع من (جامع المقاصد) إلی الأصحاب و فی (الخلاف) الإجماع علیه (و قال) فی (التذکرة) إنه مذهب علمائنا أجمع و فی (السرائر) إنه مذهبنا و فی (التذکرة) إجماعات أخر صریحة فی ذلک تأتی فی الفروع (ثم) إن عباراتهم قد طفحت بذلک فی الباب و باب الصلح و باب البیع عدا (التحریر) فی باب البیع فإنه قرب التخصیص بنصیبه فی الإقرار و البیع و لم یفرق بینهما أصلا (و قواه) فی (الکفایة) تبعا (لنهایة المرام) تبعا (للمسالک) فی آخر الباب حیث قال لعله أجود و قد رجح قیل ما علیه الأصحاب (کذا) و فی (الریاض) أنه لا یخلو عن قوة و فیه إعراض عن أخبار الأصحاب و إجماعاتهم (و من العجیب) عدم تعرض الأصحاب لأخبار الباب و قد وجدتنی فی باب الصلح قد نقلت إطباقهم علی ذلک فی باب المیراث و باب الإقرار و یأتی إن شاء اللّٰه تعالی ما له نفع فی المقام
(قوله) (و لو کان الإقرار ببنت لزمه دفع خمس ما فی یده)
کما هو صریح (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و قضیة کلام الباقین کما هو واضح بناء علی ما تقدم لأنها لو ثبت نسبها لکان لها مع الاثنین خمس الأصل و بیده زیادة عن نصیبه بمقتضی إقراره نصف ذلک و هو خمس النصف و الأصل فی ذلک الخبر و قد سمعته آنفا
(قوله) (و لو أقرا معا ثبت للمقر له کمال حصته)
لانحصار الإرث فیهما کما هو واضح
(قوله) (و لو أقر اثنان من الورثة بثالث للمیت و کانا عدلین ثبت النسب و المیراث)
بلا خلاف لأن الکلمة متفقة علی ثبوت النسب بالبینة کما مر و یأتی
(قوله) (و إلا أخذ من حصتهما بالنسبة)
کما فی (التذکرة) و هو معنی قوله فی (المبسوط) و إلا قاسمهما و معناه و إلا یکونا عدلین نفذ إقرارهما فی استحقاقهما من الإرث فتنظر کم قدر استحقاق المقر له من مجموع الترکة لو ثبت نسبه ثم تنسبه إلی المجموع فیؤخذ من حقهما بتلک النسبة فیدفعان إلیه ما فضل عن نصیبهما و علی ما قربه فی بیع (التحریر) تکون حصتهما موزعة علیهما و علیه علی قدر الاستحقاق
(قوله) (و لو شهد الإخوان بابن للمیت و کانا عدلین ثبت نسبه و جاز المیراث و لا دور)
أما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 349
و لو کانا فاسقین أخذ المیراث و لم یثبت النسب (1) و إنما یثبت بشهادة رجلین عدلین لا بشهادة رجل و امرأتین و لا رجل و یمین و لا بشهادة فاسقین و إن کانا وارثین (2)
______________________________
ثبوت نسبه فلا خلاف فیه کما فی (الحواشی) و هو کذلک بل هو محل وفاق حتی من العامة علی الظاهر و أما أنه یجوز المیراث و لا دور (فقد صرح) به فی (السرائر) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (غایة المراد) و (الحواشی) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و کذا (التلخیص) و (التبصرة) غیر أنهما لم یذکر فیهما أنه لا دور (و قد جزم) فی مسألتنا فی (اللمعة) و غیرها (و قد عبر) فیها کلها کالکتاب بما لو شهد الإخوان عدا (التلخیص) و (الدروس) فإنهما عبر فیهما بما لو أقر (کالمبسوط) و (السرائر) و ظاهر (التذکرة) الإجماع علیه فی مواضع و قال أیضا لو کان المقر به مما یحجب المقرین عن المیراث حاز المال المقر به و لا شی‌ء للمقرین إجماعا انتهی (و لعله) لأن الشیخ وافق الجماعة فی آخر کلامه قال یثبت نسبه و لا یرث لأنه لو ورث لحجب الأخوین و خرجا عن الإرث فیبطل إقرارهما لأنه إقرار ممن لیس بوارث فیبطل النسب فیبطل الإرث فیلزم من صحة الإرث بطلانه و من جهة بطلانه صحته ثم قال لو قلنا یثبت المیراث أیضا کان قویا لأنه یکون قد ثبت بشهادتهما فیتبعه المیراث لا إقرار انتهی (و قال) فی (السرائر) إن کلامه الأول کلام المخالف و الثانی مختاره و مراد الشیخ بکلامه الثانی أن الدور یلزم من جعلهما مقرین لا من جعلهما شاهدین و نحن نجعلهما شاهدین إذ العدالة هی المؤثرة لا الإرث عندنا (قلت) و لا یلزم أیضا لو جعلناهما وارثین لأن الشرط کونهما وارثین ظاهرا بل لا یصح اعتبار کونه وارثا فی نفس الأمر لأن ذلک لا یجتمع مع خروجه عن الإرث أو نقول إن إقرارهما فی معنی الشهادة و لا یختص بلفظ مخصوص کالإقرار أو نقول إن ذلک مع قطع النظر عن إقرارهما بل یکفی کونهما صاحبی ید فی الجملة علی مال المیّت و لهذا یثبت المیراث للولد لو کانا فاسقین و لا یثبت النسب فلو أخر الجماعة قولهم و لا دور لکان أحسن و أخصر لأن توهم الدور حینئذ أظهر لأن القبول حینئذ لکونهما مقرین و قد سمعت الخبرین الناصین علی ذلک فی العدلین و الفاسقین (و قد یلوح) عدم ثبوت المیراث فی (الکافی) و (الوسیلة) و (الجامع) حیث فرضت المسألة فیها بما لو أقر کما فرضت کذلک فی (المبسوط) کما عرفت آنفا و قالوا فیها ثبت نسبه و سکتوا و قضیة ذلک أنه لا یجوز المیراث فتأمّل
(قوله) (و لو کانا فاسقین أخذ المیراث و لم یثبت النسب)
کما صرح به فی (السرائر) و (الشرائع) و أکثر ما ذکر بعدهما بل قد نبه علیه فی (الوسیلة) و غیرها و قد عرف حاله مما تقدم من أن أخذه المیراث لمکان إقرارهما النافذ فیه و ذلک لا یتوقف علی ثبوت النسب و إن عدم ثبوت النسب لأنه لا یثبت بقول الفاسق و إنما یورث تصادق مجهولی النسب بالنسبة إلیهما و أما من کان له ورثة مشهورون فلا و قد سمعت الخبرین
(قوله) (و إنما یثبت بشهادة رجلین عدلین لا بشهادة رجل و امرأتین و لا رجل و یمین و لا بشهادة فاسقین و إن کانا وارثین)
و لا بإقرار جمیع الورثة إذا لم یکن فیهم عدلان کما فی (التحریر) و (الدروس) و غرض المصنف هنا و فی أکثر کتبه و المحقق و غیرهما بالحصر المذکور الرد علی الشیخ لأنه قد جزم فی (الخلاف) فی الباب و (المبسوط) فی الباب أیضا فی أوله بثبوت النسب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 350

[فروع]

اشارة

فروع

[الأول لو أقر الولد بآخر فأقرا بثالث یثبت نسب الثالث]

الأول لو أقر الولد بآخر فأقرا بثالث یثبت نسب الثالث مع عدالتهما فلو أنکر الثالث الثانی لم یثبت نسب الثانی و یأخذ السدس و الثالث النصف و الأول الثلث (1) فإن مات الثالث عن ابن مقر دفع السدس إلی الثانی أیضا (2) و لو کان الأولان معلومی النسب لم یلتفت إلی إنکاره لأحدهما و کانت الترکة أثلاثا (3) و لو أنکر الأول و کان معلوم النسب لم یلتفت إلی إنکاره و إلا فله النصف و للأول السدس إن صدقه الثانی (4)

[الثانی لو أقر الوارث بمن هو أولی منه کان المال للمقر له]

الثانی لو أقر الوارث بمن هو أولی منه کان المال للمقر له (5)
______________________________
بإقرار رجل و امرأتین و قواه فی باب الشهادات (و ادعی) فی ظاهر (الخلاف) أو صریحه علی ذلک إجماع الفرقة و أخبارهم و فی (السرائر) أنه شاذ إذ أصول مذهبنا تقضی بعدم ثبوته بالرجل و الامرأتین (قلت) لأن متعلقه لیس مالا و لا هو مقصود (ثم) إنه فی (المبسوط) فی آخر (الباب) جزم بعدم ثبوته بالشاهد و الامرأتین و لا بالشاهد و الیمین و هذا یرشد إلی أن إجماع الخلاف و أخباره مسوقان للرد علی من قال لا یثبت النسب بإقرار الورثة أصلا و من الغریب أنهم ما حکوا عنه هذا فی باب الشهادات و قد عرفت أنه مما یثبت بالشیاع و أن الحصر بالنسبة إلی الشهادة إلی مطلق ما یثبت به النسب فإن ثبوته بالشیاع لیس من جهة الشهادة بل من جهة الأمن من الکذب
(قوله) (فروع الأول لو أقر الولد بآخر فأقرا بثالث ثبت نسب الثالث مع عدالتهما فلو أنکر الثالث الثانی لم یثبت نسب الثانی و یأخذ السدس و الثالث النصف و الأول الثلث)
هذا کله معنی ما فی (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (التحریر) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و الوجه فی أخذ الثانی السدس أن الأول یعترف بأنهم ثلاثة فلیس له إلا ثلث الترکة و یبقی فی یده سدس الترکة و هو ما زاد عن نصیبه فیدفعه للثانی بمقتضی اعترافه و فی أخذ الثالث النصف لأن إرثه ثابت باعتراف الأولین و قد أنکر الثانی فیکون هو و الأول الوارثین لا غیر بزعمه و فی أخذ الأول الثلث أن إرثه ثابت أیضا باعتراف الثانی و الثالث لکنه یزعم أنهم ثلاثة کما تبین
(قوله) (فإن مات الثالث عن ابن مقر دفع السدس إلی الثانی أیضا)
کما فی (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (مجمع البرهان) و الوجه فیه ظاهر لأن الابن قد أقر بکون الثانی ابنا فینفذ إقراره فی السدس إذا انحصر الإرث فیه فیدفعه إلی الثانی أو إلیهما فیقتسمان جمیع ما فی أیدیهما إنصافا فیأخذ کل واحد أربعة من اثنی عشر
(قوله) (و لو کان الأولان معلومی النسب لم یلتفت إلی إنکاره لأحدهما و کانت الترکة أثلاثا)
کما فی (الشرائع) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و الوجه فیه ظاهر
(قوله) (و لو أنکر الأول و کان معلوم النسب لم یلتفت إلی إنکاره و إلا فله النصف و للأول السدس إن صدقه الثانی)
لا ریب أنه لو أنکر الثالث الأول و کان معلوم النسب لم یلتفت إلی إنکاره کما تقدم و أما إذا لم یکن معلوم النسب فإنه یکون للثانی النصف لأن الوارث بزعمه هو و الثانی أما الثانی فإن صدق الأول دفع إلیه سدس الأصل لأنه الفاضل عن حقه و إلا فلا شی‌ء له
(قوله) (الثانی لو أقر الوارث بمن هو أولی منه کان المال للمقر له)
بلا خلاف أجده إذ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 351
فإن أقر العم بأخ سلم إلیه الترکة فإن أقر الأخ بولد سلمت الترکة إلی الولد (1) و لو کان المقر العم بعد إقراره بالأخ فإن صدقه الأخ فالترکة للولد (2) و إن کذبه فالترکة للأخ و یغرم العم الترکة للولد إن نفی وارثا غیره و إلا فإشکال (3)
______________________________
قد طفحت به عباراتهم من (النهایة) إلی (الریاض) کما ستعرف و وجهه ظاهر لأنه إقرار فی حق نفسه و قد سمعت کلامهم فیما إذا شهد الإخوان بابن للمیت کما سمعت إجماع (التذکرة) هناک
(قوله) (فلو أقر العم بأخ سلم إلیه الترکة فإن أقر الأخ بولد سلمت الترکة إلی الولد)
لاعترافه بکونه أولی منه
(قوله) (و لو کان المقر العم بعد إقراره بالأخ فإن صدقه الأخ فالترکة للولد)
لاعترافهما بکونه أولی
(قوله) (و إن کذبه فالترکة للأخ و یغرم الترکة للولد إن نفی وارثا غیره و إلا فإشکال)
أما أن الترکة للأخ فلأنه استحقها بالإقرار فلا یلتفت إلی رجوع المقر و أما أن العم یغرم الترکة للولد فهو خیرة (النهایة) و (الوسیلة) و (السرائر) و (الدروس) و (اللمعة) و (الروضة) لکن فی بعضها التقیید بما إذا کان دفعها إلی الأخ و فرضت المسألة فی ذلک فی البعض الآخر و کان القید المذکور معتبرا فی جمیع هذه الکتب الستة و لم یقید فیها کلها بما إذا نفی وارثا غیره بل قال فی (الدروس) سواء نفی وارثا غیره أم لا و فی (الشرائع) و (النافع) و (التحریر) و (التبصرة) و (الإیضاح) أنه یغرم الترکة للولد من دون تقیید بما إذا نفی وارثا غیره و من دون تقیید بما إذا کان قد دفعها للأخ و ستسمع وجهه و علیه استقر رأی صاحب (جامع المقاصد) علی تقدیر عدم وجوب البحث کما هو الأصح عندنا کما ستعرف (و قد نسب) ما فی (النافع) صاحب (نهایة المرام) إلی الشیخ فی (النهایة) و غیره من الأصحاب و هو غیر صحیح کما عرفت کقول جده إن ما فی الشرائع هو المشهور إذ المصرح به من عرفت إلا أن یکون قد فهم ذلک من النهایة و ما وافقها (و قد نسب) فی (الإیضاح) إلی (النهایة) الإطلاق المذکور و هی ظاهر (جامع المقاصد) و الکل غیر صحیح (و لعل) کلامه فی (جامع المقاصد) غیر محرر لأنه أولا فرض المسألة فیما إذا دفع و فی آخر کلامه أطلق فلیلحظ (و کیف کان) ففی (الإیضاح) أن العم إن کان سلم الترکة باختیاره للولد ضمن قطعا و (هذه) الکلمة من مثله ممن یعمل بالظن تجری مجری الإجماع و قد قید المصنف غرامة العم الترکة للولد بما إذا نفی العم حین إقراره بالأخ وارثا غیر الأخ و فی (الإیضاح) أنه یضمن للولد حینئذ قطعا و ستسمع الوجه به و فتوی الأصحاب به و حکایة الإجماع علیه و (استشکل) فیما إذا لم ینف من أنه لما أقر بالأخ أولا من دون ثبوت نسب الولد کان هو المفوت للترکة و من عدم المنافاة بین الإقرارین لإمکان اجتماعهما علی الصدق فلم یصدر مناف للإقرار بالولد إذ لیس قوله هذا أخ أن المال له و أنه الوارث فقط و قد یکون نسی أن له ولدا و لم یعلم ثم تذکر أو ثبت عنده و قاعدة الإقرار هی الأخذ بالیقین و قد قال جماعة بأنه لو أقر بکون المال لمیت و قال لا وارث له لم یلزم بتسلیم العین فهنا أولی (و اعترض) فی (جامع المقاصد) علی الوجه الثانی بأنه لا یلزم من عدم المنافاة عدم الغرم و المقتضی للغرم هو إقراره بالأخ أولا المقتضی لاستحقاقه جمیع الترکة فإقراره به علی هذا الوجه بمنزلة ما لو نفی وارثا غیره لأنهما بمنزلة واحدة فی وجوب دفع الترکة إلی الأخ بمقتضی الإقرار فیغرم و هو جید (و لعله) إلیه استند المحقق و من وافقه ثم قال
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 352

[الثالث لو أقر الأخ بولد للمیت فالمال للولد]

الثالث لو أقر الأخ بولد للمیت فالمال للولد فإن أقر بآخر فإن صدقه الأول فالترکة بینهما و إن کذبه فالترکة للأول و یغرم النصف للثانی و إن أنکر الثانی الأول (1)
______________________________
و التحقیق فی المسألتین معا أعنی ما إذا تعرض إلی نفی وارث غیر الأخ و عدمه أن یبنی ذلک علی أنه هل یؤمر المقر بدفع الترکة إلی المقر له بمجرد الإقرار أم یجب البحث علی الحاکم لیعلم انحصار الإرث فی المقر له إذا رفع الأمر إلیه وجهان تقدما فی أحکام المقر له أصحهما وجوب البحث فعلی الأصح إن دفع العم بغیر إذن الحاکم ضمن لأنه المباشر للإتلاف و إن دفع بإذنه أو کان الدافع الحاکم فإن کان بعد البحث و الاجتهاد فلا ضمان علی أحدهما و إلا فهو من خطاء الحکام و لا فرق فی ذلک بین أن ینفی وارثا غیره أو لا إذ لا عبرة بذلک فی وجوب الدفع و عدمه و علی الوجه الآخر إن استقل العم بدفع الترکة إلی الأخ وجب القطع بضمان المباشر للإتلاف و إن کان بأمر حاکم استنادا إلی إقراره فإن نفی وارثا غیره ضمن أیضا و إلا فالوجهان و الأصح القول بالضمان (ثم قال) و مما قررناه یعلم أن إطلاق المصنف الحکم هنا بالغرم مع نفی غیره و الإشکال بدونه مع أنه اختار فی السابق وجوب البحث مع إقرار المقر بعدم وارث سوی المقر له غیر مستقیم انتهی (و قد) استحسنه فی (نهایة المرام) و قد سبقه إلی هذا البناء الشهید فی حواشیه و اقتفاهما الشهید الثانی (قلت) قد قال فی (الکتاب) فی أحکام المقر له لو قال لا وارث له سوی هذا ألزم التسلیم إلیه إن کان دینا و فی العین نظر أقربه البحث لکنه قال فی باب الوکالة إن صدقه علی أن لا وارث له سواه لزمه الدفع و إطلاقه یتناول العین و الدین (کما) صرح بذلک فی (المبسوط) و (الجامع) و (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (التحریر) قالوا إنه إن صدقه علی أن لا وارث سواه لزمه دفع العین و الدین و فی الأخیر الإجماع علیه (و قد سمعت) ما فی (الإیضاح) (و هو) ظاهر (الشرائع) و (الإرشاد) أو صریحهما و صریح (مجمع البرهان) و قال إنه المشهور فلعل المصنف هنا لحظ ما أجمعوا علیه فی باب الوکالة علی أنه فی الفرع الثالث لم یلتفت إلی إشکاله هنا مع أنهما من سنخ واحد (ثم) إنه فی (جامع المقاصد) فی باب الوکالة خالف نفسه هنا و فی أحکام المقر له حیث أوجب البحث فیها و ما فی الوکالة هو الموافق للاعتبار و علیه المدار و لذلک انعقد علیه الإجماع (کما) فی (التحریر) و ظاهر (الإیضاح) کما سمعت إذ احتمال کون غیره وارثا أو شریکا جار فیما إذا قال هذا لزید ثم إن العاقل لا یلزم نفسه الغرامة فلا یقر بذلک إلا إذا کان حقا مضافا إلی أن قول المسلم و فعله یحملان علی الصحة و القصد لا علی الفساد و السهو و النسیان فکان ذلک موافقا لقاعدة الإقرار من الأخذ بالیقین کما هو الشأن فی جمیع الألفاظ الصادرة من جمیع العقلاء (لا کما) توهمه هنا فی (مجمع البرهان) مع أنه قد صدع به فی باب الوکالة فکان أیضا مخالفا نفسه (و قد أسبغنا) الکلام فیه فی أحکام المقر له و بینا أن التفصیل علیل (و الحق) أنه إن دفع إلیه أو أقر باختصار الإرث فیه و نفی الإرث عن غیره ضمن لمکان الإجماعین و کذا إن لم ینف لأن الإقرار به علی هذا الوجه فی مقام الغرامة لو ظهر الخلاف بمنزلة ما لو نفی الإرث عن غیره فی وجوب الدفع و أن وجوب البحث مخالف للاعتبار و الأصل فی الأقوال و قواعد الإقرار و تمام الکلام فی أحکام المقر له و باب الوکالة فی فصل النزاع
(قوله) (الثالث لو أقر الأخ بولد للمیت فالمال للولد فإن أقر بآخر فإن صدقه الأول فالترکة بینهما و إن کذبه فالترکة للأول و یغرم النصف للثانی و إن أنکر الثانی الأول)
کما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 353
و إن أقر بثالث فإن صدقه الأول فله النصف (1) و إن کذبه غرم المقر الثلث (2) و إن أقر بولد ثم بآخر فصدقه الأول و أنکر الثانی الأول فالترکة للثانی و لا غرم (3)

[الرابع لو أقرت الزوجة مع الإخوة بولد]

الرابع لو أقرت الزوجة مع الإخوة بولد فإن صدقها الإخوة فالمال للولد و کذا کل وارث ظاهرا أقر بأولی منه و لو أقر بمساو دفع بنسبة نصیبه و لو کذبها الإخوة فلهم ثلاثة أرباع و للولد الثمن و للزوجة الثمن (4)
______________________________
صرح بذلک کله فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و الوجه فی الأولین ظاهر و أما أنه یغرم للثانی فی نصف الترکة إن کذبه الأول فلإقراره أولا بالأول لأن کان مقتضیا لتفویته علیه و لم یقید فی الکتابین بما إذا نفی وارثا غیره و هو ما أشرنا إلیه آنفا و قوله و إن أنکر إلی آخره عطف علی محذوف بإن الوصلیة فیصیر معناه أن الأخ لا یغرم للثانی سوی النصف إن أقر بالأول و إن أنکره و زعم أنه لیس شریکا له فی الإرث و ذلک لأنه قد سبق منه الإقرار بالأول و لم یرجع عنه و لما أقر بالثانی معه کان مقتضی ذلک أنه یستحق نصف الترکة نعم لو رجع عن إقراره و ادعی انحصار الترکة فی الثانی غرم الجمیع له
(قوله) (فإن أقر بثالث فإن صدقه الأول فله النصف)
کما صرح به فی (الکتابین) أیضا لأن الأول یزعم أن الإرث منحصر فیهما فیستحق باعتراف الحائز للترکة نصفها و أما الثانی الذی أنکره الأول فإن صدق الأخ فی إقراره بالثالث فلا یغرم له الأخ إلا الثلث و إن کذبه فالنصف له بحاله کما کان قبل إقراره بالثالث
(قوله) (و إن کذبه غرم المقر الثلث)
کما صرح به أیضا فی (الکتابین) و المراد أن الأول إذا کذب الأخ باعترافه بالثالث فإنه یغرم للثالث الثلث لا غیر و ذلک لأنه إنما فوت علیه بإقراره ثلث الترکة لا غیر و لا التفات هنا أیضا لتکذیب الثالث الإقرار بالأول و لم یقیده هنا أیضا بما إذا نفی وارثا غیر الأولین
(قوله) (و إن أقر بولد ثم بآخر فصدقه الأول و أنکر الثانی الأول فالترکة للثانی و لا غرم)
کما صرح بالأمرین فی (الکتابین) أیضا و الوجه فی الأول أعنی کون الترکة للثانی إن نسبه ثبت بقول الأخ و الولد الأول لأن کانا عدلین و لم یتفقا علی الأول کذلک و أما إذا لم یکونا عدلین فلیس للثانی إلا النصف إذ لم یثبت حینئذ نسبه باعترافهما و إنما یثبت له به النصف کما تقدم مثله فلا بد من فرض کونهما عدلین (نبه) علیه فی (الحواشی) و (جامع المقاصد) و لا یضر إنکار الثانی کما أشار إلیه المصنف فی أول المسألة حیث قال و إن أنکر الثانی الأول و الوجه فی الثانی و هو أنه لا غرم علی الأخ أنه لم یقع منه تفویت حق أقر به لأحدهما
(قوله) (الرابع لو أقرت الزوجة مع الإخوة بولد فإن صدقها الإخوة فالمال للولد و کذا کل وارث ظاهرا أقر بأولی منه و لو أقر بمساو دفع بنسبة نصیبه و لو کذبها الإخوة فلهم ثلاثة أرباع و للولد الثمن و للزوجة الثمن)
کما صرح بذلک کله فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و هو معنی ما فی (المبسوط) و (السرائر) و (الجامع) و (اللمعة) و (الروضة) و غیرها حیث لم یذکر فیها الضابط و قد قال المصنف هنا و الشهید فی (اللمعة) إن المال للولد و مرادهما أن المال الذی بید الإخوة أجمع و نصف ما فی یدها و الوجه فیه ظاهر لاعترافهم باستحقاقه و قد طفحت عباراتهم بهذا الضابط تصریحا و اقتضاء (إذ قد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 354

[الخامس و لو أقر الأخ بولدین دفعة]

الخامس و لو أقر الأخ بولدین دفعة فصدقه کل واحد عن نفسه لم یثبت النسب و یثبت المیراث فیأخذ کل واحد النصف و لو تناکرا بینهما لم یلتفت إلی تناکرهما (1) و لو أقر أحد الأخوین بولد و کذبه الآخر أخذ الولد نصیب المقر خاصة (2)
______________________________
صرح) به فی (الشرائع) و ما ذکر بعدها فبعضها فی أثناء المسألة کالکتاب و بعضها بعدها أو قبلها و بعضها علی الاستقلال (کالنهایة) و (الوسیلة) و (التبصرة) و ما لم یصرح به فیه فقد حکم فیه بمعناه بل هو من المعلومات التی لا شبهة فیها و اعتبروا کون الوارث وارثا ظاهرا لأن الوارث فی الواقع یمتنع اعتباره لأن إرثه ینافی صحة إقراره و الأجنبی لا ینفذ إقراره لأنه إقرار علی الغیر و لا ریب أنه إذا أقر بمساو دفع إلیه ما فضل فی یده عن نصیبه و هو أولی مما فی الکتاب و الشرائع و التحریر و الإرشاد إذ قد عبر فیها بعین ما فی الکتاب و ما ذکرناه أوضح فی موافقة المختار و الحکم فیما إذا أکذبوها واضح لأن بیدها ربعی نصیبها علی تقدیر عدم الولد فتدفع إلی الولد نصفه و لا یحتاج أخذ الإخوة الثلاثة الأرباع إلی بیان و لم یقل أحد منا إنها تدفع إلیه سبعة أثمان ما فی یدها تنزیلا للإقرار علی الإشاعة فیستحق فی کل شی‌ء سبعة أثمانه بمقتضی إقرارها کما نبهنا علیه فیما سلف
(قوله) (الخامس لو أقر الأخ بولدین دفعة فصدقه کل واحد عن نفسه لم یثبت النسب و و یثبت المیراث فیأخذ کل واحد النصف و لو تناکرا بینهما لم یلتفت إلی تناکرهما)
کما صرح بذلک کله فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) غیر أنه لم یذکر فی (الشرائع) دفعه لکنها مراده له جزما کما ستعرف (و قد صرح) أیضا فی (النهایة) و (النافع) و (التبصرة) أنه لو أقر باثنین و تناکرا لم یلتفت إلی تناکرهما و یجب تقییده بالدفعة أیضا (کما) فی (التحریر) و (الدروس) و (الکفایة) لما ستسمع إلا أن تقول إن المتبادر الدفعة و فی (التحریر) أیضا أنهما لو کانا توأمین لم یلتفت إلی تناکرهما سواء تجاحدا أو جحد أحدهما صاحبه و فی (الدروس) لو أقر الأخ ببنوة أحد التوأمین لحقه الآخر و لا عبرة بإنکار أحدهما صاحبه (و الوجه) فی عدم الالتفات إلی التناکر فی هذه المسائل أن استحقاقهما للإرث ثبت دفعة فی حالة واحدة فلم یکن أحدهما أولی من الآخر بخلاف ما لو أقر بأحدهما ثم أقر بالآخر فإن اشتراکهما فی الترکة متوقف علی مصادقة الأول (و قال) فی (نهایة المرام) فی توجیه ذلک ما نصه بخلاف ما إذا أقر بأحدهما ثم أقر بالآخر فإن الثانی ثبت له النصف أولا باعتراف الأول فلا یستحق الثالث منه شیئا ما لم یقر به الثانی أو تقوم له بینة بدعواه انتهی (و قد أخذه) برمته (صاحب الریاض) و هو خال عن الفائدة و التحصیل لا حاجة إلیه أصلا (و الوجه) فی عدم ثبوت النسب أن المفروض أن کلا منهما صدقه عن نفسه و لم یصدق أحدهما الآخر بل کذبه و النسب لا یثبت إلا بعدلین (و لذلک) قال فی (التحریر) و لو صدق أحدهما الآخر فالترکة بینهما نصفین أی لم یختلف الحکم و ینبغی تقییده بما إذا لم یکن الأخ و المقر عدلین و إلا کانت الترکة للآخر و لا غرم (و قال) فی (التحریر) أیضا و لو أقر الأخ بولدین دفعة فصدقاه تقاسما الترکة و منع الأخ و ثبت النسب (و فیه) أنه لا یثبت النسب حینئذ إلا مع العدالة کما صرح به فی (الدروس) و هو ظاهر نعم المیراث لا یتوقف إلا علی الاعتراف و فی (الوسیلة) لو أقر بأکثر من واحد و صدقوه دفعة تقاسموا و إن کانوا أولی دفع جمیع المال إلیهم انتهی و لم یتعرض النسب
(قوله) (و لو أقر أحد الأخوین بولد و کذبه الآخر أخذ الولد نصیب المقر خاصة)
کما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 355
فإن أقر المنکر بآخر دفع إلیه ما فی یده (1)

[السادس لو أقر بزوج لذات الولد أعطاه ربع ما فی یده]

السادس لو أقر بزوج لذات الولد أعطاه ربع ما فی یده و لو لم یکن ولد أعطاه النصف (2) فإن أقر بزوج آخر لم یقبل (3)
______________________________
فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و وجهه ظاهر
(قوله) (فإن أقر المنکر بآخر دفع إلیه ما فی یده)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) فلو أقر به الأخ الأول الذی أقر بالأول فلا غرم علیه لوصول نصیب کل من الولدین إلیه
(قوله) (السادس لو أقر بزوج لذات الولد أعطاه ربع ما فی یده و لو لم یکن لها ولد أعطاه النصف)
هذا معنی ما فی (النهایة) و (السرائر) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (اللمعة) و (مجمع البرهان) و کذا (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (نهایة المرام) مع مناقشة فی الأربعة الأخیرة فی الإطلاق تبعا لما فی (الدروس) کما ستسمع (ففی النهایة) و (السرائر) فإن أقر بزوج للمیتة أعطی مقدار ما کان یصیبه من سهمه انتهی ما فیهما و قد بینه الجماعة بما سمعت (و قریب) منهما عبارة (النافع) قال فیه لو أقر بزوج للمیتة دفع إلیه مما فی یده بنسبة نصیبه و هی النصف إن کان المقر به غیر الولد و الربع إن کان هو الولد (کذا) و بقیة العبارات کعبارة الکتاب (و مرادهم) کما هو ظاهر عبائرهم و صریح ضمائرهم حیث أتوا بها مفردة لتدل علی أن المراد أن الوارث الواحد حیث ینحصر الإرث فیه إذا أقر بزوج للمیتة دفع إلیه ربعا أو نصفا مع الولد و بدونه و هذا إطلاق مستقیم مطرد لا یرد علیه شی‌ء مما ذکروه و لا حاجة إلی تنزیل إطلاقهم علی الإشاعة التی أطبقوا فی الباب علی خلافها کما تقدم (ثم إن ذکره) فی (النهایة) یقضی بأن به خبرا لکنی تتبعت الوسائل فی عدة مواضع فلم أجد به خبرا علی الخصوص نعم (هناک) عموم یقتضیه أو هو ظاهر فیه (و أما) من ناقش فی الإطلاق فقد قالوا فی الکتب الأربعة ما حاصله علی اختلافهم فی التعبیر أن الإطلاق لا یستقیم إلا إذا قلنا إن الموجود یقسم بینه و بین المقر له بمقتضی الشرکة و الإشاعة و أما علی المعروف عندهم من أنه إنما یدفع إلیه الفاضل مما فی یده عن نصیبه فیجب علیه هنا دفع الفاضل إن وجد سواء بلغ أحد المقدارین کما إذا کان المقر الأخ أو الولد أو لا کما لو کان المقر الأبوین أو أحدهما و کان معهما بنت فإن نصیبهما علی تقدیر عدم الزوج الخمسان و مع وجوده السدسان و التفاوت بینهما الذی یجب علیهما دفعه لا یبلغ ربع ما فی أیدیهما و أما إذا لم یتحقق فاضل فکما إذا کان المقر الأبوین أو أحدهما و کان للزوجة ولد ذکر فإنه لا یجب هنا دفع شی‌ء أصلا إلی آخر ما قالوه مما لا حاجة إلیه مع أن بعضه غیر نقی (کما) یظهر ذلک لمن لحظ (الروضة) و (المسالک) و (قال) فی (الدروس) إن کان المقر بالزوج أحد الأبوین و کان الولد ابنا لم یدفع إلیه و إن کان بنتا دفع الفاضل عن نصیبه و هو نصف الثمن و لعله إنما أراد التنبیه علی الأفراد الخفیة و کان الأصح أن یقول و لو کان المقر أحد الأبوین فقد یدفع إلیه نصف المال إذا لم یکن وارث غیره و کذا لو کان هو الأب مع الأم و قد لا یدفع شیئا کما إذا کان المقر هو الأم مع الأب مطلقا فتأمّل
(قوله) (فإن أقر بزوج آخر لم یقبل)
لا ریب أنه لو أقر الوارث بزوج آخر لا یقبل فی حق الزوج المقر به أولا کما فی (جامع المقاصد) و (نهایة المرام) و لا إشکال فیه کما فی (المسالک) و وجهه ظاهر و ستسمع جزمهم بمثل ذلک فی المسألة الآتیة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 356
فإن أکذب إقراره الأول (1) غرم للثانی ما دفع إلی الأول و هل یثبت الغرم بمجرد الإقرار أو بالتکذیب الظاهر من کلام الأصحاب الثانی (2)
______________________________
(قوله) (فإن أکذب إقراره الأول غرم للثانی ما دفع إلی الأول)
بلا خلاف لاعترافه بالتکذیب بتفویت حق الثانی من الترکة بإقراره و به صرح فی (النهایة) و (السرائر) و (الشرائع) و ما ذکر بعدها
(قوله) (و هل یثبت بمجرد الإقرار بالتکذیب الظاهر من کلام الأصحاب الثانی)
کما فی (التذکرة) إذ قد نسبه فیها إلی ظاهر الأصحاب أیضا و فی (المسالک) و (الروضة) أنه المشهور و فی (نهایة المرام) نسبته إلی الأکثر و إنما نسبه فی (الکتابین) إلی ظاهر الأصحاب لأن فی (النهایة) و (السرائر) و لو أقر بزوج آخر کان إقراره باطلا إلا أن یکذب نفسه فی الإقرار بالزوج الأول فیلزمه حینئذ أن یغرم للزوج الثانی و فی (الشرائع) و لو أکذب إقراره الأول أغرم للثانی مثل ما حصل للأول و مثلها ما ذکر بعدها آنفا فقد رتبوا الحکم علی تکذیب المقر لنفسه و ترتیب الشی‌ء علی غیره ظاهر فی أنه علة له (و به) صرح فی (التنقیح) کما ستسمع فی المسألة الآتیة و فی (جامع المقاصد) و (الروضة) و (نهایة المرام) و (المسالک) أنه یثبت الغرم بمجرد الإقرار علی الأقوی فی الثلاثة الأول و قال فی الأخیر تارة لو قیل به کان قویا و أخری أن الوجه أنه یغرم مطلقا (و لا ترجیح) فی (الإیضاح) و (الدروس) (حجة) المشهور أنه لما أقر بزوجیة الأول و حکم بکونه وارثا کان إقراره بالآخر إقرارا بأمر ممتنع شرعا فلا یکون مسموعا لکن إذا أکذب نفسه فی الإقرار بالأول کان قد اعترف بتفویت حق الثانی من الترکة بإقراره فیغرم (قلت) و هو الموافق لأصول الباب من الأخذ بالیقین (حجة القول الآخر) أن الأصل فی الإقرار الصحة و کون الثانی هو الزوج أمر ممکن و ربما ظن أن الأول هو الزوج ثم تبین خلافه و إلغاء الإقرار فی حق المقر مع إمکان صحته ینافی الحکم بأن إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز و قد سبق لهم تنزیل الإقرار للحمل علی وجه یصح فعلی هذا یکون المقر قد حال بین الزوج و بین نصیبه بالإقرار الأول فیغرم (قلت) قد یقال علی هذا التوجیه أن الأصحاب قد نصوا (کما) قاله (فخر الإسلام) و (الشهید) فی (الحواشی) إن الإقرار الثانی إذا نافی الأول لم یقبل و یغرم للثانی إلا فی الزوجیة و المیراث للنص علیه قاله الفخر مکررا و ذلک یقضی أن به خبرا و هو الظاهر من (التنقیح) کما ستسمع (و قال الفخر) أیضا إن ذلک من قواعد الأصحاب و ظاهره الإجماع کما أن صریحه وجود النص و أیهما کان ففیه البلاغ و (یشهد) للأول الحکم فی (السرائر) و للثانی الحکم به فی (النهایة) و (لعل) السر فی ذلک أن الإقرار للثانی أنما یقضی بالغرامة إذا کان ممکنا لا یبادر بالإنکار و أما إذا کان ممتنعا یحتاج فی تصحیحه إلی الاحتمال فإن القاضی لا یسمعه لأن الشرع یمنعه و الأصول تدفعه و لا أقل من الإشکال فی سماعه لمکان هذا الاحتمال مع تقدم الإقرار الصریح الصحیح نعم إن صرح بإکذاب نفسه کان قد اعترف بتفویت حقه و لا یلتفت إلی الاستلزام کأن یقال إن الإقرار یستلزم تکذیب نفسه فی الأول فإذا دل علیه بالالتزام أغنت عن المطابقة لأنا نقول أولا إنه لا بد من التصریح کما عرفت و ثانیا أن الإقرار الثانی مناف للأول و قد حکم الشارع بتصدیقه و منافی الصادق کاذب بالضرورة فقضیة الفرض تکذیب الثانی بلا قید آخر فلا یترتب الغرم إلا إذا ضم إلی ذلک الإقرار تکذیبه فی الأول فلا بد من اشتراط تکذیب الأول (فإن قلت) لا ریب فی المنافاة لکن لا نسلم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 357
و لو أقر بزوجة لذی الولد أعطاها ثمن ما فی یده و لو خلا عن الولد أعطاها الربع (1) فإن أقر بأخری فإن صدقته الأولی اقتسمتا و إلا غرم لها نصف ما أخذت الأولی من حصته و لو أقر بثالثة أعطاها الثلث فإن أقر برابعة أعطاها الربع (2) فإن أقر بخامسة لم یلتفت إلیه علی إشکال (3)
______________________________
أن الأول أولی بالصدق من الثانی لدخولهما معا فی حیز الإمکان قولک قد سبق حکم الشرع بصدق الأول و صحته (قلنا) و قد ألحق به الثانی لدخوله تحت عموم قولهم (ع) إقرار العقلاء جائز فیلزم حینئذ من صحة الإقرارین تحقق الغرم قلنا قد رجعت إلی ما تبین لک عدم سماعه فکان قول المعظم أصح و أتقن و تشبیهه بمسألة الحمل فی غیر محل لمکان الفرق بتقدم الإقرار الصحیح و عدمه فلیلحظ فیما سبق
(قوله) (و لو أقر بزوجة لذی الولد أعطاها ثمن ما فی یده و لو خلا عن الولد أعطاها الربع)
هذا معنی ما فی (النهایة) و (السرائر) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (التحریر) و (اللمعة) بل بعضها عین عبارة الکتاب غیر أن المسألة فرضت فی الأولین فیما إذا أقر الولد فقالا فیهما أعطاها ثمن ما فی یده و لم یتعرضا لما إذا لم یکن هناک ولد و المسألة کالتی قبلها مفروضة فیما إذا کان الوارث واحدا و انحصر الإرث فیه کما هو المفروض فی الأولین هنا کما سمعت (فلا وجه) لقوله فی (جامع المقاصد) إنه لا یصح إطلاق العبارة و إجرائها علی ظاهرها کما لا وجه لتنزیل کلامهم علی ما أطبقوا علی خلافه (و قد تبعه) علی ذلک الشهید الثانی و سبقه علی أن وجود ذلک فی (النهایة) و (السرائر) یقضی بأنه منصوص مقطوع به کما عرفت (کما) هو صریح (شرح الإرشاد) و کذا (التنقیح) کما تقدم لکنا لم نجده بعد فضل التتبع و فی (الدروس) أعطاها ثمن ما فی یده إن کان المقر ولدا و إن کان أحد الأبوین دفع الفاضل انتهی فتأمّل إذ هو منه علی نحو ما تقدم
(قوله) (فإن أقر بأخری فإن صدقته الأولی اقتسمتا و إلا غرم لها نصف ما أخذت الأولی من حصته و لو أقر بثالثة أعطاها الثلث فإن أقر برابعة أعطاها الربع)
هذا أیضا معنی ما فی (النهایة) و (السرائر) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (مجمع البرهان) و (نهایة المرام) بل بعضها عین عبارة الکتاب لأن الإقرار بزوجة ثانیة کالإقرار بوارث مساو للأولی و لا إشکال فی حکمه مع تصدیق الأولی و أما مع التکذیب فیغرم للثانیة نصف نصیب الزوجة بالإکذاب أو بمجرد الإقرار فتأمّل علی ما تقدم و کذلک الحال فیما لو أقر بثالثة أو رابعة فیغرم للثالثة ثلث نصیب الزوجة و للرابعة الربع و کل ذلک مع الإکذاب و إلا أخذ من المصدقة بالنسبة
(قوله) (فإن أقر بخامسة لم یلتفت إلیه علی إشکال)
کما فی (التذکرة) و نحوها ما فی (الإیضاح) من عدم الترجیح و فی (النهایة) و (السرائر) و (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (مجمع البرهان) الجزم بعدم الالتفات إلیه و عدم القبول لکن فرضت المسألة فی الثلاثة الأول أنه أقر بالخامسة و الحال أنه أنکر إحدی الأربع فلم یلتفت إلی إنکاره لها و غرم للخامسة و فرضت المسألة فی الثلاثة الأواخر کما فرضت المسألة کذلک فی الکتاب و (التذکرة) أنه إذا أقر بالخامسة لا یلتفت إلی إقراره و أنه إن أنکر إحدی الأربع غرم لها أی للخامسة فکان حاصل الثلاثة الأول أنه لا یلتفت
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 358
فإن أنکر إحدی الأربع غرم لها (1) ربع الثمن أو الربع (2) و لو کان إقراره بالأربع دفعة ثبت نصیب الزوجیة لهن و لا غرم سواء تصادقن أو لا (3)

[السابع لو أقر الأخ من الأب بأخ من الأم أعطاه السدس]

السابع لو أقر الأخ من الأب بأخ من الأم أعطاه السدس فإن أقر الأخ من الأم بأخوین منها و صدقه الأول سلم الأخ من الأم إلیهما ثلث السدس بینهما بالسویة و یبقی معه الثلثان و سلم إلیهما الأخ من الأب سدسا آخر (4)
______________________________
إلی إنکاره إحدی الأربع و کان حاصل الخمسة الأخر أنه لا یلتفت إلی إقراره بالخامسة بالنسبة إلی ما ثبت من حقوق الأربع اللاتی أقر بهن أولا فکانت العبارات جمیعها بمعنی واحد و حینئذ فلا معنی لقوله علی إشکال فی الکتاب و التذکرة لأنه لا إشکال فی ذلک أصلا کما تقدم مثله فی الزوج (إلا أن تقول) هنا أمران الأول عدم الالتفات إلی إقراره بالخامسة بالنسبة إلی الأربع و الثانی ما یلزمه من الغرامة لها بمجرد الإقرار فهل یغرم بذلک أم یتوقف علی تکذیب نفسه و الإشکال یرجع إلی الثانی فکأنه قال فی الکتابین لا یلتفت إلی إقراره بالنسبة إلی الأربع و یغرم بمجرده للخامسة علی إشکال فإن أنکر إحدی الأربع و أکذب نفسه غرم للخامسة من دون إشکال (و فیه) أن ظاهر الأصحاب هنا کظاهرهم هناک من أنه لا بد من التکذیب کما سمعت فلم أستشکل هنا فقط ثم إنه لا یوافق کلامه فی (التحریر) و (الإرشاد) إلا أن تقول إن إشکاله هنا لأن الخامسة ممکنة هنا لا تبادر بالانکسار لأن المریض إذا تزوج و دخل و طلق فی سنته و هکذا فإنه یمکن أن یکون له خامسة و عاشرة (و فیه) أن المسألة مفروضة فی کلامهم أنه أقر بزوجیة حقیقیة بالنکاح الدائم و أن الزوجیة باقیة إلی أن مات (کما) صرح به جماعة منهم فی شرح (الإرشاد) و هو الظاهر من الباقین مضافا إلی أنه إذا أقر بخامسة فی مثل ذلک فإنه یقبل إجماعا (کما) فی شرح (الإرشاد) لولده و (الحواشی) و فی (التنقیح) أیضا الإجماع علی القبول إذا أقر بالخامسة فی موضع یمکن فلا معنی لأن یکون هذا فی النظر فتدبر (فالوجه) الاستفصال من المقر فیقبل إن فسره بذلک و إلا فلا کما فی (مجمع البرهان) و (قال) المحقق الثانی و الشهید الثانی و سبطه أن الوجهین السابقین فی الإقرار بزوج ثان جاریان هنا و أولی بالصحة هنا لإمکان الخامسة فی المریض فلیتأمّل فی کلامهم
(قوله) (فإن أنکر إحدی الأربع غرم لها)
أی للخامسة کما فی (النهایة) و (السرائر) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و غیرها
(قوله) (ربع الثمن أو الربع)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) أی ربع الثمن مع الولد و ربع الربع بدونه و فی (الإرشاد) ربع الحصة و فی (الشرائع) مثل نصیب واحدة منهن و هی أجود و أوجز
(قوله) (و لو کان إقراره بالأربع دفعة ثبت نصیب الزوجیة لهن و لا غرم سواء تصادقن أو لا)
کما فی (التذکرة) و (المسالک) و نحوه ما فی (النهایة) و (السرائر) و (التحریر) و (الإرشاد) و (مجمع البرهان) و غیرها کما لو أقر بوارثین دفعة کما تقدم
(قوله) (السابع لو أقر الأخ من الأب بأخ من الأم أعطاه السدس فإن أقر الأخ من الأم بأخوین منها و صدقه الأول سلم الأخ من الأم إلیهما ثلث السدس بینهما بالسویة و یبقی معه الثلثان و سلم إلیهما الأخ من الأب سدسا آخر)
کما صرح بذلک کله فی (التذکرة) و (الإیضاح) و (جامع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 359
و یحتمل أن یسلم الأخ من الأم الثلثین و یرجع کل منهم علی الأخ من الأب بثلث السدس (1) و لو کذبه فعلی الأول للأول ثلثا السدس و لهما الثلث و علی الثانی السدس بینهم أثلاثا (2)

[الثامن لو اعترف الولد بالزوجة أعطاها الثمن]

الثامن لو اعترف الولد بالزوجة أعطاها الثمن فإن أقر بأخری أعطاها نصف الثمن إذا کذبته الأولی فإن أقر بثالثة و اعترفت الأولتان بها و اعترفت الثانیة بالأولی استعاد من الأولی نصف الثمن و من الثانیة سدسه فیصیر معه ثلثا الثمن یسلم إلی الثالثة منه ثلثا و یبقی له ثلث آخر (3)

[التاسع لو کان أحد الولدین عبدا أو کافرا فأقر الحر المسلم بآخر]

التاسع لو کان أحد الولدین عبدا أو کافرا فأقر الحر المسلم بآخر فأعتق العبد أو أسلم الکافر قبل القسمة شارک و إلا فلا (4)
______________________________
المقاصد) و کذا (التحریر) و فی الثانی نسبه إلی نص الأصحاب و الوجه فی تسلیم الأخ من الأم إلیهما ثلث السدس أن ذلک هو الفاضل عن نصیبه ثلثا السدس لأن المسألة من ستة و ثلاثین و ثلثها اثنا عشر و قد أخذ الأخ من الأم سدس الستة و الثلاثین و هو ستة فإذا دفع إلیهما ثلثه اثنین بقی له أربعة فإذا دفع الأخ من الأب إلیهما سدسا و هو ستة حصل لکل واحد منهما أربعة و مجموع ذلک اثنا عشر هی ثلث الفریضة (و قد) وقع فی (جامع المقاصد) فی بیان ذلک خطاء و لعله من النسخة
(قوله) (و یحتمل أن یسلم الأخ من الأم الثلثین و یرجع کل منهم علی الأخ من الأب بثلث السدس)
قد علمت أن الأصحاب قد أطبقوا علی خلاف هذا الاحتمال
(قوله) (و لو کذبه فعلی الأول للأول ثلثا السدس و لهما الثلث و علی الثانی السدس بینهم أثلاثا)
کما صرح بذلک فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و هو واضح لأنه لا یختلف حال الأخ من الأم بتصدیق الأخ من الأب و لا بتکذیبه و أما الأخ من الأب فإنه مع تکذیبه یأخذ الفاضل عن السدس کله و الفریضة علی الأول من ستة و ثلاثین و علی الثانی من ثمانیة عشر
(قوله) (الثامن لو اعترف الولد بالزوجة أعطاها الثمن فإن أقر بأخری أعطاها نصف الثمن إذا کذبته الأولی فإن أقر بثالثة و اعترف الأولتان بها و اعترفت الثانیة بالأولی استعاد من الأولی نصف الثمن و من الثانیة سدسه فیصیر معه ثلثا الثمن یسلم إلی الثالثة منه ثلثا و یبقی له ثلث آخر)
کما ذکر ذلک کله فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و الوجه فی إعطاء الثانیة نصف الثمن ظاهر لأنه لم یعترف لها بأزید من ذلک و لا فرق فی ذلک بأن تصدق بالأولی أو تکذبه بها نعم إن صدقته الأولی بالثانیة لم یغرم و أما أنه یأخذ من الأولی نصف الثمن و من الثانیة سدسه إذا أقر بالثالثة و اعترف الأولیان بها و اعترف الثانیة بالأولی فلأنه یکون للثالثة ثلث الثمن بإقراره و اعتراف الثانیة و نصفه باعتراف الأولی فتکون الفریضة من ثمانیة و أربعین لأنا نطلب مالا له ثمن و لثمنه سدس فیستعید من الأولی النصف ثلاثة و من الثانیة السدس واحدا لأنه فاضل عن نصیبها فیصیر معه ثلثا الثمن أربعة لأن الثمن هنا ستة و ثلثاه أربعة یدفع منه ثلثا و هو اثنان إلی الثانیة و یبقی معه اثنان هما الثلث الآخر له عوضا عما اغترمه و یفوت منه واحد هو سدس الثمن
(قوله) (التاسع لو کان أحد الولدین عبدا أو کافرا فأقر الحر المسلم بآخر فأعتق العبد أو أسلم الکافر قبل القسمة شارک و إلا فلا)
کما طفحت بذلک فی باب المیراث عباراتهم و صرحت به روایاتهم مع تصدیقهما بالمقر به و قد أسبغنا الکلام فیه فی باب المیراث و بینا الحال فیما إذا أسلم قبل قسمة البعض أو کانت الترکة مما لا تقسم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 360
و لو کذب بعد زوال المانع أو قبله الثانی فلا شی‌ء له (1) إلا أن یرجع إلی التصدیق (2) و لو کان أحدهما غیر مکلف فأقر المکلف بآخر عزل لغیر المکلف النصف (3) فإن اعترف بعد زوال المانع دفع الفاضل عن نصیبه و إن کذب ملک المعزول (4) و لو مات قبل الکمال و قد تخلف السدس خاصة فإن کان أفرده الحاکم للإیقاف فهو للمقر له و إلا فثلثاه (5)

[العاشر لو أقر أحد الولدین بابن و أنکر الثانی]

العاشر لو أقر أحد الولدین بابن و أنکر الثانی ثم مات المنکر عن ابن مصدق فالأقرب ثبوت نسب العم (6)
______________________________
(قوله) (و لو کذب بعد زوال المانع أو قبله الثانی فلا شی‌ء له)
لأن الوارث بزعمه واحد فلم یصدق أنه أسلم علی میراث قبل قسمته و قد أوضحناه فی باب المیراث و المراد بالثانی الکافر لأن العبد إذا أقر قبل زوال المانع لم یسمع لأنه حینئذ عبد
(قوله) (إلا أن یرجع إلی التصدیق)
فإنه یقبل و یقاسم کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) لأنهما یعترفان بأخوته و أنه حر قبل القسمة و قد استشکل فیه الشهید لأن المال صار مستحقا لغیره و هو فی محله
(قوله) (و لو کان أحدهما غیر مکلف عزل لغیر المکلف النصف)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) لأن الإقرار غیر ماض علیه و لا یعتد الآن بتصدیقه و تکذیبه فینتظر به الکمال و حینئذ فیترتب علی کل مقتضاه
(قوله) (فإن اعترف بعد زوال المانع دفع الفاضل عن نصیبه و إن کذب ملک المعزول)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و وجهه ظاهر
(قوله) (و لو مات قبل الکمال و قد تخلف السدس خاصة فإن کان أفرزه الحاکم للإیقاف فهو للمقر له و إلا فثلثاه)
کما فی (التذکرة) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) و قیده فی الآخرین بما إذا کان ذهاب الثلثین بآفة سماویة و أما إذا کان للإنفاق فالسدس کله للمقر به و معناه أنه لو مات غیر المکلف قبل کماله و قد تخلف و بقی من النصف سدس الأصل و هو ثلث النصف فإن کان الحاکم قد أفرزه للإیقاف بأن قسم النصف و میز حصة غیر المکلف منه علی تقدیر التصدیق و هو ثلث الأصل و ترک السدس إلی أن یکمل غیر المکلف فلم یتخلف إلی حین موته فهو للمقر له لأن الوارث لغیر المکلف هو أخوه المقر و هو معترف له به و إن لم یکن قد أفرزه الحاکم للإیقاف بل کان النصف بأجمعه موقوفا إلی أن ذهب ثلثاه و بقی ثلثه و هو السدس کان للمقر به ثلثا السدس ثلث من جهة کونه شریکا فی النصف بثلثه بزعمه لأن الذاهب من الشریکین و الباقی لهما و ثلث بالإرث من أخیهما و الثلث الآخر للمقر (قال الشهید) هذا إن تلف بغیر سبب المیّت و أما إذا کان بسببه کإنفاق ولیه علیه کان السدس کله للمقر به لأن له علی الصغیر دین باعتراف أخیه الوارث و هذا ما یقوم به و الفرز عزل شی‌ء من شی‌ء کالإفراز
(قوله) (العاشر لو أقر أحد الولدین بابن و أنکر الثانی ثم مات المنکر عن ابن مصدق فالأقرب ثبوت نسب العم)
کما هو ظاهر (الإیضاح) و به جزم فی (المبسوط) و (السرائر) و (التحریر) مع العدالة مع زیادة المیراث فی الأولین و فی (جامع المقاصد) أنه الأصح لأنه قد شهد بالنسب شاهدان عدلان لأن الکلام أنما هو علی تقدیر العدالة فوجب الحکم بالثبوت
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 361
و یحتمل العدم لکن یأخذ من ترکة المیّت ما فضل عن نصیبه (1) و لو أقر الولد بزوجة و للمیت أخری فإن صدقته الأخری فالثمن بینهما و إلا فللأخری و لا غرم (2) و لو أقر الأخ من الأم بأخ إما من الأب أو من الأم أو منهما فکذبه الأخ من الأب فللمقر حصته (3) و کذا لو أقر بأخوین من الأب أو منهما (4)
______________________________
(قوله) (و یحتمل العدم لکن یأخذ من ترکة المیّت ما فضل عن نصیبه)
وجهه أن شهادة ابن الابن تتضمن الشهادة علی أبیه لأنها تقتضی تکذیبه و شهادة الابن علی الأب غیر مسموعة لکن یأخذ من الترکة ما ذکر و ضعف بأن ذلک لیس من الشهادة علی الأب بوجه من الوجوه و إنما هو إقرار علی نفسه و اقتضاؤها تکذیب الأب لا یستلزم کونها شهادة علیه و لا عدم سماعها و ضعفه فی (الإیضاح) بأن الشهادة بالنسب بالنسبة إلی الأب مقبولة من الابن علیه بعد موته بالنص و أنه ربما کذب الأب و فی شهادة الابن تخلیص من استمرار المظلمة خصوصا فی النسب و هو نص فی وجود النص و لم نجده
(قوله) (و لو أقر الولد بزوجة و للمیت أخری فإن صدقته الأخری فالثمن بینهما و إلا فللأخری و لا غرم علی إشکال)
قد ذکر ذلک کله فی (التذکرة) حرفا فحرفا و هذا هو الذی وجدناه فی نسختین عندنا من نسخ الکتاب (و قال الشهید) فی (الحواشی) إن قوله علی إشکال لیس موجودا فی نسخة ولد المصنف (قلت) و لا فی نسخة المحقق الثانی (و اقتصر) فی (التحریر) علی قوله و إلا فللأخری و لم یتعرض للغرم بنفی و لا إثبات (و کیف کان) فالوجه فی کون الثمن للأخری علی تقدیر عدم تصدیقها أن زوجیتها ثابتة بخلاف المقر بها و فی عدم الغرامة علی الولد أنه لم یتلف علیها شی‌ء إذ زوجیة الأخری ثابتة بدون قوله و أن إرثها علی تقدیر ثبوت زوجیتها أنما هو من الثمن الذی قد حازته الأخری و لیس بید الولد منه شی‌ء و وجه الغرم و هو الوجه الثانی من الإشکال أن الترکة بزعمه مشترکة فکل ما فی یده لها منه نصیب و ستسمع ما فیه و فی (الحواشی) أنه لا وجه للإشکال لأنه إن أراد به أنه یغرم کمال نصیبها مما فی یده فهو ممنوع و إن أراد به لا یغرم شیئا من رأس فهو أیضا ممنوع بل علیه أن یعطیها بنسبة نصیبها مما فی یده (قلت) هذا مبنی علی ما قاله بعض العامة من أنه إذا أقر بعض الورثة بدین علی المیّت وجب علیه أن یؤدی جمیعه من نصیب المقر مع السعة لأن هذا یقضی أن تأخذ الزوجة من نصیب الولد بالنسبة و الذی فصحت به روایاتنا و انعقد علیه إجماعاتنا أن المقر إنما یدفع للمقر به ما فضل عن نصیبه مما فی یده کما تقدم عند قوله بل یشارک بالنسبة إلی آخره و لیس فی ید الولد هنا سوی نصیبه کما أن الأخبار و الإجماعات صرحت بأنه إذا أقر بدین فإنه لا یجب علیه دفع جمیعه مما فی یده و إنما یدفع قدر حصته کما تقدم ذلک أیضا هناک
(قوله) (و لو أقر الأخ من الأم بأخ إما من الأب أو من الأم أو منهما فکذبه الأخ من الأب فللمقر حصته کملا)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و الوجه فی الأخ من الأب أو منهما ظاهر و أما الأخ من الأم فالوجه فیه أن مقتضی إقراره به أن یکون لهما الثلث و لکل منهما سدس فلیس فی یده ما یفضل عن استحقاقه
(قوله) (و کذا لو أقر بأخوین من الأب أو منهما)
أی للمقر حصته کملا و هی السدس کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) لأن إقراره بهما لا یقضی بنقص علیه من السدس
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 362
و لو کانا من الأم فإنه یدفع إلیهما ثلث السدس لاعترافه بأنهما شریکان فی الثلث لکل منهم تسع و فی یده تسع و نصف تسع (1) فیفضل فی یده نصف تسع و لو أقر الأخوان من الأم بأخ منها دفعا إلیه ثلث ما فی یدهما سواء صدقهما الأخ من الأب أو کذبهما (2) و لو أقر به أحدهما خاصة دفع ثلث ما فی یده و لا اعتبار بتصدیق الأخ من الأب أو تکذیبه (3) لکن لو صدق و کان عدلا کان شاهدا فإن کان المقر عدلا ثبت النسب و إلا فلا (4)
______________________________
(قوله) (و لو کانا من الأم فإنه یدفع إلیهما ثلث السدس لاعترافه بأنهما شریکان فی الثلث لکل منهما تسع و فی یده تسع و نصف فیفضل فی یده نصف تسع)
کما ذکر ذلک کله فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و الفریضة من ستة و ثلاثین لأنه أقل عدد له تسع و لتسعه ربع و هو مضروب أربعة فی تسعة و بیانه أن للإخوة من الأم ثلث الترکة و هو اثنا عشر بینهم بالسویة لکل منهم ثلثه و هو أربعة و هی تسع الفریضة و بید المقر سدس و هو ستة و هی تسع و نصف تسع فیکون معه زیادة علی استحقاقه بمقتضی إقراره نصف تسع و هو اثنان هما ثلث السدس فیدفعهما إلیهما فیأخذ کل واحد واحد منهما واحدا لأنه یعترف بأنهما شریکان فی الثلث لکل واحد منهما تسع و قد عرفت أن فی یده سدسا و أنه یفضل فی یده نصف تسع
(قوله) (و لو أقر الأخوان من الأم بأخ منها دفعا إلیه ثلث ما فی یدهما سواء صدقهما الأخ من الأب أو کذبهما)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) لأن للاثنین من الإخوة من الأم و ما زاد الثلث بالسویة و لا تعلق للأخ من الأب بهم بوجه فلا أثر لتصدیق الأخ من الأب إیاهما فی الإقرار بالأخ الثالث و تکذیبه
(قوله) (و لو أقر أحدهما خاصة دفع ثلث ما فی یده و لا اعتبار بتصدیق الأخ من الأب أو تکذیبه)
کما فی (الکتابین) و أما دفعه إلیه ثلث ما فی یده فلأنه الفاضل عن استحقاقه و قد عرفت الوجه فی عدم اعتبار تصدیق الأخ من الأب و تکذیبه
(قوله) (لکن لو صدق و کان عدلا کان شاهدا فإن کان المقر عدلا ثبت النسب و إلا فلا)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و إذا ثبت النسب أخذ ثلث ما فی ید الآخر المکذب و إلا فلیس له إلا ما عرفت و الحمد للّه کما هو أهله أولا و آخرا و ظاهرا و باطنا و الصلاة و السلام علی خیر خلقه أجمعین محمد و آله المعصومین (و کان) الفراغ منه فی اللیلة الرابعة عشرة من شهر ذی القعدة الحرام سنة ألف و مائتین و ست و عشرین فی النجف الأشرف علی مشرفه أفضل الصلاة و السلام (و أوصی) إخوانی بالجد و الجهد فی الاشتغال و تتبع الأخبار و الأقوال مع کمال الضبط و عدم التعویل علی الأنقال و بالاشتغال فی اللیل و النهار و أن لا یغادروا من أوقاتهم فی غیر التحصیل و بالزهد فی هذه الدنیا فإن المیل إلیها آفة التحصیل (و اللّٰه) أحمد و به أستعین (و قد کتبت) هذا و أنا فی عشر السبعین مکبا علی الاشتغال فی اللیل و النهار و الحمد للّه و صلی اللّٰه علی محمد و آله الأطهار و لقد کتب فی هذا الباب فی شهر رمضان من هذه السنة ثمانیة أجزاء أو تسعة أو عشرة مع هذا التتبع و الاستیفاء و ذلک لأنی ترکت له سائر الأعمال التی یعملها العاملون فی شهر رمضان إلا ما قل جدا مؤثرا للتحصیل و الاشتغال علی جمیع أعمال شهر رمضان و لا قوة إلا باللّٰه و صلی اللّٰه علی محمد و آله
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 363

[المقصد الرابع فی الوصایا و فیه فصول]

اشارة

المقصد الرابع فی الوصایا و فیه فصول (1)

[الفصل الأول فی أرکانها و مطالبه أربعة]

اشارة

الأول فی أرکانها و مطالبه أربعة

[المطلب الأول الوصیة تملیک عین أو منفعة بعد الموت]

الأول الوصیة تملیک عین أو منفعة بعد الموت (2)
______________________________
بسم اللّٰه الرحمن الرحیم الحمد للّه کما هو أهله رب العالمین و الصلاة و السلام علی خیر خلقه أجمعین محمد و آله الطاهرین المعصومین و رضی اللّٰه سبحانه عن مشایخنا و علمائنا أجمعین و عن رواتنا الصالحین و بعد فهذا ما برز من کتاب مفتاح الکرامة علی قواعد العلامة سهل اللّٰه بمنه إتمامه علی ید مصنفه الفقیر الحقیر الأقل الأذل محمد الجواد الحسینی الحسنی العاملی عامله بإحسانه و عفوه و کرمه
(قوله) (المقصد الرابع فی الوصایا و فیه فصول)
الوصایا جمع وصیة و قد عبر بعضهم بهذه و آخرون بهذه و فی (المبسوط) أن الوصیة مشتقة من وصی یصی و هو الوصل و یقال منه أوصی یوصی و وصی توصیة و الاسم الوصیة و الوصاة و قد ذکر ذلک کله فی (السرائر) و (التحریر) و (المهذب البارع) و (کنز العرفان) و کذا غیرها و قالوا أصلها الوصل و سمی هذا التصرف وصیة لما فیه من وصله القربات بعد الموت بالقربات فی حال الحیاة أو بالعکس کما فی (التذکرة) و (کنز العرفان) و (جامع المقاصد) و (إیضاح النافع) و (الروضة) و هو معنی قوله فی (الوسیلة) صلة ما بعد الموت بخبر إلی ما قبله أو لما فیه من وصله التصرف حال الحیاة به بعد الوفاة کما فی (فقه الراوندی) و (التحریر) و (الروضة) أیضا و غیرهما
(قوله) (الأول فی أرکانها و مطالبه أربعة الأول الوصیة تملیک عین أو منفعة بعد الموت)
فی (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (کنز العرفان) و (صیغ العقود) و غیرها و زید فی (التذکرة) و (إیضاح النافع) تبرعا و فی (النافع) و (اللمعة) و کذا (التنقیح) أنها تملیک عین أو منفعة أو تسلیط علی تصرف و فی (الدروس) تملیک عین أو منفعة أو جعلهما فی جهة مباحة و فی (الحواشی) أنها تنفیذ حکم شرعی من مکلف أو ما فی حکمه بعد الوفاة و قال إنه أشمل و فی (الکفایة) تملیک عین أو منفعة أو فک ملک بعد الوفاة أو تسلیط علی تصرف بعدها فمن زاد التبرع أراد بیان الواقع لکنه یشکل بما إذا أوصی بالبیع و نحوه من المعاوضات فإن ذلک وصیة و لا تبرع فیه و من زاد التسلیط أراد إدراج الوصیة بالولایة و من ترکه جعل الوصیة خارجة عن الوصایة قسیمة لها و لذلک جعل فی (الدروس) لکل بابا و کتابا و کل ذلک تعریف لها بحسب الغایة و لو عرفوها بأجزائها و غایتها لقالوا هی الإیجاب و القبول الدالان علی تملیک عین أو منفعة إلی غیر ذلک و یرد علی ما فی الدروس بأن الجعل فی جهة لا یصدق علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 364
..........
______________________________
الوصیة بالولایة و لا علی الوصیة بالعتق و نحوه إذ لیست الوصیة بذلک نفس جعل العین أو المنفعة فی جهة مباحة بل الجعل هو التصرف المترتب علی الوصیة فتأمّل و علی ما فی (الحواشی) بعدم صدقه علی شی‌ء من أقسام الوصیة إذ المنفذ لها الوصی أو الحاکم و (کیف کان) فالتملیک فی التعریف بمنزلة الجنس یشمل سائر التصرفات المملکة الواقعة من البیع و الهبة و الوقف و غیرها و فی ذکر العین و المنفعة تنبیه علی متعلق الوصیة و یندرج فی العین الموجود منها بالفعل کالشجرة و القوة کالثمرة المتجددة و فی المنفعة المؤیدة و الموقتة و المطلقة و یخرج ببعدیة الوفاة الهبة و غیرها من التصرفات المنجزة فی الحیاة المتعلقة بأحد الأمرین و ینتقض فی عکسه بالوصیة إلی الغیر بإنفاذ الوصیة و بالولایة عند من جعل الوصایة من أقسام الوصیة کالمصنف و المحقق و بالوصیة بالعتق فإنه فک ملک لا تملیک العبد نفسه و کذلک التدبیر علی القول بأنه وصیة کما علیه الأکثر و الوصیة بإبراء المدیون و بوقف المسجد فإنه فک ملک أیضا و بالوصیة بالمضاربة و بالمساقاة فإنهما و إن أفادا ملک العامل الحصة من الربح و الثمرة علی تقدیر ظهورها إلا أن حقیقتها لیست کذلک و قد لا یحصل ربح و لا ثمرة فینتفی التملیک کذا ذکر الشهیدان و المحقق الثانی و زاد فی (الحواشی) الوقف علی الجهات العامة (قلت) و بما إذا أوصی ولده بأن یقضی عنه بنفسه ما فاته من صلاة بل بما إذا أوصاه بأن یستأجر عنه لذلک فلیتأمّل هذا و قال فی (التذکرة) أجمع العلماء کافة فی جمیع الأمصار و الأعصار علی صحة الوصیة و جوازها انتهی (قلت) قد أجمع علماؤنا علی نقل الإجماع علی ذلک و المراد بالجواز هنا المشروعیة بحیث یتناول الوجوب و الندب و قد ذکرت فی القرآن المجید فی أربعة مواضع و ظاهره کجملة من الروایات وجوب الوصیة مطلقا کما هو صریح (الکافی) و قد جعلها من جملة ما تعبد اللّٰه سبحانه به العبد ابتداء و قد یلوح ذلک من (النهایة) و قال فی (المقنعة) باب الوصیة و وجوبها ثم ذکر الآیة الشریفة و بعض الأخبار ثم قال و ینبغی للمرء المسلم أن یتحرز من خلاف اللّٰه تعالی و خلاف رسوله (ص) فی ترک الوصیة و إهمالها و یستظهر لدینه و یحتاط لنفسه بالوصیة لأهله و إخوانه بتقوی اللّٰه و ما یجب أن یصنعوه فی غسله و تحنیطه و تکفینه و مواراته إلی أن قال و لا یهمل و لا یفرط و نحو ذلک ما فی (الغنیة) و (السرائر) من ذکر ینبغی إلی آخره و زادا بعد قوله و مواراته ثم الوصیة بقضاء ما علیه من حق واجب دینی أو دنیوی فإن لم یکن علیه حق واجب استحب له أن یوصی بجزء من ثلثه إلی آخره و (ظاهر الغنیة) أو صریحها الإجماع علی ذلک کله و کان کلامهما غیر ملتئم الأطراف فلیلحظ جیدا و قد صرح بالاستحباب فی (المهذب) و فقه (الراوندی) و (الجامع) و غیرها و نقل فی (الفقه الراوندی) حکایة الإجماع علی أن الوصیة لیست فرضا ساکتا علیها بل مفسرا بها و قال فی (التذکرة) عندنا أن الوصیة واجبة لمن علیه حق (و الأقرب) عدم وجوبها لمن لیس علیه حق مع أنه نقل الإجماع فی (التحریر) علی أن من لا حق علیه یستحب له أن یوصی و لا تجب علیه و قد نقل الإجماع علی وجوبها علی من علیه حق و بالأمرین جزم فی (الجامع) و (الدروس) قال فی الأخیر تجب الوصیة علی کل من علیه حق یجب إخراجه بعد موته و یتضیق عند إمارة الموت و فی الکتاب فیما یأتی أن کل من علیه حق من مال و غیره وجب علیه أن یوصی به إذا ظن الموت و قال فی (جامع المقاصد) أنه لا خلاف فی ذلک ثم قال و لو کان له حق یخاف ضیاعه فلیس ببعید القول بالوجوب لأن ذلک تضییع للمال علی الوارث و لم أجد التصریح به لکن إطلاق الأخبار مثل قوله (ع) من مات بغیر وصیة مات میتة جاهلیة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 365
و تفتقر إلی إیجاب (1)
______________________________
یتناوله (قلت) لا ریب فی وجوبها علی من علیه حق و أما من لیس علیه حق فالأصول و الضوابط تنفیه و أما الآیة الشریفة فقد قال الراوندی معنی کتب فرض إلا أنه هاهنا معناه الحث و الترغیب دون الفرض و الإیجاب و ظاهره أنه لا خلاف فیه حتی من العامة و الأمر فی ظواهر جملة من الأخبار سهل و لا ریب فی استحبابها بالشهادتین و الإقرار بالنبی (ص) و الأئمّة (ع) و صدق النبی (ص) فی جمیع ما جاء به و ملازمة التقوی
(قوله) (و تفتقر إلی إیجاب)
قد صرح بافتقارها إلی الإیجاب و القبول فی (الغنیة) و (السرائر) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (الروضة) و کذا (اللمعة) و هو قضیة کلام (المبسوط) و غیره و قد وقع فی أثناء کلام (المبسوط) أنها عقد مکررا و لعل کونها عقدا مما لا ینکر و هذا ینفع فیما یأتی و فی (الغنیة) الإجماع علی أنها من شرط صحتها کما ستسمع عبارتها و (قضیة کلامهم) هذا أنها من جملة العقود و ستسمع تصریحهم بأنها من العقود الجائزة و أنه یجوز الرجوع للموصی و رد الموصی له و ذلک یقضی بأنه لا بد من القبول و لو کانت لغیر معین أو لجهة عامة و لا یجوز للمجوزین إطلاق القول بأنها عقد و یفهم من اکتفاء جماعة کثیرین بالقبول الفعلی أنها مما تجری فیها المعاطاة فیکون حکمها أنه إن رد الموصی له بطلت و إن قبل قولا بعد الموت لزمت بدون القبض أو معه علی اختلاف الرأیین و إن قبض و لم یقبل قولا و تصرف لزمت و إلا فلا و هذا فی الوصیة له و الموصی إلیه و أما الموصی فإنما یتحقق الجواز بالنسبة إلیه و یقبل الفسخ علی تقدیر قبول الموصی له فی حیاة الموصی فلو تأخر قبوله لم یتحقق العقد مع بقاء الحکم و هو جواز رجوع الموصی فیه فهذا العقد یکون جائزا فی حال و لازما فی آخر فلا یستقیم الإطلاق فی أحدهما کما ستعرف إن شاء اللّٰه و أما فی الوصایة إلیه فلا ریب فی احتیاجها إلی الإیجاب و ستسمع صیغه و علی المشهور المعروف من أنها تلزم بالموت و عدم الرد فلا افتقار بها إلی قبول الوصی بل العبرة بعدم الرد الذی یبلغ الموصی فإن حصل و إلا التزم فمن جعل الوصایة من أقسام الوصیة و أدرجها معها فی التعریف لم یصح له أن یطلق افتقارها إلی الإیجاب و القبول بل الواجب علیه أن یفصل و لا کلام علی من جعلها خارجة إلا إذا أتی بمثل ذلک و یأتی کلامهم فیهما إن شاء اللّٰه (و المراد) بالإیجاب و القبول فی کلامهم اللفظیان کما تقدم بیانه غیر مرة و جزم فی (التذکرة) و (التحریر) و (الکتاب) فیما یأتی و (الدروس) و (الحواشی) و (التنقیح) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و (صیغ العقود) و (المسالک) و غیرها بصحة قبولها فعلا و کأنه لا خلاف فیه بین المتأخرین لأن عباراتهم مشحونة منه فی عدة مواضع کما یأتی إن شاء اللّٰه بل یصح إیجابها أیضا فعلا کتابة و إشارة عند التعذر کما یأتی إن شاء اللّٰه و ظاهر إطلاق القبول فی العبارات و إطلاق القول بأنها عقد أنه لا بد منه و لو کانت الوصیة لعین معین (کذا) أو فی جهة معینة و (أول) من صرح بالخلاف لهذه الظواهر المصنف فی (الکتاب) فیما یأتی و (التذکرة) و (التحریر) و (المختلف) و ولده فی (الإیضاح) و الشهیدان فی (الدروس) و (اللمعة) و (المسالک) و (الروضة) و المقداد فی (التنقیح) و الفاضل القطیفی فی (الإیضاح) و المحقق الثانی فی (جامع المقاصد) و الخراسانی فی (الکفایة) و یظهر من (الروضة) الإجماع علیه حیث قالا و لا یفتقر إلی قبول الحاکم و إن أمکن کالوقف و ربما قیل فیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 366
و هو کل لفظ دال علی ذلک القصد (1)
______________________________
بذلک و لکن لا قائل به هنا کما أنه قد یظهر من (إیضاح النافع) حیث قال علیه الفتوی و قال فی (المسالک) بعد أن ذکر الخلاف فی أن قبول الموصی له معتبر فی انتقال الملک إلیه بالموت ما نصه موضع الخلاف الوصیة المفتقرة إلی القبول فلو کانت الجهة عامة کالفقراء و المساجد انتقلت إلی الجهة المعینة بالوفاة بغیر خلاف و قد استند فی (التذکرة) و غیرها إلی تعذر القبول منهم جمیعا و الاکتفاء به من البعض ترجیح بلا مرجح (و کان الأولی) بهم أن یستندوا إلی إطلاقات الآیات و الروایات بإنفاذ الوصیة و نفوذها إذ مقتضاها عدم اشتراطه حتی فیما إذا أوصی لمعین محصور فتخرج هذه الصورة منها بالإجماع و یبقی ما عداها کما قلنا مثله فی الوقف و الإطلاق حجة (و نحن نقول) إن الأصل فی اشتراط الإیجاب و القبول فی جمیع العقود حتی البیوع الإجماع و هو معلوم انعقاده علی أنها عقد لأنهم متسالمون علیه لأنهم بین مصرح باشتراطهما و بین مصرح بأنها عقد کما سمعته آنفا و منقول فی (الغنیة) قال و من شرط صحتها حصول الإیجاب من الموصی و القبول من المسند إلیه ثم ادعی الإجماع فلعل فی قوله من المسند إلیه و عدم قوله من الموصی له إشعار بإرادة الشمول لقبول الحاکم حیث یسنده إلی جهة عامة فإن قبول الحاکم عنها کالقبول منها و لیس غیر المحصور و الجهة العامة من الأفراد النادرة الوقوع فی الوصیة حتی لا تلحظ فلیلحظ ذلک جیدا و لیتأمّل فیه (ثم) إن ما استندوا إلیه لیس مما یعتمد علیه إذ لا یستلزم تعذر القبول منهم عدم اعتباره أصلا لجواز قبول الناظر فی تلک المصلحة أو الحاکم (و قضیة کلامهم) أنه لو لا هذه العلة لوجب القول بالقبول و هذا یقضی بقوة الباعث علی القول به و هو کذلک إذ أصول المذهب تقتضیه کأصل عدم الانتقال و أصل بقاء الموصی به علی حالته و الحکم بانتقاله إلی الورثة و أن الوصیة مخالفة للأصول القطعیة فیقتصر فیها علی المقطوع به (و أما) الإطلاقات فیخدش الاستدلال بها أنها لم تسق لبیان ذلک بالخصوص و إنما سیقت لبیان سائر أحکام الوصیة دون خصوص المسألة (ثم إنهم) قد قیدوها بقیود کثیرة (منها) اشتراط القبول فی المحصور و أما ما ظهر من الشهید الثانی من الإجماعین و من القطیفی ففیه أن عدم القائل به هنا إنما هو لظهوره من اشتراطهم الإیجاب و القبول و تصریحهم بأنها عقد فلا حاجة بهم إلی التصریح به لأن إطلاقهم یدل علیه و لا کذلک الحال فی الوقف فإنه یظهر من ستة عشر کتابا عدم اشتراطه بل کاد یکون بعضها صریحا فی ذلک مع ما حکاه فخر الإسلام من الإجماع علی ذلک مضافا إلی أن الأخبار الحاکیة لوقوف الأئمّة (ع) خالیة عنه و لیست کأخبار الباب إطلاقات مسوقات لغیر ذلک و لذلک توقفنا هناک و إن کان التوقف هنا أیضا أحوط
(قوله) (و هو کل لفظ دال علی ذلک القصد)
کما فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و هو قضیة کل ما ذکر فیه فی بیان الصیغ الألفاظ الغیر الصریحة فی الوصیة کما ستسمع و القصد المشار إلیه هو تملیک العین و فی اعتباره تنبیه علی أن خصوص اللفظ لیس محل النظر فی الوصیة و إنما المدار علی العلم بالقصد فیستوی اللفظ الصریح و غیره لأنها تقع بکل لغة یعرف منها قصد ذلک قطعا و به صرح فی (التحریر) و لا فرق بین أن یکون قادرا علی العربیة أم لا کما فی سائر العقود الجائزة و به صرح فی (الدروس)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 367
نحو أوصیت بکذا أو افعلوا کذا أو أعطوا فلانا بعد وفاتی أو لفلان کذا بعد وفاتی أو جعلت له کذا (1) و لو قال هو له فهو إقرار فی الحال لا یقبل منه حمله علی الإیصاء إلی أن یقرنه بما یفسد الإقرار کما لو قال هو من مالی له فهو وصیة (2) و لو قال عینت له کذا فهو کنایة ینفذ مع النیة (3) و لو قال وهبته و قصد الوصیة لا التنجیز فالأقرب صحة التفسیر لأنه بمنزلة ملکت (4)
______________________________
(قوله) (نحو أوصیت بکذا أو افعلوا کذا أو أعطوا فلانا بعد وفاتی أو لفلان کذا بعد وفاتی أو جعلت له کذا)
أما الأول فلا ریب فی صراحته و أما افعلوا کذا فقد قیداه فی (اللمعة) و (الروضة) بقوله بعد وفاتی و ذکره فی (صیغ العقود) من دون قید کالکتاب و أما أعطوا فلانا بعد وفاتی فقد ذکر کذلک فی (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الصیغ) و (الروض) و صریح (التذکرة) أنه من الصریح کما هو ظاهر (الإرشاد) و (الدروس) و (الروض) و أما قوله لفلان کذا بعد وفاتی فقد ذکر کذلک فی (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (اللمعة) و (الروض) و (الکفایة) و عده فی (التذکرة) مع القید من الصریح و هو ظاهر (الصیغ) و أما جعلت له کذا فظاهر (التحریر) و (الدروس) و (الصیغ) أنه من الصریح و قیده فی (التذکرة) بقوله بعد موتی و عده من الصریح
(قوله) (و لو قال هو له فهو إقرار فی الحال لا یقبل منه حمله علی الإیصاء إلا أن یقرنه بما یفسد الإقرار کما لو قال هو من مالی له فهو وصیة)
کما صرح بالحکمین فی (التحریر) و فیه أن فساد الإقرار غیر کاف فی وجوب صرف اللفظ إلی الوصیة لانتفاء ما یدل علی ذلک نعم لو قال بعد وفاتی کان وصیة کما فی (الدروس) و (جامع المقاصد) و إن لم یقل بعد وفاتی بل قال هو له من مالی بسبب صحیح أو حق واجب فهو إقرار صحیح کما تقدم فی باب الإقرار و به صرح هنا فی (الدروس) و قال فی (التذکرة) لو قال هو له فهو إقرار فیحتمل أن یرجع إلی نیته فلو قال نویت أنه له بعد الموت کان وصیة لاحتمال اللفظ له و هو أعرف بنیته و قصده و ضعفه فی (جامع المقاصد) بأنه تصرف فی اللفظ الصریح فی الإقرار بما یقتضی إبطاله و فیه أنه إذا علم منه إرادة ما بعد الوفاة کان وصیة إذ ما بعد العلم من إشکال و به صرح فی (الدروس)
(قوله) (و لو قال عینت له کذا فهو کنایة ینفذ مع النیة)
________________________________________
عاملی، سید جواد بن محمد حسینی، مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلاّمة (ط - القدیمة)، 11 جلد، دار إحیاء التراث العربی، بیروت - لبنان، اول، ه ق

مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)؛ ج‌9، ص: 367
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و المراد أنه قال بعد وفاتی کما صرح به فی (الدروس) لأن التعیین قد یکون للتملیک و للإخدام و للإعارة و غیرها فمع عدم القرینة الدالة علی الوصیة لا یحکم بها و فی (الدروس) لو قال عینت له کذا بعد وفاتی أو عزلت له أو أرصدت له فهو کنایة یفتقر إلی القرینة و مع عدمها لا شی‌ء للموصی له انتهی و هی أوضح من العبارات الأربع
(قوله) (و لو قال وهبته و قصد الوصیة لا التنجیز فالأقرب صحة التفسیر لأنه بمنزلة ملکت)
کما فی (التذکرة) و فی (الإیضاح) أنه الأصح و علیه استقر رأی الشهید فی (حواشیه) و استوجه التفصیل فی (جامع المقاصد) فقال إن وجدت قرینة حالیة أو مقالیة تدل علی إرادة الوصیة بلفظ الهبة تعین الحمل علیها أی الوصیة و یکون مجازا و إلا فإن وجد للفظ نفوذا فی موضوعه و صدر علی وجه حقه أن یمتنع اعتبار التفسیر من المالک لوقوع القبض بالإذن من ذی الرحم المقتضی لخروج العین عن ملکه علی وجه اللزوم لم یلتفت إلی قوله و بدون ذلک فالوجه قبول تفسیره لبقاء سلطنته علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 368
و قبول بعد الموت فلا أثر له لو تقدم (1)
______________________________
العین انتهی (و التفصیل) بکلا شقیه خارج عن موضوع المسألة لأن المفروض کما فی (التذکرة) أنه قال وهبته و اقتصر ثم فسره بأنه قصد الوصیة و أما مع وجود القرینة علی إرادة الوصیة أو وجود المانع من إرادتها فلا کلام کما هو واضح و وجه العدم أن لفظ الهبة لا یدل علی الوصیة لغة و لا عرفا بل الهبة و الوصیة متنافیتان فلا یقع لفظ أحدهما علی الآخر بخلاف ملکت الذی هو کالجنس للوصیة و فیه أن التملیک یصدق علی الهبة و یجوز (استعماله فیها فیجوز خ) استعمالها فیه و إن لم یتساویا علی سبیل المجاز الذی یحتاج إلی قرینة و هی حاصلة هنا إذ المفروض علمنا بقصده فیکون کاستعمال لفظ السلم فی البیع و قد قواه المصنف هناک فیکون من استعمال لفظ الأخص فی الأعم
(قوله) (و قبول بعد الموت فلا أثر له لو تقدم)
کما فی (الغنیة) و (المختلف) و (صیغ العقود) و (جامع المقاصد) و قد یقال إن عبارة (اللمعة) تحتمله لأنه قال و القبول الرضا سواء تأخر أو قارن فیحتمل أن یکون المراد أنه تأخر عن الموت أو قارن الموت و فی موضعین من (الروضة) أنه المشهور و المصرح من عرفت حتی أن ظاهر المصنف فی (المختلف) أنه لم یظفر بغیر صاحب (الغنیة) فلعله فهم الشهرة فی (الروضة) ممن ذکر و من ظواهر العبارات التی أطلق فیها اعتبار الإیجاب و القبول لأن الظاهر منهم المطابقة بین الإیجاب و القبول لأنه أوقع بإیجابه تملیکا له بعد الوفاة فلیکن قبوله کذلک و بالجملة أوجب له بعد موته فلا محل للقبول إلا بعده و یمکن أن یدعی من تلک العبارات عکس ذلک کما ستسمع أو لعله أخذ الشهرة فی (الروضة) مما سنحکیه عن (الدروس) من قوله و لو رده فی حیاة الموصی فله القبول بعد وفاته علی المشهور بأن یکون معنی قوله علی المشهور أن ذلک مبنی علی المشهور من أن تقدم القبول لا أثر له لأن ذلک لا یتم علی القول الآخر کما یأتی بیانه فی آخر البحث فی المسألة لکنه قد نسب الجواز قبل الموت و بعده إلی الأکثر فی (المسالک) و قد صرح به فی (السرائر) و (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (التنقیح) و (إیضاح النافع) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و (اللمعة) لأن الظاهر من قوله فی الأخیر سواء تأخر أو قارن التأخر عن الإیجاب أو مقارنته و فی (التنقیح) أن علیه الفتوی و فیه إشعار و إیذان بدعوی الإجماع و قد یتوهم ذلک أی جواز الأمرین من قوله فی الکتاب فیما یأتی فلو قبل بعد الموت بمدة أو فی الحیاة بعد مدة صح و لیس کذلک کما یأتی بیانه و لا ترجیح فی (التذکرة) و قد سمعت فی توجیه شهرة (الروضة) ما هو دلیل القول الأول و حاصله أنه أوجب له بعد موته فقبله لیس محلا للقبول فأشبه القبول قبل الوصیة و ما لو باعه ما سیملکه و أن القبول فی الحیاة یقضی بعدم المطابقة بینه و بین الإیجاب و أن القبول إما کاشف و جزء سبب و علیها یمتنع اعتباره قبل الموت أما الأول فلأن الکشف عن الملک لا بد و أن یتأخر عنه و أما الثانی فلأنه إذا تم العقد وجب أن یترتب علیه أثره و هو هنا ممتنع قبل الموت (و فیه) أن المطلوب قبول ما نقل إلیه علی الوجه الذی نقله إلیه و قد أوقع تملیکا بعد الوفاة فقبله الآن علی ذلک النحو و أنهم یقولون باختیار کل واحد من النقل و الکشف و لا مانع أما الأول فلأنه لا یلزم من وجود السبب التام فی ثبوت حکم وجود مسببه لجواز تخلفه لفقد شرط و الشرط هنا و هو الموت مفقود و أما الثانی فبأنه لا یلزم أن یکون کل فرد من أفراد القبول کاشفا عن سبق الملک علیه و یکفی فی ذلک ما إذا تأخر عن الموت و لا یجب علیه بذلک حال الحیاة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 369
و بهما ینتقل الملک مع موت الموصی و لا یکفی الموت بدون القبول و بالعکس (1)
______________________________
لأن الکشف التام إنما یتحقق بالنسبة إلی الفرد المتنازع فیه و هو ما إذا تأخر عن الموت لا مطلقا و ذلک غیر لازم و لا ضائر و رجح الأول فی (جامع المقاصد) بأنه لو اعتبر قبوله قبل الموت لم یعتبر قبول الوارث و لا رده لو مات الموصی له قبل موت الموصی و قد قبل و هو باطل لأن إطلاق الأخبار یقتضی عدم الفرق بین قبول الموصی له و عدمه فیکون قبول الوارث و رده معتبرا انتهی و قد لا یکون دلیلا لأن أصحاب القول الآخر یقولون إنه لا یملک بمجرد القبول حال الحیاة فإن رد الوارث حینئذ فلا کلام و إن قبل ملک الموصی له و إن کان میتا کما یملک صیدا یقع فی شبکته فتأمّل نعم یمکن الاستدلال علیه بأن المشهور أنه لو رد فی حیاة الموصی جاز له القبول بعد وفاته و هو إنما یتم علی القول بعدم التأثیر لا علی القول الآخر لأنه یکون قد أبطل الإیجاب و لم یحصل بعد ذلک ما یقتضیه فیکون خیرة (المبسوط) و (الوسیلة) و (الشرائع) و (التذکرة) کما ستسمع حکایته عن أربعة عشر کتابا و حینئذ یتم شهرة (الروضة) فإن (قلت) إنه مشترک الإلزام (قلنا) لا اشتراک لأنه علی القول بعدم التأثیر یکون لغوا و لا کذلک علی القول الآخر لأن جواز تقدیمه یقضی بتأثیر رده لفوات أحد رکنی العقد وقت اعتباره بمعنی أنه قد وقع الرد موقع القبول وقت اعتباره فینفی تأثیره و هذا من فوائد الفرق بین القولین (و تظهر) الفائدة أیضا فی الاحتیاج إلی القبول بعد موت الموصی و عدمه فإذا مات الموصی بعد قبول الموصی له لم یحتج إلی تجدید قبول آخر فلو مات قبل حینئذ قبل أن یصدر عنه قبول قولی و لا فعلی و لا رد استحقه الوارث لمکان قبول مورثه حال الحیاة و لو مات قبل موت الموصی له بعد قبوله لم یحتج الوارث إلی قبول بعد موت الموصی و به أی الفرق صرح فی (التذکرة) و علی کل حال لا أجد وجها لحمل الأثر فی قول المصنف فلا أثر له لو تقدم علی أن المراد منه نقل الملک حتی یکون المعنی أن القبول إذا تقدم علی الموت فلا أثر له فی نقل الملک و له أثر آخر و هو أنه یکتفی به عن القبول بعد الموت کما حمله علی ذلک الشهید فی (الحواشی) لأنه یکون بیانا للواضحات و مخالفا لما ذکره فی بیان الثمرة و لما ذکروه فی أدلتهم کما سمعت و الذی دعاه إلی ذلک الجمع بینه و بین ما یأتی و کلام (الغنیة) و غیرها لا أثر فیها للأثر و إنما قال فی (الغنیة) لا یعتد به إلا بعد الوفاة بخلاف الوکالة و یمکن أن لا یکون هناک خلاف بأن یکون مراد المجوزین أنه لا مانع منه کما صرح به فی (السرائر) لا أنه له أثر کعدم الاحتیاج إلی قبول آخر و نحوه و حینئذ یوافق قول الآخرین أنه لا أثر له و أنه لا یعتد به کما سیأتی بیانه عند قوله فإن رد فی حیاة الموصی جاز (و کیف کان) فالأصح فیما خالف الأصل من وجوه عدم الصحة و عدم التأخیر إلا فی موضع الیقین و لا یمکن الاستدلال علیه بعموم قوله تعالی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ لأنه یقتضی أن یکون لازما من حینه و هو خلاف الإجماع هذا و قد حکی فی (الریاض) أن ظاهر (الروضة) کون القول الأول أشهر و قد سمعت ما فی (الروضة) ففی حکایته عنها خال من وجهین و قال إن القول الثانی محکی عن الحلی و الماتن و قضیة ذلک أنه لم یر (الشرائع) لکن حکایته عن (المسالک) فی صدر هذا البحث یقضی بخلاف ذلک
(قوله) (و بهما ینتقل الملک مع موت الموصی و لا یکفی الموت بدون القبول و بالعکس)
أی ینتقل ملک الموصی به إلی الموصی له بالإیجاب و القبول مع موت الموصی و لا ینتقل بالموت وحده و لا بالقبول وحده و قد صرح بأنه ینتقل بهما و بالموت فی (السرائر) و (الشرائع) و (التحریر) و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 370
و لا یشترط القبول لفظا بل یکفی الفعل الدال علیه (1) و لا اتصال القبول فلو قبل بعد الموت بمدة أو فی حال الحیاة بعد مدة صح (2)
______________________________
(الإرشاد) و (التبصرة) و (التلخیص) و (المختلف) و (الروض) و کذا (جامع المقاصد) و ظاهر هذه العبارات کما هو صریح بعضها فی المقام و مقام آخر أن القبول لیس کاشفا و إنما هو جزء سبب کصریح (السرائر) و غیرها أو شرط و أنه لا ینتقل بوفاة الموصی للموصی له انتقالا متزلزلا فإن قبله استقر و إن رده انتقل إلی الوارث و لکنه سیقرب فی الکتاب أنه کاشف عن سبق الملک للموصی له بالموت لا ناقل له من حینه و هو خیرة (اللمعة) و (الحواشی) و (إیضاح النافع) و قد نفی عنه البأس فی موضع من (التذکرة) و فی (جامع المقاصد) أنه قریب و فی (الکفایة) أنه غیر بعید و فی (الروضة) أنه متجه لو لا مخالفة ما علم من حکم العقد قلت یأتی بیان ذلک و الحال فیه و (استظهره) الفاضل القطیفی من (النافع) و فی (المسالک) و (الکفایة) و کذا (الریاض) نسبته إلی الأکثر و لعلها لم تصادف محلها لأن القول بأنه لا بد من انضمام القبول إلی الموت خیرة (الخلاف) أیضا فی باب الفطرة و یلوح من موضع من (المبسوط) فی الباب و قد یستظهر من (الغنیة) بل و من (النافع) لیطابق (الشرائع) بل (قد) یقال إنه ظاهر کل من قال إن الوصیة عقد لأن مقتضی العقد عدم تحققه بدون القبول فیکون تمام الملک موقوفا علی الإیجاب و القبول و الموت فیکثر القائلین (کذا) به جدا لأنک قد عرفت فی أول الباب من قال إنها عقد و قد سمعت ما فی (السرائر) و ما ذکر بعدها و (القول) بأنه یحصل الملک بالوفاة خیرة (الخلاف) فی الباب و (التذکرة) و فی موضع آخر من (المبسوط) فی الباب أنه أقوی و هو ظاهر المحکی عن (أبی علی) و قد أطال فی (السرائر) فی تضعیفه و أنه لیس لأصحابنا فتوی بذلک و لا وردت به أخبار عن الأئمّة (ع) و لا (ترجیح) فی مواضع من (المبسوط) و لا فی (الإیضاح) فی مواضع أیضا و (الدروس) و (التنقیح) و (کنز العرفان) و لا فی الکتاب عند الکلام علی النماء و حکی فی (الإیضاح) عن بعضهم التوقف (هذا کلام) الأصحاب و لعل من نسب القول بالکشف إلی الأکثر نظر إلی ظواهر کثیر من الأخبار و فیها الصحیح و المعتبر الدالة علی حصول الانتقال بمجرد الموت من دون توقف علی أمر آخر و هی و إن لم تتضمن اشتراط القبول لکنها مقیدة أو مخصصة بما دل علیه فتأمّل جیدا أو (نظر) إلی أن مقتضی الإیجاب انتقال الملک عقیب الموت بلا فصل و القبول أنما وقع علی هذا الإیجاب فتأمّل علی أنه معارض بما استظهرناه ممن قال إنها عقد و (لکل) من هذه الأقوال أدلة و متعلقات ذکرت فی (التذکرة) و غیرها و کلها منظور فیها و القول بالانضمام أشبه بأصول المذهب و قواعد حکم العقد و یتفرع علی الخلاف فروع کثیرة قد عقد لها فی (التذکرة) بابا و قد ذکرت جملة منها فی (الکتاب) فیما یأتی و فی (المسالک) و غیرها (و قال) فی (المسالک خ) موضع الخلاف الوصیة المفتقرة إلی القبول فلو کانت لجهة عامة انتقلت إلی الجهة المعینة بالوفاة بغیر خلاف انتهی لکن تفصیل التذکرة قد یقضی بخلاف ذلک فلیلحظ
(قوله) (و لا یشترط القبول لفظا بل یکفی الفعل الدال علیه)
لأنها مشروعة علی خلاف نهج العقود اللازمة فلم یشترط فیه التنجیز و لا المقارنة کما استند إلی ذلک فی ذلک فی (جامع المقاصد) و نحن قد تقدم الکلام منا فی ذلک و أن الوجه فیه أن المعاطاة تجری فیه
(قوله) (و لا اتصال القبول فلو قبل بعد الموت بمدة أو فی حال الحیاة بعد مدة صح)
أما عدم اشتراط اتصاله
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 371
ما لم یرد (1) فإن رد فی حیاة الموصی جاز أن یقبل بعد الوفاة (2) إذ لا اعتبار بذلک الرد
______________________________
بالإیجاب فهو مما لا خلاف فیه بل لا یحصل علی القول بأن القبول أنما یعتبر بعد الموت إلا فی فرض نادر کما إذا اتصل الموت بالإیجاب فقبل فی الحال (و لا یشترط) اتصاله بالموت بلا خلاف أیضا حتی من العامة قال فی (التذکرة) لا یشترط الفور فی القبول بعد الموت لأنه إنما یشترط فی العقود الناجزة التی یعتبر فیها ارتباط القبول بالإیجاب انتهی فتأمّل فیه لأنه قد یلوح منه أن المنافی للفور هو هذا التراخی دون التراخی الواقع بین الموت و الوصیة مع أنه قال قبل ذلک و یجوز القبول علی الفور علی خلاف و علی التراخی أی حین الموت إجماعا انتهی فتأمّل و قد أشار المصنف بهذه العبارة إلی الأمرین معا علی القولین فکأنه قال لا یشترط اتصاله بالإیجاب عند من قال بجوازه حال الحیاة و فرع علیه أنه یجوز عنده إذا أقبل حال الحیاة المتأخر عن الإیجاب بمدة و لا یشترط اتصاله بالموت عند من لا یعتد به حال الحیاة فلو قبل بعد الموت بمدة جاز فتکون العبارة من أوجز العبارات و أخصرها غیر أنه لم یراع فی التفریع الترتیب (و لا یرد) علیها شی‌ء مما أورده فی (جامع المقاصد) قال إن التفریع یقضی بأمرین الأول أن الاتصال المنفی اشتراطه هو اتصال القبول بالموت و إلا لم یتفرع علیه صحة قبوله بعد الموت بمدة و لیس کذلک قطعا إذ المنفی هو الاتصال المعتبر بین الإیجاب و القبول کسائر العقود اللازمة إلی أن قال فلو قبل بعد الموت و لو بمدة لکان أولی قلت قد عرفت أنه نفی کلا الأمرین ثم إنه إذا قطع بأن المنفی اشتراطه لیس هو اتصال القبول بالموت و إنما هو اتصاله بالإیجاب و کیف کان یقول و لو قال فلو قبل إلی آخره لکان أولی و احتمال جعل هذا مترتبا علی ما ذکره فی أثناء ذلک مما ترکنا نقله لعدم الحاجة إلیه مما لا یعرج علیه و لا یلتفت إلیه ثم قال الثانی أن حکمه بالصحة لو وقع القبول فی الحیاة بعد مدة ینافی ما سبق من قوله و لا أثر للقبول لو تقدم قال و تأوله شیخنا الشهید بأن المنفی أولا هو أثر خاص و هو نقل الملک و المراد بالصحة هنا الاکتفاء به عن القبول بعد الموت انتهی (قلت) هذا ما نبهنا علیه فیما سلف و قد رددناه بوجوه منها أنه یکون قوله لا أثر له من باب بیان الواضحات و قد عرفت فیما وجهنا به العبارة أن لا منافاة بینه و بین ما سبق
(قوله) (ما لم یرد)
قضیته أنه لو رد لم یکن له القبول سواء کان الرد فی حال الحیاة أو بعد الموت و سواء کان الرد فی المدة أو بعدها أما الأول فلا یتم بطرفیه علی القول بعدم اعتباره حال الحیاة و أما علی القول الآخر فله وجه لأن جواز تقدیمه و الاکتفاء به عن قبول ثان بعد الموت یقضی بتأثیر رده لفوات أحد رکنی العقد کما تقدم بیانه و المصنف أردف هذا المفهوم بقوله فإن رد فی حیاة الموصی جاز أن یقبل بعد وفاته (و أما الثانی) و هو الرد بعد الموت فهو أربعة أقسام ثلاثة منها إجماعیات کما یأتی بیانها إن شاء اللّٰه و لعل مفهوم قوله ما لم یرد یرجع إلی الثانی خاصة فیما إذا رد فی أثناء المدة
(قوله) (فإن رد فی حیاة الموصی جاز أن یقبل بعد وفاته)
کما فی (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده و (غایة المراد) و (اللمعة) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و إلیه أشار فی (الوسیلة) بقوله لم یصح الرد و فی (الدروس) له القبول بعد وفاته علی المشهور فیحتمل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 372
و لو رد بعد الموت قبل القبول بطلت (1) و إن کان الرد بعد القبض (2) و بعده لا یبطل بالرد و إن کان قبل القبض علی رأی (3)
______________________________
أن له ذلک بناء علی المشهور و أن تقدم القبول لا أثر له کما أشرنا إلیه فیما سلف و یحتمل أنه أراد أن هذا الحکم مشهور بین الأصحاب مشیرا إلی تمریضه (و کیف کان) فقد تسالم علیه القائلون باعتبار تقدیم القبول و جوازه و عدمه و قد بینا فیما سلف أنه إنما یتم أو یتضح علی القول بعدم اعتباره و تأثیره فیحتمل أن یکون عدولا منهم و هو بعید جدا و لعل الأولی أن یقال إن مراد القائلین بجواز تقدیمه أنه لا ضرر فیه و لا مانع منه کما صرح به فی (السرائر) و علیه تنطبق جملة من العبائر عدا (التذکرة) و نحوها مما شذ و قل إن کان و لیس مرادهم أن له أثرا و حینئذ فلا مخالفة کما نبهنا علیه فیما سلف فیلحظ جیدا
(قوله) (و لو رد بعد الموت قبل القبول بطلت)
إجماعا کما فی (التحریر) و (شرح الإرشاد) للفخر و (الإیضاح) ذکره فی مقام آخر و (الروضة) و ظاهر (غایة المراد) و (الروض) و (الکفایة) و بلا خلاف کما فی (السرائر) و (جامع المقاصد) و لا نعلم فیه خلافا کما فی (التذکرة) و هذا یشمل قسمین و هو ما إذا کان قبل القبض و بعده و إلیه أشار بقوله و بعده و إن کان بعد القبض فإن وصلیة و بالأمرین طفحت عباراتهم
(قوله) (و إن کان بعد القبض)
قد عرفت أنه متصل بما قبله
(قوله) (و بعده لم یبطل و إن کان قبل القبض علی رأی)
هذه العبارة تشمل أیضا قسمین أحدهما ما إذا رد بعد الموت و بعد القبول و بعد القبض فالضمیر فی قوله بعده راجع إلی القبول و الثانی ما إذا رد بعد الموت و بعد القبول و قبل القبض (أما الأول) فقد حکی علیه المصنف هنا الإجماع بقوله فیما یأتی و لو کان بعده لم تبطل إجماعا و أعاده لینص علی أنه إجماعی (و قد حکاه) أی الإجماع أیضا فی (التذکرة) و ولده فی (شرح الإرشاد) و الشهیدان فی (الدروس) و (المسالک) و المقداد فی (التنقیح) و هو ظاهر (غایة المراد) و (الروض) و قال فی (الوسیلة) لم یصح بحال و (أما الثانی) فعدم البطلان فیه خیرة (الشرائع) بلفظ الأشبه و (التذکرة) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (الإیضاح) و (غایة المراد) و (الحواشی) و (اللمعة) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و هو قضیة غیرها عدا ما ستعرف و لا ترجیح فی (التحریر) و (الدروس) و المخالف الشیخ فی (المبسوط) و ابن سعید فی (الجامع) و هو قضیة کلام (الوسیلة) لأنه لم یتعرض لذکر القبول أصلا قال و إن رد بعد وفاة الموصی قبل القبض صح و عادت الجاریة رقا للورثة و لعل الظاهر أنه أراد بعد القبول و لذلک نسبوا إلیه موافقة (ط) علی البت قال فی (المبسوط) و الصحیح أنه یصح الرد لأنه و إن کان ملکه بالقبول لکنه لم یستقر ملکه علیه ما لم یقبضه فصح فیه الرد کما أن من وقف علیه شی‌ء فإنه متی رد صح ذلک و إن کان قد ملک الرقبة و المنفعة أو إحداهما انتهی (و قد أطالوا) فی الاستدلال بما لم یفه به و ردوه بما ردوه و لم یتعرضوا لأخبار الباب و (کلام الشیخ) مبنی علی أن القبض شرط فی اللزوم أو الصحة (و فیه) أن إطباق الأصحاب علی الاقتصار علی اعتبار الإیجابین و الموت و عدم الرد فی البین یقضی بعدم اعتبار القبض مضافا إلی الأصل المستفاد من عمومات الباب و غیرها و خصوص الصحیح الذی رواه العباس بن عامر قال سألته عن رجل أوصی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 373
و لو کان بعده لم تبطل إجماعا (1) و لو رد بعضا صح فیما قبله (2) و فی رد رأس العبد مثلا إشکال ینشأ من بطلان أفراده فیبطل الرد أو الوصیة (3)
______________________________
له بوصیة فماتت قبل أن یقبضها و لم یترک عقبا قال اطلب له وارثا أو مولی فادفعها إلیه قلت فإن لم أعلم له ولیا قال اجتهد علی أن تقدر له علی ولی فإن لم تجد و علم اللّٰه منک الجد فتصدق بها غایة الأمر أنه مضمر لکن رواه العیاشی و الصدوق مسندا إلی أبی عبد اللّٰه (ع) و مثله خبر محمد بن عمر الباهلی و غیره و قد عقد له و لمسألة أخری فی الوسائل بابا سرد فیه أخبارا کثیرة (و کان) من خالف أو توقف غفل عنها إذ لیس لمن ظفر بها أن یعدل عنها مع عدم المعارض لها فالمسألة من القطعیات و (قد تحصل) أن الرد إما أن یکون قبل الوفاة أو بعدها و إن لحظت القبض و القبول فیهما کانت الأقسام ثمانیة لأنه إذا کان قبل الوفاة کانت الأقسام أربعة و کلها لا حکم فیها للرد کما فی (غایة المراد) و (الروض) و إذا کان بعد الوفاة کانت أربعة أیضا تبطل فی اثنین منها و هما اللذان قبل القبول سواء حصل القبض أو لا و واحد قطعی و واحد مختلف فیه عندهم و عندنا أنه قطعی کما عرفت
(قوله) (و لو کان بعده لم تبطل إجماعا)
قد تقدم بیانه و الوجه فی إعادته
(قوله) (و لو رد بعضا صح فیما قبله)
أی قبل بعضا و رد بعضا کما فی (الشرائع) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و هو معنی قوله فی (الإرشاد) و لو رد بعضا بطلت فیه خاصة و (التلخیص) لو قبل البعض صح فیه و المراد من الجمیع أنه یصح فیما قبل و یبطل فیما رد لأنها تبرع محض لا یجب فیها مطابقة القبول للإیجاب کالبیع فلا یتفاوت الحال فیها بین قبول الکل أو البعض و من ثم لو زادت عن الثلث و قبل الموصی له بطل الزائد خاصة و لا یلتفت إلی التضرر بالشرکة لو کان الموصی به شیئا واحدا و فی (الحواشی) المنسوبة إلی الشهید کلام غیر سدید قال ما نصه یحتمل أی العبارة وجهین أنه مبنی علی أن القبول ناقل و یحتمل أن یکون قبل بعضا و رد بعضا و هذا هو الذی یقتضیه الکلام انتهی
(قوله) (و فی رد رأس العبد مثلا إشکال ینشأ من بطلان إفرازه فیبطل الرد أو الوصیة)
صورة المسألة أن یقول قبلت العبد إلا رأسه أو رددت الرأس و قبلت الباقی کما صورها بذلک الشهید فی (الحواشی) و هو الموافق لما ذکروه فی المسألة التی قبلها (و فیه تأمّل) لأن المراد بالرأس الجمیع و إلیه أشار فی (الإیضاح) بقوله و الحاصل أنه أثبت أحد المتلازمین و نفی الآخر فتعارض النفی و الإثبات انتهی و معناه أنه قبل العبد و لا یتم قبوله إلا بقبول الجمیع أعنی الرأس أیضا و رد الرأس و لا یتم رده إلا برد الجمیع و هذا إنما یتم بعد صحة التعبیر بالرأس عن الجمیع و لو مجازا و حینئذ یجی‌ء الإشکال لأنا إذا قلنا بصحة رد الرأس و أنه یستلزم رد الجمیع بطلت الوصیة لأنها لا تصح بدون قبول و عدم قبول هذا الجزء و رده یستلزم عدم قبول الجمیع و رده و إن قلنا بصحة قبول الباقی قضی بصحة قبول الرأس لأنه لا یتم إلا به و لعل الترجیح لهذا لأن الأول متوقف علی مقدمات بعضها ینفی بالأصل و بعضها ینفی بالاستقراء و غیره کما ستسمع و أما إذا قال رددت الرأس و اقتصر فینفی الحکم بصحة الرد و لا یفید ذلک ثبوت الوصیة فی الباقی إذ لا قبول فلا تنافی هذا علی تقدیر صحة التعبیر بالرأس عن الجملة فتنتفی الوصیة بالکلیة و أما إذا قلنا بعدم صحة التعبیر المذکور و إن الأصل العدم فلا ریب فی بطلان الرد و صحة القبول فیما بعد و منه یعلم حال ما إذا قال قبلت الرأس و سکت (و ظاهر) کلام (جامع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 374
و لو مات الموصی له قبل القبول قام وارثه مقامه فی قبول الوصیة و لا یدخل فی ملک المیّت (1)
______________________________
المقاصد) فی مواضع أن المراد فی کلام المصنف ما إذا قال رددت الرأس و سکت و أنت إذا لحظت ما صورناه عرفت أن کلام الجمیع غیر محرر قالوا ما حاصله أی لو رد بعضا لا یمکن إقراره بالحکم کرأس العبد أو یده ففی صحة الرد فتبطل الوصیة بالعبد و بطلانه فتصح الوصیة به إشکال ینشأ من امتناع إفرازه حتی لو خصه بالرد کان باطلا فیحتمل بطلان الوصیة و صحة الرد لأن الرأس قد یعبر به عن الجملة و أقل أحواله أن یکون مجازا أو لأنه قد رد الوصیة فی الرأس و لا یتم إلا برد الجمیع و لیس فی کلامه ما ینافیه فیجب تحققه تحصیلا لمراده بحسب الإمکان و صونا لکلامه عن الهذر لأن الأصل فی أفعال المکلف و أقواله الصحة لا الهذر فیصح الرد و تبطل الوصیة و فی (الإیضاح) أنه أصح و من أن استعمال الرأس فی الجمیع غیر غالب و الأصل عدمه و اللزوم غیر بین فلا یحکم به علی المکلف بمجرد حکمه بثبوت الرد فی الملزوم أعنی الرأس لجواز کونه غیر بین عنده و لم یعبر به عن الجمیع فی البیع بل أبطلوه و هذا قد استقربناه کثیرا من أحکام الشرع فیبطل الرأس لعدم الحکم برد الباقی لما عرفت من عدم صحة تخصیصه بالرد و فی (جامع المقاصد) أنه أقرب هذا حاصل ما فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) معا و فیه مواضع للنظر بل هو فی الواقع متدافع لأنهما إن فرضنا المسألة فیما إذا قال رددت الرأس و قبلت الباقی کان فیه مواضع للنظر کقولهما صیانة عن الهذر و قوله فی (جامع المقاصد) و لیس فی کلامه ما ینافیه إلی غیر ذلک و إن قلنا إنها مفروضة فیما إذا قال رددت الرأس و سکت کان فیه مع مخالفة السیاق تدافع لأنک قد سمعت آنفا ما حکیناه عن (الإیضاح) و ما قلناه إنه معناه مع أنهما قالا أیضا لو خصه بالرد کان باطلا فلیتأمّل جیدا و أما کلام (الحواشی) فإن لم یکن فی النسخة سقط فلا یکاد یصح فلیلحظ
(قوله) (و لو مات الموصی له قبل القبول قام وارثه مقامه فی قبول الوصیة فلا تدخل فی ملک المیّت)
جزمه بعدم دخوله فی ملک المیّت یقضی بأنه فرض المسألة فی موت الموصی له فی حیاة الموصی لأن الوارث إن قبل بعد موت الموصی و قلنا إن القبول کاشف کما اختاره المصنف فیما یأتی دخلت الوصیة فی ملک المیّت عنده إلا أن تقول بما سیأتی لنا و للمصنف فی آخر المسألة الآتیة بما سننقله عنه فی باب العتق (و مما) وافق الکتاب فی فرض المسألة فی موت الموصی له فی حیاة الموصی و قیل فیه إن ما أوصی به الموصی یکون راجعا لورثة الموصی له و إن الوصیة تبقی علی حالها و لا یتغیر إذا لم یرجع الموصی (المقنعة) و (المراسم) و (الکافی) و (النهایة) و (التهذیب) و (الإستبصار) و (الوسیلة) و (السرائر) و (جامع الشرائع) و (التبصرة) و (النافع) و (کشف الرموز) و (الکتاب) فیما یأتی و (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و موضع من (الشرائع) و صریحها أو ظاهرها أن الموصی به ینتقل بموت الموصی له إلی وارثه إن لم یرجع الموصی عن الوصیة من دون قبول و إن لم یتعرض فیها کلها لقبول الوارث قولا و لا قیامه مقامه فیه لکنه مراد جزما قولا أو فعلا (و قال) جماعة إن ابن بابویه رواه فی کتابه فمرادهم أنه مذهب له (و قد) نسب ذلک إلی المشهور فی (التذکرة) و (المختلف) مکررا فیهما و (غایة المراد) و (المهذب البارع) و (المقتصر) و (إیضاح النافع) و فی (کشف الرموز) علیه العمل و نسبه فی (المختلف) إلی علمائنا أیضا عدا أبی علی و فی (النافع) أنه أشهر (و لا ریب) أن کل من قال
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 375
..........
______________________________
إنه إذا مات الموصی له فی حیاة الموصی قام وارثه مقامه فبالأولی أن یقول إنه یقوم مقامه إذا مات بعد موته و قبل القبول بل ظاهر (التذکرة) أن هذه الصورة محل وفاق لأنه نقل الخلاف فی الأولی و استدل علی الحکم فیها بثبوته فی هذه (لکن) ظاهر الشهیدین و الکرکی و صاحب الکفایة وقوع الخلاف فی الصورتین قال فی (الدروس) لو مات قبل القبول فلوارثه القبول سواء کان موته قبل الموصی أو بعده و هو اختیار المعظم و قد نسبه فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) إلی المشهور و فی (التنقیح) إلی الأکثر و فی (الکفایة) أنه أشهر و قد (سمعت) کلام علمائنا فإنهم ذکروا قیامه مقامه فیما إذا مات فی حیاته و لا إطلاق بحیث یتناول الصورتین إلا فی (الشرائع) فی موضع آخر منها و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (اللمعة) و (الکفایة) قالوا ینتقل حق القبول إلی الوارث و إطلاقه یتناول ما إذا مات فی حیاة الموصی أم بعدها کما فسرها بذلک الشارحون و المحشون ساکتین علیه إلا من ستعرف (لکن) قد حکی فی (الدروس) و (جامع المقاصد) عن المحقق أنه أبطلها بموته فی حیاته لا بعد موته و لم یعلم من أین فهما ذلک لأن کلامه فی المقامین مطلق و تفریعه کذلک کما ستسمع علی أن کلامهما صریح فی أنه صرح بذلک ثم إنا وجدنا صاحب (التنقیح) یحکیه عن فتاوی المصنف و کأنه اختاره و (قد) ضعف القولین معا (إیضاح النافع) و لا یکاد یتم فرق (المسالک) بین عبارتی المحقق (فالحق) ما قلناه من أنه لا بد من القبول و قد فرضت المسألة فی (المبسوط) فیما إذا مات الموصی ثم مات الموصی له و لم یقبل و قد حکی فی موضع من (الشرائع) قولا ببطلان الوصیة لو مات الموصی له قبل الموصی و حکاه فی (التذکرة) و (المختلف) عن أبی علی و نفی عنه البأس فی الکتابین و قربه فی موضع من (الإرشاد) و فی (غایة المراد) فلا قائل بالبطلان مطلقا (و إن حکی) ذلک فی (المسالک) و (الکفایة) عن جماعة و لعلهما توهماه من ظاهر کلامی (الدروس) و (جامع المقاصد) لکنهما حکیا ذلک فی هذین الکتابین عن المختلف (و کلام المختلف) نص صریح فیما حکیناه ک (التذکرة) نعم توجیه (المختلف) قد یعطی التعمیم و لعلهما لذلک نسباه إلیه دون التذکرة مع أن العبارة فیهما واحدة و هو قوله لا بأس به عندی نعم عبارة (الإرشاد) فی الموضع الذی أشرنا تعطی التعمیم لکن ظاهر الشهید فی (غایة المراد) أن ذلک حال الحیاة (و جزم) به فی (الدروس) و موضع من (المسالک) بالبطلان مطلقا إن علم تعلق غرضه بالموروث لا غیر و قواه فی (الروضة) (قلت) ینبغی الجزم به مع العلم بتخصیص الموصی لعلمه و صلاحه مع لزوم الاقتصار فیما خالف الأصل علی المتیقن من النصوص و لیس هو إلا غیر هذه الصورة بحکم التبادر و کأنه لا ترجیح فی (المسالک) هنا (کالمفاتیح) و (فصل) فی (إیضاح النافع) بعلم الموصی بموت الموصی له و ظهور أمارات البقاء فالمشهور و قال مع عدم علمه أو ظهور قصد الموصی له خاصة تبطل و إن تجرد عن جمیع القرائن فالتوقف (و قد سهی) القلمان المیمونان قلم فخر الإسلام و قلم المحقق الثانی فقلبا الأمور و جعلا المفید و جماعة ممن قال بالبطلان و قال فی الأول إنه قول مشهور و جعلا أبا علی و جماعة ممن قال بالصحة ذکرا ذلک فی أواخر المطلب الثالث عند تعرض المصنف له هناک و ظاهره التوقف خلاف ما هنا فلیلحظ ذلک (و کیف کان) فالإجماع معلوم من المتقدمین إذ لا خلاف إلا من أبی علی الذی لا یزال مخالفا و الشیخ فی (المبسوط) لیس مخالفا بل قد یظهر منه الموافقة (و أول) من خرقه المحقق إن تم ما فی الدروس و جامع المقاصد و التنقیح (حجة الأصحاب) ما رواه المحمدون الثلاثة فی الکتب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 376
..........
______________________________
الأربعة عن محمد بن قیس بواسطة عاصم بن حمید المعین لکونه محمد بن قیس الثقة و لکونه مرویا من قضایا أمیر المؤمنین (ع) کما برهن علیه فی فنه فالخبر صحیح علی الصحیح أو حسن بإبراهیم و لا معنی لتضعیفه باشتراک محمد بن قیس کما فی (المختلف) و (المسالک) عن أبی جعفر (ع) قال قضی أمیر المؤمنین (ع) فی رجل أوصی لآخر و الموصی له غائب فتوفی الذی أوصی له قبل الموصی قال الوصیة لوارث الذی أوصی له قال و من أوصی لأحد شاهدا کان أو غائبا فتوفی الموصی له قبل الموصی فالوصیة لوارث الذی أوصی له إلا أن یرجع فی وصیته قبل موته (و هی) نص فی الباب کما فی (جامع المقاصد) و (المسالک) قلت المراد أنهم قبلوا الوصیة و قریب منه مکاتبة محمد بن عمر الباهلی الساباطی و مرسلة مثنی فی (التهذیب) و قد سمعتهما فیما سلف مسندة عن (تفسیر العیاشی) لکنهما واردتان فیما إذا مات الموصی له بعد الموصی (و قد أعرض) الأصحاب عما رواه أبو بصیر و محمد بن مسلم جمیعا عن أبی عبد اللّٰه (ع) سئل عن رجل أوصی لرجل فمات الموصی له قبل الموصی قال لیس بشی‌ء و عن موثقة منصور بن حازم و هی مثلها من دون تفاوت أصلا (و لعلهم) حملوها علی التقیة لأن ذلک مذهب أکثر العامة کما احتمل ذلک فی (الوسائل) و (قال) فی (التذکرة) إن بطلان الوصیة بموت الموصی له قبل الموصی مذهب أکثر العامة و به قال الزهری و حماد بن أبی سلمة و ربیعة و مالک و الشافعی و أصحاب الرأی (و قال) فی (الإستبصار) الوجه فی هذین الخبرین أحد شیئین أحدهما أن یکون لیس بشی‌ء ینقض الوصیة بل ینبغی أن تکون علی حالها فی الثبوت لورثته (قلت) هذا هو المناسب لتذکیر المستتر فی لیس و لو کان المراد أن الوصیة لیست بشی‌ء لقال لیست و علی تقدیر تساوی الاحتمالین یکفی الإجمال و الثانی أن یکون المراد بذلک بطلان الوصیة إذا کان غیرها الموصی فی حال حیاته علی ما فصل فی خبر محمد بن قیس (و مع) ذکر ذلک کله فی (التذکرة) استدل بهما لأبی علی و نفی عنه البأس و کذا صنع فی (المختلف) مع اعترافه فیه بمخالفته علمائنا (و هو) مما یستغرب منه و من الشهید حیث لم یجزم بذلک لأن المسألة کادت تلحق بالقطعیات و قد جزم بها من لا یعمل إلا بالقطعیات کأبی الصلاح و ابن إدریس و (الذی) دعاه إلی ذلک ضعف خبر محمد بن قیس عندهما لکنهما ممن یقول بأن الشهرة تجبر ذلک و ربما یقول فی (المختلف) و هو الحق لأنه المشهور و (یمکن) الاعتذار عن الشهید بناء علی أصله من أنه یجب العمل بکل خبر إذا أمکن و العمل بالجمیع عنده هنا ممکن و به یحصل الجمع لکنه لا شاهد علیه و لا داعی إلیه إلا البناء علی أصله نعم إن استند إلی ما قلناه آنفا من الاقتصار فیما خالف الأصل علی المتیقن اتجه ذلک (و قد یستدل) علیه أی البطلان بأن المنتقل إلی الورثة إما القبول أو متعلقه أعنی الموصی به و الثانی باطل إجماعا کما فی (غایة المراد) و (الروض) ضرورة عدم دخوله فی ملکه إلا بالإیجاب و القبول و الوفاة و لم یحصل سوی الإیجاب و الأول أیضا باطل لأن القبول فی العقود لا یورث کقبول البیع و الهبة هذا إذا قلنا إنه ینتقل عن الموصی له إلی ورثته و أما إذا قلنا بأنه ینتقل إلیهم عن الموصی فهو باطل أیضا فلأن الموصی لم یقصدهم بالوصیة إنما المقصود مورثهم و یؤید ذلک خبر أبی بصیر و محمد و الکل لیس بشی‌ء إذ الوصیة علی خلاف الأصل فلا مانع من إرث قبولها لمکان الأخبار و فتوی الأصحاب و (قال) فی (المسالک) بعد أن طعن فی الخبر إلا أن یدعوا جبرها بالشهرة علی ما هو المشهور بینهم فی ذلک و فیه ما فیه انتهی (و نحن) لم نعرف الخلاف فی ذلک علی البت إلا منه و ممن تبعه کولده و سبطه (و لیعلم) أنه لو لم یخلف الموصی له وارثا رجعت الوصیة إلی ورثة الموصی و قد نسبه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 377
فلو أوصی بالحامل و الحمل من الزوج له فمات قبل القبول فقبل الوارث لم ینعتق علیه و لا علی الوارث إلا أن یکون ممن ینعتق علیه و لا یرث إلا أن یکونوا جماعة (1)
______________________________
فی (الدروس) إلی المعظم و فی (التنقیح) إلی الأکثر و لعله للاقتصار فیما خالف الأصل علی المتیقن و هو الوارث الخاص و لا تستقیم إلا أن تقول إن الورثة لا یتلقون عن الموصی له بالإرث و فی (السرائر) أنه لإمام المسلمین و هو شاذ کالخبر الصحیح أو الحسن فإن لم تجد فتصدق به و قد تقدم نقله فیما سلف لکن إن قلنا إنهم یتلقون عن الموصی له فالحق معه
(قوله) (و لو أوصی بالحامل و الحمل من الزوج له فمات قبل القبول فقبل الوارث لم ینعتق علیه و لا علی الوارث إلا أن یکون ممن ینعتق علیه و لا یرث إلا أن یکونوا جماعة)
هذا کله معنی ما فی (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و قد أطلق فیها کلها أنه مات قبل القبول الشامل لما إذا کان فی حیاة الموصی أو بعدها و قد عرفت أنه اختیر فی هذه الأربعة أن الملک أنما ینتقل بالقبول بعد الوفاة لا أنه کاشف فلا مؤاخذة فیها علی إطلاقها و قد عرفت أن عبارة الکتاب مفروضة فی الأصل الذی فرع علیه هذا الفرع فیما إذا مات الموصی له فی حیاة الموصی فلا مؤاخذة علیه و إن کان مختاره فیه الکشف (نعم) فرضهم کون الموصی له زوجا غیر لازم بل ینبغی أن یقال إن الحمل ولد الموصی له بتزویج و نحوه کما عبر بذلک فی الإرشاد و لعل فرضه زوجا لکونه أظهر الأفراد و (ذلک کله) مستفاد من المسائل الکثیرة المفروضة فی (المبسوط) و (التذکرة) إلا الإرث فستسمع فیه خلاف (المبسوط) و قد نبه علی ذلک فی (الدروس) من دون ترجیح و (کیف کان) فهذا فرع علی المسألة السابقة و مرادهم أنه إذا فرض کون الموصی به جاریة و حملها و الحال أن الحمل ولد الموصی له بتزویج و غیره و أنه رق لمولی الجاریة بالاشتراط کما هو المعروف عندهم و غیره فإذا مات الموصی له قبل القبول فقد انتقل حقه إلی وارثه فإذا قبل الوصیة بهما ملک الجاریة و الولد و لا ینعتق الولد لأن أباه لم یملکه و إنما انتقل ملکه ابتداء إلی الوارث کما بیناه (نعم) إن کان ممن ینعتق علی الوارث کما لو کان الوارث ابنا و الحمل أنثی انعتق علیه (و أما الإرث) بالنسبة إلی هذا الولد فإنه إذا لم ینعتق علی أبیه لم یرث منه لأنه رق إلا أن یکون ممن ینعتق علی الوارث فیمکن فرض إرثه بأن یعتق قبل القسمة حیث یکون الوارث متعددا و الشیخ فی (المبسوط) منع من إرثه مطلقا لأنه موقوف علی قبول الوارث فلو فرض کونه وارثا لاعتبر قبوله فی الإرث و اعتبار قبوله موقوف علی کونه وارثا فیدور و أجیب بأن المعتبر قبول الوارث فی الحال لا فی المال و قد حصل بقبول من کان وارثا حینئذ و یأتی تمام الکلام عند تعرض المصنف لذلک و (هذا الفرع) لا یکاد یتم فیه القول بالکشف لأنا إن فرضنا أن الموصی له مات فی حیاة الموصی فلا یکاد یتم بوجه و کذا إذا فرضنا أنه مات بعد موته و قبل قبوله إلا أن تقول إن قبول خلیفته قام مقام قبوله بعد موته فیملک المیّت و إن کان غیر قابل فکأنه بالوصیة إلیه ملک أن یملک و لو بغیر اختیاره أو تقول یخص حکم الکشف بما یمکن منه بالنسبة إلی الوارث و هو إنا نحکم بملکه من حین موت الموصی إلی حین قبوله جمعا بین الحکمین المتنافیین بحسب الإمکان لکنه لا یطابق دلیل الکشف لأنه لا دلیل له إلا الفرار من بقاء المال بدون مالک فلیتأمّل جیدا جدا و قد قال فی باب العتق إنه لو أوصی له ببعض ولده فمات قبل القبول فورثه أخوه و قبله انعتق علی الأب و سری علیه إن خرج من الثلث فکأنه قبل فی حیاته و قد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 378
و لو انعتق علی بعضهم کما لو کان الوارث ابنا و بنتا و الحمل أنثی انعتق ثلثاها و ورثت ثلثی سهم بنت مما عداها خاصة بخلاف ما لو انعتق ثلثاه قبل الوفاة (1) و لو قبل أحد الوارثین و رد الآخر صح فی نصیب القابل فإن کان ممن ینعتق علیه عتق علیه و قوم الباقی (2) علیه و تصح مطلقة مثل إن مت فثلثی للمساکین و مقیدة مثل إن مت فی مرضی هذا أو فی سفری هذا أو سنتی هذه أو بلدی فثلثی للمساکین فإن برئ أو قدم أو خرجت السنة علیه حیا أو خرج من بلده فمات بطلت المقیدة لا المطلقة (3) و لو عجز عن النطق کفت الإشارة الدالة علی المراد (4)
______________________________
نزله الشهید و کاشف اللثام علی أنه مات بعد الموصی و أن قبول الوارث کشف عن ملکه حین مات الموصی ثم إنه لا وجه لدخوله تحت نصوص السرایة لأنها لا تتناوله
(قوله) (و لو انعتق علی بعضهم کما لو کان الوارث ابنا و بنتا و الحمل أنثی انعتق ثلثاها و و ورثت ثلثی سهم بنت مما عداها خاصة بخلاف ما لو انعتق ثلثاه قبل الوفاة)
یرید أن الحمل لو کان أنثی و کان الوارث ابنا و بنتا فإن الحمل لا ینعتق علی البنت لأنها تملک أختها و ینعتق منه علی الابن بمقدار نصیبه لأن الولد لا یملک أخته فینعتق ثلثاه نصیب الولد و یبقی الثلث نصیب البنت علی الرقیة و لا یسری علی الابن لفرض أنه معسر علی ما یأتی للمصنف فی باب العتق و لا یسری عندنا لعدم تناول نصوص السرایة له و یرث الحمل الذی هو أنثی ثلثی سهم بنت ببعضها الحر مما عداها خاصة أی غیر نفسها لأنها إنما ترث ما جری علیه ملک المیّت و لم تدخل هی فی ملکه و من ثم لا ترث من أمها شیئا و إن کان قوله مما عداها خاصة یقتضی إرثها منها و لو انعتق ثلثاه قبل الوفاة فإنه یرث بهما کما لو اشتری شخص ثلث أخیه و کان ثلثاه معتقا بلا سرایة کعتق المعسر ثم مات المشتری و خلف أخا آخر غیر الذی اشتری ثلثه و لم یکن وارث سواهما فإنه یرث من ثلثه و تصح من خمسة أسهم سهمان للمعتق ثلثاه و ثلاثة أسهم للحر
(قوله) (و لو قبل أحد الوارثین و رد الآخر صح فی نصیب القابل فإن کان ممن ینعتق علیه عتق علیه و قوم علیه الباقی)
معناه واضح و هو أنه ینعتق علیه نصیبه و یقوم علیه نصیب الباقی و هذا التقویم مبنی علی السرایة و قد تردد فی التقویم فی (جامع المقاصد) و هو فی محله بل الظاهر عدمه
(قوله) (و تصح مطلقة مثل إن مت فثلثی للمساکین و مقیدة مثل إن مت فی مرضی هذا أو سنتی هذه أو سفری هذا أو بلدی فثلثی للمساکین فإن برئ أو قدم أو خرجت السنة علیه حیا أو خرج من بلده فمات بطلت المقیدة لا المطلقة)
الأمر ظاهر کما فی (جامع المقاصد) و الفرق اختصاص الوصیة بمحل القید فی المقیدة فلا وصیة بدونه بخلاف المطلقة و أما صحتها مطلقة و مقیدة فمما لا أجد فیه خلافا و قد طفحت به عبارات المبسوط و غیره
(قوله) (و لو عجز عن النطق کفت الإشارة الدالة علی المراد)
بلا خلاف کما فی (التنقیح) و لا کلام فیه کما فی (إیضاح النافع) و قطعا کما فی (الروضة) و إجماعا کما فی (الریاض) و لعلهم اقتنصوه من حکم الأخرس لکن المصرح به فی الأخرس إنما هو المصنف و الشهید کما یأتی عند تعرض المصنف له لکنه مما لا ریب فیه و (کیف کان) فالمصرح به فیما نحن فیه (الجامع) و (النافع) و (التحریر) و (التبصرة) و (التذکرة) فی موضعین و (الدروس) و (اللمعة) و (التنقیح) و (جامع المقاصد)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 379
و لا یکفی الکتابة بدون الإشارة أو اللفظ (1)
______________________________
و (إیضاح النافع) و (الروضة) لصحیحة الحلبی و قد رواها فی (التهذیب) فی آخر باب العتق عن أبی عبد اللّٰه (ع) أن أباه حدثه أن أمامة بنت أبی العاص بن الربیع و أمها زینب بنت رسول اللّٰه (ص) کانت تحت علی (ع) و تزوجها بعد علی (ع) المغیرة بن نوفل أنها توجعت وجعا شدیدا حتی اعتقل لسانها و أتاها الحسن و الحسین (ع) و هی لا تستطیع الکلام فجعلا یقولان لها و المغیرة کاره لما یقولان أعتقت فلانا و أهله فتشیر برأسها أن نعم و کذا و کذا فتشیر برأسها نعم أم لا قلت فأجازا ذلک لها قال نعم (و قد روی) متنها الصدوق فی (الفقیه) و الشیخ فی باب الوصایا بسند واحد عن محمد بن أحمد الأشعری عن السندی بن محمد عن یونس بن یعقوب عن أبی مریم عن أبی عبد اللّٰه ذکره عن أبیه (ع) أن أمامة بنت أبی العاص و أمها زینب بنت رسول اللّٰه (ص) الحدیث مع زیادة بعض الألفاظ علی الصحیح و لا تخل بالمعنی أصلا (و قد) خلط بین المتنین فی (الریاض) و (روی) عبد اللّٰه بن جعفر فی قرب الإسناد عن عبد اللّٰه بن الحسن عن علی بن جعفر عن أخیه (ع) قال سألته عن رجل اعتقل لسانه عند الموت أو امرأة فجعل أهالیهما یسأله أعتقت فلانا فلانا فیومئ برأسه أو تومئ برأسها فی بعض نعم و فی بعض لا و فی الصدقة مثل ذلک أ یجوز ذلک قال نعم هو جائز (و لیعلم) أن ظاهر عبارة (النافع) کفایة الإشارة الدالة مع إمکان النطق و لا موافق له و لا دلیل علیه و یأتی عن (التذکرة) احتمال کفایة الکتابة مع إمکان النطق و لیس موافقا (للنافع) کما ستسمع
(قوله) (و لا تکفی الکتابة بدون الإشارة و اللفظ)
قضیة مفهوم العبارة کفایة الکتابة فی العمل بها مع القرینة الدالة علی المراد و العجز عن النطق کالإشارة المفهمة و قد حکی الإجماع فی (الإیضاح) علی ذلک و فی (التنقیح) أنه لا خلاف فیه و فی (جامع المقاصد) نفی الشک فیه و به صرح فی (الجامع) و (التذکرة) فی موضعین منها و (التحریر) و (التبصرة) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و (قال) أبو جعفر (ع) فیما رواه فی (الفقیه) بإسناده و الشیخ فی (التهذیب) بإسناده عن حنان بن سدیر عن أبیه و الصدوق بإسناده فی کتاب (إکمال الدین) بطریق حسن بإبراهیم عن عبد الصمد بن محمد دخلت علی محمد بن الحنفیة و قد اعتقل لسانه فأمرته بالوصیة فلم یجب قال فأمرت بطشت فجعل فیه الرمل فوضع فقلت له خط بیدک فخط وصیته بیده فی الرمل إلی رجل و نسخت أنا فی وصیته (و لیس) فی الفقیه و لا التهذیب و لا الوسائل لفظ نسخته بالضمیر المنصوب المتصل کما رواه فی (الریاض) و قد احتمل فی (التذکرة) فی أول کلامه کفایة الکتابة مع القدرة علی النطق و هو الظاهر من عبارة (النافع) کما حکیناه عنه فی الإشارة و من (اللمعة) و قد یلوح ذلک بادئ بدء من عبارة الکتاب لکنه یدفعه ملاحظة ما قبله و ما بعده و قد جزم فی (التذکرة) بعد الاحتمال الذی حکیناه عنه فیها بعدم کفایة ذلک مع القدرة و الاختیار کما ستسمع (و قضیة) کلام (النافع) أنه لو کتب و قال نویت الوصیة لفلان و اعترف الورثة بذلک بعد موته وجب أن یصح و قد خالفه المصنف و ولده و الشهیدان و المحقق الثانی و القطیفی حیث قالوا لا تکفی مع القدرة و إن شوهد کاتبا کما ستسمع (بل) حکی فی (السرائر) نفی الخلاف علی خلافه قال فی باب القضاء لو أوصی بوصیة و أدرج الکتاب و قال قد أوصیت بما أردت فی هذا الکتاب و لست أختار أن یقف أحد علی حالی و ترکتی و قد أشهدتکما علی بما فیه لم یصح بلا خلاف انتهی لعصمة الأموال و عدم الدلیل مع أن ما لا احتمال فیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 380
و إن عمل الورثة ببعضها علی رأی سواء شوهد کاتبا أو اعترف بأنه خطه أو عرف (1)
______________________________
و هو اللفظ ممکن و (احتج) فی (التذکرة) للاحتمال بأن الکتابة بمثابة کنایات الألفاظ و قد قدمنا جواز الوصیة بالکتابة التی لیست صریحة فی دلالتها علیها مع القرینة و (فی الریاض) أنه لا یخلو عن قوة مع قضیة دلالة القرینة علی إرادة الوصیة لصدق الوصیة معها عرفا و عادة مضافا إلی التأیید بکثیر من النصوص المتقدم بعضها الناهیة عن أن یبیت الإنسان إلا و وصیته تحت رأسه و فیه أن الاکتفاء بالکتابة من الألفاظ لا یقتضی الاکتفاء بما یجری مجراها من الکتابة و الإشارة و الأسباب الشرعیة أنما تثبت بالتلقی من الشارع و الوصیة تصدق عرفا و عادة مع ظنیة القرینة و منه یعرف حال الأخبار الناهیة عن المبیت بالتلقی من دون وصیة إذ المراد منها وصیة جامعة للشرائط
(قوله) (و إن عمل الورثة ببعضها علی رأی سواء شوهد کاتبا أو اعترف بأنه خطه أو عرف)
یرید أنه لا تکفی الکتابة فإذا وجدت وصیة بخط المیّت و لم یکن أقر (و لا أمر خ) بها و لا أشهد علیها لم یجب العمل بها علی الورثة سواء شاهدوه یکتب أم لا و سواء اعترف بأنه خطه أو عرف بأنه خطه أم لا و سواء قدر علی النطق أم لا و سواء عمل الورثة ببعض الوصیة أم لا و قال فی (النهایة) إذا وجدت الوصیة بخط المیّت و لم یکن أشهد علیها و لا أمر بها کانت الورثة بالخیار بین العمل بها و بین ردها و إبطالها فإن عملوا بشی‌ء منها لزمهم العمل بجمیعها و (قال) فی (السرائر) الذی تقتضیه أصول مذهبنا أنهم إذا أقروا بشی‌ء منها و عملوا به و قالوا إن هذا عمل صحیح أوصی به دون ما عداه مما فی هذا المکتوب فإنهم لا یلزمهم العمل بجمیع ما فی المکتوب إلا بما أقروا به دون ما عداه و مما خولف فیه الشیخ (الجامع) و (النافع) و (کشف الرموز) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده و (التبصرة) و (المختلف) و (الإیضاح) و (الدروس) و (الحواشی) و (المقتصر) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (الروضة) لکن مخالفته فی بعضها نحو ما فی الکتاب و فی بعضها یجوز أن یعمل الورثة و فی بعضها لا یجب علیهم العمل بها و فی بعضها أنه ضعیف ساقط کما فی (کشف الرموز) و فی بعضها أن الروایة قاصرة الدلالة علی مراده و فی بعضها أن الخبر متروک و هکذا للأصل و أن ذلک أعمّ من قصد الوصیة مضافا إلی أن روایة الشیخ مکاتبة قاصرة المتن قاصرة الدلالة و قد (احتجوا) للشیخ بما رواه فی (التهذیب) بطریق فیه عمر (عمرو خ) بن علی المجهول عن إبراهیم بن محمد الهمدانی قال کتبت إلیه رجل کتب کتابا فیه ما أراد أن یوصی به فهل یجب علی ورثته القیام إلی آخر ما ستسمع و رواه فی (الفقیه) بسند حسن کالصحیح بإبراهیم عن إبراهیم بن محمد الهمدانی قال کتبت إلی أبی الحسن (ع) رجل کتب بخطه و لم یقل لورثته هذه وصیتی و لم یأمرهم بذلک إلا أنه کتب کتابا فیه ما أراد أن یوصی به هل یجب علی الورثة القیام بما فی الکتاب بخطه و لم یأمرهم بذلک فکتب إن کان له ولد ینفذون کل شی‌ء یجدون فی کتاب أبیهم فی وجه البر و غیره و (قد) رواها فی (السرائر) مرسلة بمتن النهایة حرفا فحرفا غیر أنه قال لزمهم العمل بها جمیعا و (رواها) فی (التذکرة) بمتن (التهذیب) فی السؤال و رواها فی الجواب هکذا فکتب إن کان له ولد ینفذون شیئا منها وجب أن ینفذوا کل شی‌ء یجدون فی کتاب أبیهم فی وجه البر و غیره و لم یروها فیها لا عن الصدوق و لا الشیخ و (قد) رواها فخر الإسلام و أبو العباس فی (الإیضاح) و (المهذب) بهذه الزیادة عن الصدوق بمتن الفقیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 381
و لو کتب وصیة و قال اشهدوا علی بما فی هذه الورقة أو قال هذه وصیتی فاشهدوا علی بها لم یجز حتی یسمعوا منه ما فیه أو یقرأ علیه فیقر به (1) فأما لو قرأه الشاهد مع نفسه فقال له الموصی قد عرفت ما فیه فاشهد علی به فالأقرب القبول (2)
______________________________
فی السؤال و (یخدش) هذا أن الموجود فی النسخ المتعددة الصحیحة ما سمعته من دون هذه الزیادة فلا یرد هذا علی التذکرة لما عرفت فکانت مسندة واضحة السند و الدلالة و المکاتبة حجة سلمنا لکن ضرر الکتابة أنما هو لاحتمال التقیة و هی لا تتم فی الروایة لأن التفصیل فیها مخالف لما علیه العامة کما یظهر لمن لحظ أقوالهم فی (التذکرة) و لیس فیها إلا شذوذ العامل بها و فی (التنقیح) أن العمل بمضمون الخبر متروک بالإجماع فحملها علی الاستحباب حسن کما فی (إیضاح النافع) و قال فی (التذکرة) تحمل علی أنهم اعترفوا بصحة هذا الخط فحینئذ یجب علیهم العمل بالجمیع و أما لو أنکروا و اقتصروا فی الاعتراف بالصحة علی بعضه لم یجب علیهم العمل إلا بما اعترفوا به و یمکن أن تحمل أیضا ککلام النهایة علی أن العمل بالبعض دل علی علمهم بالوصیة فیجب الجمیع علیهم فی ظاهر الحال و یلزمهم الحاکم به و إن لم یکن فیما بینهم و بین اللّٰه شی‌ء إذا لم یعلموا بصحة الباقی و فیه من المخالفة للأصل ما لا یخفی فإن عملهم بالبعض غیر الاعتراف بصحته لاحتمال التبرع
(قوله) (و لو کتب وصیة و قال اشهدوا علی بما فی هذه الورقة أو قال هذه وصیتی فاشهدوا علی بها لم یجز حتی یسمعوا منه ما فیه أو یقرأ علیه فیقر به)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و قد حکینا فی باب القضاء و الإجماع (عن السرائر) فی غیر موضع علی ذلک و أنه قال فی (الجامع) إشهاد الشخص علی نفسه فی الأملاک و الوصایا علی کتاب بدرج لا یصح إجماعا انتهی و لعله لأن الشهادة مشروطة بالعلم و هو منفی هنا و (عن) أبی علی و بعض العامة الاکتفاء بذلک و هو قضیة کلام المقدس الأردبیلی أو صریحه فی باب القضاء و قد استوفینا الکلام هناک
(قوله) (فأما إن قرأه الشاهد مع نفسه فقال له الموصی قد عرفت ما فیه فاشهد علی به فالأقرب القبول)
کما فی (جامع المقاصد) و (الروضة) و کذا (الإیضاح) و قد حکاه فیه عن أبی علی و هو کذلک بالأولویّة لأن ذلک جار فی الصراحة مجری ما لو أخبرهم به مفصلا لأن الدلالة علی الأمور المتعددة إجمالا کافیة کالدلالة علیها تفصیلا و ینبغی أن یقرأ عرفت بتاء المتکلم و وجه غیر الأقرب بقاء الإبهام مع الإجمال و فی (التحریر) فی الباب و (الحواشی) و (قضاء الکتاب) و (الإرشاد) و (الإیضاح) و (غایة المراد) و (مجمع البرهان) أنه إذا حفظها الشاهد بحیث أمن من التزویر تسلط علی الشهادة فی الحیاة و الممات لأنه (لا خ) یصح الإقرار بذلک فالشهادة أولی و لأنه میز بوجه یمتاز به عما عداه إذا لوحظ و أقر بعلمه مفصلا و قد أقر کامل علی نفسه إقرارا صحیحا و أمن الشاهد من التغییر فوجد المقتضی للشهادة و انتفی المانع و قد یحتج لهم بخبر أبی خدیجة کما ذکرناه فی باب القضاء و (الظاهر) الفرق بین ما حکیناه عن هؤلاء و ما فی الکتاب و ما وافقه لأن ظاهرها اشتراط القراءة مع نفسه فلیلحظ و لیتأمّل إذ الدلیل یقضی بعدم الفرق و (المخالف) فی باب القضاء الشیخ و ابن إدریس و سبطه فی الجامع کما عرفت و المحقق الثانی فی تعلیق الإرشاد و (خالف) المصنف فی الباب فی (التذکرة) و السید العمید و تردد فی (قضاء التحریر) و (استبعده) فی الباب الشهید و المقداد للأصل و إجماع السرائر و الجامع مضافا إلی دعوی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 382
و کذا البحث فی المقر (1) و إذا رد الوصیة رجع المال إلی الترکة (2) فإن عین بالرد واحد أو قصد تخصیصه بالمردود لم یکن له ذلک أما لو رد فی موضع یمتنع فیه الرد فإن له تخصیص من شاء هبة (3) و یحصل الرد بقوله رددت الوصیة أو لا أقبلها أو ما أدی معناه (4)
______________________________
بقاء الإبهام مع الإجمال کما ذکروه فی وجه غیر الأقرب و (قد اختلف المجوزون) فظاهر (التحریر) أو صریحه و ظاهر (الإرشاد) هناک أو صریحه أنه لا بد من وجود القبالة حین الإقامة و ظاهر الکتاب هنا و فی القضاء عدم اشتراط ذلک و قد حکی عنه الشهید أنه صرح بذلک فی موضع آخر و الفرق عندهم بینه و بین قول القاضی إن ما فی هذا الکتاب حکمی مع أنهم لم یجوزوا الشهادة علیه أن قول الحاکم لیس من الإقرار فی شی‌ء و إنما إخبار بفعل نفسه فلیس لهما إلا أن یشهدا بذلک لا بنفس الفعل الذی هو الحکم و تمام الکلام فی باب القضاء فإنا قد أسبغناه فیه
(قوله) (و کذا البحث فی المقر)
أی الحکم فی المقر بکتاب الإقرار کالحکم فی المقر بکتاب الوصیة فإن أقر بما فیه من دون أن یعلم الشهود بما فیه لم یجز و لم یعد بذلک مقرا و إن قال قد عرفت ما فیه فاشهدوا علی به و قد قرأه الشاهد و علم ما فیه فإنه یکفی ذلک فی الشهادة علی إقراره علی الأقرب
(قوله) (و إذا رد الوصیة رجع المال إلی الترکة)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و مرادهم کما هو صریح الأخیر أن الرد بعد الموت و قبل القبول من الموصی له أو من یقوم مقامه و قد توسع فی قوله رجع لأنه لم یخرج عن الترکة بمجرد الوصیة و الموت فلیتأمّل
(قوله) (فإن عین بالرد واحد أو قصد تخصیصه بالمردود لم یکن له ذلک أما لو رد فی موضع یمتنع فیه الرد فإن له تخصیص من شاء هبة)
کما صرح بذلک کله فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و لعل نظر المصنف فی کتبه الثلاثة إلی تحریر کلام (المبسوط) قال فإن قال الموصی له رددت هذه الوصیة لفلان واحد من ورثة الموصی فإنه یقال له ما أردت بذلک فإن قال أردت به أنی رددت إلی جماعتهم لأجل فلان لکرامته و فضله صح و عادت الوصیة لجماعتهم و إن قال رددت إلی فلان خاصة فإنه یکون قد ملکه و رده إلی ذلک الإنسان فهو یختص به من بین الورثة انتهی و لعل فی النسخة سقطا و المراد من العبارة أنه حیث یجوز له الرد یرجع المال إلی الترکة و لیس له أن یخصص به أحدا لأنه لم یملکه و حیث یمتنع منه الرد لاستقرار ملکه له أن یخص به من شاء من الورثة و غیرهم لأنه ابتداء هبة و تملیک فلو قال رددت هذه الوصیة لفلان سئل عن مراده فإن قال أردت تملیکه إیاها فهی له هبة إن قبلها و أوجد صیغة الهبة أو معاطاتها و إن قال أردت ردها علی جمیع الورثة لرضا فلان فهی هبة للجمیع إن قبلوا و إلا فإن قبل واحد فله حصته
(قوله) (و یحصل الرد بقوله رددت الوصیة أو لا أقبلها أو ما أدی معناه)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و مقتضی ذلک أن قصد الرد غیر کاف فی حصوله و هو صحیح کما أن إرادة القبول لا تکفی عنه و کما أن إرادة الوصیة لا یعد وصیة لأن الأسباب من عقود و إیقاعات و فسوخ أنما هی بوضع الشارع و تعیینه فلا بد من متواضع علیها یستدل بها علی المراد (فرع) لو کانت الوصیة لاثنین فقبل أحدهما و رد الآخر رجع نصیبه إلی جمیع الورثة و عن أبی علی أنه لا یرجع إلی الورثة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 383
و لو کانت الوصیة لغیر معین کفی فی التملیک الإیجاب و الموت و لا یتوقف علی القبول کمن أوصی للفقراء و کذا لو أوصی للمصالح کعمارة مسجد (1) و هل القبول کاشف عن انتقال الملک إلی الموصی له بعد الموت أو سیب فیه إشکال ینشأ من انتفاء الملک عن المیّت و عدم دخوله فی ملک الورثة لقوله تعالی مِنْ بَعْدِ وَصِیَّةٍ یُوصِی بِهٰا أَوْ دَیْنٍ فلو لم ینتقل إلی الموصی له بقی بغیر مالک و من کون القبول إما جزءا من السبب أو شرطا کقبول البیع و انتفاء الملک عن المیّت ممنوع کما لو قتل و کالمدیون و کما لو نصب شبکة فوقع فیها صید بعد موته و الآیة تراد بها من بعد وصیة مقبولة و الأقرب الأول (2)
______________________________
(قوله) (و لو کانت الوصیة لغیر معین کفی فی التملیک الإیجاب و الموت و لا یتوقف علی القبول کمن أوصی للفقراء و کذا لو أوصی للمصالح کعمارة المسجد)
هذا تقدم الکلام فیه فی أول الباب مسبغا محررا.
(قوله) (و هل القبول کاشف عن انتقال الملک إلی الموصی له بعد الموت أو سبب فیه إشکال ینشأ من انتفاء الملک عن المیّت و عدم دخوله فی ملک الورثة لقوله تعالی من بعد الوصیة فلو لم ینتقل إلی الموصی له بقی بغیر مالک و من کون القبول إما جزء من السبب أو شرطا کقبول البیع و انتفاء الملک عن المیّت ممنوع کما لو قتل و کالمدیون و کما لو نصب شبکة فوقع فیها صید بعد موته و الآیة یراد بها من بعد وصیة مقبولة و الأقرب الأول)
قد تقدم الکلام فی ذلک عند قوله و بهما ینتقل الملک مع موت الموصی و حکینا هناک القول بالکشف من الکتاب هنا و (اللمعة) و (الحواشی) و (إیضاح النافع) و قلنا إنه نفی عنه البأس فی (التذکرة) و البعد فی (الکفایة) و إنه قال فی (جامع المقاصد) إنه قریب و حکاه فیه عن أبی علی و ستسمع المحکی عنه و حکاه فیه أیضا عن (التذکرة) علی البت و أنه نسب فی (المسالک) و (الکفایة) و کذا (الریاض) إلی الأکثر و قلنا لعلها لم تصادف محلها و حکینا القول بانتقال الملک إلی الموصی له بالقبول عن (الخلاف) فی باب الفطرة و قلنا إنه قد یستظهر من (المبسوط) و (الغنیة) بل و من (النافع) لیطابق (الشرائع) و قلنا إنه صریح (السرائر) و (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (التبصرة) و (المختلف) و (الروض) و کذا (جامع المقاصد) و قلنا إنه ظاهر کل من قال إن الوصیة عقد و قلنا إن القول بأنه یحصل الملک بالوفاة للخلاف فی الباب و (التذکرة) فی موضع منها و قواه فی موضع من (المبسوط) و قلنا إنه ظاهر المحکی عن أبی علی و فی (جامع المقاصد) أنه لضعفه لم یلتفت إلیه المصنف و حکینا عن جماعة عدم الترجیح کالشیخ فی مواضع من (المبسوط) و الفخر و الشهید و المقداد فی کتابیه و المصنف فی الکتاب عند الکلام علی النماء (حجة القائل) بالکشف ما أشار إلیه المصنف فی أول وجهی منشإ الإشکال من أنا لو لم نقل بالکشف لزم بقاء الملک من دون مالک لأن المالک هنا منحصر فی المیّت و الموصی له و الوارث و الحصر هنا إجماعی و المیّت تزول عنه الأملاک فلا یملک و من ثم لا تتعلق به أحکام الملاک و لا یملک الوارث لظاهر قوله عز و جل مِنْ بَعْدِ وَصِیَّةٍ یُوصِی بِهٰا أَوْ دَیْنٍ فلم یبق إلا الانتقال إلی الموصی له انتقالا متوقفا علی قبوله الکاشف عن سبق ملکه من حین الموت اعتبارا مما ذکرنا و علی تقدیر رده یتبین بطلان الوصیة فکأنه لم یکن هناک وصیة أصلا فیکشف الرد عن ملک الوارث من حین الموت و لا ینافیه حکمنا بانتقالها إلی الموصی له لأن ذلک کان مراعی بما إذا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 384
و نمنع سببیة القبول بل هو کاشف عن صحة الوصیة و فسادها و المقتول و المدیون لا یملکان لکن الدین یتعلق بالدیة و الترکة تعلق الرهن و الصید لا یملکه المیّت (1) فعلی الأول النماء المتجدد بین الموت و القبول للموصی له و للورثة علی الثانی (2)
______________________________
کان هناک وصیة و قد تبین بالرد عدمها (و فیه) من التکلف ما لا یخفی مع عجزه عن مقاومة دلیل القول الآخر إذ دلیله أن القبول معتبر فی حصول الملک إجماعا فهو إما جزء السبب أو شرط کقبول البیع فیمتنع تقدم الملک علیه و لأن الموصی له لو رد الوصیة بطلت و لو کان قد ملک بالموت لم یزل الملک بالرد کما هو الشأن فیما بعد القبول و لأن الملک لو حصل بدون القبول لم یحتج إلی قبول وارث الموصی له لو مات قبله مع اتفاقهم علی اعتباره فی ملکه و اعترض علی الأول بما أشار إلیه المصنف من أنا نمنع انتفاء الملک عن المیّت فجاز أن تبقی علی ملکه کما جاز أن یتجدد له الملک کما لو مات قتلا و وجبت له الدیة فإنها تدخل فی ملکه و تؤدی منها دیونه و وصایاه و کما لو نصب شبکة حیا فوقع فیها صید بعد موته و کما لو کان علی المیّت دین فإن ما یجب صرفه فی الدین من الترکة باق علی ملکه و کذا ما یحتاج إلیه من مئونة تجهیزه و دفنه و لا دلالة فی الآیة علی انتفاء الملک عن الوارث فی الوصیة لأن المراد من بعد وصیة مقبولة بدلیل أنه مع عدم القبول یکون الملک للوارث لا محالة
(قوله) (و نمنع سببیة القبول بل هو کاشف عن صحة الوصیة و فسادها و المقتول و المدیون لا یملکان لکن الدین یتعلق بالدیة و الترکة تعلق الرهن و الصید لا یملکه المیّت)
هذا جواب عن حجة الخصم بأن سببیة القبول یقتضی عدم حصول الملک بدونه و أن مدخلیة القبول فی الوصیة لیست قویة علی حد مدخلیتها فی غیرها من العقود کالبیع و قد علم أن الموت سبب فی انتقال الملک عن المیّت و خروجه عن أهلیته و ما ذکر من تعلق الدین و الوصایا بدیته لا یدل صریحا علی ملکه بجواز کونها ملک الوارث و إن تقدم حق المیّت من تلک الوجوه علیه کما تقدم المرتهن بمال الرهن علی الراهن المالک و لیس فی النصوص ما یدل علی ثبوت الملک له فلا منافاة بین ملک الوارث لها و تقدم المیّت بها و یرشد إلی ذلک قولهم فی مئونة التجهیز إنه لو فقد المیّت رجع الکفن إلی الوارث و لو لم یکن ملکه ابتداء لم یرجع إلیه و أما الصید فإنما ملکه الوارث دون المیّت لقیامه مقامه فکان کما لو نصب الشبکة بنفسه
(قوله) (و علی الأول النماء المتجدد بین الموت و القبول للموصی له و للورثة علی الثانی)
قد عقد فی (التذکرة) للمسائل المتفرعة علی المذهبین بحثا علی حدة ذکر فیه تسع عشرة مسألة مع تذنیبات و تفریعات علی بعض تلک المسائل (و حاصل) ما ذکر أن النماء المتجدد بین الموت علی القول الأول و هو الکشف یکون للموصی له لأن القبول کشف عن أنه ملکه بموت الموصی و فی (التذکرة) إن قلنا الملک یحصل بالموت فهو للموصی له قبل الوصیة أو ردها و حکی عن الشافعیة وجها بأنه یتبع العین فی الرد إذا رد الوصیة فلیلحظ و علی القول الثانی و هو أن القبول جزء سبب أو شرط یکون للورثة لأن الموصی به إما ملک لهم أو للمیت و علی أیهما فالنماء لهم کذا قال فی (جامع المقاصد) و قد یفرق بأن یقال بأن النماء حیث یکون للمیت یکون من جملة ترکته تقضی منه دیونه و تنفذ وصایاه و حیث تکون للورثة لا یتعلق به للمیت حق لحدوثه بعد زوال ملکه و فی (التذکرة) أنه الوجه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 385
و لو أوصی له بزوجته فأولدها بعد الموت و قبل القبول فالولد حر و أمه أم ولد علی الأول و علی الثانی الولد رق للورثة (1) و لو مات الموصی له قبل القبول و الرد فإن قبل وارثه ملک الجاریة و الولد و عتق علیه إن کان ممن ینعتق علیه علی الثانی علی قول الشیخ و تکون الجاریة أم ولد و یرث الولد أباه و یحجب القابل إن کان أخا علی الأول (2) و لا دور باعتبار أن توریثه یمنع کون القابل وارثا فیبطل قبوله فیؤدی توریثه إلی عدمه لأنا نعتبر من هو وارث حال القبول لولاه کالإقرار (3)
______________________________
(قوله) (و لو أوصی له بزوجته فأولدها بعد الموت و قبل القبول فالولد حر و أمه أم ولد علی الأول و علی الثانی رق للورثة)
کما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و کذا (الحواشی) و معناه أنه إذا أوصی مالک الأمة المزوجة بها لزوجها فأولدها الزوج بعد الموت و قبل القبول و کان شرط مولی الأمة رق الولد فعلی القول بأن القبول کاشف یکون الولد حرا و أمه أم ولد لأنه تبین أنه ملک بالموت و أن علوقها به کان فی ملکه و علی الثانی یکون الولد للورثة کما تقدم و قد أطال فی (المبسوط) الکلام فی المسألة حتی بلغ قائمتین أو أکثر و قال هذا عندنا إذا کان اشترط علیه الاسترقاق و ظاهره الإجماع علی أن اشتراط الاسترقاق صحیح و قد حکیناه فی باب النکاح عن (المبسوط) فی الباب و غیره و قلنا إن الإجماع علی ذلک صریحا و ظاهرا محکی فی ثمانیة مواضع من کتبهم و کل من تعرض لهذا الفرع فی الباب بناه علی ذلک من دون إشکال و لا خلاف و المراد بإیلادها إحبالها و وطؤها و لیس المراد أنها وضعت بعد الموت و قبل القبول و قد تقدم أنه یکفی فیها القبول الفعلی و أنه لا خلاف فیه ظاهرا فیمکن جعل الوطء هنا قبولا لدلالته علیه و قال فی (التحریر) إن حملت به بعد موت الموصی و قبل القبول فهو للورثة سواء وضعته قبل القبول أو بعده لأن الحمل لا حکم له بمعنی أن الوصیة لا تتناوله و لا یقسط الثمن فی البیع علیه و علی أمه قلت قضیته أنه إذا أوصی بجاریة حبلی فإن وصیته تکون بها دون الحمل
(قوله) (و لو مات الموصی له قبل القبول و الرد فإن قبل وارثه ملک الجاریة و الولد و عتق علیه إن کان ممن ینعتق علیه علی الثانی علی قول الشیخ و تکون الجاریة أم ولد و یرث الولد و یحجب القابل إن کان أخا علی الأول)
هذا تفریع علی القولین فی المسألة السابقة و هی ما إذا أوصی له بزوجته فأولدها حیث یکون الولد رقا و قد فرع علی ذلک ما لو مات الموصی له قبل القبول و الرد و قبل الوارث فقال بناء علی القول الثانی و هو أن القبول سبب أنه یملک الجاریة و الولد و یعتق علیه إن کان ممن ینعتق علیه کما لو کان أنثی و الوارث ابنا أو أختا و یستقر ملکه علی الجاریة و لا یرث و لا تکون أم ولد کما نبه علیه فی آخر المسألة و منه یعلم أن الوارث لو کان ابنا عتقت علیه أمه و قد نبه علی أن ذلک إنما یتم علی قول الشیخ فی (المبسوط) بأن الحمل کالجزء من الأم یدخل فی بیعها و الوصیة بها و أما علی القول الأصح فإنه یکون مملوکا للوارث و أما علی القول الأول و هو القول بالکشف فإن الجاریة تکون أم ولد و یکون الولد حرا و یرث أباه لأنه قد تبین أنها قد علقت به فی ملک الموصی له و یحجب القابل إن کان أخا کما تقدم التنبیه علی ذلک کله
(قوله) (و لا دور باعتبار أن توریثه یمنع کون القابل وارثا فیبطل قبوله فیؤدی توریثه إلی عدمه لأنا نعتبر قبول من هو وارث حال القبول لولاه کالإقرار)
هذا أیضا تقدم التنبیه علیه و أن الشیخ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 386
و لا یرث علی الثانی و لا تصیر أمه أم ولد (1) و لو أوصی له بأبیه فمات فقبل ابنه فعلی الأول تثبت حریته من حین الموت فیرث السدس و لا دور من حیث إنه لو ورث لاعتبر قبوله و لا یجوز اعتبار قبوله قبل الحکم بحریته و إذا لم یعتبر ثم یعتق فیؤدی توریثه إلی إبطال توریثه لأنه أقر جمیع الورثة و هم ابن الابن بمشارک فیثبت نسبه و یرث و علی الثانی یعتق الجد علی ابن الابن و لا یرث (2)
______________________________
فی (المبسوط) منع من إرثه مطلقا لأنه موقوف علی قبول الوارث فلو فرض کونه وارثا لاعتبر قبوله فی الإرث و اعتبار قبوله موقوف علی کونه وارثا فیدور و قد أشار المصنف هنا إلی تقریره علی نحو آخر و هما بمعنی بالأخرة فتأمّل و هو أنه یلزم من توریثه کون القابل غیر وارث فیبطل قبوله فلا یکون الولد حرا فلا یرث و کلما أدی فرض ثبوته إلی نفیه وجب الحکم بنفیه و أجاب بأنه لا دور لأنا نعتبر قبول من هو وارث حال القبول و لا وارث سواه لو لا القبول و لا عبرة بما یتجدد بعد ذلک کما أنا نعتبر فی الإقرار بالنسب صدوره ممن هو وارث حین الإقرار و نحکم بتوریثه و حجبه المقر لو کان أولی
(قوله) (و لا یرث علی الثانی و لا تصیر أمه أم ولد)
هذا من فروع القول الثانی فحقه أن یقدم و یذکر بعد قوله علی قول الشیخ لکن لما فرع علی القول الأول أنه یرث و أن أمه تصیر أم ولد ناسب أن یذکر ذلک بعده
(قوله) (و لو أوصی له بأبیه فمات فقبل ابنه فعلی الأول تثبت حریته من حین الموت فیرث السدس و لا دور من حیث إنه لو ورث لاعتبر قبوله و لا یجوز اعتبار قبوله قبل الحکم بحریته و إذا لم یعتبر لم یعتق فیؤدی توریثه إلی إبطال توریثه لأنه أقر جمیع الورثة و هم ابن الابن بمشارک فیثبت نسبه و یرث و علی الثانی یعتق الجد علی ابن الابن و لا یرث)
هذا أیضا من المسائل المتفرعة علی القولین و مراده أنه إذا أوصی لشخص بأبیه المملوک للموصی فمات الموصی له بعد الموصی قبل القبول و کان له ابن فقبل الوصیة فعلی الأول و هو أن القبول کاشف تثبت حریة الأب من حین الموت أی موت الموصی فیرث السدس لتحقق موت الموصی له عن أب و ابن و لا یرد لزوم الدور من حیث إنه لو ورث لاعتبر قبوله فی الوصیة لأن المعتبر قبول جمیع الورثة و اعتبار قبوله حینئذ ممتنع لأنه إذ ذاک رقیق فلا یحکم بعتقه لتوقفه علی قبول جمیع الورثة و هو ممتنع بالنسبة إلیه فیلزم عدم توریثه فیکون توریثه مؤدیا إلی إبطال توریثه و ما هذا شأنه یکون باطلا ببطلان توریثه (و وجه) عدم لزوم الدور أن المعتبر قبول جمیع الورثة حین القبول و قد تحقق الانحصار فی ابن الابن فکان کما لو أقر ابن الابن بأب فإن الوارث حین الإقرار منحصر فیه فیثبت النسب بإقراره و علی الثانی و هو القول بأن القبول سببه أو شرط ینعتق الجد علی ابن الابن لدخوله فی ملکه بالقبول و لا یرث لسبق استحقاق الابن ترکة أبیه علی عتق الأب و لعله عبر بالإقرار عن القبول لمساواته الإقرار و المراد بجمیع الورثة ابن الابن و المراد بقوله فیثبت نسبه أنها تثبت حریته کما یثبت نسبه لو أقر به (فرع) إذا أوصی له بأبیه هل یجب علیه قبول الوصیة لأنه یحصل لأبیه الحریة من غیر التزام مال فلزمه ذلک لانتفاء الضرر عنه إلا أن تقول إنه المنة ضرر و تلزمه نفقته و کسوته و هو ضرر أیضا کما لو بذل بیعه فإنه لا یجب علیه شراؤه إجماعا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 387
و لو کان علی الموصی له دین و قبل وارثه قضی منه الدین و الوصایا و یعتق من ینعتق علیه علی الأول دون الثانی (1) و لو وطئ الوارث قبل القبول فعلیه المهر و لا تصیر أم ولد لو أحبلها علی الأول دون الثانی (2) و زکاة الفطرة علی الموصی له لو تخلل الهلال الموت و القبول علی الأول دون الثانی (3)
______________________________
(قوله) (و لو کان علی الموصی له دین و قبل وارثه قضی منه الدین و الوصایا و یعتق من ینعتق علیه علی الأول دون الثانی)
یرید أنه لو کان علی الموصی له دین أو کان له وصایا و مات بعد موت الموصی و قبل القبول فقبل وارثه فعلی القول بأن القبول کاشف یقضی من الموصی به دین الموصی له و ینفذ وصایاه و لو کان فی الموصی به من ینعتق علی الموصی له خاصة کابنه و للوارث ابن آخر عتق و علی القول بأن القبول جزء السبب یستقر ملک الوارث علی الموصی به و لا یقضی الدین و لا تنفذ منه وصایاه و لا یحکم بالعتق لعدم دخوله فی ملک الموصی له و فی (التحریر) أنه إذا قبل الوارث ثبت الملک له ابتداء من جهة الموصی لا من جهة مورثه و لا تثبت للموصی له شی‌ء فحینئذ لا تقضی دیونه و لا تنفذ وصایاه و لا یعتق من یعتق علیه و هذا منه علی مختاره فیه بأن الموصی له لا یملک إلا بالقبول و أنه جزء سبب و قال فی (التذکرة) و علی القول الآخر تنعکس هذه الأحکام
(قوله) (و لو وطئ الوارث قبل القبول فعلیه المهر و لا تصیر أم ولد لو أحبلها علی الأول دون الثانی)
و کذا أطلق فی (التذکرة) و مراده أنه لو وطئ وارث الموصی الجاریة الموصی بها بعد موت الموصی و قبل قبول الموصی له فعلی القول بأن القبول کاشف یجب علیه المهر لأنه وطئ شبهة و لا تصیر أم ولد لأنه قد بان دخولها فی ملک الموصی له من حین الموت و علی القول الآخر تصیر أم ولد لعلوقها فی ملکه و لا مهر علیه لکن تقوم علیه عند القبول و عساک تقول کیف تعتق و تصیر أم ولد و هی لا تعتق بإعتاقه لأنا نقول إن الاستیلاد أقوی و لذلک یثبت من الأب و الراهن و الشریک و کیف کان فهذا الإطلاق إنما یتم إذا لم نقل بأن الموصی به یبقی قبل القبول علی ملک المیّت و إلا أشکل الحکم المذکور و لو وطئها الموصی له قبل قبولها کان ذلک قبولا لها فأشبه ذا الرجعة و ذا الخیار
(قوله) (و زکاة الفطرة علی الموصی له لو تخلل الهلال الموت و القبول علی الأول دون الثانی)
قال فی (التذکرة) لو أوصی بعده لزید ثم مات ثم أهل شوال قبل القبول ثم قبل فإن قلنا إنه ینتقل بالموت فالفطرة علی الموصی له و إن قلنا بالقبول فالفطرة علی الوارث فقد جزم بأنها علی الوارث و هو مبنی علی أن الموصی به علی القول بالسببیة ملک للوارث لا للمیت لأنا إذا قلنا بأن القبول سبب فالموصی به فیه احتمالان أحدهما أنه یبقی علی ملک المیّت و الثانی أنه ینتقل إلی الوارث انتقالا متزلزلا فعلی الأول لا تجب علی الوارث و علی الثانی تکون علی الوارث و عبارة الکتاب تحتمل ذلک أی أنها علی الوارث و تحتمل أنها تسقط بناء علی أن الموصی به حینئذ ملک للمیت و و جزم هنا فی (المبسوط) أنها علی الموصی له لأنه قوی هنا أنه ینتقل إلی الموصی له بوفاة الموصی و احتمل فی (جامع المقاصد) سقوطها علی القول بالکشف لامتناع تکلیف الغافل لعدم تعین المالک لاحتمال حصول القبول فیکون المالک الموصی له و الرد فیکون هو الوارث و قد مال إلیه فی باب الزکاة و قال لا دلیل علی وجوب القضاء فی حقهم (و قال المصنف) فی باب الزکاة و لو قبل بعد الهلال سقطت و فی الوجوب علی الوارث إشکال فقد جزم بسقوطها عن الموصی له و استشکل فی وجوبها
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 388

[المطلب الثانی فی الموصی]

المطلب الثانی فی الموصی و یشترط فیه البلوغ و العقل و الحریة فلا تنفذ وصیة الصبی و إن کان ممیزا فی المعروف و غیره علی رأی (1)
______________________________
علی الوارث أما سقوطها عن الموصی له علی القول بأن القبول مملک فظاهر و علی کونه کاشفا فلاستحالة تکلیف الغافل ثم قال هنا فی (جامع المقاصد) و لقائل أن یقول عدم العلم بالملک وقت الوجوب لا یقتضی سقوطه و لا یستلزم تکلیف الغافل إذ الکلام فی الوجوب إنما هو بعد وضوح الأمر و تبین المالک بعینه بالقبول أو الرد کما لو ولد له قبل الهلال و لم یعلم إلا بعده أو مات مورثه کذلک فملک عبده أو ملکه کذلک بشراء وکیله و نحوه و لم یعلم بالحال إلا بعد وقت الوجوب فإن القول بعدم الوجوب فی هذه المواضع بعید و حینئذ فالمتجه الوجوب علی الموصی له علی الأول و علی الوارث علی الثانی و هذا کله إذا کان العبد یأکل من کسبه أما مع العیلولة له فإن الفطرة علی العائل و قال فی (التذکرة) إن مئونة العبد و نفقته التی یحتاج إلیها بعد الموت و قبل القبول حکمها حکم الفطرة و قال إذا توقف الموصی له فی القبول و الرد ألزم النفقة و إن أراد الخلاص رد قال و یحتمل إلزام الوارث إن قلنا إنه یملک بالقبول خاصة بعد الموت
(قوله) (المطلب الثانی فی الموصی و یشترط فیه البلوغ و العقل و الحریة فلا تنفذ وصیة الصبی و إن کان ممیزا فی المعروف و غیره علی رأی)
هو خیرة (السرائر) و (التحریر) و (الإیضاح) و (شرح الإرشاد) لفخر الإسلام و کذا (التلخیص) و (التبصرة) و کأنه قال به فی (المسالک) و (الروضة) و فی (المختلف) و (المهذب البارع) و (المقتصر) و (جامع المقاصد) أنه أحوط و فی کونه أحوط مطلقا نظر إذ الأحوط للوارث الکامل أن ینفذ و للموصی له کذلک أن لا یقبل و قد لا یمکن الاحتیاط کما إذا کانت الوصیة فی جهة عامة أو لطفل مولی علیه و کان الوارث طفلا یتیما و ظاهر (التذکرة) و (اللمعة) و کذا (النافع) و (الدروس) التوقف و التردد بل قد یقال إنه فی (الشرائع) متوقف و اختیر فی (المقنعة) و (المراسم) و (النهایة) و (المهذب) و (الغنیة) و (کشف الرموز) و (الإرشاد) و (الروض) و (الکفایة) و (المفاتیح) و (التحریر) فی باب الوکالة جواز وصیة من بلغ عشرا ممیزا فی البر و المعروف و (هو خیرة) أبی الصلاح و أبی علی لأن الأول أمضی وصیته لدون العشر فی البر و الثانی أمضی وصیة الصبی إذا بلغ ثمانی سنین و الصبیة إذا بلغت سبعا کما تقدم بیان قولیهما فی باب الوکالة و و الوقف و هو ظاهر (الفقیه) لأنه رواه فیه بل و (الوسیلة) لأنه جوز وصیة المراهق و لعله لأنه بالغ العشر و الغالب فیه التمیز فتأمّل و هو الظاهر من (غایة المراد) و یمکن أن یدعی أنه ظاهر (الشرائع) و (النافع) و (الدروس) و لا تغفل عما تقدم و قد نفی عنه البأس فی (التنقیح) و قال أیضا إنه أحوط و قد عرفت حال الاحتیاط و قال فی (کشف الرموز) ذهب الشیخ و المفید و سلار و أبو الصلاح و أتباعهم إلی أن وصیة من بلغ عشرا جائزة فی المعروف من وجوه البر انتهی و هو یفید الشهرة بین المتقدمین إن لم یفد إجماعهم و لا ریب أن المراد إذا کان ممیزا و لعله إنما ترکه لترک التقیید به فی (المقنعة) و (المراسم) و (الکافی) و أخبار الباب و (ظاهر الغنیة) أو صریحها الإجماع علیه و کذا (کشف الرموز) و (الروض) حیث نسب فیهما إلی فتوی الأصحاب و کذا ظاهر (الدروس) الإجماع علی خلاف ابن إدریس و علی شذوذه لأنه قال بعد أن حکی الأقوال و تفرد ابن إدریس برد وصیة من لم یبلغ و قال إن أشهر الأقوال صحة وصیة الممیز بالمعروف و البر إذا بلغ عشرا و فی (الشرائع) أیضا و (الکفایة)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 389
..........
______________________________
أنه أشهر و فی (التذکرة) أنه مذهب الأکثر و فی (غایة المراد) و (إیضاح النافع) اشتهار الفتوی به و فی (المسالک) أنه مذهب الأکثر من المتقدمین و المتأخرین و فی (جامع المقاصد) أنه المشهور جواز تصرفه بالمعروف و إن اختلفوا فی تعیین ذلک و فی وکالته أن المشهور جواز تصرفه فی الوصیة و العتق و الصدقة و فی (اللمعة) أن القول بجواز وصیة من بلغ عشرا مشهور و زاد علیه فی (الروضة) بین الأصحاب فیکون أیضا حاکیا للشهرة و فی (المختلف) أن الأقوال به مشهورة و قد حکیت الشهرة علی الراویة به فی عدة مواضع (کفایة المراد) و غیرها و قد قلنا فی باب الوکالة إن الأخبار الواردة فی جواز وصیته اثنا عشر خبرا و إن فی خبر واحد جواز وصیته و عتقه و صدقته و قد اتفقت کلها علی العشر سنین إلا ثلاثة أخبار فإن فیها أن الغلام إذا حضره الموت من دون تحدید بعشر سنین و لیس فیها للمراهق ذکر و لعل صاحب الوسیلة بعد ابن العشر مراهقا (و قد حکینا) فی باب الوکالة عن صریح جماعة و ظاهر آخرین عدم جواز وکالته و إن کان ممیزا و بلغ عشرا و أسبقنا الکلام فیه و قلنا إن کل من جوز وصیته و وقفه و صدقته جوز التوکیل فی ذلک لأن کل من یصح تصرفه فی شی‌ء تدخله النیابة صح التوکیل فیه (و قد حکینا) فی باب الوقف عن جماعة کثیرین عدم صحة وقفه نعم جوزه فی (المقنعة) و جوز فی (النهایة) و (المهذب) صدقته و الصدقة عندهما فی معنی الوقف و قلنا إن عبارتی (الشرائع) و (النافع) تشعران بالجواز و قلنا إن الأخبار الواردة فی جواز وقفه لیس فیها خبر صحیح و فیها موثقان لیس فیهما التقیید بالعشر کالمضمر و تقییدها بالخبر الضعیف فرع المکأفاة و العمل کما بیناه هناک و لا یلزم أحدا ممن قال بجواز وصیته أن یقول بجواز وقفه و قد استوفینا الکلام فی ذلک أکمل استیفاء و بینا هناک ضعف ما دل علی جواز طلاقه و عتقه مع شذوذ العامل بها و قد سمعت کلامهم مسبغا فی هبته و الفرض أن الحال فی الباب لیس کغیره من الأبواب لمکان الأخبار هنا و الفتاوی و الإجماعات و الشهرات (و نعم) ما قال فی (غایة المراد) إن الإقدام علی رد ما تضافرت به الفتاوی و اشتهرت به الروایة من طریق أهل البیت (ع) مشکل (قلت) لعله لأنه تحصل له قوة التمیز عند بلوغ العشر و لذلک کان الدلیل مقتضیا لتکلیفه حینئذ بالتکالیف العقلیة و استحقاقه الثواب عند القیام بها و تلک القوة تبعث علی فعل الخیر فلو منعناه منه عند الممات مع الحجر علیه فی حال الحیاة لزم المنع من الألطاف المقربة إلی تحصیل الثواب و ذلک قبیح عقلا فتأمّل (و قد خلت) أخبار الباب عن ذکر التمیز و لعله لمکان التلازم غالبا بینه و بین ابن العشر کما عرفته آنفا علی أن فیها إشارة إلیه کقول أبی جعفر (ع) فی خبر زرارة و أوصی علی حد معروف و حق و قول أبی عبد اللّٰه (ع) فی صحیح أبی بصیر و أوصی بثلث ماله فی حق هذا (و قال) فی (التذکرة) قیل إنما تصح وصیة الصبی لقرابته و لا تصح للأجانب و استدل له بصحیح محمد بن مسلم فی الکافی و الفقیه و هو صریح فی ذلک و قد رواه الشیخ أیضا بطریق قوی و لکنا لم نجد هذا القول لأحد منا و لعله أراد الصدوق لأنه رواه لکنه لم ینسبه أحد إلیه فهو شاذ متروک کالصحیح إذا کان ابن سبع سنین فأوصی من ماله بالیسیر فی حق جازت وصیته و قد رواه المشایخ الثلاثة فیکون ظاهر (الفقیه) العمل به و قد رواه الشیخ فی النهایة و بدل السبع بالثمانی سنین و قال إن روایة العشر أحوط و أظهر فی الروایات (و لعل) أبا علی عول علی روایة الحسن بن راشد عن مولانا العسکری (ع) قال إذا بلغ الغلام ثمانی سنین فجائز أمره فی ماله و قد وجب علیه الفرائض و الحدود و إذا أتم للجاریة سبع سنین فکذلک قال فی (التذکرة) و هی متروکة بین الأصحاب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 390
و لا وصیة المجنون مطلقا (1) و لا السکران (2) و لو جرح الموصی نفسه بما فیه هلاکها ثم أوصی لم یقبل (3)
______________________________
قلت بل بین المسلمین لدلالتها علی حصول البلوغ لهما بذلک و أبو علی لا یقول به و لذلک خص بذلک وصیتهما و بعض أخبار الباب قد تضمن جواز عتقه و صدقته فقد قلت الأخبار الدالة علی العشر السالمة من الضعف أو الاشتمال علی ما لا یقول به العامل بها و (لیس لک) أن تقول إنه یمکن حملها علی التقیة من أحمد و مالک و الشافعی فی أحد قولیه لأنا نقول إن أبا حنیفة و الشافعی فی القول الآخر الأظهر عنده یقولان بمقالة ابن إدریس فلا ترجیح و لا تضعیف من جهة التقیة و (کیف کان) فالوقوف مع المعظم أقوی و أقوم و المعروف الذی لا یجوز أن ینکر و لا حیف فیه و لا جور عند أهل التمیز بالنسبة إلی الترکة و حال الموصی له بحیث لا یکون غنیا و یدعی الفقر کما ذکر ذلک کله فی (الفقه الراوندی) فتأمّل
(قوله) (و لا وصیة المجنون مطلقا)
أی فی المعروف و غیره مطبقا أو دوریا إذا کانت حال جنونه لرفع القلم عنه و عموم أدلة الحجر علیه و الحکم إجماعی مما لا ریب فیه و لذلک ترک التصریح به جماعة
(قوله) (و لا السکران)
و لا المغمی علیه و المبرسم و المعتوه الذی لا یعقل و النائم لأن هؤلاء فی حکم المجنون کما فی (التذکرة)
(قوله) (و لو جرح الموصی نفسه بما فیه هلاکه ثم أوصی لم یقبل)
کما فی (المقنعة) و (الکافی) و (النهایة) و (المهذب) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (التبصرة) و (الإیضاح) و (اللمعة) و (التنقیح) و (المهذب البارع) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و کذا (المختلف) و (الحواشی) و (المسالک) و (الروضة) و هو مذهب الأکثر کما فی (التذکرة) و (إیضاح النافع) و المشهور کما فی (المهذب البارع) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) و قد نسبه فی (الإیضاح) إلی الأصحاب مکررا مؤذنا بدعوی الإجماع علیه و حکاه أبو علی عن مولانا الصادق (ع) فیما حکی و لا ترجیح فی (شرح الإرشاد) لولد المصنف و (الدروس) و (الکفایة) و مرادهم بما فیه هلاکه أنه جرح نفسه لیموت کما فی الخبر و (الدروس) و قد زید فی (المقنعة) ما إذا شرب سما و نحوه قوله فی (الکافی) أو فعل بها ما تلف لأجله بعد حدثه و إطلاقهم جمیعا یشمل العمد و الخطاء و یجب تقیده بالعمد للتقیید به فی الخبر و فی (الروضة) موضع الخلاف ما إذا تعمد فلو وقع منه سهوا أو خطأ لم یمتنع وصیته إجماعا و (الأصل) فی ذلک صحیحة أبی ولاد فی الکتب الثلاثة قال سمعت أبا عبد اللّٰه (ع) یقول من قتل نفسه متعمدا فهو فی نار جهنم خالدا فیها قلت أ رأیت إن کان أوصی بوصیة ثم قتل نفسه من ساعته تنفذ وصیته قال فقال إن کان أوصی قبل أن یحدث حدثا فی نفسه من جراحة أو قتل أجیزت وصیته فی ثلثه و إن کان أوصی بوصیة بعد ما أحدث فی نفسه من جراحة أو قتل لعله یموت لم یجز وصیته و هو نص فی الباب کما فی (المسالک) و المراد بلعل التوقع و الرجاء و (فی الکافی) من جراحة أو فعل لعله یموت فیتم ما فی (الکافی) و (المقنعة) و اختلفوا فی وجهه فقیل لأنه سفیه لأن إتلاف النفس أولی بالسفه من إتلاف المال و قیل لأنه فی حکم المیّت و قیل لأنه قاتل نفسه لأن الوارث یخرج عن الترکة فی قتل مورثه فکذا قاتل نفسه و قد وجهه فی (التذکرة) بالجمیع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 391
و لو قیل بالقبول مع تیقن رشده بعد الجرح کان وجها (1) و تحمل الروایة علی عدم استقرار الحیاة علی إشکال (2) أما لو أوصی ثم قتل نفسه فإنها تمضی (3) و تصح وصیة المبذر (4)
______________________________
و الکل ضعیف فالمدار علی الخبر الصحیح الصریح المعتضد بما عرفت
(قوله) (و لو قیل بالقبول مع تیقن رشده بعد الجرح کان وجها)
کما هو خیرة (السرائر) و قد نفی عنه البأس فی (المختلف) و فی (إیضاح النافع) أنه حسن جدا و فی (المسالک) أنه وجه وجیه و فی (الروضة) أنه حسن لو لا مخالفة النص المشهور (قلت) و مع ذلک فالقائل به شاذ و الإجماع معلوم علی خلافه و قد سمعت ما حکیناه عن (الإیضاح) و حاصل کلام (السرائر) أن الوجه فی ذلک عندهم أنه سفیه غیر رشید و أجاب بأنه یکون رشیدا فلا یصح المنع مطلقا من حیث السفه و النص عام یقتضی بطلان الوصیة و إن کان رشیدا کما لو أراد عدوه إحراقه بالنار فقتل نفسه للفرار من النار و من المعلوم عدم جواز وجود المعلول و هو بطلان الوصیة من دون العلة و هو السفه و حمله علی منع الوارث قیاس
(قوله) (و تحمل الروایة علی عدم استقرار الحیاة علی إشکال)
قد جعل المصنف هنا العلة فی عدم جواز وصیته عدم استقرار الحیاة فیه و جعلها فی (السرائر) عدم رشده کما عرفت فالإشکال فی کلام المصنف فی حمل الروایة و کلام الأصحاب علی غیر مستقر الحیاة و عدم إنفاذ وصیته فینشأ من أن من بلغ هذا الحال صار فی حکم المیّت فلا تجری علیه أحکام مستقر الحیاة و من ثم لم یحتج إلی تذکیة الصید إذا أعدم جرحه استقرار حیاته و من أنه خلاف الظاهر و أنه حی بالغ رشید یتناوله الأدلة و أنه یلزم بطلان وصیة المریض لو بلغ هذا الحال و لم یقل به أحد کما فی (الإیضاح)
(قوله) (أما لو أوصی ثم قتل نفسه فإنها تمضی)
إجماعا کما فی (التذکرة) و به صرح فی الصحیح المتقدم و (المقنعة) و (الکافی) و (النهایة) و (المهذب) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (التلخیص) و (الدروس) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (الکفایة) و (المسالک) و فی الأخیر لا إشکال فیه و لا ریب أنه مما یقول به ابن إدریس و (فی حکمه) ما لو أوصی ثم جن أو صار سفیها إن منعنا من وصیة السفیه لأن حال المریض یئول إلی ذلک و ما فی معناه
(قوله) (و تصح وصیة المبذر)
إلی السفیه إجماعا فی ظاهر (الغنیة) قال و تصح الوصیة من المحجور علیه لسفه ثم ادعی بعد عدة مسائل الإجماع علی ذلک من دون تقیید بوجوه البر و فی (جامع المقاصد) أن المشهور جواز وصیة السفیه فی البر و لعله أراد ما إذا کان محجورا علیه (قلت) و بذلک صرح فی (المقنعة) و (الکافی) و (المراسم) قالوا لا تصح و لا تمضی وصیة المحجور علیه إلا فی وجوه البر و المعروف و هو خیرة (التنقیح) بلفظ الأولی و ظاهر (الوسیلة) المنع من نفوذ وصیته مطلقا و قد یظهر ذلک أو یلوح من (النهایة) و فی (التحریر) الأقرب أنها لا تقبل من دون وصفه بحجر علیه و فی (جامع المقاصد) أنه قوی و الصحة قضیة کلام من نص علی عدم نفوذ وصیة المجنون و السکران و ترک ذکر السفیه مضافا إلی ما سمعت فتصح دعوی الشهرة من (جامع المقاصد) فتأمّل لأن لک أن تقول إن کل من منع من قبول وصیة الجارح نفسه للسفه یلزمه أن یقول بعدم صحة وصیة السفیه مطلقا و حینئذ فلا تغفل عن مفهوم قول المصنف و لو قیل بالقبول مع تیقن رشده بعد الجرح
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 392
و المفلس (1) و لو أوصی العبد لم یصح فإن عتق و ملک ففی النفوذ إشکال (2)
______________________________
کان وجها إذ مفهومه ینافی جزمه هنا بصحة وصیة المبذر و لا ترجیح فی (التذکرة) و (الدروس) و (الحواشی) و (الکفایة) و کیف کان فالأقوی المنع مطلقا إلا أن یکون إجماع علی خلافه و الظاهر عدمه لقلة الناص علیه کما عرفت
(قوله) (و المفلس)
قد تقدم فی باب الحجر من الکتاب صحة وصیته و تدبیره و حکیناها فیهما عن المصنف فی (التذکرة) و الشهیدین و المحقق الثانی و به صرح هنا فی (الدروس) و ظاهر (التنقیح) هنا الإجماع علیه لأنهما إنما یکونان بعد الدین فلا ینافیانه و عبارته معتبرة فیما لا یکون مصارفا للمال وقت الحجر من التصرفات نعم إن تضمنت وصیته التصرف فی عین من الأموال التی تعلقت بها حقوق الغرماء فإنها غیر نافذة و لو رضوا بالتنفیذ ففی جوازه إشکال من تجویز ظهور غریم آخر
(قوله) (و لو أوصی العبد لم یصح فإن عتق و ملک ففی النفوذ إشکال)
و نحوه فی عدم الترجیح (الدروس) و (الحواشی) و (الکفایة) و فی (الإیضاح) أن الأصح عدم النفوذ و فی (التذکرة) أنه أقوی الاحتمالین و فی (جامع المقاصد) أنه لا بأس بالقول بالنفوذ (وجه العدم) أن العبد مسلوب الأهلیة لأنها تصرف مالیّ فلا بد من الملک و أهلیة و أن من شرط صحة الوصیة کونه بحیث متی مات لم یکن ثم مانع من نفوذها و الشرط هنا منتف فإنه لو مات قبل العتق لم ینفذ قطعا و إن وصیته فی حکم المعلقة علی شرط لأن الحکم بالصحة إنما هو علی تقدیر العتق و التعلیق مناف للصحة (و وجه الصحة) أن الوصیة تصرف بعد الموت و الواقع الآن إنما هو العبارة لأن الفرض بلوغه و عقله و رشده فقد تحقق صحة التصرف قبل الموت فوجب القول بالصحة لقول الباقر (ع) فیما رواه فی الفقیه فی الصحیح علی الصحیح فی محمد بن قیس لمکان یوسف بن عقیل و أنه فی قضایا أمیر المؤمنین (ع) قال قضی أمیر المؤمنین علیه السلام فی مکاتب قضی بعض ما کوتب علیه أن یجاز من وصیته بحساب ما أعتق منه و قضی فی مکاتب قضی نصف ما علیه فأوصی بوصیة فأجاز نصف الوصیة و قضی فی مکاتب قضی ثلث ما علیه فأوصی بوصیة فأجاز ثلث الوصیة حیث أجاز نصف الوصیة و ثلثها و لم یستفصل عن موته قبل العتق و عدمه و ترک الاستفصال دلیل العموم (إلا أن تقول) لا حکایة هنا و إنما المروی قضاؤه (ع) و لا عموم له و قد استدل به فی (جامع المقاصد) علی صحة الوصیة کما سمعت و الأصح أن تقول و لم یستفصل عن عتقه قبل الوصیة أو بعدها کما هو ظاهر و المراد بعتقه أداء بعض ما علیه لأنه مکاتب مطلقا و الاستدلال أنما هو بصدر الخبر و ما عداه فلا وجه لما فی (جامع المقاصد) أصلا (و استدل) به فی (الإیضاح) علی عدم الصحة فقال إذا لم تصح وصیة المکاتب فلا تصح وصیة العبد و لم یشترط أمیر المؤمنین (ع) أن یموت قبل عتقه بل قضی مطلقا و ترک الاستفصال یدل علی العموم و من الوجهین یعرف منشأ الإشکال (و لا یخفی) علیک أنه لا یتم لصاحب الإیضاح الاستدلال بصدر الخبر و لا عجزه کما أنه لا یخفی علیک ما ذکروه فی توجیه عدم الصحة من سلب أهلیة العبد لأنه إن أرید به بالنسبة إلی العبارة ممنوع و إن أرید به بالنسبة إلی التصرف لم یضر لأنا نحاول بصحة الوصیة نفوذها بعد الموت علی تقدیر العتق و نمنع اشتراط صحة الوصیة بکونه متی مات یجب النفوذ و التعلیق غیر قادح کما لو قال إن مت فی سفری هذا و هذا الشرط معتبر بحسب الواقع فلا یعد اعتباره تعلیقا کما هو رأی جماعة هذا (و لا ریب) أن وصیة العبد إذا مات علی العبودیة کانت لاغیة لأنه لا یقدر علی شی‌ء و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 393
و تنفذ وصیة الکافر إلا بخمر أو خنزیر لمسلم (1) و فی الذمی إشکال (2) أو عمارة کنیسة (3) و لو أوصی بعمارة قبور أنبیائهم جاز (4) و تنفذ وصیة الأخرس بالإشارة المعقولة (5) و لو عقل لسان الناطق فعرضت علیه وصیته فأشار بها و فهمت إشارته صحت وصیته (6)
______________________________
لا مال له بل و لو قلنا إنه یملک لأنه محجور علیه و قال مولانا الباقر (ع) فی صحیحة محمد بن قیس لمکان عاصم بن حمید فی المملوک ما دام عبدا فإنه و ماله لأهله لا یجوز له تحریر و لا کثیر عطاء و لا وصیة إلا أن یشاء سیده و قال أحدهما (ع) فی قویة عبد الرحمن بن الحجاج لا وصیة لمملوک
(قوله) (و تنفذ وصیة الکافر إلا بخمر أو خنزیر لمسلم)
أما نفوذ وصیته بالسائغ فلاستجماعه شروط الوصیة من البلوغ و العقل و الحریة و نفوذ التصرفات و إن هی إلا کالهبة و به صرح فی (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و أما عدم نفوذها بالخمر و الخنزیر للمسلم فظاهر لأنه لا یملک ذلک
(قوله) (و فی الذمی إشکال)
کما فی (التذکرة) و کذا (الحواشی) و قد جزم بالصحة فی (الدروس) و فی (جامع المقاصد) أنه الأصح و فی (الإیضاح) أن الأصح البطلان و قد قرب المصنف فی باب الوقف من الکتاب صحة وقف الکافر الخمر و الخنزیر علی مثله و جزم به فی (الدروس) و (جامع المقاصد) و استشکل هنا المصنف فی وصیته بهما مع أن الوقف آکد من الوصیة لأنه یشترط فیه کونه قربة کما نبهنا علی ذلک هناک و استقربناه و قد اختیر فی (الدروس) و (جامع المقاصد) الصحة فی البابین کما أنه اختار فی (الإیضاح) البطلان فی البابین فلا اختلاف فی کلامهم و من الغریب أنه قال فی (الإیضاح) إن المسألة مبنی علی أن الکافر مخاطب بفروع العبادات إذ فیه أنا نقول بأنه مخاطب بها و أن تصرفاته الجاریة علی الخمر و الخنزیر ماضیة و نمنع من غصبها و إتلافها و توجب علی المسلم ردها و ضمان القیمة عندهم
(قوله) (أو عمارة کنیسة)
کما فی (جامع المقاصد) و کذا (الدروس) أی تنفذ وصیة الکافر إلا فی عمارة کنیسة لأن ذلک ممنوع منه شرعا و قیدها فی (التذکرة) بکونها مبتکرة و قال و أما إذا أوصی بتجدیدها ففیه إشکال و قال فی (الدروس) لو أوصی بعمارة هیکل و کان فی أرض یصح فیها ذلک جاز و لعل مراده أنا لا نتعرض لهم إذا أرادوا تنفیذها و لم یتحاکموا إلینا و لیس مراده تنفیذ مالها کما هو الفرض من صحتها و إلا فهی معصیة فی نفسها إذ هی موضع النیل من رسول اللّٰه (ص) و بیت عبادتهم الفاسدة
(قوله) (و لو أوصی بعمارة قبور أنبیائهم جاز)
کما فی (التذکرة) و (الدروس) و (جامع المقاصد) لأن فی ذلک تعظیم شعائر اللّٰه سبحانه و تعالی و إحیاء زیارتها و التبرک بها و هو مندوب للمسلم فلا مانع من جوازه للکافر
(قوله) (و تنفذ وصیة الأخرس بالإشارة المعقولة)
کما فی (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و ظاهر (التذکرة) أنه محل وفاق لأنه أخذه مسلما و هو کذلک و قد نبه علیه کل من قال بکفایة الإشارة عند العجز عن النطق و قد سمعت الإجماعات علی ذلک و نفی الخلاف فیه
(قوله) (و لو عقل لسان الناطق فعرضت علیه وصیة فأشار بها و فهمت إشارته صحت وصیته)
کما فی (التحریر) و (جامع المقاصد) و قد تقدم الکلام فیه عند قوله و لو عجز عن النطق کفت
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 394
و لو أوصی الفقیر ثم استغنی صحت وصیته (1) و لو قال العبد متی عتقت ثم مت فثلثی لفلان فالأقرب الجواز (2) و کل من علیه حق من مال أو غیره وجب علیه أن یوصی به إذا ظن الموت (3)

[المطلب الثالث فی الموصی له]

اشارة

المطلب الثالث فی الموصی له و یشترط فیه أمران الوجود و صحة التملک (4) فلو أوصی لمعدوم لم یصح (5) و کذا للمیت (6)
______________________________
الإشارة الدالة علی المراد مسبغا مشبعا و ذکرنا الأخبار الواردة فی ذلک کخبر أمامة و غیرها
(قوله) (و لو أوصی الفقیر ثم استغنی صحت وصیته)
کما فی (جامع المقاصد) و کأنه ضروری و لذلک ترکه غیره لأنه له أهلیة التملک و هی قائمة مقام الملک فی صحة الوصیة
(قوله) (و لو قال العبد متی عتقت ثم مت فثلثی لفلان فالأقرب الجواز)
فی (جامع المقاصد) أن الجواز قریب و فی (الدروس) أنه أولی بالجواز مما إذا أوصی و عتق و ملک و فی (الإیضاح) أن الأصح البطلان وجه الجواز أنه تصرف وارد علی حال الحریة فیصح لعموم وجوب العمل بالوصیة و لا مانع منه إلا کونه عبدا لا أهلیة له حین الوصیة للملک فیسلب أهلیة التصرفات المتفرعة علیه فکان کما لو أوصی الصبی علی تقدیر بلوغه و موته مضافا إلی ما فیه من التعلیق و قد تقدم أن العبد صحیح العبارة لیس کالصبی إذ المفروض بلوغه و رشده فقد تحقق صحة شرط التصرف قبل الموت و أن التعلیق غیر قادح و قد سمعت الحال فیما روی عن مولانا الباقر (ع)
(قوله) (و کل من علیه حق من مال أو غیره وجب علیه أن یوصی به إذا ظن الموت)
بلا خلاف کما فی (جامع المقاصد) و قد تقدم الکلام فی المسألة مسبغا فی أول الباب
(قوله) (المطلب الثالث فی الموصی له و یشترط فیه أمران الوجود و صحة التملک)
قدة ذکر الأمران معا کما فی الکتاب فی (اللمعة) و (الروضة) و بالأول قد طفحت عباراتهم و ستسمع علی ما یتفرع علیه إجماعاتهم و الثانی قضیة کلام الأکثر کما ستسمع من عدم صحة الوصیة لمملوک الأجنبی و نحوه و ظاهر عبارات المعظم عدم اشتراط التعیین حیث یتعرضون لشروط الموصی له و أحکامه و لم یذکروا اشتراط تعینه و لا عدمه و العبارات متفاوتة فی شدة الظهور و عدمها و یأتی للمصنف فی أواخر هذا المطلب فی الفرع العاشر أن فی اشتراط التعیین إشکالا (و نحوه) فی عدم الترجیح (التحریر) و (الإیضاح) و (التذکرة) فی موضع منها و قرب فی موضع آخر منها اشتراطه و فی (الحواشی) و (جامع المقاصد) ترجیح عدم الاشتراط و قد یقال إن کل من اشترط صحة التملک قال باشتراط التعیین لأنه یمتنع وقوع التملیک للمجهول إلا أن تقول إن من اشترطه لم یرد ذلک و إنما أراد عدم صحة الوصیة لمملوک الأجنبی و نحوه کما أفصحت به عباراتهم و تمام الکلام فی الفرع العاشر (قوله) (فلو أوصی لمعدوم لم یصح)
إجماعا کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و ظاهر (الکفایة) و به صرح فی (النهایة) و (المبسوط) و (المهذب) و أکثر ما تأخر عنها لأن من شرط صحة الوصیة لمعین أن یکون له أهلیة التملک لامتناع تحقق الملک و المقصود بالوصیة من دونها و المعدوم و المیّت لیسا أهلا للتملک
(قوله) (و کذا للمیت)
إجماعا کما فی ظاهر (التذکرة) و (نهج الحق) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) إذ لم یحک فیها کلها الخلاف فی ذلک إلا عن مالک مع العلم بموته فإنه حکم بصحة الوصیة و بکون الموصی به ترکة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 395
سواء علم بموته أو ظن حیاته فبان میتا (1) أو لما تحمله المرأة (2) أو لمن یوجد من أولاد فلان (3) و تصح للحمل الموجود بأن تأتی به لأقل من ستة أشهر (4)
______________________________
(قوله) (سواء علم بموته أو ظن حیاته فبان میتا)
کما فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و نص فی (النافع) و (الإرشاد) و (الروض) علی عدم صحة الوصیة لمیت ظن حیاته
(قوله) (أو لما تحمله المرأة)
کما فی (المهذب) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) و ظاهر الأخیرین الإجماع علیه و المخالف بعض الشافعیة فصححها له کما صحت به
(قوله) (أو لمن یوجد من أولاد فلان)
کما صرح به فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (المفاتیح) و (المسالک) و (الکفایة) و ظاهر الأخیرین الإجماع علیه قال فی (المسالک) أطلق الأصحاب و غیرهم المنع من الوصیة لمن یوجد من أولاد فلان و لو بالتبعیة و قال فی (جامع المقاصد) اعلم أنه قد سبق فی الوقف جوازه علی المعدوم إن کان تابعا کما لو وقف علی أولاد فلان و من سیولد له فأی مانع من صحة الوصیة کذلک فإذا أوصی بثمرة بستانه مثلا خمسین عاما لأولاد فلان و من سیولد له فلا مانع من الصحة بل جواز ذلک فی الوقف یقتضی التجویز بطریق أولی لأنه أضیق مجالا من الوصیة انتهی و قد ذکر ذلک فی (التذکرة) و لعل سعة مجالها لأن دائرة أحکامها أوسع لأنها لا یشترط فیها القربة قولا واحدا و یجوز الرجوع فیها إلی غیر ذلک و نظر الأصحاب فی الفرق أتقن و أدق لأن الغرض فی الوقف تملیک العین علی وجه الحبس و إطلاق الثمرة و فی الوصیة إطلاق الأصل إن أوصی به و تتبعه الثمرة و إطلاق الثمرة إن أوصی بها ففائدة الوقف متحققة فی الموجود و المعدوم لأنه یملکه الموجود ثم ینتقل منه عن الواقف إلی المعدوم و لا کذلک الوصیة لأنه إذا أوصی بالعین للموجود ثم للمعدوم فقضیة ملک الموجود لها أن یتصرف فیها کیف شاء و أن ینقلها عن ملکه إذ لا تحبیس فیها و ذلک ینافی الوصیة بها للمعدوم بعده فالفرق فی الوصیة بالأصل واضح و لذلک لم یتعرض له فی الاعتراض فی (جامع المقاصد) و (إنما یدق) فی الوصیة بالثمرة کما إذا أوصی بثمرة بستانه مثلا لزید و أولاده من بعده خمسین عاما کما مثل به فی (جامع المقاصد) فظن مشتبها أنه لا فرق فی ذلک بین الوصیة و الوقف (و فیه) أن الفرق هنا أیضا ظاهر لأن الملک فی الوقف یکون للموجود فی الأصل ابتداء ثم ینتقل منه عن الواقف للمعدوم فکان تابعا له لجامع بینهما و هو ملک الأصل و لا کذلک الوصیة إذ الجامع بین الموجود و المعدوم فیها معدوم فلا تبعیة لأن کل واحد من الموصی له الأول و أولاده موصی له علی سبیل الاستقلال لا التبعیة لأن الثمرة التی ملکها بالوصیة غیر الثمرة التی ملکها الثانی فی زمانه و لا ملک للأصل لیکون جامعا بینهما و حینئذ فلو صحت الوصیة تکون قد ملکنا المعدوم الذی لا یقبل الملک تلک الثمرة علی سبیل الاستقلال من دون تبعیة و ذلک باطل قطعا ممتنع شرعا (و هذا) هو المراد مما أجاب به فی (التذکرة) عن ذلک حیث قال الوصیة أجریت مجری المیراث و لا یحصل المیراث إلا لموجود فکذا الوصیة و الوقف یراد الدوام فمن ضروریاته إثباته للمعدوم
(قوله) (و تصح للحمل الموجود بأن تأتی به لأقل من ستة أشهر)
أما صحته للحمل فلا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 396
أو لأکثر مدة الحمل مع خلوها من زوج و مولی (1)
______________________________
نعلم فیه خلافا کما فی (التذکرة) و فی (التحریر) الإجماع علیه و فی (جامع المقاصد) أنه إذا کان موجودا و انفصل حیا صحت له الوصیة إجماعا و قد قید المصنف الحمل بکونه موجودا کما فی (جامع الشرائع) و (الشرائع) و (الروض) لکنها خالفت الکتاب حیث لم یفسر الوجود فیها بأن تأتی به لأقل من ستة أشهر کالکتاب و ترک التقیید بذلک کله فی (النافع) و (التبصرة) و (الإرشاد) فاقتصر فیها علی أن الوصیة تصح للحمل و ظاهر الکتب الستة أنه لا یشترط فیه أن تأتی به لأقل من ستة أشهر من حین الوصیة نظرا إلی غالب الأحوال و العادة المستمرة من الوضع لأقصی الحمل و هو التسعة إذ النادر و هو الستة لا حکم له شرعا و مرجعه إلی تقدیم الظاهر علی الأصل و فی (إیضاح النافع) أنه حسن فتصح الوصیة له عندهم فیما إذا أتت به لأکثر الحمل و إن کان لها زوج أو مولی و بالأولی ما إذا أتت به بین الغایتین و قد اشترط فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (التلخیص) و (الدروس) و (اللمعة) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) بأن تأتی به لأقل من ستة أشهر من حین الوصیة (کالکتاب) و فی (إیضاح النافع) أنه أشهر و الضابط عندهم القطع بوجوده حال الوصیة فاعتبروا الأقل من الستة أشهر لأنه حال الوصیة لا یمکن حدوثه فلا بد من فرض تقدمه فی وقت یمکن فیه الوطء بحیث یمکن فیه تخلق الولد فلو ولدته لستة فصاعدا و لها زوج أو مولی فلیس وجوده بمعلوم حین الوصیة لإمکان تجدده فالأصل عدمه
(قوله) (أو لأکثر من مدة الحمل مع خلوها من زوج أو مولی)
کما فی (الدروس) و (اللمعة) و (الروضة) و هو المفهوم من عبارة (المبسوط) إذ بذلک یعلم کونه موجودا حالة الوصیة و احتمال الزنا و الشبهة یندفع بأصل عدم إقدام المسلم علی الزنا و ندور الشبهة و یشکل الأول لو کانت کافرة حیث تصح الوصیة لحملها کذا قال فی (الروضة) و فیه نظر ظاهر (و قضیة کلام) هؤلاء أنه إذا وجد الزوج أو المولی حینئذ لم تصح الوصیة و ذلک لعدم العلم بوجوده عندها مع أن الأصل عدمه لإمکان تجدده بعدها و قضیة کلامه فی الإقرار حیث قال و لو ولد لأکثر من مدة الحمل بطل أنه یبطل مطلقا سواء خلت عن فراش أم لا و فی (جامع المقاصد) أنه إذا تخلل بین الوصیة و الوضع أکثر مدة الحمل مع خلوها عن الزوج و المولی حکم بعدم وجوده حین الوصیة قطعا فالأولی أن یقول المصنف لدون أکثر مدة الحمل (قلت) لکن یجب القطع حینئذ بأنه لزنی أو شبهة (ثم) إنه کیف یحصل له القطع الذی هو بمعنی الإجماع مع ما سمعته من الشیخ و المصنف و الشهید فی کتابیه و ما عرفت مما هو ظاهر الکتب الستة و (التذکرة) فی بعض المواضع و التأویل ممکن فتأمّل جیدا و فی (التحریر) أنها إن أتت به لعشرة من حین الوصیة لم تصح و هو ممن یذهب إلی أن العشرة أقصی مدة الحمل فیوافق بإطلاقه (جامع المقاصد) حیث قال یشمل ما إذا خلت عن بعل و مولی أو لم تخل و قد اختلف فی ذلک مفهوم کلام (التذکرة) فیفهم تارة منها موافقة الکتاب و تارة یفهم منها موافقة (جامع المقاصد) و إطلاق (التحریر) و قد سمعت ما فی الکتب الستة أعنی (جامع الشرائع) و ما ذکر معه و (النافع) و ما ذکر معه من تقدیم الظاهر علی الأصل و قد صرح هنا أی باب الوصیة بأن أقصی مدة الحمل عشرة فی (الشرائع) و (التلخیص) و (التحریر) کما عرفت و ستة فی (التذکرة) و (الدروس) و تسعة فی کلام جماعة و هو الحق و ینبغی مراجعة ما کتبناه فی بیان المراد بالأکثر فی باب الإقرار فإنه یترتب علیه أمور
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 397
و لو کان بینهما و هی ذات زوج أو مولی لم یصح لعدم العلم بوجوده حین الوصیة (1) و تستقر بانفصاله حیا (2)
______________________________
کثیرة ذکرناها هناک
(قوله) (و لو کان بینهما و هی ذات زوج أو مولی لم یصح لعدم العلم بوجوده حین الوصیة)
کما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (التلخیص) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و هو المفهوم من کلام (اللمعة) و قد استشکل المصنف فی مثل ذلک فی باب الإقرار کما تقدم بیانه و قضیة مفهوم کلامهم کما هو صریح (التذکرة) و (التحریر) و (التلخیص) و (التنقیح) أنها لو خلت منهما صحت الوصیة لندور الشبهة و أصل عدم إقدامها علی الزنا و قد سمعت ما فی الکتب الستة من تقدیم الظاهر علی الأصل و أنها إذا أتت به بین الغایتین و إن کانت ذات بعل أو مولی و المراد بالظهور الظهور المستند إلی الغلبة و هو مسلم علی الأصح فی أن الأقصی تسعة و أما علی القول بأنه ستة أو عشرة فممنوع لندرة الولادة إلی المدتین سیما الأولی و فی (الریاض) و غیره أنه ربما قیل علی تقدیر وجود الفراش باستحقاقه مع تولده بین الغایتین مع أن القائل به المحقق فی ظاهر کتابیه کما عرفت و قد نسبه إلیه أیضا (صاحب التنقیح) و صاحب (إیضاح النافع) و قد أسبغنا الکلام فی هذه المسائل فی باب الإقرار
(قوله) (و تستقر بانفصاله حیا)
کما عبر بذلک فی (الشرائع) و (التلخیص) و (المسالک) و ظاهرها أن الوصیة تصح قبل انفصاله غیر مستقرة و تستقر بانفصاله حیا فیثبت ملکه علی هذا من حین موت الموصی فیتبعه النماء و فی (الکافی) و (الجامع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الدروس) و (الروضة) تصح للحمل إن ولد حیا بشرط انفصاله حیا و ظاهرها أنه إنما یملک بعد انفصاله لا من حین الموت (و قد سمعت) إجماع (جامع المقاصد) علی صحة الوصیة له إذا کان موجودا و انفصل حیا و فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) أنه لا فرق فی ذلک کله بین أن تکون قد حلته الحیاة فی بطن أمه حین الوصیة أم لا لأن الحیاة المشترطة هنا ما وجدت بعد انفصاله و لا فرق بین أن تقع جنایة جان أم لا هذا و فی (السرائر) یشترط قبول ولیه بعد انفصاله حیا و قد استحسنه فی (إیضاح النافع) قال یمکن کفایة قبول الحاکم و إلزام الولی بالقبول و إلا انتظر کمال الصبی و فی (المختلف) یمکن عدم اشتراطه لوجوب ذلک علی الولی مع المصلحة فإن امتنع سقطت ولایته و صارت الولایة للشارع و قد حصل بالإیجاب أی یحصل القبول من الشارع (و قال) فی (الدروس) بعد حکایته فی هذه المقدمات منع ظاهر (قلت) المقدمات ثلاث الأولی وجوب القبول علی الولی و وجه المنع أصالة عدم وجوب الاکتساب علیه و الثانیة أنه إذا لم یقبل سقطت ولایته و وجه المنع أن الحاکم یجبره علیه لأن کل من أخل بواجب أجبر علی فعله و الثالثة کون إیجاب المالک قبولا و وجه المنع أنه لا دلیل علیه و فی المنع منع ظاهر فیجاب عن الأول أن التکسب بمال الطفل عنده واجب کما صرح به فی مواضع من کتبه و هذا منها لتصریحهم بأنه إذا أوصی له فقد تعلق حقه بها فتأمّل سلمنا لکنه یجب بقدر الحاجة و عن الثانی بأن ذلک موجب لفسقه المسقط لولایته و عن الثالث بأنه لم یصرح بکونه قبولا فلعل غرضه أن یکون حینئذ کالوصیة للجهة العامة فتأمّل جیدا لأنه قد لا یفهم من العبارة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 398
و لو وضعته میتا بطلت (1) و لو مات بعد انفصاله حیا صحت و کانت لورثته (2) و یسقط اعتبار القبول هنا علی إشکال (3) و لو رد الولی للمصلحة فالأقرب بطلان الوصیة إن رد بعد الموت (4) و کذا لو رد بعد بلوغه (5) و هل النماء المتجدد بین الوفاة و الرد تابع أو للموصی له إشکال (6)
______________________________
(قوله) (و لو وضعته میتا بطلت)
کما فی (الکافی) و ما ذکر بعده آنفا و (الشرائع) و ما ذکر بعدها و قد سمعت إجماع (جامع المقاصد) و غیره
(قوله) (و لو مات بعد انفصاله حیا صحت و کانت لورثته)
کما فی (الکافی) و (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (الروض) لإطلاق الأصحاب صحة الوصیة و أنه إذا مات کانت لوارثه کما ستسمعه فی (الإیضاح) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) و قد سمعت فیما تقدم أنه لو مات قبل القبول قام وارثه مقامه و الأخبار الدالة علیه
(قوله) (و یسقط اعتبار القبول هنا علی إشکال)
و نحوه ما فی (التنقیح) من عدم الترجیح و فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) أن الأصح أنه لا بد منه و فی (الروضة) و (الریاض) أن اعتباره قوی لإطباق الأصحاب علی اعتبار قبول الوارث لو مات الموصی له قبل القبول و هو متناول لمحل النزاع و لأن الوصیة لزید مثلا لا تقضی بأنه ملک حقیقة و إنما تقتضی بأنه ملک أن یملک و من المعلوم أن الموصی لیس له ولایة علی الموصی له فلیس له تملیکه بغیر اختیاره و لأن اعتبار القبول ثابت فیما عدا الوصیة للجهات العامة و لم یدل دلیل علی السقوط هنا لیقید به إطلاق الأصحاب و وجه عدم اعتباره إطلاق الأصحاب کما فی (الإیضاح) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) کما سمعت آنفا بأن الوصیة للحمل إذا مات بعد الانفصال تکون لوارثه ثم إن القبول هنا متعذر فجری مجری الوصیة للجهات العامة فی عدم اشتراط القبول و هو خیرة (الحواشی) و الأصح الأول
(قوله) (و لو رد الولی للمصلحة فالأقرب بطلان الوصیة إن رد بعد الموت)
کما هو خیرة (الإیضاح) و (جامع المقاصد) لأنه قائم مقام الصبی فی جمیع التصرفات و یحکم بنفوذ ما وقع علی وفق الغبطة منها فیجب الحکم بالنفوذ فی محل النزاع و لأنه یجوز له إزالة ملکه الحقیقی اللازم کما تقدم فبالأولی أن یکون له إزالة الملک الغیر المستقر أو ما ملک أن یملک و وجه غیر الأقرب أنه إزالة حق لغیر عوض أصلا فکان کالتبرع الممنوع منه أو کالإتلاف و لیس بشی‌ء لأن الولی قائم مقامه ففعله مع المصلحة کما هو المفروض بمنزلة قوله و لیست کالإرث قولا واحدا و الانتظار به بعد البلوغ مما لا یصغی إلیه و لو رد قبل الموت فلا اعتبار به کما لا اعتبار برد الموصی له حینئذ
(قوله) (و کذا لو رد بعد بلوغه)
أی و کذا تبطل الوصیة لو رد المولی علیه و ظاهر (جامع المقاصد) الإجماع علیه حیث قال قطعا لأن رده و قبوله حینئذ یقع معتبرا إن لم یسبق قبول الولی عنه لو رده للمصلحة
(قوله) (و هل النماء المتجدد بین الوفاة و الرد تابع أو للموصی له إشکال)
یرید أنه لو أوصی للحمل و انفصل حیا و لم یقبل عنه الولی لعارض أو لم یکن له ولی فبلغ الصبی و رد فهل النماء الحاصل من الموصی به المتجدد فی المدة المتخللة بین الوفاة و الرد لوارث الموصی أو للموصی له إشکال لأنا إن قلنا إن القبول کاشف کان النماء للوارث مع الرد و کذا إن قلنا إنه سبب سواء قلنا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 399
و لا تصح لمملوک الأجنبی و لا لمدبره و لا لأم ولده (1) و لا لمکاتبه المشروط علی إشکال (2)
______________________________
إن المال الموصی به حینئذ للوارث أو علی حکم مال المیّت و إن قلنا إنه یملک بموت الموصی ملکا متزلزلا ینفسخ بالرد و یستقر بالقبول فالنماء للموصی له فالإشکال من تقابل أدلة هذه الأقوال (و قد سبق) للمصنف فی الکتاب أن القبول کاشف فیجب أن تکون النماء مع الرد للوارث فلا معنی للإشکال إلا أن تقول إنه رجع عن الجزم إلی التردد ثم عد إلی العبارة و لا یخفی ما فیها حیث إن قضیة المقابلة أن الموصی به حیث یکون للموصی له لا یکون تابعا لحال العین الموصی بها مع أنا إذا حکمنا بأن النماء للموصی له فإنما هو باعتبار تبعیة العین و دخولها فی ملک الموصی له بالموت من دون اعتبار القبول إلا أن تقول إن المراد أنه تابع للعین فی الرد و حیث یکون للموصی له لا یکون تابعا للعین فی الرد فندفع الحزازة عن العبارة
(قوله) (و لا تصح لمملوک الأجنبی و لا لمدبره و لا لأم ولده)
إجماعا فی الجمیع فی ظاهر (المبسوط) و (التذکرة) فی موضعین منها و (جامع المقاصد) و فی (التنقیح) أنه لا یعرف خلافا فی عدم صحتها لأم الولد و قد حکی الإجماع صریحا علی عدم صحتها لمملوک الغیر فی (شرح الإرشاد) لولد المصنف و (المهذب البارع) و (التنقیح) و به صرح فی (النهایة) و سائر ما تأخر عنها مما تعرض فیه لحال الوصیة لعبد الغیر کما ستعرف و هو بإطلاقه یتناول المدبر و أم الولد و المکاتب المشروط بل و المطلق الذی لم یؤد شیئا کما ستسمع لأن العبد لا یملک و إن ملکه سیده فمع تملیک الغیر أولی و إن أجازه مولاه و فی (الخبر) عن أحدهما (ع) لا وصیة لمملوک و ضعف سنده و دلالته لأن کان محتملا لإضافته إلی الفاعل أو المفعول منجبر بما عرفت لکن سیأتی لهم أنه تصح الوصیة للدابة إذا قصد الصرف لعلفها و قد احتمل فی (التحریر) هل ذلک فی العبد کما یأتی إن شاء اللّٰه و من لحظ (الریاض) عرف أن حکایته الإجماعات لم تصادف محلها و الصحیح ما حکیناه و ما سنحکیه
(قوله) (و لا لمکاتبة المشروط علی إشکال)
و مثله فی عدم الترجیح (الإیضاح) و (المفاتیح) و قد صرح بعدم صحة الوصیة لمکاتب الغیر المشروط فی (النهایة) و (المبسوط) و (المهذب) و (الوسیلة) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (المختلف) و (الروض) و (الکفایة) و (الکتاب) و غیره فی باب الکتابة و هو قضیة کلام (النافع) و (التبصرة) و (اللمعة) بل و (المراسم) کما ستسمع و قد نسبه فی (التذکرة) إلی علمائنا مؤذنا بدعوی الإجماع علیه و فی (المختلف) أنه المشهور و فی (إیضاح النافع) حکایة الشهرة علی ما فی (النافع) و قد سمعت ما یفهم منه و قال فی (المختلف) منع الشیخ فی (المبسوط) الوصیة للمدبر و المکاتب و الذی تحرر بعضه و ابن حمزة و ابن إدریس وافقا الشیخ و لیس کما ذکر فیمن تحرر بعضه کما ستسمع و قد یکون کلام الجماعة فی الوصایة إلیه لأن کان فی الحکایة شواهد علیه و إن کان فی کلامهم ما یشهد للأول فلیلحظ و لیتأمّل الإجماع الظاهر من (التذکرة) إذ هو حجة عند القائل بحجیة کل ظن للمجتهد و الإجماعات السالفة علی عدم صحة الوصیة لمملوک الغیر و الإجماعات الدالة بإطلاقها علی عدم مالکیته مطلقا (و لما) رواه المشایخ الثلاثة فی الصحیح علی الصحیح فی إبراهیم بن هاشم و محمد بن قیس الراوی لقضایا أمیر المؤمنین (ع) و خصوصا إذا روی عنه عاصم بن حمید إذ هما قرینتان و الثانی علی أنه البجلی الثقة کل منهم بإسناده
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 400
و غیر المؤدی و إن أجاز مولاه و لو أعتق عند الاستحقاق (1)
______________________________
عن عاصم بن حمید عن محمد بن قیس عن أبی جعفر (ع) قال قضی أمیر المؤمنین (ع) فی مکاتب کانت تحته امرأة حرة فأوصت له عند موتها بوصیة فقال أهل المیراث لا تجوز وصیتها لأنه مکاتب لم یعتق فقضی أنه یرث بحساب ما أعتق منه و یجوز له من الوصیة بحساب ما أعتق منه قال و قضی (ع) فی مکاتب أوصی له بوصیة و قد قضی نصف ما علیه فأجاز له نصف الوصیة و قضی علیه السلام فی مکاتب قضی ربع ما علیه فأجاز له ربع الوصیة و قال فی رجل أوصی لمکاتبه و قد قضت سدس ما کان علیها فأجاز لها بحساب ما أعتق منها و وجه الدلالة ظاهر و قد أقرهم (ع) (أی ظاهر) الورثة علی ما قالوه من عدم صحة الوصیة للمکاتب (و لا تصغ) إلی ما فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) من الطعن فی السند و علی تقدیر التسلیم فهو منجبر بما عرفت و أما (القول) بأنه قضیة فی عین ففیه أنه و إن لم یتقدمه سؤال لکنه لیس مخالفا للقواعد إذ لا قاعدة فی المشروط لأن أحکامه مختلفة فهو تارة فی حکم الحر و أخری فی حکم الرق و لذلک لا یرث قولا واحدا و (المخالف) الشهید فی (الدروس) فی باب المکاتب و (الحواشی) هنا و صاحب (إیضاح النافع) و فی (المسالک) و (الروضة) أنه أقوی و فی (التنقیح) أنه قوی و فی (جامع المقاصد) أنه لا یخلو من قوة لانقطاع سلطان المولی عنه و من ثم جاز اکتسابه و قبول الوصیة نوع اکتساب (و هو) اجتهاد فی مقابلة النص مع موافقة العامة عامة مضافا إلی ما عرفت (و قد) حکی المصنف فی (المختلف) و المقداد عن المفید و سلار أنهما جوزا الوصیة للمدبر و المکاتب و الموجود فیما عندنا من نسخ (المقنعة) و (المراسم) أنه إذا أوصی لعبد له کاتبه جاز مما أوصی له بحساب ما أعتق منه و رجع الباقی إلی مال الوارث ثم قال فی (المراسم) و أما غیر عبیده فتجوز الوصیة لهم بالمبلغ المرسوم (و الظاهر) أن مراده أنه یجوز له بحساب ما عتق بقرینة ما سبق له من قوله بحساب ما عتق لأنه هو الذی رسم له و إلا فما کان لیخالف إجماع الإمامیة علی عدم صحة الوصیة لعبد الغیر فالظاهر منه موافقة المعظم و لیس فی الکتابین للمدبر ذکر (و أغرب) من ذلک أنه نقل فی (الریاض) عن (التنقیح) أنه حکی عن المفید و سلار جواز الوصیة للمدبر و المکاتب کما عرفت ثم قال و لم أقف علی من نقل الخلاف عنهما (و کأنه) لم یلحظ (المختلف) فی هذا المقام لأنه ذکرها فی موضعین منه و فی (المبسوط) أیضا أنه إذا أوصی لعبد نفسه أو لعبد ورثته أو لمکاتبه أو لمکاتب ورثته کانت الوصیة صحیحة لأن الوصیة للوارث عندنا تصح و لو أوصی لعبد الأجنبی لم تصح لما ورد من الخبر فی ذلک (و حکی) فی (المختلف) موافقة القاضی له و لم نجد ذلک فی (المهذب) و فیه أن الوصیة للعبد إن کانت للمولی صحت للأجنبی و الوارث و إن لم تکن له لم تصح لهما فلا وجه للفرق
(قوله) (و غیر المؤدی و إن أجاز مولاه و لو أعتق عند الاستحقاق)
أی لا تصح الوصیة للمکاتب الذی لم یؤد شیئا قال فی (التذکرة) لا تصح الوصیة لمملوک الغیر و لا لمکاتبه المشروط و لا المطلق الذی لم یؤد شیئا به و لا لمدبر الغیر و لا لأم ولد الغیر عند علمائنا خلافا للعامة فإنهم جوزوا الوصیة لعبد الغیر و مکاتبه و مدبره و أم ولده انتهی (و هو مما) یجری فیه الإشکال السابق و الخلاف (و قد صرح) بعدم صحة الوصیة له و إن أجاز مولاه فی أکثر الکتب المتقدمة (کالسرائر) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الروض) و هو قضیة کلام (النهایة) و (المهذب) و (الوسیلة) و (الجامع) و (النافع) و (التلخیص) و (التبصرة) و غیرها مما قیل فیه و لو أدی المطلق البعض صح فیه بنسبة الحریة کما ستسمع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 401
و لا یکون وصیة للمولی (1) و لو أدی المطلق البعض صحت بنسبة الحریة (2) و فی الوصیة للجزء الحر إشکال (3)
______________________________
إن شاء اللّٰه بل هو المستفاد من صحیح محمد بن قیس و قد سمعته فی (جامع المقاصد) أنه أولی بالصحة هنا و الفرض أنه یأتی فیه خلاف الشهیدین و الجماعة بالأولی لأنه أولی بالصحة من المشروط لأن استعداده للحریة أشد و قوله و إن أجاز المولی وصلیة لقوله و لا تصح لمملوک الأجنبی و کذا قوله و إن أعتق عند الاستحقاق و ذلک عند الموت
(قوله) (و لا یکون وصیة للمولی)
أراد به الرد علی العامة قالوا به إذا استمر رقه و قد سمعت ما فی (المبسوط) آنفا
(قوله) (و لو أدی المطلق البعض صحت بنسبة الحریة)
کما صرح به فی (النهایة) و ما ذکرناه آنفا بعدها مع زیادة الإرشاد و (الروض) و (الکفایة) و (المفاتیح) و به طفحت عباراتهم قالوا کما یصح إرثه بنسبتها للصحیح المتقدم الصریح فی ذلک و ظاهر (التذکرة) الإجماع علیه (و قد عرفت) حال ما حکاه المصنف و المقداد عن الشیخ و ابن حمزة و ابن إدریس من أنهم منعوا الوصیة لمن تحرر بعضه و أنه غیر صحیح و لا تغفل عما احتملناه فی کلامهم نعم یأتی هنا أیضا خلاف الشهیدین و الجماعة بالأولویّة أیضا
(قوله) (و فی الوصیة للجزء الحر إشکال)
أصحه کما فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) عدم صحة الوصیة و فی (التذکرة) أن الأقرب عندنا صحة الوصیة لنصفه الحر و بطلانها فی نصفه الرقیق لغیره لأنه لو أوصی له کان الحکم ما ذکرناه و کذا إذا فصل و هو یؤذن بدعوی الإجماع علیه (و لعله) کما طفحت به عباراتهم من قولهم تصح فیه الوصیة بنسبة ما فیه من الحریة و یرث بجزئه الحر و فی الخبر أنه یرث بحساب ما أعتق منه و یجوز له من الوصیة بحساب ما أعتق منه کما سمعت (و أجاب) فی (الإیضاح) بأن الباء فی عبارة الفقهاء للسببیة قال فجعلوا الوارث الشخص و جعلوا سبب إرثه جزأه و لو کان الجزء هو الوارث لقالوا ورث جزؤه الحر و لم یذکر أحد من الفقهاء ذلک قال و قد جعل فی الروایة الوارث هو الشخص و قال إنه لا یتصور حصول الملک لبعض الإنسان دون باقیه ثم قال و التحقیق أن الملکیة من الأعراض النفسانیة (قلت) معناه أن المالک إنما هو النفس بشرط التعلق بالبدن فلا یرد أنه لو کان المالک النفس لما زال الملک بالموت قال و المملوکیة من الأعراض الجسمانیة الساریة المنقسمة بالمحل (قلت) یرید أن المملوکیة تحل فی أجزاء الجسم قال و حصول الأول للنفس الإنسانیة کاملا مشروط بانتفاء الثانیة أی المملوکیة عن البدن أی بدن الإنسان المفارق أی المغایر لتلک النفس إذ الحق تغایرهما فمع عدم هذا الشرط عن کل البدن أی مع عدم انتفاء المملوکیة عن کل البدن أی ثبوتها له کله تعدم الأولی أی المالکیة بالکلیة علی الأقوی و مع ثبوته فی بعضه أی ثبوت الشرط أی المملوکیة فی بعض البدن تثبت الأولی ناقصة أی المالکیة للنفس کلها ناقصة عن ثبوته للنفس الإنسانیة بالنسبة إلی جزء من المضاف إلیه و هو المملوک قلت قوله بالنسبة صلة ناقصة فإن نسبتها إلیه کنسبة الجزء الثابت له الشرط إلی البدن فالمالک فی الحالین هو النفس الإنسانیة لا بعضها فالمتجزئ هو المملوک لا المالک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 402
و تصح بالجزء الشائع لعبد الموصی و مدبره و مکاتبه و أم ولده (1) ثم یعتبر ما وصی به بعد خروجه من الثلث فإن کان بقدر قیمته أعتق و لا شی‌ء له و کان الموصی به للورثة و إن کانت قیمته أقل أعتق و أعطی الفاضل (2) و إن کانت أکثر سعی للورثة فی الباقی و إن بلغت الضعف علی رأی (3)
______________________________
(قوله) (و تصح بالجزء المشاع لعبد الموصی و مدبره و مکاتبه و أم ولده)
لا خلاف فی صحة الوصیة لهؤلاء الأربعة کما فی (التنقیح) و فی ظاهر (المبسوط) فی موضعین منه و صریح (شرح الإرشاد) للفخر و (المهذب البارع) و (غایة المرام) علی ما حکی عنها و (جامع المقاصد) الإجماع علی صحتها لعبد الموصی و قوله فی (المفاتیح) إنه المشهور لم یرد أن فی أصل الحکم خلافا و إنما هو بالنسبة إلی ما فی (التذکرة) و (المختلف) من بطلان الوصیة له بالمعین و ما فی الکتاب من الإشکال و فی (المبسوط) أیضا أن لا خلاف فی صحتها لمدبره و مکاتبه و (فیه) أیضا و فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و (المفاتیح) أن لا خلاف فی صحتها لأم ولده و فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) أیضا الإجماع علیه و ستسمع إجماع (الخلاف) و (الإیضاح) و (جامع المقاصد) فیما إذا بلغت قیمة العبد الضعف و ما إذا لم تبلغ و نفی الخلاف فی (کشف الرموز) و غیره و الإجماعات الظاهرة من (المهذب البارع) و (إیضاح النافع) عند الکلام علی الوصیة له بالجزء المعین إلی غیر ذلک مما یأتی کما ستسمع خبر الحسن بن صالح مضافا إلی النصوص الواردة فی أم الولد و (قد) یستدل علیه فی (الکفایة) بخبرین غیر ظاهرین فی ذلک و ستسمع کلامهم فیما إذا أوصی له بحیث یتناول الجزء المشاع و غیره و قال جمیع الفقهاء إنها لا تصح الوصیة لعبد نفسه
(قوله) (ثم یعتبر ما وصی به بعد خروجه من الثلث فإن کان بقدر قیمته أعتق و لا شی‌ء و کان الموصی به للورثة و إن کانت قیمته أقل أعتق و أعطی الفاضل)
بلا خلاف کما فی (کشف الرموز) و (المسالک) و (الکفایة) و فی (جامع المقاصد) الإجماع علی جمیع هذه الأحکام أیضا و فی (الإیضاح) إذا أوصی له بأمر کلی یندرج تحته مقدار رقبته صح إجماعا و قومت رقبته و أعتق منه بقدره و (هو) أی ما فی الکتاب معنی ما فی (المقنعة) و (الکافی) و (النهایة) و (الخلاف) و (المهذب) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و سائر ما تأخر لأنه کأنه أوصی بعتقه و (الأصل) فی ذلک ما رواه الشیخ بإسناده عن الحسین بن سعید عن الحسن بن محبوب عن الحسن بن صالح عن أبی عبد اللّٰه (ع) فی رجل أوصی لمملوکه بثلث ماله فقال یقوم المملوک بقیمة عادلة ثم ینظر ما ثلث المیّت فإن کان الثلث أقل من قیمة العبد بقدر ربع القیمة استسعی العبد فی ربع القیمة و إن کان الثلث أکثر من قیمة العبد أعتق و دفع إلیه الفاضل فقد حکم (ع) بعتقه إن کان الثلث أکثر و إعطائه الفاضل و ذلک یستلزم العتق إن ساواه و یأتی الکلام إن شاء اللّٰه فی الشق الأول و هو ما إذا کان الثلث أقل
(قوله) (و إن کانت أکثر سعی للورثة فی الباقی و إن بلغت الضعف علی رأی)
إذا کانت قیمته أکثر مما أوصی به فإما أن تبلغ ضعف ما أوصی به فصاعدا کما لو کانت قیمته مائتین و أوصی له بمائة و کان الثلث مائة أو تکون قیمته بمقدار الثلث مرتین و قد أوصی له بالثلث أو تکون أقل من ضعف ما أوصی به و لو قلیلا فإن کان الثانی أعتق منه بقدر ما أوصی له به ثلثا کان أو غیر ثلث إن خرج من الثلث و إلا فیقدر الثلث و استسعی للورثة فی الباقی کما لو أوصی له بالثلث أو بمائة و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 403
..........
______________________________
خمسین و قیمته مائتان و الثلث مائة و خمسون فیعتق ثلاثة أرباعه و یسعی للورثة فی ربع القیمة و هو خمسون و هکذا و بالجملة إذا کانت قیمته أکثر مما أوصی له به بمقدار الربع أو السدس أو الثلث و نحو ذلک بحیث لا تبلغ الضعف أعتق منه بقدر ما أوصی له به إن خرج من الثلث و (هذا) مما لا خلاف فیه کما فی (المسالک) و (الکفایة) و هو کذلک قطعا بل یتناوله إجماع (جامع المقاصد) و کذا (الإیضاح) و قد سمعتها فی أول البحث بل فی الأولین أنه إن کانت قیمته أقل من ضعف الموصی له به و لم یخرج ما أوصی به من الثلث أعتق منه بقدر الثلث کما لو کان الثلث مائة و أوصی له بمائة و خمسین و قیمته مائتان فإنه یعتق نصفه و یسعی للورثة فی قیمة نصفه و هو مائة و هو قضیة کلامهم السابق کما نبهنا علیه بقولنا و لا یتعذر الثلث و قد نفیا الخلاف فیه و قد أخذاه من (جامع المقاصد) و (المقنعة) و (النهایة) و (المهذب) و (إن کان) الأول و هو ما لو کانت قیمته بقدر ضعف ما أوصی له به فقد اختار المصنف هنا أنه کذلک فیعتق منه بحساب ما أوصی له به مطلقا ما لم یزد عن الثلث فإن زاد فبحساب الثلث و (هو خیرة) علی بن بابویه فیما حکی عنه (الکافی) و (الخلاف) علی الظاهر منهما کما فی (غایة المراد) بل هو صریحهما و (السرائر) و (نکت النهایة) و (النافع) و (کشف الرموز) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (التبصرة) و (المختلف) و (شرح الفخر) و (الدروس) و (الحواشی) و (غایة المراد) و (المهذب البارع) و (المقتصر) و (التنقیح) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (الروضة) و (الکفایة) و (المفاتیح) و کذا (اللمعة) و (المسالک) فی أول کلامه و استحسنه فی (الشرائع) و (فی جامع المقاصد) نسبته إلی علی بن بابویه و أبی الصلاح و الشیخ فی (الخلاف) و ابن إدریس و أکثر المتأخرین و (فی إیضاح النافع) أنه المشهور و استدل علیه فی (الخلاف) بإجماع الفرقة و أخبارهم فهذا منه شهادة بأن هناک أخبارا صریحة بذلک و إرسالها مجبور بالشهرة العظیمة المعلومة و المحکیة فی (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) إلا أن یکون أراد خبر الحسن بن صالح و قد سمعته أو الخبر المروی عن فقه الرضا (ع) و إن أوصی لمملوک بثلث ماله قوم المملوک قیمة عادلة فإن کانت قیمته أکثر من الثلث استسعی فی الفضلة و قصور سندهما منجر بما عرفت و معتضد بالإجماع کما سمعت و قصور دلالتهما عن إفادة أحکام صور المسألة غیر قادح بعد قیام الإجماع المرکب کما هو الظاهر و إطلاق الثانی فی صورة زیادة القیمة یشمل ما إذا بلغت ضعف الوصیة و ما إذا لم تبلغ کما هو خیرة المعظم و (المخالف) الشیخان فی (المقنعة) و (النهایة) و القاضی فی (المهذب) و کذا (الکامل) فیما حکی عنه و أبو یعلی فی ظاهر (المراسم) و المحقق أولا فی (ظاهر الشرائع) قالوا و إن کانت قیمته علی الضعف من الثلث الذی وصی به بطلت الوصیة له و قد قال فی (السرائر) إنه قد وردت روایة فی ذلک أوردها شیخنا فی (النهایة) إیرادا لا اعتقادا فهذا منه اعتراف بأن به روایة و ظاهرة بل صریحة أنها صریحة فی ذلک ثم إنه أشار إلیها مرة أخری بقوله إنه لا دلیل علیه من کتاب و لا سنة مقطوع بها فلا یکون مستندهم خبر الحسن بن صالح کما ظن الجماعة و قد تعجب من الشیخین صاحب (المسالک) (ثم) إنه قد حاول الاستدلال لهم به فی (غایة المراد) بأنه (ع) حکم بالاستسعاء إذا کان الثلث بإزاء ثلاثة أرباع و بالعتق و إعطاء ما فضل إن کان أکثر من القیمة و ذلک یستلزم العتق إن ساوی و الاستسعاء إن زاد أی الثلث علی ثلاثة أرباعه بطریق أولی و یستلزم عدم الاستسعاء إن نقص عن ثلاثة أرباعه و ذلک یستلزم بطلان العتق لأن الاستسعاء لازم لعتق بعض العبد فی الأکثر و انتفاء اللازم یدل علی انتفاء الملزوم فینتفی عتق ذلک البعض و أما عتق الباقی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 404
و فی المعین إشکال (1)
______________________________
فمنتف لعدم احتمال المال له و أجیب بأن مفهومه أن الثلث إذا لم یکن أقل بقدر ربع القیمة لا یستسعی فی ربع القیمة لا أنه لا یستسعی مطلقا (قال) فی (المسالک) هذا مفهوم صحیح لا یفید مطلوبهم فلا ینافی القول بأنه یستسعی فإن کان أقل بقدر الثلث یستسعی فی الثلث أو بقدر النصف یستسعی فیه و هکذا و (فیه) أنه یکون من بیان الواضحات التی یصان کلام الإمام (ع) عنه (نعم) یرد علیهم أنه یلزم منه أنه متی لم یکن الثلث أقل من قیمته بقدر الربع لا یستسعی بل تبطل الوصیة و هو شامل لما إذا کانت القیمة قدر الضعف أو أقل من ذلک إلی أن یبلغ النقصان قدر الربع فمن أین خصوا البطلان بما لو کانت قدر الضعف و (یجاب) بأنهم قالوا بذلک حوالة علی ما إذا أعتقه و علیه دین فإنه لا ینفذ العتق فیه إلا إذا کانت قیمته ضعف الدین و قد دلت علی ذلک الأخبار و هما من واد واحد بحسب الاعتبار فلیتأمّل و (الظاهر أن) الأصل فی ذلک ما رواه لهم فی (السرائر) و (من الغریب) أن الشهید فی عتق (الدروس) لم یظفر بما فی (النهایة) فقال إن ابن إدریس حکی ذلک عن الشیخ (کما) أنه من الغریب أنه رمی خبر ابن صالح بالضعف فی (النافع) و (کشف الرموز) و (غایة المراد) و (المهذب البارع) و (المقتصر) و (التنقیح) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) مع أنه مستند الحکم لهم فیما تقدم من أحکام المسألة کما عرفت مع أن منها الاستسعاء و السرایة مع أن ذلک لا یزید علی الوصیة بالعتق و هی لا تقتضی السرایة عند الجمیع و هنا مطبقون علی السرایة کما عرفت ثم إنه لم یلتفت أحد منهم إلی أنه تقدم (أن ظاهر) الحسن بن صالح صاحب إجماع و هو الحسن بن محبوب فیکون صحیحا کما توهمه المجلسی و جماعة منهم شیخنا صاحب الریاض و قد بینا فی محله أن ذلک منهم وهم صرف
(قوله) (و فی المعین إشکال)
و الأصح الصحة کما فی (التحریر) و (شرح الفخر) و (الدروس) و (الروضة) و (الإیضاح) و (الحواشی) و (المهذب البارع) و (جامع المقاصد) و (إیضاح النافع) و (فی الخمسة الأخیرة) و (التذکرة) أنه ظاهر کلام الأصحاب و أنه إطلاق الأصحاب (قلت) و هو کذلک کما سمعت و (قال) فی (المهذب البارع) أیضا أن الأصحاب یطبقون علی الصحة من غیر تفصیل و قال أیضا أن علیه عمل الأصحاب و (نسبه) فی (المسالک) إلی إطلاق الأکثرین و لعله فی غیر محله (و کأنه) مال إلی الحکم فی (الکفایة) و البطلان خیرة (التذکرة) و (المختلف) و فی (غایة المراد) أنه ظاهر أبی علی و حکاه فی (المسالک) عنه علی البت و استحسنه (صاحب التنقیح) و کأنه مال إلیه فی (المسالک) و (المراد) بالعین هنا ما یشمل الجزء المشاع من معین کنصف دار و فرس و بالجملة ما لا یتناول رقبة العبد و هو ما لیس جزءا مشاعا من الترکة و إن کان مشاعا من معین (حجة القول) بالبطلان أنه إنما صح فی المشاع لأنه متناول لرقبة العبد فصار کأنه موص بعتقه و ذلک منتف فی محل النزاع و (عموم) قول أحدهما (ع) لا وصیة لمملوک و إن تنفیذ الوصیة بالمعین محال لامتناع تملک العبد التخطی إلی رقبته تبدیل للوصیة و (حجة القول) بالصحة إطلاق الخبر فإنه تضمن الوصیة للمملوک بثلث ماله و هو یتناول ما إذا کان مشاعا من معین أو من الترکة لمکان ترک الاستفصال فتأمّل و إطلاق کلام الأصحاب من فتوی و إجماع المتناول لمحل النزاع (قولک) إنما صحت الوصیة فی المشاع لتناول رقبة العبد ممنوع لم لا یجوز لکونه وصیة و التبدیل غیر لازم لأن ذلک تنفیذ للوصیة بحسب الإمکان و لو منع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 405
و لو أوصی لدابة فإن قصد التملیک أو أطلق بطل (1) و لو قصد الصرف إلی علفها فالأقرب الجواز (2) و الأقرب التوقف علی قبول المالک (3) و حینئذ ففی الدفع إلیه إشکال (4) فإن دفع ففی جواز الصرف إلی غیر العلف إشکال (5)
______________________________
ذلک لمنع من الإشاعة لأن التخصیص برقبة العبد خروج عن الإشاعة و (لیس لک) إلا أن تقول ینعتق منه شی‌ء و ینعتق الباقی سرایة و له فضل مال ملکه بسبب جزئه فیسری علیه بما کان موجودا و یسعی فی الباقی و هذا المعنی غیر متحقق فی المعین و (فیه) أن هذا لو صح لوجب أن یکون القدر المملوک له من المال علی نسبة ما عتق منه و لم یقل به أحد ثم إن المعین تلزمه الإشاعة لأنه إذا أوصی له بمعین لا یملکه مستقرا بالموت بل یکون متعلقا ببقاء ما یخرج من الترکة فلو کان بعض الترکة غائبا لم یصح له التصرف فی المعین إلا بحسب ما اقتدر الوارث علی مثلیه فإذا أوصی لعبده بمعنی کان له تعلق بجمیع الترکة و من جملتها رقبته فیکون لها دخولا فی الموصی به و العتق یکفی فیه أدنی سبب لبنائه علی التغلیب و إن قصد الموصی نفعه و أهم شی‌ء له نفسه و خلاصها من الرق مع ما فی ذلک من المحافظة علی قصد الموصی و صون لفظه عن الهذر و عدم الفائدة فقولک إن العبد لا یملک لا یصلح منعا هنا لأنه ملک فی صورة الإشاعة فیخصص قول أحدهما (ع) بغیر صورة الإشاعة للخبر و الإجماع و (مما ذکرنا) فی توجیه القولین یعرف منشأ وجهی الإشکال و أن القول بالبطلان فی غایة الضعف
(قوله) (و لو أوصی لدابة فإن قصد التملک أو أطلق بطل)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و کذلک (الدروس) و فی (جامع المقاصد) لا بحث فی البطلان لأنه إن قصد تملکها فقد أوصی بالمستحیل لأنها لا تملک و لا یجوز صرف الوصیة إلی مالکها لأنه غیر مقصود للموصی فلا فرق بین المالک و غیره و کذلک لو أطلق لأن مفهوم اللفظ و المتبادر منه التملیک و لعله لبعد التجوز و لو علی حذف المضاف فلیس کغیره من المجازات و المراد بالدابة دابة الغیر
(قوله) (و لو قصد الصرف إلی علفها فالأقرب الجواز)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و فی (الإیضاح) أنه أصح و فی (جامع المقاصد) أنه المختار و به جزم فی (الحواشی) لأنه فی الحقیقة وصیة للمالک لأن علفها واجب علیه و (وجه غیر) الأقرب أن الذی دل علیه اللفظ کون الوصیة للدابة و ذلک ممتنع و فیه أن المجاز فی الوصیة جائز لکنه یجری مثل ذلک فی العبد کما فی (التحریر) لکنه قال بعد ذلک فی الکل نظر
(قوله) (و الأقرب التوقف علی قبول المالک)
کما هو خیرة الکتب الثلاثة الأول و فی (جامع المقاصد) أنه قریب و هو قضیة کلام (الحواشی) لأنها وصیة لمعین فیتعین قبوله کما لو أوصی له بعمارة داره و وجه العدم أنها وصیة فی وجه قربه و فیه أنه و إن کان قربه إلا أنه وصیة لمعین و حدوث الملک القهری علی خلاف الأصل
(قوله) (و حینئذ ففی الدفع إلیه إشکال)
الأصح جواز الدفع إلیه کما فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و نحوه ما فی (التذکرة) لأنه المالک لها و قد قربنا توقف الوصیة علی قبوله فیدفع إلیه لکن ینبغی أن یکون عدلا لأن فیها حقا للّه سبحانه و تعالی و یحتمل العدم لأنها وصیة فی وجه خاص فیتولاها الموصی له أو الحاکم
(قوله) (فإن دفع ففی جواز الصرف إلی غیر العلف إشکال)
أقربه عدم جواز صرفه إلی غیر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 406
و الأقرب صحة الوصیة للذمی و إن کان أجنبیا (1)
______________________________
العلف کما فی (الإیضاح) و فی (التذکرة) أنه أولی و به جزم فی (جامع المقاصد) و فی التحریر فی الجواز نظر لأنها وصیة علی وجه مخصوص فلا یجوز تبدیلها و ربما تعلق غرض الموصی بخصوص هذه و (وجه الجواز) أنها وصیة للمالک فیصنع بها ما شاء و فی (الحواشی) أن المنقول أنه لا یجب علیه صرف ذلک فی العلف لکن یستحب له ذلک هذا و حیث نقول إنه إذا أوصی للدابة کانت للمالک فلا تصح الوصیة للوحوش بل إن قلنا بصحة الوصیة للدابة نفسها فالأقرب عدم الصحة هنا لاستغناء الوحوش عن العلف فکان إضاعة مال
(قوله) (و الأقرب صحة الوصیة للذمی و إن کان أجنبیا)
کما صرح بذلک فی (السرائر) و (الشرائع) و (النافع) و (کشف الرموز) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (المختلف) و (الإیضاح) و (اللمعة) و (إیضاح النافع) و (الروضة) و (الکفایة) و (الدروس) حیث أحاله فیه علی الوقف و هو قضیة إطلاق (المقنعة) و (الخلاف) و (الجامع) و (التلخیص) و (التبصرة) و کذا (الکافی) حیث قید صحتها للأجنبی بما إذا لم یجعلها صدقة أو صرح لکونها مکافأة علی مکرمة دنیویة أو مبتدأ بها و هو أی صحتها للأجنبی الظاهر من جامع المقاصد و المسالک و (قد یقال) إنه الظاهر من أبی علی لأن المحکی عنه لیس بتلک المکانة من الظهور فی الصحة و العدم و قد حکی عن ظاهره العدم کما ستسمع و نقل عنه فی (التنقیح) عبارة أخری و فی (الخلاف) و (المبسوط) أن الوصیة جائزة لأهل الذمة بلا خلاف و فی أصحابنا خاصة من قیدها إذ کان من قراباته و لم یشترط الفقهاء بذلک انتهی و (ستعرف) أن المقید بذلک من أصحابنا جماعة هو منهم فما نقل حکایته فی (الریاض) عن ظاهر (الخلاف) من إجماع العلماء کما فهمه لیس فی محله مع أنه جعله فی (الریاض) هو الحجة فی المسألة و قد حکینا فی باب الوقف عن الطبرسی الإجماع علی جواز أن یبر الرجل من شاء من أهل الحرب قرابة کان أو غیر قرابة و (قد حکینا) صحة الوقف علی الکافر الأجنبی عن (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التبصرة) و (التحریر) فی موضع منه و (الدروس) و (إیضاح النافع) و غیرها فإذا جاز الوقف علیه فبالأولی أن تجوز الوصیة له هذا و (صریح الوسیلة) أنها لا تصح للکافر الأجنبی و فی (الغنیة) الإجماع علی أنها لا تصح الوصیة للکافر إلا أن یکون ذا رحم للموصی و هو صریح فی أنها لا تصح للأجنبی و (ظاهر النهایة) و (المبسوط) فی موضع منه أنها إنما تصح له إذا کان ذا رحم حیث قیدها فی الکتابین بذلک و فی (المراسم) أن عدم جواز الوصیة للکافر الأجنبی هو الأثبت (منه ظاهر) مطلقا و هو الظاهر من أبی علی و ظاهر (المهذب) المنع من الصحة للکافر مطلقا و قد سمعت کلام الکافی و ظاهر (المبسوط) الإجماع علی ذلک فی موضعین ففی موضع لا تصح الوصیة عندنا للکافر الذی لا رحم له من المیّت و فی آخر تصح عندنا للذمی إذا کانوا أقاربه و مما قصر فیه الصحة فی الوقف علی ذی الرحم (المقنعة) و (الکافی) و (النهایة) و (الخلاف) و (المبسوط) و (الوسیلة) و (الغنیة) و (الجامع) و موضع من (السرائر) و فی الخلاف الإجماع علیه و کذا (الغنیة) کما تقدم بیان ذلک کله (و لا ترجیح) فیما نحن فیه فی (المقتصر) و (المهذب) و (التنقیح) و (کل من حکی) الأقوال فی المسألة لا تخلو حکایته عن خلل أو مسامحة حتی المحقق فإنه قال فی (الشرائع) و تصح الوصیة للذمی و لو کان أجنبیا و قیل لا تجوز مطلقا و منهم من خص الجواز بذوی الأرحام و الأول أشبه و فی الوصیة للحربی تردد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 407
و البطلان للحربی (1)
______________________________
أظهره المنع و قال فی (النافع) و للذمی و إن کان أجنبیا و فیه أقوال انتهی و ظاهر الکتابین أن الأقوال فی الذمی دون الحربی و لیس کذلک لما ستسمع فی الحربی و (الاعتذار) عنه کما فی (التنقیح) و (الریاض) بأن المراد بالکافر فی کلامهم الذمی یخالف صریح (الدروس) و (المهذب البارع) و (المقتصر) و (جامع المقاصد) و ظاهر (کشف الرموز) و (التذکرة) و (المختلف) و (الإیضاح) و (الروض) بل هو صریحها و ستسمع کلامهم فی الحربی و اختلافهم هناک فی النقل أیضا و کیف کان فحجة القول بالصحة و الجواز للأجنبی الأصل و الآیة و الروایة و الإجماع أما الأصل فظاهر و أما الآیة فقوله تعالی لٰا یَنْهٰاکُمُ اللّٰهُ عَنِ الَّذِینَ لَمْ یُقٰاتِلُوکُمْ إلی قوله أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَ تُقْسِطُوا إِلَیْهِمْ و الوصیة مبرة و أما الروایة ففی الصحیح عن الریان بن شبیب قال أوصت جاریة لقوم نصاری فراشین بوصیة فقال أصحابنا اقسم هذا فی فقراء المؤمنین من أصحابک فسألت الرضا (ع) فقلت إن أختی أوصت بوصیة لقوم نصاری و أردت أن أصرف ذلک إلی قوم من أصحابنا فقال أمض الوصیة علی ما أوصت به قال اللّٰه تعالی فَإِنَّمٰا إِثْمُهُ عَلَی الَّذِینَ یُبَدِّلُونَهُ و فی کتاب غیاث سلطان الوری نقلا من کتاب الحسین بن سعید بسنده إلی محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللّٰه (ع) عن رجل أوصی بماله فی سبیل اللّٰه قال أعطه لمن أوصی له و إن کان یهودیا أو نصرانیا و قد رواه الشیخ بطریقین صحیح و حسن کالصحیح لمکان إبراهیم و عن الحسین بن سعید فی حدیث آخر عن الصادق (ع) لو أن رجلا أوصی إلی أن أضع فی یهودی أو نصرانی فوضعت فیهم و أما الإجماع فقد سمعت إجماع الطبرسی و ما فی الخلاف من نفی الخلاف معتضد الفتوی المعظم و (أوهن شی‌ء) ما قد یقال بأنها معارضة بالآیات الناهیة عن مودتهم و الوصیة مودة و الروایات الناهیات عن إطعام الکافر و إشباعه لأنها مخالفة للإجماع علی جواز المبرة إلی الکفار فی حال الحیاة کما مر عن الطبرسی و کما ستسمع و أوهن منه القول بأنها إنما دلت علی لزوم إنفاذ الوصیة لا جوازها لأن المدعی صحة الوصیة و الصحة و الجواز متلازمان إلا أن یکون قد نهی عن الصحیح لأمر خارج عنه أو یکون الأثر المترتب علیه عقوبة و قد دلت الأخبار المرسلة علی صحة الوقف علی الأقارب و ادعی علیه الإجماع و ذلک یستلزم الصحة هنا بالأولویّة لاشتراطه بالقربة فضلا عن الإجماعات المدعاة علی صحة الوصیة للأقارب کما سمعت و هی الحجة فیها أی الوصیة للأقارب مضافا إلی أدلة المسألة
(قوله) (و البطلان للحربی)
هذا هو المشهور کما فی (المهذب البارع) و (المقتصر) و هو خیرة (الخلاف) و (المبسوط) فی موضع منه و (الشرائع) و (النافع) و (کشف الرموز) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (التبصرة) و (المختلف) و (الإیضاح) و (الدروس) و (اللمعة) و (المقتصر) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (الروضة) و غیرها و هو ظاهر إطلاق (المهذب) بعدم صحتها للکافر و ظاهر (المبسوط) الإجماع علیه قال و أما الوصیة للحربی فعندنا لا تصح و ظاهر (المقنعة) و (المراسم) و (النهایة) و (المبسوط) فی موضع منه و (الوسیلة) و (الغنیة) أنه تصح للحربی إذا کان رحما و ذا قرابة و قد سمعت الإجماعات الظاهرة فی ذلک من (الغنیة) و (المبسوط) و فی (الغنیة) لا خلاف فی جوازها للکافر إذا کان ذا رحم و ظاهر (الکافی) أنها تصح له إذا لم تکن صدقة أو صرح بکونها مکافأة و ظاهر إطلاق (السرائر) و (الجامع) أنها تصح له مطلقا و هو صریح (غایة المراد)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 408
..........
______________________________
و (المسالک) و نفی عنه البعد فی (الکفایة) فکانت الأقوال ثلاثة أو أربعة و قد اضطربت کلمات حکاة الأقوال فی المقام أیضا و (قد حکی) فی (الحواشی) قولا و هو أن الوصیة إنما تصح للأبوین خاصة و قضیته أنها تصح و لو کانا حربیین لکنا لم نجده لأحد فی الباب (نعم) هو قول فی الوقف لابن إدریس فی موضع من (السرائر) و قد رموه هناک بالضعف و رواه فی (المراسم) روایة و (قد حکینا) الفتاوی و الشهرات فی باب الوقف علی عدم صحته للحربی و قلنا إنا لم نجد مصرحا بالجواز إلا ما یفهم من إطلاقات القدماء فی الکافر و من إطلاق إجماع مجمع البیان لکنا قلنا إن الشهید و جماعة فهموا أن المراد من الکافر فی کلامهم إنما هو الذمی و یمکن أن یدعی ذلک هنا من إطلاق عبارة المجوزین للوصیة للکفار مطلقا و فی الجملة لأن أهل الذمة هم الذین لهم قابلیة التملک دون أهل الحرب فإنهم لا قابلیة لهم للتملک و لا أقل من الشک فی ثبوته لهم فإن (الجماعة) قد استدلوا هنا علی المنع کالمصنف فی (التذکرة) و (المختلف) و ولده و المحقق الثانی بأن مال الحربی فی‌ء للمسلمین فلا یجب دفعه إلیه لأنه غیر مالک فلو جازت الوصیة له لکان إما أن یجب دفعه إلیه و هو باطل لما عرفت أو لا یجب و هو المطلوب إذ لا معنی لبطلان الوصیة إلا عدم وجوب تسلیمها إلی الموصی له و به یفرق بین الهبة له فی الحیاة و الوصیة بعد الممات و بذلک استدلوا علی بطلان الوقف علیه و به یمکن الاعتذار عما أخذنا به المحقق فی نقل الأقوال (لکن) کلمات الأصحاب قد قوبل فی بعضها الذمی بالحربی کما فی (الخلاف) و عبر فی بعضها بالذمی کما فی موضع من (المبسوط) و غیره فلیست کعباراتهم فی الوقف هذا (و قد) قلنا هناک لا تصغ إلی ما فی (المسالک) من منع استلزام عدم وجوب الدفع إلیه فی الوقف و الوصیة بطلانهما لأن معنی صحتها ثبوت الملک له إذا قبض فإذا استولی علیه و أخذ منه من جهة أنه مال الحربی لم یکن منافیا لصحة الوصیة لأن الشأن فی إثبات الملک له بل یکفی الشک لأنه یستلزم الشک فی کون ذلک وصیة و لا دلیل حینئذ علی الصحة فکیف یمکنه دعوی صیرورة الموصی به من أملاکه فإذا استوی علیه الوصی من حیث کونه مال حربی و نوی تملکه ملکه دون الورثة أو منعه الوارث بنیة تملکه فإنه یملکه و (قد) سبقه إلی ذلک الشهید فی (غایة المراد) و قد استظهرنا من (الدروس) فی باب الوقف أن الحربی یملک و أن إباحة ما فی یده للمسلم إذا استولی علیه لا تنافی ملکه و قد استدل للمنع بأصل عدم الانتقال و أنه متوقف علی الدلیل و هو مفقود و (استدل) فی (الریاض) علی المنع فی الأجانب بالإجماع الظاهر من قوله فی (المبسوط) لا تصح الوصیة عندنا للکافر الذی لا رحم و قال إنه مخصص لإجماع الطبرسی الدال علی جواز الوصیة (المبرة خ) لأهل الحرب مع اعتضاده بالشهرة و لإطلاق الکتاب و السنة (و فیه) أن إجماع الطبرسی نص صریح فی جواز مبرة غیر القرابة الحربی و ذلک غیر مصرح فیه بالحربی و (استدل) علی المنع مطلقا بالآیات الناهیة عن المودة إلیهم و قال إنها سلیمة عن المعارض سوی إجماع الطبرسی و إطلاق الکتاب و السنة (و فیه) أن من إطلاق الکتاب قوله تعالی لٰا یَنْهٰاکُمُ اللّٰهُ و من إطلاق السنة قوله (ص) علی کل کبد حری أجر (و قد أجاب) عن ذلک بأن هذه إطلاقات مخصصة بالآیات الناهیة عن المودة إلیهم لاعتضاد هذه بالشهرة العظیمة و حکایة إجماع المبسوط (و هو کما تری) کلام غیر تام و المودة فی معنی المبرة إلا أن یرید بإطلاقات الکتاب و السنة غیر ما ذکرنا و غیر ما ذکره الجماعة کعمومات الوصیة فلیلحظ (هذا کله) مضافا إلی أن الأصل الصحة و أن القربة غیر شرط و أنها نوع عطیة فجازت بعد الوفاة کحال الحیاة (و ینبغی) أن یستدل علیه بالإجماع الآخر الذی فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 409
و المرتد (1) و تصح الوصیة للأجنبی و الوارث سواء أجاز بقیة الورثة أم لا (2)
______________________________
المبسوط کما سمعت و أما (الصحاح) فقد یمکن الاستدلال بها للمنع بأنه (ع) عطف بأن الوصلیة ما إذا کان یهودیا أو نصرانیا و لو کان المعطوف علیه شاملا للحربی لکان المناسب أن یقول و إن کان حربیا لأن کان أخفی فاقتصاره علی الیهودی و النصرانی یشیر إلی أنه یرید الذمی و یمکن (الاستدلال) بها للصحة بأن یقال إن الیهودی و النصرانی شاملان للحربی (و اعترضه) فی (الریاض) بأنه لا عموم فیهما لکونها فی سیاق الإثبات فیکونان مطلقین فینصرفان بحکم التبادر إلی الذمی (و فیه) أنهما واقعان فی سیاق العموم و هو قوله (ع) أعطه لمن أوصی له فیکونان عامین کالأزواج فی قوله تعالی وَ الَّذِینَ یُتَوَفَّوْنَ مِنْکُمْ وَ یَذَرُونَ أَزْوٰاجاً بل عموم من وحده کاف لکنهما لا یتناولان الحربی الوثنی و لا قائل بالفصل و هذا هو الأقعد فی الرد فلیتأمّل جیدا (و لک) أن تقول تخصیصهما بالذکر لقلة الوثنی و عدم منافسته (منافیة خ (کذا) فی الدین لمکان جهله فلم یکن معتبرا و لا معتدا به و لذلک ورد من ترک الحج فلیمت إن شاء یهودیا أو نصرانیا فتأمّل (و کیف کان) فقضیة الجمع بین الأدلة جوازها للذمی دون الحربی کما علیه المعظم و هو أولی من الجمع بینها باشتراط کونه ذا رحم من وجوه منها أنه لا یطابق قوله تعالی لٰا یَنْهٰاکُمُ اللّٰهُ الآیة و نساء أهل الحرب و صبیانهم و إن لم یقاتلوا لکنهم ممدین لهم بالتمکین من القتال فلا نقض بهم أو یقال إن حالهم فی الوصیة کحالهم فی القتل و الأسر و النجاسة تعبد و لکن الوجه ما سمعت و الحربی الغیر المقاتل مقاتل بالقوة القریبة لأنه إذا طولب بالجزیة قاتل (هذا) و ما فی کتابة علی بن بلال لأبی الحسن (ع) یهودی مات و أوصی لدیانه بشی‌ء أقدر علی أخذه هل یجوز إن آخذه و أدفعه إلی موالیک أو أنفذه فیما أوصی به فکتب (ع) أوصله إلی و عرفنیه لأنفذه فیما ینبغی و غیرها بمعناه مما هو لیس بصریح فی الصحة و البطلان مع ضعف سنده هذا و قد رووا أن عمر بن الخطاب أعطی خاله الحربی حلة حریر بمکة شرفها اللّٰه تعالی
(قوله) (و المرتد)
أی و الأقرب البطلان للمرتد کما فی (التذکرة) و (الإیضاح) و (اللمعة) و (الکفایة) و فی (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الروضة) أنها تصح للملی و فی (جامع المقاصد) و (الروضة) و للمرأة و إن کانت عن فطرة و فی (التحریر) فی المرتد الملی قولان قلت و إن قلنا إن الفطری یملک الکسب المتجدد صحت الوصیة له کما فی (الدروس) و کذا (جامع المقاصد) و (الروضة) و الوجه فی عدم صحتها للفطری أنه واجب القتل فی کل حال فلیس هناک زمان یثبت به الملک فیه و لیعلم أن المصنف قد اختار فی باب الوقف جوازه علی المرتد عن غیر فطرة و منع هنا من الوصیة له و قال ولده و قد سألناه عن ذلک فقال الأصح عندی أنه لا یصح الوقف علیه و لا الوصیة له إن استمر علی الکفر إلی أن مات أو قتل و الأصح بمعنی أن یکون إسلامه کاشفا عن صحتهما و موته علی الکفر کاشف عن بطلانهما فقولی فی الوقف بالصحة و هنا بالبطلان لا یتنافیان علی تقدیرین أی أنه أراد صحة الوقف إذا أسلم و عدم الوصیة إذا لم یسلم انتهی فتأمّل
(قوله) (و تصح الوصیة للأجنبی و الوارث سواء أجازت بقیة الورثة أم لا)
أراد بهذا الرد علی العامة حیث منع منهم جماعة من الوصیة للوارث و جعلها آخرون متوقفة علی إجازة الورثة کما لو أوصی بزیادة علی الثلث فیقف علی الإجازة فمراده أنه لا فرق بین الوصیة للوارث و الأجنبی فی صحتها إذا خرجت من الثلث و لا اعتبار بإجازة بقیة الورثة و فی (الإنتصار) و (الخلاف) و (الغنیة) و (السرائر)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 410
و لو أوصی لأم ولده فالأقرب أنها تعتق من الوصیة لا من النصیب علی رأی (1)
______________________________
و (التذکرة) و (التحریر) و ظاهر (المبسوط) فی موضعین منه و (فقه الراوندی) و (کشف الحق) و (الإیضاح) فیما یأتی بل و (الغنیة) الإجماع علی صحتها للوارث و ظاهر (التذکرة) و (المسالک) الإجماع علی عدم الفرق بینه و بین الأجنبی و فی (جامع المقاصد) أنه لا اعتبار بإجازة باقی الورثة بلا خلاف فی ذلک عندنا و ظاهر (التذکرة) أیضا الإجماع علیه و قد قال اللّٰه تعالی کُتِبَ عَلَیْکُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَکُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَکَ خَیْراً الْوَصِیَّةُ لِلْوٰالِدَیْنِ وَ الْأَقْرَبِینَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَی الْمُتَّقِینَ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مٰا سَمِعَهُ فَإِنَّمٰا إِثْمُهُ عَلَی الَّذِینَ یُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّٰهَ سَمِیعٌ عَلِیمٌ فقد أکد ذلک بتأکیدات کثیرة جدا مذکورة فی (التذکرة) و فی (الخلاف) أنها نص فی الصحة (و قد ورد) فی الأخبار الصحیحة جواز الوصیة للوارث کصحیحة محمد بن مسلم و صحیحة أبی بصیر و صحیحة أبی ولاد و الحاصل کأنه من ضروریات المذهب فلا تصغ إلی ما فی (الکشاف) من قوله إن الوصیة کانت فی بدء الإسلام واجبة فنسخت بآیة المواریث و بقوله (ص) إن اللّٰه سبحانه أعطی کل ذی حق حقه ألا لا وصیة لوارث و تلقاه الأمة بالقبول حتی لحق بالمتواتر و إن کان من الآحاد انتهی قلت قد رواه شرحبیل بن مسلم عن أبی أمامة و لم یلقه (و قد) قال المفید و غیره أنه باطل (و قال) أبو حنیفة و أحمد و مالک و الشافعی فی أحد قولیه إن الورثة إن أجازوا الوصیة کان تنفیذا لما فعله الموصی لما رواه ابن عباس عن النبی (ص) لا تجوز الوصیة للوارث إلا أن تجیزها الورثة و فی روایة أخری إلا أن یشاء الورثة و قد عمل فقهاؤهم لهذین الخبرین ثم إن آل اللّٰه سبحانه و تعالی سادات الأمة فأین ما افتراه هذا الکاذب الفاجر بقوله تلقاه الأمة بالقبول حتی لحق بالمتواتر
(قوله) (و لو أوصی لأم ولده فالأقرب أنها تنعتق من الوصیة لا من النصیب علی رأی)
لا خلاف فی صحة وصیة الإنسان لأم ولده کما فی (المبسوط) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (المفاتیح) و (التذکرة) و (المسالک) و فی الأخیرین أیضا و (الإیضاح) الإجماع علی ذلک و أما أنها تنعتق من الوصیة فهو المشهور کما فی (المهذب البارع) و المنقول کما فی (الحواشی) و هو خیرة (السرائر) و (الجامع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (المقتصر) و (الکفایة) و فی (المسالک) لعله أجود و حکاه فیه عن (الشرائع) فی باب الاستیلاد و لم نجده و مرادهم کما هو صریح بعضهم أنها إن ضاقت فالباقی من نصیب ولدها و لا تغفل عن شهرة (المهذب) فإن المصرح به قبله ثلاثة أو أربعة أو اثنان و هما ابن إدریس و سبطه و أما الفاضلان فقد اختلف کلامهما (و القول) بأنها تنعتق من نصیب ولدها خیرة (النهایة) و (نکتها) علی ما حکی عنها و (التذکرة) و (المختلف) و (غایة المراد) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (إیضاح النافع) و فی (الإیضاح) أنه جید و فی (الحواشی) أیضا أنه المنقول و لا ترجیح فی (الشرائع) و (النافع) و (کشف الرموز) و (الدروس) و (التنقیح) و (الروض) و (المفاتیح) و لم یتعرض له فی (المقنعة) و (المبسوط) و (المهذب) و (المراسم) و (الوسیلة) و (الغنیة) و غیرها (حجة القول) الأول أن الإرث مؤخر عن الوصیة فتملک هی قبل ملک ولدها فتصرف إلی عتقها کما لو أوصی لعبده بشی‌ء فإنه یصرف إلی عتقه (و فیه) أن المتأخر استقرار الملک لا أصله (نعم) قد ورد فیما یزید علی عشرة أخبار من الکتب الأربعة و مستطرفات السرائر و قرب الإسناد أنها تعتق من الثلث و لها الوصیة و فی (ذیل) صحیح أبی عبیدة فی (الکافی) و (التهذیب) قال و فی کتاب العباس بن معروف تعتق من نصیب ابنها و تعطی من ثلث ما أوصی لها به (و لعل) الظاهر أن المراد من العتق من الثلث فی هذه الأخبار الکثیرة التی قام الإجماع علی عدم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 411
و إطلاق الوصیة یقتضی التساوی فی المتعدد (1) فلو أوصی لأولاده و هم ذکور و إناث تساووا (2)
______________________________
العمل بها علی ظاهرها کما فی (التنقیح) العتق من الوصیة کما احتمله صاحب (الدروس) و غیره لشیوع إطلاق الثلث علی الوصیة و لمقابلة ذلک بروایة العباس المتضمنة أنها تعتق من نصیب ابنها و لا ینافیه إطلاق الحکم فیما بعد بأن لها الوصیة لقوة احتمال أن یراد ما زاد بعد العتق من الوصیة مع احتمال أن یکون المراد منه تأکید الحکم الأول من انعتاقها (و إن تمت) شهرة (المهذب البارع) جبرت الدلالة (و من البعید) غایة البعد أن ترد هذه الأخبار الکثیرة مخالفة للأصول المقررة فی حجة کل من القولین المنفقة علی عتقها من غیر الثلث کما سمعت و ستسمع و فی (السرائر) أنه الذی تقتضیه أصول مذهبنا (کما) أنه من البعید غایة البعد حمل هذه الروایات علی ما إذا أعتقها فی المرض قبل الموت ثم أوصی لها بعده لعدم ما یدل علی ذلک فی الروایة مع مقابلته بروایة العباس التی هی ناصة فی أم الولد التی لم تعتق و المورد واحد (و نعم) ما صنع فی (الکفایة) و (المفاتیح) من جعلها حجة لهذا القول (و قد احتج) بها فی (المسالک) للقول بأنها تعتق من نصیب الولد قال لأن الحکم بإعطائها الوصیة کاف فی المطلوب إذ عتقها ح من نصیب ولدها یستفاد من دلیل صحیح و بقی ما نقل عن کتاب العباس شاهدا علی المدعی (و قد أخذه) من (جامع المقاصد) حیث قال لا خلاف فی المروی فی إعطائها الوصیة فیبقی إعتاقها من نصیب الولد ثابتا بالدلائل القاطعة بل یکون شاهدا علی ما فی کتاب العباس انتهی (و هو) کما تری مندفع بما مضی (مع) أن ما اکتفی به فی (المسالک) إنما یتم حیث لا یحتمل فیها الاحتمال البعید الذی اعترف هو به من کون وجه صرف الوصیة إلیها انعتاقها تبرعا قبل الموت و مع هذا الاحتمال لا یتم ذلک الاستدلال و (حجة) القول الثانی أنه قد اعترف فی (السرائر) بورود ذلک فی أخبارنا و ظاهره أنها صریحة فی ذلک و یجبر إرسالها عمل الشیخ و جماعة بها و أن الترکة ینتقل من حین الموت إلی الوارث و إن لم یستقر إلا بعد الوصیة أو الدین فیستقر ملک ولدها علی جزء منها فینعتق علیه و یستحق الوصیة و أن نفوذ الوصیة و إن لم یتوقف علی القبول لکنه یتوقف علی وصول الترکة إلی الوارث و معرفة القیمة و ملک الوارث لا یتوقف علی شی‌ء و أنها لو لم یوص لها لعتقت من نصیب ولدها إجماعا فکذا إذا أوصی لها و أن ما فی کتاب العباس نص فی الباب (و للنظر) فی بعض هذه الأدلة مجال لکن هذا القول لیس بذلک البعید و (هناک) قولان نادران أحدهما ما حکی عن أبی علی من تخییر الوارث بین عتقها من الوصیة أو من نصیب ولدها الثانی ما حکاه جماعة عن الصدوق من أنها تعتق من الثلث
(قوله) (و إطلاق الوصیة یقتضی التساوی فی المتعدد)
هذا فی غیر الأخوال و الأعمام و غیر الفقراء مما لا خلاف فیه و به طفحت عباراتهم حتی (النهایة) کما ستسمع (و من الغریب) أن أحدا لم یستثن الفقراء غیر الشهید فی (الحواشی) و لعله لأن المراد المتعدد الذی یجب إعطاؤه
(قوله) (فلو أوصی لأولاده و هم ذکور و إناث تساووا)
کما فی (الکافی) و (النهایة) و (المهذب) و (الوسیلة) و (السرائر) و (الشرائع) و (کشف الرموز) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (التبصرة) و (المختلف) و (غایة المراد) و (الدروس) و (اللمعة) و (الحواشی) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروض) و (الروضة) و (الکفایة) و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 412
إلا أن یفضل (1) و کذا لو أوصی لأعمامه و أخواله (2) و لو قال علی کتاب اللّٰه تعالی فللذکر ضعف الأنثی (3)
______________________________
به صرح فی (المقنعة) فیما إذا أوصی لأقاربه (و هو) قضیة کلام (النافع) و (المهذب البارع) و (المقتصر) و غیرها و لا خلاف فی ذلک کما فی (المسالک) و ستسمع فتاواهم و إجماعاتهم علی التساوی فی الأعمام و الأخوال و فی (المسالک) أن روایة التفضیل لم یعلم بها أحد (قلت) أشار إلی ما رواه سهل قال کتب إلیه رجل له ولد ذکور و إناث فأقر لهم بضیعة أنها لولده لم یذکر بینهم علی سهام اللّٰه و فرائضه الذکر و الأنثی فیه سواء فوقع (ع) ینفذون فیها وصیة أبیهم علی ما سمی فإن لم یکن سمی شیئا ردوها إلی کتاب اللّٰه و سنة نبیه (ص) و قد رواه المشایخ الثلاثة لکنه علی ضعفه مکاتبة و غیر صریحة
(قوله) (إلا أن یفضل)
لا إشکال لو نص علی التفضیل و قد نص علیه فی (الشرائع) و ما ذکر بعدها إلا ما قل و نبه علیه فی (النهایة) و (الوسیلة) و فی صحیح الصفار جائز للمیت ما أوصی به علی ما أوصی به و فی الخبر ینفذون وصیة جدهم کما مر و إطلاقهم یشمل ما إذا کان المفضل أنثی أو خالا و قلنا بمقالة النهایة من أنه مفضول بالنسبة إلی العم
(قوله) (و کذا لو أوصی لأعمامه و أخواله)
یعنی إطلاق الوصیة یقضی بالتسویة بینهم لأنه هو الذی یقتضیه مذهبنا کما فی (السرائر) و علیه الفتوی کما فی (التنقیح) و (إیضاح النافع) و علیه العمل کما فی (جامع المقاصد) و ظاهر (الشرائع) و (التحریر) و (التذکرة) الإجماع علیه حیث قیل فی الأول أن روایة التفضیل مهجورة و فی الثانی أن قول الشیخ مطروح و فی الثالث عندنا و فی (جامع المقاصد) و (المسالک) أنه المشهور و فی (الکفایة) أنه أشهر (قلت) الإجماع لدینا محصل معلوم لأن الکتب التی صرح فیها بتساوی الأولاد عدا (النهایة) و (الکفایة) ما بین مصرح فیها به فی الأخوال و الأعمام و ظاهر فیه ظهورا کاد یلحق بالتصریح عدا (الدروس) فإنه لیس بتلک المکانة من الظهور و قد سمعت ما فی (المقنعة) فی مسألة الأقارب و المخالف القائل بأن لأعمامه الثلثین و لأخواله الثلث إنما أبو علی کما حکاه عنه الشهید و أبو العباس و المحقق الثانی و غیرهم و حکی عنه غیرهم کالمصنف فی (المختلف) أنه رواه عن مولانا الصادق (ع) و فی نسخة أخری عن الباقر (ع) و قد حکوا عنه مثل ذلک فی الوقف و الشیخ فی (النهایة) و القاضی فیما حکی عنه و لعله فی غیر (المهذب) و هو ظاهر (جامع الشرائع) بل قد یقال إنه ظاهر (الفقیه) لأنه رواه و کذا الکلینی لأنه أیضا رواه (و لعله) لذلک نسبه فی (المسالک) إلی الشیخ و جماعة و فی (الکفایة) أنه غیر بعید و قد یشعر کلام (الدروس) بالتأمل و قد استندوا فی ذلک إلی صحیحة زرارة فی (الفقیه) عن أبی جعفر (ع) و حسنة إبراهیم فی (الکافی) فی رجل أوصی بثلث ماله فی أعمامه و أخواله فقال لأعمامه الثلثان و لأخواله الثلث (و قد رواه الشیخ) بطریق فیه سهل و آخر فیه الحسن بن محمد بن سماعة لکن إعراض الأصحاب عنه مع روایة المشایخ الثلاثة له یقضی بأن عندهم ما هو أقوی منه من طریقة مستقیمة و سیرة مستمرة أو خبر وصل إلیهم (و أما) نحن فدلیلنا الأصل المعتضد بما عرفت معتضدا أیضا بإطباق الجماعة الذین تعرضوا له فی الوقف علی ذلک و نفی الخلاف فیه فی (غایة المراد)
(قوله) (و لو قال علی کتاب اللّٰه فللذکر ضعف الأنثی)
کما صرح به فی (النهایة) و (الوسیلة) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و هو قضیة غیرها و قضیة صحیح الصفار و الخبر لأن ذلک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 413
و کذا الوقف (1) و لو أوصی لقرابته فهو للمعروف بنسبه (2) ذکرا کان أو أنثی صغیرا کان أو کبیرا غنیا کان أو فقیرا من قبل أب انتسب إلیه أو من قبل أم بعیدا کان أو قریبا بالسویة (3)
______________________________
حکم الکتاب فی الإرث و هو المتبادر من هذا اللفظ فی عرف المتشرعة
(قوله) (و کذا الوقف)
أی فی جمیع ذلک من الإطلاقات و التقیید بقوله علی کتاب اللّٰه
(قوله) (و لو أوصی لقرابته فهو للمعروف بنسبه)
لا خلاف فی صحة الوصیة للقرابة کما فی (جامع المقاصد) و فی (التذکرة) و (الإیضاح) الإجماع علیه و فی (المسالک) أنه لا إشکال فیه و قد سمعت کلامهم فی صحة الوصیة للوارث و إنما اختلفوا فی أن القرابة من هم فیما إذا أوصی لقرابته أو لذوی قرابته أو أقربائه أو رحمه أو ذوی رحمه إذ الحکم فی الکل واحد کما فی (المبسوط) و (المهذب) و (التذکرة) و غیرها و قد أسبغنا الکلام فی ذلک فی باب المیراث و ذکرنا نبذا منه فی باب الوقف فلیلحظ أحد البابین و یأتی لنا فی الباب ما له نفع تام فی المقام (فالأکثر) علی رده للعرف کما فی (المسالک) و (الکفایة) و هو خیرة (الخلاف) و (المبسوط) و (القاضی) و (ابن إدریس) و أکثر المتأخرین کما فی (جامع المقاصد) و علیه الفتوی کما فی (التنقیح) و فی (نهج الحق) أنه ذهبت الإمامیة إلی أنه إذا أوصی لأقاربه صرف إلی من یعرف بین الناس أنه قریبه و قال فی (الخلاف) و (المبسوط) أنه الذی یقوی فی نفسی و هو خیرة (المهذب) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (کشف الرموز) و (التذکرة) و (التحریر) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (المختلف) و (الإیضاح) و (الدروس) و (اللمعة) و (المقتصر) و (التنقیح) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و کذا (الحواشی) و حکاه فی (الإیضاح) عن جده لأنه إذا أطلق القریب فهم أهل العرف العام منه المعروف بالنسب و هو المحکم فی مثل ذلک حیث لا نص کما اعترف به الشیخ و جماعة و هو قضیة کلام الباقین و فی (الصحیح) عن أحمد بن محمد بن أبی نصر قال نسخت من کتاب بخط أبی الحسن (ع) رجل أوصی لقرابته بألف درهم و له قرابة من قبل أبیه و أمه ما حد القرابة یعطی من کان بینه و بینه قرابة أو لها حد ینتهی إلیه فرأیک فدتک نفسی فکتب (ع) إذا لم یسم أعطاها قرابته و فی روایة الحمیری أعطی أهل بیت قرابته و هذا منه (ع) ردا إلی العرف علی الظاهر و هو الذی بنوا علیه فی باب الوقف من غیر خلاف و لا یکفی عندهم مطلق العلم بالنسب کما یتفق ذلک فی الهاشمیین و تنصرف عندهم إلی الموجود منهم فلا ینتظر وجود من یحتمل وجوده بل یدفع إلی الموجود منهم حالة الوصیة و ربما قیل بأنه یجب الاستیعاب مع الحصر و إمکانه و إلا صرف إلی أقل الجمع و هو ثلاثة علی الأقوی أو اثنان قاله فی التذکرة و هو یقضی بالتشریک لا بیان المصرف و سیأتی لنا تمام الکلام فی ذلک فی البحث الثالث فتأمّل
(قوله) (ذکرا کان أو أنثی صغیرا کان أو کبیرا غنیا کان أو فقیرا من قبل أب انتسب إلیه أو من قبل أم بعیدا کان أو قریبا بالسویة)
أما تناوله لهؤلاء جمیعا فهو قضیة العرف و العادة و به صرح جماعة و اقتضاه کلام آخرین بل یتناول المسلم و الکافر منهم کما فی (التذکرة) و غیرها إلا أن تدل القرینة علی إرادة المسلم کما ذکروه فی الوصیة إلی الفقراء و أما أنه بالسویة فقد تقدم وجهه و فرق بینه و بین المیراث لأن المیراث یستحق بقرابة مخصوصة و الوصیة بقرابة مطلقة و هو أی القریب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 414
و قیل لمن یتقرب إلیه إلی آخر أب و أم له فی الإسلام و معناه الارتقاء إلی أبعد جد فی الإسلام و إلی فروعه و لا یرتقی إلی آباء الشرک (1) و لا یعطی الکافر (2) و کذا لو قال لقرابة فلان (3)
______________________________
مشترک معنوی
(قوله) (و قیل لمن یقرب إلیه إلی آخر أب و أم له فی الإسلام و معناه الارتقاء إلی أبعد جد فی الإسلام و إلی فروعه و لا یرتقی إلی آباء الشرک)
قد بین المصنف مراد القائلین بهذا القول بأن مرادهم أن من یقرب إلیه و لو بأبعد جد و جدة بشرط کونهما مسلمین و من کان من فروعه و إن بعدت مرتبته بالنسبة إلیه معدود قرابة إذا کان الجد مسلما و ملخصه أن لکل قبیلة أبا تعرف به فإن عرفت بأب مسلم فذاک و إن عرفت بأب قبل الإسلام لم یعتد به کما هو خیرة (المقنعة) و (النهایة) و (الغنیة) و زاد فی (المقنعة) و لا یرجع علی من یتعلق بمن نأی عنهم فی الجاهلیة و معناه ما ذکرنا (و یأتی للمصنف) فی البحث الثانی ما یقرب من هذا القول قال و لو أوصی لأقارب علوی معین فی زمانه ارتقی فی بنی الأعمام من أقاربه إلی أقرب جد ینتهی إلیه الرجل فیرتقی إلی بنی علی (ع) دون بنی عبد المطلب و بعد زمانه لا یصرف إلا إلی أولاد ذلک العلوی و من ینتسب إلیه لا إلی علی (ع) و قد انفرد بهذا التفصیل و أنکره علیه المحقق الثانی کما یأتی بیانه إن شاء اللّٰه (و لعلهم) یستندون فی المقام إلی صدق اسم القرابة علیه لغة و اعتبر الإسلام لقوله (ع) قطع الإسلام أرحام الجاهلیة و قوله تعالی إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ أَهْلِکَ هذا إن قلنا إنه یشترط إسلام أقصی أب و إن قلنا إنه لا یشترط الإسلام لکن یشترط إدراک الإسلام لم یتجه الاستدلال (و علی القولین) لو أوصی العلوی لقرابته لا تدخل فیها أولاد عبد المطلب لأنه لم یدرک الإسلام و فی (المبسوط) و (المهذب) أنهما ما وجدا به أی قول (النهایة) نصا و لا دلیلا مستخرجا و لا شاهدا و فی (السرائر) أنه لا یحل و لا یجوز الرکون إلیه و عن أبی علی أنهم من یقرب إلیه من جهة ولده أو والدیه و أنه قال لا أختار أن یتجاز بالتفرقة أولاد الأب الرابع لأن النبی (ص) لم یتجاوز ذلک فی تفرقة سهم ذوی القربی من الخمس و لعله أراد أنه (ص) بدأ منه (ص) إلی هاشم فهو (ص) و عبد اللّٰه و عبد المطلب و هاشم و هو قول لبعض العامة ذکره فی مقام آخر فی (التذکرة) و لا دلالة فی ذلک علی أن ذوی القربی حقیقة فی مستحق الخمس و إنما ذلک أمر إرادة اللّٰه تعالی و فسره النبی (ص) بدلیل ما روی أنه لما نزل قوله تعالی قُلْ لٰا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبیٰ قیل یا رسول اللّٰه من قرابتک هؤلاء الذین أوجبت علینا مودتهم قال علی و فاطمة و ابناهما ذکره صاحب الکشاف و غیره و هو معنی آخر للقرابة بالنسبة إلیه (ص) و هناک قولان آخران أحدهما لأبی حنیفة و هو أن الرحم و القرابة کل رحم محرم و أما من لیس بمحرم فلا یدخل الثانی أنه الوارث من الأقارب
(قوله) (و لا یعطی الکافر)
الظاهر أنه تفریع ثان علی قول الشیخین فکأنه قال و لا یرتقی إلی آباء الشرک و إن عرفوا بالنسب لقوله (ص) قطع الإسلام الحدیث و لا یعطی الکافر و إن انتسب إلی مسلم لقوله تعالی إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ أَهْلِکَ و یحتمل أن یکون تفریعا علی القول الأول لدلالة القرینة علی إرادة المسلم کما فی الوصیة إلی الفقراء کما تقدم
(قوله) (و کذا لو قال لقرابة فلان)
أی یرجع فیه إلی العرف عند المعظم و تجی‌ء فیه الأقوال
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 415
و لو قال لقرابة النبی (ص) فهو لأولاد عبد المطلب و لأولاد هاشم دون بنی عبد شمس و بنی نوفل و الأقرب دخول بنی المطلب هنا (1) و لو أوصی لأقرب الناس إلیه أو لأقرب أقاربه نزل علی مراتب الإرث (2) لکن یتساوی المستحق فللذکر مثل الأنثی و للمتقرب بالأب مثل المتقرب بالأم (3)
______________________________
(قوله) (و لو قال لقرابة النبی (ص) فهو لأولاد عبد المطلب و لأولاد هاشم دون بنی عبد شمس و بنی نوفل و الأقرب دخول بنی المطلب هنا)
قد تقدم فی باب الوقف أن عبد مناف و اسمه المغیرة و قد ولد هاشما و عبد شمس و المطلب و نوفلا و أبا عمرو و أن هاشما ولد عبد المطلب و أسدا و غیرهما ممن لم یعقب لأن هاشما لم یعقب إلا من عبد المطلب و أن عبد المطلب ولد له عشرة ذکور و لم یعقب إلا من خمسة عبد اللّٰه و أبی طالب (ع) و الحارث و أبی لهب و العباس فإذا أوصی لقرابة النبی (ص) فلا ریب فی دخول عبد المطلب و أولاده دون أخوة هاشم و أولادهم کنوفل و عبد شمس و أولادهما و الظاهر أن أبا عمرو لم یعقب فیبقی الکلام فی أولاد المطلب فیحتمل دخولهم فی قرابته لقوله (ص) نحن و بنو المطلب لم نفترق فی جاهلیة و لا إسلام فجعل بنی هاشم و بنی المطلب متحدین فی القبیلة و الأحکام کالجماعة الواحدة إذ لیس المراد افتراق المکان و لا فی غیر الأحکام فکانوا کبنی هاشم فی تناول لفظ القرابة لهم (و هو) خیرة (الإیضاح) و لما کان قضیة ذلک أنهم یستحقون الخمس نبه المصنف علی عدم استحقاقهم له بقوله هنا لأن استحقاقه جاء من دلیل آخر من قوله و فعله (ص) و لا یلزم من اختصاص بعض القرابة بحکم بالنص علی عینه نفی البعض الآخر عن باقی الأحکام لا من لفظ القرابة (کذا) و فیه أن اللّٰه سبحانه و تعالی جعل الخمس لذی القربی فإن دخلوا فی ذی القربی و القرابة استحقوا الخمس و إلا فلا و لا ریب فی عدم استحقاقهم الخمس فلا یدخلون فی القرابة و هو الاحتمال الثانی و هذا وجهه و الخبر المذکور لا دلالة فیه إذ المتبادر عدم الافتراق فی النصرة و المعاضدة بقرینة ذکر الجاهلیة فإنه لیس هناک أحکام تجری علیهم و قوله (ص) لم نفترق إنما یدل علی عدمه فیما مضی و لا دلالة علیه فی المستقبل فتأمّل لأن الوصیة تتبع دلالة اللفظ و قد نص النبی (ص) علی عدم الافتراق و دلالته عرفیة علی الاتحاد فی الأحکام و القبیلة (و قد تأمّل) فی دخولهم صاحب (جامع المقاصد) و لعل عدم الدخول هو الظاهر من (التذکرة) کما أنه هو الظاهر
(قوله) (و لو أوصی لأقرب الناس إلیه أو لأقرب أقاربه نزل علی مراتب الإرث)
کما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و هو المستفاد من کلام القاضی و هو ظاهر لأن أهل المرتبة الأولی أقرب من أهل المرتبة الثانیة و قد حکینا ذلک فی الوقف عن عدة کتب و حکینا علیه الشهرة و (للمهذب) فی المقام تفصیل طویل یدل علی عدم تنزیله علی مراتب الإرث و یأتی للمصنف فی البحث الثالث أنه لو أوصی لأقارب أقاربه أنه یدخل فیه الأب و الابن و قلنا إنه لأقرب أقاربه إنه کذلک إجماعا حکاه فی (التذکرة) و قال المصنف هناک إنه لو أوصی لأقاربه دخل الوارث و غیره و هذه مقامات أخر غیر ما نحن فیه ذکرها هناک فی مقابلة العامة کما یأتی بیانه
(قوله) (لکن یتساوی المستحق فللذکر مثل الأنثی و للمتقرب بالأب مثل المتقرب بالأم)
کما فی (الکتب الأربعة) لاستواء نسبتهم إلی سبب الاستحقاق و هو الوصیة و الأصل عدم التفاضل و إنما جاء التفاضل فی الإرث من قبل النص لا من الأقربیة للإجماع علی أن الأقرب یحجب الأبعد فلو کان
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 416
و فی تقدیم ابن العم من الأبوین علی العم من الأب هنا (1) نظر و فی التسویة بین الأخ من الأم و الأخ من الأبوین فی العطاء نظر (2) و لو أوصی لجماعة من أقرب الناس إلیه و وجد ثلاثة من أقرب الناس إلیه فما زاد فی درجة واحدة أعطوا (3) و فی جواز تخصیص ثلاثة به دون الزائد نظر (4)
______________________________
ذو السهم الأکثر أقرب لحجب الآخر
(قوله) (و فی تقدیم ابن العم من الأبوین علی العم من الأب هنا نظر)
الأقرب عدم التقدیم کما فی (التذکرة) و هو الأصح کما فی (جامع المقاصد) و کذا (الحواشی) و به جزم فی (الإیضاح) و ظاهر (المبسوط) أنه لا خلاف فیه لأن العم أقرب فی الدرجة و تقدیم ابن العم فی الإرث خرج بالدلیل لتصریحهم باستثناء هذه المسألة و هذا هو الوجه الآخر للنظر و قد استوفینا الکلام فی المسألة فی المواریث و حکینا عن جماعة إن ابن العم أقرب
(قوله) (و فی التسویة بین الأخ من الأم و الأخ من الأبوین فی العطاء نظر)
و نحوه ما فی (الإیضاح) من عدم الترجیح و فی (جامع المقاصد) و کذا (الحواشی) أن الأصح التسویة لاستوائهما فی الدرجة و فی (التذکرة) أن الأخ من الأبوین أقرب علی الأقوی و به جزم فی (المهذب) و قد یظهر من (المبسوط) أنه لا خلاف فی أنه أولی (و قد استدل) علیه الشارحان بأن له سببان کل واحد منهما موجب للاستحقاق فلو کانا فی اثنین لاستحق کل واحد منهما بسبب نسبه فکذا إذا اجتمعا فی الواحد و بخبر زرارة الدال علی قسمة الأعمام و الأخوال فی الوصیة بالتفاوت و بمکاتبة سهل الدالة علی قسمة الأولاد فیها أیضا بالتفاوت مع أن الثانی لم یعمل به أحد و قد عرفت فیما سلف الحال فی الأول و قضیة کلامهما أنا إذا لم نقل بالتسویة أن الأخ من الأبوین یأخذ ثلثین و الأخ من الأم الثلث و قضیة کلام (التذکرة) و کذا (المبسوط) أنه یقدم علیه و یمنعه کتقدیم الأخ من الأبوین علی الأخ من الأب و بذلک صرح فی وقف (المبسوط) و قال فی (التذکرة) الأخ من الأبوین أقرب من الأخ من الأب خاصة و لهذا قدم علیه فی المیراث و هل هو أقرب من الأخ من الأم الأقوی ذلک و إن شارکه فی المیراث انتهی و ینبغی مراجعة باب الوقف فی ذلک
(قوله) (و لو أوصی لجماعة من أقرب الناس إلیه و وجد ثلاثة من أقرب الناس إلیه فما زاد فی درجة واحدة أعطوا)
أما أنه لا بد من الصرف إلی ثلاثة لا أنقص فلأنه قد أتی فی وصیته بلفظ الجماعة و أقل الجمع و الجماعة ثلاثة عنده کما هو المشهور و أما أنه یجوز إعطاء ما زاد فلأن لفظ الجماعة مما یتناوله کما هو ظاهر و إنما الإشکال فی جواز تخصیص ثلاثة دون الزائد کما یأتی
(قوله) (و فی جواز تخصیص ثلاثة دون الزائد نظر)
أصحه الجواز کما فی (جامع المقاصد) و الأقرب عدم وجوب التعمیم کما فی (التذکرة) لأنه یصدق أنه صرف الوصیة إلی جماعة من أقرب الناس إلیه و لا دلیل علی وجوب الصرف إلی ما زاد إذ لیس الموصی له هو الجمیع لعدم دلالة لفظ الوصیة علیه بخصوصه فیتحقق البعض و لیس معینا بخصوصه بل هو منتشر فیهم فیتحقق الامتثال بالصرف إلی ما یقع علیه لفظ الجماعة منهم کما لو أوصی إلی الفقراء و هو أحد وجهی الشافعیة و فی (الإیضاح) أن الأصح وجوب الاستیعاب و عبارته لا تخلو عن اضطراب لحصول یقین البراءة بالاستیعاب علی حسب ما یمکن لأن نسبة اللفظ إلی الجمیع واحدة فلا یخص بها البعض و إلا لزم الترجیح بلا مرجح و لأن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 417
و لو لم یوجد ثلاثة فی درجة واحدة أکمل من الثانیة أو الثالثة (1) فلو کان له ابن و أخ و عم تساووا (2) و لو کان له ابن و ثلاثة أخوة دخلوا أجمع فی الوصیة (3) و الأقرب إعطاء الابن الثلث (4)
______________________________
الموصی له إما الجمیع أو البعض و الثانی إما أن یکون معینا و هو محال لعدم دلالة اللفظ علیه أو غیر معین و هو محال لأن الوصیة لغیر المعین باطلة فتعین الأول و هو المطلوب بخلاف الوصیة إلی الفقراء لأن المقتضی هناک صفة الفقر و قضیة بعض أدلته أنه لو صرح بالوصیة لثلاثة من أقرب الناس إلیه و کان هناک أزید من ثلاثة لزم التعمیم أو بطلان الوصیة و اللازمان باطلان و قد تقدم لنا فی باب الوقف ما له نفع تام عند قوله لو وقف علی قبیلة عظیمة و یأتی للمصنف و لنا عند قوله و لو أوصی لغیر المنحصر کالعلویین صح و لا یعطی أقل من ثلاثة ما لا بد من مراجعته
(قوله) (و لو لم یوجد ثلاثة فی درجة واحدة أکمل من الثانیة أو الثالثة)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و قضیة کلام (الإیضاح) فیما یأتی لأنه یصدق علی من فی الدرجة الأولی مع من فی الدرجة الأخری أنهم جماعة من أقرب الناس إلیه لأنهم أقرب بالنسبة إلی من عداهم و فی (التحریر) أن فی تشریک الطبقة الثانیة نظرا
(قوله) (فلو کان له ابن و أخ و عم تساووا)
أی تکون الوصیة بینهم أثلاثا کما فی (جامع المقاصد) و علی إشکال فی (التذکرة) و کذا لو کان له ابن و أخوان
(قوله) (و لو کان له ابن و ثلاثة أخوة دخلوا أجمع فی الوصیة)
کما فی (التذکرة) و معنی دخولهم فی الوصیة جمیعا أنه یجوز الدفع إلیهم جمیعا لأنه یصدق صرف الوصیة إلی جماعة من أقرب الناس إلیه لأنه بصدد بیان ذلک و لیس المراد أنه یجب الدفع إلیهم فیندفع عنه قوله فی (جامع المقاصد) أنه قد سبق عن قریب تردده و فی جواز تخصیص ثلاثة دون الزائد و فی وجوب الصرف إلی الجمیع فیکون هذا رجوعا عن التردد إلی الجزم و علی ما اخترناه فإنما یجب الدفع إلی أخوین مع الابن انتهی و هو کما عرفت لیس فی محله کما هو واضح
(قوله) (و الأقرب إعطاء الابن الثلث)
هذا هو الأصح کما فی (الإیضاح) و الذی ینبغی کما فی (التذکرة) لأنه لو کان مع الابن ابنان آخران لمنعوا الأخوة و أخذ هو الثلث و استحقاق الأخوة إنما هو لنصیب الاثنین المعدومین و لأنا أقمنا من وجد فی الدرجة الثانیة مقام من عدم من الدرجة الأولی لضرورة الجمع و لأن المستحق للجمیع مجموع ثلاثة من أقرب الناس إلیه فمستحق الثلث واحد من أقرب الناس و هو ثابت إذ لا یشترط الاجتماع فی الدرجة الواحدة هنا و أیضا الثلاثة تحجب عن الجمیع فواحد یحجب عن الثلث و فی (الجمیع نظر) إذ یرد (علی الأول) أن الأولاد لو کان أربعة و دفع الوصیة إلی الجمیع وجوبا أو جوازا لاستحق الابن الربع فیکون للأخوة علی هذا الفرض نصیب المعدومین من الأولاد هنا ثلاثة أرباع دون ثلثین و لو کان خمسة لکان له الخمس و هکذا و لا ترجیح لواحد من هذه الأمور المفروضة علی غیره فلم یبق إلا اعتبار عدد الجمیع حال الدفع و (علی الثانی) أن المعدوم من الدرجة الأولی کما یمکن فرضه اثنین یمکن فرضه أزید ثم إن استحقاق من وجد فی الدرجة الثانیة فی هذه الصورة لیس لقیامهم مقام من فقد فی الدرجة الأولی بل ذلک ثابت لهم بالإضافة من حیث تناول لفظ الموصی لهم الآن و (علی الثالث) أن المستحق هم الموجودون مع وصف الأقربیة و إن زادوا علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 418
و لو أوصی للعصبة دخل فیهم القریب و البعید دون المتقرب بالأم خاصة (1) و لو أوصی لأهل بیت فلان دخل فیه الآباء و الأولاد و الأجداد و الأعمام و الأخوال و أولادهم (2)
______________________________
الثلاثة لا مجموع ثلاثة و (علی الرابع) أن الواحد یحجب عن الثلث مع الثلاثة لا مع الأربعة و (الأصح) کما فی (جامع المقاصد) إعطاء الابن کغیره فإن أعطی ثلاثة فالثلث و إلا فالربع
(قوله) (و لو أوصی للعصبة دخل فیهم القریب و البعید دون المتقرب بالأم خاصة)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و هو معنی ما فی (الصحاح) و (مجمع البحرین) من أن عصبة الرجل بنوه و قرابته لأبیه لأنهم عصبوا به أی أحاطوا به فالأب طرف و الابن طرف و الأخ جانب و العم جانب و فی القاموس العصبة محرکة الذین یرثون الرجل عن کلالة من غیر والد و لا ولد فأما فی الفرائض فکل من لم یکن له فریضة مسماة انتهی و هو یخالف ما فی (الصحاح) و فی (التذکرة) أنهم من یرث بالتعصیب فی الجملة سواء کانوا ممن یرث فی الحال أو لم یکن و سواء القریب و البعید و لا خلاف فی أنهم لا یکونون من جهة الأم انتهی فتأمّل و تمام الکلام فیما یأتی فی أواخر البحث الثانی عند قوله و لو أوصی لعصبة زید إلخ و العصبة جمع عاصب ککفرة جمع کافر و هو أیضا یجمع علی عصائب و کیف کان فإنهم یستوون فی الوصیة کغیرهم من المتعددین
(قوله) (و لو أوصی لأهل بیت فلان دخل فیه الآباء و الأولاد و الأجداد و الأعمام و الأخوال و أولادهم)
هذا یوافق ما فی (الوسیلة) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (التلخیص) و (جامع المقاصد) و یخالف ما حکاه تغلب عن العرب کما ستسمع و لیس فی کلام أهل اللغة ما یحققه بل ظاهر (المصباح المنیر) و (مجمع البیان) و ما حکی عن ابن درید أنه معروف حیث یقولون فی تفسیر الآل آل الرجل قرابته و أهل بیته و ظاهرهم إحالته علی العرف و أهل العرف لا یطلقونه علی الظاهر إلا علی من هو فی بیته تجری علیه نفقته و فی (القاموس) أهل البیت سکانه و قد یطلق فی العرف علی القرابات فیقال الفلانیون أهل بیت فی النسب معروفون قاله فی (جامع المقاصد) و قال إن استعمال أهل البیت فی القربات موجود (قلت) قال فی (التذکرة) لو أوصی لأهل بیته صرف إلی أقاربه من قبل الأب و من قبل الأم فیعطی الأبوان و آباؤهم من الجدات و الأجداد و أبناؤهم و الأعمام و الأخوال ذکورهم و إناثهم و یعطی الأولاد و أولاد أولاد الذکر و الأنثی و بالجملة کل من یعرف بقرابته انتهی و المراد بأبنائهم أبناء الآباء فتدخل الأخوة و حکی عن تغلب أنه قال أهل البیت عند العرب آباء الرجل و أولادهم کالأجداد و الأعمام و أولادهم و یستوی فیه الذکر و الأنثی انتهی و لا تعرض فیه للأخوال و فی (النافع) و (الشرائع) أنه لو أوصی لأهل بیته دخل فیهم الآباء و الأولاد و فیه أنه یلزم منه خروج أمیر المؤمنین (ع) عن أهل البیت و هو خلاف ضرورة المذهب و قد أنکره علیه المقداد و غیره فتأمّل و (حکی) عن بعض الحنابلة أن أولاد الرجل لا یدخلون فی اسم القرابة و لا أهل بیته ثم قال و خطاهم باقیهم لأن ولد النبی (ص) من أهل بیته و أقاربه الذین حرموا الصدقة قال (ص) إنا أهل بیت لا تحل لنا الصدقة و (کیف کان) فاستعمال أهل البیت فی القرابات لا یکاد ینکر (لکن) قال فی (جامع المقاصد) فی کون ذلک حقیقة اللفظ تردد و قال قد اضطرب کلام العامة فی تفسیر أهل بیت النبی (ص) و أطبق أصحابنا و جمع من العامة علی أنهم علی و فاطمة و أبناؤهما (ص) و لو کان لهذا اللفظ معنی هو حقیقة لما وقع هذا الاضطراب إلا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 419
و لو أوصی لأهل فلان فهو لزوجته و یحتمل من تلزمه نفقته (1) و الذریة الأولاد و أولادهم ذکورا و إناثا و خناثی (2) و الأختان أزواج البنات (3)
______________________________
أن یقال هذا هو معنی اللفظ لغة و أهل بیته (ص) اختصوا بالنص علیهم و ینبغی أن یقال إن کان عرف الموصی یقتضی معنی آخر وجب المصیر إلیه لأن الظاهر إنما یرید بلفظه ما یتعارف بینهم و لا خفاء فی أنه إذا دلت القرینة علی شی‌ء أنه أراده وجب المصیر إلیه و لا یتبع أظهر معانی اللفظ بالوضع أو الاستعمال إلا مع عدم التمکن من معرفة مراده و یحتمل أن یفوض الأمر فیما نحن فیه إلی اجتهاد الحاکم أو إلی رأی الوصی حیث إنه جعل الأمر إلیه
(قوله) (و لو أوصی لأهل فلان فهو لزوجته و یحتمل من تلزمه نفقته)
قال فی (جامع المقاصد) أن الشائع بین أهل اللغة أن أهل الرجل مع قطعه عن لفظ البیت زوجته قلت قال فی (المهذب) آل الرجل کل من یئول إلیه بنسب أو قرابة مأخوذ من الأول و هو الرجوع و أهله کل من یضمه و قال أن الأهل أعمّ من الآل یقال أهل البصرة و لا یقال آل البصرة و (فی الصحاح) أهل الرجل أهل الدار و فی (المصباح) أهل الرجل و هم ذوو قرابته و قد أطلق علی أهل بیته و علی الأتباع و فی (القاموس) أهل الرجل عشیرته و ذوو قرابته و فسر فی (الکشاف) الأهل بمن یختص به من ذویه أو المؤمنین نعم فی (الأساس) أهل الرجل أهولا و تأهل تزوج و رجل آهل و فی الحدیث أنه أعطی العزب حظا و أعطی الآهل حظین و المراد من کان فی عیاله و (قد استدل) علی الأول أی علی کونه الزوجة فی (التذکرة) و (الإیضاح) بقوله تعالی فَقٰالَ لِأَهْلِهِ امْکُثُوا و المراد امرأته و استدل فیهما علی الثانی بقوله تعالی فَأَنْجَیْنٰاهُ وَ أَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ و المراد من کان فی عیاله ثم قال فی (التذکرة) فعلی الأول لو صدرت الوصیة من امرأة بطلت و یرد علی الأول بأن الأهل یستعمل فی غیر الزوجة و أقله أن یکون مجازا یصار إلیه عند تعذر الحقیقة بقرینة الحال کما لو أوصی لأولاده و لیس له إلا أولاد أولاد و علی الثانی أن لا دلالة فی الآیة الشریفة علی أن الأهل من وجبت نفقته و الذی یقتضیه النظر الحمل علی المعنی المتبادر فی عرف الموصی إذا لم تدل قرینة علی معنی آخر و مع انتفائها ففی (جامع المقاصد) أن الحمل علی الزوجة قریب لأنه أشیع فتأمّل
(قوله) (و الذریة الأولاد و أولادهم ذکورا و إناثا و خناثی)
کما فی (التذکرة) و (التلخیص) و (جامع المقاصد) إلا أنهما لم یذکر فیهما الخناثی و هو معنی قوله فی (الوسیلة) الذریة الولد و ولد الولد و قوله فی (الصحاح) و (القاموس) ذریة الرجل ولده و نحوه ما فی (المصباح) و غیره و قال فیه إنها تطلق علی الآباء أیضا مجازا و أن فیها ثلاث لغات أفصحها ضم الذال و بها قرأ السبعة فی قوله جل و علا إِلّٰا ذُرِّیَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ أی بعض أولاد قومه لأن الآباء لم یؤمنوا خوفا من فرعون و الثانیة کسرها و الثالثة فتح الذال مع تخفیف الراء وزان کریمة و قد اتفقت الکلمة من الفقهاء و أهل اللغة و المفسرین علی خلاف مالک و أحمد حیث قالا لا یدخل فیها أولاد البنات و یبطل بقوله عز و جل وَ مِنْ ذُرِّیَّتِهِ دٰاوُدَ وَ سُلَیْمٰانَ إلی قوله سبحانه و تعالی وَ عِیسیٰ و العقب و النسل مثل الذریة کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد)
(قوله) (و الأختان أزواج البنات)
کما فی (التذکرة) و کما هو عند العامة کما فی (المصباح) و (الصحاح) و کذا (مجمع البحرین) و زاد فی (الأساس) أن الختن زوج الأخت أیضا و فی (الصحاح)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 420
و الأصهار آباء زوجاته و أمهاتهن (1) و الآل القرابة (2) و العترة الأقرب إلیه نسبا و قیل الذریة (3)
______________________________
أیضا و (القاموس) کما حکی عن الأزهری و ابن السکیت أن الختن بالتحریک کل ما کان من قبل المرأة کالأب و الأخ و فی (المصباح) و کذا (المجمع) أنه کذلک عند العرب و زاد فی (القاموس) أنه الصهر و عن الأزهری أیضا أن الختن أبو المرأة و الختنة أمها فکانت الأقوال فیه مختلفة و عن أبی حنیفة أنه یدخل فیها أزواج العمات و الخالات و یأتی ما له نفع فی ذلک و الأولی اتباع عرف الموصی و إن دلت القرینة علی شی‌ء تعین اتباعه صح و إلا یتبع أظهر معانی اللفظ بالوضع أو الاستعمال
(قوله) (و الأصهار آباء زوجاته و أمهاتهن)
کما فی (التذکرة) و فی (القاموس) أن الصهر زوج بنت الرجل و زوج أخته و عن الأزهری أن الصهر یشمل قرابات النساء و ذوی المحارم کالأبوین و الأخوة و أولادهم و الأعمام و الأخوال و الخالات قال فهؤلاء أصهار زوج المرأة و عن الخلیل أن الأصهار أهل بیت المرأة و فی (الصحاح) و کذا (المجمع) أن من العرب من یجعل الصهر من الأحماء و الأختان جمیعا و عن ابن السکیت أن کل ما کان من قبل الزوج من أب و أخ و أخت أو عمة هؤلاء أصهار و من کان من قبل المرأة أختان و أما الأصهار یجمع الصنفین و عن ابن فارس أن الحمو یکون من الجانبین کالصهر و فی (القاموس) أن حمو المرأة أبو زوجها و من کان من قبله و حمو الرجل أبو امرأته و أخوها أو عمها أو الأحماء من قبلها خاصة و قد عرفت أن الأولی فی مثله اتباع العرف إلا أن یتعین غیره إلی آخر ما تقدم آنفا
(قوله) (و الآل القرابة)
کما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و فی (کشف الغمة) أن حقیقة الآل لغة القرابة و فی (مجمع البیان) و (المهذب) فی اللغة أنهم أهله و قرابته و فی (الصحاح) و (القاموس) أنهم أهله و عیاله و أتباعه و نحوه ما فی (المصباح المنیر) من أنهم ذوو قرابته و قد أطلق علی أهل بیته و الأتباع انتهی و فی (مجمع البحرین) أنه سأل الصادق (ع) من الآل فقال ذریة محمد (ص) فقیل له من الأهل فقال الأئمّة (ع) و مثله آخر مروی فی معانی الأخبار قیل فیه من آل محمد (ص) فقال ذریته فقیل و من أهل بیته فقال الأئمّة (ع) و قیل من عترته فقال أصحاب العباء و قد تقدم عند قوله و لو أوصی لأهل بیته ما له نفع فی المقام و لو اقتضی العرف أو القرینة شیئا وجب المصیر إلیه کما تقدم هذا (و قال) فی (التذکرة) لو أوصی لآله صرف إلی قرابته قضیة العرف قال زید بن أرقم آل رسول اللّٰه (ص) و عترته الذین حرموا الصدقة بعده آل علی و آل العباس و آل جعفر و آل عقیل و ظاهره أنه مستدل به و هو ساقط علی مذهبنا لأن آل ما عدا علی (ع) لیسوا آلا له (ص) قطعا عندنا
(قوله) (و العترة الأقرب إلیه نسبا و قیل الذریة)
القول الأول خیرة الشیخین فی (المقنعة) و (النهایة) و (الإرشاد) و فی (نهایة) ابن الأثیر أنهم أخص أقاربه و فی (جامع المقاصد) أنه أعرف و أشهر و فی (الدروس) أنها الذریة و الأخص من قرابته و هم أخص من العشیرة و أعمّ من الذریة و قد سمعت ما فی الخبر و فی (المبسوط) و کذا (التحریر) أنها قرابته و فی (الصحاح) و (القاموس) أنها نسله و رهطه الأدنون و زاد فی الثانی ممن مضی و غیره و نحوه ما فی (الأساس) نقلا عن (العین) و عن ابن الأعرابی أنها ولده و ذریته من صلبه حکاه عنه تغلب و عن ابن قتیبة أنهم عشیرته و ستسمع معنی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 421
و العشیرة القرابة (1) و قوم أهل لغته (2)
______________________________
العشیرة (و القول) الثانی خیرة (المبسوط) و (الخلاف) و (الغنیة) و (الوسیلة) و (الجامع) و (التلخیص) مدعی علیه الإجماع فی (الثلاثة) الأول و لا ترجیح فی (التذکرة) فی الباب و باب الوقف و لا فی (الإیضاح) و عن ابن السکیت بأن الرهط و العترة بمعنی واحد و عن ابن فارس أن رهط الرجل قومه و عشیرته الأقربون و هو الرجال دون النساء و فی (نهایة) ابن الأثیر أن عترته (ص) أولاده و أولاد علی (ع) و قال إن المشهور المعروف أنهم أهل بیته الذین حرمت علیهم الزکاة و (سئل) أمیر المؤمنین (ع) من العترة فقال أنا و الحسن و الحسین و التسعة من ولد الحسین تاسعهم مهدیهم و قائمهم (ص) و قال تغلب قلت لابن الأعرابی فما معنی قول أبی بکر فی السقیفة نحن عترة رسول اللّٰه (ص) قال أراد بذلک بلدته و بیضته (قلت) و یشهد له قوله بعد ذلک و بیضته التی تفقأت عنه و لا تغفل عن العرف و القرینة و کیف کان فعلی القول الأول یمنع الأقرب الأبعد و علی الثانی لا یمنع
(قوله) (و العشیرة القرابة)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و قد نسبه فی (المسالک) إلی کتب المصنف و لیس کذلک کما ستعرف نعم هو معنی ما فی (الصحاح) و أحد احتمالات (القاموس) من أن العشیرة القبیلة و کذا (مجمع البحرین) من أنهم الرجال الذین هم من قبیلته ممن یطلق فی العرف أنهم عشیرة و فی (المقنعة) و (المراسم) و (النهایة) و (السرائر) و (الشرائع) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (التبصرة) أن العشیرة هم الخاص من أهله الذین هم أقرب الناس إلیه فی نسبه و قد قال فی وقف (الغنیة) إنه مروی و لعله معنی قوله فی (الدروس) العشیرة الذریة و الخاص من قومه ثم قال و قال ابن زهرة الذریة لا غیر و الموجود فی الغنیة ما سمعته و اختار أنه یعمل بعرف قومه فی ذلک الإطلاق و لعله أیضا معنی ما فی (القاموس) و غیره من أن عشیرة الرجل بنو أبیه الأدنون أو قبیلته انتهی و عن بعض الشافعیة أن العشیرة و القبیلة لا تدخل فیهما إلا قرابة الأب و فی (المسالک) أن الأجود الرجوع إلی العرف و مع انتفائه فالعموم حسن و فی (جامع المقاصد) أن اتباع العرف فی ذلک مع عدم القرینة لا ریب فیه و قد سمعت ما تقدم لنا فی مثله
(قوله) (و قومه أهل لغته)
کما فی (التذکرة) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (التذکرة) (کذا) و لا ترجیح فی الأخیر (و الدروس) فی باب الوقف و قد نسب إلی القیل فی (الشرائع) و (التحریر) و اختیر فی (المقنعة) و (النهایة) و (الوسیلة) و (الغنیة) و (المختلف) و (الإیضاح) أنه یکون لجماعة أهل لغته من الذکور دون الإناث و هو المحکی عن القاضی و فی (السرائر) أنه مروی و فی (جامع المقاصد) و (المسالک) نسبته إلی الشیخین و أکثر الأصحاب و قال فی الأول إنه المشهور و قال فی (المسالک) إنه الأشهر و به صرح فی (الصحاح) و تکملته للصغانی فیما حکی عنه و لم أجده فی کتابه و (المصباح) و (المجمع) و فی (المراسم) یکون لجماعة أهل لغته و لم یخص الذکور للذکر فیشمل الأقارب و الأجانب و الذکور و الإناث و فی (الحواشی) أنه المنقول و به صرح فی (القاموس) و قال أبو الصلاح یعمل بالمعلوم من قصده فإن لم یعرف مقصده عمل بعرف قومه انتهی لکن الکلام مع انتفائهما (و قال الجوهری) و الفیومی إنه ربما دخل النساء تبعا و هو المحکی عن الصغانی لم أجده أیضا فی کتابه قلت لأن قوم کل نبی رجال و نساء إلا أن تقول کما قیل فی قوله تعالی یٰا قَوْمِ إنه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 422
و الجیران من یلی داره إلی أربعین ذراعا علی رأی (1) و لو أوصی لموالیه و له موال من أحد الطرفین صرف إلیه و لا یصرف إلی موالی أبیه (2) و لو اجتمعا فالأقرب البطلان (3) و لو لم یکن له موال ففی استحقاق موالی أبیه نظر ینشأ من کونه لیس مولی له (4) و من المصیر إلی المجاز عند تعذر الحقیقة (5)
______________________________
کان مقیما بینهم و لکن قد قیل إنهم کانوا قومه هذا و قد أنکر فی (السرائر) علی الشیخین و سلار فقال ما حاصله إنهم الرجال من أهله و عشیرته فجعلهم أخص مما قالوه من وجهین حیث قصره علی الرجال من الأهل و العشیرة و لم یجعله للذکور من أهل اللغة و رد فی (المختلف) و (الإیضاح) أن الشیخین أعرف باللغة و مقاصد العرب و فی (جامع المقاصد) لا ریب أن ما قاله ابن إدریس أقرب و أوفق بکلام أهل اللغة (قلت) لقد تتبعت ما حضرنی من کتب اللغة و هی ستة فلم أجد ما یوافقه إلا قول الفیومی قوم الرجل أقرباؤه الذین یجتمعون معه فی جد واحد و تبعه صاحب (مجمع البحرین) لکن القوم فی الکتاب المجید مضافا فی غایة الظهور فیما قاله الشیخان ثم إن مخالفة الأکثر فی تفسیر موضوع اللفظ مع ورود روایة فیه صریحة باعتراف الخصم منجبرة بالشهرة کما عرفت مما لا ینبغی الإقدام علیه
(قوله) (و الجیران من یلی داره إلی أربعین دارا علی رأی)
قد أسبغنا الکلام فیه فی باب الوقف إسباغا لم یوجد فی کتاب
(قوله) (و لو أوصی لموالیه و له موال من أحد الطرفین صرف إلیه و لا یصرف إلی موالی أبیه)
أما الحکم الأول فقد تقدم لنا فی باب الوقف نفی الخلاف فیه و حکایة الإجماع علیه عن ظاهر (المسالک) و فی (الخلاف) أن علیه إجماع الفرقة و أخبارهم لوجود ما یحمل علیه اللفظ حقیقة و تفرده قرینة دالة علی إرادته و حکینا هناک احتمال البطلان عن (التذکرة) و (جامع المقاصد) هنا لأن إبهام اللفظ لا یختلف بأن یوجد محامله أو لا توجد و أما الحکم الثانی فلأن اللفظ حقیقة فی موالی نفسه و مجاز فی موالی أبیه و لا یصار إلی المجاز مع إمکان الحقیقة و لیعلم أن لفظ المولی مشترک بین ستة معانی منها المعتق و یسمی المولی الأعلی و منها العتیق و یسمی المولی الأسفل و الفقهاء من الطائفتین لم یذکروا سواهما
(قوله) (و لو اجتمعا فالأقرب البطلان)
أی حیث یطلق و یقول لم أرد غیر مدلول اللفظ من غیر قصد أو تعذرت معرفة قصده و لو اختلف الأصحاب فی ذلک و قد استوفینا الکلام فیه و بلغنا فیه أبعد الغایات و قلنا إن الأصل فی هذا الاختلاف اختلافهم فی أصلین الأول أن المشترک یحمل علی جمیع معانیه أم یبقی مجملا و الثانی هل یشترط فی صحة الجمع اتحاد معنی أفراده حتی یمتنع تثنیة المشترک و جمعه باعتبار معانیه إلی آخر ما ذکرناه هناک
(قوله) (و لو لم یکن له موالی ففی استحقاق مولی أبیه نظر ینشأ من کونه لیس مولی له)
أی حقیقة و إنما یجوز میراثهم بسبب العصوبة و هو خیرة (التذکرة)
(قوله) (و من المصیر إلی المجاز عند تعذر الحقیقة)
لأن الحال یشهد بإرادة المجاز إذا کان الموصی عالما بالحال و لو لا ذلک لکان لفظه لغوا فیجب صیانته عن الهذر بحسب الإمکان و فی (جامع المقاصد) أنه أقوی و قد استشکل أیضا فی (التحریر)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 423
فإن أعطیناه فلو کان له موال و لأبیه موال فمات موالیه قبله لم یعط موالی أبیه بخلاف ما لو أوصی لأقرب الناس إلیه و له ابن و ابن ابن فمات الابن فی حیاته فإنه لابن الابن (1) و لو أوصی المسلم لأهل قریة أو للفقراء فهو للمسلمین من أهل القریة و من الفقراء دون الکفار (2) و لو کان جمیع أهل القریة کفارا صحت إن کانوا أهل ذمة و لو کان الأکثر أهل ذمة (3) ففی تخصیص المسلمین نظر (4)
______________________________
(قوله) (فإن أعطیناه فلو کان له موال و لأبیه موال فمات موالیه قبله لم یعط موالی أبیه بخلاف ما لو أوصی لأقرب الناس إلیه و له ابن و ابن ابن فمات الابن فی حیاته فإنه لابن الابن)
لصدق اللفظ علیه حقیقة إذ هو أقرب الناس إلیه حین الاستحقاق و فی (جامع المقاصد) أن فیه نظرا لأن الظاهر أن المراد ما صدق علیه اللفظ وقت الوصیة و فیه أنه مجاز و ذلک حقیقة فعلی هذا لو أوصی لموالیه و کان له موالی من أسفل ثم أعتق مملوکا لم یشارک الموجودین وقت الوصیة و یأتی له عند قول المصنف إذا قال أعطوه عبدا من عبیدی و لا عبد له تقویته و یأتی له عند قوله و یعتبر الثلث وقت الوفاة لا الوصیة التأمّل فیه أیضا و قد بینا هناک أنه لا ینبغی التأمّل فی ذلک
(قوله) (و لو أوصی المسلم لأهل قریة أو للفقراء فهو للمسلمین من أهل القریة و من الفقراء دون الکفار)
کما فی (التذکرة) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و کذا (الإیضاح) لقوله تعالی یُوصِیکُمُ اللّٰهُ فِی أَوْلٰادِکُمْ الآیة فلم تدخل الکفار إجماعا فی وصیة اللّٰه سبحانه و تعالی إذا کان المیّت مسلما مع عموم اللفظ فکذا فی وصیة المسلم و لأن الظاهر من حال المسلم عدم إرادة الکافر للعداوة الدینیة الراسخة بینهم و بینه و عدم الوصلة المانعة من المیراث و من وجوب النفقة علی فقیرهم و لذلک خرجوا من عموم اللفظ فی الأولاد و الأخوة و الأزواج و سائر الألفاظ العامة فی المیراث فکذا هنا لأن الوصیة أجریت مجری المیراث و منه یعلم حال ما إذا أوصی لقرابته و فیهم کفار و لیعلم أنه لو کان فی القریة مسلمون من غیر أهل نحلة الموصی لم یدخلوا فی الوصیة
(قوله) (و لو کان جمیع أهل القریة کفارا صحت إن کانوا أهل ذمة)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) إذ لا یمکن التخصیص و إلا لکان هذرا و لغوا مع شهادة الحال بإرادته الکفار و التقیید بکونهم أهل ذمة لأنه سبق له أن الوصیة لا تصح للحربی و قد ترکه فی (التذکرة) و کذا لو أوصی لقرابته و کانوا کلهم کفارا
(قوله) (و لو کان الأکثر أهل ذمة ففی تخصیص المسلمین نظر)
و نحوه ما فی (جامع المقاصد) من عدم الترجیح و الأقوی تخصیص المسلمین بالوصیة کما فی (التذکرة) و هو الأولی کما فی (الإیضاح) و کذا (الحواشی) لأن حمل اللفظ علیهم ممکن و التخصیص مع وجود القرینة جائز و إن بقی الأقل کما هو مختار جماعة کثیرین و إلا لزم عدم التخصیص مع مساواتهم أو کون الکفار أقل مع الاتفاق علی جوازه إذ وجه عدم التخصیص أنه من البعید إرادة الأقل وحده من لفظ العموم و فیه أن الاستبعاد مع قیام المقتضی للتخصیص لا یلتفت إلیه و کذا الحکم فی باقی ألفاظ العموم کما لو أوصی لإخوته أو عمومته أو للفقراء و المساکین و منه یظهر وجه النظر و لو لم یکن فی القریة إلا مسلم واحد و الباقی کفار دخلوا فی الوصیة لبعد إخراجهم لما فیه من مخالفة الظاهر کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و ظاهر الکتاب لقوله ففی تخصیص المسلمین الظاهر فی أن الباقی جماعة و فیه نظر یعلم مما سبق و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 424
و لو أوصی الکافر للفقراء صرف إلی فقراء أهل نحلته (1) و کذا لو أوصی لأهل قریته و إن کانوا کفارا (2) و فیها مسلمون ففی دخولهم نظر (3) و لو لم یکن فیها إلا المسلمون صرف إلیهم (4) و لو أوصی للجارح صح و إن سرت و لا تبطل و کذا القاتل علی إشکال (5)
______________________________
لذلک قال فی (التذکرة) بعد ذلک کله و الأقرب فی ذلک کله صرف لفظ الوصیة إلی المسلمین
(قوله) (و لو أوصی الکافر للفقراء صرف إلی فقراء أهل نحلته)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) لمکان القرینة و لقضیة الرضا (ع) و هی أن رجلا مجوسیا مات و أوصی للفقراء بشی‌ء من ماله فأخذه قاضی نیشابور فجعله فی فقراء المسلمین فکتب الخلیل بن هاشم إلی ذی الرئاستین و هو والی نیسابور بذلک فسأل المأمون عن ذلک فقال لیس عندی فی ذلک شی‌ء فسأل أبا الحسن (ع) فقال أبو الحسن (ع) إن المجوسی لم یوص لفقراء المسلمین و لکن ینبغی أن یؤخذ مقدار ذلک المال من مال الصدقة فیرد علی فقراء المجوس و قد تقدم فی باب الوقف ما له نفع فی المقام
(قوله) (و کذا لو أوصی لأهل قریته و إن کانوا کفارا)
الظاهر أن المراد و إن کانوا حربیین و إلا فلا معنی للعطف بأن الوصلیة إذ لیس هذا هو الفرد الأخفی فی هذا المقام إذ هو هنا الحربی لکن یشکل بأنه لا یصح الوصیة للحربی لأن ما له فی‌ء لنا
(قوله) (و لو کان فیهم مسلمون ففی دخولهم نظر)
أصحه الدخول کما فی (الإیضاح) و هو قضیة تعلیل (التذکرة) لمکان عموم اللفظ مع کونهم أحق و فی (جامع المقاصد) أن الأقرب عدم الدخول و هو قضیة کلام (الدروس) لمکان وجود قرینة التخصیص و هو العداوة الدینیة و الأحقیة ممنوعة فإن الأحق هو من أراده الموصی بالوصیة دون غیره و إن کان دینه الحق
(قوله) (و لو لم یکن فیها إلا المسلمون صرف إلیهم)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و هو قضیة کلام (الدروس) لأن تنفیذ الوصیة إنما یکون بالوصیة إلیهم و کذا یدخلون لو لم یکن فیها إلا کافر واحد و لو کان فی القریة کفار من غیر نحلة الموصی لم یدخلوا فی الوصیة عملا بالوصیة کما فی (جامع المقاصد) و کذا (التذکرة) غیر أنه احتمل فیها عدم الخروج لأن الکفار یتوارثون و إن اختلفوا فی الأدیان انتهی فتأمّل نعم یدخلون لو وجدت قرینة الدخول کما لو لم یکن فی القریة إلا هم
(قوله) (و لو أوصی للجارح صح و إن سرت و لا تبطل و کذا القاتل علی إشکال)
لا فرق بین الجارح إذا سرت جراحته إلی النفس و بین القاتل لأن کلا منهما قاتل فلا یندفع الاستدراک إلا بأن یجاب بأن الفرض بیان الاتحاد فی الموضوع و الحکم فینبغی أن یکون الإشکال فی کل منهما و لا یخفی أنه لا یتصور الوصیة للقاتل بعد القتل و إنما یتحقق إذا وجد سبب القتل (و ظاهر) إطلاق عبارة (الکتاب) هنا و فی باب القصاص (و الخلاف) و غیره عدا (التذکرة) أنه لا فرق بین العمد و الخطإ و لا بد من تقییده العمد بکونه ظلما فتصح للقاتل بحق کما أنه یرث کما صرح به فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (کیف کان) فقد اختیر فی (الخلاف) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و (قصاص الکتاب) فی موضع منه (و کشف اللثام) أن الوصیة تصح للقاتل و قضیة إطلاقهم أنه لا فرق بین أن تکون بموجب جنایة أو بشی‌ء آخر و أنه لا فرق فیه بین العمد و غیره کما عرفت و لا بین أن یکون
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 425
و کذا لو قتلت المستولدة سیدها فإنها تعتق (1) و کذا المدبر (2) و ذو الدین المؤجل (3)
______________________________
أوصی له قبل جرحه له أو بعده کما صرح بذلک کله فی (التحریر) و قد حکی ذلک عن أهل الحجاز و مالک لعمومات آیات الوصیة کقوله سبحانه و تعالی کُتِبَ عَلَیْکُمْ .. الْوَصِیَّةُ- مِنْ بَعْدِ وَصِیَّةٍ (و عن أبی علی) أنه قال لا وصیة لقاتل عمد لأن فعله مانع له من الوصیة کمنعه من المیراث و عن أبی حنیفة المنع مطلقا (و قد استشکل) فی موضع من قصاص الکتاب و فی وصایا (الدروس) حیث قال فیه نظر (و لا ترجیح) فی (المبسوط) و (قد فصل) فی (التذکرة) و (المختلف) و کذا (الإیضاح) و (الحواشی) قال فی (التذکرة) الوجه التفصیل و هو إنه إن أوصی قبل القتل أو الجرح الموجب للقتل لم تصح الوصیة کما لو قال أعطوا زیدا کذا ثم یقتله زید لأنه ربما طلب تعجیل الوصیة فبادر إلی قتله لیبلغ غرضه فاقتضت الحکمة منعه (قلت) قضیته أنه یکفی فی ذلک احتمال إرادة التعجیل و أنا لو قطعنا بعدم إرادته ذلک صحت الوصیة فتأمّل (و قالوا) بخلاف ما لو جرحه بالمهلک ثم أوصی له فإن الموصی له لم یقصد بقتله استعجال مال لعدم سببه و الموصی راض بالوصیة بعد صدور ما فعله فیه (قلت) هذا إذا نص علیه باسمه أما لو أوصی بلفظ عام یتناوله بعد فعل القتل فالأقوی المنع کما صرح به فی غیر (التذکرة) عملا بالعرف و العادة (و قضیة) ما اختاره فی (جامع المقاصد) الصحة لاقتضاء اللفظ العموم (و فیه) أن العرف و العادة التی جبلت علیها الطباع البشریة تخصص العموم (و قد أسبغنا) الکلام فی المسألة فی باب القصاص عند شرح قوله لو قال عفوت عنها و عن سرایتها صح العفو و فی صحته فی (السرائر) إشکال هذا و (قال) فی (التذکرة) و هل یقع فرق بین قتل العمد و الخطإ الأقرب ثبوت الفرق فیمنع من الوصیة مع العمد دون الخطإ و علیه دل قول ابن الجنید و لأن المقتضی للمنع فی العمد إنما هو الاستعجال و هذا إنما یکون بقصد القتل و لا یتحقق فی الخطإ و کأنه مال إلیه فی (جامع المقاصد) و لا بأس به لکن علی تفصیل فی العمد بین أن یکون أوصی له ثم جرحه بالمهلک فیمنع لمکان العادة و بین أن یکون جرحه ثم أوصی له باسمه فلا یمنع علی نحو ما مر فتدبر و تمام الکلام فی باب القصاص
(قوله) (و کذا لو قتلت المستولدة سیدها فإنها تعتق)
کما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (جامع المقاصد) و معناه أن المستولدة إذا قتلت سیدها فإنها تعتق من نصیب ولدها بغیر إشکال و لا یقدح فی ذلک استعجالها العتق لقتله کما تصح الوصیة للجارح و إن سرت و للقاتل علی إشکال فالتشبیه إنما هو فی أن الاستعجال غیر قادح فی المسألتین و قد حاول المصنف الدلالة علی عدم الإشکال هنا بقوله فإنها تعتق فإن ذلک کما یدل علی وجه الشبه یدل علی عدم مجی‌ء الإشکال للجزم به
(قوله) (و کذا المدبر)
أی لو قتل سیده لم یمنع ذلک من عتقه و نحوه ما فی (التحریر) لکن قال فی (التذکرة) لو قتل المدبر سیده فهو کما لو أوصی لإنسان فقتل الموصی له الموصی هل تبطل وصیته أم لا علی ما تقدم من الخلاف لأن التدبیر عندنا وصیة و ظاهره کما هو ظاهر (المبسوط) الإجماع علیه فیکون جزمه هنا بعتقه مع تردده فی الوصیة للقاتل محل نظر و لا یستقیم أن یراد بکذا مجی‌ء الإشکال لأنه لا یتم فی المستولدة و لا فی ذی الدین المؤجل
(قوله) (و ذو الدین المؤجل)
أی کذا ذو الدین المؤجل إذا قتل المدیون فإن القتل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 426
و لو أوصی لأصناف الزکاة أو لمستحقیها فالأقرب استحقاق کل صنف ثمن الوصیة (1) و الاکتفاء بواحد من کل صنف (2) و لو أوصی للفقراء دخل فیهم المساکین و بالعکس علی إشکال (3)
______________________________
لا یمنع الحلول بغیر إشکال و بذلک جزم فی (المبسوط) و (التذکرة) و (جامع المقاصد) و وجهه فی الأولین بأن الأجل حق من علیه الحق لیرتفق بالاکتساب فی المدة فإذا هلک فالحظ له فی التعجیل لتبرأ ذمته و معناه أن الحلول حظ لهما معا لا أنه حظ لذی الدین وحده لیقابل فیه بنقیض مقصوده لو قتل
(قوله) (و لو أوصی لأصناف الزکاة أو لمستحقها فالأقرب استحقاق کل صنف ثمن الوصیة)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (الإیضاح) لأنهم باعتبار الصنف ثمانیة محصورون فإذا وقعت الوصیة التی هی تملیک علی متعدد اقتضت التشریک و التسویة فیکون لکل صنف ثمن و لم ینقل فیه فی (التذکرة) خلافا لأحد من العامة بخلاف الزکاة حیث یجوز الاقتصار فیها علی واحد فإن الأصناف الثمانیة یراد بها بیان المصرف و من یجوز الدفع إلیه و یراد بالوصیة من یجب الدفع إلیه و لهذا لا یملک الفقیر الزکاة بمجرد قبولها من دون أن یقبضها و لا یعتبر قبوله بل و لا علمه بأنها زکاة و (ربما) احتمل ضعیفا إلحاقها بالزکاة فی حکمها فیکون کل واحد من الأصناف مصرفا تاما یجوز الاقتصار علیه و المفاضلة فی توزیعها علیهم نظرا إلی أن الوصیة لأصناف الزکاة یشعر بأنه جعل الوصیة کالزکاة و جاریة مجراها و ضعفه ظاهر هذا و الأقرب أنه لا یجب الاقتصار به علی أهل بلده کما فی (التحریر)
(قوله) (و الاکتفاء بواحد من کل صنف)
کما جزم به فی (التذکرة) و (التحریر) و هو الأصح کما فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و المراد إنه یجوز أن یصرف کل ثمن من الوصیة إلی واحد من کل صنف فلا یجب صرفه إلی اثنین کما عن محمد بن الحسن الشیبانی و لا إلی ثلاثة کما عن الشافعی لأن آحاد الصنف غیر محصورین فیمتنع کون الموصی به لهم باعتبار التعدد لتعذر استیعابهم فلا بد من أن یکون ذلک الصنف مصرفا لثمن الوصیة فیکفی فیه الواحد کما فی الزکاة لأن استحقاق المتعدد إما علی وجه التشریک أو علی جهة کونه مصرفا و لما انتفی الأول تعین الثانی و (یحتمل) وجوب الصرف إلی مسمی الجمع نظرا إلی ظاهر اللفظ کما فی الوقف و یضعف بأن الجمع فی لفظ الوصیة لأصناف الزکاة فی الأصناف لا فی آحاد الأصناف و فی الوصیة لمستحقها یتحقق الجمع بتعدد الصنف
(قوله) (و لو أوصی للفقراء دخل فیهم المساکین و بالعکس علی إشکال)
قد تقدم لنا فی باب الزکاة حکایة الإجماعات علی أن الفقراء و المساکین متغایران إذا اجتمعا کما فی صریح زکاة (الإیضاح) و ظاهر زکاة (المنتهی) و وصایا (المبسوط) و یأتی فی (الکتاب) من قوله ما لو أوصی إلی آخره و یرشد إلیه إطباقهم علی عد أصناف مستحقی الزکاة ثمانیة عدا المحقق فی (الشرائع) فعدهم فیها سبعة و حکینا الإجماعات علی دخول کل منهما فی الآخر إذا انفردا کما فی زکاة (المیسیة) و (الروضة) و ظاهر زکاة (المنتهی) و (نهایة الإحکام) و (إیضاح النافع) و (المسالک) و غیرها و وصایا (المبسوط) حیث نفی فیها جمیعها الخلاف عن ذلک و حکاه فی (التذکرة) عن العرب أی الدخول و قد نص علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 427
أما لو أوصی للفقراء بعشر و للمساکین بخمس وجب التمیز (1)
______________________________
ذلک فی زکاة (المبسوط) و غیره و وصایا (التحریر) فی مسألتنا و غیره کما ذکرنا ذلک کله فی باب الزکاة و (قد نص) علی عدم دخول أحدهما فی لفظ الآخر فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و زکاة (البیان) علی الظاهر منه و (المدارک) و (قد استشکل) المصنف هنا فی الدخول و فی الإطعام فی الکفارات و منشأ الإشکال من إطلاق لفظ الفقراء علی المساکین و بالعکس عند الانفراد و من الشک فی کون ذلک حقیقة و (قد منع) من کونه حقیقة جماعة کالشهید فی (البیان) و غیره و لعله لأنه بعد ثبوت التغایر عند الاجتماع بالإجماع یستهجن کون إطلاق أحدهما علی الآخر حقیقة إذ لیس ذلک علی قانون الوضع لعدم النظیر إلا أن تقول إن کل واحد منهما موضوع لمعنیین قد أخذ الواضع فی وضعه لأحدهما أن یکونا مجتمعین و فی الآخر أن یکونا منفردین کما هو الشأن فی اللام فإنه قد قیل إنه أخذ فی وضعها للماهیة کونها فی اسم الجنس و فی وضعها للعموم کونها فی الجمع فکان الوضع فی کل منهما مشروطا و إن کان المختار خلاف ذلک عندنا و إن قلنا إن الإطلاق العرفی بلغ درجة الحقیقة فلا إشکال أصلا (و کیف کان) فیحتمل تعلق الإشکال بالمسألتین معا کما استظهره فی (جامع المقاصد) و هو الظاهر من (الإیضاح) و قال فی (التذکرة) و هل (تدخل) المساکین فی الوصیة للفقراء إشکال أقربه الدخول إن جعلنا المسکین أسوأ حالا من الفقیر و کذا لو أوصی للمساکین ففی دخول الفقراء إشکال أقربه الدخول إن جعلنا الفقیر أسوأ حالا من المسکین انتهی فقد جعل الإشکال فی المسألتین و قرب ما قرب بشرط کون الداخل أسوأ حالا (و قد استظهر) فی (جامع المقاصد) الإشکال فیهما سواء قلنا بأن الفقیر أسوأ أم المسکین لأن من کان أسوأ حالا لا یجب أن یتناوله لفظ الآخر لاختلاف المسمیین فیرجع منشأ الإشکال حینئذ إلی اختلاف المعنی لغة و جواز إطلاق کل منهما علی الآخر عرفا و هذا مبنی علی أن الإطلاق العرفی لم یبلغ درجة الحقیقة (و یحتمل) تعلق الإشکال بالمسألة الأخیرة کما هو ظاهر (الحواشی) و هو الموافق لما ستسمع من قیام الأدلة علی أن المسکین أسوأ حالا فیکون المراد أنه إذا أوصی للمساکین یشکل دخول الفقراء فیهم لأن المسکین أسوأ حالا من الفقیر فعلی هذا یندرج المسکین فی الوصیة للفقیر جزما لکون المسکین أسوأ حالا بخلاف العکس و منشؤه حینئذ من إطلاق لفظ المساکین علی الفقراء عرفا عند الانفراد و من أنه لما کان المسکین أسوأ حالا من الفقیر کان لفظه غیر متناول له فلا یندرج فی الوصیة له إلا أن تقول إنهما عند الانفراد بمعنی واحد و عند الاجتماع و اختلافهما و تغایرهما یجی‌ء الخلاف فی أیهما أسوأ حالا (و قد قلنا) فی باب الزکاة أن الأصح أن المسکین أسوأ حالا لصحیحة محمد بن مسلم و حسنة أبی بصیر الناطقتین بأن المسکین أجهد و (علی ذلک) نص الأکثر من أهل اللغة و أکثر الفقهاء کما فی (التنقیح) و (المسالک) فی الأخیر و فی (الغنیة) الإجماع علیه و نسبه فی (التحریر) لأهل البیت (ع) و أهل اللغة و فی (الدروس) و غیره أنه مروی و قد حکیناه عن اثنی عشر کتابا من کتب الفقه و أحد عشر إماما من أهل اللغة و حکینا أن الفقیر أسوأ حالا عن (المبسوط) فی عدة مواضع منها باب الوصایا و (الجمل) و (الوسیلة) و (السرائر) و عن (الطبرسی) و حکینا ما فی (الفقیه) و تمام الکلام مسبغا مشبعا فی باب الزکاة هذا و قد قال فی (التذکرة) و لو جمع بینهما صرف إلیهما إجماعا و هو یرشد إلی التغایر عند الاجتماع
(قوله) (أما لو أوصی للفقراء بعشر و للمساکین بخمس وجب التمیز)
کما فی (التذکرة)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 428
و لو مات الموصی له قبل الموصی قیل بطلت و قیل إن لم یرجع فهی لورثة الموصی له فإن لم یکن له وارث فلورثة الموصی (1) و لو قال أعطوا فلانا کذا و لم یبین ما یصنع به صرف إلیه یعمل به ما شاء (2) و لو أوصی فی سبیل اللّٰه فالأقرب صرفه إلی ما فیه قربة و قیل یختص الغزاة (3)
______________________________
(و جامع المقاصد) لأنه لما فاوت بینهما فی الوصیة وجب تنفیذها و لا یتحقق ذلک إلا بالتمیز بینهما إذ التسویة تبدیل للوصیة و هو یقضی بأن اللفظین مختلفان وضعا عند الاجتماع إذ لا معنی للتمیز بین اللفظین المتحدین وضعا و إن تساویا مفهوما عرفا أو لغة عند الافتراق کما عرفت و به یظهر حال ما فی (جامع المقاصد) من دعواه توهم الجماعة و قضیة مفهوم (جامع المقاصد) أنه لو أوصی لکل منهما بمثل الآخر لم یجب التمیز لإمکان الدفع إلی القبیلتین علی السواء من غیر تمیز لکن لا بد من الصرف إلیهما معا إجماعا کما سمعته عن (التذکرة) فلا یجوز الاقتصار علی أحدهما فیجب التمیز بالأخرة فتأمّل
(قوله) (و لو مات الموصی له قبل موت الموصی قیل بطلت و قیل إن لم یرجع فهی لورثة الموصی له فإن لم یکن وارث فلورثة الموصی)
قد تقدم الکلام مسبغا محررا فی أوائل المطلب الأول و قد بینا ما وقع فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) من الخلل و سهو القلم کما أن ظاهر المصنف هنا التوقف مع جزمه هناک بالصحة
(قوله) (و لو قال أعطوا فلانا کذا و لم یبین ما یصنع به صرف إلیه یعمل به ما شاء)
کما فی (النهایة) و (الوسیلة) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و (الدروس) و غیرها قال فی (النهایة) إن شاء أخذه لنفسه و إن شاء تصدق به عنه لأنه لم یقل إنه له و لا أمره فیه بأمر کما فی (النهایة) و غیرها لأن الوصیة تملیک فتقتضی تسلط الموصی له تسلط سائر الملاک نعم لو عین المصرف کأن قال أعطوه لیحج به تعین صرفه فی تلک الحجة لعموم قوله سبحانه فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مٰا سَمِعَهُ
(قوله) (و لو أوصی فی سبیل اللّٰه فالأقرب صرفه إلی ما فیه قربة و قیل یختص الغزاة)
قد تقدم الکلام فی باب الوقف مسبغا محررا و وجه القرب إبقاء لفظ السبیل علی عمومه لأن السبیل الطریق و کل ما فیه قربة فهو طریق إلی اللّٰه سبحانه و (قد) استدل علیه فی (الخلاف) بأخبار الطائفة و فی (الغنیة) و (السرائر) بإجماعنا (لکن) الموجود من أخبار الطائفة علی ثلاثة أنواع (الأول) أن سبیل اللّٰه شیعتنا و به عدة أخبار (الثانی) أنه الحج و به عدة أخبار (الثالث) أنه من یخرج إلی الثغور و قد رواه الشیخ و الصدوق (لکنه) یفهم من التفصیل و جمع السبل حیث قال مولانا الصادق (ع) لا أعلم سبیلا من سبله أفضل من الحج إن سبیل اللّٰه سبحانه کل ما کان قربة و مصلحة موجبة للثواب مضافا إلی اختلاف أخبار الباب و ما ذکروه فی الزکاة إذ فی ذلک أعدل شاهد علی ذلک و (قد استدل) فی (التذکرة) علی صرفه لکل قربة و مصلحة بالخبر الذی تضمن أن سبیل اللّٰه شیعتنا و کأنه فی محله (ثم) إن أخبار (الخلاف) صریحة منجبرة بالشهرة معتضدة بإجماع (الغنیة) و (السرائر) و المخالف الشیخان فی (المقنعة) و (النهایة) و (المبسوط) و ابن حمزة فی (الوسیلة) و هو المحکی عن القاضی فی (الکامل) و عن أبی علی أنه یجوز صرفه لأهل الثغور و فی الحج و فیمن کان مرابطا و (قال) الصدوق فی (المقنع) کما عن أبیه إنه إن شاء جعله لإمام المسلمین و إن شاء جعله فی حج أو فرقه فی قوم مؤمنین و کأنه یخالف إجماع فخر المحققین لأنه قال أجمع علماء الإسلام علی صحة الوصیة بصرف شی‌ء فی سبیل اللّٰه و علی أن المجاهدین یدخلون و إنما اختلفوا فی مشارکة غیرهم فیها أو لا و علی القولین هل کلهم مصرف فیجب علی المشهور الصرف فی الکل و علی القول الآخر فی کل المجاهدین أو البعض مصرف ففی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 429
و یستحب الوصیة للقرابة وارثا کان أو غیره (1)

[فروع]

اشارة

فروع

[الأول لو أوصی لعبده برقبته احتمل ضعیفا البطلان]

الأول لو أوصی لعبده برقبته احتمل ضعیفا البطلان (2) و الصرف إلی التدبیر (3)
______________________________
(الإیضاح) أن ظاهر (المقنعة) و (النهایة) و (الکامل) الأول قالوا یخرج فی معونة المجاهدین و مع التعذر فی معونة الفقراء و المساکین و أبناء السبیل و یقدم فقراء آل محمد (ص) و مساکینهم و أبناء سبیلهم و (قال) إن الثانی قول الشیخ فی وقف (الخلاف) قال صرف بعضه للغزاة و بعضه فی الحج و العمرة و ذهب فی (المبسوط) إلی صرفه إلی المجاهدین إذا نشطوا و رجعوا إلی حرفهم بعد ذلک و قد سمعت کلام الجمیع إلا ما قل فی باب الوقف
(قوله) (و یستحب الوصیة للقرابة وارثا کان أو غیره)
کما فی (الشرائع) و (النافع) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (التنقیح) و (الروض) و (جامع المقاصد) و فی الأخیر أن قوله جل شأنه و جل ذکره الْوَصِیَّةُ لِلْوٰالِدَیْنِ وَ الْأَقْرَبِینَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَی الْمُتَّقِینَ نص فی استحباب الوصیة لکل قریب وارثا کان أو لا و یؤیده أنه صلة للرحم فیکون مستحبا و فی (المقنعة) و (المراسم) و (السرائر) و (الخلاف) و (المبسوط) و (الغنیة) و (التحریر) أنه یستحب أن یوصی لأقاربه الذین لا یرثونه و الأربعة الأخیرة قد تضمنت دعوی الإجماع فمن صریح (کالغنیة) و (التحریر) و ظاهر (کالخلاف) و (المبسوط) لکن الکتب المذکورة لم یقید فیها الاستحباب بفقرهم کالکتاب و ما وافقه عدا (التحریر) فإنه قال فیه یستحب مع فقرهم إجماعا ثم إن ظاهر (الخلاف) نفی الخلاف بین المسلمین ثم قال و به قال جمیع الفقهاء و عامة الصحابة و ذهب طائفة إلی أن الوصیة لهم واجبة هذا و المستفاد من الأخبار المعتبرة تأکد الاستحباب فی غیر الوارث و إن کان قاطعا کخبر سلمة مولاة أبی عبد اللّٰه (ع) المروی بطریقین المتضمن الوصیة للحسن بن علی بن الحسین الأفطس و قد کان حمل علیه بالشفرة و خبر السکونی المتضمن أن من لم یوص لذوی قرابته ممن لا یرثه فقد ختم عمله بمعصیة
(قوله) (فروع الأول لو أوصی لعبده برقبته احتمل ضعیفا البطلان)
و نحوه ما یفهم من (التذکرة) من أنه خلاف الأقرب و لا ترجیح فی (التحریر) و (الإیضاح) بینه و بین الاحتمال الثانی و وجه البطلان أن التملیک یستدعی المغایرة بین المالک و الملک و هی منتفیة هنا مع أن العبد لا یملک و وجه ضعفه أن المفهوم من ذلک عرفا إزالة الملک عنه بعد موته و هو معنی التدبیر کذا فی (جامع المقاصد) و کذا (الإیضاح) لکنا لم نعرف مراد الثانی من العرف أ هو عرف الفقهاء أو العرف العام و کلاهما محل نظر و صریح الأول أنه العرف العام قال یقال ملک العبد نفسه إذا أعتق و الطائر جناحه إذا أفلت و هذا لعله یقضی بعد تسلیمه و ما کان لیکون بأنه قال ملکته رقبته بعد موتی أو ملکوه رقبته و لا کذلک لو قال أوصیت له برقبته أو نحو ذلک فتأمّل و لعل الأولی أن یقال و توجیهه کما فی (التذکرة) أنه لا معنی للوصیة له برقبته مع علمه بأنه لا یملک إلا عتقه فکانت الوصیة کنایة عن إعتاقه بعد موته مع بناء العتق علی التغلیب
(قوله) (و الصرف إلی التدبیر)
قال فی (التذکرة) الأقرب الصحة و یکون بمنزلة التدبیر و فی (جامع المقاصد) أن علیه الفتوی مع أن المتعرض له منا أقل قلیل و قد سمعت ما فی (التحریر) و (الإیضاح) نعم جمهور العامة علی الصرف إلی التدبیر مستندین إلی ما حکیناه عن (التذکرة) هذا و فیها و فی تعلیق (الإیضاح) أنه لا یحتاج هنا إلی قبول العبد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 430

[الثانی لو أوصی لمکاتبه فالأقرب أنه کالعبد]

الثانی لو أوصی لمکاتبه فالأقرب أنه کالعبد (1) و حینئذ فالأقرب اعتبار أقل الأمرین من القیمة و مال الکتابة فإن ساواه الموصی به عتق (2)

[الثالث لو أوصی لحمل امرأة من زوجها فنفاه باللعان بطلت علی إشکال]

الثالث لو أوصی لحمل امرأة من زوجها فنفاه باللعان بطلت علی إشکال (3)
______________________________
(قوله) (الثانی لو أوصی لمکاتبه فالأقرب أنه کالعبد)
کما فی (جامع المقاصد) و قد تقدم له صحة الوصیة لمکاتبه و غرضه الآن بیان أنه کالعبد فتصرف الوصیة له بمال إلی أقل الأمرین و لا تصرف إلی قیمته مطلقا و لا إلی مال الکتابة مطلقا و ظاهر (التذکرة) اختیار نفوذ الوصیة مطلقا و فی (المقنعة) و (المراسم) و (المهذب) أنه یصح فی مقدار ما عتق منه و یرجع الباقی إلی الورثة و قضیة کلامهم کما هو صریح الأخیر أن الشرط أن یکون المکاتب غیر مشروط و کأنه لا ترجیح فی (الإیضاح) و (الحواشی) أو یقال إنهما موافقان للکتاب و الوجه فیما فی الکتاب من أنه کالعبد إنه قبل أن یعتق منه شی‌ء عبد فیدخل تحت العموم الدال علی أن الوصیة للعبد تصرف إلی قیمته فیأتی ما سبق من احتمال الفرق بین الوصیة بمعین من الترکة و غیره إلا أن المتجه هنا عدم البطلان فی المعین لصحة الوصیة إلی مکاتب الغیر علی الأصح فمکاتبه کذلک و وجه غیر الأقرب و هو نفوذ الوصیة مطلقا بمعنی أنه یعطی ما أوصی له به إنا إنما صرفناه فی العبد إلی رقبته لعدم الملک و هو هنا منتف فالمقتضی موجود و هو الوصیة و المانع مفقود لأنه لا سلطان للمالک علیه و تصح تصرفاته و تملکه بجمیع أسباب الملک و من ذلک کله یظهر ضعف ما قاله المفید و من وافقه و فی (جامع المقاصد) أن ضعفه ظاهر و لم یتعرض فی (التذکرة) للمسألة و تعرض لفروع أخر
(قوله) (و حینئذ فالأقرب اعتبار أقل الأمرین من القیمة و مال الکتابة فإن ساواه الموصی به عتق)
أی إذا ساوی الموصی به الأقل منهما عتق إذا خرج من الثلث فلا بد من التقیید بذلک و ظاهر (الإیضاح) و (الحواشی) اختیار ذلک و فی (جامع المقاصد) أنه أقوی و قد أعرضوا جمیعا عن الاحتمالین الآتیین و حاصل ما أراد أنه حین إذا کان کالعبد فیما سبق فالأقرب فی عتقه من الوصیة اعتبار أقل الأمرین من قیمته و مال الکتابة بالنسبة إلی الموصی به فإذا ساوی الأقل منهما عتق ما خرج من الثلث و وجهه فیما إذا کان مال الکتابة أقل إن عتقه مترتب علی أداء ذلک القدر لأن عقد الکتابة لازم فإذا أداه حکم بعتقه فیقاص من الموصی له بقدر مال الکتابة و وجهه فیما إذا کانت القیمة أقل إن الروایة الواردة بتقویم المملوک بقیمة عادلة متناولة لمحل النزاع و لا تضییع فیه لبعض الدین الثابت فی ذمة المکاتب لوجهین الأول أنه غیر معلوم الحصول لأنه قد یعجز نفسه فیرجع إلی القیمة حینئذ فینبغی اعتبارها من أول الأمر الثانی أن إطلاق الروایة قد دل علی عدم اعتبار ذلک الزائد و عساک تقول حیث اعتبرت القیمة نظرا إلی دلالة الروایة فلا تعتبر مال الکتابة إذا کان أقل لأنه خروج عن النص لأنا نقول اعتبرنا مال الکتابة لدلیل آخر و هو أنه مع قلته لا شی‌ء له بمقتضی العقد اللازم سوی ذلک القلیل فإذا أدی وجب الحکم بعتقه قطعا کما فی (جامع المقاصد) و لا امتناع فی العمل بالحکمین المختلفین بدلیل و احتمال اعتبار القیمة مطلقا للروایة قوی کما أن اعتبار أدائه مال الکتابة مطلقا لأنه الثابت فی الذمة کذلک لکن ما ذکره المصنف أقوی و قد ضعف الاحتمالین فی (جامع المقاصد) و لم یذکرهما ولده و لا الشهید أصلا کما عرفت
(قوله الثالث) (لو أوصی لحمل امرأة من زوجها فنفاه باللعان بطلت علی إشکال)
أصحه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 431
و کذا لو أوصی لولد فلان و أشار إلی معین فکذبت النسبة فالأقرب البطلان مع تعلق غرضه بها (1)

[الرابع لو أوصی بعین لحی]

الرابع لو أوصی بعین لحی و میت أو للملک أو للحائط مع علمه احتمل تخصیص الحی بالجمیع أو النصف (2)
______________________________
و أقربه البطلان کما فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و فی (المبسوط) عند ذکر القول بالبطلان أنه قریب و فیه أیضا فی أول کلامه و فی (التحریر) أنها تصح فنسبة الصحة إلی (المبسوط) علی البت کما فی (الإیضاح) لم تصادف محلها وجه البطلان أنه انتفی باللعان و الوصیة مقیدة بکونه من الزوج و وجه الصحة أنه عند الوصیة کان حملا من الزوج للحاقه به و إنما انتفی باللعان و لا یلزم من انتفائه باللعان انتفاء الاستحقاق الثابت قبل ذلک و أن الموصی قصده بالوصیة لأنه بنی علی الظاهر و فیه أن اللعان کشف عن نفی نسبه من حین تکونه و ظهور کونه حملا من الزوج قبل اللعان غیر مجد فی الاستحقاق إذا تعین انتفاؤه عنه و الوصیة منوطة بکونه منه و أما قصد الموصی إیاه بالوصیة فإنما کان من جهة کونه منه کما دل علیه لفظه و قد حکمنا بانتفائه
(قوله) (و کذا لو أوصی لولد فلان و أشار إلی معین فکذبت النسبة و الأقرب البطلان مع تعلق غرضه بها)
قد ذکر نسبة و إشارة فیحتمل تغلیب جانب الإشارة لقوتها و احتمال ذکر النسبة للتمیز و التعریف و یحتمل تغلیب جانب النسبة لأنه أناط الوصیة بالأمرین معا فإذا تعلق الغرض بالنسبة کان قد أوصی للمعین مع صدق النسبة فلا یستحق بدونها نعم إذا لم یتعلق بها غرض یکون ذکرها کعدمه و منه یعلم وجها (کذا) الإشکال الذی أشار إلیه المصنف بقوله و کذا و یعلم الوجه فیما قربه المصنف و تنقیح المسألة أن یقال هنا ثلاثة أحوال (الأول) أن نعلم تعلق غرضه بالنسبة إما لشرف النسب ککونه علویا أو لعلم أبیه أو صلاحه أو نحو ذلک فإذا کذبت النسبة بطلت الوصیة لعدم حصول الغرض الباعث علیها (الثانی) أن نعلم تعلق غرضه بالشخص لعلمه و عمله و کماله و ذکر النسبة للتمیز و هنا لا بطلان عند کذب النسبة (الثالث) أن یجهل الحال فیحتمل الصحة لحصول موجب التملک أعنی الوصیة و الشک فی المخرج و قد غلط فی النسبة و هی العلة الغائیة لا فی القابل و هو الموصی له فیکون لهذا المعین و إن أخطأت النسبة و (هو) الأصح کما فی (الإیضاح) و الأولی کما فی (الحواشی) و فی (جامع المقاصد) أنه قوی لحصول شرائط التملیک و (یحتمل البطلان) لأنه قد أوصی فی الحقیقة لمن اتصف بشیئین بالنسبة و بکونه هذا الشخص و ذکر النسبة یدل علی تعلق الغرض بها و قد کذبت فیستحیل اجتماعهما فتبطل الوصیة و (فیه) أنه یجوز أن یکون ذکرها للتعریف و التمیز لا لتعلق الغرض لأن ذکرها لا دلالة فیه علی کونها شرطا فی الاستحقاق فلیتأمّل جیدا
(قوله الرابع) (لو أوصی بعین لحی و میت أو للملک أو للحائط مع علمه احتمل تخصیص الحی بالجمیع أو النصف)
احتمال تخصیص من یملک بالنصف خاصة خیرة (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و فی (جامع المقاصد) أنه أظهر و قد تقدم فی إقرار الکتاب فیما إذا قال لزید و الحائط صحة النصف لزید دون الجمیع و قد حکیناه هناک عن جماعة و یأتی له فی البحث الثانی الجزم به ثم إنه احتمل الفرق بین الوصیة لزید و الحائط و بین الوصیة لزید و جبرائیل و هذا أحد وجهی الشافعیة لأن جبرائیل حی تصح الإضافة إلیه و جزم فی (التذکرة) بعدم الفرق و احتمل فی الوصیة لزید و للّه سبحانه و تعالی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 432
و لو جهل فالنصف (1) و کذا لو مات أحدهما بعد الوصیة (2) لهما لو قال أوصیت لکل من فلان و فلان بنصف المائة فإن الحی یستحق النصف (3)

[الخامس لو أوصی بشی‌ء لزید و للمساکین]

الخامس لو أوصی بشی‌ء لزید و للمساکین احتمل أن یکون لزید النصف و الربع و کواحد منهم و أما المساکین فلا یعطی أقل من ثلاثة (4)
______________________________
صرف الکل لزید و صرف سهم اللّٰه سبحانه للفقراء و وجوه البر و (القائل) هنا باختصاص من یملک بالجمیع أبو حنیفة مستندا إلی أنه بالوصیة قصد إخراج الجمیع عن ملکه فمع علمه بأن من عدا زید الحی لا یملک یکون قاصدا إلی تملیک الجمیع و إلی أن العطف یقتضی التسویة فی الحکم و هو هنا تملک جمیع العین و التشریک إنما جاء من المزاحمة و لا مزاحمة هنا (و وجه) اختصاصه بالنصف أن العطف یقضی بالتشریک و صرف النصف الآخر إلی من لا یصح تملکه و ذلک یقضی ببقائه علی ملک الموصی و لا أثر لعلمه و عدمه لأن معنی المعطوف علیه فی مثل هذا الترکیب إنما یتم بالمعطوف و حینئذ فلا شی‌ء فی اللفظ یقتضی اختصاص الحی بالجمیع و لا ترجیح فی (الإیضاح)
(قوله) (و لو جهل فالنصف)
لأنه لا بحث فی استحقاقه النصف کما فی (جامع المقاصد) قلت لتحقق قصد الشرکة حین الوصیة و لعله لظهوره ترک ذکره فی الکتابین
(قوله) (و کذا لو مات أحدهما بعد الوصیة)
أی کان للحی النصف خاصة کما هو الشأن فیما إذا جهل تملک من عدا الحی لأن التعلیل المذکور جار هنا سواء قلنا إن موت الموصی له قبل الموصی یقتضی بطلان الوصیة أم لا و به صرح فی (التذکرة) و (جامع المقاصد)
(قوله) (أما لو قال أوصیت لکل من فلان و فلان بنصف المائة فإن الحی یستحق النصف)
قطعا لأنه قد أفرد کل واحد منهما عن الآخر فکان کما لو قال هذا المقدار بینهما أو لهما کما فی (جامع المقاصد) قلت للفرق الواضح بین قوله ثلث مالی لزید و بکر و قوله بین زید و بکر و المفروض أن بکرا میت و ما نحن فیه من قبیل الثانی و المسألة الأولی أعنی ما إذا أوصی بالعین لحی و میت من قبیل الأول بل هی هو و وجهه أن التنصیف ما جاء من اللفظ و إنما جاء من مزاحمة الثانی للأول فی استحقاق الجمیع بخلاف ما لو قال ثلث مالی بین زید و بکر کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) کما سمعت فإن لفظ بین توجب التوظیف و التنصیف لما تقرر عندهم من أن الأصل التنصیف فلا یتکامل الجمیع لواحد إذا لم یکن هناک مزاحم کما إذا کان أحدهما میتا و فی (الإیضاح) أن بین فی التشریک نص و منه یعلم أن المفروض فی مسألة الکتاب أنه کان أحدهما میتا
(قوله الخامس) (لو أوصی بشی‌ء لزید و للمساکین احتمل أن یکون لزید النصف و الربع و کواحد منهم و أما المساکین فلا یعطی أقل من ثلاثة)
هذه الاحتمالات قد حکیناها فی باب الوقف أقوالا و حکینا الأول عن عشرة کتب أولها (المبسوط) و حکینا عن (الکفایة) نسبته إلی الأکثر لأنه جعل الوصیة لجهتین فوجب أن تقسم بینهما کما لو أوصی لزید و عمرو و لأنه لو أوصی لقریش و تمیم لم یشرک بینهم علی قدر عددهم و لا علی قدر من یعطی منهم بل یقسم بینهما نصفین و بذلک صرح المصنف و غیره فیما إذا وقف علی زید و المساکین (و هو) خیرة (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروضة) هنا و لم یذکر المصنف هناک الاحتمالین الأخیرین و قلنا إن الثانی قواه فی (المبسوط) أیضا و حکینا الثالث عن (الإیضاح) بلفظ الأصح (وجه الثانی) أن أقل المساکین ثلاثة لأنه جمع و قد شرک بین زید
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 433

[السادس لو قال اشتروا بثلثی رقابا]

السادس لو قال اشتروا بثلثی رقابا فأعتقوهم لم یجز الصرف إلی المکاتبین (1)

[السابع لو أوصی لحمل]

السابع لو أوصی لحمل فأتت به لأقل من ستة أشهر استحق فإن ولدت آخر لأقل من ستة أشهر من ولادة الأول شارکه لتحقق وجوده وقت الوصیة (2)

[الثامن لو أوصی للمسجد صرف إلی مصالحه]

الثامن لو أوصی للمسجد صرف إلی مصالحه سواء أطلقه أو عینه (3) أما لو قصد التملک فإنه یبطل (4)
______________________________
و بینهم بالعطف فیکون کأحدهم و فیه أن التشریک بینه و بینهم جمعا لا بینه و بین آحادهم (و وجه الثالث) أما المساکین یقع علی ما زاد علی الثلاثة قطعا فلا یتعین الدفع إلی ثلاثة بل یجوز الدفع إلی ما زاد و مقتضی التشریک أن یکون کواحد منهم و ضعفه یعلم مما سبق لکنه قال فی (الإیضاح) أنه الأصح و قد سمعت ما سلف له فی الوقف و الفرق بینه و بین الثانی أن النظر فی الثانی إلی أن أقل الفقراء ثلاثة فیکون کأحدهم فیکون له الرابع و النظر فی الثالث إلی أنه یعطی سهما من سهام القسمة فإن قسم علی أربعة کان له الخمس و علی خمسة فله السدس و هکذا و تخصیصه بالذکر حتی لا یحرم و إن کان غنیا و لیعلم أنه لا بد علی اختلاف الاحتمالات و الأقوال من الصرف إلی ثلاثة من الفقراء لأنها أقل من یقع علیه اسم الفقراء
(قوله السادس) (لو قال اشتروا بثلثی رقابا و أعتقوهم لم یجز الصرف إلی المکاتبین)
کما فی (التحریر) و (جامع المقاصد) لامتناع الشراء بالنسبة إلیهم نعم لو بطلت الکتابة بالتعجیز صح لإمکان الشراء حینئذ و کیف کان فإن اتسع الثلث لثلاثة لم یجز الاقتصار علی الأقل و لو أمکن الأزید کان أولی و یأتی للمصنف أنه لا بد من الثلاثة
(قوله السابع) (و لو أوصی لحمل فأتت به لأقل من ستة أشهر استحق فإن ولدت آخر لأقل من ستة أشهر من ولادة الأول شارکه لتحقق وجوده وقت الوصیة)
لأنهما حمل واحد إجماعا کما فی (جامع المقاصد) و ذلک إنما یتصور إذا لم یتجاوز مجموع المدتین أقصی مدة الحمل و لا فرق بین أن تکون فراشا أو لا و لو أتت بالثانی لستة أشهر فما زاد لم یشارک لإمکان تجدده و قد تقدم فی أول المطلب الثالث ما له نفع تام فی المقام
(قوله الثامن) (و لو أوصی للمسجد صرف إلی مصالحه سواء أطلقه أو عینه)
أی أطلق المسجد أو عینه أو أطلق الوصیة و لم یذکر المصرف أو عینه فالضمیر علی الأول یعود إلی المسجد و علی الثانی إلی المصدر المفهوم من صرف لأن المعروف من الوصیة للمسجد و المشهد و نحوه و الوقف علیه و النذر و نحو ذلک الصرف إلی مصالحه فلا حاجة إلی التصریح به و لا ریب فی صحة الوصیة للمساجد و المدارس و المشاهد و الربط و أشباه ذلک و لا خلاف فیه بین علماء الإسلام کما یظهر من (التذکرة) لأن ذلک فی الحقیقة وصیة للمسلمین لکن خصص بجهة معینة و لیعلم أن الوصیة للمسجد لعلها تخالف الوصیة للکعبة فإنها تصرف فی معونة الحاج و الزائرین و فی عمارتها و مصالحها إذ قد ورد عن مولانا الصادق (ع) أن الکعبة لا تأکل و لا تشرب و ما أهدی إلیها فلزوارها و نحوه ما ورد عن مولانا الکاظم (ع) و ینبغی أن یکون الحال فی المشاهد کذلک و لم یقل أحد بأن الوقف علی المسجد کمسجد الکوفة مثلا یصرف إلی المصلین فیه (و خ) الزائرین له و إن فضل عنه (و خ) لم یحتج إلیه
(قوله) (أما لو قصد التملک فإنه یبطل)
لامتناع تملکه و المراد أنه لو قصد بالوصیة للمسجد تملکه لم تصح الوصیة فیکفی فی الصحة عدم هذا القصد و لا یحتاج إلی قصد غیره
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 434

[التاسع لو أوصی لکل وارث بقدر نصیبه فهو لغو]

التاسع لو أوصی لکل وارث بقدر نصیبه فهو لغو (1) و لو خصص کل واحد بعین هی قدر فالأقرب الافتقار إلی الإجازة لظهور الغرض فی أعیان الأموال (2)
______________________________
(قوله التاسع) (و لو أوصی لکل وارث بقدر نصیبه فهو لغو)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) لأن ذلک ثابت له علی کل تقدیر و قد یقال إنهم إذا أخذوا الترکة بالإرث کان لهم إمساکها و قضاء الدین من موضع آخر و إن أخذوها بالوصیة قضوه منها و لصاحب الدین الامتناع لو قضی من غیرها
(قوله) (و لو خصص کل واحد بعین هی قدر نصیبه فالأقرب الافتقار إلی الإجازة لظهور الغرض فی أعیان الأموال)
کما جزم به أولا فی (التذکرة) و (التحریر) و فی (الإیضاح) أنه أقوی و هو أظهر وجهی الشافعیة و غیر الأقرب عدم الافتقار إلیها و کأنه مال إلیه فی (الحواشی) و فی (التذکرة) أن فیه قوة و قال فی (الإیضاح) أیضا أنه قوی و فی (جامع المقاصد) لا ریب فی قوته و قال أبو حنیفة إن هذه الوصیة لا تصح (قلت) مثاله أنه لو أوصی لابنه بعبد قیمته مائتان و لابنته بأمة قیمتها مائة و لا وارث غیرهما و لا مال سواهما وجه القرب فیما إذا خصص علی طریق الوصیة لا التنجیز کما هو ظاهر العبارة و غیرها أن الأغراض تتفاوت بأعیان الأموال و المنافع الحاصلة منها و کما لا یجوز إبطال حق الوارث من قدر حقه لا یجوز من عینه و أن الوصیة تملیک بعد الموت فیقف فی غیر الثلث علی الإجازة لتضمنها إبطال حق الوارث من العین فیما زاد علی الثلث و وجه غیر الأقرب أن أغراض الموصی تتعلق بالعین فیخص بها کما تتعلق بالقدر فتصح الوصیة بها کما تصح بالقدر و أن الوصیة تصرف قبل الموت و إن کانت تملیکا بعده فوجب أن یکون هذا التصرف نافذا مع بقاء قیمة الثلثین للوارث جمعا بین الحقین و أن اعتبار الأعیان هنا مع عدم اعتبارها فی بیع المریض جمیع ترکته بثمن المثل بناء علی عدم الفرق بین المنجز و الوصیة مما لا یجتمعان و (الثانی) ثابت إجماعا کما فی (الإیضاح) و قطعا کما فی (جامع المقاصد) و ذلک لأن النص قد دل علی المنع فی الوصیة و المنجز عما زاد عن الثلث فإذا قید بالقیمة استویا فی ذلک و لیس التقیید بالقیمة خاصا بالمنجزات فاللازم نفوذهما معا مع بقاء القیمة فی الثلثین أو عدم نفوذهما حینئذ معا مضافا إلی عموم قوله سبحانه و تعالی فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مٰا سَمِعَهُ (قولک) هو عام مخصوص بالنص الدال علی المنع مما زاد علی الثلث إلا مع الإجازة (قلنا) هذا النص محتمل لأن یراد منه المنع عن الزائد باعتبار القیمة فقط أو للعین أیضا و مع تطرق الاحتمال لا یثبت التخصیص و یؤیده قوله تعالی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و الناس مسلطون علی أموالهم و هو أقرب للاعتبار لأنه قد یرید أن یخص ولده بالکتب التی علیها المدار و أشبه بأصول المذهب و سهولة الشریعة و یأتی له فی المطلب الرابع الاستشکال فی المسألة التی بعد هذه و هما من واد واحد هذا إذا خصص علی طریق الوصیة و منه یعلم حال ما إذا خصص علی طریق التنجیز لأنه بالأولی أن یکون الأقرب أیضا عدم توقفه علی الإجازة لأن التصرف فی المرض عند القائلین بأن منجزاته من الثلث إذا لم ینقص القیمة لا یتوقف علی الإجازة و لهذا جاز له البیع بثمن المثل و بأقل منه إذا لم یتجاوز الثلث لأن الإنسان ما دام حیا لا تخرج أملاکه عنه بل هو مسلط علیها أقصی ما هناک أنه یمنع من إتلاف ما زاد علی الثلث سواء ظهرت أمارات الموت أم لم تظهر کما علیه المعظم أو إذا ظهرت کما علیه جماعة و لو منع مطلقا لم یکن لبقاء ملکه أثر و احتمال توقف الزائد علی الإجازة یدفعه أنه لو تم لم یصح بیع الترکة بثمن المثل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 435
و کذا لو أوصی أن یباع عین ماله من إنسان بنقد بثمن المثل (1) و لو باع عین ماله من وارثه بثمن المثل نفذ (2)

[العاشر فی اشتراط التعیین إشکال]

العاشر فی اشتراط التعیین إشکال (3)
______________________________
(قوله) (و کذا لو أوصی أن یباع عین ماله من إنسان بنقد بثمن المثل)
یعنی أن الأقرب الافتقار إلی الإجازة کما صرح به فی (التحریر) أیضا و جزم به فی (التذکرة) و فی (الإیضاح) أن الحکم کما تقدم و قد عرفت ما تقدم له و یأتی فی المطلب الرابع أن فی اشتراط الإجازة إشکالا و التقیید بکون البیع نقد أو بثمن المثل لأنه لو کان إلی أجل أو بدون المثل اعتبر حینئذ کون التفاوت غیر زائد علی الثلث فینظر إلی ذلک الأجل و کم حقه من الثمن ثم ینظر إلی الباقی و ینسب إلی القیمة فإن ساواها أو نقص بقدر الثلث فهو من صور الوجهین فی اعتبار الإجازة و إن زاد التفاوت علی الثلث فلا بحث فی التوقف علی الإجازة
(قوله) (و لو باع عین ماله من وارثه بثمن المثل نفذ)
إجماعا کما هو صریح (التذکرة) فی موضع و ظاهرها فی آخر لأنه لا تبرع فیه فإنه یجوز بیعه من الأجنبی بثمن المثل و قال أبو حنیفة إنه وصیة تتوقف علی إجازة سائر الورثة
(قوله) (العاشر فی اشتراط التعیین إشکال)
ینشأ من أصالة الجواز و عدم الاشتراط و أن باب الوصیة أوسع من غیره فی احتمال الجهالة و أنهم أجمعوا کما فی (جامع المقاصد) علی صحة الوصیة لفقیر أو فقیرین فلا یشترط و هو خیرة (الدروس) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) لمکان عموم الآیة الشریفة و هو ظاهر الأکثر و أشدها ظهورا (المبسوط) و (الوسیلة) و نحوهما ما قیل فیه فی الموصی له یشترط کذا و کذا و لم یذکر فیه التعیین (کالشرائع) و (النافع) و (الإرشاد) و (اللمعة) و غیرها و هو الأشبه بقواعد الباب و الأظهر من کلام الأصحاب و الأمر فی القبول سهل لأنه یقبل بعد الاختیار أو القرعة کما یأتی و من أن الوصیة تفتقر إلی القبول کسائر العقود و أنها تملیک فیمتنع وقوعه لمجهول لأن الملک أمر معین و هو نسبة فلا بد له من منتسب إلیه معین و لاقتضاء الوصیة تعلق حق الموصی له فلا بد و أن یکون معینا کما قربه فی موضع من (التذکرة) و لا ترجیح فی موضع آخر منها کما أنه لا ترجیح فی (الإیضاح) و کذا (الحواشی) و قد یقال إن کل من اشترط صحة التملک قال باشتراط التعیین لما سمعته فی توجیه الاشتراط من امتناع وقوعه لمجهول و لیس بشی‌ء لأن غرضهم بذلک کما أفصحت به عباراتهم عدم صحتها لمملوک الغیر و نحوه و لا فرق فی ذلک بین أن یقول أوصیت لأحد هذین أو أعطوا أحد هذین فی المنع و الجواز و جوز بعض الشافعیة الصورة الثانیة قیاسا علی ما إذا قال بع هذا العبد علی أحد هذین الرجلین و هو کما تری و (لیعلم) أن المراد بعدم التعیین أن کل واحد علی طریق البدل موصی له فأیهما رفعت إلیه الوصیة فقد صرفت إلی الموصی له بها فلو أوصی لأحد هذین و قصد ذلک بمعنی أنه قصد أیهما کان فإنها تصح عند جماعة و تبطل عند جماعة و هی محل إشکال عند آخرین کما عرفت (و لا کذلک) مع الإبهام الصرف کما إذا قصد فی المثال واحدا منها مبهما فإنها لم تصح إجماعا کما هو ظاهر (جامع المقاصد) لامتناع صرف الوصیة إلی المبهم و یأتی للمصنف فی أوائل البحث الثانی ما یخالف ذلک فلیلحظ و (الحاصل) أن هذا المثال یحتمل إرادة کل منهما علی سبیل البدل و یحتمل مع ذلک إرادة الإبهام و لا کذلک المثالان الإتیان بعده و هو ما إذا أوصی لمنکر أو بلفظ متواط فإنهما لا یحتملان سوی إرادة کل واحد علی البدل کما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 436
فإن لم نقل به لو أوصی لأحد هذین احتمل تخییر الوارث و القرعة و فی التشریک بعد (1) و لو أوصی لمنکر کرجل تخیر الوارث لتعذر القرعة (2)
______________________________
ستعرف إن شاء اللّٰه
(قوله) (فإن لم نقل به لو أوصی لأحد هذین احتمل تخییر الوارث و القرعة و فی التشریک بعد)
أی إن لم نقل باشتراط التعیین فأوصی لأحد هذین أو أحد هؤلاء صح و فیه احتمالات (أحدها) تخییر الوارث أو الوصی کما لو أوصی لمسکین من المساکین فإنهما یتخیران مسکینا کما هو خیرة (الإیضاح) و (الدروس) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) إذ الأصل براءة الذمة من تحتم غیر ذلک (الثانی) القرعة و قد قواه ولده فی (الإیضاح) و الشهید فی (الدروس) و (الحواشی) لأنه أمر مشکل و لا بد من التقیید بکون ذلک مع الانحصار کأحد هذین و فی (جامع المقاصد) أنه لا وجه للقرعة إذ لا إشکال لأن المستحق لیس واحدا منهما بل کل واحد علی البدل (قلت) الأصل فی الباب أن هذه الوصیة سبب للتملیک فی الحال و التعیین کاشف و مبین فتتعین القرعة أو هی صالحة للسببیة عند التعیین فیتخیر الوارث قطعا فلیتأمّل جیدا (الثالث) التشریک و التوزیع و قد احتمله فی (التحریر) و نسبه فی (الإیضاح) إلی بعض الفقهاء و قال إنه فی غایة الضعف و فی (جامع المقاصد) أنه أبعدها (قلت) لم أجده لأحد من الخاصة و لا العامة حتی إنه لم یذکره فی (التذکرة) نعم ذکره المصنف فیما یأتی فی أوائل البحث الثانی (و وجهه) أن الحق دائر بینهما و لا مرجح فیقسم بینهما (و وجه ضعفه) أن فیه تبدیلا للوصیة فإن الموصی له واحد منهما أی واحد کان و (ذکر) فی (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الکتاب) فیما یأتی فی أوائل البحث الثانی أنه یوقف حتی یصطلحا (و فیه) أن الحق لیس لهما معا و قد جهل قدره و لا لواحد مبهم بل لأیهما کان فکل من دفع له فهو الموصی له و یأتی للمصنف فی أوائل البحث الثانی أنه إذا أوصی لأحدهما و مات قبل التعیین احتمال التخییر و التشریک و الإیقاف و لم یذکر القرعة هناک کما لم یذکر الإیقاف هنا و قضیة قوله هناک و مات قبل التعیین أنه فرض المسألة فیما إذا أوصی لواحد منهما غیر معین لا لأحدهما أیهما کان و لا بد فی تحریر المقام من ملاحظة ما ذکرناه هناک
(قوله) (و لو أوصی لمنکر کرجل تخیر الوارث لتعذر القرعة)
کما فی (الدروس) و (جامع المقاصد) لتعذر القرعة و التشریک و الإیقاف فلم یبق إلا التخییر و المثال لا یحتمل سوی إرادة کل واحد علی البدل بخلاف أحد هذین فإنه یحتمل مع ذلک إرادة الإبهام و کذا المثال الذی بعده کما تقدم التنبیه علی ذلک و مثله ما إذا أوصی لامرأة فإنها مثل الرجل فی التنکیر و التخییر
(قوله) (و لو أوصی لمن یصدق علیه بالتواطؤ کالرجل أو لمن شاء عم) لیس المراد من قوله کالرجل تعلق الوصیة به مع التعریف بل المراد ما هو أعمّ فإن اللام فیه فی المثال لا تفید العموم لأنها للجنس و المعروف بها فی حکم النکرة و لا یخرج عن معناها مع احتمال إرادة الإشارة باللام إلی الرجل المنکر المعهود السابق فی المثال الذی قبله نعم قوله من شاء للعموم قطعا لأن من من أدواته فالمراد بقوله عم مطلق الشمول الصالح للعموم الحقیقی و لکل فرد علی طریق البدل إذا عرف هذا فمعنی العبارة أنه لو أوصی بلفظ متواط کلفظ رجل أو الرجل أو لمن شاء الوصی مثلا أو الوارث کأن قال أوصیت بکذا لرجل أو امرأة أو للرجل أو الامرأة أو لمن شئت أیها الوصی أو لمن شاء الوارث صحت الوصیة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 437

[الحادی عشر لو أوصی لمن یتعذر حمل اللفظ علیه حقیقة عرفا]

الحادی عشر لو أوصی لمن یتعذر حمل اللفظ علیه حقیقة عرفا فالأقرب صرفه إلی المجاز کما لو أوصی لأولاده و له أولاد أولاد لا غیر أو لآبائه و له أجداد إلا فی مثل الدابة فإنه لا ینصرف إلی البلید إلا لقرینة لأن الحقیقة هنا ممکنة أقصی ما فی الباب أنه یقتضی بطلان الوصیة و هو حکم شرعی فلا یخرج اللفظ باعتباره عن حقیقته و من ثم لم تحمل الوصیة للموالی علی المجاز و هو إرادة المعنیین علی الأقوی و الفرق بین الموالی و بین أحد هذین ظاهر فإن الثانی متواطئ (1)
______________________________
و عمت الأفراد علی سبیل البدل أو العموم و قد عرفت أن هذا المثال لا یحتمل الإبهام و قد وافقه علی ذلک صاحب (جامع المقاصد)
(قوله) (الحادی عشر لو أوصی لمن یتعذر حمل اللفظ علیه حقیقة عرفا فالأقرب صرفه إلی المجاز کما لو أوصی لأولاده و له أولاد أولاد لا غیر أو لآبائه و له أجداد إلا فی مثل الدابة فإنه لا ینصرف إلی البلید إلا لقرینة لأن الحقیقة هنا ممکنة أقصی ما فی الباب أنه یقتضی بطلان الوصیة و هو حکم شرعی فلا یخرج اللفظ باعتباره عن حقیقته و من ثم لم تحمل الوصیة للموالی علی المجاز و هو إرادة المعنیین علی الأقوی و الفرق بین الموالی و بین أحد هذین ظاهر فإن الثانی متواطئ)
________________________________________
عاملی، سید جواد بن محمد حسینی، مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلاّمة (ط - القدیمة)، 11 جلد، دار إحیاء التراث العربی، بیروت - لبنان، اول، ه ق

مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)؛ ج‌9، ص: 437
قد فسر العبارة فی (جامع المقاصد) بخلاف ظاهرها بل صریحها کما ستعرف إن شاء اللّٰه تعالی ثم قال إنها لا تخلو عن مناقشة و ذکر فی وجه المناقشة أنه لا معنی للأقرب بل ینبغی القطع و أنه وضع المظهر مقام المضمر و إن عبارته لا تطابق مطلوبه و کل ذلک لم یکن (و معنی) العبارة عندنا أنه لو أوصی لمن یتعذر حمل اللفظ علیه إما لعدم وجوده أو لعدم صلاحیته للتملک کالدابة و اللازم لهما معا بطلان الوصیة فیکون التعذر عبارة عن بطلان الوصیة لکن هذا البطلان تارة یکون مع إمکان حمل اللفظ علی حقیقته و تارة مع عدم إمکانه لکنه یمکن حمله علی مجازه فتصح الوصیة فتکون لفظة من فی العبارة عبارة عن الأولاد لا عن أولاد الأولاد و قد صرح بذلک المصنف بقوله کما لو أوصی لأولاده إلی آخره فیصیر المعنی لو أوصی لأولاده الذین یتعذر حمل اللفظ علیهم حقیقة لعدم وجودهم اللازم منه بطلان الوصیة فالأقرب صرف الأولاد إلی أولادهم لمکان القرینة الحالیة لأن الظاهر من حال العاقل الخالص فی وصیته علی وجه یبعد فی حقه اللعب و الهذر العالم بأنه لا ولد له لصلبه أنه لا یرید بأولاده الموجودین و هم أولاد أولاده مع شیوع هذا المجاز و غلبته فی الاستعمال و لا نعنی بالقرینة الحالیة إلا ما جری هذا المجری و (غیر الأقرب) حینئذ بطلان الوصیة و له وجه بل فی (الإیضاح) أنه الأصح لأن أصل صیانة مال الغیر إلی أن یحصل ناقل قطعی أقوی من أصل صیانة کلامه عن اللغو و أصل صیانة تصرفه عن البطلان و أن المجاز علی خلاف الأصل فلا یرجح علی ما بنی علی الاحتیاط التام (و قد فهم) صاحب (جامع المقاصد) أن من عبارة عن أولاد الأولاد فیصیر المعنی لو أوصی لأولاد الأولاد الذین یتعذر حمل لفظ الأولاد علیهم حقیقة فصح له أن یقول إن فی العبارة مناقشة و قد نبهنا بأنه لو أوصی لمن یتعذر حمل اللفظ علیه حقیقة صرف الوصیة إلیه قطعا فلا یناسب قوله الأقرب صرفه إلی المجاز إذ لا یتطرق حینئذ احتمال مع أنه لو قال صرف إلیه لکان أوقع لکنه أقام المظهر مقام المضمر هذا مع أن عبارته لا تطابق مطلوبه و لو قال لو أوصی بلفظ یتعذر حمله علی الحقیقة فالأقرب صرفه إلی المجاز لکان أحسن و أوفق (قوله) إلا فی مثل الدابة فإنه لا ینصرف إلی البلید إلا بقرینة لأن الحقیقة هنا ممکنة أقصی ما فی الباب أنه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 438
..........
______________________________
یقتضی بطلان الوصیة و هو حکم شرعی فلا یخرج اللفظ باعتباره عن حقیقته و من ثم لم تحمل الوصیة للموالی علی المجاز و هو إرادة المعنیین علی الأقوی و الفرق بین الموالی و بین أحد هذین ظاهر فإن الثانی متواط و یظهر بأدنی تأمّل إن الاستثناء هنا منقطع فإن الوصیة لمثل الدابة لیس مما یتعذر فیه حمل اللفظ علی حقیقته بل الحقیقة فیه ممکنة فلا یمکن أن یکون استثناء من قوله لو أوصی لمن یتعذر حمل اللفظ علی حقیقته انتهی کلامه بتمامه (و أنت خبیر) بأن الاعتراض الأول و ما یتعلق به إنما یتم علی تقدیر أن یراد بمن یتعذر حمل اللفظ علیه أولاد الأولاد لکنه یسأل من الباعث علی ذلک و من أین له ذلک و العبارة صریحة بخلافه کما عرفت و ما جعله أحسن و موافقا لما بعده هو معنی قوله أوصی لأولاده لأن معناه أنه أتی بلفظ الأولاد الذی یتعذر حمله علی حقیقته (و قوله) إن الاستثناء منقطع فیه أنک قد علمت أنا لو جعلنا التعذر عبارة عن بطلان الوصیة بالتقریر الذی ذکرناه کان متصلا (و علی کل حال) فقد اتضح المراد من کلامه الأول و به حصل التنبیه علی المراد من کلامه الذی بعده و هو قوله إلا فی مثل الدابة (و إیضاحه) أن مراده أن العدول عن الحقیقة إلی المجاز یستدعی قرینة تقتضی ذلک و لا یکفی فی ذلک لزوم فساد الصیغة المأتی بها لأن الفساد حکم شرعی کالصحة فإذا أتی بوصیة لو جرینا بلفظها علی حقیقته لزم فسادها لم یکن ذلک کافیا فی العدول إلی المجاز و کذلک الشأن فی کل عقد هذا حاله فلو أوصی للدابة مثلا بأن قال هذا لدابة زید و له دابة و ابن بلید لم یجز حمله علی البلید نظرا إلی أن حمله علی حقیقته یقتضی فساد العقد و الوصیة بل لا بد من قرینة خارجة عن ذلک حالیة أو مقالیة و من أجل هذا لم تحمل الوصیة للموالی حیث یکون للموصی موال من أعلی و موال من أسفل علی المعنیین مجازا بناء علی المشهور من أن المشترک لا یحمل علی معنییه معا عند التجرد عن القرائن بأن یکون کلا منهما مناطا للحکم لکونه لیس حقیقة فیهما علی الأصح بل حکم ببطلان الوصیة لأن الحقیقة و هی إرادة أحدهما ممکنة غایة ما فی الباب أنه یلزم من کون اللفظ حقیقة مرادا به أحد المعنیین الفساد لکونه مبهما و الفساد حکم شرعی کما أن الصحة حکم شرعی فلا مزیة للحمل علی الصحة حینئذ فالحقیقة إنما حصلت بحکم شرعی حاصل من الحکم بالبطلان فترجح العمل بحقیقة اللفظ فیجب أن یترتب علی کل مقتضاه و لا یخرج اللفظ عن مدلوله بمجرد ذلک و الجار فی قوله علی الأقوی متعلق بتحمل و فیه إشارة إلی الخلاف فیه بین الأصولیین باللازم و قد یکون إشارة إلی الخلاف الآخر باللازم أیضا و هو أنه لا یجوز حمله علیهما مجازا کما لا یجوز حقیقة و لا حاجة إلی جعله کما فی (جامع المقاصد) متعلقا بما دل علیه قوله و هو إرادة المعنیین إرادة غیر موضوعة (و قوله) و الفرق بین الموالی إلی آخره جواب عن سؤال مقدر تقدیره علی ما ذکرت من أن الموالی لا تحمل إلا علی أحد المعنیین فأی فرق بین الوصیة لأحد هذین و بین الوصیة للموالی فیجب استواؤهما فی الحکم لانتفاء الفرق (و جوابه) أن أحد هذین إذا أرید به أی واحد کان منهما متواطئ فهو بمنزلة حیوان و ما جری مجراه غایة ما هناک أن أفراد أحد هذین اثنان فقط بخلاف أفراد حیوان و نحوه و الموالی مشترک لفظی لا یراد منه إلا واحد منهما بخصوصه و فی المتواطئ یراد ما صدق علیه مفهوم اللفظ و لو أرید أحد هذین مبهما لکانت الوصیة باطلة و لکن لک أن تقول کما فی الحواشی إنه سیأتی للمصنف فی الضابط الذی سیذکره فی البحث الأول أن الوارث یتخیر فی المشترک و إن جعلته من باب عموم الاشتراک بأن یستعمل فی قدر مشترک و هو الأنعام من غیر إضافة إلی محل آخر کان متواطئا ثم إن استعمال
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 439

[الثانی عشر لو أوصی للحمل فوضعت حیا و میتا صرف الجمیع إلی الحی]

الثانی عشر لو أوصی للحمل فوضعت حیا و میتا صرف الجمیع إلی الحی مع احتمال النصف (1) و کذا لو أوصی لأحد هذین و جوزنا الوصیة المبهمة و مات أحدهما قبل البیان (2)
______________________________
الدابة فی البلید مجاز نادر جدا بل قد یقال إنه لم یسمع نعم یستعمل فیه الحمار و لو أنه قال أعطوا هذا للحمار الذی عند زید و عنده ولد بلید و لا حمار له جاء فی توجیه الصحة جمیع ما قاله فیما إذا أوصی لأولاده و له أولاد أولاد لا غیر فاحتمال الصحة حینئذ لیس بذلک البعید
(قوله) (الثانی عشر لو أوصی للحمل فولدت حیا و میتا صرف الجمیع إلی الحی مع احتمال النصف)
قال فی (الإیضاح) إن الأول أصح و فی (جامع المقاصد) إن الثانی أظهر قلت و أشبه بأصول الباب لأن تمام الحمل هو الحی و المیّت لأنهما لو کانا حیین لکان لکل منهما النصف لأن الحمل مجموعهما فیکون کلام الموصی منزلا علیهما فلا یتفاوت الحال بموت أحدهما لأن من أوصی لحی و من ظن حیاته فتبین موته لا تصرف الحصة التی أوصی بها للمیت للحی قطعا فکذا هنا قولک إن المیّت کالمعدوم فیکون الحی کأنه تمام الحمل الوصیة له کما فی المیراث و الموقوف فیه أن الفرق بین الوصیة و الإرث ظاهر فإن الإرث للقریب اتحد أو تعدد و کون المیّت کالمعدوم إنما هو فی عدم ثبوت الوصیة له لا مطلقا و منه یعرف الوجه فی الأول
(قوله) (و کذا لو أوصی لأحد هذین و جوزنا الوصیة المبهمة و مات أحدهما قبل البیان)
یرید أنه لو أوصی لأحد هذین و مات أحدهما قبل البیان فإنه یحتمل استحقاق الباقی الجمیع و النصف کما هو الشأن فیما إذا أوصی للحمل فوضعت حیا و میتا و ذلک علی تقدیر تجویز الوصیة المبهمة و وجه استحقاقه الجمیع أن المیّت کالمعدوم فتکون الوصیة کلها للحی إذ لم یبق من یصلح للوصیة سواه و وجه استحقاقه النصف أن الأمر دائر بین أن یکون له الجمیع و أن لا یکون له شی‌ء أصلا فیحکم له بالنصف (کذا قال) الشارحان (و هو کما تری) لأن الاحتمالات فی المثال أربعة (الأول) أن الموصی قد عینه فی نفسه و أبهمه علی السامع فالإبهام إنما هو عند السامعین کما یرشد إلیه قوله و مات أحدهما قبل البیان (الثانی) أنه أوصی لأحدهما علی طریق الإبهام لا علی معنی أیهما کان حتی یکون متواطئا کما تقدم و هذا یرشد إلیه قوله و جوزنا الوصیة المبهمة فتأمّل (الثالث) أنه أوصی لأحدهما علی طریق الإبهام بمعنی أنه أنشأ الوصیة لأحدهما من دون قصد أیهما کان و من دون قصد واحد مبهم کما إذا طلق واحدة من نسائه من دون قصد معینة و من دون قصد وصفها بالإبهام فقد قال جماعة بصحة الطلاق و هذا قد یرشد إلیه أیضا قوله و جوزنا الوصیة المبهمة (الرابع) أنه أوصی لأحد هذین أیهما کان بمعنی أن کلا منهما مصرف و متعلق للوصیة و هذا قد تقدم أنه یتخیر الوارث فیه لو کانا حیین فیجوز صرف الوصیة جمیعها إلی الحی هنا (و أما الأول) فالمتعین فیه أن یقال إن أمکن البیان من الموصی أو الوارث فذلک و إلا فالقرعة أو البطلان و لا یجری فیه الاحتمال أعنی استحقاق الجمیع أو النصف مع أنه قد یدعی ظهوره من العبارة کما عرفت لکنه قد ینافیه قوله و جوزنا الوصیة المبهمة و قد لا ینافیه (و أما الثانی) فالواجب فیه بطلان الوصیة لأن المبهم فی حد ذاته ممتنع وجوده فتمتنع الوصیة له و (أما الثالث) فالأقوی فیما شبه به أعنی الطلاق فیه بطلانه لأنه أمر معین فلا یحل فی المبهم الغیر الموجود و لأن توابع الطلاق من العدة و غیرها لا بد لها من محل معین إلی غیر ذلک مما ذکروه هناک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 440

[المطلب الرابع فی الموصی به]

المطلب الرابع فی الموصی به و هو کل مقصود یقبل النقل (1)
______________________________
فکذا هنا یبطل و أما علی تقدیر صحة الطلاق و عدم اشتراط التعیین فقد قالوا إن المطلقة تستخرج بالقرعة أو یعین من شاء فینبغی أن یکون أحد الوجهین هنا أو الوجوه أن یقرع بینهما و (لعله) إلی هذا الاحتمال و نظیره نظر فی (الإیضاح) حیث قال و اعلم أن هذه المسألة تبنی علی أن البیان فی أحد هذین هل هو کاشف عن کون المعین موصی له أو سببا فی حصول هذا الوصف له فعلی الأول یقوم وارثه مقامه و یکون کأنه لم یمت و علی الثانی یتأتی هذان الاحتمالان فعلی هذا إن قلنا بالنصف للحی یبطل النصف الآخر و هو الأصح عندی انتهی و محصله یرجع إلی أنه یجوز إنشاء الوصیة لأحدهما بدون القصدین کما ذکرناه فی الاحتمال الثالث و قد عرفت الحال فیه و مع ذلک فالبناء الذی ذکره لا یستقیم فإنه علی التقدیر الثانی و هو کون البیان سببا فی حصول هذا الوصف لا وجه لاستحقاق الباقی النصف خاصة بل یجب علی هذا التقدیر أن یستحق الجمیع لوجود سبب استحقاقه
(قوله) (المطلب الرابع فی الموصی به و هو کل مقصود یقبل النقل)
کما فی (التحریر) و (اللمعة) و (الروضة) و لعله معنی قوله فی (الوسیلة) کل ما یصح تملکه و الانتفاع به و ظاهر الکتب المذکورة و الکتاب أنه ضابط لکن قول المصنف فی الکتابین و یشترط یقضی بأنه غیر ضابط و قد احترزوا به عما لیس بمقصود کذلک إما لحقارته کفضلة الإنسان أو لقلته کحبة الحنطة و قشر الجوزة أو لکون جنسه لا یقبل الملک کالخمر و الخنزیر و الحر و فی (التذکرة) الإجماع علی أن غیر المقصود لا تصح الوصیة به و الذی لا یقبل النقل إما مال أو حق کالوقف و أم الولد و المنذور عتقه و لم یبینوا لنا المراد بالنقل إثباتا و نفیا هل المراد به النقل بجمیع أقسامه أو المراد ما عدا الإرث فإنک ستسمع أن هناک أعیانا لا تقبل النقل بالبیع و تصح الوصیة بها و کیف کان فإجماع التذکرة و هذا الضابط مستفادان من مطاوی کلمات القوم من قولهم یعتبر فیه الملک (کالشرائع) و (النافع) یشترط فیه الملک (کالإرشاد) یعتبر فیه أن یکون مما یملک للموصی و الموصی له (کالدروس) لأن معقدهما کنایة عن کونه مما یملک و له قابلیة الملک و صلاحیته و لکن یستفاد مما قیل فیه بأنه یعتبر فیه الملک من دون تعرض للنقل أنه تجوز الوصیة بکل ما فیه نفع محلل و إن لم یصح بیعه کالفیل و نحوه (و به) صرح فی (التذکرة) قال أما ما یکون مقصودا فإنه تصح الوصیة به و إن حرم بیعه کالفیل و الأسد و غیرهما من المسوخ و المؤذیات إن منعنا من بیعها تبعا للانتفاع بجلودها و (قد قال) بعد ذلک و یشترط فی المال الموصی به أن یکون قابلا للنقل من شخص إلی آخر فلا تصح الوصیة بما لا یقبل النقل سواء کان مالا أو حقا و (قال) فیها أیضا تصح الوصیة بما یحل الانتفاع به من النجاسات کالکلب و الزیت النجس لإشعاله تحت السماء و الزبل للانتفاع بإشعاله و التسمید به و جلد المیّتة و شحمها إن سوغنا الانتفاع بهما لتدهین السفن لثبوت الاختصاص بها و انتقالها من ید إلی ید بالإرث و غیره انتهی (و قد منع) من جواز الوصیة بالسرجین النجس فی (الدروس) و (جامع المقاصد) و قال فی (التذکرة) و أما حد القصاص و القذف و إن قبل النقل بالإرث فإنهما لا یتمکن من نقلهما إلی غیره لأنهما شرعا للتشفی فلیس للموصی له ذلک کما کان للوارث (قلت) و ینبغی أن یکون کل ما جری هذا المجری کذلک کالتعزیر الثابت بالشتم (ثم) إنه فی (التذکرة) حکی عن الشافعیة المنع من الوصیة بالحقوق التابعة للأموال کالخیار و حق الشفعة إذا لم تبطل بالتأخیر کتأجیل الثمن و (قد جزم) بعدم الصحة فی الحدین
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 441
و یشترط أن یکون موجودا مختصا بالموصی منتفعا به (1)
______________________________
و الشفعة فی (اللمعة) و (الروضة) و فی الأخیر أنه لو أوصی له بالشقص و الخیار لم تبعد الصحة لأن الوصیة بالمال و الخیار تابع و هو الذی قال به أو مال إلیه فی (جامع المقاصد) فیما یأتی و قال أما لو أوصی بالتحجیر و بالأولیة فی الأرض الخراجیة و نحو ذلک فإن الصحة أظهر و (یستفاد) أیضا ممن عبر باعتبار الملک أن حبة الحنطة و نحوها مما لا یملک و قد فرع علیه فی (الشرائع) و غیرها أن ما لا نفع فیه لا تصح الوصیة به إلا أن المراد بما لا نفع فیه معتدا به فی نظر العقلاء بحیث یکون متمولا لأن هذه مملوکة لا یصح غصبها من المالک و قد استوفینا الکلام فیها فی باب الغصب و البیع (ثم) إنه یجوز أن یراد بالملک ما هو أعمّ من ذلک و من الملک بالفعل لیستفاد منه عدم جواز الوصیة بمال الغیر لکنهم لم یشیروا إلیه فی الإخراج و قد احتمل صحته فی (التذکرة) إذا قیده بتملکه إیاه و احتمل فی (الدروس) الصحة مع الإجازة و هو قوی جدا لأن الوصیة عقد و لا نجد فرقا بینها و بین غیرها من العقود بل قد جوزنا الوقف الفضولی و دلت الأخبار فی مجهول المالک علی جواز الفضولی فی الصدقة و جزم (المصنف) فیما یأتی فیما نحن فیه بعدم الصحة و لعله أراد بما إذا لم یقیده بتملکه إیاه فلا منافاة و قد یکون ترکهم لبیان حاله لشدة ظهوره لأن أحدا لا یوصی بغیر ملکه و قد أشار إلیه المصنف فیما یأتی بقوله مختصا بالموصی
(قوله) (و یشترط أن یکون موجودا مختصا بالموصی منتفعا به)
قد ترک اشتراط الوجود جماعة و صرح بعدم اشتراط وجوده حال الوصیة و بالفعل فی (التحریر) و (اللمعة) و (الروضة) و قد أطلق المصنف هنا اشتراط وجوده و (ستسمع) قوله و لا نعنی بالموجود کونه موجودا بالفعل حال الوصیة بل ما یمکن وجوده فهو أعمّ من أن یکون بالفعل و الحال کالدار أو مظنون الوجود کالحمل و الثمرة فی السنة المقبلة أو مشکوکا فیه کالآبق و الطیر فی الهواء و السمک فی الماء أو موجودا بالقوة کما تحمله الأمة أو الدابة أو الشجرة و هذا یصدق علیه أنه مظنون الوجود أو موجودا علی التدریج کسکنی الدار فإن الوصیة بجمیع ذلک نافذة أما (ما کان) موجودا فی الحال فبإجماع العلماء کما فی (التذکرة) و ما کان موجودا بالقوة فبإجماعنا الظاهر منها أیضا و یندرج فیه الوجودات الباقیة علی أن الصحة مستفادة من مطاوی کلمات أصحابنا فلم یبق إلا ممتنع الوجود عقلا أو عادة أو شرعا و قد احترز به عنه (لکنه) یلزم منه أن تصح الوصیة بمال الغیر لأن حصوله للموصی له ممکن بالأقسام الثلاثة و (قد سمعت) ما فی (التذکرة) و (الدروس) و (الکتاب) و ما احتملناه من عبارة الکتاب لأنه إذا صحت الوصیة بغیر الموجود فبغیر المملوک أولی لأنه موجود و غیر الموجود غیر موجود و لا مملوک فتأمّل و (لیس فیه) إلا أنه قد یوصی به مالکه فلا یکون محلا لتصرف شخصین و یندفع بما إذا قیده بالتملک أو الإجازة و (لیعلم) أنه وقع لهم فی الوصیة بالحمل عبارتان (إحداهما) أنه لا بد من وجوده حال الوصیة فلو شککنا فی وجوده بطلت و (الثانیة) أنه تصح الوصیة بما تحمله هذه الجاریة و بالحمل الذی سیوجد و سیکون و (هما) متنافیان فی الظاهر و (لیس کذلک) لأنا بینا فیما یأتی فی المطلب الأول (الرابع خ) من الفصل الثانی فی الأحکام أن الوصیة بالحمل تقع علی نحوین وصیة بالحمل الموجود و بالحمل الذی سیوجد و أن الأول یقع علی نحوین مقید و مطلق فالمقید أن یقول أوصیت لک بحملها الموجود فی الحال و المطلق أن یقول أوصیت لک بحمل فلانة (و أن) هذا لقسم بقسمیه یشترط أن یکون موجودا حال الوصیة فلو
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 442
غیر زائد علی الثلث إلا مع إجازة الوارث (1) و لا یشترط أن یکون مالا (2)
______________________________
شککنا فی وجوده بطلت أما المقید فظاهر و أما المطلق فلأن المتبادر منه الموجود فی الحال و (أما الثانی) و هو الوصیة بالحمل الذی سیوجد فلا یشترط فیه ذلک و قد أسبغنا الکلام فی ذلک فی المطلب الأول من الفصل الثانی فی الأحکام (و مما ذکرناه) فی أقسام الموجودین یعلم أنه لا یشترط کونه معلوما و لا معینا و لا مقدورا علیه فتصح الوصیة بالمجهول و بأحد العبدین و بالمغصوب کما یأتی التنبیه علیه فی کلام المصنف (و قد انفرد) الکتاب بالتقیید بکونه مختصا به و قد أراد به کونه مملوکا له کما أشرنا إلیه آنفا لأنه لم یتقدم فی کلامه ذکر الملک (کالشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (الدروس) و غیرها حتی تحتمل إرادة ذلک (أی إخراج الوصیة بمال الغیر منه) کما احتملناه آنفا فی الکتب المذکورة و قلنا إن عدم تعرضهم لبیانه إدخالا و إخراجا لشدة ظهوره و سیبین أنه أراد الاحتراز به عن الوصیة بمال الغیر لعدم الاختصاص و أما اشتراط کونه منتفعا به فلعله مستغنی عنه بقوله کل مقصود و لعله أراد الانتفاع به شرعا لیخرج کل عین یحرم الانتفاء بها و لا یقبل التغییر کما لو أوصی له بصنم لا یقبل التغییر و أشباهه کالطبل و الزمر و الشطرنج کما نبه علیه فی (التذکرة) فلیتأمّل جیدا
(قوله) (غیر زائد علی الثلث إلا مع إجازة الوارث)
مما صرح فیه باعتبار هذا الشرط بعنوان الشرطیة و بدونه (المقنع) و (المقنعة) و (الاقتصار) فی أثناء کلام له و (المراسم) و (الکافی) و (النهایة) و (الخلاف) و (المبسوط) و (الوسیلة) و (فقه الراوندی) و (الغنیة) و (السرائر) و (الجامع) و (الشرائع) و (النافع) و کتب المصنف جمیعها و سائر ما تأخر و لم یحک الخلاف إلا عن علی بن بابویه و فی (الخلاف) لا تصح فیما زاد علی الثلث بلا خلاف و فی (الغنیة) تبطل فیما زاد إلا أن تجیز الورثة بلا خلاف و فی (فقه الراوندی) لا تجوز الوصیة بأکثر من الثلث إجماعا فکأنهم لم یثبت عندهم خلاف الصدوق أو لم یلتفتوا إلیه و فی (المسالک) نسبته إلی الأصحاب تارة و قال أخری إنه المشهور بل کاد یکون إجماعا و فی (المفاتیح) أن خلاف والد الصدوق شاذ و دلیله ضعیف متأول و مع ذلک کله قال فی (الکفایة) إنه أشهر و لعل معنی عدم الصحة فی کلام الخلاف و البطلان فی کلام (الغنیة) و (الشرائع) و (النافع) و غیرهما عدم نفوذه و أنه یبقی موقوفا و قد حکیت الإجماعات علی عدم النفوذ إلا مع إجازة الوارث و علی بطلان الزائد مع الرد (ففی التذکرة) إجماع العلماء علی صحة الوصیة بالأکثر إن أجاز الورثة بأسرهم و الإجماع علی البطلان فی الزائد إن ردوا و نفیا أیضا الإجماع علی الأمرین معا و قد سمعت ما فی الغنیة و فی (التنقیح) الإجماع علی الصحة فی الثلث و البطلان فی الزائد و فی (التلخیص) الإجماع علی عدم الإمضاء فیما زاد إلا مع الإجازة و تمام الکلام عند تعرض المصنف له و لا فرق فی الوصیة بین کونها فی حال الصحة أو حال العرض کما أخذ ذلک فی معاقد بعض هذه الإجماعات و به طفحت جملة من العبارات
(قوله) (و لا یشترط کونه مالا)
فتجوز بالمنفعة عند علمائنا أجمع و هو قول عامة أهل العلم و به الروایة عن الرضا (ع) کما ذکر ذلک کله فی (التذکرة) فلا یشترط کونه مالا کما صرح به أیضا فی (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و غیرها و هو قضیة إطلاق الباقین لأنها شرعت لإرفاق الناس و لم یحک الخلاف إلا عن ابن أبی لیلی فقال لا تصح
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 443
و لا معینا و لا مقدورا علی تسلیمه (1) و لا نعنی بالموجود کونه موجودا بالفعل حال الوصیة بل ما یمکن وجوده فلو أوصی بما تحمله الجاریة أو الدابة أو بالثمرة المتجددة فی العام المقبل أو بأجرة سکنی السنة المستقبلة صح لأنها فی تقدیر الموجود (2) و لو أوصی بالمنافع صحت و إن لم تکن مالا لمساواتها له فی الانتفاع (3) و لو أوصی بالمجهول أو بالآبق أو بالمغصوب صح (4) و لو أوصی بمال الغیر لم یصح لعدم الاختصاص (5)
______________________________
الوصیة بالمنفعة لأنها معدومة و وافقته الشافعیة فی أحد قولیها
(قوله) (و لا معلوما و لا مقدورا علی تسلیمه)
لا نعلم خلافا فی تجویز الوصیة بالمجهول کما فی (التذکرة) کالعبد و الثوب و قال یجوز أن یتوغل فی الإبهام إلی غایته کأن یقول أعطوه شیئا أو حظا أو قسطا أو نصیبا أو جزءا أو سهما أو قلیلا أو کثیرا لأن اللّٰه سبحانه و تعالی أعطانا ثلث أموالنا فی آخر أعمارنا و قد یشتبه قدر الثلث علینا إما لکثرة المال أو غیبته فدعت الحاجة إلی تجویز الوصیة بالمجهول و لا نعلم فیه خلافا و قال لو أوصی بأحد العبدین صحت الوصیة لأنها محتملة للجهالة و الغرر فلا یقدح فیها الإبهام بخلاف ما لو أوصی لأحد الشخصین فقد تقدم الخلاف فیه و لا أجد خلافا فی صحة الوصیة بالمغصوب لأنها تصح بالمعدوم فبالموجود الذی لا قدرة علیه أولی و لا فرق بین أن یکون الوصیة للغاصب أو لغیره لأن القبض لیس شرطا فی صحتها و قد تقدم منا بیان للأمرین آنفا
(قوله) (و لا نعنی بالموجود کونه موجودا بالفعل حال الوصیة بل ما یمکن وجوده فلو أوصی بما تحمله الجاریة أو الدابة أو بالثمرة المتجددة فی العام المقبل أو بأجرة سکنی السنة المستقبلة صح لأنها فی تقدیر الموجود)
هذا قد تقدم الکلام فیه آنفا و کونها فی تقدیر الموجود إنما هو بالنظر إلی العادة و فی (التذکرة) الإجماع علی صحة الوصیة بثمرة بستانه التی ستحدث سواء أوصی بذلک فی مدة معلومة أو بجمیع الثمرة انتهی و ینبغی بناء علی الشرط المذکور و هو إمکان وجوده أن یصح بما یتجدد له تملکه و لو علی وجه الندرة کما یتجدد بشراء و هبة و إرث لأن وجود ذلک ممکن
(قوله) (و لو أوصی بالمنافع صحت و إن لم تکن مالا لمساواتها له فی الانتفاع)
أما صحة الوصیة بالمنافع فقد عرفت أن لا مخالف فیه منا و أما جزمه بعدم کونها مالا فهو الأشبه بأصول المذهب لأنها لو کانت مالا لوجب علی المفلس إجارة نفسه و لوجب بها الحج و قد قالوا إنه لا یجب الحج مع الاستطاعة بالمنافع کما إذا استطاع بإجارة الدار فلو کانت مالا لوجبت إجارتها و لیس هو من قبیل الواجب المشروط إلی آخر ما ذکرناه فی باب الحجر فإنا أسبغا الکلام فی ذلک نعم إذا استوفیت أو استؤجر علیها عدت عندهم أموالا و أجروها مجراها و حجة القائل بأنها مال أنها تقابل به و تجعل عوضا عنه و فیه أن بعض الحقوق کذلک و تظهر الثمرة فی وجوب مؤاجرة الدار لقضاء الدین فیجب علی تقدیر کونها مالا أن یؤاجر دار سکناه مرة بعد أخری إلی أن یفی الدین و قضیة ذلک إدامة الحجر علیه إلی قضاء الدین و هو بعید عن محاسن الشرع
(قوله) (و لو أوصی بالمجهول أو بالآبق أو بالمغصوب صح)
کما تقدم التنبیه علی ذلک کله و کذا الطیر فی الهواء و نحوه
(قوله) (و لو أوصی بمال الغیر لم یصح لعدم الاختصاص)
کما تقدم بیانه أیضا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 444
و لو أوصی بالمشترک صح فی نصیبه لاختصاصه به (1) و لو أوصی بالخمر و الخنزیر و کلب الهراش و طبل اللهو لم یصح (2) و لو أوصی بما ینتفع به فی ثانی الحال کالخمرة المحترمة التی یرجی انقلابها و الجرو القابل لتعلیم الصید فالأقرب الجواز (3) و کذا لو أوصی بالزبل و المجهول کأحد العبدین و بالقسط و النصیب (4) و کل ما ینتقل إلی الوارث إلا القصاص و حد القذف فإنه لا یقع للموصی له و إن انتقل إلی الوارث لأن المقصود و هو التشفی یحصل للوارث دونه (5)
______________________________
(قوله) (و لو أوصی بالمشترک صح فی نصیبه لاختصاصه به)
و لا تتوقف الصحة فی نصیب الغیر علی الإجازة کالبیع إلا علی احتمال (الدروس) و قد عرفت أنه قوی جدا و أنا لا نجد فرقا بینها و بین غیرها من العقود و قد تقدم فی باب البیع أنه لو باع قدر نصیبه ففی انصرافه إلی ما یملکه أو ینزل علی الإشاعة قولان
(قوله) (و لو أوصی بالخمر و الخنزیر و کلب الهراش و طبل اللهو لم یصح)
لأن ذلک لیس مالا و لا ینتفع به فی محلل إلا الخمر للتخلیل و طبل اللهو إذا قبل الزوال عن صفته المحرمة بتغییر یسیر لا یزیل الاسم أو أرید رضاضه کما صرح بالأول جماعة فی الطبل و العود و اکتفی بالثانی جماعة فیهما أیضا کما یأتی بیانه فی أوائل المطلب الأول من مطالب الفصل الثانی کما سیأتی إن شاء اللّٰه تعالی
(قوله) (و لو أوصی بما ینتفع به فی ثانی الحال کالخمر المحترمة التی یرجی انقلابها و الجرو القابل لتعلیم الصید فالأقرب الجواز)
کما فی (جامع المقاصد) و هو الأصح کما فی (الإیضاح) و به جزم فی (الدروس) و (المسالک) و (الروضة) فی الجرو القابل للتعلیم لأنه فی الحقیقة وصیة بمنفعتها (قلت) بل التملیک ممکن باعتبار التجدد و القول بعدم الصحة فیهما لیس بشی‌ء کما فی (جامع المقاصد) و مستنده أن الوصیة تملیک و هو ممتنع هنا و قد عرفت أن التملیک ممکن و فی (التحریر) لا تصح بالجرو إن منعنا من جواز تربیته للصید و ربما قیل إن صحة الوصیة بالخمر المتخذة للتخلیل حیث تکون إذا انقلبت غیر متنجسة بنجاسة عارضیة و رد بأن تنجسها لا یمنع الانتفاع بها بعد الانقلاب فی الأدویة و الشرب فی محل الضرورة لجواز شرب المتنجس عند الضرورة و فی نحو الطلاء و اللصوق اختیارا خصوصا علی القول بأن المائع یقبل التطهیر و التقیید بالتی یرجی انقلابها لعله لیخرج به الخمر التی عند الذمی المستتر فإنها أیضا محترمة
(قوله) (و کذا لو أوصی بالزبل أو المجهول کأحد العبدین أو بالقسط أو النصیب)
یرید و کذا تصح الوصیة لو أوصی بالزبل و إطلاقه یشمل الطاهر و النجس و قد حکینا عن (التذکرة) فیما سلف جواز الوصیة بالزبل النجس للانتفاع بإشعاله و التسمید به و عن (الدروس) عدم جوازه به و قال فی (جامع المقاصد) إن المراد به الطاهر لأن غیره نجس لا یعتد بالنفع به شرعا و هو مقتضی کلام (التذکرة) انتهی و قد سمعت صریحها و قد سبق له عدم اشتراط کونه معلوما کما تقدم الکلام فیه و کأنه أراد هنا بیان الجواز مع الإبهام و التوغل فیه فتأمّل
(قوله) (و کل ما ینتقل إلی الوارث إلا القصاص و حد القذف فإنه لا یقع للموصی له و إن انتقل إلی الوارث لأن المقصود هو التشفی یحصل للوارث دونه)
هذا أیضا تقدم الکلام فیه فی أول المطلب الرابع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 445
و لو أوصی بکلب و لا کلب له لم یصح لتعذر شرائه إن منعنا بیعه مطلقا و إلا اشتری له ما یصح بیعه (1) و علی الأول لو کان له کلاب و لا مال له فوجه اعتباره من الثلث تقدیر القیمة لها و یحتمل التقدیر بتقویم المنفعة و اعتبار العدد (2)
______________________________
(قوله) (و لو أوصی بکلب و لا کلب له لم یصح لتعذر شرائه إن منعنا بیعه مطلقا و إلا اشتری له ما یصح بیعه)
المراد بقوله إن منعنا بیعه مطلقا التعمیم فی کلب الصید و غیره قال فی (المبسوط) إذا قال أعطوه کلبا من کلابی نظرت فإن لم یکن له کلب صید أو حائط فالوصیة باطلة و هکذا إذا قال أعطوه کلبا من مالی فالوصیة باطلة لأنه لا ینتفع به و إن کان له کلب ماشیة و کلب حرث و کلب صید صحت الوصیة لأنه ینتفع به و نحوه ما فی (المهذب) ثم قال فی (المبسوط) و الأقوی عندی أنه إن لم یکن له کلاب أن یشتری له أقل کلاب الصید أو الماشیة أو الحرث فقد قوی الشراء أخیرا و لم یفرق فی البطلان أولا بین أن یقول من کلابی أو من مالی لکنه لم یبن ذلک علی المنع من البیع فتأمّل و فرق فی (التذکرة) فأبطله فی الأول و فصل فی الثانی أعنی قوله کلبا من مالی فقال إن جوزنا بیعه صحت الوصیة و إلا بطلت و قال إن ذلک إذا لم یکن للموصی کلب مباح و وافقه علی البطلان فی الأول القاضی فی (المهذب) و کأنه لم یظفر به فی (التذکرة) فی (جامع المقاصد) فأورد علی عبارة الکتاب بأنه یشکل إطلاق عدم الصحة بإمکان حصوله للموصی بغیر البیع و صحة الوصیة دائرة مع إمکان الوجود کما سبق فإن تعذر بطلت و تبعه علی ذلک صاحب (المسالک) فقال إن لم نجوز شراءه احتمل بطلان الوصیة لعدم إمکان اتفاقها علی الوجه المشروع و مراعاة تحصیله بغیر البیع إذ لا یلزم من عدم جواز بیعه عدم إمکان تحصیله بغیره فیجب تحصیله علی الوارث تفصیا من تبدیل الوصیة مع إمکان إنفاذها فإن أمکن تحصیله و إلا بطلت قلت هذا غریب منهما لأن منع بیعه منع من جمیع ضروب التکسب به بل قد صرح فی الإجارة و الهبة بالإجماع المرکب کما أسبغنا الکلام فیه فی باب المکاسب نعم یمکن أن یتبرع به متبرع من وارث و غیره ثم إنه لا یجب علی الوارث إنفاذ وصیة مورثه إلا من ماله لا من مال غیره من وارث و غیره فلا یلزم من إمکان تحصیله للوارث وجوبه علیه و أما إذا لم نمنع من بیعه و جوزنا شراءه کما هو الأصح فإن الوارث یتخیر فی شراء أی الکلاب الأربعة شاء کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) قلت لا ریب فی ذلک إذا قال أعطوه کلبا أو کلبا من مالی و ینبغی أن یتأمّل فیما إذا قال کلبا من کلابی و لا کلاب له و قد جزم فیه بالبطلان فی (التذکرة) و کیف کان فقد صرح بصحة بیع الکلاب الأربعة فی خمسة و عشرین کتابا و قد حکی علی صحة بیع کلب الصید ستة إجماعات و الأخبار مستفیضة فلا وجه کما فی (الحواشی) لذکر هذا الفرع علی تقدیر عدم صحة بیعه و لعله إنما ذکره لیترتب علیه ما بعده
(قوله) (و علی الأول لو کان له کلاب و لا مال له فوجه اعتباره من الثلث تقدیر القیمة لها و یحتمل التقدیر بتقویم المنفعة و اعتبار العدد)
قد حکی فی (التذکرة) الوجوه الثلاثة من بعض الشافعیة من دون ترجیح و فی (الإیضاح) أن الأصح الثانی و هو التقدیر بتقویم المنفعة و فی (الحواشی) الجزم بالأول و فی (جامع المقاصد) أنه أقرب و المراد من العبارة أنه علی المنع من بیع الکلاب مطلقا لو کان للموصی کلاب و لا مال له سواها ففی اعتباره من الثلث طرق (الأول) تقدیر القیمة لها بأن نفرض کونها أموالا تباع و ینظر کل واحد منها کم یساوی علی ذلک التقدیر و ذلک لأنه الطریق إلی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 446
و یتعذر الأولان لو أوصی ذو الکلب و طبل اللهو و زق الخمر بأحدها و لا مال له سواها (1) و لو کان له سواه نفذت الوصیة و إن قل لأنه خیر من ضعف الکلب الذی لا قیمة له (2)
______________________________
تقویم ما لا قیمة له مع وجود منفعة معتبرة شرعا کتقدیر الرقیة فی الحر عند الحاجة کأرش الجرح الذی لا مقدر له شرعا لیمکن التوصل إلی ما یقابله من المال و هذا هو الأشبه لأن خصوصیة الذات مقصودة کما أن المنفعة مقصودة لظهور اختلاف الذوات و تفاوت الأغراض باختلافها فتفرض ذوات قیم ثم ینظر فی ذواتها و صفاتها و ما یقابل کل واحد منها باعتبار ذاته و صفاته من القیمة ثم یستخرج الثلث (الثانی) التقدیر للقیمة بتقویم المنفعة لأن المقصود من العین الانتفاع بها و لذلک تقل القیمة لقلة المنفعة و تکثر بکثرتها و العین لا قیمة لها فالاعتبار حینئذ بالمنفعة و هی مناط صحة الوصیة حتی إن ما لا منفعة له لا تصح الوصیة به (الثالث) اعتبار العدد لأنه المرجع عند الاستواء و عدم التفاضل و لا تفاضل هنا لأنه إنما یکون باعتبار القیمة و لا قیمة للکلاب
(قوله) (و یتعذر الأولان لو أوصی ذو الکلب و طبل اللهو و زق الخمر بأحدها و لا مال له سواها)
قد فرع المصنف و بعض الشافعیة علی القول بمنع بیع الکلب مطلقا مسألتین (الأولی) أنه لو کان للمریض کلب و طبل لا قیمة لرضاضه و لا منفعة متقومة و زق خمر محرمة لا یجوز اقتناؤها فأوصی بواحد منها و قلنا باعتبار الثلث لم یجر الوجهان أعنی تقدیر القیمة للعین أو للمنفعة لامتناع التقویم و المالیة فی الطبل و الخمر المذکورین إذ لا منفعة محللة لهما و لا یقابل أحدهما بمال فیتعذر الأولان بخلاف الکلب لإمکان تقدیر القیمة له فهو فی حکم المال فجعل اعتبار الثلث هنا العدد المرکب من الوحدات و فی (جامع المقاصد) أنه قریب و جعل المدار فی (التذکرة) علی اعتبار القیمة لأنه لا مناسبة بین رءوسها و العدد المعتبر إنما فیما تتجانس رءوسه کالکلاب و قال فی (الإیضاح) الأقوی عندی أن الموصی به إن کان هو الکلب صح فی ثلثه لأنه متقوم و علی القول الآخر یحتمل الصحة فیه أی کله لأنه غیر متقوم فلیس بمال فی الحقیقة و المعتبر من الثلث إنما هو المال لقوله (ع) المریض محجور علیه إلا فی ثلث ماله و المراد الحجر فی المال اتفاقا و لأن الأصل فی الاستثناء الاتصال و هو قوله (ع) إلا فی ثلث ماله و یحتمل اعتبار الثلث لأن له منفعة مباحة متقومة و تعتور علیه الأیدی المستحقة و له دیة شرعیة فیکون حکمه حکم المال فی تحریم منع الورثة من ثلثه و لهذا یستعار له اسم المال هذا و ربما یقال علی المصنف فی الکتاب إن طبل اللهو المذکور لا یجوز اقتناؤه و یجب إتلافه فکیف یعتبر کونه ثلثا باعتبار العدد و یلزم من اعتباره اعتبار الخمر و إن لم تکن محترمة مع أنها قیدت بذلک فی (التذکرة) و (الإیضاح) و أیضا لو أوصی بالطبل المذکور لم تصح الوصیة فکیف یعد ثلثا و و أجیب بأنه إنما یعد ثلثا باعتبار رضاضه لأنه و إن لم تکن له قیمة فهو مملوک قیل فیه أن هذا ینافی عدم جواز الوصیة به لأنه لو اعتبر رضاضه لزم جواز الوصیة به ثم إن المصنف لا یعتبر الرضاض أصلا کما یأتی قریبا إلا أن یقال إن عدم جواز الوصیة به لم یکن من حیث إنه غیر مملوک بل لأن نفعه منحصر فی الجهة المحرمة و إخراجه عن کونه آلة اللهو یحتاج إلی تغییر کثیر
(قوله) (و لو کان له سواه نفذت الوصیة و إن قل لأنه خیر من ضعف الکلب الذی لا قیمة له)
هذا أظهر وجوه الشافعیة و قد ذکرت فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) من دون ترجیح و هذا الوجه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 447
و لو أوصی بطبل لهو بطل إلا أن یقبل الإصلاح للحرب أو غیره مع بقاء الاسم (1) و لو لم یصلح إلا برضه لم یصح فإن الوصیة لا تنزل علی الرضاض لاعتمادها اسم الطبل
______________________________
هو المسألة الثانیة و مراده أنه لو کان له مال و کلاب ینتفع بها فأوصی بکل الکلاب أو بعضها فإن الوصیة تنفذ فیها و إن کثرت و قل المال لأن المعتبر أن یبقی للورثة ضعف الموصی به و المال و إن قل خیر من ضعف الکلاب إذ لا قیمة لها و فی (الإیضاح) أنه ضعیف و أن الأصح تقدیر القیمة لها و ضمها إلی المال لاعتبار الثلث علی ما هو المشهور عند علمائنا (قلت) هذا وجه آخر للشافعیة و هو أن تقوم الکلاب أو منافعها علی اختلاف الوجهین السابقین و یضم إلی ماله من المال و تنفذ الوصیة فی ثلث الجمیع لمن له أعیان و منافع و أوصی له بها فإن ثلثه بها یعتبر من الأعیان و المنافع جمیعا و وجه آخر أن الکلب لیس من جنس المال فیقدر کأنه لا مال له و تنفذ الوصیة فی ثلث الکلاب کما أن الوصیة بالمال و الصورة هذه تعتبر من ثلث المال و یقدر کأنه لا کلاب له
(قوله) (و لو أوصی بطبل لهو بطل إلا أن یقبل الإصلاح للحرب أو غیره مع بقاء الاسم)
کما فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و نحوه ما فی (التحریر) و (التلخیص) لکنهما قد ترک فیهما التقیید ببقاء الاسم و کذا (المبسوط) و فی (الإرشاد) و (الروض) بطل إن لم یمکن إزالة المحرم و قضیتهما أنه لو أمکن إزالة المحرم صحت و إن زال الاسم کما هو قضیة کلام (الدروس) حیث قال إلا أن یقصد رضاضه أو یقبل الإصلاح و کما هو قضیة ما حکاه فی (الشرائع) فی العود قال قیل یبطل و قیل تصح و تزال عنه الصفة و (لعله) أشار بالقول الأول إلی ما فی (المهذب) و (الوسیلة) فإنه أطلق فیهما البطلان و بالثانی إلی ما فی المبسوط فإنه قضیة کلامه فیه کما عرفت و سیأتی فی الفصل الثانی إعادة ذلک و فی (الروضة) بطل إن لم یمکن إزالة الوصف المحرم مع بقاء مالیته و إلا صحت و حول إلی المحلل و قال فیها أیضا و مثل کلب الهراش طبل اللهو الذی لا یقبل التغییر عن الصفة المحرمة مع بقاء المالیة و قضیته أنه لو زالت الصفة المحرمة مع بقاء المالیة صحت الوصیة به و یشکل بخروجه حینئذ عن کونه طبلا (لا یقال) إذا انتقل إلی الموصی له یفعل به ما یشاء و من جملته کسره (لأنا نقول) جواز تصرفه فیه بالکسر موقوف علی صحة الوصیة و صحة الوصیة موقوف علی کسره فیدور فتأمّل نعم لو أمکن زوال الصفة المحرمة عنه بحیث یصدق بعدها الاسم السابق علیه کطبل الحرب کفی (و کیف کان) فقد اتفقت هذه الکتب علی البطلان إذا لم یقبل الإصلاح للحرب و لم یصلح إلا للهو کما سیصرح به المصنف فی الفصل الثانی فی الأحکام و وجهه ظاهر و قد فصلنا الکلام هناک و استوفیناه و فی (التذکرة) التصریح بخلاف ما فی (الکتاب) لأن قضیة ما فیه أنه لو أمکن الانتفاع به انتفاعا محللا مع بقاء الاسم مع تغییر یسیر صحت کما لو أوصی له بعبد مریض لا ینتفع به علی حالته تلک بخلاف ما لو لم یمکن الانتفاع به إلا بتغییره عن صفته بحیث یخرج عن الاسم فإن الوصیة به لا تصح لاعتماد اسم الطبل و هو محرم و لا یحمل علی ما لا یتناوله اللفظ و هو الرضاض و (قال) فی (التذکرة) و أما إذا لم یمکن الانتفاع به إلا بعد تغییره عن صفته بحیث لا یبقی اسم الطبل معه فالأقرب الصحة أیضا سواء کان لا ینتفع به إلا برضاضه أو ینتفع به مع بقاء آلته لا علی هیئة الطبل الذی لا ینتفع به إلا فی اللهو و سواء کان لرضاضه قیمة مقصودة نفیسة کما لو کانت من ذهب أو فضة أو عود أو غیر مقصودة و لا نفیسة کنخامة الخشب إذا کان له نفع ما و إن قل انتهی و (لعله) یرجع إلی أنه ینزل علی الوصیة بالرضاض کما حکاه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 448
و لو کان الرضاض من ذهب أو عود کان هو المقصود فینزل الوصیة علیه فکأنه أوصی برضاضه (1) و لو أوصی برضاضه صحت کأنه قال یکسر الطبل و یعطی رضاضه (2) و یشترط أن لا یکون الموصی به زائدا علی ثلث الموجود عند الموت (3)
______________________________
عنها فی (جامع المقاصد) ثم قال و ما فی الکتاب أولی لأن معظم الغرض من هذا الطبل و الفائدة العظمی المقصودة منه محرمة و لا ینزل إطلاق اللفظ علی ما لا یقصد منه غالبا و لا ینتقل الذهن إلیه و هو الرضاض لعدم فهمه من اللفظ و لا قصده من تلک الآلة انتهی (قلت) کلام (التذکرة) لیس نصا فی التنزیل علی الوصیة بالرضاض و (لعل) غرضه فی (التذکرة) إرادة نفعه من هذه الآلة بأیّ وجه اتفق إذا کان سائغا فلیلحظ و لیتأمّل و (فسر) فی (التذکرة) طبل اللهو بالکوبة التی یضربها المخنثون وسطها ضیق و طرفاها واسعان و قسم الطبول إلی طبل الحرب و طبل الحجیج و القوافل الذی یضرب به للإعلام بالنزول و الارتحال و طبل العطارین و هو سقط (سفط ظاهرا) لهم و رضاض الشی‌ء بضم الراء فتاته
(قوله) (و لو کان الرضاض من ذهب أو عود کان هو المقصود فینزل الوصیة علیه فکأنه أوصی برضاضه)
هذا أحد قولی الشافعیة فی تفصیل لهم و المشهور عندهم ما ذکره المصنف أولا و حاصله الفرق بین النفیس و الخسیس لأن الأول یقصد منه اللهو المحرم و یقصد رضاضه لنفاسته بل قصد رضاضه أقوی من قصد منفعته المحرمة و أکثر بخلاف المتخذ من الخسیس
(قوله) (و لو أوصی برضاضه صحت کأنه قال یکسر الطبل و یعطی رضاضه)
أی لو أوصی برضاض کل من النفیس و الخسیس صحت الوصیة لأن الوصیة بالنفیس قد سبق صحتها تنزیلا علی الرضاض فإن صرح بالرضاض کان أولی و کذلک الحال فی الخسیس إذا صرح برضاضه
(قوله) (و یشترط أن لا یکون الموصی به زائدا علی ثلث الموجود عند الموت)
قد تقدم فی أول هذا المطلب أن عباراتهم بهذا الشرط طافحة من (المقنع) إلی (الریاض) و أن إجماعاتهم به مستفیضة و قد نسب جماعة الخلاف إلی علی بن بابویه (لکن) قال فی (التذکرة) بعد أن حکی إجماع العلماء علی صحة الوصیة بالأکثر إن أجاز الورثة بأسرهم و الإجماع علی البطلان فی الزائد إن ردوا و اعلم أن ما قلناه لا ینافی قول الشیخ علی بن بابویه من أنه إن أوصی بالثلث فهی الغایة القصوی فإن أوصی بماله فهو أعلم بما فعله و یلزم الوصی إنفاذ وصیته علی ما أوصی لأن قوله لا دلالة فیه علی مخالفة ما قلناه فإنا لا نسلم أن الموصی أعلم بما فعل (قلت) لعله أراد أن الزیادة کانت قد وجبت علیه فی ماله بأحد الأسباب الموجبة و الموصی أعلم بها و هذا غیر جواز الوصیة بالزیادة تبرعا و حاصله أنه یجب علی الوصی إنفاذ الوصیة مطلقا و لو زادت عن الثلث لاحتمال وجوبها علیه فی ماله إلا أن یعلم بکون الوصیة تبرعا و أن فیها جورا و لو بالزیادة عن الثلث فلا یمضی معها إلا الثلث لکن مجرد احتمال ذلک لا یکفی بل لا بد من العلم به و حینئذ فلا یکون مخالفا و هذا (التوجیه) جار فی مستنده و هی عبارة الفقه المنسوب إلی مولانا الرضا (ع) و هی فإن أوصی بماله کله فهو أعلم بما فعله و یلزم الوصی إنفاذ وصیته علی ما أوصی به بل جار فی روایة عمار أیضا الرجل أحق بماله ما دام فیه الروح إن أوصی به کله فهو جائز سلمنا عدم جریانه فیه لکن أقصاه الجواز و لا نزاع فیه و إنما الکلام فی اللزوم و عدمه علی أن عمارا نفسه روی أن لیس له إلا الثلث (مع احتمال) أن یراد بالمال الثلث کما صرح به الصدوق فی بعض نسخ (المقنع) قال بعد أن روی نحو هذا المال هو الثلث لأنه لا مال للمیت أکثر من الثلث و (قد) احتمل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 449
و یستحب التقلیل (1)
______________________________
حملها علی صورة فقد الوارث الخاص کما هو ظاهر أبی علی و هو خیرة (المقنع) قال و إذا مات الرجل و لا وارث له و لا عصبة فإنه یوصی بماله حیث شاء فی المسلمین و المساکین و ابن السبیل و هو متن خبر السکونی و ظاهر الشیخ فی الإستبصار العمل به لکن الحق خلافه (ثم) إنه قد تحمل الوصیة علی التصرفات المنجزة و (أما) خبر محمد بن عبدوس قال أوصی رجل بترکته متاع و غیر ذلک لأبی محمد علیه السلام فکتب إلیه رجل أوصی إلی بجمیع ما خلف لک و خلف ابنتی أخت له فرأیک فی ذلک فکتب إلی بع ما خلف و ابعث به إلی فبعت و بعثت إلیه فکتب إلی قد وصل فقد احتمل فیه الحمل علی تجویز الوارث للوصیة و علی کونه مخالفا فی الاعتقاد فجاز أن یحرم و یحمل ماله إلی الإمام و علی کون طلبه (ع) له لیأخذ ثلثه و یدفع الباقی إلی الوارث و علی کون الوصیة بجمیع المال جائزة للإمام خاصة ذکر هذه الوجوه الشیخ و غیره و (قد یحمل) علی أن البنتین صغیرتان فله الولایة علیهما و (مثله) فی الدلالة و الاحتمالات الخبر المتضمن وصیة محمد بن عبد اللّٰه بن زرارة لکنه أظهر فی تجویز الوارث و مثله الخبر المتضمن موت الحسین بن أحمد الحلبی (ثم) إن هذه الأخبار الثلاثة معارضة بصریح صحیح العباس بن معروف و غیره المتضمنة مثل ذلک و (کیف کان) الأخبار التی قد یظهر أو یلوح منها موافقة الصدوق لا تقوی علی مصادمة الصحاح المستفیضة و غیرها من المعتبرة من الخاصة و العامة إذ هی متواترة معنی و (قد عقد) لذلک بابا فی (الوسائل) سرد فیه تسعة عشر خبرا کما ذکره أیضا فی فهرستها (و لا فرق) فی الوصیة بین کونها فی حال الصحة أو حال المرض کما تقدم بیانه (ثم) عد إلی العبارة فقد قیل فیها الثلث بالموجود عند الموت لأنه الوقت الذی تنتقل فیه الترکة إلی الوارث و ربما کان فی وقت الوصیة أقل ثم صار أکثر و بالعکس و هو بناء علی الغالب و لذلک طفحت به عباراتهم و فی (الخلاف) أنه مجمع علیه و إلا فقد یتلف بعض الترکة بعد الموت و قبل قبض الوارث إیاها فلا یجب ذلک علی الوارث و یصیر الثلث أقل و ربما تجدد بعد الموت دیة نفس أو طرف بصلح و نحوه و ربما وقع فی شبکته بعد موته ما یزید به ماله فیصیر أکثر فإذا لحظنا هذه الأمور النادرة لا یستقیم التقیید بقوله عند الموت بل یقید بوقت قبض الوارث الترکة و أخذ دیة النفس و الطرف و قبوله الوصیة لمورثه إذا مات بعد موت الموصی الأول بناء علی أن القبول کاشف و تمام الکلام عند تعرض المصنف له
(قوله) (و یستحب التقلیل)
ظاهر العبارة أو صریحها لمکان قوله و هکذا أن التقلیل مطلقا أفضل کما هو صریح (التحریر) و (التلخیص) و (الدروس) و هو ظاهر (المهذب) فی موضعین منه و (الحواشی) و کذا (فقه الراوندی) و قد یفهم من کلام (المبسوط) کما ستسمع و (ظاهر الدروس) أن استحباب الإقلال نص علیه علی (ع) و قال فی (الحواشی) إن فی خبر سعد إیماء إلی أن الوصیة بالأقلّ أولی (قلت) بل هو صریح فی خلاف ما یفهم من کلام الأکثر قال سعد مرضت مرضا شدیدا فعادنی رسول اللّٰه (ص) فقال لی أوصیت قلت نعم أوصیت بمالی کله للفقراء و فی سبیل اللّٰه فقال رسول اللّٰه (ص) أوص بالعشر فقلت یا رسول اللّٰه إن مالی کثیر و ورثتی أغنیاء فلم یزل رسول اللّٰه (ص) یناقصنی و أناقصه حتی قال أوص بالثلث الثلث کثیر و قول سعد یناقصنی و أناقصه یحتمل أن یکون بالضاد المعجمة و الصاد المهملة و الخبر غیر موجود فی الجوامع العظام من کتبنا فلعله عامی و (قال) فی (جامع المقاصد) ظاهر العبارة أن التقلیل مطلقا أفضل و لیس فی النصوص ما یشهد له علی إطلاقه (قلت)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 450
فالربع أفضل من الثلث و الخمس أفضل من الربع و هکذا (1) فلو أوصی بأزید من الثلث فإن أجاز الورثة صحت و إن منعوا بطلت (2) و لو أجاز بعض الورثة نفذت الإجازة فی قدر نصیبه حصته من الزیادة و لو أجازوا بعض الزائد صح خاصة (3)
______________________________
المستفاد من فحوی أخبارنا لمن تأمّل أنه مطلقا أفضل کما ستسمع و کأنه لم یلحظ ما حکیناه لکنه من عادته أن یلحظ (الدروس)
(قوله) (فالربع أفضل من الثلث و الخمس أفضل من الربع و هکذا)
عند آل محمد (ص) کما فی (المقنعة) من دون هکذا و به صرح فی (المراسم) و (النهایة) و (المهذب) و (السرائر) و (جامع الشرائع) و (الشرائع) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (الروض) و فی (المختلف) و (الدروس) أنه المشهور و اقتصر فی (المقنع) علی قوله فإن أوصی بربع ماله فهو أحب إلی من أن یوصی بالثلث و فی (المبسوط) إن کانوا أغنیاء یستحب له أن یوصی بالثلث و إن کانوا فقراء فالأفضل أن یکون وصیته فیما هو أقل من الثلث و فی (الوسیلة) فإن کانوا أغنیاء فبالثلث و إن کانوا فقراء فالخمس و إن کانوا متوسطین فبالربع و فی (المختلف) أنه لا بأس به و قال إنه قول الشیخ و قال فی (التذکرة) لا یبعد عندی التقدیر بأنه متی کان المتروک لا یفضل عن غنی الورثة لا تستحب الوصیة لأن النبی (ص) علل المنع بقوله لأن تترک ورثتک أغنیاء خیر من أن تدعهم عالة و لأن إعطاء القریب المحتاج خیر من إعطاء الأجنبی إلی أن قال فحینئذ یختلف الحال باختلاف الورثة فی کثرتهم و قلتهم و غناهم و حاجتهم فلا یقدر بقدر من المال و قد استحسنه فی (جامع المقاصد) و صاحب (المسالک) و (المفاتیح) و (قد وردت) فی الباب أربعة أخبار متعددة الطرق تضمنت استحباب الوصیة بأقل من الثلث و اختیار الخمس علی الربع و (قد روی) الشیخ و الصدوق بطرق کثیرة هی ما بین حسن بإبراهیم أو بالوشّاء أن من أوصی بالثلث فقد أضر بالورثة و فی القوی أن الثلث حیف و فی القوی أیضا ما أبالی أضررت بولدی أو سرفتهم ذلک المال بالفاء کما فی السرائر و یستفاد أن الوصیة به مطلقا مکروهة و فی (التذکرة) أن الأولی أن لا یستوعب الثلث و إن کان الموصی غنیا و مثله ما فی (الشرائع) و هو تخالف ما فی (المبسوط) و (الوسیلة) و (المختلف) و قد یقال إنها به مکروهة بالنسبة إلی الربع و الخمس و قد یکون الإضرار بالورثة جائزا مستحبا إذا کان مستحقا و لعل الموافق للاعتبار و الجمع بین الأخبار فی العمل إذ قد وردت أخبار باستحباب الوصیة بالثلث أن یوصی بإخراج ثلثه و أن یجعل ثلثه أو نصفه صدقة علی ورثته علی حسب سهامهم و الباقی فی أقاربه ممن لا یرثه و قضاء الصلوات و رد المظالم و الزیارات و الکفارات و لیعلم أن الصدقة فی الصحة أفضل منها فی المرض و فی المرض أفضل من الوصیة لها بعد الموت
(قوله) (فلو أوصی بأزید من الثلث فإن أجازه الورثة صحت و إن منعوا بطلت)
هذا قد تقدم الکلام فیه و نقل الإجماعات علیه فی أول هذا المطلب و قد عرفت المراد من البطلان هناک
(قوله) (و لو أجاز بعض الورثة نفذت الوصیة فی قدر حصته من الزیادة و لو أجازوا بعض الزائد صح خاصة)
کما صرح بذلک کله فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و (المفاتیح) و هو قضیة کلام الباقین بل ربما صرح بالأخیر فی أثناء کلماتهم و أما الأول فمصرح به فی (الشرائع) و غیرها و (کیف کان) فالوجه فی ذلک أن الوصیة لما کانت تبرعا محضا کانت مما تقبل التبعیض و کان الزائد عن الثلث موقوفا علی إجازة الوارث جاز له إجازة البعض کما تجوز له إجازة الجمیع لأن ذلک حقه فله
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 451
و لو أوصی ببیع ترکته بثمن المثل ففی اشتراط الإجازة إشکال (1) و الإجازة تنفیذ الفعل الموصی لا ابتداء عطیة (2) فلا یفتقر إلی قبض (3)
______________________________
التبرع بجملته و بعضه و کما یجوز ذلک لبعض الورثة دون بعض و یلزم کل واحد کذلک تجوز إجازة البعض من الجمیع کالنصف و الثلث و تنعقد بالقدر المجاز دون ما عداه فلو خلف ابنا و بنتا و أوصی بالنصف کان الزائد علی الثلث سدسا فإن أجازا معا فالمسألة من ستة لأن لهما نصف الترکة أثلاثا و إن ردا معا فالمسألة من تسعة و إن أجاز أحدهما کانت من ثمانیة عشر للموصی له الثلث ستة فمن أجاز منهما دفع إلیه من نصیبه من السدس الزائد و هو ثلاثة مع الولد منه سهمان و مع البنت سهم فإن أجازت دفعت إلیه واحدا و إن أجاز دفع له اثنین
(قوله) (و لو أوصی ببیع ترکته بثمن المثل ففی اشتراط الإجازة إشکال)
هذا قد تقدم الکلام فیه فی الفرع التاسع و قد قرب هناک (کالتحریر) الافتقار إلی الإجازة و هنا استشکل و قد بینا فی الفرع الثامن وجه القرب و عدمه
(قوله) (و الإجازة تنفیذ لفعل الموصی لا ابتداء عطیة)
کما هو صریح جماعة و ظاهر آخرین و لا أجد فیه خلافا و لا حکایته إلا ما فی (التنقیح) من نسبته إلی الأکثر و نسبة کونه ابتداء عطیة إلی بعض و لعله لم یصادف محله نعم لا ترجیح فیه و لا فی (الدروس) و إلا فظاهر (التذکرة) فی مواضع و (جامع المقاصد) و (المفاتیح) الإجماع علیه و قد یظهر ذلک من (المبسوط) و فی (المسالک) أنه مذهب الأصحاب لم یتحقق فیه خلاف و فی (الکفایة) لا أعرف فیه خلافا لأن الوارث لیس بمالک و ثبوت حق الإجازة له لا یقتضی الملک فتصرف الموصی فی ملکه و إجازة الوارث فی معنی إسقاط حقه و أن الملک باق علی ملک المریض فیصح تصرفه فیه لمصادفته الملک و حق الوارث إنما یثبت فی ثانی الحال فأشبه بیع الشقص المشفوع و أنه لو برأ من مرضه نفذت تصرفاته المنجزة مع کونها کانت متوقفة علی إجازة الوارث کالوصیة عند جماعة و لم یفتقر إلی الاستئناف فدل علی اعتبار ما وقع من الموصی لا علی فساده حجة الاحتمال الآخر أن التصرف فی الزائد منهی عنه و النهی یقتضی الفساد و أن الزیادة حق الورثة فیلغو تصرفه فیها و فیه أنا نمنع کون التلفظ بالوصیة منهیا عنه و أن النهی فی مثل ذلک یقتضی الفساد و لو سلم فإنما هو حیث لم یجز الوارث و نمنع کون الزیادة حقا للوارث بل هی ملک للموصی و قد تعلق حق الوارث بها فإذا أجاز سقط کإجازة المرتهن تصرف الراهن و قد یقال إن هذا کله منصب علی ما إذا کانت الإجازة قبل الموت لا بعده فلیتأمّل جیدا و هذا إذا أجاز ابتداء و لم یرد و أما إذا رد ثم أجاز (ففی التحریر) فی کونها تنفیذا أو ابتداء عطیة نظر قلت الظاهر أنه ابتداء عطیة کما أطبقوا علیه فی بیع الفضولی
(قوله) (فلا یفتقر إلی قبض)
قد فرعوا علی هذین الاحتمالین فروعا کثیرة و (قد) ذکر المصنف منها فرعین الأول عدم افتقارها أی الإجازة إلی قبض من الموصی له کما هو ظاهر و به صرح فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) و کذا لا حاجة إلی تجدید هبة و قبول بل یکفی أجزت أو أنفذت أو أمضیت و ما أفاد هذا المعنی و لیس للمجیز الرجوع و إن لم یحصل القبض بل و إن لم یحصل القبول کما صرح بذلک کله فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) و (الدروس) و هو قضیة کلام (التحریر) و ببعضها صرح فی (التنقیح)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 452
و یکفی أجزت أو أنفذت و شبهه (1) و لو أعتق عبدا لا مال له سواء أو أوصی بعتقه فأجاز الورثة فالولاء کله لعصبته دون عصبة الوارث (2) و لا فرق بین أن یکون الموصی مریضا أو صحیحا (3) و تنفذ الإجازة إن وقعت بعد الموت إجماعا (4) و فی نفوذه قبله قولان (5)
______________________________
لأنها لما کانت تنفیذا لم یبق معها حق و تفتقر علی الاحتمال الثانی إلی قبول ثان فی المجلس و قبض و للمجیز الرجوع قبله کما صرح به جمع من العامة
(قوله) (و یکفی أجزت أو أنفذت و شبهه)
کما عرفت وجهه و المصرح به
(قوله) (و لو أعتق عبدا لا مال له سواه أو أوصی بعتقه فأجاز الورثة فالولاء لعصبته دون عصبة الوارث)
معناه أن الولاء علی الأول للمیت یرثه من یرث ولاءه کما صرح به فی (المبسوط) و (التذکرة) و (الدروس) و (التنقیح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و وجهه ظاهر و علی الثانی یکون ولاء ما زاد علی الثلث للمجیزین ذکورهم و إناثهم بحسب استحقاقهم لأنهم باشروا عتقه و احتمل بعض الشافعیة أن الولاء للموصی علی القولین و لا بد علی الثانی عند بعضهم فی إجازة العتق من الإتیان بلفظه و ما فی الکتاب من أن الولاء لعصبته مبنی علی المشهور علی الظاهر من أن المعتق إن کان رجلا ورثه أولاده الذکور دون الإناث فإن لم یکن له ولد ذکر ورثه عصبته و إن کان امرأة عصبتها مطلقا فتأمّل جیدا و حکی الشهیدان عن المصنف أنه قال بأنها تنفیذ و أنه اعتبر إجازة المریض من الثلث و قالا کأنهما متنافیان و نحو ذلک ما فی (التنقیح) و (الکفایة) لکنهما حکما فیهما بأنها لا تعتبر من الثلث و لم نجد ذلک للمصنف فی شی‌ء من کتبه و إنما وجدناه لولده فی (شرح الإرشاد)
(قوله) (و لا فرق بین أن یکون الموصی مریضا أو صحیحا)
کما صرحت به عبارات المعظم کما تقدم و هو قضیة إطلاق الباقین لأن الوصیة تملیک بعد الموت فلا یختلف الحال بصحة الموصی و مرضه بخلاف التصرف المنجز فإنه یشترط فیه أن یکون المنجز صحیحا خالیا عن المرض عند جماعة کثیرین
(قوله) (و تنفذ الإجازة إن وقعت بعد الموت إجماعا)
کما حکی أیضا فی (التلخیص) و و (الدروس) و (جامع المقاصد) و فی (التحریر) و (غایة المراد) و (التنقیح) أنه لا خلاف فیه و هو أی نفی الخلاف قضیة کلام الفخر و ستسمع ما یدل علی ذلک بالأولویّة
(قوله) (و فی نفوذه قبله قولان)
و مثله فی عدم الترجیح (التحریر) و (الدروس) و (غایة المراد) و (الحواشی) و (المسالک) و فی (المقنعة) و (المراسم) و (السرائر) و (الوسیلة) و (الجامع) و (الإیضاح) و (شرح الإرشاد) لفخر الإسلام أنها لا تنفذ قبل الموت فلو أجازوا فی حیاة الموصی کان لهم الرجوع بعد موت الموصی قال فی (الوسیلة) و إن رضوا به فی حال حیاته کان لهم الرجوع بعد وفاته و قیل لم یکن لهم ذلک انتهی (و حکی) کاشف الرموز عن صاحب (الشرائع) أنه جمع بین قول المفید و من وافقه و قول الشیخ و من وافقه کما ستسمع فقال متی کانت الورثة أغنیاء و أجازوا من دون استدعاء من الموصی فلیس لهم الرجوع و متی کانوا فقراء و دعاهم الموصی إلی الإجازة فأجازوا استحیاء فلهم الرجوع و فیه مع مخالفته لظاهر أخبار الباب من البعد ما لا یخفی (و الأکثر) کما فی (الدروس) و (جامع المقاصد) و (إیضاح النافع) و (المسالک) أنها تنفذ قبله و هو الأشهر کما فی (الشرائع) و (الکفایة) و المشهور کما فی (المفاتیح) و الأظهر فی فتاوی أصحابنا کما فی (إیضاح)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 453
..........
______________________________
النافع) و علیه الفتوی کما فی (التنقیح) و عامة المتأخرین کما فی (الریاض) و هو المروی کما فی (النافع) و المنقول کما فی (الحواشی) و قد حکی (کاشف الرموز) و الشهید فی (الدروس) و (غایة المراد) و أبو العباس فی (المهذب البارع) و الفاضل القطیفی فی (إیضاح النافع) و المحقق الثانی و الشهید الثانی أن الشیخ ادعی علیه الإجماع و لم یدلونا علی الکتاب الذی ادعاه فیه و لم نجد مصرحا به فی شی‌ء من کتبه (بل) قال فی (المبسوط) و إذا أوصی الرجل بزیادة علی الثلث فی حال صحته و أجاز الورثة کان صحیحا عندنا لعموم الأخبار و قال المخالف الوصیة باطلة و لیس للورثة أن تجیز هذه الوصیة فی حیاته فإن أجازته لم یلزم سواء کان أوصی به فی حال صحته أو فی حال مرضه و فیه خلاف (ثم) ذکر دلیل القائل بعدم اللزوم (ثم قال) و ما یدل علیه أخبارنا یجوز جمیع ذلک فی حال الحیاة و لیس لهم رجوع فیه بعد الوفاة انتهی و (کیف کان) فنفوذها قبل الموت خیرة (النهایة) و (المبسوط) و (کشف الرموز) و (التذکرة) و (التلخیص) و (التبصرة) و (الإرشاد) و (المختلف) و (اللمعة) و (المقتصر) و (التنقیح) و (الروض) و (الروضة) و (الکفایة) و (المفاتیح) و هو ظاهر (النافع) و کذا (الشرائع) بل هو ظاهر (المهذب) و غیره مما أطلق فیه اعتبارها من دون تقیید بکونها بعد الموت کما هو المحکی عن ابن أبی عقیل و قد حکوه عن الصدوق لأنه رواه (و من الغریب) أنه حکاه فی (المختلف) عن ابن حمزة و تبعه علی هذه النسبة جمیع من تأخر عنه و الموجود فی (الوسیلة) ما سمعته إلا أن یکون ذهب إلی ذلک فی (الواسطة) (حجة المشهور) ما رواه المشایخ الثلاثة بطرق متعددة و رواه الکلینی و الشیخ بطریق حسن بإبراهیم و رواه الشیخ بطریق صحیح و رواه الصدوق بثلاثة طرق ما بین صحیح و حسن و موثق عن أبی عبد اللّٰه (ع) فی رجل أوصی بوصیة و ورثته شهود فأجازوا ذلک فلما مات الرجل نقضوا الوصیة هل لهم أن یردوا ما أقروا به قال لیس لهم ذلک و الوصیة جائزة علیهم إذا أقروا بها فی حیاته و فی (الموثق) عن منصور بن حازم قال سألت أبا عبد اللّٰه عن رجل أوصی بوصیة أکثر من الثلث و ورثته شهود فأجازوا ذلک له قال جائز (قال ابن رباط) و هذا عندی علی أنهم رضوا بذلک فی حیاته و أقروا به و هو سالم عن المعارض من الأخبار معتضد بعمومات ما دل علی وجوب إمضاء الوصیة و کون الإرث بعدها و بالشهرات و بما یظهر من الإجماعات و إن صح النقل عن الشیخ ففیه بلاغ (ثم لا مانع) إلا حق الورثة فإذا أجازوا فقد أسقطوه و أن المال الموصی به إما ملک الموصی أو الورثة فالأول إن برئ و الثانی إن مات فإن کان الثانی فقد أجازوه (و حجة المفید) أن الورثة أسقطوا حقوقهم فیما لم یملکوه فکانوا کالمرأة إذا أسقطت صداقها قبل العقد و الشفیع إذا أسقط حقه قبل البیع بل کالأجنبی و أنهم فی حالة لا یصح فیها ردهم الوصیة بل یلزمهم إذا أجازوها بعده فلا تصح إجازتهم (و فیه) مع أنه یشبه أن یکون اجتهادا فی مقابلة النص ما أجاب به فی (المختلف) من أن حق الورثة بالمال و إلا لم یمنع المریض من التصرف فیه و بالفرق بین الرد و الإجازة فلم یعتبروا الرد حال حیاة الموصی لأن استمرار الوصیة یجری مجری تجددها حالا فحالا بخلاف الإجازة فإن الدوام یؤکدها و الحاصل أی الرد لما لم یکن مانعا من إنشاء الوصیة لم یکن معتبرا بخلاف الإجازة فإنها إسقاط لحق قد ثبت و دلیل الثبوت ما سبق و لا یتوقف الثبوت علی حصول المالک و الحاصل فی الحاصل أنه یکفی فی الإجازة مشارفة الاستحقاق فکانت کالإبراء من الدین المؤجل و إن لم یستحقه المبرئ فی الحال ففارق الأجنبی و الرد إنما یکون فیما إذا استحق فی الحال و هو استحقاق خاص و ذلک لا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 454
و لا تصح الإجازة إلا من جائز التصرف فلا تنفذ إجازة المجنون و الصبی و السفیه (1) و تصح من المفلس (2) و یعتبر الثلث وقت الوفاة لا الوصیة (3)
______________________________
یستلزم نفی مطلق الاستحقاق المعتبر فی الإجازة و الأصل فی ذلک الخبر هذا (و هنا) أمران (الأول) أن الظاهر من السؤال فی أخبار الباب و من معظم عبارات الأصحاب أن الکلام فی وصیة المریض بل هو صریح بعض العبارات و أما وصیة الصحیح فالمستفاد من إطلاق أخبار الباب کما سمعته عن المبسوط مع قطع النظر عن التبادر و إن کان تأثیر الإجازة حال الصحة لکن المستفاد من قولهم إن الوارث بالإجازة أسقط حقه و إن إجازته لا تؤثر إذ لا حق للوارث حال صحة الموصی تأثیرها حال المرض و فی (المبسوط) و (السرائر) و (التحریر) و (المسالک) تعمیم الحکم فی الوصیة للإجازة للوصیة حال الصحة و المرض و عموم الروایة الحاصل من ترک الاستفصال یتناوله إلا أن تقول إن ظاهر السؤال أنه حال المرض کما عرفت و فی (جامع المقاصد) أن التعمیم لا یخلو من إشکال (الثانی) هل للورثة الرجوع فی حال الحیاة و إن کان الموصی مریضا قال فی (إیضاح النافع) لم أقف فیه علی نص و ظاهر الفتوی عدم جوازه و قد یفهم من الروایة ما یدل علیه فلیتأمّل انتهی و الأمر کما قال فی الأمرین معا
(قوله) (و لا تصح الإجازة إلا من جائز التصرف فلا تنفذ إجازة المجنون و الصبی و السفیه)
هذا قد صرح به جماعة و ترکه آخرون لظهوره لأن الإجازة تنفیذ التصرف فی المال و هو ممتنع ممن ذکر و یأتی فی المفلس ما یقضی بعدم الفرق بینه و بین السفیه و کذلک الحال فی الأجنبی لأنه غیر وارث
(قوله) (و تصح من المفلس)
کما فی (التحریر) و (جامع المقاصد) و قد یقال إنه خیرة کل من أجاز وصیته فتأمّل و بین صحة إجازته فی (التذکرة) علی أنها تنفیذ قال إن قلنا إنها تنفیذ صحت إجازته و إن قلنا إنها هبة لم تصح لأنه لیس له هبة ماله (و أنت خبیر) بأنه إن أجاز فی حال حیاة الموصی سواء کانت حالة مرض أو صحة نفذت علی الاحتمالین لأنه حینئذ لم یملک شیئا حتی تتعلق حقوق الغرماء به بل إذا قلنا إن قبول الوصیة کاشف عن تملک الموصی له بالموت نفذت أیضا لأن الإجازة و القبول یکشفان عن أن المفلس لم یملک شیئا أیضا و إن قلنا إن القبول جزء السبب ثم ما ذکره إذا وقعت بعد الموت لأن الوارث قد ملک و یکون بالإجازة قد تصرف فی المال الذی تعلقت به حقوق الغرماء فلا یتم أیضا علی القول بأنها تنفیذ فلیتأمّل (و منه یظهر) لک ما فی (الروضة) حیث قال و لو کانت الإجازة بعد الموت ففی صحتها وجهان مبناهما علی أن الترکة هل تنتقل إلی الوارث و بالإجازة تنتقل عنه إلی الموصی له أم تکون الإجازة کاشفة عن سبق ملکه من حین الموت و علی الأول لا تنفذ لتعلق حق الغرماء بالترکة قبل الإجازة و علی الثانی یحتمل الأمرین انتهی و قد تبعه علی ذلک کله صاحب (الریاض) و مراده بالأمرین النفوذ و عدمه بناء علی أن الإجازة کاشفة عن انتقال الملک عن الموصی أو من المجیز إلیه عند الموت ثم قال فی (الروضة) إن النفوذ أوجه و (کیف کان) فجمیع ما ذکر فیه جار فی السفیه لأنه لا ملک له حین الحیاة أیضا و إجازته إنما هی تنفیذ التصرف و تنفیذه لتصرف الغیر فی ماله لیس تصرفا مالیا حتی یکون ممنوعا منه کما لو کان وکیلا للبیع و غیره فلا وجه لإفراد السفیه فی المنع دون المفلس من هذه الجهة
(قوله) (و یعتبر الثلث وقت الوفاة لا الوصیة)
کما صرح به فی (الخلاف) و (السرائر)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 455
..........
______________________________
و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (الدروس) و (اللمعة) و (الکفایة) و فی (المفاتیح) أنه المشهور و فی (الخلاف) أنه مجمع علیه و زاد فی (الدروس) أنه لا یعتبر ما بینهما و لا ما بعد الوفاة لأنه الوقت الذی تنتقل فیه الترکة إلی الوارث (و قد أورد) علی الکتاب فی (جامع المقاصد) أنه ربما تلف بعض الترکة بعد الموت و قبل قبض الوارث إیاها فلا یجب ذلک علی الوارث و یصیر الثلث أقل و ربما تجدد بعد الموت دیة نفس أو طرف بصلح و نحوه فیصیر أکثر فلا یستقیم التقیید بقوله عند الموت بل یقید بوقت قبض الوارث الترکة و أخذ دیة النفس و الطرف و قبوله الوصیة لمورثه إذا مات بعد موت الموصی الأول بناء علی أن القبول کاشف انتهی (و قد أورد) مثل ذلک فی (الروضة) و (المسالک) و قالا معا فی الکتب الثلاثة ما حاصله أن هذا إنما یتم بغیر إشکال لو کانت الوصیة بمقدار معین کمائة دینار أو بشی‌ء معین کدار معینة أو شقص منها أو کانت بجزء مشاع من الترکة کالثلث و کانت الترکة حین الوصیة أزید منها حین الوفاة أما لو انعکس أشکل اعتبارها عند الوفاة مع عدم العلم بإرادة الموصی للزیادة المتجددة لأصالة عدم التعلق و شهادة الحال بأن الموصی لا یرید ثلث المتجدد حیث لا یکون تجدده متوقعا غالبا خصوصا مع زیادته کثیرا (قلت) کما إذا قتل عمدا و تراضوا علی الدیة و کما إذا قتل خطأ و استحق دیة (و قال) فی (جامع المقاصد) إنه قد تقدم الإشکال فیما لو أوصی لأقرب الناس إلیه و له ابن و ابن ابن فمات الابن فإن استحقاق ابن الابن لا یخلو من تردد و قال إنه قد یتوقف فی العمد من حیث تجدد ثبوته بعد الموت و قال فی (الکفایة) یشکل الحکم علی المشهور بین الأصحاب من أن الواجب القصاص و الدیة إنما تثبت صلحا (و نحن) نقول لا وجه للتأمّل فی إطلاقهم بعد إطباقهم علیه مع عدم وجود خلاف فیه و حکایة الإجماع علیه فی (الخلاف) و منه یعلم قوله فی (المفاتیح) أنه المشهور إلا أن تقول نظره إلی خلاف المحقق الثانی و الشهید الثانی بل فی (الکفایة) أن ظاهر صحیحة أحمد بن محمد و غیرها تدل علیه و قد (اعتذرنا) عما أورداه فیما سلف بأن کلام الأصحاب و الأخبار مبنیان علی الغالب (و یمکن) توجیه کلام الأصحاب بوجه آخر و هو بأن الغرض نفی اعتبار وقت الوصیة کما یذهب إلیه بعض الشافعیة کما أشار إلیه المصنف بقوله لا الوصیة فکأنهم قالوا لا اعتبار بوقت الوصیة و إنما الاعتبار بوقت الوفاة و ما بعدها فتنحصر المؤاخذة فی کلام (الدروس) حیث قال کما سمعت و لا بعدها (إلا أن تقول) إن دیة الخطإ و دیة العمد لیستا مما تثبت بعد الوفاة (أما دیة الخطإ) فالأمر فیها واضح و قال أمیر المؤمنین (ع) فی خبر السکونی من أوصی بثلثه ثم قتل خطأ فإن ثلث دیته داخل فی وصیته (و أما دیة العمد) فإنها عوض القصاص الذی هو موروث و عوض الموروث موروث فیبقی کلام الأصحاب علی ظاهره و یندفع عنه الإیراد و لا حاجة بنا حینئذ إلی التوجهین (و أما ما یقع) فی شبکته فلمکان وجود سببه قبل الوفاة و منه یعرف الحال فیما إذا مات الموصی (له خ) الأول فتأمّل (و أما) ما أورده من جهة النقیصة فالأمر فیه سهل و ذلک بأن یقال إن المراد حیث یستقر ملک الوارث و یحصل فی یده بل ما تلف قبل ذلک لیس محسوبا من الترکة (ثم) إن قضیة کلامیهما أن الترکة لو تلفت أو بعضها قبل القبض إذا کان قد أوصی بدار معینة مثلا أنها تحسب علی الوارث و لیس کذلک قطعا کما یأتی (ثم) إنه لم یستشکل أحد غیره فیما إذا أوصی لأقرب الناس إلیه و قلنا هناک إنه یستحق الوصیة ابن الابن و قلنا إن النظر فی غیر محله و یأتی له أن القول باستحقاق ابن الابن لا یخلو من قوة و کون ذلک فیما یأتی فیما إذا قال أعطوه عبدا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 456
سواء کانت الوصیة بمعین أو بجزء مشاع أو لا (1) فلو أوصی الغنی ثم افتقر و الفقیر ثم استغنی فالحکم بحالة الموت (2) و لو قتل خطأ و استحق أرشا خرجت الوصیة من ثلث ترکته و ثلث دیته و أرشه و کذا العمد إذا تراضوا بالدیة (3) و لو أوصی بالمضاربة بترکته أجمع علی أن نصف الربح للوارث صح (4)
______________________________
من عبیدی و لا عبید له (و لم یفرق) أحد منا هنا بین دیة الخطإ و العمد (سوی) ما قد توهمه کلام ابن إدریس فی باب قضاء الدین عن المیّت و هو اجتهاد فی مقابلة النص و إن کان قد تأول خبر یحیی الأزرق و خبر عبد الحمید بن سعید لما رآهما نصین فی العمد فحملهما علی العمد شبه الخطإ و مثلهما خبر إسحاق بن عمار فی الصراحة مضافا إلی عمومی خبرین المستفادین من ترک الاستفصال و إطلاق جملة من الفتاوی (و قد أسبغنا) الکلام فی ذلک فی باب المواریث و حکینا الإجماعات و الأخبار علی أن الدیتین تخرج منهما الوصایا و الدین و لا قائل بالفرق أیضا بین الوصایا و الدین و أسبغنا الکلام أیضا فی باب القصاص و ذکرنا هناک کلامه فیه و فی باب المیراث و باب الوصایا و باب الدیون و باب الرهون و باب الحجر من أن الدیة إذا أخذت عن عمد أو خطإ قضیت منها الدیون و نفذت الوصایا و حررنا المسألة أکمل تحریر (و مع ذلک) سیجی‌ء للمصنف و ولده التأمّل فی ما إذا قال أعطوه عبدا من عبیدی و لا عبید له ثم تجدد له قبل الموت فإنه و ولده احتمل الصحة و المنع (و أما) ما یجی‌ء علیه بعد الموت مما یوجب دیة أو نحوها کما إذا قطع رأسه و هو میت فإن فیه مائة دینار فقد قلنا إنه یکون فی حکم ماله و لا تعلق للوارث به بل یخرج فی وجوه البر و إن کان هناک دین فهو أولی به (و قد ظهر) بذلک کله أنه لا حاجة إلی قوله فی (جامع المقاصد) بل یقید بوقت قبض الوارث إلی آخره و لا إلی قوله فی (الروضة) الأقوی اعتبار أقل الأمرین من حین الوفاة إلی حین القبض و لا إلی قوله فی (المسالک) ینبغی اعتبار الأقل إلی حین القبض فیما إذا نقصت و الأکثر فیما إذا زادت (و لا یعجبنی) قوله فی (الکفایة) یشکل الحکم علی المشهور إلی آخره إذ لا خلاف إلا من أبی علی حیث قال الواجب أحد الأمرین القصاص أو الدیة وفاقا للشافعی و قد یظهر ذلک من کلام العمانی و الأکثر لم ینسبوا إلیه خلافا و المسألة کادت تکون ضروریة
(قوله) (سواء کانت الوصیة بمعین أو بجزء مشاع أو لا)
قد تقدم بیان ذلک و قلنا لا فرق فی الجزء المشاع بین أن یکون أوصی به و هو غنی ثم افتقر أو کان فقیرا و کان ماله قلیلا ثم زاد لمکان أخذ دیته فی الخطإ و الصلح علیها فی العمد و إن تأمّل فی الثانی المحقق الثانی و الشهید الثانی
(قوله) (فلو أوصی الغنی ثم افتقر و الفقیر ثم استغنی فالحکم بحالة الموت)
کما صرح بذلک فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و کذا (التلخیص) سواء علی الموصی بما یتجدد له أو لا
(قوله) (و لو قتل خطأ و استحق أرشا خرجت الوصیة من ثلث ترکته و ثلث دیته و أرشه و کذا العمد إذا تراضوا بالدیة)
کما سمعت آنفا ما حکیناه و أشرنا إلیه من الأخبار و کلام الأصحاب
(قوله) (و لو أوصی بالمضاربة بترکته أجمع علی أن نصف الربح للوارث صح)
إطلاقه یتناول الوارث الصغیر و الکبیر و ما إذا کانت الحصة من الربح بقدر أجرة المثل لعمله أو زائدة علیها و ما إذا کان الوصی هو العامل أو غیره بأمره و ذلک کله قضیة إطلاق (الشرائع) و (التذکرة) و (الإرشاد)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 457
..........
______________________________
و (التحریر) مع تأمّل فی الأخیر و بعدم الفرق بین الصغار و الکبار صرح فی (الریاض) و فی (المسالک) أن أکثر الجماعة أطلقوا الصحة فی الورثة الشامل للمکلفین و شمل إطلاقهم و إطلاق الروایتین ما إذا کان الربح بقدر أجرة المثل و ما إذا کان زائدا علیها بقدر الثلث أو أکثر انتهی و قال قبل ذلک إن خیرة الشرائع هو المشهور و فی (الکفایة) أن المشهور لم یعتبروا کون الأولاد صغارا انتهی و قد قال فی مضاربة الکتاب لو شرط المریض للعامل ما یزید عن أجرة المثل لم یحتسب الزائد من الثلث إذ المقید بالثلث التفویت و لیس حاصلا هنا لانتفاء الربح حینئذ و هو مطلق بالنسبة إلی الأمر الأول و الثالث و مصرح فیه بالأمر الثانی (و قد حکینا) نحو عبارة الکتاب هناک عن (المبسوط) و (التذکرة) و (الشرائع) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و قلنا إن ظاهر الأخیر أو صریحه أنه لا خلاف فیه و نحن نقول إن إطلاقهم فی البابین و إن کان یتبادر منه بادئ بدء ما یشمل المکلفین لکن الظاهر عند التأمّل أن المراد الأولاد الصغار کما هو صریح بعض الأخبار و الظاهر من البعض الآخر و من عبارة (النهایة) التی هی الأصل فی المسألة لأن الوصیة بغیر الصغار غیر صحیحة أو تکون موقوفة علی إجازتهم (قال) الشیخ فی (النهایة) و إذا أمر الموصی الوصی بأن یتصرف فی ترکته لورثته و یتجر لهم بها و یأخذ نصف الربح کان ذلک جائزا و حلالا له نصف الربح (و قد تبعه) علی ذلک القاضی و اختاره المصنف فی (المختلف) و ظاهر (النهایة) أن العامل الوصی و أن الورثة أولاد صغار و هو الظاهر من (المقنعة) من عنوانه و من إیراده الخبرین و استوضح ذلک مما قاله فی (الدروس) روی محمد بن مسلم جواز تفویض المضاربة إلی الوصی علی نصف الربح مع صغر الأولاد و بها قال الجماعة انتهی (و قد اقتفاه) أبو العباس قال فی (المهذب البارع) هذه المسألة یوردها المصنفون فی المضاربة و الوصیة و موضوعها فی کتب الفقه و النص هو أن ینصب الإنسان علی أطفاله وصیا و یأذن له فی الاتجار بمالهم إلی آخره ثم قال إنه المشهور فیکون نزل تلک الإطلاقات علی ذلک و قال إن ألفاظ الفقهاء تختلف فی التعبیر عنها و حکی بعض عباراتهم فی المضاربة و بعضا فی الباب و ظاهره قصر الحکم علی خصوص الفرض الذی ذکره و أن ما عداه تعد لأنه قال أیضا و موضوعها ما قدمناه من کون العامل هو الوصی و الورثة أطفال و إن أردت التفریع علیها بتعدیتها عن هذه الصورة إلی غیرها فهو فی فروع و ذکر فروعا و فی (النافع) تصح المضاربة بمال ولده الصغار و هو خیرة (المسالک) و (الکفایة) و فی (التنقیح) أنه لا شک فیه و قد نسب فی (جامع المقاصد) ما فی الکتاب إلی الشیخ فی (النهایة) و جمع من الأصحاب مع أنه قال إن إطلاق الکتاب یتناول الأمور الثلاثة و قد سمعت ما فی (النهایة) و قد نسب صاحب الریاض ما فی (النافع) إلی (النهایة) و القاضی و أکثر المتأخرین بل عامتهم و قال إن الشهرة بذلک عظیمة فظاهره أنهم مصرحون بذلک (و قد عرفت) أن ظاهر (النهایة) أن الوصی هو العامل و لا تصریح فیها بالأولاد الصغار و قد سمعت کلام المتأخرین علی أن القائل بالصحة فی البابین ثمانیة من أصحابنا أو تسعة فلم یکن هناک شهرة عظیمة (ثم) إن المصنف فی (التحریر) و المحقق الثانی مترددان فی المسألة و هو الظاهر من (الدروس) کما (أن جماعة) من المتأخرین لم یتعرضوا له کصاحب (الجامع) و (کاشف الرموز) و المصنف فی جملة من کتبه و فخر الإسلام و الشهید فی اللمعة و صاحب إیضاح النافع و الکاشانی (کما) أن ظاهر الشهید فی الحواشی و المقداد فی التنقیح المخالفة بل الظاهر من السعید عمید الدین أنه مخالف کما ستعرف فأین قوله عامتهم و فی (السرائر) أن فیما فی (النهایة) و الروایة نظر أو قال
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 458
..........
______________________________
لا تنفذ الوصیة إلا فی ثلث ما کان یملکه المیّت قبل موته و الربح یتجدد بعد موته فکیف تنفذ وصیته فیه و الجماعة حکوا عنه أنه یشترط فی الصحة مطلقا کون المال بقدر الثلث فما دون و بین الحکایتین فرق دقیق و إن کان ما قالوه صحیحا و الذی دعاهم إلی ذلک عبارة (الشرائع) و ستسمعها و ما علیها (ثم) إنه یرد علی ابن إدریس أنه تجوز الوصیة بما تحمله الدابة و بالمنافع المتجددة و قال فی (التنقیح) الوصیة بالمضاربة إن کان فیها نوع محاباة فالزائد علی المعتاد یکون من الثلث کما أنه لو کانت العادة أن الحصة فی مثل تلک التجارة و فی مثل ذلک المال تکون بالربع مثلا و أوصی المیّت بالنصف فإن الزائد یکون من الثلث و إن لم یکن فیها محاباة کانت جائزة مطلقا إذ لا ضرر علی الورثة فی ذلک و الربح حصل بعمل الوصی فلیس مخرجا من الترکة حتی یکون معتبرا من الثلث مطلقا انتهی (و هو غیر) ما حکی عنه فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الریاض) من أن المحاباة بالنسبة إلی أجرة المثل محسوبة من الثلث (و علی کل حال) ففیه أن الربح لیس من مال الموصی و لا من نمائه و قال فی (التنقیح) أیضا إذا کان الأولاد غیر صغار یراعی الثلث فی قدر رأس المال أو فی قدر المحصول فأیهما اتفق من الثلث کان جائزا انتهی (و لیعلم) أن السید عمید الدین و الشهید فی الحواشی نظرا إلی ما حکاه فی (الشرائع) حیث قال و لو أوصی إلی إنسان بالمضاربة فی ترکته أو بعضها علی أن الربح بینه و بین ورثته نصفان صح و ربما اشترط کونه قدر الثلث فأقل و الأول مروی انتهی (و لا ریب) أنه أشار بقوله و ربما اشترط إلی آخره إلی ابن إدریس و قد عرفت أن غرض ابن إدریس أن الربح لیس مما یملکه المیّت فلا تنفذ وصیته فیه و إنما تنفذ الوصیة فی ثلث ما یملکه المیّت و قد بین بذلک الواقع عنده و لیس غرضه أنه لا تنفذ وصیته إلا فیما إذا أوصی بأن یضارب بثلث ماله کما تعطیه عبارة المحقق و الجماعة تبعا له و قد قال الشهید إن الضمیر فی کونه یقوی عوده إلی المال الذی هو بعض الترکة و یمکن عوده إلی الربح علی بعد (و قال عمید الدین) علی ما حکی عنه الشهید إن کان قولهم لا یتقدر بالثلث راجعا إلی الربح المتوقع الحصول فصحیح و إن کان راجعا إلی رأس المال فمشکل بل ینبغی فیه التفصیل بأن یقال إن أوصی بمال مضاربة فإن کان ذلک یجری مجری الإیصاء بمنفعة بعض الأعیان فأما أن یکون بقدر الثلث أو أنقص أو أزید و الأولان لا إشکال فیهما و إن کان زائدا فلا بد أن یقتضی ذلک دخول النقص علی الورثة فإن بلغ النقص أزید من الثلث تسلط الوارث علی الزائد انتهی فتأمّل فیه و (قال أیضا) و هنا تفصیل آخر و هو أن یقال إن ما یوصی بذلک دائما أو وقتا معینا أو یطلق و فی الأخیر تکفی المرة و الأولان یقیدان بالثلث انتهی و هو کالأول کما تری (و أنت خبیر) بأنه لا حاجة إلی الاحتمالین لأن المشترط ابن إدریس فی (السرائر) لأنه بعد أن نقل عبارة النهایة التی هی صریحة فی الربح قال ما حکیناه عنه آنفا الذی هو نص فی أن الربح لا تنفذ الوصیة فیه کما عرفت کما أن کلامهم جمیعا بین نص فیه و ظاهر (و کان الأولی) أن لا ننقل کلام هذین الفاضلین لکن وضع الکتاب أن نذکر فیه جمیع ما نجده من کلام الأصحاب (و أما أخبار الباب) فقد روی محمد بن یعقوب عن أحمد بن محمد العاصمی عن علی بن الحسن المیثمی عن الحسن بن علی بن یونس عن مثنی بن الولید عن محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّٰه (ع) أنه سئل عن رجل أوصی إلی رجل بولده و بمال لهم و أذن له عند الوصیة أن یعمل بالمال و أن یکون الربح بینه و بینهم فقال لا بأس من أجل أن أباه قد أذن له فی ذلک و هو حی و روی الشیخ بإسناده عن أحمد بن محمد مثله و روی علی بن الحسین بإسناده عن محمد بن یعقوب مثله و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 459
..........
______________________________
قد روی المشایخ الثلاثة فی الصحیح عن خالد بن بکر الطویل قال دعانی أبی حین حضرته الوفاة فقال یا بنی اقبض مال إخوتک الصغار و اعمل به و خذ نصف الربح و أعطهم النصف و لیس علیک ضمان فقدمتنی أم ولد أبی بعد وفاة أبی إلی ابن أبی لیلی فقالت إن هذا یأکل أموال ولدی قال فاقتصصت علیه ما أمرنی أبی فقال ابن أبی لیلی إن کان أبوک أمرک بالباطل لم أجزه ثم أشهد علی ابن أبی لیلی إن حرکته فأنا له ضامن فدخلت علی أبی عبد اللّٰه (ع) بعد فاقتصصت علیه قصتی ثم قلت له ما تری فقال أما قول أبی لیلی فلا أستطیع رده و أما فیما بینک و بین اللّٰه عز و جل فلیس علیک ضمان و مقتضی الروایتین تصریحا فی الثانیة و ظهورا فی الأولی أن الأولاد صغار فإن الوصیة لا تکون بغیر الصغیر و لا علی غیره و قضیتهما أن الوصی هو العامل لأن إطلاق الوصیة محمول علی الوصیة إلیه فیکون الموصی له فی الحقیقة وصیا خاصا علی التصرف بهذا النوع الخاص من التصرف فلا بد من أن یعقد الوصی عقد المضاربة مع نفسه و لیس إیصاؤه بها عقدا لعدم وجود شرائطه و إن أوهمه بعض کلامهم إلا أن یکون من باب معاطاة المضاربة أو تقول إنه من باب قوله حج عنی نفسک فإنه لا یحتاج إلی إیقاع عقد إجارة مع نفسه (کما هو ظاهر کلامهم فی باب الحج نسخه) و (کیف کان) فإن إطلاقهما أی الصحیحین یشمل ما إذا کان الربح زائدا علی أجرة المثل بقدر الثلث من حیث ترک الاستفصال و وجهه مع وجود النص أن المقید بالثلث هو تفویت بعض الترکة و لیس حاصلا هنا لأن الربح ما یتجدد بفعل العامل و سعیه و لیس ما یتجدد منه کالمتجدد من حمل الدابة و الشجرة و نحوهما حیث کان معتبرا من الثلث لأن ذلک نماء الملک و وجوده متوقع بخلاف الربح فإنه أثر سعی العامل مع أنه إنما یحدث علی ملک العامل و الوارث فما یملکه العامل لیس للوارث و لا للموصی فیه حق و لا یقدح فی ذلک مشتراة بمال الوارث فیکون محسوبا منه لأنه إنما یدخل فی ملک الوارث علی تقدیر صحة المضاربة و إلا لم یکن الشراء نافذا و متی صحت المضاربة کانت الحصة من الربح ملکا للعامل فلو لا صحة المضاربة لأدی فسادها إلی عدم الفساد لأنه علی تقدیر الفساد إنما یکون لتفویت ما زاد و إنما یکون کذلک مع صحة المضاربة لیکون الشراء نافذا فلو فسدت المضاربة لم ینفذ الشراء فلم یتحقق الربح فانتفی التصرف فی الزائد علی الثلث فانتفی المقتضی للفساد فوجب الحکم بالصحة فقد أدی فرض الفساد إلی عدمه فتأمّل جیدا و هذا هو الذی استندوا إلیه فی باب المضاربة و هو کما تری (و اعترض علیه) أن ذلک یقضی بوضع الید علی مال الغیر بغیر إذنه خصوصا إذا کان مکلفا و یقضی بتعریضه إلی التلف بالضرب فی الأرض و یقضی بأنه لا ضمان مع عدم التفریط مضافا إلی ما لو وقعت بحصة قلیلة للورثة فی مدة طویلة و ذلک فی حکم منع الوارث عن الترکة أصلا (قولک) إن النماء إنما یملکه العامل علی تقدیر صحة المعاملة فلا تفویت فی مال الوارث و إن لم تصح المعاملة لا یصح البیع (فیه) أنما یمکن جبره بإجازة المالک الشراء لنفسه فیکون جمیع الربح له لم یحصل التفویت علی تقدیر صحة البیع و حصول الربح (و تحریر البحث) أن تقول الأولاد إما کبار أو صغار فإن کان الأول فمستنده من النص غیر واضح و لا من الاعتبار إلا مع الإجازة لکن الصحة حینئذ لیست مستندة إلی الوصیة بل إلی الإجازة و مع عدمها فالصحة بعیدة جدا لاستلزامها جواز تصرف العامل بمجرد الوصیة و لو مع عدم اطلاع الورثة و هو یستلزم المخالفة لأصول المذهب لما فیه من استلزام التصرف بمال الغیر من دون إذنه بل هی فی الحقیقة وصیة بالولایة علی مال الغیر (و أما مع الإجازة) أی إجازة الورثة عقد المضاربة الذی عقده الموصی إلیه مع نفسه لا إجازة ما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 460
و لو أوصی بواجب و غیره بدئ بالواجب من صلب المال و الباقی من الثلث (1)
______________________________
8 وصی به الموصی کما عرفت آنفا مع أنه لا بأس به إن لم یکن متعینا فلا مانع من الصحة لأنه إذا أجاز و لم یفسخ و عمل الموصی له فی المال استحق الحصة عملا بمقتضی الوصیة و الإجازة و لیس فی ذلک مخالفة للأصول و لا إضرار بالوارث علی تقدیر زیادة المدة و قلة الربح لأن ذلک مستند إلیه حیث لم یفسخ مع تمکنه منه (و إن کان الثانی) أی کانوا صغارا کما هو مورد الأخبار و هی الحجة علی ذلک و ضعفها منجبر بما عرفت من الشهرة علی تقدیر تنزیل الفتاوی علی ذلک و علی بقائها علی إطلاقها الشامل للکبار مع وجودهما معا فی الجوامع العظام و علی ما توهمه متأخرو المتأخرین من أن الخبر إذا وصل إلی صاحب إجماع کان صحیحا فالثانی صحیح فی (الفقیه) لمکان ابن أبی عمیر حسن فی (الکافی) و (التهذیب) بإبراهیم فلا تأمّل فیهما من جهة السند و قد تأیدا بإطلاق الکتاب و السنة السالم عن المعارضة مع موافقته الاعتبار و بیانه أن التکسب بمال الصغیر غیر واجب علی الوصی علی الأصح و الحاصل من الربح زیادة فائدة و الواجب علی العامل مراعاة الحفظ بما أمکن و العمل به علی الوجه الذی فیه مصلحة و حفظ فالتعریض للتلف علی هذا النحو غیر قادح بل هو راجح عند أرباب التجارات و العقد عقد جائز فتحدید الموصی له بمدة لا یرفع حکمه و فائدته المنع (أبلغ خ) عن التصرف فیما زاد علیها فلا تجب مراعاتها و إن شرطها الموصی بل تصح ما دام الولد صغیرا فإذا أکمل و بلغ کان من الفسخ و لیس فی ذلک تبدیل للوصیة لأنه هو العمل بخلاف مقتضاها و لا فرق حینئذ بین زیادة الحصة المجعولة للعامل عن أجرة المثل و عدمها و لا فرق بین کون المال بقدر الثلث و أزید
(قوله) (و لو أوصی بواجب و غیره بدئ بالواجب من صلب المال و الباقی من الثلث)
کما فی (الشرائع) و (النافع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الروض) و ستسمع ما فی (الغنیة) و (السرائر) و غیرهما و فی (اللمعة) لو أوصی بأمور فإن کان فیها واجب قدم انتهی فتأمّل و قد قید الواجب بالمال فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (الریاض) و فی (الکفایة) الوصیة بالواجب المالی من أصل المال عند الأصحاب و کذا لو لم یوص أخرج من أصل المال عندهم سواء کان مالیا محضا کالزکاة و الکفارات و نذر المال أو مالیا مشوبا بالبدن کالحج ثم قال الحکم ثابت فی الزکاة و الحج الواجبین و الحجة فی غیرهما غیر واضحة انتهی و فی (التذکرة) إن کان واجبا کالوصیة بقضاء الدین أو الحج الواجب أو الزکاة الواجبة و شبهها نفذ من الأصل إجماعا فهو و إن أطلق الواجب بحیث یشمل البدنی لکنه قیده بالتمثیل و قال لو أوصی بما هو ثابت فی ذمته کقضاء الدیون التی للآدمیین أو التی للّه تعالی کالزکاة و الخمس و حجة الإسلام و أشباه ذلک وجب إخراجها من صلب المال سواء أوصی بها أو لم یوص إذا علم ثبوتها فی ذمته إجماعا انتهی و هو حجة علی صاحب الکفایة مع ما سیأتی و قال فی (التذکرة) أیضا لا فرق عندنا فی الواجب و خروجه من الأصل بین أن یکون وجوبه بأصل الشرع کالزکاة الواجبة و الحج و بین ما وجب بالتزام العبد من نذر أو مباشرة ما یقتضی الکفارة انتهی و لم یتعرض للواجب البدنی فی أمثلته بل کلامه فی المواضع الثلاثة کالصریح فی غیره فیجب تقیید عبارة الکتاب و (الشرائع) و (النافع) و ما ذکر معها بغیر البدنی کما قیده به من عرفت و فی موضع من (المبسوط) أن الحج من رأس المال و التطوع من الثلث و قد حکی فی (جامع المقاصد) قولا بأن الواجب البدنی یخرج من الأصل کالمالی و حکاه الشهید فی صلاة (الذکری) و (الدروس) و مراد القائل کما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 461
..........
______________________________
هو صریح (الذکری) أنه یخرج من الأصل و إن لم یوص به و لعلهما أشارا فی ما إذا أوصی به إلی ظاهر (المهذب) للقاضی و إلی ما یظهر من عبارة (الشرائع) و (النافع) و نحوهما کما سمعت أو لعلهما أشارا إلی ما فی (الغنیة) و (السرائر) من قولهما بأنه یجب علیه الوصیة بقضاء ما علیه من حق واجب دینی أو دنیوی و یخرج ذلک من أصل ترکته إن أطلق و لم یقیده بالثلث فإن لم یکن علیه حق استحب له أن یوصی بجزء من ثلثه یصرف فی النذر و الکفارات إلی آخره (و قد قلنا) فی باب الصلاة إن هذا القول نفی عنه البأس فی (الدروس) و استدل علیه فی (الذکری) بظاهر خبر زرارة قال قلت لأبی عبد اللّٰه (ع) إن أباک قال لی من أقر بها فعلیه أن یؤدیها الحدیث و یؤیده الاعتبار و الإطلاقات فی عشرة کتب أو أکثر (و الاعتذار) عن عدم التقیید بالمالی فیها بالاتکال علی الوضوح فلعله مما لا یصغی إلیه إذ لیس الحال فی البدنی بتلک المکانة من الوضوح إذ المصرح بأن الواجب البدنی یخرج من الثلث إذا أوصی به إنما هو المحقق الثانی و الشهید الثانی و الخراسانی فقوله فی (الریاض) إن کان بدنیا کالصلاة و الصوم أخرج من الثلث بلا خلاف أجده إلا من ظاهر إطلاق عبارة (النافع) و نحوها فلعله لم یصادف محله (و قد) اختار الشهید و السید العمید فی باب الإجازة أن للولی الاستئجار عنه سواء أوصی المیّت أم لا لأن المقصود براءة ذمته و هو یحصل بفعل الولی و غیره و هو أیضا خیرة صوم (الدروس) و قضیة إطلاقها فی الولی و غیره أنه له أن یستأجر من صلب المال (و قد) فرضت المسألة فی (النهایة) و (الغنیة) و موضع من (المبسوط) فی ما إذا أوصی بحج و غیره من الوصایا من ثلثه و قال إنه یقدم الحج علی غیره و ظاهرها أو صریحها عدم مراعاة الترتیب فیما ذکر مع الحج و لعله لیس من مسألتنا و (کیف کان) فقوله فی (الریاض) لو أوصی بواجب و غیره أخرج الواجب من الأصل إن کان مالیا کالدین و الحج و الباقی من الثلث بلا خلاف أجده و به صرح جماعة بل علیه الإجماع فی (الغنیة) و هو الحجة انتهی لم یصادف محله إذ معقد هذا الإجماع لیس موجودا فی (الغنیة) و لم نجد واحدا من الجماعة الذین ادعی أنهم نفوا الخلاف فی ذلک و من البعید إرادة التصریح بالحکم إذ قضیته أن الساکت قلیل مع أن ظواهر ما تقدم مؤذنة بالخلاف (و کیف کان) فالحجة علی إخراج الواجب المالی مطلقا مالیا محضا أو مشوبا و سواء أوصی به أو لا من أصل المال و تقدیمه علی غیره مما أوصی به بعد الإجماعات المحکیة کما سمعت إطلاقات الکتاب و السنة بتقدیم الدین علی الإرث الشاملة لصورتی الوصیة به و عدمها إذ مجرد الوصیة به لا توجب صرفه إلی الثلث ما لم یصرح به لعدم التلازم و الحج و الکفارات و الزکوات بمنزلة الدین و الصحیح رجل توفی و أوصی أنه یحج عنه قال إن کان صرورة فمن جمیع المال أنه بمنزلة الدین الواجب و إن کان قد حج فمن ثلثه و التعلیل ظاهر فی العموم لکل ما هو بمنزلة الدین فیشمل جمیع الواجبات المالیة من محضة و مشوبة و هو ظاهر فی عدم التلازم و نحوه الموثق و بذلک یتضح ما لم یستوضحه صاحب (الکفایة) و (أما) إذا لم یوص بالواجب البدنی ففی (الذکری) أن ظاهر المتأخرین من الأصحاب عدم وجوب إخراجها من ماله لعدم تعلق الفرض بغیر البدن خالفناه مع وصیة المیّت لانعقاد الإجماع علیه و بقی ما عداه علی أصله و بعض الأصحاب أوجب إخراجها کالحج انتهی و صریحه أو ظاهره أن هذا البعض جعلها کالحج یجب إخراجها سواء أوصی بها أو لم یوص و نسبة العدم إلی ظاهر المتأخرین معرفا باللام یقضی بأن هذا البعض من القدماء و فی (جامع المقاصد) و هل یجب علی المریض الوصیة بها و تعیین مال لها من الثلث فیه وجهان
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 462
..........
______________________________
و إیجاب ذلک لیس ببعید لأن فیه توصلا للإتیان بالواجب فعلها بنفسه أو ولیه لانتفاء الدلیل علی ما سوی ذلک نعم یجب إعلامه بذلک لیتأهب لقضائها و یقبل قول المریض؟؟؟ وجوب القضاء علی الولی علی الظاهر انتهی (قلت) الدلیل علی ذلک أن دفع الضرر المظنون واجب فما ظنک بالمعلوم لأنه عالم بوجوبه و استحقاقه العقاب مع قدرته علی براءة ذمته بالوصیة نعم لو کان الفوات لا بتفریطه کالغفلة عن الصلاة مع عدم القدرة علی القضاء حال الوصیة احتمل حینئذ عدم الوجوب و فی (المسالک) الأقوی وجوب الوصیة بها علی المریض کغیره من الواجبات إن لم یکن له ولی یقضی عنه و فی (الکفایة) الأقرب العدم و إن لم یکن له ولی یقضی عنه (و قد) منع فی (السرائر) و (المنتهی) من صحة الاستئجار عن المیّت فی الصوم (و قد حکینا) فی باب الصلاة الفتاوی و الإجماعات علی أن الولی یقضی عنه فبعضهم قید ذلک بما فاته فی مرضه الذی مات فیه و الأکثر أطلقوا من دون تقیید بما فات لعذر أو لغیره و قد استوفینا الکلام فی ذلک فی باب الصلاة بما لم یوجد فی کتاب (و لیعلم) أن قضیة إطلاق قولهم بدئ بالواجب قدم الواجب أنه یقدم و إن تأخرت الوصیة به سواء کان مالیا أو غیره و به صرح الشهید الثانی فی (الروضة) و فی (الریاض) أنه لم یقف فیه علی مخالف فیما إذا حصر الجمیع فی الثلث (و ستسمع) فی آخر هذه المسائل ما سنحکیه عن (النهایة) و (النافع) و (الشرائع) و (التحریر) و ما سنحکیه عن (المبسوط) و (السرائر) و (الدروس) و عن المصنف و الکرکی فی آخر المطلب الثانی و قد یقال فی (جامع المقاصد) إن الواجب الذی لا تعلق له بالمال لا فرق بینه و بین سائر الوصایا التی لیست بواجبة بأنه یبدأ بالأول ثم الذی یلیه إن کان قد أوصی بها مرتبة و تبطل فیما تأخر و أنه إن حصر الجمیع فی الثلث بدئ بالواجب الصلبی فإن فضل شی‌ء و لم یف بالباقی اعتبر الترتیب فی الوصیة و عدمه و هو أی عدم الفرق ظاهر (التذکرة) فی عدة مواضع و قال فی (الکفایة) قطع بعضهم بتقدیم البدنیة علی المتبرع بها من ثلث الباقی الأول فالأول و حجته غیر واضحة (قلت) فی الصحیح علی الصحیح فی معاویة بن عمار قال إن امرأة من أهلی ماتت و أوصت إلی بثلث مالها و أمرت أن یعتق عنها و یتصدق و یحج عنها فنظرت فیه فلم یبلغ فقال ابدأ بالحج فإنه فریضة من فرائض اللّٰه سبحانه و تجعل ما بقی طائفة فی العتق و طائفة فی الصدقة فهو و إن کان مورده الحج إلا أن تعلیل تقدیمه بکونه من فرائض اللّٰه سبحانه و تعالی عام یشمل جمیع ما یوجد فیه هذه العلة و الصلاة من أفضل فرائضه سبحانه و تعالی (و قد روی) هذا التعلیل فی خمسة طرق و إن شئت قلت فی خمسة أخبار و هی ما بین صحیح و حسن بإبراهیم ثم إنه لا ریب أن الواجب أولی من غیره مع حصول الیقین للوصی بصرفه فیه و لا کذلک لو صرفه فی غیره و إن تقدم فتأمّل (و لیعلم) أن ما حکینا عنه موافقة الکتاب قد فرضت المسألة فی بعضه بأنه أوصی بواجب و غیره من الثلث فقالوا إن وسع الثلث عمل بالجمیع و إن قصر و لم تجز الورثة بدأ بالواجب من الأصل و کان الباقی من الثلث و ذلک کصریح (التحریر) و ظاهر (الشرائع) بل الظاهر من الشرائع أو صریحها عدم الحصر فی الثلث فتکون کالکتاب و لا بد من التأمّل فی عبارة (التحریر) فإنها صریحة فی أنه لو حصر فی الثلث خرج الواجب من أصل المال و هو ینافی ما ستسمعه من کلام الأصحاب و بعضه کالکتاب فرضت فیه المسألة أنه أوصی بواجب و غیره إلی آخر ما فی الکتاب و لعله لا خلاف فی ذلک من هذه الجهة کما ستسمع التنبیه علی ذلک فی آخر هذه المباحث
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 463
و الباقی من الثلث إذ لم یجز الوارث و یبدأ بالأول فالأول مع القصور (1)
______________________________
(قوله) (و الباقی من الثلث إن لم یجز الوارث و یبدأ بالأول فالأول مع القصور)
کما صرح بذلک کله فی (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (الروضة) و کذا (المختلف) و (الکفایة) و فیهما أنه المشهور و اقتصر فی (النافع) و (التبصرة) علی قولهما و الباقی من الثلث و قد یکون مرادهما إن لم یجز الوارث و أنه یبدأ بالأول فالأول مع القصور و أنه یدخل النقص علی الأخیر کما فی (الدروس) و أنه فی (السرائر) إذا أوصی بوصایا فإن مذهب أصحابنا أن یبدأ بالأول فالأول و یکون النقصان إن لم یف الثلث داخلا علی من ذکر أخیرا و ظاهره الإجماع علی ذلک و ستسمع ما فی (المبسوط) و (التذکرة) من ظهور دعوی الإجماع فی مثله و وجهوه بأن الوصیة الصادرة أولا نافذة قطعا لصدورها من أهلها فی محلها بخلاف الوصیة الصادرة بعد ذلک حیث لا یسع الثلث و لا سبیل إلی التوزیع مع الضیق هنا لاستلزامه تبدیل الوصیة النافذة (و فیه) کما فی (الکفایة) أن القدر المسلم لیس إلا أن الوصایا الزائدة علی الثلث لا یمضی منها إلا الثلث لا أنه یمضی المرتب إلی الثلث انتهی فتأمّل (فالأولی) الاستدلال علیه بالتعلیل فی خبر حمران الشامل لما نحن فیه و إن کان مورده مما لا نزاع فیه عن أبی جعفر (ع) فی رجل أوصی عند موته و قال أعتق فلانا و فلانا حتی ذکر خمسة فنظر فی ثلثه فلم یبلغ ثلثه أثمان قیمة الممالیک الخمسة الذین أمر بعتقهم قال ینظر إلی الذین سماهم و یبدأ بعتقهم فیقومون و ینظر إلی ثلثه فیعتق منه أول شی‌ء ذکر ثم الثانی و الثالث ثم الرابع و الخامس فإن عجز الثلث کان فی الذین سمی أخیرا لأنه أعتق بعد مبلغ الثلث ما لا یملک فلا یجوز له ذلک و ضعفه منجز بالشهرة فی المسألة و فیما یأتی فیما إذا أوصی بأشیاء تطوعا معتضد بالإجماعات الظاهرة المشار إلیها فیما تقدم علی أنه قد رواه المشایخ الثلاثة بأسانید متعددة و (خبر الحسین) بن مالک المعارض له لا عامل به و لا جابر لضعفه و ستسمع تنزیله و تأویله (و المراد بالأول) فی قولهم بدئ بالأول فالأول الموصی به أولا سواء کان بعاطف للوصایا المتعددة بأداة یقتضی الترتیب کثم أم لا کالواو کقوله حجوا عنی و صلوا عنی و تصدقوا عنی (و لیعلم) أنه فرق بین هذه الأمثلة و بین قوله أعطوا کذا لزید و عمرا و أعطوا زیدا و عمرا کذا فإنه لا شک هنا فی التوزیع و علیه یحمل خبر الحسین بن مالک المجهول و لا کذلک فی الأمثلة الأول فإن کلا منها وصیة برأسها فإذا صادفت الأولی محل النفوذ نفذت و لا یجوز تغییر بعضها بطرو وصیة أخری علیها کما تقدم بیانه (و قد عدوا) من الترتیب بغیر الفاء و ثم و الواو ما إذا قطعه کما إذا قال أعطوا فلانا مائة أعطوا فلانا خمسین و لعلهم یستندون فی ذلک إلی خبر حمران لبعد احتمال التوزیع فیه جدا و به یفرق بینه و بین خبر الحسین (ابن مالک خ) (و أما خبر) علی بن سالم الضعیف حیث قال لمولانا الکاظم (ع) إن ابن أخی أوصی بثلاث وصایا فبأیهن آخذ فقال خذ بآخرهن فیحمل علی کون المقصود عدم الجمع بین الوصایا فیکون نسخا کما ستسمع هذا (و قال) فی (السرائر) و ما یوجد فی الکتب أنه إذا أوصی لإنسان بوصیة ثم أوصی بأخری فإن أمکن العمل بهما جمیعا وجب العمل بهما و إلا کان العمل علی الأخیرة دون الأولی و أما إذا أوصی بشی‌ء و لم یذکر الثلث ثم أوصی بشی‌ء آخر و لم یذکر الثلث و أوصی بشی‌ء آخر و لم یذکر الثلث فإن مذهب أصحابنا أن یبدأ بالأول فالأول و یکون النقصان إن لم یف الثلث داخلا علی من ذکر أخیرا لأنه لما أوصی للأول ما قال أوصیت له بثلثی و کذلک الثانی و الثالث فظن أن ثلثه یبلغ مقدار جمیع ما ذکره و لم ینقل عن الأول ما أوصی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 464
و لو کان الجمیع غیر واجب بدئ بالأول فالأول حتی یستوفی الثلث و یبطل الزائد إن لم یجز الوارث (1)
______________________________
له به و کذلک الثانی فلو علم أنه قد استوفی ثلث ماله لمن أوصی له به ما أوصی بعده بشی‌ء آخر فإذا استوفاه یکون النقصان علی من ذکره أخیرا فهذا الفرق بین المسألتین فلا یظن ظان أن المسألتین واحدة و أن بینهما تناقضا و أن مذهب أصحابنا أن الوصیة الثانیة ناسخة للأولی فی جمیع المواضع إلی آخر ما قال و لقد أسهب بعد ذلک و أطال و نقل کلام المبسوط فی مواضع و حاصله أنه حیث یرید الجمع بین الوصایا فی الثلث یرتب و إلا کان نسخا و تمام الکلام عند قوله و لو أوصی بثلثه لزید و بثلثه لعمرو کما ستسمعه مسبغا إن شاء اللّٰه تعالی
(قوله) (و لو کان الجمیع غیر واجب بدئ بالأول فالأول حتی یستوفی الثلث و یبطل الزائد إن لم یجز الوارث)
هذا معنی ما فی (المبسوط) و (المهذب) و (الوسیلة) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (المختلف) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) و قد سمعت ما فی (السرائر) و ظاهرها کما هو ظاهر (المبسوط) و (التذکرة) دعوی الإجماع کل علی ما ذکره و قد نسب الخلاف فی (التذکرة) إلی العامة و قد سمعت خبر حمران و ما استدلوا به من جهة الاعتبار (و قضیة) فتواهم و إجماعاتهم و أدلتهم أنه لا فرق فی ذلک بین أن یکون فی الوصایا عتق أو لا و لا بین أن یکون فی وقت واحد أو متعدد (و قدم) فی (المبسوط) کما عن أبی علی العتق علی غیره و إن ذکر بعده کما فی الصحیحین و الخبر و غیرها و قد حملت علی العتق المنجز خاصة بل قیل إنها ظاهرة فیه بلا شبهة إذ منها رجل أوصی عند موته بمال لذوی قرابته و أعتق مملوکا له و کان جمیع ما أوصی به یزید علی الثلث کیف یصنع فی وصیته فقال (ع) یبدأ بالعتق فینفذه علی أن الأصحاب قد أعرضوا عنها و جعل فی (الوسیلة) الوصیة الثانیة فی الزمان المتباعد رجوعا عن الأول إلا أن یسعها الثلث و لعله یستند إلی خبر علی بن سالم الضعیف و قد سمعته و لا دلالة له فیه لمکان إطلاقه الشامل لغیر التباعد بین الزمانین هذا (و لو حصر) جمیع ما أوصی به من الواجب و غیره فی الثلث بدئ بالواجب کما فی (النهایة) و (النافع) و (التحریر) و ظاهر (الشرائع) و غیرها کما سمعت ما فی (الریاض) من أنه لم یقف علی مخالف و کذا (المبسوط) حیث فرض المسألة فیما إذا کان الواجب حجا و دلیله ما سلف من أن الواجب أولی و خبر المرأة التی ماتت کما أسمعناکه فیما سلف کما سمعت ما حکیناه عن (التذکرة) و (جامع المقاصد) و ظاهر (الکفایة) من أنه لا فرق بین الواجب البدنی و غیره من الوصایا و فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و کذا (التذکرة) أنه لو حصر الجمیع فی الثلث بدئ بالواجب المالی الصلبی فإن فضل من الثلث شی‌ء و لم یف الباقی اعتبر الترتیب فی الوصیة و عدمه و فی (الکفایة) نسبته إلی الأصحاب فخصوه بالواجب الصلبی و الأصل فی ذلک ما فی (المبسوط) و (السرائر) من قولهما أنه لو أوصی أن یحج عنه من ثلث ماله و أوصی بوصایا أخر قدم الحج علی غیره من الوصایا و هو الذی تدل علیه روایات أصحابنا (و قال) فی (الدروس) لو ضم الواجب کالحج و الدین إلی المتبرع به و حصرها فی الثلث و قصر عن الواجب دخل النقص علی الأخیر للنص و فتوی الجماعة انتهی و أراد بالروایات و النص صحیحة معاویة بن عمار المتقدمة الواردة فی الامرأة و هی ناصة صریحة فی ذلک و (کأنه) لم یظفر بها فی (جامع المقاصد) فظن أنهم أرادوا بالروایات ما دل علی تقدیم الواجب علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 465
و لو أوصی لزید بثلث و لعمرو بربع و لخالد بسدس و لم تجز الورثة صحت وصیة زید خاصة (1) و لو أوصی بثلثه لزید و بثلثه لعمرو کان رجوعا علی إشکال (2)
______________________________
غیره لکن المصنف و المحقق الثانی سیخالفان ذلک فی أواخر المطلب الثانی و یقولان بالتقسیط و لعلهما فهما من خبر معاویة التقسیط لمکان قوله (ع) طائفة و طائفة و لکن نظر الإمام (ع) إلی السؤال و تقدیم العتق یقضی بالترتیب و أن ما بعد ذلک من قبیل المثال فلیتأمّل و لو عد أشیاء ثم أوصی بمجموعها دخل النقص علی الجمیع و لو علم الترتیب و اشتبه أقرع و لو اشتبه الترتیب و عدمه ففی الروضة أن ظاهرهم إطلاق التقدیم بالقرعة و لو رتب ثم قال ابدءوا بالأخیر أو بغیره اتبع لفظه الأخیر
(قوله) (و لو أوصی لزید بثلث و لعمرو بربع و لخالد بسدس و لم تجز الورثة صحت وصیة زید خاصة)
کما فی (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (التحریر) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (المختلف) و (الروض) و (المسالک) و (الکفایة) و کذا (جامع المقاصد) و ظاهر الأول و الأخیر الإجماع علیه و إنه لغریب من الأخیر کما ستسمع ما فی (التحریر) أیضا و فی (الکفایة) أنه الأشهر ثم قال و قیل إن الآخر رجوع عن الأول و لم نجد هذا القائل و لعله أشار إلی ما ستسمعه إن شاء اللّٰه تعالی عن (المبسوط) أیضا إذ قضیته أن الأخیر رجوع کما ستعرف و الوجه فی صحة وصیة زید خاصة أنها قد استوفت الثلث النافذ بدون الإجازة مع رعایة ما تقدم من وجوب تقدیم الأول فالأول و الرجوع لا یثبت بمجرد الاحتمال و مجرد الوصیة بما زاد علی الثلث ثانیا و ثالثا لا تدل علیه و مثل أمثلة الکتاب ما إذا أوصی لواحد بنصف و لآخر بخمس و لثالث بربع أو للأول بجمیع المال و لآخر بثلث و لثالث بنصف لعدم ما یدل علی الرجوع فی الجمیع و الظاهر أنه یخالف ما أسلفناه عن السرائر و تمام التحقیق فی المسألة الآتیة
(قوله) (و لو أوصی بثلثه لزید و بثلثه لعمرو کان رجوعا علی إشکال)
الفرق بین هذه و التی قبلها حتی استشکل هنا و جزم هناک بعدم کونه رجوعا أن الثلث المضاف إلی الموصی حیث قال ثلثی بالإضافة إلی نفسه هو القدر النافذ فیه وصیته شرعا فإذا أوصی به ثانیا فقد رجع عن الوصیة الأولی لأنه لیس له ثلثان مضافان إلیه فیکون بمنزلة ما لو أوصی بهذا الثوب لزید ثم أوصی به لعمرو بخلاف المسألة الأولی حیث أوصی لزید بثلث من دون أن یضیفه إلی نفسه فإنه متعلق بجملة المال من دون أن ینسب إلی الثلث النافذ فیه الوصیة فإذا أوصی بعده بربع لا یتبادر إلی الفهم أنه بعض ذلک الثلث السابق بل الربع الخارج عنه المتعلق بأصل المال و کذلک السدس فتکون وصایا متعددة لا تضاد فیها لأن اختلافها دلنا علی أن الموصی به ثانیا غیر الموصی به أولا و متی تغایرت و لم یکن بینها تضاد وجب أن یبدأ بالأول ثم بما بعده بقدر ما یتسع الثلث فبأن الأمر و اتضح الفرق (لکن) المصنف استشکل فی الثانیة هنا و فی (التحریر) حیث قال فیه نظر کما هو ظاهر (الدروس) حیث لا ترجیح فیه و کذا (جامع المقاصد) و منشأ الإشکال هو ما أشرنا إلیه فی بیان الفرق من أن الإنسان لا یستحق من ماله إلا ثلثه فإذا أوصی بالثلث مضافا إلی نفسه ثم أوصی به کذلک کان الموصی به ثانیا هو الموصی به أولا فیکون ناسخا له و به جزم فی (الخلاف) و (المبسوط) و (السرائر) و (الشرائع) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (الروض) و (المسالک) و (الکفایة) و (المفاتیح) و استدل علیه فی (الخلاف) بإجماع الفرقة و أخبارهم و قال فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 466
..........
______________________________
(التحریر) قاله علماؤنا مؤذنا بدعوی الإجماع کما تؤذن به أیضا عبارة (جامع المقاصد) و قد سمعت ما حکینا عن هذین الکتابین من التأمّل فی ذلک و منشأ عدم کونه رجوعا أن کلا منهما وصیة یجب تنفیذها و لا یجوز تبدیلها مع عدم الزیادة علی الثلث و الإضافة لا تقتضی أن الموصی به ثانیا هو الموصی به أولا و لا دلالة له فی اللفظ علی إرادة الرجوع بشی‌ء من الدلالات و الإنسان ما دام حیا فجمیع الترکة علی ملکه و إنما تخرج عنه بعد الموت و هو خیرة (المهذب) و (المختلف) و (الإیضاح) بل فی (المختلف) أنه لا رجوع فی جمیع الصور إلا أن یصرح به أو یدل قرینة علیه (قال) فی (التذکرة) إذا قال أوصیت بثلثی لزید ثم قال أوصیت بثلثی لبکر فإن قصد الثلث الموصی به أولا فهو رجوع عن الأولی و یکون الثلث للأخیر و إن قصد ثلثا آخر بطلت الوصیة الثانیة و إن قصد التشریک فی الأولی کان بینهما (و قد) وقع للشیخ فی (الخلاف) و (المبسوط) عبارات مختلفة قال فی (الخلاف) إذا أوصی بثلث ماله لإنسان ثم أوصی بثلث ماله لغیره و لم تجز الورثة کانت الوصیة الثانیة رافعة للأولی و فاسخة لها ثم استدل علیه بإجماع الفرقة و أخبارهم ثم قال و أیضا فلا خلاف إذا قال العبد الذی کنت قد أوصیت به لفلان فإن هذا یکون رجوعا عن الوصیة فکذلک إذا أطلق یکون رجوعا لا فرق بین أن یقیده أو یطلقه انتهی و قال فی (الخلاف) أیضا لو أوصی له بماله و لآخر بثلثه و أجاز الورثة بطل الأخیر و مثله ما فی (الجامع) و قال فی (الخلاف) و لو بدأ بالثلث و أجازوا أعطی الأول الثلث و الأخیر الثلثین (و الظاهر) أنه مناف لما ادعی علیه الإجماع لأن المفروض فی المسألة الثانیة أنه قال أوصیت له بثلثی مضافا إلی نفسه فهو أقوی فی إرادة ثلثه الخاص من ثلث ماله فی السابق الذی جعله رجوعا و کون السابق فی الثانیة جمیع ماله لا یؤثر فی دفع المنافاة لأن جمیع ماله متضمن الثلث الذی أوصی به ثانیا و مفهوم کلامه فی المسألة الثانیة أن الورثة إذا لم یجیزوا لم یبطل الأخیر بل یکون ناسخا و لعل الظاهر أن المفهوم فی المسألة الثالثة أنه لا یعطی الأخیر الثلثین بل ثلثا فتأمّل (و قال) فی (المبسوط) مثل ما حکیناه عن الخلاف فی المسألتین ثم ذکر فی مسألة ثالثة فقال رجل أوصی بثلث ماله لأجنبی و بثلث ماله للوارث قد بینا مذهبنا فیه و هو أن یمضی الأول منهما و إن اشتبه استعمل القرعة فجزم فی هذه بتقدیم الأول و ظاهره أنه مذهب الأصحاب و بذلک جزم فی (المهذب) و (قال) فی (المبسوط) بعد ذلک إذا أوصی لرجل بثلث ماله ثم أوصی لآخر بثلث ماله فهاتان وصیتان بثلثی ماله و کذا لو أوصی بعبد بعینه لرجل ثم أوصی لرجل آخر بذلک العبد بعینه فهما وصیتان و تکون الثانیة رجوعا عن الأولی و هذا ظاهر التنافی بین الحکمین و إنما افترقا بکون أحد الموصی له فی الأول وارثا و الآخر أجنبیا مع أنه لا فرق بین المسألتین إلا بکون أحد الموصی له فی الأولی وارثا و الآخر أجنبیا و لا فرق بذلک عندنا (و قال) فی (المبسوط) لو أوصی له بنصف و لآخر بربع و لم یجیزوا قدم الأول بالثلث و هذا یخالف ما وافق فیه أی (ط) الخلاف فی المسألتین لأن تجاوز الثلث إن کان علة فی الرجوع ثبت فی الموضعین و إلا انتفی فیهما إلا أن یجعل إضافة الثلث إلی الموصی فی الموضعین قرینة علی أن الثلث الثانی هو الأول و لا یطرد فی الوصیة بالکل و بالنصف لأن الکل و النصف لیسا له کالثلث و یلزم من هذا أنه لو قال سدسی لفلان ثم قال ثلثی أو ربعی لآخر أنه یکون رجوعا (و هناک) عبارات کقولهم یعمل بالأخیر من المتضادین کما فی (التبصرة) و (اللمعة) و غیرهما و قد سمعت ما أسلفناه عن (السرائر) لکن الکلام فی معرفة المتضادین (فلا بد) من تأصیل أصل فی الباب بحیث یعتمد علیه فی التمیز بین کلام الأصحاب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 467
..........
______________________________
و قد أصل فی (جامع المقاصد) أصلا و لعله غیر أصیل فی الباب لما یلزمه من مخالفة کلام جمیع الأصحاب کما اعترف هو بذلک و صاحب (المسالک) و مخالفة الأخبار المرسلة فی (الخلاف) المعتضدة بالشهرة و الإجماع المنقول (و هو) أن الأصل فی الوصیة أن تکون نافذة فیجب حملها علی ما یقتضی النفوذ بحسب الإمکان و إنما تکون الثانیة نافذة إذا کان متعلقها هو الثلث الذی یجوز للمریض الوصیة به فیجب حملها علیه کما یجب حمل إطلاق بیع الشریک النصف علی نصفه و حملا للبیع علی معناه الحقیقی لا الفضولی فیتحقق التضاد فیما إذا قال أوصیت بثلث لزید من دون إضافة إلی نفسه و بثلث لعمرو کذلک فیکون الثانی ناسخا للأول فیقدم و أولی منه ما لو قال ثلث مالی ثم فرع علیه البطلان و النسخ فیما أجمع علیه باعترافه و هو ما إذا أوصی لزید بثلث و لعمرو بربع و لخالد بسدس و انتفت القرائن و قد سمعت کلام (السرائر) فیما سلف و ظاهره موافقة (جامع المقاصد) و قد قال فی (السرائر) إنه مذهب أصحابنا لکنه یخالفه کلام (المبسوط) فیما إذا أوصی بثلث ماله لأجنبی و بثلث ماله للوارث کما سمعت و قد قلنا إن ظاهره أنه مذهب الأصحاب (و الذی ینبغی) أن یکون أصلا فی الباب بحیث ینطبق علیه کلامهم ما قاله فی (المسالک) من أن الأصل فی کل وصیة أن تکون محمولة علی الصحة سواء کانت نافذة أم متوقفة علی إجازة الوارث لأن المتوقف علی إجازته لا یدافع الصحة إن هو إلا کالخیار الثابت للبائع الغیر المانع من ملک المشتری خصوصا علی القول بأن الإجازة تنفیذ فإذا کان الأصل الصحة فلا یحکم بزوالها إلا إذا أتی بلفظ یدل علی الفسخ و الرجوع و هو فی المسألة الأولی و فی کل مسألة مثلها منتف (و أما) إذا قال ثلثی مضافا إلی نفسه و نحوه فإن الدلیل موجود لمکان القرینة الواضحة و لو ترک الإضافة و قال ثلث لفلان لم یکن نسخا و کان کالمسألة الأولی لعدم القرینة و مجرد الشک فی الرجوع کاف فی عدمه فیحکم بصحة الجمیع و یعمل فی الزائد عن الثلث بمقتضی القاعدة المستقرة من البدأة بالأول فالأول فلو قال أعطوا زیدا ثلثی ثم قال أعطوا عمرا ثلثا لم یکن الثانی ناسخا و لو عکس فالظاهر أنه نسخ (و لو عبر) بثلث مالی بدل ثلثی ففی إلحاقه به أو بالمطلق وجهان أوجههما الثانی للشک فی إرادة الرجوع فإن قلت ماله أعمّ من ثلثه المضاف إلی نفسه و لو فرض أن هناک إجماع أو قرینة أفادت الرجوع عمل به إلا أن ذلک أمر خارج عن اللفظ و الحاصل أن الوصیة عقد من العقود یحمل علی الصحة لا علی النافذ بحیث لا یترتب علیه فسخ هذه الوصیة بجمیع المال توصف بالصحة قطعا إذ لا یقول أحد بأنها غیر صحیحة لوقوف ما زاد علی الإجازة و ما مثل به من بیع الشریک نصفه لأنه هو الذی یستحقه لا یخالف ما هنا لأن جمیع الترکة مستحقة للموصی حال حیاته إجماعا فإذا أوصی فقد أوصی بما یستحقه و من ثم حکموا بصحة وصیته بما زاد و بصحة هبته و إن توقفت علی إجازة الورثة بل حکموا بصحة هبته لو برأ علی المختار من أن منجزاته تنفذ من الأصل فلا مجال للإشکال و قد أطبق أصحابنا علی أن الإجازة تنفیذ للوصیة لا عطیة من الورثة متجددة و عساک تقول إذا کانت جمیع الترکة مستحقه له فإضافة الثلث إلیه لا یقتضی الرجوع لأن جمیع ماله ما دام حیاله کما تقدم فی توجیه أحد وجهی الإشکال و جوابه أنا نقول بموجبه إلا أنا ندعی وجود القرینة فی هذه الإضافة علی الرجوع و من ثم لو أبدلها بالإضافة إلی ماله شککنا فی إرادة الرجوع فلم نحکم به و قدمنا الأول فالأول فالکل و النصف له لکنهما لیسا له کالثلث و فی معنی قوله ثلثی قوله الثلث الذی تمضی فیه وصیتی أو الثلث المتعلق بی و نحو ذلک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 468
فإن اشتبه الأول أقرع (1) و لو أوصی بمعین زائد عن الثلث (2) لاثنین و لم یجز الورثة فلهما منه بقدر الثلث و لو رتب أعطی الأول و کان النقص علی الثانی سواء أوصی لکل منهما بشی‌ء منه أو أوصی لکل منهما بشی‌ء منفرد (3)
______________________________
(قوله) (فإن اشتبه الأول أقرع)
کما فی (المبسوط) و (المهذب) و (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) سواء قلنا أنه رجوع أم لا لأنه إن کان رجوعا فالوصیة هی الثانیة و إلا فالأولی و المراد أنه اشتبه السابق من الموصی لهما بالثلث فإنه یستخرج بالقرعة لیحکم بالوصیة للمتأخر علی قول أو للسابق أعنی القول الآخر إذ لا فرق بین الحکمین فی اعتباره بالقرعة و صفتها أن یکتب فی رقعة اسم أحدهما و أنه السابق ثم یکتب فی أخری اسم الآخر و أنه السابق فمن خرج اسمه کان هو السابق و لو کتب فی کل رقعة صاحبها المتأخر صح أیضا
(قوله) (و لو أوصی بمعین زائد علی الثلث لاثنین و لم یجز الورثة فلهما منه الثلث)
و نحوه ما فی (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) قال فی (الشرائع) لو أوصی بشی‌ء واحد لاثنین و هو یزید عن الثلث و لم تجز الورثة کان لهما ما یحتمله الثلث و مراد الجمیع أن الوصیة کانت دفعة بقرینة الحکم و التقیید فی الثانیة بالترتیب فی الجمیع کما ستسمع و قد فرضت المسألة فی الکتاب فی المعین کدار مثلا و أطلقت فی البقیة و الحاصل أنه جعل الوصیة لاثنین بلفظ واحد بحیث لا یحصل الترتیب بین الوصیتین کأن قال أعطوا فلانا و فلانا الدار الفلانیة کما هو فرض الکتاب أو مائة درهم کما فی البقیة فإنها تکون وصیة واحدة فإن لم یحتملها الثلث جاء النقص علیهما معا بالنسبة کما هو ظاهر لأنها کما عرفت وصیة واحدة و لا فرق فی ذلک بین أن یقول أعطوا فلانا و فلانا الدار الفلانیة لزید البیت الفلانی و الباقی لعمرو إذ الظاهر أنها وصیة واحدة و إن کان آخرها مفصلا متعاقبا لأنه وقع بیانا لما أجمله أولا و قد أوقعه لهما دفعة و لو اقتصر علی التفصیل الأخیر فلا ریب فی کونهما متعاقبین أو یقول فی صورة عدم التعیین لزید النصف و لعمرو النصف کما أشار إلیه فیما ستسمع بقوله سواء أوصی لکل منهما بشی‌ء منه أوصی لکل منهما بشی‌ء منفرد إلا أن تقول إن قوله هذا خاص بما إذا رتب و لعله هو الظاهر
(قوله) (و لو رتب أعطی الأول و کان النقص علی الثانی سواء أوصی لکل منهما بشی‌ء منه أو أوصی لکل منهما بشی‌ء منفرد)
هذه العبارة حیث صرح فیها بأنه رتب کعبارة (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (الروض) أحسن من عبارة (الشرائع) و (التحریر) حیث ترک فیهما ذلک و قیل فیهما و لو جعل لکل واحد منهما شیئا بدئ بعطیة الأول و کان النقص علی الثانی منهما لأن جعله لکل منهما شیئا یتناول ما إذا رتب کأن قال أعطوا زیدا خمسین و أعطوا عمرا خمسین أو أعطوا زیدا نصف الدار و عمرا نصفها و ما إذا لم یرتب کأن قال أوصیت لزید و عمرو بالدار الفلانیة لکل واحد نصفها فقد صدق أنه جعل لکل واحد منهما شیئا و حکمه کالأول إلا أن تقول إن مراده أنه جعل لکل واحد منهما شیئا بادئ بدء فإن هذا ینفک عن الترتیب و لا فرق علی تقدیر التعاقب أیضا بین أن یوصی لکل منهما بشی‌ء معین من المعین کالبیت الفلانی من الدار و مشاع کالنصف لاشتراکهما فی المقتضی و الوجه فی ذلک أن الظاهر أن الموصی أراد تنفیذ الوصیتین و أنهما فی حکم وصیة واحدة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 469
و لو أجازوا وصیة النصف ثم ادعوا ظن القلة لترکته صدقوا مع الیمین (1) و لو کانت الوصیة بمعین فادعوا ظن أنه الثلث أو ما زاد بیسیر أو أن المال کثیرا و أنه لا دین له لم یقبل منهم و یحتمل القبول (2)
______________________________
(قوله) (و لو أوصی و أجازوا وصیة النصف ثم ادعوا ظن القلة لترکته صدقوا مع الیمین)
کما هو معنی ما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (تعلیق الإرشاد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) و تردد فی (الشرائع) (الکفایة) و هو ظاهر (الحواشی) حیث لم یرجح و فی بعضها (کالمبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) التقیید بما إذا لم یکن للموصی له بینة تشهد باعترافهم بمعرفتهم قدر المال و زاد فی (التحریر) التقیید بما إذا کان المال خفیا أما إذا کان ظاهرا لا یخفی علیهم لا یلتفت إلی قولهم و الوجه فی ذلک ظاهر و لذلک ترکه الأکثر و فی أصل المسألة أنه یجوز أنهم بنوا علی أصل عدم زیادة المال فظهر خلافه مضافا إلی أن المال مما یخفی غالبا و إلی إمکان صدق دعواهم فی ظنهم الذی لا یعرف إلا من قبلهم فلو لم نکتف فیها بالیمین لزم الضرر لتعذر إقامة البینة علی دعواهم و الوجه فی تردد المحقق ینشأ مما سمعت و من قدومهم علی اللفظ المحتمل للقلیل و الکثیر فالرجوع إلی قولهم رجوع عن لفظ متیقن الدلالة علی معین یعم الجمیع إلی دعوی ظن یجوز کذبه و أما الضرر فقد أدخلوه علی أنفسهم بتقصیرهم بعدم الفحص و یدفع ذلک کله الإقدام علی أموال الناس بغیر الیقین و هذا کله مبنی علی أن الإجازة تنفیذ و لو قلنا بأنها عطیة فلا حاجة إلی الیمین إذا لم یحصل قبض فإن العطیة قبله لا تلزم بل قد یقال إنه إذا حلف علی القول بالعطیة بطلت فی الجمیع و مثاله أن یقولوا بعد إجازتهم لوصیته له بنصف ماله إنا ظننا أنه ألف درهم فظهر ألف دینار أو یقولوا إنا ظننا أنه مائة درهم فظهر أنه سبعمائة درهم فإنهم إذا حلفوا قضی بصحة الإجازة فی الأول بخمسمائة درهم و فی الثانی بخمسین درهما فیدفع ذلک إلی الموصی له مع ثلث باقی الترکة و باقیها فی المثال الثانی ستمائة درهم فیدفع ثلث ذلک مائتان فیجتمع معه مائتا درهم و خمسون درهما و هو معنی قوله فی (الروضة) یعطی ثلث المجموع و ما ادعوا ظنه و قد وقع فی (الروض) فی نسختین کلام ساقط جدا بل هو غلط قطعا
(قوله) (و لو کانت الوصیة بمعین و ادعوا ظن أنه الثلث أو ما زاد یسیر أو أن المال کثیر و أنه لا دین له لم یقبل منهم و یحتمل القبول)
عدم القبول منهم فی المعین کالعبد و الدار خیرة (الشرائع) و (التذکرة) و (التلخیص) و (اللمعة) و (الروض) و کذا (التحریر) و (الدروس) و (الروضة) و لا ترجیح فی (الإیضاح) و قال فی (المبسوط) قیل فیه قولان و ظاهره التردد کما هو صریح (الکفایة) و فی (جامع المقاصد) أن الأصح القبول و فی (المسالک) أنه أوجه و فی (التحریر) و (الدروس) لو قیل به کان وجها و لم نجد قائلا به منا قبلهما و فی (الروضة) أنه متجه و الفرق بین هذه عند القائل بعدم القبول و الوصیة بالجزء المشاع أن الإجازة هنا وقعت علی معلوم للورثة و هو العین المخصوصة کیف کانت من الترکة فکانت الإجازة ماضیة علیهم بخلاف الوصیة بالجزء المشاع من الترکة فإن العلم بمقداره موقوف علی العلم بمجموع الترکة و الأصل عدمه فیقبل فیه دعوی الجهالة و لعله غیر فارق کما أنه لعله غیر ما أشار إلیه المصنف و غیر ما ذکروه فی وجه القبول و مرجع ذلک إلی بنائهم علی الأصل فی الأول و علی خلافه فی الثانی و وجه القبول أن الإجازة فی الثانی و إن وقعت علی معلوم إلا أن کونه بمقدار
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 470
و إذا أوصی بالثلث لزید کان له من کل شی‌ء ثلثه (1) و لو أوصی بمعین یخرج من الثلث ملکه الموصی له بالقبول بعد الموت (2) بغیر اختیار الورثة (3) فإن کان هو الحاضر فله التصرف فی الثلث و یقف الباقی حتی یحضر الغائب لأنه معرض للتلف (4)
______________________________
جزء مخصوص من المال کالنصف لا یعلم إلا بعد العلم بمقدار الترکة و لأنه کما یحتمل ظنهم قلة النصف فی نفسه یحتمل ظنهم قلة المعین بالإضافة إلی مجموع الترکة ظنا منهم زیادتها و أصالة عدمها لا دخل لها فی قبول قولهم علی التقدیرین و هو یقتضی جهالة قدر المعین من الترکة کالمشاع و لإمکان ظنهم أنه لا دین علی المیّت فظهر مع أن الأصل عدمه و هو قوی متین جدا
(قوله) (فإذا أوصی بالثلث لزید کان له من کل شی‌ء ثلثه)
کما فی (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (الروض) و (المسالک) و (الکفایة) و المراد أنه أوصی بالثلث مشاعا کما صرح به فی (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و غیرها و حاصله أنه إذا أوصی بثلث ماله فما دون فلا یخلو إما أن یکون مشاعا أو معینا فإن کان الأول فحکمه حکم الوارث فیشارک الورثة فی کل شی‌ء حاضر و غائب من دین و غیره و أمره واضح کما فی (المسالک) و لعله إنما ترکه الأکثر لذلک و إن کان الثانی فهو الذی أراده بقوله و لو أوصی بمعین إلی آخره
(قوله) (و لو أوصی بمعین یخرج من الثلث ملکه الموصی له بالقبول بعد الموت)
کما نبه علیه فی (المبسوط) و به کله صرح فی (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) غیر أنه قال فی (الشرائع) ملکه بالموت و لم یذکر القبول و فی (التلخیص) فهو له و ملکه بالقبول بعد الموت إما لکونه کاشفا عن الملک بالموت فهو سبب فی الملک لأنه سبب فی حصول العلم به ظاهرا أو لکونه جزء السبب و هذا هو الشق الثانی الذی تقدمت الإشارة إلیه و معنی تعیینه تشخیصه کالدار الفلانیة و العبد الفلانی
(قوله) (بغیر اختیار الورثة)
هذا معنی قوله فی (المبسوط) لم یکن للورثة الخیار و قولهم فی (الشرائع) و (المسالک) و (الکفایة) لا اعتراض للورثة و قوله فی (التحریر) لیس للورثة دفع عوضه إلا برضاه و غرضهم دفع ما عساه یقال إن فی ذلک تخصیصا له عنهم بتمام العین و هم یستحقون ثلثیها و وجهه عموم الأدلة الدالة علی أن تصرف المریض فی ثلث ماله ماض مطلقا من غیر اعتبار إذن الورثة فأعیان الأموال هنا لاغیة و المعتبر وجود مثلی الوصیة بأیدیهم من جملة الترکة و المفروض حصوله
(قوله) (فإن کان هو الحاضر فله التصرف فیه و یقف الباقی حتی یحضر الغائب لأنه معرض للتلف)
معناه کما هو قضیة الحصر المستفاد من التعریف أنه إذا لم یکن بأیدی الورثة شی‌ء أصلا سوی العین تسلط الموصی له علی ثلث تلک العین خاصة و کان ثلثاها موقوفا علی تمکن الوارث من ضعفها من المال حیث یحضر الغائب لأنه معرض للتلف إذ لو تلف و الحال هذه لم یکن محسوبا علی الوارث لعدم قبضه إیاه فتکون الترکة منحصرة فی ذلک المعین الموصی به فتنفذ الوصیة مع عدم الإجازة فی ثلثه لوجود المقتضی و هو الوصیة الصحیحة بالنسبة إلی ثلث الموصی به علی کل حال لأن غایة ما هناک تلف الغائب بأجمعه فیکون الحاضر هو مجموع الترکة فیملک ثلثه بغیر مانع و معنی کون الثلثین موقوفین أنهما یوضعان بید الحاکم أو من یتراضی علیه الوارث و الموصی له لأن الحق
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 471
و یحتمل منعه من التصرف و إن کان مستحقا بکل حال لأن حق الوارث التسلط علی ضعف تسلطه و هو غیر ممکن هنا (1)

[تنبیه]

تنبیه لو اشتملت الوصیة أو المنجزة فی مرض الموت علی کل تقدیر علی التصرف فی أکثر من الثلث احتمل البطلان لأنها وصیة بغیر المعروف و الصحة و یکون النقص کالإتلاف و نقص السوق کما لو کانت قیمة العین ثلثین و لا شی‌ء سواها و رجعت بالتشقیص إلی عشرة أو باعه أو أعتقه فرجع بالشرکة فی أقل جزء إلی عشرة (2)
______________________________
منحصر فیهما إلی أن یتبین الحال و لا یتسلط الوارث علیهما لإمکان حصول الغائب فتصح الوصیة بجمیع المعین و هو خیرة (المبسوط) و (جامع المقاصد) و (الکفایة) هذا و قد تعرض فی (الجامع) و (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (الروض) و غیرها لمعنی آخر یشارک ما نحن فیه فی الحکم و هو ما إذا کان بعض المال غائبا و قصر الموجود عن الثلث فإن حاصل کلامهم أنه یسلم إلیه من العین ثلث الموجود و کلما حصل من الغائب شی‌ء أخذ منها بنسبة ثلثه و إن قصرت بعض عباراتهم عن تأدیة ذلک جمیعه
(قوله) (و یحتمل منعه من التصرف و إن کان مستحقا بکل حال لأن حق الوارث التسلط علی ضعف تسلطه و هو غیر ممکن هنا)
هذا الاحتمال حکاه فی (المبسوط) وجها و قد قال فی (التذکرة) إنه عندی قوی و فی (الإیضاح) إنه الحق و وجهه فی (المبسوط) بأن من شرط الوصیة أن یبقی للورثة مثلا ما قد حصل للموصی له و هنا ما حصل للورثة شی‌ء و هو مثل ما فی الکتاب و معناه أن حق الوارث أن یتسلط علی ضعف ما یستحقه الموصی له و یعتبر تسلط الوارث علی الضعف علی حد تسلط الموصی له علی الثلث و هو هنا ممتنع غیر ممکن بالنسبة إلی الوارث لأن ملکه لما زاد عن الثلث من العین غیر معلوم لأن الوصیة قد تعلقت به و المال الذی هو ضعف العین موجود و إنما توقفنا فی الباقی لعدم قبض الوارث للضعف فیجب أن یمنع الموصی له من الثلث و معنی استحقاقه له علی کل حال أنه إما أن یحضر المال الغائب أو لا فإن حضر کانت العین کلها له و إلا فله الثلث و وجه هذا الاحتمال فی (الإیضاح) بأن الوارث إنما یحسب علیه ما یصل إلیه و یتمکن من التصرف فیه و لا یمنع من جهة الوصیة و هذا ممنوع منه من جهة الوصیة و هو معنی ما وجهنا به کلام الکتاب و حاصل کلامهم أن التمکن من التصرف و عدم منعه من جهة الوصیة شرط فی الاستحقاق و الشیخ و الجماعة یمنعون الاشتراط ثم إنه لا وجه و لا دلیل علی منع الموصی له من ثلثه بعد القطع بتملکه له و نفوذ الوصیة فیه و أما منع الوارث فدلیله واضح و هو احتمال نفوذ الوصیة فیه بحضور الغائب مع أنا قد راعینا حقه بإیقاف ما زاد عن الثلث إلی أن یظهر الحال و من لحظ عبارة (المسالک) فی توجیه هذا الاحتمال ظهر له أنها لا تخلو من اختلال
(قوله) (تنبیه لو اشتملت الوصیة أو المنجزة فی مرض الموت علی کل تقدیر علی التصرف فی أکثر من الثلث احتمل البطلان لأنها وصیة بغیر المعروف و الصحة و یکون النقص کالإتلاف و نقص السوق کما لو کانت قیمة العین ثلثین و لا شی‌ء سواها و رجعت بالتشقیص إلی عشرة أو باعه أو أعتقه فرجع بالشرکة فی أقل جزء إلی عشرة)
قال فی (الإیضاح) هذه مسألة شریفة من خصائص المصنف و لا ترجیح فیه أیضا و فی (جامع المقاصد) أن الاحتمال الثانی أقوی و هو کذلک (و الحکم)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 472
و کذا الإشکال لو أوصی له بأحد مصراعی باب أو أحد زوجی خف قیمتهما معا ستة و کل واحد اثنان (1)
______________________________
فی المسألة مبنی علی أمرین (الأول) أنه إذا حصل الضرر علی جمیع الشرکاء و کان ذلک الضرر نقصانا فاحشا و طلبوا القسمة أجیبوا إلیها لأنه قد یکون ضرر الشرکة أعظم من ذلک النقص (و الثانی) أن حکم المنجز حکم الوصیة (و بیان الحال) فی المسألة أن یقال إنه إذا استلزم نفوذ تصرف المریض المتبرع به من وصیة أو منجز التصرف فی أکثر من الثلث علی کل تقدیر أی کل فرض یفرض وقوع التصرف فیه سواء فرض وقوع تصرف فی الثلث أو فیما دونه علی اختلاف أقسامه و قد مثله المصنف بما إذا کانت العین التی هی مجموع الترکة ثلثین و لزم من الوصیة بشقص منها أی قدر من ثلث أو ربع و ثمن و عشر و دون ذلک من الأجزاء التی یتصور تعلق الوصیة بها نقصان القیمة بحیث ترجع القیمة بسبب التشقیص إلی عشرة کسیف أو جوهر یؤثر التشقیص فی نقصان قیمتها تأثیرا فاحشا ففی التصرف بالوصیة و المنجز علی الوجه المذکور بالنسبة إلی الثلث و ما دونه (وجهان) فیکون من توابع ما تقدم من أحکام الموصی به (أحدهما) البطلان لأنها وصیة بغیر المعروف لاقتضائها تفویت ما زاد علی الثلث علی الورثة علی کل تقدیر من التقدیرات التی تفرض و حاصله أن لازم التصرف ممنوع منه شرعا فملزومه کذلک و الدلیل علی منع اللازم الخبر المریض محجور علیه و الإجماع (و الثانی) الصحة للعموم و أن إتلاف المریض لا یحسب من الثلث کما لو قتل عبدا من عبدین ثم أوصی بعتق ثلث الباقی فإنه ینعتق و لا یحسب علیه التالف و النقص و أن هذا النقص بغیر اختیار الموصی فجری مجری التلف (قولک) اللازم باطل و هو تفویت ما زاد (فیه) أنا لا نسلم أن مطلق تفویت ما زاد علی الثلث مانع من الصحة و إنما یمنع إذا کان الزائد من جملة أعیان الترکة و الزائد هنا إنما هو نقص فی القیمة لزم بسبب التشقیص فکان کالنقص الحاصل من الإتلاف و تغیر الأسعار و هو نقص السوق (ثم عد إلی) العبارة فقوله و رجعت بالتشقیص إلی عشرة أراد به التشقیص بسبب الوصیة و هو فی معنی قوله علی کل تقدیر إذ المراد علی کل تقدیر من التقدیرات التی یفرض وقوع الوصیة علیها من الثلث و ما دونه کما عرفت و قوله أو باعه أو أعتقه فیرجع بالشرکة بیان لحکم التصرف المنجز و هو معطوف علی قوله لو کانت قیمة العین و قوله علی کل تقدیر یصح تعلقه بما اشتملت و بالتصرف
(قوله) (و کذا الإشکال لو أوصی له بأحد مصراعی باب أو أحد زوجی خف قیمتهما معا ستة و کل واحد اثنان)
یرید أن الوجهین السابقین جاریان فی هذه المسألة أیضا و لما کان لا ترجیح لأحدهما عنده کولده جاء الإشکال و بیان ذلک أنه قد یکون التصرف فی الثلث بوصیة أو غیرها من التصرفات المنجزة مشتملا علی التصرف فیما زاد علی الثلث علی بعض التقدیرات خاصة بسبب النقص الحاصل بالتشقیص و قد مثله بما سمعت و لعله أراد أن کون التصرف فی ثلثی المصراع اللذین هما الثلث علی وجه یلزم منه نقص ما زاد علی ثلث القیمة و إلا فظاهر ما ذکره المصنف لا یطابق الفرض لأن التصرف فی مصراع منهما تصرف فی نصف الترکة لا فی ثلثها (و قد صور) المسألة فی (جامع المقاصد) بما لو أوصی له بمصراع من ثلاثة مصاریع و کانت قیمتها تسعة و قیمة کل واحد منها ثلاثة و رجعت بالتشقیص إلی اثنین قال فإن التصرف بثلث الترکة باعتبار العین و بما زاد باعتبار النقص الحاصل فی القیمة فإن قیمة المصراعین الآخرین من أربعة فقد فات من القیمة خمسة من تسعة فیجی‌ء احتمال
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 473
و مع البطلان لا عبرة بإجازة بعض الورثة أما نقص القیمة بتشقیص الورثة فکالإتلاف فی الإرث و فی الوصیة فتصح حینئذ و تؤثر الإجازة (1)
______________________________
البطلان و الصحة و وجههما ما سبق و قال لکن هنا إن قلنا بالبطلان لم نحکم به مطلقا بل فی الفرض الذی لزم التصرف فیه فی أزید من الثلث دون ما دونه بما لا یلزم فیه ذلک فإذا أبطلنا الوصیة أو البیع مثلا فی المصراع صححناها فی جزء منه لا یستلزم ذلک
(قوله) (و مع البطلان لا عبرة بإجازة بعض الورثة أما نقص القیمة بتشقیص الورثة فکالإتلاف فی الإرث أو فی الوصیة فتصح حینئذ و تؤثر الإجازة)
قد فرع فرعین علی المسألتین السابقتین الأول علی القول بالبطلان بالنسبة إلی الوصیة و المنجز فی کل من المسألتین لو أجاز بعض الورثة ذلک التصرف لم یعتبر إجازته لأن حصته من النقص و إن سقط اعتبارها بالإجازة إلا أن ذلک لا یدفع لزوم التصرف فیما زاد علی الثلث بالنسبة إلی النقص اللازم بالنسبة إلی جمیع الورثة و السر فیه أن حصة المجیز من النقص لیست شیئا معینا منفردا عن حصة غیره لیجری علی کل منهما حکمه و إنما النقص أمر عدمی إذ هو عبارة عن فوات بعض القیمة فیمتنع فیه ذلک نعم لو أجاز جمیع الورثة اعتبرت إجازتهم کما ستسمع بیانه فی آخر المسألة و ذلک بخلاف ما لو أجاز أحدهم حصته من الوصیة بالعین فیما زاد علی الثلث (و یظهر) من (الإیضاح) أن المراد عدم تأثیر الإجازة من جمیع الورثة کما یرشد إلی ذلک تعلیله بأن الإجازة إنما تؤثر فی وصیة صحیحة و یتوقف لزومها علی الإجازة و هذه وصیة باطلة من الأصل و فیه أن إجازة الجمیع معتبرة قطعا کما ستسمع ثم إن قول المصنف لا عبرة بإجازة بعض الورثة ینافیه لأنه نص فی إرادة البعض و یبقی الکلام فی تصویره و کأنه لا یتم إلا بما ستسمعه فی آخر المسألة (ثم) إنه فی (الإیضاح) نظر فیما علل به بالمنع من بطلانها من الأصل لأنها لیست أقل من تصرف الفضولی کبیعه و یأتی تمام الکلام محررا فی الفرع الثانی و هو أنه لو کان نقص القیمة بسبب الورثة کما إذا تعدد الوارث فلزم من التعدد الشرکة و التشقیص المقتضی للنقصان فإن ذلک النقص جار مجری الإتلاف قطعا (کما) فی (جامع المقاصد) و الناقص کالمتلف قطعا کما فی (الإیضاح) و لو قال فیه و والده أن النقص کالتلف لکان أولی لأن ذلک حصل من الشرکة الحاصلة بالإرث الثابت بأصل الشرع فتکون الترکة فی المثال کأنها عشرة و کما یکون هذا النقص کإتلاف بالنسبة إلی الإرث فکذلک بالنسبة إلی الوصیة لأن النقص لازم علی تقدیر الوصیة و بدونها فلا یکون ناشئا عن تصرف المورث و الحجر إنما هو فیما استند إلی فعله فحینئذ تصح الوصیة (و قوله) و تؤثر الإجازة معناه أنه لو أوصی بزیادة عن الثلث فأجاز بعض الورثة فإن إجازته تنفذ فی حصته من الزائد لأن الفرض أنه عین موجودة بخلاف حصته من النقص کما تقدم (کما) ذکر ذلک کله فی (جامع المقاصد) ثم قال و بقی هنا شی‌ء و هو أن النقص متی کان حاصلا بسبب تعدد الوارث لم یکن محسوبا و لا مانعا من نفوذ الوصیة فی الثلث و حینئذ فلا حجر علی الموصی بوجه من الوجوه بسبب ذلک النقص فلا حاجة إلی إجازة الورثة أصلا کلا أو بعضا فلا یستقیم الحکم بصحة الإجازة من البعض و لا بعدمها لانتفاء متعلقها و هو التصرف فیما زاد علی الثلث فی الموصی فلا یتصور صحة الفرع الأول مع تعدد الوارث قلت و لا مع اتحاده لأن إجازة الواحد معتبرة بلا شک علی الظاهر لأن الحق له و قد أسقطه و أنفذ ما فعله مورثه (ثم) إنه استظهر من (الإیضاح) أن المراد عدم تأثیر الإجازة من جمیع الورثة بقرینة تعلیله ثم قال لکنه قد قدح فی تعلیله ثم قال و یمکن أن نفرض المسألة فیما إذا کان
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 474

[الفصل الثانی فی الأحکام و مطالبه ثلاثة]

اشارة

الفصل الثانی فی الأحکام و مطالبه ثلاثة

[المطلب الأول فی الأحکام الراجعة إلی اللفظ و فیه بحثان]

اشارة

الأول فی الأحکام الراجعة إلی اللفظ و فیه بحثان (1)

[البحث الأول فی الموصی به]

الأول فی الموصی به لو أوصی بالحامل لم یدخل الحمل (2) و لو أوصی بالحمل لم تدخل الأم (3) و لو سقط بجنایة جان صحت و عوض الجنین للموصی له (4) بخلاف ما لو أوصی له (5) فانفصل بالجنایة میتا فلو سقط میتا بطلت الوصیة به (6) و کانت مئونة التجهیز علی الورثة (7)
______________________________
تعدد الورثة لا یقتضی التشقیص المنقص للقیمة کما لو کانت الترکة أعیانا متساویة غیر متفاوتة القیمة بحیث یخص کل وارث بعین من غیر لزوم تشقیص أو خص المریض کل واحد بعین هی قدر حصته إلا أنه أوصی لأجنبی بثلث الجمیع علی وجه یلزم منه التشقیص المنقص للقیمة ففی هذه الصورة علی القول بالبطلان لا تؤثر إجازة بعض الورثة لما قلناه و إنما تؤثر إجازة الجمیع
(قوله) (الفصل الثانی فی الأحکام و مطالبه ثلاثة الأول فی الأحکام الراجعة إلی اللفظ و فیه بحثان)
هذا العنوان من متفردات الکتاب و لما اشتمل علی کثیر من الأحکام المتعلقة بمباحث الألفاظ کالحقیقة و المجاز و الاشتراک و التواطؤ عنونه بالأحکام الراجعة إلی اللفظ و عنون المطلب الثانی بالأحکام المعنویة فی مقابلة هذا العنوان
(قوله) (الأول فی الموصی به لو أوصی بالحامل لم یدخل الحمل)
کما لم یدخل فی البیع و الوقف و غیرهما و المخالف فی البیع الشیخ فی (المبسوط) و هو شاذ نادر فإنه قال ما حاصله أن الحامل متناول الحمل و أنه کجزء منها یدخل فی الوصیة بها و البیع لها و یکون للمشتری و هو مذهب الشافعی و قد حکاه المصنف عنه فی الکتاب فی أوائل الباب و قد رجع عنه فی موضع من (الخلاف) علی ما هو فی بالی و قد أطبقوا علی خلافه و فی (السرائر) نفی الخلاف عنه مکررا
(قوله) (و لو أوصی بالحمل لم تدخل الأم)
قولا واحدا و فی (جامع المقاصد) أنه لا خلاف فیه و قضیته أن الوصیة به مسلمة مفروغ منها و هو کذلک إذا کان موجودا حال الوصیة و أما مع عدمه و الشک فی وجوده فستسمع الکلام فیه قریبا
(قوله) (و لو سقط بجنایة جان صحت و عوض الجنین للموصی له)
کما لو أوصی له بعبد فقتله قاتل لأنه لثبوت عوضه فی الذمة انفصل متقوما فتنفذ الوصیة فی الضمان کما فی المثال و قال فی (التذکرة) و إن کان بجنایة جان قیل لا تبطل الوصیة و هو قول بعض الشافعیة و کأنه متردد فیه و قد یظهر من إطلاق (المبسوط) و (التحریر) بطلان الوصیة و لو انفصل میتا بدون جنایة بطلت الوصیة إجماعا کما فی (التذکرة)
(قوله) (بخلاف ما لو أوصی له فانفصل بالجنایة میتا فإنه تبطل)
بلا خلاف و لا إشکال لأن صحة الوصیة للحمل مشروطة بانفصاله حیا کما تقدم بیانه فلو انفصل میتا بطلت سواء کان بجنایة جان أو بدونها و لا أثر لکون انفصاله بجنایة إذا انفصل میتا
(قوله) (و لو انفصل میتا بطلت الوصیة به)
إجماعا کما فی (التذکرة) و المراد أنه سقط میتا بدون جنایة قال فی (التذکرة) و لو انفصل میتا بدون جنایة بطلت الوصیة إجماعا و به إلی الحکم صرح فی (المبسوط) و غیره
(قوله) (و کانت مئونة التجهیز علی الورثة)
لأنه لما تلف متعلق الوصیة ظهر بطلانها و من المعلوم أن انتقال الحمل و غیره إلی ملک الموصی له مشروط بصحة الوصیة و حیث لا انتقال کان
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 475
و لو تعدد دخلا معا (1) و لا بد من وجوده حال الوصیة فلو شککنا فی وجوده بطلت (2) و یرجع فی الأمة إلی ضابط الشرع (3) و أما البهائم فتختلف باختلاف أجناسها فیرجع فیها إلی العادة (4) أما لو أوصی بما تحمل لم یشترط الوجود (5) و لو أوصی بما یقع اسمه علی المحلل و المحرم انصرف إلی المحلل (6)
______________________________
المخاطب به الورثة
(قوله) (و لو تعدد دخلا معا)
إن لم یکن شرط الوحدة أو ظنها لأن الحمل یصدق علی الواحد و المتعدد لأنه اسم لما فی بطن الأم و أما إذا شرط الوحدة فإنها تبطل علی الظاهر کما یأتی مثله فی أول البحث الثانی و إن لم نقل بالبطلان فإنه یتخیر الوارث أو یقرع و أما إذا ظن أی الموصی الوحدة أمکن اعتبار ظنه و یجی‌ء فیه الاحتمالات الثلاثة البطلان و التخییر و الإقراع و هل یقبل قوله أی الوارث فی ذلک بیمینه قال فی (جامع المقاصد) فیه نظر یلتفت إلی قیامه مقام الوارث
(قوله) (و لا بد من وجوده حال الوصیة فلو شککنا فی وجوده بطلت)
الوصیة بالحمل علی قسمین وصیة بالحمل الموجود و بالحمل الذی سیوجد و الأول قسمان الأول أن یطلق فیقول أوصیت لک بحمل فلانة و الثانی أن یقید فیقول أوصیت لک بحملها الموجود فی الحال و هذا بقسمیه یشترط وجوده حال الوصیة أما مع التقیید فظاهر و أما مع الإطلاق فلأن المتبادر إلی الفهم من الوصیة بالحمل إنما هو الموجود فلو شککنا فی ذلک بطلت لانتفاء الشرط و قد نبه علی ذلک فی (المبسوط) و (التحریر) و (الإرشاد) و صرح به فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و هو الذی یعتبرون فیه أن تأتی به لدون ستة أشهر و أما الثانی فلا یشترط فیه ذلک قطعا لتصریحهم بکون الحمل غیر موجود وقت الوصیة فتصح الوصیة بما تحمله هذه الجاریة و بالحمل الذی سیکون کما صرح به فی (المبسوط) و (التذکرة) و (الکتاب) فی أول الباب و فیما یأتی قریبا جدا و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الروض) و غیرها کما تقدم فی المطلب الرابع فلا تنافی بین الکلامین
(قوله) (و یرجع فی الأمة إلی ضابط الشرع)
أی فی حملها و ضابطه أن تأتی به لأقل من ستة أشهر من حین الوصیة أو لدون أقصی الحمل إذا لم تکن فراشا لزوج أو مولی علی اختلافهم فی ذلک کما تقدم بیانه فی معرفة تحقق الحمل الموصی له فی أول المطلب الثالث
(قوله) (و أما البهائم فتختلف باختلاف أجناسها فیرجع فیها إلی العادة)
أی العادة الغالبة و الظاهر أن مدة حملها لا تنقسم إلی أقل و أکثر کالأمة و لکل من الخیل و الغنم و البقر و غیرها مقدار معلوم عادة غالبة
(قوله) (أما لو أوصی بما تحمل لم یشترط الوجود)
هذا ما أشرنا إلیه آنفا و قد عرفت المصرح به
(قوله) (و لو أوصی بما یقع اسمه علی المحلل و المحرم انصرف إلی المحلل)
کما نبه علی ذلک فی (المبسوط) و (الدروس) و صرح به فی (الوسیلة) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (المختلف) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الروضة) صونا لقصد المسلم عن المحرم لأن الظاهر منه قصد الثواب و کلامه عن اللغو و صونا له عن التصرف الفاسد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 476
و لو أوصی بکلب نزل علی المنتفع به (1) و لو لم یکن له سوی غیره یشتری له (2) و لو أوصی بطبل من طبوله و له طبل لهو و طبل حرب نزل علی الحرب (3)
______________________________
المنهی عنه شرعا و عملا بعمومات الباب فی وجوب تنفیذ الوصیة بحسب الإمکان ذلک کله قرینة لصرف المشترک إلی أحد معانیه لأن ما لا یجوز شرعا استعماله ساقط الاعتبار فی نظر الشارع فهو بمنزلة المعدوم فأشبه ما لو لم یکن إلا غیر المحرم فلو کان له طبلا لهو و حرب صرف إلی طبل الحرب بلا خلاف لأحد منا و لا من العامة و فی (المبسوط) فیما إذا أوصی بعود من عیدانه ینصرف الإطلاق إلی عود اللهو تبطل إلا أن تفرض له منفعة مع زوال الصفة المحرمة و هو أحد وجهی الشافعیة و قد منعت علیهم الأغلبیة بحیث لا یتبادر غیره
(قوله) (فلو أوصی بکلب نزل علی المنتفع به)
المراد بالمنتفع به الکلاب الأربعة و ما جری مجراها کالجرو القابل للتعلیم کما سبق فی باب البیع و فی (الوسیلة) إذا أوصی بکلب فإنه یستحق کلب صید أو زرع أو ماشیة و فی (التذکرة) الإجماع علی صحة الوصیة بالکلاب الأربعة و فی (الشرائع) و (التحریر) تصح الوصیة بالکلاب المملوکة و قضیته أنا إن لم نقل بملکها لم تصح الوصیة بها و قضیة إطلاق الجماعة جواز الوصیة بها و إن لم نقل بملکها و لم نجوز بیعها کما صرح به فی (التذکرة) و (المسالک) لثبوت الاختصاص بها و انتقالها من ید إلی ید بالإرث و غیره أما ما لا یحل اقتناؤه کالکلب العقور فلا تصح الوصیة به إجماعا فی ظاهر (المسالک) و کذا (التذکرة)
(قوله) (و لو لم یکن له سوی غیره یشتری له)
هذا هو الذی استقر علیه رأیه فی (المبسوط) فیما إذا قال أعطوه کلبا من کلابی و لم یکن عنده إلا غیر المنتفع به کما ستسمع عبارته و هو خیرة (جامع المقاصد) و (المسالک) و اختیر البطلان فی (المهذب) و (التذکرة) فی المثال و قد وقعت سوی هنا فی مقام إلا فلو قال إلا غیره لکان أوضح و معناه أنه لو لم یکن للموصی إلا المحرم فیما إذا أوصی بما یقع علی المحلل و المحرم و إلا غیر المنتفع به من الکلاب فیما إذا أوصی بکلب لم تبطل الوصیة بل یجب أن یشتری للموصی له من الترکة محلل فی الأول و منتفع به فی الثانی لوجوب تنفیذ الوصیة بحسب الإمکان و فی (المبسوط) و (المهذب) إذا قال أعطوه کلبا من کلابی فالوصیة باطلة إلا أن یکون له کلاب صید أو حائط ثم قال فی (المبسوط) و الأقوی عندی أنه یشتری له أقل کلاب الصید أو الماشیة أو الحرب أو الحرث و (هذا کله) إن جوزنا شراءه و إلا فالأقوی البطلان کما فی (المسالک) و إن أمکن تحصیله بالاتهاب و نحوه إذ لا یجب علی الوارث إنفاذ وصیة مورثه من مال نفسه بل من مال المورث و هذا إن قلنا بجوازاتها به و إلا فالمانع من بیعه یمنع من جمیع ضروب التکسب به کما تقدم بیان ذلک کله فی المطلب الرابع فی الموصی به مسبغا محررا و قد رددنا ما فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و هذا الفرع قد تقدم للمصنف هناک و لم نجد وجها وجیها لإعادته
(قوله) (و لو أوصی بطبل من طبوله و له طبل لهو و طبل حرب نزل علی الحرب)
کما صرح به فی (المبسوط) و الکتب الثلاثة التی ذکرت بعده آنفا و قد عرفت أنا لم نجد مخالفا فی ذلک منا و لا من العامة و بالنص فی (المبسوط) و (الدروس) علی الصحة فی هذا قلنا إنهما نبها به علی الصحة فیما إذا أوصی بما یقع علی المحلل و المحرم کما سمعت
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 477
و لو لم یکن له إلا طبل لهو لا یصلح إلا له بطلت (1) و کذا لو أوصی بالمحرم و یمکن إزالته عن صفته المحرمة کالعود أما لو لم یمکن فإنها تبطل (2) أما لو قال طبلا من مالی فإنه یشتری له طبل حرب (3)
______________________________
(قوله) (و لو لم یکن له إلا طبل لهو لا یصلح إلا له بطلت)
کما فی (المبسوط) و (التحریر) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (الروض) و کذا (الشرائع) و (التحریر) فی مسألة العود و قال فی (التذکرة) تارة لم تصح الوصیة إلا أن ینتفع برضاضه أو بإزالة صفته و أخری و إن لم یصلح إلا للهو لکن یصلح بعد تغییر یبقی معه اسم الطبل صحت الوصیة خلافا للحنابلة قلت هذا یفهم من قوله لا یصلح إلا له إذ مفهومه أنه لو صلح لغیر اللهو بتغییر یسیر یبقی معه اسم الطبل صحت و هو خیرة (جامع المقاصد) و (المسالک) قال فی (التذکرة) و أما إن لم یمکن الانتفاع به إلا بعد تغیره عن صفته بحیث لا یبقی اسم الطبل معه فالأقرب الصحة أیضا سواء کان لا ینتفع به إلا برضاضه و لو نفعا ما و إن قل أو ینتفع به لا علی هیئة الطبل قلت قد یفهم هذا أیضا من قوله فی الکتاب لا یصلح إلا له و أنه لا یشترط بقاء اسمه و هو قضیة إطلاق (المبسوط) و (الشرائع) و (التحریر) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (الدروس) و (الروض) و (الروضة) فی موضعین منها و مواضع من (التذکرة) فإنهم قد أطلقوا ذلک فبعض فی مسألة الطبل و بعضهم فی مسألة العود و بعض فیهما إطلاقا یقتضی أن زوال الصفة المحرمة مع بقاء المنفعة لو تحقق بکسره و الانتفاع بخشبه فی بعض المنافع المحللة یکفی فی الصحة و کیف کان فوجه البطلان فیما هو منطوق العبارة أنه حصره فیما عنده بقوله من طبولی و هو ینافی تحصیل طبل من خارج و لم یوجد عنده ما یتناوله الاسم شرعا فیکون بمنزلة ما لو أوصی بالمحرم و قد استوفینا الکلام فی ذلک فی المطلب الرابع فی الموصی به
(قوله) (و کذا لو أوصی بالمحرم و یمکن إزالته عن صفته المحرمة کالعود أما لو لم یمکن فإنها تبطل)
هذان الحکمان معلومان مما تقدم
(قوله) (أما لو قال طبلا من مالی فإنه یشتری له طبل حرب)
أی و لم یقل طبلا من طبولی لأن الطبل المشتری من ماله تصدق علیه الوصیة و بالجملة یشتری له طبل لو کان موجودا فی ماله أمکن تنفیذ الوصیة بالطبل به فطبل الحرب فی العبارة یراد به طبل یصح شراؤه من محلل أو طبل محرم یصلح بعد تغییره لمنفعة مباحة مع بقاء الاسم أو بدونه و لو برضاضه بناء علی ما سبق إن قلنا إنه یصح شراء هذا الطبل فتأمّل و قال فی موضع من (التذکرة) لو أوصی بعود و لا عود له فإن کان قال من عیدانی بطلت الوصیة لفوات محلها و إن قال من مالی و أطلق صحت الوصیة فإن قلنا إنه ینصرف مطلقه إلی عود اللهو اشتری له عود لهو یصلح لمنفعة مباحة برضاضه و بالجملة یشتری له ما لو کان موجودا فی ماله أمکن تنفیذ الوصیة بالعود به و لو لم یمکن الانتفاع به إلا علی الوجه المحرم احتمل صرفه إلی المجاز کعود البناء و القسی و إن قلنا لا یصرف مطلقه إلی عود اللهو صحت الوصیة به (و قال) فی موضع آخر من (التذکرة) إن قال أعطوه کلبا من کلابی فإن لم یکن له کلب مباح بطلت الوصیة و لو قال أعطوه کلبا من مالی صحت الوصیة مطلقا سواء قلنا إن الکلب المباح یصح بیعه أو لا و نص فی (المهذب) علی البطلان فیما إذا قال کلبا من کلابی و قوی فی (المبسوط) فی المثالین أنه یشتری له أقل کلاب الصید أو الماشیة کما تقدم بیان ذلک کله
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 478
و لو أوصی له بدف صحت (1) و إذا أوصی بعود من عیدانه و له عود لهو و عود بناء و عود قوس بطلت لأنه فی عود اللهو أظهر علی إشکال (2)
______________________________
(قوله) (و لو أوصی له بدف صحت)
کما فی (التحریر) و (جامع المقاصد) لأنه یجوز استعماله فی الإملاک و الختان و ظاهر (المبسوط) الإجماع علی عدم الصحة قال لا یصح علی مذهبنا لأن استعمال ذلک محظور و قالت العامة بجوازه لما روی عن النبی (ص) أنه قال أعلنوا هذا النکاح و اضربوا علیه بالدف و قال فی (السرائر) نعم ما قال الشیخ إنه من اللعب و اللهو و إن کان قد روی روایة شاذة أنه مکروه و لیس بمحذور و ظاهر (المختلف) هنا عدم الصحة و جزم المصنف فی نکاح (التذکرة) و غیره بحرمة اتخاذه و حکی فیها أن العامة استندوا فی أنه لیس بمنکر إلی أن أبا بکر دخل علی عائشة و عندها جاریتان فی أیام منی تدفان و تضربان و النبی (ص) متغش بثوبه فانتهرهما أبو بکر فکشف (ص) عن وجهه فقال دعهما یا أبا بکر فإنها أیام عید ثم قال و نحن نجل منصب النبوة عن ذلک و نرفعه عنه و حاشاه (ص) عما یوجب نقص المروءة و سقوط المحل من القلوب انتهی و تمام الکلام فی باب المکاسب و الدف بفتح الدال کما هو المعروف فی العرف و هو المحکی عن أبی عبیدة عن بعضهم و فی الصحاح أنه بالضم
(قوله) (و إذا أوصی بعود من عیدانه و له عود لهو و عود بناء و عود قوس بطلت لأنه فی عود اللهو أظهر علی إشکال)
البطلان خیرة (المبسوط) و (المهذب) و (الوسیلة) و علله فی (المبسوط) بأن الإطلاق ینصرف إلی عود اللهو ثم قال إلا أن یفرض له صفة محللة مع زوال الصفة المحرمة و الصحة خیرة (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (المختلف) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و کذا (الإیضاح) و (المسالک) و (الحواشی) صرفا للوصیة إلی المباح صونا لکلامه عن اللغو و قصده عما لا یجوز شرعا و له عن التصرف الفاسد و عملا بالعموم و ذلک کله قرینة لصرف المشترک إلی أحد معانیه إن قلنا إنه مشترک أو قلنا إنه فی عود اللهو أظهر لوجوب تنزیل وصیة المسلم علی الجائز شرعا لأن غیر الجائز استعماله شرعا ساقط فی نظر الشارع فهو بمنزلة المعدوم فأشبه ما لو لم یکن إلا غیر المحرم و فرق بین کون الموصی به مشترکا و الموصی له إن سلمنا الاشتراک و لم نقل إنه متواط أو مشکک بأن الموصی به تغتفر جهالته و عدم وجوده فتصح الوصیة بالمجهول و بالحمل الذی سیوجد و لا کذلک الموصی له فلا تصح للحمل الذی سیوجد و لا للمجهول فلا ینبغی أن تبطل الوصیة بالعود علی تقدیر کونه مشترکا کما بطلت الوصیة للموالی حیث لم یعین و له موال من أعلی و من أسفل (ثم عد إلی) العبارة و الإشکال فیها یحتمل عوده إلی کونه فی اللهو أظهر و إلی البطلان فوجهه علی الأول أنه یحتمل أن یکون فی عود اللهو حقیقة عرفیة بحیث هجر فیه المعنی اللغوی أو مجازا راجحا و المجاز أولی من النقل و إذا تعارض المجاز الراجح و الحقیقة المرجوحة فالأصولیون علی ثلاثة أنحاء الحمل علی المجاز الراجح و الحمل علی الحقیقة العرفیة و التوقف و خیرة المصنف الوقف فکأنه قال قد دار الأمر فی العود بین الحقیقة العرفیة و المجاز الراجح و لا ترجیح و إن رجحنا الثانی لأنه خیر من النقل فالمختار التوقف و وجهه علی الثانی أنا إذا سلمنا أنه فی العود أظهر نستشکل فی لزوم البطلان لما ذکرناه من وجوب تنزیل وصیة المسلم علی المحلل لما ذکرنا من الوجوه الأربعة (و الاحتمال) الأول هو الظاهر من (الإیضاح) و کان ما ذکره فی (جامع المقاصد) فی توجیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 479
و الضابط أن کل لفظ یقع علی أشیاء وقوعا متساویا إما لکونه مشترکا أو لکونه متواطئا فإن للورثة الخیار فی تعیین ما شاءوا و یحتمل فی المشترک القرعة (1)
______________________________
الإشکال غیر ملتئم الطرفین و لیس هو أحد الاحتمالین فلیلحظ بعین التحقیق (نعم) کلامه فی الضابط صریح فی الاحتمالین ذکرناه من وجوب تنزیل الوصیة من المسلم علی المحلل بالتقریب الذی عرفت و موضع النزاع ما إذا کان للموصی من ذلک النوع متعدد کأن یکون له عود لهو و عود حرب و عود یتجر به فیعطی واحدا من العیدان المباحة إما بالقرعة أو بالاختیار کما صرح به فی (التذکرة) و (الروضة) و أولی بالصحة ما لو لم یکن له إلا المحلل و إن کان لفظه أعمّ من المحرم (أما) لو لم یکن إلا المحرم ففی (الشرائع) و (التحریر) أنه قد قیل إنها تبطل الوصیة (قلت) لعلهما أشارا إلی ما فی (المهذب) و (الوسیلة) فإنه أطلق فیهما البطلان و لعله لانصرافه إلی غیر المشروع حیث لم یکن غیره و قد خصها بما هو له فلا ینتقل إلی تحصیل غیره و قیل تصح الوصیة به حینئذ و لکن تزال عنه الصفة المحرمة بأن یحول منها إلی غیرها من الصفات المحللة إن أمکن فإن لم یکن له إلا المنفعة المحرمة بطلت و لعلهما أشارا إلی ما فی (المبسوط) أن ذلک قضیة کلامه و المفهوم منه و قد سمعته کما سمعت آنفا کلام من وافق (المبسوط) فیما إذا لم یکن إلا طبل لهو لا یصلح إلا له و قد تقدم ذلک فی بحث الموصی به عند قوله و لو أوصی بطبل لهو بطل کما تقدم لنا قریبا أن إطلاق (المبسوط) و (الشرائع) و (التحریر) و غیرها فی العود یقضی بأن زوال الصفة المحرمة مع بقاء المنفعة یکفی و إن زال الاسم و قد بذلنا المجهود فی تحریر هذه المسائل لکنها فی طبل و عود
(قوله) (و الضابط أن کل لفظ یقع علی أشیاء وقوعا متساویا إما لکونه مشترکا أو لکونه متواطئا فإن للورثة الخیار فی تعیین ما شاءوا و یحتمل فی المشترک القرعة)
قد صرح بمعنی هذا الضابط و هو أن الورثة بالخیار فی تعیین ما شاءوا فی المشترک و المتواطئ فی (الإرشاد) و (الإیضاح) و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروض) و (الروضة) و هو مستفاد من (المبسوط) و (التذکرة) و (شرح الإرشاد) لولد المصنف و (الکفایة) لکن فی (الشرائع) و (التحریر) ما نصه کل لفظ یقع علی أشیاء وقوعا متساویا فللورثة الخیار فی تعیین ما شاءوا منها و هذا ظاهر فی المشترک لأنه هو اللفظ الواحد الواقع علی أشیاء متعددة و یمکن إدخال المتواطئ فی کلامهما کما هو صریح الکتاب بجعل الأشیاء الواقع علیها اللفظ أعمّ من کونها داخلة تحته بغیر واسطة و هو المشترک أو بواسطة المعنی الواحد و هو المتواطئ لأن المشترک هو المقول علی معنیین فصاعدا بالوضع الأول من حیث هو کذلک و المتواطئ هو المقول علی معنی واحد یشترک فیه کثیر و قد أخرجوا بالوضع الأول فی تعریف المشترک المجاز و أخرجوا بالحیثیة المتواطئ فإنه متناول لأشیاء لا من حیث الاختلاف بل باعتبار اتحاد المعنی المتناول لها (و کیف کان) فلا إشکال فی تخییر الورثة فی المتواطئ کما فی (غایة المراد) و (الروض) و قد نص الجماعة علیه کما عرفت و لم یحتمل أحد فیه القرعة و قد تقدم ذلک فی أواخر المطلب الثالث و وجهه ظاهر إذ الوصیة بالمتواطئ وصیة بالماهیة الصادقة بکل من الأفراد کالعبد لأن مدلول اللفظ فیه هو الماهیة الکلیة و خصوصیات الأفراد غیر مقصودة إلا تبعا فیتخیر الوارث فی تعیین أی فرد شاء لوجود متعلق الوصیة فی جمیع الأفراد (و أما) وجه التخییر فی المشترک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 480
و یحمل علی الظاهر کالحقیقة دون المجاز (1) فلو أوصی له بقوس انصرف إلی قوس النشاب و النبل و هی العربیة و الحسبان و هی الفارسیة التی لها مجری من قصب یجعل فیها سهام صغار و یرمی بها دون قوس الندف و دون قوس الجلاهق و هو قوس البندق (2)
______________________________
فلأن متعلق الوصیة فیه هو الاسم و هو صادق علی ما تحته من المعانی حقیقة فتحصل البراءة بکل واحد منها و قد احتمل المصنف و غیره فیه القرعة و استبعده فی (المسالک) و استحبها فی (الحواشی) بل فی (جامع المقاصد) أن احتمال القرعة أقوی إن لم یعلم إرادة الجمیع أو بعض بعینه لأن الأمر مشکل إذ الموصی به لیس کل واحد لأن اللفظ لا یصلح له و إنما المراد واحد غیر معین فیتوصل إلیه بالقرعة و اعترضه فی (غایة المراد) بأنها لبیان ما هو معین فی نفس الأمر مشکل ظاهر أو لیس هنا کذلک فإن الإبهام حاصل عند الموصی و عندنا و فی نفس الأمر و اعترضه فی (الحواشی) بما حاصله بعدم الفرق بین الوصیة للمشترک و به فکما بطلت فی الأول فلتبطل فی الثانی و أجیب عن الأول بأن المشترک لما لم یکن لجمیع المعانی و لأیها کان وجب أن یکون لواحد بعینه عند الموصی و الإبهام إنما هو عندنا و کذا القول فی کل لفظ مشترک فإن الإبهام فیه إنما هو عند السامع فلا طریق لاستخراجه إلا القرعة انتهی فلیتأمّل و یمکن أن نقول إن القرعة لکل أمر مشتبه سواء کانت کاشفة أو مرجحة کما فی (شرح الإرشاد) للفخر و قد جعلوها مرجحة فی مواضع و عن الثانی بالفرق بین الموصی به و الموصی له و أنهم قد تسامحوا فی الأول دون الثانی باغتفار جهالته و عدم وجوده کما عرفت (و قد استدل) علی القرعة فی (الإیضاح) بأن الوصیة مقدمة علی حق الوارث فلا یقبل تعینه لتفاوت الأغراض (و فیه) أن المراد بتقدمها عدم استحقاقه الموصی به و لا یلزم من ذلک أن لا یکون له التعیین و کیف کان لا یعجبنی ما فی (الکفایة) من أن التخییر فی المشترک أشهر إذ لا أقل من أن یقول إنه المشهور (ثم عد إلی العبارة) و سوقها یقتضی کون هذا ضابطا لما قبله کما فی (الشرائع) إلا أن الواقع هنا یأباه لأن غایة ما اقتضاه الإشکال إنما هو التردد فی کون العود فی عود اللهو أظهر و ذلک لا یقضی بکونه مشترکا و لا متواطئا مضافا إلی الاحتمال الآخر الذی عرفته آنفا
(قوله) (و یحمل علی الظاهر کالحقیقة دون المجاز)
أی یحمل اللفظ الظاهر فی معنی علی ظاهره إلا أن یعین غیره کما فی (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (الروض) لأن الحمل علی الحقیقة متعین فإذا قال أعطوه أسدا أعطی السبع إلا أن تعلم إرادة الرجل الشجاع و الظاهر عند الأصولیین هو الدال علی المعنی دلالة راجحة مع احتمال غیره احتمالا مرجوحا و عند الفقهاء هو ما إذا ذکره و قال أردت غیره سمعت دعواه مع الیمین و الصریح هو الذی لا تسمع منه دعوی إرادة غیره و الأصولیون یسمونه النص
(قوله) (و لو أوصی له بقوس انصرف إلی قوس النشاب و النبل و هی العربیة و الحسبان و هی الفارسیة التی لها مجری من قصب یجعل فیها سهام صغار و یرمی بها دون قوس الندف و دون الجلاهق و هو قوس البندق)
هذا هو الأشهر کما فی (جامع المقاصد) و أطلقه کذلک الأکثر کما فی (المسالک) و هو خیرة (المبسوط) و (الوسیلة) و (الشرائع) و قد یلوح ذلک من (المختلف) و قد حکاه فی (جامع المقاصد) عن (التذکرة) علی البت و لیس کذلک قطعا و إن أوهمه أول کلامه لأنه قال فی آخر کلامه قاله الشیخ و الوجه کما ستسمع و فی (السرائر) أن الورثة یتخیرون فی إعطاء ما شاءوا من الخمسة لأن اسم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 481
و یتخیر الوارث (1) و لو وجدت قرینة حمل علی ما دلت علیه (2) و لو قال قوس الرمی إلی الطیر أعطی الجلاهق (3) و لو قال أعطوه قوسا من قسیی و له قوس ندف و بندق أعطی قوس البندق لأنه أسبق إلی الفهم (4)
______________________________
القوس یقع علی کل منها و لا دلیل للتخصیص و إلیه یرجع کلام (التذکرة) لأنه استوجه فی آخر کلامه أنه یرجع إلی القرائن فإن انتفت فالقرعة أو ما یختاره الورثة و هو یقضی بأنه متواط فیها أو مشترک و أن لا رجحان لأحدهما فی الاستعمال و فی (التحریر) أن الوارث یتخیر فی تخصیص ما شاء مما یقع علیه عرف ذلک الوضع إن انتفت القرائن و فی (المسالک) أنه إن انتفت القرائن اتبع عرف بلد الموصی فإن تعدد تخیر الوارث و قد فردا جمیعا فی الکتابین عن تحقیق مقتضی العرف الجاری بین الناس و لا یرید الشیخ سوی ذلک لأن الشیخ یعترف بأن اسم القوس یقع علی کل واحد من الخمسة و لکنه یدعی أنه صار فی الثلاثة حقیقة عرفیة أو أنه غلب فی الثلاثة بحیث تترجح علی غیرها و إن لم تبلغ حد الحقیقة و ذلک یقضی باتباع العرف فی ذلک و هو یختلف باختلاف الأعصار و الأمصار و لعل عرف زمانه کان کذلک (فلا معنی) لاعتراض ابن إدریس علیه بأن تخصیص کلام الموصی العام یحتاج إلی دلیل لأنه فی (السرائر) نظر إلی الإطلاق اللغوی و الشیخ لا ینکره لکنه یدعی أن العرف کذا و هو مقدم علیه فلا معنی لرد ذلک علیه (و قال) فی (جامع المقاصد) لا ریب أن لفظ القوس إذا أطلق عرفا معری عن القرائن الحالیة و المقالیة فالأکثر فی الاستعمال عدم فهم قوس الجلاهق و الندف منه إلا أن بلوغ ذلک حد الحقیقة محل تأمّل ثم إن هذا القدر من الأرجحیة إن أثر وجب أن یؤثر فی ترجیح العربیة علی غیرها لأنها أکثر فی الاستعمال و أقرب إلی الفهم و قول الشیخ أشهر و إن کان قول ابن إدریس لا یخلو عن قوة انتهی و قد عرفت أنه لا قوة فیه بل لا وجه له لأنه أنکر علی الشیخ دعوی أن عرف زمانه کذلک و لا ریب أن بعضها أعرف عرفا من بعض بحسب الأعصار و الأمصار کما اعترف هو بذلک حیث قال فالأکثر فی الاستعمال إلی آخره و (قال) فی (المسالک) إنه لا ریب فی أن المتبادر فی زماننا هو القوس العربیة خاصة و قوس الجلاهق لا یکاد یعرفه أکثر الناس و لا ینصرف إلیه فهم أحد من أهل العرف (و لیعلم) أن ما فی (المبسوط) و (السرائر) و (الشرائع) و (التذکرة) و غیرها کأنه یخالف ما فی الکتاب إذ فیها أن قوس النشاب قوس العجم و قوس النبل قوس العرب و لم توصف قوس الحسبان فی شی‌ء من الأربعة بکونها فارسیة و القوس یذکر و یؤنث
(قوله) (و یتخیر الوارث)
کما هو ظاهر و قد صرح به فی (المبسوط) و هو قضیة کلام (الشرائع) و کذا (الوسیلة)
(قوله) (و لو وجدت قرینة حملت علی ما دلت علیه)
لا شک فی ذلک کما فی (جامع المقاصد) و من القرائن حال الموصی له کما فی (التذکرة) قال فإذا کان ندافا لا عادة له بالرمی أو بندقانیا لا عادة له بشی‌ء سواء أو جندیا یرمی بقوس النشاب لا غیر انصرفت الوصیة إلی القوس الذی یستعمله عادة
(قوله) (و لو قال قوس الرمی إلی الطیر أعطی الجلاهق)
هذا یغنی عنه ما قبله فالفاء أولی من الواو لیکون تفریعا عما قبله
(قوله) (و لو قال أعطوه قوسا من قسیی و له قوس ندف و بندق أعطی قوس البندق لأنه أسبق إلی الفهم)
ظاهر (التذکرة) أن الوارث یتخیر أو یقرع و فی (جامع المقاصد) أن التخییر قوی و أن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 482
و لو لم یکن له إلا قوس ندف أعطی منها (1) أما لو قال قوسا فالأقرب أنه یشتری له (2) و الأقرب دخول الوتر إن کان موجودا و إلا فلا (3) و لو قال أعطوه قوسی و لا قوس له إلا واحدة انصرفت الوصیة إلیه من أی الأجناس کان (4) و لو أوصی له برأس من ممالیکه تخیر الوارث فی إعطاء الصغیر و الکبیر و الصحیح و المعیب و الذکر و الأنثی و الخنثی و المسلم و الکافر (5)
______________________________
فی تعیین إعطاء قوس البندق نظرا یعرف مما تقدم و قال فی (المبسوط) فإن لم یکن له إلا قوس البندق و الجلاهق فالورثة بالخیار و هو المفهوم من کلام (الوسیلة) و هو ظاهر (التذکرة) فیما إذا لم یکن له إلا قوس الجلاهق و الندف
(قوله) (و لو لم یکن له إلا قوس ندف أعطی منها)
یعنی حیث یقول أعطوه قوسا من قسیی فإن الإضافة قرینة علی عدم إرادة واحد من الثلاثة المتعارفة فلا یشتری له شی‌ء منها کما سیأتی
(قوله) (أما لو قال قوسا فالأقرب أنه یشتری له)
لأن إطلاق لفظ القوس إنما یحمل علی المتعارف و المتعارف إنما هو الثلاثة فیحمل علی أحدها فیشتری له أحدها علی التخییر بخلاف ما لو قال قوسا من قسیی فإن ذلک قرینة علی إرادة الحاضر عنده من قسیه و ما یستعمله منها و إن کان من غیر الثلاثة و وجه غیر الأقرب أن الظاهر أن مراده بقوله أعطوه قوسا کونها من قسیه لاستبعاد أن یرید بالإطلاق الشراء و عنده ما یقع علیه و حینئذ فیتخیر فی إعطاء ما شاء مما هو عنده و لو کان قوس ندف و بندق و لا یقدم البندق بناء علی ما مر فی (التذکرة) و لا ترجیح فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و فی (المبسوط) و (التذکرة) أنه إذا قال أعطوه ما یسمی قوسا فللوارث أن یعطیه ما شاء من الأنواع الخمسة و قال بعض الشافعیة إنه کالمطلق و لیس بجید
(قوله) (و الأقرب دخول الوتر إن کان موجودا و إلا فلا)
کما هو خیرة (التحریر) و و (جامع المقاصد) لأنه حین وجوده کالجزء منه و مع عدمه لا دلیل علی إدخاله و هو الأصح و الأقرب و فی (الإیضاح) و (المسالک) أن الأقوی عدم الدخول إلا مع عرف أو قرینة کما فی الثانی لخروجه عن مفهومه فصار کسرج الفرس و فیه أن بینه و بین السرج فرقا واضحا لعدم الانتفاع بالقوس بدون الوتر و لإطلاق اسم القوس علی المجموع عرفا بخلاف الدابة و لا ترجیح فی (المبسوط) و (التذکرة) و فی الأخیر أنه حیث یوصی له بقوس یعطی قوسا معمولة لأنها لا تسمی قوسا إلا کذلک
(قوله) (و لو قال أعطوه قوسی و لا قوس له إلا واحدة انصرفت الوصیة إلیه من أی الأجناس کان)
کما فی (الشرائع) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (الکفایة) و ظاهر (الإرشاد) لأن إضافتها إلی نفسه یقتضی ذلک
(قوله) (و لو أوصی برأس من ممالیکه تخیر الوارث فی إعطاء الصغیر و الکبیر و الصحیح و المعیب و الذکر و الأنثی و الخنثی و المسلم و الکافر)
کما صرح بذلک کله فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و کذا (المبسوط) و (المهذب) و (السرائر) و (التحریر) و (التلخیص) و (الدروس) لوقوع اسمه علی کل واحد منها و لا ینزل علی الإشاعة بحیث یکون للموصی له عشرهم لو کانوا عشرة کما فی (الدروس) و غیره و إنما یتخیر الوارث مع وجود المتعدد فی الترکة و اجتزی هنا بالمعیب مع إطلاق الموصی و لم یحمل علیه فی البیع و الشراء و لا فی التوکیل فیهما لأن عقود المعاوضات مبنیة علی المکایسة و المغالبة و یطلب فیها حفظ المال بخلاف الوصیة فإنها تبرع محض فیتبع اللفظ و إن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 483
فإن امتنع أعطی الأقل (1) و مع التساوی القرعة (2) و کذا لو قال اشتروا له من مالی رأسا (3) و لو قال أعطوه رأسا من رقیقی و ماتوا أو قتلوا علی إشکال قبل الوفاة بطلت (4) و لو قتلوا بعدها لم تبطل (5)
______________________________
فات بعض المالیة و فی أحد وجهی الشافعیة أنه لا یعطی الخنثی لانصراف اللفظ إلی الغالب المعهود و قضیته أن لا یعطی المعیب
(قوله) (فإن امتنع أعطی الأقل)
کما فی (جامع المقاصد) و معناه أنه إن امتنع الوارث من إعطاء شی‌ء من هذه التسعة أعطاه الحاکم الأقل لأن ما زاد علیه غیر ثابت استحقاقه و الاحتیاط للوارث یقضی بذلک
(قوله) (فإن تساووا فالقرعة)
لأن الوارث قد امتنع و التعیین منوط باختیاره فصار المستحق مجهولا فلا طریق إلا القرعة
(قوله) (و کذا لو قال اشتروا له من مالی رأسا)
أی یتخیر الوارث فی شراء أحد التسعة و مثله اشتروا رأسا من مالی بالتقریب المتقدم
(قوله) (و لو قال أعطوه رأسا من رقیقی فماتوا أو قتلوا علی إشکال قبل الوفاة بطلت)
أما بطلان الوصیة فیما إذا ماتوا قبل وفاة الموصی فلا بحث فیه کما فی (جامع المقاصد) و به صرح فی (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و هو قضیة إطلاق (المبسوط) و (الإرشاد) و (التلخیص) لفوات محلها و قد یدعی علی بعد أن عبارة (الشرائع) تتناوله و أما إذا قتلوا قبلها فقد اختیر البطلان فی (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) لفوات محلها أیضا و الوصیة لم تتضمن ما یدل علی تعلقها بالقیمة و قد تحقق قتلهم فی ملک الموصی فیکون البدل له و خروجه عنه و عن وارثه یستدعی سببا یقتضی ذلک و هو منتف هنا و ظاهر إطلاق (المبسوط) و (الإرشاد) و (التلخیص) و صریح (الإیضاح) أنها لا تبطل لأن القیمة بدل عن العین فتتعلق بها الوصیة فإن من استحق العین استحق القیمة لکن لا یتصور ملک الموصی له حینئذ و قد ینزل إطلاق الثلاثة علی ما بعد الوفاة فینحصر الخلاف فی الإیضاح و منه تعلم منشأ وجهی الإشکال و لیعلم أن البطلان بالموت لا فرق بین وقوعه فی حیاته و موته إن استوعب فلا وجه لتقییده فی (الشرائع) الموت بکونه بعد الوفاة فلیلحظ
(قوله) (و لو قتلوا بعدها لم تبطل)
کما فی (المبسوط) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (المسالک) و (التذکرة) و (جامع المقاصد) لکن فی الثلاثة الأول الإطلاق کما عرفت لکن حکی فی (الإیضاح) و غیره عن نص (المبسوط) و صریحه و الموجود ما سمعت فإن قتلوا کلهم فالوصیة صحیحة لا تبطل بالقتل علی اختلاف العبارات و فصل فی الأخیرین فقالا فیهما ما حاصله لا تبطل بالقتل إذا کان بعد القبول أو قلنا بأن القبول کاشف أو قلنا بأن الوصیة تملک بالموت و أما إذا قلنا تملک بالقبول و قد تأخر عن القتل فإنها تبطل بفوات محل الوصیة قبل ملکه و هو إنما یتم علی ما اختاره من أنهم لو قتلوا حال الحیاة بطلت أیضا أما علی القول بعدم البطلان کما نسبوه إلی الشیخ فعدم البطلان لو قتلوا بعد الوفاة علی جمیع التقادیر بطریق أولی لتعلق حقه بهم فی الجملة و إن لم یکن تاما و لا کذلک حال الحیاة لعدم تصور ملک الموصی له
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 484
و کان للموصی له مطالبة الجانی بقیمة من یعینه الوارث (1) و لو أعتقهم الموصی بطلت و لو بقی واحد تعین للوصیة (2) و لو لم یکن له رقیق حال الوصیة بطلت (3)
______________________________
(قوله) (و کان للموصی له مطالبة الجانی بقیمة من یعینه الوارث)
هذا معنی ما فی (الشرائع) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) قال فی (الشرائع) فإن قتلوا لم تبطل و کان للورثة أن یعینوا له من شاءوا و یدفعوا قیمته إن صارت إلیهم و إلا أخذها من الجانی و إلی المعنی الأول فی کلام (الشرائع) أشار فی (المبسوط) بقوله و یلزم الورثة قیمة أی عبد شاءوا مما یقع علیه اسم العبد و فی (التذکرة) بقوله فیصرف الوارث قیمة من شاء منهم إلی الموصی له هذا و مئونة التجهیز علی المالک کما فی (جامع المقاصد)
(قوله) (و لو أعتقهم الموصی بطلت)
کما فی (جامع المقاصد) و کذا (التذکرة) لأن الإعتاق بمنزلة الإتلاف و لتضمنه الرجوع من الموصی
(قوله) (و لو بقی واحد تعین للوصیة)
یحتمل أن یکون مراده فإن أعتقهم و بقی واحد تعین للوصیة کما فهمه (جامع المقاصد) من العبارة و به صرح فی (التذکرة) و أن یکون المراد فإن هلکوا إلا واحدا تعین کما صرح بذلک فی (المهذب) و (السرائر) و (الشرائع) و أن یکون المراد فإن قتلوا إلا واحد کما صرح به فی (المبسوط) و (التذکرة) أیضا أو یکون فإن ماتوا إلا واحدا کما فی (التذکرة) أیضا و (التحریر) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (الدروس) و (الروض) و قد وجه فی (المبسوط) و (المهذب) و (السرائر) بأنه أوصی بواحد لا بعینه و علقه بصفة و الصفة موجودة هنا و لعل غرضهم أن إنفاذ الوصیة ممکن و لا متعلق سواه لأنها تعلقت بالعین لا بالقیمة فلیس للوارث أن یمسک الذی بقی و یدفع إلی الموصی له قیمة واحد من المقتولین فلیتأمّل لأنهم لو قتلوا إلا واحدا لم یتعین للوصیة لأن المقتول بمنزلة الموجود و من ثم لم تبطل الوصیة بقتل الجمیع فیتخیر الوارث فی تعیین من شاء من الحی و المقتول علی ما تقدم تفصیله و بیانه
(قوله) (و لو لم یکن رقیق حال الوصیة بطلت و إن تجدد علی إشکال)
قال فی (المبسوط) لو قال أعطوه رأسا من رقیقی و لم یکن له رقیق أصلا فإن الوصیة باطلة لأنه علقه بصفة لیست موجودة کما لو أوصی له بدار و لم یکن له دار و بذلک کله صرح فی (المهذب) و (السرائر) و قید البطلان فی (التذکرة) فی المثال بما إذا لم یکن حدث رقیق بعد ذلک ثم قال و لو حدث له أرقاء بعد الوصیة تعلقت الوصیة بها و للشافعیة وجهان فی أن الاعتبار بیوم الوصیة أو بیوم الموت و علیهما یخرج ما إذا کان له أرقاء یوم الوصیة و حدث آخرون بعده فإن للوارث إن یعطیه رقیقا من الحادثین بعد الوصیة انتهی و قضیة إطلاقه أنه لو تجدد له رقیق بعد الموت تعلقت به الوصیة کما لو تراضی الوارث و القاتل علی أخذ رقیق من الدیة بل هم مطبقون علی أن إطلاق الوصیة لا ینزل علی وقت صدورها و علی أن وصایاه تنفذ من دیته و قال أمیر المؤمنین (ع) فی خبر السکونی من أوصی بثلثه ثم قتل خطأ فإن ثلث دیته داخل فی وصیته و مثله خبر الحسن بن صالح فیجب تقیید کلامهم جمیعا هنا بذلک هذا و (ما حکیناه) فی المتن من قوله و لو تجدد علی إشکال قد خلت عنه أکثر النسخ و إنما هو موجود فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 485
أما لو قال أعطوه رأسا من الرقیق أو اشتروا له من مالی أو أوصیت له بعبد من مالی لم تبطل (1) و لو قال أعطوه عبدا من مالی و له عبد تخیر الوارث بینه و بین الشراء (2) و لو أوصی بثلث عبده فخرج ثلثاه مستحقان صرفت الوصیة إلی الثلث الباقی (3)
______________________________
بعضها و علیه فینشأ الإشکال مما ذکر من الإجماع و الأخبار و أن بطلان الوصیة فی المثال مع حکمهم بتعلقها بالمال المتجدد للدلیلین الإجماع و الأخبار مما لا یجتمعان و من أن المتبادر من قوله أعطوه رأسا من رقیقی إنما هو الأرقاء و العبید الموجودون حین الخطاب فمع انتفائهم یقع الخطاب لغوا کما لو أوصی له بما لا وجود له و أن الملک نسبة و ما لم یثبت المنتسبان لم تثبت النسبة فإذا لم یکن مال حال الوصیة کذبت النسبة إلیه بالملک فیکون أولی بالبطلان مما إذا أوصی بالمرهون و لم یجز المرتهن لأن التقابل بین عدم الملک و هو عدم الشرط و بین المشروط و هو صحة الوصیة یشبه تقابل النقیضین و التقابل بین صحة الوصیة و بین الرهن تقابل الضدین و تقابل النقیضین أقوی (کذا) وجهه به فی (الإیضاح) و (وجهه) بالأول فی (جامع المقاصد) فیما یأتی فی کلام المصنف (و کلاهما) لیس بشی‌ء لأنه اجتهاد فی مقابلة ما یلزم مما ثبت بالنص و الإجماع الناطقین بأن العبرة بالثلث وقت الوفاة لا الوصیة و اجتهاد فی مقابلة النصوص و الإجماعات علی أن دیة العمد و الخطإ تنفذ منها الوصایا و تقضی منها الدیون و أنه لا قائل بالفرق بین الأمرین فکما أنه لا فرق بین الدیتین کما بینا ذلک فیما سلف عند قوله و یعتبر الثلث وقت الوفاة لا الوصیة و أنهم صرحوا بذلک فی باب القصاص و باب المیراث و باب الدیون و باب الوصایا و الحجر و الرهون فلا معنی لعدم الترجیح هنا من المصنف فی الکتاب و (التحریر) و لا من ولده و لا لقوله فی (جامع المقاصد) أن احتمال الصحة لا یخلو من قوة مضافا إلی أن الوصیة تملیک بعد الوفاة فیجب أن یعتبر المال و الملک حینئذ لا قبلها و منه یظهر قوة اختصاص ابن الابن فیما إذا أوصی لأقرب الناس و له ابن و ابن ابن فمات الابن قبل موته و قد جزم به المصنف هناک و توقف فیه فی (جامع المقاصد) عند قوله و یعتبر الثلث إلی آخره و قال هنا إنه لا یخلو من قوة و قد نبهنا هناک علی ما هنا و سیتعرض المصنف لذلک فیما إذا قال أعطوه عبدا من عبیدی و لا عبید له
(قوله) (و لو قال أعطوه رأسا من الرقیق أو اشتروا له من مالی أو أوصیت له بعبد من مالی لم تبطل)
أی و إن لم یکن له عبید لأنه لم یضف الرقیق و العبد إلی نفسه فیشتری له رقیق أی رقیق کان و یدفع إلی الموصی له کما فی (التحریر) و (جامع المقاصد) کما تقدم بیانه عند قوله و کذا لو قال اشتروا له من مالی رأسا
(قوله) (و لو قال أعطوه عبدا من مالی و له عبد تخیر الوارث بینه و بین الشراء)
لأنه یصدق علی کل من المشتری بماله و الذی فی ملکه أنه عبد من ماله و لا کذلک لو قال اشتروا له عبدا فإنه یجب الشراء و لا یجزی الواحد من أرقائه و الضمیر فی بینه یعود إلی إعطاء عبد من عبیده دل علیه الکلام
(قوله) (و لو أوصی بثلث عبده فخرج ثلثاه مستحقا صرفت الوصیة إلی الثلث الباقی)
کما فی (جامع المقاصد) لأنه یصدق أنه ثلث عبده لأن هذا القدر من العلاقة کاف فی صحة الإضافة و معناه أنه لو أوصی بثلث عبده لزید مثلا أو فی وجه من وجوه البر فخرج ثلثاه مستحقان تعینت الوصیة فی الثلث الباقی علی ملکه منه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 486
و لو قال أعطوه عبدا من عبیدی و لا عبید له ثم تجدد له قبل الموت احتمل الصحة کما لو قال أعطوه ألفا و لا مال له ثم تجدد أو أعطوه ثلث مالی و له درهم ثم ملک مالا کثیرا و المنع اعتبارا بحال الوصیة (1) و کذا لو کان له ممالیک ثم ملک آخرین فإن أبطلنا الأول تعین حقه فی الأولین و إلا تخیر الوارث (2) و لو لم یکن له سوی واحد و مات عنه فعلی البطلان تحتمل الصحة هنا (3)
______________________________
(قوله) (و لو قال أعطوه عبدا من عبیدی و لا عبید له ثم تجدد له قبل الموت احتمل الصحة کما لو قال أعطوه ألفا و لا مال له ثم تجدد أو أعطوه ثلث مالی و له درهم ثم ملک مالا کثیرا و المنع اعتبارا بحال الوصیة)
و نحوه ما فی (التحریر) من عدم الترجیح أیضا و قد سمعت أنه جزم فی (التذکرة) بالصحة و تعلق الوصیة به و أنه قال للشافعیة وجهان فی أن الاعتبار بیوم الوصیة أو بیوم الموت و لم یتعرض له فی (المبسوط) و لا فی غیره و إنما تعرض له فیما عرفت و لعله لأنه یعرف حکمه من إجماعهم علی أن العبرة بالثلث وقت الوفاة لا الوصیة
(قوله) (و کذا لو کان له ممالیک ثم ملک آخرین فإن أبطلنا الأول تعین حقه فی الأولین و إلا تخیر الوارث)
تخییر الوارث خیرة (التذکرة) و (جامع المقاصد) لأنه جزم فی (التذکرة) فی المسألة الأولی بالصحة و حکی فیها هنا عن الشافعیة فی ذلک قولین قال و لو حدث له أرقاء بعد الوصیة تعلقت الوصیة بهم و للشافعیة وجهان فی أن الاعتبار بیوم الوصیة أو بیوم الموت و علیهما یخرج ما إذا کان له أرقاء یوم الوصیة و حدث آخرون بعده فإن للوارث أن یعطیه رقیقا من الحادثین بعد الوصیة و للشافعیة قولان انتهی و قال فی (جامع المقاصد) و علی ما سبق ترجیحه فالثانی أرجح و قد سبق له فی الأولی أن احتمال الصحة لا یخلو عن قوة و قد قال المصنف هنا و إن أبطلنا الأول تعین حقه فی الأولین و هو أحد قولی الشافعیة و معناه إن أبطلنا الاحتمال الأول فی المسألة الأولی تعین حق الموصی له فی العبید الأولین و لا تعلق له بالمتجددین کما هو ظاهر
(قوله) (و لو لم یکن له سوی واحد و مات فعلی البطلان تحتمل الصحة هنا)
قد قوی هذا الاحتمال فی (الإیضاح) و نفی عنه البعد عن الصواب فی (جامع المقاصد) و جزم فی (التذکرة) قال و لو لم یکن له إلا رقیق واحد و قال أعطوه رأسا من رقیقی صحت الوصیة و أعطی ذلک الرأس سواء تجدد له غیره أو لا و للشافعیة وجهان أظهرهما عندهم صحة الوصیة و الثانی البطلان انتهی و ظاهر کلام الشافعیة أن الوجهین هنا جاریان علی کل من احتمالی الصحة و البطلان فی المسألة الأولی و عبارة الکتاب محتملة لذلک لأنه علی تقدیر الصحة هناک یحتمل هنا البطلان أیضا لأنه قد فات الوصف للعبد الموصی به و هو کونه من عبیده الموجودین بالفعل لأنه المتبادر منه و ذلک یقتضی بطلان الوصیة و یکون ما ذکره المصنف هنا من احتمال الصحة علی تقدیر البطلان إنما هو لبیان الفرق بین المسألتین و لیس مراده ما فهمه فی (الإیضاح) من أن احتمال البطلان و الصحة لا یکونان هنا إلا علی تقدیر احتمال البطلان هناک و أما علی تقدیر احتمال الصحة یلزم القول بالصحة بالأولویّة (قال) فی بیان العبارة إن قلنا بالصحة فی المسألة السابقة فهنا أولی و إن قلنا بالبطلان احتمل الصحة هنا لوجود عبد و هو الموصی به و هو صریح فی أن مراده ذلک و (کیف کان) فوجه الصحة أنه قد وجد شرط صحة الوصیة و هو ملک الموصی به و قبوله الانتقال و یصدق علیه أنه بعض عبیده مجازا بالقوة و أن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 487
و لو أوصی له بشاة أجزأ الذکر و الأنثی (1) و الخنثی لأن التاء للوحدة و أصلها شاهة لأن تصغیرها شویهة (2) و الصغیر و الکبیر (3) و الصحیح و المعیب (4) و الضأن و المعز (5) و لا یجزی الظبی (6) و البعیر یدخل فیه الصغیر و الکبیر (7) و فی دخول الأنثی إشکال أقربه أنه کالإنسان (8)
______________________________
تنفیذ الوصیة یجب بحسب الإمکان و هو ممکن بالحمل علی المجاز بمعونة المقام و هو أولی من إلغاء الوصیة کما لو أوصی لأولاده و لیس له إلا أولاده و وجه البطلان هو ما أشرنا إلیه آنفا من فوات الوصف المقتضی لفوات الوصیة و قوله و مات عنه لعله لیس له فائدة یعتد بها لأنه لا بد فی جمیع مسائل الوصیة من بقاء الموصی به بعد موت الموصی إذ لو تلف قبله بطلت الوصیة لفوات متعلقها إلا أن نقول إنه احترز به عما إذا تجدد له قبل الموت غیره فیرجع إلی المسألة الأولی فتأمّل
(قوله) (و لو أوصی له بشاة أجزأ الذکر و الأنثی)
کما فی (المبسوط) و (المهذب) و (السرائر) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و قد نص أهل اللغة علی أن اسم الشاة یذکر و یؤنث کما فی الأخیر و ذلک دلیل علی أنه لا یختص بالإناث بل هو اسم جنس فتکون التاء فیه للوحدة قطعا و لهذا حملوا قوله (ص) فی أربعین شاة علی الذکور و الإناث فلو قال أعطوه عشرا من الشیاه أو عشرة جاز إعطاؤه من الذکور و الإناث کما فی (الدروس) و قال الشافعی فی کتاب الأم أنه لا یتناول الکباش و التیوس و إنما هو للإناث للعرف
(قوله) (و أصلها شاهة لأن تصغیرها شویهة)
هذا لا دخل له فیما نحن فیه
(قوله) (و الصغیر و الکبیر)
کما فی (المبسوط) و ما ذکر بعده عدا (الدروس) و لا ریب فی عدم الفرق بین صغیرة الجثة و کبیرتها و لا خلاف فیه و إنما الخلاف فی صغیرة العمر کالسخلة و العناق فأظهر وجهی الشافعیة أن اسم الشاة لا یقع علیها
(قوله) (و الصحیح و المعیب)
بلا خلاف من أحد بل و السلیمة و المریضة کما فی (التذکرة)
(قوله) (و الضأن و الماعز)
کما فی (المبسوط) و جمیع ما ذکر بعده و فی (جامع المقاصد) أن شمولها المعز و الضأن أمر واضح لا ریب فیه و فی (القاموس) أن الشاة تکون من الضأن و المعز و الضباء و البقر و النعام و حمر الوحش و المرأة و لا یدخل الضأن فی اسم المعز و لا بالعکس علی إشکال کما فی (التذکرة)
(قوله) (و لا یجزی الظبی)
و لعله لأن اسم الشاة لا یقع علیه حقیقة عرفا (و فی جامع المقاصد) أنه لا یقع علیه حقیقة لغة (عرفا خ) و قد سمعت ما فی القاموس
(قوله) (و البعیر یدخل فیه الصغیر و الکبیر)
و الصحیح و المعیب و السلیم و المریض بلا خلاف
(قوله) (و فی دخول الأنثی إشکال أقربه أنه کالإنسان)
کما فی (الصحاح) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و حکاه الفیومی عن ابن السکیت و الأزهری و ابن جنی و أن الأزهری قال إنه کلام العرب و لکن لا یعرفه إلا خواص أهل العلم باللغة و فی (المبسوط) إن قال أعطوه بعیرا أعطی ذکرا و هو المحکی عن الشافعی و عن الأزهری أنه عرف الناس و فی (القاموس)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 488
أما الجمل فکالرجل و الناقة کالأنثی (1) و البکرة بمنزلة الفتاة (2) و البکر بمنزلة الفتی و الثور للذکر و البقرة للأنثی (3) و فی دخول الجاموس فی البقر نظر (4) و لا یدخل بقرة الوحش (5) و لا یدخل فی الکلب و لا فی الحمار الأنثی (6) و الدابة اسم للخیل و البغال و الحمیر فإن تخصص عرف بلد بالفرس أو بغیره حمل علیه (7) و لا یدخل السرج و لا الثوب فی العبد (8) و لو أوصی بدار اندرج ما یدخل فی المبیع (8) (9)
______________________________
البعیر الجمل الباذل و قد یکون للأنثی و کان الإشکال فی استقرار العرف و عدمه أو فی تقدیم المجاز الراجح المشهور لکن الشیخ لم یستند إلی العرف کما حکوه عنه و إنما ظاهره أنه کذلک لغة
(قوله) (أما الجمل فکالرجل و الناقة کالأنثی)
کما فی (المبسوط) و (المهذب) و (التذکرة) و (التحریر) و (المصباح المنیر)
(قوله) (و البکرة بمنزلة الفتاة و البکر بمنزلة الفتی)
و القلوص کالجاریة کما حکی ذلک کله فی (المصباح المنیر) عن ابن السکیت و الأزهری و ابن جنی
(قوله) (و الثور للذکر و البقرة للأنثی)
کما فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و کذا (جامع المقاصد) و فی (الصحاح) و (المصباح) و (القاموس) أن البقرة اسم جنس تطلق علی الذکر و الأنثی
(قوله) (و فی دخول الجاموس فی البقر نظر)
ینشأ من تعارض اللغة و العرف کما فی (الإیضاح) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) و فی الأخیر أن الظاهر عدم الدخول لعدم فهمه من لفظ البقر عرفا و جزم فی (التذکرة) بالدخول لدخولها فی نصب البقر و تکمیل نصابها بها و أنهما من نوع واحد
(قوله) (و لا تدخل بقرة الوحش)
کما فی (جامع المقاصد) لانتفاء الصدق لغة و عرفا
(قوله) (و لا یدخل فی الکلب و لا فی الحمار الأنثی)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و نص فی (التحریر) علی عدم دخولها فی الحمار و لم یتعرض للکلب لأنهم میزوا بینهما فقالوا کلب و کلبة و حمار و حمارة
(قوله) (و الدابة اسم للخیل و البغال و الحمیر فإن تخصص عرف بلد بالفرس أو بغیره حمل علیه)
الدابة فی الوضع اللغوی الحقیقی لکل ما یدب علی وجه الأرض ثم اشتهر فی ذوات الحافر کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و قد نص علی أنها اسم للأنواع الثلاثة فی الکتابین المذکورین (و التحریر) و تمام الکلام عند قوله و نزح کر لموت الدابة و لا ریب أنه إذا استقر عرف قوم أو بلد علی خلافه حمل الإطلاق عندهم علی المتعارف بینهم
(قوله) (و لا یدخل السرج و لا الثوب فی العبد)
کما فی (التحریر) لخروجها عن مسمی الدابة و العبد و البعیر و قد قرب فی البیع و ولده و جماعة أنه یدخل فی بیع العبد من الثیاب ما یقضی العرف بدخوله معه و الظاهر عدم الفرق بین الوصیة و البیع
(قوله) (و لو أوصی بدار اندرج ما یدخل فی المبیع)
کما فی (المبسوط) و غیره إذ لا فرق بینهما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 489
فإن انهدمت قبل موته ففی انقطاع الوصیة له إشکال ینشأ من عدم تناول الاسم له و من دخول العرصة و النقض فی الوصیة (1) و لو انهدم بعضها لم تبطل (2) و کذا بعد الموت و إن کان قبل القبول (3) و لو زاد فی عمارتها لم یکن رجوعا بخلاف طحن الحنطة (4)
______________________________
(قوله) (فإن انهدمت قبل موته ففی انقطاع الوصیة له إشکال ینشأ من عدم تناول الاسم له و من دخول العرصة و النقض فی الوصیة)
و نحوه ما فی (الشرائع) و (الکفایة) حیث قالا فیه تردد و (التحریر) حیث قال فیه نظر و جزم فی (المبسوط) بالبطلان و جزم بعدمه فی (الإرشاد) و قواه فی (التذکرة) و حسنه و قربه فی (جامع المقاصد) و فصل فی (الحواشی) و استحسنه فی (المسالک) و هو إن کان الموصی به دارا معینة فالوصیة باقیة و إن أوصی له بدار من دوره فانهدمت دوره جمیعا قبل موته بطلت لانتفاء المسمی (وجه البطلان) من دون نظر إلی التفصیل أنه قد فات متعلق الوصیة لأنه المجموع المرکب من العرصة و السقف و باقی الأجزاء و المرکب یفوت بفوات بعض أجزائه خصوصا الموجب لفوات حقیقته و (وجه عدمه) کذلک أن بعض الأجزاء التی تعلق بها حق الموصی له فی ضمن المجموع باق فلا یفوت هذا البعض بفوات ذلک البعض مضافا إلی عدم الدلیل علی البطلان و إلی وجوب إنفاذ الوصیة و تحریم تبدیلها و تغییر الاسم لم یثبت کونه قادحا و منه یعرف وجها الإشکال و التردد و النظر (و وجه التفصیل) فی الصحة إذا کانت معینة ما ذکرناه فی وجهها للإرشاد و فی البطلان إذا کانت غیر معینة انتفاء المسمی لأنه إذا انهدمت جمیع دوره لا یصدق أنه له دور أوصی بها و هو واضح لکن کلامهم و نزاعهم إنما هو فی المعینة لوجهین الأول أنه فرض المسألة فیها فی (المبسوط) الذی هو الأصل فی الباب فی المعینة حیث قال أوصی له بداره الثانی أنهم تعرضوا للنقض و لا ریب أن النقض من الدار المعینة لا تدخل فی الوصیة بدار فی الجملة و محل النزاع ما إذا انهدمت بنفسها لا ما إذا هدمها الموصی و إلا کان رجوعا کما فی (المسالک) و هو الذی یفهم من تعبیرهم بالانهدام و قال فی (التذکرة) الأقوی أنه رجوع فی الأخشاب و الأنقاض و العرصة علی إشکال انتهی
(قوله) (و لو انهدم بعضها لم تبطل)
کما فی (المبسوط) و (جامع المقاصد) و هو معنی قوله فی (التذکرة) و (التحریر) لو کان الانهدام لا یبطل اسم الدار لم تبطل فیما بقی و لعله لذلک قید فی (جامع المقاصد) عبارة الکتاب قال إذا لم یکن انهدام ذلک قادحا فی صدق الاسم و إلا کان کالأول و کیف کان فلا تصح فیما انفصل عنها
(قوله) (و کذا بعد الموت و إن کان قبل القبول)
أی و کذا لا تبطل لو کان الانهدام بعد الموت قبل القبول و إلیه أشار فی (المبسوط) بقوله و إن خربت بعد وفاته فإن الموصی له یستحقها و ما قد انفصل منها من الخشب و الآلات انتهی و هو بإطلاقه یتناول ما إذا کان قبل القبول لکنه إنما یتم بناء علی أن القبول کاشف و أما علی القول بالنقل فإنه یجی‌ء فیه الإشکال السابق
(قوله) (و لو زاد فی عمارتها لم یکن رجوعا بخلاف طحن الحنطة)
أما عدم کون الزیادة رجوعا فقد نص علیه فی (التحریر) و (جامع المقاصد) لبقاء الاسم و أما کون الطحن رجوعا فقد نص علیه فی (المبسوط) و (التحریر) و (جامع المقاصد) لعدم بقاء الاسم و فواته موجب لفوات متعلق الوصیة فتبطل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 490
و الجمع یحمل علی الثلاثة فلو قال أعتقوا أرقابا فأقله ثلاثة فإن وفی الثلث باثنین و بعض الثالث اشتری البعض علی إشکال (1)
______________________________
(قوله) (و الجمع یحمل علی الثلاثة فلو قال أعتق أرقابا و له ثلاثة فإن وفی الثلث باثنین و بعض الثالث اشتری البعض علی إشکال)
قد تقدم فی باب الإقرار أن الجمع یحمل علی أقله و هو ثلاثة سواء کان جمع قلة أو کثرة و سواء وصفه بالقلة أو الکثرة و قد حکینا ذلک عن عدة من کتبهم و قلنا إنه لا فرق فیه بین المعرف و المنکر و إن العموم هناک ملغی غیر مراد إذ لا حد له هناک حد محدود یصار إلیه و الظاهر أنه هنا کذلک لأنهم قالوا هنا إنه یحمل علی الثلاثة مطلقین فظاهر جماعة منهم أن ذلک مسلم مفروغ منه و قد حکینا فی باب الإقرار عنهم ذلک فی الباب و ستسمع ما فی التنبیه (فإذا قال) أعتقوا أرقابا وجب أن یعتق ثلاثة مع سعة الثلث و هو مما لا إشکال فیه کما فی (المسالک) فلا یجب الزائد للشک فیه و الأصل ینفیه و اللفظ لا یقتضیه نعم إن أمکن شراء ثلث رقاب فصاعدا بثلثه فالاستکثار مع الاسترخاص أولی من الاستقلال مع الاستغلاء کما فی (التذکرة) و هذا یفتح بابا واسعا فی الأثلاث و نص فیها أیضا أنه لا یجوز صرفه إلی رقبة أو رقبتین مع إمکان الثلث و لو قصر الثلث عن الثلاثة اقتصر علی ما یسعه کما هو قضیة کلامهم و به صرح فی (المسالک) و نفی عنه البعد فی (الکفایة) (لا یقال) إن الموصی به مسمی الجمیع و قد تعذر فتبطل أو یتوقع تنفیذها أن یرجی (لأنا نقول) إن معنی الجمع واحد و واحد و واحد کما نصوا علیه من غیر خلاف مضافا إلی أن المیسور لا یسقط بالمعسور فلو قصر الثلث إلا عن واحد أعتق و کذا لو قصر عن تمام الواحد أعتق لأن وجوب إعتاق الجزء ثابت کالکل و لعموم إذا أمرتکم بأمر فتدبر (فإن تعذر) ففی رده إلی الورثة أو صرفه فی وجوه البر أو الإیقاف إلی أن یوجد عبد أو شقص عبد أوجه ثلاثة کما یأتی مثله (و إن وفی) باثنین و بعض الثالث فقد استشکل المصنف فی وجوب شراء البعض و إعتاقه مع الاثنین و فی الخلاف أنه یشتری الاثنان و یعتقان و یعطیان البقیة دلیلنا إجماع الفرقة فإن هذه منصوصة لهم و ذکرنا الروایة فی الکتاب الکبیر انتهی (و قال) فی (المبسوط) فإن لم یبلغ الثمن ثمن ثلاثة أعبد و یزید علی ثمن عبدین فإنه یجعل الرقبتین أکثرهما ثمنا و لا یفضل شیئا و بذلک کله عبر فی (المهذب) فکان ما فی (المبسوط) مخالفا لما فی (الخلاف) و الروایة التی أشار إلیها فی (الخلاف) لیست موجودة فی کتابه الکبیر و لا غیره و إنما الموجود ما رواه المشایخ الثلاثة فی الموثق بسماعة قال سألت أبا عبد اللّٰه (ع) عن رجل أوصی أن یعتق عنه نسمة من ثلثه بخمسمائة درهم فاشتری الوصی بأقل من خمسمائة درهم و فضلت فضلة فما تری فی الفضلة فقال تدفع إلی النسمة من قبل أن تعتق ثم تعتق عن المیّت و قد ذکرها فی (المبسوط) بقوله روی أصحابنا و هی التی فهمها من (الخلاف) المصنف فی (التذکرة) و (المختلف) لکن صریح (السرائر) أن الروایة صریحة بأنه یشتری الاثنان و یعتقان و یعطیان البقیة فیحتمل أن یکون نقل معنی تلک الموثقة لاتحاد الطریق و تنقیح المناط و یحتمل أنه أراد غیرها و أنها صریحة فی ذلک و (مما اختیر) فیه وجوب شراء البعض و إعتاقه مع الاثنین (السرائر) و (التذکرة) و (المختلف) و (الإیضاح) و (الحواشی) و (جامع المقاصد) و کذا (التحریر) و (المسالک) و (الکفایة) ثم عد إلی إشکال المصنف فقد وجهه فی (جامع المقاصد) بأنه نشأ من أن الموصی به إعتاق ثلاثة و حقیقة ذلک الرقیق کله إذ لا یقع اسم الکل علی البعض إلا بالمجاز فمع تعذر الموصی به یسقط لقبح التکلیف و لا یجب شراء شی‌ء غیر ذلک لعدم الدلیل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 491
فإن وفی بخسیسین و بعض ثالث أو بنفیسین فالأقرب الأول (1) تنبیه الجمع بصیغة أقله یجزی فیه الثلاثة مطلقا و کذا بصیغة أکثره مع الإطلاق و مع التقیید یجب الأزید إذا احتمله القید و إن کان أخس فیجب الخمسة الخسیسة یجزی و لا عتق الأربعة النفیسة المساویة قیمة (2)
______________________________
علیه و من أنه إذا تعذرت الحقیقة وجب المصیر إلی المجاز و مع التعذر یجب ارتکاب أقرب المجازات و أن إطلاق الثلاثة علی الاثنین و بعض الثالث شائع کما فی أقراء العدة انتهی (و الوجه الأول) یقضی بالبطلان لا بواحد من مذهبی الشیخ و قضیته أن تنفیذ الوصیة مشروط بکون الإعتاق لثلاثة تامة و جعل أحد وجهی الإشکال فی (الإیضاح) أن الشراء إنما هو لضرورة تحصیل الجمیع و لم یحصل فیکون تضییعا علی الورثة بغیر فائدة قال و هذا قول الشیخ فی (المبسوط) انتهی و هذا الوجه یقضی أیضا بالبطلان و لیس هو قوله فی (المبسوط) إلا أن تقول إن مراده أنها تبطل فی الفاضل و یرجع إلی الورثة لأنه لازم الکلام (المبسوط) و (المهذب) فیما إذا وجد أعلی الأفراد ثمنا فاشتری اثنین و بقیت بقیة و (کیف کان) فالأشبه بأصول الباب وجوب شراء البعض لأن الظاهر أن التنفیذ لیس مشروطا بکون الإعتاق الثلاثة تامة فیجب إعتاق ما یحتمله الثلث لأن التصرف فی الزائد غیر جائز و لا یسقط المیسور بالمعسور و ما لا یدرک کله لا یترک کله إلا أن تقول إن المناط منقح و الطریق واحد و خبر سماعة قد رواه المحمدون و عمل به جماعة بل قد یلوح أو یظهر من (التذکرة) و (المختلف) أنه محل إجماع قال فیهما إن الوصیة هناک یعنی الروایة بعتق عبد و قد عمل بمقتضاها بقدر الإمکان بخلاف صورة النزاع إذ قد یلوح منه فیهما أنها لیست محل نزاع فتصح من الشیخ فی (الخلاف) دعوی الإجماع و إلا فلا وجه لهما أصلا إذ لم نجد أحدا تعرض لمسألتنا قبله فضلا عن الحکم بها فکیف یدعی الإجماع فی ذلک و علی هذا یتعین القول بما فی (الخلاف) و إن خالفه هو و القاضی فی (المبسوط) و (المهذب) فلیلحظ ذلک (و یبقی الکلام) بناء علی ما فی (السرائر) و ما وافقها فیما إذا لم یمکن شراء شقص بالفاضل إما لقلته أو لفقدان الشقص و الذی ینبغی أن یقال إن هناک الاحتمالات أربعة أحدها أن یشتری بالثلث رقبتین نفیستین بحیث لا یفضل منه عنهما شی‌ء إذا أمکن کما فی (المبسوط) فی أصل المسألة کما سمعت و یبقی الکلام فیما لم یمکن و الثانی أن یرد الفاضل إلی الورثة کما قلنا آنفا إنه لازم (المبسوط) الثالث أن یوقف إلی أن یوجد شقص الرابع أن یصرف فی وجوه البر
(قوله) (فإن وفی بخسیسین و بعض ثالث أو بنفیسین فالأقرب الأول)
و فی (الإیضاح) أنه الأصح و فی (جامع المقاصد) أنه أقوی و لا ترجیح فی (التذکرة) و علی ما حکیناه عنهما آنفا ینبغی له أن یختار ما هنا نعم ینبغی للشافعیة أن یتوقفوا کما حکاه فیها عنهم لأنهم رووا أنه (س) سئل عن أفضل الرقاب فقال أکثرها ثمنا و أنفسها عند أهلها و الخبر بإطلاقه لا یقول به أحد إذ قضیته أن عتق الکافر علی القول بجواز الوصیة بعتقه إذا کان أعلی قیمة أفضل من عتق المسلم إذا کان أقل فتأمّل نعم یستحب شراء المؤمن الأعف و المجهود و المکدور کما فی (التذکرة)
(قوله) (تنبیه الجمع بصیغة أقله تجزی فیه الثلاثة مطلقا و کذا بصیغة أکثره مطلقا مع الإطلاق و مع التقیید یجب الأزید إذا احتمله القید و إن کان أخس فتجب الخمسة الخسیسة و لا یجزی عتق الأربعة النفیسة المساویة قیمة)
معناه أنه لو أوصی بصیغة جمع قلة فقال أعتقوا أعبدا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 492

[البحث الثانی فی الموصی له]

البحث الثانی فی الموصی له لو قال إن کان حملها غلاما أو إن کان الذی فی بطنها
______________________________
بألف فإن الثلاثة تجزی مع تعیین القدر من المال و هو الألف و عدمه و هو معنی قوله مطلقا فلو أمکن شراء أربعة خسیسة بألف و ثلاثة نفیسة بها تخیر الوارث لأن أقل جمع القلة هو الثلاثة و الأصل براءة الذمة من تعین شراء ما زاد و إن أوصی بصیغة جمع الکثرة فإما أن یطلق أو یقید بمقدار من المال فإن أطلق أجزأ الثلاثة للأصل و لأنها أقل محتملات الجمع و إن قید بالمقدار من المال کألف وجب عتق الزائد علی الثلاثة بحسب الإمکان و علیه نبه بقوله إذا احتمله القید إذ معناه إذا احتمل الزائد القید و هو تقدیر المال لأن صیغة الکثرة لما فوق العشرة و تعیین قدر المال مع احتماله للزائد دلیل علی إرادة الزائد و قوله و لا یجزی عتق الأربعة النفیسة المساویة قیمة معناه أن الأربعة المساویة لقیمة الخمسة الخسیسة بحیث تکون قیمة کل منهما أی الأربعة و الخمسة بقدر المقدر من المال لا تجزی لأن الخمسة أقرب إلی مدلول صیغة جمع الکثرة (و اعترضه) فی (جامع المقاصد) بأن استعمال جمع الکثرة فیما فوق العشرة لیس لکونه حقیقة فیه بل ذلک استعمال طار علی أصل الموضوع اللغوی أعنی کون أقل الجمع مطلقا ثلاثة و لم یبلغ ذلک حد الحقیقة لیتحقق النقل و لم یفرق الأصولیون فی أن أقل الجمع ثلاثة أو اثنان بین کونه جمع قلة أو کثرة ثم أهل الاستعمالات العرفیة و المحاورات العامة لا یعرفون هذا الاستعمال و لا شعور لهم به فکیف یحمل إطلاقاتهم علیه مع أن اللفظ تابع لمقصود لافظه لتوقف قصد المعنی الموضوع له علی العلم بالوضع علی أنه لو تم له جمیع ذلک من کون الاستعمال حقیقة و شیوعه بحیث یتفاهمه و یتبادر إلی أذهانهم یجب أن لا یفرق إذا أوصی بصیغة جمع الکثرة بین ما إذا قدر للوصیة و عدمه فی وجوب تحری ما زاد علی الثلاثة إلی أقل محتملاته عملا بحقیقة اللفظ فالفرق الواقع فی کلام المصنف غیر واضح انتهی (قلت) الذی نص علیه أئمة العربیة أن مدلول جمع الکثرة بطریق الحقیقة ما فوق العشرة إلی غیر نهایة و یستعمل کل منهما موضع الآخر مجازا نص علیه بدر الدین و غیره فیکون استعماله فیما فوق العشرة حقیقة (قولک) ثم أهل الاستعمالات إلی آخره (فیه) أنهم قد بنوا فی الأقاریر الکثیرة علی ما لا یفهمه إلا العارفون بالنحو و معانی المفردات و قالوا إن ذلک یقبل و یسمع و یلزم به من کان من أهل اللسان فلیکن هنا کذلک و قد استدلوا بصحیحة الفضلاء علی نزح کر للفرس و البقرة کما هو المشهور بقوله (ع) ینزح من البئر دلاء لأن (دلاء ظاهرا) کان جمع کثرة (قولک) یجب أن لا یفرق بین التقیید و عدمه (جوابه) أنه لما کان المفروض أن الموصی عارفا (ف ظ) بالمعنی الموضوع له جمع الکثرة و کان أهل الاستعمالات العرفیة و المحاورات العامة لا یعرفون ذلک دار أمر الموصی بین أن یکون جری به علی معناه الحقیقی لأن کان عارفا به و بین أن یکون جری علی محاورات العامة المتعارفة الغالبة لأن کان منهم کان تعیین قدر المال مع احتماله للزائد قرینة علی إرادة المعنی الحقیقی لشیوع المعنی العرفی بحیث لا یتبادر غیره عند أهل العرف و لا یدعی أنه حقیقة فیما فوق العشرة بحیث یتأهمه أهله و یتبادر إلی أذهانهم کما ادعیته علینا بل الأمر بالعکس فظهر الفرق و إلیه نظر المصنف حقا کان أو غیر حق (و لکن) الأظهر عدم الفرق إلا أن یکون الموصی من أهل اللسان
(قوله) (البحث الثانی فی الموصی له لو قال إن کان حملها غلاما أو إن کان الذی فی بطنها)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 493
غلاما أو إن کان ما فی بطنها أو کل حملها فأعطوه فولدت غلامین أو جاریتین أو جاریة بطلت (1) و لو قال إن کان فی بطنها غلام استحق الغلام دون الجاریة و إن ولدا (2) و لو ولدت غلامین احتمل تخییر الوارث (3) و التشریک (4)
______________________________
غلاما أو إن کان ما فی بطنها أو کل حملها فأعطوه فولدت غلامین أو جاریتین أو جاریة أو غلاما و جاریة بطلت)
و لا شی‌ء للغلامین و الجاریتین فی المثال کما فی (المبسوط) و (المهذب) و (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) لأنه شرط صفة الذکورة فی الحمل فاعتبر أن جمیع ما فی بطنها هو الغلام أو تقول إنه شرط أن یکون مجموع الحمل غلاما (و قد وجهه) فی (جامع المقاصد) بأن التنکیر فی قوله غلاما یشعر بالتوحید بل لا یتبادر منه إلا ذلک فالمفهوم من قوله إن کان حملها غلاما أن یکون کله غلاما قال و کذا الحال فی البواقی بل الحکم مع ألفاظ العموم أظهر (و وجهه) فی (الحواشی) بأن حملها مصدر فیعم و ما و الذی و کل عامات فکان ذلک فی قوة قوله إن کان کل ما فی بطنها غلاما و قضیته أنه إذا تعدد ما فی بطنها لم یصدق أن کل ما فی بطنها غلام فتبطل فلا یستحقان شیئا و فی وجه للشافعیة أنها إن ولدت غلامین فالوصیة لهما و لو قال إن ولدت ذکرا فدرهمان و أنثی فدرهم صح فإن ولدتهما معا فثلاثة کما صرح بذلک کله فی (المبسوط) و جمیع ما ذکر بعده آنفا إلا ما قل و إلیه أشار المصنف بقوله و لو قال إن کان فی بطنها غلام إلی آخره کما ستعرف لأنه اعتبر وجود الذکر و وجود الأنثی من دون حصر ما فی البطن فی أحدهما فإذا وجدا معا فی البطن صدق أن فی بطنها ذکرا فیستحق ما أوصی له به و أن ما فی بطنها أنثی فتستحق ما أوصی لها به لتحقق الشرط فیهما و زیادة الآخر لا تضر و لا کذلک الأولی و لو ولدت خنثی أعطی الأقل بناء علی أنه لیس طبیعة ثالثة و یحتمل عدم استحقاقه شیئا
(قوله) (و لو قال إن کان فی بطنها غلام استحق الغلام دون الجاریة و إن ولدا)
کما هو قضیة کلام (المبسوط) و ما ذکر بعده لأن المدار علی الشرط عندهم و لا حصر و الوجه فی استحقاق الغلام دونها و إن ولدت معه أن الشرط قد تحقق و هو کون الغلام فی بطنها فیستحق لأنه هو الموصی له دونها و ولادتها معه لا تضر لأن الظرفیة لشی‌ء لا تنافی الظرفیة لغیرة
(قوله) (و لو ولدت غلامین احتمل تخیر الوارث)
یعنی أنه إذا قال إن کان فی بطنها غلام فله کذا فولدت غلامین فهناک احتمالات أحدها تخییر الوارث کما هو خیرة (جامع المقاصد) و (المسالک) لصدق الشرط علی کل منهما حقیقة و لفظ غلام لإفراده و تنکیره لم یتناول الغلامین بل هو متواطئ بالنسبة إلیهما فوجب أن یتخیر کما لو أوصی لأحد الشخصین و قد اختیر التخییر فیما لو أوصی لأحد الشخصین فی (الإیضاح) و (الدروس) و (الحواشی) لأن الأصل براءة الذمة من تحتم غیره کما تقدم بیانه فی الفرع العاشر
(قوله) (و التشریک)
هذا هو الاحتمال الثانی و قد احتمل أیضا فی (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و قال المصنف فی الفرع العاشر فیما إذا أوصی لأحد هذین فی التشریک بعد و قد احتمله هناک فی (التحریر) و نسبه فی (الإیضاح) هناک إلی بعض الأصحاب و قال إنه فی غایة الضعف و وجهه أن الحق دائر بینهما و لا مرجح لأحدهما فیکون بمنزلة العین الواحدة إذا ادعاها اثنان فیقسم بینهما و وجه ضعفه أن فیه تبدیلا للوصیة و الدعوی منتفیة للاتفاق علی أن المستحق واحد فی بطنها
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 494
و الإیقاف حتی یصطلحا فإنه متداعی بینهما (1) و کذا لو قال أوصیت لأحدهما ثم مات قبل البیان (2) و یحتمل الفرق هنا (3)
______________________________
و هو صادق علیهما فیکون تعیینه إلی الوارث کما فی کل متواطئ و قد یمنع انتفاء الدعوی لأنه یئول إلیها و الموصی له فی أحد هذین واحد منهما أی واحد کان
(قوله) (و الإیقاف حتی یصطلحا فإنه متداعی بینهما)
هذا الاحتمال الثالث و هو خیرة (الإیضاح) و قد احتمل فی (التحریر) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و لم یذکره المصنف فی الفرع العاشر فی أحد هذین و وجهه هنا فی (الإیضاح) بأنهما لا یجتمعان و إلا کانت النکرة للعموم و لا یمکن إبطالهما لأنا نبحث علی تقدیر صحة الوصیة و معناه کما أشار إلیه المصنف أنه متداعی بینهما و لا یعلم مستحقه منهما فتوقف حتی یصطلحا و یضعف بانتفاء الدعوی و قد علمت ما فیه و قد ذکر هذا الاحتمال فیما إذا أوصی لأحد هذین فی (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و قد احتملت القرعة فی الفرع العاشر فی أحد هذین و قد قواه ولده فی (الإیضاح) و (الشهید) فی (الدروس) و (الحواشی) و فی (جامع المقاصد) أنه لا وجه للقرعة لأن المستحق لیس واحدا منهما بل کل واحد علی البدل و فیه أن الوصیة إن کانت سببا فی التملیک و التعیین کاشف فالقرعة و إن کانت صالحة للسببیة عند التعیین تخیر الوارث کما تقدم بیانه هناک و للشافعیة وجه ببطلان الوصیة لأن التنکیر یقتضی التوحید و ضعفه ظاهر لأن المراد بالتوحید فی مثله عدم صدقه علی المتعدد لا عدم وجود آخر غیره
(قوله) (و کذا لو أوصی لأحدهما ثم مات قبل البیان)
أی تأتی الاحتمالات الثلاثة هنا لکن فی التشبیه خللا من وجهین الأول أن قوله ثم مات قبل البیان یقضی بأن الوصیة لأحدهما یرید بها الوصیة لواحد منهما غیر معین لا لأحدهما أیهما کان و لیس الموصی له فی قوله إن کان فی بطنها من قبیل الأول بل من قبیل ما لو أوصی لفقیر فی المسجد فتکون متواطئا ثم إنا ادعینا الإجماع هناک علی البطلان إذا أرید فی أحد هذین واحد منهما غیر معین الثانی قد سبق له فی الفرع العاشر أنه إذا أوصی لأحدهما احتمل البطلان و الصحة و علی تقدیر الصحة یحتمل التخییر و القرعة و التشریک و لم یأت هنا باحتمال البطلان و ذکر احتمال الإیقاف حتی یصطلحا بدل القرعة فإطلاق التشبیه غیر وجیه إلا أن یکون رجوعا عما سبق
(قوله) (و یحتمل الفرق هنا)
وجه احتمال الفرق هنا فی (الإیضاح) و (الحواشی) بما حاصله أن الموصی علم بالتعدد فیما إذا أوصی لأحدهما و خص بالوصیة واحدا منهما فهو بعید عن احتمال الاشتراک بخلاف ما هنا فإنه لم یعلم وجود المتعدد و قصد بالوصیة واحدا دون غیره و لفظ غلام صالح للواحد و المتعدد لأنه یحتمل حمله علی الجنس و غایة ما یستفاد من قوله إن کان فی بطنها غلام فأعطوه کذا عدم إعطاء الجاریة و نظر فیه فی (جامع المقاصد) بأن المفرد المنکر لا یقع علی المتعدد و عدم العلم بالتعدد لا ینزله فی استحقاق الجمیع مع عدم صلاحیة اللفظ لاستحقاقهم انتهی قلت قد یکون أراد بالفرق أن المراد فی أحد هذین واحد منهم غیر معین علی ما اقتضاه کلامه آنفا کما عرفت فیقوی احتمال البطلان أو یتعین إجماعا کما هو ظاهر (جامع المقاصد) حیث قال قطعا کما ذکرناه فی الفرع العاشر و لا کذلک إن کان فی بطنها غلام فولدت غلامین إذ احتمال البطلان ضعیف جدا کما سمعته
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 495
و لو أوصی للقراء فهو لمن یحفظ جمیع القرآن (1) و الأقرب عدم اشتراط الحفظ عن ظهر القلب (2) و العلماء ینزل علی العلماء بعلوم الشریعة فیدخل التفسیر و الحدیث و الفقه (3)
______________________________
عن بعض الشافعیة و بهذا یتضح الفرق و إن کان المراد فی أحد هذین أحدهما أیهما کان کما هو الظاهر قوی احتمال التخییر و ضعف الاحتمالات الأخر کما عرفته فیما تقدم و لا کذلک إن کان فی بطنها غلام فإن المتبادر من التنکیر التوحید بل لا یتبادر غیره کما سمعته عن (جامع المقاصد) و احتمال حمله علی الجنس بعید جدا و حینئذ یقدم احتمال التخییر و القرعة و الإیقاف من دون ترجیح کما یعرف ذلک مما سبق و بهذا أیضا یتضح الفرق
(قوله) (و لو أوصی للقراء فهو لمن یحفظ جمیع القرآن)
کما فی (التحریر) و ظاهر (الدروس) قال فیه و القراء حافظوا القرآن استقلالا فلا تکفی القراءة فی المصحف علی الأصح انتهی و ظاهره جمیع القرآن لأن الأسماء تناط بتمام المسمی و قال فی (التذکرة) لو أوصی للقراء انصرف إلی جمیع من یقرأ جمیع القرآن لا إلی من یقرأ بعضه عملا بالعرف فإنه لا یفهم منه إلا الکل لأنهم الذین یقع علیهم الاسم فی العادة انتهی لکنه عبر بمن یقرأ لا بمن یحفظ و ظاهر (الدروس) کما سمعت و صریح (جامع المقاصد) کما ستسمع أن المتبادر من الحفظ هو الحفظ عن ظهر القلب و لذلک قال فی (جامع المقاصد) إن فیه أی کلام المصنف مناقشة لأن القارئ هو من یحسن قراءة القرآن کما أن النحوی هو من یحسن علم النحو و إن لم یحفظ و کذا غیره و لأن المشتق منه یصدق من دون الحفظ و للإطباق علی الفرق بین القارئ و الحافظ فإن الأول أعمّ مطلقا انتهی قلت المصنف یقول إن جماعة یقولون إن أهل العرف یحکمون بأن القارئ هو الحافظ عن ظهر القلب کما نبه علیه ولده فی (الإیضاح) حیث استدل للقول باشتراط الحفظ عن ظهر القلب بالعرف فلا یضره قوله بعده و الأقرب إلی آخره لأنه یدعی أن العرف مستقر علی الفرق بین الحافظ و القارئ للإطباق علی ذلک فهم متوهمون علی العرف عنده فیما یظنه و به یندفع عنه مناقشة له فی (جامع المقاصد) بذلک کما یأتی و لیعلم أنه فی (التذکرة) رجع عن اشتراط قراءة جمیع القرآن لأنه مأخوذ من القرء و هو الجمیع و هو صادق فی البعض و الجمیع
(قوله) (و الأقرب عدم اشتراط الحفظ عن ظهر القلب)
هذا هو الأصح کما فی (الإیضاح) و المفهوم من (جامع المقاصد) أنه غیر بعید و قد استدل علیه فی (الإیضاح) بما ناقش به (جامع المقاصد) المصنف آنفا من الفرق بین القارئ و الحافظ و بصدق المشتق و قال فی (التحریر) إن لم یحفظ عن ظهر القلب فالأقرب الحرمان و قد سمعت ما فی (الدروس) و هو الذی استقر علیه رأیه فی (التذکرة) بعد أن استشکل أولا و جعل منشأه من تعارض العرف و اللغة ثم قال الأقرب الرجوع إلی العرف و هو الآن ینصرف إلی الحفاظ الذین یقرءون و أما من حیث الوضع فإنه لا یشترط فی إطلاق اللفظ الحفظ عن ظهر القلب بل یصدق علی من یقرأ فی المصحف هذا و قد ناقش الکتاب فی (جامع المقاصد) بأن المفهوم من الحافظ لجمیع القرآن هو من یحفظ عن ظهر القلب لیس إلا فکیف قال الأقرب عدم اشتراط الحفظ بعد قوله لمن یحفظ جمیع القرآن و قد عرفت جوابه آنفا
(قوله) (و العلماء ینزل علی العلماء بعلوم الشریعة فیدخل التفسیر و الحدیث و الفقه)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) قلت العلماء من صدق قوله فعله و من
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 496
و لا یدخل سامع الحدیث إذا لم یعلم طریقه (1) و لا الأطباء (2) و لا المعبرون و المنجمون و لا الأدباء و لو أوصی لزید و لجبرئیل (ع) أو لزید و الریح أو الحائط فالنصف لزید و الباقی باطل و یحتمل صرف الکل إلی زید فی الأخیرین إذ الإضافة إلی الریح و الحائط باطلة بخلاف جبرئیل (ع) (3)
______________________________
لم یصدق فعله قوله فلیس بعالم رواه الطبرسی عن مولانا الصادق (ع) و روی ثقة الإسلام عن السجاد (ع) أن العلماء الذین عرفوا اللّٰه فعملوا له و رغبوا قال و قد قال اللّٰه سبحانه و تعالی إِنَّمٰا یَخْشَی اللّٰهَ مِنْ عِبٰادِهِ الْعُلَمٰاءُ و فی الأخبار ما یفهم منه أن العالم هو العالم بالمسموع و المطبوع و الأول العلم بالشرعیات و الثانی العلم بأصول الدین و قال الصادق (ع) العالم هو الذی إذا نظرت إلیه ذکرک الآخرة و من کان علی خلاف ذلک فالنظر إلیه فتنة
(قوله) (و لا یدخل سامع الحدیث إذا لم یعلم طریقه)
کما فی (الکتب الأربعة) و فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و لا یدخل سامع الحدیث الذی لا علم له بطریقه و لا بأسامی الرواة و لا بمتن الحدیث فإن السماع المجرد لیس بعلمه
(قوله) (و لا الأطباء و لا المعبرون و المنجمون و لا الأدباء)
و لا المهندسون کما فی (جامع المقاصد) و لا الحساب کما نصت علیه الشافعیة ثم قال فی (التذکرة) و هکذا ذکره أکثرهم أی الشافعیة فی المتکلمین و قال بعضهم إن علم الکلام داخل فی العلوم الشرعیة ثم قال و الوجه دخول الجمیع فیه و فی المنجم إشکال انتهی و لعله أراد لو ورد النهی عن تعلمه و فی (الدروس) فی الأدباء وجه و قال فی (جامع المقاصد) لم أظفر بکلام لهم فی الأصول و ینبغی دخوله بطریق أولی لأنه من علوم الشرع و أساس الفقه و مبناه و مباحثه و قواعد مسائله و لعل سکوتهم عنه لاعتقادهم دخوله فی الفقه و من ثم صرحوا باعتبار قول الأصولی فی الإجماع إذا تمکن من الاجتهاد (و لا ریب) أن إخراج علم الکلام المتضمن للمعارف الدینیة و هو أساس الدین و مبناه عن علوم الشرع مستهجن فالقول بدخوله و دخول الأصول قوی و أما دخول الباقین فللنظر فیه مجال (قلت) الأولی الرجوع فی ذلک کله إلی عرف الموصی لاختلافه باختلاف الأشخاص و الأعصار و الأمصار و الأدباء الشعراء و من ناسبهم و الأدیب هو العالم بسائر الأدبیات کالنحو و المنطق قاله الشهید فی حواشیه
(قوله) (و لو أوصی لزید و لجبرئیل (ع) أو لزید و الریح أو الحائط فالنصف لزید و الباقی باطل و یحتمل صرف الکل إلی زید فی الأخیرین إذ الإضافة إلی الریح و الحائط باطلة بخلاف جبرئیل (ع))
قد تقدم له فی الفرع الرابع من الفروع الاثنی عشر فیما إذا أوصی بعین لحی و میت أو للملک أو الحائط مع علمه بأن هذه لا تملک أنه یحتمل تخصیص الحی بالجمیع أو النصف و لم یحتمل هنا صرف الجمیع إلی الحی أو لزید إذا أوصی له و لجبرئیل لأن جبرئیل (ع) حی عالم قادر فقد یتصور الموصی ثبوت الملک له فیقصده فتصح إضافة الملک إلیه فیکون لزید النصف وجها واحدا عنده و فیه أنه لما یمکن التوصل إلیه کانت وصیته لأمر ممتنع تجری مجری الوصیة للریح و إن لم تمنع الإضافة إلیه و قد حکینا هناک تخصیص من یملک بالنصف عن (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و حکینا تخصیصه بالجمیع عن أبی حنیفة و قال فی (الحواشی) إن الأقوی إن علم الموصی انتفاء الملک عن الحائط و الریح و جبرئیل کان الکل لزید و إلا النصف و هو خیرة أبی حنیفة و قد قلنا إن القائل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 497
و لو قال لزید و للّه سبحانه احتمل صرف الکل إلی زید فیکون ذکر اللّٰه سبحانه و تعالی تأکیدا لقربة الوصیة و صرف سهم اللّٰه إلی الفقراء فإنهم محل حقوقه (1) و لو أوصی لأقارب علوی معین فی زمانه ارتقی فی بنی الأعمام من أقاربه إلی أقرب جد ینسب إلیه فیرتقی إلی بنی علی (ع) دون بنی عبد المطلب و عبد مناف و بعد زمانه لا یصرف إلا إلی أولاد ذلک العلوی و من ینسب إلیه لا إلی علی (ع) (2)
______________________________
بتخصیص من یملک بالنصف یحتج بأن العطف یقضی بالتشریک و یصرف النصف الآخر إلی من لا یصح تملکه و ذلک یقضی ببقائه علی ملک الموصی و لا أثر لعلمه و عدمه لأن معنی المعطوف علیه فی مثل هذا الترکیب إنما یتم بالمعطوف و حینئذ فلا شی‌ء فی اللفظ یقتضی اختصاص زید أو الحی بالجمیع و حکینا عن أبی حنیفة أنه احتج بأنه قصد إخراج الجمیع عن ملکه فمع علمه بأن غیر زید مثلا لا یملک یکون قاصدا إلی تملیک الجمیع و أن العطف یقتضی التسویة و هو تملک جمیع العین و التشریک إنما جاء من المزاحمة و لا مزاحمة هنا و لم یقید ذلک هنا بالعلم لظهوره و إلا فلا بد منه لأنه لا بحث فی استحقاقه النصف مع جهل الموصی بأن المیّت مثلا لا یملک لتحقق قصد الشرکة و من قبیل ما نحن فیه ما إذا أوصی لابن زید و ابن عمرو و لیس لعمرو ابن
(قوله) (و لو قال لزید و للّه سبحانه احتمل صرف الکل إلی زید فیکون ذکر اللّٰه سبحانه و تعالی تأکیدا لقربة الوصیة و صرف سهمه إلی الفقراء فإنهم محل حقوقه)
قال فی (التذکرة) إن قصد التبرک فالکل لزید و إلا فالنصف و حکی عن الشافعیة وجهین أحدهما أن الکل لزید و ذکر اللّٰه تعالی للتبرک و الثانی أن لزید النصف و الباقی للفقراء فإنهم مصب حقوقه ثم قال و الوجه عندی عدم اختصاص الفقراء به بل یصرف فی وجوه القرب بأسرها و قد اختاره فی (الإیضاح) و استحسنه فی (جامع المقاصد) و المتبادر من العبارة خلافه و هو انحصاره فی الفقراء و قد لا یکون أراد الحصر فإن الصرف فیهم لا ینافی جواز الصرف فی وجوه القرب أیضا و (کیف کان) فوجه الأول أن ذلک هو مقتضی العرف و هو المتعارف فإن اللّٰه سبحانه هو الذی یقبل الصدقة و تقع فی یده جلت عظمته و إلیه نظر من قسم الخمس خمس أقسام مع إرادة تعظیم أهل الخمس و وجه الثانی أن الأصل عدم التأکید و التأسیس خیر منه و هو ممکن لأن نسبة الملک إلیه سبحانه و تعالی صحیحة قال تعالی قُلِ اللّٰهُمَّ مٰالِکَ الْمُلْکِ
(قوله) (و لو أوصی لأقارب علوی معین ارتقی فی بنی الأعمام من أقاربه إلی أقرب جد ینسب إلیه فیرتقی إلی بنی علی (ع) دون بنی عبد المطلب و عبد مناف و بعد زمانه إلی أولاد ذلک العلوی و من ینسب إلیه لا إلی علی (ع))
قد تقدم منا التنبیه علی ذلک فی أواسط المطلب الثانی عند قوله و لو أوصی لقرابته فهو للمعروف بنسبه إلی قوله و قیل بمن یتقرب إلیه إلی آخر أب و أم له فی الإسلام و قلنا إنه من متفردات الکتاب لأنا لم نجد له موافقا علی ذلک (و معناه) أنه لو أوصی لأقارب علوی و لیس له نسب مشهور یعرف به إلا بکونه علویا و إن لم یتلفظ به کما لو أوصی لأقارب موسی بن جعفر (ع) فإما أن تکون الوصیة فی زمان ذلک العلوی أو بعد زمانه فإن کانت فی زمانه وجب الارتقاء فی بنی الأعمام إلی أقرب جد ینسب إلیه الرجل عرفا و ذلک علی (ع) لأنه المشهور بالنسبة إلیه بخلاف عبد المطلب و عبد مناف و طالب فلا یرتقی فی الأقرب إلی من ینسب إلی أحدهم لانتفاء کون أحدهم أقرب جد ینسب إلیه الرجل و إن کانت الوصیة واقعة بعد زمان ذلک العلوی لم تصرف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 498
و لو أوصی لأقاربه دخل الوارث و غیره (1) و لو أوصی لأقارب أقاربه دخل فیه الأب و الابن (2)
______________________________
إلا إلی أولاد ذلک العلوی و من ینسب إلیه دون من ینسب إلی علی (ع) و الفرق أنه ما دام حیا فأقاربه هم المنسوبون إلی جده الأقرب الذی اشتهر بالنسبة إلیه و بعد الموت أقاربه المنسوبون إلیه لقطع النظر حینئذ عمن ینسب إلی جده هذا تفصیل ما یفهم من العبارة (و اعترضه) فی (جامع المقاصد) بأن الحکم مشکل و الدلیل علی ما ذکره غیر ظاهر و قد تقدم أن الأصح فیمن أوصی لأقاربه أن الأصح صرفه إلی من بعد قرابة عرفا دون من یتقرب إلیه آخر أب و أم فی الإسلام (ثم قال) فإن قیل تعلیق الوصیة بأقارب العلوی تقتضی أن یکون للنسبة إلی علی (ع) دخل فی الاستحقاق قلنا هذا إذا کان الموصی أوصی لقرابة العلوی مصرحا بهذه النسبة و حینئذ فلا فرق بین کون الوصیة فی زمان العلوی أو بعده و الذی ذکره فی (التذکرة) عن الشافعی ما صورته إذا کان الموصی (أوصی ظاهرا) لقرابته من قریش قیل قریش تفترق فمن أیها فقال من بنی عبد مناف فقیل من أیها فقیل من بنی عبد المطلب قیل هم یفترقون فمن أیها فقیل من بنی عبد زید قیل من أیها قیل بنی السائب بن عبد قیل من أیها فقیل من بنی شافع قال الشافعی و بنو شافع لا یفترقون فتکون قرابته من ینسب إلی شافع و هو الأب الأدنی و لم یذکر غیر ذلک و لم یذکر فی (التذکرة) غیر هذا و حکی عن الرافعی فی الوصیة لأقارب زید ما صورته یعتبر أقرب جد ینسب إلیه الرجل و بعد أصلا و قبیلة فی نفسه فیرتقی فی بنی الأعمام إلیه و لا یعتبر من فوقه حتی لو أوصی لأقارب حسینی أو أوصی حسینی لأقارب نفسه لم یدخل الحسنیون فی الوصیة و قال فی (جامع المقاصد) و الحاصل أنه لم یوجد الفرق فی الوصیة لأقارب العلوی بین کونه حیا و میتا إلا هنا فالفرق الذی ذکره المصنف لا وجه له أصلا و بقی شی‌ء و هو أنه إذا أوصی إلی أقارب العلوی هل یعتبر فی أقاربه من ینسب إلی علی (ع) أم یجب اتباع العرف الذی یقتضیه النظر هو الثانی
(قوله) (و لو أوصی لأقاربه دخل الوارث و غیره)
قال فی (التذکرة) لو أوصی لأقارب زید دخل فیه وارث زید إجماعا و لو أوصی لأقارب نفسه فکذلک عندنا لصحة الوصیة للوارث عندنا و هو یؤذن من دعوی الإجماع علیه کما هو الظاهر منهم عند قوله و لو أوصی لقرابته إلی آخر کلامه کما تقدم و غرضه الرد علی الشافعیة فی أحد الوجهین و هو أنه لا یدخل فیه الوارث بقرینة الشرع لأن الوارث لا یوصی له خاصة فلا یدخل فی عموم اللفظ
(قوله) (و لو أوصی لأقارب أقاربه دخل فیه الأب و الابن)
لأنه (لو أوصی لأقارب الأقارب خ) أوصی لأقرب الأقارب دخل الأبوان و الولد إجماعا کما فی (التذکرة) و قال کیف یکون الشخص من أقرب الأقارب و لا یکون من الأقارب قلت و لا من أقارب الأقارب و قال لو أوصی لأقاربه أو أقارب زید دخل فیه الأصول و الفروع عندنا و ظاهره دعوی الإجماع علیه فإذا دخلا فی أقاربه دخلا فی أقاربهم إلی أقارب أقاربه و فی (جامع المقاصد) الحق أنهما یعدان أقارب و أرقاب أقارب لغة و عرفا قلت أما اللغة فکذلک و أما العرف فکان المتعارف فی عرفنا الآن خلافه و یشهد له أن فی وجه الشافعیة أن الأبوین و الأولاد (لا ظاهرا) یدخلون فی الأقارب و تدخل الأحفاد و الأجداد لأن الوالد و الولد لا یعرفان بالقرب فی العرف بل القریب من ینتهی إلیه بواسطة و هو مذهب أبی حنیفة و قد تقدم فی المطلب الثانی أنه لو أوصی لأقرب الناس إلیه أو أقرب أقاربه نزل علی مراتب الإرث و هو مقام آخر غیر ما نحن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 499
و لو أوصی لغیر المنحصر کالعلویین صح و لا یعطی أقل من ثلاثة و لا یجب تتبع من غاب عن البلد و هل یجوز التخصیص إشکال و کذا جواز التفضیل (1)
______________________________
فیه کما نبهنا علی ذلک هناک
(قوله) (و لو أوصی لغیر المنحصر کالعلویین صح و لا یعطی أقل من ثلاثة و لا یجب تتبع من غاب عن البلد و هل یجوز التخصیص إشکال و کذا جواز التفضیل)
قد طفحت عبارات أصحابنا بجواز الوصیة لغیر المحصورین کالعلویة و الهاشمیة بل ظاهر (التذکرة) الإجماع علیه حیث نسبه إلی علمائنا کما طفحت بذلک عباراتهم فی الوقف فیما إذا أوصی لقبیلة عظیمة و قد حکینا ذلک فی الوقف عن ثلاثة و عشرین کتابا مع أن الحکم فی الوقف أشد لاشتراطه بالقربة و قد حکینا هناک ستة إجماعات من ظاهر و صریح و منع أبو حنیفة و الشافعیة فی أحد وجهیها من الوصیة لغیر المحصور لأن التعمیم یقتضی الاستیعاب و أنه ممتنع بخلاف الفقراء فإنا عرفنا هناک عرفا للشرع مخصصا فاتبعناه و رده فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) بأن ذلک العرف إنما ثبت فی الفقراء و أصناف الزکاة ثم ألحق به العلماء و نحوهم بالاتفاق فلم یلحقوا بهم العلویة و من فی معناهم لتعذر الاستیعاب لأن المناط تعذر الاستیعاب فیثبت الحکم حیث یثبت و قد فرعوا علی ذلک أنه لا یعطی أقل من ثلاثة فصاعدا نظرا إلی ظاهر لفظ الجمع و به صرح فی (المبسوط) و غیره فی المسألة کالعلویین و قریشی و بنی تمیم و غیرها کالفقراء و العلماء و غیرهم و قد حکینا ذلک فی باب الوقف عن جملة من کتبهم (و قد تقدم) فی المطلب الثانی فیما إذا أوصی لجماعة من أقرب الناس إلیه أنه لا بد من الصرف إلی ثلاثة لا أنقص فینبغی ملاحظته فعلی هذا إن لم یوجد فی البلد ثلاثة وجب الإکمال فی غیره مراعاة للفظ الجمع و هو یقضی بأن الحکم لیس لبیان المصرف و إلا اکتفی بواحد کالزکاة لکن إن کان علی جهة الاشتراک وجب تتبع من غاب علی حسب الإمکان إلا أن تقول عدم وجوبه تخفیف و رخصة و قالوا فیما نحن فیه إنه لا یجب تتبع من غاب عن البلد و ظاهر (جامع المقاصد) الإجماع علیه حیث قال قطعا و قد عبر بذلک جماعة فی المسألتین أعنی العلویین و الفقراء و بعضهم عبر فیهما بأنه لا یجب و قال مولانا أبو جعفر الجواد (ع) فی خبر علی بن محمد بن سلیمان النوفلی فی الوقف و لیس لک أن تتبع من کن غائبا و قد عمل به هناک الأصحاب و حمل جماعة کثیرون منهم النهی فیه علی رفع توهم الوجوب و قد أسبغنا فیه الکلام هناک و قلنا إنهم استدلوا به أیضا علی ما إذا وقف علی الفقراء أو العلویة و نسبنا إلی الأصحاب أن المراد بلد الوقف و حکینا عن اللمعة التصریح ببلد الواقف (و هل یجب) استیعاب من حضر البلد احتمالان ذکرهما جماعة أصحهما العدم لعدم ما یدل علیه لأن الوصیة للجهة و من ثم لم یشترط القبول و فی (التذکرة) أن الاستیعاب أولی و فی (جامع المقاصد) أنه أحوط (قلت) وجوب الاستیعاب خیرة (الإیضاح) فی الباب و باب الوقف و ظاهر المصنف و غیره ممن قال و لا یجب تتبع من غاب عن البلد إذ مفهومه أنه یجب تتبع من فی البلد و استیعابه و هو یقضی بأن الاستحقاق علی جهة الاشتراک لا علی جهة بیان المصرف و قد استشکل المصنف فی جواز التخصیص و جواز التفضیل و منشأ الإشکال فیهما من أن ذلک هل هو علی جهة بیان المصرف فیجوز التخصیص بثلاثة و تفضیل بعض علی بعض فی العطاء أو علی جهة بیان الاشتراک فلا یجوز شی‌ء منهما فلا بد من الاستیعاب و التساوی کما هو قضیة الاشتراک و هذا الإشکال یقضی بأن المصنف لم یلحظ مفهوم قوله و لا یجب تتبع من غاب و لا ما یلزم من قوله لا یعطی أقل من
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 500
أما لو أوصی لثلاثة معینین فإنه تجب التسویة (1) و لو أوصی لبنی فلان و هم منحصرون اختص بالذکور (2) و لو کانوا منتشرین دخل فیهم الإناث (3)
______________________________
ثلاثة کما عرفت آنفا (و الأول) و هو جواز التخصیص و التفضیل خیرة (جامع المقاصد) و کل ما قیل فیه لا یجب التعمیم و لا تجب التسویة (کالتذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الدروس) و (الحواشی) و غیرها إذ قد صرح بالأمرین فی بعضها و بأحدهما فی البعض الآخر و (وجهه) أن الوصیة للمنتشرین الذین یتعذر استیعابهم إنما یتصور القول بصحتها إذا أرید بهم کونهم مصرفا فلم یسقط وجوب التعمیم للتعذر بل التعذر اقتضی عدم إرادة التعمیم (و وجهه الثانی) و هو عدم جواز التخصیص و التفضیل أنه یجب العمل بالوصیة ما أمکن و إنما سقط وجوب التعمیم للتعذر فیجب استیعاب ما أمکن إذ لا یسقط المیسور بالمعسور (و قال) فی (الإیضاح) إن الوصیة إما أن تکون بلفظ التعمیم أو لا و لا بحث فی الثانی و أما الأول فالمراد منه إما کل واحد و الکل المجموعی و علی التقدیرین فیجب الاستیعاب ما أمکن لسقوط الواجب بالعذر هنا و کونه أقرب إلی الحقیقة (و فیه) أن الحصر ممنوع و لم لا یجوز الجمیع علی جهة المصرف و قرینته تعذر استیعابهم کما فی الزکاة و الوقف و فی (شرح الإرشاد) لفخر الإسلام أیضا فی الوقف فی مثله کلام قد جمع فیه بین کلماتهم قال هذا یشابه بیان المصرف من جهة الاقتصار و یشابه التشریک من جهة أنه لا یجوز الاقتصار مع المکنة و تمام الکلام فی هذه المسألة فی باب الوقف عند قوله و لو وقف علی قبیلة عظیمة فإنا قد أسبقنا هناک و قد تقدم لنا عند قوله و فی جواز تخصیص ثلاثة دون الزائد نظر و فیما إذا أوصی لجماعة من أقرب الناس إلیه کلام له نفع تام فی المقام
(قوله) (أما لو أوصی لثلاثة معینین فإنه تجب التسویة)
کما هو ظاهر و به صرح فی (التحریر) لأن الموصی لهم معینون و نسبتهم إلی الوصیة واحدة فیستوون فیها لأن الأصل عدم التفاضل بخلاف غیر المنحصر
(قوله) (و لو أوصی لبنی فلان و هم محصورون اختص بالذکور)
کما هو ظاهر (جامع المقاصد) و به صرح فی (التذکرة) فی أول البحث و قال بعد ذلک بأوراق و لو أوصی لبنی فلان فالأقرب دخول الإناث و به قال محمد بن الحسن و أبو حنیفة أولا لتناول الاسم الجمیع انتهی و لعل المراد أن الاسم یتناول الجمیع تبعا لکثرة وقوعه فی الاستعمال و لأن جمیع خطابات التکلیف بلفظ الذکور مع أنها شاملة للإناث إجماعا و وجه الأول أن لفظ بنی حقیقة فی الذکور کما أن لفظ بنات حقیقة فی الإناث و أما ما استندوا إلیه فیجاب عنه بأن الدلیل قد قام علی ذلک و لا یلزم منه ثبوت الحکم فی کل موضع و ستسمع وجه التقیید بکونهم محصورین
(قوله) (و لو کانوا منتشرین دخل فیهم الإناث)
أی و إن لم یکونوا محصورین بل کانوا منتشرین دخل فیهم الإناث و فی (التذکرة) الإجماع علیه قال فی (التذکرة) هذا إذا کانوا محصورین و أما إذا کان بنو فلان اسم قبیلة أو فخذ فإنه یدخل فیه الذکور و الإناث إجماعا مع أنه قال فیها أیضا فی موضع آخر و لو أوصی لبنی تمیم فالأقرب دخول البنات انتهی و قال فی (التحریر) و إن وضع للذکور و أمکن دخول الإناث مع الاجتماع کالمسلمین و العلویة فالأقرب دخول الإناث علی إشکال و هو أبلغ مما فی (التذکرة) فی المخالفة للقطع المستفاد من الإجماع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 501
و لو أوصی للأرامل فهو لمن مات عنهن أزواجهن أو بن عنهم بسبب (1) و لو أوصی للإخوة لم تدخل الأخوات (2) و لو أوصی للأیتام لم یدخل البالغ و لا من له أب (3) و لو أوصی لورثة فلان و مات من غیر وارث بطلت و فی الموالی إشکال (4)
______________________________
(قوله) (و لو أوصی للأرامل فهو لمن مات عنهن أزواجهن أو بن عنهم بسبب)
کما فی (التحریر) و (الدروس) و فی (جامع المقاصد) أن الذی فی کلام أهل اللغة أن الأرملة المحتاجة المسکینة قلت ظاهر (التذکرة) الإجماع علی أنه لا فرق فی استحقاق الأرملة بین أن تکون محتاجة مسکینة أم لا ثم إن فی (الصحاح) الأرمل الرجل الذی لا امرأة له و الأرملة المرأة التی لا زوج لها و قد أرملت المرأة إذا مات عنها زوجها قال الشاعر هذی الأرامل قد قضت حاجتها (تقضی حوائجها خ) فمن لحاجة هذا الأرمل الذکر انتهی و فی (النهایة) قد تکرر ذکر الأرمل و الأرملة فی الحدیث فالأرمل الذی ماتت زوجته و الأرملة التی مات زوجها سواء کانا غنیین أو فقیرین و قال قبل ذلک إن الأرامل المساکین من رجال و نساء و یقال لکل واحد من الفریقین علی انفراده أرامل و هو بالنساء أخص و أکثر استعمالا و الواحد أرمل و أرملة انتهی و کأنه یفرق بین الجمع و المفرد فتأمّل و قد حکاه برمته فی (مجمع البحرین) نعم فی (القاموس) رجل أرمل و امرأة أرملة محتاجة مسکینة و الأرمل العزب و هی أن الامرأة العزبة أرملة و لا یقال للعزبة المؤسرة أرملة و لعله یوافق ما حکاه فی (جامع المقاصد) عن أهل اللغة (و کلام الفیومی) نص صریح فی ذلک و قد حکاه عن الأزهری و ابن الأنباری و ابن السکیت (و لا ترجیح) فی (التذکرة) و (قد حکی) فیها عن العامة أقوالا (منها) أن الأرملة هی التی مات زوجها و هی فقیرة (و منها) أن اسمها یقع علی المحتاجة و المبتولة و قال إن بعضهم فرق بین الأرملة و الأیم بأن الأرملة هی التی کان لها زوج سابقا و الأیم لا یشترط فیها تقدم الزوج و یشترکان فی اعتبار خلو الزوج فی الحال و حکی عن الفراء أنه لا یعتبر تقدم الزوج فی الأرامل و قال الأقوی إنه لا یشترط الفقر و قد سمعت ما حکیناه عنه آنفا من أن ظاهره الإجماع علی ذلک و قال فی (التذکرة) أیضا فی دخول من لا زوجة له من الرجال فی لفظ الأرامل وجهین (وجهان ظاهرا) لقول الشاعر أری الأرامل البیت المتقدم و قال إن المشهور عدم الدخول و کذا قال فی (الحواشی) و فی (المصباح) عن ابن الأنباری أنه قلیل لأنه لا یذهب زاده بعقد زوجته لأنها لم تکن قیمة علیه و قد نص أنها المحتاجة و أن المؤسرة لا یقال لها أرملة هذا (و الأیامی) الخالیات من البعل کما فی (التحریر) و (الدروس) و فیهما أیضا أن العزاب من لا أزواج لهم و فی الأخیر فی المتسری نظر من إباء العرف و من الحث علی إزالة العزوبة بالتزویج و فی الأول أنه مشترک بین الذکور و الإناث و الثیب و البکر
(قوله) (و لو أوصی للإخوة لم تدخل الأخوات)
کما فی (جامع المقاصد) لأن لفظ الإخوة لا یتناولهن إلا مجازا لکن التناول و الشمول کثیر الوقوع فی الاستعمال و قد عرفت أن جمیع خطابات التکلیف بلفظ الذکور مع أنها شاملة للإناث إجماعا قال اللّٰه تعالی وَ إِنْ کٰانُوا إِخْوَةً رِجٰالًا وَ نِسٰاءً- فَإِنْ کٰانَ لَهُ إِخْوَةٌ
(قوله) (و لو أوصی للأیتام لم یدخل البالغ و لا من له أب)
کما نص علیه أهل اللغة کما فی (جامع المقاصد) و هو کذلک عرفا و شرعا و یستحق الوصیة الغنی و الفقیر عند علمائنا کما فی (التذکرة)
(قوله) (و لو أوصی لورثة فلان و مات من غیر وارث بطلت و فی الموالی إشکال)
قال فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 502
و لو قال لعصبة زید فمات الموصی و زید حی أعطی عصبته (1) و لو قال لورثته بطلت (2) و لو أوصی للشیوخ صرف إلی من جاوز الأربعین (3)
______________________________
(التذکرة) و لو أوصی لورثة فلان صحت و دخل فیه کل من یرثه من ذکر أو أنثی بنسب أو سبب بالسویة سواء تفاوتت الورثة فی المیراث کابن و بنت أو اتفقوا کابنین أو بنتین و لا یعتبر تفاوتهم فی الإرث و قالت الحنفیة الوصیة بینهم للذکر مثل حظ الأنثیین و لیس بمعتمد و لو لم یکن له وارث خاص صرف ماله إلی بیت المال و بطلت الوصیة عند الشافعیة و أما علی مذهبنا فمقتضاه أنه یکون للإمام لأنه وارث من لا وارث له فهو وارث خاص انتهی و فی (جامع المقاصد) بعد حکایته عنه أنه محتمل قلت لعله لعدم تناول الوارث له عرفا ثم استظهر دخوله أی الإمام لأن الحقیقة الشرعیة مقدمة و مراده أن الإمام وارث شرعا و فیه أنها إنما تقدم إذا صدرت من الشارع لا فیما إذا صدرت من أهل العرف کما هو واضح (و قد استشکل) المصنف فی دخول الموالی و قد جعل منشأ الإشکال فی (الإیضاح) من کونه وارثا لغة و شرعا و من العرف لأنه إذا أطلق لفظ الوارث یسبق إلی الذهن عرفا غیرهم فیکون مجازا فلا یحمل علیهم عند الإطلاق و لیس لتصحیح التصرف الناقل قرینة توجب الحمل علی المجاز و نحوه ما فی (جامع المقاصد) و قد اختارا فیهما الدخول و استند فی الثانی إلی أن الحقیقة الشرعیة مقدمة و قد عرفت ما فیه هذا و الظاهر أنه لا یستحق الوصیة إلا من کان وارثا لفلان بالفعل قبل موت الموصی کما سیأتی التنبیه علیه عند قوله و لو قال لورثته
(قوله) (و لو قال لعصبة زید فمات الموصی و زید حی أعطی عصبته)
کما فی (جامع المقاصد) و هو قضیة کلام (التذکرة) لأنه صححها لو قال لورثته حینئذ کما ستسمع لأن لفظ العصبة لا یشترط فی صدقه موت زید بخلاف الورثة لأن العصبة إما عصبته بنفسها و هی کل ذکر لا یدخل فی نسبته إلی المیّت أنثی و هم البنون و أبناؤهم و إن سفلوا و الآباء و آباؤهم و إما عصبة مع غیرها و هی الأخت للأب و الأم أو للأب فإنها تعصب البنت و ترث معها عند العامة و أعمام البنت لأب ثم بنوهم ثم أعمام الأب ثم بنوهم و إن سفلوا و إما عصبة بغیرها و هی ابن الابن فإنه یعصب البنت و یرث معها و البنت عمته علی اختلافاتهم و أکاذیبهم و هؤلاء جمیعا لا یشترط فی صدقهم موت من هم عصبته فتصح الوصیة لهم
(قوله) (و لو قال لورثته بطلت)
أی فمات الموصی و زید حی لأن الموصی له لا بد من وجوده وقت الوصیة و ربما تجدد وارث فلان بعدهما کما لو تجدد له ولد و قال فی (التذکرة) و لو مات الموصی و الذی أوصی لورثته أو لعقبه حی فللشافعیة قولان أشهرهما عندهم بطلان الوصیة لأن الإنسان لا یرثه و لا یعقبه أحد و هو حی و قال بعضهم تصح الوصیة فی لفظ العقب إن کان له أولاد لأنهم یسمون عقب الشخص فی حیاته قال و مثل هذا یحتمل فی لفظ الورثة فعلی هذا توقف إلی أن یموت فتبین من یرثه (و الأقرب) عندی الصحة لأن الظاهر أن مراده من یرثه بعد موته فیصرف اللفظ إلیه عرفا انتهی (قلت) لکن الظاهر أن مراده من کان وارثا لفلان بالفعل موجودا قبل موت الموصی و ربما تجدد له وارث بعدهما کما عرفت نعم لو أراد من کان موجودا وقت الوصیة لم یکن ما ذکره بعیدا
(قوله) (و لو أوصی للشیوخ صرف إلی من جاوز الأربعین)
کما فی (مجمع البحرین) قد حکی ذلک عن أمیر المؤمنین (ع) و قال فی (التذکرة) و اختلفت الشافعیة فی الشیوخ و الفتیان و الشبان فقال بعضهم الشیوخ هم الذین جازوا الأربعین و الفتیان و الشبان الذین جازوا البلوغ إلی الثلاثین و یفهم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 503
و للشبان إلی من جاوز البلوغ إلی الثلاثین (1) و للکهول لمن بلغ الأربعین (2) و للغلمان و الصبیان من لم یبلغ (3) و لو أوصی لأعقل الناس صرف إلی الزهاد و العلماء (4) و لو قال لأحمقهم تبع العرف (5)
______________________________
منه أن الکهول بین الثلاثین إلی الأربعین ثم قال و المعتمد الرجوع إلی اللغة و العرف و لم یتعرض لمعنی الشیخ فی (النهایة) و (الصحاح) و کأنهما أحالاه علی العرف و فی (المصباح المنیر) أن الکهل من جاوز الثلاثین و خطه الشیب ثم قال و قیل إنه ابن أربعین و قیل إنه ابن ثلاثین و فی (القاموس) أن الشیخ من استبانت فیه السن و أنه یصدق علی ابن خمسین أو إحدی و خمسین إلی آخر العمر أو إلی الثمانین و فی جملة کلامه فی الکهل أنه من جاوز الثلاثین أو أربعا و ثلاثین إلی إحدی و خمسین و الحاصل أنه إن تعین معنی اللفظ لغة و عرفا فذاک و إن لم یتعین کذلک و لا علم قصد الموصی اتجه البطلان
(قوله) (و للشبان إلی من جاوز البلوغ إلی الثلاثین)
فی (المصباح) و (المجمع) أن الشباب قبل الکهولة و فی الأخیر أن فی الحدیث أن ابن ثلاثین سنة یسمی شابا و لا تعرض لمعناه فی (النهایة) و (الصحاح) و (القاموس) و کأنهم أحالوه إلی العرف
(قوله) (و للکهول لمن بلغ الأربعین)
قد سمعت ما فی (المصباح) و (القاموس) و فی (النهایة) و (الصحاح) و (المجمع) أنه من جاوز الثلاثین و فی الثالث و خطه الشیب و فی الأولین إلی أربعین و فی الأول و قیل من ثلاث و ثلاثین إلی تمام الخمسین
(قوله) (و للغلمان و الصبیان من لم یبلغ)
قال فی (جامع المقاصد) أما الغلمان و الصبیان فلا بحث فیهم
(قوله) (و لو أوصی لأعقل الناس صرف إلی الزهاد و العلماء)
کما فی (جامع المقاصد) و یمکن أن یکون عطف العلماء عطف تفسیر کما فی (الحواشی) (قلت) فی الأخبار أن العالم الذی إذا نظرت إلیه ذکرک الآخرة و من کان علی خلاف ذلک فالنظر إلیه فتنة ذکر ذلک مولانا الصادق (ع) فی تفسیر قوله (ع) النظر إلی وجه العالم عبادة إذ معناه أنک تراه زاهدا لیس علیه لباس المترفین کما أن النظر إلی داره عبادة لأنک تراها غیر غالیة و لا مزخرفة کما أن النظر إلی وجه الفاطمی عبادة لأنک تری حقه فی ید غیره فلا بد أن یکون العالم زاهدا قال الشاعر و العلم معناه العفاف تعففا و العلم من دون العفاف نفاق و فی (التذکرة) أنه یصرف لأجودهم تدبیرا فی دینه و دنیاه و یمکن إرجاعه إلی ما هنا لأنه لا ریب أن الزهد وحده لا یکفی من دون العلم خلافا للشافعی فإنه اکتفی به وحده و قال إنه أعقل الناس فالعالم یعرف محال الزهد و ربما کان الزهد من دونه قاطعا عن کثیر من مقاصد الدین و فی (الدروس) أن الأعقل و الأعلم و الأزهد و الأورع و الأتقی و غیرها من صفات المبالغة الظاهر حمله علی الإمام و لو علم عدم إرادته نزل علی من یغلب علی الظن اتصافه بذلک و فی کلام أمیر المؤمنین (ع) أن أعقل الناس هو المقبل علی شأنه العارف بأبناء زمانه العامل بلسانه و جنانه و أرکانه
(قوله) (و لو قال لأحمقهم تبع العرف)
قال فی (التذکرة) إن بعض أصحاب الشافعی قال یصرف إلی عبدة الأوثان و قال بعض أصحابه إلی من یسب الصحابة و قال صاحب (تتمة) من الشافعیة یصرف إلی الإمامیة المنتظرة للقائم (ع) و (فیه) أن الصحابة قد سب بعضهم بعضا بل قتل بعضهم بعضا و هو أعظم من السب بل قد سب عمر رسول اللّٰه و قال إن الرجل لیهجر و قال إنه شجرة تنبت فی کبا و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 504

[المطلب الثانی فی الأحکام المعنویة]

المطلب الثانی فی الأحکام المعنویة (1) لو أوصی بخدمة عبده أو أجرة داره أو ثمرة بستانه صح من الثلث أیضا (2)
______________________________
السب النیل و النیل السب و القول فیه بما یکره و الشتم السب (و یرد) صاحب التتمة بأن الحمق و الجهل إن کان لاعتقادهم الإمامة و العصمة فقد دل العقل و النقل علیهما و إن کان بسبب اعتقادهم طول عمره ففیه أن ذلک أمر ممکن واقع الخضر باق إلی الآن و عاش آدم تسعمائة سنة و ثلاثین سنة و کذلک شیث عاش تسعمائة سنة و اثنتی عشرة سنة و عاش نوح ألف سنة و ثلاثمائة سنة و فی روایة أخری ألفین و ثلاثمائة بل ینبغی أن یصرف هذه الکلمة إلی من جوز رؤیة اللّٰه سبحانه و تعالی و جوز أن یکون بین أیدینا جبال شاهقة و أن یسمع الأصم الذی لم یسمع شیئا من أول عمره و هو علی طرف قطر المشرق أدنی مشاورة بین اثنین لا یسمع ثالث عندهما و هما علی طرف قطر المغرب و أن یشاهد الأعمی علی طرف قطر المشرق نملة بقدر رأس الإبرة أغشی علی صخرة سوداء فی طرف قطر المغرب و قال فی (جامع المقاصد) لا أری لهذه الصفة مصرفا أقرب من القائل بأن معاویة مأجور علی حرب أمیر المؤمنین (ع) و علی سبه إیاه و إهانة أهل البیت (ع) و إیذائهم فإن هؤلاء کادوا یکونون أشر من عبدة الأوثان
(قوله) (المطلب الثانی فی الأحکام المعنویة)
قد تقدم لنا فی المطلب الأول بیان الوجه فی هذا العنوان فإنه قد جعل عنوان الأول فی الأحکام الراجعة إلی الألفاظ لاشتماله علی کثیر منها کالحقیقة و المجاز و الاشتراک و التواطؤ و هذا بخلافه لأنه قد تضمن صحة الوصیة بالمنافع من الثلث کالأعیان سواء عدت مالا أم لا و عساک تقول إنه لا بد من ملاحظة اللفظ (فی المعانی خ) فی المقامین قلنا هو کذلک لکن هناک فرقا و هو أن البحث عن الحامل مثلا من الأحکام اللفظیة بمعنی أن البحث مقصور علی ما وضع له اللفظ فی الحامل لغة و عرفا و هو لا یتناول الحمل و أما البحث عن الخدمة فلیس من حیث وضع الخدمة للمنفعة المخصوصة بل من حیث إنها کالأعیان تنفذ من الثلث و أما صحة الوصیة بها فقد طفحت بها عباراتهم فی تعریفها و فی أحکام الموصی به و انعقدت علیها إجماعاتهم و لم یحک الخلاف إلا عن ابن أبی لیلی و الشافعیة فی أحد قولیها لأنها معدومة کما تقدم ذلک کله و الغرض من هذا المطلب بیان صحتها من الثلث
(قوله) (لو أوصی بخدمة عبده و أجرة داره أو ثمرة بستانه صح من الثلث أیضا)
أی کما تصح الأعیان من الثلث کما فی (المبسوط) و غیره قال فی (التذکرة) إن الوصایا بأسرها إنما تخرج من ثلث المال و إنها متی زادت علی الثلث اعتبر إجازة الورثة و لا فرق فی ذلک بین الأعیان و المنافع فإذا أوصی بالمنفعة اعتبر خروجها من ثلث المال عند علمائنا أجمع و قد یظهر أو یلوح دعوی الإجماع من (المبسوط) ثم حکی فی (التذکرة) الخلاف عن مالک قال إذا لم تخرج من الثلث فللورثة الخیار بین تسلیم خدمة العبد سنة و بین تسلیم ثلث المال و عن أصحاب الرأی و أبی ثور قالوا إذا أوصی بخدمة سنة فإن العبد یخدم الموصی له یوما و للورثة یومین حتی یستکمل الموصی له سنة فإذا أراد الورثة بیع العبد بیع علی هذا انتهی (و قد نقل) الإجماع منا قبل ذلک علی صحة الوصیة بالمنافع قال تصح الوصیة بالمنافع کخدمة عبده و غلة داره و سکناها و ثمرة بستانه التی استحدث سواء أوصی بذلک فی مدة معلومة أو بجمیع الثمرة و المنفعة فی الزمان کله عند علمائنا أجمع و هو قول عامة أهل العلم کما تقدم بیان ذلک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 505
و هی تملیک لا عاریة (1) فلو مات الموصی له ورث عنه و تصح إعارته و إجارته و لا یضمن العبد إذا تلف فی یده بغیر تفریط (2) و إذا أوصی له بمنافعه ملک جمیع اکتساب العبد من الاصطیاد و الاحتطاب و الاحتشاش (3) فإن أعتق فإشکال (4)
______________________________
کله (ثم) إن فی عد ثمرة البستان من المنافع فی (الکتاب) و (التذکرة) و کذا (الخلاف) و (المبسوط) و (التحریر) و غیرها مع أنها عین نوعا من التسامح و کان الأولی أن تقول و غیر ذلک من المنافع کما فی (التحریر) لیکون أشمل و لا فرق فی ذلک بین أن تکون الثمرة و المنفعة موجودة أو لا کما فی (التحریر) أیضا و قد سمعت إجماع (التذکرة) آنفا
(قوله) (و هی تملیک لا عاریة)
بإجماع الإمامیة کما فی (الإیضاح) و جمیع علمائنا کما فی (جامع المقاصد) و ظاهر (التذکرة) کما ستسمع و قد نص فی (المبسوط) علی أنها تملیک و عن أبی حنیفة أنها إنما هی عاریة لازمة لا ملک فیها فلا تورث عنه و لیس له الإجارة هذا إذا أطلق الوصیة أو قیدها بالتأبید و المراد بالتأبید استیعاب الوصیة منفعة العبد مدة حیاته بإجماع الإمامیة کما فی (الإیضاح) و قد فرع علیه أنه یورث و أن له إجارتها و إعارتها و کذا إذا أوصی بمنفعة مدة معینة و حکی عن بعض الشافعیة أنها لا تنتقل إلی الموصی له إلا عند الإطلاق هذا و لا فرق عندنا فی ذلک بین کون الوصیة بالمنفعة مؤبدة أو مطلقة أو موقتة کما هو قضیة کلامهم و علیه نص فی (جامع المقاصد) و قد سمعت ما فی (التذکرة) آنفا
(قوله) (فلو مات الموصی له ورث عنه و تصح إعارته و إجارته و لا یضمن العبد إذا تلف فی یده بغیر تفریط)
قد تضمن کلامه هذا أحکاما أربع ظاهر (التذکرة) الإجماع علیها أجمع قال فلو مات الموصی له کانت المنافع موروثة عنه کسائر حقوقه و أمواله و له إجارة الأعیان و الإعارة لها و الوصیة بها و لو مات العبد فی یده لم یضمنه کما لا یضمن المستأجر عند علمائنا و به قال الشافعی و لیس علیه مئونة الرد انتهی و قد سمعت ما فی (الإیضاح) و معقد هذا الإجماع مقطوع به و إن قل المصرح به حتی إن الشیخ فی (المبسوط) لم یصرح به لکنه معلوم من کلامه و تفاریعه کما ستعرف و هذا یتفرع علی القول بأنها تملیک و علی القول بأنها عاریة فلا إرث و لا تصح الإجارة و لا الإعارة و لو تلف بغیر تفریط و قلنا إن العاریة مضمونة یکون ضامنا
(قوله) (و إذا أوصی له بمنافعه ملک جمیع اکتساب العبد من الاصطیاد و الاحتطاب و الاحتشاش)
و کذا أجرة الصنعة و الخدمة و أما الثلاثة الأول فلأن الحیازة حق للموصی له فیثبت له الملک بموجبها و أما الأخیر فلأنها بدل منافعه و هذا مما لا ریب فیه کما فی (جامع المقاصد) قلت و لا خلاف فیه من أحد فی الاکتساب بالشائعة المعتادة و أما الاکتساب بالنادرة کالملتقط و الموهوب و نحوهما فللشافعیة فیه وجهان أحدهما الدخول لدخوله تحت عموم الاکتساب و الثانی المنع لأنها لا تقصد بالوصیة لندورها و لیس بشی‌ء لأن العام الذی هو معقد الإجماع یتناول الأفراد النادرة فلا یقصد جریانه بالفعل بل بالقوة
(قوله) (فإن أعتق فإشکال)
أقواه أن منفعته باقیة للموصی له و تبقی الوصیة بحالها کما لو أعتق العبد المستأجر کما فی (جامع المقاصد) و به جزم فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) لأنه ملک جمیع منافعه بالوصیة و ملکه مستمر إلی ما بعد العتق لأنه قد ثبت استحقاقه جمیع المنافع التی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 506
و فی تملک ولد الجاریة و عقرها إشکال ینشأ من بطلان الوصیة بمنفعة البضع و کون الولد جزء من الأم یتبعها فی الأحکام (1) و من کون ذلک کله من المنافع (2)
______________________________
من جملتها رق المتنازع فیه و الأصل بقاؤه و العتق إنما اقتضی فک الرقبة دون المنافع و لأنه لو لم یبق بحاله لزم تبدیل الوصیة بالعتق و هو باطل و فی (الإیضاح) أن الأقوی العدم لأن تملک المباحات تابع للنیة خصوصا علی القول بالافتقار فی تملکها إلی النیة کما هو الأقوی فإذا حازها بنیة التملک مع حریته وجب أن یثبت الملک و علی القول بالتملک بمجرد الحیازة فثبوت الملک له أظهر ثم إنه یبعد أن یکون الحر مستحق المنفعة أبد الدهر و فی (الحواشی) أنه المنقول و فیه أنه غیر بعید عدم تأثیر نیته إذا لم یکن له ذلک و الاستبعاد لیس محل اعتماد إذا لم یعضده الدلیل فحصل الفرق بین الاستبعادین
(قوله) (و فی تملک ولد الجاریة و عقرها إشکال ینشأ من بطلان الوصیة بمنفعة البضع و کون الولد جزء من الأم یتبعها فی الأحکام و من کون ذلک کله من المنافع)
أراد بالوجه الأول أنه من المعلوم أن منافع البضع لا تصح الوصیة بها إذ لیست کسائر المنافع تملک بکل سبب صالح لنقل المنفعة و إنما تملک بالعقد أو بملک الرقبة أو بإباحة المالک فلا تندرج فی الوصیة بجمیع المنافع فلا یستحق بدلها بالوصیة و الولد إما جزء من الأم أو بمنزلة الجزء منها فلا تتعدی الوصیة بالمنافع إلیه و فی (جامع المقاصد) أنه الأصح فیهما و جزم فی (التحریر) و (التلخیص) بعدم ملکه الولد و أنه لمالک الرقبة و قربه فی العقر فی (التحریر) و به جزم فی (المبسوط) و کذا (التلخیص) و لا ترجیح فیه فی (الإیضاح) و سیأتی للمصنف إعادة الإشکال فی العقر عند قوله و لو وطئت للشبهة إلی آخره و العقر ما وجب بوطئها أو بعقد النکاح علیها کالمهر إذا زوجت أو مهر المثل أو العشر أو نصفه إذا وطئت وطئا موجبا لمهر و (قوی) فی (المبسوط) أن تکون رقبة الولد لورثة الموصی کأمه و المنفعة للموصی له کأمه و فی (التذکرة) أنه أولی و قد فهم الشارحان ذلک من قوله فی الکتاب و کون الولد جزءا من الأم یتبعها فی الأحکام بأن یکون مراده أن رقبة الولد لورثة الموصی و منفعته للموصی له فیکون أشار فی هذا الوجه إلی أن العقر للموصی و فصل فی الولد و قد یفهم ذلک من عبارة (التحریر) و قد قال فی (الإیضاح) أن هذه الکلمة و هی کون الولد جزءا من الأم یتبعها فی الأحکام قول الفقهاء
(قوله) (و من کون ذلک کله من المنافع)
هذا المنشأ الثانی من الإشکال لأن کلا من العقر و الولد معدود من المنافع فیندرج فی عمومها و فی (الإیضاح) فی الولد أنه اصطلاح الفقهاء قال اصطلاح الفقهاء علی أن الولد کسب والده و لهذا کان للمکاتب الاستسعاء به عند إشرافه علی العجز و لأنه قد روی أن النبی (ص) سمی ولد الرجل کسبا لأبیه و فیه أن اسم المنفعة لا یقع علی الولد إلا مجازا و أما العقر ففیه أنک قد عرفت امتناع الوصیة بالبضع فلا یتناوله العموم لکن فی (الحواشی) أنه المنقول و لا ترجیح فی (الإیضاح) و قد تحصل أن فی الولد ثلاثة احتمالات أحدها أنه للموصی الثانی أنه للموصی له الثالث أن الرقبة لورثة الموصی و المنفعة للموصی له لکنه لم یذکر فی (المبسوط) إلا الأخیرین و لم یذکر الأول کما أنه علی ما فهموه من الکتاب لم یذکره أیضا نعم قد ذکرت الثلاثة فی (التذکرة) و أن فی العقر احتمالین و لم یذکره بالکلیة فی (المبسوط) و لیعلم أن الولد مملوک علی کل حال سواء أتت
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 507
و هل یملک الوطء الأقرب المنع (1) و یمنع أیضا الوارث منه (2) فإن وطئ أحدهما فهو شبهة لا حد علیه (3) و تصیر أم ولد لو حملت من الوارث لا من الموصی له (4) و إذا منعنا من تملک الولد فالأقرب سقوط الخدمة عنه (5)
______________________________
به من زوج أو مملوک إجماعا کما فی (التذکرة)
(قوله) (و هل یملک الوطء الأقرب المنع)
و فی (الإیضاح) أنه الأصح و کان الأولی بهما الجزم بالمنع کما جزم به فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) لأن الوطء لا یحل إلا بالطرق الثلاثة و هی منتفیة هنا و هو فرع علی ملک المهر و أما إذا قلنا بأنه لا یملک المهر فإنه لم یملک الوطء قطعا کما فی (الإیضاح) و وجه غیر الأقرب أنه من جملة المنافع و إذا ملک الوطء بالتحلیل فبالتملیک أولی و قال فی (الحواشی) إنه یشکل لو أوصی بتحلیل جاریته أو تزویجها انتهی فتأمّل
(قوله) (و یمنع أیضا الوارث منه)
کما جزم به فی (المبسوط) و (التذکرة) و کذا (جامع المقاصد) و استشکل فی (التحریر) فی جواز وطئه لها و إن کان مالکا لها لأنه فیه تفویتا لبعض المنافع و تعریضا للهلاک بالطلق و نقصان المنفعة بالحبل و لو کانت ممن لا تحبل فوجهان أصحهما العدم لأن الأصل فی ذلک أن الملک غیر تام و لیس لکل منهما تزویجها علی الانفراد علی الأصح و تأمّل فی (التحریر) فی جوازه للمالک و لو اتفقا علیه جاز و ولیها مالک رقبتها و قال بعض العامة إنها لو طلبته الجاریة وجب تزویجها لأن حقها مقدم علیهما کما لو طلبته من سیدها مالک رقبتها فإنه یجبر علیه و لیس ذلک مذهبا لأحد منا
(قوله) (فإن وطئ أحدهما فهو شبهة لا حد علیه)
أما الوارث فظاهر لأنه مالک الرقبة و لا تأمّل فیه و أما مالک المنفعة فکذلک إذا کان جاهلا أو ظانا الحل و به صرح فی (المبسوط) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و هو قضیة کلام (التذکرة) بل أطلق فی الأولین کالکتاب بحیث یتناول العالم و یأتی فی أواخر إطلاق مثل (و یأتی له إطلاق آخر نسخه) و لعله لقیام الشبهة لأن المسألة موضع تردد بل صرح فی (المبسوط) بأنه إذا وطئها و خالف الشرع فلا حد و لا مهر لأن المهر له و الولد لاحق به و یثبت به النسب و یکون حرا و تکون أم ولد عندنا ثم قال و عند قوم لا تکون أم ولد انتهی و فی (التذکرة) إن وطئها مع علمه بالتحریم حد کالمستأجر و الشریک و فی (جامع المقاصد) أنه أقرب و إذا وطئها الأجنبی لشبهة فحکمه واضح
(قوله) (و تصیر أم ولد لو حملت من الوارث لا من الموصی له)
کما صرح بالأول فی (المبسوط) و (التحریر) و (جامع المقاصد) لأنه مالک للرقبة و بالثانی فی (التحریر) و هو ظاهر (جامع المقاصد) و صرح فی (المبسوط) بأنها تصیر أم ولد إذا حملت من الموصی له و ظاهره الإجماع علیه کما سمعت و هو الأشبه للشبهة
(قوله) (و إذا منعنا من تملک الولد فالأقرب سقوط الخدمة عنه)
کما جزم به فی (التلخیص) و فی (الإیضاح) أنه الصحیح و فی (جامع المقاصد) أنه الأصح و مراده أنا إذا قلنا إن الولد المتجدد لیس ملکا للموصی له فالأقرب سقوط الخدمة عنه بمعنی أنه لا یکون موصی بمنافعه لأن منافعه غیر داخلة فی منافعها لأنه لیس جزءا منها و لا یشمله اسمها فیکون حکمه حکمها و لا من منافعها فیکون من
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 508
و لو وطئت للشبهة فعلی الواطئ العقر للموصی له علی إشکال (1) فإن أتت بولد فهو حر و علی الواطئ قیمته فإن قلنا الموصی له یملک الولد فالقیمة له و إلا فللوارث (2) و لو ولدت من الموصی له فهو حر و علیه القیمة و فی المستحق ما تقدم (3)
______________________________
جملة الموصی به فلا مقتضی للإلحاق فینتفی وجه غیر الأقرب إذ لا وجه له إلا الإلحاق بأمه و قوله فیما سلف و کون الولد جزءا من الأم یتبعها فی الأحکام لا ینافی ما قربه هنا لأنه إنما ذکره فی أحد مناشئ الإشکال و ذلک لا یقضی باختیاره له
________________________________________
عاملی، سید جواد بن محمد حسینی، مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلاّمة (ط - القدیمة)، 11 جلد، دار إحیاء التراث العربی، بیروت - لبنان، اول، ه ق

مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)؛ ج‌9، ص: 508
(قوله) (و لو وطئت للشبهة فعلی الواطئ العقر للموصی له علی إشکال)
قد تقدمت هذه المسألة و استشکاله فیها فی قوله و فی تملک ولد الجاریة و عقرها إشکال فلو قال علی الإشکال معرفا له باللام لکان أولی و قد قلنا هناک إنه فی (المبسوط) جزم بأن العقر للموصی له و أن فی (التحریر) و (التلخیص) و (جامع المقاصد) أنه للورثة و أن لا ترجیح فی (الإیضاح) و أن الإشکال ینشأ من أن منفعة البضع لا تملک بالوصیة و من أن العقر بدل بعض منافعها و قد ملک الموصی له جمیعها
(قوله) (فإن أتت بولد فهو حر و علی الواطئ قیمته فإن قلنا الموصی له یملک الولد فالقیمة له و إلا فللوارث)
یرید أن القیمة تابعة لملک الرقبة فإن قلت إن الموصی له یملک الولد فالقیمة له و به جزم فی (المبسوط) و إلا فلا فیکون لمالک الرقبة کما هو خیرة (التحریر) و (التلخیص) و (جامع المقاصد) کما تقدم و قد تقدم تفصیل (المبسوط) و (التذکرة) هناک فلا تغفل و لا ریب أن إطلاقه القول بحریة الولد مقید بثبوت الشبهة و حریة الواطئ
(قوله) (و لو ولدت من الموصی له فهو حر و علیه القیمة و فی المستحق ما تقدم)
حکمه بحریة الولد من دون تفصیل بین علمه بالحرمة و ظنه الحل یوافق إطلاقه سابقا و إطلاق (المبسوط) و (التحریر) کما سمعت آنفا و قد أورد علی قوله و علیه القیمة و فی المستحق ما تقدم بأن فیه تساهلا إذ الحکم بأنها علیه یستلزم الجزم بأنها لورثة الموصی و قوله و فی المستحق ما تقدم یستلزم التردد بأنها له أو لورثة الموصی و الجمع بین الجزم و الشک تناقض فلو قال فهو حر و علیه القیمة للورثة أو لا شی‌ء علیه زال التسامح هذا هو المستفاد من (الإیضاح) و (الحواشی) و بین المسامحة فی (جامع المقاصد) بأنه ذکر ترددا فی مستحق الولد مع رقبته و قیمته مع حریته و جزم هنا بوجوب القیمة علی الموصی له إذا استولدها ثم أشار فی تعیین المستحق إلی ما سبق و الجزم و التردد متنافیان لأن وجوب القیمة علیه إنما یتحقق إذا کان المستحق غیره إذ لا یعقل الوجوب علیه لنفسه انتهی و هما متقاربان متلازمان و (أجاب) فی (الإیضاح) بأن فی العبارة المذکورة فوائد الأولی أن الولد لا یخلو إما أن یکون للموصی أو للموصی له و علی التقدیر الثانی فانتقاله إلیه من الموصی و علی کل تقدیر فالأصل ملک الموصی و الموصی له طار علیه فلا ترجح هنا أصالة البراءة لأنها متفرعة علی خلاف الأصل فإذا تکافأت الأمارتان حکم علیه بالقیمة و إیقافها حتی یتبین المستحق للولد عنده بمرجح لإحدی الأمارتین و حاصله علی طوله أن القیمة تابعة للولد المتلقی من الموصی و فی مستحقه تردد و قضیة ذلک وجوبها علی الواطئ حتی یتبین المستحق عند المجتهد فأرسل الأول بناء علی الأصل الثانی أنه لو مات الواطئ لم یتمکن الورثة من التصرف فی مقدار القیمة إلی أن یتبین المستحق و حینئذ فلو کان مفلسا لم یقسم قدر القیمة بین الغرماء لذلک و فی (الحواشی) و (جامع المقاصد) أن فیما ذکره تکلفا ظاهرا (قلت) بل هو غیر مستقیم لأن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 509
و هل له المسافرة بالعبد الموصی بخدمته الأقرب ذلک (1) و لیس للعبد التزویج إلا برضاهما (2) و إذا قتل الموصی بخدمته أبدا و وجب القصاص بطلت الوصیة و کان المطالب بالقصاص الوارث (3) و لو کان القتل موجبا للقیمة احتمل صرفها إلی الوارث لانتهاء الوصیة بانتهاء العمر (4)
______________________________
التردد فی المستحق یقضی بالتردد فی وجوب القیمة علی الموصی له کما هو واضح و ما ذکره من عدم تمکین الورثة و الغرماء من قدر القیمة إلی الترجیح لا یستلزم الوجوب علی الموصی له بل یکفی فیه التردد کما لا یخفی (و احتمل) فی (الحواشی) أن الضمیر فی علیه یعود إلی الولد و تکون علی بمعنی الباء کما فی قولهم ضربه علی ظلمه أی بظلمه فیصیر معنی الکلام و القیمة تجب بسبب الولد انتهی فتأمّل
(قوله) (و هل له المسافرة بالعبد الموصی بخدمته الأقرب ذلک)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و فی (الإیضاح) أنه أصح و قربه فی (التحریر) علی إشکال ینشأ من أنه لو منع لانتقص انتفاعه و تبعض علیه لأن من جملة منافعه الاستمتاع به و الانتفاع منه فی السفر فلو منع منه لم یکن مستجمعا للجمیع و لا فرق فی ذلک بین أن یکون منافعه موصی بها علی التأبید أو التوقیت و من تعریضه للتلف و إبعاده عن مالکه فلا یجوز السفر به کما لا یجوز لزوج الأمة السفر بها و ربما انتهت المدة الموقتة فی السفر فی بعض الصور و یضعف الأول بعدم ضرر احتمال الضرر لأنه ینتقص بما لو صرح بالسفر و الحضر فإنه یستحقه بصریح اللفظ فکذا بعمومه و الثانی بأن المنفعة هناک للسید فلذلک یستقل بالسفر بها و مالک الرقبة هنا لا یستقل کزوجها هناک
(قوله) (و لیس للعبد التزویج إلا برضاهما)
کما فی (جامع المقاصد) و الوجه فی ملک الرقبة ظاهر و أما الموصی له فلتفویت بعض المنافع علیه لاشتغاله بالزوجة و الولد و لا سیما إذا کان مشغوفا بهما فصحة النکاح قاضیة غالبا بتفویت بعض المنافع
(قوله) (و إذا قتل الموصی بخدمته أبدا و وجب القصاص بطلت الوصیة و کان المطالب بالقصاص الوارث)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) لانقطاع الوصیة قطعا و انتفائها بانتهاء العمر کما لو مات و لیس هناک ما یوجب البدل لیحتمل تعلق الوصیة به بل لو صالح المالک علی مال لم یکن للموصی له فیه شی‌ء لأن الواجب فی العمد کما هو المفروض أصالة إنما هو القصاص و لا حظ فیه لغیر مالک الرقبة فلا یکون بدله إلا له و منه یعلم أنه لیس للموصی له منعه من القصاص
(قوله) (و لو کان القتل موجبا للقیمة احتمل صرفها إلی الوارث لانتهاء الوصیة بانتهاء العمر)
قد اختلف العامة فی المسألة علی أربعة أقوال ذکر المصنف ثلاثة منها و اقتصر فی (المبسوط) و (التحریر) و (التلخیص) علی ذکر قولین و هما الأول و الثانی فی عبارة الکتاب و قد جعل المسألة فی (الإیضاح) مبنیة علی أن المقتول لو لم یقتل لعاش قطعا أم لا ثم قال إن الموصی له لا عوض له علی اللّٰه سبحانه و تعالی علی الأول لتناول الوصیة وقت الحیاة انتهی فتأمّل علی أنه لیس بناء واضحا کما فی (جامع المقاصد) لأن استحقاق الموصی له إنما هو للمنافع الموجودة بالفعل دون المنافع التی لو لا العارض لکانت موجودة و (کیف کان) فالقول الأول هو أن جمیع القیمة تصرف إلی الوارث و لا حق للموصی له فیها لأن حقه هو المنافع مدة حیاة العبد فتنتهی الوصیة بانتهاء عمره فعند الموت
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 510
و شراء عبد حکمه ذلک (1) و تقسیطها بینهما بأن تقوم المنفعة المؤبدة و العین المسلوبة المنفعة و تقسط علیهما (2)
______________________________
لا یکون للموصی له حق لأن حقه إنما هو المنافع و لم یتلفها القاتل إنما تلف العین التی هی متعلقها و العین حق للوارث فیکون بدلها له و قال فی (جامع المقاصد) بعد إنه أقرب الجمیع لقائل أن یقول إن الوارث یستحق العین مسلوبة المنافع و حین القتل تکون منتفعا بها فالزائد من القیمة لا حق للوارث فیه فیکون للموصی له و قد یجاب بأن الموصی له إنما استحق المنافع مدة حیاة العبد فلذلک استحق الوارث العین مسلوبة المنافع أما عند الموت فقد انقطع حق الموصی له و انحصر الحق فی الوارث کالعین المستأجرة إذا أتلفها متلف فإن المستأجر لا حق له فی البدل بل یرجع إلی مقابل الفائت من المنفعة من الأجرة بخلاف ما لو استوفی المنفعة غاصب و یمکن المناقشة فیه بأن حق الموصی له إنما ینقطع من العین إذا خرجت عن الانتفاع بها و ذلک بعد الموت و عند تقویمها هی منتفع بها فیکون حق الموصی له متعلقا بها کما لو اتفق الموصی له و الوارث علی بیع العین فإن مقابل کونها منتفعا بها حق للموصی له و لو أوصی بالمنافع مؤیدة لزید و بالرقبة مسلوبة المنافع لعمرو فعرض القتل فإن القول باستحقاق عمرو جمیع القیمة المقابلة للعین المنتفع بها بعید عن الصواب و أیضا فإن العین إنما قومت علی القول بتقویمها علیه بالقیمة الدنیا فکیف یستحق القیمة العلیا و قد یجاب عن الأول بأن العین تخرج عن الانتفاع بها لصیرورتها مشرفة علی الموت مقطوعا بموتها فینقطع حق الموصی له حینئذ و یغرم القاتل للوارث فتأمّل و عن الثانی بأن العین قد تقوم بقیمة دنیا لکونها فی معرض تلف أو نقص منفعة ثم یزول ذلک فلا یرجع علی من قومت علیه بالزائد کالعبد المریض و الذی فی طریق خطر هو مظنة التلف إذا احتیج إلی تقویمها فی تلک الحالة فقومت بالقیمة الدنیا و انفصل الأمر ثم زال العارض بعد لحظة و هنا کذلک لأن الموصی به فی وقت الموت کانت قیمته قلیلة بسبب استحقاق الموصی له لمنافعه مدة حیاته و مدة الحیاة غیر معلومة فجاز أن تکون طویلة و أن یموت موتا فلذلک قلت قیمته فإذا اتفقت قلة حیاته و مات قتلا لم یتغیر الحکم
(قوله) (و شراء عبد حکمه ذلک)
هذا هو القول الثانی و قد قربه فی (التذکرة) و هو خیرة أبی حنیفة و هو أن تصرف القیمة إلی شراء عبد حکمه ذلک و ذلک لأن القیمة بدل الرقبة و منافعها فتقوم مقامها و لأن کل حق تعلق بالعین تعلق ببدلها إذا لم یبطل سبب استحقاق العین و فرق بینها و بین الأمة المزوجة إذا قتلت فإنه لا حق للزوج فی القیمة و لا للمستأجر فی العین المستأجرة إذا تلفت لأن سبب الاستحقاق یبطل بتلفها و یجاب عن الأول بأن الوصیة إنما هی بمنافع العین دون البدل و کون القیمة بدلا عن العین لا یقتضی تعلق الوصیة بها کما کانت متعلقة بالعین و عن الثانی بأن سبب الاستحقاق یبطل بتلفها لأنه بالموت تبطل حق الموصی له کما بیناه مرارا فلا فارق بینها و بین الأمة المزوجة
(قوله) (و تقسیطها بینهما بأن تقوم المنفعة المؤبدة و العین المسلوبة المنفعة و تقسط علیهما)
و بیانه أن تقوم الرقبة بمنافعها و تقوم بلا منفعة لأنه لا بد أن یکون لها حینئذ قیمة لما فی عتقها من الثواب و طلب الولاء و جره فقدر التفاوت هو قیمة المنفعة مما هو حصة الرقبة فهو للوارث و ما هو حصة المنفعة فهو للموصی له و مأخذ هذا الوجه و الوجه الأول واحد و إنما یفترقان فی أن القیمة تصرف إلی عبد آخر هناک و تقسم بحالها هنا و وجهه أنه بالجنایة تلف حق کل منهما و الواجب و هو قیمة العین منتفعا بها فی مقابلة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 511
و لو قطع طرفه احتمل فی أرشه التقسیط و اختصاص الوارث (1) و لو لم تنقص به المنفعة کالأنملة فللوارث (2) و لو جنی العبد قدم حق المجنی علیه علی الموصی له فإن بیع بطل حقه و إن فداه الوارث استمر حقه و کذا إن فداه الموصی له (3)
______________________________
حق کل منهما و یرد علیه أنه بالموت انقطع حق الموصی له لأن الوصیة إنما تعلقت بخصوص المنافع و ذلک فی حال الحیاة خاصة و أن التالف بالموت هو العین دون المنافع إذ لیست موجودة غایة ما فی الباب أن کونها منتفعا بها ملحوظ و حق الموصی له إنما هو استیفاء نفس المنفعة و لهذا لم یثبت للمستأجر مطالبة الجانی بعوض المنفعة المملوکة بالإجارة و لم یثبت لمالک العین أکثر من قیمتها و لا یثبت له عوض المنفعة و ذکر فی (التذکرة) رابعا و هو أنها (أنه خ) للموصی له خاصة لأنها بدون المنافع لا قیمة لها و فی (جامع المقاصد) أنه أبعدها
(قوله) (و لو قطع طرفه احتمل فی أرشه التقسیط و اختصاص الوارث)
فی (الإیضاح) أن الأول هو الصحیح و هو أن ینظر ما للموصی له من قیمته لو قتل و یأخذ من أرشه بقدره و فی (جامع المقاصد) أن الثانی أقرب و به قطع بعض الشافعیة و اتفقوا جمیعا فی ترجیحه أی ظنا و قطعا لأن العبد یبقی منتفعا به و مقادیر المنفعة لا تنضبط لأنها تختلف بالمرض و الکبر و غیرهما فکان حق الموصی له باقیا بحاله حکی ذلک فی (التذکرة) و قال فیها أن الأقرب أن یشتری به عبدا تکون رقبته للوارث و منفعته للموصی له و الوجه فی کل من الوجوه الثلاثة یعلم مما تقدم و یجی‌ء هنا الاحتمال الرابع إذا کان المقتول موصی بخدمته علی الأبد لا فیما إذا کان إلی أمد کسنة و نحوها لبقاء العین حینئذ بعد الوصیة متقومة و لا بد من أن یلحظ فی احتمال التقسیط فیما إذا کان موقتا تقویمه منتفعا به و تقویمه موصی بمنفعته إلی ذلک الأمد و صرف التفاوت إلی الموصی له و الباقی إلی الوارث فالتقیید بالأبد کما فی (الکتاب) أولی من عدمه کما فی (التذکرة) و لو قتل قبل زمان الخدمة جاءت الأوجه الثلاثة أیضا و لو کان القاتل الوارث أو الموصی له فلا شی‌ء علی من تصرف إلیه القیمة فی صورة ما إذا قتله أجنبی
(قوله) (و لو لم تنقص به المنفعة کالأنملة فللوارث)
وجهه واضح عکس مثاله لأن الأنملة مما تنقص بها المنفعة قطعا و ربما نفرت المترفین (کذا) من استخدامه خصوصا فی المحافل فلو مثل بالجرح الیسیر و نحوه لکان أولی و الأمر سهل
(قوله) (و لو جنی العبد قدم حق المجنی علیه علی الموصی له فإن بیع بطل حقه و إن فداه الوارث استمر حقه و کذا إن فداه الموصی له)
لو جنی هذا العبد الموصی بخدمته بما یوجب القصاص و اقتص منه فقد ضاع حق المالک و الموصی له جمیعا و إن أوجب المال تعلق برقبته مقدما علی حق الموصی له لأن حق المجنی علیه مقدم علی المالک فإن فداه بأجمعه أحدهما فلا بحث و إن امتنعا من فدائه بیع فی الجنایة و بطل حقهما فإن کان بعضه یفی بالأرش بیع البعض و کان البعض مع منفعته للمشتری و یبقی البعض الآخر من رقبته للوارث و منفعته للموصی له و لو لم یمکن إلا بیع الجمیع و زاد الثمن علی الأرش احتمل فیه الخلاف السابق و لو افتدیا معا استمر الحقان و کذا لو فداه مالک الرقبة إلا أن یفتدی حصته و هی الرقبة فقط و یلزم من هذا أن یباع نصیب الآخر و فیه أن بیع المنفعة وحدها لا یعقل و إن فدی الموصی له حصته فقط بیعت الرقبة منفردة علی قول کما سیأتی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 512
و هل یجبر المجنی علیه علی القبول إشکال ینشأ من تعلق حق الموصی له بالعین و من کونه أجنبیا عن الرقبة التی هی متعلق الجنایة (1) و کذا المرتهن (2) و تصح الوصیة بالمنفعة مؤبدة و مقیدة (3) و مطلقة فالأقرب تخییر الوارث (4) و لو قیدها بالعام المقبل فمرض بطلت (5)
______________________________
(قوله) (و هل یجبر المجنی علیه علی القبول إشکال ینشأ من تعلق حق الموصی له بالعین و من کونه أجنبیا عن الرقبة التی هی متعلق الجنایة)
إذا کان المفتدی له الوارث فی کلام فی وجوب القبول علی المجنی علیه لأن الخیار فی جنایة الخطإ إلی المولی و أما إن فداه الموصی له فهل یجب علی المجنی علیه القبول و یجبره الحاکم علیه إن امتنع منه إشکال ینشأ من تعلق حق الموصی له بالعبد و لا یتم إلا بالفداء فیجب و یجبر کما هو الأصح کما فی (الإیضاح) و فیه أنه لا یلزم من ثبوت تعلق حق الموصی له بالعین وجوب قبول الفداء علی المجنی علیه و ثبوت ذلک بالنسبة إلی الموصی بالنص فیقتصر علی مورده و من کون الموصی له أجنبیا عن الرقبة التی هی محل الجنایة إذ لا ملک له فیها فلا یجب علیه ذلک و لا یجبر علیه و هو الأقوی کما فی (جامع المقاصد) و لا ترجیح فی (التذکرة) کالکتاب و لا بد أن یحمل کلامه فیه علی کون الجنایة خطأ لیطابق أوله آخره لأن آخره لا بد و أن یحمل علی الخطإ و یکون ترک ذکر العمد لوضوح الحال فیه
(قوله) (و کذا المرتهن)
أی إذا جنی العبد المرهون خطأ فأراد المرتهن فداه ففی إجبار المجنی علیه علیه الإشکال السابق و قوی فی (الإیضاح) أن له ذلک و إن لم یکن مالکا للرقبة و لا للمنفعة جمعا بین الحقین و کذلک العبد المستأجر إذا جنی فأراد المستأجر فداه
(قوله) (و تصح الوصیة بالخدمة مؤبدة و موقتة و مطلقة)
لا شک فی صحة الوصیة بالمنفعة علی کل واحدة من الحالات الثلاث مؤبدة و موقتة و کذا مطلقة کما فی (جامع المقاصد) إذ لا مانع من الصحة و هو مما لا خلاف فیه لأحد غیر ابن أبی لیلی کما تقدم و إنما اختلفوا فیما ینزل الإطلاق علیه کما ستسمع
(قوله) (فالأقرب تخییر الوارث)
لما حکم بصحتها مطلقة قال فالأقرب تخییر الوارث أی فی المطلقة مفرعا بالفاء لیشعر باتصاله بالمطلقة فکانت أحسن من الواو و الظاهر أن مراده أنه یتخیر فی تعیین القدر و الزمان مما یصدق علیه الإطلاق و لو لحظة واحدة لصلاحیة اللفظ لکل فرد و عدم معین آخر مع عدم الدلیل علی الزائد فیکون الإطلاق محمولا عنده علی أقل ما تصدق علیه المنفعة و لو لحظة واحدة کما عرفت و به صرح فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و قال (الشافعی) أنه یحمل علی التأبید و هو لیس ببعید لأنه المتبادر المفهوم من اللفظ و کأنه هو الظاهر من (الإیضاح) لأنه ذکر فی بیان غیر الأقرب أنه أی الإطلاق ینزل علی ما یملکه من المنافع و أنها لو تعددت و تباینت فبالقرعة لأنه المتیقن فیکون فهم من التخییر فی العبارة التخییر فی نوع المنفعة فیکون المراد أن العبد لو کان ذا منافع و قال أوصیت لزید بمنفعة هذا العبد کان الإطلاق متناولا لکل واحدة منها علی البدل و یتخیر الوارث فی تعیین النوع فینحصر بالکتابة مثلا و یکون المراد أن ذلک علی التأبید لأنه المتبادر فتدبر لأن کلام الکتاب مسوق للوصیة بجمیع المنافع مؤبدة و مطلقة کما یظهر ذلک بملاحظة قوله فیما تقدم و إذا أوصی له بمنافعه ملک جمیع اکتساب العبد
(قوله) (و لو قیدها بالعام المقبل فمرض بطلت)
أی مرض العبد فی جمیعه فإنها تبطل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 513
و لو قیدها بوقت مطلق کسنة من السنین تخیر الوارث (1) و تعتبر جمیع قیمته فی الحالین فیخرج التفاوت من الثلث لأنه لا یتعین له سنة حتی تعتبر منفعتها (2) و لا یملک الوارث بیعه إن کانت مؤبدة أو مجهولة (3) و لو کانت موقتة جاز بیعه (4)
______________________________
کما هو واضح و قد نبه علیه فی (التذکرة) و صرح به فی (جامع المقاصد) و یجوز أن یجعل ثمرة بستانه هذا العام فإن لم یثمر فلا شی‌ء له فإن قال فإن لم یثمر فالعام المقبل صحت و کذا خدمة العبد العام فإن مرض فخدمته العام الآتی و یصح أن یوصی له بخدمة عبده مدة حیاة العبد و مدة حیاة المالک و مدة حیاة المخدوم
(قوله) (و لو قیدها بوقت مطلق کسنة من السنین تخیر الوارث)
کما فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) و المراد أن الوارث یتخیر فی تعیین ذلک المقید و قوله من السنین یقضی بأنه لم یرد الفور و الابتداء بأول السنین و أنه أراد أن للوارث الخیرة فی التعیین فلا یرد علیه أن الوصیة واجبة علی الفور فلا یجوز تأخیرها عن أول وقت الإمکان
(قوله) (و تعتبر جمیع قیمته فی الحالین فیخرج التفاوت من الثلث لأنه لا یتعین له سنة حتی تعتبر منفعتها)
أی یعتبر فی کیفیة إخراج هذه الوصیة الموقتة التی تخیر فیها الوارث من الثلث جمیع قیمة العبد فی حالة الوصیة و عدمها فتقوم العین منتفعا بها ما عدا المدة الموصی بها و هو المراد بحالة الوصیة و تقوم منتفعا بها دائما و هو حالة عدمها فتخرج التفاوت بین القیمتین کما یأتی بیان ذلک کله فی کلام المصنف و کأنه أراد التنبیه علی أنه لا تجری فی الموقتة الوجوه الثلاثة الجاریة فی المؤبدة کما سیأتی و إنما یجری فیها هذا الوجه لا غیر و قد کان فی غنیة عن ذلک بما یأتی له فیما بعد کما أنه لا یصح أن یکون المعلل بهذا التعلیل أعنی قوله لأنه لا یتعین له سنة إلی آخره قوله و یعتبر جمیع قیمته فی الحالین فیتعین أن یکون تعلیلا لقوله تخیر الوارث و ما بینهما معترض فیصیر المعنی أنه لیس هناک سنة معینة موصی بها لتعین منفعتها للموصی له و إنما نسبتها إلی سائر السنین علی حد سواء فتکون من قبیل الوصیة بالمتواطئ
(قوله) (و لا یملک الوارث بیعه إن کانت مؤبدة أو مجهولة)
فی (المبسوط) أن جواز البیع أقوی و به جزم فی (التذکرة) و (التحریر) و (التلخیص) و فی (الکفایة) لعله أقرب و فی (جامع المقاصد) أنه قوی متین و وجه المنع أنه لا منفعة فیه لأن حق الغیر قد استغرقها فکان کالحشار و وجه الجواز أن الملک فیه کامل قولک إنه لا منفعة فیه ممنوع لأنه یتقرب إلی اللّٰه تعالی بإعتاقه و هو من أعظم المنافع و یتوقع جر ولاء الأولاد إلیه و یتوقع استحقاق الأرش بالجنایة علیه أو الحصة منه علی اختلاف الوجهین و قد یقضی ذلک بالفرق بین الرقیق و البهیمة و نحوها کالجمادات فیجوز فی الأول دون الثانی لامتناع العتق فیه و هو أحد وجوه الشافعیة و کیف کان فجواز البیع أشبه بأصول المذهب و لا تخرج المنافع بالبیع عن استحقاق الموصی له بل یکون حقه باقیا ثابتا و أما عدم ملکه بیعه إذا کانت مجهولة فلجهالة وقت الانتفاع المقتضی لتجهل المبیع کما هو الظاهر
(قوله) (و لو کانت موقتة جاز بیعه)
إجماعا کما فی (التذکرة) و قد یلوح منها أنه من الخاصة و العامة کما یصح بیع المستأجر لأن المنفعة فیهما معینة بمدة مضبوطة فلا جهالة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 514
و هل یجوز فی المؤبدة بیعه من الموصی له فیه نظر (1) و یملک عتقه مطلقا (2) و لا یخرج استحقاق الموصی له (3) و فی الإجزاء عن الکفارة إشکال (4) و فی حصة کتابته إشکال ینشأ من امتناع الاکتساب علیه لنفسه و من إمکان أخذ المال من الصدقات (5)
______________________________
(قوله) (و هل یجوز فی المؤبدة بیعه من الموصی له فیه نظر)
هذا أحد وجوه الشافعیة و هو أنه یصح بیعه له لأنه یجتمع له الرقبة و المنفعة و ینتفع بذلک بخلاف غیره و حینئذ فوجه الصحة أن المنفعة بالنسبة إلیه ثابتة لأنه یستند بذلک جواز بیعه و عتقه و یرتفع عنه توقع ضمان الرقبة لو تعدی فیها أو فرط و غیر ذلک و وجه المنع أن العین مسلوبة المنافع لا قیمة لها و ما لا قیمة له لا یصح بیعه و فی (جامع المقاصد) أنه لا ریب فی شدة ضعفه
(قوله) (و یملک عتقه مطلقا)
أی یملک الوارث عتقه سواء کانت المنفعة مؤبدة أو موقتة مجهولة أو معلومة و به جزم فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (التلخیص) و (جامع المقاصد) و کذا (الإرشاد) و (الروض) بل لا خلاف فیه إلا ما حکاه بعض العامة عن بعض و هو حکایة مجهول عن مجهول لأن رقبته خالصة له فلا مانع منه و العمومات تتناول صحته
(قوله) (و لا یخرج استحقاق الموصی له)
و به صرح فی (المبسوط) و (التذکرة) و (التحریر) و (التلخیص) و معناه أن الوصیة باقیة بحالها کما کانت من قبل لأن حق الوارث هو الرقبة لا غیر فلا یملک إسقاط حق الموصی له من المنافع و قالوا لیس للعتیق الرجوع علی الوارث هنا بشی‌ء و هذه الکلمة للعامة و قالوا بخلاف ما لو آجر عبده مدة ثم أعتقه فإن العبد یرجع علی معتقه ببدل المنفعة لأن المعتق أخذ عوض المنفعة من المستأجر فأتلف علیه منفعته بعد العتق بفعل قبله فضمنها و لیس کذلک هنا فإنه لم تحصل المنفعة للورثة لأنهم ملکوها مسلوبة المنفعة و لم تملک من جهتهم و هو فرق جید غیر أنا مجمعون علی أن العبد لا یرجع بالعوض فی الإجارة کما هو ظاهر (التذکرة) و عن بعض الشافعیة أن الوصیة بالمنفعة تبطل بالإعتاق إذ یبعد أن یکون الحر مستحق المنفعة أبد الدهر و لیس بشی‌ء
(قوله) (و فی الإجزاء عن الکفارة إشکال)
و کذا لا ترجیح فی (التذکرة) و (الإیضاح) و فی (جامع المقاصد) عدم الإجزاء أقرب إلی یقین البراءة و هو أصح وجهی الشافعیة (قلت) لأنه عاجز عن الکسب لنفسه فأشبه المقعد الزمن و لأن فائدة العتق تسلط العتیق علی منافعه و قطع سلطان الغیر عنه فی وقت ما و لم یحصل ذلک هنا فیکون کالرق بعد العتق و لأن صحة عتق هذا مع الإجماع الذی حکاه جماعة علی منع عتق العبد و شرط الخدمة دائما عن الکفارة مما لا یجتمعان لأن الواجب إما إعتاق عین العبد من غیر اعتبار غیرها و إعتاق عبد کامل بمنافعه فإن کان الأول انتفی الثانی و إن کان الثانی انتفی الأول و الثانی ثابت إجماعا فینتفی الأول و الوجه فی ذلک أن المعهود من الرق و المتبادر منه عند الإطلاق هو العتق الذی یقتضی فک الرقبة و المنافع و لذلک انعقد الإجماع علی ما سمعت و و وجه الإجزاء أنه ملک له فأشبه المریض العاجز و الواجب فی الکفارة إنما هو إعتاق الرقبة و هو حاصل هنا
(قوله) (و فی حصة کتابته إشکال ینشأ من امتناع الاکتساب علیه لنفسه و من إمکان أخذ المال من الصدقات)
و کذا لا ترجیح فی (التذکرة) و فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) أن الأصح
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 515
و لیس له الوصیة بمنفعته و لا إجارته و له أن یوصی برقبته (1) و هذه المنافع تحسب من الثلث إجماعا لأنها تنقص قیمة العین و إن کنا لا نقضی الدیون من المنافع المتجددة بعد الموت و لا تقع موروثة بل یملکها الوارث (2) فإن کانت مؤبدة احتمل خروج قیمة العین بمنافعها من الثلث بسقوط قیمتها إذا کانت مسلوبة المنفعة و الحیلولة مؤبدة فکأنها الفائتة إذ عبد لا منفعة له و شجرة لا ثمرة لها لا قیمة لها غالبا و تقویم الرقبة علی الورثة و المنفعة علی الموصی له فیقوم العبد بمنفعة فإذا قیل مائة قوم مسلوب المنفعة فإذا قیل عشرة علم أن قیمة المنفعة تسعون (3)
______________________________
الصحة إذ الوجه الأول لا ینهض مخصصا لعموم الکتاب و السنة و کأنه لا إشکال فی جواز تدبیره
(قوله) (و لیس له الوصیة بمنفعته و لا إجارته و له أن یوصی برقبته)
الظاهر أن الضمیر راجع إلی الوارث لأن جمیع ما تقدم من قوله و لا یملک الوارث بیعه إلی هنا متعلق بالوارث ثم إنه تجوز الوصیة بمنفعته للموصی له و له إجارته و لیس له أن یوصی له برقبته لأنه لا حق له فیها و هذه الثلاثة تشهد علی أن المراد الوارث لأن کلا منهما علی عکس الآخر لکنه یکون من بیان الواضحات خصوصا فی الأولین لأنه لا حق له فی المنفعة قطعا فلا یملک نقلها فی حال من الأحوال بخلاف الرقبة لأن الأکثر علی أنه لیس له بیعها فتصح الوصیة بها هذا و قد یقال إنه لیس للموصی له أن یؤجر العین لأنه ملکها بغیر عوض فلیس له أن یؤاجرها کالعین المستعارة و فیه أنه قیاس مع الفارق لأن المنافع لیست مملوکة للمستعیر إجماعا
(قوله) (و هذه المنافع تحسب من الثلث إجماعا لأنها تنقص قیمة العین و إن کنا لا نقضی الدیون من المنافع المتجددة بعد الموت و لا تقع موروثة بل یملکها الوارث)
هذا الإجماع محکی أیضا فی (التذکرة) و (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و غیرها و قضیة عدم قضاء الدیون من المنافع المتجددة و عدم حسبانها من الترکة أن لا تکون محسوبة من الثلث لأنه لا یحسب منه إلا ما کان من جملة الترکة و أما نماؤها فهو للوارث و تحریره أن المحسوب من الثلث لیس هو نفس المنافع المتجددة و إنما هو التفاوت بین القیمتین للعین منتفعا بها و مسلوبة المنافع أو مجموع قیمة العین منتفعا بها علی ما سیأتی و کلاهما مملوک للموصی معدود من الترکة قطعا و لکن یبقی الکلام فی مختار الشیخ کما ستعرف
(قوله) (فإن کانت مؤبدة احتمل خروج قیمة العین بمنافعها من الثلث بسقوط قیمتها إذا کانت مسلوبة المنفعة و الحیلولة مؤبدة فکأنها الفائتة إذ عبد لا منفعة له و شجرة لا ثمرة لها لا قیمة لها غالبا و تقویم الرقبة علی الورثة و المنفعة علی الموصی له فیقوم العبد بمنفعة فإذا قیل مائة قوم مسلوب المنفعة فإذا قیل عشرة علم أن قیمة المنفعة تسعون)
و قد اقتصر أیضا علی ذکر هذین الوجهین فی (الإرشاد) و (الإیضاح) من دون ترجیح فیهما و زید ثالث فی (المبسوط) و (التذکرة) و (غایة المراد) و (الروض) و (الکفایة) و هو أن تقوم المنفعة علی الموصی له و لا تقوم العین علی الورثة کما یأتی بیانه إن شاء اللّٰه و قد قواه فی (المبسوط) و فی (غایة المراد) أنه لعله أقرب و فی (جامع المقاصد) أن الثانی أعدل و أصح و قد جزم به فی (التلخیص) و (اللمعتین) و (الدروس) و فی (الکفایة) أنه أوجه و فی (الروض) عن شیخه أن علیه العمل و لا ترجیح فی (التذکرة) و (المختلف) و (المفاتیح) لشی‌ء منها
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 516
..........
______________________________
و (کیف کان) فغرضهم بیان طریق تقویم المنافع المؤبدة (فالاحتمال الأول) خیرة (جامع الشرائع) و هو أحد قولی الشافعی و هو تقویم العین و منافعها معا و إخراج مجموع قیمتها من الثلث کما هو الشأن فیما إذا باعه بثمن مؤجل فإن قیمته تعتبر من الثلث (و وجهه) ما أشار إلیه المصنف من أنه حال دائما بین العین و الوارث و الحیلولة کالإتلاف و لهذا ضمن الغاصب بسببها و أن فوائد الرقبة و منافعها قد خرجت عن الوارث فکأنه فوت الرقبة بالکلیة و أنها لما کانت مسلوبة المنافع بالکلیة بالوصیة فقد خرجت عن التقویم أصلا ففات علی الورثة جمیع القیمة فکأن العین هی الفائتة إذ العبد الذی لا منفعة فیه لا قیمة له غالبا و کذلک الشجرة التی لا ثمرة لها فوجب أن تقوم الرقبة بمنفعتها جمیعا و تخرج من الثلث (و قد رجحه) جماعة من الشافعیة بأن المنفعة أبدا هی التی أوصی بها و المنفعة أبدا لا یمکن تقویمها لأن المراد بها منفعة مدة العمر و مدة العمر غیر معلومة و ما لا یعلم و لا یضبط لا یمکن تقویمه و إذا تعذر تقویم المنافع تعین تقویم الرقبة انتهی و هذا یقضی بامتناع الوجهین الآخرین و (من لحظ) کلام (الإیضاح) ظهر له أولا حینئذ أنه غیر ملتئم الأطراف فلیلحظ و لیتأمّل (و أورد علیه) بأن ذلک کله لا یخرج العین عن التقویم أصلا و الغاصب مؤاخذ بالید العادیة و لذلک أغرم للحیلولة و الحیلولة هنا حق لیست بعدوان فکانت کالحیلولة فی العین المستأجرة (الثانی) اعتبار تفاوت قیمتها بمنافعها و قیمتها مسلوبة المنافع (و وجهه) أن الرقبة باقیة للورثة یقدر علی إعتاقها و بیعها من الموصی له أو مطلقا و هبتها و الوصیة بها و کذلک الحال فی البستان فإن الوارث یستحق حطبه و خشبه بانکسار غصن أو جذع فلا وجه لاحتسابها علی الموصی له فحینئذ یقوم العبد بمنفعته فإذا قیل قیمته مائة قوم مسلوب المنفعة فإذا قیل عشرة علم أن قیمة المنفعة تسعون فحینئذ یعتبر أن یبقی مع الورثة بقدر التسعین مرتین و من جملة الباقی للورثة الرقبة بعشرة (نعم) لو لم یکن للموصی به نفع أصلا قومت العین أجمع علی الموصی له کما فی (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الوجه) فیما قاله الشیخ إن قیمة الرقبة لا تحتسب علی الوارث و لا الموصی له أما الأول فللحیلولة بینه و بینها و سلب قیمتها لسلب منافعها و کأنها تالفة و أما الثانی فلأنها لیست له (و وجهه) فی (غایة المراد) بأنه إذا کان العبد بغیر منفعة لا قیمة له فالقیمة إنما هی للمنفعة فلا حاجة إلی تقویم العین علی الموصی له و علی الورثة (و قال) فی (السرائر) إذا أوصی بغلة ضیعة له أو بستان أو ثمرة نخلة لإنسان علی التأبید فإن ارتفاع الضیعة أعنی الثمرة و الغلة إن کان موجودا فی وقت موته و لم یخلف غیر الضیعة المعینة فإن الضیعة تقوم و یعطی الموصی له بالغلة و الثمرة بقدر ثلث جمیع ما قوم فإن کانت الثمرة بقدر الثلث فقد استوفی ما أوصی له به فإن نقصت عن الثلث استوفی فی المستقبل من الثمرة تمام الثلث و یعود ملک الأصول إلی الورثة بعد استیفاء ثلث ما کان فی ملک المیّت الذی ذکرنا أنه یقوم بعد الموت (و أما خدمة) العبد فإن العبد أیضا یقوم وقت الموت و یستخدمه الموصی له بخدمة مدة تکون إجارتها مقدار الثلث فإذا استوفی الثلث عادت رقبة العبد إلی الورثة هذا إذا لم یخلف المیّت ثلثین کل ثلث بقدر قیمة الغلة أو الثمرة أو قیمة العبد فإن کانت الثمرة أو الغلة معدومة فإن الجمیع یقوم و یأخذ من المستقبل الموصی له بقدر الثلث مما یخرج من البستان أو النخلة إلی أن یستوفی قدر الثلث و یرجعان إلی الورثة بعد ذلک ثم قال إنه غامض رقیق و قد فرض المسألة فی العنوان فی التأبید و کلامه فی بیان ذلک نص فی التوقیت فلیلحظ جیدا و لیتأمّل فیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 517
و لو کانت موقتة قومت مع المنفعة تلک المدة و بدونها فینظر کم قیمتها (1) و لو اشتمل علی منفعتین کالغزل و النساجة و أوصی بإحداهما و أمکن هنا التقویم (2)
______________________________
(قوله) (و لو کانت موقتة قومت مع تلک المدة و بدونها فینظر کم قیمتها)
کما فی (جامع الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (المختلف) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (الروضة) و (الکفایة) و هو المراد من کلام (المبسوط) جزما و لعله ینزل علیه کلام (السرائر) و لهذا قال فی (جامع المقاصد) إنه مذهب الأصحاب مؤذنا بدعوی الإجماع علیه (بل) لا خلاف إلا ما حکی عن أبی علی (قال) فإن لم یکن للمیت غیر ذلک العبد و کانت الوصیة بخدمته سنة خدم الورثة یومین و الموصی له یوما حتی یستشکل الموصی له سنة قال الشیخ تقوم المنفعة و تقوم الرقبة علی الورثة و تقوم المنفعة فی المدة و تحسب من الثلث لأن المنفعة یمکن تقویمها و العین مسلوبة المنفعة لأن بعد انقضاء المدة تعود المنفعة انتهی و مرادهم جمیعا أن تقوم العین منتفعا بها دائما و منتفعا بها ما عدا المدة الموصی بها فیخرج التفاوت بین القیمتین فإذا قیل قیمة العبد مثلا بجمیع منافعه مائة و خمسون و قد کان أوصی بمنفعته سنة و قیل إن قیمته مسلوب المنافع خمسون فالتفاوت خمسون تخرج من الثلث بمعنی أنه یعتبر أن یکون فی ید الوارث مائة فصاعدا منها قیمة رقبة العبد مسلوبة المنفعة و لا یتأتی الأول و الثالث فی المؤبدة لبقاء العین هنا منتفعا بها بعد الوصیة (و للشافعیة) طرق (أحدها) أن الحکم هنا کما فی الوصیة المؤیدة (الثانی) إن اعتبرنا التفاوت ما بین القیمتین هناک فهنا أولی قلت وجه الأولویة واضح لأن العین هنا لیست کالتالفة (الثالث) أن المعتبر من قیمته منفعته و هی أجرة المثل و استبعده بعضهم لأن المنافع تحدث بعد الموت فلیس الموصی مفوتا لها من ملکه و قد یقال علیه إذا لم تکن ملکا له کیف تصح الوصیة بها و یجاب بأنها لما أضیفت إلی العین و احتاج الناس إلی ذلک رخص الشارع ذلک و جوزها (و هذا) أعنی قول بعض العامة إن المنافع تحدث بعد الموت إلی آخره قد استدل به فی (الإیضاح) علی ترجیح مذهب الأصحاب قال و إنما رجح المصنف الأول و عنی ما ذکره فی المتن لوجهین الأول أن هذه الوصیة تنقص قیمة العین قطعا و ما نقص بالوصیة من العین التی تعلقت بها الوصیة فإنه محسوب علی الموصی له و إن لم یحصل له بخلاف نقص أحد مصراعی الباب إذا أوصی له بالآخر مع أنه لا یخلو من شک الثانی أن تلک المنافع متجددة بعد الموت إلی آخر ما مر ثم قال و هذا علی قول من یبطل الإجارة بموت المؤجر و أما علی قول من یقول إن العین بعد الموت علی حکم مال المیّت و لوازم ملکه لاحقة بها قال بالثانی و أراد به ما ذکره بعض العامة من أن قیمة منفعتها أجرة المثل إن لم یعتبر نقص العین انتهی (و قد تقدم) فی بابه أن المعروف بین المتأخرین عدم بطلان الإجارة بموت المؤجر و منهم المصنف فی الکتاب و غیره و وجه البناء أن المنافع إذا لم تکن ملکا للموصی کانت إجارته فیما بعد الموت باطلة إن لم یجز الوارث و لعله أراد بالعین فی قوله إن العین بعد الموت علی حکم مال المیّت العین المؤجرة علی تأمّل فی ذلک إذ القائلون بالبطلان یستندون إلی الأخبار و إلی وجوه أخر من اعتبار نعم إذا کان علیه دیون أو کان أوصی بوصایا کانت أعیان الترکة علی حکم ماله إلی أن تنفذ الوصایا و تقضی الدیون لا مطلقا فتأمّل جیدا
(قوله) (و لو اشتمل علی منفعتین کالغزل و النساجة و أوصی بأحداهما و أمکن هنا التقویم)
بل یتعین هنا التقویم و لا یجی‌ء هنا غیره من الاحتمالات السابقة فتقوم العین بمنافعها کلها و تقوم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 518
و الأقرب البناء علی العادة فی استیفاء إحدی المنفعتین (1) و لو انتفت و قصد الدوام و عدم استیعاب الأوقات فإشکال (2) و لو أوصی باللبن دون الصوف قومت خاصة لبقاء العین منتفعا بها (3)
______________________________
مسلوبة المنفعة التی أوصی بها خاصة و یعتبر التفاوت بین القیمتین وجها واحدا کما فی (جامع المقاصد) لبقائها منتفعا بها بدونها
(قوله) (و الأقرب البناء علی العادة فی استیفاء إحدی المنفعتین)
و فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) أنه الأصح لأن الألفاظ إنما تحمل علی المعهود عرفا لأن (فالآن خ) اللفظ ظاهر فی ذلک و الظاهر راجح و غیره مرجوح لا یجوز الحمل علیه و معناه أنا إذا أردنا تمیز حق الموصی له عن حق الوارث رجعنا إلی العادة المستمرة لذلک العبد فی المنفعتین إذا کان له عادة مستمرة بأن یصرف اللیل لإحداهما و النهار للأخری کما لو کان وقادا و خیاطا یوقد للحمام لیلا و یخیط نهارا و أوصی له بمنفعة الخیاطة مثلا فإنه یؤمر بالخیاطة له نهارا لا لیلا أو یصرف أسبوعا لإحداهما و الآخر للأخری أو بعض الیوم لإحداهما و البعض الآخر للأخری و کذلک لو کان هناک عادة مستمرة عرفا کما فی المثال و إن اختلفت عادته و عادة العرف قدمت عادة العبد إذا کان عالما بعادة العبد لأنه الظاهر حینئذ من قصد الموصی و یبقی الإشکال فیما عدا ذلک و المراد بغیر الأقرب العمل علی القرعة لأنه مع وجود العادة لا إشکال مع احتمال خروج الزمان حینئذ کله لإحداهما و هو خلاف الفرض إذا لم یقصد استیعاب المنفعة الموصی بها للزمان کله
(قوله) (و لو انتفت و قصد الدوام و عدم استیعاب الأوقات فأشکل)
أی لو انتفت العادة و الحال أن الموصی بالوصیة الدوام و لم یقصد بالوصیة بالمنفعة المذکورة یوما و لا شهرا و قد قصد عدم استیعاب الزمان ففی الحکم إشکال لأنه یحتمل أن یکون العمل علی القرعة لأنها لکل أمر مشکل و أن یفرغ إلی الصلح بعدم تمیز الحقین و أن یقسم الزمان نصفین علی المنفعتین لأن لکل واحدة منهما حظا من الزمان و لا مرجح فیستویان و إن تخیر الوارث فی تعیین الزمان لأن الوصیة مطلقة بالإضافة إلی الأوقات و لیس هناک ما یدل علی التعین فیکون التعیین فیها إلی الوارث کما فی کل مطلق فلما قامت هذه الاحتمالات و لکل وجه مکافئ للآخر عند المصنف جاء الإشکال و فی (الإیضاح) أن الأصح القرعة و فی (جامع المقاصد) أنه أضعفها لأنها إنما هی فی المتمیز بنفسه المبهم عندنا و لا طریق إلی تعینه (قلت) قد أجراها الأصحاب فی کل مشتبه کما بیناه غیر مرة فما ضعف به ضعیف جدا و قال إن الأقرب قسمة الزمان و یضعف احتمال الصلح بأنه إنما یکون مع التراضی و إنما الکلام مع عدمه و یضعف التخییر بأن استواء النسبة إلی الزمان و عدم المرجح یقضیان بالتسویة و قسمة الزمان علیهما بالسویة و التخییر إنما یکون مع انتفاء ما یقتضی التعیین و قد عرفت أن التسویة قد عینت القسمة بالسویة و احترز بقصد الدوام عما لو وقت بالیوم و نحوه فإنه یجب صرف ذلک الزمان کله لها علی الظاهر لأنه المتبادر و بعدم قصد استیعاب الزمان عما لو قصده فإن العین تصیر بذلک مسلوبة المنافع و یندفع الإشکال
(قوله) (و لو أوصی باللبن دون الصوف قومت خاصة لبقاء العین منتفعا بها)
کما صرح به فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) کما هو الشأن فیما إذا أوصی بثمرة الشجرة و هو نوع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 519
و هل یحسب ما یبقی من القیمة للتوفیة علی الوارث من الترکة فیه إشکال ینشأ من الحیلولة المؤبدة (1) و نفقة العبد و الحیوان الموصی بخدمته و فطرته علی الوارث فی الموقتة (2) و فی المؤبدة إشکال (3)
______________________________
آخر من المنفعة غیر مذکور فیما سلف و هو فی نفسه عین لکنهم یعدونه منفعة لجریان العرف علی ذلک و الفرض أن الوصیة به دائما لا تقضی بکون العین مسلوبة المنافع و أنه إنما تقوم المنفعة الموصی بها خاصة لأنه لم یوص بجمیع منفعتها و کذا لو أوصی به و بالصوف معا دائما کما صرح به أیضا فی الکتب الثلاثة و لا کلام لهم فی صحة الوصیة بثمرة الشجرة و فیما إذا یبست الشجرة و کان الموصی به ثمرتها فإنه لا یدخل حطبها و کان للوارث و إنما الکلام فیما إذا کان أوصی بمنفعتها فهل یدخل الیابس من سعفها و غصنها إشکال
(قوله) (و هل یحسب ما یبقی من القیمة للرقبة علی الورثة من الترکة فیه إشکال ینشأ من الحیلولة المؤبدة)
هذا هو الاحتمال الثالث الذی حکیناه عن (المبسوط) فی طریق احتساب الموصی بمنفعته مؤبدا فإن المصنف لم یذکر فیما تقدم إلا الاحتمالین و کان حقه أن یذکره هناک لأنه محله فلما أفرده هنا جعله مسألة برأسها و ذکر إشکالا و حاصل ما هنا أنه بناء علی عدم احتساب الرقبة علی الموصی له و إنما یحسب علیه تفاوت ما بین القیمتین هل تحسب الرقبة علی الوارث بحیث تکون قیمتها من جملة الثلثین اللذین یجب بقاؤهما للوارث بعد إخراج الوصیة أم لا یحسب علی واحد منهما فإن احتمال احتسابها علی الموصی له قد سبق فیه إشکال ینشأ من الحیلولة المؤبدة الجاریة مجری الإتلاف و لذلک وجبت بها القیمة علی الغاصب و من بقاء الرقبة لهم و تمکنهم من استیفاء المنافع المتعلقة بها خاصة کالعتق و نحوه و قد ذکرنا الدلیل من الجانبین و بیان احتسابها علی الوارث و ضعف مقابله فلا حاجة إلی إعادته کما ذکر کله فی (جامع المقاصد) فلا حاجة إلی بیانه بعبارات أخر و قد یوجد فی بعض النسخ للتوفیة علی الوارث و لا بأس به لکن المعنی ضعیف جدا یحتاج إلی کلفة
(قوله) (و نفقة العبد و الحیوان للموصی بخدمته و فطرته علی الوارث فی الموقتة)
بلا خلاف فی الحیوان و العبد فی نفقته و فطرته کما فی (جامع المقاصد) و إجماعا فی نفقتهما کما فی (التذکرة) و ظاهره الإجماع أیضا فی الفطرة لأنه مالک الرقبة فکان کما لو آجر عبده و لم یخرج بالوصیة عن کونه منتفعا به و دعوی هذا الإجماع لمکان القطع بالحکم الحاصل من القواعد و الضوابط و مما یأتی فی المؤبد و إلا فالمصرح به قلیل جدا
(قوله) (و فی المؤبد إشکال)
و کذا لا ترجیح فی (المبسوط) و إنما ذکر فیه الأوجه الثلاثة التی هی أقوال للعامة کما ستسمع من دون ترجیح و جزم فی (التحریر) بأنها علی الوارث و هو قضیة إطلاق (الإرشاد) و (التلخیص) و (الروض) و فی (التذکرة) أنه الوجه و فی (جامع المقاصد) أنه الأصح و بنی فی (الإیضاح) الحکم فی المسألة علیه فی نفقة الأجیر الخاص و المشهور هناک أنها علی المستأجر لمکان روایة سلیمان بن سالم المنجبر ضعفها بالشهرة (و کیف کان) فالإشکال ینشأ من قیام (احتمالات) ثلاثة (الأول) کونها علی الموصی له لأنه مالک للمنفعة مؤبدا کالزوج فکانت المنفعة علیه کالزوج و لأن نفعه له فکان ضرره علیه کالمالک لهما جمیعا لأن إیجاب النفقة علی من لا نفع له مجرد ضرر فیصیر معنی الوصیة أوصیت لک بنصف عبدی و أبقیت ضرره علی الورثة و إن أوصی بنفعه لإنسان
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 520
و بعد العتق علی العبد (1) و لو أسقط الخدمة مطلقا أو موقتة فللوارث (2)
______________________________
و برقبته لآخر کان معناه أوصیت لک بنفعه و لهذا ضرره و الشارع ینفیه بقوله لا ضرر و لا ضرار و جعله الخراج بالضمان لیکون ضرره علی من له نفعه بخلاف المستأجر فإن نفعه فی الحقیقة للمؤجر (الثانی) أنها علی المالک لأنه کما تقدم فی الموقتة مالک الرقبة و هی مناط النفقة و الفطرة لعموم النصوص الواردة بوجوب الإنفاق علی العبد و الحیوان و لا مخصص فکانت النفقة علیه کالعبد المستأجر و الضرر لا اعتبار به فی نظر الشرع کمن یملک عبدا عاجزا عن الحرکة و الخدمة علی أنه یندفع بعتقه فکان متمکنا فی کل آن من إزالته و الإلحاق بالزوج قیاس مع الفارق فإن الزوجة غیر مملوکة و المنفعة فی مقابلة التمکین من الاستمتاع فدامت بدوامه لا فی مقابلة باقی المنافع و النفقة فی المملوک تابعة للمالک فتدوم بدوامه و هذا هو الأصح (الثالث) أنها فی کسب العبد فإن لم یف أنفق علیه من بیت المال لأن الوارث لا نفع له به و الموصی له المنتفع به غیر مالک حتی یلزمه إحیاؤه فلم یبق إلا أن یکون فی کسبه و هذا راجع إلی إیجابها علی صاحب المنفعة لأن کسبه من منافعه فإذا صرف فی نفقته فقد صرف المنفعة الموصی بها إلی النفقة کما إذا صرف إلیه شیئا من ماله سواه و نمنع عدم انتفاع الوارث به فإن إعتاقه نفع عظیم لاشتماله علی الثواب الکثیر هذا و علف الدابة کنفقة العبد و أما عمارة الدار الموصی بمنافعها و سقی البستان الموصی بثمرته فلا تجب علی واحد منهما بخلاف الحیوان لحرمته
(قوله) (و بعد العتق علی العبد)
هذا من متفردات الکتاب و مراده أنه لو کان الموصی بخدمته عبدا ثم أعتقه الوارث فنفقته علی نفسه لأنه صار حرا و نفقة الحر علی نفسه کسائر الأحرار و یتصور ذلک بأن یحدث له مال من إرث أو هبة أو نذر أو نحو ذلک مما لیس من کسبه و منافعه و ذلک لا ینافی کون جمیع منافعه نادرها و غالبها للموصی له و هذا الحکم متجه علی القول بکون المنفعة حالة الرقیة علی الوارث کما هو ظاهر و أما علی القولین الآخرین فلا یتجه ذلک کما هو مقتضی أدلتهما إذ مقتضاها أنها کذلک مطلقا فلتلحظ
(قوله) (و لو أسقط الخدمة مطلقا أو موقتة فللوارث)
کما فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و المراد أنه لو أسقط الموصی له حقه من الخدمة الموصی بها مؤبدة أو موقتة أو مطلقة حال رقیة العبد سقط لأنه حق واجب یسقط بالإسقاط و العفو و لیس بعین قال فی (التحریر) لو وهب صاحب المنفعة منافع العبد و أسقطها عنه کان للورثة الانتفاع به و نحوه ما فی (التذکرة) و ظاهرهما أو صریحهما أن ذلک حال رقیته لکنه قال فی (التحریر) و هل تلزم هذه الهبة فیه نظر و کأنه نظر إلی المعروف من معنی الهبة و أن المنافع لیست أعیانا مع أنها تتجدد شیئا فشیئا و قد أطبقوا علی أنه لا تصح هبة المعدوم کالثمرة المتجددة لامتناع تملیک ما لیس بمملوک (و فیه) أن الإبراء و الإسقاط فرد من أفراد الهبة و قد قالوا إن هبة ما فی الذمة لمن هو علیه إبراء و مناط منافع العبد فیما نحن فیه إنما هو الذمة و إن تعلقت بالرقبة کما هو الشأن فیما لو استأجره علی وجه خاص ثم أبرأ ذمته أو أسلفه فی حنطة بشرط کونها من حنطة بلد ثم أبرأ ذمته و لهذا قال فی (جامع المقاصد) ینبغی الجزم بالصحة (و یحتمل) أن یکون المراد من العبارة أنه لو أسقطها بعد العتق فللوارث و وجهه أن العتق لم یؤثر فی المنافع و إنما أثر فی الرقبة و بقیت المنافع مستثناة مملوکة فإذا أسقط حقه منها رجعت إلی الوارث لکونها متلقاة عن مورثه للموصی له فإذا بطل حقه منها عادت إلی الوارث و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 521
و لو أوصی لأحدهما بحب زرعه و لآخر بتبنه صح و النفقة علیهما (1) فإن امتنع أحدهما احتمل إجباره إذ فی ترکه ضرر و إضاعة المال و عدمه إذ لا یجبر علی الإنفاق علی مال نفسه و لا مال غیره (2)
______________________________
یحتمل ثبوتها للمعتق لأنها مملوکة للموصی له فإذا أبرأ ذمة المعتق منها کان ذلک هبة له فیکون هو المالک لها دون الوارث (ثم) إن قوله مطلقا یمکن أن یکون أراد به ما ذکرناه فی تفسیر العبارة فتکون شاملة للأقسام الثلاثة و یمکن أن یکون أراد إسقاط الخدمة بأقسامها إما مطلقا أی بحیث لم یدع له فیها حقا أو موقتة أی أسقطها إلی أجل کما لو أسقط عنه خدمة سنة أو شهر إلا أن تقول لو أراد ذلک لکان حقه أن یقول مطلقا أو موقتا
(قوله) (و لو أوصی لأحدهما بحب زرعه و لآخر بتبنه صح و النفقة علیهما)
کما نص علیه فی (التذکرة) و (التحریر) و (جامع المقاصد) و فی الأخیر أنه لا خفاء فیه کله قلت فالشأن فی صحة ذلک کما هو الشأن فی صحة الوصیة بأحدهما و أما أن النفقة علیهما فلأن لکل واحد منهما تعلقا بالزرع فهما بمنزلة الشریکین
(قوله) (فإن امتنع أحدهما احتمل إجباره إذ فی ترکه ضرر و إضاعة للمال و عدمه إذ لا یجبر علی الإنفاق علی مال نفسه و لا مال غیره)
کما ذکر ذلک کله فی (التذکرة) من دون ترجیح و نحوه ما فی (التحریر) حیث قال فإن امتنع أحدهما أجبر علی إشکال و حاصل الإشکال و النظر تعارض الإجماع و الخبر فإنهم أجمعوا علی عدم الإجبار علی الإنفاق علی المالین و قال (ص) لا ضرر و لا ضرار و فی (جامع المقاصد) أن الذی یقتضیه النظر أن یخیره الحاکم بین الأمور الممکنة من البیع و الإنفاق و نحوهما فإن امتنع من الجمیع فعلی ما هو الأغبط له دفعا للضرر فإن ضاق الوقت عن ذلک و خشی هلاک الزرع أجبره علی الإنفاق أو أنفق علیه و عدم الإجبار علی الإنفاق علی مال نفسه و لا علی مال غیره مع عدم الشریک لا یقتضی العدم معه أی الشریک علی أنه إذا ترک فقد أخل بواجب و أقدم علی محرم و یجب علی الحاکم و غیره منعه من ذلک (قلت) بل الذی یقتضیه النظر أنه إذا کان غرضه من الامتناع إضرار شریکه من دون دفع ضرر عنه و لا جلب نفع له أصلا کأن یکون التبن حاصلا له علی کل حال فیمتنع هو من سقیه و یمنع الشریک منه فإنه لا ریب حینئذ فی حرمته و یجبر علی نفقته سواء کان ضرر شریکه یسیرا أو کثیرا و به یخصص إجماعهم علی أن الإنسان لا یجبر علی الإنفاق علی مال نفسه و لا مال غیره علی أنی لا أری تخصیص الإجماع بخبر الضرر و الإضرار لأنه ورد فی مقام آخر مع قوله (ص) الناس مسلطون علی أموالهم إلا أن یصل إلی حد السفه و العبث فیجبر و یمنع من الامتناع فلیتأمّل و أما إذا کان له نفع فی الامتناع و لشریکه ضرر یسیر فإنه یجوز له الامتناع و أما إذا کان ضرر الشریک کثیرا لا یتحمل عادة فإنه غیر جائز قطعا و علیه بنوا حرمة الاحتکار و أما إذا کان ضرره یسیر أو ضرر شریکه أو جاره کثیرا فالأولی له أن لا یفعله و علیه بنوا کراهیة الولایة من قبل الجائر لضرر یسیر یلحقه فی ماله بترکها و أما إذا کان ضرره کثیرا لا یتحمل عادة و ضرر جاره کذلک فإنه یجوز له دفع ضرره و إن تضرر شریکه أو جاره و علیه بنوا جواز الولایة من قبل الجائر إذا خاف الضرر علی نفسه و ماله الذی یضر بحاله
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 522
و لو أوصی لأحدهما بفص خاتم و لآخر به فلیس لأحدهما الانتفاع بدون صاحبه (1) و لو طلب صاحب الفص قلعه أجبر علیه (2) و لو احتاجت النخلة الموصی بثمرتها إلی السقی أو الدار الموصی بمنفعتها إلی العمارة لم یجبر أحدهما لو امتنع (3) و لو أوصی بالرقبة لواحد و بالمنفعة لآخر قومت الرقبة علی الأول و المنفعة علی الثانی (4)
______________________________
(قوله) (و لو أوصی لأحدهما بفص خاتم و لآخر به فلیس لأحدهما الانتفاع بدون صاحبه)
کما فی (التحریر) و (جامع المقاصد) بل فی الثانی أن الحکم ظاهر لأنه لا یجوز لأحدهما التصرف فی مال الآخر و لا ریب أن انتفاع کل منهما بماله یقتضی التصرف بمال الآخر و الضمیر فی به فی قوله و لآخر به یعود إلی الخاتم
(قوله) (و لو طلب صاحب الفص قلعه أجبر علیه)
و قال فی (التحریر) و أیهما طلب قلع الفص أجبر الآخر الممتنع علیه و الأحسن منه أن یقال و أیهما طلب تخلیص ماله المتمیز أجبر الآخر علیه إذ لا شرکة هنا و لا عدوان من أحدهما فلا فرق بین أن یکون طلب ذلک صاحب الفص أو صاحب الخاتم و لو لم یمکن تخلیص مال طالبه إلا مع الإضرار بمال الآخر بنی الحال فیه علی ما تقدم فی بیان أحکام الضرر
(قوله) (و لو احتاجت النخلة الموصی بثمرتها إلی السقی و الدار الموصی بمنفعتها إلی العمارة لم یجبر أحدهما لو امتنع)
لا ریب فی أنهما إذا تراضیا علی السقی أو تبرع به أحدهما و لا ضرر فلا بحث و لیس للآخر منعه کما فی (التذکرة) و بالثانی صرح فی (المبسوط) غیر أنه لم یقید الأمرین فی (التذکرة) و لا الثانی فی (المبسوط) بعدم الضرر کما قیدناه و لعله مراد له فیهما (فی التذکرة نسخه) أو فی الثانی لهما فی (التذکرة) و فی (التحریر) لو أراد أحدهما السقی علی وجه لا یضر الآخر لم یکن له منعه (و لا ریب) فی أنه لو أراد المالک عمارة الدار علی وجه لا یضر بالموصی له فی أنه لیس له منعه (و لو أراد) الموصی له العمارة مع عدم الضرر فوجهان و فی (جامع المقاصد) أنه لیس ببعید ثبوت ذلک له (و یبقی الکلام) فیما إذا احتاجتا إلی السقی و العمارة و تنازعا فکل یقول للآخر علیک السقی و العمارة فإنه لا یجبر أحدهما علی أحدهما کما فی (الکتب الثلاثة) و (جامع المقاصد) أما المالک فلأنهما حینئذ لمصلحة الموصی له محضا فلا یجبر المالک علی أحدهما إذ الموصی له لا یستحق علیه ذلک و أما الموصی له فلأن ذلک لیس ملکا له و لا یجبر الإنسان علی سقی نخلة غیره و لا علی عمارة دار غیره علی أنه لا دلیل یدل علی ذلک هنا إذ لا شرکة و لا إضرار و المفروض أنه لا ضرر علیه فلیس فیه إضاعة للمال و لا کذلک فیما إذا أوصی لأحدهما بحب زرعه و للآخر بتبنه فإنه یقوم احتمال الإجبار لمکان الشریک و الإضرار و إضاعة المال کما تقدم فتدبر لأنه قد یکون غرض أحدهما الإضرار بالآخر و لا ضرر علیه أصلا فتذکر ما مر و تأمّل جیدا و ضمیر أحدهما فی العبارة یعود إلی الوارث و الموصی له لمکان السیاق (بقی هنا) أمران ینبغی التنبیه علیهما الأول لو انهدمت الدار الموصی بمنافعها فأعادها الوارث بآلتها فهل یعود حق الموصی له للشافعیة وجهان و فی (التذکرة) أن الوجه العود الثانی لو أراد الموصی له إعادتها بآلتها فهل له ذلک للشافعیة أیضا و فی (التذکرة) أن الوجه أنه له ذلک
(قوله) (و لو أوصی بالرقبة لواحد و بالمنفعة للآخر قومت الرقبة علی الأول و المنفعة علی الثانی)
کما ذکر کله فی (المبسوط) و قد ذکر فیه هذا الفرع و فی (التذکرة) فی فروع الاختلاف فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 523
و لو أوصی له من غلة داره بدینار و غلتها دیناران صح فإن أراد الوارث بیع نصفها و ترک النصف الذی أجرته دینار کان له منعه لجواز نقص الأجرة عن الدینار و لو لم یخرج الدینار من الثلث فللورثة بیع الزائد و علیهم ترک الثلث فإن کانت غلته دینارا أو أقل فهی للموصی له و إن کانت أکثر فله دینار و الباقی للورثة (1)
______________________________
تقویم العین الموصی بمنفعتها علی التأبید فحقه کما فی (جامع المقاصد) أن یذکر هناک فی عقبها و تحریر المقام أن یقال إذا أوصی بالرقبة خاصة لواحد و بمنافعها کلها لآخر أو بعضها لآخر فإما أن تکون الوصیة مؤبدة أو موقتة فإن کانت مؤبدة فی جمیع المنافع بنی ذلک علی الأقوال الثلاثة فالأول تقویم العین بمنافعها و خروج مجموع القیمة عن الثلث فبناء علیه ینظر فیما نحن فیه فیما سواها من الترکة فإن وفی الثلث بالوصیتین خرجنا منه و أعطینا للموصی له بالرقبة الرقبة و بالمنفعة المنفعة و إلا یف بهما أعطیناهما من کل منهما علی قدر الثلث و الثانی تقویم الرقبة علی الورثة و المنفعة علی الموصی له و أما هنا بناء علیه فإنا نحسب أیضا کمال القیمة علیهما فتقوم الرقبة علی الموصی له بها و المنفعة علی الموصی له بها و إطلاق المصنف الحکم بتقویم الرقبة علی الموصی له بها إنما یصح علی هذا الوجه و قد اختاره فی غیر الکتاب و أما فیه فلم یرجح واحدا من الأقوال و الثالث قول الشیخ إنا لا نحسب الرقبة علی أحد و بناء علیه لا نحسبها هنا علی الموصی له بها و نصححها من دون اعتبار الثلث و علیه لا یتم الإطلاق المذکور فی الکتاب کما عرفت و إن کانت الوصیة موقتة فإن کانت الوصیة بکل المنافع تلک المدة فالرقبة محسوبة من الثلث علی الموصی له بها و المحسوب من الثلث علی الموصی له بالمنفعة هو التفاوت أعنی المنفعة تلک المدة و کذلک الحال فیما إذا کانت الوصیة ببعض المنافع تلک المدة
(قوله) (و لو أوصی له من غلة داره بدینار و غلتها دیناران صح فإن أراد الوارث بیع نصفها و ترک النصف الذی أجرته دینار کان له منعه لجواز نقص الأجرة عن الدینار و لو لم یخرج الدینار من الثلث فللوارث بیع الزائد و علیهم ترک الثلث فإن کانت غلته دینارا أو أقل فهی للموصی له و إن کانت أکثر فله دینار و الباقی للورثة)
کما صرح بذلک کله فی (التحریر) حتی فی المسامحة فی قوله و علیهم ترک الثلث و فی قوله و لو لم تخرج الدار و فی قوله فإن کانت غلته کما ستعرف و قد أوضح ذلک فی (التذکرة) و قیده بما لا بد منه (قال) لو أوصی لرجل بدینار کل شهر من غلة داره أو کسب عبده و جعله بعده لوارثه أو للفقراء و المساکین و الغلة و الکسب عشرة مثلا فاعتبار هذه الوصیة من الثلث کاعتبار الوصیة بالمنافع مدة معلومة لبقاء المنافع لمالک الرقبة فیکون الظاهر فیهما أن المعتبر قدر التفاوت بین القیمتین ثم ننظر إن خرجت الوصیة من الثلث قال بعضهم لیس للورثة أن یبیعوا بعض الدار و یدعوا ما یحصل منه دینار لأن الأجرة تتفاوت و قد تراجع و تعود إلی دینار أو أقل و حینئذ فیکون الجمیع للموصی له (قلت) هناک مانع آخر و هو أن متعلق الوصیة هو مجموع الدار کما أن متعلق إحدی المنفعتین الموصی بها جمیع العبد فلم یکن لهم إبطال تعلق حق الموصی له بالبعض لما فیه من تبدیل الوصیة و قال فی (التذکرة) و هذا إذا أرادوا بیع بعضها علی أن تکون الغلة للمشتری فأما بیع مجرد الرقبة فعلی ما سبق من الخلاف فی بیع الوارث الموصی بمنفعته و إن لم تخرج من الثلث فما زاد علی الثلث من الرقبة و الغلة للوارث یتصرف فیه کیف یشاء انتهی فقد أردف ذلک أعنی فرض
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 524
و لو أوصی بعتق مملوکه و علیه دین قدم الدین فإن فضل من الترکة ما یسع ثلثه قیمة العبد عتق و إلا عتق ما یحتمله و یسعی فی الباقی (1)
______________________________
المسألة و صورتها بجعله بعده لوارثه أو للفقراء حتی تصیر الوصیة بهذه المنفعة مؤبدة لتعتبر بجملتها من الثلث و أشار إلی أنه لا تعتبر من الثلث جمیع المنافع لبقاء بعض المنافع لمالک الرقبة و صرح فیها بما أشار إلیه فی الکتاب باعتبار خروج الوصیة من الثلث و المصنف أشار إلی ذلک بقوله بعد ذلک و لو لم یخرج إلی آخره لکنه قال فی (التذکرة) موضع ذلک ما إذا أرادوا بیع البعض علی أن تکون الغلة للمشتری و أما بیع مجرد الرقبة فعلی الخلاف و فیه أنه ینبغی الجزم بالصحة هنا لأن المانع من الصحة هناک لو تم و هو کون الرقبة مسلوبة المنافع فلا قیمة لها و هذا منتف هنا و قد سلم فی (التذکرة) من التسامح الذی فی العبارة حیث قال فإن لم تخرج الدار و المراد إذا لم تخرج الوصیة من الثلث توسعا و اعتمادا علی ظهور الحال کقوله و علیهم ترک الثلث فإن فیه تسامحا أیضا إذ الثلث المعتبر هو تفاوت ما بین القیمتین و المتروک هو متعلقه من الدار و الضمیر فی قوله فإن کانت غلته یعود إلی الثلث المذکور توسعا و حقه أن یعود إلی المتروک من الدار و هو متعلق الثلث و لا شک أن غلته إن کانت دینارا أو أقل فهی للموصی له و إن زادت فله دینار و الباقی للورثة و هذا کله بخلاف ما إذا کانت الوصیة بعشر الغلة کل سنة فإن التسعة الأعشار الباقیة تخلص للوارث یتصرف فیه کیف شاء و الفرق ظاهر
(قوله) (و لو أوصی بعتق مملوکه و علیه دین قدم الدین فإن فضل من الترکة ما یسع ثلثه قیمة العبد عتق و إلا عتق ما یحتمله و یسعی فی الباقی)
هذا مذهب ابن بابویه فی (رسالته) و الشیخ فی (مبسوطه) حکاه عنهما ابن إدریس فی باب عتق (السرائر) و اختاره هو فیه و فی باب الوصایا مع تأمّل له فیه فی باب الوصایا کما ستسمع و قد یلوح ذلک من (المقنع) و هو الذی استقر علیه رأیه فی (الشرائع) و هو خیرة (التذکرة) و (التحریر) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (المختلف) و (الإیضاح) و (اللمعة) و (غایة المراد) و (المهذب البارع) و (التنقیح) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروض) و (الروضة) و (المفاتیح) و هو الظاهر من (کشف الرموز) و (التبصرة) و قد عبر فی (التلخیص) و (المختلف) و (التنقیح) بما لو أعتق بدل أوصی بناء علی عدم الفرق فی ذلک بین التنجیز و الوصیة کما صرح به جماعة و هو الظاهر من آخرین کما ستسمع و فی (المسالک) أن المنجز کالوصیة عند الأکثر و فی (الریاض) أنه المشهور و قد جزم بالحکم المذکور فی أکثر هذه الکتب و فی القلیل منها أنه أقوی کما فی (غایة المراد) و (الروضة) و أولی کما فی (الإیضاح) و (المسالک) و أصح کما فی (جامع المقاصد) و فی (المسالک) و (الکفایة) أن أکثر المتأخرین رد الروایة یعنی صحیحة عبد الرحمن (قلت) و هو کذلک کما عرفت و أنکر فی (الریاض) وجود الشهرة و أنکر علی (المسالک) ذلک و قال إنه نسب الحکم إلی أکثر المتأخرین مع أنه لم یحک الشهرة غیره فقد سمی ذلک شهرة و قد عرفت أنه حکی ذلک فی (الکفایة) علی أن فی الوجدان و العیان ما یغنی عن الحکایة و ما حکاه فی (السرائر) عن (المبسوط) لم نجده فی وصایاه (و إنما الموجود) فی وصایاه فی موضعین و إن کان الدین یحیط بنصف الترکة فإنه یباع نصف العبد فی الدین و النصف الباقی یعتق منه ثلثه و الثلثان یکونان للورثة یحصل فی العبد لصاحب الدین نصفه رقیقا و للورثة ثلثه رقیقا و یعتق منه السدس انتهی (و هذا یخالف) جمیع الأصحاب فإنه لم یحکم بأنه یستسعی کما هو ظاهر و لیس فیه تعرض لواحد من القولین أصلا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 525
..........
______________________________
هذا (و قد) حکی (کاشف الرموز) عن (الشرائع) خلاف ما استقر رأیه علیه فیها کما أنه تناقض کلام (السرائر) فی باب الوصایا قال فإن عمل عامل بهذه الروایة و أشار إلی روایة عبد الرحمن و ما کان نحوها و ستسمعها إن شاء اللّٰه یلزمه أن یستسعی العبد سواء کانت قیمته ضعفی الدین أو أقل من ذلک لأنه متی کانت قیمته أکثر من الدین بأیّ شی‌ء کان فإن المیّت الموصی قد استحق فی الذی فضل عن الدین ثلثه فتمضی وصیته فی ذلک الثلث و یعتق العبد و یستسعی فی دین الغرماء و ما فضل عن ثلث الباقی للورثة و لی فیه نظر انتهی (و أنت) إذا تأملت کلامه وجدته یقول إن من یعمل بالروایة یلزمه أن یعدل عن الروایة إلی الأصل الذی ذکره و (تحریر البحث) أن هناک أصولا محررة و قواعد مسلمة مقررة و هو أن الدین یقدم أولا ثم تعتبر الوصیة من ثلث ما یبقی من المال بعد الدین و أن الوصیة المتبرع بها إنما تنفذ من ثلث المال و أن المنجزات المتبرع بها کالوصیة فی خروجها من الثلث عند جم غفیر فإذا سلمت هذه الأصول و القواعد قلنا لا ریب أن العتق من جملة المتبرعات و قضیة هذه الأصول أنه إذا أوصی بعتق مملوکه تبرعا أو أعتقه منجزا و علیه دین أنه إن کان الدین یحیط بالترکة بطل العتق و الوصیة به و إن فضل منها عنه شی‌ء و إن قل صرف ثلث الفاضل فی الوصایا فیعتق من العبد بحساب ما یبقی من الثلث و یسعی فی باقی قیمته سواء کانت قیمته بقدر الدین مرتین أو أقل لأن العتق تبرع فیخرج من الثلث و المعتبر من الثلث ثلث ما یبقی من المال بعد الدین علی تقدیره کغیره من المتبرعات (و قد لحظت) هذه الأصول فی هذه الکتب و عملوا فیها و (أعرضوا) عن الروایات المتضافرة إذ قد وردت روایات صحیحة فی المتبرع بالعتق تخالف ذلک یقطع الفقیه المحدث المتتبع العارف المضطلع بصدورها عن المعصوم (فمنها) صحیحة عبد الرحمن و نحن ننقلها علی طولها علی التمام لنقطع بأنها صادرة عن الإمام (ع) و قد رواها الشیخ و ثقة الإسلام بأربعة طرق ثلاثة صحاح و حسن بإبراهیم قال سألنی أبو عبد اللّٰه (ع) هل یختلف ابن أبی لیلی و ابن شبرمة فقلت بلغنی أنه مات مولی لعیسی بن موسی فترک علیه دینا کثیرا و ترک ممالیک یحیط دینه بأثمانهم فأعتقهم عند الموت فسألهما عن ذلک فقال ابن شبرمة أری أن یستسعهم فی قیمتهم فیدفعها إلی الغرماء فإنه قد أعتقهم عند موته و قال ابن أبی لیلی أری أن أبیعهم و أدفع أثمانهم إلی الغرماء فإنه لیس له أن یعتقهم عند موته و علیه دین یحیط بهم و هذا أهل الحجاز الیوم یعتق الرجل عبده و علیه دین کثیر فلا یجیزون عتقه فرفع ابن شبرمة یده إلی السماء و قال سبحان اللّٰه یا ابن أبی لیلی متی قلت بهذا القول و اللّٰه ما قلته إلا طلب خلافی فقال أبو عبد اللّٰه (ع) فمن رأی أیهما صدر فقلت بلغنی أنه أخذ برأی ابن أبی لیلی و کان له فی ذلک هوی فباعهم و قضی دینه فقال فمع أیهما من قبلکم قلت له مع ابن شبرمة و قد رجع ابن أبی لیلی إلی رأی ابن شبرمة بعد ذلک فقال أما و اللّٰه إن الحق لفی الذی قال ابن أبی لیلی و إن کان قد رجع عنه فقلت له هذا ینکر عندهم فی القیاس فقال هات قایسنی فقلت أنا أقایسک فقال لتقولن بأشد ما یدخل فیه من القیاس فقلت له رجل ترک عبدا لم یترک مالا غیره و قیمة العبد ستمائة درهم و دینه خمسمائة درهم فأعتقه عند الموت کیف یصنع قال یباع العبد فیأخذ الغرماء خمسمائة درهم و یأخذ الورثة مائة درهم فقلت أ لیس قد بقی من قیمة العبد مائة درهم عن دینه فقال بلی قلت أ لیس للرجل ثلثه یصنع به ما شاء قال بلی قلت أ لیس قد أوصی للعبد بالثلث من المائة حین أعتقه فقال إذا العبد لا وصیة له إنما ماله لموالیه قلت فإن کانت قیمة العبد ستمائة درهم و دینه أربعمائة فقال کذلک یباع العبد فیأخذ الغرماء أربعمائة درهم و یأخذ الورثة مائتین و لا یکون
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 526
..........
______________________________
للعبد شی‌ء قلت فإن کانت قیمة العبد ستمائة درهم و دینه ثلاثمائة درهم فضحک فقال من هاهنا أتی أصحابک جعلوا الأشیاء شیئا واحدا و لم یعلموا أن السنة إذا استوی مال الغرماء و مال الورثة لو کان مال الورثة أکثر من مال الغرماء لم یتهم الرجل علی وصیته و أجیزت وصیته علی وجهها فالآن یوقف هذا فیکون نصفه للغرماء و یکون ثلثه للورثة و یکون له السدس (و مثلها) صحیحة ابن أبی عمیر عن جمیل بن دراج عن أبی عبد اللّٰه (ع) رواها الصدوق فی رجل أعتق مملوکه عند موته و علیه دین فقال إن کان قیمته مثل الذی علیه و مثله فقد جاز عتقه و إلا لم یجز و هو صریح فی ما تضمنه صحیح عبد الرحمن و روی مثلها بإسناده عن جمیل و رواه الکلینی عن علی بن إبراهیم و رواه الشیخ بإسناده عن علی بن إبراهیم إلا أنه قال عن جمیل عن زرارة و بإسناده عن الحسین بن سعید عن ابن أبی عمیر و فی (الموثق) سمعت أبا الحسن (ع) یقول فی رجل أعتق مملوکا و قد حضره الموت و أشهد له بذلک و قیمته ستمائة درهم و علیه دین ثلاثمائة درهم و لم یترک شیئا غیره قال یعتق منه سدسه لأنه إنما له ثلاثمائة درهم و له السدس من الجمیع و فی (الصحیح) عن أبی عبد اللّٰه (ع) قال إذا ملک المملوک سدسه استسعی و أجیز و مثله حسنة زرارة (و حاصل مفاد) هذه الأخبار کما ستسمعه فی کلام المصنف و غیره أنه یجب اعتبار قیمة العبد الذی أعتقه فإن کانت بقدر الدین مرتین أعتق العبد و سعی فی خمسة أسداس قیمته لأن نصفه حینئذ ینصرف إلی الدین فیبطل فیه العتق و هو ثلاثة أسداس و یبقی منه ثلاثة أسداس للمعتق منها سدس هو ثلث الترکة بعد وفاء الدین و للورثة سدسان و هما ثلثاها و إن کانت قیمة العبد أقل من قدر الدین مرتین بطل العتق فیه أجمع و قد دل علی الحکم الأخیر ما عدا الموثق و ما ذکر بعده (و هذا المستفاد) من هذه الأخبار خیرة (المقنعة) فی الوصیة و العتق قال فی الوصیة و إذا أوصی لإنسان بعتق مملوک له و کان علیه دین فإن کانت قیمة العبد ضعفی الدین استسعی العبد فی خمسة أسداس قیمته ثلاثة أسهم للدیان و سهمان للورثة و سهم له و إن کانت قیمته أقل من ذلک بطلت الوصیة کذا فی (بعض) نسخ المقنعة و فی بعض آخر و إذا کان علی الإنسان دین و لم یخلف إلا عبدا أو عبیدا فأعتقهم عند الموت نظر فی قیمة العبد أو العبید و ما علیه من الدین فإن کان أکثر من قیمة العبد بطل العتق و بیع العبد و تحاص الغرماء بثمنهم و کذلک إن استوت القیمة و الدین فإن کانت قیمة العبد أکثر من الدین بالسدس أو الثلث و نحو ذلک بیع العبد و بطل العتق و إن کانت قیمة العبد ضعف الدین کان للغرماء النصف و للورثة الثلث و عتق منهم السدس لأن لصاحبهم الثلث من ترکته یصنع به ما شاء فوصیته نافذة فی ثلث ما یملکه و هو السدس بهذا جاء الأثر عن آل محمد (ص) و نحو ذلک ما فی باب العتق منها فتارة جعل مورد النص الوصیة و أخری العتق و کذا (صنع الشیخ) فی (النهایة) فعبر فی الوصیة بأوصی و فی العتق بأعتق و مثلهما (المهذب) حیث عبر فی الباب بأوصی و (مثلها) الشیخ فی (التهذیب) و (الإستبصار) حیث جمع فیهما بین الأخبار فاهما منها الوصیة و کذلک المحقق فی (نکت النهایة) فی باب العتق و قد مال إلیه بلفظ الوصیة فی (لدروس) و فی (الکفایة) أنه متجه (و الحاصل) أن هؤلاء لم یفرقوا هنا بین الوصیة و التنجیز (و کذلک) ابن إدریس جعل کلام الشیخ فی (النهایة) فی الوصیة الوارد بأوصی و العتق الوارد بأعتق من سنخ واحد حیث نقل کلامه فی البابین و لم یفرق بینهما (و المحقق) فی وصایا (نکت النهایة) و (النافع) و (الشرائع) و (المصنف) فی (التبصرة) و أبو العباس فی (المهذب البارع) و (المقتصر) وافقوا الشیخین (و القاضی) فی خصوص المنجز أعنی ما إذا أعتق فی مرض الموت لا ما إذا أوصی فإنهم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 527
..........
______________________________
وافقوا فیه ابن إدریس (و إلیه مال) فی (اللمعة) و (الدروس) و (الحواشی) و (إیضاح النافع) و کل ما شرط فیه لصحة العتق کون قیمته ضعف الدین مستندین إلی لفظ الروایة التی هی الأصل فی الباب و هی واردة فیمن أعتق و هو یقتضی التنجیز و فی (کشف الرموز) أن ابن إدریس توهم أن الروایة وردت بلفظ الوصیة و نحوه ما فی (نکت النهایة) فی باب الوصایا لا العتق (قلت) قد أطلق لفظ الوصیة فی صحیحة عبد الرحمن علی الإعتاق أربع مرات فی کلام المعصوم و الراوی مقررا له بل الظاهر منها اتحاد حکم الوصیة و المنجز بل کادت تکون نصا فی ذلک فیحتمل حمل الإعتاق فیها علی الأعم من المنجز و المعلق و علی الأخص و هو الوصیة (کما) فهمه منها ابن إدریس فی (عتق السرائر) و وصایاها و لو فهم منها التنجیز لوجب علیه أن یحکم بمضی العتق فی الحال لأن المنجزات عنده من الأصل کما صرح به هو فی وصایا (السرائر) بعد کلامه علی الشیخ من دون فاصلة أصلا (و هو أی الحمل) علی الوصیة هو الظاهر غایة الظهور من وصایا (المقنعة) و (النهایة) و (المهذب) و عتق (التهذیب) و (الإستبصار) حیث جمع فیهما بین صحیحة الحلبی التی هی نص فی الوصیة کما ستسمع و بین صحیحة عبد الرحمن فلا تصغ إلی قوله فی (الریاض) أن الطائفة متفقة قدیما و حدیثا موافقا و مخالفا علی عدم احتمالهم لهذا الاحتمال فیها أی الصحیحة و إن اختلفوا فی فهم المعنی الحقیقی منها کما یفهم من الشهید الثانی و الأعم منه و من الوصیة کما هو ظاهر جماعة انتهی (و أنت) قد عرفت الحال من دون شبهة و لا إشکال لأن کلام ابن إدریس کأنه نص صریح فی ذلک (و کیف کان) فإن جرینا فی الروایة علی ما فهمه منها الشیخان و القاضی و ابن إدریس تکون نصا فی الوصیة و أما المنجز فالقائل بأنه من الأصل یقول لا دلالة فیها علیه کابن إدریس و القائل بأنه کالوصیة یلحقه بها لاتحاد الطریق و المناط المنقح له الإجماع من القائلین بأنه من الثلث بل و العقل (و إن فهمنا) منها ما فهمه منه المحقق فی (الشرائع) حیث فصل و کذا (النافع) علی ما فهم منه جماعة من أنها واردة فی المنجز قلنا شمولها للوصیة بالأولویّة فإنه إذا بطل العتق المنجز مع قصور قیمة العبد عن ضعف الدین مع قوة المنجز من وجهین الأول أنه تصرف صادر من صاحب المال فی ماله و الثانی أن الإجماعات محکیة علی نفوذه من الأصل کما بیناه فی باب الحجر فبالأولی أن یبطل فی الوصیة التی هی الأضعف (و تلک الأصول) یجب تخصیصها بالأخبار القطعیة الصدور التی قد عمل بها قدماء الأصحاب فی تلک الأعصار و أودعوه فی کتب الفتاوی و الأخبار قائلین بذلک جاء الأثر عن آل محمد (ع) کما سمعته عن (المقنعة) إلی زمن ابن (إدریس) فردها بناء علی أصله الفاسد (و تبعه) أکثر المتأخرین مستندین إلی تلک الأصول و إلی صحیحة الحلبی المحمولة علی التقیة لأنه مذهب العامة فی تلک الأزمنة (کما) ذکره (العلامة المجلسی) و أفصحت به صحیحة عبد الرحمن (علی) أن الشیخ فی (التهذیبین) و جماعة تأولوها بما ستسمع إن شاء اللّٰه (علی) أنها مضمرة فی (التهذیبین) نعم هی مسندة فی (الفقیه) رواها عن حماد عن الحلبی عن أبی عبد اللّٰه (ع) لکن طریقه إلی حماد عن الحلبی مجهول و إن کان طریقه إلی الحمادین صحیحا إذ یقال مثل ذلک فی المقام فتأمّل و (متن الخبر) أنه قال فی الرجل یقول إن مت فعبدی حر و علی الرجل دین فقال إن توفی و علیه دین قد أحاط بثمن العبد استسعی العبد فی قضاء دین مولاه و هو حر به إذا أوفاه (کذا) فی (الفقیه) فی نسخة عتیقة معربة محشاة مصححة و فی (التهذیبین) بعد قوله قد أحاط بثمن العبد بیع العبد و إن لم یکن أحاط بثمن العبد استسعی العبد فی قضاء دین مولاه و هو حر إذا أوفاه و (قد تأوله الشیخ) و الجماعة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 528
و قیل إن کانت قیمته ضعف الدین عتق و سعی فی خمسة أسداس قیمته ثلاثة للدیان و سهمان للورثة و إن کانت أقل بطلت و کذا لو نجز عتقه فی مرض الموت (1) و لو أوصی بعتق ممالیکه دخل ما یملکه منفردا و مشترکا فیعتق النصیب و یقوم علیه من الثلث علی إشکال (2)
______________________________
بحمله علی کون الدین نصف القیمة لیوافق الأخبار الصحیحة و مع ذلک لم یتعرض فیه لحق الورثة مع أن لهم من قیمته إذا زادت عن الدین حقا و قد و سمعها فی (جامع المقاصد) بأنها حسنة و هی صحیحة فی (التهذیبین) جزما غیر أنها فیهما غیر مسندة و قد رواها علی وجه لیس فی (الفقیه) و (التهذیبین) و لعله ظفر بها فی باب آخر من أحد الکتب الثلاثة (فهذه الروایة) لا تعارض تلک الأخبار و إن اعتضدت بالأصول و الشهرة المتأخرة (لأنا ندعی) أن تلک الأخبار مجمع علیها قبل ابن إدریس و کم من قاعدة خصصناها بمثل هذه الأخبار أو بما هو دونها فی القوة و لا مانع من أن یکون العتق مستثنی من تلک القواعد کما هو الشأن فیما إذا أوصی بعتق عبیده و لیس له سواهم فإنهم حکموا بأنه یعتق ثلثهم بالقرعة مع أن قواعد الوصایا أنها إذا وقعت دفعة قسط علیها الثلث بالسویة و أخبار تلک لیست بأقوی من أخبار المسألة (و لعله) لذلک قال فی (النافع) فیه وجه آخر ضعیف بأن یکون أراد بالوجه الآخر ما ذهب إلیه المصنف هنا و الجماعة من أنه یستسعی فیما زاد مطلقا کما هو الظاهر و یحتمل أن یکون أراد به أن المنجزات تخرج من الأصل فی الحال (و قد کنا) فی باب الحجر قوینا أن المنجزات تخرج من الأصل (و یقوی) عندی الآن من هذه الأخبار و فتاوی الأصحاب أنها من الثلث کالوصیة عدا أمور أخر ذکرناها هناک
(قوله) (و قیل إن کانت قیمته ضعف الدین عتق و سعی فی خمسة أسداس قیمته ثلاثة للدیان و سهمان للورثة و إن کانت أقل بطلت و کذا لو نجز عتقه فی مرض الموت)
قد تقدم الکلام مسبغا مشبعا و قال جماعة لا خلاف من القائلین بأن المنجزات کالوصیة من الثلث فی أنه یستسعی إذا کانت قیمته ضعف الدین و إنما الخلاف فیما إذا کانت أقل من الضعف فناس علی أن الوصیة تبطل و ناس أنها لا تبطل و یستسعی و فصل آخرون فقالوا إن کان العتق منجزا و کانت قیمته أقل بطلت و إن کان وصیة استسعی فیما زاد کائنا ما کان بمعنی و إن کانت قیمته أقل من الضعف کما تقدم بیانه
(قوله) (و لو أوصی بعتق ممالیکه دخل ما یملکه منفردا و مشترکا فیعتق النصیب و یقوم علیه الباقی من الثلث علی إشکال)
و کذا لا ترجیح فی (التحریر) و (الإیضاح) و (الکفایة) و ما زاد فی (النافع) و (التلخیص) علی قوله دخل المنفرد و المشترک فکأنهما أیضا مترددان و قال الشیخ فی (النهایة) أعتق من کان فی ملکه و قوم من کان فی الشرکة و أعطی حقه إن کان ثلثه یحتمل فإن لم یحتمل أعتق منه بقدر ما یحتمله و تبعه القاضی علی ما حکی و لعله فی غیر (المهذب) و ابن سعید فی (الجامع) و المصنف فی (المختلف) و هو الظاهر من المحمدین الثلاثة فی (کتب الأخبار) کما ستعرف و مال إلیه أو قال به فی (غایة المراد) و فی عتق (الدروس) أنه أنسب لسبق السبب علی الموت لأنه أوجد سبب العتق بالوصیة فکان معتقا و من ثم کان له ولاؤه إلا أن تقول هذا سبب ناقص و السبب التام للسرایة العتق مع الیسار و الیسار هنا منتف أو نقول السبب العتق لا الوصیة به (و قد استدل) علیه فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) بعموم قوله (ص) من أعتق شقصا من عبد عتق علیه کله کذا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 529
و لو أوصی بعتق عبیده و لا ترکة غیرهم عتق ثلثهم بالقرعة (1)
______________________________
رواه فی (الإیضاح) و رواه فی (جامع المقاصد) سری علیه العتق فی باقیه لکن لم أجد هذا المتن بطرفیه فیما حضرنی من أخبار الباب نعم هناک عمومات أخر واضحة (و الأولی) الاستدلال علیه بما رواه المشایخ الثلاثة بطرق صحیحة إلی أحمد بن زیاد و قد قال الأستاذ إنهم قالوا إنه ثقة فاضل قال و ذکره الصدوق کذلک فی کمال الدین زائدا علیه رحمة اللّٰه علیه و قال أیضا قد أکثر هو من الروایة عنه و مر فی إبراهیم بن رجاء ذکره مترضیا علیه عن الشیخ فی (الفهرست) فلا تصغ إلی تضعیفه فی (التذکرة) و غیرها بأن الشیخ قال بأنه واقفی مع أن الروایة هنا یحتمل أن تکون عن الرضا (ع) و من البعید جدا أن یقف علیه و یروی عنه علی أنه قد روی عنه هنا من لا یروی إلا عن ثقة کأحمد بن أبی نصر و أحمد بن عیسی (و إن قلنا) بمقالة بعض متأخری المتأخرین بأنه یکفی تقدم صاحب إجماع ارتفع الإشکال و النزاع (لکنها) مقالة ردیئة جدا لم نجد لها أثرا فی کلام العلماء کما نبهنا علی ذلک مرارا فی مواضع و هذا منها عن أبی الحسن (ع) قال سألته عن رجل تحضره الوفاة و له الممالیک لخاصة نفسه و له ممالیک فی شرکة رجل آخر فیوصی فی وصیته ممالیکی أحرار ما حال ممالیکه الذین فی الشرکة فکتب یقومون علیه إن کان ماله یحتمله فهم أحرار و لیس فیه شی‌ء إلا أنه کتابة و لیس فیها إلا احتمال التقیة و هی مخالفة للشافعی فکان الواجب أن یتقیه لأنه قائل بمقالة (المبسوط) و لم یتعرض للفرع من العامة أحد غیره و ما فی (التنقیح) غیر منقح و لا صحیح من احتمال انصراف العتق إلی ما یخصه لأنه إذا لم یحتمل الثلث جمیع عبیده لم یعتق إلا قدر الثلث إذ السؤال فیها عن حال ممالیکه الذین فی الشرکة فقال یقومون علیه و مثله احتمال ورودها فی العتق المنجز حال الحیاة لأنه یرده قوله فیوصی فی وصیته ممالیکی أحرار و فی (المبسوط) و (السرائر) أنه لا یقوم علیه نصیب شریکه بل یعتق منهم و إن کان غنیا لأن ملکه زال عین ملکه بالموت إلا القدر الذی استثناه (و هو خیرة) (الشرائع) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (التنقیح) و (إیضاح النافع) و (المسالک) و (الروض) لأن إعتاق بعض الرقیق إنما یسری إلی الباقی إذا کان المعتق مالکا للباقی أو کان مؤسرا و بالموت زال ملکه عن سائر أمواله بخلاف ما لو أعتق البعض و هو حی مریض و قوله (ع) من أعتق شقصا لا یتناول المیّت أو لا یعد معتقا و إن أسند الإعتاق علیه و لم یجیبوا عن ثبوت الولاء (و الخبر الصحیح) علی الظاهر الصریح المعمول به یأتی علی ذلک کله و فی (جامع المقاصد) أن فی قول الشیخ قوة (قلت) و ینبغی أن یکون مذهبا للسید بن طاوس فی الحسری و البشری لأنه یذهب فیها إلی بطلان السرایة بالکلیة و إن کان المعتق حیا غنیا لضعف أخبارها عنده و قد حکی الإجماع علی خلافه و أما دخول المختص و المشترک فی ذلک فلا کلام فیه کما فی (إیضاح النافع) و فی (المسالک) أنه واضح و فی (الریاض) لا خلاف فیه (و قد حکی) فیه عن بعض الأجلاء و الظاهر أنه (صاحب الحدائق) أنه قال إن الحلی و المتأخرین کافة علی مخالفة الشیخ و إنهم اختاروا عدم السرایة لمخالفتها الأصل و قد سمعت أن ابن سعید و الشهید قد وافقا الشیخ و أن جماعة لم یرجحوا و أن جماعة لم یتعرضوا له مع أنهم شارحون لکلام من تعرض له (ککاشف الرموز) و فخر الإسلام علی (الإرشاد) و أبی العباس فی کتابیه و غیرهم و ما زال هذا الشیخ الأخباری یستلف و یجازف فیما هو أعظم من هذا مع أن الأمر فی هذا أیضا لیس بسهل
(قوله) (و لو أوصی بعتق عبیده و لا ترکة غیرهم عتق ثلثهم بالقرعة)
کما فی (المراسم) و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 530
..........
______________________________
(ط) و (جامع الشرائع) و (الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (التبصرة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروض) و (الکفایة) و (المفاتیح) و (الروض) و فیه أنه لا خلاف فیه و کأنه لم یظفر بکلام المحقق فی (نکت النهایة) فإنه ذهب إلی استحباب القرعة کما ستسمع و فی (الکفایة) أنه المعروف بینهم و لا ریب أن ذلک إذا لم یجز الوارث کما صرح بذلک فی أکثر هذه و قد خلا بعضها عن التقیید بعدم ترکة غیرهم کالمراسم و لا ریب أیضا فی أنه مراد لهم کما أنه لا ریب فی أن القرعة إنما هی بعد تعدیلهم أثلاثا بالقیمة (أو العدد خ) و لو توقف التعدیل (أو العدد خ) علی إدخال جزء من أحدهم أدخل کما ستعرف (و قد) ذکر فی (المقنع) و (المقنعة) و (النهایة) و (السرائر) و (اللمعة) و (الروضة) بدل هذه مسألة أخری و هی ما إذا أوصی بعتق ثلث عبیده فإنهم قالوا یستخرج الثلث بالقرعة قالوا لأنه کما لو قال أعتقتکم أو أوصیت بعتقکم بل فی (التذکرة) أنه لو کان له ثلاثة عبید متساویة القیمة و لا شی‌ء له غیرهم فأعتق فی مرض الموت ثلث کل واحد منهم فقال أثلاث هؤلاء أحرار أو ثلث کل واحد حر فإن الأصح من وجهی الشافعیة أنه یقرع بینهم لتجتمع الحریة فی واحد فإن عتق المالک لا یتجزأ و إعتاقه بعض مملوکه کإعتاقه کله فکأنه قال أعتقت هؤلاء و لو قال ذلک أقرعنا بینهم بسهم حر و سهمی رق انتهی (و الغرض) بیان أن لا فرق بین أن یوصی بعتق عبیده أو بعتقهم فی مرض موته و لا ترکة غیرهم و بین أن یوصی بعتق ثلث عبیده أو بعتقه فی مرض موته بل و لا بین أن یوصی بعتق ثلث کل واحد منهم و لا ترکة غیرهم فیکون الصدوق و المفید و الشیخ فی (النهایة) و ابن إدریس و الشهیدان فی (اللمعة) و (الروضة) موافقین علی القرعة فی مسألتنا لأن الجمیع من سنخ واحد و فی عتق (الکفایة) إذا أعتق ثلث عبیده استخرج الثلث بالقرعة و الظاهر أنه موضع وفاق (و تدل) علیه روایة محمد بن مروان و لا یختص الحکم بالثلث بل یجری فی کل جزء مشاع و فی حکمه ما لو أوصی بعتق ثلث عبیده أو أوصی بعتق الجمیع و لم یکن سواهم انتهی و الحاصل أنه إذا أوصی بعتقهم جمیعا أو أعتقهم جمیعا و لا ترکة سواهم عتق ثلثهم بالقرعة و إن خالف قواعد الوصایا و کذلک الحال لو قال ثلث کل واحد منکم حرا و أثلاثکم أحرار و لم یکن له مال سواهم و أنه إذا أعتق ثلثهم أو أوصی بعتقه عتق ثلثهم بالقرعة سواء کان له مال سواهم أم لا و الوجه فی الأول أن عتق بعض کل واحد یوجب الإضرار بالوارث حیث یوجب سعی کل واحد فی باقیه فیلزم عتق جمیعهم و أن الغرض من الإعتاق تخلیص الشخص من الرق لیکمل حاله و هذا الغرض لا یحصل مع التبعیض لبقاء أحکام الرق (و قد روی) العامة عن عمرو بن أبی حصین أن رجلا أعتق ستة ممالیک مملوکین له عند موته لم یکن له مال غیرهم فدعا بهم رسول اللّٰه (ص) فجزأهم أثلاثا ثم أقرع بینهم فأعتق اثنین و أرق أربعة و لعله یلوح منه عدم وجوب التعدیل إذ من البعید اتفاق الستة فی القیمة و فی (صحیحة) محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر (ع) عن الرجل یکون له المملوکون فیوصی بعتق ثلثهم قال کان علی (ع) یسهم بینهم (و روی) محمد بن مروان عن أبی عبد اللّٰه (ع) قال إن أبی ترک ستین مملوکا فأقرعت بینهم فأخرجت عشرین فأعتقهم (فأعتقتهم ظاهرا) فالظاهر أنه (ع) أوصی بعتق ثلثهم و لما کان عتقهم کلهم حیث لا مال غیرهم یرجع إلی عتق ثلثهم و قد جاءت الأخبار فی حال ذلک کان الحکم فی المسألتین واحدا و الدلیل واحد مع انعقاد الإجماع من المسلمین علی ذلک بمعنی عدم تقسیط الثلث علیهم بالسویة کما هو الشأن فی الوصایا إذا وقعت دفعة و المعظم کما عرفت علی القرعة (و قال المحقق) فی (نکت النهایة)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 531
و لو رتب بدئ بالأول فالأول حتی یستوفی الثلث (1)
______________________________
الوجه عندی فی القرعة الاستحباب لأن للوارث أن یعین للعتق الثلث کما کان للمالک و الروایتان حکایة حال لا تقضیان العموم و لا الوجوب (قلت) الصحیحة وقعت فی جواب سؤال فتقتضی العموم و إن کانت حکایة حال مع مخالفته للإجماع المعلوم و المحکی عن ظاهر (الکفایة) کما سمعت و قد ذکر الشهید فی (الدروس) أن المروی عن النبی (ص) و عن علی (ع) و الصادق (ع) تجزؤهم ثلاثة أجزاء فحینئذ یقرع بکتابة أسماء العبید فإن خرج علی الحریة کفت الواحدة و إلا أخرج الرقعتین (قلت) و بذلک صرح فی (نکت النهایة) و ذلک بأن نفرض أن العبید ستة و قیمة کل منهم مائة درهم فتکتب ثلاث رقعات فی کل رقعة اسم اثنین و نشوشها و نقول لشخص آخر أخرج رقعة باسم المعتقین فکل رقعة خرجت کان فیها من المکتوبین معتقا و یبقی ستة (أربعة ظاهرا) مملوکین أو نقول له أخرج علی المملوکین فیخرج رقعتین و یجوز کتابة الحریة فی رقعة و الرقیة فی رقعتین و تخرج علی أسمائهم و هذا حکم الثلث (و فی الربع) مثلا نظیره بأن تجزأ العبید أربعة أجزاء و یخرج نحو ما ذکر أو تکتب الحریة فی واحدة و الرقیة فی ثلاثة و تخرج علی أسمائهم و لا یخفی أن جمع اثنین علی حکم واحد یمنع من افتراقهما فی الرقیة و الحریة و من الممکن خروج أحدهما رقا و الآخر حرا (و هناک وجه ثالث) و هو أن یکتب ست رقاع فی الفرض المذکور بأسماء الستة و تخرج واحدة واحدة بالحریة و الرقیة إلی أن یستوفی المطلوب أو یکتب فی اثنتین حریة و فی أربع رقیة ثم تخرج علی واحد واحد إلی أن یستوفیه (لکن المشهور) بین الأصحاب کما فی (الکفایة) هو ما سبق لوروده فی الروایة (و یمکن) الجمع بین هذا الوجه أی الثالث و ما فی الروایة بأن یقرع أولا فی استخراج صورة الجمع من الصور المختلفة الممکنة ثم یقرع علی الوجه المذکور فی الروایة و لعله أحوط ثم إن تساوت الأثلاث عدد أو قیمة مع إمکان التعدیل أثلاثا فالأمر واضح سواء تساوت قیمة الجمیع أو اختلفت کستة قیمة ثلاثة منهم ستمائة کل واحد مائتان و ثلاثة ثلاثمائة کل واحد مائة فیضم الأعلی إلی الأدنی و یجعلان ثلثا و لو اختلف التعدیل قیمة و عددا مع إمکان الأمرین ففی ترجیح اعتبار القیمة أو العدد وجهان (و قد) رجح المحقق فی (نکت النهایة) القیمة لأن المال المشترک إذا لم یمکن قسمته عدلناه بالقیمة کاللئالئ و الثیاب و هنا للحریة نصیب و للرقیة نصیب متشبث بالأجزاء فیعدل فی قسمته إلی القیمة تفصیا من حیف أحد الطرفین (قلت) و لأن المقصود الذاتی من العبید المالیة و فی (الکفایة) أن بعضهم رجح اعتبار العدد موافقة للمروی من فعل النبی (ص) و الإمام (ع) لاستبعاد تساوی الستة قیمة و لا یبعد اعتبار العدد فیما لو أعتق الثلث و اعتبار القیمة فیما لو أوصی بعتق الجمیع و لم یکن له مال سواهم فتأمّل هذا و قد تقدم لنا أن القرعة إما کاشفة عما هو معین فی نفس الأمر و اشتبه أو مرجحة و هی هنا مرجحة
(قوله) (و لو رتب بدئ بالأول فالأول حتی یستوفی الثلث)
کما فی (النهایة) و (المبسوط) و (السرائر) و (جامع الشرائع) و (النافع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (التبصرة) و (جامع المقاصد) و (الروض) و (المسالک) و (المفاتیح) و (الریاض) مع التصریح بأنه یبطل فی الزائد و فی (الریاض) أنه لا خلاف فیه و قد طفحت عباراتهم بأنه إذا أوصی بأمور متعددة و لم یکن فیها واجب بدئ بالأول فالأول حتی یستوفی الثلث و یبطل الباقی إن لم یجز الوارث و هو یشمل ما نحن فیه و المراد بالأول ما قدمه فی الذکر و لم یعقبه بما ینافیه سواء عطفه بأحد حروف العطف أم قطعه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 532
و لو أوصی بعتق عدد معین من عبیده و لم یعینهم استخرج العدد بالقرعة إلی أن یستوفی الثلث (1) و یحتمل تخیر الورثة (2) و لو أعتق ثلث عبده منجزا عند الوفاة عتق أجمع إن خرجت قیمته من الثلث و إلا المحتمل و لو أعتقه أجمع و لا شی‌ء له سواه عتق ثلثه (3) و لو أوصی بعتق رقبة مؤمنة وجب (4) فإن تعذر قیل أعتق من لا یعرف بنصب (5)
______________________________
کأن قال أعتقوا سالما أعتقوا غانما و لا فرق فیما نحن فیه بین أن یقع المرتب متصلا فی وقت واحد عرفی أو فی زمانین متباعدین کغدوة و عشیة و إن فرق بعضهم فی غیره (للأصل) و ما (رواه) المشایخ الثلاثة فی الصحیح إلی الحسن بن محبوب عن أبی جمیلة عن حمران عن أبی جعفر (ع) فی رجل أوصی عند موته فقال أعتق فلانا و فلانا حتی ذکر خمسة فنظر فی ثلثه فلم یبلغ ثلثه أثمان قیمة الممالیک الخمسة الذین أمر بعتقهم فقال یقوموا و ینظروا إلی ثلثه فیعتق منهم أول من سمی ثم الثانی ثم الثالث ثم الرابع ثم الخامس فإن عجز الثلث کان ذلک فی الذین سماهم أخیرا لأنه أعتق بعد مبلغ ما لا یملک فلا یجوز له ذلک کذا فی (المهذب) و الموجود فی کتب الاستدلال فقال ینظر إلی الذین سماهم و بدأ بعتقهم فیقومون و ینظر إلی ثلثه فیعتق منه أول شی‌ء ذکره ثم الثانی و الثالث ثم الرابع و الخامس فإن عجز الثلث کان فی الذین سمی أخیرا لأنه أعتق بعد مبلغ الثلث ما لا یملک فلا یجوز له ذلک
(قوله) (و لو أوصی بعتق عدد معین من عبیده و لم یعینهم استخرج العدد بالقرعة إلی أن یستوفی الثلث)
کما فی (النهایة) و (السرائر) و (التلخیص) و فی (الإیضاح) أنها أصح و فی (المسالک) أنها أعدل و فی (جامع المقاصد) أنها أحوط و وجهها أن العتق حق للمعتق و لا ترجیح فیه لبعضهم فوجب التوصل إلیه بالقرعة لأنه أمر مشکل
(قوله) (و یحتمل تخیر الورثة)
و القرعة علی الاستحباب کما هو خیرة (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الروض) و فی (جامع المقاصد) و (المسالک) أنه أقوی و فی (الروضة) أنه قوی و فی (الکفایة) أنه غیر بعید لأن المتبادر من اللفظ لأن کان متواطئا التخییر و الاکتفاء بأیّ عدد کان من الجمیع (قلت) لأنه لم یرد عدد إلا بعینه لأنه لم یقل به أحد کما فی (الإیضاح) و لا عددا فی نفس الموصی لأنه تکلیف ما لا یطاق فلا بد أن یکون أراد ما یعینه الوارث و هو المطلوب و لأنه قائم مقامه و فی (الروضة) أن فی الفرق بینه و بین ما إذا أوصی بعتق ثلث عبیده نظرا قلت لعل وجه عدم الفرق أن الإبهام مشترک فیهما و المعتق یملک حق عتقه هنا أیضا و الجزء الشائع متواطئ کالعدد و وجه الفرق أن الثلث یحتاج إلی تعدیل و تقویم و لا کذلک الثلاثة و بقی شی‌ء و هو أن المحقق قال و قیل یتخیر و لم نجده لأحد قبله وجدانا و لا حکایة
(قوله) (و لو أعتق ثلث عبده منجزا عند الوفاة عتق أجمع إن خرجت قیمته من الثلث و إلا المحتمل و لو أعتقه أجمع و لا شی‌ء له سواه عتق ثلثه)
هذا کله مبنی علی أن المنجز کالوصیة فی اعتباره من الثلث إذا وقع فی مرض الموت و قد أسبغنا فیه الکلام أکمل إسباغ فی باب الحجر
(قوله) (و لو أوصی بعتق رقبة مؤمنة وجب)
أی تحصیلها بحسب الإمکان بلا ریب کما فی (المسالک) و بلا خلاف فیما أجد عملا بالوصیة الواجب إنفاذها و المحرم تبدیلها
(قوله) (فإن تعذر قیل أعتق من لا یعرف بنصب)
کما هو خیرة (النهایة) و (نکتها) و (جامع الشرائع) و (الشرائع) و (النافع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (شرحه) لولده و (التلخیص) و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 533
و لو أعتق بظن الإیمان فظهر الخلاف أجزأ عن الموصی (1) و لو أوصی بعتق رقبة بثمن فتعذر لم یجب الشراء بأزید و لو وجد بأدون أجزأ عند الضرورة فیعتق و یعطی الباقی (2)
______________________________
(اللمعة) و هو ظاهر (القاضی) کما ستعرف بل هو ظاهر (الفقیه) حیث روی فیه خبری علی بن حمزة و (الکلینی) حیث روی أحدهما و قد یلوح ذلک من (الشروح) و (الحواشی) حیث سکتوا (ککشف الرموز) و (غایة المراد) و (کتابی أبی العباس) و (إیضاح النافع) و (التنقیح) بل نسب فی (الریاض) إلی ظاهر الأخیر أنه لا خلاف فیه قال بل ظاهر (التنقیح) و صریح غیره عدم الخلاف فیه مع أنه لم یتعرض له فی (التنقیح) أصلا و إنما تعرض لذکر الناصبی و لم نجد بعد فضل التتبع مرة بعد أخری أحدا ادعی الإجماع علیه و کیف یکون ذلک و ستعرف کثرة المخالف (نعم) قال فی (الروضة) أنه المشهور و قال فی (الریاض) أن الشهرة محکیة فی (الروضة) و غیرها و لم نجدها فی غیرها علی أن التتبع یقضی بالتأمّل فی تحقق الشهرة إلا إذا لحظت ما استنهضناه علی ذلک لأنک قد عرفت المصرح به و (القول) بعدم الإجزاء و توقع المکنة خیرة (السرائر) بلفظ الأظهر و (الإیضاح) جاز ما به و (التذکرة) بلفظ جید و (المختلف) بلفظ أقرب و (جامع المقاصد) بلفظ الأصح و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) بلفظ الأقوی و کأنه ظاهر (الدروس) و عن القاضی أنه أحوط و فی (الروض) ینبغی توقع المکنة و ظاهر (الکتاب) و (التحریر) التوقف حیث قال فیهما قیل حجة الشیخ ما رواه الکلینی و الصدوق فی الصحیح عن علی بن حمزة الذی نقل الشیخ فی (العدة) الإجماع علی قبول روایته قال سألت أبا الحسن علیه السلام عن رجل أوصی بثلاثین دینارا یعتق بها رجل من أصحابنا فلم یوجد بذلک قال یشتری من الناس فیعتق و قال فی (الفقیه) و روی علی بن حمزة عنه أیضا أنه قال فلیشتروا من عرض الناس ما لم یکن ناصبیا فیقید الأولی بذلک بل عدم النصب مستفاد من خارج لأن الناصب کافر لا یجوز عتق الکافر إجماعا و (قال) ملا مراد فی (شرحه) التعبیر بالناس عن المخالفین شائع و حکی فی (الوسائل) عن (الفقیه) أنه روی أنه یشتری من أفناء الناس فیعتق و ما حکینا هو الموجود فیه و الأمر سهل و الکل بمعنی و قد أسبغنا الکلام فی کتاب الطهارة فی معنی الناصبی و حکمه
(قوله) (و لو أعتق بظن الإیمان فظهر الخلاف أجزأ عن الموصی)
قد اتفقت علی ذلک الکتب المذکورة فی المسألة ما وافق (النهایة) و ما خالفها و ما توقف فیه عدا (الکفایة) فکأنه متأمّل فی ذلک و قد قال فی (الریاض) إنه لا خلاف فیه و هو کذلک و إن لم یقف علی ما وقفنا علیه من الکتب و یدل علیه ما رواه المشایخ الثلاثة فی الحسن الذی هو کالصحیح عن عمار بن موسی و الظاهر أنه الکلینی قال قلت لأبی عبد اللّٰه (ع) إن أبی حضره الموت إلی أن قال و أوصی بنسمة مؤمنة عارفة فلما أعتقناه بان لنا أنه لغیر رشده فقال قد أجزأت عنه و زاد فی (الفقیه) أنه قال إنما مثل ذلک مثل رجل اشتری أضحیة علی أنها سمینة فوجدها مهزولة فقد أجزأت عنه قیل و لأنه متعبد فی ذلک بالظاهر لا بما فی نفس الأمر إذ لا یطلع علیه إلا اللّٰه سبحانه و تعالی فقد امتثل الأمر و هو یقتضی الإجزاء و ظنه إیمانها قد یکون حصل له من ظاهر حال العبد أو من السؤال أو ممن یعتد بخبره أو نحو ذلک
(قوله) (و لو أوصی بعتق رقبة بثمن فتعذر لم یجب الشراء بأزید و لو وجد بأدون أجزأ عند الضرورة فیعتق و یعطی الباقی)
قد ذکر ذلک کله إلا التقیید بالضرورة فی (السرائر) روایة ساکتا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 534
..........
______________________________
علیه و به کله إلا القید المذکور حکم فی (جامع الشرائع) و (الشرائع) و (المختصر النافع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (التبصرة) و (الروض) و (الکفایة) و فیها و فی (المسالک) و (الروضة) أنه المشهور بل فی الأخیر ربما قیل إنه إجماع لکنی بعد تصفح کتب الأصحاب جمیعها لم أجد من حکاه إلا أن یکون أشار إلی ما فی (المبسوط) کما ستسمع و قید بالضرورة کالکتاب فی (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و (المسالک) و قال فی الأخیر إن الأصحاب نزلوا الروایة علی تعذر الشراء بالثمن المعین فیکون کلام الکل منزلا علی القید المذکور أعنی التعذر و الضرورة (و قال) فی (المبسوط) قد روی أصحابنا أنه إذا أوصی بعتق عبد بثمن معلوم فوجد بأقل منه أعطی البقیة ثم أعتق و یجزئ صغیرها و کبیرها شیخها و شابها بلا خلاف (و حکی) فی (التذکرة) عن أبی حنیفة أنه إذا تعذر شراؤه بالثمن المعین بطلت الوصیة و نفی عنه البأس هذا کلام الأصحاب علی سبیل الإجمال و لهم احتمالات و تفاصیل و تنازیل ستسمعها إن شاء اللّٰه (و قد فرضت) المسألة فی کلام الأکثر فیما إذا أوصی بشراء عبد بثمن معین و فی کلام بعضهم (کالتذکرة) و (التحریر) فیما إذا أوصی بشراء عبد زید بثمن معین و تعذر شراؤه إما لامتناع سیده من بیعه أو من بیعه بذلک القدر أو لموته أو لقصور الثلث عن القدر و الغرض أنه لا فرق بین الفرضین (و أما) أنه یجب الشراء بالثمن المعین إذا وجد و أمکن کما صرح به جماعة و اقتضاه کلام الکتاب و غیره فواضح کما تقدم مثله آنفا (و أما) إذا تعذر لا یجب الشراء بالأزید فواضح کما فی (جامع المقاصد) و (المسالک) بل لا یجوز لحرمة تبدیل الوصیة و به صرحت بعض الروایات أیضا و (قد صرح) فی (جامع الشرائع) و (الشرائع) و (النافع) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (الروض) و غیرها بأنه یتوقع المکنة و هو واضح أیضا (و أما) أنه إن وجدها بأقل اشتراها و أعتقها و دفع إلیها الفاضل من الثمن المعین فهو الذی حکیت علیه الشهرات و ادعی علیه حکایة الإجماع و نسب فی (المبسوط) و کذا (السرائر) إلی روایة أصحابنا (و الأصل) فیه ما رواه المشایخ الثلاثة رضی اللّٰه تعالی عنهم بطرق صحیحة إلی سماعة الذی لم یثبت وقفه عند جماعة و إلا فهو موثق و هو حجة عندنا کالصحیح قال سألت أبا عبد اللّٰه (ع) عن رجل أوصی أن یعتق عنه نسمة من ثلثه بخمسمائة درهم فاشتری الوصی بأقل من خمسمائة درهم و فضلت فضلة فما تری فی الفضلة فقال تدفع إلی النسمة من قبل أن تعتق ثم تعتق عن المیّت (و لعل) الوجه فی الدفع قبل العتق أنه یصیر کأنه اشتری المجموع بخمسمائة درهم فإذا أعتق تبعته الدراهم و إلا فمن المعلوم أنه لا یملک إلا بعد العتق و الأمر فیه سهل (و ظاهره) من ترک الاستفصال کظاهر الأکثر أنه یصح ذلک و إن لم یتعذر الشراء بالثمن المعین و قد سمعت ما فی (المسالک) من تنزیل الأصحاب لها علی ذلک و لعله لأصالة حمل أفعال المسلمین علی الصحة و الجری علی الوصیة و عدم تبدیلها مضافا إلی إمکان موافقته للاعتبار إذ الشراء و العتق أقرب إلی الوصیة و مراد الموصی فیتبع لما ورد معتبرا من أن المیسور لا یسقط بالمعسور و قوله (ع) و آتوا منه ما استطعتم (و منه یظهر الجواب) عن وجه البطلان من أن الموصی به تعذر و لا دلیل علی وجوب غیره (و أما) دفع الفاضل إلیها فلما روی من أنه إذا أوصی فی أبواب البر معینة فنسی الوصی بابا منها صرف فی وجوه البر لخروج ذلک القدر بالوصیة عن ملک الورثة و قد تعذر صرفه فیما أوصی به فیصرف فی البر فکذا هنا یصرف فی هذا النوع لأنه نوع بر إلا أن تقول إن هذا لا یوجب الدفع إلی الرقبة بل غایته الجواز و هو أعمّ من الوجوب الذی هو ظاهر جماعة و صریح آخرین (و یمکن) أن یجاب بأن الدفع إلیها أقرب إلی الوصیة و مراد الموصی فتأمّل و علی هذا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 535
و لو أوصی بجزء من ماله فالسبع و قیل العشر و السهم الثمن و الشی‌ء السدس (1)
______________________________
یکفی التعذر فی الحال و لا یشترط الیأس من التمکن من شراء الموصی بها بالثمن المعین کما أطلقه الجماعة و نفی فی (المسالک) البأس عن اشتراط الیأس مع التعذر تبعا (لجامع المقاصد) فیوافق الروایة القواعد و تکون شاهدة علی ذلک و لا یضر حینئذ عدم حجیتها عنده و فی (الروضة) ما یفهم منه أنه إن یئس من الشراء بالأقلّ و المساوی أن هناک احتمالات ثلاثة قال فإن لم یوجد إلا بأزید توقع المکنة فإن یئس من أحد الأمور یعنی الشراء بالأقلّ و المساوی ففی وجوب شراء بعض رقبة فإن تعذر صرف فی وجوه البر و بطلان الوصیة ابتداء أو مع تعذر بعض الرقبة أوجه أوجهها الأول و أراد بالأول أن الوصیة لا تبطل مطلقا بل یجب شراء الشقص فإن تعذر صرف فی وجوه البر (و هذا) اختاره فی (جامع المقاصد) و بالثانی أنها تبطل مطلقا و بالثالث أنها تبطل مع تعذر الشقص و لا تبطل مع إمکانه و لم یذکر الصرف إلی البر ابتداء و فی (المسالک) خلاف ذلک قال لا یجب الشراء بالأزید فیتوقع المکنة فإن یئس منه ففی بطلان الوصیة أو صرفه إلی البر أو شراء شقص به فإن تعذر فأحد الأمرین یعنی البطلان و الصرف فی وجوه البر أوجه أجودها الأخیر و قد تبعه علی ذلک کله فی (الکفایة) و قضیتهما أن ذلک إن یئس بالشراء بالمساوی فقط إذ لم یتعرضا للیأس من الأقل مع مخالفات أخر لما فی (الروضة) فلیتأمّل جیدا
(قوله) (و لو أوصی بجزء من ماله فالسبع و قیل العشر و السهم الثمن و الشی‌ء السدس)
کما صرح بذلک کله أعنی الثلاثة فی (المقنعة) و (المراسم) و (النهایة) و (الوسیلة) و (الجامع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (التبصرة) و (الروض) و (التنقیح) و (المسالک) علی الظاهر من الآخرین علی أنه قد حکی الإجماع علی أن الشی‌ء السدس فی (الخلاف) و (الغنیة) و (المسالک) و (المفاتیح) و ظاهر (التذکرة) و (إیضاح النافع) حیث نسب فی الأول إلی علمائنا و فی الثانی إلی قول الأصحاب و قد نفی عنه الخلاف فی (السرائر) و (المهذب البارع) و کذا (الروضة) و کأنهم لم یظفروا بما فی (المقنع) من أنه واحد من عشرة أو لم یعبئوا به لندرته و أما الأولان أعنی أن الجزء السبع و السهم الثمن ففیهما خلاف و (ممن صرح) بأن الجزء السبع زیادة علی الکتب الأربعة عشر التی منها الکتاب کما سمعت الشیخ فی (الخلاف) و أبو المکارم فی (الغنیة) و المفید فی (إرشاده) و (العیاشی) فی (تفسیره) لأنهما رویا ذلک و أبو علی و القاضی فیما حکی عنهم و کذا (کشف الرموز) و إن استحسن جمع الشیخ و فی (الخلاف) و (الغنیة) الإجماع علی ذلک و فی (کشف الرموز) أنه الأظهر بین الأصحاب ثم إنه نسبه إلی الشیخین و الأتباع و سلار و ابن إدریس و غیرهم و فی (السرائر) أنه الأظهر فی الأقوال و الأخبار و فی (المسالک) أنه مذهب الأکثر و فی (المفاتیح) أنه أشهر و المخالف القائل بأن الجزء هو العشر الصدوقان فیما حکی عن رسالة علی و الشیخ فی (التهذیبین) و المحقق فی (النافع) و ظاهر (الشرائع) و المصنف فی (المختلف) و ولده فی (الإیضاح) و الشهیدان فی (الدروس) و (اللمعة) و (الروضة) و المحقق الثانی فی (جامع المقاصد) و صاحب (إیضاح النافع) و ظاهره أنه إجماع حیث قال قطعا و قد نفی عنه البعد فی (الکفایة) و فی (الشرائع) أنه أشهر الروایتین و فی (المختلف) أن الأخبار به کثیرة و أخباره أیضا مرویة فی معانی الأخبار و الفقه الرضوی و تفسیر العیاشی علی ما حکی (و لا ترجیح) فی (المبسوط) و لا فی (المهذب البارع) و (المقتصر) و (المفاتیح) قال فی (المبسوط) قال أصحابنا الجزء جزء من سبعة و قالوا إنه جزء من عشرة و فی (الخلاف) إجماع الفرقة علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 536
..........
______________________________
القولین علی أنه جزء من سبعة و جزء من عشرة قاله فی مقابلة قول الشافعی لیس فیه شی‌ء مقدر هذا تمام کلامهم فی الجزء (و أما السهم) فمما قیل فیه إنه الثمن زیادة علی الکتب الأربعة عشر (التهذیبان) و (السرائر) و (الشرائع) و (النافع) و (المختلف) و (الدروس) و (اللمعة) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و (الکفایة) و قد حکاه أبو العباس عن السید و لم نجده له و لا حکاه غیره و فی (التذکرة) و (المختلف) و (جامع المقاصد) أنه مذهب الأکثر و فی (المسالک) و (ملاذ الأخیار) و (الکفایة) أنه المشهور و فی (الریاض) أن علیه عامة من تأخر و ظاهر (إیضاح النافع) الإجماع علیه و فی (السرائر) أنه المعمول علیه و فی (النهایة) أنه أکثر فی الروایة و (المخالف) القائل بأنه واحد من ستة فهو المحکی عن (الفقه) المنسوب إلی مولانا الرضا (ع) و والد الصدوق و خیرة الصدوق فی (المقنع) و الشیخ فی (المبسوط) و (الخلاف) و أبو المکارم فی (الغنیة) و فی الأخیرین الإجماع علیه و لا ترجیح هنا فی (کشف الرموز) (و جمع الشیخ) بین أخبار المسألة فحمل أخبار العشر علی الوجوب و أخبار السبع علی استحباب إخراج ذلک للورثة و قد استحسنه (صاحب الرموز) و (المسالک) و قال الشیخ إنه قد قیل إنه أی السهم العشر و قد حکاه جماعة أیضا استنادا إلی روایة قد قیل إنه لم یعمل بها أحد و قد حملها الشیخ علی وهم الراوی سمع ذلک فی تفسیر الجزء فرواه فی تفسیر السهم و اعترف جماعة بعدم معرفة قائله و الظاهر أن الشیخ الحاکی لهذا القول أراد بقائله الصدوق (فما فی الروض) من أنه لم ینقله إلا (صاحب الروضة) لیس فی محله و فی (الفقیه) و (فقه الراوندی) أن من أوصی بسهم من سهام الزکاة فهو واحد من ثمانیة و من أوصی بسهم من سهام المواریث فهو واحد من ستة و قد حاولنا بذلک الجمع بین الأخبار (و قبل الخوض) فی الاستدلال لا بد من بیان أمور (الأول) أن الوصیة لا بد فیها من القصد و هذه الأمور غیر مقصودة و الوصیة لا بد فیها من القصد فکیف حکم فیها بلزوم هذه المقادیر و الظاهر أنهم أرادوا أن الموصی أوصی بذلک و لا قرینة و لا عرف یدل علی مراده بل یعلم رجوع مثل ذلک إلی حکم الشرع فکأنه أحال وصیته علی عرف الشرع فلم یعین شیئا غیر ما یعینه الشرع (الثانی) أن هذا الخلاف إنما هو فی الوصیة و أما فی الإقرار فالتفسیر إلی المقر و الوارث (الثالث) أن الجزء لو أضیف إلی أی شی‌ء کان حکمه کما ذکر کما إذا قال جزء ثلثی أو جزء هذه الدار (حجة) القائلین بأن الجزء هو السبع الأخبار المستفیضة و فیها الصحیح و غیره و هی مرویة فی (الکتب الأربعة) و غیرها کتفسیر العیاشی) و (إرشاد المفید) فیما حکی عنهما و (الفقه الراوندی) ففی صحیحة البزنطی قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل أوصی بجزء من ماله فقال واحد من سبعة إن اللّٰه سبحانه یقول لَهٰا سَبْعَةُ أَبْوٰابٍ لِکُلِّ بٰابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ و نحوه غیره و (حجة القائل) بأنه العشر الأخبار المستفیضة أیضا المرویة فی (الکتب الأربعة) و غیرها أیضا (کتفسیر العیاشی) و (معانی الأخبار) و (الفقه الرضوی) و (الفقه الراوندی) و الاقتصار فیما خالف الأصل علی المتفق روایة و فتوی لأن الأصحاب متفقون علی أنه قدر معین شرعا لا یعدو أحد هذین و إن لم یکن متعینا لغة و عرفا و إنما اختلفوا فی أحد هذین (فمن الأخبار) الدالة علیه صحیح عبد اللّٰه بن سنان فی (الإستبصار) حیث رواه عن عبد اللّٰه بن سنان عن أبی عبد اللّٰه (ع) و رواه فی (التهذیب) عن عبد اللّٰه بن سنان عن عبد الرحمن بن سیابة عن أبی عبد اللّٰه (ع) و قد وصفه جماعة کالمصنف و الشهید بالصحة إما لأنهم إنما لحظوا (الإستبصار) أو لأن عبد الرحمن بن سیابة ثقة و قد ذکر الأستاذ قدس اللّٰه روحه فی حاشیته أشیاء کثیرة تدل علی وثاقته و قبول روایته فالحدیث إما حسن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 537
و ما عدا ذلک یرجع إلی تعیین الوارث فیقبل و إن قل (1) کقوله أعطوه حظا من مالی أو نصیبا أو قسطا أو قلیلا أو جزیلا أو یسیرا أو عظیما
______________________________
أو صحیح قال عبد الرحمن أو عبد اللّٰه إن امرأة أوصت إلی و قالت ثلثی تقضی به دینی و جزء منه لفلانة فسألت ابن أبی لیلی فقال ما أری لها شیئا ما أدری ما الجزء فسألت أبا عبد اللّٰه (ع) عن ذلک فقال کذب ابن أبی لیلی لها عشر الثلث إن اللّٰه تعالی أمر إبراهیم و قال اجْعَلْ عَلیٰ کُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً إذ کانت الجبال یومئذ عشرة فالجزء هو العشر من الشی‌ء (و فی معناه) روایة معاویة بن عمار و مثله حسنة أبان و روایة أبی بصیر (و یبقی الکلام) فی تساوی أجزاء المقسوم لجواز أن یجعل متفاوتا علی الجبال العشرة و لعلهم (ع) إنما ذکروا ذلک تقریبا (و قد روی) الحسین بن خالد عن أبی الحسن (ع) قال سألته عن رجل أوصی بجزء من ماله فقال سبع ثلثه و هذه أشار إلیها المحقق فی کتابیه و قد رموها بالضعف بالحسین و الشذوذ و عدم العامل بها (و قال الأستاذ ره) إن الحسین بن خالد یظهر فضله من روایته فی التوحید لکنه خالف الأمر حیث أمره الکاظم (ع) بعدم الخروج فخرج و أخذ کل شی‌ء کان معه و لعله لم یکن للوجوب کما هو الشأن فی حماد (و کیف کان) فالأقوی القول بالسبع لصحة أخباره و اعتضادها بالإجماعات و الشهرات و قد سمعت جمع الشیخ و قد اعتمده صاحب (الفقه الراوندی) (و قال) فی (الفقیه) کان أصحاب الأموال فیما مضی یجزءون أموالهم فمنهم من یجعل أجزاء ماله عشرة و منهم من یجعلها سبعة فعلی حسب رسم الرجل فی ماله تمضی وصیته و مثل هذا لا یوصی به إلا من یعلم اللغة و یفهم عنه فأما جمهور الناس فلا تقع لهم الوصایا إلا بالمعلوم الذی لا یحتاج إلی تفسیر مبلغه و هو کما تری و (قال مولانا مراد) الظاهر أنها دعوی من دون دلیل یدل علیها (و حجة القائل) بأن السهم الثمن الأصل و الأخبار المعتبرة و فیها الصحیح و غیره معتضدة بالشهرة المعلومة و المنقولة و الإجماعات الظاهرة من جماعة و لیس (للقائل) بأنه السدس إلا ما رواه العامة عن ابن مسعود أن رجلا أوصی لرجل بسهم من المال فأعطاه النبی (ص) السدس و ما قیل إنه کذلک فی لغة العرب و یوهن إجماعی (الخلاف) و (الغنیة) مخالفة جماعة ممن تقدم علیهما کالمفید و أبی یعلی و أکثر من تأخر عنهما (و یدل) علی أن الشی‌ء هو السدس من الأخبار قول علی بن الحسین (ع) فی موثقة أبان و فی خبره الشی‌ء فی کتاب علی (ع) واحد من ستة (و قد استدل) علیه فی (المقنعة) بقوله تعالی وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسٰانَ مِنْ سُلٰالَةٍ مِنْ طِینٍ الآیة فخلق الإنسان من ستة أشیاء
(قوله) (و ما عدا ذلک یرجع إلی تعیین الوارث فیقبل و إن قل)
إذا لم یعلم من الموصی إرادة قدر معین و کان الوارث من أهل التعیین و هو مما لا أجد فیه خلافا و لا ترددا و إن قل من تعرض له کالشیخ فی (المبسوط) و ابن حمزة فی (الوسیلة) و المحقق فی (الشرائع) و المصنف فی (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و الشهیدین بل فی (التحریر) أنه لا خلاف فی ذلک و ذلک لأن الحظ و النصیب و القسط و القلیل و الجزیل و الیسیر لا تتقدر بشی‌ء شرعا و لا لغة و لا عرفا فیرجع فیها إلی ما یختاره الوارث لأن کل ما یقع علیه اسم واحد من هذه فهو صالح لأن یکون متعلق الوصیة و أما إذا علمت إرادة الموصی فلا ریب فی اتباعها کما أنه إذا لم یعین الوارث أو لم یکن من أهل الاختیار حمل علی أقل ما یصدق علیه الاسم
(قوله) (کقوله أعطوه حظا من مالی أو نصیبا أو قسطا أو قلیلا أو جزیلا أو یسیرا أو عظیما)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 538
أو جلیلا أو خطیرا (1) و لو ادعی الموصی له تعیین الموصی فالقول قول الوارث مع یمینه إن ادعی علمه (2) و إلا فلا یمین (3) و لو قال أعطوه کثیرا فکذلک (4) و قیل یحمل علی النذر (5)
______________________________
أو جلیلا أو خطیرا)
إذ لا فرق بین کلها فی صلاحیتها لأن تکون متعلق الوصیة لأنه کما عرفت لم یثبت فیها حد یرجع إلیه و بعض الناس یستعظم القلیل و بعض لا یستعظم الکثیر و به یندفع الاعتراض بأنه لا یطابق العرف و قد تقدم فی باب الإقرار ما له نفع تام فی المقام فلیلحظ و لکن هل یشترط فی قبول تعیین الوارث کون ما یعینه مما یتمول الظاهر ذلک لأنه هو المتبادر لعدم فائدة غیره إلا فی فرض نادر مع عدم احتماله فی بعضها کالعظیم و الجلیل و المال و فی (جامع المقاصد) أنه لم نجد فی کلام الأصحاب تصریحا بنفی و لا إثبات و هو محتمل فی نحو قسطا و نصیبا أما فی نحو مالا و عظیما فعدم القبول أوجه انتهی (قلت) قد وجهوا ذلک فی باب الإقرار بأنه یحتمل أن یراد بالعظیم عظیم خطره یکفر مستحله و وزر غاصبه و الخائن فیه و بهذا نص فی أنه مما یتمول و لو قال أعطوا زیدا قسطا عظیما و عمرا قسطا یسیرا ففی اشتراط تمیز الوارث بینهما فی زیادة التعیین فی الأول فیجب القبول احتمال لیس بعیدا من الصواب إلا أن تقول بأنه یلزم مثله عند الانفراد لظهور الفرق عرفا بین قوله یسیرا و قلیلا و قوله عظیما و جلیلا فتأمّل و لو قال عظیم جدا کان کقوله عظیم کما صرح به فی الإقرار جم غفیر و لم یتردد فیه غیر المحقق
(قوله) (و لو ادعی الموصی له تعیین الموصی فالقول قول الوارث مع یمینه إن ادعی علمه)
کما فی (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروض) فیحلف علی نفی العلم
(قوله) (و إلا فلا یمین)
لأن الاختلاف فی فعل الغیر فلا یحلف علیه و به صرح فی (الشرائع) و (جامع المقاصد) و (المسالک)
(قوله) (و لو قال أعطوه کثیرا فکذلک)
أما أن الکثیر یرجع إلی تعیین الوارث کغیره مما تقدم فهو خیرة (السرائر) و (الجامع) و (التذکرة) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و استحسنه فی (الدروس) و نفی عنه البعد فی (الکفایة) و نسبه فی (الإیضاح) إلی والده فی کتبه و ستسمع ما فی (التحریر) و لم یتعرض له فی (التبصرة) قال فی (السرائر) و هو أول من خالف القدماء یرجع فیه إلی الموصی و الورثة و إلی العرف کما فی کثیر الجراد فیمن قتله و هو محرم و کثیر الشعر (و مما صرح) فیه بأنه یکون ثمانین (المقنع) و (الفقیه) بعنوان الفتوی و (الخلاف) (و فقه الراوندی) و (الوسیلة) و (التحریر) و فی (الکفایة) أنه المشهور فتأمّل و لا ترجیح فی (الشرائع) و قد استدل علیه فی (الخلاف) بما رواه أصحابنا فی حد الکثیر و أشار إلی أن دلیله إجماع الفرقة أیضا (و قد حکینا) القول بأنه ثمانون فی باب الإقرار عن (الخلاف) و (المبسوط) و (الغنیة) و (أبی علی) و (الکیدری) و (القاضی) و حکینا عن (الخلاف) و (الغنیة) الاستدلال علیه بإجماع الفرقة و عن الأولین أعنی (الخلاف) و (المبسوط) الاستدلال علیه بالروایة التی تضمنت أن الوصیة بالمال الکثیر وصیة بثمانین و هو الذی حکاه ابن إدریس و المصنف فی (التذکرة) فی باب الوصایا عن (إقرار الخلاف) و لم یلحظا وصایاه و حکینا هناک عن تسعة کتب أنه یرجع فی تفسیره إلی المقر
(قوله) (و قیل یحمل علی النذر)
هذا ادعاه ابن إدریس علی الشیخ قال قول شیخنا علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 539
و لو قال أعطوه جزء جزء من مالی احتمل سبع السبع أو عشر العشر و ما یعینه (1) الوارث و لو أوصی بأشیاء فنسی الوصی شیئا منها صرف قسطه فی وجوه البر (2)
______________________________
الروایة التی تضمنت بأن الوصیة بالمال الکثیر یکون بثمانین فیه تسامح و تجاوز و إنما الروایة وردت فیمن نذر أن یتصدق بمال کثیر و ما وردت بالوصیة و لا أوردها أحد من أصحابنا فی الوصایا إلی آخر ما قال و قد تبعه المحقق و المصنف و ولده و الشهیدان و المحقق الثانی فی نسبة ذلک إلی الشیخ أعنی حمل الوصایا علی النذر (و فیه) أن الشیخ فی الکتابین فی البابین لم یذکر شیئا مما ادعوه علیه و قد سمعت کلامه فیهما لا تکرار فیهما و روایة النذر مرسلة وردت فی نذر المتوکل و جواب مولانا الجواد (ع) له و (الشیخ) ما ألم بها إلا أن یکون أشار إلیها فی کلامه فی (الخلاف) و قد سمعته و قال فی (التذکرة) إن هذا جهل من ابن إدریس فإن الشیخ أعرف بالروایات و لیس إذا لم یجدها مسطورة فی (تهذیبه) و (إستبصاره) تکون غیر منقولة انتهی و التحقیق أن یقال إن ما یحکیه الشیخ کالذی یرویه و قد رواها الشیخ ثلاث مرات أقصاه أنها مرسلة و قد عضدتها الإجماعات المنقولة فی البابین و عمل جماعة کثیرون بها فیهما فلا بأس بالعمل بها
(قوله) (و لو قال أعطوه جزء جزء من مالی احتمل سبع السبع و عشر العشر و ما یعینه)
الأخیر هو الأصح کما فی (الإیضاح) و الأقوی کما فی (جامع المقاصد) لانتفاء ما یقتضی التعیین و صلاحیة اللفظ للقلیل و الکثیر من دون تفاوت فیقبل تعیین الوارث ما یقع علیه الاسم و أما الاحتمالان الأولان فقد اقتصر علیهما فی (التنقیح) و ظاهره انتفاء الثالث و ظاهر إطلاق (المسالک) أنه لا إشکال فی ذلک قال و لا إشکال فی حمل الجزء علی معناه من العشر أو السبع لأی شی‌ء نسب فإن نسب إلی المال فهو عشره أو سبعة أو إلی الثلث أو النصف أو غیرهما فهو العشر أو السبع من ذلک الجزء المنسوب إلیه انتهی و وجه الأول یعرف من أدلة القول بأن الجزء هو السبع و الثانی من أدلة القول بأنه العشر و فی (جامع المقاصد) أن فیهما ضعفا لأن ذلک غیر مورد النص و لعله أراد أن مورده جزء من ماله و جزء من ثلثه و کأنه لم یلحظ جمیع أخبار الباب فقد قال أبو عبد اللّٰه (ع) فی آخر صحیحة عبد اللّٰه بن سنان أو حسنة عبد الرحمن فالجزء هو العشر من الشی‌ء و هو یتناول جزء الجزء و قال الباقر و الرضا (ع) فی خبری أبان و علی بن أسباط الجزء واحد من عشرة لکن ذلک إنما هو فی العشر خاصة فلیتأمّل
(قوله) (و لو أوصی بأشیاء فنسی الوصی شیئا منها صرف قسطه فی وجوه البر)
کما فی (المقنع) و (المقنعة) و (النهایة) و (جامع الشرائع) و (الشرائع) و (النافع) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (التلخیص) و (المختلف) و (الإیضاح) و (الدروس) و (المقتصر) و (جامع المقاصد) و (إیضاح النافع) و (الریاض) و (المفاتیح) و فی (التذکرة) لا بأس به و فی (الکفایة) لعله أقرب و هو المحکی عن القاضی و الظاهر أنه مذهب الصدوق فی (الفقیه) لأنه رواه بل و الکلینی لأنه رواه أیضا و الشیخ فی (التهذیب) و هو الأشهر کما فی (الدروس) و مذهب الأکثر کما فی (الکفایة) و المشهور کما فی (إیضاح النافع) و (المسالک) و (المفاتیح) و علیه الفتوی کما فی (التنقیح) و بلا خلاف إلا من الحلی تبعا للطوسی فی بعض فتاویه کما فی (الریاض) و کأنه لم یظفر بما سیأتی لروایة محمد بن الریان (قال کتبت) إلی أبی الحسن (ع) أسأله عن إنسان أوصی بوصیة فلم یحفظ الوصی إلا بابا واحدا کیف یصنع بالباقی فوقع (ع) الأبواب الباقیة اجعلها فی البر و هو منجبر بالشهرة معلومة و منقولة معتضد بما یظهر من (التنقیح) من أنه إجماع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 540
و قیل یصیر میراثا (1) و لو أوصی بسیف معین دخلت الحلیة و الجفن إن کان فی غمده علی إشکال (2)
______________________________
متأید بالأشباه و النظائر (فقد ورد) فی المنذور للکعبة أنه یصرف إلی زوارها و فی من أوصی أن یحج عنه بمال لا یفی به أنه یصرف فی البر و یتصدق به و کذلک فی الوقف إذا جهل الموقوف علیه و نحو ذلک (و لأن) المال قد خرج عن الوارث بالوصیة النافذة أولا لأنه المفروض فعوده إلی ملک الوارث یحتاج إلی دلیل و جهالة مصرفه تصیره بمنزلة المال المجهول المستحق فیصرف فی وجوه البر (و لأنه) لو رجع إلی الوارث بالإرث لزم تبدیل الوصیة المنهی عنه بخلاف البر لأنه عمل بمقتضاها و من ثم أخرج عن الوارث غایته جهالة المصرف فیصرف فیما یصرف فیه المال المجهول (و لأن) الموصی ربما أراد بوصیته القربة المخصوصة فإذا فات الخصوص بالنسیان بقی العموم فیکون أقرب إلی مراد الموصی و أخصیة الأخیرة من المدعی لعدم تمامیتها إلا فیما إذا ظهر من الموصی قصد القربة لا مطلقا غیر ضائر مع تأیدها بالأشباه و النظائر و بما تقدم بل قد نقول کما فی (التنقیح) أن الغالب قصد القربة و لا فرق عندهم بین نسیان الباب و الأبواب کما نبه علیه فی (الدروس) و نسیان الأبواب هو المفروض فی المحکی (عن الحائرات) و قال القاضی فی (المهذب) إذا نسی جمیع أبواب الوصیة بطلت
(قوله) (و قیل یصیر میراثا)
هذا القول هو الظاهر من ابن إدریس فی (السرائر) حیث قال الأولی أن تعود میراثا و قد نسبوا ذلک إلیه علی البت و حکاه فیها عن الشیخ فی (الحائرات) و فی (کشف الرموز) أنه أشبه لضعف الروایة و بطلان الوصیة بامتناع القیام بها و قد منعوا علیهم الملازمة لأنه لا یلزم من امتناع القیام بها بخصوصها البطلان و لا تصرف فی الأقرب إلی مراد الموصی لأن الحقیقة إذا تعذرت وجب المصیر إلی أقرب المجازات خصوصا و قد انقطع حق الوارث فی ذلک القدر و قالوا إنه اجتهاد فی مقابلة النص و لا ترجیح فی (التحریر) و (غایة المراد) و (المهذب البارع) لکن الثالث غیر موضوع علی الترجیح
(قوله) (و لو أوصی بسیف معین دخلت الحلیة و الجفن إن کان فی غمده علی إشکال)
الوصف بالتعیین إنما وجد فی (الشرائع) و (الکتاب) و (الکفایة) و هو مراد الباقین بل کاد یکون صریح (النهایة) التی هی أول ما تعرض له فیه و غیرها حیث قیل فیها أی (النهایة) کما فی الروایة بسیف و کان فی جفن و علیه حلیة و نحوها غیرها و هو تعیین أو فی معناه و فی (الإیضاح) أن البحث إنما هو فی المشار إلیه و الوجه فی ذلک أنه لو أطلق و قال أعطوه سیفا أو صندوقا أو سفینة فإنه لا یتناول إلا الظرف عملا بمدلول أخبار الباب حیث وردت فی المعین فی الثلاثة و لدلالة العرف علیه و هو یتم فی غیر السیف أما فیه بالنسبة إلی الجفن خاصة بل و الحلیة فإنه لا یتم و من الغریب أنهم وصفوا السیف بالمعین الذی لا یتم فیه و أطلقوا فی الصندوق و السفینة فلیلحظ (و کیف کان) فما صرح فیه بدخول الحلیة و الجفن فی السیف (النهایة) و (السرائر) و (الجامع) و (نکت النهایة) و (الشرائع) و (النافع) و (کشف الرموز) و (التذکرة) و (التحریر) و (الدروس) و (إیضاح النافع) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و (الکفایة) و (المفاتیح) و هو المحکی عن أبی علی و اللازم للمفید و التقی کما ستعرف و فی (المسالک) أنه قوی و فی (الکفایة) أنه أشهر و فی (جامع المقاصد) أنه مذهب الأکثر و فی (النافع) و (کشف الرموز)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 541
و لو أوصی له بسفینة أو صندوق أو جراب قیل دخل المظروف (1)
______________________________
و (التنقیح) و (إیضاح النافع) أنه المشهور و فی (کشف الرموز) أیضا ما رأیت أحدا أقدم علی منعها أی الروایة الواردة فی السیف و فی (التحریر) نسبته إلی فتوی الأصحاب و فی (المهذب البارع) کل الأصحاب مطبقون علی العمل بها و فی (المقتصر) أن علیها عمل الأصحاب و فی (إیضاح النافع) عمل القوم و ستسمع ما فی (التذکرة) فیما یأتی و فی (النافع) و (إیضاحه) و (التنقیح) أن الشهرة تجبر ضعف الخبر (و مما) اقتصر فیه علی دخول الحلیة (الوسیلة) و (الإرشاد) و علی دخول الجفن (التلخیص) و (اللمعة) و قد خالف المصنف فی (المختلف) و ولده فی (الإیضاح) و أبو العباس فی (المقتصر) فإنهم قالوا بعدم دخول شی‌ء منهما و حکاه فی (المقتصر) عن ابن إدریس و الموجود فی (السرائر) ما أسمعناکه و قال فی (النهایة) هذا إذا کان عدلا مأمونا و إن لم یکن عدلا و کان متهما لم تنفذ الوصیة فی أکثر من ثلثه و فی (المهذب البارع) بعد حکایة اشتراط العدالة عن (النهایة) أن باقی الأصحاب علی عدم اشتراطها و هو کذلک و فی (الدروس) کأنه یراه إقرارا قلت إنما یعتبرها بعضهم فیه علی بعض الوجوه علی ما فیه و لعله إلیه أشار فی (الشرائع) بقوله و فیه قول آخر بعید إن لم یخصه بالآخر (و الأصل) فی ذلک ما رواه المشایخ الثلاثة کل بإسناده عن البزنطی عن أبی جمیلة عن الرضا (ع) قال سألته عن رجل أوصی لرجل بسیف و کان فی جفن و علیه حلیة فقال له الورثة إنما لک النصل و لیس لک السیف فقال لا بل له السیف بما فیه له و روی الصدوق بإسناده عن محمد بن یحیی عن محمد بن الحسین عن البزنطی عن أبی جمیلة المفضل بن صالح قال کتبت إلی أبی الحسن (ع) أسأله عن رجل أوصی لرجل بسیف فقال الورثة إنما لک الحدید و لیس لک الحلیة لیس لک غیر الحدید فکتب إلی السیف له و حلیته و رواه الکلینی عن محمد بن یحیی و لم یتنبه أکثر الأصحاب لهذا الاختلاف فی الروایة من أنه تارة قال سألت و أخری قال کتبت مضافا إلی اختلاف آخر ثم إن العرف یشهد بذلک (ثم عد إلی العبارة) فقوله علی إشکال یحتمل أن یکون مراده فیحتمل علی إشکال فی دخولهما أو فی دخول الجفن أو فی اشتراط کون السیف فی غمده أو فی دخول الحلیة لکن هذا بعید عن العبارة لکن المکاتبة تشهد له فتأمّل و الروایة الأولی تشهد للأول و هو المتبادر و منشؤه من عدم دخولهما فی مسمی السیف لغة و إن مال الغیر یحتاج إلی سبب ناقل قطعی أو ما جری مجراه و لا یکفی فیه الظن کطهارة الثوب و نحوها و من قضاء العرف و الروایة و هل یلحق الخنجر و السکین ذات القراب و الحلیة بالسیف احتمالان أظهرهما اللحوق للعرف و اطراد العلة
(قوله) (و لو أوصی له بسفینة أو صندوق أو جراب قیل دخل المظروف)
القائل بدخول المظروف فی الثلاثة المفید فی (المقنعة) و الشیخ فی (النهایة) و التقی فی (الکافی) و ابن إدریس فی (السرائر) و سبطه فی (الجامع) و المحقق فی (الشرائع) و (النکت) و المصنف فی (التذکرة) و (التلخیص) و (التحریر) و هو قضیة أبی علی و القاضی و ابن حمزة فی (الوسیلة) و زاد المفید الوعاء و التقی و المصنف فی (التذکرة) و (التحریر) الکیس و عبر فی (الشرائع) تارة بالجراب و أخری بالوعاء و قید المفید و أبو الصلاح الصندوق بکونه مقفلا و الجراب بکونه مشدودا و قید الأول الوعاء بکونه مختوما و الثانی الکیس بذلک و ظاهر جماعة و صریح آخرین أنه لا فرق بین المقفل و غیره و کذا الحال فی غیره و (مما اقتصر) فیه علی الدخول فی السفینة و الصندوق (المقنع) و (اللمعة) و مما اقتصر فیه علی الدخول فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 542
و لو أوصی بإخراج بعض ولده من الترکة لم یصح (1)
______________________________
الصندوق (النافع) و (إیضاحه) و (الدروس) و فی (المسالک) فی شرح عبارة (الشرائع) أن القول بدخول جمیع ما ذکر مشهور بین المتقدمین و المتأخرین و قد عرفت ما ذکر فی (الشرائع) و فی (المهذب البارع) و (الکفایة) أن الدخول فی الجمیع هو المشهور و نحوه (المفاتیح) و فی (المقتصر) أن عمل الأصحاب علی روایة أبی جمیلة و نحوه (التنقیح) و نسب فی (التذکرة) إلی علمائنا الدخول فی الصندوق و السفینة و الجراب و الکیس و نسبه فی (الروضة) فی الصندوق و السفینة إلی الأکثر (و مما قیل) فیه بعدم الدخول فی الجمیع (المختلف) و (الإیضاح) و (المقتصر) و (الروض) و (المفاتیح) و (مما اختیر) فیه عدم الدخول فی السفینة خاصة (الدروس) و (جامع المقاصد) و (الکفایة) و هو ظاهر (النافع) و (تنقیحه) و (إیضاحه) و من الغریب أنه قال فی (الکفایة) هنا إن عدم الدخول فی الجمیع هو المشهور و قال السفینة أنه الأشهر مع کثرة المخالف هنا و قلته هناک و قد اشترط الشیخ فی (النهایة) و القاضی العدالة هنا أیضا و قد استدل المحقق فی (نکت النهایة) بالعرف علی الدخول فی السفینة و الصندوق و الجراب و قال إن العرف قاض بأن الإنسان یعبر عن الصندوق و ما فیه بالصندوق و کذلک السفینة و لهذا یقال صندوق مال و سفینة غلة و جراب زعفران انتهی فتأمّل (و یدل) علی الدخول فی الصندوق ما رواه الکلینی و الشیخ بإسنادهما عن علی بن عقبة عن أبیه قال سألت أبا عبد اللّٰه (ع) عن رجل أوصی لرجل بصندوق و کان فی الصندوق مال فقال الورثة إنما لک الصندوق و لیس لک ما فیه فقال الصندوق بما فیه له و قد روی الشیخ و الصدوق عن أبی جمیلة عن الرضا (ع) (و یدل) علی الدخول فی السفینة ما رواه المشایخ الثلاثة عن محمد بن عبد اللّٰه بن هلال عن عقبة بن خالد عن أبی عبد اللّٰه قال سألته عن رجل قال هذه السفینة لفلان و لم یسم ما فیها و فیها طعام أ یعطیها الرجل و ما فیها قال هی للذی أوصی له بها إلا أن یکون صاحبها استثنی ما فیها کما فی (الفقیه) إلا أن یکون صاحبها متهما کما فی (التهذیب) و قد اتفقا معا علی قوله و لیس للورثة شی‌ء و قد جمع الجمیع فی (الکافی) إذ فیه قال هی للذی أوصی له بها إلا أنه قال إلا أن یکون صاحبها استثنی ما فیها إلا أن یکون صاحبها متهما و لیس للورثة شی‌ء و أن فیه دلالة واضحة علی ما نحن فیه علی روایتی الفقیه و الکلینی لأن قوله (ع) إلا أن یکون صاحبها استثنی ما فیها یقضی بأن الضمیر المنفصل فی قوله هی للذی أوصی له بها راجع إلی السفینة و ما فیها کما هو واضح و وجه الدلالة علی روایة (التهذیب) أنه لو لم یکن راجعا إلی السفینة و ما فیها لکان الجواب غیر مطابق للسؤال إلا أن تقول أراد بإرجاعه إلی السفینة خاصة التنبیه علی انحصار الموصی به فیها علی أبلغ وجه فکأنه قال لا یعطی ما فیها فتأمّل و کان المحقق فی (النافع) و شراحه إنما لحظوا (التهذیب) فقط قال فی (النافع) استنادا إلی فحوی روایة
(قوله) (و لو أوصی بإخراج بعض ولده من الترکة لم یصح)
کما علیه الأکثر کما فی (الکفایة) و فی (الإیضاح) أن المشهور البطلان ثم إنه نسبه أیضا إلی الأصحاب و فی (المختلف) أن المشهور أنه لا تنفذ وصیته و فی (المسالک) أن الأکثر أنه یقع باطلا و فی (المقتصر) أن الذی علیه الأصحاب أنه لا یجوز إخراج الولد من الإرث و إن أوصی و فی (إیضاح النافع) أن ذلک لا یجوز جزما و هو فی معنی الإجماع و فی (المهذب البارع) أنه المشهور بین علمائنا و أنه قاله الشیخ فی (النهایة) و الموجود فی (النهایة) و (السرائر) أنه لو أوصی بإخراج بعض ورثته لم یلتفت إلی وصیته و قوله و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 543
و هل یکون وصیته لباقی الورثة بالجمیع أو یلغو لفظه إشکال (1)
______________________________
نحوه ما فی (الإرشاد) من التعبیر بالورثة بدل الولد و فی (غایة المراد) أن الأصحاب فرضوا المسألة فی الوارث و لو کان الفرض فی الولد لکان حسنا و قد وجدنا الأکثر علی التعبیر بالولد منهم الصدوقان و غیرهم عدا من عرفت ممن عبر بالورثة و هم ثلاثة (و اختلف) عباراتهم فی التعبیر عن الحکم (فالکتاب) و (الشرائع) و (التحریر) و (التبصرة) علی التعبیر بلم یصح و فی (الإرشاد) و (الإیضاح) و (الریاض) و غیرها التعبیر بالبطلان و فی (النافع) و (شرحه) التعبیر بأنه لا یجوز إخراج الولد من الإرث و قد سمعت ما فی (النهایة) و (السرائر) من أنه لا یلتفت إلیه و سمعت الشهرات المحکیة علی تلک العبارات و ما یظهر من الإجماعات و (کیف کان) فالبطلان بمعنی عدم صحة إخراج الولد و الوارث من الإرث و عدم نفوذها کذلک و عدم جوازها مما تسالم علیه المتأخرون و لم یختلفوا فیه حتی المصنف فی (المختلف) و لا خلاف إلا من الصدوقین و الشیخ فی (التهذیبین) ففی (الفقیه) بعد إیراد خبر وصی علی بن السری متی أوصی الرجل بإخراج ابنه من المیراث و لم یحدث هذا الحدیث لم یجز للوصی إنفاذ وصیته فی ذلک و مفهومه أنه لو أحدثه جاز و أما والده فقد قال فی (الدروس) قال الصدوق إن کان الولد المخرج قد أصاب أم ولد أبیه صح إخراجه لواقعة علی بن السری و ولده جعفر و قال الشیخ فی کتابیه هذا الحکم مقصور علی هذه القضیة لا یتعدی بها إلی غیرها (و أما البطلان) بمعنی إلغاء اللفظ و بطلان الوصیة من رأس فالمخالف فیه المصنف فی (المختلف) أیضا کالصدوقین و الشیخ و إن اختلفوا فیما خالفوا فیه کما ستعرف (و کیف کان) فالوجه فی البطلان بالمعنی الأول أنها وصیة مخالفة للکتاب و السنة و فی الصحیح عن رجل کان له ابن یدعیه ثم أخرجه عن المیراث و أنا وصیه فکیف أصنع فقال (ع) لزمه الولد لإقراره بالمشهد لا یدفعه الوصی عن شی‌ء قد علمه فتأمّل و فی الخبر أن الحیف فی الوصیة من الکبائر و فی الخبر ما أبالی أضررت بورثتی أو سرفتهم بالفاء لا بالقاف کما فی (السرائر) لکن الموجود فی النسخ القاف و یأتی إن شاء اللّٰه الوجه فی البطلان بالمعنی الثانی و حجة الصدوقین و الشیخ فی الکتابین خبر وصی علی بن السری و إیصاؤه بإخراج ولده جعفر من الإرث لأنه وقع علی أم ولد له و الخبر فی محل الإشکال و الراوی له مجهول الاسم و الحال
(قوله) (و هل یکون وصیته لباقی الورثة بالجمیع أو یلغو لفظه إشکال)
و نحوه ما فی (التحریر) من عدم الترجیح و قد جزم فی (الدروس) أنه یلغو و فی (الشرائع) أنه الوجه و فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) أنه الأقوی و فی (التنقیح) أنه الأولی و هو قضیة کلام الباقین لأن إخراجه أعمّ من الوصیة لباقی الوراث (الورثة خ) و العام غیر مستلزم للخاص و لأن القصد معتبر فی الوصیة و هنا لا قصد و قال فی (المختلف) إن المعتمد أن الثلث یکون لغیره من الوراث لأن إخراجه من ترکته یستلزم تخصیص باقی الورثة بها فیمضی من الثلث انتهی و معناه أنه یحرم من الثلث و یشارک فی الباقی إن کان هناک مساو له و یختص به إن لم یکن له مساو و علی هذا لو أجاز نفذت فی الجمیع و هذا القول قد استظهره فی (الکفایة) فی تفصیل ذکره و هذا أول من نبه علیه المحقق فی (الشرائع) حیث احتمله و ضعف بأن الحمل علی الوصیة خلاف مدلول اللفظ لأن إخراجه من الإرث لا یقتضی کونه أوصی بنصیبه لباقی الورثة و إن لزم منه رجوع الحصة إلیهم بالأخرة لأن ذلک لیس بالوصیة بل لاستحقاقهم الترکة حیث لا وارث و ربما لم یکن حال الوصیة عالما بالوارث کما لو لم یکن له إلا ذلک الولد و لا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 544
و لو قال حجوا عنی بألف و أجرة المثل أقل فالزیادة وصیة للنائب فإن کان معینا صح و کذا إن کان مطلقا (1) و لو امتنع المعین فی الندب احتمل البطلان (2) و لو قال اشتروا عشرة أقفزة بمائة و تصدقوا بها فوجدوا عشرة أجود أنواعها بثمانین فالعشرون للورثة لا للبائع (3)
______________________________
یعلم من یرثه و لم یخطر علی باله فالحکم بذلک عدول باللفظ إلی ما لا یدل علیه و لو بالالتزام لأن نفوذ الوصیة و إخراج الولد لا یستلزم بنفسه أنه أوصی بنصیبه لباقی الورثة بل بضمیمة شی‌ء آخر و من المعلوم أن شرط دلالة الالتزام اللزوم البین بحیث یلزم من تصور الملزوم تصور اللازم أو مع الوسط و هو منتف إذ قد لا یکون غرضه إلا الانتقام من الولد و لم یخطر بباله الوارث أصلا کما عرفت و لا ترجیح فی (غایة المراد) و معنی الإشکال أن الحکم هنا مشکل لأنه یحتمل الحمل علی کونه وصیة لباقی الورثة بجمیع الترکة لما ذکره فی (المختلف) من الاستلزام و لأنه یحتمل إلغاؤه من رأس أی إبطال الوصیة لما عرفت من منع التلازم
(قوله) (و لو قال حجوا عنی بألف و أجرة المثل أقل فالزیادة وصیة للنائب فإن کان معینا صح و کذا إذا کان مطلقا)
إذا قال حجوا عنی حجة واحدة بقدر معین و کان فیه زیادة علی أجرة المثل کان الزائد للنائب فإن کان قد عین النائب صرف إلیه و إلا تخیر الوارث أو الوصی فی دفع ذلک القدر المعین إلی من شاء فالمطلق کالمعین فی الصحة و دفع الزیادة إلیه فالعبارة لا تخلو عن طول فالأولی أن یقول سواء کان معینا أو لا و لا فرق فی ذلک بین کون الحجة الموصی بها واجبة أو مستحبة ففرضه المسألة فی (جامع المقاصد) فی الحج الواجب مما یوهم خلاف المراد
(قوله) (و لو امتنع المعین فی الندب احتمل البطلان)
لا ریب فی أنه إذا امتنع المعین فی الواجب أنه یسقط التعیین و یستناب غیره بأقل ما یکون و یصرف الباقی إلی الورثة و أما إذا امتنع فی التطوع فقد احتمل المصنف هنا و فی (التذکرة) البطلان لأن الموصی له قد تعذر و غیره لم تتعلق به الوصیة و استئجار غیره لأنه قد أوصی بأمرین الحج و کونه من المعین و لا یلزم من امتناع المعین تعذر الموصی به و بطلان المرکب لا یستلزم بطلان جزء بعینه و لا یسقط المیسور بالمعسور ثم إنه أقرب إلی مراد الموصی و فی (جامع المقاصد) أن فیه قوة و فی (الإیضاح) أنه أصح و قال فی (التحریر) فی بطلان الوصیة نظر أحوطه إقامة نائب غیر المعین و حکی عن الشهید أنه فصل بما حاصله أنه إما أن یعلم قصد الحج بالنائب و کونه من المعین بالعرض أو بالعکس أو قصدهما معا أو یخفی ففی الأول و الأخیر یستأجر غیره تحصیلا للمقصود بالذات قطعا أو ظنا غالبا و فی الثانی تبطل الوصیة و فی الثالث الوجهان و أنت تعلم أنه إن علم إنما أراد الحج من المعین ینبغی الجزم بالبطلان و لا أثر للذات و لا للعرض هنا و إن لم یعلم ذلک فقد تعلق غرضه بأمرین الحج و کونه من المعین فلا یلزم من فوات الثانی جواز ترک الأول و حینئذ فالمتجه أنه مع عدم قبوله أن یستأجر غیره لأن تعذر مثل هذه الوصیة لا یقتضی البطلان و استئجار غیره أقرب إلی مراد الموصی و لا فرق بین أن یوصی بالحج و إیقاع زید إیاه و بین أن یوصی بأن یحج زید عنه
(قوله) (و لو قال اشتروا عشرة أقفزة بمائة و تصدقوا بها فوجد عشرة أجود أنواعها بثمانین فالعشرون للورثة لا للبائع)
هذا مما لا ریب فیه إذا علم من قصده الصدقة بقدر المعین لحصول الغرض
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 545
و لو أوصی بثلثه للفقراء و له أموال متفرقة جاز صرف کل ما فی بلد إلی فقرائه و لو صرف الجمیع فی فقراء بلد الموصی أو غیره أجزأ و یدفع إلی الموجودین فی البلد و لا یجب تتبع الغائب (1)
______________________________
حینئذ من الوصیة فیکون الزائد حقا للوارث و کذلک الحال إذا علم أنه إنما قصد بالتعلیق بالثمن المعین جودة الطعام و أما إذا علم من قصده نفع البائع بالثمن الزائد لعلمه و عمله کما إذا کان البائع معینا فإن الزائد یکون له إذ لا بحث مع العلم بالقصد و إنما الإشکال فیما إذا جهل الحال فعن الشهید أنه قال فیه وجهان و فی (جامع المقاصد) أنه یحتمل التصدق بالزائد لصیرورته متعلق الوصیة فلا یعود إلی الوارث لأن ذلک القدر الزائد من المال فی حکم الموصی به بالصدقة لأنه عوضه فلا یعود إلی الورثة بحال و وجوب توقع شراء القدر المعین بالثمن المعین بانتظار إیقاع السوق لأن فیه تنفیذا للوصیة و لأنه بعد ارتفاع قیمته أعز وجودا فیکون ارتفاق الفقراء به أکثر قلت لکن فیه تأخیر للإخراج إذا وجب التعجیل للشرط أو قلنا بأن الإطلاق یقتضیه و تغریرا بالمال و تعریضه للضیاع و یحتمل أنه إن کان قد عین البائع أنه یجب الشراء منه بذلک القدر و إن لم یبلغه قیمة السوق لاحتمال إرادة نفعه بالزائد خصوصا إذا کان ذا مزیة من علم و صلاح و یحتمل البطلان و فی (جامع المقاصد) أنه أبعدها و قال لیس القول بالتصدق بالزائد أو توقع الشراء بالقدر المعین بذلک البعید و لو کان البائع معینا و هو ممن وقع الحث علی الصدقة علیه فوجوب الشراء بجمیع الثمن منه قریب
(قوله) (و لو أوصی بثلثه للفقراء و له أموال متفرقة جاز صرف کل ما فی بلد إلی فقرائه و لو صرف الجمیع فی فقراء بلد الموصی أو غیره أجزأ و یدفع إلی الموجودین فی البلد و لا یجب تتبع الغائب)
قد تقدم الکلام فی نحو ذلک فی أواخر البحث الثانی فی الموصی له عند قوله لو أوصی لغیر المنحصر کالعلویین و قد أسبغنا الکلام فی ذلک أکمل إسباغ فی باب الوقف عند قوله و لو وقف علی قبیلة عظیمة (و قد صرح) بجواز الأمرین أعنی جواز صرف کل ما فی بلد إلی فقرائه و جواز صرف الجمیع فی فقراء بلد الموصی فی (الشرائع) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الروضة) و (الکفایة) أما الأول فواضح فإنه فیه سلامة من خطر النقل مع أنه الأفضل و فی حکمه احتسابه علی غائب مع قبض وکیله و أما الثانی فلحصول الغرض من الوصیة و هو صرفه إلی الفقراء و عن الشهید أنه استشکل جواز ذلک فی بعض الصور فقال إن نظر المال (کذا فی النسخة و الظاهر أن یکون إن نقل المال) من البلاد المتفرقة إلی بلد الإخراج کان فیه تغریرا فی المال و تأخیرا للإخراج و إن أخرج قدر الثلث من بعض الأموال ففیه خروج عن الوصیة إذ مقتضاها الإشاعة هذا محصل کلامه و نظر فی الأخیر فی (جامع المقاصد) بأن مقتضاه وجوب الإخراج من جمیع الترکة حتی لا یجوز الأخذ من بعضها بقدر الثلث و إذا لم یجز لم یجزأ لأنه غیر متعلق الوصیة بخلاف ما لو تعدی بالنقل ثم أخرج الوصیة ثم قال و الظاهر أنه لا یتعین الإخراج من جمیع أعیان الترکة إلا أن یتعلق غرض الموصی بذلک أو تتفاوت به مصلحة الفقراء و لو نقل المال إلی بلد آخر لغرض صحیح ککثرة الصلحاء و شدة الفقراء و وجود من یرجع إلیه فی أمور الدین فالظاهر أنه لا حرج (قلت) لکنه لا یسقط عنه الضمان کما هو الشأن فی نقل الأخماس و الزکوات ثم إن تأخیر إخراج الوصیة مع القدرة علیه غیر جائز إلا أن یفرض عدم وجوبه إما لعدم المستحق فی ذلک الوقت أو نحو ذلک نعم ینبغی جوازه لغرض صحیح کما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 546
و لو قال أعتقوا رقابا وجب ثلاثة إلا أن یقصر الثلث فیعتق من یحتمله و لو کان واحدا (1) و لو قصر فالأقرب عتق شقص إن وجد (2) و إلا صرف إلی الورثة أو یتصدق به علی إشکال (3)
______________________________
ذکر و لعله غرضه أن بعض أفراد النقل لا تغریر فیه فلا ضمان فلیتأمّل و قد تقدم أنه لا یعطی أقل من ثلاثة و أنه إن لم یوجد فی البلد ثلاثة وجب فی غیره مراعاة للفظ الجمع و هو یقضی بأن الحکم لبیان المصرف و إلا لاکتفی بواحد کالزکاة فیکون لبیان الاشتراک لکنه یرد علیه أنه یجب علیه تتبع من غاب و ما قالوا به بل حکی الإجماع علی عدمه إلا أن تقول عدم وجوبه تخفیف و رخصة لکن لا هنا أن یکون المدفوع إلیه فی کل بلد ثلاثة بل یجب أن لا یقصر المجموع عن ثلاثة و لیعلم أنه لا فرق بین بلد الموصی و غیره و إن قل من صرح به کصاحب (الروضة)
(قوله) (و لو قال أعتقوا رقابا وجب ثلاثة إلا أن یقصر الثلث فیعتق من یحتمله و لو کان واحدا)
کما نص علی ذلک کله فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و قد نفی عن عتق الواحد البعد فی (الکفایة) و هو قضیة کلام (الشرائع) حیث اقتصر علی قوله إلا أن یقصر الثلث و نص فی (المبسوط) علی وجوب عتق الثلاثة و فی (المسالک) أنه لا إشکال فیه مراعاة لصیغة الجمع و أما أنه إذا قصر عن الثلاثة اقتصر علی ما یسعه الثلث فلأنه لا یسقط المیسور بالمعسور و فی (جامع المقاصد) و (المسالک) ما حاصله أنه لا یرد أن الموصی به مسمی الجمع و قد تعذر فینبغی أن تبطل الوصیة أو یتوقع تنفیذها إن رجا ذلک لأن معنی الجمع واحد و واحد و واحد و إنما اختصروه بلفظ الجمع فلا یسقط البعض بالعجز عن البعض کما لو أوصی بعتق الثلاثة مفصلا بهذا اللفظ فلو قصر الثلث إلا عن واحد و لم یجز الوارث أعتق الواحد فلیتأمّل جیدا
(قوله) (و لو قصر فالأقرب عتق شقص إن وجد)
و لم یجز کما فی (الإیضاح) و (المسالک) و فی (جامع المقاصد) أنه قریب لأن وجوب عتق الجزء الثابت کوجوب عتق الکل لأنه یستلزمه لتقدم الجزء فی الموجودین الذهنی و الخارجی فلا یکون متوقفا علی الکل فإذا تعذر الثانی لم یسقط الأول و لأن الحقیقة إعتاق الکل و مع تعذر الحقیقة یصار إلی أقرب المجازات إلیها و لعموم إذا أمرتکم بأمر فأتوا منه ما استطعتم و وجه العدم أن لفظ الرقبة لا تدل علی البعض إلا تضمنا و الدلالة التضمنیة تابعة للمطابقة و إذا فات المتبوع انتفی التابع و أجیب بأن عتق الرقبة لما لم یتحقق إلا بعتق جمیع أجزائها فکل جزء مقصود عتقه و مأمور به بالذات لا بالتبعیة فیجب حیث یمکن و فی (الکفایة) أن فی وجوب إعتاق الشقص نظرا
(قوله) (و إلا صرف إلی الورثة أو یتصدق به علی إشکال)
أی و إلا یوجد بمعنی أنه کان مأیوسا منه عادة ففی تعیین أحد الأمرین إشکال من تعذر المصرف و هو العتق و غیره تبدیل و حرمان الورثة من القدر المذکور إنما کان للصرف فی الوجه المعین فإذا تعذر بطل أصل حرمانهم و وجب استحقاقهم ذلک بالإرث و لعل هذه الملازمة فی محل المنع و فی (الإیضاح) أنه أصح و من أن أقرب شی‌ء إلی مراد الموصی صرفه فی وجوه البر لأن المعلوم من قصده التقرب بالعتق و أقرب المجازات متعین عند إرادة الحقیقة ثم إن عوده إلی الورثة بعد الحکم بخروجه عنهم یحتاج إلی دلیل و کأنه مال إلیه أو قال به فی (جامع المقاصد) و فی (المسالک) إنه أقوی علی تقدیر إمکان الإعتاق أولا و إن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 547
و کذا الإشکال لو أوصی بشی‌ء فی وجه (1) فتعذر صرفه فیه و لو أوصی له بعبد و لآخر بتمام الثلث صح (2) و لو ذهب من المال شی‌ء فالنقص علی الثانی (3) و لو حدث عیب فی العبد قبل تسلیمه إلی الموصی له فللثانی تکملة الثلث بعد وضع قیمة العبد صحیحا (4)
______________________________
عوده إلی الورثة أقوی إن تعذر العتق أولا مع احتمال صرفه فی البر مطلقا و لا ترجیح فی الکفایة و لیعلم أنه لو رجا حصول الموصی به اتجه وجوب الصبر إلی حصوله.
(قوله) (فکذا الإشکال لو أوصی بشی‌ء فتعذر صرفه فیه)
من تعذر الوصیة و المحذور من تبدیلها لازم و من أنه أخرجه عن الورثة و جهل مستحقه فیصرف فی البر و فی (الإیضاح) أن الأصح البطلان و ینبغی أن یقال إذا کانت الوصیة لمحض جهة القربة فینبغی عدم البطلان بتعذر المصرف لانقطاع حق الورثة عنها و إن لم یکن الغرض من الوصیة القربة بطل لتعذر المصرف و انتفاء ما یشبهه
(قوله) (و لو أوصی له بعبد و لآخر بتمام الثلث صح)
أی الوصیتان کما صرح به فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التلخیص) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) لوجود المقتضی و انتفاء المانع و المراد أنها تعتبر قیمة العبد و تضم إلی الثلث قال فی (التذکرة) لو أوصی لزید بعبده و لعمرو بما بقی من ثلث ماله قوم العبد یوم موت الموصی لأنه حال نفوذ الوصیة و نظر إلی المال فی تلک الحال فإن خرج العبد من الثلث دفع إلی زید فإن بقی من الثلث شی‌ء دفع إلی عمرو و إن لم یبق شی‌ء بطلت الوصیة لعمرو إذ لا متعلق لها حینئذ
(قوله) (و لو ذهب من المال شی‌ء فالنقص علی الثانی)
کما فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و معناه أنه إذا فرض حدوث نقص فی الترکة قبل قبض الوارث فالنقص علی الموصی له الثانی لأن الوصیة له بتکملة الثلث بعد الوصیة الأولی فلا بد من اعتبار إخراج الأولی أولا فیدخل علی الثانی
(قوله) (و لو حدث عیب فی العبد قبل تسلیمه إلی الموصی له فللثانی تکملة الثلث بعد وضع قیمة العبد صحیحا)
کما فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التلخیص) و (جامع المقاصد) و (الکفایة) و کذا (الدروس) و فی (الکفایة) أنه الأشهر و لعله أشار إلی ما فی (المسالک) کما یأتی و إلا فلا مخالف لکن المصنف قید حدوث العیب فی العبد قبل تسلیمه و به صرح فی (الشرائع) و نبه علیه فی (المبسوط) و ستعرف الوجه فیه و قد وجهوا الحکم فی أصل المسألة بأن الموصی قصد عطیة التکملة و العبد صحیح فإذا تجدد العیب کان ذلک نقصا فی العین فلا بد من اعتبار الناقص مع الباقی فلو فرض أن قیمة العبد صحیحا مائة و باقی الترکة خمسمائة فأصل الثلث مائتان و الوصیة للثانی بمائة فإذا تجدد نقص العبد خمسین مثلا رجعت الترکة إلی خمسمائة و خمسین و ثلثها مائة و ثلاثة و ثمانون و ثلث فإذا وضعت منه قیمة العبد صحیحا بقی ثلاثة و ثمانون و ثلث للموصی له و استشکل ذلک فی (المسالک) بأن مقتضی الوصیة الثانیة أن یکون بید الورثة ضعف ما بید الموصی له الثانی بعد إسقاط الأول و هنا لیس کذلک لأن الباقی من المال بعد قیمة العبد خمسمائة فیجب أن یکون نقص العبد محسوبا من الترکة بالنسبة إلی الأول فهو کالباقی فالمتجه أن یکون للثانی مائة و الواصل إلی الورثة الثلثان و زیادة انتهی و فیه أن الجماعة قد عملوا بالوصیة و القواعد المرعیة و ذلک یقضی بعدم الالتفات إلی ما اقتضته الوصیة الثانیة فتأمّل جیدا و قد عرفت أن المصنف و المحقق قیدا حدوث العیب فی العبد بکونه قبل تسلیمه إلی الموصی له و فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 548
لأنه قصد عطیة التکملة و العبد صحیح (1) بخلاف رخصه (2) و لو مات العبد قبل الموصی بطلت وصیته و أعطی الآخر ما زاد علی قیمة العبد الصحیح (3)
______________________________
(جامع المقاصد) أن هذا القید لا محصل له لأن الحکم المذکور ثابت سواء کان قبل التسلیم أو بعده فإن قیل إنما قید به باعتبار النقص برخص السوق فإنه لو حصل بعد تسلیم العبد إلی الموصی له لکان المعتبر قیمته عند التسلیم و لم یلتفت إلی ما یتجدد بعد ذلک قلنا فالواجب حینئذ أن یقید بکون ذلک قبل موت الموصی إذ لو کان بعده لم یؤثر لأن القبول کاشف عن دخوله فی ملک الموصی له حین الموت فلا أثر لما یتجدد من نقص السوق بعد الموت انتهی و معناه أنه نقص دخل علی ملک الموصی له الأول فلا یحتسب علی غیره (و أنت خبیر) بأنه یأتی مثله فی حدوث العیب علی القول بالکشف فیسقط هذا الفرع علی هذا القول مع أنه هو الذی استقر علیه رأیه فی الکتاب فلا بد من اعتبار قبلیة التسلیم لأنه إذا تسلمه و قبله و استقر ملکه علیه لا معنی لاحتساب نقصانه علی غیره کما هو واضح و لا کذلک إذا حدث به عیب و نقص بعد الموت بیوم مثلا حیث کانت قیمته مائة و الحال أنه لم یتسلمه و لم یصل إلیه و لم یدخل فی ضمانه و بقی عند الوصی فی الترکة و أن ملکه بالقبول الکاشف فإنه یقال عرفا إنه ما وصل إلیه العبد صحیحا و لا أخذه تاما فیتجه حینئذ احتساب النقص علی الموصی له الثانی فظهر الفرق بین الأمرین و قد عرفت ظهور الأول و أما الرخص فلیس کذلک فإنه إذا کانت قیمته مائة حین موت الموصی ثم إنه رخص بعد یوم أو یومین قبل تسلیمه إلی الموصی له فإنه لا یحتسب نقص السوق علی الموصی له الثانی لأن العین هنا قائمة بحالها لا نقص فیها و الثلث إنما یعتبر عند انتقال الترکة عن الموصی و هو حالة الوفاة بخلاف نقص المعیب فإنه نقص محسوس له حصة و لهذا ضمنه الغاصب و ثبت أرشه للمشتری علی البائع دون رخص السوق فما ذکر فی السؤال فی (جامع المقاصد) غیر تام فی بیان اعتبار النقص بالرخص علی مذاق المصنف و مختاره لکن ظاهر (الدروس) بل صریحه أنه لا فرق بین الرخص و العیب و الموت و لعله کذلک بل هو الظاهر
(قوله) (لأنه قصد عطیة التکملة و العبد صحیح)
هذا التوجیه قد تقدم الکلام فیه
(قوله) (بخلاف رخصه)
أی بخلاف ما لو حدث نقص فی قیمة العبد باعتبار السوق فلو کان مقدار النقص خمسین کما سبق اعتبرت قیمة الترکة عند الوفاة و لا ینقص بسببه شی‌ء علی الثانی یعطی تمام الثلث حینئذ مائة و ثلاثة و ثلاثون کما فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) و قد عرفت الفرق عند المصنف و عرفت ما فی (الدروس)
(قوله) (و لو مات العبد قبل الموصی بطلت وصیته و أعطی الآخر ما زاد علی قیمة العبد الصحیح)
کما فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التلخیص) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الکفایة) أما بطلان الوصیة فلفوات متعلقها و أما إعطاء الآخر ما زاد علی قیمة العبد فلأنها وصیة أخری لا یسقط بموت العبد فله تکملة الثلث فلو کانت قیمته مائة و باقی المال خمسمائة و باقی المال خمسمائة أعطی الثانی مائة و قال فی (الدروس) إنه یشکل بأن الثلث الآن أنقص من الأول انتهی و متی تعتبر قیمته قال فی (التذکرة) إن جمیع أمواله تقوم حال موته أی الموصی بدون العبد ثم یقوم العبد لو کان حیا و یحط من ثمنها قیمته و تدفع إلی الموصی له الثانی فظاهره أنه یقوم العبد لو کان حیا وقت الموت لأنه وقت انتقال الترکة فإن قیل ینبغی أن یقوم مقدر الحیاة عند
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 549
و لو کانت قیمته بقدر الثلث بطلت الثانیة (1) و لو قبل المریض الوصیة بأبیه عتق علیه من أصل المال لأنا نعتبر من الثلث ما یخرج من ملکه و هنا لم یخرجه بل بالقبول ملکه و انعتق تبعا لملکه (2) و کذا لو ملکه بالإرث (3) أما لو ملکه بالشراء فإنه یعتق من الثلث علی الأقوی و الأقرب فی الاتهاب أنه کالإرث (4)
______________________________
قبض الوارث الترکة لأن المعتبر أقل الأمرین من وقت الموت إلی القبض قلنا إن المعتبر أقل الأمرین لإمکان عروض التلف أو النقض و ذلک منتف بالنسبة إلی التالف مع أن هذا ممکن لأصالة براءة ذمته من إیجاب الزائد و لإمکان حدوث النقص
(قوله) (و لو کانت قیمته بقدر الثلث بطلت الثانیة)
کما فی (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (جامع المقاصد) و (المسالک) لانتفاء متعلقها إذ لا وجود له
(قوله) (و لو قبل المریض الوصیة بأبیه عتق علیه من أصل المال لأنا نعتبر من الثلث ما یخرجه من ملکه و هنا لم یخرجه بل بالقبول ملکه و انعتق تبعا لملکه)
عتقه من أصل المال هو الذی قواه فی (المبسوط) و وافقه علیه الجماعة عدا المصنف فی (التحریر) و فی (الشرائع) الإجماع علیه (و قد احتج) علیه الشیخ و المحقق بما ذکره المصنف من أن المعتبر من الثلث إلی آخره و معناه أنه إنما یعتبر من الثلث ما یخرجه المریض عن ملکه باختیاره کما لو باشر عتقه و هنا لم یخرجه المریض کذلک و إنما أخرجه اللّٰه سبحانه و تعالی بغیر اختیاره فالفوات من قبل اللّٰه سبحانه لا من قبله (و فیه) أن هذا التوجیه یجری فیما إذا اشتراه بعوض حرفا فحرفا فلا بد أن یزاد فی التوجیه أنه هنا لم یخرج شیئا عن ملکه بعوض حصل به فوات مال علی الورثة لأن المعتبر فی صحة العتق أمران عدم العوض و کون العتق قهریا فمتی انتفی أحدهما اعتبر من الثلث و کأنه لا ترجیح فی (التذکرة) إذ قد قال إن قلت إنه لو ورثه أعتق علیه من الثلث فهنا أولی و إن قلنا فی المیراث إنه یعتق من رأس المال فهنا وجهان و قد قال فیما إذا ملکه بالإرث إن للشافعیة فیه وجهین و لم یرجح
(قوله) (و کذا لو ملکه بالإرث)
أی عتق علیه من رأس المال لأنه لم یقصد تملکا و لا إزالة ملک و لم یبذل فی مقابلته مالا حتی تتضرر به الورثة و به صرح فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و لا ترجیح فی (التذکرة) فیما وجدناه فیما عندنا من نسخها و حکی عنها فی (المسالک) أنه قال فیها إنه أقرب أما لو ملکه بالشراء فإنه یعتق من الثلث علی الأقوی کما قد جزم به فی (التذکرة) و فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) أنه أصح لأنه لما اشتری ما لا یبقی کان مضیعا للثمن علی الورثة کما إذا اشتری بماله ما یقطع بتلفه و وجه غیر الأقوی أنه اشتری مالا متقوما بثمن مثله و العتق أمر قهری و فیه أنه بذل الثمن فی مقابلة ما قطع بفواته و زوال مالیته و فیه من التضییع ما لا یخفی
(قوله) (و الأقرب فی الاتهاب أنه کالإرث)
کما فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و قرنه فی (التذکرة) مع الوصیة و ظاهره عدم الترجیح و مراده کما صرح به من وافقه أن الاتهاب من دون عوض لأنه لم یتصرف بشی‌ء من الأموال التی تعلق حق الورثة بها و قد بین فی (الإیضاح) الوجه فی جزمه فی الوصیة بأنه یعتق من الأصل و عدمه هنا بل قال الأقرب أنه أراد التنبیه علی قول من قال إن الهبة مع الإطلاق تستلزم العوض المالی فإن العتق عنده یمضی من الثلث قال و التنبیه علی هذا القول قال فالأقرب و جزم فی الوصیة بالصحة لعدم استلزامها الثواب المذکور انتهی و هو کما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 550
لأنه عتق مستحق و لا عوض فی مقابلته (1) فحینئذ لو اشتری ابنه (أباه خ) و هو یساوی ألفا بخمسمائة فالزائد محاباة حکمه حکم الموهوب (2) و لو أوصی بالحج تطوعا فهی من الثلث و لو کان واجبا فهو کالدین لا حاجة فیه إلی الوصیة (3) لکن لو قال حجوا عنی من ثلثی کانت فائدته زحمة الوصایا بالمضاربة و لا یقدم الوصایا فی الثلث (4)
______________________________
تری لا یکاد یفهم و لا یتم و إنما غرضه الرد علی أبی حنیفة و بعض الشافعیة حیث قالوا إنه من الثلث کما لو وهبه من لا ینعتق علیه فقبل و أعتقه و جعلوا قصده إلی تملک من یعتق علیه کابتداء العتق فی المرض
(قوله) (لأنه عتق مستحق و لا عوض فی مقابلته)
هذا معنی ما قلناه من أنه لم یتصرف بشی‌ء و هذا کله علی القول بأن منجزات المریض من الثلث کما هو المشهور بین المتأخرین
(قوله) (فحینئذ فلو اشتری ابنه (أباه خ) و هو یساوی ألفا بخمسمائة فالزائد محاباة حکمه حکم الموهوب)
أی فیجی‌ء فیه الوجهان فی أنه هل یعتبر من الثلث أو الأصل فإن قلنا إنه من الثلث فجمیع الألف من الثلث و إن قلنا إنه من الأصل فالخمسمائة من الثلث و بیانه أنه إذا اشتری ابنه (أباه خ) مثلا بخمسمائة و هو یساوی ألفا فالزائد علی الخمسمائة محاباة فی معنی الهبة لأن ذلک فی قوة عقدین بیع و هبة إذ المحاباة فی البیع بمعنی الهبة فیکون فی حکم الموهوب فلو کانت الترکة کلها ستمائة فعلی ما یأتی من مختار المصنف من أن بطلان البیع فی جزء من أحد العوضین و هو الثلاثمائة یقتضی بطلانه فی مقابله من العوض الآخر کما هو الأصح لأن المجموع فی مقابلة المجموع کنسبة الکل إلی الکل و یمتنع الصحة فی أحد العوضین و البطلان فی العوض الآخر و لیست المحاباة هبة حقیقة و إنما هی فی معنی الهبة یبطل فی ثلاثة أخماس العبد التی قوبلت بثلاثمائة التی زادت علی ثلث الترکة و التی هی ثلاثة أخماس الخمسمائة و یصح فی خمسیه بمائتین فیعتق منه الخمسان و یکون التصرف فی ثلث الترکة یعنی المائتین و یحصل مع الورثة الثلاثمائة التی بطل فیها البیع و مائة من الترکة و ذلک ضعفا ما أخرجه من ماله و علی قول الشیخ و الجماعة من أن البیع إنما یبطل فی القدر الزائد عن الثلث خاصة دون ما قابله یصح البیع هنا فی نصف العبد و خمسه خاصة بمائتین اللتین هما ثلث الترکة أما صحته فی النصف فلأنه فی قوة الموهوب و أما صحته فی الخمس بمائتین فلأنهما ثلثا الترکة و لأن ما صح البیع فیه فهو تالف بالعتق فیصح البیع فی سبعة أعشار العبد بمائتین من الثمن و ینعتق ذلک و یبطل فی ثلاثة أعشار فیرجع إلی الورثة ثلاثمائة من الثمن و هی مع المائة الباقیة ثلثا الترکة و ذلک قدر ما أتلفه المریض مرتین
(قوله) (و لو أوصی بالحج تطوعا فهی من الثلث و لو کان واجبا فهو کالدین لا حاجة فیه إلی الوصیة)
کما تقدم بیان ذلک کله عند قوله و لو أوصی بواجب و غیره و لعله أعاده تمهیدا لما ذکره بعده
(قوله) (لکن لو قال حجوا عنی من ثلثی کانت فائدته زحمة الوصایا بالمضاربة و لا یقدم علی الوصایا فی الثلث)
الزحمة مصدر لزحم زحما و الهاء للتأنیث و معناه أنه لا حاجة فی وجوب إخراج الحج الواجب إلی الوصیة به فالوصیة بالنسبة إلی ذلک وجودها کعدمها لکن لها فائدة علی بعض الوجوه و هو ما إذا أوصی بوصایا و أوصی معها بکون الحج الواجب من ثلثه فإن فائدة هذه الوصیة زحم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 551
ثم إن لم یتم الحج بما حصل من المضاربة کمل من رأس المال فیدخلها الدور فإذا کانت الترکة ثلاثین و کل من أجرة المثل و الوصیة عشرة أخرج من الأصل شی‌ء هو تتمة الأجرة یبقی ثلاثون الأشیاء فثلثها عشرة إلا ثلث شی‌ء فللموصی له خمسة إلا سدس شی‌ء و کذا الحج فإذا ضم إلیه الشی‌ء صار للحج خمسة و خمسة أسداس شی‌ء تعدل عشرة فالشی‌ء ستة فللموصی له أربعة (1)
______________________________
الوصایا بالمضاربة و هی مفاعلة من الضرب و المراد بها هنا تقسیط الثلث علی الحج و الوصایا بالنسبة و صرف ما یصیب کل واحد من الثلث إلیه و أنه لا یقدم الحج علی الوصایا فی الثلث و فی (جامع المقاصد) أنه الذی یقتضیه النظر لعموم المنع من تبدیل الوصیة و وجوب التقدیم فی الحج إنما یراد به فی أصل المال إلی آخر ما قال و یرد ذلک کله الخبر الصحیح الصریح فی ذلک إن امرأة من أهلی ماتت و أوصت إلی بثلث مالها و أمرت أن یعتق عنها و یتصدق و یحج عنها فنظرت فیه فلم یبلغ فقال ابدأ بالحج فإنه فریضة من فرائض اللّٰه سبحانه و تعالی و تجعل ما بقی طائفة فی العتق و طائفة فی الصدقة فإنه صریح فی تقدیم الحج علی غیره فی الثلث کما هو خیرة (المبسوط) و (السرائر) و (التذکرة) و (الدروس) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و فی (المبسوط) و (السرائر) أنه الذی تدل علیه روایات أصحابنا و نحوه ما فی (الدروس) حیث استدل علیه بالنص و فتوی الجماعة بل هو ذهب إلیه فی (جامع المقاصد) فیما تقدم کما بینا ذلک کله هناک عند قوله و لو أوصی بواجب و غیره بدئ بالواجب إلی آخره و أسبغنا الکلام فیه و بینا أنه فی (جامع المقاصد) لم یظفر بالنص و أن قضیة العلة التعدی
(قوله) (ثم إن لم یتم الحج بما حصل من المضاربة کمل من رأس المال فیدخلها الدور فإذا کانت الترکة ثلاثین و کل من أجرة المثل و الوصیة عشرة أخرج من الأصل شی‌ء هو تتمة الأجرة یبقی ثلاثون الأشیاء ثلثها عشرة إلا ثلث شی‌ء فللموصی له خمسة إلا سدس شی‌ء و کذا للحج فإذا ضم إلیه الشی‌ء صار للحج خمسة و خمسة أسداس شی‌ء تعدل عشرة فالشی‌ء ستة فللموصی له أربعة)
بیان الدوران حصة الحج تکمل من رأس المال فإذا أخذنا شیئا من رأس المال نقص الثلث و إذا نقص الثلث نقصت حصة الحج فیلزم الدور لأنا لا نعرف حینئذ حصة الحج ما لم نعرف الثلث و لا نعرف الثلث ما لم نعرف المأخوذ من رأس المال و لا نعرف ذلک حتی نعرف حصة الحج و ذلک هو الدور بیانه إذا فرضنا أن الترکة ثلاثون و کلا من أجرة المثل و الوصیة عشرة نقول إنا نخرج من الأصل شیئا لأجل تکمیل أجرة الحج تبقی الترکة ثلاثون الأشیاء نأخذ ثلثه و هو عشرة إلا ثلث شی‌ء نقسمه بین الحج و الوصیة بالسویة فتصیب الحج خمسة إلا سدس شی‌ء فضم الشی‌ء المأخوذ للحج إلیه یصیر خمسة و خمسة أسداس شی‌ء و هو کمال الأجرة و ذلک لأنا جبرنا خمسة الأسداس بسدس شی‌ء فبقی من الشی‌ء خمسة أسداسه و هو مع الخطة خمسة و خمسة أسداس و مجموع ذلک یعدل أجرة المثل للحج و هو عشرة فیسقط الخمسة من الخمسة و خمسة أسداس بخمسة من العشرة فیبقی من العشرة خمسة و من الخمسة و خمسة أسداس خمسة أسداس فصارت خمسة أسداس شی‌ء فی مقابلة خمسة بمعنی تعدل خمسة فإذا کانت خمسة أسداس الشی‌ء خمسة کان الشی‌ء ستة بدیهة فعرفنا أن الشی‌ء المأخوذ لتکمیل أجرة الحج ستة فالترکة التی تأخذ ثلثها أربعة و عشرون و ثلثها ثمانیة للموصی له أربعة و للأجرة أربعة فنضمها إلی الستة المأخوذة لتکمیل الحج تبلغ عشرة هی تمام أجرة الحج
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 552

[المطلب الثالث فی الأحکام المتعلقة بالحساب و فیه بحثان]

اشارة

المطلب الثالث فی الأحکام المتعلقة بالحساب و فیه بحثان

[البحث الأول فیما خلا عن الاستثناء و فیه مقامان]

اشارة

الأول فیما خلا عن الاستثناء و فیه مقامان

[المقام الأول إذا کان الموصی له واحدا]

الأول إذا کان الموصی له واحدا إذا أوصی له بمثل نصیب أحد ورثته و أطلق فإن تساووا فله مثل نصیب أحدهم یزاد علی الفریضة و یجعل کواحد منهم زاد فیهم و إن تفاضلوا فله مثل نصیب أقلهم میراثا یزاد علی فریضتهم (1)
______________________________
(قوله) (المطلب الثالث فی الأحکام المتعلقة بالحساب و فیه بحثان الأول فیما خلا عن الاستثناء و فیه مقامان الأول إذا کان الموصی له واحدا إذا أوصی له بمثل نصیب أحد ورثته و أطلق فإن تساووا فله مثل نصیب أحدهم یزاد علی الفریضة و یجعل کواحد منهم زاد فیهم و إن تفاضلوا فله مثل نصیب أقلهم میراثا یزاد علی فریضتهم)
أما أنهم إن تساووا کان له مثل نصیب أحدهم و إن تفاضلوا فله نصیب أقلهم میراثا فهو المعروف من مذهب الأصحاب کما فی (المسالک) و (الکفایة) و فی (التذکرة) و (جامع المقاصد) أنه الذی علیه علماؤنا و فی موضع آخر من (التذکرة) أنه حیث یصرح بالمثل یصح إجماعا و فیه تنبیه علی الخلاف إلا فیما إذا لم یصرح بالمثل و قد ذکر ذلک فی (المبسوط) و (الجامع) و (الشرائع) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (التبصرة) و (التلخیص) و (الدروس) و (اللمعة) و فی (جامع المقاصد) و (المسالک) و (الریاض) و (الروضة) و (الکفایة) و (التحریر) لکن بعضها قد ذکر فیه ذلک کله صریحا کالکتاب و بعضها أفصح بذلک فی عنوان التمثیل غیر أنه فی الأخیر حکی بعد ذلک عن مالک أنه إذا قال أعطوه مثل نصیب ابنی و له ابن واحد لا غیر أعطی الجمیع و قال إنه لیس ببعید من الصواب و الأقرب ما قلناه انتهی و اقتصر فی (الخلاف) علی ذکر الشق الأول و استدل علیه بأنه مجمع علیه (حجة الأصحاب) علی الأمرین معا أن ذلک هو المتیقن و الزائد مشکوک فیه و استند فی (الدروس) فی الأول إلی أنه هو الظاهر و غیره خلاف الظاهر و قد سمعت ما فی (الخلاف) مضافا إلی ما یأتی فی الجواب عن حجة مالک و من وافقه و قد قال جماعة إن الضابط أنه یجعل کأحد الوراث و یزاد فی عددهم و لا فرق بین أن یوصی له بمثل نصیب معین و غیره ثم إن زاد نصیبه علی الثلث توقف الزائد علیه علی الإجازة (و ذهب جماعة) من العامة منهم مالک إلی أنه إذا أوصی له بمثل نصیب ابنه و له ابن واحد فالوصیة بجمیع المال و إن کان له ابنان فالوصیة بالنصف و إن کانوا ثلاثة فله الثلث لأن نصیب الوارث قبل الوصیة من أصل المال فکذلک الموصی له فیأخذ الجمیع إن کان له ابن واحد و أجیب بأن التماثل یقتضی شیئین و الوارث لا یستحق شیئا إلا بعد الوصیة النافذة فلا نصیب له إلا بعد الوصیة فیجب أن یکون مال الموصی له مماثلا لنصیب الوارث بعد الوصیة و علی ما ذکروه من أن الوصیة مع الواحد بالجمیع لا یکون هناک نصیب للوارث مماثلا لنصیب الموصی له و هو خلاف مدلول الصیغة فیکون تبدیلا للوصیة (قلت) و لأنه جعل للموصی له نصیبا و للابن نصیبا و جعل نصیب الابن أصلا و حمل علیه الموصی له فلا یسقط کما إذا قال لفلان فی هذه الدار مثل ما لفلان فإنهما یشترکان و فی (الخلاف) أنه یلزم أن یکون للموصی له أکثر مما یکون للابن إذا کان له ابنان فإن لکل مالکا (کذا) یقول إن للابنین النصف و للموصی له النصف و کیف کان فالضابط عند مالک أنه یعتبر نصیب الموصی له بنصیبه لو لم تکن وصیة و عندنا أنه یعتبر بعد الوصیة فتقام فریضة المیراث و یزاد علیها بمثل نصیب الموصی له بنصیبه و إلیه أشار المصنف بقوله فله مثل نصیب أحدهم مزادا علی الفریضة أولا ثم تزید قدر نصیب الموصی بمثل نصیبه علی أصل الفریضة للموصی له هذا و لو أوصی بمثل نصیب أقلهم میراثا فهو تأکید کما صرح به فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 553
و إن أوصی بمثل نصیب واحد معین فله مثل نصیبه مزادا علی الفریضة فإن زاد علی الثلث و لم یجز الورثة أعطی الثلث فلو کان له ابن أو بنت فأوصی بمثل نصیبه فإن أجاز فله نصف الترکة و إن رد فله الثلث (2) و سواء کان الموصی له أحد الورثة أو أجنبیا و لو کان له ابنان فأوصی له بمثل نصیب أحدهما فله الثلث و لو کانوا ثلاثة فله الربع (3) و لو کانوا أربعة فله الخمس و هکذا و طریقه أن تصحح مسألة الفریضة و تزید علیها مثل نصیب من أضیف الوصیة إلی نصیبه فلو کان له ابن و بنت و أوصی له بمثل نصیب الابن فله سهمان من خمسة إن أجازا و لو قال مثل نصیب البنت فله الربع (4) و لو کان له ثلاثة بنین و ثلاث بنات فأوصی له بمثل سهم بنت أو أحد وراثه فله العشر و لو قال مثل نصیب ابن فله سهمان من أحد عشر (5)
______________________________
(التذکرة) لو أوصی بمثل نصیب أعظمهم أعطی ذلک کما فی (المبسوط) و (التذکرة)
(قوله) (و إذا أوصی بمثل نصیب واحد معین فله مثل نصیبه مزادا علی الفریضة)
قد عرفت أن لا فرق عندنا بین أن یوصی له بمثل نصیب واحد معین أو بمثل نصیب واحد منهم من غیر تعیین إذ الکلام فیهما واحد
(قوله) (فإن زاد علی الثلث و لم یجز الورثة أعطی الثلث فلو کان له ابن أو بنت فأوصی بمثل نصیبه فإن أجاز فله نصف الترکة و إن رد فله الثلث)
کما تقدم بیانه و لا فرق فی ذلک بین ما إذا أوصی له بمثل نصیب واحد بدون تعیین و مع التعیین لأن العبارة شاملة لهما کما أن الحکم کذلک
(قوله) (و سواء کان للموصی له أحد الورثة أو أجنبیا)
لأن الوصیة للوارث جائزة عندنا خلافا لجمهور العامة فیصح أن یوصی لوارث بمثل نصیب أحد ورثته الآخرین مع التعیین و بدونه کما یصح للأجنبی
(قوله) (و لو کان له ابنان فأوصی له بمثل نصیب أحدهما فله الثلث و لو کانوا ثلاثة فله الربع و لو کانوا أربعة فله الخمس و هکذا و طریقه أن تصحح مسألة الفریضة و تزید علیها مثل نصیب من أضیفت الوصیة إلی نصیبه فلو کان له ابن و بنت و أوصی بمثل نصیب الابن فله سهمان من خمسة إن أجازا و لو قال مثل نصیب البنت فله الربع)
قد تقدم بیان ذلک و أما إن المسألة من خمسة فیما إذا أوصی له بمثل نصیب الابن فلأن الموصی له بمنزلة ابن آخر و سهام الابنین مع البنت خمسة و أما أنه له الربع إذا أوصی له بمثل نصیب البنت فلأنه یکون بمنزلة بنت و سهام البنتین مع الابن أربعة کما هو واضح و إن رد الوارث فیما إذا أوصی بمثل نصیب الابن فالفریضة من تسعة لأن الموصی له حینئذ إنما یأخذ الثلث فتکون المسألة من ثلاثة للموصی له واحد و یبقی اثنان لا ینقسمان علی الابن و البنت فتنکسر فی مخرج الثلث فتضرب ثلاثة فی ثلاثة فالحاصل تسعة و لیعلم أن المصنف قد ذکر هنا مسائل و ذکر فیها صورا مختلفة باختلاف عدد الوارث و کونهم ذکورا و إناثا و بالتفریق و کون الموصی به مثل نصیب الذکر أو مثل نصیب الأنثی و ذکر طریق ذلک و اعتبر الإجازة حیث کان متعلق الوصیة زائدا علی الثلث دون ما سواه
(قوله) (و لو کان له ثلاثة بنین و ثلاث بنات و أوصی له بمثل سهم بنت أو أحد وراثه فله العشر و لو قال مثل ابنی فله سهمان من أحد عشر)
أما الأول فلأن الفریضة من تسعة لکل ابن سهمان
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 554
و لو قال مثل نصیب بنتی و له مع البنت زوجة فأجازتا فله سبعة من خمسة عشر و کذا للبنت و للزوجة سهم واحد (1) و لو قال مثل نصیب الزوجة فله التسع (2) و لو کن الزوجات أربعا فله سهم من ثلاثة و ثلاثین و کذا لو کان مع الزوجات ابن (3) و لو أوصی له بمثل نصیبه فأجاز الورثة ففریضة الورثة من اثنین و ثلاثین یضیف إلیها ثمانیة و عشرین هی سهام الموصی له فتصیر ستین (4) و لو أوصی لأجنبی بنصیب ولده احتمل البطلان و الصرف إلی المثل (5)
______________________________
و لکل بنت سهم و للموصی له سهم فله العشر و أما الثانی فلأنه یکون للموصی له سهمان فتصیر أحد عشر فمراده بأحد وراثه من عدا الابن کالزوجة و الأبوین لکنه یکون له حینئذ أزید من العشر فتأمّل
(قوله) (و لو قال مثل نصیب بنتی و له مع البنت زوجة فأجازتا فله سبعة من خمسة عشر و کذا للبنت و للزوجة سهم واحد)
لأن أصل الفریضة ثمانیة للزوجة سهم و للبنت سبعة و یزاد علیها أخری سبعة فتصیر الفریضة من خمسة عشر للزوجة منها سهم و للبنت سبعة و هذا ذکره فی (المبسوط) و قال تصح من ستة عشر و لعله سهو من قلم الناسخ أو الشیخ لاستلزامه إدخال النقص علی البنت
(قوله) (و لو قال مثل نصیب الزوجة فله التسع)
کما عرفت مما تقدم و قال الشیخ یصح من ثمانیة سهم للزوجة و للموصی له و ستة للبنت و هو غلط من قلم الشیخ لاستلزامه خروج الوصیة من نصیب البنت
(قوله) (و لو کانت الزوجات أربعا فله سهم من ثلاثة و ثلاثین و کذا لو کان مع الزوجات ابن)
لأن أصل الفریضة ثمانیة للزوجات الأربع منها واحد ینکسر فی مخرج الربع فتضرب أربعة فی ثمانیة فالمرتفع اثنان و ثلاثون و للموصی له فی المسألة الأولی سهم کإحداهن فتصیر ثلاثة و ثلاثین و هذا ذکره فی (المبسوط) و قال تصح من اثنین و ثلاثین و هو یستلزم دخول النقص علی البنت أیضا و قد رد فی (الشرائع) بکمال الأدب حیث أشار إلی أنه خلاف الأشبه و لیس ذلک منه لتردد و کذا الحال فی المسألة الثانیة لو کان مع الزوجات ابن من دون تفاوت
(قوله) (و لو أوصی له بمثل نصیبه فأجاز الورثة ففریضة الورثة من اثنین و ثلاثین و نضیف إلیها ثمانیة و عشرین و هی سهام الموصی له فتصیر ستین)
أی لو کان له أربع زوجات و ابن و أوصی له حینئذ بمثل نصیب الابن فأصل الفریضة من اثنین و ثلاثین للزوجات أربع فیبقی ثمانیة و عشرون فتزید علیها مثلها للموصی فتصیر ستین
(قوله) (و لو أوصی لأجنبی بمثل نصیب ولده احتمل البطلان و الصرف إلی المثل)
قد ذکر هذین الاحتمالین فی (التحریر) و (الإرشاد) و (الروض) من دون ترجیح أیضا و کذا لا ترجیح فی (جامع المقاصد) و (الکفایة) بینهما و بین الصرف إلی الجمیع لأنهما قد ذکرا ذلک احتمالا ثالثا و البطلان خیرة (الخلاف) و (المبسوط) و (الجامع) و (التذکرة) و (المختلف) و (الإیضاح) و (شرح الإرشاد) للفخر و الصحة بالمثل صریح (التلخیص) و فی (الشرائع) أنه یکون کما لو أوصی بمثله و فی (الدروس) أنه یحمل علی المثل فالصحة خیرة هذه الکتب الثلاثة و فی (الدروس) أن بعض الأصحاب أطلق الصحة و الحمل علی المثل فقد جعلوا معنی الصحة الحمل علی المثل و قال فی (التحریر) فی بیان احتمال الصحة و تحتمل الصحة فتکون بمثل النصیب لم یصرح أحد منا بالصحة و الصرف إلی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 555
..........
______________________________
الجمیع و إنما احتمله فی (جامع المقاصد) قال و هنا احتمال ثالث و هو الحکم بالصحة علی أن الوصیة بجمیع المال إذا کان الابن واحدا و النصف لو کان اثنین و قال و لم أجد من تعرض بهذا الاحتمال فإنما المصنف فی (المختلف) ذکر فی استدلاله علی الاحتمال الثانی أن هذه الوصیة وصیة بجمیع المال فی الحقیقة و هذا إن تم إنما یلزم ما ذکرناه فی الاحتمال الثالث دون الثانی انتهی و فی (المسالک) أن هذا عجیب منه فإن هذا الاحتمال لم یذکر الأکثر غیره فضلا عن أن لا یکون مذکورا قال فی (المختلف) احتج الآخرون بأن اللفظ یحمل علی مجازه عند تعذر حمله علی الحقیقة و لأنه وصیة بجمیع المال فی الحقیقة و لو أوصی له بجمیع ماله لم تکن الوصیة باطلة و هذا صریح فی أنه فهم من القائل بالصحة و الحمل علی المثل إرادة الجمیع فکیف لا یکون مذکورا لأحد و قال فی (التذکرة) إن قصد العین بطلت و حکی عن جماعة من العامة صحة الوصیة لأن ذلک وصیة بجمیع المال انتهی ثم حکی عن (المبسوط) أنه حکی عن قوم القول بالصحة و یکون له کل المال ثم قال و علی هذا فیکون مراد من أطلق الصحة و حمله علی المثل صحة الوصیة فی الجمیع لأن ذلک هو الموجود فی عبارات أصحابنا (و أما) حمله علی النصف کما لو أوصی بلفظ المثل فلم یذکره أحد من أصحابنا بخصوصه و إنما هو محتمل من إطلاقاتهم (نعم) فی کلام (الإیضاح) ما یؤذن بفهمه إرادة النصف من القائل بالصحة حیث قال فعلی الصحة لا فرق بین زیادة المثل و حذفها فقوله أوصیت بنصیبه مثل أوصیت بمثل نصیبه و إنما فرق القائل بالبطلان فهذه العبارة کالصریحة فی إرادة المثل حقیقة کما لو کان مذکورا و هو یقتضی الوصیة بمشارکة الابن انتهی کلامه فی (المسالک) مع اختصار فی بعضه و (نحن نقول) قد صرح فی (التذکرة) فی موضع آخر فی مثله (مسألة خ) ما إذا أوصی له بمثل وارث مقدر أنه لا فرق فی المسألة بین حذف المثل و ذکره ثم إن عبارة (غایة المراد) أوضح من عبارة (الإیضاح) فی المشارکة و إرادة المثل حقیقة حیث قال فی رد القول بالبطلان إن الوصیة مع الصحة لیست بعین النصیب حتی یلزم المحال بل بمثله و قد سمعت أنه فی (التذکرة) جعل موضوع المسألة الوصیة بالعین و کذا فی غیرها و قال فی (غایة المراد) فی حجة القول بالصحة إنه وصیة بجمیع المال أو بعضه فکان صحیحا و مثلها أو أوضح منها عبارة (شرح الإرشاد) لولد المصنف و أوضح منها عبارة شرحه الآخر قال لفظ النصیب له معنی حقیقی و هو حصة الولد و معنی مجازی و هو مثل النصیب و هو مجاز الحذف و لا یمکن حمله علی الحقیقی لأنه یلزم أن یوصی بمستحق ولده فیحمل علی معناه المجازی بأن یرید منه مثل نصیب ولده صونا لکلام المسلم عن الهذر و قد أسمعناک کلام من قال بالصحة أو احتملها من أصحابنا و إنهم صرحوا بإرادة المثل و لا معنی للمثل إلا المشارکة کما إذا صرح و قال بمثل نصیب ولدی و لا أری قوله فیما قرره و حرره قبل الذی حکیناه آنفا أن المثل یراد به مجموع الترکة لا مشارکة الموصی له للولد إلا مخالفا لطریقة العقلاء إذ لا باعث لهم عن التعبیر بالجمیع بلفظ یراد منه النصف عندهم و ما هو إلا کالأکل من خلف الإذن الیسری و لهذا تری من احتمل إرادة الجمیع من العامة لم یذکر لفظ المثل أصلا کما ستسمع لأن احتمال إرادة الجمیع إنما هو فی کلام العامة لا فی کلام أصحابنا کما أفصحت به عبارة (الخلاف) و (المبسوط) و (التذکرة) کما سمعت (و الذی) أوقعه فی الشبهة کلام (المختلف) الذی اشتبه به قبله المحقق الثانی کما سمعت حکایتهما له و لو أجادا التأمّل لوجداه مما لا دلالة فیه علی ما أراده بل فیه دلالة علی العدم و إلا لکان متناقضا لأنه استدل فیه للقائل بالصحة بدلیلین الأول أن اللفظ یحمل علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 556
و لو أوصی بمثل نصیب ابنه و کان قاتلا أو کافرا بطلت علی رأی (1)
______________________________
مجازه عند تعذر حمله علی الحقیقة و هذا یقضی جزما بإرادة المثل و المشارکة و الثانی أنه وصیة بجمیع المال فی الحقیقة إلی آخره و هو نص فی إرادة الحقیقة و عدم المشارکة لو أبقیناه علی ظاهره کما فهماه منه فلا بد أن یکون مراد المستدل أنه لا وجه للحکم بالبطلان فی الفرض المذکور لا علی تقدیر الحقیقة و لا علی تقدیر المجاز أما الأول فلأنه فی الحقیقة وصیة بجمیع المال و هی غیر باطلة و أما الثانی فلأن اللفظ یحمل علی مجازه عند تعذر الحقیقة إذ لیس لکم فی منع الحقیقة إلا أنه وصیة بمال الغیر فتحمله علی المجاز علی تقدیر تسلیم أنه وصیة بمال الغیر لأن جماعة کثیرین من العامة لا یسلمون ذلک کما ستعرف و جماعة منهم یسلمون ذلک و یقولون بالبطلان و قد وافقهم علی ذلک الشیخ و جماعة کما عرفت لأن البطلان عند الحمل علی الحقیقة لا یصح أن یکون قرینة علی المجاز لأنه حکم شرعی لا یقضی بخروج اللفظ باعتباره عن حقیقته و من ثم لو أوصی للموالی و له موال من أعلی و من أسفل لم نحملها علی المجاز بل نحکم بالبطلان علی المشهور بین الأصولیین و یفرقون بین ما إذا أوصی بجمیع ماله بأن الثانی لم یضفه إلی أحد و أن الترکة مملوکة للموصی حال الوصیة و لا کذلک إذا نسبه إلی ولده و أضافه إلیه و جماعة منا یسلمون ذلک و یحملونه علی المجاز و یدعون أن القرینة حالیة لأن الظاهر من حال العاقل أن لا یوصی بمال الغیر و لا یعنی بالقرینة الحالیة إلا ما جری هذا المجری کما هو الشأن فیما إذا أوصی لأولاده و لا أولاد له و إنما له أولاد أولاد فإنا نحملها علی المجاز و هو أولاد الأولاد کما تقدم مسبغا (و أما الجماعة) الذین لا یسلمون ذلک فهم مالک و أهل البصرة و داود و زفر و ابن أبی لیلی فإنهم لا یسلمون أنه وصیة بمال الغیر و لا یفرقون بینه و بین ما إذا أوصی بجمیع ماله و یقولون بالصحة فی جمیع الترکة و لم أجد أحدا من أصحابنا صرح بموافقتهم و احتمل ذلک صریحا قبل صاحب (جامع المقاصد) و صاحب (المسالک) و صاحب (الکفایة) و کأنه میل إلیه فی الأول و قیل به فی الثانی ثم إنه صرح فی الأول فی آخر کلامه بالتوقف (ثم) إنه قد یلوح من (الإیضاح) أنه لا خلاف فی عدم الفرق بین زیادة لفظة المثل و حذفها من القائل بالصحة حیث قال لا فرق إلی أن قال کما سمعت فیما سلف و إنما فرق القائل بالبطلان إذ معناه لم یفرق أحد أصلا إلا القائل بالبطلان و قد قال فی (جامع المقاصد) فی شرح قوله و لو أوصی بجزء من حصة وارث معین خاصة إلی آخره أن تصحیح المصنف الوصیة بجزء من حصة وارث إنما یستقیم لو صححنا الوصیة بنصیب الوارث و حکمنا بکونها وصیة بنصیبه لو لا الوصیة و لیس به قائل فقد نفی القائل بذلک و منه یفهم أن تردد المصنف هنا ینافی جزمه بالصحة فیما لو أوصی بجزء من حصة وارث معین إذ لا تفاوت بین الوصیة بکل النصیب و بجزء منه و اعلم أنه قال فی (الدروس) لو أوصی بنصیب وارث فإن قصد عزله من الإرث فالأقرب البطلان و إلا حمل علی المثل انتهی و هذا قد یرشد إلی أنه قد حمل قول الشیخ فی الکتابین و من وافقه بالبطلان علی العزل و إن بعد جدا و لم یذکر فیهما شیئا مما استدلوا له به و إنما استدل فیهما بأن قوله نصیب ابنی کقوله ما یستحق ابنی و ما یستحقه ابنه لا یجوز أن یستحقه غیره هذه تحریر کلام الأصحاب و أدلتهم فی الباب و قد أطال جماعة فی الاستدلال لکل من الأقوال فی غیر ما (کذا) طائل یعتد به
(قوله) (و لو أوصی بمثل نصیب ابنه و کان قاتلا أو کافرا بطلت علی رأی)
هو خیرة (المبسوط)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 557
و لو أوصی بمثل نصیب ابنه و لا ابن له بطلت (1) و لو أوصی بمثل نصیب وارث مقدر أعطی ما لو کان موجودا أخذه و لو خلف ابنین و أوصی بمثل نصیب ثالث لو کان فله الربع و لو کانوا ثلاثة فله الخمس و یحتمل أن یکون له الثلث مع الاثنین و الربع مع الثلاثة (2)
______________________________
و (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (التلخیص) و (الإرشاد) لأنه لا نصیب له فیکون بمنزلة أوصیت له بمثل نصیب من لا شی‌ء له و فی (الشرائع) قولا بالصحة و لم نجد لأحد من الخاصة و العامة إذ لم یذکر فی (المبسوط) و (التذکرة) غیر القول بالبطلان جازمین به و لعل وجهه صون کلام العاقل عن الهذر فیقدر بمثل نصیبه لو لم یکن قاتلا و لا ترجیح فی (الدروس) و فصل فی (المختلف) و (الإیضاح) و (شرح الإرشاد) و (الروض) بأنه إن کان عارفا بأنه قاتل و أنه لا یرث بطلت و إن جهل أحدهما صحت و فی (جامع المقاصد) أن فیه قوة و فی (المسالک) أنه حسن (قلت) الظاهر أن هذا التفصیل مراد القائل بالبطلان فی الشق الأول خصوصا إذا کان ابنه کافرا أو عبدا و من المعلوم أنه لو قصد الموصی مماثلة نصیبه لو کان وارثا کانت صحیحة و قال فی (الدروس) لو أوصی بنصیب من لا نصیب له حمل علی مثله و لو أوصی بمثل نصیبه قال فی (المبسوط) یبطل ثم حکی تفصیل المختلف فتأمّل
(قوله) (و لو أوصی له بمثل نصیب ابنه و لا ابن له بطلت)
کما علم مما تقدم و به صرح فی (التذکرة) إذا لم یقصد تقدیر ابن له کما یأتی له فی المسألة التی بعد هذه نعم لو کان له ابن و لم یعلم بموته صحت
(قوله) (و لو أوصی بمثل نصیب وارث مقدر أعطی ما لو کان موجودا أخذه و لو خلف ابنین و أوصی بمثل نصیب ثالث لو کان فله الربع و لو کانوا ثلاثة فله الخمس و یحتمل أن یکون له الثلث مع الاثنین و الربع مع الثلاثة)
یرید أنه لو أوصی بمثل نصیب وارث مقدر الوجود أعطی الموصی له ما لو کان الوارث المقدر الوجود موجودا أخذه الموصی له فالضمیر المستتر راجع إلی الموصی له و البارز إلی ما و حاصله أنه ینظر ما للموصی له مع وجوده فیکون له مع عدمه و بذلک صرح فی (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الإیضاح) و (الروض) لأن المماثلة نسبة فیستدعی منتسبین و قد أوصی له بمثل نصیبه علی تقدیر وجوده فیقدر موجودا ذا نصیب لیدفع إلی الموصی له مماثلا له (و هل یفرق) بین حذف لفظ المثل و عدمه قال فی (الإیضاح) اتفق الکل علی صحة هذه الوصیة سواء ذکر لفظة المثل أو حذفها و قد عرفت الحال فیما إذا ذکرها و قد احتمل بعض الشافعیة فیما إذا ذکرها و أوصی له بنصیب ثالث أن یکون له الثلث کما أشار إلیه المصنف بقوله و یحتمل أن یکون إلی آخره مستندا إلی أنه أقام الموصی له مقام الابن المقدر و ذلک الابن المقدر لو لا الوصیة له الثلث علی تقدیر وجوده فلهذا الموصی له الثلث و إنما کان له الثلث فیما إذا کان له ثلاثة بنین للعول بسبب الازدحام فإن الابن یستحق الثلث و الموصی له الثلث و لا یمکن إبطال أحد النصیبین فیعول بالمثل و کل ما عال بالمثل فالمزید مثل المزید علیه و الثلث إذا زاد علی الثلاثة صار ربعا و إنما جاء العول من وجود الابن الثالث المستحق و امتناع إبطال أحدهما و هذا لیس موجودا فی المعدوم و هو الابن المقدر و فیه أنه لم یجعله بمنزلته و إنما أوصی له بمثل نصیبه لو کان موجودا فلا یستحق نفس نصیبه و أما إذا حذفت لفظة مثل کما إذا قال أعطوه نصیب ابن ثالث لو کان موجودا فإنه یعطی فی المثال نصیب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 558
و لو قال مثل نصیب بنت و لو کانت و له ثلاثة بنین فالثمن (1) و لو أوصی بمثل نصیب ابنه و له ابن و بنت فإن أجازا فالفریضة من خمسة و إن ردا فمن تسعة (2) و لو أجاز أحدهما و رد الآخر ضربت مسألة الإجازة فی مسألة الرد تبلغ خمسة و أربعین فمن أجاز ضربت نصیبه من مسألة الإجازة فی مسألة الرد و من رد ضربت نصیبه من مسألة الرد فی مسألة الإجازة فإن أجاز الابن فله ثمانیة عشر حاصلة من ضرب اثنین فی تسعة و للبنت عشرة حاصلة من ضرب اثنین فی خمسة و تبقی سبعة عشر للموصی له و لو أجازت البنت فلها تسعة حاصلة من ضرب واحد فی تسعة و للابن عشرون حصلت من ضرب أربعة فی خمسة و للموصی له ستة عشر و هذا ضابط فی کل ما یرد فی إجازة البعض و رد الآخرین (3) و لو أوصی بجزء معلوم فإن انقسم الباقی علی الورثة صحت المسألتان من مسألة الوصیة (4)
______________________________
ابن ثالث إجماعا کما فی (الإیضاح) و کذا (جامع المقاصد) حیث قال قطعا فعلی الأول لو خلف ابنین و أوصی بمثل نصیب ثالث لو کان استحق الموصی له الربع و لو خلف ثلاثة کان له الخمس و هکذا و لو کان له ابن فأوصی بمثل نصیب ابن ثان لو کان فله الثلث و علی قول بعض الشافعیة یکون له فی هذا المثال النصف
(قوله) (و لو قال مثل نصیب بنت و له ثلاثة بنین فالثمن)
لأنا إذا قدرناها موجودة کان لها سهم من سبعة فللموصی له سهم ثامن مزیدا علی السبعة و هذا علی الاحتمال الأول و أما علی الاحتمال الثانی فله السبع
(قوله) (و لو أوصی بمثل نصیب ابنه و له ابن و بنت فإن أجازا فالفریضة من خمسة و إن ردا فمن تسعة)
هذا تقدم الکلام فیه عند قوله و لو کان له ابن و بنت و أوصی بمثل نصیب الابن إلی آخره و أعاده لیرتب علیه ما بعده
(قوله) (و لو أجاز أحدهما و رد الآخر ضربت مسألة الإجازة فی مسألة الرد تبلغ خمسة و أربعین فمن أجاز ضربت نصیبه من مسألة الإجازة فی مسألة الرد و من رد ضربت نصیبه من مسألة الرد فی مسألة الإجازة فإن أجاز الابن فله ثمانیة عشر حاصلة من ضرب اثنین فی تسعة و للبنت عشرة حاصلة من ضرب اثنین فی خمسة و تبقی سبعة عشر للموصی له و لو أجازت البنت فلها تسعة حاصلة من ضرب واحد فی تسعة و للابن عشرون حصلت من ضرب أربعة فی خمسة و للموصی له ستة عشر و هذا ضابط فی کل ما یرد من إجازة البعض و رد الآخرین)
إیضاح ذلک أن مضروب مسألة الرد و هی تسعة فی مسألة الإجازة و هی خمسة و أربعون فعلی تقدیر إجازتهما یکون للموصی له خمساها ثمانیة عشر و علی تقدیر عدم إجازتهما یکون له ثلثها خمسة عشر فالزائد علی الثلث الذی یحتاج إلی الإجازة ثلاثة ثلثها واحد و هو نصیب البنت و ثلثاها اثنان نصیب الابن فمع إجازتها للموصی له ستة عشر و لها تسعة مضروب الواحد فی مسألة الرد و له عشرون مضروب الأربعة فی مسألة الإجازة و مع إجازته للموصی له سبعة عشر و له ثمانیة عشر مضروب الاثنین فی التسعة و لها عشرة مضروب الاثنین فی الخمسة
(قوله) (و لو أوصی بجزء معلوم فإن انقسم الباقی علی الورثة صحت المسألتان من مسألة الوصیة)
کما لو أوصی بثلث ترکته و له ابنان أو بالربع و له ثلاثة أو بالخمس و له أربعة فإن المسألتان
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 559
و إن انکسر فاضرب إحدی المسألتین فی الأخری إن لم یکن بینهما وفق (1) و إلا ضربت جزء من الوفق من فریضة الورثة فی فریضة الوصیة (2) و إن شئت صححت فریضة الورثة ثم انظر إلی جزء الوصیة من أصله و انظر نسبته إلی ما بقی و زد علی سهام الورثة مثل تلک النسبة فما بلغ صحت منه المسألتان (3) فلو أوصی بثلث ماله و له ابنان و بنتان ففریضة الوصیة ثلاثة سهم للموصی له و یبقی اثنان للورثة توافق الفریضة فی النصف تضرب جزء الوفق من فریضتهم و هو ثلاثة فی
______________________________
تصحان من مسألة الوصیة فإنک إن أخذت الثلث فی الأولی و مخرجه ثلاثة بقی اثنان لکل من الاثنین واحد و فی الثانیة تأخذ الربع و مخرجه أربعة و یبقی ثلاثة لکل ابن من الثلاثة واحد و علی هذا
(قوله) (و إن انکسر فاضرب إحدی المسألتین فی الأخری إن لم یکن بینهما وفق)
قلت یعنی إذا انکسر الباقی علی الورثة و لم یکن بینه و بین مسألتهم وفق بل کانا متباینین و ذلک کأن یوصی بثلث ترکته و له ابن و بنت فإن الباقی بعد الثلث اثنان لا تنقسم علی الورثة و مسألتهم فإنها ثلاثة و بینهما تباین فتضرب إحدی المسألتین فی الأخری تبلغ تسعة و منها تصح للابن أربعة و للبنت اثنان و للموصی له ثلاثة
(قوله) (و إلا ضربت جزء من الوفق من فریضة الورثة فی فریضة الوصیة)
أی و إلا تکن کذلک بأن کان بین الباقی من فریضة الوصیة و بین فریضة الورثة وفق ضربت جزء الوفق من فریضة الورثة فی فریضة الوصیة فما ارتفع فهو الفریضة للکل فهنا صورتان إحداهما أن یکون بینهما وفق بالمعنی الأخص کما لو أوصی بالسبع و له ابن و بنتان فإن فریضة الوصیة سبعة و الباقی هو ستة لا تنقسم علی الورثة فإنهم أربعة و بینها و بین فریضة الورثة و هو أربعة توافق بالنصف فنضرب اثنین و هو جزء الوفق من فریضة الورثة فی فریضة الوصیة تبلغ أربعة عشر للموصی له اثنان و للابن ستة و لکل بنت ثلاثة الثانی أن یکون بینهما وفق بالمعنی الأعم بأن یکونا متداخلین کما إذا أوصی بالربع و له ابنان و بنتان فإن فریضتهم و هی ستة و إن کان بینهما و بین الثلاثة تداخل إلا أنهما مع ذلک متوافقان بالثلث فنضرب اثنین هما ثلث فریضة الورثة فی أربعة تبلغ ثمانیة و ربعها اثنان للموصی له و لکل ابن سهمان و لکل بنت سهم
(قوله) (و إن شئت صححت فریضة الورثة ثم انظر إلی جزء الوصیة من أصله و انظر إلی نسبته إلی ما بقی و زد علی سهام الورثة مثل تلک النسبة فما بلغ صحت منه المسألتان)
معناه أن هنا طریقا لإخراج الوصیة بالجزء المعلوم و هو أن تصحح مسألة الورثة بحیث تنقسم علی جمیعهم و ینظر إلی مخرج الجزء الذی هو الوصیة فیخرج الجزء منه و هو المراد بقوله ثم انظر إلی جزء الوصیة من أصله و أراد بأصله هو مخرجه ثم انسب الجزء المخرج إلی ما بقی بعده فتأخذ بمثل هذه النسبة من فریضة الورثة و یزیده علیها فما یبلغ صحت منه مسألتنا فإذا أوصی بالربع و له ابنان و بنتان ففریضة الورثة من ستة و مخرج الجزء أربعة و الباقی ثلاثة فإذا نسبته إلیها کان ثلثا فزد علی الستة التی هی فریضة الورثة ثلثها و هو اثنان تبلغ ثمانیة للموصی له اثنان و کذا لکل ابن و لکل بنت سهم
(قوله) (فلو أوصی بثلث ماله و له ابنان و بنتان ففریضة الوصیة ثلاثة أسهم للموصی له و بقی اثنان للورثة توافق الفریضة فی النصف فاضرب جزء الوفق من فریضتهم التی هی ستة و هو ثلاثة فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 560
فریضة الوصیة تبلغ تسعة للموصی له ثلاثة (1) و إن شئت صححت الفریضة أولا من ستة ثم تنظر إلی جزء الوصیة و هو ثلث یخرج من ثلاثة فتأخذ جزء الوصیة و هو واحد و تنسبه إلی ما بقی و هو سهمان فإذا هو مثل نصفه و تزید علی فریضة الورثة و هو ستة مثل نصفه تصیر تسعة (2) و لو کان له ثلاث أخوات من الأبوین و جد من الأم فعلی الأول تأخذ جزء الوصیة و هو الثلث یبقی سهمان لا تنقسم علی الورثة لأنها من تسعة فتضرب تسعة فی ثلاثة تبلغ سبعة و عشرین و منها تصح المسألتان للموصی له تسعة و للأخوات اثنا عشر و ستة للجد و علی الثانی یزید علی التسعة مثل نصفها لأنها نسبة جزء الوصیة مما یبقی من مسألة الوصیة و لیس للتسعة نصف فتضربه فی مخرج النصف تصیر ثمانیة عشر فیزید علیه مثل نصفه یصیر سبعة و عشرین و هکذا الحکم لو أوصی بمثل نصیب ابنین أو أکثر أو ابن و بنت أو ابن و زوجة و غیرها و لو أوصی بجزء من حصة وارث معین خاصة فهنا احتمالات الأول وحدة الوصیة الثانی تعددها مرتبا مقدما للوارث الآخر الثالث تقدیم الأجنبی الرابع عدم الترتیب فتخرج الثلث و تقسم الباقی علی الورثة و یقسط الثلث علی النسب المحتملة بحسب الوصیة فلو أوصی له بنصف حصة ابن و له آخر فإن أجاز الابن تقاسما النسب بالسویة و للآخر النصف و إلا دفع ثلث حصته علی الأول و الثانی و علی الثالث یدفع إلی الأجنبی الربع و إلی الآخر نصف السدس و علی الرابع یحتمل هنا التقسیط أخماسا لأن وصیة الأجنبی بالربع و هی ثلاثة من اثنی عشر و وصیة الابن بتکملة النصف و هی سهمان و التسویة لأن ما یحصل للمزاحم بعد الوصیة یحصل مثله بالمیراث للآخر و ما زاد وصیة و هما متساویان (3)
______________________________
فریضة الوصیة تبلغ تسعة للموصی له ثلاثة)
هذا مثال للعمل بالطریق الأول حیث یکون ما بقی للورثة من فریضة الوصیة موافقا لفریضتهم
(قوله) (و إن شئت صححت الفریضة أولا من ستة ثم ینظر إلی جزء من الوصیة و هو ثلث یخرج من ثلاثة فتأخذ جزء الوصیة و هو واحد و تنسبه إلی ما بقی و هو سهمان فإذا هو مثل نصفه و تزید علی فریضة الورثة و هو ستة مثل نصفه تصیر تسعة)
هذا بیان للعمل بالطریق الثانی فی المثال المذکور
(قوله) (و لو أوصی بجزء من حصة وارث معین فهنا احتمالات الأول وحدة الوصیة الثانی تعددها مرتبا مقدما للوارث الآخر الثالث تقدیم الأجنبی الرابع عدم الترتیب فیخرج الثلث و یقسم الباقی علی الورثة و یقسط الثلث علی النسب المحتملة بحسب الوصیة فلو أوصی له بنصف حصة ابن و له آخر فإن أجاز الابن تقاسما النصف بالسویة و للآخر النصف و إلا دفع ثلث حصته علی الأول و الثانی و علی الثالث یدفع إلی الأجنبی الربع و إلی الآخر نصف السدس و علی الرابع یحتمل هنا التقسیط أخماسا لأن وصیة الأجنبی بالربع و هی ثلاثة من اثنی عشر و وصیة الابن بتکملة النصف و هی سهمان و التسویة لأن ما یحصل للمزاحم بعد الوصیة یحصل مثل بالمیراث للآخر و ما زاد وصیة و هما متساویان)
قد ذکر المصنف هنا ثلاث مسائل ألحقها بالکتاب إلحاقا حکی ذلک ولده فی (الإیضاح) و قال إن المصنف استخرج الأولیین علی ساحل بحر القلزم فی سنة اثنتی عشرة و سبعمائة فی صحبة خدا بنده محمد رحمه اللّٰه و إن المسألة الثالثة وقعت فی مازندران و سئل والدی عنها حیث وصلتا (وصلنا ظاهرا) فی خدمة السلطان غیاث الدین خدا بنده إلی بلدة جرجان سنة اثنتی عشرة و سبعمائة و القلزم بلد بین مصر و مکة قرب جبل الطور و
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 561
..........
______________________________
إلیه یضاف بحر القلزم لأنه علی طرفه أو لأنه یبتلع من رکبه (و بیانه) أنه لو أوصی بجزء من حصة وارث معین خاصة ففی تحقیق مقتضی لفظه احتمالات (الأول) کون الوصیة متحدة و وجهه أن الذی دل علیه لفظ الموصی کون الجزء المقدر للأجنبی و لم یتعرض لما سوی ذلک فیتبع مقتضی اللفظ و أن الوصیة تمنع الإرث فعدمها شرط أو جزء و قد تحقق فی الوصیة فی أحد الوارثین دون الآخر و لم یتعرض لشی‌ء آخر زیادة علی ذلک فکانت وصیة واحدة لأجنبی (الثانی) تعدد الوصیة لأن تفاوتهما فی الاستحقاق مع اشتراکهما فی سبب الإرث و هی البنوة لا بد له من سبب و لیس هو إلا الوصیة فیکون وصیة بالزائد کما هو وصیة للأجنبی ثم إن قوله أعطوه نصف نصیب حصر الوصیة للأجنبی فی حصة أحدهما و هو یدل بالالتزام علی أن نصیب الآخر الأصلی لا ینقص بل یعطی نصیبه تاما و إلا لم یتحقق الحصر (و فیه) أن حصر الوصیة فی نصیب أحدهما لا یدل علی أزید من أن الآخر لا وصیة من نصیبه و هذا لا یدل و لا یشعر بأنه أوصی له بالزائد و علی هذا التقدیر أی تعدد الوصیة یحتمل وجوها الأول الترتیب بین الوصیتین و تقدیم الوارث أما التقدیم فلأن الوصیة اقتضت أن یأخذ نصیبه کملا و لا یزاحمه الموصی له و ذلک یقتضی الترتیب و التقدیم علی تقدیر التعدد إذ لا یراد بالتقدیم هنا إلا ذلک الوجه الثانی الترتیب مع تقدیم الأجنبی لدلالة اللفظ علی وصیة الأجنبی بالمنطوق و للوارث بالالتزام لأنها استفیدت من الوصیة للأجنبی فهی تابعة لها متأخرة عنها (الوجه الثالث) عدم الترتیب بین الوصیتین و عدم التقدیم لأحدهما علی الأخری لثبوتهما معا فی زمان واحد بلفظ واحد من دون تقدیم و لا تأخیر و تبعیة إحداهما للأخری لا تقتضی تقدیمها فی الزمان و لو سلم فلکل منهما سبب یقتضی التقدیم فیتساقطان (و فیه) أنا إن لم نقل بتعدد الوصیة فصریح اللفظ یقتضی عدم المزاحمة للوارث (إذا تقرر ذلک) فلا یخلو إما أن یجیز الوارث الموصی بجزء من حصته أم لا فإن أجاز وقعت الوصیة للموصی له و إن لم یجز فعلی احتمال اتحاد الوصیة یبطل فیما زاد علی ثلث نصیب الوارث و یدفع إلی الموصی له ثلث النصف و علی التعدد و الزیادة علی الثلث یبطل فیما زاد علیه و یؤخذ الثلث ثم یقسم الباقی علی الورثة و یقسط الثلث علی النسب المحتملة بحسب حال الوصیة فعلی تقدیم الوارث یوفر علیه نصیبه و علی تقدیم الأجنبی توفر علیه الوصیة له و علی عدم التقدیم یحتمل عدم التسویة و التقسیط بالنسبة هذا و فی (جامع المقاصد) أن فی بعض أحکامه نظرا فإن توفیر الوصیة علی الأجنبی مع عدم إجازة وارث الموصی بالجزء من نصیبه بحیث یدفع إلیه من نصیب الآخر تبدیل للوصیة و ذلک باطل و منه یظهر بطلان تقدیم الأجنبی لأنه خلاف صریح الوصیة و کذلک یلزم من التسویة و التقسیط علی الاحتمال الرابع (ثم عد إلی العبارة) فقوله ثم یخرج الثلث لیس تفریعا علی جمیع الاحتمالات لبطلانه علی تقدیر اتحاد الوصیة لأن الجزء الموصی به دون الثلث فحکمه بإخراج الثلث قرینة علی التقیید لکن قوله و یقسط لیس تفریعا علی الجمیع و لا علی الأخیر خاصة لصحة تفریعه علی غیره عدا الأول (ثم إنه) قد تقدم لنا أن تصحیحه الوصیة هنا مع أنها وصیة بجزء من حصة وارث و تردده فیما سبق فیما لو أوصی بنصیب وارث و کونها وصیة بالمثل مما لا یجتمعان إذ هما من سنخ (و بیان الحال) فی المثال أنه لو أوصی لأجنبی بنصف حصة ابن له و له ابن آخر فالحکم مع إجازة الابن ظاهر فإن الموصی له و الابن یتقاسمان النصف بالسویة فیصح من أربعة و أما مع عدم الإجازة فعلی الاحتمال الأول و هو کون الوصیة واحدة یدفع إلی الموصی له ثلث حصة ذلک الابن و هو سدس الأصل فتصح من ستة و تبطل الوصیة فی الزائد لأن الوصیة کما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 562
و لو أوصی بالربع من حصة الابن دون البنت فعلی الثلاثة الأول کما تقدم و علی الرابع یقسم الثلث من تسعة علی ثلاثة عشر بین البنت و الموصی له فتضرب أحدهما فی الآخر یبلغ مائة و سبعة عشر أو یعطی البنت سهما من تسعة بالوصیة و الموصی له سهمین (1)
______________________________
لا تنفذ إلا فی ثلث جمیع الترکة فکذا لا تنفذ إلا فی ثلث أبعاضها و کذا علی تعدد الوصیة و تقدیم الوارث یدفع إلی الموصی له السدس و یوفر علی الابن الآخر النصف فتصح الوصیة له بالسدس و تبطل الوصیة بالزائد و هو نصف سدس الأجنبی لأن الوصیة له بربع أی ثلاثة من اثنی عشر الأصل و أما علی الاحتمال الثالث و هو تعدد الوصیة و تقدیم الأجنبی فیدفع إلی الأجنبی الربع کلا و إلی الابن الآخر نصف السدس بالوصیة فیکون بطلان الوصیة فیما زاد علی الثلث و هو نصف سدس إنما هو بالنسبة إلیه لأن ذلک مقتضی تقدیم الأجنبی و یقتسم الابنان الثلثین بالإرث فتصح من اثنی عشر لأنها مخرج نصف السدس للموصی له الربع ثلاثة و للمزاحم أربعة و للموفر أربعة بالإرث و سهم و هو نصف سدس بالوصیة و أما علی الاحتمال الرابع و هو تعدد الوصیة و عدم الترتیب یقسم الثلثان بین الاثنین بالإرث و فی کیفیة قسمة الثلث الذی نفذت فیه الوصیة بین الابن الموفر و الأجنبی احتمالان ذکرهما المصنف و ذکر وجه کل منهما أحدهما التقسیط أخماسا و ذلک لأن وصیة الأجنبی بالربع لأنها نصف نصیب الابن و وصیة الابن بتکملة النصف و ذلک سدس لاستحقاقه الثلث بالإرث و المخرج المشترک للربع و السدس هی اثنا عشر و مجموعهما خمسة منها فیجب أن یقسط الثلث علیهما لنصیب کل واحد بنسبة استحقاقه و یدخل علیه النقص بالنسبة و هکذا شأن الحقوق إذا اجتمعت و ضاق علیها متعلقاتها سواء الوصایا و غیرها و تصح من خمسة عشر لأن مخرج الثلث ثلاثة نضربها فی خمسة تبلغ ذلک الثانی التسویة لأن ما یحصل للمزاحم من الإرث بعد الوصیة یجب أن یحصل للآخر مثله بالإرث لما سبق من استوائهما فی السبب و ما زاد علی ذلک فهو وصیة بین الموفر و الموصی له الأجنبی فیتساویان فیه لأن کل ما یأخذه الموصی له من نصیب المزاحم فللموفر مثله بالوصیة و فیه منع بل ذلک محل النزاع فإن تم هذا الوجه صحت من ستة لوجوب انقسام الثلث قسمین (و الحق) أن هذا الاحتمال الأخیر بعید جدا بل لا وجه له و إن حکی الشارح عن المصنف تحسینه بل علی احتمال تعدد الوصیة لا یتجه إلا الاحتمال الرابع و علی الرابع لا یتجه إلا التقسیط أخماسا
(قوله) (و لو أوصی بالربع من حصة الابن دون البنت فعلی الثلاثة الأول کما تقدم و علی الرابع یقسم الثلث من تسعة علی ثلاثة عشر بین البنت و الموصی له فتضرب أحدهما فی الآخر تبلغ مائة و سبعة عشر أو یعطی البنت سهما من تسعة بالوصیة و الموصی له سهمین)
هذه هی المسألة الثانیة و صورتها أن یخلف ابنا و بنتا و یوصی للأجنبی بالربع أی ربع الأصل إذ لو کان بربع حصة الابن لم یتوقف علی الإجازة و لم تأت هذه الاحتمالات بل حکم بنفوذ الوصیة علی کل حال و حینئذ ففی اتحاد الوصیة و تعددها مع احتمال الترتیب و عدمه ما سبق و قد ظهرت الأدلة و بان ما هو الأصح منها فإن أجاز الابن فلا بحث و إن رد فعلی الاحتمالات الثلاثة الأول فی المسألة السابقة فالحکم هنا کالحکم هناک فعلی اتحاد الوصیة للموصی له الأجنبی ثلث نصیب الابن و الباقی له و للبنت ثلث الأصل و الفریضة من تسعة إذ لا بد من مال له ثلث و لثلثه ثلث و کذا علی تعددها و تقدیم الوارث الآخر أعنی البنت لأن الوصیة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 563
و الفرق بین الإجازة و عدمها هنا زیادة حقها فی الوصیة و نقصه فی المیراث و بالعکس (1) و لو أوصی بمساواة البنت مع الابن احتمل الوحدة فالوصیة بالسدس و التعدد فبالربع و تظهر الفائدة فیما لو أوصی لآخر بتکملة الثلث (2)
______________________________
المطابقیة بربع الأصل و الالتزامیة بتکملة الثلث و هی ثلاثة أرباع السدس لأن لها بالإرث نصف ما للابن و مجموع ذلک ثلث و ربع سدس فتبطل فیما زاد علی الثلث و یؤخذ من الثلث تکملة نصیبها و هو ثلث الباقی و هو اثنان من تسعة فیکملان بواحد فیکمل لها ثلث الأصل و یبقی من الثلث سهمان من تسعة هما ثلث الثلثین اللذین هما نصیب الابن یدفعهما إلی الموصی له الأجنبی و علی تعددها و تقدیم الأجنبی یدفع إلی الأجنبی من الثلث ربع الأصل یبقی نصف سدس یضم إلی ما أصابها بالإرث و هو ثلث الثلثین تسعان و ثلاثة أرباع تسع و مخرج ذلک ستة و ثلاثون فیکون لها أحد عشر و للموصی له سبعة و الباقی للابن و هو ستة عشر و أما علی الرابع و هو التعدد و عدم الترتیب ففی تقسیم الثلث علی الموصی له الأجنبی و البنت احتمالان أحدها التقسیط بالنسبة فیقسم علی ثلاثة عشر لأن المقسوم مجموع الوصیتین أعنی وصیة الأجنبی بالربع و البنت بتکملة الثلث و هو تسع إذ هو مبنی علی التعدد و مجموع ذلک ثلاثة و ربع تسع فإذا بسطت من جنس الکسر کان ثلاثة عشر و لا وفق بینها و بین الثلث و هو ثلاثة فتضرب ثلاثة عشر فی تسعة تبلغ مائة و سبعة عشر للبنت بالإرث ستة و عشرون و اثنا عشر بالوصیة و هی مضروب أربعة من ثلاثة عشر فی ثلاثة و للابن اثنان و خمسون و للموصی له الأجنبی سبعة و عشرون الثانی أن تعطی البنت سهما من تسعة بالوصیة و للموصی له سهمین و یقسم الباقی بین البنت و الابن أثلاثا و وجهه أنه اشتراکهما فی أصل الوصیة و التسریة غیر ممکنة لأن وصیتهما بتکملة الثلث و هو التفاوت و ما بین التسعین و ثلاثة و هو تسع و ذلک لأن لهما بالإرث من الثلث سهمین هما تسعان فیدفع إلیهما بالوصیة سهم آخر و للابن بالإرث ضعف إرثها أربعة أسهم و للموصی له ما بقی سهمان و هما تسعان
(قوله) (و الفرق بین الإجازة و عدمها هنا زیادة حقها و نقصه و بالعکس)
هذا جواب عن سؤال مقدر تقریره إذا کان للبنت مع الإجازة الثلث و کذا مع عدمها علی تقدیر تعدد الوصیة و عدم الترتیب فأی فائدة للإجازة فأجاب بأن الفائدة زیادة سهمها من الوصیة و نقصه من المیراث علی تقدیر الإجازة و عکسه مع عدمها و بیانه أن الوصیة مع الإجازة ثلث و نصف سدس و هی خمسة من اثنی عشر و الباقی بینهما و بین الابن بالإرث أثلاثا فیکون لها بالإرث سبعة من ستة و ثلاثین و بالوصیة خمسة و للابن أربعة عشر و بدون الإجازة ثلث فقط فلها ثلث الثلثین بالإرث و تسع بالوصیة و للابن ثلثا الثلثین بالإرث و للموصی له تسعان فتزید وصیتها فی الأولی ربع تسع و ینقص ذلک من إرثها و بالعکس فی الثانی و فی (جامع المقاصد) أنه هکذا قدر السؤال و لیس بجید إذ لا یجب أن یکون للإجازة فائدة بالنسبة إذ یکفی أن یکون لها فائدة فی الجملة و فائدتها بالنسبة إلی الموصی له ظاهرة علی الاحتمالین المذکورین مطلقا و الصواب أن یقال إن قول المصنف و الفرق إلی آخره جواب لاستعلام السائل حیث یقول هل یفرق بالنسبة إلی الثلث بین ما إذا أجاز الابن و بین ما إذا لم یجز علی هذا الاحتمال الأخیر علی تقدیر الاحتمال الرابع فیجاب بأن بینهما فرقا و هو ما ذکر
(قوله) (و لو أوصی بمساواة البنت مع الابن احتمل الوحدة فالوصیة بالسدس و التعدد فبالربع و تظهر الفائدة فیما إذا أوصی لآخر بتکملة الثلث)
هذه هی المسألة الثالثة و صورتها أن یوصی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 564
و لو أوصی بنصف حصة الابن بعد الوصیة دخله الدور فللابن شی‌ء و للموصی له نصف شی‌ء و للبنت نصفهما فالفریضة تسعة و الشی‌ء أربعة و لو أوصی بضعف نصیب ابنه أعطی مثله مرتین (1) و قیل مثل واحد (2)
______________________________
بمساواة البنت للابن فی المیراث فإن احتمال اتحاد الوصیة و تعددها یطردان هنا دون باقی الاحتمالات أما الاتحاد فلأن هذه الوصیة بمنزلة أعطوا البنت مما یخص الابن مقدار السدس لتساوی به الابن و أما احتمال التعدد فوجهه أنه یلزم من هذه الوصیة وصیة أخری و ذلک لأن ما یصیب البنت بالإرث یجب أن یکون بمقدار نصف ما یصیب الابن فإذا کان للابن نصف کان للبنت ربع و یکون استحقاقها بالوصیة سدس بالوصیة المطابقة و نصف سدس بالالتزام و قد عرفت ضعف احتمال التعدد فیما سبق فإن الاستواء فی الإرث مع الاستواء فی السبب و التفاوت علی الوجه المخصوص مع التفاوت فیه یمنع وجوبه مطلقا بل إنما یجب مع انتفاء المعارض و قد وجد هنا و هو الوصیة للبنت من نصیب الابن و (قول المصنف) و تظهر الفائدة إشارة إلی جواب سؤال مقدر تقدیره أنه أی فائدة فی البحث عن کون هذه الوصیة واحدة أو متعددة فإن المستحق لذلک هو البنت فلا یختلف استحقاقها بالاتحاد و عدمه فأجاب بأن الفائدة تظهر لو أوصی لآخر بتکملة الثلث فعلی الاتحاد تکون الوصیة بالتکملة السدس و علی التعدد نصف سدس و تظهر أیضا فی أمر آخر و هو تفاوت نصیبها بالإرث و الوصیة فعلی الاتحاد نصیب الإرث أکثر و علی التعدد الأمر بالعکس و إنما ترک المصنف التنبیه علی هذه الفائدة لقرب العهد بها فإنه قد ذکرها فی المسألة السابقة فالتنبیه لها یکفی فیه أدنی ملاحظة
(قوله) (و لو أوصی بضعف نصیب ابنه أعطی مثله مرتین)
کما هو خیرة (الخلاف) و (المبسوط) و (الشرائع) و (التذکرة) و (التلخیص) و (الإرشاد) و (المختلف) و (الإیضاح) و (شرح الإرشاد) لولد المصنف و (الدروس) و (اللمعة) و (جامع المقاصد) و (الروضة) و کذا (المسالک) و ظاهر الأولین الإجماع علیه حیث قال فیهما عندنا و حکاه فی الأول أیضا عن جمیع الفقهاء و أهل العلم و فی (المصباح) عن الأزهری و هو ممن یذهب إلی أن الضعف المثل کما ستسمع أنه قال فی الوصیة أعطوه ضعف نصیب ولدی أعطی مثلیه و لو قال ضعفیه أعطی ثلاثة أمثاله حتی لو حصل للابن مائة أعطی مائتین فی الأول و ثلاثمائة فی الضعفین و علی هذا جری عرف الناس و اصطلاحهم لأن الوصیة تحمل علی العرف لا علی دقائق اللغة انتهی و قد أقره علیه (صاحب المصباح) و غیره و به جزم صاحب (مجمع البحرین) و ستسمع مختاره فی الضعف و فی (التذکرة) أنه مشهور بین الفقهاء و زاد فی (الروضة) و أهل اللغة و فی (المسالک) تارة أنه المشهور و تارة أخری أنه الأشهر و فی (الإیضاح) أنه قول کثیر من أهل اللغة و أکثر الفقهاء و عن الشافعی أنه المتعارف فی اللغة و هو خیرة ابن الأثیر فی (نهایته) و هو المحکی عن الفراء و الخلیل و عبیدة و معمر بن المثنی و فی (جامع المقاصد) أنه یشهد لهذا القول ما قاله الزمخشری ففی (الأساس) و قد استدلوا علیه بقوله تعالی إِذاً لَأَذَقْنٰاکَ ضِعْفَ الْحَیٰاةِ وَ ضِعْفَ الْمَمٰاتِ- لَهُمْ جَزٰاءُ الضِّعْفِ- فَأُولٰئِکَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ فتأمّل
(قوله) (و قیل مثل واحد)
لم أجد هذا القول لأحد من فقهاء أصحابنا و لا من فقهاء العامة عدا ما حکی عن مالک و قد سمعت ما حکاه فی (الخلاف) عن جمیع الفقهاء و أهل العلم نعم لا ترجیح فی (التحریر) و هو مذهب صاحب (الصحاح) و (المصباح) و (القاموس) و (مجمع البحرین) و السکنی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 565
و لو قال ضعفاء فهو ثلاثة أمثاله (1) و یحتمل أربعة أمثاله و لو قال ثلاثة أضعافه أعطی أربعة أمثاله (2) و لو قال بخمسة أعطی ستة و هکذا (3)
______________________________
عن أبی عبید بن سلام و الخلیل أیضا و الأزهری (قال الأزهری) أقل الضعف محصور فی الواحد و أکثره غیر محصور و قد سمعت ما حکیناه عنه آنفا فالحاصل من کلامیه أنه فی اللغة یطلق علی الواحد و فی الوصیة لا یستعمل إلا فی المثلین و قد استدلوا علی هذا القول بقوله تعالی یُضٰاعَفْ لَهَا الْعَذٰابُ ضِعْفَیْنِ بدلیل قوله تعالی نُؤْتِهٰا أَجْرَهٰا مَرَّتَیْنِ و لا یجوز أن یزاد ضعف العذاب علی ضعف الأجر قطعا (و نحن نقول) لا یرتاب أهل العرف فی أن الضعف غیر المثل یقولون هذا مثله و لیس ضعفه و لا یفهمون من إطلاق قول القائل لزید ضعف ما لعمرو و للذکر ضعف الأنثی إلا الزیادة علی المثل و فی (شرح الإرشاد) و (الروض) أن فی الضعف ثلاثة أقوال الأول أن الضعف المثل و الثانی أنه الأصل مع مثله و الثالث أنه المثلان قالا و تظهر الفائدة إذا قال ضعفیه فإن قلنا بالأول کان الضعفان مثلین و إن قلنا بالثانی کانا ثلاثة أمثال و إن قلنا بالثالث کان أربعة أمثال و هو کما تری إذ لا أری هذه الفائدة تتم فی الثانی إذ الضعف عند صاحب هذا القول المجموع من المماثل و الزائد لا نفس الزائد و إلا فلا فرق بینه و بین الأول کما یأتی عند الکلام علی الأول ضعف الضعف
(قوله) (و لو قال ضعفاه فهو ثلاثة أمثاله)
کما هو مذهب عامة الفقهاء إلا أبا ثور کما فی (الخلاف) و (المبسوط) و مذهب الفقهاء کما فی (غایة المراد) و هو المشهور علی الظاهر من (التذکرة) و هو الذی استقر علیه رأیه فی (الشرائع) بلفظ الأشبه و خیرة (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (الإیضاح) و (الدروس) و (اللمعة) و (الروضة) و (الصحاح) و (المصباح) و (الجمهرة) و (القاموس) و أبی عبید القاسم و أبی عبیدة مصر و الخلیل و قد سمعت أن الأزهری قد نسبه فیما حکی إلی عرف الناس و اصطلاحهم و أقره علیه جماعة و قد استندوا إلی أن الأصل عدم الزیادة و علی تقدیر الشک بینه و بین الأربعة أمثال لاختلاف أهل اللغة یؤخذ بالمتیقن و إلی أن ضعف الشی‌ء ضم مثله إلیه فإذا قال ضعفیه فکأنه ضم مثلیه إلیه و فیه أنه إنما یتم علی القول الذی لم یذهب أحد من الفقهاء إلیه من أن الضعف المثل و قد عرفت الحال فی القول الثانی فی الضعف أعنی القول بأنه ضم مثله إلیه ثم إنه یجب إذا کان الضعف ضم مثل الشی‌ء إلیه أن یکون نصیب الابن داخلا فی الوصیة و المفروض أنه نصیب الابن فلا یعقل دخوله کما هو واضح فیما إذا قال أعطوه ضعفی نصیب ابنی و لعل الأصل فی ذلک أن ذلک هو المتعارف بین الناس کما سمعته عن الأزهری و غیره و أن الأربعة أمثال متروک فی کلام العرب کما نص بعضهم علیه و القائلون بهذا القول أن ثلاثة أضعافه أربعة أمثاله و کلما زاد ضعفا زاد مرة
(قوله) (و یحتمل أربعة أمثاله)
هذا خیرة (الخلاف) و (المبسوط) و (شرح الإرشاد) لولده و (جامع المقاصد) و (تعلیق الإرشاد) و (المسالک) و کذا (الروض) و لا ترجیح فی (التحریر) قلت هذا القول قضیة کون الضعف مثلین لکنهم أعرضوا عنه لکونه متروکا فی کلام العرف و قد سمعت ما فی (شرح الإرشاد) و (الروض) من الفائدة التی رتباها علی الأقوال الثلاثة
(قوله) (و لو قال ثلاثة أضعافه أعطی أربعة أمثاله و لو قال بخمسة أعطی ستة و هکذا)
کما هو خیرة (التذکرة) بناء علی أن الضعف هو ضم مثل الشی‌ء إلیه و الضعفان ضم مثلیه إلیه و الثلاثة ضم ثلاثة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 566
و لو قال ضعفوا لفلان ضعف نصیب ولدی فهو أربعة أمثاله (1) و کذا إذا قال أعطوه ضعف الضعف (2) و یحتمل ثلاثة أمثاله (3) و لو أوصی له بمثل أحد بنیه الثلاثة و ینقص منه نصیب الزوجة فصحح الفریضة تجدها من أربعة و عشرین للزوجة الثمن ثلاثة و لکل ابن سبعة أنقص سهم الزوجة من نصیب ابن تبقی أربعة و هی الوصیة فزدها علی أربعة و عشرین للموصی له أربعة و للمرأة ثمن الباقی و لکل ابن سبعة فإن أوصی لآخر بربع ما یبقی من ثلث ماله بعد الأولی فخذ ثلث المال و انقص منه الوصیة الأولی و هی أربعة أنصباء کما تقدم یبقی ثلث مال إلا أربعة أنصباء فهذا باقی ثلث المال ادفع ربعه إلی الثانی و هو نصف سدس مال إلا نصیبا یبقی من الثلث ربع مال إلا ثلاثة أنصباء زده علی ثلثی المال یکون خمسة أسداس مال و نصف سدس مال إلا ثلاثة أنصباء تعدل أنصباء الورثة و هی أربعة و عشرون نصیبا فإذا جبرت صار خمسة أسداس مال و نصف سدس مال یعدل سبعة و عشرین نصیبا فکمل المال بأن تضرب جمیع ما معک فی مخرج الکسر و هو اثنا عشر فیکون مال یعدل ثلاثمائة و أربعة و عشرین سهما و منها تصح و النصیب أحد عشر

[المقام الثانی فی المتعدد]

المقام الثانی فی المتعدد و یصح مرتبا و مشترکا کما لو قال ثلث لفلان و فلان و یقتضی
______________________________
أمثاله و هکذا و قد عرفت الحال فیه و أما علی القول بأنه المثلان فثلاثة أضعاف الشی‌ء ستة أمثاله إلیه إلا أن استعمال هذا اللفظ بهذا المعنی غیر شائع کما فی (جامع المقاصد) و عن (المختلف) أنه منزور فی کلام العرب و لم أجده فیه
(قوله) (و لو قال ضعفوا لفلان ضعف نصیب ولدی فهو أربعة أمثاله)
بناء علی أن الضعف مثلان فیکون المراد بتضعیفه دفع قدره مرتین و ذلک أربعة أمثال فیکون الموصی به هو ضعف ضعف النصیب و المضاف إلیه أولا و ثانیا خارج و قد یکون بناء علی أن تضعیف الضعف هو ضم مثله إلیه و قد تقدم أن ضعف الشی‌ء هو مع مثله فیکون تضعیف الضعف إعطاءه أربعة أمثال النصیب و قد سمعت ما فیه من الإشکال آنفا من أنه یقضی بأن یکون نصیب الابن داخلا فی الوصیة و ستسمع تمام الکلام فی ذلک
(قوله) (و کذا لو قال أعطوه ضعف الضعف)
أی فهو أربعة أمثاله کما هو خیرة (المبسوط) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و کذا (غایة المراد) و علیه الفقهاء علی الظاهر کما فی الأخیر و هو قضیة کلام کل من جعل الضعف مثلین من الفقهاء و أهل اللغة
(قوله) (و یحتمل ثلاثة أمثاله)
کما هو خیرة (الشرائع) و (التذکرة) و (الإرشاد) و کذا (الروض) و لعل هذا منهم بناء علی أن الضعف ضم الشی‌ء إلی مثله فالضعف الأول مثلان و الثانی ضم مثل آخر إلیهما فیکون ثلاثة أمثاله و فیه أن الضعف عند صاحب هذا القول هو المجموع من المماثل و الزائد لا نفس الزائد و إلا لکان هو القول بالمثل ثم إن تم فإنما یتم لو قال ضعفا النصیب أما ضعف الضعف فإنه مثلا الضعف الذی قد اعترفتم بأنه مثلان فیکون أربعة و تکون الوصیة بالمضاف لا بالمضاف إلیه و إلا لکان ستة و فی (غایة المراد) أن هذا القول شی‌ء ذکره نجم الدین و هو یخالف لمذهب الشیخ فی (الکتابین) و فی (المسالک) أنه ضعیف جدا لمخالفته التفسیرین السابقین للضعف لأن من جعله المثل فالضعف عنده مثلان و من جعله مثلین فالضعف عنده أربعة أمثال.
(قوله) (المقام الثانی فی المتعدد و یصح مرتبا و مشترکا کما لو قال ثلثی لفلان و فلان و یقتضی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 567
التسویة ما لم یفضل (1) و لو قال ثلثی لفلان فإن مات قبلی فهو لفلان صح (2) و کذا إن رد فهو لفلان و لو قال ثلثی لفلان فإن قدم الغائب فهو له فقدم قبل موت الموصی فهو للقادم سواء عاد إلی الغیبة أو لا لوجود شرط الانتقال إلیه فلا ینتقل عنه بعده (3) و لو مات الموصی قبل قدومه فهو للأول سواء قدم (4) أولا و یحتمل تخصیص القادم بالعین ما لم یضف (5)
______________________________
التسویة ما لم یفضل)
قد تقدم له فی المطلب الثانی أن المقام الأول ما إذا کان الموصی له واحدا کما إذا أوصی له بمثل نصیب أحد ورثته و هذا هو المقام الثانی و هو ما إذا کان الموصی له متعددا المثال مما تعدد فیه الموصی له علی سبیل الاشتراک و اتحدت الوصیة و قد حکم بالتسویة ما لم یفضل لاستواء نسبة السبب إلی کل واحد من أفراد المتعدد فالضمیر فی یصح یعود إلی المتعدد و فی قوله یقتضی إلی التشریک المدلول علیه بالسیاق
(قوله) (و لو قال ثلثی لفلان فإن مات قبلی فهو لفلان صح و کذا إن رد فهو لفلان)
قد تقدم فی أول الباب أن الوصیة تصح مطلقة و مقیدة و أن عباراتهم بذلک طافحة و أنا لا نجد فی ذلک خلافا و أن المقیدة مختصة بمحل القید فلا بد من وجوده و حضوره فلا وصیة بدونه
(قوله) (و لو قال ثلثی لفلان فإن قدم الغائب فهو له فقدم قبل موت الموصی فهو للقادم سواء عاد إلی الغیبة أم لا لوجود شرط الانتقال إلیه فلا ینتقل عنه بعده)
کما نص علیه فی (المبسوط) لتحقق سبب الانتقال و هو الوصیة و شرطه و هو القدوم لأنه إن کان الشرط مطلق القدوم فواضح و إن کان هو القدوم فی حیاة الموصی فقد تحقق فی الفرض المذکور و به جزم فی (الإیضاح) و (جامع المقاصد) و أما أنه لا فرق بین عوده إلی الغیبة و عدمه فلأنه إذا ملک امتنع انتقاله عنه کما قاله المصنف و لم یعهد إلا فی الوقف
(قوله) (و لو مات الموصی قبل قدومه فهو للأول سواء قدم أم لا)
کما هو خیرة (المبسوط) لأنه لما مات الموصی وجد سبب ملک الموصی له الأول و هو الوصیة و القبول و إطلاق قول الموصی منزل علی قدومه حال حیاته لأنه شرط لتصرفه أی الموصی فیحمل علی أیام حیاته فلأنه المتبادر إذ یبعد أن یکون المراد قدومه و لو بعد موته کما لو قال إن دخل عبدی الدار فلله علی عتقه فإنه یحمل علی دخوله أیام حیاته و لأن الموصی به بعد الوفاة لا بد و أن یکون مملوکا للموصی له إذا قبل و لیس الثانی بموصی له حینئذ لانتفاء الشرط لأن الشرط یجب تقدیمه علی زمان الملک و هو ما بعد الموت فتعین أن یکون هو الأول
(قوله) (و یحتمل تخصیص القادم بالعین ما لم یضف)
أی القدوم إلی مدة معینة و حیاة أحدهما أو غیرهما کأن یقول فإن قدم الغائب فی مدة شهر أو حال حیاتی أو حیاته أو حیاة زید فهو له فإنه لا بحث حینئذ و إنما یجی‌ء الإشکال و یقوم الاحتمال فیما إذا أطلق لأنه یحتمل حینئذ أن یکون فی حیاة الموصی و یحتمل زمان حیاة القادم و حینئذ فوجه هذا الاحتمال أن القدوم فعل القادم فلا یتعلق بغیره و لم یعلقه هو هنا لفظا بحیاة الموصی و لا دلالة للفظ علیه بشی‌ء من الدلالات کما لا یدل علی ضده فالشرط فی کلام الموصی هو القدوم بدون تقیید و الاستبعاد لا أثر له مع وجود الدلیل ثم إنه یستبعد أیضا حرمانه من الوصیة لو قدم عند الموت و فرق بین ما نحن فیه و المثال لأن الشرط فی المثال دخول عبده و بعد الموت لیس عبده و حکم الموصی به عند الموت هنا حکم الوصیة قبل القبول و الشرط
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 568
و لو أوصی له بثلث و لآخر بربع و لثالث بخمس و لرابع بمثل وصیة أحدهم فله الخمس (1) و لو قال فلان شریکهم فله خمس ما لکل واحد (2) و لو أوصی لواحد بمائة و لآخر بدار و لآخر بعبد ثم قال فلان شریکهم فله نصف ما لکل واحد لأنه هنا یشارک کل واحد منهم منفرد أو الشرکة تقتضی التسویة و فی الأول الجمیع مشترکون (3) و لو قیل له الربع فی الجمیع کان أولی (4)
______________________________
یجب تقدمه علی مشروطه و هو الملک دون زمانه و کیف کان فالاحتمال الأول أقوی و أولی لأن القدوم بمنزلة القبول و علی القول بأن القبول کاشف یکون القدوم بمجرد حصوله کاشفا عن حصول الملک عند الموت حال عدمه أی عدم الشرط الذی هو القدوم فیلزم أن لا یکون شرطا و قد فرض اشتراطه و الجواب بأن اشتراطه أعمّ من أن یکون فی حصول الملک أو فی انکشاف حصوله للقادم و انتفاءه عن الأول لیس بشی‌ء لأن المتبادر من قوله فإن قدم الغائب فهو له أن المشروط بالقدوم هو حصول أصل الملک لا انکشافه کما هو واضح
(قوله) (و لو أوصی له بثلث و لآخر بربع و لثالث بخمس و لرابع بمثل وصیة أحدهم فله الخمس)
کما نبه علیه فی (المبسوط) و صرح به فی (التحریر) و (جامع المقاصد) و ذلک لأن الإطلاق یجب تنزیله علی أقل المحتملات لأنه المتیقن و الزائد مشکوک فیه
(قوله) (و لو قال فلان شریکهم فله خمس ما لکل واحد)
کما فی (التحریر) و (جامع المقاصد) لأنه شرک بینه و بین الکل من حیث هو کل و ذلک لأن الکل مشترکون فی شی‌ء واحد بأجزاء مشاعة و إن اختلفت الحصص و حیث کان شریکا للمجموع من حیث المجموعیة و إطلاق التشریک منزل علی أقل الحصص وجب أن یکون له خمس ما للمجموع و قال فی (جامع المقاصد) و لقائل أن قوله فلان شریکهم أعمّ من أن یکون شریکا للمجموع أو لکل واحد و اشتراک الکل فی شی‌ء واحد لا یقتضی إرادة الأول انتهی فتأمّل لأن إرادة الأول أولی لأنه أقل الأمرین لأنه المتیقن
(قوله) (و لو أوصی لواحد بمائة و لآخر بدار و لآخر بعبد ثم قال فلان شریکهم فله نصف ما لکل واحد لأنه هنا یشارک کل واحد منفرد أو الشرکة یقتضی التسویة و فی الأول الجمیع مشترکون)
نسب ذلک فی (التحریر) إلی القیل و لم یرتضه فی (جامع المقاصد) علی أن المصنف سیعترف بضعف هذا الفرق و کیف کان فقد فرق المصنف بین ما إذا کان الموصی به لمتعددین لجزء شی‌ء واحد و بین ما إذا کان الموصی به متعددا لکل واحد شی‌ء علی انفراده فحکم بأن التشریک بین الأخیر و بین الموصی له فی الأول یقتضی التشریک بینه و بین المجموع فلحظ فی نصیبه ضمیمة إلی المجموع فی الشرکة و فی الثانی یقتضی التشریک بینه و بین کل واحد لانفراد الموصی به لکل واحد عن الباقین فیکون له نصف ما لکل واحد إذ الأصل فی الشرکة بین اثنین عدم التفضیل فإطلاق الشرکة و کونها بینه و بین کل واحد یقتضی الاستواء بینه و بین کل واحد و قد نظر فیه فی (جامع المقاصد) بأن اشتراک الموصی لهم فی شی‌ء واحد بشی‌ء معین لا دلالة له علی کون الشرکة بینه و بین المجموع أو بین کل واحد بشی‌ء من الدلالات فلا یتم الفرق
(قوله) (و لو قیل له الربع فی الجمیع لکان أولی)
أی لو قیل للموصی له الأخیر فی المثال الأخیر ربع ما لکل واحد من الجمیع لکان أولی لأن اللفظ یحتمل الشرکة بینه و بین المجموع و بینه و بین کل واحد و لا ترجیح فیجب الحمل علی أقل الأمرین لأنه المتیقن و الزائد مشکوک فیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 569

[الفصل الثالث فی تصرفات المریض و هی قسمان]

اشارة

الفصل الثالث فی تصرفات المریض و هی قسمان منجزة و معلقة (1) بالموت

[أما المؤجلة]

أما المؤجلة فکالوصیة بالإجماع فی إخراجها من الثلث (2)
______________________________
و مجرد احتمال الاحتمال الثانی لا یکفی فی الحمل علیه و هذا یقضی بضعف الفرق الذی ذکره بین المسألتین فالأصح کما فی (جامع المقاصد) أنه یستحق الربع هنا کالخمس فی الأولی و جعل وجه الأولویة فی (الإیضاح) بعد أن بین الفرق بما ذکره والده أنه جعله مشارکا کالمجموع الثلاثة فجعلهم و إیاه مجموعا واحدا و لفظه یدل علیه انتهی و فیه أن اللفظ فی المسألتین واحد و لا دلالة فیه علی أحد الأمرین هنا بیاض بمقدار نصف صفحة تقریبا
(قوله) (الفصل الثالث فی تصرفات المریض و هی قسمان منجزة و معلقة)
قد طفحت جملة من عباراتهم بهذا و نحوه ففی (المبسوط) مؤخرة و منجزة و فی (الشرائع) مؤجلة و منجزة و المؤجلة فی عبارة الکتاب کما یأتی و غیره المعلقة بالموت و بالمنجزة الحاضرة من الإنجاز و التنجیز معا
(قوله) (أما المؤجلة فکالوصیة بالإجماع فی إخراجها من الثلث)
و مثل ذلک ما فی (الشرائع) من دون تفاوت أصلا و قد استدل علیه أیضا بالإجماع و هذا الإجماع یستفاد من مطاوی کلماتهم و من کلامهم فی تعریف الوصیة لأن الأمور المعلقة بالموت و هی المؤجلة بین قائل بأنها وصیة کما أوردوها علی تعریفها بأنه ینتقض بها فی عکسه و بین قائل بإلحاقها بها فی الإخراج عن الثلث فالمؤجلة غیر الوصیة هی التدبیر بناء علی أنه عتق بصفة و النذر المقید بالموت و نحو ذلک و قد جعل التدبیر فی (التحریر) و (الإرشاد) وصیة کالوصیة بالمال قال فی (التحریر) و المؤجلة ما علق بالموت کالوصیة بالمال و التدبیر تخرج من الثلث بالإجماع انتهی و لکن صریح عبارة (الکتاب) و کذا (الشرائع) أنها غیرها حیث جعلت المؤجلة فیها کالوصیة فی الحکم و المغایرة تظهر فی التدبیر فإنه عتق بصفة و لیس وصیة بعتق العبد علی أحد الرأیین و فی النذر فإنه لا یسمی وصیة لکن فی إلحاقه بالوصیة خلاف مشهور إذ قد قال جماعة إنه من الأصل فلا تصح دعوی الإجماع علی کون حکمه حکم الوصیة و قضیة ما أورده علی تعریف الوصیة بأنها تملیک عین أو منفعة بعد الموت من أنه یتخلف کثیر من الأفراد المعلقة علی الموت فإنها وصیة و لیست تملیکا إنها لیست غیرها کالوصیة بالعتق و بوقف المسجد فإنهما فک ملک لا تملیک و الوقف علی جهة عامة و الوصیة بإبراء الدین و بالمضاربة و بالمساقاة و نحو ذلک (و لو أطلق) المصنف و المحقق علی الجمیع اسم الوصیة و ذکرا أن حکمها الخروج من الثلث کما هو قضیة کلام التحریر لسلما التکلیف و لم یبق إلا التدبیر فهو إن کان وصیة تناولته العبارة و إلا فیکتفی بذکر حکمه فی محله (ثم إنه) یرد علی ما یستفاد من التشبیه من المغایرة أن الفرض بیان حال تصرفات المریض التی أعظم أقسامها الوصیة و قضیة العبارة علی ما یستفاد من التشبیه أن الفرض بیان حکم المؤجلة التی هی غیر الوصیة (قولک) أنه حینئذ یستفاد حکم الوصیة بالأولویّة لأن کان حکم المؤجلة حکم الوصیة فیستفاد الحکمان معا (فیه) أنه یرد علیه مضافا إلی ما عرفت من لزوم کون تصرفات المریض المعلقة بالموت مغایرة للوصیة أن الوصیة لا تعد من تصرفات المریض مع أن العنوان یأبی ذلک لأنه جعل فیه تصرفات المریض قسمین منجزة و معلقة بالموت و من جملتها و أعظم أقسامها الوصیة فکیف لا تعد الوصیة من تصرفات المریض (و لیعلم) أن معقد الإجماع فی العبارة أن مساواة المؤجلة للوصیة فی الخروج من الثلث ثابت بالإجماع کما هو واضح و لیس معقده أن الوصیة تخرج من الثلث
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 570
و کذا تصرفات الصحیح المقترنة بالموت (1)

[أما المعجلة للمریض]

اشارة

و أما المعجلة للمریض فإن کانت تبرعا فالأقرب أنها من الثلث إن مات فی مرضه (2)
______________________________
بالإجماع حتی یرد علیه أن ابن بابویه یقول بأن الوصیة تخرج من الأصل و إن کان یستفاد منه ذلک علی أنه شاذ نادر مخالف لجمیع المسلمین
(قوله) (و کذا تصرفات الصحیح المقترنة بالموت)
لما کان العنوان فی تصرفات المریض و قد ذکر أن المؤجلة من المریض کوصیته تخرج من الثلث قال إن المؤجلة المقترنة بما بعد الموت من الصحیح مثلها فی أنها تخرج من الثلث و بذلک صرح فی (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (الروض) و (جامع المقاصد) و (المسالک) و صریح الآخرین کما هو ظاهر الأولین و الکتاب الإجماع علیه لکن فیما عدا الکتاب و الإرشاد المقترنة بما بعد الموت (کالشرائع) و (التحریر) و المؤجلة بالموت (کجامع المقاصد) و أما عبارات الکتاب و الإرشاد فظاهرهما غیر مراد لأن المقترن بالموت ما یوافق وجوده وجوده بل المراد المؤجلة بالموت أو المقیدة به
(قوله) (و أما المعجلة للمریض و إن کانت تبرعا فالأقرب أنها من الثلث إن مات فی مرضه)
هذا قد تقدم الکلام فی باب الحجر مشبعا أکمل إشباع فی القولین جامعا لجمیع الفتاوی و الشهرات و الإجماعات و الأخبار الواردة فی الطرفین (و لا بد) من التعرض لذلک فی المقام علی أکمل إیجاز و اختصار (فنقول) إن القول بأنها من الثلث علیه المتأخرون کما فی (غایة المراد) و (المسالک) و (مجمع البرهان) و علیه الفتوی کما فی (التنقیح) و هو الأظهر فی فتاوی أصحابنا کما فی (إیضاح النافع) و المشهور کما فی (المهذب البارع) و فی (المسالک) نسبته إلی الأکثر و سائر المتأخرین و فی (جامع المقاصد) أن النصوص به متواترة و فی موضع آخر أنه قد دلت علیه صحاح الأخبار (قلت) قد أطبق المحقق و من تأخر عنه علی ذلک إلا من ستعرف و لکنه لم یرجح هو و المصنف و الشهیدان أخدا من القولین فی عدة مواضع نبهنا علیها فی باب الحجر و کذا الشیخ فی موضعین من (المبسوط) و الراوندی فی (فقه القرآن) و لم یذهب إلیه أحد من القدماء فیما أجد نعم قد حکاه المصنف فی (المختلف) و الشهید فی (غایة المراد) عن الصدوق و أبی علی و الشیخ فی (المبسوط) و ظاهر کلام (الخلاف) و تبعهما من تأخر عنهما فی الحکایة عن هؤلاء و ستسمع کلام هؤلاء و ما نحکیه عنهم (نعم) صرح به فی موضع من (المبسوط) و فی عتق (الغنیة) أن العتق إن کان تبرعا فهو من الثلث و قد یظهر منه الإجماع علی ذلک و ذلک لیس کذلک لما ستسمعه عن (الغنیة) و لأن هذا فی الوصیة لأنه قد وقع إطلاق الإعتاق علی الإیصاء به فی الأخبار و کلام الأصحاب کما ستسمع و قد قال مثل ذلک فی (الخلاف) و صرح بأنه فی الوصیة فتأمّل (و القول) بأن المنجزات من الأصل خیرة (الکافی) للکلینی کما حکوه عنه أیضا لمکان العنوان و اقتصاره علی أخبار هذا القول خاصة و (الفقیه) و (المقنعة) و (الإنتصار) و (التهذیب) و (الإستبصار) و (المراسم) لما صرح به فی الإقرار و (النهایة) و (الخلاف) فی مواضع منه منها باب الهبة و الشفعة و الوصایا و (المبسوط) فی موضع منه و (المهذب) صرح به فیما إذا أعتق فی الحال و (الغنیة) فی موضعین منها و (السرائر) فی ثلاثة مواضع و (جامع الشرائع) فی باب الوقف و (کشف الرموز) و (مجمع البرهان) فی باب الحجر و (الکفایة) و (الوسائل) و (الهدایة) و (الوافی) و (الریاض) و هو ظاهر (نکت النهایة) أو صریحها و فی (المقنع) ما یظهر منه ذلک فی عتق الغلام لکنه روی مرسلا ما یوافق القول الأول و فی (کشف الرموز) أنه مذهب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 571
..........
______________________________
الأکثر و فی موضع من (السرائر) الأظهر فی المذهب و فی آخر أنه الصحیح من المذهب و فی موضع آخر و هو باب الوصیة أن علیه الفتوی مؤذنا بدعوی الإجماع علیه و نحوه فی ذلک ما فی باب المهور (و الإجماع) صریح (الإنتصار) و (الغنیة) و نسب الخلاف فی الأول إلی باقی الفقهاء و تدل علیه الأخبار الکثیرة إذ عقد له فی (الوافی) بابا سرد فیه أحد عشر خبرا و یزاد فی (الوسائل) خبری (العلل) و (قرب الإسناد) و فیها الموثق فی (التهذیب) المیّت أحق بماله ما دام فیه الروح یبین به فإن قال بعدی فلیس له إلا الثلث (و روی) فی (الفقیه) و بعض نسخ (الکافی) فإن تعدی بدل بعدی و فی بعض نسخ (الکافی) قلت له المیّت أحق بماله ما دام فیه الروح یبین به قال نعم فإن أوصی به فلیس له إلا الثلث (و نحوه) المرسل و الحسن بإبراهیم و فی خبر أبی بصیر لصاحب المال أن یعمل به ما شاء إن شاء وهبه و إن شاء تصدق به و إن شاء ترکه إلی أن یأتیه الموت فإن أوصی به فلیس له إلا الثلث إلی غیر ذلک من أخبار الباب (و یدل) غیر أخبار هذا الباب و هی أخبار العتق ففی صحیحة محمد بن مسلم فی (الفقیه) و (التهذیب) عن أبی عبد اللّٰه (ع) قال سألته عن رجل حضره الموت فأعتق غلامه و أوصی بوصیة و کان أکثر من الثلث قال یمضی عتق الغلام و یکون النقصان فیما بقی (و نحوه) حسنته فی رجل أوصی بأکثر من الثلث و أعتق مملوکه فی مرضه فقال إن کان أکثر من الثلث رد إلی الثلث و جاز العتق (و هاتان) واضحتا السند و الدلالة و لعل الثانیة أوضح بحیث لا مجال للمناقشة فیها (فلا تلفت) إلی ما قاله الشهیدان و المحقق الثانی و الکاشانی من أن الأخبار به غیر صحیحة (و لعل هذا) هو الذی جرأهم و غیرهم علی مخالفة قدماء الأصحاب العالمین بسیرة الشیعة و استمرار طریقتها و منهم خرجت الأخبار و بهم عرفنا السیرة و الآثار (مضافا) إلی الإجماعات و الفتاوی ممن لا یعمل إلا بالقطعیات و الشهرة فی المتقدمین فی مثل المقام علی الشهرة فی المتأخرین (مضافا) إلی الأصل بثلاثة معان و الاستصحاب و أصالة صحة العقود و أدلة تسلط الناس علی أموالهم (مع) إطباق العامة علی القول بأنها من الثلث کما فی (الإنتصار) و (المبسوط) و (السرائر) و کذا (الغنیة) و (التذکرة) و الرشد فی خلافهم (فالأخبار) المخالفة و إن صح بعضها تحمل علی التقیة أو علی الوصیة کما فی (الوسائل) و فهرستها (و الهدایة) و قال (الشهیدان) و غیرهما إن صحیحة علی بن یقطین سأل أبا الحسن (ع) ما للرجل عند موته قال الثلث و الثلث أکثر و صحیحة یعقوب بن شعیب و صحیحة أبی بصیر و هما نحوها و روایة عبد اللّٰه بن سنان للرجل عند موته ثلث ماله و إن لم یوص فلیس علی الورثة إمضاؤه قابلة للحمل علی الوصیة (قلت) و فی الأخیر ظهور أو إشعار بذلک علی أنه و الأول قابلان للحمل علی التقیة لمکان وزارة الرجلین (هذا حال) الصحاح (و أما خبر) علی بن عقبة فی رجل حضره الموت فأعتق مملوکا لیس له غیره فأبی الورثة أن یجیزوا ذلک قال (ع) ما یعتق منه إلا ثلثه فیمکن حمله علی التقیة أو الوصیة لأن حضور الموت قرینة منعه (کذا و الظاهر معینة) عن الوصیة به و یجوز نسبة العتق إلیه بسبب الوصیة به و قد وقع إطلاق الإعتاق علی الإیصاء فی الأخبار و کلام الأصحاب (کالخلاف) و (الغنیة) و غیرهما و مثله خبر الحسن بن جهم و (فی خبر) أبی بصیر إن أعتق رجل خادما ثم أوصی بوصیة أخری ألغیت الوصیة و أعتقت الخادم من ثلثه إلا أن یفضل من الثلث ما یبلغ الوصیة (فقول) الراوی ثم أوصی بوصیة أخری أصدق شاهد علی أنه أوصی بالعتق (فقد أطلق) فیه الإعتاق علی الإیصاء به کما فی صحیحة عبد الرحمن الطویلة (و جعل ذلک) قرینة صارفة عن التنجیز الذی هو معنی حقیقی للإعتاق إلی الأعم منه و من الوصیة (لیس بأولی)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 572
..........
______________________________
عن جعلها صارفة إلی المجاز الأخص و هو الإیصاء خاصة و الأصل و الظواهر ترجیح الثانی و أما خبر أبی ولاد فلا یقول به أحد (و کیف کان) فأخبار الثلث قابلة للحمل علی التقیة أو الوصیة أو علی الاستحباب و أن الأولی ترک المال للورثة (مع) عدم ورود خبر صحیح صریح فی کون المنجزات کالوصیة (ثم إن القائلین) بالثلث وافقوا فی المقر إذا کان مأمونا فقال إنه ینفذ إقراره من الأصل (و أما ما استدلوا) من الاعتبار من أن العطیة المؤخرة عن الموت (لیس ظاهرا) إلا من الثلث فکذا المتقدمة مراعاة لجانب الورثة و أنه لو لم تکن المنجزات من الثلث لاختلف حکمة حصر الوصیة فی الثلث لأنه یلتجئ کل من یرید الزیادة فی الوصیة علی الثلث إلی العطایا المنجزة فتختل الحکمة (فیجاب) عن الأول بأنه مبنی علی العلة المستنبطة مع أنه قیاس مع الفارق لأن الإنسان ما دامت فیه الروح یحرص علی المال و یخاف الفقر و لا کذلک الوصیة و به یجاب عن الثانی لأن الخوف من البرء یمنعه عن الزیادة بخلاف ما بعد الموت فلا اختلال و هذا حاصل بالوجدان ثم علی تقدیر کون العلة منصوصة فی الدلیل الأول فهو منقوض بالصحیح الذی هو غیر مریض مع انسحاب الدلیل فیه و هو الرقة و الشفقة علی الورثة فینبغی أن یحجر علیه (قولک) إن المال حال المرض فی قوة ملک الورثة فی الحال بخلاف الصحیح (فغیر صحیح) بالوجدان و کم من مریض عاش أکثر من صحیح علی أنه ربما کان فی حال الطاعون أو المراماة التی یغلب معها الظن بالتلف أبلغ من المرض و استوضح ذلک فی الوصیة فإن الشارع لم یفرق فیها بین الصحیح و المریض فمنعهما إلا من الثلث (و لما) کانت منجزات الصحیح من الأصل و لا حجر فلتکن کذلک فی المریض و لعل هذا أنسب بالحکمة إذ لیس ببعید أن یکون الوجه فی الفرق بین الوصیة و التنجیز ما أشرنا إلیه آنفا من سهولة إخراج المال بعد الموت علی النفس حیث یصیر للغیر فیمنع من التحری علیه مع حفظه له و شحه علیه لما کان ماله و هذه الحکمة لیست حاصلة فی الحی صحیحا کان أو مریضا لأن البرء ممکن و إن الإنسان لا ینقطع رجاؤه من الحیاة إلا حالة الاحتضار فلا یزال حریصا علی المال فیکون کتصرف الصحیح بماله لا مال غیره (ثم إنه) لا مدار علی الاعتبار بل المدار علی الأخبار و علی ما استمرت علیه سیرة الشیعة فی الأعصار و الأمصار و قد أخبرنا قدماؤنا و أساطین سلفنا أن سیرتنا قد استقامت و استمرت علی الإخراج من الأصل و أن سیرة مخالفینا علی الإخراج من الثلث (و یشهد لهم) أن هناک أصلین لا شبهة فیهما و هما شهرة و ضابطة أما الأول فالمشهور بینهم کما سیأتی أنه لا یشترط فی حصول المرض أن یکون مخوفا و أما الثانی فالضابط عندهم فی المنجزات أنها ما استلزمت تفویت مال علی الوارث بغیر عوض (فیجب) بناء علی هذین الأصلین علی کل من مرض أن یأخذ طومارا یکتب فیه جمیع ما یتصدق به طلبا للعافیة و ما یصانع به الطبیب و ما یتحف به العابرین من بلد آخر من کسوة أو طعام کما هو متعارف فی بعض البلدان (و یجب) بناء علی هذین أن یستثنوا مهر المنکوحة بالعقد الصحیح إذا دخل بها کما هو ظاهر (المبسوط) و صریح المصنف و قد تردد فیه المحقق و یستثنوا ما إذا زوجت المریضة نفسها بدون مهر المثل فإنها یرثها فتکون قد فوتت بعض المال بدون عوض مقابل و ما إذا تسری لشهوة نفسه أو ظنا منه بأنه ینفعه لمرضه فاشتری الجاریة بأضعاف قیمتها کما نبه علیه فی (المبسوط) و غیره و ما إذا باعه بثمن المثل فإنه یجی‌ء علی قولهم احتمال کون ذلک من الثلث لتعلق غرض الورثة بأعیان الأموال ککتب العلم و نحوها و هو اختیار المصنف لکنه قال إذا أوصی ببیعه کان من الثلث و فی الفرق نظر إذ الأعیان إن اعتبرت کانت من الثلث فیها
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 573
..........
______________________________
و إلا فمن الأصل و أما إذا أعاد ماله فإنه قد فوت علیهم أجرته إلی غیر ذلک مما ذکرناه فی باب الحجر (و لذلک) و نحوها جعل فی (غایة المراد) فی المسألة قولا ثالثا و هو کون المنجزات من الثلث إلا فی مواضع (دع) عنک ذلک کله (لکنهم) ما بالهم قد اختلفوا فی الإقرار علی أقوال مع أنه قال فی (المهذب) البارع إن کل من قال إن المنجزات من الأصل یلزمه القول بأن الإقرار من الأصل و کل من قال إنها من الثلث یلزمه القول بأنه من الثلث لکنا تأملنا فی باب الإقرار فی هذا التلازم و أوضحنا الحال فیه و (کیف کان) فالأکثر منهم أنه من الأصل و عساک تقول إنما قادهم إلی ذلک ضرورة الجمع بین الأخبار لأنا نقول لیس فی أخبار هذه المسألة ما یدل علی أنه مع التهمة یکون من الثلث نعم فی خبر المرأة التی استودعت الرجل المال ما یشعر بذلک إلا أن تقول قد اتفقت کلمتهم علی أن المقر له لا یحرم و اتفقت علی إعطائه من الثلث مع التهمة و إن اختلفت فی الزیادة علیه علی أقوال و حینئذ فیمکن الاستدلال علیه بمفاهیم أخبار الإقرار کصحیحة منصور و الموثقة و علی کل حال فقد وافقوا أصحاب القول الثانی فیما إذا کان مأمونا (و بعد) ذلک کله (قد نقول) فی ترجیح القول الآخر إن إطباق المتأخرین علی خلاف المتقدمین مع اختلاف أقوال المتقدمین أقوالهم و فتاواهم فیکون المخالف منهم للمتأخرین أقل قلیل و لو کان الأمر کما ذکروه لما خفی علی المتأخرین لأنه لیس من الأحکام النادرة الوقوع (مضافا) إلی ضعف أکثر أخباره مع أنها عامة و أخبار هذا القول خاصة و الخاص مقدم (مضافا) إلی مفاهیم أخبار الإقرار فی مرض الموت و أنه من الثلث إن کان متهما إذ لو لم یکن محجورا علیه لما احتاج إلی الاتهام (مضافا) إلی موافقة الاعتبار (هذا أقصی) ما یمکن أن یقال فی ترجیح هذا القول (و أنت خبیر) بأنه قد یدعی بأن المتأخرین علی أنحاء (فمنهم) من ظن أن أخبار القول بالأصل غیر صحیحة کما صرح به جماعة کما عرفت و لم تکن الأخبار مسطورة عندهم کما هی الآن مسطورة فی (الوافی) و (الوسائل) و (منهم) من غفل عن أن العامة مطبقون علی أنها من الثلث کما حکاه عنهم جماعة کما عرفت حتی یحملوا أخبار الثلث علی کثرتها و صحتها علی التقیة (و منهم) من غفل عن أن الإعتاق یطلق علی الإیصاء فی الأخبار و کلام الأصحاب کما عرفت (سلمنا) أن ذلک کله لم یکن (لکنا) إن شککنا فما کنا لنشک فی أن المریض یتصدق طلبا للعافیة و یستأجر من یدعو له عند سید الشهداء علیه السلام و أنه یهدی و یعیر و یشتری و یتحف و یمهر و یتسری بالقیمة العالیة ظنا منه بأن ذلک یدفع مرضه إلی غیر ذلک (و لم نجد) أحدا من العلماء و الصلحاء لما نزل به المرض أخذ طومارا یکتب فیه جمیع ذلک فکانت السیرة مستمرة و الطریقة مستقیمة علی أن ذلک من الأصل مع موافقة الأصل و قواعد الشریعة (مضافا) إلی الأخبار الصحیحة الصریحة المخالفة لجمیع العامة الغیر القابلة للتأویل المعتضدة بالشهرة المنقولة و المعلومة من المتقدمین المتعاضدة بالإجماعات و العمومات الموافقة للاعتبار کما بیناه (مضافا) إلی ما یلزم ذلک القول من استثناء تلک الأمور مع التأیید بأنها لو لم تکن صحیحة لما لزمت بالبرء و الالتجاء إلی القول بأن البرء کاشف عن الصحة و اللزوم و أن الموت کاشف عن البطلان فرع وجود دلیل علی ذلک حتی یخرج به عن ذلک و یجعله کالفضولی (و بعد ذلک کله) فالمسألة لا تخلو عن شوب الإشکال فلا أقل من التوقف و الاحتیاط فإن کان فی الورثة یتیم جعلناها من الثلث و إن کانت لیتیم جعلناها من الأصل لأن الفقیه إذا کان متوقفا من جهة الفقاهة و الاجتهاد فلا بد أن یکون مخیرا فی العمل و الفتوی مع أولویة جانب الاحتیاط و لیس ذلک یضر به لازم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 574
و إن برأ لزمت إجماعا (1) فهنا بحثان

[البحث الأول فی بیان مرض الموت]

اشارة

الأول فی بیان مرض الموت الأقرب عندی أن کل تصرف وقع فی مرض اتفق الموت معه سواء کان مخوفا أو لا فإنه یخرج من الثلث إن کان تبرعا و إلا فمن الأصل و قیل إن کان مخوفا فکذلک و إلا فمن الأصل کالصحیح (2)
______________________________
(قوله) (و إن برأ لزمت إجماعا)
کما فی (الشرائع) و (التذکرة) و (الإرشاد) و (التلخیص) و (المسالک) و بلا خلاف کما فی (جامع المقاصد) و (التنقیح) بل العامة مطبقون علی ذلک أیضا لأنهم مطبقون علی أن منجزاته من الثلث کما عرفت و یشترطون هم و القائلون منا بذلک شرطین أحدهما متفق علیه و الآخر مختلف فیه فالمتفق علیه أن یتصل مرضه بالموت فلو برأ بینهما نفذ الجمیع من الأصل و المختلف فیه أن یکون مخوفا عند جماعة بل به یفرق بینهما و بین الوصیة
(قوله) (فهنا بحثان الأول فی بیان مرض الموت الأقرب عندی أن کل تصرف وقع فی مرض اتفق الموت معه سواء کان مخوفا أو لا فإنه یخرج من الثلث إن کان تبرعا و إلا فمن الأصل و قیل إن کان مخوفا فکذلک و إلا فمن الأصل کالصحیح)
کما اختار المصنف و جماعة کثیرون کما عرفت أن منجزات المریض من الثلث إذا کانت تبرعا احتاجوا إلی بیان المرض الذی یثبت معه هذا الحکم لأن المرض عندهم علی أقسام ذکرت فی (المبسوط) و (التذکرة) و (الکتاب) و غیرها مرض یتعلق به حکم الصحة کالرمد و الصداع و الحمی الخفیة و هو غیر مخوف و منجزاته من الأصل قولا واحدا علی الظاهر و مرض لا حکم لکلامه فیه و هو ما إذا احتضر و مرض لکلامه حکم و هو ما لا یصل معه إلی الاحتضار و لکنه یکون مخوفا یخاف معه الموت و هو محل الخلاف (و قد اختلف) فی تحققه فالشیخ فی (المبسوط) علی ما یفهم من تفاصیله علی أن المرض المانع مما زاد علی الثلث هو المخوف و هو ما یقع معه الموت قطعا أو غالبا دون غیره و إن اتفق معه الموت و نحوه ما فی (الوسیلة) من أنه المخوف و کذا (التذکرة) فی موضع منها و فی (جامع المقاصد) أنه أظهر و قال فی (الشرائع) لو قیل بتعلق الحکم بالمرض الذی یتفق به الموت سواء کان مخوفا فی العادة أم لم یکن لکان حسنا و قد سمعت ما فی (الکتاب) و فی (التذکرة) کل مرض متصل بالموت سواء کان مخوفا أو لا و کلامه فیهما یشمل ما إذا کان الموت بسبب ذلک المرض أو بغیره و فی (المسالک) لعله أجود و فی (الشرائع) و قال فی (الإیضاح) إن العلة هی المرض مطلقا و نحوه ما فی (الإرشاد) و (غایة المراد) و (الدروس) و (التنقیح) و (المسالک) و قد عرفت فی الأخیر و (کیف کان) فقد اتفقت هذه الکتب علی مخالفة (المبسوط) و فی (الکفایة) أن فی الکل نظر (احتجوا للشیخ) بعد الأصل و الاستصحاب و عموم الناس مسلطون علی أموالهم بالأخبار المشعرة بذلک أو الظاهرة فیه کقول علی بن یقطین فی الصحیح ما للرجل عند موته و لیس المراد عند نزول الموت به بالفعل قطعا فتعین حمله علی ظهور أماراته لأنه أقرب المجازات فالمراد ظهور ذلک بالمرض لإشعار قوله (ع) المریض محجور علیه بذلک و للإجماع علی عدم الحجر بغیر المرض (و فیه) أن الأصل و الاستصحاب و العموم یحکم فیها عموم قوله (ع) المریض محجور علیه إلا فی ثلث ماله فإن الأصح فی المفرد المعرف أن یکون للعموم سلمنا و ما کان له یکون لکنه لا بد و أن یقیده فی المقام الذی هو من قبیل ضرب القاعدة و إعطاء القانون کقوله إذا بلغ الماء قدر کر خلق اللّٰه الماء مفتاح الصلاة التکبیر و نحو ذلک مما هو کثیر إذ لو لم تحمل هذه علی العموم لخلا عن الفائدة ثم إن تعلیق
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 575
و لا بد من الإشارة إلی المرض المخوف

[قد یحصل فی الأمراض تفاوت و له طرفان و واسطة]

اشارة

فنقول قد یحصل فی الأمراض تفاوت و له طرفان و واسطة

[الطرف الأول الذی یقارن الموت]

أما الطرف الذی یقارن الموت فهو أن یکون قد حصل معه یقین التلف کقطع الحلقوم و المری‌ء و شق الجوف و إخراج الحشوة ففی اعتبار نطقه إشکال ینشأ من عدم استقرار حیاته فلا یجب
______________________________
الحکم علی الوصف یفید العموم فلا تصغ إلی ما فی (جامع) من منع العموم هنا (و أما الصحیح) فیجوز أن یراد بحضور الموت المستفاد من قوله فیه عند موته وقوع الموت و حصوله فی المرض کما وصفوه بالحضور فی المخوف بل هذا أولی لأن المخوف قد لا یتفق الموت معه و الحاصل أنا نقول إن الموجود فی الصحیح عند موته و معناه إذا وقع به الموت و هو أعمّ من المخوف و غیره (و کیف کان) فالمسألة لا تخلو من شائبة الإشکال لأن الحقیقة اللغویة غیر مرادة قطعا و کذا العرفیة أما الأول فللإجماع علی الظاهر علی أن تصرف من به وجع الضرس أو وجع العین و من حم ساعة و اتفق معه الموت بقتل قاتل أو ترد من علو أو أکل سبع من الأصل لا من الثلث فلا یرد ذلک نقضا علی عبارة الکتاب و ما کان نحوها کما أورده صاحب (جامع المقاصد) و (بیانه أن الحقیقة) اللغویة غیر مرادة لأن منهم من قال إن المرض فتور فی الأعضاء و فتور فی القلب و فتور فی البصر و منهم من قال إنه کل ما خرج به الإنسان عن الصحة من علة أو نفاق أو تقصیر فی أمر و منهم من قال إنه حالة خارجة عن الطبع و منهم من قال إنه علة فی البدن نقیض الصحة و أما الثانی فلأن من حم أو زکم یومین أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة و هو یأکل الطعام و یمشی فی الأسواق بحیث لا یصدق علیه عرفا أنه مریض ثم اتفق أنه مات أو قتله قاتل یکون تصرفه من الثلث کما أفصحت به عبارة الکتاب و غیرها قال فی (المبسوط) نظرت فإن کان حمی یوم أو یومین لا یکون مخوفا حتی إذا مات منها فی یوم أو یومین تعتبر وصایاه من رأس المال و إن زاد علی یومین أو ثلاثة فیکون ذلک مخوفا و مثله ما فی (التذکرة) لکنه قال فیها أیضا لو کان المرض غیر مخوف و اتصل به الموت کوجع الضرس و نحوه فالتبرع نافذ و الموت محمول علی الفجاءة و إن کان غیره کحمی یوم أو یومین تبین باتصال الموت به کونه مخوفا ثم إن هذا التفصیل یلائم مذهب الشیخ و هو فی (التذکرة) علی خلافه ثم إنه فی الأخیر إبطالا لتصرف المالک بمجرد الاحتمال انتهی فتأمّل جیدا (و أما) الأمور المخوفة مما لیس بمرض کالتحام الحرب و حالة الطلق و رکوب البحر حال تموجه فالمشهور کما فی المسالک و الکفایة أنه لا ینسحب حکم المرض فیها و خالف أبو علی انتهی و تمام الکلام عند تعرض المصنف له (و لیعلم) أنه إذا أشکل حال المرض فی أنه مخوفا أم لا رجع إلی أهل الخبرة و لا بد من التعدد و العدالة کما فی المبسوط و التذکرة و (غایة المراد) و (جامع المقاصد) و کذا (التحریر) فلا یقبل قول رجل و امرأتین و لا شاهد و یمین و یحتمل قول النساء منفردات فی المرأة التی لا یطلع علیها الرجال و فی (التذکرة) أن الأقرب فی الشاهدین العلم بالطب و فیها أنه لو حصل الظن القوی من قول غیر أهل الخبرة لکونه من أهل التجربة المستمرة ففی الحکم إشکال قلت قد یقال إن استمرار التجربة یقضی بکونه من أهل الخبرة
(قوله) (و لا بد من الإشارة إلی المرض المخوف فنقول قد یحصل فی الأمراض تفاوت و له طرفان و واسطة أما الطرف الذی یقارن الموت فهو أن یکون قد حصل معه یقین التلف کقطع الحلقوم و المری‌ء و شق الجوف و إخراج الحشوة ففی اعتبار نطقه إشکال ینشأ من عدم استقرار حیاته فلا یجب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 576
بقتله حینئذ دیة کاملة و لا قصاص فی النفس بل حکمه حکم المیّت (1)

[الطرف الثانی مقابله]

اشارة

الطرف الثانی مقابله و هو ما له حکم الصحة کوجع العین و الضرس و حمی یوم و الفالج و السل المستمر لتطاول زمانهما فهذا لیس بمخوف

[أما الواسطة]

و أما الواسطة فکل مرض لا یقین معه بالتلف و لا
______________________________
فی قتله حینئذ دیة کاملة و لا قصاص فی النفس بل حکمه حکم المیّت)
و لهذا لا یصح إسلامه حینئذ إذا کان کافرا و لا توبته إن کان فاسقا و هو خیرة (المبسوط) علی الظاهر (و التذکرة) و ینشأ من أن المفروض بقاء عقله و رشده و عمومات الکتاب و السنة الدالة علی اعتبار نطق البالغ الرشید یتناوله و لا مخصص و لا یلزم من إلحاقه بالأموات فی بعض الحالات إلحاقه بها فی جمیعها و فی (جامع المقاصد) أنه أقوی و قال و هو الذی رجحه فی (التذکرة) الموجود فیها بعد توجیه الوجه الأول ما نصه و یحتمل قویا أن یقال إن کان عقله ثابتا صحت وصیته فإن علیا (ع) أوصی و أمر و نهی بعد ضرب ابن ملجم لعنه اللّٰه و حکم بصحة قوله انتهی و لا أری عنوانهم و فرضهم یوافق أمثلتهم و أدلتهم فإن المفروض فی العنوان أنه غیر مستقر الحیاة و مثلوه بمن شق جوفه و استدلوا بوصیة أمیر المؤمنین (ع) و هو (ع) کان بعد الضرب مستقر الحیاة لأنه بقی یومین و قد قالوا فی باب القصاص من دون تردد و لا خلاف أنه لو جنی علیه فصیره فی حکم المذبوح و ذبحه آخر لکن حیاته مستقرة فالأول جارح و الثانی قاتل سواء کانت جنایة الأول مما یقضی معها بالموت غالبا کشق الجوف أو لا لأن الثانی قطع سرایة جراحة الأول و لم ینسبوا الخلاف إلا إلی مالک و معنی استقرار حیاته أن لا یموت فی أثناء ذبح الثانی و لا بتمامه بل بعده و لو لحظة کأن یغمض عینیه أو یفتحها و ربما قیل بأن لا یعش یومین أو ثلاثة و عدم استقرارها عکس ذلک و قالوا و لو کانت حیاته غیر مستقرة عند ذبح الثانی فعلی الأول القود و علی الثانی دیة المیّت فقد مثلوا المستقر الحیاة بمن شق جوفه ثم إن غیر مستقر الحیاة حرکته حرکة مذبوح کما قالوه قد شخص بصره و بلغت روحه الحنجرة کما فسره بذلک فی (التذکرة) و لعل من بلغ هذا الحال لا أثر لکلامه من دون إشکال و ما أبعده عن التبرعات و العطایا و المحاباة بل هذا ینعقد لسانه و لا یعی شیئا جنانه و من لم یبلغ هذه الحال کآیة اللّٰه الکبری (ع) فإن نطقه معتبر من دون إشکال (و أیضا) و للعامة فی تفسیر المرض المخوف أقوال الأول أنه ما یمنع من الذهاب و الإیاب و ما لا یمنع من التردد فلیس بمخوف و هو قول أصحاب الرأی الثانی أنه ما یستعد الإنسان بسببه لما بعد الموت بأن یعد أسباب التجهیز و ما ینفعه بعد الموت الثالث أنه الذی نجوز له القعود فی صلاة الفرض و لا أراها توافق لغة و لا عرفا (ثم عد إلی العبارة) فقوله قد یحصل فیه أن الأولی ترک قد علی أنه لا یعجبنی قوله فی الأمراض تفاوت و له طرفان لکان أسلم و و أسجم (کذا) و قوله أما الطرف الذی یقارن الموت فیه أنه قد تقدم له ذکر فلو قال أما أحد الطرفین فهو الذی یقارن الموت لکان أحسن و أتقن و قال فی (جامع المقاصد) إن فی قوله و هو أن یکون قد حصل معه یقین التلف توسعا لأن الطرف الواحد و هو نفس المرض لا کونه قد حصل معه یقین التلف قال و مثله قوله کقطع الحلقوم فإن حق العبارة کحال من قطع حلقومه و مریئه و لم یتضح لنا هذا التوسع کما أنه لا یصح ما قال من أنه لا بد من تقدیر الحال لأن نفس المرض هو القطع لا الحال
(قوله) (الطرف الثانی مقابله و هو ما له حکم الصحة کوجع العین و الضرس و الحمی یوم و الفالج و السل المستمر لتطاول زمانهما فهذا لیس بمخوف و أما الواسطة فکل مرض لا یتفق و لا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 577
یستبعد معه کالحمی المطبقة لا کحمی الربع و الغب إلا أن ینضم إلیهما برسام أو رعاف دائم أو ذات الجنب أو وجع الصدر أو رئة أو قولنج و کالإسهال المفرط أو المستصحب الزحیر أو الدم کغلبة الدم إما علی جمیع البدن فینتفخ البدن به مع الحمی و هو الطاعون لأنه من شدة الحرارة فیطفئ الحرارة الغریزیة أو علی بعض البدن فینتفخ به ذلک العضو و کغلبة البلغم و هو ابتداء الفالج فإنه مخوف فی الابتداء لأنه یعقل اللسان و یسقط القوة فإن صار فالجا تطاول و کغلبة المرة الصفراویة و کالجرح الواصل إلی جوف الدماغ أو البدن أما غیر الواصل إلیه کالحاصل فی الید و الساق و الفخذ فإن حصل منه انتفاخ و ألم و ضربان أو تأکل و مدة فمخوف و إلا فلا (1)
أما ما یندر بالموت و لا یمس البدن فلا یعد فی المرض و التبرعات معه ماضیة من الأصل (2) کحال المراماة و کالأسیر إذا وقع فی ید المشرکین و کرکوب البحر وقت التموج و کإقامة الحجة علیه بما یوجب القتل و کظهور الطاعون و الوباء فی بلده (3) و کالحمل قبل ضرب الطلق و بعده أما لو مات الولد معها فإنه مخوف و هذا التفصیل عندی لا اعتبار به (4)
______________________________
یستبعد معه کالحمی المطبقة لا کحمی الربع و الغب إلا أن ینضم إلیها برسام أو رعاف أو ذات جنب أو وجع صدر أو رئة أو قولنج و کالإسهال المفرط و المستصحب الزحیر و الدم و کغلبة الدم إما علی جمیع البدن فینتفخ البدن به مع الحمی و هو الطاعون لأنه من شدة الحرارة فیطفئ الحرارة الغریزیة أو علی بعض البدن فینتفخ به ذا العضو و کغلبة البلغم و هو ابتداء فالج فإنه مخوف فی الابتداء لأنه یعقد اللسان و یسقط القوة فإن صار فالجا تطاول و کغلبة المرة الصفراویة و کالجرح الواصل إلی جوف الدماغ أو البدن أما غیر الواصل کالحاصل فی الید و الساق و الفخذ فإن حصل معه انتفاخ و ألم و ضربان و تأکل و مدة فمخوف و إلا فلا)
تحقیق هذه الأمور لیس من وظیفة الفقیه و إنما تعلم بقوانین الطب و التجربة و لیس للفقیه فی ذلک مدخل
(قوله) (أما ما یندر بالموت و لا یمس البدن فلا یعد فی المرض و التبرعات معه ماضیة من الأصل)
کما هو خیرة (الشرائع) و (التذکرة) و (التحریر) و (الإرشاد) و (غایة المراد) و (الروض) و (التنقیح) و (المسالک) و فی الأخیرین أنه المشهور و فی (غایة المراد) أنه لا خلاف فی أنه لا یمنع من الزائد علی الثلث و کأنه لم یلتفت إلی خلاف أبی علی ثم إنه ظاهر (المبسوط) أو صریحه أن حال هذه حال المرض و لکنه لم ینسبه أحد إلیه لکنه حکی فی (التذکرة) عن أکثر العامة و بعض علمائنا و لعله عنی الشیخ و أبا علی أو عناهما و کیف کان فالوجه فیما علیه الجماعة بعد ما سمعته عن (غایة المراد) أن الحکم منوط بوصف المرض فلا یکفی وجود الحکم بدونه کما لا تکفی المشقة فی القصر بدون قطع المسافة
(قوله) (کحال المراماة و کالأسیر إذا وقع فی ید المشرکین و کرکوب البحر وقت التموج و کإقامة الحجة علیه بما یوجب القتل و کظهور الطاعون و الوباء فی بلده)
للعامة فی بیان المخوف من هذه و غیر المخوف تفاصیل و أقاویل ذکرت فی (التذکرة)
(قوله) (و کالحمل قبل ضرب الطلق و بعده أما لو مات الولد معها فإنه مخوف و هذا التفصیل عندی لا اعتبار به)
قد أطلق فی (الشرائع) و (التحریر) و (الإرشاد) و (التنقیح) و (الروض) و (المسالک) و (غایة المراد) أن طلق المرأة کالتحام الحرب و رکوب البحر عند تموجه و ظاهرها أنه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌9، ص: 578

[البحث الثانی]

البحث الثانی (1)
______________________________
مخوف إذا ضربها الطلق سواء کان قبل الولادة و معها و بعدها عدا الأخیر فإنه قال مع موت الولد و قال فی (المبسوط) إذا ضرب الحامل الطلق فلها ثلاثة أحوال حال قبل الطلق و حال بعد الطلق فما قبل لا یکون مخوفا و ما یکون حال الطلق یکون مخوفا و قال بعضهم لا یکون مخوفا و ما یکون بعده فإن لم یکن معه دم و لا ألم فلا یکون مخوفا و إن کان معه دم و ألم یکون مخوفا انتهی و لا یخفی ما فی قوله إذا ضرب الحامل الطلق مع قوله قبل الطلق و فی (جامع المقاصد) أن کلام الشیخ لا یخلو من وجه و یلوح من عبارة الکتاب موافقة الشیخ و قال فی (التذکرة) الحمل لیس بمخوف حین یضربها الطلق و به قال الشافعی و ما زاد علی ذلک ثم نقل کلام الشیخ و أقاویل من دون ترجیح
(قوله) (البحث الثانی)
قد تم المجلد التاسع من کتاب (مفتاح الکرامة) المشتمل علی (کتاب الوقوف و العطایا) و (کتاب الإقرار) و (کتاب الوصیة)
و هو کما تری غیر تام و لعل تمامه لم یبرز من قلمه الشریف و قد أمر بطبعه بعد الأمر باستنساخه من نسخ متعددة و مقابلته بها سیدنا و مولانا العلامة الذی إلیه انتهت رئاسة الطائفة الإمامیة زعیم الملة و الدین آیة اللّٰه العظمی فی الأرضین (الحاج آقا حسین الطباطبائی البروجردی) متع اللّٰه المسلمین بطول بقائه الشریف. و وفقنی اللّٰه تعالی امتثالا لأمره المطاع لمقابلته و تصحیحه حین الطبع فبذلت جهدی فی مقابلته و تصحیحه مرتین و مع ذلک لا یخلو من أغلاط مطبعیة أشرنا إلیها فی فهرست الأغلاط. و لقد عنی بطبعه و نشره الموفق للسعادة الدینیة و الدنیویة الساعی فی نشر الآثار الجعفریة جناب (الحاج محمد حسین کوشانپور) لا زال مؤیدا بالخیرات مر الدهور و وقاه اللّٰه و إیانا من الآفات و الشرور بجاه محمد و آله الطاهرین صلوات اللّٰه علیهم أجمعین. و أنا العبد الفانی (محمد باقر الحسینی الشهیدی الگلپایگانی) محرم 1376
________________________________________
عاملی، سید جواد بن محمد حسینی، مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلاّمة (ط - القدیمة)، 11 جلد، دار إحیاء التراث العربی، بیروت - لبنان، اول، ه ق

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.